البحر الرائق شرح كنز الدقائق ط احياء التراث
ج / 8 ص -128-
كتاب الولاء
______
كتاب الولاء
أورد كتاب الولاء عقب المكاتب ; لأن الولاء من
آثار المكاتب لزوال ملك الرقبة عند أداء بدل
الكتابة وهو وإن كان من آثار العتق إلا أن
موجبات ترتيب الكتب السابقة ساقت المكاتب إلى
هذا الموضع فوجب تأخير كتاب الولاء عن كتاب
المكاتب لئلا يتقدم الأثر على المؤثر والكلام
فيه من وجوه الأول في اشتقاقه والثاني في بيان
دليله والثالث في سببه والرابع في معناه لغة
والخامس في معناه عند الفقهاء والسادس في ركنه
والسابع في شرطه والثامن في حكمه أما الأول
فهو مشتق من الولاء وهو القرب وهو حصول الثاني
عقيب الأول من غير فصل أو من الموالاة يقال
ولي الشيء إذا حصل بعده من غير فصل وهو مفاعلة
من الولاية بالفتح وهو النصرة والمحبة ودليله
قوله صلى الله عليه وسلم
"الولاء لمن
أعتق"1 وقوله عليه الصلاة والسلام "الولاء لحمة كلحمة النسب"2 وسببه
الإعتاق ; لأن المولى أنعم على عبده بالإعتاق.
قال الشارح والأصح أن سببه العتق على ملكه ;
لأنه يضاف إليه والإضافة دليل الاختصاص ; ولأن
من ورث قريبه عتق عليه وولاؤه له ولا إعتاق من
جهته, وأما معناه لغة فهو عبارة عن المعاونة
والنصرة أو عبارة عن المواصلة والمصادقة وسمي
الولي وليا لتناصره وتعاونه لحبيبه وصديقه,
وعند الفقهاء عبارة عن التناصر سواء كان
بالإعتاق أو بعقد الموالاة ولهذا قال في
المبسوط والمطلوب بكل منهما التناصر كذا في
النهاية وأورد عليه بأن المذكور في المبسوط
يدل على كون التناصر غيرهما لا أنفسهما إذ لا
يخفى على الفطن أن المطلوب بالشيء لا يكون
نفسه, بل يكون أمرا مغايرا له قال في العناية
وهو في عرف الفقهاء عبارة عن تناصر يوجب الإرث
والعقل ا هـ. وأما ركنه فقوله أعتقه أو ملك
القريب أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه البخاري في صحيحه "2576".
2 أخرجه ابن حبان في صحيحه "11/326" والحاكم
في مستدركه "4/369".
ج / 8 ص -129-
الولاء لمن أعتق, ولو بتدبير وكتابة واستيلاد وملك قريب
______
عقدت الموالاة ويشترط كون المعتق أهلا للولاء
وهو أن يكون أهلا للإرث وهو كونه حرا مسلما
وأولاده يكونوا أهلا بالعصوبة لا بالقرابة
وحكمه أن يعقل الجناية حال حياة معتقه والإرث
منه بعد مماته
قال رحمه الله "الولاء لمن أعتق, ولو بتدبير
وكتابة واستيلاد وملك قريب" لما روينا وهو
بعمومه يتناول الكل ; لأن الرقيق هالك حكما
ألا ترى أنه لا يثبت في حقه كثير من الأحكام
التي تختص بالأحياء نحو القضاء والشهادة
والملك في الأموال وكثير من العبادات فكان
الإعتاق إحياء له لثبوت أحكام الأحياء به
كالإحياء بالإيلاد فيرث به كما يرث الأب ولده
ولهذا سمي ولاء نعمة لقوله تعالى
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: من الآية37] بالهدى وأنعمت عليه بالإعتاق والمرأة في هذا
كالرجل وقوله الولاء لمن أعتق صادق بما إذا
أعتق في دار الإسلام أو في دار الحرب وخلى
سبيله في دار الحرب أو لم يخل وليس كذلك ;
لأنه إذا أعتق في دار الحرب وخلاه لم يكن له
عليه ولاء حتى إذا خرجا إلينا مسلمين لا يرثه
ولم يكن له عليه ولاء, وعند أبي يوسف يرثه
ويكون عليه له الولاء فلو قال مسلما, ولو
رقيقا كافرا في دارنا لكان أحسن. ولو أدى
المكاتب بعد موت المولى فعتق فولاؤه للمولى
فيكون لعصبته الذكور وقوله لمن أعتق يعني, ولو
حكما فدخل العبد الموصى بعتقه وبشرائه وأعتقه
الوصي بعد موته فولاؤه لعصبة المولى, وكذا
مدبروه وأمهات أولاده بعد موته ويكون ولاؤهم
له وفي شرح الطحاوي إذا أمر غيره بإعتاق عبد
فأعتق في حال حياته أو بعد وفاته يكون عن
الآمر والولاء له, ولو قال لغيره أعتق عبدك
عني على ألف درهم فأعتق فالعتق يكون عن الآمر
استحسانا والولاء له, ولو قال أعتق عبدك عني
ولم يذكر البدل فأعتق عتق عن المأمور والولاء
له في قولهما وفي قول أبي يوسف عن الآمر
والولاء له, ولو قال أعتق عبدك على ألف درهم
ولم يقل عني فأعتق فإنه يتوقف على قبول العبد
فإن قبل في المجلس الذي علم به لزمه المال
وإلا فلا والولاء يورث ا هـ. وشمل قوله لمن
أعتق الذمي ; لأن الذمي أهل للولاء كالمسلم
وفي المحيط حربي أعتق عبده فلا يخلو إما أن
أعتقه في دار الحرب أو في دار الإسلام فإن
أعتقه في دار الحرب وكان العبد مسلما فولاؤه
له ; لأنه لا يسترق وإن كان كافرا فلا ولاء له
عليه ; لأن الولاء نتيجة العتق وإعتاق الحربي
عبده المسلم يصح بالإجماع وعبده الكافر لا يصح
عند الإمام ومحمد إذا لم يخل سبيله وإن خلى
سبيله صح العتق لكنه لم يتم العتق في حق زوال
الرق وإن صح في حق إزالة الملك ; لأن كون
الحربي في داره سبب لرقه فإذا أعتق الحربي
عبده الكافر في دار الإسلام صح عتقه وكل معتق
جرى عليه الرق بعد العتق انتقض به ولاؤه. حربي
أعتق عبدا في دار الحرب, ثم خرجا مسلمين للعبد
أن يوالي من شاء ; لأن العتق لم
ج / 8 ص -130-
وشرط السائبة لغو ولو أعتق حاملا من زوجها
القن لا ينتقل ولاء الحمل عن موالي الأم أبدا
فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر فولاؤه
لولي الأم فإن أعتق العبد جر ولاء ابنه
لمواليه
______
يصح مسلم مستأمن في دار الحرب أو أسلم هناك
أعتق عبدا اشتراه هناك, ثم أسلم عبده لم يكن
مولاه قياسا وله أن يوالي من شاء عندهما, وقال
أبو يوسف أجعله مولاه استحسانا حربي اشترى
عبدا في دار الإسلام فأعتقه, ثم رجع فاسترق
فاشتراه العبد فأعتقه فولاء الأول للآخر وولاء
الآخر للأول.
قال رحمه الله "وشرط السائبة لغو" يعني لو
أعتق المولى عبده وشرط أن لا يرثه كان الشرط
لغوا لكونه مخالفا لحكم الشرع فيرثه كما في
النسب إذا شرط أن لا يرثه.
قال رحمه الله "ولو أعتق حاملا من زوجها القن
لا ينتقل ولاء الحمل عن موالي الأم أبدا" ;
لأن الجنين عتق بعتق أمه وعتق أمه مقصود فكذا
هو يعتق مقصودا ; لأنه هو جزء الأم والمولى
أوقع الإعتاق على جميع أجزائها وأورد أن هذا
مخالف لما ذكر في كتاب الإعتاق فإنهم هناك
قالوا وإن أعتق حاملا عتق حملها تبعا لها إذ
هو متصل بها فأوردوا أنه يعتق تبعا لا قصدا,
وهذا مناف لما ذكروه هنا والأصل في هذا قوله
عليه الصلاة والسلام
"الولاء
لمن أعتق"1 وإنما يعرف كون الحمل موجودا عند العتق بأن تلده لأقل من ستة أشهر
من وقت العتق, وكذا إذا ولدت ولدين أحدهما
لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر منه وبينهما
أقل من ستة أشهر ; لأنا تيقنا أن الأول كان
موجودا عند العتق فإذا تناول الإعتاق الأول
تناول الآخر ضرورة وصار معتقا لهما والولاء لا
ينتقل من المعتق وقوله من زوجها القن مثال,
وكذا لو كان زوجها مكاتبا أو مدبرا وقوله من
زوجها صادق بحال قيام النكاح أو بعده وما بعد
النكاح لا يتأتى فيه هذا التفصيل فكان عليه أن
يقول, ولو أعتق حاملا من زوجها القن حال قيامه
وجاءت به لأقل من ستة أشهر.
قال رحمه الله "فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من
ستة أشهر فولاؤه لولي الأم" ; لأن الولد جزؤها
فيتبعها في الصفات الشرعية ألا ترى أنه يتبعها
في الحرية وغيرها فكذا الولاء عند تعذر جعله
تبعا للأب لرقه وفي التتارخانية ولدت فقالت
المرأة ولدت بعد عتقي بخمسة أشهر وولاؤه
لموالي الأم, وقال الزوج بعد عتقك بستة أشهر
فولاؤه لموالي فالقول قول الزوج ا هـ.
قال رحمه الله "فإن أعتق العبد" وهو الأب "جر
ولاء ابنه لمواليه" ; لأن موالي الأم لم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم تخريجه.
ج / 8 ص -131-
...........................................
______
يعتق الولد هاهنا لحدوثه بعد إعتاقها وإنما
نسب إليه تبعا للإمام لتعذر نسبته إلى الأب
فإذا أعتق الأب أمكن نسبته إليه فجعله تبعا له
أولى من جعله تبعا للأم ; لأن الولاء كالنسب
قال عليه الصلاة والسلام "الولاء لحمة كلحمة
النسب"1 والنسب إلى الأباء فكذا الولاء ينتقل
إلى موالي الأب إذا زال المانع كولد الملاعنة
يثبت نسبه من قوم الأم فإذا أكذب نفسه ينتقل
إلى الأب لزوال المانع وفي الكافي قلتم الولاء
كالنسب والنسب لا يقبل الفسخ بعد ثبوته فكذا
الولاء لا يقبل الفسخ بعد ثبوته قلنا لا
ينفسخ, ولكن حدث ولاء أولى منه فقدم عليه كما
تقول في الأخ إنه عصبة فإذا حدث من هو أولى
منه كالابن لا تبطل عصوبته, ولكن يقدم عليه
أورد هل إذا قلتم لم ينفسخ, ولكن قدم عليه لزم
أن يرث مولى الأم عند انقطاع مولى الأب بعد
انتقال الولاء عن مواليها إلى مواليه ولم يرو
عن أحد أنهم يرثون بعد انتقال الولاء عنهم هذا
إذا لم تكن معتدة فإن كانت معتدة فجاءت بولد
لأكثر من ستة أشهر من وقت العتق ولأقل من
سنتين من وقت الفراق لا ينتقل ولاؤه إلى موالي
الأب ; لأنه كان موجودا عند إعتاق الأم فصادقه
الإعتاق ضرورة فلا ينتقل إلى موالي الأب وفي
التتارخانية بخلاف ما إذا أعتق الأم حال قيام
النكاح, ثم جاءت بالولد لستة أشهر فصاعدا
وباقي المسألة بحالها كان ولاء الولد لموالي
الأم, وكذا إذا كانت عن طلاق رجعي, وقد جاءت
بالولد لستة أشهر كان ولاء هذا الولد لموالي
الأم. وهذا الذي ذكرناه إذا لم تقر بانقضاء
العدة فإن أقرت بانقضاء العدة, ثم جاءت بالولد
لأقل من ستة أشهر بعد الإقرار ولتمام السنتين
منذ طلقها فإن ولاء الولد لموالي الأم وإن
جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها فإن ولاء
الولد لمولى الأب وفي الجامع الصغير إذا تزوجت
معتقة بعبد فولدت أولادا فجنى الأولاد فعقلهم
على موالي الأم ; لأنهم عاقلة لأمهم ولهم فإن
عتق الأب بعد ذلك جر ولاء الأولاد على نفسه
ولا يرجعون على عاقلة الأب بخلاف ولد الملاعنة
إذا عقل عنه قوم الأم, ثم أكذب الملاعن نفسه
حيث يرجعون على عاقلة الأب والفرق أن النسب من
وقت العلوق لا من وقت الإكذاب وبالإكذاب تبين
أن عقله كان على قوم الأب, وقد أجبر قوم الأم
على الدفع فيرجعون عليهم وفي المولى حين عقل
قوم الأم كان ثابتا لهم وإنما ثبت لقوم الأب
مقصورا على زمان الإعتاق فلا يرجعون به قال
أسلمت كافرة على يد رجل فأعتقت عبدا فارتدت
ولحقت بدار الحرب فسبى أبوها فاشتراه رجل
فأعتقه لم يجر ولاؤه ولاءها ; لأنها بمنزلة
الميت, ولو لم ترتد والمسألة بحالها فولاء
المرأة لمعتق العبد رجل مسلم أعتق مسلما فرجعا
عن الإسلام فامتنعوا فأسلم العبد دون المولى
فولاء العبد لمولاه على حاله وإن كان له عشرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم تخريجه.
ج / 8 ص -132-
عجمي تزوج معتقة فولدت فولاء ولدها لمواليها وإن كان له ولاء
الموالاة
______
من المسلمين فعقله عليهم وميراثه لهم وإن لم
يكن فميراثه لبيت المال وعقله عليه, وقيل عقله
على نفسه.
قال رحمه الله "عجمي تزوج معتقة فولدت فولاء
ولدها لمواليها وإن كان له ولاء الموالاة"
يعني وإن كان للأب ولاء الموالاة, وهذا عند
أبي حنيفة ومحمد, وقال أبو يوسف حكم الأب حكم
أبيه في الوجهين وقوله عجمي مثال بالنسبة إلى
المولى وفي المحيط معتقة تزوجت برجل فلا يخلو
من خمسة أوجه إما أن يكون عبدا أو مكاتبا أو
معتقا أو موليا لموالاة أو عربيا أو عجميا فإن
كان عبدا أو مكاتبا فولاء ولدها لمولى الأم ;
لأنه تعذر إثبات الولاء من الأب لفقد الأهلية
وألحق ولاؤه بالأم كنسب ولد الملاعنة وإن أعتق
الأب جر ولاء ولده إلى مواليه ; لأنه صار أهلا
للولاء وزال المانع وإن كان معتقا فولاء الولد
لمولى الأب ; لأنه استوى الجانبان وترجح جانب
الأبوة وإن كان مولى الموالاة فولدت منه فهو
مولى لموالي الأم عندهما. وقال أبو يوسف الولد
مولى لموالي الأب لهما أن ولاء العتق أقوى من
موالي الموالاة ; لأن ولاء العتق لا يحتمل
الفسخ وولاء الموالاة يحتمل الفسخ فرجح الآكد
الأقوى على الأضعف وإن كان أعجميا وهي مسألة
المتن قال إن كان العجمي له أب في الإسلام
فعند أبي يوسف ولاء الولد لموالي الأب واختلف
المشايخ على قولهما قيل ولاؤه لموالي الأب
عندهم جميعا, وقيل لمولى الأم وهو الأصح ولا
يجر الجد الولاء ا هـ. قيد بكونها معتقة ; لأن
العجمي لو تزوج بعربية فولدت له ولدا فإنه
ينسب إلى قوم أبيه دون أمه وقيدنا بكون الزوج
عجميا فإن العربي إذا تزوج معتقة فإن ولده
منها ينسب إلى قومه دونها وقيد القدوري بمعتقة
العرب وأطلق المصنف وهو الصواب ; لأن ولاء
العتق قوي معتبر شرعا فلا يختلف بين أن يكون
من العرب أو من العجم, ولو كانا معتقين أو
عجميين أو عربيين فالولد تابعا للأب بالإجماع
وثمرة الخلاف على ما ذكر المصنف تظهر فيما إذا
مات الولد وترك عمته أو غيرها من ذوي الأرحام
ومعتق أمه أو عصبة معتقها كان المال لمعتق أمه
أو عصبتها عندهما, وعند أبي يوسف يكون لذوي
الأرحام ; لأن حكمه حكم أبيه وفي شرح الطحاوي
امرأة من بني همدان تزوجت برجل من بني أسد
فولد منها فأعتقت عبدا فالولاء يثبت منها
وولدها يكون تبعا للأب من بني أسد فإذا ماتت,
ثم مات المعتق فميراثه لابن المعتقة وهو من
بني أسد وإن جنى جناية تكون على عاقلتها من
بني همدان فالميراث لبني أسد والعقل على بني
همدان ويجوز مثل هذا أن يكون الضمان على الغير
والميراث للغير ألا ترى أن رجلين مثل الخال
وابن العم فنفقته على الخال وميراثه لابن
العم. ا هـ. وإذا علم أن العجمي الذي له أب في
الإسلام ولاؤه لموالي الأم علم بطريق الأولى
إذا لم يكن له أب بالأولى.
ج / 8 ص -133-
والمعتق مقدم على ذوي الأرحام ومؤخر عن العصبة
النسبية فإن مات المولى, ثم المعتق فميراثه
لأقرب عصبة المولى
______
قال رحمه الله تعالى "والمعتق مقدم على ذوي
الأرحام ومؤخر عن العصبة النسبية", وكذا هو
مقدم على الرد على ذوي السهام وهو آخر العصبات
وهو قول علي رضي الله عنه وبه أخذ علماء
الأمصار وكان ابن مسعود يقول بأنه مؤخر عن ذوي
الأرحام بقوله تعالى
{وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [لأنفال: من الآية75], وقال عليه الصلاة والسلام:
"للمعتق في معتقه وإن مات ولم يدع وارثا كنت أنت عصبته"1 ولنا ما روينا من حديث حمزة أنه جعل لها النصف الباقي بعد فرض بنت
معتقها حين مات عنها فعلم بقوله عليه الصلاة
والسلام ولم يدع وارثا يعني وارثا هو عصبته
وفي المحيط أقام مسلم بينة عادلة أنه أعتقه
وأنه مات مسلما لا وارث له غيره فأقام الذمي
شاهدين مسلمين أنه أعتقه وأنه مات كافرا لا
وارث له غيره فللمسلم نصف الميراث ونصف
الميراث لأقرب الناس من المسلمين إلى الذمي
لاستوائهما في الحجة. ولو شهدا أن الميت مولى
فلان عتاقة لم يجز القضاء حتى يقولوا إن هذا
الحي أعتق هذا الميت وهو يملكه وهو وارثه لا
يعلم له وارثا غيره مات رجل وأخذ آخر ماله
وادعى أنه وارثه لم يؤخذ منه المال ; لأن يده
ثابتة على المال فإن خاصمه إنسان طلب منه
البينة ; لأنه يدعي استحقاق ما في يده ادعى أن
أباه أعتقه فشهد ابنا أخيه لم تقبل ; لأنها
شهادة للجد ادعى رجلان ولاءه بالعتق فأقاما
البينة جعل الميراث بينهما لاستوائهما في
الحجة, ولو قضى القاضي لأحدهما بالولاء
والإرث, ثم شهد آخران لآخر بمثله لا تقبل إلا
أن يشهد أنه اشتراه من الأول قبل أن يعتقه
فيبطل القضاء للأول أقام أحدهما البينة على
ولاء العتاقة والآخر على أنه حر الأصل أسلم
على يده ووالاه والغلام يدعيه فهو أولى ادعى
رجل أن أباه أعتق فلانا الميت وآخران أباه
أعتقه وأقرت بينة الميت به فالإقرار باطل
والشهادة جائزة, ولو شهد للآخر ابن وبنتان
فالولاء بينهما ادعى آخر أنه أعتق الميت وأقام
البينة وأقام من في يده المال البينة على مثل
ذلك فالمال والولاء بينهما.
قال رحمه الله "فإن مات المولى, ثم المعتق
فميراثه لأقرب عصبة المولى" ; لأن الولاء يجر
الإرث وإنما يثبت للعصبة بطريق الخلافة فيقدم
الأقرب فالأقرب حتى لو ترك أبا مولاه وابن
مولاه كان الولاء للابن, ولو ترك جد مولاه
وأخا مولاه كان الولاء للجد ; لأنه أقرب في
العصبة وفي الأول خلاف أبي يوسف فإنه يعطي
الأب السدس والباقي للابن والثاني خلاف من يرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرج نحوه البيهقي في سننه "6/260".
ج / 8 ص -134-
وليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو
كاتب من كاتبن أو دبرن أو دبر من دبرن أو جر
ولاء معتقهن أو معتق معتقهن
______
توريث الإخوة مع الجد, وكذا الولاء لابن
المعتقة دون أخيها وعقل جنايتها على أخيها ;
لأنه من قوم أبيها لما روي أن علي بن أبي طالب
والزبير بن العوام اختصما إلى عثمان في معتق
صفية بنت عبد المطلب حين مات فقال علي مولى
عمتي فأنا أحق بإرثه لأني أعقل عنها, وقال
الزبير هو مولى أمي فأنا أرثها فكذا أرث
معتقها فقضى عثمان بالإرث للزبير وبالعقل على
علي1, ولو ترك المعتق ابن مولاه وابن ابن
مولاه كان الولاء للابن دون ابن الابن لما روي
عن عمر وعلي وابن مسعود أنهم قالوا الولاء
للكبير2 أي لأكبر الأولاد والمراد أقربهم نسبا
لا أكبرهم سنا, ولو مات المعتق ولم يترك إلا
ابنة المعتق فلا شيء لبنت المعتق في ظاهر
الرواية عن أصحابنا ويوضع ماله في بيت المال
وبعض المشايخ كانوا يفتون بالدفع إليها لا
بطريق الإرث, بل ; لأنها أقرب الناس إلى الميت
وليس في زماننا بيت مال منتظم, ولو دفع إلى
السلطان أو القاضي لا يصرفه إلى المستحق
ظاهرا. وكذا ما فضل عن فرض الزوجين يرد
عليهما, وكذا ولد الابن والبنت من الرضاع يصرف
إليهما إذا لم يكن هناك أقرب منهما ذكر هذه
المسائل في النهاية والذميون يتوارثون
كالمسلمين ; لأنه أحد أسباب الإرث وفي المحيط
مات المعتق عن ابنين فمات أحدهما عن ابن
والآخر عن ابنين, ثم مات المعتق فالميراث على
عدد رءوسهم ; لأنهم سواء في كونهم عصبة الميت,
ولو أعتقت المرأة, ثم ماتت عن زوج عبد وابن
وبنت, ثم مات المعتق فميراثه لابن المعتقة ;
لأنه عصبتها لا غير أعتق أمه ومات عن ابن
والابن عن أخ لأمه, ثم ماتت المعتقة فالميراث
للعصبة ولا شيء للأخ ; لأنه ليس بعصبة أخرى
وفيه أيضا ارتد ولحق بدار الحرب وله معتق فمات
المعتق ورثه الرجال من ورثته ا هـ.
قال رحمه الله "وليس للنساء من الولاء إلا ما
أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من
كاتبن أو دبرن أو دبر من دبرن أو جر ولاء
معتقهن أو معتق معتقهن" لقوله صلى الله عليه
وسلم
"ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن"3
الحديث يعني المرأة تساوي الرجل في ولاء العتاقة النسبية بسبب إثبات
القوة الحكمية للمعتق وهي تساوي الرجل فيه كما
أنها تساويه في ملك المال فينسب إليها كما
ينسب إلى الرجل ولهذا جعلت عصبة فيه كالرجل
وفي الذخيرة, ولو أن امرأة اشترت أباها حتى
عتق عليها, ثم مات الأب عن هذه الابنة وبنت
أخرى فالثلثان لهما بحكم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكره ابن قدامة في المغني "6/297".
2 ذكره ابن قدامة في المغني "6/297".
3 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "31504".
ج / 8 ص -135-
...........................................
______
الفرض والباقي للمشترية بحكم الولاء, ولو كان
الأب بعدما عتق على بنتيه أعتق عبدا, ثم مات
الأب, ثم مات معتق الأب وبقيت الابنة المشتراة
كان الميراث للمشتراة ويرث ابن المعتق من ولد
المعتق ا هـ. والله تعالى أعلم.
فصل
...........................................
______
فصل
قال في الهداية في ولاء الموالاة أخر ولاء
الموالاة عن ولاء العتاقة ; لأن ولاء العتاقة
أقوى ; لأنه غير قابل للتحول والانتقال في
جميع الأحوال بخلاف ولاء الموالاة فإن للمولى
أن ينتقل قبل العقد ولأنه يوجد في ولاء
العتاقة الإحياء الحكمي ولا يوجد في ولاء
الموالاة الإحياء أصلا ; ولأن ولاء العتاقة
متفق عليه في أنه سبب للإرث ; ولأنه مقدم على
ذوي الأرحام والكلام فيه من وجوه الأول في
دليله والثاني في ركنه والثالث في تفسيره لغة
وشرعا والرابع في شرطه والخامس في حكمه أما
دليله فلقوله عليه الصلاة والسلام لمن سأله
عمن أسلم على يد رجل فقال
"هو أحق الناس بمحياه ومماته"1 أي بميراثه وحديث تميم الداري أن رجلا أسلم على يد رجل ووالاه
فقال عليه الصلاة والسلام
"هو أخوك ومولاك تعقل عنه وترث منه"2,
وأما ركنه فقوله أنت مولاي على كذا. وأما
الولاء لغة فهو مشتق من الولي وهو القرب وحصول
الثاني بعد الأول من غير فصل ويسمى ولاء
العتاقة وولاء الموالاة, وأما تفسيره شرعا على
ما ذكر في الذخيرة وغيرها هو أن يسلم رجل على
يد رجل فيقول للذي أسلم على يده واليتك على
أني إن مت فميراثي لك وإن جنيت فعقلي عليك
وعلى عاقلتك وقبل الآخر هذا قال في العناية
والنهاية, وأما شرطه فله ثلاث شرائط أحدها أن
يكون مجهول النسب بأن لا ينسب إلى شخص, بل
ينسب إلى غيره, وأما نسبة غيره إليه فغير
مانعة والثاني أن لا يكون له ولاء عتاقة ولا
ولاء الموالاة مع أحد, وقد عقل عنه والثالث أن
لا يكون عربيا ا هـ. وفي الكافي إنما تصح
ولاية الموالاة بشرائط منها أن يشترط الإرث
والعقل قال في العناية فإن قيل من شرط العقل
عقل الأعلى أو حريته فإن موالاة الصبي والعبد
باطلة فكيف جعل الشرائط ثلاثة وأجيب بأن
المذكور إنما هي الشرائط العامة المحتاج إليها
في كل واحد من الصور, وأما ما ذكرت فإنه نادر
فلم يذكره وفي الشارح, ولو ذكر الإرث من
الجانبين كان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الحاكم في مستدركه "2/239".
2 لم أجده.
ج / 8 ص -136-
أسلم رجل على يد رجل ووالاه على أن يرثه ويعقل عنه أو على يد غيره
ووالاه صح وعقله على مولاه وإرثه له وإن لم
يكن له وارث
______
كذلك ; لأنه يمكن أن يتوارثا بخلاف ولاء
العتاقة بحيث لا يرث إلا الأعلى ويدخل فيه
الأولاد الصغار ومن يولد بعد عتق الموالاة وفي
البدائع ومن شرائط عقد الموالاة فمنها عقل
العاقدين وحرية الأسفل أيضا. ا هـ. وفي
المبسوط, وإذا عقد العقد العبد عقد الموالاة
بإذن مولاه كان عقده كعقد مولاه فيكون الولاء
للمولى ا هـ. وأما حكمه شرعا فالإرث والعقل
عنه واعترض بأن الإرث والعقل شرط لصحة العقد
فكيف يكون حكما والشرط متقدم والحكم متأخر
وأجيب بأنه يجوز أن يعتبر له حالتان فباعتبار
التقديم شرطا وباعتبار التأخير حكما
قال رحمه الله "أسلم رجل على يد رجل ووالاه
على أن يرثه ويعقل عنه أو على يد غيره ووالاه
صح وعقله على مولاه وإرثه له وإن لم يكن له
وارث" وقوله أسلم إلى آخره ظاهره أن حدوث
الإسلام لا بد منه وأن الإسلام أيضا لا بد منه
; لأنه موالاة مجهول الحال, ولو لم يعلم حدوث
إسلامه صحيحة ويصح موالاة الذمي للمسلم فلو
قال غير عربي إلى آخره لكان أولى ليشمل المسلم
والذمي ومن أحدث الإسلام وغيره فإن قلت قال في
المحيط ذمي من نصارى العرب ليس له أن يوالي
غير قبيلته ا هـ. فهذا يدل على أن غير المجهول
يصح معه عقد الموالاة قلنا لا يقبل ذلك ; لأنه
إنما قال ذلك ; لأن عقد الموالاة ثابت له مع
قبيلته فأغناه عنها مع الغير, ولو عقد مع
قبيلته كان فيه تحصيل الحاصل وهو محال, وقال
مالك والشافعي لا اعتبار بهذا أصلا, وقد بين
الدليل من الجانبين في المطولات واعترض صاحب
غاية البيان على وجوب اشتراط الإرث والعقل في
صحة عقد الموالاة حيث قال قال الحاكم الشهيد
إذا أسلم رجل على يد رجل ووالاه فإنه يرثه
ويعقل عنه, وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
ومحمد. وهذا يدل على أن اشتراط الإرث والعقل
ليس بشرط, بل مجرد العقل كاف وأجيب بأن عدم
وقوع التصريح بذكرهما بناء على ظهورهما فضمن
عقد الموالاة ذلك, ولو لم يذكر وفي المحيط
أسلمت ذمية فوالت رجلا ولها ولد صغير من ذمي
لم يكن ولاء ولدها لمولاها في قولهما وفي قياس
قول الإمام يكون له أسلم رجل على أن يكون
ولاؤه لأول ولد له لا يجوز ; لأن عقد الموالاة
لا يجوز تعليقه بالأخطار فلو قال إن واليتك إن
فعلت كذا لم يصح وإن كان لمن عقد عقد الموالاة
ولد كبير فإذا أسلم ابنه الكبير على يد رجل
ووالاه فولاؤه له ; لأنه أولى بنفسه لانقطاع
ولاية الأب وإن أسلم ولم يوال أحدا فولاؤه
موقوف بخلاف ولاء العتاقة فإن الولد الكبير
يتبع الأب في ولاء العتاقة ; لأن الكبير
يستنصر من يوالي أبيه رجل والى رجلا, ثم ولد
له من امرأته ولد فوالت رجلا فولاء الولد
لمولى الأب, وإذا والى رجلا وابنه الكبير رجلا
كان كل واحد لمولاه ولا يجر بعضهم بعضا فإن
سبي ابنه وأعتق لم يجر ولاء أبيه فإن
ج / 8 ص -137-
وهو آخر ذوي الأرحام
______
سبي أبوه وأعتق جر ولاء الابن ; لأن الابن
ينسب إلى الأب فكذا في الموالاة فإن كان له
ابن ابن والابن لم يسب لكن أسلم فوالاه رجل
فسبى الجد فأعتق لم يجر الجد ولاءه إلا أن يجر
ولاء ابنه فينجر حتى لو كان الأسفل مواليا
حربيا والجد معتقا لا يجر إلا أن يسلم الأوسط
فيجره الجد فينجر بجره أسلم الحربي ولم يوال
أحدا, ثم أعتق أبوه جر ولاءه. ولو أسلم أبوه
ووالى رجلا لم يجر والى ذمي مسلما أو ذميا جاز
وهو مولاه ; لأنه يجوز أن يكون للذمي على
المسلم ولاء العتاقة فكذا ولاء الموالاة فإن
قلت قال في المحيط ذمي والى مسلما فمات لم
يرثه ; لأن الإرث باعتبار التناصر والتناصر في
غير القرب إنما هو بالدين فهذا يفيد أن
الموالاة لا تكون بين المسلم والذمي قلنا هي
تكون بينهما لكن الإرث إنما يكون حيث لا مانع
وحينئذ المانع هنا وهو اختلاف الدين وإن أسلم
على يد حربي ووالاه لم يذكره في الكتاب
واختلفوا فيما إذا أعتق الحربي عبده المسلم
قيل يصح ; لأنه يجوز أن يكون للحربي على
المسلم ولاء العتاقة فكذا ولاء الموالاة, وقيل
لا يصح ; لأنه عقد الموالاة مع الحربي
للتناصر, وقد نهينا عن ذلك بخلاف الذمي ا هـ.
وفي المبسوط رجل اشترى من رجل عبدا, ثم شهد أن
البائع كان أعتقه فهو حر وولاؤه موقوف إذا جحد
البائع ذلك فإن صدقه البائع بعد ذلك ظهر أنه
المولى, وكذا إن صدقه الورثة بعد موته وفي
التتارخانية رجل من أهل الذمة أعتق عبدا فنقض
الذمي العهد ولحق بدار الحرب فأخذ واسترق فصار
عبد الرجل وأراد معتقه أن يوالي رجلا لم يكن
له ذلك ; لأن مولى العتاقة لا يملك أن يوالي
أحدا فإن أعتق مولاه يوما من الدهر فإنه يرثه
وإن جنى جناية عقل عن نفسه ولا يعقل عنه مولاه
هكذا ذكر في عامة الروايات وفي بعضها قال يرثه
ويعقل عنه. وإذا أقر الرجل بالولاء لآخر وصدقه
يصير مولى له يعقل عنه ويرثه فإن كان له أولاد
كبار فكذبوا الأب فيما أقر وقالوا أبونا مولى
لفلان آخر وصدقهم فلان في ذلك فهم مصدقون في
حق أنفسهم وإن قال أعتقني فلان أو فلان وكل
منهما يدعي أنه المعتق لا يلزم العبد شيء وإن
أقر بعد ذلك لأحدهما بعينه أو لغيرهما يجوز
إقراره على قولهما وعلى قول الإمام لا يجوز
إذا أقر الرجل أنه مولى امرأة أعتقته فقالت
المرأة لم أعتقك لكن أسلمت على يدي وواليتني
فهو مولاها فإذا أراد التحول عنها إلى غيرها
ففي قياس قول الإمام ليس له ذلك وفي قولهما له
ذلك أقر أن فلانا أعتقه وأنكر فلان, وقال ما
أعتقتك ولا أعرفك فأقر المقر لإنسان آخر لا
يصح إقراره عند الإمام, وعندهما يصح وفي
المحيط ولا يجوز بيع ولاء الموالاة ولا ولاء
العتق ; لأنه ليس بمال.
قال رحمه الله "وهو آخر ذوي الأرحام" إذا لم
يكن له وارث غير ذوي الأرحام فإرثه له وفي
المحيط, ولو ادعى رجل ولاء الموالاة وأقام
البينة وادعى آخر مثل ذلك وأقام البينة
فالمتأخر أولى ; لأنه يحتمل الفسخ بخلاف ولاء
العتاقة ا هـ.
ج / 8 ص -138-
وله أن يتحول منه إلى غيره بمحضر من الآخر ما
لم يعقل عنه وليس للمعتق أن يوالي أحدا ولو
والت امرأة فولدت تبعها فيه
فروع
______________
قال رحمه الله "وله أن يتحول منه إلى غيره
بمحضر من الآخر ما لم يعقل عنه" ; لأن العقد
غير لازم كالوصية والوكالة ولكل واحد منهما أن
يفسخه بعلم الآخر فإن كان الآخر غائبا لا يملك
فسخه وإن كان غير لازم ; لأن العقد تم لهما
كما في الشركة والمضاربة والوكالة ولا يعرى عن
ضرر ; لأنه ربما يموت الأسفل فيأخذ الأعلى
ميراثه فيكون مضمونا عليه أو يعقل الأسفل
عبيدا على حسان إن عقل عبيده على المولى
الأعلى فيجب عليه وحده فيتضرر بذلك فلا يصح
الفسخ إلا بمحضر من الآخر بخلاف ما إذا عقد
الأسفل الموالاة مع غيره بغير محضر من الأول
حتى يصح وينفسخ العقد الأول ; لأنه فسخ حكمي
فلا يشترط فيه العلم كما في الوكالة والمضاربة
والشركة ; لأن الموالاة كالنسب إذا ثبت من شخص
ينافي كونه مع غيره فينفسخ ضرورة والمرأة في
هذا كالرجل. وقوله ما لم يعقل عنه ; لأنه إذا
عقل عنه ليس له أن يتحول إلى غيره لتأكده
بتعلق حق الغير به لحصول المعقود به ولاتصال
العصوبة ; ولأن ولاية التحول قبل أن يعقل عنه
باعتبار أنه عقد تبرع فإذا عقل عنه صار كالعوض
في الهبة, وكذا لا يتحول ولده بعدما تحمل
الجناية عن أبيه, وكذا إن عقل عن ولده لم يكن
لكل واحد منهما أن يتحول إلى غيره ; لأنهما
كشخص واحد في حكم الولاء.
قال رحمه الله "وليس للمعتق أن يوالي أحدا" ;
لأن ولاء العتاقة لازم لا يحتمل النقض بعد
ثبوته فلا ينفسخ ولا ينعقد معه ; لأنه لا ينقل
; لأن الإرث بولاء العتاقة مقدم على الإرث
بولاء الموالاة ألا ترى أن شخصا لو مات وترك
مولى عتاقته ومولى موالاته كان المال للمعتق
قال في المبسوط, ولو مات الأعلى, ثم مات
الأسفل فإنما يرثه المذكور من أولاد الأعلى
دون الإناث على نحو ما بينا في ولاء العتاقة.
قال رحمه الله "ولو والت امرأة فولدت تبعها
فيه" يعني ولدت ولدا لا يعرف له أب, وكذا لو
أقرت أنها مولاة فلان ومعها ولد صغير لا يعرف
له أب صح إقرارها على نفسها ويتبعها ولدها
فيه, وهذا عند الإمام, وقالا لا يتبعها ولدها
فيه في الصورتين, وقد تقدم بيان ذلك.
"فروع" عبد لحربي خرج مستأمنا في تجارة لمولاه
فأسلم يبيعه الإمام ويمسك ثمنه على مولاه,
وكذا لو أسلم العبد في دار الحرب وخرج تاجرا
لمولاه ; لأنه لم يعتق عليه لما خرج بإذن
المولى وإن خرج مراغما فهو حر ويوالي من شاء
إلا إذا عقل عنه بيت المال. ا هـ. والله أعلم
بالصواب. |