الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير

كتاب الصَّوْم
بَاب صَوْم يَوْم الشَّك
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) قَالَ لَا يصام الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ أَنه من رَمَضَان إِلَّا تَطَوّعا رجل نوى الْإِفْطَار فِي يَوْم الشَّك فَتبين لَهُ أَنه فِي رَمَضَان فَنوى الصَّوْم قبل نصف النَّهَار أجزاه وَإِن لم ينْو حَتَّى زَالَت الشَّمْس لم يجزه وَلَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب صَوْم يَوْم الشَّك
قَوْله إِلَّا تَطَوّعا دلّ مَا ذكره أَن الْوُجُوه كلهَا تكره الا هَذَا وَالْجُمْلَة فِيهِ انه لَا يخلواما أَن نوى الصَّوْم أَو تردده وَإِذا تردد لَا يَخْلُو أَن تردد فِي الأَصْل أَو الْوَصْف فَإِن نوى صَوْم رَمَضَان يكره فَإِن ظهر أَنه من رَمَضَان يجْزِيه وَإِذا نوى عَن وَاجِب آخِره يكره أَيْضا بِدلَالَة عُمُوم جَوَاب الْكتاب لَكِن هَذَا دون الأول فِي الكرهة فَإِن ظهر أَنه من رَمَضَان وَقع الصَّوْم من رَمَضَان وَإِن ظهر أَنه من شعْبَان اخْتلفُوا فِيهِ مِنْهُم من قَالَ يكون تَطَوّعا وَلَا يَنُوب عَن ذَلِك الْوَاجِب وَمِنْهُم من قَالَ يَنُوب عَنهُ وَهُوَ الصَّحِيح وَإِن نوى التَّطَوُّع كره بَعضهم وَالصَّحِيح أَنه لَا يكره فَإِن وَافق صوما كَانَ يَصُوم قبل ذَلِك فَالْأَفْضَل الصَّوْم بِالْإِجْمَاع أما إِذا تردد فِي النِّيَّة فَإِن كَانَ التَّرَدُّد فِي أصل النِّيَّة لَا يصير صَائِما لِأَنَّهُ وَقع التَّرَدُّد فِي أصل النِّيَّة وَإِن كَانَ التَّرَدُّد فِي الْوَصْف إِن ظهر أَنه من رَمَضَان أجزاه وَإِن كَانَ غير رَمَضَان لم يجزه عَن وَاجِب آخِره نَوَاه

(1/137)


بَاب من أُغمي عَلَيْهِ أَو جن والغلام يبلغ وَالنَّصْرَانِيّ يسلم وَالْمُسَافر يقدم
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل جن رَمَضَان كُله قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَإِن أَفَاق شَيْئا مِنْهُ قَضَاهُ كُله وَإِن أُغمي عَلَيْهِ شهر رَمَضَان كُله قَضَاهُ وَإِن أُغمي عَلَيْهِ كُله غير أول لَيْلَة مِنْهُ قَضَاهُ كُله غير يَوْم تِلْكَ اللَّيْلَة رجل لم ينْو فِي رَمَضَان كُله الصَّوْم وَلَا الْفطر فَعَلَيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب من أُغمي عَلَيْهِ أَو جن والغلام يبلغ وَالنَّصْرَانِيّ يسلم وَالْمُسَافر يقدم
قَوْله لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ الاعذار اربعة مَالا يَمْتَد يَوْمًا وَلَيْلَة غَالِبا كالنوم فَلَا يسْقط شَيْئا من الْعِبَادَات لِأَنَّهُ لَا يُوجب حرجاً وَمَا يَمْتَد خَلفه كالصبا فَيسْقط الْكل دفعا للْحَرج وَمَا يَمْتَد وَقت الصَّلَاة لَا الصَّوْم غَالِبا كالإغماء فَإِذا امْتَدَّ فِي الصَّلَاة جعل عذرا وَلم يَجْعَل عذرا فِي الصَّوْم وَمَا يَمْتَد وَقت الصَّلَاة وَالصَّوْم وَقد لَا يَمْتَد كالجنون فَإِذا امْتَدَّ أسقطهما
قَوْله غير يَوْم تِلْكَ اللَّيْلَة لِأَنَّهُ لَا بُد من النِّيَّة لكل يَوْم لِأَنَّهَا عبادات مُتَفَرِّقَة أَلا ترى إِلَى أَن فَسَاد الْبَعْض لَا تمنع صِحَة الْبَاقِي
قَوْله فَعَلَيهِ قَضَاءَهُ وَقد ذكرنَا أَن من أُغمي عَلَيْهِ بَعْدَمَا دخل أول لَيْلَة من رَمَضَان أَنه يصير صَائِما فِي يَوْم تِلْكَ اللَّيْلَة وَإِن لم تعرف فِيهِ نِيَّة الصَّوْم وَلَا الْفطر لَكِن حملنَا أمره على النِّيَّة بِنَاء على ظَاهر أمره فَلم يكن بُد من التَّأْوِيل فِي هَذِه المسئلة وتأويلها أَن يكون مَرِيضا أَو مُسَافِرًا أَو متهتكاً اعْتَادَ الْفطر فِي رَمَضَان حَتَّى لَا يصلح حَاله دَلِيلا على الْعَزِيمَة وَهَذَا مَذْهَبنَا وَقَالَ زفر غير الْمَرِيض وَالْمُسَافر

(1/138)


قَضَاءَهُ غُلَام بلغ فِي النّصْف من رَمَضَان فِي نصف النَّهَار أَو نَصْرَانِيّ أسلم لم يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فِيمَا مضى وَإِن أكل فِي يَوْمه ذَلِك لم يكن عَلَيْهِ قَضَاءَهُ مُسَافر نوى الْإِفْطَار ثمَّ قدم الْمصر قبل الزَّوَال فَنوى الصَّوْم أجزاه وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
بَاب فِيمَا يُوجب الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَفِيمَا لَا يُوجِبهُ
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل اكل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يصير صَائِما فِي رَمَضَان بِغَيْر نِيَّة لِأَن الْمُسْتَحق هُوَ الْإِمْسَاك وَقد وجد وَإِنَّا نقُول بلَى يجب الْإِمْسَاك وَلَا يصير الْإِمْسَاك لله (تَعَالَى) إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلم تُوجد
قَوْله وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فِي مَا مضى لعدم الْوُجُوب ويصوم مَا بَقِي لقِيَام السَّبَب فِي حق الْأَهْل
قَوْله أجزاه وَإِن كَانَ فِي رَمَضَان فَعَلَيهِ أَن يَصُوم لِأَنَّهُ زَالَ المرخص وَهُوَ قَادر عَلَيْهِ وَإِن كَانَ بعد الزَّوَال لم يلْزمه وَلَو نوى لم يجزه لِأَنَّهُ وَإِن زَالَ المرخص لَكِن الْإِمْكَان لَيْسَ بِثَابِت
بَاب فِيمَا يُوجب الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَفِيمَا لَا يُوجِبهُ
قَوْله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ هَذَا عندنَا وَالْقِيَاس أَن يقْضِي وَبِه أَخذ مَالك لوُجُود الْمنَافِي وَوجه الِاسْتِحْسَان قَوْله (عَلَيْهِ السَّلَام) لذَلِك الرجل الَّذِي أكل أَو شرب نَاسِيا تمّ على صومك فَإِنَّمَا أطعمك الله وسقاك أبقاه صَائِما هَذَا إِذا كَانَ نَاسِيا وَإِن كَانَ مخطئاً نَحْو أَن يمضمض فَسبق المَاء فِي حلقه أَو مكْرها فَعَلَيهِ الْقَضَاء عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ هُوَ قاسه بالناسي وَإِنَّا نقُول بَين الْأَمريْنِ تفَاوت لِأَن فِي أحد الْأَمريْنِ الْعذر جَاءَ من قبل من لَا حق لَهُ والعذر الآخر جَاءَ من قبل من لَهُ الْحق وَبَينهَا فرق بعيد كمن صلى وَهُوَ مَرِيض قَاعِدا ثمَّ زَالَ الْمَرَض لَا يلْزمه الْقَضَاء وَمن صلى وَهُوَ مُقَيّد قَاعِدا يلْزمه الْقَضَاء

(1/139)


نَاسِيا اَوْ شرب اَوْ جَامع فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن فعل ذَلِك مُتَعَمدا فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة صَائِم دخل حلقه ذُبَاب وَهُوَ ذَاكر أَو نظر بِشَهْوَة فأمنى أَو قلس أقل من مَلأ فِيهِ فَعَاد بعضه وَهُوَ ذَاكر أَو أكل لَحْمًا من بَين أَسْنَانه مُتَعَمدا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَة وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) فِي النَّوَادِر ان
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة أما الْقَضَاء فِي الْفَصْلَيْنِ فبلا خلاف وَأما الْكَفَّارَة فِي الْفَصْلَيْنِ فَهُوَ مَذْهَبنَا وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْأكل وَالشرب لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَفِي المواقعة الْكَفَّارَة
قَوْله دخل حلقه ذُبَاب إِنَّمَا لم يكن فِيهِ شَيْء لِأَنَّهُ لم يُوجد الفاطر صُورَة وَلَا معنى أما صُورَة فالمضغ والابتلاع وَأما معنى فإصلاح الْبدن وَلم يُوجد وَلِهَذَا قَالَ مَشَايِخنَا من خَاضَ فِي المَاء فَدخل المَاء فِي أُذُنه لم يفطره وَإِن دخل الدّهن فطره وَإِن صب المَاء بِنَفسِهِ فِي أُذُنه قَالَ بعض مَشَايِخنَا لَا يُفْسِدهُ وَهُوَ الصَّحِيح
قَوْله فأمنى لَا شَيْء فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ باستمتاع بِالنسَاء فَصَارَ كالاستمتاع بالكف وَذَلِكَ لَا يُوجب فَسَاد الصَّوْم عِنْد بَعضهم وَإِن لمسها بِشَهْوَة فَأنْزل فَعَلَيهِ الْقَضَاء بالاجماع لانه استمتاع بِالنسَاء فَكَانَ مواقع بِالنسَاء معنى وَإِن لمسها وَلم ينزل لم يفْسد صَوْمه
قَوْله أَو قلس إِلَخ إِن قلس أقل من مَلأ الْفَم فَعَاد بعضه وَهُوَ ذَاكر لصومه لم يفْسد وَإِن أَعَادَهُ فسد صَوْمه عِنْد مُحَمَّد لوُجُود الْفِعْل مِنْهُ وَعند أبي يُوسُف لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِج شرعا حَتَّى لم يُوجب انْتِقَاض الطَّهَارَة وَإِنَّمَا يتَصَوَّر الإدخال بعد الْخُرُوج وَالصَّحِيح فِي هَذِه المسئلة قَول أبي يُوسُف وَإِن قلس مَلأ الْغم فَعَاد بعضه فسد صَوْمه عِنْد أبي يُوسُف لِأَن مَلأ الْفَم خَارج وَعوده بِمَنْزِلَة صب المَاء فِي جَوْفه وَعند مُحَمَّد لَا لِأَن فعل الْفطر لم يُوجد صُورَة وَلَا معنى أَيْضا وَالصَّحِيح فِي هَذِه المسئلة قَول مُحَمَّد وَإِن أَعَادَهُ فسد صَوْمه بِالْإِجْمَاع
قَوْله أَو أكل لحم إِلَخ وَقَالَ زفر فِيهِ الْقَضَاء لِأَنَّهُ أكل لَحْمًا مُبْتَدأ وَلنَا أَن الْقَلِيل تَابع للأسنان فَصَارَ بِمَعْنى الرِّيق وَالْكثير لَا وَالْحَد الْفَاصِل أَنه إِن كَانَ

(1/140)


أَعَادَهُ هُوَ فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَإِن لمس بِشَهْوَة فأمنى فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ نَائِمَة أَو مَجْنُونَة جَامعهَا زَوجهَا وَهِي صَائِمَة أَو رجل اكل فِي رَمَضَان نَاسِيا فطن ان ذَلِك يفطره فَأكل مُتَعَمدا اَوْ بلغ حَصَاة أَو حديداً وَهُوَ ذَاكر للصَّوْم أَو قاء مُتَعَمدا فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ رجل خَافَ ان لم يفْطر يزادا عينه وجعاً أَو حماه شدَّة فَإِنَّهُ يفْطر وَلَا بَأْس بالكحل ودهن الشَّارِب والسواك الرطب بِالْغَدَاةِ والعشي للصَّائِم وَيكرهُ مضغ العلك للصَّائِم
بَاب من يُوجب الصّيام على نَفسه
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أقل من الحمصة فقليل وَإِذا كَانَ مثله فَصَاعِدا فَهُوَ كثير
قَوْله نَائِمَة أَو مَجْنُونَة إِلَخ وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ لَا يجب عَلَيْهِمَا الْقَضَاء لِأَنَّهُمَا أعذر من النَّاسِي وَلنَا أَن الحكم بِعُذْر النَّاسِي ثَبت نصا غير مَعْقُول الْمَعْنى فَلَا يتَعَدَّى إِلَى غَيره
قَوْله فَأكل مُتَعَمدا سَوَاء بلغه الحَدِيث أَو لم يبلغهُ لِأَن اخْتِلَاف الْعلمَاء فِي قبُول الحَدِيث أورث شُبْهَة
قَوْله بِالْغَدَاةِ والعشي لِأَن الْآثَار جَاءَت بالندب إِلَى السِّوَاك من غير فصل
قَوْله مضغ العلك فِيهِ من الشتبه بِالْفطرِ وَلم يفصل بَين وُجُوه العلك وَقيل هَذَا اذا علك مرّة اما اذالم يعلك يَنْبَغِي أَن يفْسد الصَّوْم لِأَنَّهُ لَا يُؤمن من أَن يدْخل جَوْفه مَاؤُهُ وَقيل هَذَا إِذا كَانَ أَبيض أما إِذا كَانَ أسود يَنْبَغِي أَن يقْضِي الصَّوْم وَمَا ذكر هَهُنَا إِشَارَة إِلَى أَنه لَا يكره مضغ العلك لغير الصَّائِم لَكِن يسْتَحبّ للرجل تَركه إِلَّا من عذر بِخِلَاف النِّسَاء
بَاب من يُوجب الصّيام على نَفسه
قَوْله يفْطر وَيَقْضِي وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ لَا يقْضِي لِأَنَّهُ لم يَصح نَذره

(1/141)


لله على صَوْم يَوْم النَّحْر قَالَ يفْطر وَيَقْضِي وَإِن نوى يَمِينا فَعَلَيهِ يَمِين وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم يَوْم النَّحْر وَأَرَادَ يَمِينا كَانَ يَمِينا خَاصّا وَإِن قَالَ لله عَليّ صَوْم هَذِه السّنة افطر يَوْم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِأَن الْمُنْذر بِهِ مَنْهِيّ عَنهُ وَإِنَّا نقُول بلَى هُوَ مَنْهِيّ وَلَكِن لغيره فَلَا يمْنَع صِحَة النّذر
قَوْله فَعَلَيهِ يَمِين هَذِه المسئلة على سِتَّة أوجه إِن نواهما وَهُوَ النّذر وَالْيَمِين جَمِيعًا كَانَا نذرا ويميناً عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف كَانَ نذرا خَاصَّة وَإِن نوى الْيَمين لَا غير كَانَ نذرا ويميناً وَعِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف كَانَ يَمِينا خَاصَّة وَإِن نوى الْيَمين وَنوى أَن لَا يكون نذرا كَانَ يَمِينا خَاصَّة بِالْإِجْمَاع وَإِن نوى النّذر لَا غير أَو نوى النّذر وَأَن لَا يكون يَمِينا أَو لم ينْو شَيْئا كَانَ نذرا خَاصَّة فَالْحَاصِل أَن أَبَا يُوسُف أَبى الْجمع بَين النّذر وَالْيَمِين لِأَن هَذَا الْكَلَام للنذر حَقِيقَة ولليمين مجَاز والحقيقة مَعَ الْمجَاز لَا يَجْتَمِعَانِ تَحت كلمة وَاحِدَة فَإِن نواهما فالحقيقة أولى بِالِاعْتِبَارِ لِأَن الْحَقِيقَة مُعْتَبر فِي مَوْضِعه وَالْمجَاز مُعْتَبر فِي غير مَوْضِعه وَالشَّيْء الْوَاحِد لَا يكون فِي مَوْضِعه وَفِي غير موضه وَإِن نوى الْيَمين لَا غير تعين الْمجَاز فَلَا تبقى الْحَقِيقَة مُرَادة وَلَهُمَا أَن فِي النّذر معنى الْيَمين فَإِنَّهُ فِيهِ إِيجَاب الصَّوْم على نَفسه إِلَّا أَن فِي النّذر إِيجَاب الصَّوْم لنَفسِهِ وَفِي الْيَمين إِيجَاب الصَّوْم لغيره وَهُوَ أَن لَا يصير هاتكاً حُرْمَة اسْم الله (تَعَالَى) وَهَذَا الْمَعْنى لَا يُنَافِي النّذر إِلَّا أَنه غير مُعْتَبر فَإِذا نَوَاه فقد اعْتَبرهُ فَيلْزمهُ الْكَفَّارَة وَهَذَا لَيْسَ جمعا بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَإِنَّمَا هَذَا عمل بالشبهين كَالْهِبَةِ بِشَرْط الْعِوَض بيع انْتِهَاء هبة ابْتِدَاء وَالْإِقَالَة فسخ فِي حق الْعَاقِدين وَبيع جَدِيد فِي حق الثَّالِث وَلَيْسَ طريقهما طَرِيق الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَإِنَّمَا طريقها الْعَمَل بالدليلين فَكَذَا هَذَا
قَوْله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وروى عَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَنه عَلَيْهِ الْقَضَاء

(1/142)


الْفطر وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق وقضاها وَعَلِيهِ يَمِين إِن أرادها رجل أصبح يَوْم النَّحْر صَائِما ثمَّ افطر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اعْتِبَارا للشروع بِالنذرِ كَمَا فِي سَائِر الْأَيَّام وَجه ظَاهر الرِّوَايَة الْمُؤَدِّي لم يجب حفظه فَلَا يجب الْقَضَاء بِتَرْكِهِ

(1/143)