الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير

كتاب الصُّلْح

مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل لَهُ على آخر ألف دِرْهَم فَقَالَ لَهُ أد إِلَيّ غَدا خمس مائَة على أَنَّك بَرِيء من الْبَاقِي فَفعل فَهُوَ بَرِيء وَإِن لم يدْفع إِلَيْهِ غَدا خمس مائَة عَاد عَلَيْهِ الْألف وَهُوَ قَول مُحَمَّد (رَحمَه الله) وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) لَا يعود عَلَيْهِ عبد مَأْذُون لَهُ قتل رجلا عمدا لم يجز لَهُ أَن يُصَالح عَن نَفسه وَإِن قتل عَبده رجلا عمدا فَصَالح عَنهُ جَازَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب الصُّلْح

قَوْله لَا يعود عَلَيْهِ لِأَن الْإِبْرَاء ثَبت مُطلقًا فَيثبت الْبَرَاءَة مُطلقًا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن أَدَاء خَمْسمِائَة لما لم يصلح عوضا لم يُوجب تعلق الْإِبْرَاء بِهِ فَيحصل الْإِبْرَاء مُطلقًا وَلَهُمَا أَن الْإِبْرَاء حصل بِشَرْط مَرْغُوب فَيتَعَلَّق بسلامتها كَمَا إِذا أَبرَأَهُ على عوض مُسَمَّاة وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَنَّهُ لما أَبْرَأ بتعجيل خَمْسمِائَة وأدائها غَدا فَلَعَلَّ لَهُ رَغْبَة فِي ذَلِك وَقَوله على أَنَّك بَرِيء لم يخرج إِلَى مخرج الأعواض فَلم يثبت إِلَّا مُقَابلا والمقابل يصلح أَن يكون شرطا لكَونه مرغوباً وَلَا يصلح عوضا مَحْضا
قَوْله لم يجز لَهُ لِأَن رقبته لَيست من التِّجَارَة وَإِنَّمَا هِيَ للْخدمَة أَلا ترى أَنه لَا يَبِيع رقبته وَلَا زَكَاة على مَوْلَاهُ
قَوْله جَازَ لِأَنَّهُ عَبده من التِّجَارَة ففوض التَّصَرُّف فِي ذَلِك إِلَيْهِ وَقد صَار

(1/419)


غصب ثوبا يَهُودِيّا قِيمَته أقل من مائَة دِرْهَم فاستهلكه فَصَالح مِنْهُ على مائَة دِرْهَم جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يبطل الْفضل على قِيمَته بِمَا لَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ عبد بَين رجلَيْنِ أعْتقهُ أَحدهمَا وَهُوَ مُوسَى فَصَالحه الآخر على أَكثر من نصف قِيمَته فالفضل بَاطِل وَإِن صَالحه على عرض جَازَ رجل قَالَ لآخر لَا أقرّ لَك بِمَا لَك حَتَّى تؤخره عني أَو تحط عني فَفعل ذَلِك جَازَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِمَنْزِلَة الْمُسْتَحق فَإِذا صَالح فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ
قَوْله يبطل الْفضل لِأَن حَقه من الْقيمَة مُقَدّر فَلَا يحْتَمل الزِّيَادَة لِأَنَّهُ يصير رَبًّا كَمَا فِي مسئلة الْعتْق بِخِلَاف الْغبن الْيَسِير لِأَنَّهُ مَا يدْخل تَحت التَّقْوِيم فَلم يكن من بَاب الْفضل وَلأبي حنيفَة أَن هَذَا اعتياض عَن حَقه فَيصح بَالغا مَا بلغ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن الْهَالِك فَيحكم الصَّالح بِمَنْزِلَة الْقَائِم وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الصُّلْح لَو وَقع على كرّ شعير بِغَيْر عينه وَقبض فِي الْمجْلس صَحَّ وَلَو كَانَ عَن الْقيمَة لبطل لكَونه سلما حَالا دلّ على أَن الْهَالِك فِي حكم الصُّلْح بِمَنْزِلَة الْقَائِم وَهَذَا المَال يصلح عوضا كَمَا يصلح اسْتِيفَاء فَالظَّاهِر الِاسْتِيفَاء إِلَّا أَنه قَامَ دَلِيل على جِهَة الِاعْتِيَاض وَهُوَ طلب الزِّيَادَة بِخِلَاف الْعتْق لِأَنَّهُ اسْتِيفَاء
قَوْله حَاز لِأَنَّهُ لَيْسَ بمكره فِيهِ وَهَذَا إِنَّمَا يكون فِي السِّرّ أما إِذا كَانَ فِي الْعَلَانِيَة يُؤْخَذ

(1/420)