الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير

كتاب النِّكَاح
بَاب فِي تَزْوِيج الْبكر والصغيرين
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي بكر قَالَ لَهَا وَليهَا فلَان يذكرك فَسَكَتَتْ فَزَوجهَا فَقَالَت لَا أرْضى فَالنِّكَاح جَائِز وَإِن فعل هَذَا غير ولي أَو أولي غَيره أولى مِنْهُ لم يكن رضَا حَتَّى تَتَكَلَّم رجل زوج ابْنة أَخِيه ابْن أَخِيه وهما صغيران جَازَ وَلَهُمَا الْخِيَار إِذا بلغا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب فِي تَزْوِيج الْبكر والصغيرين
قَوْله فِي بكر قَالَ لَهَا وَليهَا إِلَخ هَهُنَا مسئلتان سكت احداهما إِذا مسكت عِنْد الاستيعار من الْوَلِيّ وَالثَّانيَِة إِذا سكتت بَعْدَمَا زَوجهَا الْوَلِيّ حِين بلغَهَا الْخَبَر وَالسُّكُوت مِنْهَا رضَا فِي المسئلتين بِالنَّصِّ والمعقول
قَوْله غير ولي وَهُوَ الْأَجَانِب أَو قريب لَيْسَ بولِي كَمَا لَو كَانَ عبدا أَو كَافِرًا أَو مكَاتبا أَو كَانَ واليا غَيره أولى مِنْهُ كالأخ مَعَ الْأَب وَالْعم مَعَ الْأَخ ودلت الْأَحَادِيث على أَن الْأَب لَا يملك إِجْبَار الْبكر الْبَالِغَة على النِّكَاح لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَا أهْدر رِضَاهَا لَكِن أَقَامَ السُّكُوت مقَام الرِّضَا وَلَكِن مَعَ هَذَا إِذا زَوجهَا ينْعَقد النِّكَاح ويتوقف على إجازتها فَإِذا بلغَهَا الْخَبَر فَسَكَتَتْ فقد رضيت وَطَرِيق وُصُول الْخَبَر إِلَيْهَا أَن يبْعَث الْوَلِيّ إِلَيْهَا رَسُولا عدلا كَانَ أَو غير

(1/170)


خلافًا لأبي يُوسُف (رَحمَه الله) فَإِذا علمت بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رضَا وَإِن لم تعلم بِالنِّكَاحِ فلهَا الْخِيَار حَتَّى تعلم وللغلام الْخِيَار مَا لم يقل قد رضيت أَو يَجِيء مِنْهُ مَا لم يعلم أَنه رضَا وَكَذَلِكَ الْجَارِيَة إِذا دخل بهَا الزَّوْج قبل الْبلُوغ وان مَاتَ احدهما قبل الْبلُوغ وَرثهُ الآخر وان زوج ابْنَته ابْن اخيه فَلَا خنار لَهَا وَلابْن الْأَخ الْخِيَار وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) لَا خِيَار لِابْنِ الْأَخ أَيْضا فَإِن رده لم يكن ردا حَتَّى ينقصهُ القَاضِي رجل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عدل فَإِن أخْبرهَا الْفُضُولِيّ فَلَا بُد من الْعُدُول وَالْعَدَالَة فِي قَول أبي حنيفَة (رَحمَه الله) وَعِنْدَهُمَا لَا يشْتَرط ذَلِك كَمَا لَا يشْتَرط فِي الرَّسُول
قَوْله جازه لِأَن لغير الْأَب وَالْجد ولَايَة تَزْوِيج الصَّغِير وَالصَّغِيرَة عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ فَإِن كبرا فَلَهُمَا الْخِيَار عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) خلافًا لأبي يُوسُف فَإِن علمت بِالنِّكَاحِ وسكتت فَهُوَ رضَا وَيلْزم العقد أما إِذا لم تعلم بِالنِّكَاحِ فلهَا الْخِيَار حَتَّى تعلم أما إِذا علمت وسكتت كَانَ رضَا اعْتِبَارا بابتداء النِّكَاح وَأما إِذا لم تعلم فالسكوت مِنْهَا لَا يكون لَا يكون بِرِضا لِأَن الْجَهْل بِأَصْل النِّكَاح عذر وَإِن علمت بِالنِّكَاحِ وَلم يعلم بِالْخِيَارِ لم يعْتَبر هَذَا الْجَهْل حَتَّى لَو سكتت كَانَ رضَا
قَوْله وَرثهُ الآخر لِأَنَّهُ لما صَحَّ النِّكَاح وَجب الْملك وَهَذَا كَاف للتوارث وَأثبت خِيَار الْبلُوغ للذّكر والانثى جَمِيعًا لانم الْمَعْنى بجمعهما وَهُوَ مَقْصُور الشَّفَقَة بِخِلَاف خِيَار الْعتْق حَيْثُ يثبت للْأُنْثَى خَاصَّة لِأَن الْمَعْنى خَاص فِيهَا وَهُوَ زِيَادَة الْملك عَلَيْهَا فَيثبت لَهَا الْخِيَار سَوَاء كَانَت تَحت عبد أَو تَحت حر
قَوْله حَتَّى ينْقضه القَاضِي على قَول من يَجْعَل لَهُ الْخِيَار بِخِلَاف خِيَار المخيرة والمعتقة فَإِن ثمَّة يرتقع النِّكَاح بِالرَّدِّ لِأَن النَّقْض بِخِيَار الْبلُوغ كَانَ للدَّفْع عَن ضَرَر خَفِي وَهُوَ قُصُور شَفَقَة الْوَلِيّ فَجعل إلزاماً فِي حق الْخصم الآخر

(1/171)


زوج ابْنَته وَهِي صَغِيرَة على عشرَة دَرَاهِم وَمهر مثلهَا ألف أَو زوج ابْنا لَهُ وَهُوَ صَغِير بِمِائَة الف ومهرمثلها عشرَة آلَاف جَائِز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا يجوز أَن يحط من مهر الِابْنَة وَلَا أَن يزِيد على الابْن إِلَّا بِمَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ رجل أَمر رجلا أَن يُزَوّج بِنْتا لَهُ صَغِيرَة فَزَوجهَا وَالْأَب حَاضر جَازَت شَهَادَة المزوج وَإِن كَانَ الْأَب غَائِبا لم تجز نَصْرَانِيّ لَهُ بنت صَغِيرَة مسلمة فَزَوجهَا لم يجز رجل زوج بنته وَهِي صَغِيرَة عبدا أَو زوج
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والإلزام يفْتَقر إِلَى الْقَضَاء وَأما خِيَار الْعتْق كَانَ لدفع ضَرَر ظَاهر وَهُوَ زِيَادَة الْملك عَلَيْهَا فَكَانَ دفعا وَالدَّفْع لَا يفْتَقر إِلَى الْقَضَاء
قَوْله وَقَالَ ابو يُوسُف ومحمدالخ لَهما أَن ولَايَة الْآبَاء مَا ثبتَتْ إِلَّا بِشَرْط النّظر فَلَا يملك الْأَب كَسَائِر الْأَوْلِيَاء وَهُوَ الْأَخ وَالْعم وَغَيرهمَا إِذا فعلوا ذَلِك وكما فِي بَاب البيع وَلأبي حنيفَة أَن النّظر وَالضَّرَر أَمْرَانِ باطنان لَا يُمكن الْوُقُوف عَلَيْهِمَا فيبتني الحكم على السَّبَب الدَّاعِي إِلَى النّظر والحس هُوَ قرب الْقَرَابَة وَبعدهَا وَهَذَا فِي النِّكَاح أما فِي البيع والتصرفات الْوَارِدَة على المَال لَا يعْتَبر إِلَّا الْمَالِيَّة حَتَّى لَو عرف سوء الِاخْتِيَار من الْأَب مجانة أَو فسقاً كَانَ عقده بَاطِلا فِي هَذَا الْبَاب
قَوْله وَالْأَب حَاضر وَإِن كَانَ غَائِبا لَا يجوز أما إِذا كَانَ حَاضرا فَلِأَنَّهُ أمكن جعل الْأَب مزوجاً ومباشراً من كل وَجه حكما لِأَنَّهُ يتَصَوَّر حَقِيقَة فَكَانَ العقد مُضَافا إِلَى الْأَب فَبَقيَ المزوج شَاهدا وَمَعَهُ رجل آخر وَأما إِذا كَانَ غَائِبا لم يجز لِأَنَّهُ لَا يُمكن جعله مزوجا ومباشرا من وَجه حكما لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر حَقِيقَة فَكَانَ القَوْل مُضَاف إِلَى المزوج فَلَا يصلح شَاهدا وعَلى هَذَا قَالُوا الْأَب إِذا زوج بنته الْبكر الْبَالِغَة بأمرها لحضرتها بِشَهَادَة رجل وَاحِد جَازَ وَإِن كَانَت غَائِبَة لَا يجوز

(1/172)


ابْنه وَهُوَ صَغِير أمة فَهُوَ جَائِز وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
بَاب فِي الإكفاء
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُمَا) قَالَ قُرَيْش بَعضهم اكفاء بعض وَالْعرب بَعضهم أكفاء لبَعض وَمن كَانَ لَهُ ابوان فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله فَهُوَ جائزهذا قَول أبي حنيفَة وعَلى قَوْلهمَا لَا يجوز وعَلى هَذَا الْخلاف التَّزْوِيج من غير كفؤ وَهُوَ نَظِير الِاخْتِلَاف فِي الترويج بِالْمهْرِ بِغَبن فَاحش كَمَا مر
بَاب فِي الْأَكفاء
قَوْله قُرَيْش إِلَخ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُرَيْش بَعضهم اكفاء بعض بطن بِبَطن وَالْعرب بَعضهم أكفاء لبَعض قَبيلَة بقبيلة والموالي بَعضهم أكفاء لبَعض رجل بِرَجُل وَبِهَذَا تبين أَن الْفَضِيلَة بَين الهاشميين سَاقِطَة فِي هَذَا الحكم أَلا ترى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوج ابْنَته رقية (رَضِي الله عَنْهَا) من عُثْمَان (رَضِي الله عَنهُ) وَكَانَ أموياً لَا هاشمياً وَكَذَلِكَ عَليّ (رَضِي الله عَنهُ) زوج ابْنَته أم كُلْثُوم من عمر (رَضِي الله عَنهُ) وَكَانَ عدوياً لَا هاشمياً فَثَبت أَن قُريْشًا كلهم أكفاء وَسَوَاء فِي النِّكَاح
قَوْله وَمن كَانَ لَهُ إِلَخ أَي من كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَام فَصَاعِدا فَهُوَ كفؤ لمن كَانَ لَهُ عشرَة ابناء فِي الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ من كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْحُرِّيَّة يكون كُفؤًا لمن كَانَ عشرَة ابناء فِي الْحُرِّيَّة لِأَن النّسَب يثبت بِالْأَبِ وَتَمَامه بالجد فَلَا يشْتَرط الزِّيَادَة كَمَا لَا يشْتَرط فِي بَاب السهادة وَمن كَانَ لَهُ أَب وَاحِد فِي الْإِسْلَام لَا يكون كُفؤًا لمن كَانَ لَهُ آبَاء فِي الْإِسْلَام أَو أَبَوَانِ وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّة وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي غير رِوَايَة الْأُصُول أَنه يكون كُفؤًا
قَوْله إِن لم يجد مهْرا وَلَا نَفَقَة حَتَّى وَلَو وجد الْمهْر وَلم يجد النَّفَقَة أَو على الْعَكْس لَا يكون كُفؤًا وَأَرَادَ بِالْمهْرِ قدر مَا تعارفوا تَعْجِيله لَان سواهُ مُؤَجل

(1/173)


الْإِسْلَام فَصَاعِدا من الموَالِي فهم أكفاء وَلَا يكون كفوا فِي شَيْء إِن لم يجد مهْرا وَلَا نَفَقَة وَالله أعلم
بَاب فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة بِغَيْر وكَالَة وَالرجل يُؤْكَل بِالتَّزْوِيجِ
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي قد تزوجت فُلَانَة فبلغها فأجازت قَالَ فَهُوَ بَاطِل وَإِن قَالَ آخر اشْهَدُوا أَنِّي قد زوجتها مِنْهُ فبلغها فأجازت جَازَ وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْمَرْأَة هِيَ الَّتِي قَالَت جَمِيع ذَلِك وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) إِذا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عرفا وَإِنَّمَا شرطت الْقُدْرَة على الْمهْر وَالنَّفقَة فَلِأَن الْمهْر فَلِأَنَّهُ يدل عَمَّا يملك عَلَيْهَا بِالْعقدِ الْبضْع وَأما النَّفَقَة فَلَا بُد مِنْهَا لِأَنَّهَا محبوسة لحقه
بَاب فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة بِغَيْر وكَالَة وَالرجل يُؤْكَل بِالتَّزْوِيجِ
قَوْله جَمِيع ذَلِك يَعْنِي قَالَت زوجت نَفسِي من فلَان وَهُوَ غَائِب فَبَلغهُ الْخَبَر فَأجَاز فَهُوَ بَاطِل
قَوْله وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِلَخ وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا قَالَ الْفُضُولِيّ أشهدوا أَنِّي قد زوجت فُلَانَة من فلَان فبلغها الْخَبَر فَأجَاز لم يجز عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَخِلَافًا لأبي يُوسُف وَالْحَاصِل أَن الْوَاحِد يصلح وَكيلا وَأَصِيلا من الْجَانِبَيْنِ أَو أصيلاً من جَانب ووكيلاً من جَانب حَتَّى نفذ العقد وَأما الْوَاحِد هَل يصلح فضولياً من الْجَانِبَيْنِ أَو أصيلاً من جَانب فضولياً من جَانب أَو وَكيلا من جَانب فضواليا من جَانب حَتَّى يتَوَقَّف العقد وَرَاء الْمجْلس على إِجَازَته فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا يصلح وَعند أبي يُوسُف يصلح لأبي يُوسُف ان الْوَاحِد

(1/174)


زوجت نَفسهَا غَائِبا فَبَلغهُ فَأَجَازَهُ جَازَ وَكَذَلِكَ إِن زَوجهَا وَليهَا فبلغها فأجازت جَازَ رجل امْر رجلا يُزَوجهُ امْرَأَة فَزَوجهُ اثْنَيْنِ فِي عقدَة لم تلْزمهُ وَاحِدَة مِنْهُمَا أَمِير أَمر رجلا أَن يُزَوجهُ امْرَأَة فَزَوجهُ أمة لغيره جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا يجوز إِلَّا أَن يُزَوجهُ كُفؤًا وَالله أعلم
بَاب فِي النِّكَاح الْفَاسِد
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي امْرَأَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يتَوَلَّى العقد من الْجَانِبَيْنِ فِي بَاب النِّكَاح فَإِذا كَانَ فضولياً وَجب أَن يتَوَقَّف فَصَارَ هَذَا كالخلع وَالطَّلَاق على مَال حَتَّى يتَوَقَّف على قبلهَا فِي غير الْمجْلس فَكَذَا هَذَا وَلَهُمَا أَن هَذَا شطر العقد وَشطر العقد لَا يتَوَقَّف على غير الْمجْلس كَالْبيع فَإِذا كَانَ غَائِبا كَانَ شطراً وَشطر العقد لَا يتَوَقَّف مَا وَرَاء الْمجْلس كَالْبيع إِلَّا إِذا صَار كل العقد مَوْجُودا حكما بِحكم الْولَايَة أَو الْأَمر لِأَن كَلَامه بِحكم الْولَايَة وَالْأَمر صَار بِمَنْزِلَة الْكَلَامَيْنِ فَصَارَ هُوَ الشحصين فَإِذا انعدمت الْولَايَة الْأَمر عَاد الْأَمر إِلَى حَقِيقَته وَهُوَ كَلَام فَرد حَقِيقَة
قَوْله لم تلْزمهُ وَاحِدَة مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا وَجه إِلَى الْتِزَام كلتيهما لِأَنَّهُ خَالف أمره وَلَا وَجه إِلَى الْتِزَام إِحْدَاهمَا عينا لِأَن إِحْدَاهمَا لَيست بِأولى من الْأُخْرَى وَفِي المجهولة لَا يُفِيد الْملك
قَوْله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِلَخ دلّت المسئلة على أَن عِنْدهمَا الْكَفَاءَة مُعْتَبرَة فِي النِّسَاء وَالرِّجَال أَيْضا وَذكر مُحَمَّد فِي كتاب الْوكَالَة أَن اعْتِبَار الْكَفَاءَة فِي النِّسَاء اسْتِحْسَان لَهما ان النمطلق من كَلَام ينْصَرف إِلَى الْمُتَعَارف والمتعارف التَّزَوُّج بالأكفاء وَلأبي حنيفَة أَن الْكَلَام صدر مُطلقًا فَيجْرِي على إِطْلَاقه فِي غير مَوضِع التُّهْمَة والضرورة
بَاب فِي النِّكَاح الْفَاسِد
قَوْله النِّكَاح جائزوقال أَبُو يُوسُف فَاسد لِأَن هَذَا الْحمل وَإِن كَانَ من

(1/175)


تزوجت وَبهَا حَبل من الزِّنَا قَالَ النِّكَاح جَائِز وَلَا يَطَأهَا حَتَّى تضع وَإِن كَانَ حملهَا ثَابت النّسَب فَالنِّكَاح بَاطِل وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) النِّكَاح فَاسد فِي الْوَجْهَيْنِ رجل تزوج امْرَأَة من السَّبي وَهِي حَامِل فَالنِّكَاح فَاسد رجل زوج أم وَلَده وَهِي حَامِل مِنْهُ فَالنِّكَاح بَاطِل رجل تزوج أُخْتَيْنِ فِي عقدتين لَا يدْرِي أَيهمَا أول فرق بَينهمَا وَلَهُمَا نصف الْمهْر رجل تزوج أمة على حرَّة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الزِّنَا وَلكنه مُحْتَرم وَامْتِنَاع النِّكَاح على الْحَامِل كَانَ لحُرْمَة الْحمل وصيانته وَقد وجد فَصَارَ كَمَا لَو كَانَ الْحمل ثَابت النّسَب وَلَهُمَا أَن حُرْمَة العقد كَانَ لحق صَاحب المَاء وصيانته لَا لمَكَان الْحمل أَلا يرى أَنه لَو تزَوجهَا من كَانَ نسب الْحمل ثَابتا مِنْهُ جَازَ وَصَاحب المَاء لَا حُرْمَة لَهُ هَهُنَا فَلَا تلْزمهُ حُرْمَة العقد
قَوْله فَالنِّكَاح فاسدلان فِي بَطنهَا ولدا ثَابت النّسَب من الْحَرْبِيّ وَإِن كَانَ من زوج كَافِر
قَوْله فَالنِّكَاح بَاطِل لِأَنَّهَا فرَاش لمولاها وَلَو صَحَّ النِّكَاح حصل الْجمع بَين الفراشين وَأَنه يجوز بِخِلَاف مَا إِذا لم تكن حَامِلا حَيْثُ يَصح وَإِن كَانَت فراشا لمولاها حَتَّى لَو جَاءَت ولدا يثبت النّسَب مِنْهُ من غير دَعْوَة إِلَّا أَن فراشها لَيْسَ بفراش متأكد وَلِهَذَا يَنْتَفِي الْوَلَد بِمُجَرَّد النَّفْي من غير لعان فَلَا يعْتَبر هَذَا الْفراش مَا لم يتَّصل بِهِ الْحمل
وقَوْله فرق بَينهمَا وَلَهُمَا نصف المهرلأنه وَجب للأولى مِنْهُمَا وَلَيْسَت إحدهما أَحَق بِهِ فَصَارَ بَينهمَا
قَوْله وَلَهُمَا نصف المهرقال الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر الهندواني معنى هَذِه المسئلة إِذا ادَّعَت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أَنَّهَا الأولى وَلَا حجَّة لَهما أما إِذا قَالَتَا لَا نَدْرِي أَي النكاحين أَولا لم يقْض القَاضِي لَهما بِشَيْء حَتَّى يصطلحا على أَخذ

(1/176)


فِي عدَّة من طَلَاق بَائِن لم يجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) هُوَ جَائِز رجل تزوج امْرَأَة بِشَهَادَة الشُّهُود عشرَة أَيَّام فَهُوَ بَاطِل رجل تزوج صَغِيرَة وكبيرة فأرضعت الْكَبِيرَة الصَّغِيرَة وَلم يدْخل بالكبيرة وَقد علمت الْكَبِيرَة أَن الصَّغِيرَة امْرَأَته فَعَلَيهِ للصغيرة نصف الْمهْر وَلَا يرجع بِهِ على الْكَبِيرَة الا ان تكون تَعَمّدت الْفساد وَلَا شَيْء للكبيرة فِي الْوَجْهَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نصف الْمهْر لَان الْحق وَجب المجهولة فَلَا بُد من الدَّعْوَى والاصطلاح ليقضي بَينهمَا
قَوْله هُوَ جائزوأجمعوا على أَن الْعدة إِذا كَانَت من طَلَاق رَجْعِيّ لَا يجوز لَهما أَن الْمحرم نِكَاح الْأمة على الْحرَّة وَلم يُوجد قَالَ النَّبِي (عَلَيْهِ السَّلَام) لَا تنْكح الْأمة على الْحرَّة وَتنْكح الْحرَّة على الْأمة فَصَارَ كَمَا لَو وطيء حرَّة بِشُبْهَة النِّكَاح ثمَّ تزوج أمة فِي عدتهَا جَازَ كَذَا هَهُنَا وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) أَن الْعدة من النِّكَاح تعْمل عمل النِّكَاح فِي التَّحْرِيم كتحريم نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت
قَوْله فَهُوَ بَاطِل لِأَن هَذَا عقد مُتْعَة وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذَا وَقَالَ زفر (رَحمَه الله) إِنَّه صَحِيح لِأَنَّهُ أَتَى بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول وَالشّرط فصح الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَبَطل الشَّرْط
قَوْله فَعَلَيهِ للصغيرة نصف الْمهْر إِلَخ وَأما فَسَاد النِّكَاح فلأنهما صارتا أما وبنتاه وَمَا بطلَان مهر الْكَبِيرَة فَلِأَن الْفرْقَة جَاءَت من قبلهَا قَالَ وَهَذَا أصل وَهُوَ أَن الْفساد مَتى جَاءَ نم قبل الْمَرْأَة قبل الدُّخُول بِحَيْثُ لَو ارْتَدَّت أَو قبلت ابْن زَوجهَا لَهُ أَو اخْتَارَتْ نَفسهَا عِنْد الْبلُوغ إِذا كَانَ المزوج غير الْأَب وَالْجد فَإِنَّهُ لَا يجب الْمهْر فِي هَذِه الْمَوَاضِع كلهَا وَوُجُوب نصف الْمهْر للصغيرة لِأَن الْفرْقَة جَاءَت من قبل غَيرهَا فَأَما عدم الرُّجُوع على الْكَبِيرَة فَلِأَنَّهَا مَا تَعَمّدت الْفساد فَإِن لم تعلم الْكَبِيرَة بِنِكَاح الصَّغِيرَة أَو علمت لَكِنَّهَا قصدت دفع الْجُوع دون الْفساد لم يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء لِأَنَّهَا مسببة وَضَمان التسيب بتبني على التَّعَدِّي وَلم يُوجد

(1/177)


رجل ادّعى على امْرَأَة أَنه تزَوجهَا وَأقَام بَيِّنَة فَجَعلهَا القَاضِي امْرَأَته وَلم يكن تزَوجهَا وسعهَا الْمقَام مَعَه وَأَن تَدعه يُجَامِعهَا غُلَام لم يبلغ وَمثله يُجَامع جَامع امْرَأَته وَجب عَلَيْهَا الْغسْل وأحلها ذَلِك لزوج قد طَلقهَا ثَلَاثًا
امْرَأَة مست رجلا بِشَهْوَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها رجل تزوج أُخْت أمة لَهُ وَقد وَطئهَا لم يطَأ الَّتِي تزوج حَتَّى يخرج الَّتِي وطأ عَن ملكه وَلَا يطَأ الْأمة وَإِن كَانَ لم يطَأ الَّتِي تزوج رجل تزوج امْرَأَة فأغلق بَابا وأرخى سترا
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله وسعهَا الْمقَام مَعَه وَهَذَا عِنْد أَبى حنيفَة (رَحمَه الله) وَهُوَ قَول أبي يُوسُف (رَحمَه الله) الأول وَفِي قَوْله الآخر وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ (رحمهمَا الله) لَا يَسعهُ أَن يَطَأهَا وَهِي مسئلة مَعْرُوفَة بالخلافيات وَهِي أَن قَضَاء القَاضِي فِي الْعُقُود والفسوخ ينفذ ظَاهرا وَبَاطنا عِنْد أبي حنيفَة (رَحمَه الله) وَعِنْدَهُمَا ينفذ ظَاهرا لَا بَاطِنا
قَوْله واحلهاالخ لِأَنَّهُمَا يتعلقان بِالْجِمَاعِ وَقد وجد فَإِن قيل الْغسْل إِنَّمَا يجب بِسَبَب الْجِمَاع الَّذِي هُوَ سَبَب نزُول المَاء وجماع الْغُلَام لَيْسَ بِسَبَب لنزول المَاء قيل لَهُ هُوَ بِسَبَب نزُول المَاء فِي حَقّهَا وحاجتنا إِلَى إِثْبَات الحكم فِي جَانبهَا
قَوْله لم يطأالخ لِأَن الْأمة مَوْطُوءَة حَقِيقَة والمنكوحة بِمَنْزِلَة الْمَوْطُوءَة حكما بِوَاسِطَة حكم النِّكَاح فأيتهما وطِئت كَانَ جمعا بَينهمَا وطأ وَهُوَ حرَام بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يجمعن مَاءَهُ فيرحم الْأُخْتَيْنِ إِلَّا أَن يزِيل الْأمة عَن ملكه فَسقط اعْتِبَار وَطئهَا فيطأ الْمَنْكُوحَة وَإِن كَانَ لم يطَأ الْمَمْلُوكَة يطَأ الَّتِي تزوج لِأَنَّهُ لَا يصير جَامعا بَينهمَا وطأ
قَوْله حَتَّى تَنْقَضِي عدتهالان الْخلْوَة الصَّحِيحَة قَامَت مقَام الوطئ فِي حق تَأَكد الْمهْر وَوُجُوب الْعدة

(1/178)


ثمَّ طَلقهَا وَقَالَ لم أجامعها وصدقته أَو كَذبته لم يتَزَوَّج أُخْتهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا
رجل رأى امْرَأَة تَزني فَتَزَوجهَا فَلهُ أَن يَطَأهَا وَلَا يَسْتَبْرِئهَا وَكَذَلِكَ رجل وطأ أمته ثمَّ زَوجهَا رجلا وَالله أعلم
بَاب فِي المهور
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل تزوج امْرَأَة ثمَّ اخْتلفَا فِي الْمهْر قَالَ القَوْل قَول الْمَرْأَة إِلَى مهر مثلهَا وَالْقَوْل
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله وَلَا يستبرئهاوقال مُحَمَّد (رَحمَه الله) لَا أحب أَن يَطَأهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا لِأَنَّهُ لَو تحقق الْحمل حرم الوطئ لما فِيهِ من سقِِي مَائه وَزرع غَيره فَإِذا احْتمل وَجب التَّنَزُّه وَلَهُمَا أَن الشَّرْع (مَا شرع) النِّكَاح إِلَّا على رحم فارغ فَقَامَ جَوَاز النِّكَاح مقَام الْفَرَاغ
بَاب فِي المهور
قَوْله القَوْل قَوْله وَلَا يَجْعَل مهر الْمثل حكما لِأَن تَقْوِيم الْبضْع أَمر ضَرُورِيّ فَلَا يُصَار إِلَيْهِ مَا أمكن وَلِأَن الْمَرْأَة تَدعِي الْمهْر عَلَيْهِ فَيكون القَوْل قَوْله إِلَّا إِذا كذبه الظَّاهِر فَحِينَئِذٍ لَا يقبل قَوْله وهما يَقُولَانِ إنَّهُمَا اخْتلفَا فِي مَا لَهُ قيمَة شرعا فَوَجَبَ الرُّجُوع إِلَى مَا هُوَ الاصل
قَوْله الا ان تَأتي بِشَيْء من قليلالمراد بِهِ مَا لَا يتعارف مهرلا مثل لأَنا جعلنَا القَوْل قَوْله بِشَهَادَة الظَّاهِر وَقد ادّعى خلاف الظَّاهِر فَلَا يصدق
قَوْله وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله إِلَخ هَذِه المسئلة تبتني على مسئلة أُخْرَى وَهِي أَن من تزوج امْرَأَة على هَذَا العَبْد فَإِذا هُوَ حر قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَهَا مهر الْمثل وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَهَا قيمَة الْحر لَو كَانَ عبدا وَلَو تزَوجهَا على هَذَا الدن من الْخلّ فَإِذا هُوَ خمر قَالَ أَبُو حنيفَة لَهَا مهر الْمثل وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَهَا قيمَة

(1/179)


قَول الزَّوْج فِيمَا زَاد وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فَالْقَوْل قَوْله فِي نصف الْمهْر هُوَ قَول مُحَمَّد (رَحمَه الله) وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) القَوْل قَوْله بعد الطَّلَاق وَقَبله الا ان يَأْتِي بِشَيْء قَلِيل
رجل تزوج امْرَأَة على هذَيْن الْعَبْدَيْنِ فَإِذا أَحدهمَا حر فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْبَاقِي إِذا سَاوَى عشرَة دَرَاهِم وَلها فِي قَول أبي يُوسُف (رَحمَه الله) العَبْد وَقِيمَة الْحر عبدا وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) لَهما العَبْد الْبَاقِي وَتَمام مهر مثلهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْخمر لَو كَانَ خلا وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا مثل الدن من الْخلّ فَأَبُو حنيفَة اعْتبر الْإِشَارَة وَأَبُو يُوسُف اعْتبر الْمُسَمّى وَمُحَمّد توَسط بَينهمَا وَلأبي حنيفَة فِي مسئلة الْكتاب أَنه لما كَانَ الْوَاجِب تَسْلِيم العَبْد فَإِذا وجد العَبْد حرا وَجب مهر الْمثل وَقد وجد فِي هَذِه المسئلة أحد الْعَبْدَيْنِ حرا وَهُوَ الْمُسَمّى فَلَا يجب مهر الْمثل لِأَن وجوب الْمُسَمّى وَإِن قل يمْنَع وجوب مهر الْمثل كَمَا لَو تزوج الْمَرْأَة على ثوب قِيمَته خَمْسَة دَرَاهِم لَا يجب مهر الْمثل وَإِنَّمَا يجب الثَّوْب وَخَمْسَة دَرَاهِم حَتَّى يتم الْعشْرَة وَهَهُنَا العَبْد الْبَاقِي يُسَاوِي عشرَة دَرَاهِم فَاكْتفى بِهِ وابو يُوسُف يَقُول اطعمها فِي سَلامَة الْعَبْدَيْنِ وَقد عجز عَن تَسْلِيم أَحدهمَا فَتجب قِيمَته وَمُحَمّد يَقُول لَو كَانَا حُرَّيْنِ يجب تَمام مهر المصل فَإِذا كَانَت أَحدهمَا عبدا وَجب العَبْد وَتَمام مهر الْمثل إِذا لم يكن قيمَة العَبْد مثل مهر الْمثل
قَوْله فلهَا ألأف فَعِنْدَ أبي حنيفَة الشَّرْط الأول جَائِز وَالثَّانِي فَاسد وَقَالَ زفر الشرطان فَاسد أَن والمسئلة تَأتي فِي كتاب الْإِجَارَات من هَذَا الْكتاب
قَوْله فِي ذَلِك كُله لِأَن الْجَهَالَة لَا يمْنَع وجوب الْمهْر فَوَجَبَ الْمهْر فَإِذا وَجب الْمهْر وَجب مَا هُوَ الْمُتَيَقن وَهُوَ الأوكس وَلِهَذَا لَو طَلقهَا قبل الدُّخُول وَجب نصف الأوكس بِالْإِجْمَاع وَلأبي حنيفَة أَن مهر الْمثل الْوَاجِب الْأَصْلِيّ فِي بَاب النِّكَاح إِلَّا إِذا صحت التَّسْمِيَة وَلم تصح التَّسْمِيَة فَيجب مهر الْمثل وَمهر

(1/180)


إِن كَانَ مهر مثلهَا أَكثر من العَبْد كَذَلِك إِذا تزَوجهَا على بَيت وخادم وَالْخَادِم حر رجل تزوج امْرَأَة على ألأف دِرْهَم إِن أَقَامَ بهَا وعَلى أَلفَيْنِ إِن أخرجهَا فَإِن أَقَامَ بهَا فلهَا ألف وَإِن أخرجهَا فلهَا مهر مثلهَا لَا يُزَاد على أَلفَيْنِ وَلَا ينقص عَن ألف وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) الشرطان جَمِيعًا جائزان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمثل لَا يعْتَبر بِالطَّلَاق قبل الدُّخُول بهَا فَيجب مَا هُوَ الْمُتَيَقن وَهُوَ نصف الأوكس وَأَنه فَوق الْمُتْعَة
قَوْله أَن يبلغُوا بهَا مهر مثلهاوقال أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ لَهُم ذَلِك قَالَ بعض الْمَشَايِخ الصَّحِيح هُوَ قَول أبي يُوسُف لِأَن النِّكَاح بِغَيْر ولي صَحِيح عِنْده فَأَما عِنْد مُحَمَّد لَا يَصح فَلَا يكون نَافِذا أصلا فَكيف يتَصَوَّر الِاخْتِلَاف عَنهُ وَتَفْسِيره فِي مسئلة ذكرهَا فِي كتاب الْإِكْرَاه أَن ولي الْمَرْأَة وَالْمولى عَلَيْهَا إِذا أكرها على النِّكَاح ثمَّ زَالَ الاكراه بعد العقدفإن كَانَ الزَّوْج غير كفؤ وَالْمهْر وافراً كَانَ للْوَلِيّ أَن يرد النِّكَاح وَكَذَا لَهَا أَن ترد النِّكَاح فَإِن رَضِي أَحدهمَا لم يبطل حق الآخر وَإِن كَانَ كُفؤًا وَالْمهْر قاصراً فللمرة أَن ترده فَكَذَا للْوَلِيّ فَإِن رضيت فللولى رده عِنْد أَبى حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ لَهُ رده وَقَالَ بَعضهم لَا حَاجَة إِلَى هَذَا التَّفْسِير بل يحمل على القَوْل المرجوع عَنهُ فَإِنَّهُ صَحَّ رُجُوعه عَنهُ إِلَى قَوْلهمَا وَقد بَينا هَذَا فِي مسئلة النِّكَاح بِغَيْر ولي فِي شرح الْمُخْتَصر لَهما أَن الْمهْر حق الْمَرْأَة فَيصح الْحَط لِأَنَّهَا تصرفت فِي خَالص حَقّهَا وَلأبي حنيفَة أَنَّهَا اضرت بالأولياء لأَنهم يتفخرون بغلاء الْمهْر ويتعيرون بضده
قَوْله فلهَا الْمُتْعَة هَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الْأَخير وَكَانَ أَبُو يُوسُف يَقُول أَولا لَهَا نصف العَبْد لِأَنَّهُ نصف الْمَفْرُوض وَإِنَّا نقُول الْغَرَض تعْيين مهر الْمثل لِأَنَّهُ مان وَاجِبا قبله فَنزل الْمعِين منزلَة مهر الْمثل وَمهر الْمثل لَا ينتصف فَكَذَا مَا نزل مَنْزِلَته

(1/181)


رجل تزوج امْرَأَة على هَذَا العَبْد أَو هَذَا العَبْد فَإِن كَانَ مهر مثلهَا أقل من أوكسهما فلهَا الأوكس وَإِن كَانَ أَكثر من أرفعهما فلهَا الأرفع وَإِن كَانَ بَينهمَا فلهَا مهر مثلهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَهَا الأوكس فِي ذَلِك كُله وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فلهَا نصف الاوكس فِي ذَلِك كُله امْرَأَة تزوجت تفؤا بِأَقَلّ من مهر مثلهَا فللأولياء أَن يبلغُوا بهَا مهر مثلهَا رجل تزوج امْرَأَة على غير مهر ثمَّ جعل لَهَا هَذَا العَبْد مهْرا فَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله فلهَا أَن تمنع لِأَن الْوَطْء تصرف فِي الْبضْع الْمُحْتَرَم فَلَا يجوز إخلاءه عَن الْعِوَض فَإِذا منعت عَن الوطئ فقد منعت عَن الزواج بِمَا يُقَابله وَلَهُمَا أَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ كُله صَار مُسلما بِرِضَاهَا فَبَطل حَقّهَا فِي الْحَبْس فَإِن منعت نَفسهَا فلهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى حَتَّى تستوفي مهرهَا عِنْد أبي حنيفَة (رَحمَه الله) وَقَالا لَا نَفَقَة لَهَا وَكَانَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الْقَاسِم الصفار الْبَلْخِي يُفْتِي فِي الْمَنْع بقول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي السّفر بقول أبي حنيفَة وَأَنه حسن
قَوْله رَجَعَ عليهالان الْمَوْهُوب مثل الْمهْر حَقِيقَة لَا عينه حَتَّى لَا يلْزمهَا رد عين مَا قبضت وَحقّ الزَّوْج فِي سَلامَة نصف الصَدَاق وَإِذا لم تقبض شَيْئا حَتَّى وهبت الْكل لَا يرجع بِشَيْء عندنَا
قَوْله لم يرجع لِأَنَّهُ سلم لَهُ عين حَقه فَوَجَبَ لَهُ الْبَرَاءَة عَن الْمُطَالبَة فِي أَوَانه لِأَن عين حَقه مَا بَقِي فِي ذمَّته لِأَن مَا دفع إِلَى الْمَرْأَة الظَّاهِر أَنه حَقّهَا فَلَا يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء وَلَو مان الْمهْر عرضا فقبضت أَو لم تقبض فَوهبت لَهُ ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول لم يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء بالِاتِّفَاقِ لِأَن الْمَوْهُوب عين الْمهْر وَقد سلم لَهُ حَقه

(1/182)


جَائِز فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فلهَا الْمُتْعَة امْرَأَة قد دخل بهَا فلهَا أَن تمنع نَفسهَا حَتَّى تَأْخُذ الْمهْر وَلها أَن تَمنعهُ أَن يُخرجهَا للسَّفر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) إِذا دخل بهَا فَلَيْسَ لَهَا أَن تمنع نَفسهَا
رجل تزوج امْرَأَة على ألف دِرْهَم فقبضتها ووهبتها ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول رَجَعَ عَلَيْهَا بِخمْس مائَة فَإِن لم تقبض الْألف وقبضت خمس مائَة فَوهبت لَهُ الْألف ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول لم يرجع وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِشَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يرجع عَلَيْهَا بِنصْف مَا قبضت وَإِن تزَوجهَا على عرض فقبضت أَو لم تقبض فَوَهَبته لَهُ ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا لم يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء فِي قَوْلهم جَمِيعًا رجل تزوج امْرَأَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله فَإِن كَانَ حراالخ اتّفق أَصْحَابنَا على أَن عين خدمَة الْحر لَا يصير مُسْتَحقّا بِالنِّكَاحِ للْحرَّة وَقَالَ الشَّافِعِي (رَحمَه الله) لَهَا خدمته سنة لِأَن الْخدمَة مَال عِنْد العقد بِالْإِجْمَاع حَتَّى لَو تزوج امْرَأَة على خدمَة حر آخر بِرِضَاهُ جَازَ وَصَارَ مهْرا وَلَو تزوج امْرَأَة على رعي غنمها هَذِه السّنة أَو زراعة أرْضهَا هَذِه السّنة صَحَّ بِالْإِجْمَاع فَكَذَا الْخدمَة فَصَارَ هَذَا كَمَا لَو كَانَ الزَّوْج عبدا وَإِنَّا نقُول بِأَن الْمُسَمّى لَا يصلح مهْرا لِأَنَّهُ حرَام على الزَّوْج فِي الشَّرْع لِأَنَّهُ مَالِكهَا وَهُوَ اقوم يَليهَا بِخِلَاف خدمَة حر آخر فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ المناقضة وَبِخِلَاف رعي الْغنم لِأَنَّهُ لَيْسَ خدمَة مناقضى اييضا لِأَنَّهُ لَا بَأْس بِالْقيامِ بِأُمُور الزَّوْجَات وَإِنَّمَا الْحَرَام هُوَ الْخدمَة وَبِخِلَاف مَا لَو كَانَ الزَّوْج عبدا فَإِنَّهُ خدمته تصلح مُسْتَحقَّة لَهَا بِالنِّكَاحِ لِأَن خدمته لَهَا جَائِزَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْأَمْوَال يُبَاع فِي السُّوق وَقد سلبت عَنهُ جَمِيع الكرامات فَلم تحرم الْخدمَة وَإِنَّمَا تحرم خدمَة الْحر لشرف الْحر كَرَامَة وَقَالَ مُحَمَّد ((رَحمَه الله) إِن الْمُسَمّى مَال مُتَقَوّم فَصحت التَّسْمِيَة إِلَّا أَنه عجز عَن التَّسْلِيم فَقَامَتْ الْقيمَة مقَامهَا كَمَا لَو تزَوجهَا على خدمَة عبد الْغَيْر وَلم يرض بِهِ ذَلِك الْغَيْر فَيجب قيمَة الْخدمَة وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) أَن الْمُسَمّى لَا يصلح مُسْتَحقّا لَهَا بِحَال فَلَا تقوم الْقيمَة بِحَال مقَامهَا
قَوْله فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَن مهر الْمثل وَجب بِالنِّكَاحِ فَيبقى بعد الْمَوْت

(1/183)


على خدمتها سنة فَإِن كَانَ حرا فَعَلَيهِ مهر مثلهَا وَإِن كَانَ عبدا فلهَا خدمته وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) لَهَا فِي الْحر قيمَة الْخدمَة
رجل وَامْرَأَته قد مَاتَا وَقد سمى لَهَا مهْرا فلورثتها أَن يَأْخُذُوا ذَلِك من مِيرَاث الزَّوْج وَإِن لم يكن سمى لَهَا مهْرا فَلَا شَيْء لورثتها وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد (رَحمَه الله) لورثتها الْمهْر فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا رجل تزوج امْرَأَة على هَذَا العَبْد فَإِذا هُوَ حر أَو على هَذَا الدن من الْخلّ فَإِذا هُوَ خمر عِنْد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كالمسمى وَصَارَ هَذَا كَمَا إِذا مَاتَ أَحدهمَا وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) أَن القَاضِي عجز عَن الْقَضَاء بِمهْر الْمثل لِأَنَّهُمَا إِذا مَاتَا فَالظَّاهِر موت أخراهما فبمهر مثل من يقدر وَلَا كَذَلِك إِذا مَاتَ احدهما
قَوْله قالقول قَوْله لِأَن المملك هُوَ الزَّوْج فَيكون هُوَ أعلم بِجِهَة التَّمْلِيك فَوَجَبَ الْمصير إِلَى قَوْله إِلَّا فِي مَا صَار مُكَذبا عرفا
قَوْله نَصْرَانِيّ إِلَخ وَكَذَا الْحَرْبِيّ وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد (رَحمَه الله) فِي الْحَرْبِيين وَأما فِي الذِّمِّيَّة فلهَا مهر الْمثل إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا والمتعة إِن طَلقهَا قبل الدُّخُول وَقَالَ زفر (رَحمَه الله) فِي الحربية لَهَا مهر الْمثل أَيْضا فزفر سوى بَينهمَا فِي الْوُجُوب وَأَبُو حنيفَة (رَحمَه الله) سوى بَينهمَا فِي عدم الْوُجُوب وهما فرقان وَقَالا فِي الذِّمِّيَّة إِن وجوب الْمهْر إِذا سكت عَنهُ الْعَاقِد أَو وَنفى عَنهُ حكم من أَحْكَام الْإِسْلَام وَأَحْكَام الْإِسْلَام جَارِيَة على أهل الذِّمَّة فِي دَار الْإِسْلَام غير جَارِيَة على أهل الْحَرْب فِي دَار الْحَرْب وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) أَن الْعَمَل بديانتهم فِي مَا يحْتَمل الصِّحَّة وَاجِب كَمَا قُلْنَا فِي الْخُمُور والخنازير وَهَذَا الحكم من جنس مَا أَن يكون صَحِيحا وَذكر فِي الْكتاب تزَوجهَا على غير مهر وَذَلِكَ يحْتَمل النَّفْي وَالسُّكُوت عَن ذكر الْمهْر فالنفي على الِاخْتِلَاف لَا محَالة وَأما السُّكُوت فَإِنَّهُ يرجع فِيهِ إِلَى دينهم فَإِن دانوا أَنه لَا يجب إِلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ كَانَ على الِاخْتِلَاف وَإِن دانوا أَنه يجب الا ان ينفى

(1/184)


أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ يجب مهر الْمثل وَعند أبي يُوسُف (رَحمَه الله) فِي العَبْد الْقيمَة وَفِي الدن الْخلّ وَمُحَمّد (رَحمَه الله) مَعَ أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْحر وَمَعَ أبي يُوسُف (رَحمَه الله) فِي الدن
رجل بعث إِلَى امْرَأَته بِشَيْء فَقَالَت هُوَ هَدِيَّة فَقَالَ الزَّوْج هُوَ من الْمهْر فَالْقَوْل قَوْله إِنَّه مهر إِلَّا فِي الطَّعَام الَّذِي يُؤْكَل فَإِن القَوْل قَوْلهَا نَصْرَانِيّ تزوج نَصْرَانِيَّة على ميتَة أَو على غير مهر وَذَلِكَ فِي دينهم جَائِز فَدخل بهَا أَو طَلقهَا قبل الدُّخُول أَو مَاتَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهَا مهر وَكَذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله فلهَا الْخمر والخنزيرالخ لِأَنَّهَا وَإِن أسلمت لَكِن هَذَا بَقَاء على ملك الْخمر وابتداؤه كَالْمُسلمِ يسْتَردّ الْخمر الْمَغْصُوب فِي حَالَة كفره
قَوْله وَقَالَ محمدالخ أما الْكَلَام فِي الْعين فهما يَقُولَانِ الْقَبْض مُؤَكد للْملك فَيمْتَنع الْملك بِسَبَب الْإِسْلَام كابتداء الْملك وَلأبي حنيفَة الثَّابِت بِالْقَبْضِ صُورَة الْيَد فَلَا بَأْس بهَا بعد الْإِسْلَام ثمَّ قَالَ أَبُو يُوسُف لما كَانَ بِالتَّسْلِيمِ حكم الِابْتِدَاء من وَجه ألحقناه بابتداء التَّسْمِيَة بعد الْإِسْلَام وَهُوَ بَاطِل فَوَجَبَ مهر الْمثل وَمُحَمّد يَقُول إِن التَّسْمِيَة صحت إِلَّا أَنه عجز عَن التَّسْلِيم شرعا بِشُبْهَة الِابْتِدَاء فَقَامَتْ الْقيمَة مقَامهَا وَأَبُو حنيفَة يَقُول الْأَمر كَمَا قَالَ مُحَمَّد فِي الْخمر أما فِي الْخِنْزِير فَلَا لِأَن قيمَة الْخِنْزِير لَهَا حكم الْخِنْزِير من فَوجه فوب مهر الْمثل
قَوْله فلهَا نصف المهرلان الْإِحْرَام وَاجِب فرضا كَانَ أَو نفلا فَيمْنَع صِحَة الْخلْوَة وَكَذَلِكَ صَوْم رَمَضَان يمْنَع صِحَة الْخلْوَة لِأَنَّهُ لَا يحل لَهُ الْإِبْطَال إِلَّا بِعُذْر وَأما صَوْم التَّطَوُّع لَا يمْنَع صِحَة الْخلْوَة لِأَنَّهُ يحل لَهُ إِبْطَاله وَمِنْهُم من قَالَ يمْنَع صِحَة الْخلْوَة لِأَنَّهُ لَا يحل لَهُ الْإِبْطَال إِلَّا بِعُذْر وَالْأول أصح لِأَنَّهُ نَص فِي الْمُنْتَقى ان من صَامَ تطوع لَهُ أَن يفْطر بِغَيْر عذر هَكَذَا قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْأَجَل برهَان الْأَئِمَّة وَأما الْمَرَض فمرضها متنوع إِن كَانَ ال يُؤثر فِي المواقعة وَلَا

(1/185)


الحربيان فِي دَار الْحَرْب وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) فِي الْحَرْبِيين وَأما الذميان فلهَا مهر مثلهَا والمتعة إِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا
ذمِّي تزوج على خمر أَو خِنْزِير بِعَيْنِه أَو بِغَيْر عينه ثمَّ أسلما أَو أسلم أَحدهمَا فلهَا الْخمر وَالْخِنْزِير ان كَانَ بعينهما وَلها فِي الْخمر الْقيمَة وَفِي الْخِنْزِير مهر مثلهَا إِذا كَانَ بِغَيْر عينه وَلها فِي الْوَجْهَيْنِ مهرمثلها على قَول أبي يُوسُف (رَحمَه الله) وَقَالَ ابو مُحَمَّد (رَحمَه الله) لَهَا الْقيمَة فِي الْوَجْهَيْنِ
رجل خلا بامرأته وَأَحَدهمَا محرم بِفَرْض أَو تطوع أَو صَائِم فِي رَمَضَان أَو مَرِيض لَا يقدر على الْجِمَاع أَو هِيَ حَائِض ثمَّ طَلقهَا فلهَا نصف الْمهْر وَإِن كَانَ أَحدهمَا صَائِما تَطَوّعا فلهَا الْمهْر كُله مَحْبُوب خلا بامرأته ثمَّ طَلقهَا فلهَا الْمهْر كَامِلا وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يلْحقهَا ضَرَر لَا يمْنَع صِحَة الْخلْوَة فَإِن كَانَ يلْحقهَا بذلك ضَرَر يمْنَع صِحَة الْخلْوَة لِأَن الْإِضْرَار بهَا حرَام وَأما مَرضه فقد قيل بِأَنَّهُ متنوع أَيْضا إِن كَانَ لَا يلْحقهُ ضَرَر بذلك لَا يمْنَع صِحَة الْخلْوَة وَإِن كَانَ يلْحقهُ بذلك ضَرَر حِينَئِذٍ يمْنَع صِحَة الْخلْوَة لِأَنَّهُ يكون مَانِعا طبعا وَقَالَ بَعضهم كل مرض من جَانِبه يمْنَع صِحَة الْخلْوَة لِأَنَّهُ يلْحقهُ بذلك لَا محَالة وَأما الْحيض وَالنّفاس يمْنَع صِحَة الْخلْوَة لِأَنَّهُ مَانع طبعا وَشرعا
قَوْله لَهَا نصف المهرلان عجز الْمَجْبُوب فَوق عجز الْمَرِيض وَله أَن الْجب لَا يمْنَع تَسْلِيم الْمُبدل وَهِي مَنْفَعَة المساس والسحق فَيجب تَسْلِيم الْبَدَل
قَوْله وَلَيْسَ بِقِيَاس وَالْقِيَاس أَن لَا يجب لِأَن هَذَا طَلَاق قبل الدُّخُول فَلَا يجب بِهِ الْعدة كَمَا لَو كَانَ قبل الْخلْوَة وَجه الِاسْتِحْسَان أَنه يتَوَهَّم الدُّخُول فِي

(1/186)


لَهَا نصف المهروعليها الْعدة فِي هَذِه الْمسَائِل احْتِيَاطًا وَلَيْسَ بِقِيَاس ذكره فِي كتاب الطَّلَاق
بَاب تَزْوِيج العَبْد وَالْأمة
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل لَهُ عبد فَتزَوج بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَقَالَ الْمولى طَلقهَا أَو فَارقهَا قَالَ لَيْسَ هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هَذِه الْمَوَاضِع كلهَا وَالْعدة فِيهَا خلق الله تَعَالَى وَحقّ الْوَلَد فيحتاط فِيهَا إِذا وَقع الشَّك فِي وُجُوبهَا
بَاب فِي تَزْوِيج العَبْد وَالْأمة
قَوْله لَيْسَ هَذِه اجازة لِأَنَّهُ يحْتَمل الرَّد لَان هَذَا العقد يُسمى طَلَاقا
قَوْله فَهَذَا إجَازَة لِأَنَّهُ لما قيدها بالرجعة لَا يحْتَمل إِلَّا الْإِجَازَة
قَوْله فالإذن فِي الْعَزْل إِلَى الْمولى هَذِه المسئلة تبتنى على جَوَاز على جَوَاز الْعَزْل عِنْد عَامَّة الْعلمَاء خلافًا لبَعض النَّاس إِلَّا أَن فِي الْحرَّة لَا يُبَاح عزلها إِلَّا بِرِضَاهَا لِأَن لَهَا حَقًا فِي الْوَلَد فَلَا يجوز تنقيص حَقّهَا إِلَّا بِرِضَاهَا وَأما فِي الْأمة الْمَمْلُوكَة لَا يشْتَرط رِضَاهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا حق فِي الْوَلَد وَقَضَاء الشَّهْوَة وَفِي الْأمة الْمَنْكُوحَة اخْتلفُوا قَالَ أَبُو حنيفَة (رَحمَه الله) الْإِذْن فِي الْعَزْل إِلَى الْمولى وَقَالا إِلَيْهَا لَان الوطئ حَقّهَا لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تقضي شهوتها دون مَوْلَاهَا وَلأبي حنيفَة أَن العقد ورد على ملك الْمولى والولدحق الْمولى فَيشْتَرط الرضاء من الْمولى وَإِن كَانَ قَضَاء الشَّهْوَة حَقّهَا وَلَكِن حَقّهَا فِي أصل الشَّهْوَة وَهُوَ الْجِمَاع لَا فِي وَصفه وَهُوَ إِنْزَال المَاء فِي رَحمهَا وَمَا هُوَ أصل حَقّهَا يحصل بِالْجِمَاعِ
قَوْله القَوْل قَول الْمولى لِأَن الِاخْتِلَاف وَقع فِي إِثْبَات النِّكَاح ابْتِدَاء لَا فِي انْقِضَاء عدتهَا ظَاهرا وَذَلِكَ إِلَى الْمولى وَلِهَذَا أَبى أَبُو حنيفَة الْقَضَاء بِالنّكُولِ فِي هَذِه الصُّورَة وَشبهه بابتداء النِّكَاح وَلأبي حنيفَة ان الرّجْعَة امْر يتبنى على الْعدة وَفِي ذَلِك القَوْل قَوْلهَا فَكَذَلِك فِي مَا يبتنى على الْعدة

(1/187)


بِإِجَازَة وَإِن قَالَ طَلقهَا تَطْلِيقَة تملك الرّجْعَة فَهَذَا اجازة رجل تزوج امة بالاذن فِي الْعَزْل لابى الْمولى وَإِن طَلقهَا وَقَالَ قد رَاجَعتك فِي الْعدة وَأنْكرت وَصدقه الْمولى فَالْقَوْل قَوْلهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) القَوْل قَول الْمولى وَإِن قَالَت قد انْقَضتْ عدتي وَقَالَ الزَّوْج أَو الْمولى لم تنقض فَالْقَوْل قَوْلهَا رجل قَالَ لعَبْدِهِ تزوج هَذِه الامة
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله فَالْقَوْل قولهالأنها عَالِمَة بهَا فَكَانَ مَا تَقوله عَن علم
قَوْله وَقَالَ ابو يُوسُف ومحمدالخ أصل المسئلة أَن الْإِذْن بِالنِّكَاحِ ينْصَرف إِلَى الْجَائِز وَالْفَاسِد جَمِيعًا عندا أبي حنيفَة (رَحمَه الله) وَقَالا ينْصَرف إِلَى الْجَائِز دون الْفَاسِد وتبنى على هَذَا لَو جدد العَبْد نِكَاح هَذِه الْمَرْأَة على الصِّحَّة لَا ينفذ عِنْد أبي حنيفَة لِأَن الْإِذْن بِالنِّكَاحِ قد انْتهى وَعِنْدَهُمَا ينْعَقد لِأَن الْإِذْن بِالنِّكَاحِ بَاقٍ بِالنِّكَاحِ الْمُطلق لَهما أَن الْمَقْصُود من النِّكَاح فِي الْمُسْتَقْبل الإعفاف وَذَلِكَ إِنَّمَا يحصل بالجائز الَّذِي يُوجب الْملك وَلِهَذَا لَو حلف أَن لَا يتَزَوَّج لَا يَحْنَث بِالنِّكَاحِ الْفَاسِد بِخِلَاف البيع حَيْثُ ينْصَرف إِلَى الْجَائِز وَالْفَاسِد جَمِيعًا لَان بعض الْمَقَاصِد بحصل بِالْبيعِ الْفَاسِد من ملك الْإِعْتَاق وَملك التَّصَرُّفَات وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) أَن الْحَاجة إِلَى إِذن الْمولى لتَعلق الْمهْر بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ هُوَ أهل فِي نَفسه من حَيْثُ الْآدَمِيَّة وَالْفَاسِد فِيهِ مثل الْجَائِز بِالدُّخُولِ وَلَكِن هَذَا التَّعْلِيل لَا يُوَافق أصل مَذْهَبنَا لِأَن العَبْد كَالْوَكِيلِ فِي النِّكَاح وَالْمولى مَالك الْإِنْكَاح على العَبْد فَوَجَبَ أَن يتَعَرَّض بِإِطْلَاق الْإِذْن فَنَقُول الْإِذْن مُطلق وَالْمُطلق يَقع عَلَيْهِمَا كَمَا فِي البيع
قَوْله فلهَا المهرلان الْقَتْل موت فِي حَقّهَا وَالْمَوْت مُؤَكد للمهر فَلَا يسْقط شَيْء من مهرهَا كَمَا لَو مَاتَت حتف نَفسهَا وَأما فِي الْأمة فهما سوياً فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِعَدَمِ السُّقُوط وَأَبُو حنيفَة فرق وَوجه الْفرق أَن الْقَتْل لَيْسَ موتا فِي حق الْقَاتِل بل هُوَ قطع للبقاء فِي حَقه وَلِهَذَا أَخذ بِالْقصاصِ وحرمان الْمِيرَاث وَالْكَفَّارَة وَإِن كَانَ فِي حق الله تَعَالَى مَيتا بأجله وَأَحْكَام الْقَتْل فِي قتل الْمولى أمته ثَابِتَة وَلَكِن لم يجب الْقود لعدم الْفَائِدَة وَلَا كَذَلِك الْحرَّة فَإِنَّهَا لَا يُضَاف الْقَتْل إِلَيْهَا لَا حَقِيقَة وَلَا حكما

(1/188)


فَتَزَوجهَا نِكَاحا فَاسِدا وَدخل بهَا فَإِنَّهُ يُبَاع فِي الْمهْر وَقَالَ فِي الْمهْر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يُؤْخَذ مِنْهُ إِذا أعتق
رجل زوج أمته ثمَّ قَتلهَا قبل أَن يدْخل بهَا زَوجهَا فَلَا مهر لَهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) عَلَيْهِ الْمهْر لمولاها وَإِن قتلت حرَّة نَفسهَا قبل أَن يدْخل بهَا زَوجهَا فلهَا الْمهْر فِي قَوْلهم أمة تزوجت بِغَيْر إِذن سَيِّدهَا على ألف وَمهر مثلهَا ألف فَدخل بهَا الزَّوْج ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهَا فَالنِّكَاح جَائِز وَلَا خِيَار لَهَا وَالْمهْر للْمولى وَإِن لم يدْخل بهَا حَتَّى أعْتقهَا فَلَا خِيَار لَهَا وَلها الْألف رجل زوج عبدا مَأْذُونا لَهُ عَلَيْهِ دين فالمرأة
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله فَالنِّكَاح جائزلأنها من أهل الْعبارَة بِدَلِيل أَنَّهَا تملك النِّكَاح بِالْإِذْنِ لَكِن لم يجز النِّكَاح ابْتِدَاء لقِيَام حق الْمولى فَإِذا زَالَ بِالْإِعْتَاقِ جَازَ وَلَا خِيَار لَهَا لِأَن النِّكَاح إِنَّمَا جَازَ لَهَا لِأَن الْمَانِع قد زَالَ بِالْعِتْقِ فَصَارَ جَائِزا عِنْد الْعتْق وَبعد الْجَوَاز لم يزدْ عَلَيْهِ الْملك وَالْمهْر للْمولى لِأَنَّهُ استوفى مَنْفَعَة مَمْلُوكَة للْمولى فَيكون بدلهَا لَهُ
قَوْله فالمرأة أسوء الْغُرَمَاء يُرِيد بِهِ إِذا كَانَ النِّكَاح بِمهْر الْمثل أَو دونه لِأَنَّهُ لزمَه بِحكم لَا مرد لَهُ وَهُوَ صِحَة النِّكَاح فشابه بدين الِاسْتِهْلَاك
قَوْله فلهَا الخيارلان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير بَرِيرَة وَهِي مُكَاتبَة عَائِشَة (رَضِي الله عَنهُ) وَلِأَن ثُبُوت الْخِيَار مَعْلُول بِزِيَادَة الْملك وَقد وجد ذَلِك فِي حق الْمُكَاتبَة
قَوْله وَإِلَّا فلالان النَّفَقَة إِنَّمَا تجب عندنَا جَزَاء للحبس وَلَا يسْتَحق ذَلِك على الْأمة لِأَن ملكه فِي الرَّقَبَة وَالْمَنَافِع بَاقٍ فَكَانَ مقدما عَلَيْهِ فَإِذا بواها مَعَه بَيْتا فقد أبطل حَقه وَوَجَب الْحَبْس فَوَجَبَ جزاءه
قَوْله لم تصر أم ولد لَهُ لعدم الْملك لَهُ فِيهَا وَعدم الْملك لعدم

(1/189)


أُسْوَة الْغُرَمَاء فِي حَقّهَا ومهرها مُكَاتبَة تزوجت بِإِذن الْمولى فأعتقت فلهَا الْخِيَار رجل تزوج أمة فَإِن بواها الْمولى مَعَه بَيْتا فلهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى وَإِلَّا فَلَا
رجل وطئ أمة ابْنه فَولدت مِنْهُ فَهِيَ أم ولد لَهُ وَعَلِيهِ قيمتهَا وَلَا مهر عَلَيْهِ فَإِن كَانَ الابْن زَوجهَا إِيَّاه فَولدت لم تصر أم ولد لَهُ وَلَا قيمَة عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر وَوَلدهَا حر حرَّة تَحت عبد قَالَت لمَوْلَاهُ أعْتقهُ عني بِأَلف فَفعل فسد النِّكَاح وَالْوَلَاء لَهَا وَإِن قَالَت أعْتقهُ عني وَلم يسم مَالا لم يفْسد النِّكَاح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْحَاجة وَعدم الْحَاجة لاستغنائه بِملك النِّكَاح
قَوْله وَوَلدهَا حر يُرِيد أَنه يعْتق على الْأَخ بِالْقَرَابَةِ لِأَن الْوَلَد علق رَقِيقا لِأَن الْأُم مَمْلُوكَة لَهُ وَالْولد بتبع الْأُم فِي الْحُرِّيَّة والرقبة جَمِيعًا إِلَّا أَنه يعْتق على الْأَخ بِالْقَرَابَةِ
قَوْله فسد النِّكَاح إِلَخ هَذَا عندنَا خلافًا لزفَر لِأَنَّهُ يثبت الْملك سَابِقًا بطرِيق الِاقْتِضَاء وَزفر لَا يَقُول بالاقتضاء
قَوْله لم يفْسد النِّكَاح وَالْوَلَاء فِي هَذِه الصُّورَة للْمُعْتق وَقَالَ أَبُو يُوسُف يفْسد للولاء لَهَا زفر سوى بَينهمَا فِي عدم الْفساد وَأَبُو يُوسُف سوى بَينهمَا فِي الْفساد وهما فرقا بَين طلب الْعتْق بعوض وَبِغير عوض

(1/190)