البحر الرائق شرح كنز الدقائق ط احياء التراث

 ج / 9 ص -432-     55- كتاب الفرائض
______
اعلم أن علم الفرائض هو علم المواريث يحتاج إليه لكثرة ما تعم به البلوى ويكون فيه النوازل والفتوى ولهذا حث الشارع على تعلمه ورغب فيه مخافة اندراسه فقال "تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وسيقبض هذا العلم بقبض العلماء وتظهر الفتن حتى يتنازع الاثنان في الفريضة فلا يجدان أحدا يفصل بينهما"1 وقال عليه الصلاة والسلام
"تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنه أول ما ينزع من أمتي"2 ثم يحتاج إلى معرفة تفسير الفرائض وسبب استحقاق الميراث وسبب حرمانه والحقوق المتعلقة بالتركة وأصناف الوارثين أما تفسيرها فالفرض في اللغة عبارة عن التقدير قال الله تعالى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: من الآية237] أي قدرتم ويقال فرض القاضي النفقة إذا قدرها، وكذا يستعمل للقطع يقال قرضت الفأرة الثوب أي قطعته فسمي كتاب الفرائض؛ لأن سهام المواريث كلها مقدرة مقطوعة ولأن سبب استحقاق الإرث القرابة وما هو ملحق بها كالولاء أما القرابة فنوعان رحم وزوجية ونص الكتاب ناطق بهما وهو قوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: من الآية11] الآية ولأن الميت لما استغنى عن ماله ولم يستحقه أحد يبقى عاطلا سائبا والقريب أولى الناس به فيستحقه بالقرابة صلة كما يستحق النفقة حال حياة مورثه صلة والزوجية أصل القرابة وأساسها؛ لأن القرابات تفرعت وتشعبت منها فالتحق قرابة السبب بقرابة النسب في حق استحقاق الإرث، وأما الولاء فلقوله عليه الصلاة والسلام "الولاء لحمة كلحمة النسب"3 يعني في حق استحقاق الميراث فقد التحق الولاء بالنسب ولأنه بالإعتاق تسبب إلى إحيائه حكما حين أزال عنه المالكية والولاية التي هي من خاصة الإنسانية وكان السبب إلى الإحياء يعني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الدارمي في المقدمة 221.
2 أخرجه الدارمي في الفرائض 2719.
3 أخرجه الدارمي في "سننه" كتاب الفرائض 3159.

 

 ج / 9 ص -433-     ...........................................
______
بالإعتاق وكذا ولاء الموالاة لقوله عليه الصلاة والسلام لمن سأله عمن أسلم على يد رجل
"هو أحق الناس به محياه أو مماته"1.
وأما ما يحرم به الميراث فأنواع ثلاث الرق والكفر والقتل مباشرة بغير حق أما الرق فلأنه سلب أهلية الملك، وأما الكفر فلقوله عليه الصلاة والسلام
"لا يتوارث أهل ملتين"2 يعني لا يرث كافر مسلما ولا مسلم كافرا، وأما القتل فلما يأتي في بابه، وأما الحقوق المتعلقة بالتركة فأربعة الكفن والدفن والوصية والدين والميراث فأول ما يبدأ منها بكفن الميت ودفنه؛ لأن ستر عورته ومواراة سوآته من أهم حوائجه واستغراق الدين بماله لم يمنعه من ذلك حال حياته فكذلك بعد وفاته ثم تقضى ديونه؛ لأنها أهم من قضاء ديون الله لا استغناء الله تعالى وافتقار العبد لشدة خصومة الله تعالى في حقوق العباد ولكثرة تجاوز الله تعالى وعفوه وتفضله وكرمه ثم تنفذ وصيته من الثلث؛ لأنها من حوائج الميت والوارث إنما يستحق الميراث إذا استغنى المورث وهذا إذا كانت الوصية بشيء بعينه فإن كانت الوصية بثلث ماله أو ربعه فالموصى له شريك الورثة؛ لأنها بمعنى الميراث؛ لأنه ثبت حقه في جميع التركة شائعا كحق سائر الورثة ثم يقسم الباقي بين ورثته على فرائض الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما أصناف الوارثين فثلاثة أصحاب الفرائض الذين لهم سهام مقدرة وعصبة وهم الذين يأخذون ما فضل من أصحاب الفروض وذوو الأرحام وهم الذين ليس لهم فروض مقدرة ولا لهم حقيقة تعصيب وإنما لهم مجرد قرابة ولم يتعرض المؤلف لبيان ما يجري فيه الإرث وما لا يجري فيه الإرث فنقول لا شك أن أعيان الأموال  يجري فيها الإرث، وأما الحقوق فمنها ما يجري فيه الإرث حق الشفعة وخيار الشرط وحد القذف عندنا والنكاح لا يورث بلا خلاف وحبس المبيع وحبس الرهن يورث والوكالات والعواري والودائع لا تورث، واختلف المشايخ في خيار العيب فمنهم من قال يورث ومنهم من قال لا يورث ولكن لا يثبت للورثة ابتداء والدية تورث بلا خلاف، وأما القصاص في الأصل أنه يورث ويثبت للورثة ابتداء ويجوز أن يقال القصاص لا يورث عند أبي حنيفة ويورث عندهما والولاء يورث بلا خلاف. وأما بيان الوقت الذي يجري فيه الإرث فنقول هذا فصل اختلف المشايخ فيه قال مشايخ العراق الإرث يثبت في آخر جزء من أجزاء حياة المورث وقال مشايخ بلخ الإرث يثبت بعد موت المورث وفائدة هذا الاختلاف إنما تظهر في رجل تزوج بأمة الغير، ثم قال لها إذا مات مولاك فأنت حرة فمات المولى والزوج وارثه هل تعتق ؟ فعلى قول من يقول بأن الإرث يجري في آخر جزء من أجزاء حياة المورث تعتق بعد الموت، وذكر هذه المسألة في القدوري وذكر أنها على قول أبي يوسف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه أبو داود في الفرائض 2918 وابن ماجة في الفرائض 2752.
2 أخرجه الترمذي في الفرائض عن رسول الله 2108 وأبو داود في الفرائض 2911.

 

 ج / 9 ص -434-     يبدأ من تركة الميت بتجهيزه
______
لا تعتق وعلى قول زفر تعتق. وأما ما يستحق به الإرث وما يحرم به فنقول ما يستحق به الإرث شيئان النسب والسبب فالنسب على ثلاثة أنواع المنتسبون إليه وهم الأولاد والمنتسب هو إليهم وهم الآباء والأمهات والسبب وهم الأخوات والأعمام والعمات وغير ذلك والسبب ضربان زوجية وولاء والولاء نوعان ولاء عتاقة وولاء الموالاة وفي النوعين من الولاء يرث الأعلى من الأسفل ولا يرث الأسفل من الأعلى هذا بيان جملة ما يستحق به الإرث. جئنا إلى بيان ما يحرم به الإرث فنقول ما يحرم به من الميراث الرق حتى إن العبد لا يرث من الحر والحر لا يرث من العبد وسيأتي شيء من ذلك بعدها، واختلاف الدينين حتى لا يرث الكافر من المسلم ولا المسلم من الكافر وسيأتي أيضا والقتل مباشرة بغير حق ففي القتل يشترط لحرمان الميراث ثلاثة أشياء:
أحدها - المباشرة سواء كانت عمدا أو خطأ حتى إن من تسبب إلى قتل مورثه بأن صب الماء على الطريق فزلق به مورثه فمات أو حفر بئرا على حافة الطريق فوقع فيها مورثه ومات لا يحرم من الميراث.
الثاني - أن يكون القتل بغير حق والقتل بحق لا يوجب حرمان الإرث، ألا ترى أن من صال عليه مورثه فقتله الوارث دفعا لصيالته لا يوجب حرمان الميراث.
الشرط الثالث - أن يكون المباشر مخاطبا حتى إن الصبي والمجنون إذا قتل لم يتعلق به حق وجوب القصاص ولا حرمان الميراث وكذلك اختلاف الدارين سبب لحرمان الميراث؛ لأن الميراث إنما يستحق بالنصرة ولا تناصر عند اختلاف الدارين ولكن هذا الحكم في أهل الكفر لا في حق المسلمين حتى إن المسلم إذا مات في دار الإسلام وله ابن مسلم في دار الهند أو الترك يرث. وفي الكافي ثم اختلاف الدارين على نوعين حقيقي كالحربي مات في دار الحرب وله ابن ذمي في دار الإسلام فإنه لا يرث الذمي من ذلك الحربي وكذا لو مات ذمي في دار الإسلام وله أب أو ابن في دار الحرب فإنه لا يرث ذلك الحربي من ذلك الذمي وحكمي كالمستأمن والذمي حتى ولو مات مستأمن في دارنا لا يورث منه وارثه الذمي وكذلك الدين سبب لحرمان الميراث وهذا إذا كان الدين مستغرقا للتركة، أما إذا لم يكن مستغرقا فالقياس أن لا يوجد حرمان الإرث وفي الاستحسان لا يوجب، وقد قيل البعد سبب لحرمان الميراث أيضا حتى لا يرث البعيد من القريب إذ لو ورث لورث جميع العالم من واحد وأنه محال.
قال رحمه الله: "يبدأ من تركة الميت بتجهيزه" المراد من التركة ما تركه الميت خاليا عن تعلق حق الغير بعينه، وإن كان حق الغير متعلقا به كالرهن والعبد الجاني والمشتري قبل

 

 ج / 9 ص -435-     ثم بدينه
______
القبض فإن صاحبه يقدم على التجهيز كما في حال حياته
فحاصله أنه معتبر بحال حياته فإن المرء يقدم نفسه في حال حياته فيما يحتاج إليه من النفقة والكسوة والسكنى على أصحاب الدين ما لم يتعلق حق الغير بعين ماله فكذا بعد وفاته يقدم تجهيزه من غير تقتير ولا تبذير وهو قدر كفن الكفاية أو كفن السنة أو قدر ما كان يلبسه في حال حياته من الوسط أو من الذي كان يتزين به في الأعياد والجمع والزيارات على ما أختلفوا فيه لقوله تعالى
{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] وهو محترم حيا وميتا فلا يجوز كشف عورته وفي الأثر لعظام الميت من الحرمة ما لعظام الحي فيجب أن يعلم أن التركة تتعلق بها حقوق أربعة جهاز الميت ودفنه والدين والوصية والميراث فيبدأ بجهازه وكفنه وما يحتاج في دفنه بالمعروف وفي  الكافي من غير تبذير ولا تقتير وفي التهذيب إذا مات الرجل يبدأ من تركته بتكفينه وتجهيزه بالمثل والمثل ما يلبس عند الخروج وقيل في الأعياد وقيل في الجمع والجماعات وهو الأصح، ثم الدين وأنه لا يخلو إما أن يكون الكل دين المرض، وإن كان البعض دين الصحة والبعض دين المرض فإن كان الكل سواء لا يقدم البعض على البعض، وإن كان الدين دين الصحة والبعض دين المرض ثبت بالبينة أو المعاينة فهو دين الصحة سواء وفي المضمرات وسئل عمن مات وله مال في يد أجنبي وطلب منه الورثة تسليم ذلك وعلى الميت ديون والمدعى عليه يعلم بذلك وأنهم ورثته فصالحه الورثة عما عليه وفي يده مال، ثم دفعه من مال نفسه إليهم هل يغرم لغرماء الميت فقال نعم ولا يبرأ بهذا الصلح وسئل عمن مات وله في يد أجنبي مال وله ورثة ولا شيء في أيديهم وعلى الميت ديون على من يدعي صاحب الدين وعلى من يقيم البينة فقال على ذي اليد بحضرة الورثة وتنفذ وصاياه من ثلث ماله، وفي الفرائض للحسامي، ثم تنفذ وصاياه من ثلث ما يبقى بعد الكفن والدين إلا أن يجيز الورثة أكثر من الثلث ويقسم الباقي بين الورثة على سهام الميراث وهذا إذا كانت الوصية بشيء بعينه فأما إذا كانت الوصية شائعا نحو الوصية بالثلث أو بالربع لا تقدم الوصية على الميراث بل يكون الموصى له شريك الورثة في هذه الصورة يزاد حقه بزيادة تركة الميت وينقص حقه بنقصان تركة الميت.
قال رحمه الله: "ثم بدينه" لقوله تعالى
{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: من الآية12] قال علي كرم الله وجهه إنكم تقرءون الوصية مقدمة على الدين، وقد شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قدم الدين على الوصية.1 ولأن الدين واجب ابتداء والوصية تبرع والبداءة بالواجب أولى والتقديم ذكرا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظره في "سنن البيهقي" 6/267.

 

 ج / 9 ص -436-     إنكم تقرءون الوصية مقدمة على الدين، وقد شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قدم الدين على الوصية ثم وصيته ثم يقسم بين ورثته وهم ذو فرض أي ذو سهم مقدر فللأب السدس مع الولد وولد الابن
______
لا يدل على التقديم فعلا والمراد دين له مطالب من جهة العباد لا دين الزكاة والكفارات ونحوها؛ لأن هذه الديون تسقط بالموت فلا يلزم الورثة أداؤها إلا إذا أوصى بها أو تبرعت الورثة بها من عندهم؛ لأن الركن في العبادات نية المكلف بفعله، وقد فات بموته فلا يتصور بقاء الواجب؛ لأن الآخرة ليست بدار الابتلاء حتى يلزمه الفصل فيها ولا العبادة حتى يجيز بفعل غيره من غير اختيار بخلاف دين العباد؛ لأن فعله ليس بمقصود فيه، ألا ترى أن صاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه وأخذ يجتزئ بذلك ولا كذلك حق الله تعالى؛ لأن المقصود فيها فعله ونيته ابتلاء، والله غني عن ماله وعن العالمين جميعا غير أن الله تعالى تصدق على العبد بثلث ماله في آخر عمره ليتدارك ما فرط فيه تفضلا من غير حاجة إليه فإن أوصى به قام فعل الورثة مقام فعله لوجود اختياره بالإيصاء وإلا فلا.
قال رحمه الله: "ثم وصيته" أي تنفذ وصيته من ثلث ما بقي بعد التجهيز والدين لما تلونا وفي أكثر من الثلث لا يجوز إلا بإجازة الورثة، وقد بيناه في كتاب الوصية، ثم هذا ليس بتقديم على الورثة في المعنى بل هو شريك لهم حتى إذا سلم له شيء سلم للورثة ضعفه أو أكثر ولا بد من ذلك بخلاف التجهيز والدين فإن الورثة والموصى لهم لا يأخذون إلا ما فضل منهما.
قال رحمه الله: "ثم يقسم بين ورثته وهم ذو فرض أي ذو سهم مقدر" لما تلونا ولقوله عليه الصلاة والسلام
"ألحقوا الفرائض بأهلها فما فضل فلذي عصبة ذكر"1 وفي رواية "فلأولى رجل ذكر"2 وذلك على سبيل التأكيد كقوله تعالى {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: من الآية196] {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: من الآية38].
قال رحمه الله: "فللأب السدس مع الولد وولد الابن" لقوله تعالى
{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: من الآية11] جعل له السدس مع الولد وولد الابن ولد شرعا بالإجماع قال الله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ} [لأعراف: من الآية26] وكذا عرفا قال الشاعر

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا                       بنوهن أبناء الرجال الأباعد


 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سيأتي تخريجه.
2 أخرجه البخاري في الفرائض 6732، ومسلم في الفرائض 1615.

 

 ج / 9 ص -437-     والجد كالأب إذا لم يتخلل في نسبته أم إلا في ردها إلى ثلث ما بقي وحجب أم الأب فيحجب الإخوة
______
وليس دخول ولد الابن في الولد من باب الجمع بين الحقيقة والمجاز بل من باب عموم المجاز أو عرف كون ولد الابن كحكم الولد بدليل آخر وهو الإجماع وجميع أحوال الأب في الفرائض ثلاثة أحدها الفرض المطلق وهو السدس وذلك مع الابن أو ابن الابن، وإن سفل لما تلونا والحالة الثانية الفرض والتعصيب وذلك مع البنت أو بنت الابن الفرض بما تلونا والتعصيب لما روينا والحالة الثالثة التعصيب المطلق وذلك إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن لقوله تعالى
{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: من الآية11] ذكر فرض الأم وجعل الباقي دليلا على أنه عصبة.
قال رحمه الله: "والجد كالأب إذا لم يتخلل في نسبته أم إلا في ردها إلى ثلث ما بقي وحجب أم الأب فيحجب الإخوة" أي الجد كالأب إذا لم يتخلل في نسبه إلى الميت  أنثى وهو الجد الصحيح إلا في مسألتين أحدهما في رد أم الميت من ثلث الجميع إلى ثلث ما بقي وحجب أم الأب في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين فإن الأب يردها إليه كالجد وفي حجب أم الأب فإن الأب يحجبها دون الجد، وإن تخلل في نسبه إلى الميت أم كان فاسدا فلا يرث إلا على أنه من ذوي الأرحام؛ لأن تخلل الأم في النسبة يقطع النسب والنسب إلى الأباء؛ لأن النسب للتعريف والشهرة وذلك تكون بالمشهورة وهو الذكور دون الإناث وقوله كالأب يعني عند عدم الأب لأن الجد يسمى أبا قال الله تعالى حاكيا عن يوسف عليه الصلاة والسلام
{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: من الآية38] وكان إسحاق جده وإبراهيم جد أبيه وقال الله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [لأعراف: من الآية27] وهما آدم وحواء عليهما السلام فإذا كان أبا دخل في النص إما بطريق عموم المجاز أو بالإجماع على نحو ما ذكرنا في ابن الابن فكان له الأحوال الثلاثة التي ذكرناها في الأب وله حالة رابعة وهو السقوط بالأب؛ لأنه أقرب منه ويدلي به فلا يرث معه وإنما يقوم مقامه عند عدمه وقوله ويحجب الإخوة يعني الجد يحجب الإخوة كالأب؛ لأنه قائم مقامه وهذا على إطلاقه قول أبي حنيفة على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى. والأصح أن الجد نوعان صحيح وفاسد فالفاسد من جملة ذوي الأرحام والصحيح له أحوال ثلاثة على نحو ما ذكرنا في الأب وحكمه حال عدم الأب في استحقاقه السهم والتعصيب حكم الأب وحكم الواحد السدس وإذا كثر فالسدس بينهم بالسوية والفاصل بين الجد الصحيح والفاسد أن الصحيح هو الذي لم يتخلل في نسبته إلى الميت أم، وإن تخلل في نسبه إلى الميت أم فهو فاسد والجد

 

 ج / 9 ص -438-     ...........................................
______
الصحيح كالأب واختلف مشايخنا في الفتوى في مسائل الجد فامتنع بعضهم من الفتوى أصلا لكثرة الاختلاف الواقع فيما بين الصحابة وأفتى بها الآخرون لكن اختلفوا فيما بينهم كان الشيخ الإمام السرخسي يفتي في مسائل الجد بقول أبي يوسف ومحمد وبعض المتأخرين من مشايخنا اختاروا الفتوى بالصلح في مواضع الخلاف قالوا كنا نفتي بالصلح في الأجير في مواضع الخلاف المشترك لاختلاف الصحابة، واختلاف الصحابة هنا أظهر فكان الفتوى بالصلح هنا أحق وقال الشيخ الإمام شمس الدين الحلواني قال مشايخنا بأن الصواب في مسائل الجد أن يعطى الجد ما اتفقوا عليه، ثم يقيم بين الجد وبين الإخوة والأخوات نصفين أمروا بالصلح قال القاضي الإمام عماد الدين النسفي لا ينبغي للمفتي أن يقول المال كله للجد عند الصديق وإنما قال أبو حنيفة بذلك تعظيما لأمر الصديق، وأما أصول زيد رضي الله عنه فالأصل الأول أن يجعل الجد مع الإخوة والأخوات كأحدهم يقاسمهم ويقاسمونه ويزاحمهم ويزاحمونه ما دامت المقاسمة خيرا له من ثلث جميع المال كجد وأخ إذ لا ينقص من الثلث. فإن كان الثلث خيرا له من المقاسمة كجد وثلاثة إخوة يعطى الثلث ويقسم الباقي بينهم على فرائض الله تعالى الأصل الثاني أن يعتبر الإخوة والأخوات لأب مع الإخوة والأخوات لأب وأم في مقاسمة الجد حتى يظهر نصيب الجد فإذا ظهر نصيبه وأعطى نصيبه رد أولاد الأب ما أخذوا على أولاد الأب والأم، وإن كانوا ذكورا ومختلطين وخرجوا بغير شيء فقد اعتبرهم في الابتداء وأخرجهم في الانتهاء بيانه جد وأخ لأب وأم وأخ لأب، وإن كان مع الجد أخت لأب وأم وإخوة وأخوات لأب يقسم كما قلنا، ثم يرد الإخوة والأخوات لأب على الأخوات لأب وأم إلى تمام النصف وعلى الأختين لأب وأم إلى تمام الثلثين، ثم إن فضل شيء يكون له وإلا فلا، وفي الذخيرة فصل في مسائل يقوم الجد مقام الأب في حجب الأخوات لأب وأم أو لأب عند أبي حنيفة وهو قول أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس وأبي موسى الأشعري وطلحة وعليه الفتوى وقال زيد يقاسم الجد الإخوة والأخوات ما دامت المقاسمة خيرا له بأن كان لا ينقص نصيبه من الثلث وكأن يجعل الجد كأخ آخر وكان يجعل نصيبه كنصيب الأخ فإن انتقص نصيبه من الثلث يعطيه ثلث المال وهو قول أبي يوسف ومحمد وفي المضمرات نفس المقاسمة أن يجعل الجد في المقاسمة كأحد الإخوة. وبيانه في المسائل إذا ترك الرجل أختا لأب وأم أو لأب وجدا فعلى قول أبي حنيفة المال كله للجد وعلى قولهما المال بينهما على ثلاثة أسهم سهمان للجد وسهم للأخت ويجعل الجد في هذه الصورة كأخ آخر؛ لأن المقاسمة خير له فإذا جعلناه كأخ آخر نصيبه سهمان من ثلاثة فيجعل كذلك، وإن ترك ثلاث إخوة لأب وأم أو لأب وجدا يقسم المال بينهم  أخماسا عندهم له سهمان من ثلاثة، وإن ترك ثلاث إخوة لأب وأم أو لأب وجد فللجد الثلث

 

 ج / 9 ص -439-     ...........................................
______
ويجعل الجد كأخ فيقيم المال بينهم أخماسا سهمان للأخ وسهم للأخت ويجعل الجد كأخ آخر؛ لأن المقاسمة خير له؛ لأنا لو أعطيناه الثلث في هذه الحالة أعطيناه سهمين من ستة وسهمان من خمسة خير له من سهمين من ستة ولو ترك جدا وأخوين لأب وأم وأختا لأب وأم فهنا يعطى الجد ثلث المال؛ لأن الثلث خير له؛ لأن بالمقاسمة يحصل له سهمان من سبعة فإذا جعلنا الجد كأخ آخر كان خيرا له، وإن ترك جدا وأخا لأب وأم أو لأب وأختين لأب ففي هذه الصورة لا فرق بين المقاسمة وبين الثلث عندهما؛ لأن بالمقاسمة يصير كأنه مات عن ثلاثة إخوة لأب وأم؛ لأنا جعلنا الأختين أخا وإذا كان كذلك يقسم المال بينهم أثلاثا فيكون للجد الثلث سهم من ثلاثة، ولو أعطيناه الثلث ابتداء كان على الحساب من ثلاثة للجد سهم من ثلاثة فهو معنى قولنا أنه لا فرق بين المقاسمة وبين الثلث هنا والفتوى في هذه المسائل وما يتصل بها قول أبي حنيفة. وفي الكافي ولو ترك جدا أو أخوين فالثلث هاهنا والمقاسمة سواء، ولو ترك جدا وثلاثة إخوة فالثلث هنا خير من المقاسمة ودليله في شرح الطحاوي. ولو مات وترك جدا وأخا لأب وأم وأخا لأب فإن الأخ من الأب لا يرث مع الأخ لأب وأم وجد فإن الأخ لأب يدخل مع الجد؛ لأنه وارث في حق الجد، وإن لم يكن وارثا في حق الأخ لأب وأم فتكون المقاسمة والثلث سواء فيعطي للجد الثلث والثلثان للأخوين لكل أخ ثلثه وهذا كما يقول في الأخوين مع الأب برد الأم من الثلث إلى السدس ومع ذلك لا يرثان مع الأب وذكر في المضمرات أن المسائل المتعلقة بالإخوة خمسة أحدها الشركة وهي أن تترك المرأة زوجها وأما وجدا أو إخوة من أم وأخا من أب وأم فللزوج النصف وللأم السدس ولولد الأم الثلث ولا شيء للأخ من الأب والأم وهذا قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ويشترك أولاد الأب والأم مع أولاد الأم في الثلث كأنهم أولاد أم واحدة سواء فيه الذكر والأنثى وهذا قول عمر رضي الله عنه وبه أخذ مالك والشافعي وكان عمر رضي الله عنه يقول أولا كما يقول أبو بكر رضي الله عنه، ثم رجع إلى قول غيره وسبب رجوعه أنه سئل عن هذه المسألة فأجاب كما هو مذهبه فقام واحد من أولاد الأب فقال يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا ألسنا من أم واحدة والأب لا يزيد إلا قربا فأطرق عمر رأسه متأملا، ثم رفع رأسه فقال صدقوا هم سواء أم واحدة فنشركهم في الثلث فسميت المسألة مشتركة لتشريك عمر وحمارية لقول القائل. وأما المسألة المنبرية. والثالثة الأكدرية والرابعة العثمانية، وقد مرت، وأما الخامسة الحمزية وهي ثلاث أخوات متفرقات وثلاث جدات متحاذيات وجد هو أب الأب تحجب أم الأب بأب الأب وتحجب الأخت من الأم أيضا والأخت من الأب تدخل في المقاسمة وتخرج بغير شيء على الخلاف وتخرج المسألة من اثني عشر بعد القطع وإنما سميت حمزية؛ لأن حمزة بن

 

 ج / 9 ص -440-     وللأم الثلث ومع الولد وولد الابن أو الاثنين من الإخوة والأخوات لا أولادهم السدس ومع الأب وأحد الزوجين ثلث الباقي بعد فرض أحدهما
______
حبيب فعلها. وفي الذخيرة فصل في الحجب يجب أن يعلم بأن الحجب على نوعين حجب حرمان وحجب نقصان فحجب الحرمان يرد على الكل إلا على ستة: الزوج والزوجة والأب والأم والبنت والابن. وحجب النقصان لا يرد إلا على ثلاثة: الزوج والزوجة والأم. والحجب على نوعين: حجب نقصان: وهو حجب عن سهم إلى سهم وذلك لخمس نفر الزوجين والأم والجدة وبنت الابن والأخت لأب. وحجب حرمان والورثة فيه فريقان فريق لا يحجبون بحال وهم ستة وهذا ينبني على أصلين أحدهما أن كل من يدلي إلى الميت بشخص لا يرث مع وجود ذلك الشخص سوى أولاد الأم فإنهم يرثون معها لانعدام استحقاقها التركة والثاني الأقرب فالأقرب كما في العصبات.
قال رحمه الله: "وللأم الثلث" وذلك عند عدم الولد وولد الابن لما تلونا وعند عدم الاثنين من الإخوة والأخوات على ما نبين
قال رحمه الله: "ومع الولد وولد الابن أو الاثنين من الإخوة والأخوات لا أولادهم السدس" يعني مع واحد من هؤلاء المذكورين لا ترث الثلث وإنما ترث السدس لما تلونا لقوله تعالى
{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: من الآية11] فاسم الولد في المتلو يتناول الولد وولد الابن على قول جمهور الصحابة وروي عن ابن عباس أنه لا تحجب الأم من الثلث إلى السدس إلا بثلاثة منهم عملا بظاهر الآية فإن الإخوة جمع وأقله ثلاثة والجمهور على أن الجمع يطلق على المثنى قال الله تعالى {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: من الآية22] فأعاد ضمير الجمع في تسوروا ودخلوا وفي منهم  على المثنى الملكان اللذان دخلا عليه كما في محله عرف ومثل هذا كثير شائع في كلام العرب
قال رحمه الله: "ومع الأب وأحد الزوجين ثلث الباقي بعد فرض أحدهما" فيكون لهما السدس مع الزوج والأب والربع مع الزوج والأب؛ لأنه هو الثلث الباقي بعد فرض أحدهما فصار للأم ثلاثة أحوال ثلث الكل وثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين والسدس، وقد ذكرنا الكل بتوفيق الله تعالى ولذا جعل الله للأم ثلث ما ترثه هي والأب عند عدم الولد والإخوة لا ثلث الكل لقوله تعالى
{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: من الآية11] أي ثلث ما يرثانه والذي يرثانه مع أحد الزوجين هو الباقي من فرضه ولأنها لو أخذت ثلث الكل يكون نصيبها ضعف نصيب الأب مع الزوج أو قريبا من نصيبه مع الزوجة والنص يقتضي تفضيله عليها بالضعف إذا لم يوجد

 

 ج / 9 ص -441-     وللجدات وإن كثرن السدس إن لم يتخلل جد فاسد في نسبتها إلى الميت
______
الولد والإخوة ولهذا قال ابن مسعود في الرد عليه ما أراد الله تفضيل الأنثى على الذكر وقال زيد لا أفضل الأنثى على الذكر ومرادهما عند الاستواء في القرابة والقرب، وأما عند الاختلاف فلا يمتنع تفضيل الأنثى على الذكر ولهذا لو كان مكان الأب جد كان للأم ثلث الجميع فلا يبالي بتفضيلها عليه لكونها أقرب منه، وأما عند أبي يوسف لها ثلث الباقي أيضا مع الجد وهو مروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما فإنهما ما كانا يفضلان الأم على الجد.
قال رحمه الله: "وللجدات وإن كثرن السدس إن لم يتخلل جد فاسد في نسبتها إلى الميت" قال في الأصل والكلام في الجدات في مواضع في ترتيبهن ومعرفة الصحيحة من الفاسدة منهن وفي قدر ميراثهن وفيما يسقطن به فالأول كل شخص له جدتان أم أم وأم أب ولأبيه وأمه كذلك وهكذا إلى كل واحد من الأصول إلى أن ينتهي إلى آدم وحواء عليهما السلام فالصحيحة منهن من لا يتخلل في نسبتها إلى الميت ذكر بين أنثيين والفاسدة من تخلل في نسبتها ذكر وذلك جد فاسد فمن يدلي به يكون فاسدا ذكرا كان أو أنثى وعند سعد بن أبي وقاص الفاسدة من تدلي بذكر مطلقا وإذا أردت تنزيل كل عدد من الجدات الوارثات المتحاذيات فاذكر أولا لفظة أم أم بمقدار العدد الذي تريده، ثم تقول ثانيا أم أم تجعل مكان الأم الأخيرة أبا، ثم في كل مرة تبدل مكان الأم أبا على الأول إلى أن تبقى لفظة أم مرة مثاله إذا سئلت عن أربع جدات وارثات متحاذيات فقيل أم أم أم أم بقدر عددهن لفظة أم مرة لإثبات الدرجة التي تتصور أن يجتمعن فيها فإنه لا يتصور أن يجتمعن فيها إلا إذا ارتفعن قدر عددهن من الدرجات فأربع جدات وارثات لا يتصور اجتماعهن إلا في الدرجة الرابعة فتقول أم أم أم أم أربع مرات فهذه واحدة منهن وهي من جهة الأم ولا يتصور من جهتها وارث أكثر من واحدة. ثم يأتي بواحدة أخرى من جهة الأب في درجتها فتقول أم أم أم أب، ثم تأتي بأخرى من جهة الجد فتقول أم أم أب الأب، ثم تأتي أخرى من جهة جد الأب فتقول أم أب الأب ولا يتصور أن يجتمع الوارثات في هذه الدرجة أكثر من ذلك؛ لأن لكل جد صحيح له أم وارثة وكذا أم أمه، وإن علت ولا يتصور أن يكون جدة وارثة من كل أب إلا واحدة فيحتاج إلى أن يأتي من الأباء قدرهن عددا إلا واحدة وهي التي من جهة الأم فإنها تدلي بذكر والثانية تدلي بالأب فلهذا حذفت في النسبة الثانية أما واحدة وأبدلت مكانها أبا، والجدة الثالثة تدلي بالجد فلهذا أسقطت اثنين وأبدلت مكانهما أبوين والرابعة تدلي بجد الأب فلهذا سقطت أمهات وأبدلت مكانهن ثلاثة آباء فهذه طريقة في أكثر منهن إلى ما لا يتناهى هذه معرفة الصحيحة، وإذا أردت أن تعرف ما يقابل الصحيحات من الفاسدات فخذ عدد الصحيحات واجعله في يمينك واطرح منه اثنين واجعلها بيسارك بعدد ما بقي في يمينك فالمبلغ عدد الجدات الصحيحات والفاسدات جميعا فإذا سقطت منه عدد الصحيحات

 

 ج / 9 ص -442-     وذات جهة كذات جهتين
______
فالباقيات هي الفاسدات، مثاله إذا سئلت عن أربع جدات صحيحات كم بإزائهن من الفاسدات فخذ أربعة يمينك واطرح منها اثنين فخذها يسارك فإذا ضعفت هذا المطروح بعدد ما بقي في يمينك صار ثمانية وهو عدد مبلغ الجدات أجمع في هذه الجدة فإذا أسقطت عدد الصحيحات وهن أربع بقيت أربعة وهن الفاسدات وميراثهن السدس. وإن كثرن يشتركن فيه لما روى عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بين الجدتين إذا اجتمعتا بالسدس بالسوية. وأبو بكر الصديق رضي الله عنه أشرك بين الجدتين في السدس وسيذكر ما يسقطن به. وفي الظهيرية فاعلم أنه لا بد لكل واحد من بني آدم سوى عيسى عليه السلام أن يكون له جدتان أحدهما  من قبل الأم وهي أم الأم والأخرى من قبل الأب وهي أم الأب يجب أن يعلم بأن الجدات طبقتان طبقة هي من جملة أصحاب الفرائض يعرفن بالثابتات وطبقة وهي من جملة ذوي الأرحام يعرفن بالساقطات، فالحاصل إذا كان لميت أم الأب وأم أم الأم والأب حي فعند بعض المشايخ لا شيء لواحدة منهن؛ لأن أم أم الأم تصير محجوبة بأم الأب وأم الأب تصير محجوبة بالأب، وعند بعض المشايخ ترث الجدة من قبل الأم وفريضة الواحدة منهن السدس بينهن بالسوية وهذا قول عامة الصحابة، وفي المضمرات الجدة الواحدة والجدات فصاعدا السدس لا يزاد عليه إلا عند الرد ولا ينقص إلا عند العول والجدات ست ثنتان لك وثنتان لأمك وثنتان لأبيك والكل وارثات إلا واحدة وهي أم أب
قال رحمه الله: "وذات جهة كذات جهتين" يعني الجدة إذا كانت من جهة واحدة والأخرى لها جهتان فهما سواء في الميراث قال في الأصل، وإن كانت للميت جدة من جهة واحدة وجدة من جهتين أو ثلاث جهات، قال أبو يوسف لا عبرة لكثرة الجهات والسدس بينهن بالسوية، وقال محمد لكثرة الجهات عبرة والسدس بينهن على عدد الجهات وصورتها من جهتين امرأة زوجت ابنة ابنها من ابن ابنها فولد بينهما غلام فهذه المرأة لهذا الغلام جدة من جهتين فإنها أم أم أم هذا الغلام وأم أب أب هذا الغلام فلو مات هذا الغلام وترك هذه الجدة وجدة أخرى من جهة الأب فهي أم أم أبيه. قال أبو يوسف السدس بينهما بالسوية وقال محمد السدس بينهما أثلاثا ثلثاه لذات الجهتين وثلثه لذات الجهة الواحدة وصورتها من الجهات الثلاثة هذه المرأة المزوجة زوجت بنت بنت بنت لأخرى من هذا الغلام المولود فولد بينهما غلام فإن هذه الزوجة لهذا الغلام المولود الثاني من ثلاث جهات من جهة هي أم أم أم أمه وهي من جهة هي أم أم أم أبيه ومن جهة أم أب أب أبيه فلو مات هذا الغلام وترك هذه الجدة وجدة أخرى من قبل الأب وهي أم أم أب الأب فعلى قول أبي يوسف أن السدس بينهن بالسوية وعلى قول محمد على أربعة أسهم: ثلاثة أسهم للجدة هذه وسهم واحد للجدة الأخرى

 

 ج / 9 ص -443-     والبعدى تحجب بالقربى والكل بالأم
______
قال رحمه الله: "والبعدى تحجب بالقربى" سواء كانا من جهة واحدة أو من جهتين وسواء كانت القربى وراثة أو محجوبة بالأب أو بالجد وفي رواية عن ابن مسعود لا تحجب الجدات إلا الأم وفي رواية عنه وعن زيد بن ثابت أن القربى إذا كانت من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأم وبالعكس تحجب؛ لأن الجدات يرثن بولادة الأبوين فوجب أن تعطي كل واحد منهن حكم من تدلى به والأب لا يحجب الجدات من قبل الأم فكذا أمه والأم تحجب كل واحدة هي أبعد منها فكذا أمها ولنا أن الجدات يرثن باعتبار الولاد فوجب أن يقدم الأدنى على البعدى كالأب الأدنى مع الأب الأبعد وليس كل حكم ثبت بواسطة يثبت لمن تدلي به. ألا ترى أن أم الأم لا يزيد إرثها على السدس وتحجب بالأم والأب بخلاف ذلك
قال رحمه الله: "والكل بالأم" أي يحجب الجدات كلهن بالأم والمراد إذا كانت الأم وارثة وعليه الإجماع والمعنى فيه أن الجدات إنما يرثن بطريق الولادة والأم أبلغ حالا منهن في ذلك فلا يرثن معها ولأنها أصل في قرابة الجدة التي من قبلها إلى الميت وتدلي بها فلا ترث مع وجودها لما عرف في باب الحجب فإذا حجبت التي من قبلها كانت أولى أن تحجب التي من قبل الأب؛ لأنها أضعف حالا منها ولهذا تؤخر في الحضانة فتحجب بها وكذا الأبويات منهن يحجبهن بالأب إذا كان وارثا روي عن عثمان وعلي والزبير وسعد وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وبه أخذ جمهور العلماء، وروي عن عمر وابن مسعود وعمران بن الحصين وأبي موسى الأشعري وأبي الطفيل عامر بن واثلة أنهم جعلوا لها السدس مع الأب وبه أخذ طائفة من أهل العلم من التابعين لما روي أنه عليه الصلاة والسلام ورث جدة وابنها حي.1 ولأنها ترث ميراث الأم فلا يحجبها الأب كما لا يحجب الأم وكما لا يحجب الجد ولأنها ترث بطريق الفرض فلا تكون العصوبة حاجبة لها كما لا يحجبها عم الميت الذي هو ابنها قلنا إن أم الأب تدلي بالأب فلا ترث مع وجوده كبنت الابن مع الابن ولا حجة لهم في الحديث؛ لأنه حكاية حال فيحمل أن ذلك الأب كان عما للميت لا أبا ولا نسلم أنها ترث ميراث الأم بل ميراث الأب؛ لأن له السدس فرضا فترث ذلك عند عدمه ولئن كان ميراث الأم لا يلزم منه عدم الحجب بغيره، ألا ترى أن بنات الابن يرثن ومع هذا يحجبن بالأبوين وكذا الجد يحجب أبويه لما ذكرنا إلا أم الأب فإنها لا يحجبها، وإن علت  لأن إرثها ليس من قبله وكذا كل جدة لا تحجب الجدة التي ليست من قبلها فصارت الجدة لها حالتان السدس والسقوط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الدارمي في "سننه" 2/455.

 

 ج / 9 ص -444-     وللزوج النصف ومع الولد وولد الابن، وإن سفل الربع وللزوجة الربع وللبنت النصف وللأكثر الثلثان
______
قال رحمه الله: "وللزوج النصف ومع الولد وولد الابن، وإن سفل الربع" لقوله تعالى
{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} [النساء: من الآية12] فيستحق كل زوج إما النصف وإما الربع مما تركت المرأة؛ لأنها مقابلة الجمع بالجمع يقتضي مقابلة الفرد بالفرد كقولهم ركب القوم دوابهم ولبسوا ثيابهم ولفظ الولد يتناول ولد الابن فيكون مثله بالنص أو بالإجماع على ما بينا من قبل سواء كان من الزوج الوارث الولد أو ولد الولد أو من زوج غيره أو لا يعرف له أب كولد اللعان وغيره فيكون له الربع معه فصار للزوج حالتان النصف والربع وفي شرح الطحاوي فرض الزوج ما ذكرنا ولا يزاد على النصف ولا ينقص عن الربع إلا في حالة العول قال محمد والواحد من الأزواج والجماعة في استحقاقهم سهم الأزواج على السواء حتى إن جماعة لو ادعوا نكاح امرأة ولم تكن المرأة في بيت واحد منهم ولا دخل بها واحد منهم لا يعرف أنهم أول فأقام كل واحد منهم البينة على نكاحها فماتت المرأة قبل أن يقضي القاضي بميراث غير زوج واحد ويكون بينهم بالسوية ذكر محمد المرأة في كتاب النكاح ووضعها في الرجلين.
قال رحمه الله: "وللزوجة الربع" أي للزوجة نصف ما للزوج فيكون لها الربع حيث لا ولد ومع الولد أو ولد الابن. وإن سفل الثمن لقوله تعالى
{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: من الآية12] وإذا كثرن وقعت المزاحمة بينهن فيصرف عليهن جميعا على السواء لعدم الأولوية فصار للزوجات حالتان الربع بلا ولد والثمن مع الولد وفي شرح الطحاوي لا يزدن على الربع ولا ينقص عن الثمن إلا في حالة العول هكذا حكم بيان أصحاب الفرائض من النساء الزوجات.
قال رحمه الله: "وللبنت النصف" لقوله تعالى
{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: من الآية11].
قال رحمه الله: "وللأكثر الثلثان" وهو قول عامة الصحابة رضي الله عنهم وبه أخذ علماء الأمصار وعن ابن عباس أنه جعل حكم الثنتين منهن حكم الواحدة فجعل لهما النصف لقوله تعالى
{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: من الآية11] علق استحقاق الثلثين بكونهن نساء وهو جمع وصرح بقوله {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} والمعلق بشرط لا يثبت بدونه ولأن الله تعالى جعل للبنتين النصف مع الابن وهو يستحق النصف وحظ الذكر مثل حظ الأنثيين فعلم بذلك أن حظ البنتين النصف عند الانفراد وللجمهور ما روي عن جابر أنه قال جاءت

 

 ج / 9 ص -445-     وعصبهما الابن وله مثل حظهما وولد الابن كولده عند عدمه ويحجب بالابن ومع البنت لأقرب الذكور الباقي وللإناث السدس تكملة للثلثين
______
امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتيها من سعد فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا بمال فقال:
"يقضي الله في ذلك" فنزلت آية الميراث فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال "أعط بنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك" وما تلي لا ينافي استحقاق البنتين الثلثين؛ لأن تخصيص الشيء بالذكر لا ينفي الحكم عما عداه على ما عرف في موضعه فعرفنا حكم الجميع بالكتاب وحكم المثنى بالسنة ولأن الجمع قد يراد به التثنية لا سيما في الميراث على ما بينا من قبل فيكون المثنى مرادا بالآية وهو الظاهر. ألا ترى أن الله تعالى لما بين حكم الجمع والمثنى جعل حكمهما كحكم الجمع في الأخوات لأب وأم أو لأب أو لأم في استحقاق الثلثين أو الثلث وقوله إن البنتين يستحقان النصف مع الابن قلنا استحقاقهما ذلك عند الاجتماع لا يدل على استحقاقها إياه عند الانفراد والواحدة تأخذ الثلث مع الابن عند الانفراد
قال رحمه الله: "وعصبهما الابن وله مثل حظهما" معناه إذا اختلط البنون والبنات عصب البنات فيكون للابن مثل حظهما فصار للبنات ثلاثة أحوال النصف للواحدة والثلثان للاثنين فصاعدا والتعصيب عند الاختلاط بالذكور.
قال رحمه الله: "وولد الابن كولده عند عدمه" أي عند عدم الابن حتى يكون بنو الابن عصبة كالبنتين وبنات الابن كالبنات حتى يكون للواحدة النصف والبنتين فصاعدا الثلثان فيعصبهن الذكر عند اختلاطهن بالذكور فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين
قال رحمه الله: "ويحجب بالابن" أي ولد الابن يحجب بالابن ذكورهم وإناثهم فيه سواء؛ لأن الابن أقرب وهم عصبة فلا يرثون معه بالعصوبة وكذا بالفرض لأن بنات الابن يدلين به فلا يرثن مع الابن، وإن كن لا يدلين به فإن كان عمهن فهو مساو  لأصلهن فيحجبهن كما يحجب أولاده؛ لأن ما ثبت لأحد المثلين ثبت لمساويه ضرورة. قال رحمه الله: "ومع البنت لأقرب الذكور الباقي" أي إذا كان مع بنت الميت الأصلية أولاد الابن أو أولاد ابن الابن، وإن سفل أو المجموع كان الباقي بعد فرض البنت الصلبية لأقرب الذكور منهم؛ لأنه عصبة فيحجب الأبعد وأطلق في الذكور والمراد أولاد الابن وهذا المجموع إنما يستقيم إذا لم تكن في درجته بنت ابن، وأما إذا كانت في درجته بنت ابن فلا يكون الباقي من فرض البنت له واحدة. ا هـ...
قال رحمه الله: "وللإناث السدس تكملة للثلثين" ومراده إذا لم يكن في درجتهن ابن ابن،

 

 ج / 9 ص -446-     وحجبن ببنتين إلا أن يكون معهن أو أسفل منهن ذكر فيعصب من كانت بحذائه ومن كانت فوقه ممن لم تكن ذات سهم ويسقط من دونه
______
وأما إذا كان معهن ابن ابن يكن عصبة معه فلا يرثن السدس وإنما كان لهن السدس عند انفرادهن لقول ابن مسعود في بنت وبنت ابن وأخت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
"للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة للثلثين والباقي للأخت" فبنات الابن لهن حالان سهم وتعصيب إذا لم يكن للميت ابن ولا ابنتان فصاعدا ولا ابن ابن فهي صاحبة سهم وسهم الواحدة النصف والثنتين فصاعدا فهن صاحبات الثلثين حيث لا ذكر في درجتهن ولا يزدن على الثلثين، وإن كثرن هذا قول الصحابة رضي الله عنهم وعامة الفقهاء، وإن كانت للميت ابنتين فلا شيء لبنت الابن إلا أن يكون في درجتها أو أسفل منها ابن ابن فتصير عصبة له ويقسم ما بقي من المال بعد المال بعد نصيب الابنتين بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين فقوله تكملة الثلثين دليل على أنهن يدخلن في لفظ الأولاد؛ لأن الله تعالى جعل للأولاد الإناث الثلثين فإذا أخذت الصلبية النصف بقي منه السدس فيعطي لها تكملة لذلك فلولا أنهن دخلن في الأولاد وفرضهن واحد لما صار تكملة له إلا أن الصلبية أقرب إلى الميت فيتقدم عليهن بالنصف ودخولهن على أنه عموم المجاز أو بالإجماع.
قال رحمه الله: "وحجبن ببنتين" أي يحجب بنات الابن ببنتين صلبيتين؛ لأن إرثهن كان تكملة للثلثين، وقد كمل بثلثين فسقطن إذ لا طريق لتوريثهن فرضا وتعصيبا
قال رحمه الله: "إلا أن يكون معهن أو أسفل منهن ذكر فيعصب من كانت بحذائه ومن كانت فوقه ممن لم تكن ذات سهم ويسقط من دونه" أراد بقوله معهن أن يكون الغلام في درجتهن سواء كان أخا لهن أو لم يكن وهذا مذهب علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما وبه أخذ عامة العلماء وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ليسقطن بنات الابن ببنتي الصلب، وإن كان معهن غلام ولا يقاسمهن، وإن كانت البنت الصلبية واحدة وكان معهن غلام كان لبنات الابن أسوأ الحالين بين السدس والمقاسمة فأيهما أقل أعطين وتسمى هذه المسائل الإضرار على قول ابن مسعود وحجته في ذلك أن بنات الابن بنات وفي ميراثهن أحد أمرين إما الفرض أو المقاسمة وفرضهن الثلثان والمقاسمة ظاهرة وليس لهن أن يجمعن فإذا استكملت البنات الثلثين فلو قاسمن لزم الجمع بينهما فلا يجوز وإذا كانت الصلبية واحدة أخذت النصف وبقي من فرض البنات السدس فيأخذونه إن كن منفردات، وإن كن مختلطات مع الذكور كان لهن أقل الأمرين من السدس والمقاسمة للتيقن به ولئلا تأخذ البنات أكثر من الثلثين ولا ميراث لهن مع الصلبيتين عند الانفراد. فكذا عند الاجتماع كالعمة مع العم وابن الأخ مع أخته وللجمهور

 

 ج / 9 ص -447-     ..........................
ــــــــــــــــــــــــــ
قوله تعالى
{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: من الآية11] وأولاد الابن أولاد على ما بينا من قبل فتشملهن الآية، وقضية هذا أن يكون المال مقسوما بين الكل إلا إن علمنا في حق أولاد الابن بأول الآية وفي حق الصلبيتين أو الصلبية الواحدة بما بعدها وليس فيه جمع بين الحقيقة والمجاز ولا شبهة وإنما هو عمل بمقتضى كل لفظ على حدة ومن حيث المعنى أن البنات الصلبيات ذوات فرض وبنات الابن في هذه الحالة عصبات مع أخيهن وصاحب الفرض إذا أخذ فرضه خرج من البين فكأنه لم يكن فصار الباقي من الفرض لجميع المال في حق العصبة فتشاركه ولا يخرجن من العصوبة كما لو انفرد، ألا ترى أن صاحب الفرض لو كان غير البنات كالأبوين وأحد الزوجين كان كذلك فكذا مع البنات بخلاف العمة مع العم وبنات الأخ مع أخيها؛ لأنهن يصرن عصبة معهما مطلقا سواء كان معهن صاحب فرض أو لم يكن فلا يلزم من انتفاء العصوبة في محل لا يقبلها انتفاؤها في محل يقبلها وأخذهن زيادة على الثلثين ليس بمحظور، ألا ترى أنهن يأخذن بالمقاسمة عند كثرتهن بأن ترك أربعين بنتا، ثم الأصل في بنات الابن عند عدم بنات الصلب أن  أقربهن إلى الميت ينزل منزلة البنت الصلبية والتي تليها في القرب منزلة بنات الابن وهكذا يفعل، وإن سفلن. مثاله: ترك ثلاث بنات: ابن بعضهن أسفل من بعض بهذه الصورة:
ابن                  ابن                   ابن
ابن                  ابن                   ابن
بنت ابن            بنت ابن             ابن ابن
بنت ابن            بنت ابن             بنت ابن
                      بنت ابن           بنت
                                          بنت ابن
فالعليا من الفريق الأول لا يوازيها أحد فيكون لها النصف والوسطى من الفريق الأول يوازيها من العليا من الفريق الثاني فيكون لها السدس تكملة للثلثين. ولا شيء للسفليات إلا أن يكون مع واحدة منهن غلام فيعصبها ومن بحذاها ومن فوقها ممن لم تكن صاحبة فرض حتى لو كان الغلام مع السفلي في الفريق الأول عصبها وعصب الوسطى من الفريق الثاني والعليا من الفريق الثالث وسقطت السفليات، ولو كان الغلام من السفليات من الفريق الثاني عصبها وعصب الوسطى منه، والوسطى والعليا من الفريق الثالث عصب الجميع غير أصحاب الفرائض والمعنى

 

 ج / 9 ص -448-     والأخوات لأب وأم كبنات الصلب عند عدمهن
______
ما ذكرنا أن العليا تنزل منزلة البنت، والباقي منازل بنات الابن، ولو كان الابن مع العليا من الفريق الأول عصب أخته وسقطت البواقي كما ذكرنا في الأولاد وهذا النوع منه من مسائل تسمى في عرف الفرضيين تشبيب بنات الابن إذ ذكرن مع اختلاف الدرجات وهو إما مشتق من قولهم تشبب فلان بفلانة إذا أكثر من ذكرها في شعره وتشبب القصيدة يحسنها ويرتبها بذكر البناء أو من شبب النار إذا أوقدها، فالفرس تشب شيئا إذا رفع يديه جميعا وأشببه أنا إذا نصحته بذلك؛ لأنه خروج وإيقاع يقال: أشب النار من درجة إلى أخرى كحال الفرس في تراويه أي وشبابته فصار لبنات الابن أحوال ست الثلاثة المذكورة في البنات والسدس مع الصلبية والسقوط بالابن وبالصلبيتين إلا أن يكون معهم غلام.
قال رحمه الله: "والأخوات لأب وأم كبنات الصلب عند عدمهن" أي عند عدم البنات وبنات الابن حتى يكون للواحدة النصف وللثنتين الثلثان ومع الإخوة لأب وأم للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى
{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: من الآية176]. وقد ذكرنا أن الأخت لأب وأم حالين سهم وتعصيب إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن ابن، وإن سفل ولا جد أب الأب، وإن علا والأخوات لأب وأم سهم الواحدة النصف وسهم الاثنين فصاعدا الثلثان ولا يزاد على الثلثين، وإن كثرن فإن كان له جد أب الأب فالجد عند أبي حنيفة يحجب الأخوات كلها كالأب وعندهما لا تحجب، وإن كان الميت ابن أو ابنة ابن فالأخت في هذه الحالة عصبة تأخذ النصف بنت الابن فرضها النصف فتصير عصبة مع البنت ومع بنت الابن وكذلك إذا كان معها في درجتها أخ ذكر للأب وأم يصير عصبة وفي الكافي ومع الأخ لأب وأم للذكر مثل حظ الأنثيين والأخت لأب كأولاد الابن مع الصلبية بالإجماع للواحدة النصف وللأكثر الثلثان عند عدم الإخوة لأب وأم ولهن السدس مع الأخت لأب وأم تكملة الثلثين ولهن الباقي مع البنات أو مع بنات الابن. وفي الظهيرية والتشبب في ميراث الإخوة والأخوات رجل مات وترك ثلاثة إخوة متفرقين بأن مات وخلف أخوين لأب وأم وأربعة إخوة لأب وأربعة إخوة لأم فللإخوة لأم الثلث والباقي للإخوة لأب وأم ولا شيء للإخوة للأب، ولو ترك أختين لأب وأم وأربع أخوات لأب وأربع إخوة وأربع أخوات لأم على التخريج الذي بينا فيكون الثلثان بين الإخوة والأخوات لأب وأم للذكر مثل حظ الأنثيين وإذا مات الرجل وترك ابنة أو أختا لأب وأم فللابنة النصف والباقي للأخت من قبل الأب والأم بالعصوبة وإذا ماتت المرأة

 

 ج / 9 ص -449-     وللأب كبنات الابن مع الصلبيات وعصبهن إخوتهن والبنت وبنت الابن
______
وتركت زوجها وأختا لأب وأم فللزوج النصف وللأخت النصف بالفريضة. ولو كانتا أختين فلهما الثلثان ويعول الحساب ولا يكون لهما الباقي؛ لأن الأخت لا تصير عصبة إلا في ثلاثة مواضع أحدها الأخوات مع البنات عصبات والثاني إذا خالط الإناث ذكر صرن عصبة والثالث الأخ مع الأم والأب والجد حال عدم الأب.
قال رحمه الله: "وللأب كبنات الابن مع الصلبيات" حتى يكون للواحدة من الأخوات لأب النصف عند عدم الأخوات لأب وأم وللبنتين الثلثان فصاعدا ومع  الإخوة للأب للذكر مثل حظ الأنثيين ومع الأخت الواحدة لأب وأم السدس تكملة للثلثين لها ويسقطن بالأختين لأب وأم إلا أن يكون معهن آخر لأب فيعصبهن لما تلونا وبينا ويأتي فيهن خلاف ابن مسعود رضي الله عنه في مقاسمة الإخوة بعد فرض الأختين لأب وأم والكلام في الأخوات كالكلام في البنات والنص الوارد فيهن كالنص الوارد في البنات فاستغنينا عن البحث فيهن بالبحث في البنات؛ لأن طريق البحث فيهما واحدة.
قال رحمه الله: "وعصبهن إخوتهن" يعني يعصب الأخوات لأب وأم أو لأب إخوتهن يعني الموازي لهن والإخوة ليس بقيد وكذا يعصبهن الجد عند عدم الأخ الموازي لهن فيقاسمها الجد وفي كشف الغوامض ولا يعصبهن الشقيقة الأخ لأب إجماعا؛ لأنها أقوى منه في النسب بل تأخذ فرضها ولا يعصب الأخت لأب أخ شقيق بل يحجبها؛ لأنه أقوى منها إجماعا. ا هـ.. دليله قوله تعالى
{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً} [النساء: من الآية176] الآية.
قال رحمه الله: "والبنت وبنت الابن" يعني يعصب الأخوات البنت وبنت الابن لقوله عليه الصلاة والسلام
"اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة"1 وورث معاذ رضي الله عنه البنت النصف والأخت النصف ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي يومئذ.2  وروي أنه صلى الله عليه وسلم قضى في ابنة وابنة ابن وأخت للبنت النصف ولابنة الابن السدس والباقي للأخت.3 وجعل المصنف البنت ممن يعصب الأخوات وهو مجاز وفي الحقيقة لا تعصبهن وإنما يصرن عصبة معها؛ لأن البنت بنفسها ليست بعصبة في هذه الحالة فكيف تعصب غيرها بخلاف الإخوة على ما يجيء عن قريب وهذا قول جمهور الصحابة رضي الله عنهم وروي عن ابن عباس أنه أسقط الأخوات بالبنت واختلفت الرواية عنه في الإخوة والأخوات في رواية عنه الباقي كله للإخوة وفي رواية الباقي بينهم للذكر مثل حظ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الدارمي موقوفا على سيدنا زيد بن ثابت 2/446.
2 لم أجده.
3 أخرجه البخاري في الفرائض 6836 والترمذي في الفرائض عن رسول الله 2093.

 

 ج / 9 ص -450-     وللواحد من ولد الأم السدس وللأكثر الثلث ذكورهم وإناثهم سواء وحجبن بالابن وابنه وإن سفل وبالأب وبالجد
ــــــــــــــــــــــــــــ
الأنثيين قيل: هو الصحيح من مذهبه وكذلك لو كان مع البنت أخت لأب وأم وأخ وأخت لأب في رواية الباقي للأخ وحده وفي رواية عنه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين هو احتج بقوله تعالى
{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: من الآية176] فإرثها مشروط بعدم الولد واسم الولد يشمل الذكر والأنثى، ألا ترى أن الله تعالى حجب الزوج من النصف إلى الربع والزوجة من الربع إلى الثمن بالولد والأم من الثلث إلى السدس واستوى فيه الذكر والأنثى وللجمهور ما روينا واشتراط عدم الولد فيما تلا إنما كان لإرثها النصف أو الثلثين بطريق الفرض. ونحن نقول: إنها لا ترث مع البنت فرضا وإنما ترث على أنها عصبة ويحتمل أن يراد بالولد هنا الذكر، وقد قامت الدلالة على ذلك وهو قوله {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: من الآية176] يعني أخاها يرثها إن لم يكن لها ولد ذكر؛ لأن الأمة اجتمعت على أن الأخ يرث تعصيبا مع الأنثى من الأولاد أو نقول: اشتراط عدم الولد إنما كان لإرث الأخ جميع مالها وذلك يمتنع بالولد، وإن كان أنثى.
قال رحمه الله: "وللواحد من ولد الأم السدس وللأكثر الثلث ذكورهم وإناثهم سواء" لقوله تعالى
{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: من الآية12] والمراد به أولاد الأم؛ لأن أولاد الأم والأب مذكورون في آية النصف على ما ذكرنا من قبل ولهذا قرأها بعضهم وله أخ أو أخت لأم وإطلاق الشركة يقتضي المساواة كما إذا قال شريكي فلان في هذا المال أو قال له شركة؛ لأن الله تعالى سوى بينهما حالة الانفراد فدل ذلك على استوائهما حالة الاجتماع وفي المضمرات، ولو ترك ابني عم أحدهما أخ لأم فله السدس والباقي بينهما، وصورته أن يكونوا إخوة لأم وأب أو لأب فقط ولكل منهما امرأة وابن منها، ثم إن الأكبر طلق امرأته أو مات عنها فتزوج بها الأصغر فولدت له ابنين، ثم مات الأصغر والأكبر، ثم مات ابن الأكبر فقد مات عن ابني عم أحدهما أخ لأم فأصل المسألة من ستة وتصح من اثني عشر وللأخ من الأم سبعة سهمان فرض وخمسة بالتعصيب.
قال رحمه الله: "وحجبن بالابن وابنه، وإن سفل وبالأب وبالجد" أي الأخوات كلهن يحجبن بهؤلاء المذكورين وهم الابن وابن الابن، وإن سفل والأب والجد، وإن علا وكذا الإخوة يحجبون بهم؛ لأن ميراثهم مشروط بالكلالة واختلفوا في الكلالة هل هي صفة للميت أو للورثة أو للتركة وقرئ يورث بكسر الراء وفتحها وأياما كان يشترط لتسميته به عدم الوالد والولد

 

 ج / 9 ص -451-     والبنت تحجب ولد الأم فقط وعصبة أي من يأخذ الكل
______
للميت فيسقطون بهم، والكلالة مشتقة من الإحاطة ومنه الإكليل لإحاطته بالرأس وكذا الكلالة من أحاط بالشخص  من الإخوة والأخوات فقيل أصلها من البعد يقال كلت الرحم بين فلان وفلان إذا تباعدت ويقال حمل فلان على فلان، ثم كل عنه أي تركه وبعد عنه وغيره قرابة الولاء بعيدة بالنسبة إلى الولاد قال الفرزدق في شعر

ورثتم قناة المجد لا عن كلالة             عن أبي مناف عبد شمس وهاشم


قال رحمه الله: "والبنت تحجب ولد الأم فقط" يعني البنت تحجب الإخوة والأخوات من الأم ولا تحجب الإخوة والأخوات من الأبوين أو من الأب؛ لأن شرط إرث ولد الأم الكلالة ولا كلالة مع الولد والبنت ولد فتحجبهم وكذا بنت الابن؛ لأن ولد الابن يقوم مقامه فإن قيل وجب أن لا ترث الإخوة والأخوات لأب وأم أو لأب فقط مع البنت وبنت الابن؛ لأن شرط إرثهم الكلالة قلنا: الكلالة شيء شرطت في حق إرثهن النصف أو الثلثين ولا ترث الكل بالعصوبة، فإذا انتفت الكلالة انتفى هذا الإرث المشروط بها فيستحقون الإرث المشروط بالعصوبة مع البنت بنص آخر كما بينا، بخلاف أولاد الأم فإن جميع ارثهم مشروط بالكلالة فينتفي بعدمها فصار للإخوة لأب وأم خمس النصف للواحدة والثلثان للأكثر والتعصيب بأخيهن والتعصيب مع البنات والسقوط مع الابن وللأخوات للأب سبعة أحوال الخمسة المذكورة والسدس مع الأخت الواحدة من الأب والأم والسقوط باثنتين من الأخوات من الأبوين كما تقدم للأخوات للأم ثلاثة أحوال السدس للواحدة والثلث للأكثر والسقوط كما ذكرنا.
قال رحمه الله: "وعصبة" وهي معطوف على قوله في أول الكتاب ذو فرض فيكون معطوفا على الخبر فيكون خبرا
قال رحمه الله: "أي من يأخذ الكل" أي إذا انفرد وما أبقته أصحاب الفروض وهذا رسم وليس بحد؛ لأنه لا بد أن يعرف الورثة كلهم ولا يعرف العصبة إلا بعد أن يعرفهم كلهم فنقول العصبة نوعان عصبة بالنسب وعصبة بالسبب فالعصبة بالنسبة ثلاثة أنواع عصبة بنفسه وهو كل ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميت أنثى وعصبة بغيره وهي كل أنثى فرضها النصف أو الثلثان يصرن عصبة بأخواتهن كما تقدم وعصبة مع غيره وهي كل أنثى تصير عصبة مع أنثى أخرى كالبنات مع الأخوات والسبب نوعان مولى العتاقة ومولى الموالاة وسيأتي بيانه وفي المضمرات والعصبة أربعة أصناف: عصبة بنفسه وهو جزء الميت وأصله وجزء أبيه وجزء جده الأقرب، وعصبة بغيره وهي كل أنثى تصير عصبة بذكر يوازيها كالبنت مع الابن وفي الذخيرة

 

 ج / 9 ص -452-     ...........................................
______
وبنت الابن مع ابن الابن وكالأخت لأب وأم مع الأخ لأب وأم وعصبة مع غيره وهي كل أنثى تصير عصبة مع أنثى أخرى كالأخوات لأب وأم أو لأب مع البنات وبنات الابن وإذا صار الشخص عصبة بغيره فذلك الغير لا يكون عصبة فأما الكلام في العصبة بنفسها فنقول: أولى العصبات بالميراث الابن، ثم ابن الابن، وإن سفل، ثم الأب. وفي المضمرات وإنما كان الابن أقرب من الأب، وإن استويا في الجزئية وفي انعدام الواسطة؛ لأن الجزئية للابن آخرهما أو كان قاضيا على الأول، ثم الجد أب الأب، وإن علا، ثم الأخ لأب وأم، ثم لأب وابن الأخ لأب وأم، ثم ابن الأخ لأب، ثم بنوهما، وإن علوا على هذا الترتيب، ثم مولى العتاقة وفي شرح الطحاوي، ثم عم الجد لأب وأم، ثم عم الجد لأب وكذلك أولادهم على هذا الترتيب، ثم مولى العتاقة، ثم آخر العصوبة مقدم على ذوي الأرحام وفي الكافي الأحق فرع الميت أي البنون، ثم بنوهم، وإن سفلوا وفي المضمرات، ولو أردت معرفة القرب فاعتبر كل نوع أصلا واتصال الأخ بأخيه بواسطة واحدة واتصال العموم بواسطتين عرفا إن الأخ أقرب من العم، وأما الكلام في العصبة بغيرها فصورتها ما ذكرنا وهو كل أنثى تصير عصبة بذكر كبنت الابن مع ابن الابن وكالأخت لأب وأم أو لأب مع أخيها وهذا الحكم في الإخوة مع الأخوات مقصور على أخوات من جملة أصحاب الفروض وتصير عصبة بذكر يوازيها وفي الكافي، وأما العصبة بغيره فأربع من النسوة وهن اللاتي فرضهن النصف والثلثان يصرن عصبة بإخوتهن ومن لا فرض لها من الإناث وأخوها عصبة لا تصير عصبة بأخيها كالعم والعمة فالمال كله للعم دون العمة وابن العم المال لابن العم دون الابنة وكبنت الأخت وابن الأخ المال كله لابن الأخ. بيانه إذا هلك الرجل وترك ابن أخ لأب وأم وبنت الأخ لأب وأم فالمال كله لابن الأخ ولا شيء لبنت الأخ؛ لأنها من جملة ذوي الأرحام وليست من جملة أصحاب الفرائض فلم تصر عصبة، وأما بنت الابن فإنها تصير  عصبة بذكر يوازيها وفي الذخيرة على كل حال يوازيها وتصير عصبة بذكر أسفل منها إذ لم يصل إليها فرضها، وأما الكلام في العصبة مع غيره فصورتها كما ذكرنا. وبيان ذلك من المسائل إذا هلك الرجل وترك بنتا وأختا لأب وأم أو لأب وأخا كذلك فللبنت النصف والباقي بين الأخ والأخت أثلاثا وقدمناه إذا اجتمعت العصبات وبعضها عصبة بنفسها وبعضها عصبة بغيرها وبعضها عصبة مع غيرها فالترجيح منها بالقرب إلى الميت بيانه إذا مات وترك بنتا وأختا لأب وأم وابن الأخ لأب فنصف المال للبنت والنصف للأخت ولا شيء لابن الأخ؛ لأن الأخت عصبة مع البنت وهي إلى الميت أقرب من ابن الأخ، وكذلك إذا كان مكان ابن الأخ عم طريقه ما قلنا في الناسخ وإذا استوى ابنان في درجة من العصبات وفي أحدهما قرابة زائدة فهي أولى إلا أن يكون الأخ أقرب إلى الميت مثال القرابة الزائدة أخ لأب وأم وأخ لأب فالأخ من

 

 ج / 9 ص -453-     والأحق الابن، ثم ابنه، وإن سفل ثم الأب، ثم أب الأب، وإن علا ثم الأخ لأب وأم، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ لأب وأم، ثم ابن الأخ لأب
______
الأب وأم أولى، ومثال السبق أخ لأب وابن أخ لأب وأم فالأخ أولى؛ لأنه أسبق إلى الميت وإذا اجتمع عدد من العصبات فالمال بينهم على عدد رءوسهم لأعلى الجهات، مثاله عشر ابن أخ وابن آخر فالمال بينهم على أحد عشر سهما لا على سهمين هذا الذي ذكرناه كله في العصبة من جهة النسب.
قال رحمه الله: "والأحق الابن، ثم ابنه، وإن سفل" وغيرهم محجوبون بهم لقوله تعالى
{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] إلى أن قال سبحانه وتعالى {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] فجعل الأب صاحب فرض مع الولد ولم يجعل للولد الذكر سهما مقررا فتعين الباقي له فدل أن الولد الذكر مقدم عليه بالعصوبة وابن الابن ابن، وإن سفل كالابن على ما بينا لأنه يقوم مقامه فيقدم عليه أيضا، ومن حيث المعقول أن الإنسان يؤثر ولده على والده ويختار صرف ماله له ولأجله يدخر ماله عادة إلا أنا صرفنا مقدار الفرض إلى أصحاب الفروض بالنص فيبقى الباقي على قضية الدليل وكان ينبغي أن يقدم البنت أيضا عليه وعلى كل عصبة إلا أن الشارع أبطل اختياره بتعيين الفرض لها وجعل الباقي لأولى رجل.
قال رحمه الله: "ثم الأب، ثم أب الأب، وإن علا" أي، ثم أولاهم بالعصوبة أصول الميت، وإن علوا وأولاهم به الأب؛ لأن الله تعالى شرط الإرث للإخوة بالكلالة وهو الذي لا ولد له ولا والد على ما بينا فعلم بذلك أنهم لا يرثون مع الأب ضرورة وعليه إجماع الأمة فإذا كان ذلك مع الإخوة وهم أقرب الناس إليه بعد فروعه وأصوله فما ظنك بمن هو أبعد منه كأعمامهم وأعمام أبيه والجدات. ألا ترى أنه يقوم مقامه في الولاية عند عدم الأب ويقدم على الإخوة فيه فكذا في الميراث وهو قول أبي بكر الصديق وابن عباس وعائشة وأبي موسى الأشعري وأبي الدرداء وأبي الطفيل وابن الزبير ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله وجماعة آخرين منهم رضي الله عنهم وبه أخذ أبو حنيفة.
قال رحمه الله: "ثم الأخ لأب وأم، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ لأب وأم، ثم ابن الأخ لأب" وإنما قدموا على الأعمام؛ لأن الله تعالى جعل الإرث في الكلالة للإخوة عند عدم الولد والوالد بقوله تعالى
{وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] فعلم بذلك أنهم يقدمون على الأعمام؛ لأنهم جزء الجد وإنما قدم الأخ لأب وأم؛ لأنه أقوى نسبا من الجانبين فكان ذا قرابتين بني العلات وكذا الأخت لأم وأب تقدم إذا صارت عصبة على الأخت لأب لما ذكرنا

 

 ج / 9 ص -454-     ثم الأعمام، ثم أعمام الأب، ثم أعمام الجد على الترتيب ثم المعتق
______
ولهذا يقدم في فرض فكذا في العصوبة
قال رحمه الله: "ثم الأعمام، ثم أعمام الأب، ثم أعمام الجد على الترتيب" أي أولاهم بالميراث بعد الإخوة أعمام الميت؛ لأنهم بعد ذلك جزء الجد فكانوا أقرب، وقد قال صلى الله عليه وسلم
"ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأولى رجل"1، ثم أعمام الأب لأنهم أقرب بعد ذلك؛ لأنهم جزء الجد، ثم أعمام الجد؛ لأنهم أقرب بعدهم. وقوله على الترتيب أي على الترتيب الذي ذكرنا في الإخوة وهو أن يقدم العم لأب وأم على العم، ثم العم لأب على ولد العم لأب وأم وكذا يعمل في أعمام الأب يقدم منهم ذو قرابتين عند الاستواء في الدرجة وعند التفاوت في الدرجة يقدم الأعلى.
قال رحمه الله: "ثم المعتق" لقوله عليه الصلاة والسلام
"الولاء لحمة كلحمة النسب"2 وهو آخر العصبات لقوله عليه الصلاة والسلام لمن أعتق عبدا "إن مات ولم يدع وارثا كنت عصبة له"3 قال في التعصيب من جهة النسب فهو نوعان مولى العتاقة ومولى الموالاة، أما الكلام في مولى العتاقة فنقول: تكلم المشايخ في سبب استحقاقه الإرث قال بعضهم شبيه الإعتاق والنص يشهد له قال عليه الصلاة والسلام "الولاء لمن  أعتق"4 وقال بعضهم شبيه الملك على المعتق وهو الصحيح، ألا ترى أن من ورث قريبه حتى عتق عليه كان ولاؤه له ولا إعتاق ها هنا وفي المضمرات لا يباع الولاء ولا يوهب؛ لأنه ليس بمال وفي الزيادات ومن الناس من أجاز هبته والصحيح ما قلنا يكون لأقرب الناس عصبة من المعتق حتى لو مات مولى العتاقة وترك ابنه وبنته، ثم المعتق فميراثه لابن المعتق ولا شيء لبنت المعتق، وكذلك إذا مات مولى العتاقة وترك أبا وابنا، ثم مات المعتق كان ميراثه لابن المعتق ولا شيء لأبيه؛ لأن الابن أقرب العصبات إليه، فالحاصل أن الولاء نفسه لا يورث بل هو للمعتق على حاله ألا ترى أن المعتق ينسب بالولاء إلى المعتق دون أولاده فيكون استحقاق الإرث بالولاء لمن هو منسوب إليه حقيقة، ثم يخلفه فيه أقرب عصبة كما يخلف في ماله فينظر إلى موت المعتق إذ مولى العتاق لو كان حيا في هذه الحالة ومات من يرثه من عصباته وهو أقرب الناس إليه فيرث ذلك الشخص من المعتق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم تخريجه.
2 تقدم تخريجه.
3 أخرجه الترمذي في الفرائض عن رسول الله 2106 وأبو داود في الفرائض 2905.
4 أخرجه البخاري في الصلاة 456 ومسلم في العتق 1504.

 

 ج / 9 ص -455-     ...........................................
______
وفي الذخيرة وهذا الذي ذكرنا أن الولاء لا يورث ظاهر الرواية عن أصحابنا وعن أبي يوسف أنه يورث ويقسم بين الابن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين وهكذا روي عن عبد الله بن مسعود في رواية وبه أخذ إبراهيم النخعي وشريح القاضي وإذا مات المعتق ولم يترك إلا بنت المعتق فلا شيء لها في ظاهر الرواية عن أصحابنا ويكون الميراث لبيت المال، وحكي عن بعض مشايخنا أنهم كانوا يفتون في هذه المسألة أن يدفع المال إليها لا بطريق الإرث ولكن؛ لأنها أقرب إلى الميت من بيت المال كيف وأنه ليس في زماننا بيت المال وإنما كان كذلك في زمن الصحابة، وإذا دفع ذلك إلى سلطان الوقت أو القاضي لا يصرفون إلى مصرفه هكذا كان يفتي القاضي أبو بكر وصدر الشريعة، وذكر الإمام عبد الواحد الشهيد في فرائضه أن الفاضل عن سهام الزوج والزوجة لا يوضع في بيت المال بل يدفع إليهما؛ لأنهما أقرب إلى الميت من جهة النسب وكان الدفع إليهما أولى من غيرهما وكذلك الابن والابنة من الرضاع إذا لم يكن للميت غيرهما يدفع المال إليهما وعصبة المعتق ترث أما عصبة الورثة لا يرث مثاله امرأة أعتقت عبدا و ماتت وتركت ابنا وزوجا، ثم مات المعتق فالميراث لابن المعتق؛ لأنه عصبتها، ولو كان الابن مات وترك أباه وهو زوج المعتقة لا يرث؛ لأن أب الابن ليس عصبة المعتق وإذا أعتق الرجل عبدا، ثم أعتق المعتق الثاني عبدا، ثم مات المعتق الثالث وترك عصبة المعتق الأول لا غير يرث منه. ولو أن امرأة اشترت أباها حتى أعتق عليها، ثم مات الأب وترك هذه المشترية وبنتا أخرى فميراث المعتق أثلاثا وكان الثلثان بينهما على السوية بحكم الفرض والثلث الآخر للمشتري بحكم الولاء وكثير من هذا الفصل قدم في كتاب الولاء، وأما الكلام في ولاء الموالاة فنقول: تفسير ولاء الموالاة أن يسلم الرجل على يد رجل فيقول للذي أسلم على يديه أو لغيره واليتك على أني إن مت فميراثي لك. وفي شرح الطحاوي: إن مت ولم يكن لي وارث لا من جهة الفريضة ولا من جهة العصبة ولا من جهة ذوي الأرحام فميراثي لك، وإن جنيت فعقلي عليك وعلى عاقلتك، وقبل الآخر فهذا هو تفسير ولاء الموالاة فإذا جنى الأسفل جناية فعقله على عاقلة المولى الأعلى وإذا مات الأسفل يرث منه المولى الأعلى، وإن مات لا يرث منه المولى الأسفل ولا تثبت هذه الأحكام بمجرد الإسلام بدون عقد الموالاة وإذا مات الأسفل فميراث الأسفل لأقرب الناس عصبة إلى الأعلى كما في ولاء العتاقة ولكل واحد منهما أن ينقض عقد الموالاة وليس له أن يجعل الولاء إلى غيره فإنه لو قال: جعلت ولائي لفلان، لا يصير له والأسفل له أن يتحول بالولاء إلى غيره فإن له أن يوالي مع آخر وينقض العقد مع الأول، وإن والى مع غيره ينتقض الأول. وإن كان الموالاة مع غيره بغيبة الأعلى وفي الذخيرة وولاء الموالاة يخالف ولاء العتاقة من وجوه:

 

 ج / 9 ص -456-     ثم عصبته على الترتيب واللاتي فرضهن النصف والثلثان يصرن عصبة بإخوتهن لا غير ومن يدلي بغيره حجب به
______
أحدها: أن في العتاقة يرث الأعلى من الأسفل ولا يرث الأسفل من الأعلى، وإن شرطوا ذلك في ولاء الموالاة يعتبر شرطهما حتى لو شرطا يرث كل واحد منهما كما شرطا. والثاني: أن ولاء الموالاة يحتمل النقض وولاء العتاقة لا يحتمل.
والثالث: أن ولاء العتاقة مقدم على ذوي الأرحام ومولى الموالاة مؤخر عن ذوي الأرحام، المولى الأسفل إذا أقر بأخ أو ابن عم، ثم مات فميراثه لمولى الموالاة فقد صح منه عقد الموالاة ولم يصح منه الإقرار بالأخ وابن العم
قال رحمه الله: "ثم عصبته على الترتيب" أي عصبة المولى ومعناه إذا لم يكن للمعتق من النسب على الترتيب الذي ذكرنا فعصبته مولاه الذي أعتقه فإن لم يكن مولاه فعصبته عصبة المعتق وهو المولى على الترتيب الذي  ذكرناه بأن يكون جزء المولى أولى، وإن سفل، ثم أصوله، ثم جزء أبيه، ثم جزء جده يقدمون لقوة القرابة عند الاستواء أو بعلو الدرجة عند التفاوت.
قال رحمه الله: "واللاتي فرضهن النصف والثلثان يصرن عصبة بإخوتهن لا غير" وهن أربع من النساء البنات وبنات الابن والأخوات لأب وأم والأخوات لأب، وغيرهن لا يصرن عصبة بأخواتهن، وقد بيناه في بيان ميراثهن وقوله بإخوتهن هذا في البنات والأخوات ظاهر؛ لأن عصبتهن تقتصر عليهم، وأما بنات الابن فإنهن يصرن عصبة بأبناء أعمامهن أيضا، وإن سفل كما ذكرنا في مسائل النسب فيكون معناه في حقهن بإخوتهن أو من له حكم إخوتهن. والمصنف ذكر حكم العصبات هنا واستوفاه إلا العصبة مع غيره وهن الأخوات مع البنات وإنما ترك ذكرهن؛ لأنه ذكرهن فيما تقدم، وقد شرحناه هناك فلا نعيده وإنما جعلهن مع البنات عصبة بغيرهن ومع إخوتهن عصبة؛ لأن ذلك الغير وهو البنات شرط ليصير ورثتهن عصبة ولم يجعلهن عصبة بهن؛ لأن نفسهن ليس بعصبة فكيف يجعلن غيرهن عصبة بهن، بخلاف ما إذا كن مع أخواتهن؛ لأن الإخوة بأنفسهن عصبة فيصرن به عصبة تبعا.
قال رحمه الله: "ومن يدلي بغيره حجب به" أي بذلك الغير سوى ولد الأم فإنه يدلي بالأم ولا تحجبه بل هي تحجب بالاثنين منهم من الثلث إلى السدس على ما بينا وإنما لا تحجبه الأم؛ لأنها لا تستحق جميع التركة ولا يرث هو إرثها؛ لأنها ترث بالولادة وهو بالأخوة فلا يتصور الحجب فيه بخلاف الجد حيث يحجب بالإخوة والأخوات كلهم لأنه يستحق جميع التركة وبخلاف الجدة حيث تحجب بالأم؛ لأنها ترث ميراث الأم والأم به أولى منها؛ لأنها

 

 ج / 9 ص -457-     والمحجوب يحجب كالأخوين أو الأختين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس مع الأب لا المحروم بالرق والقتل مباشرة، واختلاف الدين أو الدار
______
أقرب وبخلاف الأب حيث يحجب الجد والجدة والإخوة والأخوات كلهن؛ لأنه يستحق جميع التركة وكذلك الابن يحجب ابنه لما ذكرنا ويكون الحاجب أقرب كالأعمام يحجبون بالإخوة وبأولادهم، وكأولاد الأعمام والإخوة يحجبون بأعلى درجة منهم.
قال رحمه الله: "والمحجوب يحجب كالأخوين أو الأختين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس مع الأب" وهما لا يرثان معه؛ لأن إرث الإخوة مشروط بالكلالة وإرث الأم الثلث مشروط بعد الاثنين من الإخوة، وروي عن ابن عباس في أب وأم وثلاث أخوات للأم السدس وللأخوات السدس وما بقي للأب فجعل للإخوة ما نقص من نصيب الأم، وبيان آية الكلالة تمنع من ذلك وآية حجب الأم بهم أيضا لا توجب لهم ما نقص من نصيبهما فيحجبونها من غير أن يحصل لهم شيء
قال رحمه الله: "لا المحروم بالرق والقتل مباشرة، واختلاف الدين أو الدار" أي لا يحجب المحروم بهذه الأشياء أحدا وعند ابن مسعود يحجب حجب النقصان كنقص نصيب الزوجين والأم بالولد المحروم بما ذكرنا؛ لأن الله تعالى ذكر الولد مطلقا ونقص به نصيبهم من غير فصل بين أن يكون وارثا أو محروما وكذا نقص نصيب الأم بالإخوة مطلقا من غير فصل فيترك على إطلاقه ولا يحجب حجب الحرمان؛ لأنه لو حجب هذا الحجب وهو لا يرث لأدى إلى دفعه إلى بيت المال مع وجود الوارث أو إلى تضييقه؛ لأن بيت المال أيضا لا يرث مع الابن أو الإخوة، وجه قول الجمهور أن المحروم في حق الإرث كالميت؛ لأنه حرم لمعنى في نفسه كالميت، ثم إن الميت لا يحجب فكذا المحروم فصار كحجب الحرمان والنصوص التي توجب نقصان إرثهم لا نسلم أنها مطلقة؛ لأن الله تعالى ذكر الأولاد أولا وأثبت لهم ميراثا. ثم ذكر بعد ذلك حجب النقصان بهم فينصرف إلى المذكورين أولا وهم المتأهلون للإرث، وهذا لأن المحروم اتصلت به صفة تسلب أهلية الإرث فألحقته بالمعدوم ولا كذلك المحجوب فإنه أهل في نفسه إلا أن حاجبه عليه على إرثه لزيادة قربه فلا يبطل عمله في حق غيره، وإنما ذكر سبب الحرمان بقوله: لا المحروم بالرق.. . إلخ؛ ليبين الأسباب المانعة من الإرث فإن الرق يمنع الإرث؛ لأن الرقيق لا يملك شيئا قال الله تعالى
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وقال صلى الله عليه وسلم "لا يملك العبد إلا الطلاق"1  ولا فرق في ذلك بين أن يكون قنا وهو الذي لم ينعقد له سبب الحرية أصلا وبين أن ينعقد له سبب الحرية كالمدبر والمكاتب وأم الولد ومعتق البعض عند أبي حنيفة؛ لأن المعنى يشمل الكل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم تخريجه.

 

 ج / 9 ص -458-     وهو عبد ما بقي عليه درهم والكافر يرث بالنسب والسبب كالمسلم
______
وهو عدم تصور الملك لهم والمكاتب لا يملك الرقبة "وهو عبد ما بقي عليه درهم"1 على ما جاء في الخبر فلا يكون أهلا للإرث والقتل الذي يمنع الإرث هو الذي يتعلق به وجوب القصاص أو الكفارة وما لا يتعلق به واحد منهما كالقتل بسبب أو قصاص لا يوجب الحرمان ؛ لأن حرمة الإرث عقوبة فتعلق بما تتعلق به العقوبة وهو القصاص والكفارة والشافعي يعلقه بمطلق القتل حيث لا يرث عنده إذا قتله بقصاص أو رجم أو كان القريب قاضيا فحكم بذلك أو شاهدا فشهد به أو باغيا فقتله أو شهر عليه سيفا دفعا كل ذلك يمنع الإرث عنده وهذا لا معنى له؛ لأن القاتل أوجب عليه قتله أو جاز له قتله في هذه الصورة فكيف وجب عليه العقوبة بعد ذلك ولهذا لا يتعلق بسائر القتل سائر العقوبات فكذا الحرمان. والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام
"ليس للقاتل شيء من الميراث"2 هو القتل بالتعدي دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام "ليس للقاتل ميراث"3 بعد كصاحب البقرة أي قاتل هو كصاحب البقرة وهو كان متعديا، واحترز بقوله مباشرة عن القتل بالتسبب، واختلاف الدين أيضا يمنع الإرث والمراد به الاختلاف بين الإسلام والكفر بقوله صلى الله عليه وسلم "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم "4، وأما اختلاف ملل الكفار كالنصرانية واليهودية والمجوسية وعباد الوثن فلا يمنع الإرث حتى يجري الميراث بين اليهودي والنصراني والمجوسي؛ لأن الكفر كله ملة واحدة وقال عليه الصلاة والسلام "الناس كلهم خير ونحن خير"5، واختلاف الدارين يمنع الإرث والمؤثر هو الاختلاف حكما حتى لا تعتبر الحقيقة بدونه حتى لا يجري الإرث بين المستأمن والذمي في دارنا ولا في دار الحرب ويجري بين المستأمن وبين من هو في داره؛ لأن المستأمن إذا دخل إلينا أو إليهم من أهل داره حكما، وإن كان في غيرها حقيقة والدار إنما تختلف باختلاف المنفعة والملك كدار الإسلام ودار الحرب أو دارين مختلفين من دار الحرب باختلاف ملكهم لانقطاع الولاية والتناصر فيما بينهم والإرث يكون بالولاية.
قال رحمه الله: "والكافر يرث بالنسب والسبب كالمسلم"؛ لأنه مختار مكلف فيملك بالأسباب الموضوعة للملك كالمسلم ولأنه بعقد الذمة التحق بالمسلم في المعاملة فيملك بالأسباب الموضوعة كالمسلم فيكون حكمه في ذلك كحكم المسلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الترمذي في البيوع عن رسول الله 1259 وأبو داود في العتق 3926.
2 أخرجه أبو داود في الديات 4564 وأحمد في مسنده 349.
3 أخرجه ابن ماجة في الديات 2646.
4 أخرجه البخاري في الفرائض 6764، ومسلم في الفرائض 1614.
5 لم أجده.

 

 ج / 9 ص -459-     ولو حجب أحدهما لا بنكاح محرم
______
قال رحمه الله: "ولو حجب أحدهما فبالحاجب" يعني لو اجتمع في الكافر قرابتان لو تفرقا في شخصين يحجب أحدهما الآخر يرث بالحاجب، وإن يحجب يرث بالقرابتين كما إذا تزوج المجوسي أمه فولدت له ابنا فهذا الولد ابنها وابن ابنها فيرث منها إذا ماتت على أنه ابن ولا يرث على أنه ابن ابن؛ لأن ابن الابن يحجب بالابن، ولو ولدت بنتا مكان الولد ترث الثلثين النصف على أنها بنت والسدس على أنها بنت ابن، ولو تزوج بنته فولدت له بنتا ترث من أمها النصف على أنها بنت وترث الباقي على أنها عصبة؛ لأنها أختها من أبيها وهي عصبة مع البنت، وإن مات أبوها ترث النصف على أنها بنت ولا ترث على أنها بنت البنت؛ لأنها من ذوي الأرحام فلا ترث مع وجود ذي سهم وعصبة وهو قول عامة الصحابة رضي الله عنهم وبه أخذ أصحابنا وفي رواية عن ابن مسعود وزيد بن ثابت أنه يرث بأثبت القرابتين أو آكدهما أي أقواهما وبه أخذ مالك والشافعي رحمهما الله والصحيح الأول؛ لأن فيه إعمال السبب ولا يجوز إبطاله بغير مانع والمانع الحاجب ولم يوجد فيأخذ بالجهتين، ألا ترى أن المسلم يرث بالجهتين اتفق له ذلك بأن ماتت المرأة وتركت ابن عمها وهو زوجها أو أخوها من أمها فإنه يأخذ بالفرض والعصوبة فكذا الكافر إذ هو لا يخالف المسلم في سبب الملك كالشراء وغيره بخلاف الأخ من الأب والأم حيث لا يرث إلا بالعصوبة ولا يرث بالفرض على أنه أخ من أم؛ لأنه ليس فيه اختلاف الجهة؛ لأنه يرث بالأخوة وهي جهة واحدة فلا يصلح الاستحقاق بهما إلا للترجيح فقط عند مزاحمة من هو دونه في القوة كالأخ للأب.
قال رحمه الله: "لا بنكاح محرم" أي لا يرث الكافر بنكاح محرم كما إذا تزوج مجوسي بأمه أو غيرها من المحارم لا يرث منها بالنكاح أما عندهما فظاهر؛ لأن النكاح لا يصح، وأما عند أبي حنيفة فإنه، ولو كان له حكم الصحة لكن لا يقر عليه إذا أسلما فكان كالفاسد وفي المضمرات اعلم بأن الكفار يتوارثون فيما بينهم بالأسباب التي يتوارث بها المسلمون من نسب أو سبب أو نكاح ولا خلاف أنهم لا يرثون بالأنكحة التي لا تصح بين المسلمين بحال نحو نكاح المحارم بسبب أو رضاع ونكاح المطلقة قبل التزوج بزوج آخر واختلفوا في التوريث بحكم النكاح في العدة والنكاح بغير شهود قال زفر: لا يتوارثون وقال أبو حنيفة يتوارثون وقال أبو يوسف: يتوارثون في النكاح بغير شهود ولا يتوارثون بالنكاح في العدة وهذا بناء على اختلافهم في تقريرهم  على هذه الأنكحة إذا أسلموا، وقد بينا ذلك في النكاح ولا خلاف بين أصحابنا أن الكافر الحربي لا يرث الذمي سواء كان الحربي مستأمنا في دارنا أو في دار الحرب وأهل الذمة يرث بعضهم بعضا، وإن اختلفت صورة مللهم عند عامة الصحابة؛ لأن الكفر كله ملة واحدة

 

 ج / 9 ص -460-     ...........................................
______
فجعلوا اليهود والنصارى ملة وكان أبو حنيفة وأصحابه يورثون أهل الحرب بعضهم من بعض إذا كانوا من أهل دار واحدة. وإن اختلفت الداران لم يورثوا وتفسير اختلاف الدارين أن يكونا ملكين في موضعين ويرى كل واحد قتل الآخر، وإن اتفقت الملل وهذا بخلافنا فإن أهل العدل مع أهل البغي يتوارثون فيما بينهم؛ لأن دار الإسلام دار الأحكام فباختلاف الملك والمنفعة لا تتغير الدار فيما بين المسلمين؛ لأن أحكام الإسلام تجمعهم، وأما دار الحرب فليست بدار الأحكام بل هي دار قهر وباختلاف الملل تختلف الدار بينهم، واختلاف الدارين يقطع التوارث وكذلك إذا خرجوا إلينا بأمان يعني أهل الدارين المختلفين بينهم من أهل الحرب، وإن كانوا مستأمنين فيجعل كل واحد منهم في الحكم كأنه في البقعة التي خرج منها بأمان، بخلاف ما إذا صاروا ذمة لأهل الإسلام يتوارثون فيما بينهم بعد ذلك كما لو أسلموا فإنه يجري التوارث بعدما مات بينهم، وإن اختلفت منعتهم في حالة الكفر جئنا إلى المسائل ذمي مات وخلف ورثة في دار الحرب فماله فيء سواء كانت الورثة في دار الحرب أو في دار الإسلام معاهدين، ولو مات اليهودي وترك ابنا يهوديا في دار الإسلام يؤدي الجزية وابنا له في دار الحرب فالمال كله للابن اليهودي الذي يؤدي الجزية في دار الإسلام، ولو مات يهودي من أهل الحرب وهو مستأمن في دار الإسلام وترك ابنا مستأمنا في دار الإسلام وابنا ذميا وابنا حربيا وابنا مسلما فالمال على قول أهل العراق بين الابن المعاهد والحربي؛ لأن المعاهد بمنزلة الحربي عندهم فيرث منه الحربي ومن هو مثله وهو المعاهد. ولو مات يهودي من أهل الذمة وخلف ابنا يهوديا وابنا نصرانيا فعلى قول من يورث أهل الذمة بعضهم من بعض، وإن اختلفت صور مللهم المال بينهما نصفان وعلى قول من يقول بأن اليهود ملة والنصارى ملة المال للابن اليهودي، وأما ميراث المجوس فيما بينهم يبنى على أصول ثلاثة أحدها أنهم لا يتوارثون بالأنكحة الفاسدة فيما بينهم وإنما يتوارثون بالأنكحة الصحيحة، والفاصل أن كل نكاح لو أسلما تركا على ذلك فهو نكاح صحيح، ولو أسلما لم يتركا فهو نكاح فاسد والثاني أن النسب فيما بينهم يثبت بالأنكحة الفاسدة ويتوارثون فيما بينهم بذلك النسب، وإن كانوا لا يتوارثون بذلك النكاح الثالث أن كل من يدلي إلى الميت بسببين أو ثلاثة فإنه يرث بجميع ذلك إلا إذا كان أحد السببين يحجب الآخر فحينئذ يرث بالحاجب، وقد قدمنا، ولو تزوج بأمه أو بابنته أو بأخته فمات أحدهما لا يرث الآخر وهذا الجواب على أصل أبي يوسف ومحمد ظاهر؛ لأن نكاح المحارم فيما بينهم فاسد عندنا، وإن كانوا يدينون جوازه؛ ولهذا قالا: إذا طلبت النفقة من القاضي فالقاضي لا يفرض النفقة وإذا دخل بها سقط إحصانه حتى لا يحد قاذفه لو قذفه إنسان بعدما أسلم، ولو طلب أحدهما التفريق فالقاضي يفرق وذلك لا يشكل على قول أبي حنيفة على ما هو

 

 ج / 9 ص -461-     ...........................................
______
مختار مشايخ العراق، وإن كان نكاح المحارم فاسدا عند أبي حنيفة فاستدلوا لذلك بفصل عدم حرمان الإرث بينهما. وإنما يشكل على قول مشايخ ما وراء النهر فإنهم يقولون بأن نكاح المحارم فيما بينهم جائز على قول أبي حنيفة ويقولون: لو لم يكن النكاح جائزا عنده لما فرض لها النفقة ويستدلون أيضا بما لو دخل بها بعد النكاح أنه لا يسقط إحصانه عنده والعذر لمشايخ العراق في فصل النفقة أن النفقة كما تحجب بسبب النكاح فتحجب بسبب الاحتباس فإن ثمة لم يكن نكاح، وإن كان نكاح فاسدا يؤخذ النفقة بسبب الاحتباس لا بسبب النكاح وبقاء الاحتباس بعد الدخول لا يدل على صحة النكاح عند أبي حنيفة لا محالة، ألا ترى أن من تزوج امرأة ودخل بها وكان نظر إلى فرج أمها أو ابنتها بشهوة أن إحصانه لا يسقط، وإن كان نكاحا فاسدا عند أبي حنيفة والعذر لمشايخنا رحمهم الله عن فصل الإرث فإنه لا يجري الإرث فيما بينهم، وإن كانوا يدينون جواز النكاح واعتبر ديانتهم في حق جواز النكاح في حق الإرث فيما بين المحارم أن يقول: إن ديانتهم إنما تعتبر بجواز النكاح؛ لأن جواز نكاح المحارم قد كان في شريعة آدم عليه السلام وفي الذخيرة، ثم فرقوا بين نكاح المحارم فيما بينهم وبين النسب الثابت في هذا النكاح فقالوا: إذا تزوج المجوسي  بمحارمه، ثم مات أحدهما لا يرثه الباقي. فأما إذا حدث بينهما ولد فإنه يثبت النسب ويتوارثون بذلك النسب فيما بينهم تزوج مجوسي بابنة له فولدت منه ابنا وبنتا، ثم مات المجوسي فقد مات عن ابن وبنت وزوجة فيقسم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين يورثون بالنسب ويسقط اعتبار النكاح؛ لأنه فاسد يثبت به النسب فيما بينهم ولا يتوارثون به، فلهذا قال يسقط اعتبار النكاح ويرثون بالنسب، ولو مات الابن بعد ذلك فقد مات عن أخت لأب وأم وعن أخت لأب هي أمة فللأخت لأب السدس بحكم الأمومة والسدس بحكم الأختية والنصف للأخت لأب وأم والباقي للعصبة إن كانت وإلا فيرد عليهما وعلى سهامهما، ولو لم يمت الابن بعد موت المجوسي ولكن ماتت البنت التي هي زوجته فقد ماتت عن ابن هو أخوها لأبيها وعن بنت هي أختها لأبيها ويرثون بالبنوة والبنتية ويقسم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو لم تمت الابنة التي هي زوج المجوسي ولكن ماتت الابنة الأخرى فقد ماتت عن أخ لأب وأم وعن أخت لأب وأم وعن أخت لأب هي أمها فيكون للأم السدس والباقي لأخ للأب وأم فيسقط اعتبار الأختية؛ لأن قرابة الأخت لأب ساقطة الاعتبار لقرابة الأخ لأب وأم وإنما كان للأم السدس في هذه الصورة؛ لأن للميت أخا وأختا والأخت من أهل الاستحقاق إلا أنها صارت محجوبة بهذا السبب العارض ولهذا سقط فرض الأم عن الثلث إلى السدس وفي الذخيرة مجوسي تزوج بأمة فولدت بنتا وابنا، ثم فارقها وتزوج ابنته فولدت له ابنة، ثم مات المجوسي فقط مات عن أم وابن وابنة بنت ابن

 

 ج / 9 ص -462-     ...........................................
______
فيكون للأم السدس باعتبار الأمومة والباقي بين الابن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين  ولا شيء لبنت الابن. فإن مات الابن بعد فإنما مات عن زوجة هي جدته أم أبيه وهي أمه وعن أخت لأمه وأبيه فلا شيء للأم بالزوجية ولا بكونها جدة؛ لأن الجدة لا ترث مع الأم ولكن لها السدس بالأمومة والابنة النصف بالبنتية ولا شيء لها بالأختية لأم فإن لم يمت الابن ولكن ماتت الابنة الكبرى فقد ماتت عن أم هي جدتها أم أبيها وعن أخ لأب وأم وعن ابنة هي أختها لأمها فللأم السدس بالأمومة؛ لأن معها أخا لأم وأختا وهما يردان الأم من الثلث إلى السدس وللابنه السدس بالأختية لأم والباقي للأخ لأب وأم بالعصوبة، فإن كانت الابنة التي ماتت هي الصغرى فقد ماتت عن أم وعن جدتها لأبيها وعن أبيها وعن عمة هي أختها لأبيها وعن ابن هو أخوها لأمها فللأم السدس والباقي للأب؛ لأن الإخوة والأخوات لا يرثون مع الأب شيئا، ولو لم تمت الابنة ولكن ماتت الأم فإنما ماتت عمن هو زوجها وهو ابن ابنها وعن ابنة ابن هي أختها فلا شيء للابن بالزوجية ولكن المال بين الابن والأنثى للذكر مثل حظ الأنثيين فلا شيء للذكر باعتبار أنه ابن ابن ولا الأنثى باعتبار أنها ابنة الابن
مجوسي تزوج أمه فولدت له ابنتين فتزوج ابنته فولدت له ابنة، ثم مات المجوسي فقد مات عن أم هي زوجة وثلاث بنات إحداهن زوجة وبنتان أختان لأم وإحداهن ابنة ابن فلا شيء للزوجة منهن بالزوجية منهن بالزوجية ولا للأختين لأم بالأختية ولا للثالثة بكونها ابنة ابن ولكن الباقي للعصبة إن كانت. وإن لم تكن فهو رد على أم، والبنات على مقدار حقهن فإن ماتت بعدها الابنة التي هي زوجته فقد مات عن ابنة هي أخت لأب وأم فللابنة النصف والباقي للعصبة، وإن لم تمت هذه لكن ماتت الابنة السفلى فإن ماتت عن أمها وهي أختها لأبيها وعن أخت لأب أيضا فيكون للأم السدس بالأمية وللأختين الثلثان بالأختية والباقي للعصبة
رجل مجوسي تزوج بابنته فولدت ابنتين فمات المجوسي، ثم ماتت إحدى البنتين فإنما ماتت عن أم هي أخت لأب وعن أخت لأب وأم أيضا فقد ذكر بعض المشايخ أن للأم السدس بالآية وللأخت لأب وأم النصف وللأم السدس بالأختية والأول أصح وفي السراجية حكم الأسير كحكم سائر المسلمين في الميراث ما لم يفارق دينه فإن فارق دينه فحكمه حكم المفقود
مسلم ونصراني استأجرا ظئرا واحدا لولديهما فكبرا ولا يعرف ولد النصراني من ولد المسلم فالولدان مسلمان ترجيحا للأم ولكن لا يرثان من أبويهما؛ لأن المال لا يستحق بالشك، وكذا لو كان للرجل ابن ولمملوكه ابن أيضا فدفعاهما إلى ظئر واحدة فكبرا ولم

 

 ج / 9 ص -463-     ويرث ولد الزنا واللعان من جهة الأم فقط ووقف للابن حظ ابن
______
يعرف ابن المولى من الرقيق فالولدان حران ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته ولا يرثان شيئا قال الفقيه أبو الليث هذا إذا لم يصطلحا أما إذا اصطلحا فيما بينهما فلهما أن يأخذا الميراث فكذا الجواب في ولد المسلم مع ولد النصراني وبه يفتى. وفي المضمرات مات وترك  أبوين وامرأتين أحدهما مسلمة والأخرى يهودية فللمرأة التي هي مسلمة الربع وللأم ثلثا الباقي والباقي للأب.
وإذا تحاكما إلينا أهل الكفر في قسمة المال قسمنا ذلك فيما بينهم على حكمنا دون حكمهم، وإن قدم الحربي إلينا بأمان فمات بعث ماله إلى وارثه في دار الحرب.
قال رحمه الله: "ويرث ولد الزنا واللعان من جهة الأم فقط"؛ لأن نسبه من جهة الأب منقطع فلا يرث به ومن جهة الأم ثابت فيرث به أمه وأخته من الأم بالفرض لا غير وكذا ترثه أمه وأخته من أمه فرضا لا غير ولا يتصور أن يرث هو أو يورث بالعصوبة إلا بالولاء أو الولاد فيرثه من أعتقه أو أعتق أمه أو ولده بالعصوبة وكذا هو يرث معتقه أو معتق معتقه أو ولده بذلك، وقد تقدم.
قال رحمه الله: "ووقف للابن حظ ابن" أي إذا ترك الميت امرأته حاملا أو غيرها ممن يرثه ولدها وقف للحمل نصيب ابن واحد وهذا قول أبي يوسف وعنه يوقف نصيب ابنين وهو قول محمد؛ لأن ولادة الاثنين معتادة، وعن أبي حنيفة أنه يوقف نصيب أربع بنين أو أربع بنات أيهما أكثر؛ لأنه يتصور ولادة أربعة في بطن واحدة فيترك نصيبها احتياطا والفتوى على الأول؛ لأن ولادة الواحد هي الغالب والأكثر منه موهوم والحكم للغالب ويؤخذ من الورثة على قوله كفيل لاحتمال أن يكون أكثر وهذا إذا كان في الورثة ولد، وأما إذا لم يكن فيهم ولد فلا يختلف الميراث بينهم بكثرة الأولاد وقلتهم وجملة الأمر لا يخلو إما أن يكون الورثة كلهم أولاد الأولاد فإن كانوا كلهم أولادا فيترك ما ذكرنا من القدر على الاختلاف. وإن لم يكونوا كلهم أولادا فلا يخلو إما أن يكون فيهم أولاد أولاد فإن كان فيهم أولاد أولاد يعطى كل وارث هو غير الولد منهم نصيبه، ثم يقسم الباقي على الأولاد ويترك نصيب الحمل منه على الاختلاف الذي ذكرنا، وإن لم يكن في الورثة ذكر والحمل من الميت يعطى كل وارث نصيبه على تقدير أن الحمل ذكر أو أنثى أيهما أقل، وإن كان على أحد التقديرين يرث دون الآخر فلا يعطى شيئا وكذا إذا كان فيهم من لا يرث على تقدير ولادته حيا وعلى تقدير ولادته ميتا يرث فلا يعطى شيئا للاحتمال، وإن كان نصيبه على أحد التقديرين أكثر يعطى الأقل للتيقن به ويوقف الباقي

 

 ج / 9 ص -464-     ويرث إن خرج أكثره فمات لا أقله
______
قال رحمه الله: "ويرث إن خرج أكثره فمات لا أقله" أي الحمل يرث إن خرج أكثره وهو حي، ثم مات، وإن خرج أقله وهو حي فمات لا يرث؛ لأن انفصاله حيا من البطن شرط لإرثه والأكثر يقوم مقام الكل، ثم إن خرج مستقيما فالمعتبر لصدره، وإن خرج منكوسا فالمعتبر لسرته، وقد بينا من قبل وفي الأصل في ميراث الجنين ذكر الصدر الشهيد في فرائضه أن الجنين يرث إذا كان موجودا في البطن عند موت المورث بأن جاء لأقل من ستة أشهر مذ مات المورث هكذا ذكر محمد المسألة مطلقة، وهذا التقدير في استحقاق الجنين من غير الأب أما من الأب فإن جاء به لأقل من سنتين من وقت الموت فإنه يرث ما لم تقر بانقضاء لعادة نص عليه محمد في كتاب الفرائض فالأصل أن المعتدة إذا جاءت بالولد لأقل من سنتين من وقت الطلاق فإنه يثبت نسب الولد من الزوج إذا لم تقر بانقضاء العدة فإذا ثبت النسب من الميت يرث منه ضرورة، وإن جاء لأكثر من سنتين لا يثبت النسب من الميت ولا يرث منه. قال محمد في كتاب الفرائض أيضا لو أن عبدا تحته حرة ولد منها ابن وله ابن آخر حر من غيرها فمات ابن العبد ولا يدري أنها حبلى أو لا فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر منذ مات ابن العبد وأنه يرث ميراث أخته؛ لأن الوطء حال بالعلوق إلى ستة أشهر فقد مات أخوه وهو في البطن فيرثه، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يرثه؛ لأن الحمل من ستة أشهر فقد مات أخوه وهو لم يخلق بعد فلا يرثه فتبين بما ذكر محمد في الأصل إنما ذكره الصدر الشهيد من التقرير في استحقاق الجنين الإرث من غير الأب لا عن الأب وطريق معرفة انفصاله حيا أن يستهل أو يسمع منه عطاس أو تنفس أو يترك بعض أعضائه أو ما شاكل ذلك، وإن انفصل ميتا لم يرثه لأنا شككنا في حياته وقت موت الأب بجواز أنه كان ميتا لم تنفخ فيه الروح وبجواز أنه كان حيا فلا يرثه بالشك وفي الذخيرة، ثم الجنين إذا خرج ميتا فإنه لا يرث إذا خرج بنفسه، وأما إذا خرج حيا فهو من جملة الورثة بيانه إذا ضرب إنسان بطنها فألقت جنينا ميتا فهذا الجنين من جملة الورثة وفيه روايات ابن المبارك قال الشيخ محمد أبو الفضل إذا مات الرجل عن امرأة وابنين وادعت المرأة أنها حامل تعرض المرأة على امرأة ثقة أو امرأتين حتى يتبين حملها  فإن لم يقف على شيء من علامات الحمل يقسم الميراث، وإن وقف على شيء من علاماته تربصوا حتى تلد ولا يقسم الميراث، وإن كان رجل خلف امرأة حاملا وابنا فولدت المرأة ابنا وبنتا فاستهل أحدهما وماتا لا يدري أيهما استهل. فلو جعل المستهل ابنا فقد خلف المورث ابنين للمرأة الثمن والباقي بينهما وتصح المسألة من ستة عشر ومسألته من ثلاثة لا تستقيم فتضرب ثلاثة في ستة عشر فتبلغ ثمانية واربعين للمرأة الثمن ستة ولكل ابن واحد وعشرون فمات المستهل عن أحد وعشرين سهما وخلف أما وأخا للأم الثلث سبعة أسهم والباقي وهو أربعة عشر للأخ فقد

 

 ج / 9 ص -465-     ...........................................
______
حصل للأم ثلاث عشر وللأخ خمسة وثلاثون، وإن كان المستهل الأنثى للمرأة الثمن والباقي بين الابن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين وتصح المسألة من أربعة وعشرين للمرأة ثلاثة وللبنت سبعة وللابن أربعة عشر وماتت البنت عن سبعة أسهم وخلفت أما وأخا ومسألتهما من ثلاثة، وسبعة على ثلاثة لا تنقسم فتضرب ثلاثة في أربعة وعشرين فتصير اثنين وسبعين للمرأة الثمن تسعة وللابن اثنان وأربعون وللبنت إحدى وعشرون فماتت البنت عن إحدى وعشرين سهما وخلف أما وأخا للأم الثلث سبعة وللأخ أربعة عشر فقد حصل للأم ستة عشر وللأخ ستة وخمسون وستة عشر توافق الستة والخمسين بالثمن فيرد ذلك إلى ذلك الثمن فيكون ثمن الستة عشر سهمان وثمن الستة والخمسين سبعة أسهم والتسعة توافق الثمانية والأربعين بالثلث فيضرب ثلث أحدهما في جميع الآخر فيصير مائة وأربعة وأربعين، ثم ضاعف؛ لأن هنا حالين حال استهلاك الابن وحال استهلاك البنت فصار مائتين وثمانية وثمانين فهذا جميع المال.
وفي القنية سئل عن صبي استهل في البطن وانفصل ميتا فقال: لا يعتبر هذا الاستهلال. وفي الظهيرية، ولو أن رجلين ليس بينهما قرابة تزوج كل واحد منهما أم الآخر فولدت كل واحد منهما غلاما فقرابة ما بينهما أن ابن المتزوج بالأم أخ لابن الذي تزوج الابنة وعمه وابن الذي تزوج الابنة ابن الأخت للذي تزوج الأم وابن أخته فلا يرث واحد منهما من صاحبه مع سائر العصبات؛ لأن العم لأم وابن الأخ لأم من جملة ذوي الأرحام فلا يرثون مع أحد من العصبات فلو أن رجلا تزوج امرأة وزوج ابنتها من ابنه فولد لكل واحد منهما غلام فقرابة ما بين الغلامين أن ابن الأب الذي تزوج الأم عم الابن الذي تزوج الابنة وخاله وابن الابن ابن أخ ابن الأب وابن أخته فأيهما مات ورث صاحبه ها هنا من قبل أن العم عصبة وكذلك ابن الأخ لأب عصبة، وإذا كان كل واحد منهما عصبة صاحبه من أحد الوجهين كان وارثا له فإن تزوج الأب الابنة وتزوج الابن الأم فولد لكل واحد منهما غلام فقرابة ما بين الولدين أن ابن الأب عم ابن الابن، وابن أخته وابن الابن خال ابن الأب وابن أخيه فأيهما مات ورثه الآخر بالعصوبة.
نوع آخر في هذا الفصل رجل مات وترك ثلاث بنات فورثت إحداهن ثلثي المال والأخرى ثلث المال والثالثة لم ترث شيئا كيف كانت هذه قال: إنه كان في الأصل الأب رقيقا أعتقته إحداهن فقتله واحدة منهن فللمعتقة الثلث فرضا ولغير القاتلة الثلث فرضا وللمعتقة الثلث تعصيبا.
رجل مات وترك أخا لأب وأم وأخا لامرأته فورث المال أخو امرأته دون أخيه لأبيه وأمه كيف كانت هذه قال بأنه كان في الأصل رجل تزوج أم امرأة أبيه فولدت له ولدا، ثم مات

 

 ج / 9 ص -466-     ...........................................
______
المتزوج، ثم مات أخوه بعد ذلك وترك خالا وعما وهذا المولود في درجة ابن أخيه لأبيه وفي درجة خاله لأمه فالمال لابن الأخ فقد ورث المال الخال دون العم
رجل دخل على مريض فقال له أوص فقال لماذا أوصي فإن مالي يرثه عمتاك وخالتاك وجدتاك كيف كانت هذه قال كان هذا المريض تزوج جدتي الرجل أم أبيه وأم أمه فولدت كل واحدة للمريض ابنتين فلما مات المريض ترك أربع بنات بنتان منهن خالتا الرجل وبنتان منهن عمتا الرجل والمرأتان هما جدتا الرجل فللبنتان الثلثان وللمرأتين الثمن وما بقي يرد على البنات إن لم يكن له عصبة.
وسئل عن رجل ورثه سبع عشر امرأة ماله بالسوية فأجاب بأن هذا الرجل مات عن جدتين وثلاث نسوة وأربع أخوات لأم وثمان أخوات لأب وأم فللجدتين السدس سهمان والنسوة الربع ثلاثة وللأخوات لأم الثلث أربعة وللأخوات لأم وأب الثلثان ثمانية فأصاب كل واحدة سهم.
سئل عن امرأة ورثت أربعة أزواج واحدا بعد واحد فصار لها نصف جميع أموالهم وللعصبة النصف فأجاب بأن هذه المرأة تزوجها أربع إخوة وبعضهم وارث بعض وكان جميع أموالهم ثمانية  عشر دينارا لواحد منهم ثمانية وللآخر ستة وللثالث ثلاثة وللرابع دينار تزوجها صاحب الثمانية، ثم مات عنها، ثم صار لصاحب الستة ثمانية ولصاحب الثلاثة خمسة ولصاحب الواحد ثلاثة، ثم تزوجها الثاني ومات عنها وترك ثمانية دنانير فصار لها ديناران بقي ستة بين أخوين لكل واحد منهما ثلاثة، ثم تزوجها الثالث ومات عنها وترك ثمانية دنانير فصار لها الربع ديناران ولأخيه ما بقي ستة فصار له اثنا عشر دينارا فصار لها الربع من ذلك ثلاثة دنانير فصار جميع ما ورثت تسعة من الأول ديناران ومن الثاني ديناران ومن الثالث ديناران ومن الرابع ثلاثة وللعصبة تسعة دنانير.
سئل عن رجلين ورث أحدهما ثلاثة أرباع المال وللآخر الربع فأجاب بأن الميتة بنت عمهما وأحدهما زوجها فللزوج النصف والباقي بينهما نصفين، فنصيب الزوج ثلاثة أرباع والآخر ربع.
سئل عن رجلين ورث أحدهما الثلثين والآخر الثلث قال: الميت امرأة لها ابنا عم أحدهما أخوها لأم والآخر زوجها فيكون للزوج النصف وللأخ من الأم السدس والباقي بينهما نصفان فنصيب الزوج الثلثان ونصيب الآخر الثلث.
سئل عن ثلاثة إخوة ورث أحدهم الثلثين والآخران كل واحد سدس قال هذه المرأة لها

 

 ج / 9 ص -467-     ...........................................
______
ثلاثة بني عم أحدهم زوجها فيكون للزوج النصف والباقي بينهم أثلاثا فيكون لكل واحد سدس
رجل ورثته ثلاث نسوة أثلاثا إحداهن أم الأخرى قال هذا الرجل زوج ابن ابنته ابن ابن له فولدت له بنتا، ثم مات ابن الابن وبقى بنتا ابن ابن أحدهما أم الأخرى، ثم مات الرجل وله أخت فصار للابنتين الثلثان وللأخت الثلث؛ لأنها عصبة مع البنات وفي الظهيرية في بيان ما يسأل عن المتشابهات, وإن سئل عن رجل مات وترك ابن عم لأب وأم فورث المال ابن العم دون ابن أخيه كيف يكون ؟ قيل: صورة هذا أخوان ولأحدهما ابن اشتريا جارية فجاءت بولد فادعياه جميعا كان ابنا لهما، ثم مات الأخوان، ثم مات ابن أحدهما بعد موتهما ولم يترك وارثا غير الابن الذي كان بين أبيه وعمه وكان له ابن أخ لأب وأم فميراثه لأخيه لأبيه وهو ابن عمه. ويسقط ابن أخيه لأبيه وأمه.
وإن سئل عن رجل مات وترك ابن عم لأب وأم وأخا لأب فورث المال ابن عمه دون أخيه لأبيه كيف يكون هذا ؟ قيل: هذا في الأصل أخوان ولأحدهما ابن فاشتريا جارية فجاءت بابن فادعياه جميعا كان ابنا لهما، ثم أعتقا هذه الجارية فتزوج بها أبو الابن فولدت له ابنا آخر فمات الأخوان ومات الابن الذي ولدته بعد النكاح وترك أخا لأب وأم وهو ابن عمه وأخا لأب فميراثه لابن عمه؛ لأنه أخوه لأبيه وأمه.
وسئل عن رجل وأمه وخالته ورثوا المال بينهم أثلاثا كيف يكون هذا فهذا رجل له بنتان زوج أحدهما ابن أخيه فولدت له ابنا ومات ابن الأخ ومات الرجل بعد ذلك وترك بنتين وابن ابن أخ فللبنتين الثلثان وما بقي فلابن ابن الأخ فصار لابن ابن الأخ الثلث ولأمه ثلث المال ولخالته ثلث المال.
وإن سئل عن رجل مات وترك سبعة إخوة لامرأته فورثت امرأته المال وأخواتها بالسوية كيف يكون هذا ؟ وقيل: رجل تزوج بأم امرأة أبيه فولدت له سبع بنين، ثم مات الابن ومات أبوه بعد ذلك وترك امرأته وسبعة بني ابن فللمرأة الثمن سهم وبقي سبعة أسهم لكل واحد منهم سهم.
حكي أن امرأة جاءت إلى أبي حنيفة وقالت: إن أخي مات وترك ستمائة دينار فقسموا تركته وأعطوني منها دينارا واحدا قال أبو حنيفة: ومن قسمها ؟ قالت: تلميذك داود الطائي، فقال أبو حنيفة ذلك حقك، قال: أليس ترك أخوك ابنتين وأما وزوجة واثني عشر أخا وأختا ؟ فقالت: بلى. قال: للبنتين الثلثان أربعمائة دينار وللأم السدس مائة دينار وللمرأة الثمن

 

 ج / 9 ص -468-     ولا توارث بين الغرقى والحرقى إلا إذا علم ترتيب الموت
______
خمسة وسبعون دينارا بقي خمسة وعشرون دينارا أسهم للذكر مثل حظ الأنثيين لكل أخ ديناران وللأخت دينار واحد.
مسألة لو سئلت عن رجل مات وترك دنانير وورثة فإن كان الوارث ابنا كان له ألفا دينار، ولو كان مكان الابن ابن عم كان له عشرة آلاف
الجواب عن هذا إذا كان المال ثلاثين ألف دينار فإن كان له ابن وثمانية وعشرون بنتا كان للابن ألفا دينار، ولو كان مكان الابن ابن عم للبنات الثلثان والباقي لابن العم وهم عشرة آلاف.
مسألة، ولو سلت عن رجل مات وترك أخوين لأب أحدهما للأم وأختين لأم أحدهما لأب كيف يقسم المال بينهم الجواب عن هذا رجل مات وترك أخا وأختا لأب وأم وأخا لأب فيقسم المال بينهم للأخت من الأب السدس والباقي بين الأخ والأخت لأب وأم ولا شيء للأخ من الأب. مسألة، ولو سئل عن رجل وابنته وورثا مالا بالسوية  كيف ذلك ؟ الجواب: هذه امرأة تزوجها ابن عم فولدت له ابنة، ثم ماتت المرأة وصار لابنتها من ميراثها النصف والنصف الباقي لزوجها وهو ابن عمها.
مسألة. ولو سئل عن امرأة وجدتها أم الأم وورثا مالا بالسوية الجواب عن هذا رجل زوج بنت أخته لابن ابنه فولدت لهما بنتا مات الزوج، ثم مات الجد وترك بنت ابن ابنه وأخته وهي جدتها أم أمه فصار لابنة ابن ابنه النصف وما بقي فللأخت.
قال رحمه الله: "ولا توارث بين الغرقى والحرقى إلا إذا علم ترتيب الموت" أي إذا مات جماعة في الغرق أو الحرق ولا يدرى أيهم مات أولا جعلوا كأنهم ماتوا جميعا فيكون مال كل واحد منهم لورثته ولا يرث بعضهم بعضا إلا إذا عرف ترتيب موتهم فيرث المتأخر من المتقدم وهو قول أبي بكر وعمر وزيد وأحد الروايتين عن علي رضي الله عنه وإنما كان كذلك؛ لأن الإرث يبنى على اليقين بسبب الاستحقاق وشرطه وهو حياة الوارث بعد موت المورث ولم يثبت ذلك فلا يرث بالشك وكذلك الحكم إذا ماتوا بهدم الجدار عليهم أو في المعركة ولا يدرى أيهم مات أولا. وفي الأصل أخوان غرقا وخلف أحدهما بنتا وعشرين دينارا مثلا وخلف الآخر بنتا وعشرة دنانير فعلى قول عامة الصحابة وعامة الفقهاء للبنت النصف من المال والنصف الباقي لابن العم، وما تركه الآخر لابنه أخوان معتقان غرقا وخلف أحدهما ابنا وبنتا وخلف الآخر بنت ابن ومولى فالذي خلف ابنة ابن ماله على قول العامة بين ابنة ابنه وبين ابن أخيه الذي غرق معه نصفان النصف لابنة الابن والنصف لابن الأخ وحده.

 

 ج / 9 ص -469-     وذو رحم
______
امرأة وابنها غرقا وخلفت المرأة زوجا هو أب الابن وخلف الابن أباه وابنا فعلى قول العامة مال المرأة يقسم بين زوجها وبين ابن ابنها وللزوج الربع والباقي لابن الابن ومال الابن يقسم بين ابنه وبين الأب للأب السدس والباقي للابن وعلى هذا القياس يخرج جنس هذه المسائل.
قال رحمه الله: "وذو رحم" وهو معطوف على قوله وذو فرض في أول الكتاب "وهو قريب ليس بذي سهم ولا عصبة" أي ذو الرحم وهو قريب ليس بوارث بفرض ولا بعصبة وهذا على اصطلاح أهل هذا العلم وفي الحقيقة الوارث لا يخرج من أن يكون ذا رحم وتحته ثلاثة أنواع قريب وهو ذو سهم وقريب هو عصبة وقريب ليس بذي سهم ولا عصبة فقدمنا الكلام في الأولين وبقي في الثالث فنقول عندنا هم يرثون عند عدم النوعين الأولين وهو قول عامة الصحابة رضي الله عنهم غير زيد بن ثابت فإنه قال لا ميراث لذوي الأرحام بل يوضع في بيت المال وبه أخذ مالك والشافعي لما روي عن عطاء بن يسار أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رجل هلك وترك عمته وخالته فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات، ثم قال:
"لا شيء لهما"1 وفي بعض رواياته "لا أرى ينزل علي شيء لا شيء لهما"، وروي أنه قال "لا أجد لهما شيئا" وإذا لم ينزل عليه شيء لا يمكن إثباته بالرأي؛ لأن المقادير لا يمكن إثباتها بالرأي، ولنا ما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه فكانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [لأنفال: 75] فتوارثوا بذلك.2 وعن المقداد بن معدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من ترك مالا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه"3 رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحين مات ثابت بن الدحداح وكان غريبا لا يعرف من أين هو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبا لبابة بن المنذر ابن أخته فأعطاه ميراثه".4 وعن أمامة بن سهل أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله وليس له وارث إلا خالا فكتب في ذلك أبو عبيدة إلى عمر فكتب عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه البيهقي في "سننه"  6/212 والدارقطني في "سننه" 4/99 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/395
2 ذكره الطبري في تفسيره 10/54.
3 أخرجه أبو داود في الفرائض 2899 وابن ماجة في الديات 2634.
4 ذكره الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/396.

 

 ج / 9 ص -470-     وهو قريب ليس بذي سهم ولا عصبة ولا يرث مع ذي سهم وعصبة سوى أحد الزوجين لعدم الرد عليهما وترتيبهم كترتيب العصبات
______
ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له"1 وقال الترمذي حديث حسن وقال الطحاوي هذا آثار متصلة قد توارثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا كانت الصحابة رضي الله عنهم حتى روي عن عمر رضي الله عنه في عم لأم وخالة أعطى العم الثلثين والخالة الثلث ويحتمل أن يكون هناك من هو أولى منهما أو كان ذلك قبل نزول الآية ويحتمل أن قوله عليه الصلاة والسلام "لا شيء لهما"2 أراد به الفرض أي لا فرض لهما مقدر، ونحن نقول به فإن قيل: لا حجة لكم في الآية لأنها نزلت برد التوارث بالإخاء، ويحتمل أن يكون المراد بها العصبة وأصحاب السهام وليس فيها دلالة على أن المراد بها غيرهم قلنا العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وهي عامة فيعمل بعمومها على أن كثيرا من  أصحاب الشافعي منهم شريح خالفوه وذهبوا إلى توريث ذوي الأرحام وهو اختيار فقهائهم للفتوى في زماننا لفساد بيت المال فصرفه في غير المصارف.
قال رحمه الله: "ولا يرث مع ذي سهم وعصبة سوى أحد الزوجين لعدم الرد عليهما" أي لا يرث ذوو الأرحام مع وجود ذوي فرض أو عصبة إلا إذا كان صاحب الفرض أحد الزوجين فيرثون معه لعدم الرد عليه؛ لأن العصبة أولى. وكذا الرد على ذي السهام أولى من ذوي الأرحام؛ لأنهم أقرب إلا الزوجين لأنهما لا قرابة لهما مع الميت فلهذا لا يرد عليهما ما فضل من فرضهما، وعليه عامة الصحابة وكان عثمان بن عفان يرد على الزوجين أيضا، وقد عرف في موضعه.
قال رحمه الله: "وترتيبهم كترتيب العصبات" يعني: ترتيب ذوي الأرحام في الإرث كترتيب العصبات يقدم فروع الميت كأولاد البنات، وإن سفلوا، ثم أصوله كالأجداد الفاسدين والجدات الفاسدات، وإن علوا، ثم فروع أبويه كأولاد الأخوات وبنات الإخوة وبني الإخوة لأم، وإن نزلوا، ثم فرع جده وجدته كالعمات والأعمام لأم والأخوال والخالات، وإن بعدوا فصاروا أربعة أصناف وروى أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أن أولاهم بالميراث الأصول، والأول أصح؛ لأن الفرع أقرب كما في العصبات، وفي المضمرات وهم عشرة
أولاد البنات وأولاد الأخوات وبنات الأخ، وبنت العم، والخال، والخالة، وأب الأم وعم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الترمذي في الفرائض عن رسول الله 2103 وابن ماجة في الفرائض 2737.
2 تفدم تخريجه.

 

 ج / 9 ص -471-     ...........................................
______
الأم والعمة وولد الأخ ومن أدلى بهم وفي العثماني وهم خمسة أصناف أولهم أولاد البنات، والثاني الجد الفاسد والجدات،
والثالث أولاد الأخوات لأب وأم أو لأب، وأولاد بنات الابن، وأولاد الإخوة، والأخوات لأم وبنات الأعمام وأولاد هؤلاء الإخوة كلهم
والرابع الأعمام لأم والأخوال والخالات والعمات وبنات الأعمام، وأولاد هؤلاء. والخامس عمات الآباء والأمهات كلهم وأخوالهم وخالاتهم وأعمام الأباء بالأم وأعمام الأمهات كلهم وأولاد هؤلاء فأولاهم بالميراث أولهم، ثم ثانيهم، ثم ثالثهم، ثم رابعهم، ثم خامسهم وفي رواية عن أبي حنيفة: وعليه الفتوى. وروي عن أبي حنيفة أن الجد الفاسد أولى بالميراث من أولاد البنات وأولاد بنات الابن وقال أبو يوسف ومحمد: وأولاد الأخوات وبنات الإخوة أولى من الجد الفاسد، أبو الأم، وكل واحد أولى من ولده، وولد ولده أولى من أبويه عندهما وفي الظهيرية، وقد صح رجوع أبي حنيفة إلى قولهما في تقديم أولاد البنات وعليه الفتوى والحكم فيهم أنه إذا انفرد واحد منهم يستحق جميع المال وهذا لأن ذوي الأرحام يرثون على التعصيب من وجه؛ لأنهم يرثون بالقرابة من الميت وليس لهم سهم مقدر، والعصبة من كل وجه ذكر يدلي بعصبة ذكر، ولا يكون له سهم مقدر ففي حق ذوي الأرحام إذا لم توجد الذكورة والإدلاء إلى الميت بعصبة ذكر وجد المعنى الآخر، وهو أنه قريب ليس له سهم مقدر وكانوا عصبة من وجه فيعتبر بمن يرث بالتعصيب من كل وجه أن يستحق جميع المال إذا انفرد، وكذا هنا وهم في الحاصل أصناف صنف ينتهي إلى الميت، وهو الساقط من ولد الولد وإنما اعتبرنا بالساقط؛ لأن ولد الولد على ضربين ثابت، وهو من جملة أصحاب الفرائض وهو بنت الابن أو هو من جملة العصبات وهو ابن الابن وساقط هو داخل في جملة ذوي الأرحام وهو ولد البنت ذكرا كان أو أنثى وصنف ينتمي إليه الميت كالجد الفاسد والجدة الفاسدة، وصنف ينتمي إلى أبوي الميت كبنات الإخوة لأب وأم أو لأب، وأولاد الأخوات كلها. وصنف ينتمي إلى جدي الميت كالأعمام لأب وأم لأب وصنف ينتمي إلى أبوي جدي الميت، وهو أعمام الأب وعماته وأخواله وخالاته وأعمام الأم كلهم وعماتها وأخوالها وخالاتها وأولادهم وفي الكافي وأجمعوا على أن ذوي الأرحام لا يحجبون بالزوج والزوجة أي يرثون معها فيعطى الزوج أو الزوجة نصيبه، ثم يقسم الباقي بين ذوي الأرحام كما سنعرفه مثاله زوج وبنت بنت وخالة وبنت عم فللزوج النصف، والباقي لبنت البنت، وأما الكلام في الصنف الأول

 

 ج / 9 ص -472-     ...........................................
______
فأولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت حتى كانت بنت البنت أولى من بنت بنت البنت فإن استووا في القرب فمن كان ولد الوارث فهو أولى مثاله إذا ترك بنت بنت بنت، وبنت بنت ابن فالمال لبنت بنت الابن؛ لأن أمها وارثة، وكذلك إذا ترك ابن ابن بنت، وبنت بنت ابن فالمال لبنت بنت الابن كما ذكرنا، وإن كان أحدهما أقرب، والآخر ولد الوارث لا يكون أولى، وفي الذخيرة في أصح القولين حتى إنه إذا ترك بنت بنت البنت وبنت بنت ابن ابن كان بنت بنت البنت أولى لكونها  أقرب، وإن استووا في القرب وليس فيهم ولد الوارث فالمال يقسم بينهم بالسوية، وإن كانوا ذكورا كلهم أو إناثا كلهم، وإن كانوا مختلطين فللذكر مثل حظ الأنثيين وهنا بلا خلاف إذا اتفق صفة الأصول في الذكورة والأنوثة أعني بالأصول الآباء والأمهات، واتفق صفة أبدان الفروع في الذكورة والأنوثة. وإن اختلفت صفة الأصول فعلى قول أبي يوسف يعتبر أبدان الفروع ويقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا ذكورا كلهم أو إناثا كلهن، وإن كانوا مختلطين فللذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ما أصاب كل بطن فهو لولده، وكان أبو يوسف أولا يقول كما قال محمد، ثم رجع عنه وقال كما ذكرنا قال شيخ الإسلام خواهر زاده وعامة مشايخنا يجعلون قول أبي حنيفة مع قول محمد وغيرهم من المشايخ قالوا عن أبي حنيفة في هذا روايتان بيان هذه المسائل
إذا ترك بنت بنت وابن بنت فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك إذا ترك ابن ابن بنت وبنت بنت بنت فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو ترك بنت بنت بنت وبنت ابن بنت فعند أبي يوسف المال بينهما نصفان اعتبارا لأبدانهما وعن محمد رحمه الله يقسم بينهما أثلاثا ثلثاه لبنت ابن البنت وثلثه لبنت بنت البنت اعتبارا بأصولهما كأنه مات عن ابن بنت وبنت بنت وولدي ابن بنت فعلى قول أبي يوسف المال بينهم باعتبار الأبدان على ستة لكل ذكر سهمان، ولكل أنثى سهم، وعلى قول محمد يقسم باعتبار الآباء فيجعل كأنه ترك بنت بنت وابن بنت فيكون ثلثا المال لابن البنت، والثلث لبنت البنت، ثم ما أصاب ابن البنت يقسم بين ولديه أثلاثا ثلثاه لابنه وثلثه لبنته. وما أصاب بنت البنت يقسم بين ولديها أثلاثا أيضا ثلثه لبنتها وثلثاه لابنها فتكون القسمة من تسعة.
وفي الكافي: ولو ترك بنتي ابن البنت وابن بنت بنت عند أبي يوسف ظاهر، وعند محمد يقسم أخماسا خمس المال لابن بنت البنت، وأربعة أخماسه لبنتي ابن البنت كأنه مات عن ابني بنت وبنت بنت فما أصاب بنت البنت فلولدها وما أصاب الابن فلولده ولو ترك ابني بنت بنت بنت وبنت ابن بنت بنت وبنتي بنت ابن بنت فعند أبي يوسف المال بين الفروع أسباعا باعتبار أبدانهم وعند محمد يقسم المال في البطن الثاني أسباعا باعتبار عدم الفروع الأصول؛ إذ أربعة أسباعه لبنتي بنت ابن البنت نصيب أحدهما، وثلاثة أسباعه وهو نصيب البنتين يقسم على ولديهما في البطن الثالث أيضا فنصفها لبنت ابن البنت

 

 ج / 9 ص -473-     ...........................................
______
نصيب أبيها والنصف الآخر لابني بنت بنت البنت نصيب أمها وتصح من ثمانية وعشرين وقول محمد أشهر الروايتين عن أبي حنيفة في جميع ذوي الأرحام وعليه الفتوى وقال الإمام الإسبيجابي في المبسوط: قول أبي يوسف أصح؛ لأنه أسهل. ولو ترك ولدي بنت بنت وبنت ابن بنت فعلى قول أبي يوسف المال بينهم باعتبار أبدانهم على أربعة أسهم: سهم لبنت ابن البنت، وثلاثة أسهم لولدي بنت البنت، سهمان للابن، وسهم للبنت، وعلى قول محمد القسم باعتبار الآباء يجعل كأنه مات عن ابن بنت وعن بنت بنت فيقسم المال بينهم أثلاثا ثلثاه لابن البنت وثلثه لبنت البنت، ثم ما أصاب ابن البنت يسلم لولده وما أصاب بنت البنت يقسم بين ولديها أثلاثا الثلثان للابن والثلث للبنت فيحتاج إلى حساب يقسم ثلثه أثلاثا، وأقل ذلك تسعة. وعلى هذا القياس يخرج جنس هذه المسائل.
ومشايخ بخارى أخذوا بقول أبي يوسف في جنس هذه المسائل وبعد الصنف الأول على قول أبي حنيفة الآخر، وهو قول أبي يوسف ومحمد أي الأصناف أولى قال أبو حنيفة الأجداد والجدات أولى وقال أبو يوسف ومحمد أولاد الأخوات وبنات الإخوة أولى لأن أولاد الأخوات أولاد صاحبات فرض، وبنات الإخوة أولاد عصبة، والجدات ليسوا ولد صاحب فرض ولا ولد عصبة ولا ولد ذي سهم وأبو حنيفة يقول ذوو الأرحام يورثون على سبيل التعصيب من وجه، وفي العصبات من كل وجه، والجدات يرثون؛ لأن الأب مقدم على أولاد ابنه عندي حتى إن أولاد الإخوة لأب وأم لا يرثون مع الأب عندنا فكذا في ذوي الأرحام الجدات لأم هم في درجة أبي الأب؛ لأنه يتصل بالميت بتوجه كأب الأب يصير مقدما على أولاد الإخوة فتصير هذه المسألة على قوله فشرع تلك المسألة.
وأما الكلام في الأجداد الفاسدة والجدات الفاسدة فأولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت فإن استووا في القرب فعلى قول أبي سهل الفرائضي وجماعة من المشايخ من يدلي إلى الميت بوارث فهو أولى  وفي المغرب أدلية الدلو سلبها في البئر يدلي إلى الميت أي يتصل، وقال أبو سليمان الجرجاني من يدلي إلى الميت بالوارث ليس بأولى، بيانه إذا مات الرجل وترك أبا أم الأب وأب أب الأم لا يدلي إلى الميت بالوارث ,. وبه كان يفتي القاضي الإمام الشهيد عبد الواحد وعلى قول أبي سليمان ثلثا المال لأب أم الأب، والثلث لأب أب الأم، وكذا إذا ترك أب الأم فعلى قول أبي سهل لا شيء لأب أب الأم، والمال لأب أم الأم، وعلى قول أبي سليمان: المال بينهما نصفان؛ لأن كل واحد منهما يدلي إلى الميت بالوارثات، وذكر محمد في فرائض الأصل هذه الصورة وهو ما إذا ترك أب أم الأب، وأم أم الأم وذكر أن المال يقسم بينهما أثلاثا ثلثاه لأب أم الأب وثلثه لأب أم الأم قال القاضي الإمام عبد الواحد الشهيد: هذا قياس قول محمد وعلى قول أبي يوسف ينبغي أن يكون بينهما

 

 ج / 9 ص -474-     ...........................................
______
نصفان؛ لأن أم الأم مع أب الأب إذا اجتمعتا استويا، ألا ترى أن ابن الأخ لأم مع بنت الأخ لأم لا يفضل أحدهما على الآخر، ولما كان لا يفضل الأخ لأم على الأخت لأم كذا هنا. ولو ترك أم أب الأم وأم أب الأب فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنهما يدليان إلى الميت بقرابة الأم فيقسم عليهما باعتبار أبدانها بلا خلاف كعمة الأم وعمها وخالة الأم وخالها على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى فإن كان للأب الميت جد من قبل الأب أب أم أب أم كذلك يقسم المال بينهما أثلاثا ثلثاه للجدة من قبل الأب وثلثه للجدة من قبل الأم، ثم ما أصاب جدتي الأب يقسم بينهما أثلاثا ثلثاه للجدة من قبل الأب وثلثه للجدة من قبل الأم. وهذه المسألة تدل على أن من يدلي إلى الميت بالوارث ليس بأولى فإن أب أم الأب يدلي إلى الميت بالوارث، ومع هذا لا يكون أولى، وأما الكلام في أولاد الأخوات وبنات الإخوة أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت وفي السراجية أولاد أولاد الأخوات لأب وأم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن استووا في القرب فمن كان منهم ولد وارث فهو أولى عند بعض المشايخ، ومثاله بنت بنت أخ، وبنت ابن أخ فعند بعض المشايخ بنت ابن الأخ أولى، وإن استووا في القرب، وكان أحدهما ولد عصبة، والآخر ولد صاحب فرض فعلى قول أبي يوسف الآخر يقسم المال بينهما باعتبار الأبدان، وعلى قول محمد يقسم المال بينهما باعتبار الآباء مثاله بنت أخ وابن أخ فعلى قول أبي يوسف الثلثان لابن الأخ والثلث لابن الأخت؛ لأنه لو ترك أخا وأختا توجيه قول محمد أن ميراث ذوي الأرحام يعتبر بالأصول عند اختلاف الفروع وتعتبر بالأبدان عند اتفاق الأصول، ألا ترى أنهم اتفقوا في بنت الخال وبنت العم أن للعم الثلثين، وللخال الثلث، وكانت هذه القسمة باعتبار أصولهما وهو الأب والأم وقالوا في العمة والعم لأم إن المال بينهما باعتبار الأبدان أثلاثا؛ لأن الأصول متفق وقالوا في أولاد ذوي الأرحام عند اختلاف الأصول باعتبار الأصول وباعتبار الأبدان. وأبو يوسف يقول بأن المستحق بولاء الأولاد دون الأصول فإذا اتحد جهة الاستحقاق يجب اعتبار الأبدان لا اعتبار الأصول، ألا ترى أنهم قالوا في أم الأم وأم الأب إن السدس بينهما نصفان، ولم يقل بأن أحدهما يدلي بقرابة الأب، والآخر بقرابة الأم فيكون الثلث لقرابة الأم والثلثان لقرابة الأب؛ لأن جهة الاستحقاق قد اختلفت؛ لأن العمومة والخؤولة اختلف فيها جهة الاستحقاق، فإن استووا في القرب وليس فيهم ولد عصبة، ولا ولد صاحب فرض فالمال يقسم بينهم على السوية إذا كانوا ذكورا كلهم وإناثا كلهن، وإن كانوا مختلطين، وقد اتفق الأصول فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن اختلفت الأصول فكذلك عند أبي يوسف اعتبارا لإتيان الفروع، وعند محمد أن يعتبر أول بطن مختلف على ما ذكرنا في الصنف الأول، وإن اجتمع أولاد الأخوات المتفرقات وبنات الإخوة فعند أبي يوسف من كان لأب وأم فهو أولى ممن كان لأم،

 

 ج / 9 ص -475-     ...........................................
______
وعند محمد يعتبر الأصول، مثاله إذا هلك الرجل وترك بنت أخ لأب وأم وبنت أخ لأب وبنت أخ لأم فعند أبي يوسف: المال كله لبنت الأخ لأب وأم، وعند محمد: سدس المال لبنت الأخ لأم والباقي لبنت الأخ لأب وأم، وإن اجتمع أولاد الإخوة والأخوات لأم فعند أبي حنيفة لا يفضل الذكر على الأنثى كالأصول وعند أبي يوسف يفضل بخلاف الأصول حتى إنه لو ترك ولدي أخت لأم كانا ذكرين أو كانا أنثيين أو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى فالمال بينهما نصفان وكذلك إذا ترك ولدي الأخ لأم وولدي الأخت لأم فالمال بينهم بالسوية أرباعا. وفي السراجية بنات الإخوة وعند أبي يوسف من كانت لأب وأم فهي أولى ممن كانت لأب وهي أولى  ممن كانت لأم وقال محمد يعتبر الأصول
وأما الكلام في الأعمام والعمات كلها والأخوال والخالات كلها يجب أن يعلم أن العمات أصناف ثلاثة عمة لأب وأم، وعمة لأب وعمة لأم، والحكم فيهن أنه إذا كانت عمة لأب وأم، وعمة لأم كان المال للعمة للأب وأم، وفي شرح الطحاوي: ولو ترك عما وعمة فإن كانا لأب وأم أو عمة وعما لأب فالمال للعم؛ لأنه عصبة، ولا ميراث لأحد من ذوي الأرحام مع العصبة وكذلك لو كان العم لأب، وعمة لأب وأم أو لأب أو لأم فالمال كله للعم، وإن كانوا جميعا لأم فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن ترك عمة لأب وعمة لأم كان المال كله للعمة لأب، وإن ترك عما لأب وعمة لأب فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك إذا ترك بنت عم لأب وابن عمة لأب فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك إذا ترك بنت عم لأم وابنة عم لأب قال أبو يوسف: المال بينهما يقسم باعتبار الأبدان للذكر مثل حظ الأنثيين وفي الذخيرة: وإن اجتمعت قرابة الأب والأم يقسم بينهما أثلاثا. وفي شرح الطحاوي متى اجتمع في الميراث ذوو الأرحام إلا أن بعضهم أولاد العصبة، وبعضهم أولاد أصحاب الفروض، وبعضهم أولاد ذوي الأرحام فإنه ينظر إن كانت درجتهم مختلفة فالأقرب منهم أولى بالميراث، وإن كانت درجتهم مستوية فأولاد ذوي الأرحام لا يرثون مع أولاد العصبة كأولاد أصحاب الفروض، فأولاد العصبة يرثون مع أولاد أصحاب الفرائض،
بيانه رجل مات وترك ابن عمه وابنة عم فالمال كله لابنة العم؛ لأنها من أولاد العصبة والأخرى من أولاد ذوي الأرحام، ولو ترك بنت ابنة وابنة ابنة ابن فالمال كله لابنة ابنة الابن؛ لأنها ولد صاحب فرض. وأما الأخوال والخالات فهم أيضا أصناف ثلاثة خال وخالة لأب وأم وخال وخالة لأب وخال وخالة لأم فالحكم فيهم أن الصنف الأول مقدم على الصنف الثاني، والصنف الثاني مقدم على الصنف الثالث حتى إنه إذا ترك خالا وخالة لأب وأم وخالا وخالة لأب وخالا وخالة لأم فالمال بين الخال والخالة لأب وأم للذكر مثل حظ الأنثيين ولا

 

 ج / 9 ص -476-     فصل في بيان ميراث من له قرابتان من أولاد البنات
______
شيء للخال والخالة لأب ولا للخال والخالة لأم، ولو ترك خالا وخالة لأم فالمال بينهما أثلاثا، وإن اجتمعت العمة مع الخالة أو مع الخال فالثلثان للعمة والثلث للخالة، وإن اجتمع عمة لأب وخالته وعمة لأم فالثلثان لقرابة الأب، والثلث لقرابة الأم، ثم ما أصاب فريق الأب يقسم على قرابته من قبل أبيه وبين قرابته من قبل أمه أثلاثا ثلثاه للقرابة من قبل أبيه، وثلثه لقرابته من قبل أمه، وما أصاب قرابة أمه يقسم بين قرابته من قبل أبيه، وثلثه لقرابته من قبل أمه أيضا أثلاثا ثلثاه لقرابته من قبل أبيه، وثلثه لقرابته من قبل أمه، وذوو القرابتين من إحدى الطائفتين لا يحجب ذا القرابة الواحدة من الطائفة الأخرى إلا رواية عن أبي يوسف رواية ابن سماعة
بيانه فيما إذا ترك عمة لأب وأم وخالة لأب وأم فالثلثان للعمة، والثلث للخالة في ظاهر رواية أصحابنا، وعن أبي يوسف أن المال كله للعمة، ولا شيء للخالة في ظاهر رواية أصحابنا، وأما أولاد هؤلاء فأقربهم إلى الميت أولى، وإن استووا في القرب فمن كان لأب وأم أولى ممن كان لأب ومن كان لأب أولى ممن كان لأم، ومن كان يدلي إلى الميت بقرابة الأب فهو أولى ممن يدلي بقرابة الأم، وإن اختلف بطن فعند أبي يوسف يعتبر الأبدان، وعند محمد يعتبر أول بطن اختلف، ويقسم المال عليه نحو ما ذكرنا حتى إذا ترك بنت بنت عمة لأب وأم وابن بنت عمة لأب وأم فعلى قول أبي يوسف المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين هذا بلا خلاف؛ لأن الأصول قد اتفقت، وإن ترك بنت عمة لأب وأم وبنت خالة لأب وأم وبنت خالة لأب وبنت خالة لأم فلبنت العم الثلثان ولبنت الخالة الثلث. والكلام في أعمام الأب لأم وعماته وأخواله وخالاته وأعمام الأم كلها وعماتها وأخوالها فالحكم فيها ما ذكرنا أنه عند الانفراد أنه يستحق جميع المال وإذا اجتمعوا من جانب الأب أو من جانب الأم أو من الجانبين جميعا فلا رواية عن أصحابنا المتقدمين واختلف المشايخ فيه والصحيح ما روي عن الحسن بن زياد وأبي سليمان الجرجاني أن الحكم فيهم كالحكم في أعمام الميت وأخواله وخالاته حتى إنه إذا اجتمع الصنفان يجعل الثلثان لقرابة الأب، والثلث لقرابة الأم، ثم ما أصاب قرابة الأب يقسم بينهم على حسب ما يقسم بينهم لو انفردوا. وفي الذخيرة وهو مما يتصل بهذا الفصل
فصل في بيان ميراث من له قرابتان من أولاد البنات
اعلم أنه إذا اجتمع في الواحد من أولاد البنات قرابتان، وصورة هذا أن يكون لرجل ابنتان لأحدى ابنتيه ابنة وللأخرى ابن فتزوج ابن الابنة بنت الابنة فحدث بينهما ابنة، ثم مات  الرجل الذي له ابنتان وترك هذه فهذه ابنة ابنة الرجل، وهي أيضا ابنة ابن ابنة الرجل، وكان لها

 

 ج / 9 ص -477-     ...........................................
______
قرابتان، وله ابنة ابنة بنت أخرى لها قرابة واحدة وذكر شيخ الإسلام في شرحه أن على قول أبي يوسف القسمة على الأبدان لا على الآباء وبدنهما متفق فيكون المال بينهما نصفين، وعند محمد يقسم على الآباء ويورث من جهتين باعتبار الآباء فيقال بأن التي لها قرابة واحدة لها سهم؛ لأن أباها أنثى، والتي لها قرابتان سهم من رجل؛ لأن أباها أنثى وسهمان لأن أباها ذكر فصار المال بينهما على أربعة: سهمان يسلم لها بلا منازعة، وهو ما وصل إليها من جهة أبيها الذكر تنفرد به، والسهم الذي وصل إليها من جهة أبيها الأنثى يضم إلى ما في يد التي لها قرابة واحدة لاتفاق أبيهما في الأنوثة فيصير سهمان باعتبار بدنهما. فإن ترك ابنه ابنة بنت، وهي ابنة ابن ابنه وترك أيضا ابن ابنة ابنته أما عند أبي يوسف فالقسمة على الأبدان وأحدهما ذكر والأخرى أنثى، وقد استويا في الدرجة فيكون المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين على ثلاثة، وأما عند محمد يقسم المال على الآباء، ثم على الأبدان فيقال للذي له قرابة واحدة، وهي بنت ابنته سهم؛ لأن أباه أنثى وللذي له قرابتان فهي ثلاثة أسهم يسلم لها سهمان بلا منازعة، وهو ما وصل إليها من جهة أبيها الذكر، وما وصل إليها من جهة أبيها الأنثى، وذلك سهم لا يسلم لها بل يضم إلى ما في يد الذي لها قرابة واحدة وهو سهم فيقسم بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين على ثلاثة لاتفاق قرابتهما في هذين السهمين، واختلاف أبدانهما، وقسمة سهمين على ثلاثة لا يستقيم ولا موافقة بينهما في شيء فاضرب أصل الفريضة، وذلك أربعة في ثلاثة فصار اثني عشر سهما هذا جميع المال ومنه تخرج المسألة فإن التي لها قرابتان كان لها سهمان بلا منازعة ضربناهما في ثلاثة فصار لها ستة، والذي لم يكن يستقيم بينهما مع المنازعة سهمان ضربناهما في ثلاثة فصار ستة بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين باعتبار الأبدان للتي لها قرابتان ثلثها، وذلك سهمان؛ لأنها أنثى، وأربعة للذي لها قرابة واحدة؛ لأنه ذكر فحصل للذي لها قرابتان ثمانية ستة بلا منازعة. هذا الذي ذكرنا إذا كانت التي لها قرابتان أنثى والتي لها قرابة واحدة أنثى أما عند أبي يوسف فالمال بينهم أثلاثا باعتبار الأبدان بينهما فللتي لها قرابتان سهمان؛ لأنه ذكر، وللتي لها قرابة واحدة سهم؛ لأنها أنثى، وأما عند محمد: القسمة باعتبار الآباء، ثم باعتبار الأبدان بينهما فيقال للذي له قرابتان ثلاثة أسهم سهمان؛ لأن أباه ذكر وسهم؛ لأن أباه أنثى، والتي لها قرابة واحدة سهم واحد؛ لأن أباها أنثى فحصل للذي له قرابتان ثلاثة أسهم فما وصل إلى ذي القرابتين من جهة أبيه الأنثى، وذلك سهم يضم إلى ما في يد الآخر، وفي يدها سهم فيكون بينهما باعتبار الأبدان على ثلاثة للذكر مثل حظ الأنثيين لاتفاق آبائهما، واختلاف أبنائهما، وقسمة سهمين على ثلاثة لا يستقيم ولا توافق بينهما فتضرب أصل الفريضة وذلك أربعة في ثلاثة فيصير اثني عشر هذا جميع المال، ومنه تخرج المسألة فإن ترك ابنة ابنة وهي ابنة ابن ابنه وترك أيضا ابنة ابنة ابنة

 

 ج / 9 ص -478-     ...........................................
______
وترك أيضا ابنة ابن ابنة أخرى فعلى قول أبي يوسف يقسم بينهم باعتبار الأبدان على ثلاثة أسهم؛ لأن أبدانهم متفقة فإن كلهن إناث، وأما عند محمد القسمة على الآباء، ثم على الأبدان فيقال لابنة ابنة البنت التي لها قرابة واحدة سهم؛ لأن أباها أنثى ولابنة ابن البنت التي لها قرابة واحدة سهمان؛ لأن أباها ذكر ولمن لها قرابتان لها ثلاثة أسهم من جهتين سهم من جهة أن أباها أنثى. وسهمان من جهة أن أباها ذكر فيكون المال بينهم على ستة باعتبار الآباء، ثم الأبدان متفق، تجيء قسمة أخرى باعتبار الأبدان هذه الجملة على هذا الترتيب أوردها شيخ الإسلام في شرحه وذكر القاضي الإمام قول محمد رحمه الله على نحو ما ذكر شيخ الإسلام وقال الفرضيون من أهل ما وراء النهر إنها ترث بالجهتين عند أبي يوسف قال القاضي الإمام: وهذا هو الصحيح وهو اختيار القاضي الإمام من أنه على قول أبي يوسف يقسم المال في المسألة الأولى من هذا الفصل بينهما أثلاثا: ثلث المال للتي لها قرابتان؛ لأنها في معنى شخصين، وعند محمد: القسمة على الآباء، فإن كان مع التي لها قرابتان ابن بنت فعلى قول أبي يوسف رحمه الله على ما اختاره القاضي الإمام: يقسم المال بينهما نصفين؛ لأنه يعتبر بالأبدان والتي لها قرابتان بمنزلة ابنتين فيكون المال على أربعة للذكر مثل حظ الأنثيين لكل ذكر سهمان ولكل أنثى سهم، وإن كان مع التي لها قرابتان ابنة ابنة ابنة، وابن بنت بنت فعند أبي يوسف: القسمة على الأبدان فيكون المال  بينهم أخماسا للتي لها قرابتان سهمان، وللابنة سهمان وللابنة الأخرى سهم على الآباء، وأما الكلام في أولادهم وأولاد العمات وأولاد أولاد الأخوال والخالات فنقول: أقربهم إلى الميت أولى فإن استووا في القرب فعند اتحاد الجهة من كان ذا قرابتين يكون أولى. وإن اختلفت يقسم المال عليهم على نحو ما ذكرنا بيانه من المسائل.
إذا ترك ابنة خالة وابنة ابن خالة فالميراث لابنة الخالة؛ لأنها أقرب بدرجة وكذلك إذا ترك ابنة عمة وابنة ابنة خالة فإن ابنة العمة أولى، وإن كانتا من جهتين مختلفتين؛ لأنها أقرب بدرجة. وإن ترك بنات العم مع ابنة خالة فلبنات العم الثلثان ولابنة الخالة الثلث، وإن كان البعض ذا قرابتين، والكلام فيه على نحو ما ذكرنا من اتحاد الجهة، واختلافها.
بيانه فيما إذا ترك ثلاثة بنات عمات متفرقات فالمال كله لابنة العمة لأب وأم، وكذلك إذا ترك ثلاث بنات خالات متفرقات، وإن ترك ابنة خالة لأب وأم وابنة عمة لأب وأم فلابنة العم الثلثان ولابنة الخالة الثلث هذا؛ لأن المساواة بينهما يعني به: الاتصال بالميت - موجود حقيقة، ولكن القرابتان أقوى سببا فعند اتحاد الجهة يجعل الأقوى في معنى الأقرب وكذلك ينعدم عند اختلاف السبب والجهة ولأن توريث ذوي الأرحام باعتبار معنى العصوبة، وقرابة الأب في ذلك مقدمة على قرابة الأم فجعل قوة السبب كزيادة القرب عند اتحاد الجهة، وعند اختلاف الجهة

 

 ج / 9 ص -479-     ...........................................
______
يسقط اعتبار هذا المعنى، فإن كان أحدهما ولد عصبة وولد صاحب فرض فعند اتحاد الجهة يقدم العصبة وولد صاحب الفرض، وعند اختلاف الجهة لا يقدم، وتعتبر المساواة في الاتصال بالميت وهي رواية أبي عمران عن أبي يوسف أما في ظاهر الرواية يقدم ولد العصبة على ولد صاحب الفرض حتى إنه إذا ترك ابنة عم لأب وأم أو لأب، وابنة عمة فالمال كله لبنت العم وهذا بلا خلاف؛ لأن الجهة هنا اتحدت، ولو ترك ابنة عم وابنة خال وخالة فلابنة العم الثلثان ولابنة الخال والخالة الثلث على رواية أبي يوسف، ولا تقدم بنت العم لكونها ولد عصبة؛ لأن الجهة مختلفة هنا وفي ظاهر الرواية: المال كله لابنة العم فيقدم ولد العصبة مع اختلاف الجهة وهذا؛ لأن ولد العصبة أقرب اتصالا بوارث الميت فكان أقرب اتصالا بالميت فإن قيل: فعلى هذا ينبغي أن تكون العمة أحق بجميع المال من الخالة؛ لأن العمة ولد العصبة وهو أب لأب، والخالة ليست بولد عصبة ولا ولد صاحب فرض فإنهما، ولد أبي الأم قلنا: الخالة ولد أم الأم، وهي صاحبة فرض فمن هذا الوجه تحقق المساواة بينهما في اتصال الوارث للميت إلا أن اتصال الخالة بوارث وهي أم فتستحق فريضة الأم. واتصال العمة بوارث، وهو أب فتستحق نصيب الأب، وإن كان قوم هؤلاء من قوم الأم من بنات الأخوال والخالات وقوم من قبل الأم من بنات العمات والأعمام فالمال مقسوم بين الفريقين أثلاثا سواء كان من جانب ذو قرابتين أو كان من أحد الجانبين ذو قرابتين ومن الجانب الآخر ذو قرابة واحدة، ثم ما أصاب كل فريق يترجح فيه من كان ذا قرابتين لأب على من قرابته لأم؛ لأن نصيب كل فريق الاستحقاق له بجهة واحدة، وكل واحد منهم إذا انفردا استحق جميع ذلك فعند الاجتماع تراعى قوة السبب بينهم في ذلك للقرابة فإن استووا في القرابة فالقسمة بينهم على الأبدان في قول أبي يوسف الآخر وفي قوله الأول وهو قول محمد: القسمة على أول من يقع الخلاف به من الآباء
بيانه فيما إذا ترك ابن خالة وابنة خالة فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا بلا خلاف؛ لأن الآباء قد اتفقت، وإن ترك ابن عمة وابنة عم فإن كانت ابنة عم لأب وأم أو لأب فهي أولى؛ لأنها ولد عصبة، وابن العمة ليس بولد عصبة ولا ولد صاحب فرض، وإن كانت بنت العم لأم فعلى قول أبي يوسف المال بينهما أثلاثا باعتبار الأبدان الثلثان لابن العمة والثلث لبنت العم وعلى قول محمد الثلثان لبنت العم والثلث لابن العمة لأم فإذا كان ابن عمة لأب وأم فهو أولى بجميع المال؛ لأنه ذو قرابتين. وكذلك إذا كان ابن عمة لأب؛ لأنه أدلاه بقرابة الأب وفي استحقاق معنى العصوبة يقدم قرابة الأب على قرابة الأم فإن ترك ثلاث بنات أخوال متفرقات وثلاث بنات خالات متفرقات وثلاث بنات عمات متفرقات فالثلثان لبنات العمات، ثم نشرح في ذلك ابن الخالة لأب وأم وابنة الخالة لأب وأم فيكون المال بينهم أثلاثا في قول أبي

 

 ج / 9 ص -480-     ...........................................
______
يوسف الآخر على اعتبار الأبدان لابن الخالة الثلثان ولابنة الخالة الثلث وعلى قول محمد رحمه الله على عكس ذلك فإن كان مع هؤلاء ثلاث  بنات أعمام متفرقين فالمال كله لابنة العم لأب وأم خاصة؛ لأن ابنة العم لأب، وابنة العم لأم سواء في ذلك أن كل واحدة منهما ليس بولد عصبة ولا ولد صاحب فرض، وكلما ترجح ابنة العم لأب وأم على ابنة العمة لأب أو لأم فكذلك يترجح على ابنة العمة لأب فلا يتغير هذا الاستحقاق بكثرة العدد من أحد الجانبين وقلة العدد من الجانب الآخر؛ لأن الاستحقاق المدلى به وهو الأب والأم وذلك لا يختلف بقلة العدد وكثرته وهو سؤال أبي يوسف على محمد في أولاد البنات فإن هناك لو كان المدلى به، وهو المعتبر لما اختلف القسمة بكثرة العدد وقلته كما في هذا الموضع؛ لأن الفرق بينهما لمحمد رحمه الله أن هناك تتعدد الفروع بتعدد المدلى به حكما وهنا لا يتعدد المدلى به حكما؛ لأنه إنما يتعدد الشيء حكما إذا تصور حقيقة ولا يثبت التعدد حكما بتعدد القرابات. وأما الكلام في أولاد العمات وأولاد الخالات إذا ترك بنت بنت عمة لأب وأم وابن بنت عمة لأب وأم فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف؛ لأن الأصول قد اتفقت.
ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأب وأم فلابنة العمة الثلثان ولبنت الخالة الثلث وهذا بلا خلاف، وكذا إذا ترك بنت ابن عمة لأب وأم، وابنة ابنة خالة لأب وأم فلبنت ابن العمة الثلثان، ولابنة ابن الخالة الثلث. أما الكلام في أعمام الأم وعماتها وأعمام الأب وعماته وأخوال الأم وخالاتها إذا ترك الميت خالة لأم وارثة لها فخالها وخالتها بمنزلة خاله وخالته فإن ترك خالة الأم وعمة الأم فقد ذكر أبو سليمان الجرجاني عن أصحابنا أن المال بينهما أثلاث ثلثاه للعمة وثلثه للخالة وجعلهما على هذه الرواية بمنزلة خالة الميت وعمته وذكر عيسى بن أبان أن المال كله للعمة وذكر يحيى بن آدم أن المال كله لخالة الأم، وجه رواية أبي سليمان: إن في توريث هذا النوع المدلى به قائم مقام الميت فعمة الأم بمنزلة عمة الميت، وكذلك خالة الأم بمنزلة خالة الميت وفي عمة الميت وخالته القسمة بينهما أثلاثا فكذا هذا، وإن ترك عم الأب وعمة الأب فالمال كله لعم الأب. ولو ترك عم الأب وعمته وخال الأب وخالته فالمال كله له إذا انفرد لأب وأم أو لأب؛ لأنه عصبة، وإن كان لأم فالمال بينهما أثلاثا على الأبدان في قول أبي يوسف الآخر وعلى المدلى به في قوله الأول وهو قول محمد رحمه الله، وإن كان هناك عمة الأب وخالته فعلى رواية أبي يوسف المال بينهما
{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} كما بينا، وعلى رواية عيسى بن أبان ويحيى بن آدم: المال كله لعمة الأب؛ لأنها ولد العصبة وهو ولد أبي الأب ولأنها تدلي بقرابة الأب، وقرابة الأب في معنى العصوبة مقدم على قرابة الأم، وإن اجتمع الفريقان يعني عمة الأب وخالة الأب وعمة الأم وخالة الأم لقوم الأب الثلثان ولقوم الأم

 

 ج / 9 ص -481-     ...........................................
______
الثلث، ثم قسمة كل جزء بين كل فريق في هذا الفصل كما تقدم ولا يختلف الجواب بكون أحدهما ذا قرابتين والآخر ذا قرابة واحدة في القسمة عند اختلاف الجهة لكن في نصيب كل فريق يترجح ذو القرابتين، والآخر ذو قرابة واحدة على نحو ما بينا في الفصل المتقدم، وإن اجتمع عم الأب وعمته وخالة الأم وخالها فالمشهور من قول أهل العراق أن نصيب الأم وهو الثلث فيقسم بين خالتها وخالها على ثلاثة بفضل الذكر على الأنثى إن كانت من أمه؛ لأن التسوية بين أولاد الأم إذا كانوا يتصلون بالميت، وهم إخوة الميت وأخواته إذا كانوا لأب وأم إذا كانوا يتصلون بوارث الميت فلا تسوية بل يفضل الذكر على الأنثى في رواية الحسن بن زياد وأبي سليمان الجرجاني. ونصيب الأب يقسم بين قرابته أثلاثا وهذا ظاهر، ولو اجتمع ثلاثة أخوال متفرقين أم وعم وعمة أب من أم فعلى الرواية المشهورة من أهل العراق وهم المورثون من جهتين يقدم من هو لأب، ولو ترك خالتي أم وعمتي أم لأب فعلى الرواية المشهورة من أهل العراق الثلث لخالتي الأم والثلثان بين العمتين ويجعل كأن الأم ماتت وتركت أبوين فللأم الثلث سهم من ثلاثة وللأم الثلثان سهمان من ثلاثة، ثم ما أصاب الأم فهي لمن يدلي بها وأنه لا يستقيم، ولما أصاب الأب ينتقل إلى من يدلي به، وتصح المسألة من ستة: خال أم الأب وأم عمة أم الأب فعلى الرواية المشهورة عن أهل العراق فيجعل كأن الأم ماتت عن أبوين ففريضتها من ثلاثة أسهم للأم ينتقل إلى أختها وسهمان للأب تنتقل إلى أخته فتصير في الحاصل كفالة للأم سهم وللأب عم أم الأب سهمان، وإن ترك ثلاثة أخوال لأب منفردين وثلاث عمات أب متفرقات وثلاث خالات أم متفرقات فعلى القول المشهور من أهل العراق يجعل كأن الأم  ماتت وتركت أما كان المال لها، ثم إنها ماتت عن أبوين فقدر نصيبهما من ثلاثة سهم للأم ينتقل ذلك إلى أختها لأب وأم وسهمان للأم تقسم بين عمة الأب لأب وأم وبين خال الأب لأب وأم على ثلاثة للعمة الثلثان وللخال الثلث وكأن هذا الأب أيضا مات وترك أبوين وأن هذا للأب وارثا من جهة أبيه، ومن جهة أمه. فنصيب أمه ينتقل إلى العم فانكسر بالأثلاث فيضرب ثلاثة في ثلاثة تصير تسعة فمنه تصح المسألة، وعلى هذا القياس تخرج هذه المسائل، والكلام في هؤلاء بمنزلة الكلام في آبائهم وأمهاتهم ولمن عند انعدام الأصول فأما عند وجود أحد من الأصول فلا شيء للأولاد كما لا شيء لأحد من أولاد العمات والخالات عند بقاء عمة وخالة الميت ويتصور في هذا الجنس شخص له قرابتان
بيانه في امرأة لها أخ لأم وأخت لأب فتزوج أخوها لأمها أختها لأبيها وهي أيضا عمتها لأب وأم وولد لهذا الولد ولد، ثم مات الثاني فهذه المرأة خالة ابنه لأبيه وعمة ابنه لأم، ثم

 

 ج / 9 ص -482-     والترجيح بقرب الدرجة ثم يكون الأصل وارثا وعند اختلاف جهة القرابة للأب ضعف قرابة الأم وإن اتفق الأصول فالقسمة على الأبدان وإلا فالعدد منهم والوصف من بطن اختلف
______
الجواب في هذا الفصل على الاختلاف الذي بينا في ذي القرابتين في بنات الإخوة وأولاد الأخوات
قال رحمه الله تعالى "والترجيح بقرب الدرجة" يعني إرثهم بطريق العصوبة فيقدم الأقرب على الأبعد في كل صنف منهم كما في العصبات
قال رحمه الله: "ثم يكون الأصل وارثا" أي إذا استويا في الدرجة فمن يدلي بوارث أولى من كل صنف؛ لأن الوارث أقوى قرابة من غير الوارث بدليل تقديمه عليه في استحقاق الإرث فكان من يدلي به أقوى، وللقوة تأثير في التقديم، ألا ترى أن بني الأعيان يقدمون على بني العلات في العصوبة لهذا المعنى.
قال رحمه الله: "وعند اختلاف جهة القرابة للأب ضعف قرابة الأم" أي إذا كان بعض ذوي الأرحام من جهة الأب، وبعضهم من جهة الأم كان لمن هو من جهة الأب الثلثان ومن هو من جهة الأم الثلث لما روينا من قضية عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ولأن قرابة الأباء أقوى فيكون لهما الثلثان، والثلث لقرابة الأم. وهذا لا يتصور في الفروع، وإنما يتصور في الأصول والعمات والخالات
قال رحمه الله: "وإن اتفق الأصول فالقسمة على الأبدان" أي اتفقت صفة من يدلون به في الذكورة والأنوثة، ولم يختلفوا فيها كانت القسمة على أبدانهم حتى تجعل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين والمراد بالأصول المدلى بهم سواء كانوا أصولا لهم أو لم يكونوا
قال رحمه الله: "وإلا فالعدد منهم والوصف من بطن اختلف" أي إن لم تتفق صفة الأصول يعتبر العدد من الفروع المدلون بهم والصفة من البطن المختلفة فيقسم المال على ذلك البطن فيعتبر عدد كل واحد من ذلك البطن بعدد فروعه حتى يجعل الذكر الذي في ذلك البطن ذكورا بعدد فروعه، والأنثى الواحدة إناثا تعدد فروعها وتعطى الفروع ميراث الأصول وإذا كان فيهم بطون مختلفة يقسم المال على أول بطن اختلف على الصفة التي ذكرنا، ثم تجعل الذكور طائفة، والإناث طائفة بعد القسمة فما أصاب الذكور يجمع ويقسم على أول بطن اختلف به ذلك وكذا ما أصاب الإناث وهكذا يعمل إلى أن ينتهى إلى الذين هم أحياء، وهذا قول محمد وعند أبي يوسف والحسن بن زياد: تعتبر أبدان الفروع، سواء اتفقت صفة الأصول في الذكورة والأنوثة أو اختلفت، ولو كان لبعضهم جهتان أو أكثر تعتبر الجهتان والجهات فيرث بكل

 

 ج / 9 ص -483-     والفروض نصف وربع وثمن وثلثان وثلث وسدس ومخارجها اثنان النصف وأربعة وثمانية وثلاثة وستة لسميها، واثنا عشر، وأربعة وعشرون بالاختلاط
______
جهة غير أن أبا يوسف يعتبرها في الفروع ومحمد رحمه الله في الأموال بخلاف الجدة حيث لا ترث إلا بجهة واحدة عند أبي يوسف وذو الرحم يرث بالجهتين عنده في الصحيح. والفرق له على هذه الرواية أن الجدة تستحق الإرث باسم الجدة، والاسم لا يختلف بينهن وارث ذوي الأرحام، ثم بالقرابة فيتعدد بتعددها، وقول محمد أصح في ذوي الأرحام جميعا، وهو أشهر الروايتين عن أبي حنيفة.
قال رحمه الله: "والفروض نصف وربع وثمن وثلثان وثلث وسدس" أي الفروض المقدرة في كتاب الله هذه الستة وهي نوعان على التنصيف إن بدأت بالأكثر أو التضعيف إن بدأت بالأقل فنقول النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفه ونصف نصفه أو نقول الثمن وضعفه وضعف ضعفه والسدس وضعفه وضعف ضعفه
قال رحمه الله: "ومخارجها اثنان النصف وأربعة وثمانية وثلاثة وستة لسميها، واثنا عشر، وأربعة وعشرون بالاختلاط" أي مخارج هذه الفروض لا تخلو إما أن يجيء كل فريق منها منفردا أو مختلطا بغيره فإن جاء منفردا فمخرج كل فرض سميه وهو المخرج الذي يشاركه في الحروف إلا النصف فإنه من اثنين وليس له سمي وذلك مثل الثمن من ثمانية  والسدس من ستة والثلث من ثلاثة والربع من أربعة، وإن جاء مختلطا بغيره فلا يخلو إما أن يختلط كل نوع بنوعه أو أحد النوعين بالآخر فإن اختلط كل نوع بنوعه فمخرج الأقل منه يكون مخرجا للكل؛ لأن ما كان مخرجا لجزء يكون مخرجا لضعفه ولضعف ضعفه كالثمانية مخرج الثمن أو الستة مخرج السدس. وإن اختلط أحد النوعين بالنوع الآخر فمخرجهما من أقل عدد يجمعهما وإذا أردت معرفة ذلك انظر مخرج كل واحد من الفريقين على حدة، ثم انظر هل بينهما موافقة أو لا فإن كان بينهما موافقة فاضرب وفق أحدهما في جميع الآخر، وإن لم يكن بينهما موافقة فجميع أحدهما في جميع الآخر فالمبلغ مخرج الفرضين، ثم إذا اختلط النصف الأول بكل من الثاني أو ببعضه فهو من ستة؛ لأن بين مخرج النصف والسدس موافقة بالنصف فإذا ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر يبلغ ستة وإذا اختلط الربع من الأول بكل الثاني أو ببعضه فهو من اثني عشر؛ لأن مخرج الربع وهو الأربعة موافق مخرج السدس وهو الستة بالنصف فإذا ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر يبلغ ثنتي عشر ومنه يخرج الجواب، وإن كان المختلط به الثلث والثلثان فلا موافقة بينهما فاضرب ثلاثة في ثمانية تبلغ أربعة وعشرين فمنه مخرج الجواب فصارت جملة المخارج سبعة، ولا يجتمع أكثر من أربعة فروض في مسألة واحدة ولا

 

 ج / 9 ص -484-     وتعول بزيادة فستة تعول إلى عشرة وترا وشفعا واثنا عشر إلى سبعة عشر وترا وأربعة وعشرون إلى سبعة وعشرين
______
يجتمع من أصحابها أكثر من خمسة طوائف ولا ينكسر على أكثر من أربع طوائف
قال رحمه الله: "وتعول بزيادة" أي تعول هذه المخارج بزيادة من أجزاء المخرج إذا اجتمع في مخرج فروض كثيرة بحيث لا تكفي أجزاء المخرج لذلك فيحتاج إلى العول في زيادة من أجزاء المخرج فترتفع عنه المسألة والعول الميل والجور يقال عال الحاكم في حكمه إذا مال وجار ومنه قوله تعالى
{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] والمراد بالعول عول بعضها؛ لأن كلها لا تعول وإنما تعول ثلاثة منها الستة واثنا عشر وأربعة وعشرون والأربعة الأخرى لا تعول.
قال رحمه الله: "فستة تعول إلى عشرة وترا وشفعا" ويريد بالوتر السبعة والتسعة وبالشفع الثمانية والعشرة مثال عولها إلى السبعة زوجة وأختان لأبوين أو لأب، أو زوج وأم وأخت لأب ومثال عولها إلى ثمانية زوج وأخت من أب وأختان من أم أو زوج وثلاثة أخوات متفرقات أو زوج وأم وأختان من أب ومثال عولها إلى تسعة زوج وثلاث أخوات متفرقات وأم أو زوج وأختان من أب، ومثال عولها إلى عشرة زوج وأختان من أب وأختان من أم، وأم وأم.
قال رحمه الله: "واثنا عشر إلى سبعة عشر وترا" أي اثنا عشر تعول إلى سبعة عشر وترا لا شفعا والمراد بالوتر ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر فمثال عولها إلى ثلاثة عشر زوج وبنتان وأم، أو زوجة وأختان لأبوين وأخت لأم، ومثال عولها إلى خمسة عشر زوج وبنتان وأبوان، ومثال عولها إلى سبعة عشر أربع أخوات لأم وثمان أخوات لأبوين وجدتان وثلاث زوجات.
قال رحمه الله: "وأربعة وعشرون إلى سبعة وعشرين" أي أربعة وعشرون تعول إلى سبعة وعشرين وما فيها إلا عولة واحدة، وهي المنبرية وتسمى السبعية وهي زوج وبنتان وأبوان سميت بذلك؛ لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها، وهو على المنبر فقال: عاد ثمنها تسعا مرتجلا ومضى في خطبته، ولا تعول إلى أكثر من ذلك إلا عند ابن مسعود رضي الله عنه فإنها تعول عنده إلى أحد وثلاثين فيما إذا ترك امرأة وأختين لأم وأختين لأب وابنا كافرا أو رقيقا أو قاتلا له؛ لأن من أصله أن المحروم يحجب حجب نقصان دون الحرمان فيكون للمرأة الثمن عنده وللأم السدس وللأختين لأب الثلثان وللأختين لأم الثلث ومجموع ذلك أحد وثلاثون فإذا فرغنا من ذلك احتجنا إلى التصحيح، ولا بد للتصحيح من معرفة أربعة أشياء: التماثل والتداخل والتوافق والتباين بين العددين ليتمكن من العمل في التصحيح فنقول إن كان أحد العددين

 

 ج / 9 ص -485-     فإن انكسر حظ فريق ضرب وفق العدد في الفريضة إن وافق وإلا فالعدد في الفريضة والمبلغ مخرجه وإن تعدد الكسر وتماثل ضرب واحد
______
مماثلا للآخر فهي المماثلة فيكتفى بضرب أحدهما عن الآخر، وإن لم يكن مماثلا له فإن كان الأقل جزء الأكثر فهي المتداخلة، وإن لم يكن له جزء فإن توافقا في جزء فهي الموافقة، وإن لم يتوافقا في جزء فهي المباينة ولا يخلو عددان اجتمعا من أحد هذه الأحوال الأربعة؛ لأنهما إما أن يتساويا أو لا فإن تساويا فهي المماثلة، وإما أن يتساويا فلا يخلو إما أن يكون الأقل جزء الأكثر فإن كان جزءا له فهي المتداخلة، وإلا فهي المباينة، وبيان كل واحدة مذكور في المطولات، وهذه الأربعة كلها جارية بين الرءوس والرءوس وكذا بين الرءوس والسهام إلا الداخلة فإن العمل فيها كالموافقة فإذا كانت الرءوس أكثر  وكالمماثلة إذا كانت السهام أكثر؛ لأنها تنقسم عليهم كما تنقسم المماثلة وفائدة التصحيح بيان كيفية العمل في القسمة بين المستحقين من أقل عدد يمكن على وجه يسلم الحاصل لكل من الكسر ولهذا سمي تصحيحا.
قال رحمه الله: "فإن انكسر حظ فريق ضرب وفق العدد في الفريضة إن وافق" أي إذا انكسر نصيب طائفة من الورثة ينظر بين رءوسهم وسهامهم فإن كان بينهما موافقة ضرب وفق عددهم في الفريضة، وهي أصل المسألة، وعولها إن كانت عائلة فالمبلغ تصحيح كجدة وأخت لأم وعشرين أخا لأب، وأصلها من ستة فللجدة سهم وكذا الأخت لأم وللأخوات؛ لأن أربعة لا تنقسم عليهن وتوافق رءوسهم بالربع فاضرب ربع رءوسهن وهو خمسة في أصل المسألة وهو ستة تبلغ ثلاثين فمنها تصح
قال رحمه الله: "وإلا فالعدد في الفريضة والمبلغ مخرجه" أي إن لم توافق الرءوس السهام فاضرب عدد الرءوس في سهام الفريضة، وهي أصل المسألة، وعولها إن كانت عائلة فما بلغ من الضرب فهو التصحيح في المسألتين أي في المباينة والموافقة، وقد ذكرنا مثال الموافقة، ومثال المباينة زوج وسبع أخوات لأب أصلها من ستة، وتعول إلى سبعة: للزوج النصف ثلاثة، وللأخوات الثلثان أربعة فلا ينقسم عليهن ولا يوافق فاضرب رءوسهن في الفريضة تبلغ تسعة وأربعين فمنها تصح.
قال رحمه الله: "وإن تعدد الكسر وتماثل ضرب واحد" أي إذا انكسر على أكثر من طائفة واحدة وتماثل أعداد رءوس المنكسر عليهم يضرب فريق واحد في أصل المسألة وعولها إن كانت فما بلغ من الضرب فهو الصحيح المسألة مثاله ست أخوات لأب وأم وثلاث أخوات لأم وثلاث جدات أصلها من ستة وتعول إلى سبعة للأخوات لأب وأم الثلثان أربعة لا تنقسم عليهن ولا توافق النصف فرد رءوسهن إلى النصف ثلاثة وللأخوات لأم الثلث سهمان

 

 ج / 9 ص -486-     فإن توافق فالوفق، وإلا فالعدد في العدد، ثم وثم وثم جميع المبلغ في الفريضة وعولها
______
لا تنقسم عليهن ولا توافق وللجدات سهم لا ينقسم عليهن ولا يوافق فاجتمع معك ثلاثة أعداد مماثلة فاضرب واحدا منهم في الفريضة تبلغ إحدى وعشرين فمنها تصح، ولو كان بعض الأعداد مماثلة دون البعض ضرب رءوس فريق واحد من المتماثلين في عدد رءوس الفريق المباين لهم أو في وفقه إن وافق فما بلغ ضربته في الفريضة فما بلغ صحت منه المسألة مثاله لو كان عدد الأخوات خمسا مثلا في المثال المذكور، والمسألة بحالها ضربت ثلاثة في خمسة تبلغ خمسة عشر، ثم اضرب خمسة عشر في الفريضة هي سبعة تبلغ مائة وسبعة، ومنها تصح، ولو كان المباين أكثر من طائفة واحدة يضرب ما بلغ من الضرب الأول فيه، وفي وفقه، ثم ما بلغ في الفريضة فما بلغ تصح منه المسألة مثاله أربع زوجات، وخمس أخوات لأم وثلاث جدات وثلاث أخوات لأب أصلها من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر فلا ينقسم على الكل ولا يوافق فعدد الأخوات لأب مماثل الجدات فتكتفي بأحدهما فتضرب ثلاثة في أربعة تبلغ اثني عشر، ثم في خمسة فتبلغ ستين، ثم تضرب الستين في الفريضة وهي سبعة عشر تبلغ ألفا وعشرين فمنها تصح المسألة.
قال رحمه الله: "فإن توافق فالوفق، وإلا فالعدد في العدد، ثم وثم وثم جميع المبلغ في الفريضة وعولها" أي إذا توافق بين أعداد الرءوس فاضرب وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم اضرب ما بلغ في وفق الثلاثة إن وافق المبلغ الثلث، وإن لم يوافق فاضرب كله فيه فما بلغ فاضربه في الفريضة فما بلغ تصح منه المسألة، ولو كان فريق رابع ضرب فيه ما بلغ من ضرب الرءوس في الرءوس إن لم يوافقه، وإن وافقه ففي الوفق، ثم ما بلغ في أصل المسألة فما بلغ منه تصح المسألة فمثال الموافقة أربع زوجات وثمانية عشر أختا لأم واثنا عشر جدة وخمسة عشر أختا لأب أصلها من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر فللزوجات الربع ثلاثة لا ينقسم عليهن ولا يوافق وللأخوات لأم الثلث أربعة لا ينقسم عليهن ويوافق بالنصف، فرد رءوسهن إلى النصف تسعة وللجدات السدس سهمان لا ينقسم عليهن وتوافق بالنصف فرد رءوسهن إلى النصف ستة، وللأخوات لأب الثلثان ثمانية لا ينقسم عليهن، ولا يوافق فبين خمسة عشر والستة موافقة بالثلث فاضرب ثلث أحدهما في جميع الآخر تبلغ تسعين، ثم ما بين التسعين والأربعة موافقة بالنصف فاضرب نصف أحدهما في جميع الآخر تبلغ مائة وثمانين، ثم اضرب المائة والثمانين في الفريضة وهي سبعة عشر تبلغ ثلاثة آلاف وستين، فمنهما تصح المسألة ومثال المباينة خمس أخوات لأب، وثلاث أخوات لأم، وسبع جدات، وأربع زوجات أصلها من اثني عشر، وتعول إلى  سبعة عشر فللأخوات للأب الثلثان ثمانية لا تنقسم عليهن، ولا توافق وللجدات السدس سهمان لا تنقسم عليهن ولا توافق فالخمسة لا توافق فاضرب أحدهما في

 

 ج / 9 ص -487-     وما فرض يرد على ذوي الفروض بقدر فروضهم إلا على الزوجين فإن كان من يرد عليه جنسا واحدا فالمسألة من رءوسهم كبنتين أو أختين
______
الأخرى تبلغ خمسة عشر وخمسة عشر لا توافق الأربعة فاضرب أحدهما في الأخرى تبلغ ستين والستين لا توافق السبعة فاضرب أحدهما في الأخرى تبلغ أربعمائة وعشرين، ثم اضرب أربعمائة وعشرين في الفريضة وهي سبعة عشر تبلغ سبعة آلاف ومائة وأربعين فمنها تصح، وله طريق آخر مذكورة في المطولات
قال رحمه الله: "وما فرض يرد على ذوي الفروض بقدر فروضهم إلا على الزوجين" أي يرد ما فضل من فرض ذوي الفروض إذا لم يكن في الورثة عصبة فلو كان فيهم فالفاضل بعد الفروض للعصبة إلا على الزوجين فإنه لا يرد عليهما وهو قول عامة الصحابة رضي الله عنهم وبه أخذ أصحابنا، وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه: الفاضل لبيت المال وبه أخذ مالك والشافعي رحمهما الله وقال عثمان بن عفان: يرد على الزوجين أيضا ولنا قوله تعالى
{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] وهو الميراث فيكون أولى من بيت المال ومن الزوجين إلا فيما ثبت لهم بالنص وكان ينبغي أن يكون ذلك لجميع ذوي الأرحام لاستوائهم في هذا الاسم إلا أن أصحاب الفرائض قدموا على غيرهم من ذوي الأرحام لقوة قرابتهم، ألا ترى أنهم يقدمون في الإرث فكانوا أحق به ومن حيث السنة ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده فقال يا رسول الله: إن لي مالا ولا يرثني إلا ابنتي1 الحديث، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حصر الميراث على ابنته، ولولا أن الحكم كذلك لأنكر عليه، ولم يقره على الخطأ لا سيما في مواضع الحاجة إلى البيان، وكذا روي أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية فماتت أمي وبقيت الجارية فقال: "وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث"2 فجعل الجارية راجعة إليها بحكم الميراث. وهذا هو الرد؛ لأن أصحاب الفرائض ساووا الناس كلهم وترجحوا بالقرابة فيرجحون بذلك على المسلمين، ومسائل الباب أربعة أقسام أن يكونوا جنسا واحدا أو أكثر عند عدم من لا يرد عليه أو عند وجوده فلا تخرج مسائله عن هذه الأربعة على ما يجيء في أثناء البحث.
قال رحمه الله: "فإن كان من يرد عليه جنسا واحدا فالمسألة من رءوسهم كبنتين أو أختين"؛ لأنهما لما استويا في الاستحقاق صارا كابنتين وأخوين فيجعل المال بينهما نصفين وكذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه البخاري في "صحيحه" 6352.
2 اخرجه مسلم في الصيام 1149 والترمذي في الزكاة عن رسول الله 667.

 

 ج / 9 ص -488-     وإلا فمن سهامهم فمن اثنين لو سدسان وثلاثة لو ثلث وسدس وأربعة لو نصف وسدس وخمسة لو ثلثان وسدس أو نصف وسدسان أو نصف وثلث ولو مع الأول من لا يرد عليه أعط فرضه من أقل مخارجه، ثم اقسم الباقي على أن يرد عليه كزوج وثلاث بنات وإن لم يستقم فإن وافق رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه وإلا فاضرب كل عدد رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه كزوج وخمس بنات.
______
الجدتان لما ذكرنا والمراد بالأختين أن يكونا من جنس واحد بأن يكون كلاهما لأم أو لأب أو لأبوين
قال رحمه الله: "وإلا فمن سهامهم فمن اثنين لو سدسان وثلاثة لو ثلث وسدس وأربعة لو نصف وسدس وخمسة لو ثلثان وسدس أو نصف وسدسان أو نصف وثلث" أي إن لم يكن من يرد عليه جنسا واحدا بأن كان جنسين تجعل المسألة من سهامهم فتجعل من اثنين لو اجتمعا سدسان كجدة وأخت لأم أو من ثلاثة إذا اجتمع نصف وسدس كأم أو جدة مع من يستحق الثلثين من الإناث أو أختين لأب أو ثلاث أخوات متفرقات أو أم وأخت لأم وأخت لأب أو نصف وثلث لأم وأخت لأب أو أخوين لأم أو أخت لأبوين أو لأب ولا يتصور أن يجتمع في باب الرد أكثر من ثلاث طوائف فإذا جعلت المسألة من سهامهم تحقيق رد الفاضل عليهم بقدر سهامهم. وهذان النوعان اللذان ذكرناهما أحدهما أن يكونوا جنسا واحدا والآخر أكثر من ذلك فيما إذا لم يختلط بهم من لا يرد عليهم وبقي النوعان الآخران وهما إذا اختلطا بكل واحد من النوعين من لا يرد عليه.
قال رحمه الله: "ولو مع الأول من لا يرد عليه أعط فرضه من أقل مخارجه، ثم اقسم الباقي على أن يرد عليه كزوج وثلاث بنات" أي لو كان مع الأول وهو ما إذا كانوا جنسا واحدا من لا يرد عليه وهو أحد الزوجين أعط فرض من لا يرد عليه من أقل مخارج فرضه، ثم اقسم الباقي على رءوس من يرد عليه إن استقام الباقي عليهم كزوج وثلاث بنات للزوج الربع فأعطه من أقل مخارجه الربع وهو أربعة فإذا أخذ ربعه وهو سهم بقي ثلاثة أسهم فاستقام على رءوس البنات
قال رحمه الله: "وإن لم يستقم فإن وافق رءوسهم" كزوج وثلاث بنات أي لو كان مع الأول وهو ما إذا كان جنسا واحدا من يرد عليه إن استقام الباقي عليهن كزوج وثلاث بنات فاضرب وفق رءوسهم "في مخرج فرض من لا يرد عليه وإلا فاضرب كل عدد رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه" على عدد رءوس من يرد عليه "كزوج وخمس بنات" أي إن لم يستقم الباقي بعد فرض من لا يرد  عليه على عدد رءوس من يرد عليه ينظر فإن كان بين الباقي من فرض

 

 ج / 9 ص -489-     فاضرب وفق رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه ولو مع الثاني من لا يرد عليه فاقسم ما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه على مسألة من يرد عليه كزوجة وأربع جدات وست أخوات لأم وإن لم يستقم فاضرب سهام من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه كأربع زوجات وتسع بنات وست جدات ثم اضرب سهام من لا يرد عليه في مسألة من يرد عليه، وسهام من يرد عليه فيما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه
______
من لا يرد عليه وبين رءوسهم موافقة "فاضرب وفق رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه" كزوج وست بنات فإن بينهما موافقة في الثلث فرد رءوسهم إلى اثنين، ثم اضرب به في أربعة. وإن لم يوافق الباقي رءوسهم كزوج وخمس بنات فإنه لا موافقة بين الخمسة والثلاثة فاضرب جميع رءوسهن وهو الخمسة في أربعة فالمبلغ في الوجهين تصحيح المسألة فتصح في الأول في ثمانية، وفي الوجه الثاني من عشرين؛ لأنك في الأول ضربت اثنين في أربعة، وفي الثاني خمسة في أربعة فيأخذ الزوج في الأول سهمين يبقى ستة فكل واحدة من البنات سهم ويأخذ في الثمانية خمسة فيقسم الباقي على خمسة يصيب كل واحدة منهن ثلاثة أسهم.
قال رحمه الله: "ولو مع الثاني من لا يرد عليه" المراد بالثاني أن يكون طائفتان أو أكثر أي لو كان مع الطائفتين أو أكثر من لا يرد عليه
قال رحمه الله: "فاقسم ما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه على مسألة من يرد عليه" وهو سهامهم على ما بينا "كزوجة وأربع جدات وست أخوات لأم" للزوجة الربع فأعطها من أقل مخارجه وهو واحد من أربعة يبقى ثلاثة تنقسم على ثلاثة؛ لأن سهامهن ثلاثة
قال رحمه الله: "وإن لم يستقم فاضرب سهام من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه كأربع زوجات وتسع بنات وست جدات" أي إن لم يستقم الباقي من فرض من لا يرد عليه على سهام من يرد عليه أي على مسألتهم فاضرب سهام من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه فما بلغ يخرج منه حق كل واحد من غير كسر، وهذا الضرب لبيان مخرج فرض الفريقين من أقل عدد يمكن لا للتصحيح، فسهام من يرد عليه فيما مثل به خمسة، أربعة للبنات وواحدة للجدات. وما بقي من فرض من لا يرد عليه سبعة، وهو لا ينقسم على خمسة فاضرب الخمسة في الثمانية تبلغ أربعين فمنه يخرج سهام كل واحد صحيحا فللزوجات الثمن خمسة والباقي لمن يرد عليه
قال رحمه الله: "ثم اضرب سهام من لا يرد عليه في مسألة من يرد عليه، وسهام من يرد عليه فيما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه" وهذا البيان طريقة معرفة سهام كل فريق من هذا

 

 ج / 9 ص -490-     وإذا انكسر فصحح كما مر وإن مات البعض قبل القسمة فصحح مسألة الميت الأول وأعط سهام كل وارث، ثم صحح مسألة الميت الثاني وانظر بين ما في يده التصحيح الأول، وهو نصيب الميت الأول وبين  التصحيح الثاني ثلاثة أحوال
______
المبلغ فإذا أردت معرفة سهام الزوجات في المثال الذي ضربته فاضرب سهمين في خمسة فهو نصيبهن، وإذا أردت معرفة نصيب البنات فاضرب سهامهن في خمسة، وهو أربعة فيما بقي من فرض من لا يرد عليه وهو سبعة تبلغ ثمانية وعشرين فهو لهن، وللجدات سهم مضروب في سبعة بسبعة، وأما إن كان الضرب على ما ذكر؛ لأن الخمسة لما ضربت في الثمانية وجب أن يضرب سهام كل فريق من الثمانية في الخمسة، للزوجات واحد من الثمانية، والباقي لمن يرد عليه، وهو سبعة فتضرب في الخمسة، فتبلغ خمسة وثلاثين فصارت السبعة مضروبة في الخمسة بالنسبة إلى أصل مسألة من يرد عليه؛ لأن كل من له شيء من الثمانية مضروب في خمسة، وكذا الخمسة مضروبة في نصيب كل واحد من الثمانية لأن عدد كل ضرب في عدد يكون كل واحد منهما مضروبا ومضروبا فيه؛ ولهذا غير العبارة بقوله: وسهام من يرد عليه فيما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه لا لتغير العمل فإذا عرف فروض الفريقين بما ذكر يحتاج إلى معرفة التصحيح ولهذا بينه.
قال رحمه الله: "وإذا انكسر فصحح كما مر" أي إذا انكسر على البعض أو على الكل فصحح المسألة بالطريق المذكورة في التصحيح؛ لأن السهام إذا لم تنقسم على أربابها احتيج إلى التصحيح وما ذكر في هذا الباب من الضرب لم يكن إلا ليخرج سهام كل فريق، وممن لا يرد عليه من عدد واحد كما ذكرنا من مخارج السهام لا لتصحيح المسألة عليهم، وقد ذكرنا طريق التصحيح وطريق معرفة سهام كل واحد من آحاد الفريق فلا نعيده، والمثال الأول الذي ذكره المصنف وهو زوجة وأربع جدات وست أخوات لأم، وتصح من ثمانية وأربعين المثال الثاني، وهو أربع زوجات وتسع بنات وست جدات تصح من ألف وأربعمائة وأربعين.
قال رحمه الله: "وإن مات البعض قبل القسمة" أي إذا مات بعض الورثة قبل القسمة ويسمى هذا النوع من المسائل مناسخة مفاعلة من النسخ، وهو الإزالة يقال: نسخت الشمس الظل أي أزالته ونسخت الكتاب، واستعماله فيما إذا صار بعض الأنصباء ميراثا قبل القسمة لما فيه من نقل العمل والتصحيح إلى الفريضة الثانية
قال رحمه الله: "فصحح مسألة الميت الأول وأعط سهام كل وارث، ثم صحح مسألة الميت الثاني وانظر بين ما في يده التصحيح الأول، وهو نصيب الميت الأول وبين  التصحيح الثاني

 

 ج / 9 ص -491-     فإن استقام ما في يده من التصحيح الأول فلا ضرب وصحتا من تصحيح مسألة الميت الأول وإن لم تستقم فإن كان بينهما موافقة فاضرب وفق التصحيح الثاني في كل التصحيح الأول، وإن كان بينهما مباينة فاضرب كل التصحيح الثاني في التصحيح الأول فالمبلغ مخرج المسألتين واضرب سهام ورثة الميت الأول في التصحيح الثاني أو في وفقه وسهام ورثة الميت الثاني في نصيب الميت الثاني أو في وفقه
______
ثلاثة أحوال" أي التوافق والتباين والاستقامة. "فإن استقام ما في يده من التصحيح الأول فلا ضرب وصحتا من تصحيح مسألة الميت الأول" أي صحت الفريضتان فريضة الميت الأول والثاني مما صحت منه الأولى "وإن لم تستقم فإن كان بينهما موافقة" أي بين ما في يده وهو نصيبه من الأول وبين فريضته وهو التصحيح الثاني "فاضرب وفق التصحيح الثاني في كل التصحيح الأول، وإن كان بينهما مباينة" أي بين ما في يده وفريضته وبين التصحيح الثاني "فاضرب كل التصحيح الثاني في التصحيح الأول فالمبلغ مخرج المسألتين" أي ما يبلغ من الضرب لتصحيح الفريضتين فريضة الميت الأول وفريضة الميت الثاني، فلا ينظر بين السهام والرءوس في الأحوال الثلاثة في تصحيح الفريضة فكذا بينهما حتى إذا اقتسم ما في يده على فريضته لا حاجة إلى الضرب كما إذا انقسم نصيب الفريق من أصل المسألة على رءوسهم، وإن لم ينقسم فإن وافق تضرب وفق فريضته، وإن لم يوافق تضرب كل الفريضة الثانية في الفريضة الأولى كما في الرءوس فإذا عرف ذلك يحتاج إلى بيان طريق معرفة نصيب كل واحد من ورثة الأول والثاني بالطريق المذكور في التصحيح، وقد بينته في المختصر
قال رحمه الله: "واضرب سهام ورثة الميت الأول في التصحيح الثاني أو في وفقه" أي نصيبه "وسهام ورثة الميت الثاني في نصيب الميت الثاني أو في وفقه" في الفريضة الأولى فإن كان فيهم من يرث من الميتين ضربته من الأولى في الفرضية الثانية أو في وفقها مضروب في الأولى فنصيب كل واحد لا يكون مضروبا ضرورة. فلذلك وجب ضربه فيه وكان ينبغي أن يضرب نصيب الميت الثاني وهو الذي في يده الثانية أو في وفقها؛ لأنه من جملة ورثة الميت الأول إلا أن نصيبه لما صار ميراثا كان مستحقا لورثته، وكان مقسوما بينهم فاستغني عن ذلك بضرب نصيب كل واحد من ورثته فيما في يده، أو في وفق ما في يده وهو نظير ما ذكر في الرد أن سهام من لا يرد عليه تضرب في سهام من يرد عليه وسهام من يرد عليه تضرب فيما بقي من فروض من لا يرد عليه، ولو مات ثالث قبل القسمة فاجعل المبلع الثاني مقام الأول، والثاني في العمل فلو مات رابع فاجعل الثالث مقام الأول والرابع مقام الثالث وهكذا كل ما مات واحد

 

 ج / 9 ص -492-     ويعرف حظ كل فريق من التصحيح بضرب ما لكل من أصل المسألة فيما ضربته في أصل المسألة وحظ كل فرد نسبة سهام كل فريق من أصل المسألة إلى عدد رءوسهم مفردا، ثم يعطى بمثل تلك النسبة من المضروب لكل فرد وإن أردت قسمة التركة بين الورثة والغرماء فاضرب سهام كل فريق وارث من التصحيح في كل التركة، ثم اقسم المبلغ على التصحيح
______
قبل القسمة تقيمه مقام الثاني، والمبلغ الذي قبل مقام الأول إلى ما لا يتناهى هذا إذا مات الثاني وخلف ورثة غير من كان معه ميراث الميت الأول أو كانوا هم بعينهم ولكن جهة إرثهم من الميتين مختلفة، وإن كانوا هم بعينهم ولم يختلف غيرهم من الورثة، وجهة إرثهم من الميتين متحدة ألغيت جميع ما مات قبل القسمة وصحت فريضة الميت الآخر فكأنه لم يمت إلا هو، ولم يكن وارث غير ورثته، وهذا النوع يسمى المناسخ الناقض
قال رحمه الله: "ويعرف حظ كل فريق من التصحيح بضرب ما لكل من أصل المسألة فيما ضربته في أصل المسألة" أي يعرف نصيب كل فريق من التصحيح بضرب نصيب كل فريق من أصل المسألة في مبلغ الرءوس، وهو المضروب في الفريضة فما بلغ فهو نصيب ذلك الفريق، وقد بيناه من قبل في موضعه معناه لو ترك زوجة وعشرين بنتا وأما فللزوجة ثلاثة، ولكل من الأب والأم أربعة، وللبنات ستة عشر، وهن عشرون لا تنقسم عليهن لكن بين سهامهم ورءوسهن موافقة بالربع فتضرب وفق رءوسهن. وهو خمسة في سبعة وعشرين تبلغ مائة وخمسة وثلاثين فهذه هي جزء السهم، وهي وفق الرءوس فللزوجة ثلاثة مضروبة في خمسة وعشرين تبلغ ثمانية فهنا قد ضربت ما لكل فريق من التصحيح فيما ضربته في أصل المسألة وهو وفق الرءوس
قال رحمه الله: "وحظ كل فرد نسبة سهام كل فريق من أصل المسألة إلى عدد رءوسهم مفردا، ثم يعطى بمثل تلك النسبة من المضروب لكل فرد" أي يعرف نصيب كل واحد من أفراد الفريق بأن تناسب سهام جميع الفريق من أصل المسألة إلى عدد رءوس ذلك الفريق فما وجد بنسبته أعطي لكل واحد من آحاد ذلك الفريق بمثل تلك النسبة من المضروب فيخرج نصيب كل واحد منهم ومعنى قوله مفردا أي ينسب إلى فريق واحد من غيرهم فريق آخر عند النسبة وهذه المسألة والتي قبلها موضعهما باب التصحيح، وقد ذكرناهما هناك وطريقا آخر فلا نعيدها.
قال رحمه الله: "وإن أردت قسمة التركة بين الورثة والغرماء فاضرب سهام كل فريق وارث من التصحيح في كل التركة، ثم اقسم المبلغ على التصحيح" وكذا الدين بأن تضرب دين كل غريم في التركة وتقسم الخارج على مجموع الدين وهذا إذا  لم يكن بين التركة والتصحيح ولا

 

 ج / 9 ص -493-     ومن صالح من الورثة على شيء فاجعله كأن لم يكن واقسم ما بقي على سهام من بقي
______
بين التركة ومجموع الدين موافقة، وإن كان بينهما موافقة فاضرب نصيب كل واحد من الورثة ودين كل غريم في وفق التركة فما بلغ فاقسمه على وفق التصحيح أو على وفق مجموع الدين فما خرج من القسمة فهو نصيب ذلك الوارث أو للدين؛ لأنه يجعل دين كل غريم بمنزلة سهام كل وارث ومجموع الدين بمنزلة التصحيح وهذا مبني على قاعدة ممهدة في الحساب وهي أنه متى اجتمع أربعة أعداد متناسبة وكان نسبة الأول إلى الثاني كنسبة الثالث إلى الرابع وعلم من تلك الأعداد ثلاثة وجهل واحد أمكن استخراج المجهول وفيما نحن فيه اجتمع أربعة أعداد متناسبة: أولها: سهام كل وارث من التصحيح، وثانيها: التصحيح، وثالثها: الحاصل لكل وارث من التركة، ورابعها جميع التركة لأن نسبة السهام إلى التصحيح كنسبة الحاصل من التركة إلى جميع التركة، والثالث مجهول، والباقي معلوم فإذا ضربت الطرف في الطرف كان كضرب الثاني في الثالث فكذلك إذا قسمت المبلغ على الثاني خرج الثالث ضرورة أن كل مقدار تركب من ضرب عدد إذا قسم على أحد العددين خرج الآخر كخمسة عشر مثلا لما تركبت من ضرب ثلاثة في خمسة إذا قسمتها على ثلاث خرج خمسة وإذا قسمتها على خمسة خرج ثلاثة، وهذا القاعدة هي الأصل في معرفة نصيب كل واحد من آحاد ذلك الفريق فإذا اجتمع هناك أيضا أربعة أعداد متناسبة، نصيب الفريق من أصل المسألة، وعدد الفريق الحاصل من أصل المسألة، وعدد الفريق الحاصل لكل واحد من آحاد الفريق من التصحيح، ومبلغ الرءوس نسبة نصيب الفريق من أصل المبلغ إلى عددهم كنسبة الحاصل إلى التصحيح لكل واحد إلى مبلغ الرءوس وهو المضروب في أصل المسألة والثالث مجهول والباقي معلوم ويستخرج المجهول في مثل هذا بالطرق المذكورة في التصحيح، وكذا العمل في قضاء الدين إذا كانت التركة لا تفي به فدين كل غريم بمنزلة سهام كل وارث، ومجموع الدين بمنزلة التصحيح فتطلب الموافقة بين مجموع الدين وبين التركة، ثم العمل فيه على ما بينا
قال رحمه الله: "ومن صالح من الورثة على شيء فاجعله كأن لم يكن واقسم ما بقي على سهام من بقي"؛ لأن المصالح لما أعطوه جعل مستوفيا نصيبه من العين وبقي الباقي مقسوما على سهامهم، وقوله: فاجعله كأن لم يكن فيه نظر؛ لأنه قبض بدل نصيبه فكيف يمكن جعله كأن لم يكن بل يجعل كأنه مستوف نصيبه، ولم يستوف الباقون أنصباءهم، ألا ترى أن المرأة إذا ماتت وخلفت زوجا وأما وعما فصالح الزوج على ما في ذمته من المهر يقسم الباقي من التركة بين الأم والعم أثلاثا للأم سهمان وسهم للعم، ولو جعل الزوج كأن لم يكن لكان للأم سهم؛ لأنه الثلث بعد خروج الزوج من البين وللعم سهمان؛ لأنه الباقي بعد الفروض ولكن تأخذ هي ثلث الكل وهو سهمان من ستة فللزوج النصف ثلاثة، وقد استوفاه بأخذ بدله بقي السدس وهو

 

 ج / 9 ص -494-     ...........................................
______
سهم للعم وكذا لو ماتت المرأة وخلفت ثلاثة أخوات متفرقات وزوجا فصالحت الأخت لأب وأم وخرجت من البين كان الباقي بينهم أخماسا: ثلاثة للزوج، وسهم للأخت للأم، وسهم للأخت لأب على ما كان لهم من ثمانية؛ لأن أصلها ستة وتعول إلى ثمانية فإذا استوفت الأخت نصيبها وهو ثلاثة بقي خمسة، ولو جعلت كأنها لم تكن لكانت من ستة وبقي سهم للعصبة.
وهذا آخر ما تيسر تأليفه بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في هذا الكتاب، وأسأل الله العظيم أن ينفع به جميع الطلاب ومن نظر فيه من المحبين والأصحاب وأن يمن علينا بعفوه ويدخلنا دار السلام بكرمه وحلمه وجوده ولطفه من غير مشقة ولا حساب ولا عقاب ولا معاتبة ولا مناقشة ولا عتاب وأن يختم لنا بخير ويجعل لنا الجنة دار مآب، وأن يجعل مقرنا بأعلى الدرجات ويبلغنا أقصى المرادات بحرمة محمد صلى الله عليه وسلم سيد السادات وأن يشفع فينا نبيه المصطفى ويحشرنا في زمرة من لم يعامله بمشقة ولا جفا آمين، والله - تعالى - أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.