الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير

كتاب الدَّعْوَى

مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم) جَارِيَة حملت فِي ملك رجل فَبَاعَهَا فَولدت فِي يَد المُشْتَرِي فَادّعى البَائِع الْوَلَد وَقد أعتق المُشْتَرِي الْأُم فَهُوَ ابْنه يرد عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثّمن وَعِنْدَهُمَا يرد عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَإِن كَانَ المُشْتَرِي أعتق الْوَلَد فدعواه بَاطِل صبي فِي يَد رجل قَالَ هُوَ ابْن عَبدِي فلَان الْغَائِب ثمَّ قَالَ هُوَ ابْني لم يكن ابْنه أبدا وَإِن جحد العَبْد أَن يكون ابْنه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) إِذا جحد العَبْد أَن يكون ابْنه فَهُوَ ابْن الْمولى رجل فِي يَده غلامان توأمان ولد عِنْده فَبَاعَ أَحدهمَا فَأعْتقهُ المُشْتَرِي ثمَّ ادّعى البَائِع الْغُلَام الَّذِي هُوَ فِي يَده
ـــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب الدَّعْوَى

قَوْله فَهُوَ ابْنه هَذَا إِذا جَاءَت بِالْوَلَدِ لأَقل من سِتَّة أشهر من وَقت الشِّرَاء فَإِن جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا أَو لأَقل من سنتَيْن من وَقت البيع لم يَصح دَعْوَة البَائِع مَا لم يصدقة المُشْتَرِي
قَوْله بِحِصَّتِهِ من الثّمن يُرِيد أَنه يقسم الثّمن على قيمَة الْجَارِيَة وعَلى قيمَة الْوَلَد فَمَا أصَاب الْأُم يسْقط وَمَا أصَاب الْوَلَد يرد البَائِع على المُشْتَرِي
قَوْله قَالَ هُوَ ابْن عَبدِي إِلَخ تَفْسِير المسئلة صبي فِي يَد رجل ولد فِي يَده وَهُوَ يَبِيعهُ وَلَا يَأْمَن المُشْتَرِي أَن يَدعِيهِ البَائِع يَوْمًا فينتقض البيع فَيقر بِالنّسَبِ لعَبْدِهِ الْغَائِب خوفًا من انْتِقَاض البيع

(1/413)


فهما ابناه وَبَطل عتق المُشْتَرِي وَالْبيع أَيْضا
صبي فِي يَد مُسلم وَنَصْرَانِي قَالَ النَّصْرَانِي هَذَا ابْني وَقَالَ الْمُسلم هُوَ عَبدِي فَهُوَ ابْن النَّصْرَانِي امْرَأَة ادَّعَت صَبيا أَنه ابْنهَا لم يجز دَعْوَاهَا حَتَّى تشهد امْرَأَة على الْولادَة فَإِن كَانَ لَهَا زوج فَزَعَمت أَنه ابْنهَا مِنْهُ وصدقها فَهُوَ ابنهما وَإِن لم تشهد امْرَأَة وَإِن كَانَ الصَّبِي فِي أَيْدِيهِمَا فَزعم الزَّوْج أَنه ابْنه من غَيرهَا وَزَعَمت أَنه ابْنهَا من غَيره فَهُوَ ابنهما جَارِيَة قَالَ أَنا أم ولد لمولاي وَهَذَا ابْني مِنْهُ وَأنكر الْمولى فَلَا يَمِين عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْله لم يكن ابْنه أبدا لِأَن هَذَا إِقْرَار بِمَا لَا يحْتَمل النَّقْض فَلَا يبطل برد الْمقر لَهُ كمن شهد على رجل بِنسَب فَردَّتْ شَهَادَته لِمَعْنى ثمَّ ادّعى الشَّاهِد أَنه ابْنه لم يَصح وَعِنْدَهُمَا إِذا صدقه الْغَائِب وَلم يعرف مِنْهُ تَصْدِيق وَلَا تَكْذِيب لَا يَصح دَعْوَة الْمقر أما إِذا كذبه الْغَائِب يَصح دَعْوَة الْمقر لِأَن الْإِقْرَار قد بَطل الْجُحُود والتكذيب فَصَارَ كَأَن لم يكن
قَوْله وَبَطل عتق المُشْتَرِي لِأَنَّهُ لما صحت الدعْوَة فِي هَذَا الْقيام الْملك وَقت الْعلُوق والدعوة جَمِيعًا يتبعهُ الآخر لِأَن أَحدهمَا لاينفصل عَن الآخر فِي حكم النّسَب وَالْحريَّة
قَوْله فَهُوَ ابْن النَّصْرَانِي لِأَنَّهُ لَا تعَارض بَين دَعْوَى الرّقّ وَبَين دَعْوَى النّسَب ليترجح بِالْإِسْلَامِ لِأَن إِثْبَات النّسَب أقوى
قَوْله حَتَّى تشهد إِلَخ يُرِيد امْرَأَة لَهَا زوج لِأَنَّهَا قصدت إِلْزَام النّسَب على الْغَيْر وَسبب لُزُوم النّسَب قَائِم وَهُوَ النِّكَاح لَكِن الْحَاجة إِلَى إِثْبَات الْولادَة وَتَعْيِين الْوَلَد وَفِي إِثْبَات الْولادَة وَتَعْيِين الْوَلَد إِلْزَام عَلَيْهِ فَوَجَبَ إثْبَاته بِحجَّة وَحجَّة إِثْبَات الْوَلَد شَهَادَة الْقَابِلَة هَذَا إِذا كَانَت مَنْكُوحَة فَإِن لم تكن مَنْكُوحَة لَكِنَّهَا مُعْتَدَّة وَادعت النّسَب على الزَّوْج احْتَاجَت إِلَى حجَّة تَامَّة عِنْد أبي حنيفَة هَذَا إِذا

(1/414)


فِي قَول أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنهُ) ويستحلف فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) وَالله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ادَّعَت إِلْزَام النّسَب على أحد أما إِذا لم تدع إِلْزَام النّسَب على أحد بِأَن لم تكن مُعْتَدَّة وَلَا مَنْكُوحَة بِأَن ولدت من الزِّنَا كَانَ القَوْل قَوْلهَا من غير حجَّة
قَوْله وَإِن لم تشهد امْرَأَة لِأَن الْخصم قد اعْترف
قَوْله فَهُوَ ابنهما لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قصد إبِْطَال حق الآخر فَلَا يقدران وَالْفِقْه فِيهِ أَن أَيْدِيهِمَا تثبت عَلَيْهِ على السوَاء فَلَا يملك أَحدهمَا إبِْطَال حق صَاحبه كَثوب فِي يَد اثْنَيْنِ يزْعم كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه بيني وَبَين فلَان لَا يصدقان وَيكون الثَّوْب بَينهمَا كَذَا هَذَا

(1/415)