قره عين
الأخيار لتكملة رد المحتار علي «الدر المختار شرح تنوير الأبصار» كتاب الْوَصَايَا
يراده آخِرَ الْكِتَابِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ، لِأَنَّ آخِرَ أَحْوَالِ
الْآدَمِيِّ فِي الدُّنْيَا الْمَوْتُ، وَالْوَصِيَّةُ مُعَامَلَةٌ وَقْتَ
الْمَوْت، وَله زِيَاد اخْتِصَاصٍ بِالْجِنَايَاتِ وَالدِّيَاتِ، لَمَّا
أَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تُفْضِي إلَى الْمَوْتِ الَّذِي وَقْتُهُ وَقْتُ
الْوَصِيَّةِ.
عِنَايَةٌ.
وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ آخِرٌ نِسْبِيٌّ.
نَعَمْ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ هُوَ حَقِيقِيٌّ لِأَنَّهُ لَمْ
يَذْكُرْ فِيهَا الْفَرَائِضَ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي
الْهِدَايَةِ بَعْدَهُ كِتَابَ الْخُنْثَى فَهُوَ نِسْبِيٌّ أَيْضًا كَمَا
أَفَادَهُ الطُّورِيُّ.
قَوْلُهُ: (يَعُمُّ الْوَصِيَّةَ وَالْإِيصَاءَ إلَخْ) فِي الْمُغْرِبِ:
أَوْصَى إلَى زَيْدٍ بِكَذَا إيصَاءً وَوَصَّى بِهِ تَوْصِيَةً،
وَالْوَصِيَّةُ والوصاة اسمان فِي معنى الصَّدْر، ثُمَّ سُمِّيَ الْمُوصَى
بِهِ وَصِيَّةً، وَالْوِصَايَةُ بِالْكَسْرِ مصدر لوصي، وَقيل الايصاء: طلب
الشئ مِنْ غَيْرِهِ لِيَفْعَلَهُ عَلَى غَيْبٍ مِنْهُ حَالَ حَيَاتِهِ
وَبَعْدَ وَفَاتِهِ.
وَفِي حَدِيثِ الظِّهَارِ: اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّك خَيْرًا: أَيْ
اقْبَلِي وَصِيَّتِي فِيهِ، وانتصاب خيرا على الْمصدر: أَي استيصاء خير اه.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَصَّيْت إلَى فُلَانٍ تَوْصِيَةً وَأَوْصَيْت إلَيْهِ
إيصَاءً، وَالِاسْمُ الْوِصَايَةُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحُ لُغَة، وأوصيت
إِلَيْهِ بِمَال: جعلته لَهُ اه.
وَفِي الْقَامُوسِ: أَوْصَاهُ وَوَصَّاهُ تَوْصِيَةً: عَهِدَ إلَيْهِ،
وَالِاسْمُ الْوَصَاةُ وَالْوِصَايَةُ وَالْوَصِيَّةُ اه.
وَنَقَلَ الامام النَّوَوِيّ عَن أهل اللُّغَة: أَنه يُقَال: أَوْصَيْته
وَوَصَّيْته بِكَذَا وَأَوْصَيْت وَوَصَّيْت لَهُ وَأَوْصَيْت إِلَيْهِ:
جعلته كوصيا.
قُلْت: وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اللُّغَة بَين الْمُتَعَدِّي
بِنَفسِهِ أَو بِاللَّامِ أَو بإلى فِي كُلًّا مِنْهَا يُسْتَعْمَلُ
بِمَعْنَى جَعَلْته وَصِيًّا، وَإِنَّ التَّعَدِّي بِإِلَى يُسْتَعْمَلُ
بِمَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ، وَأَنَّ كُلًّا من الْوَصِيَّة والايصاء
يَأْتِي لَهما، وَأَن التَّفْرِقَة بَين الْمُتَعَدِّي بَالَام
وَالْمُتَعَدِّي بِإِلَى اصْطِلَاحِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ
الدُّرَرِ، وَبِهِ صَرَّحَ الطُّورِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ،
وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا فِي ذَلِكَ إلَى أَصْلِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ
مَعْنَى أَوْصَيْت إلَيْهِ: عَهِدْت إلَيْهِ بِأَمْرِ أَوْلَادِي مَثَلًا،
وَمَعْنَى أَوْصَيْت لَهُ: مَلَّكْت لَهُ كَذَا، فَعَدُّوا كُلًّا
مِنْهُمَا بِمَا يَتَعَدَّى بِهِ مَا تَضَمَّنَا مَعْنَاهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ: أَنَّ جَمْعَ وَصِيَّةٍ وَصَايَا، وَأَصْلُهُ وَصَايِيٌّ،
فَقُلِبَتْ الْيَاءُ الْأُولَى هَمْزَةً لِوُقُوعِهَا بَعْدَ أَلِفِ
مُفَاعِلَ.
ثُمَّ أُبْدِلَتْ كسرتها فتهة فَانْقَلَبَتْ الْيَاءُ الْأَخِيرَةُ أَلِفًا
ثُمَّ أُبْدِلَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً لِكَرَاهَةِ وُقُوعِهَا بَيْنَ
أَلِفَيْنِ.
بَقِيَ أَنَّ عُمُومَهُ لِلْوَصِيَّةِ وَالْإِيصَاءُ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى
أَنَّهُ جمع لَهما كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ عَلَى مَعْنَى أَنَّ
الْوَصِيَّةَ تَأْتِي اسْمًا مِنْ الْمُتَعَدِّي بِإِلَى وَالْمُتَعَدِّي
بِاللَّامِ فَجمعت على وَصَايَا مرَادا بهَا كَمَا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ،
فَلَا يُرَدُّ أَنَّ ذِكْرَ بَابِ الْوَصِيّ فِي هَذَا الْكتاب على سَبِيل
التَّطَفُّلِ.
فَلْيُتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَحِينَئِذٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِمَعْنَى مَلَّكَهُ
بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: وَهِيَ تَمْلِيكٌ
بِزِيَادَةِ وَاوٍ، وَيَرْجِعُ الضَّمِيرُ إلَى الْوَصِيَّةِ فِي كَلَامِهِ
ط.
قَوْلُهُ: (عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا) عِبَارَةُ الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ:
عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَة اهـ ح.
قَوْلُهُ: (بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكٍ اه ح.
وَهَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ.
قَوْلُهُ: (لِيُخْرِجَ نَحْوَ الْإِقْرَارِ
(7/226)
بِالدَّيْنِ) أَيْ الْإِقْرَارَ بِهِ
لِأَجْنَبِيٍّ، وَفِيهِ أَنَّ الْقَائِلِينَ مِنْ عُلَمَائِنَا بِأَنَّ
الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ،
فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَزِمَ أَنْ لَا يَنْفُذَ مِنْ كُلِّ
الْمَالِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ، فَحِينَئِذٍ لَا
حَاجَةَ لِإِخْرَاجِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ
قَيْدَ التَّبَرُّعِ لِإِخْرَاجِ التَّمَلُّكِ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ
وَالْإِجَارَةِ، وَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَ
الْمَوْتِ عَنْ نَحْوِ الْهِبَةِ، فَإِنَّهَا تَمْلِيكُ تبرع للْحَال.
قَوْله: (كَمَا سيجئ) أَيْ فِي أَوَّلِ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى
قَوْلِهِ: يَعْنِي بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ تَقْرِيرُهُ ظَاهِرٌ، وَأَشَارَ
بِقَوْلِهِ: فَتَأَمَّلْهُ إلَى دِقَّةِ الْجَوَابِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ
الْوَاجِبَ لِحَقِّهِ تَعَالَى لَمَّا سَقَطَ بِالْمَوْتِ أَشْبَهَ
التَّبَرُّعَ وَلَمْ يَكُنْ كَدُيُونِ الْعِبَادِ اه ح.
أَقُول: هَذَا مَبْنِيّ على أَن التَّبَرُّع: مَا إنْ شَاءَ فَعَلَهُ
وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ يُرَادُ بِهِ مَا كَانَ
مَجَّانًا لَا بِمُقَابَلَةِ عِوَضٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ السُّؤَالُ.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى) عِبَارَتُهُ:
وَالْوَصِيَّةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ كَالْوَصِيَّةِ بِرَدِّ
الْوَدَائِعِ وَالدّين الْمَجْهُولَةِ.
وَمُسْتَحَبَّةٌ كَالْوَصِيَّةِ بِالْكَفَّارَاتِ وَفِدْيَةِ الصَّلَاةِ
وَالصِّيَامِ وَنَحْوِهَا.
وَمُبَاحَةٌ كَالْوَصِيَّةِ لِلْأَغْنِيَاءِ مِنْ الْأَجَانِبِ
وَالْأَقَارِبِ.
وَمَكْرُوهَةٌ كَالْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْمَعَاصِي اه.
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْبَدَائِعِ: الْوَصِيَّةُ بِمَا
عَلَيْهِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ
وَالْكَفَّارَاتِ وَاجِبَةٌ اه.
شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
وَمَشَى الزَّيْلَعِيُّ عَلَى مَا فِي الْبَدَائِع.
وَفِي المواهي: تَجِبُ
عَلَى مَدْيُونٍ بِمَا عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَلا لِلْعِبَادِ،
وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُجْتَبَى
مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ حُقُوقِهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْعِبَادِ، وَمَا
مَرَّ مِنْ سُقُوطِ مَا وَجَبت لِحَقِّهِ تَعَالَى بِالْمَوْتِ لَا يَدُلُّ
عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ سُقُوطُ أَدَائِهَا، وَإِلَّا
فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى:
أَيْ مِنْ حَيْثُ التَّقْسِيمُ إلَى الْأَرْبَعَةِ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَمُبَاحَةٌ لِغَنِيٍّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ
الْقُرْبَةَ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
أَوْ الصَّلَاحِ إعَانَةً لَهُ أَوْ لِكَوْنِهِ رَحِمًا كَاشِحًا أَوْ ذَا
عِيَالٍ فَيَنْبَغِي نَدْبُهَا.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَمَكْرُوهَةٌ لِأَهْلِ فُسُوقٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا فِي
صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: لَعَلَّ الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيَتَصَدَّقَ،
وَالسَّارِقَ يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ السَّرِقَةِ، وَالزَّانِيَةَ عَنْ
الزِّنَا.
وَكَانَ مُرَادُهُ مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصْرِفُهَا
لِلْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ اه.
رَحْمَتِيٌّ.
أَقُولُ: وَظَاهِرُ مَا مرص أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، لَكِنْ سَيَأْتِي آخِرَ
بَابِ الْوَصِيَّةِ للاقارب تَعْلِيل القَوْل بِبُطْلَان الْوَصِيَّة مَا
مرص أَنَّهَا صَحِيحَة، لَكِن سَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَعْرِضْ لَهَا مَا
يُبْطِلُهَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا
لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا يَرِثُونَ
لِآيَةِ الْبَقَرَةِ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: * (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا
حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) * (الْبَقَرَة: 180) الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ
بِآيَةِ النِّسَاءِ آيَةُ الْمَوَارِيثِ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَطَاءٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قَالَ: كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ،
فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ
بِأَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ
لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ، وَرُوِيَ فِي
السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله يَقُولُ:
إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:
حَسَنٌ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ مَشْهُورٌ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ،
وَنَسْخُ الْكِتَابِ جَائِزٌ عِنْدَنَا بِمثلِهِ.
(7/227)
أَتْقَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (سَبَبُهَا مَا هُوَ سَبَبُ التَّبَرُّعَاتِ) وَهُوَ تَحْصِيل
ذكر الْخَيْر فِي الدُّنْيَا وَوصل الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ فِي
الْعُقْبَى.
نِهَايَةٌ.
وَهَذَا فِي الْمُسْتَحَبَّةِ، أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ
سَبَبَهَا سَبَبُ الْأَدَاءِ، وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ
تِلْكَ الْوَاجِبَاتِ وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِمَا يَجِبُ
بِهِ الْأَدَاءُ، فَتَدَبَّرْ.
قَوْلُهُ: (أَهْلًا
لِلتَّمْلِيكِ) الْأَوْلَى قَوْلُ النِّهَايَةِ: أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا سيجئ) أَيْ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) أَي الْمُوصى بِهِ بِالدّينِ: أَيْ
إلَّا بِإِبْرَاءِ الْغُرَمَاءِ.
قُهُسْتَانِيٌ.
قَوْلُهُ: (كَمَا سيجئ) أَيْ فِي الْمَتْنِ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَقْتَهَا) أَقُولُ فِي التاترخانية: الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ
مُعَيَّنًا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ يُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ
يَوْمَ أَوْصَى، وَمَتَى كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ يُعْتَبَرُ صِحَّةُ
الْإِيجَابِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِبَنِي
فُلَانٍ وَلم يُسَمِّهِمْ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِمْ فَهِيَ لِلْمَوْجُودِينَ
عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَإِنْ سَمَّاهُمْ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمْ
فَالْوَصِيَّة لَهُم، حَتَّى لَو مَاتُوا بطلت الْوَصِيَّة لِأَنَّ
الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنٌ، فَتُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْم
الْوَصِيَّة اهـ مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (لِيَشْمَلَ الْحَمْلَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ تُنْفَخَ فِيهِ
الرُّوحُ، إذْ بَعْدَ النَّفْخِ يَكُونُ حَيا حَقِيقَة اه ح.
قَوْله: (إِيرَاد الشُّرُنْبُلَالِيَّة) حَيْثُ قَالَ: يَرِدُ عَلَيْهِ
الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ إذْ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ لَا حَيَاتُهُ، لِأَنَّ
نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ وِجْدَانِهِ وَقْتًا غَيْرُ حَيٍّ اه ح.
قَوْلُهُ: (وَكَوْنُهُ غَيْرَ وَارِثٍ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّةَ وَارِثٌ
آخَرُ وَإِلَّا تَصِحُّ، كَمَا لَوْ أَوْصَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ
لِلْآخَرِ وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُ كَمَا سيجئ
قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْمَوْتِ) أَيْ لَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، حَتَّى لَوْ
أَوْصَى لِأَخِيهِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ صَحَّتْ
الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ
الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ: زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا قَاتِلٍ) أَيْ مُبَاشَرَةً كَالْخَاطِئِ وَالْعَامِدِ،
بِخِلَافِ الْمُتَسَبِّبِ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَاتِلٍ حَقِيقَةً، وَهَذَا
إذَا كَانَ ثَمَّةَ وَارِثٌ، وَإِلَّا صَحَّتْ وَكَانَ الْقَاتِلُ
مُكَلَّفًا، وَإِلَّا فَتَصِحُّ لِلْقَاتِلِ لَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا
كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ كَوْنُ الْمُوصَى لَهُ
مَعْلُومًا: أَيْ مُعَيَّنًا شخصا كَزَيْدٍ أَوْ نَوْعًا كَالْمَسَاكِينِ،
فَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ بَطَلَتْ
عِنْدَهُ لِلْجَهَالَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ قُبَيْلَ وَصَايَا الذِّمِّيِّ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: أَوْصَتْ أَنْ يُعْتَقَ عَنْهَا أَمَةٌ بِكَذَا
وَيُعْطَى لَهَا مِنْ الثُّلُثِ كَذَا: فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ
مُعَيَّنَةً جَازَتْ الْوَصِيَّتَانِ، وَإِلَّا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ
بِالْعِتْقِ دُونَ الْمَالِ إلَّا أَنْ تُفَوِّضَ ذَلِكَ إلَى الْوَصِيِّ
وَتَقُولَ أَعْطِهَا إنْ أَحْبَبْت، فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِيمَنْ
أَوْصَى أَنْ تُبَاعَ أَمَتُهُ مِمَّنْ أَحْبَبْت تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ
عَلَى بَيْعِهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ، فَإِنْ أَبَى الرَّجُلُ أَنْ
يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا يُحَطُّ عَنْهُ مِقْدَارُ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصَى
اه مُلَخَّصًا.
قُلْت: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِمَجْهُولٍ تَصِحُّ عِنْدَ
التَّخْيِيرِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ لَا
تُفْضِي إِلَى الْمُنَازعَة لَا تفارعها بِتَعْيِينِ مَنْ لَهُ
التَّخْيِيرُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَوْ قَالَ لِزَيْدٍ أَوْ
عَمْرٍو:
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِعَقْدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّمْلِيكِ.
قَوْلُهُ: (مَالًا أَوْ نَفْعًا إلَخْ) تَعْمِيمٌ لِلْمُوصَى بِهِ.
قَوْلُهُ: (أم مَعْدُوما) أَي وَهُوَ قَابل للتَّمْلِيك بِعقد مِنْ
الْعُقُودِ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَلِهَذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا
تُثْمِرُ
(7/228)
نَخِيلُهُ الْعَامَ أَوْ أَبَدًا تَجُوزُ،
وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَعْدُومًا لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ
حَالَ حَيَاةِ الْمُوصِي بِعَقْدِ الْمُعَامَلَةِ، وَقُلْنَا بِأَنَّ
وَصِيَّتَهُ بِمَا تَلِدُ أَغْنَامُهُ لَا تَجُوزُ اسْتِحْسَانًا،
لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ حَالَ حَيَاةِ الْمُوصِي بِعَقْدٍ
مِنْ الْعُقُودِ اه.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: الْمُوصَى بِهِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ
غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَهُوَ شَائِعٌ فِي بَعْضِ الْمَالِ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ
عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِي كُلِّهِ يُشْتَرَطُ عِنْدَ
الْمَوْتِ، كَمَا إذَا أَوْصَى بِمَعْزٍ مِنْ غَنَمِي أَوْ مِنْ مَالِي،
فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَعْزِ فِي الْأَوَّلِ عِنْدَ
الْوَصِيَّةِ، وَفِي الثَّانِي عِنْد الْمَوْت اه.
وَمثله فِي التاترخانية.
وَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّةَ
وَارِثٌ وَلَمْ يُجِزْهَا بِالْأَكْثَرِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ
أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ بَعْضُهَا شُرُوطُ لُزُومٍ وَهِيَ مَا تَوَقَّفَتْ
لِحَقِّ الْغَيْرِ وَنَفَذَتْ بِإِجَازَتِهِ وَبَعْضُهَا شُرُوطُ لُزُومٍ
وَهِيَ مَا تَوَقَّفَتْ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَنَفَذَتْ بِإِجَازَتِهِ
وَبَعْضُهَا شُرُوطُ صِحَّةٍ.
قَوْلُهُ: (وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ إلَخْ) فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ:
أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَلِفُلَانٍ بِكَذَا وَجَعَلْت رُبْعَ دَارِي
صَدَقَةً لِفُلَانٍ، قَالَ مُحَمَّدٌ: أُجِيزَ هَذَا عَلَى الْوَصِيَّةِ:
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي سُؤَالٍ عُرِضَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:
جَعَلْت هُوَ وَصِيَّةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبْضُ وَالْإِفْرَازُ اه
مُلَخَّصًا.
وَفِي النِّهَايَةِ: وَأَمَّا بَيَانُ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ
فِيهَا، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ: إذَا قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي
أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَوْصَيْت أَنَّ لِفُلَانٍ فِي
مَالِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَالْأُولَى وَصِيَّةٌ وَالْأُخْرَى إقْرَارٌ،
وَفِي الْأَصْلِ قَوْلُهُ: سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ وَصِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ
لِفُلَانٍ سُدُسٌ فِي دَارِي إقْرَارٌ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: لِفُلَانٍ
أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي وَصِيَّةٌ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي
ذِكْرِ وَصِيَّتِهِ، وَفِي مَالِي إقْرَارٌ، وَإِذَا كَتَبَ وَصِيَّتِهِ
بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ جَازَ
اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَتَبَهَا غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ اه مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْبَدَائِعِ إلَخْ) عبارتها على مَا فِي
الشُّرُنْبُلَالِيَّة.
وَأَمَّا رُكْنُ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ.
قَالَ أَصْحَابنَا الثَّلَاثَة: أَي الامام وصاحباه: هُوَ الْإِيجَابُ
وَالْقَبُولُ، وَالْإِيجَابُ مِنْ الْمُوصِي وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُوصَى
لَهُ، فَمَا لَمْ يُوجَدْ جَمِيعًا لَا يتم الرُّكْن.
وَإِن شِئْت قلت: ركن لوَصِيَّة الْإِيجَابُ مِنْ الْمُوصِي، وَعَدَمُ
الرَّدِّ مِنْ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ أَنْ يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ رَدِّهِ،
هَذَا أَشْمَلُ لِتَخْرِيجِ الْمَسَائِلِ.
وَقَالَ زُفَرُ: الرُّكْنُ هُوَ الْإِيجَابُ
مِنْ الْمُوصِي فَقَطْ اه.
وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ تبعا لشراح الْهِدَايَة يُشِير إِلَى أَن
الْقَبُولِ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ، وَمَا فِي الْبَدَائِعِ هُوَ الْمُوَافِقُ
لِمَا يَذْكُرُونَهُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ كَالْبيع وَنَحْوه من أَن
الرُّكْن كل مِنْهُمَا.
قَوْله: (قلت الخ) عزاهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة إلَى الْخُلَاصَةِ،
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبُولِ دَلَالَةُ عَدَمِ الرَّدِّ
فَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ قَوْلِهِ:
وَإِنْ شِئْت قُلْت إلَخْ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ
مَا بَعْدَ المون لَا مَا قَبْلَهُ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يكوت إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلدَّلَالَةِ، وَمِثْلُهُ
الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ، وَبَقِيَ لَوْ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ
كَالْفُقَرَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَبُولَ غَيْرُ شَرْطٍ أَوْ هُوَ
مَوْجُودٌ دلَالَة.
تَأمل.
قَوْله: (كَمَا سيجئ) أَيْ فِي الْوَرَقَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَحُكْمُهَا إلَخْ) هَذَا فِي جَانِبِ الْمُوصَى لَهُ، أَمَّا
فِي جَانِبِ الْمُوصِي فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:
أَفَادَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة.
قَالَ ط: وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ هُنَا الاثر الْمُتَرَتب
على الشئ وَفِيمَا مَرَّ مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالصِّفَةِ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ) أَيْ مِنْ قَتْلٍ أَوْ حِرَابَةٌ
أَوْ اسْتِغْرَاقٍ بِالدَّيْنِ أَوْ نَحْوِ
(7/229)
ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَا الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ إلَخْ) فَإِذَا أَوْصَى بِمَا زَادَ
عَلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يَكُنْ إلَّا وَارِثٌ يَرِدُ عَلَيْهِ وَأَجَازَهَا
فَالْبَقِيَّةُ لَهُ، وَإِنْ أَجَازَ مَنْ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ فَفَرْضُهُ
فِي الْبَقِيَّة وباقيها لبيت المَال، فَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثَيْ مَالِهِ
وَأَجَازَتْ الزَّوْجَةُ فَلَهَا رُبْعُ الثُّلُثِ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْ
عَشَرَ مَخْرَجُ الثُّلُثَيْنِ وَرُبْعُ الْبَاقِي، وَلِبَيْتِ الْمَالِ
ثَلَاثَةٌ وَلِزَيْدٍ ثَمَانِيَةٌ.
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ السَّائِحَانِيِّ عَلَى مَنْظُومَةِ ابْنِ
الشِّحْنَةِ فِي الْفَرَائِضِ.
وَإِنْ لَمْ تُجِزْ وَأوصى لَهَا أَيْضا أَو لَا فَقَدْ أَوْضَحَهُ فِي
الْجَوْهَرَةِ، فَرَاجِعْهَا.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَن يُجِيز وَرَثَتُهُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ
بِمَا أَوْصَى بِهِ، أما إِذا علمُوا أَنه أوصى وَلَا يَعْلَمُونَ مَا
أَوْصَى بِهِ فَقَالُوا أَجَزْنَا ذَلِكَ لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ.
خَانِيَّةٌ عَنْ الْمُنْتَقَى.
وَنقل السائحاني عَن الْمَقْدِسِي: إِذا جَازَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ جَازَ
عَلَيْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لَوْ أَجَازَتْ كُلُّ الْوَرَثَةِ، حَتَّى
لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِالنِّصْفِ وَأَجَازَ أَحَدُ وَارِثَيْنِ
مُسْتَوِيَيْنِ كَانَ لِلْمُجِيزِ الرُّبُعُ وَلِرَفِيقِهِ الثُّلُثُ
وَلِلْوَصِيِّ لَهُ الثُّلُثُ الْأَصْلِيُّ وَنصف السُّدس من قبل الْمُجِيز
اه.
وَمثله فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
تَنْبِيهٌ: إذَا صَحَّتْ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَتَمَلَّكُهُ
الْمُجَازُ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ
مِنْ قِبَلِ الْمُجِيزِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيّ، وسيجئ بَيَانُ ذَلِكَ
آخِرَ الْبَابِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (وَلَا تعْتَبر إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا قَبْلَ
ثُبُوتِ الْحَقِّ لَهُمْ، لِأَنَّ ثُبُوتَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَكَانَ
لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ بَعْدَ
الْمَوْتِ لِأَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: تُعْتَبَرُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا
قَبْلَهُ، هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، أَمَّا فِي التَّصَرُّفَاتِ
الْمُفِيدَةِ لِأَحْكَامِهَا كَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إذَا صَدَرَ فِي
مَرَضِ الْمَوْتِ وَأَجَازَهُ الْوَارِثُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا رِوَايَةَ
فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا.
قَالَ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ: أَعْتَقَ
الْمَرِيضُ عَبْدَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْوَرَثَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا
يَسْعَى الْعَبْدُ فِي شئ.
وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ وَارِثَ الْمَجْرُوحِ إذَا عفى عَنْ الْجَارِحِ
يَصِحُّ وَلَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بَعْدَ موت الْمَجْرُوحُ اه.
قَوْلُهُ: (وَهُمْ كِبَارٌ) الْمُرَادُ أَنْ يَكُونُوا من أهل النصرف.
وَيَأْتِي تَمَامُهُ.
قَوْلُهُ: (يَعْنِي يُعْتَبَرُ إلَخْ) الْأَنْسَبُ جَعْلُ هَذِهِ
مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً فَيُعَبِّرُ بِالْوَاوِ ط.
قُلْت: لَعَلَّ الشَّارِحَ يُشِيرُ إلَى أَخْذِ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ
الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ الظَّرْفِ، وَهُوَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِمَّا تَنَازَعَ
فِيهِ قَوْلُهُ: تُجِيزُ وَقَوْلُهُ: وَرَثَتُهُ وَلَمَّا كَانَ فِيهِ
خَفَاءٌ أَتَى بِلَفْظَةِ يَعْنِي تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْوَصِيَّة) لانها تمْلِيك مُضَاف
إِلَى من بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ التَّمْلِيكُ وَقْتَهُ.
زَيْلَعِيٌّ.
وَقَدَّمْنَا عَنْهُ التَّفْرِيعَ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى عَكْسِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ) فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ
وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِث عِنْد الاقرار، حَتَّى لبو أقرّ لغير وَارِث
جَازَ وَإِنْ صَارَ وَارِثًا بَعْدَ ذَلِكَ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ
إرْثُهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ
لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السَّبَبُ
قَائِمًا لَكِنْ مِنْهُ مِنْهُ مَانِعٌ ثُمَّ زَالَ بَعْدَهُ، كَمَا لَوْ
أَقَرَّ لِابْنِهِ الْكَافِرِ أَوْ الْعَبْدِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَو عتق
فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ كَمَا
سَيَأْتِي مَتْنًا، فَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا
لِلنِّهَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِابْنِهِ الْعَبْدِ لَا يَبْطُلُ
بِالْعِتْقِ، لِأَنَّ إرْثَهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الاقرار لانه فِي
الْمَعْنَى إقْرَارٌ لِمَوْلَاهُ الْأَجْنَبِيِّ، فَقَدْ رَدَّهُ
الْعَلامَة الْأَتْقَانِيُّ بِأَنَّهُ سَهْوٌ لَا يَصِحُّ نَقْلُهُ، فَقَدْ
نَصَّ عَلَى خِلَافِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اه.
(7/230)
قُلْت: بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُتُونِ
أَيْضًا كَمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْإِرْثِ فِيهِ بِسَبَبٍ
حَادِثٍ مَحَلُّ نَظَرٍ.
نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَوْ غَيْرَ مَدْيُونٍ يَصِحُّ
وَإِلَّا فَلَا وَسَيَأْتِي، فَتَدَبَّرْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ عِنْدَ غَنِيٍّ وَرَثَتُهُ الخ) أَشَارَ بِزِيَادَة لَو
الوصيلة إلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا دُونَ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ
الْغِنَى أَوْ الِاسْتِغْنَاءِ مُسْتَحَبَّةٌ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ
لِمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوصَى بِدُونِ
الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ،
لِأَنَّ فِي التَّنْقِيصِ صِلَةَ الْقَرِيبِ بترك مَا لَهُ عَلَيْهِمْ،
بِخِلَافِ اسْتِكْمَالِهِ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ تَمَامِ حَقِّهِ
فَلَا صِلَةَ، ثُمَّ هَلْ الْوَصِيَّةُ بِأَقَلَّ من الثُّلُث أولى أم
تَركهَا؟ قَالُوا: إِن كَانَتْ الْوَرَثَةُ فُقَرَاءَ وَلَا يَسْتَغْنُونَ
بِمَا يَرِثُونَ فالترك أولى لما فِي مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْقَرِيبِ،
وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: أفضل الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي
الرَّحِمِ الْكَاشِحِ وَلِأَنَّ فِيهِ رِعَايَةَ حَقِّ الْفَقْرِ
وَالْقَرَابَةِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ يَسْتَغْنُونَ
بِنَصِيبِهِمْ فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ يَكُونُ صَدَقَةً عَلَى
الْأَجْنَبِيِّ، وَالتَّرْكُ هِبَةٌ مِنْ اقريب، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى
لِأَنَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قِيلَ فِي
هَذَا الْوَجْهِ: يُخَيَّرُ لِاشْتِمَالِ كُلٍّ عَلَى فَضِيلَةٍ وَهُوَ
الصَّدَقَةُ أَوْ الصِّلَةُ اه كَلَامُ الْهِدَايَةِ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا تَنْبَغِي الْوَصِيَّةُ بِتَمَامِ الثُّلُثِ،
بَلْ الْمُسْتَحَبُّ التَّنْقِيصُ عَنْهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ اسْتَكْثَرَ الثُّلُثَ بِقَوْلِهِ:
وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ لَكِنَّ التَّنْقِيصَ عِنْدَ فَقْرِ الْوَرَثَةِ
وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا إلَّا أَنَّ ثَمَّةَ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ،
وَهُوَ التَّرْكُ أَصْلًا، فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَتَفَاوَتُ
دَرَجَاتُهُ، وَكَذَا الْمَسْنُونُ وَالْمَكْرُوهُ وَغَيْرُهُمَا،
وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ إتْيَان الشَّارِح الْمُحَقق بلو الوصيلة
مُوَافِقٌ لِلْهِدَايَةِ، فَافْهَمْ.
هَذَا، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: إذَا كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا لَا
يَنْبَغِي أَنْ يُوصَى عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَهَذَا إذَا
كَانَ الْأَوْلَادُ كِبَارًا، فَلَوْ صِغَارًا فَالتَّرْكُ أَفْضَلُ
مُطلقًا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ كَمَا فِي قاضيخان إِ هـ.
فَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْكِبَارِ، أَمَّا الصِّغَارُ فَتَرْكُ
الْمَالِ لَهُمْ أَفْضَلُ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَا
دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ مَالِهِ بَعْدَ
التَّصَدُّقِ بِيَدِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتِغْنَائِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ) أَيْ صَيْرُورَتِهِمْ
أَغْنِيَاءَ بِأَنْ يَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ
عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ، أَوْ يَرِثُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ
عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْفَضْلِيِّ.
قُهُسْتَانِيّ عَن الظَّهِيرِيَّة.
وَاقْتصر الاتقاني عَن الاول،
قَوْله: (أَي غَنِي واستغناء) عَبَّرَ بِالْوَاوِ إشَارَةً إلَى أَنَّ
الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: بِلَا إحْدَاهُمَا عَدَمُهُمَا مَعًا، إذْ لَوْ
وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخِرِ كَانَ الْمَنْدُوبُ الْفِعْلَ لَا
التَّرْكَ فَيُنَاقِضُ مَا قَبْلَهُ، فَتَدَبَّرْ،
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ تَرْكُ الْوَصِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (كَمُسْتَأْمَنٍ) فَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ
لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ جَازَ، لِأَنَّ الْمَنْعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ
بِالْكُلِّ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، وَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي دَارِ
الْحَرْبِ.
وَلْوَالِجِيَّةٌ.
وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي بَابِ وَصَايَا الذِّمِّيِّ.
قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَصَحَّتْ وَمَا
بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَتَكُونُ وَصِيَّةً بِالْعِتْقِ) أَيْ تَكُونُ هَذِهِ
الْوَصِيَّةُ وَصِيَّةً لِلْعَبْدِ بِنَفْسِهِ تَصْحِيحًا لَهَا وَبِمَا
زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ) فِيهِ إجْمَالٌ،
وَبَيَانُهُ مَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْبَدَائِع: إِن
كَانَ المَال دَرَاهِم أَلا دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ
مِثْلُ مَا وَجَبَ لَهُ صَارَ قِصَاصًا، وَلَوْ فِي الْمَالِ زِيَادَةٌ
دُفِعَتْ إلَيْهِ أَوْ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ زِيَادَةٌ دُفِعَتْ إلَى
الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا إلَّا
(7/231)
بِالتَّرَاضِي، لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ،
وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَلَهُ ثُلُثُ سَائِرِ أَمْوَالِهِ،
وَهَذَا عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَكُلُّهُ مُدَبَّرٌ، فَيَعْتِقُ
كُلُّهُ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا، فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ
عَلَى قِيمَتِهِ دَفَعَ الْوَرَثَةُ إلَيْهِ، وَإِنْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ
سَعَى فِي الْفَضْلِ اه مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ على تجزي الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ كَمَا فِي
شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَأَشَارَ بِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ عَلَى سَائِرِ
الْوَصَايَا إلَى ثَمَرَةِ الْخلاف، وأوضحها فِي العزمية بِمَا إذَا
أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِقِنِّهِ الَّذِي قِيمَته ألف دِرْهَم وَأوصى
بِثُلثي ألق دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمَاتَ وَتَرَكَ الْعَبْدَ وَأَلْفَيْ
دِرْهَمٍ عنق عِنْدَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ مَجَّانًا وَالثُّلُثَانِ مِنْ
قِيمَتِهِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْفُقَرَاءِ سَوِيَّةً وَيَدْفَعُ الْعَبْدُ
لِلْفُقَرَاءِ ثُلُثَ قِيمَتِهِ، وَعِنْدَهُمَا: يَعْتِقُ أَوَّلًا كُلُّ
الْعَبْدِ مجَّانا وَلَا شئ للْفُقَرَاء إِ هـ فَتَأَمَّلْ.
ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كَوْنَ هَذِهِ وَصِيَّة بِالْعِتْقِ مَبْنِيٌّ
عَلَى قَوْلِهِمَا.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَنَانِيرَ إلَخْ) لَوْ صَدَرَ بِلَا فَقَالَ لَا
بِدَنَانِيرَ لَكَانَ أَوْضَحَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُرْسَلَةِ كَمَا
سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْبَابِ الْآتِي الْمُطْلَقَةُ غَيْرُ
الْمُقَيَّدَةِ بِثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اه: أَيْ كَمَا إِذا
قَالَ بِمِائَةٍ مَثَلًا، فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (وَصَحَّتْ لِمُكَاتَبِ نَفسه) إذَا لَمْ يُعْجِزْ نَفْسَهُ
وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَمَّا إذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَهَلْ
يَكُونُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُلُوكِ؟ حَرِّرْهُ نَقْلًا اه.
قَوْلُهُ: (أَوْ لِمُدَبَّرِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ) لِأَنَّ نَفَاذَهَا
بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَهُمَا حِينَئِذٍ حُرَّانِ اه ط.
قَوْلُهُ: (لَا لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ) لِأَنَّهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي
بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ، فَتَكُونُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ.
تَأَمَّلْ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَا تَصِحُّ لِعَبْدِ وَارِثِهِ وَمُدَبَّرِهِ
وَأُمِّ وَلَدِهِ، لِأَنَّهُ وَصِيَّة للْوَارِث حَقِيقَةً، بِخِلَافِ
الْوَصِيَّةِ لِابْنِ وَارِثِهِ كَمَا فِي النَّظْمِ اه.
قَوْلُهُ: (وَصَحَّتْ لِلْحَمْلِ) لِأَنَّهَا اسْتِخْلَافٌ من وَجه، لانصه
يَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي بَعْضِ مَالِهِ وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ فِي
خَلِيفَةً فِي الْإِرْثِ، فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ وَلَا يُقَالُ:
شَرْطُهَا الْقَبُولُ وَالْجَنِينُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِأَنَّهَا
تُشْبِهُ الْهِبَةَ وَالْمِيرَاثَ، فَلِشَبَهِهَا بِالْهِبَةِ
يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ إذَا أَمْكَنَ، وَلِشَبَهِهَا بِالْمِيرَاثِ
يَسْقُطُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَلِهَذَا يَسْقُطُ
بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَبِهِ) أَيْ بِالْحَمْلِ لِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ،
فَتَجْرِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا لِأَنَّهَا أُخْتُهُ.
زَيْلَعِيٌّ.
وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ مِنْ الْمَوْلَى.
أَتْقَانِيٌّ.
وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
تَنْبِيهٌ: قَدَّمْنَا فِي بَابِ اللِّعَانِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ
تَوْرِيثَ الْحَمْلِ وَالْوَصِيَّةَ بِهِ وَلَهُ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا
بَعْدَ الانفصار، فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ اه.
أَقُولُ: وَالْمُرَادُ ثُبُوتُ حُكْمِهِمَا، وَإِلَّا فَهُمَا ثَابِتَانِ
قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي كَلَامَهُمْ هُنَا.
فَرْعٌ: فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَو أعتق الْوَرَثَة الْحمل الْمُوصى بِهِ
حَاز إعتاقهم ويضمنون قِيمَته يَوْم الْولادَة اهـ.
أَقُولُ: وَوَجْهُهُ مَا عَلِمْت أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ لَا يَثْبُتُ
حُكْمُهَا إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَهُوَ قَبْلَهَا عَلَى مِلْكِ
الْوَرَثَةِ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَبِالْوِلَادَةِ ثَبَتَ حَقُّ الْمُوصَى
لَهُ وَقَدْ أَتْلَفُوهُ عَلَيْهِ فَضَمِنُوا قِيمَتَهُ وَقْتَهَا.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) إذْ لَوْ وُلِدَ لِسِتَّةِ
أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ اُحْتُمِلَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ فَلَا تَصِحُّ.
أَفَادَهُ الْأَتْقَانِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَيِّتًا) مِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ ط.
(7/232)
أَقُولُ: وَمِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ
الْمُوصِي بِأَنَّهَا حَامِلٌ فَتَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ لَهُ إنْ وَضَعَتْهُ
مَا بَيْنَ سنتَيْن من يَوْم أوصى، لَان وحوده فِي الْبَطْنِ عِنْدَ
الْوَصِيَّةِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُوصِي، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ
فِيهِ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لَهُ مَا هُوَ خَالِصُ حَقِّهِ بِنَاءً عَلَى
هَذَا الْإِقْرَارِ وَهُوَ الثُّلُثُ، فَيَلْحَقُ بِمَا لَوْ صَارَ
مَعْلُومًا يَقِينًا بِأَنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
اه.
كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ
التَّافِلَاتِيُّ الْحَنَفِيُّ مُفْتِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ عَنْ
مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَوْلُهُ: (فَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ أَوْ
الطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ
الْوَصِيَّةِ ط.
قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ أَوْ
بِهِ.
قَوْلُهُ: (لِيُنْفَقَ عَلَيْهِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ
قَوْلِهِ: أَوْصَى بِهَذَا التِّبْنِ لِدَوَابِّ فُلَانٍ فَإِنَّ
الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ قَالَ: يُعْلَفُ بِهَا دَوَابُّ فُلَانٍ
جَازَ.
قَوْله: (صَحَّ) أَي إِذا قبل فُلَانٌ.
أَتْقَانِيٌّ.
لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَمُدَّةُ الْحَمْلِ) أَيْ أَقَلُّ مُدَّتِهِ وَهُوَ صَرِيحُ
مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ط.
قَوْلُهُ: (وَلِلْفِيلِ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً) الَّذِي رَأَيْته فِي
نُسْخَتَيْ الْقُهسْتَانِيّ
أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ) أَفَادَ بِذَلِكَ اعْتِمَادَهُ ط.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْكَافِي إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا الَّذِي يَنْبَغِي
اعْتِمَادُهُ، فَإِنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ كَمَا صَرَّحُوا بِمَا مرص
فَقَدْ صَرَّحُوا أَيْضًا فِي آخِرِ بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ
بِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِصُوفِ غَنَمِهِ وَوَلَدِهَا: أَيْ الْحَمْلِ لَهُ
الْمَوْجُودِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَأَقَرَّهُ الشَّارِحُ فَهُوَ مُخَصِّصٌ
لِإِطْلَاقِهِمْ هُنَا، فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْإِيصَاءُ لِلْحَمْلِ لِمَا
مَرَّ أَنَّ مِنْ الشَّرَائِطِ كَوْنَ الْمُوصى لَهُ مَوْجُود وَقْتَ
الْوَصِيَّةِ، وَلَا يُتَيَقَّنُ بِوُجُودِهِ إلَّا إذَا وُلِدَ لِأَقَلَّ
مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا.
قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ
الْمُوصَى بِهِ إنْ كَانَ مَعْدُومًا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا
لِلتَّمْلِيكِ بِعَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ، وَلِذَا لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ
بِمَا تَلِدُ أَغْنَامُهُ.
قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ قَبْضِهِ) بَيَانٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ
وَالْهِبَةِ، فَإِنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ مَحْضٌ، وَالْمِلْكُ بِالْهِبَةِ
إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْقَبْضِ وَالْجَنِينُ غَيْرُ صَالِحٍ لِذَلِكَ.
أَفَادَهُ فِي الْعِنَايَةِ.
أَمَّا الْوَصِيَّةُ فَهِيَ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ وَاسْتِخْلَافٌ مِنْ
وَجْهٍ كَمَا قَدَّمْنَا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا ولَايَة للاب على الْجَنِين) لَان ثُبُوتَ
الْوِلَايَةِ لِحَاجَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إلَى النَّظَرِ وَلَا حَاجَةَ
لِلْجَنِينِ إلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْجَنِينَ فِي حُكْمِ جَزْءٍ مِنْ
أَجْزَاءِ الْأُمِّ، وَكَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْأَبِ الْوِلَايَةُ عَلَى
الْأُمِّ فَكَذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَكَذَلِكَ
الْأُمُّ لَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي صَالَحَتْ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ فِي
الْوِلَايَةِ أَقْوَى، فَإِذَا كَانَتْ لَا تَثْبُتُ لِلْأَبِ فَالْأُمُّ
أَوْلَى، وَالْجَنِينُ وَإِنْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ جَزْءٍ مِنْهَا مِنْ
وَجْهٍ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ نَفْسٌ مُودَعَةٌ فِيهَا، فَلِاعْتِبَارِ
مَعْنَى النَّفْسِيَّةِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، وَالْوَصِيَّةُ
لِلْأَجْزَاءِ لَا تَصِحُّ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذَا الصُّلْحِ مِنْ
الْأُمِّ بِاعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ لهَذَا الْمَعْنى اه.
تافلاتي عَنْ الْمَبْسُوطِ.
قَوْلُهُ: (قُلْت وَبِهِ عُلِمَ إلَخْ)
(7/233)
هُوَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ ط.
وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ فِي قَاعِدَةِ التَّابِعُ
تَابِعٌ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ شَيْئًا يُخْشَى عَلَيْهِ
التّلف فللمولى بَيْعُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَكَذَلِكَ
لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ تَسْتَغْرِقُهُ بِالنَّفَقَةِ، وَلَوْ عَقَارًا فَلَا،
هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَفَقُّهًا وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ اه.
قَوْلُهُ: (بَلْ قَالُوا إلَخْ) إضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ، فَإِنَّهُ أَفَادَ
أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ صِحَّةِ
التَّصَرُّفِ وَعَدَمِهَا، فَافْهَمْ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَالنَّقْلُ فِي عَدَمِ وِلَايَةِ الْأَبِ
وَالْوَصِيِّ عَلَى الْجَنِينِ مُتَظَاهِرٌ كَثِيرٌ اه.
تَنْبِيهٌ: أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا هُنَا بِأَنَّهُ
لَا يَصِحُّ نَصْبُ الْأَبِ وَصِيًّا عَلَى حَمْلِهِ، لَكِنْ فِي
الْأَشْبَاهِ أَوَّلَ كِتَابِ الْبُيُوعِ: يَنْبَغِي أَنْ يَصح الْوَقْف
عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ.
قَالَ الْحَمَوِيّ عَلَيْهِ.
فَأَفَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ
نَصْبُ وَصِيٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِبَحْثِهِ الْمَارِّ، وَبِهِ
أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْن الشلبي مُسْتَندا إِلَى قَوْلهم: إِن الْوَقْف
عَلَى الْحَادِثِينَ مِنْ أَوْلَادِهِ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ
الْوَقْفَ أَخُو الْوَصِيَّةِ، فَحَيْثُ دَخَلُوا فِي الْوَقْفِ دَخَلُوا
فِيهَا أَيْضًا.
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْوَصِيَّةُ
الَّتِي هِيَ التَّمْلِيكُ، فَإِنَّ الْوَقْفَ أَخُوهَا لِأَنَّهُ
تَصَدُّقٌ بِالْمَنْفَعَةِ، وَالْكَلَامُ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ عَلَى
الْحَمْلِ وَذَلِكَ لَا يُشْبِهُ الْوَقْفَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى،
وَبِهِ ظَهَرَ مَا فِي كَلَامِ الْحَمَوِيِّ السَّابِقِ، هَذَا ولمولانا
الشَّيْخ مُحَمَّد التافلاتي رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفَّقَ
فِيهَا بِأَنَّهُ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْوِلَادَةِ
أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ
تَوْرِيثَهُ وَالْوَصِيَّة بِهِ لَهُ مَوْقُوفَانِ إلَيْهَا أَيْضًا.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَصحت بالامة إِلَّا حملهَا) يَعْنِي إذَا قَالَ: أَوْصَيْت
بِهَذِهِ الْأَمَةِ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ
وَالِاسْتِثْنَاءُ أَيْضًا، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ لِأَنَّ
الْحَمْلَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْأَمَةِ لَفْظًا وَإِنَّمَا
يُسْتَحَقُّ بِالْإِطْلَاقِ تَبَعًا.
وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ.
قَوْلُهُ: (صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ) أَيْ وَالْحَمْلُ يَصح إِفْرَاده
بِالْوَصِيَّةِ، فَكَذَا استنثاؤه مِنْهَا.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لَا حَرْبِيٍّ فِي دَارِهِ) أَيْ وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ
لِنَهْيِنَا عَنْ بِرِّهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: * (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ
اللَّهُ) * (الممتحنة: 9) الْآيَةَ فَعَدَمُ الْجَوَازِ لِحَقِّ الشَّرْعِ
لَا لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، بِخِلَاف الْوَصِيَّة لِلْوَارِثِ أَوْ
لِلْأَجْنَبِيِّ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لحق الْوَرَثَة،
لَان الْحَرْبِيّ فِي دَاره كالميت فِي حَقنا والصية لِلْمَيِّتِ
بَاطِلَةٌ.
وَنَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ
لِلْحَرْبِيِّ صَرِيحًا، وَكَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَذَكَرَ
شُرَّاحُهُ أَنَّ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ،
وَرَدَّهُ الْعَلَّامَةُ قَاضِي زَادَهْ بِأَنَّ لَفْظَ السِّيَرِ
الْكَبِيرِ: لَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِحَرْبِيٍّ وَالْحَرْبِيُّ فِي دَارِ
الْحَرْبِ لَا يجوز، وَاعْتَرضهُ فِي العزمية بِأَنَّ نَاقِلِي الْجَوَازِ
مُؤْتَمَنُونَ فِي الْأَخْذِ وَالنَّقْلِ.
وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ جَوِي زَادَهْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِمَا يَدُلُّ
عَلَى الْجَوَازِ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ
لِلسَّرَخْسِيِّ بِقَوْلِهِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ
الْمُشْرِكَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا مُحَارِبًا كَانَ أَوْ
ذِمِّيًّا، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِأَحَادِيث مِنْهَا: أَنَّهُ بَعَثَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآله خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ إلَى
مَكَّةَ حِينَ قَحَطُوا وَأَمَرَ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ
بْنِ حَرْبٍ وَصَفوَان ابْن أُمَيَّةَ لَيُفَرِّقَا عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ
مَكَّةَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَبَى صَفْوَانُ.
قَالَ: وَبِهِ تَأْخُذ، لَان صِلَةَ الرَّحِمِ مَحْمُودَةٌ عِنْدَ كُلِّ
عَاقِلٍ وَفِي كُلِّ دِينٍ وَالْإِهْدَاءُ إلَى الْغَيْرِ مِنْ مَكَارِمِ
الاخلاق، قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله: بُعِثْت لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ
الْأَخْلَاقِ)
فَعَرَفْنَا أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُشْرِكِينَ جَمِيعًا اه.
فَالْخِلَافُ فِي جَوَازِ صِلَةِ الْحَرْبِيِّ وَعَدَمِهِ لَا فِي جَوَازِ
الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِهِ اه مُلَخَّصًا.
وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة.
(7/234)
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ التَّعْلِيلَ بِأَنَّ
الْحَرْبِيَّ كَالْمَيِّتِ اقْتَضَى عَدَمَ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لَهُ،
وَالتَّعْلِيلُ بِالنَّهْيِ اقْتَضَى عَدَمَ جَوَازِ كُلٍّ مِنْ
الْوَصِيَّةِ وَالصِّلَةِ، وَمَا فِي السِّيَرِ دَلَّ عَلَى جَوَازِ
الصِّلَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ شُرَّاحُ
الْجَامِعِ، فَصَارَ الْخِلَافُ فِي جَوَازِ الصِّلَةِ فَقَطْ.
أَقُولُ: وَقَدْ رَأَيْت نَص الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ عَلَى جَوَازِ
الْهَدِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي مُوَطَّئِهِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنْ
لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ: وَلَا بَأْسَ أَيْضًا بِالْهَدِيَّةِ
إلَى الْمُشْرِكِ الْمُحَارِبِ مَا لَمْ يُهْدَ إلَيْهِ سِلَاحٌ أَوْ
دِرْعٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا
اه.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ) فَإِذَا أَوْصَى
لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِجَمِيعِ مَالِهِ جَازَ كَمَا مَرَّ، وَيَأْتِي
تَمَامُهُ.
قَوْلُهُ: (كَمَا أَفَادَهُ الْمُنْلَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُنْلَا
خُسْرو.
قَوْلُهُ: (وَلَا لِوَارِثِهِ) أَيْ الْوَارِثِ وَقْتَ الْمَوْتِ كَمَا
مَرَّ بَيَانُهُ.
قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَاعْلَمْ أَن الناطفي طكر عَنْ بَعْضِ
أَشْيَاخِهِ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا عَيَّنَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ
شَيْئًا كَالدَّارِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ فِي سَائِرِ التَّرِكَةِ
حَقٌّ يَجُوزُ.
وَقِيلَ هَذَا إذَا رَضِيَ ذَلِكَ الْوَارِثُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ،
فَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ كَتَعْيِينِ بَاقِي الْوَرَثَةِ
مَعَهُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ اه.
قُلْت: وَحَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَقَالَ: قِيلَ
جَازَ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ وَقِيلَ: لَا اه.
فَرْعٌ: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْعَتَّابِيِّ اجْتَمَعَ
قَرَابَةُ الْمَرِيضِ عِنْدَهُ يَأْكُلُونَ مِنْ مَالِهِ: إنْ كَانُوا
وَرَثَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ الْمَرِيضُ إلَيْهِمْ
لِتَعَاهُدِهِ فَيَأْكُلُونَ مَعَ عِيَالِهِ بِلَا إسْرَافٍ، وَإِنْ لَمْ
يَكُونُوا وَرَثَةً جَازَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لَوْ بِأَمْرِ الْمَرِيضِ
اه.
قَوْلُهُ: (وَقَاتِلِهِ مُبَاشَرَةً) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ: لَا وَصِيَّةَ لِقَاتِلٍ وَلِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا
أَخَّرَهُ اللَّهُ فَيُحْرَمُ الْوَصِيَّةَ كَالْمِيرَاثِ، سَوَاءٌ أَوْصَى
لَهُ قَبْلَ الْقَتْلِ ثُمَّ قَتَلَهُ، أَوْ أَوْصَى لَهُ بَعْدَ الْجَرْحِ
لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ.
زَيْلَعِيٌّ.
أَقُولُ: وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِعْجَالِ مَا يَظْهَرُ مِنْ حَالِ
الْقَاتِلِ، وَإِلَّا فَمَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الْمَقْتُولَ
مَيِّتٌ بأجله.
تَأمل.
فَرْعٌ: جَرَحَهُ رَجُلٌ وَقَتَلَهُ آخَرُ جَازَتْ لِلْجَارِحِ، لانه
لَيْسَ بِقَاتِل.
ولولوالجية.
قَوْله: (لَا تسببا) كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَوَاضِعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ
مِلْكِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَاتِلٍ حَقِيقَةً.
قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَي فِي كتاب الْجِنَايَات.
قَوْله: (إِلَّا بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَعَلِّقٌ
بِالْمَسْأَلَتَيْنِ.
قَالَ فِي الْبُرْهَانِ: الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ تَجُوزُ بِإِجَازَةِ
الْوَرَثَةِ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَجُوزُ،
وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ قَتْلِهِ عَمْدًا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنَّهَا
تَكُونُ مُلْغَاةً بِالِاتِّفَاقِ.
شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَسَنُحَقِّقُهُ) أَيْ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَإِجَازَةُ الْمَرِيضِ كَابْتِدَاءِ وَصِيَّةٍ) فَإِذَا كَانَ
وَارِث الْمُوصي مَرِيضا فَأجَاز الْوَصِيَّة هُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ: إنْ
بَرِئَ صَحَّتْ إجَازَتُهُ وَإِنْ مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض، فَإِنْ كَانَ
الْمُوصَى لَهُ وَارِثَهُ لَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ
وَرَثَةُ الْمَرِيضِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا تَجُوزُ
إجَازَتُهُ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ.
مِنَحٌ.
قَوْلُهُ: (جَازَ عَلَى الْمُجِيزِ إلَخْ) بِأَنْ يُقَدَّرَ فِي حَقِّ
الْمُجِيزِ كَأَنَّ كُلَّهُمْ أَجَازُوا وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ كَأَنَّ
كُلَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا، وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَكُونَ)
(7/235)
بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ
بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ، لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيلِ أَنْ يُجِيزَ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا لَيْسَا أَهْلًا لِلْعُقُوبَةِ) وَلِذَا لَمْ
يُحْرَمَا الْمِيرَاثَ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ
بَحْثًا مِنْهُ وَلِي فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي
الْكَبِيرِ الْعُقُوبَةَ لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ بِالْإِجَازَةِ
كَالْمِيرَاثِ.
نَعَمْ هُوَ ظَاهر عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ
لِلْقَاتِلِ، وَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ، وَعَلَّلُوا لَهُ بِأَنَّ
جِنَايَته بَاقِي وَالِامْتِنَاعُ لِأَجْلِهَا عُقُوبَةٌ لَهُ، وَأَمَّا
عِنْدَهُمَا فَهُوَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ دَفْعًا لِلْغَيْظِ عَنْهُمْ
حَتَّى لَا يُشَارِكَهُمْ فِي مَالِ مَنْ سَعَى فِي قَتْلِهِ، وَهَذَا
يَنْعَدِمُ بِإِجَازَتِهِمْ وَالصَّبِيُّ بِمَعْزِلٍ مِنْ الْغَيْظِ،
فَلَمْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الْبَالِغِ.
كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (أَيْ سِوَى الْمُوصَى لَهُ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ فِي سِوَاهُ
وَقَوْلُهُ: الْقَاتِلِ أَوْ الْوَارِثِ بَدَلٌ مِنْ الْمُوصَى لَهُ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ أَوْصَى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ
الْوَارِثِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَلَو أوصى لقَتله وَلَا وَارِثَ لَهُ صَحَّتْ
الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ.
قَوْلُهُ: (فَلَهَا رُبُعُهُمَا) لِأَنَّ الْإِرْثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ
فَفَرْضهَا رُبُعُ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ.
قَوْلُهُ: (فَلَهُ الثُّلُثُ) وَهُوَ نِصْفُ الْبَاقِي.
فَرْعٌ: تَرَكَ امْرَأَةً وَأَوْصَى لَهَا بِالنِّصْفِ وَلِأَجْنَبِيٍّ
بِالنِّصْفِ: يُعْطَى لِلْأَجْنَبِيِّ أَوَّلًا الثُّلُثُ وَلِلْمَرْأَةِ
رُبُعُ الْبَاقِي إرْثًا وَالْبَاقِي يقسم بَينهمَا على قدر حقوقهما.
تاترخانية.
وَفِيهَا: تَرَكَتْ زَوْجَهَا فَقَطْ وَقَدْ
كَانَتْ أَوْصَتْ لِأَجْنَبِيٍّ بِالنِّصْفِ فَلِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ
الْمَالِ وَلِلزَّوْجِ الثُّلُثُ وَالسُّدُسُ لِبَيْتِ الْمَالِ اه.
وَلَوْ أَوْصَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْكُلِّ فَقَدْ أَوْضَحَهُ فِي
الْجَوْهَرَةِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا فِي تَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ) لَكِنَّهُ تُرَاعَى
فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ: لَوْ
أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ بِأَلْفِ دِينَارٍ يُكَفَّنُ بِكَفَنٍ وَسَطٍ،
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ لَا يُرَاعَى شَرَائِطُ
الْوَصِيَّةِ، لَو أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ أَوْ
سِتَّةِ أَثْوَابٍ يُرَاعَى شَرَائِطُهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَنَ
فِي مَقْبَرَةِ كَذَا بِقُرْبِ فُلَانٍ الزَّاهِدِ تُرَاعَى شَرَائِطُهُ
إنْ لَمْ يَلْزَمْ فِي التَّرِكَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ، وَلَوْ أَوْصَى
بِأَنْ يُدْفَنَ مَعَ فُلَانٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لَا يُرَاعَى شَرْطُهُ
اه.
شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
أَقُولُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يُوهِمُ أَنَّ صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ
الْمَسْأَلَةَ فِي وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ
عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ مُطْلَقَةٌ وَمِثْلُهَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ إجَازَةُ عُمَرَ إلَخْ) قَالَ فِي
الْعِنَايَةِ: وَالْأَثَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَرِيبَ
الْعَهْدِ بِالْحُلُمِ: يَعْنِي كَانَ بَالِغًا لَمْ يَمْضِ عَلَى
بُلُوغِهِ زَمَانٌ كَثِيرٌ وَمِثْلُهُ يُسَمَّى يَافِعًا مَجَازًا، أَوْ
كَانَتْ وَصِيَّتُهُ فِي تَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ
صَحَّ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ غُلَامًا لَمْ يَحْتَلِمْ،
وَأَنَّهُ أَوْصَى لِابْنَةِ عَمٍّ لَهُ بِمَالٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ
التَّأْوِيلُ؟ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَالِاحْتِجَاجُ بِهَذَا
(7/236)
الْأَثَرِ لَا يَصِحُّ مِنْ الشَّافِعِيِّ
لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، عندنَا الْمُرْسَلُ وَإِنْ كَانَ حُجَّةً لَكِنَّ
هَذَا مُخَالِفٌ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: رُفِعَ
الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَلَمِ
التَّكْلِيفُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: *
(وَابْتَلُوا الْيَتَامَى) * (النِّسَاء: 6) الْآيَةَ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ
عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ مَمْنُوعٌ مِنْ مَالِهِ اه مُلَخَّصًا.
أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ رَفْعُ التَّكْلِيفِ دَلِيلُ الْحَجْرِ عَنْ
الْأَقْوَالِ وَالتَّصَرُّفَاتِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ شَرْعًا.
تَأَمَّلْ.
قَوْله: (يَعْنِي الْمُرَاهق) تَفْسِير ليافع، والمراهق قَارَبَ
الْبُلُوغَ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُغْرِبِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عِنْدَهُمَا إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا
أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ مَثَلًا، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ مِنْ
مَالِهِ فَلَا تَصِحُّ إجْمَاعًا، كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ إجْمَاعًا إذَا
أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالدَّلِيلُ
مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ ط.
قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا أَضَافَهَا) بِأَنْ قَالَ: إذَا عَتَقْت فَثُلُثُ
مَالِي وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ أَوْ أَوْصَيْت بِثُلُثِ
مَالِي لَهُ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَدَاءِ بَدَلِ
الْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ، كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ
مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ بَطَلَتْ
الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ حَقِيقَةً لَمْ يُوجَدْ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ أَضَافَاهَا) كَأَنَّ نُسْخَتَهُ
كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي رَأَيْته فِيهَا كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: (لِزَوَالِ الْمَانِعِ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الْمُخَالَفَةِ
بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّبِيِّ، فَإِن أهليتهما كَامِلَة، وَإِنَّمَا
مِنْهُ لحق الْمولى فَتَصِح إضافتهما إلَى حَالِ سُقُوطِ حَقِّ الْمَوْلَى،
أَمَّا الصَّبِيُّ فَأَهْلِيَّتُهُ قَاصِرَةٌ، فَلَيْسَ بِأَهْلٍ لِقَوْلٍ
مُلْزِمٍ، فَلَا يَمْلِكُهُ تَنْجِيزًا وَلَا تَعْلِيقًا.
قَوْلُهُ: (بِالْإِشَارَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَصِحُّ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ
أَدَاةِ النَّفْيِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: إنْ امْتَدَّتْ لِمَوْتِهِ جَازَ) قَالَ فِي
الْكِفَايَةِ: وَذَكَرَ الْحَاكِمُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ
دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ
وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِمَعْنَى لَا
يُرْجَى زَوَالُهُ فَكَانَ كَالْأَخْرَسِ قَالُوا: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
اه.
قَالَ السَّائِحَانِيُّ: سَوَاءٌ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ،
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَشْرُوطٌ بِالِامْتِدَادِ سَنَةً وَإِن لم يتَّصل
بهَا الْمَوْت، وَهَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ.
قَوْلُهُ: (دُرَرٌ) وَبِهِ جَزَمَ فِي مَتْنِ الْمَوَاهِبِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقَبُولِ) دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ،
فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى
قَبُولِهِ، وَلَيْسَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ وَلَا فِي مِلْكِ الْمُوصَى
لَهُ حَتَّى يقبل أَو يَمُوتَ.
أَتْقَانِيٌّ عَنْ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ هُوَ بل قَبُولٍ) أَيْ وَلَا رَدٍّ.
قَوْلُهُ: (اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا لِأَنَّ تَمَامَهَا
مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ، وَقَدْ فَاتَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا
تَمَّتْ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي تَمَامًا لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ،
وَوُقِفَتْ عَلَى خِيَارِ الْمُوصَى لَهُ فَصَارَ كَالْبَيْعِ
(7/237)
بِالْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لَوْ مَاتَ فِي
الثَّلَاثِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ يَتِمُّ وَالسِّلْعَةُ لِوَرَثَتِهِ،
فَكَذَا هُنَا، فَيَكُونُ مَوْتُهُ بِلَا رَدٍّ كَقَبُولِهِ دَلَالَةً.
أَتْقَانِيٌّ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: وَإِذَا قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ مِلْكَ
الْمُوصَى بِهِ، وَإِلَّا فَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا
يُمْكِنُ قَبُولُهُ.
بِخِلَافِ نَحْوِ الْفُقَرَاءِ وَبَنِي هَاشِمٍ وَمَصْلَحَةِ مَسْجِدٍ
وَحَجٍّ وَغَزْوَةٍ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ: أَعْطُوا بَعْدَ مَوْتِي
ثُلُثَ مَالِي مَسَاكِين مَكَّة كَذَا، فَلم مَاتَ أَتَى الْوَصِيُّ
بِالْمَالِ إلَيْهِمْ فَقَالُوا: لَا نُرِيدُهُ وَلَيْسَ بِنَا حَاجَةٌ
إلَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: يُرَدُّ الْمَالُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ
رَجَعُوا قَبْلَ رَدِّهِ لِلْوَرَثَةِ لِبُطْلَانِ حَقِّهِمْ بِالرَّدِّ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ: وَإِذَا قَبِلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ
إنْ قَبِلُوهَا انْفَسَخَ مِلْكُهُ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرُوا اه،
سَائِحَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا) لِأَنَّ تَمَامَهَا بِمَوْتِ
الْمُوصِي، وَلِأَنَّ الْقَبُولَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَوْتِ،
وَالْإِيجَابُ الْمُفْرَدُ يَجُوزُ إبْطَالُهُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ
كَالْبَيْعِ، فَفِي التَّبَرُّعِ أَوْلَى.
عِنَايَةٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرُّجُوع فِي الْوَصِيَّة على أَنْوَاع: مَا لَا
يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَالْوَصِيَّةِ بِعَيْنٍ،
وَمَا يَحْتَمِلُهُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَوْ
الرُّبُعِ، فَإِنَّهُ لَو بَاعَ أَو وهب لن تَبْطُلْ وَتُنَفَّذُ
الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ إلَّا
بِالْفِعْلِ كَالتَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ، فَلَوْ بَاعه صَحَّ، لَكِن لَو
اشْتَرَاهُ عاح د لِحَالِهِ الْأَوَّلِ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ بِهِمَا
كَالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ اه مُلَخَّصًا مِنْ الْأَتْقَانِيِّ
وَالْقُهُسْتَانِيِّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ فِعْلٍ إلَخْ) هَذَا رُجُوعٌ دَلَالَةً وَالْأَوَّلُ
صَرِيحٌ، وَقَدْ يَثْبُتُ ضَرُورَةً بِأَنْ يَتَغَيَّرَ الْمُوصَى بِهِ
وَيَتَغَيَّرَ اسْمُهُ، كَمَا إذَا أَوْصَى بِعِنَبٍ فِي كَرْمِهِ فَصَارَ
زَبِيبًا، أَوْ بِبَيْضَةٍ فَحَضَنَتْهَا دَجَاجَةٌ حَتَّى أَفْرَخَتْ
قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.
وَتَمَامُهُ فِي الْكِفَايَةِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُزِيلَ اسْمَهُ إلَخْ) كَمَا إذَا اتَّخَذَ الْحَدِيدَ
سَيْفًا أَوْ الصُّفْرَ آنِيَةً، لِأَنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ فِي قَطْعِ
مِلْكِ الْمَالِكِ فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْمَانِعِ أَوْلَى.
زَيْلَعِيٌّ.
أَيْ فِي الْمَنْعِ عَنْ حُصُولِ الْمِلْكِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِذَا
ذَبَحَ الشَّاةَ الْمُوصَى بِهَا كَانَ مُجَرَّدُ الذَّبْحِ رُجُوعًا
وَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُهُ، لِأَنَّهُ نُقْصَانٌ كَقَطْعِهِ الثَّوْبَ
وَلَمْ يَخِطْهُ، وَهَدْمِ بِنَاءِ الدَّارِ، وَلَكِنْ نَقُولُ الذَّبْحُ
دَلِيلٌ عَلَى اسْتِبْقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَكَانَ دَلِيلَ الرُّجُوعِ،
لِأَنَّ اللَّحْمَ قَلَّمَا يَبْقَى عَادَةً إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ.
أَتْقَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كِلْت السَّوِيقَ إلَخْ) وَكَالْقُطْنِ يَحْشُو بِهِ
وَالْبِطَانَةِ يُبَطِّنُ بِهَا وَالظِّهَارَةِ يُظَهِّرُ بِهَا، لِأَنَّهُ
لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ بِدُونِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يُمْكِنُ نَقْضُهَا
لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي مِلْكِ الْمُوصِي مِنْ جِهَتِهِ.
هِدَايَةٌ.
وَكَذَا لَوْ زَرَعَ فِيهَا شَجَرًا أَوْ كَرْمًا لَا لَوْ زَرَعَ
رُطَبَةً.
خَانِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي التَّابِعِ) وَهُوَ الْبِنَاءُ
وَالتَّجْصِيصُ زِينَةً.
أَتْقَانِيٌّ.
وَانْظُرْ هَلْ تَطْيِينُ الدَّارِ وَتَكْلِيسُهَا كَالْبِنَاءِ أَوْ
كَالتَّجْصِيصِ؟ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَانِيَّةِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ
طَيَّنَهَا يَكُونُ رُجُوعًا إذَا كَانَ كَثِيرًا اه.
وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (عَطْفٌ عَلَى بِقَوْلِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْعَطْفَ
عَلَى الْمَجْرُورِ بِدُونِ الْجَار.
أَفَادَهُ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ أَصْلٌ ثَالِثٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ قسم ثَالِث
للْفِعْل الْمُفِيد للرُّجُوع، خلافًا لم يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ
مِنْ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْفِعْلِ، لَكِن قَالَ ح: هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ
فِي عِبَارَةِ الدُّرَرِ حَيْثُ قَالَ: أَو يزِيد، وَلم
(7/238)
يذكر لَفْظَة الصّرْف، وَأَمَّا عَلَى
ذِكْرِهَا فَلَا، سَوَاءٌ كَانَ بِأَوْ أَوْ بِالْوَاوِ اه.
قَوْلُهُ: (عَادَ لِمِلْكِهِ ثَانِيًا) أَيْ
بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ، زَيْلَعِيٌّ.
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ كَقَوْلِهِ: إنْ مِتَّ مِنْ
مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ
عَادَ إلَى الْحَالِ الْأَوَّلِ، كَمَا نَقَلَهُ الْأَتْقَانِيُّ
وَقَدَّمْنَاهُ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا إِذا خلطه بِغَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يُمكن تَمْيِيزه)
أَقُولُ: وَكَذَا إنْ أَمْكَنَهُ وَلَكِنْ بِعُسْرٍ كَشَعِيرٍ بِبُرٍّ،
وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا عِنْدَ قَول الْمَتْن: أَو فعل لحق
الْمَالِكِ سَائِحَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي التَّبَعِ) كَذَا فِي بَعْضِ
النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا: فِي النَّفْعِ بِالنُّونِ وَالْفَاءِ، وَعَلَى
كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِهِ إزَالَةُ الْوَسَخِ.
وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: لِأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ ثَوْبَهُ
غَيْرَهُ يَغْسِلْهُ عَادَةً فَكَانَ تَقْرِيرًا اه: أَيْ إبْقَاءً
لِلْوَصِيَّةِ لَا رُجُوعًا عَنْهَا.
قَوْلُهُ: (لَا يَضُرُّ أَصْلًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبُولِ
أَوْ بَعْدَهُ.
زَيْلَعِيٌّ، لِأَنَّهُ حَصَلَ بَعْدَ تَمَامِهَا، لِأَنَّ تَمَامَهَا
بِالْمَوْتِ، كِفَايَةٌ.
قَوْله: (وَلَا بجحودها) لَان الرُّجُوع عَن الشئ يَقْتَضِي سبق وجوده
وجحود الشئ يَقْتَضِي سيق عَدمه، إِذْ الْجُحُودُ نَفْيٌ لِأَصْلِ
الْعَقْدِ، فَلَوْ كَانَ الْجُحُودُ رُجُوعا اقْتضى وجود لوَصِيَّة
وَعَدَمَهَا فِيمَا سَبَقَ وَهُوَ مُحَالٌ، كِفَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى:
وَلَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلِذَا قَدَّمَهُ الْمُصَنَّفُ
عَلَى عَادَتِهِ اه.
أَقُولُ: وَأَخَّرَ فِي الْهِدَايَةِ دَلِيلَهُ فَكَانَ مُخْتَارًا لَهُ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَوَاهِبِ وَالْإِصْلَاحِ.
قَالَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مِنْ الْبَحْرِ: وَإِذَا اخْتَلَفَ
التَّصْحِيحُ وَالْإِفْتَاءُ فَالْعَمَلُ بِمَا وَافَقَ الْمُتُونَ
أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (فَحَرَامٌ أَوْ رِيَاءٌ إلَخْ) لِأَنَّ الْوَصْفَ يَسْتَدْعِي
بَقَاءَ الْأَصْلِ وَالتَّأْخِيرُ لَيْسَ لِلسُّقُوطِ كَتَأْخِيرِ
الدَّيْنِ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَكُلُّ ذَلِكَ رُجُوعٌ) لِأَنَّ التَّرْكَ إسْقَاطٌ
وَالْبَاطِلَ الذَّاهِبُ الْمُتَلَاشِي، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ (الَّذِي
أَوْصَيْت بِهِ الخ) يدل على قطع الشَّوْكَة، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى
بِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ، لِأَنَّ الْمَحَلَّ يَحْتَمِلُ
الشَّرِكَةَ وَاللَّفْظُ صَالِحٌ لَهَا.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْأُولَى إنَّمَا
تَبْطُلُ ضَرُورَةَ كَوْنِهَا للثَّانِي وَلم تكن، فَبَقيَ لاول عَلَى
حَالِهِ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَتَبْطُلُ هِبَةُ الْمَرِيضِ وَوَصِيَّتُهُ إلَخْ) لِأَنَّ
الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ وَارِثَةٌ عِنْدَ ذَلِكَ،
وَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ، وَالْهِبَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْجَزَةً
صُورَةً فَهِيَ كَالْمُضَافِ إِلَى مَا بعد المون حُكْمًا، لِأَنَّ
حُكْمَهَا يَتَقَرَّرُ عِنْدَ الْمَوْتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَبْطُلُ
بِالدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ وَعِنْدَ عَدَمِ الدَّيْنِ تُعْتَبَرُ مِنْ
الثُّلُثِ.
هِدَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَهَا) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي
الْمِنَحِ بعدهمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهِيَ الْأَنْسَبُ.
قَوْلُهُ: (لِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ إثْبَاتًا وَنَفْيًا.
قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْمَوْتِ
(7/239)
إلَخْ) فَتَصِحُّ لَوْ أَوْصَى
لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَمَضَتْ
عِدَّتُهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي.
قُهُسْتَانِيٌ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ) لِأَنَّ الاقرار مُلْزم بِنَفسِهِ
فَلَا يتَوَقَّف إِلَى شَرْطٌ زَائِدٌ، كَتَوَقُّفِ الْوَصِيَّةِ إلَى
الْمَوْتِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ حَصَلَ
لِأَجْنَبِيَّةٍ.
أَتْقَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَلَو أقرّ لَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ
الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْكَلَامِ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ
غَيْرَ وَارِثٍ يَوْمَ الْإِقْرَارِ أَيْ جَازَ الْإِقْرَارُ لَهَا
لِأَنَّهَا غَيْرُ وَارِثَةٍ وَقْتَهُ، وَإِنْ صَارَتْ وَارِثَةً وَقْتَ
الْمَوْتِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْإِرْثِ بِسَبَبٍ
حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ كَالتَّزْوِيجِ هُنَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ
كَانَ بِسَبَبٍ قَائِمٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ
ثُمَّ زَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ، كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: وَيَبْطُلُ
إلَخْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ أَوْ
الْأَمَةِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ أُعْتِقَتْ لَا يَصِحُّ
الْإِقْرَارُ لِقِيَامِ السَّبَبِ حَالَ صُدُورِهِ كَمَا أَفَادَهُ
الزَّيْلَعِيُّ.
قَوْله: (أَو عبدا) قيد الزَّيْلَعِيُّ بِمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ،
لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَقَعَ لَهُ، وَهُوَ وَارِثٌ عِنْدَ الْمَوْتِ
فَيَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَحَّ
الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ وَقَعَ لِلْمَوْلَى، إذْ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ
اه.
وَعَزَاهُ فِي الْهِدَايَةِ إلَى كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَظَاهِرُ مَا
قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ أَوْرَاقٍ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالنِّهَايَةِ عَدَمُ
بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ بِعِتْقِ الابْن الْمقر بِهِ مُطْلَقًا
وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ.
فَتَنَبَّهْ.
قَوْلُهُ: (لِقِيَامِ النُّبُوَّة وَقْتَ الْإِقْرَارِ) عِلَّةٌ
لِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ فَلِأَنَّ
الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا وَقْتُ الْمَوْتِ كَمَا قَدَّمَهُ، وَقَدْ صَارَ
الِابْنُ وَارِثًا وَقْتَهُ فَبَطَلَا.
قَوْله: (وَهبة مقْعد الخ) النقعد بِضَمٍّ فَفَتْحٍ: مَنْ لَا يَقْدِرُ
عَلَى الْقِيَامِ، وَالْمَفْلُوجُ: مَنْ ذَهَبَ نِصْفُهُ وَبَطَلَ عَنْ
الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ، وَالْأَشَلُّ: مَنْ شُلَّتْ يَدُهُ.
عِنَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (بِهِ عِلَّةُ السُّلِّ) هُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي النِّهَايَة
عَن االمغرب مِنْ أَنَّ الْمَسْلُولَ مَنْ سُلَّتْ خُصْيَتَاهُ لِمَا قَالَ
الْأَتْقَانِيُّ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ هُنَا، لِأَنَّهُ بَعْدَ تَطَاوُلِ
الزَّمَانِ لَا يُسَمَّى مَرِيضًا أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (إنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ سَنَةً) هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ
أَصْحَابُنَا، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ عُدَّ فِي الْعُرْفِ تَطَاوُلًا
فَتَطَاوُلٌ، وَإِلَّا فَلَا.
قُهُسْتَانِيٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُخَفْ مَوْتُهُ مِنْهُ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَقَعَتْ
مُوضِحَةً لِلْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ.
حَمَوِيٌّ عَنْ الْمِفْتَاحِ اه ط.
ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ الْخَوْفِ الْغَالِبُ مِنْهُ لَا نَفْسُ الْخَوْفِ.
كِفَايَةٌ وَفَسَّرَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَدَمَ الْخَوْفِ بِأَنْ لَا
يَزْدَادَ مَا بِهِ وقتا فوقتا اهـ.
لِأَنَّهُ إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ صَارَ طَبْعًا مِنْ طِبَاعِهِ
كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ
مَرَضُ الْمَوْتِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمَوْتِ غَالِبًا،
وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يزْدَاد حَالا فحالا
إِلَى أَن
* ويمون آخِرُهُ الْمَوْتَ، وَأَمَّا إذَا اسْتَحْكَمَ وَصَارَ بِحَيْثُ
لَا يَزْدَادُ وَلَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ لَا يكون سَببا ل لمَوْت،
كَالْعَمَى وَنَحْوِهِ إذْ لَا يُخَافُ مِنْهُ، وَلِهَذَا لَا يَشْتَغِلُ
بِالتَّدَاوِي اه.
زَيْلَعِيٌّ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا تَطُلْ وَخِيفَ مَوْتُهُ) عِبَارَةُ
الْقُهُسْتَانِيِّ: وَإِلَّا يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَنْ لَمْ تَطُلْ
مُدَّتُهُ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ سَنَةٍ أَوْ خِيفَ مَوْتُهُ بِأَنْ
يَزْدَادَ مَا بِهِ يَوْمًا فَيَوْمًا اه.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَطُلْ وَلَمْ يُخَفْ مَوْتُهُ فَهُوَ
مِنْ الثُّلُثِ، وَيُخَالِفُهُ عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَنَصُّهَا: أَيْ
إنْ لَمْ يَتَطَاوَلْ يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُهُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا كَانَ
صَاحِبَ فِرَاشٍ، وَمَاتَ مِنْهُ فِي أَيَّامِهِ لِأَنَّهُ فِي
ابْتِدَائِهِ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ، وَلِهَذَا يَتَدَاوَى فَيَكُونُ
مَرَضَ الْمَوْتِ، وَإِنْ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بَعْدَ التَّطَاوُلِ
فَهُوَ كَمَرَض حَادث، حَتَّى تعْتَبر تصارفاته مِنْ الثُّلُثِ اه.
وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ.
وَبَقِيَ مَا إذَا طَالَ وَخِيفَ مَوْتُهُ، وَمُقْتَضَى عبارَة
الْقُهسْتَانِيّ أَنه من الثُّلُث أَيْضًا، وَهُوَ الْمَفْهُومُ
(7/240)
مِنْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ مَا يَكُونُ
مِنْ كُلِّ الْمَالِ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يُخَفْ مَوْتُهُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَمْرَاضٌ مُزْمِنَةٌ) أَيْ طَوِيلَةُ الزَّمَانِ
وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: مِنْ كُلِّ مَالِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي
ذِكْرُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إلَخْ قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَفِي
جَامع الْفُصُولَيْنِ: وَأَمَّا الْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ، قَالَ فِي
الْكِتَابِ: إنْ لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ،
وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ هَذِهِ
عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ وَلَيْسَتْ بِقَاتِلَةٍ اه.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ فِي التَّجْرِيدِ) وَفِي الْمِعْرَاجِ:
وَسُئِلَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ عَنْ حَدِّ مَرَضِ الْمَوْتِ، فَقَالَ:
كَثُرَتْ فِيهِ أَقْوَالُ الْمَشَايِخِ، وَاعْتِمَادُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى
قَول الْفضل، وَهُوَ أَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يَذْهَبَ فِي حَوَائِجِ
نَفْسِهِ خَارِجَ الدَّارِ وَالْمَرْأَةُ لِحَاجَتِهَا دَاخِلَ الدَّار
لصعود السَّطْح وَنَحْوه.
اه.
وَهَذَا الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ، وَصَحَّحَهُ
الزَّيْلَعِيُّ.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْأَمْرَاضِ
الْمُزْمِنَةِ الَّتِي طَالَتْ، وَلَمْ يُخَفْ مِنْهَا الْمَوْتُ
كَالْفَالِجِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ صَيَّرَتْهُ ذَا فِرَاشٍ وَمَنَعَتْهُ
عَنْ الذَّهَابِ فِي حَوَائِجِهِ، فَلَا يُخَالِفُ مَا جَرَى عَلَيْهِ
أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ هُنَا.
تَأمل.
قَوْله: (وَالْمُخْتَار الخ) كَذَا اخْتِيَاره صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي
كِتَابِهِ التَّجْنِيسِ.
تَنْبِيهٌ: تَبَرُّعُ الْحَامِلِ حَالَةَ الطَّلْقِ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ
اخْتَلَطَتْ الطَّائِفَتَانِ لِلْقِتَالِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُكَافِئَةٌ
لِلْأُخْرَى أَوْ مقهور فَهُوَ فِي حُكْمِ مَرَضِ الْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ
يَخْتَلِطُوا فَلَا.
وَرَاكِبُ الْبَحْرِ إنْ كَانَ سَاكِنًا فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَإِنْ
هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ اضْطَرَبَ فَهُوَ مخوف.
والمحبوس إِذا كَانَ من عَادَتُهُ الْقَتْلَ فَهُوَ خَائِفٌ، وَإِلَّا
فَلَا.
مِعْرَاجَ مُلَخَّصًا.
وَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا اجْتَمَعَ الْوَصَايَا إلَخْ) اعْلَم أَن الْوَصَايَا
إِمَّا أَن كَون كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِلْعِبَادِ، أَوْ
يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ اعْتِبَارَ التَّقْدِيمِ مُخْتَصٌّ
بِحُقُوقِهِ تَعَالَى لِكَوْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَاحِدًا، وَأَمَّا إذَا
تَعَدَّدَ فَلَا يُعْتَبَرُ، فَمَا لِلْعِبَادِ خَاصَّةً لَا يُعْتَبَرُ
فِيهَا التَّقْدِيمُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ
بِهِ لِآخَرَ، إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى التَّقْدِيمِ، أَوْ يَكُونَ
الْبَعْضُ عِتْقًا أَوْ مُحَابَاةً عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَمَا لِلَّهِ
تَعَالَى: فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فَرَائِضَ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، أَوْ
وَاجِبَاتٍ كالكفارات وَالنُّذُور وَصدقَة الْفطر، أَو تطوعات كَالْحَجِّ
والتطوع وَالصَّدَََقَة للْفُقَرَاء يبد بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ،
وَإِنْ اخْتَلَطَتْ يُبْدَأُ بِالْفَرَائِضِ قَدَّمَهَا الْمُوصِي أَوْ
أَخَّرَهَا، ثُمَّ بِالْوَاجِبَاتِ، وَمَا جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ حَقِّهِ
تَعَالَى وَحَقِّ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى
جَمِيعِهَا، وَيُجْعَلُ كُلُّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرْبِ مُفْرَدَةً
بِالضَّرْبِ وَلَا تجْعَل فَإِنَّهُ يقسم الثُّلُث على جَمِيعهَا، وَيجْعَل
الْمَقْصُودُ بِجَمِيعِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ
مِنْهَا فِي نَفْسِهَا مَقْصُودَةٌ فَتَنْفَرِدُ كَوَصَايَا
الْآدَمِيِّينَ، ثُمَّ تُجْمَعُ فَيُقَدَّمُ فِيهَا الْأَهَمُّ
فَالْأَهَمُّ، فَلَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ
وَلِزَيْدٍ وَالْكَفَّارَاتِ: قُسِّمَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَلَا
يُقَدَّمُ الْفَرْضُ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ
الْآدَمِيُّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ أَوْصَى بِالصَّدَقَةِ عَلَى
الْفُقَرَاءِ فَلَا يُقَسَّمُ، بَلْ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى،
لِأَنَّ الْكُلَّ يَبْقَى حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ
مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقٌ
مُنَفَّذٌ فِي الْمَرَضِ أَوْ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا
مُحَابَاةَ مُنَجَّزَةٌ فِي الْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ بُدِئَ بِهِمَا عَلَى
مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ، ثُمَّ
يُصْرَفُ الْبَاقِي إلَى سَائِرِ الْوَصَايَا اه.
مُلَخصا من الْعِنَايَة وَالنِّهَايَة والتبيين.
قَوْلُهُ: (قُدِّمَ الْفَرْضُ) كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ،
لِأَنَّ الْفَرْضَ أَهَمُّ مِنْ النَّفْلِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ
الْبُدَاءَةُ بِالْأَهَمِّ.
زَيْلَعِيٌّ.
وَأَرَادَ بِالْفَرْضِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ:
وَالْكَفَّارَاتِ، لَكِنَّ الْفَرْضَ
(7/241)
الْحَقِيقِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَاجِبِ
كَمَا مَرَّ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيُّ: فَيُبْدَأُ بِالْفَرْضِ حَقُّ الْعَبْدِ ثُمَّ
حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ الْوَاجِبُ ثُمَّ النَّفَلُ كَمَا رُوِيَ
عَنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَسَاوَتْ قُوَّةً إلَخْ) قَالَ فِي الْمُلْتَقَى:
وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي
الْفَرْضِيَّةِ وَغَيرهَا قدم مَا قدمه.
وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ.
وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ الخ، وَمثله فِي الِاخْتِيَار والقهستاني.
فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ بَعْضُ الْفَرَائِضِ عَلَى الْبَعْضِ
بِلَا تَقْدِيمٍ مِنْ الْمُوصِي إذَا تَسَاوَتْ قُوَّةً: أَيْ بِأَنْ
كَانَتْ كُلُّهَا فَرَائِضَ حَقِيقَة احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا
وَاجِبَاتٌ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِتَقْدِيم بَعْضِ الْفَرَائِضِ عَلَى
بَعْضٍ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ، وَالْقَائِلُ بِذَلِكَ الْإِمَامُ
الطَّحَاوِيُّ، وَبِالْأَوَّلِ الْإِمَامُ الْكَرْخِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ
قَوْلُ الْكُلِّ حَيْثُ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ: قَالَ هِشَامٌ عَنْ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأبي يُوسُف وَهُوَ قَول مُحَمَّد: كل شئ
كَانَ جَمِيعُهُ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ
وَغَيْرِهِ فَأَوْصَى بِهِ رَجُلٌ وَالثُّلُثُ لَا يَبْلُغُ ذَلِكَ: فَإِنْ
كَانَ كُلُّهُ تَطَوُّعًا بَدَأَ بالاول مِمَّا نطق بِهِ حَتَّى يَأْتِي
عَلَى آخِرِهِ أَوْ يُنْتَقَصُ الثُّلُثُ فَيَبْطُلُ مَا بَقِيَ،
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ كُلُّهُ فَرِيضَةً بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ
حَتَّى يَكُونَ النُّقْصَانُ عَلَى الْآخِرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ
تَطَوُّعًا وَبَعْضُهُ فَرِيضَةً أَوْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بُدِئَ
بِالْفَرْضِ أَوْ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ أَخَّرَهُ فِي
نُطْقِهِ.
قَالَ هِشَامٌ: إلَى هُنَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا.
وَتَمَامُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ الزَّيْلَعِيُّ
بَعْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي الْقُوَّةِ إلَخْ: لِأَنَّ
الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمَرْءِ أَنْ - يَبْدَأَ بِمَا هُوَ الْأَهَمُّ
عِنْدَهُ، وَالثَّابِتُ بِالظَّاهِرِ كَالثَّابِتِ نَصًّا، فَكَأَنَّهُ
نَصَّ عَلَى تَقْدِيمِهِ فَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ
لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِهَا، وَهُمَا عَلَى الْكَفَّارَةِ
لِرُجْحَانِهِمَا عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ الْوَعِيدِ فِيهِمَا مَا
لَمْ يَأْتِ فِي غَيْرِهِمَا، وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ
وَالْيَمِينِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفِطْرَةِ إلَخْ.
وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ.
أَقُولُ: صَدْرُ تَقْرِيرِهِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَآخِرُهُ
لِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مُفَرِّعًا
أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخِرِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الْمُلْتَقَى
تُخَالِفُهُمَا، وَأَنَّ الثَّانِي مِنْهُمَا ضَعِيفٌ.
فَتَدَبَّرْ.
وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَحَلَّ، فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت
الْأَتْقَانِيَّ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ
كَفَّارَةَ الْقَتْلِ تُقَدَّمُ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِقُوَّتِهَا
بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ فِيهَا، ثُمَّ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عَلَى
كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِوُجُوبِهَا بِهَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ
تَعَالَى، وَالثَّانِيَةُ بِإِيجَاب حُرْمَة على نَفسه، وَلنَا فِيهِ نظ ر
لانه خلاف الْمَنْصُوص من الرِّوَايَة، لانه لَا تُقَدَّمُ الْفَرَائِضُ
بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ التَّطَوُّعُ بَلْ يُبْدَأُ بِمَا
بَدَأَ بِهِ الْمُوصِي، وَقَدْ مَرَّ نَصُّ الْكَرْخِيِّ عَلَى ذَلِكَ،
وَالْمَعْنَى فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عَلَى الْكَفَّارَاتِ
ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ الْوَعِيدُ، وَمِثْلُ
هَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي شئ مِنْ الْكَفَّارَاتِ اه.
وَأَرَادَ بِالْبَعْضِ صَاحِبَ النِّهَايَةِ.
أَقُولُ: وَتَقْدِيمُ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ ظَاهِرٌ،
لِأَنَّ الْكَفَّارَاتِ وَاجِبَةٌ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ الْأَتْقَانِيَّ
نَفْسَهُ ذَكَرَ أَنَّهُ تُقَدَّمُ الْكَفَّارَاتُ عَلَى الْفِطْرَةِ
وَالْفِطْرَةُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ كَمَا فَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ
وَالشَّارِحُ، وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ، وَعَلَيْهِ
لَا مَانِعَ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ عَلَى بَعْضٍ إذَا
وُجِدَ الْمُرَجِّحُ، كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَتَبِعَهُ
الزَّيْلَعِيُّ وَبِهِ يَسْقُطُ النَّظَرُ، فَتَدَبَّرْ.
قَوْلُهُ: (يُبْدَأُ بِكَفَّارَةِ قَتْلٍ ثُمَّ يَمِينٍ ثُمَّ ظِهَارٍ)
تَقَدَّمَ وَجْهُ تَرْتِيبِهَا.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ إفْطَارٍ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ
تَقْدِيمِ الْفِطْرَةِ لوُجُوبهَا بالاجماع وبأخبار مستفيضة عَلَى
كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ لِثُبُوتِهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَعَلَى
النَّذْرِ، لِأَنَّهَا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتُقَدَّمُ
(7/242)
عَلَى مَا يَجِبُ بِإِيجَابِ الْعَبْدِ
وَالنَّذْرُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا دُونَ
وُجُوبِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقُدِّمَ الْعُشْرُ) لَعَلَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَقِّ
اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادِ، بِخِلَافِ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ قُصِرَ
عَلَى الثَّانِي ط.
قَوْلُهُ: (أَنَّ حَجَّ النَّفْلِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ) يُشِيرُ إلَى
تَقْدِيمَةِ عَلَيْهَا وَإِنْ أَخَّرَهُ الْمُوصِي، لَكِنْ فِي
الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ قُدِّمَ فِيهِ مَا
قَدَّمَهُ كَحَجِّ تَطَوُّعٍ وَعِتْقِ نَسَمَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ
وَصَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالْأَفْضَلِ
فَالْأَفْضَلِ، يُبْدَأُ بِالصَّدَقَةِ ثُمَّ الْحَجِّ ثُمَّ الْعِتْقِ اه.
وَقَوْلُهُ: يُبْدَأُ بِالصَّدَقَةِ ثُمَّ الْحَجِّ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا
كَانَ يَقُولُهُ الْإِمَامُ أَوَّلًا، وَلَمَّا شَاهَدَ مَشَقَّةَ الْحَج
رَجَعَ، فَإِن حَجَّ بِمِقْدَارِ مَا يُرِيدُ إنْفَاقَهُ كَانَ أَفْضَلَ.
قَوْلُهُ: (أُحِجَّ عَنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.
قَوْلُهُ: (رَاكِبًا) لانه لَا يلْزم أَن يحجّ ماشيئا فَوَجَبَ عَلَيْهِ
الْإِحْجَاجُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَزِمَهُ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ النَّفَقَةُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ
بِالْأَوْلَى مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَيْضًا: لَوْ كَانَ فِي الْمَالِ
الْمَدْفُوعِ وَفَاءٌ بِالرُّكُوبِ فَمَشَى واستبقى النَّفَقَةَ لِنَفْسِهِ
فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ لِلنَّفَقَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ ثَوَابُهَا
لَهُ اه.
قَوْلُهُ: (أَنَا أَحُجُّ عَنْهُ) أَيْ مِنْ بَلَدِهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ حَاجٌّ فِي طَرِيقِهِ إلَخْ) قَدَّمَ الشَّارِحُ
فِي بَاب الْحَج عَن عَنْ الْغَيْرِ أَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ
بِهِ إذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ، أَمَّا إذَا حَجَّ مِنْ عَامِهِ
فَلَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ بَلَدِهِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ
بَلَدِهِ وَالْوَصِيَّةُ لِأَدَاءِ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ.
زَيْلَعِيٌّ.
فَإِنْ أَحَجَّ الْوَصِيُّ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ يَضْمَنُ، إلَّا أَنْ
يَكُونَ ذَلِكَ الْمَكَانُ بِحَيْثُ يَبْلُغُ إلَيْهِ وَيَرْجِعُ إلَى
الْوَطَنِ قَبْلَ اللَّيْلِ اه.
مَنَاسِكُ السِّنْدِيِّ.
وَفِيهَا: لَوْ وَصَّى أَنْ يَحُجَّ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ
يُحَجُّ عَنْهُ كَمَا أَوْصَى قَرُبَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بَعُدَ اه.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوصِي يَأْثَمُ بِذَلِكَ لِتَرْكِهِ
الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَوْصَى بِمَا لَا يَكْفِي
لِلْإِحْجَاجِ مِنْ بَلَدِهِ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ الْمُتُونُ) وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاخْتَارَهُ
الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُمْ اه
قَاسِمٌ.
قَوْلُهُ: (فَافْهَمْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ مِمَّا خَرَجَ مِنْ قَاعِدَةِ
تَقْدِيمِ الِاسْتِحْسَانِ عَلَى الْقِيَاسِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ إلَخْ) وَلَوْ لَهُ أَوْطَانٌ فَمِنْ
أَقْرَبِهَا إلَى مَكَّةَ، وإ مَكِّيًّا فَمَاتَ بِخُرَاسَانَ فَمِنْ
مَكَّةَ، إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْقِرَانِ فَمِنْ خُرَاسَانَ.
جَوْهَرَةٌ.
فَرْعٌ: قَالَ أَحَجُّوا عَنِّي بِثُلُثِ مَالِي أَوْ بِأَلْفٍ وَهُوَ
يَبْلُغُ حِجَجًا: فَإِنْ صَرَّحَ بِوَاحِدَةٍ اتَّبَعَ وَرُدَّ الْفَضْلُ
إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِلَّا حُجَّ عَنْهُ حِجَجًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ
وَهُوَ الْأَفْضَلُ، أَوْ فِي كُلِّ سَنَةٍ اه سِنْدِيٌّ.
قَوْلُهُ:
(7/243)
(بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّ الْعَبْدَ
الْمُشْتَرَى بِالْكُلِّ مُغَايِرٌ لِمَا اشْتَرَى بِالثُّلُثِ.
دُرَرٌ.
وَنَظِيرُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ ط.
قَوْلُهُ: (فَصَارَ مَعْتُوهًا إلَخْ) عِبَارَةُ لخانية: فَصَارَ معتوها
فمكس كَذَلِكَ زَمَانًا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ مُحَمَّد: وَصيته
بَاطِلَة اه.
وَانْظُر هَل تعتبفيه الْمدَّة الْمُعْتَبرَة فِي الجون وَالظَّاهِرُ
نَعَمْ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلِأَنَّ الزَّمَانَ مُنَكَّرًا
سِتَّةُ أَشْهُرٍ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ) الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ يَدُلُّ
عَلَى اعْتِمَادِهِ ط.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ تَعَالَى
فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ:
جَائِزَةٌ، وَيُصْرَفُ إلَى وجوده الْبِرِّ، وَبِهِ يُفْتَى اه.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ
أَهْلِ الْمِلْكِ نَظَرًا إلَى لَفْظِ الْمُوصِي لَا إلَى قَصْدِهِ
وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْمِعْرَاج: أوصى بشئ لمَسْجِد الْحَرَامِ لَمْ
يَجُزْ، إلَّا أَنْ يَقُولَ يُنْفَقُ عَلَى الْمَسْجِدِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ
مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، وَذِكْرُ النَّفَقَةِ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ عَلَى
مَصَالِحِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: يَصِحُّ وَيُصْرَفُ إلَى مَصَالِحِهِ
تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ اه.
قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ وَتَكُونُ وَصِيَّةً لِصَاحِبِ الْفرس.
خَانِية.
أَقُول: وَيُؤْخَذ مِنْهُ مِمَّا ذكره الاتقاني من أَنه أَوْصَى
بِالثُّلُثِ لِمَا فِي بَطْنِ دَابَّةِ فُلَانٍ لِيُنْفَقَ عَلَيْهَا جَازَ
إذَا قَبِلَ صَاحِبُهَا اه.
أَنَّ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي مَصَالِحِهِ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ
يَكُونَ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لَهُ، وَأَنَّهَا تبطل برده وبموته
قَبْلَ الْمُوصِي.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَتَبْطُلُ بِبَيْعِهَا) وَكَذَا بِمَوْتِهَا خَانِيَّةٌ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ
وَصِيَّةً لِصَاحِبِهَا إلَّا أَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى
وُجُودِهَا فِي مِلْكِهِ.
تَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَإِذَا
بِيعَ الْفَرَسُ بَطَلَ مَا نَصُّهُ: لِأَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِصَاحِبِ
الْفَرَسِ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ عَبْدَ
فُلَانٍ أَوْ لَا أَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ اه.
أَيْ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَبْطُلُ بِزَوَالِ الْإِضَافَةِ بِأَنْ بَاعَ
الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ مَثَلًا، لِأَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ
لَا يُهْجَرُ لِذَاتِهِ بَلْ لِأَجْلِ صَاحبه كَمَا قَرَّرَهُ فِي
مَحَلِّهِ، فَهُنَا تَبْقَى الْوَصِيَّةُ مَا دَامَتْ الْإِضَافَةُ
مَوْجُودَةً، وَتَبْطُلُ بِزَوَالِهَا.
لَكِنْ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَيْضًا قُبَيْلَ هَذَا الْفَرْعِ: لَوْ
أَوْصَى لِمَمْلُوكِ فلَان بِأَن ينفح ق عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةُ
دَرَاهِمَ، فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَتَدُورُ مَعَ الْعَبْدِ حَيْثُمَا
دَارَ بِبَيْعٍ أَوْ عتق.
وَعبارَة الظَّهِيرِيَّةِ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: كَانَتْ
الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ، وَتَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ بِيعَ أَوْ
عَتَقَ، وَإِنْ صَالَحَ مَوْلَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَجَازَ الْعَبْدُ جَازَ،
وَإِنْ عَتَقَ ثُمَّ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ اه.
وَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِعَبْدِ
الْوَارِثِ لَا تَجُوزُ، لِأَنَّهَا وَصِيَّة للْوَارِث حَقِيقَة.
قَوْله: (وَله سكناهَا) أَيْ بِالْمُهَايَأَةِ مَعَ الْوَارِثِ زَمَانًا.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُ ثُلُثَيْهَا) لِثُبُوتِ حَقِّ
الْمُوصَى لَهُ فِي سُكْنَى كُلِّهَا بِظُهُورِ مَالٍ آخَرَ أَوْ بِخَرَابِ
مَا فِي يَدِهِ، فَحِينَئِذٍ يُزَاحِمُهُمْ فِي بَاقِيهَا.
قَوْلُهُ: (لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لِلْوَارِثِ بَيْعُ ثُلُثَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَ الْوَرَثَةَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ:
وَلَهُ سُكْنَاهَا وَالضَّمِيرُ لِلرَّجُلِ: أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ
الْمُقَاسَمَةُ فِي عَيْنِ الدَّارِ بِالْأَجْزَاءِ إِن
(7/244)
احْتَمَلَتْ الْقِسْمَةَ، وَهَذَا أَعْدَلُ
مِنْ الْمُهَايَأَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا زَمَانًا
وَذَاتًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ سَتَأْتِي فِي بَابِ
الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمَا أَنْ يَدُوسَ وَيَسْلُخَ الشَّاةَ)
كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: أَنْ يَدُوسَا وَيَسْلُخَا الشَّاةَ بِأَلْفِ
التَّثْنِيَةِ اه ح.
قُلْت: وَأَنْ يَزِيدَ وَيَحْلِجَا الْقُطْنَ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ،
وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إخْرَاجُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ،
بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِدُهْنِ هَذَا السِّمْسِمِ لِرَجُلٍ
وَبِكَسْبِهِ لِآخَرَ، وَبِمَا فِي اللَّبَنِ مِنْ الزُّبْدِ لِرَجُلٍ
وَبِالْمَخِيضِ لِآخَرَ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الدُّهْنِ
وَالزُّبْدِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إخراجهما فَقَط، وَبِه يعْتَبر مَا
لِشَرِيكِهِ عَنْ حَالِهِ فَعَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ.
وَلَوْ كَانَت الشَّاة حَيَّة فأجر الذّبْح عَن صَاحِبِ اللَّحْمِ
خَاصَّةً، لِأَنَّ التَّذْكِيَةَ لِأَجْلِ اللَّحْمِ لَا الْجِلْدِ كَمَا
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) لَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُ لِزِيَادَةِ ذَلِكَ
فِيهِ،
وَإِلَّا فَغَيْرُ رَمَضَانَ مِثْلُهُ، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ
بِقَدْرِ الْحَاجَةِ؟ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ قَالَ
ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ للغزو، فَإِنْ أَعْطَوْا حَاجًّا
مُنْقَطِعًا جَازَ.
وَفِي النَّوَازِلِ: لَوْ صُرِفَ إلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ، لَكِنْ
إلَى سِرَاجٍ وَاحِدٍ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ اه.
وَهَذَا يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي تَعْيِينِ قَدْرِ الْحَاجَةِ اهـ ط.
قَوْلُهُ: (وَتُصْرَفُ لِفُقَرَاءِ الْكَعْبَةِ) الَّذِي فِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا لِمَسَاكِينَ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا لِلْمَسْجِدِ وللقدس) أَقُول: الَّذِي فِي الْمنح عَنْ
الْمُجْتَبَى: وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْإِيصَاءِ لِلْمَسْجِدِ قَوْلَيْنِ: قَوْلٌ
بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقَوْلٌ بِالصِّحَّةِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ
فَصْلِ وَصَايَا الذِّمِّيِّ، ثُمَّ عَلَى الصِّحَّةِ هَلْ تُصْرَفُ عَلَى
مَنَافِعِهِ، أَوْ عَلَى فُقَرَائِهِ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ بِالْأَوَّلِ عَلَى
مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا الثَّانِي فَصَرَّحَ بِهِ
فِي الْمُجْتَبَى عَلَى مَا تَرَى، وَالْقَائِلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ هُوَ
الشَّيْخَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: يُنْفَقُ عَلَى الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ
اتِّفَاقًا، وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى إرَادَةِ
مَصَالِحِهِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ لَا عَلَى إرَادَةِ عَيْنِهِ،
لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ سَوَاءٌ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ أَوْ لَا، وَبِهِ
أَفْتَى صَاحِبُ الْبَحْرِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمَّا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَفْتَرِقُ عَنْ
الْمَسْجِدِ، حَتَّى أَن الْبَزَّازِيَّة عزا مَا فِي الْمَتْنِ
لِمُحَمَّدٍ فَافْهَمْ وَلَا تَتَعَسَّفْ.
وَيَنْبَغِي الافتاء بِأَن الْوَصِيَّة لِلْمَسْجِدِ وصبة لفقرائه فِي مثل
الازهر، وَكَذَا حَرَّرَ هَذَا الْمَحَلَّ السَّائِحَانِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى، وَانْظُرْ مَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (جَازَ لغَيرهم) قَالَ فِي الخرصة: الْأَفْضَلُ أَنْ يُصْرَفَ
إلَيْهِمْ، وَإِنْ أَعْطَى غَيْرَهُمْ جَازَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ
وَبِهِ يُفْتَى.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ اه.
قُلْت: وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ فِي النَّذْرِ بِإِلْغَاءِ
تَعْيِينَ الزَّمَانِ وَالْمَكَان وَالدِّرْهَم وَالْفَقِيرِ.
قَوْلُهُ: (لِوَارِثِ الْمُوصِي) لِأَنَّ الرَّقَبَةَ عَلَى ملكه.
ولولوالجية.
وَهَلْ نَفَقَتُهُ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ، كَمَا لَوْ أوصى
(7/245)
لِزَيْدٍ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ
كَمَا سَيَأْتِي؟ لَمْ أَرَهُ.
قَوْلُهُ: (لِأَعْمَالِ الْبِرِّ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَكُلُّ مَا
لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكٌ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ حَتَّى يَجُوزَ
صَرْفُهُ إلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ وَسِرَاجِ الْمَسْجِدِ دُونَ
تَزْيِينِهِ لِأَنَّهُ إسْرَافٌ اه.
قَوْلُهُ: (فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي جَامع
الْفَتَاوَى.
قَوْله: (وَيطْعم) أَي بِأَن يُطْعَمَ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ لِمَنْ طَالَ مُقَامُهُ وَمَسَافَتُهُ) وَيَسْتَوِي
فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ.
خَانِيَّةٌ.
وَتَفْسِيرُ طُولِ الْمَسَافَةِ أَنْ لَا يَبِيتُوا فِي مَنَازِلِهِمْ.
ظَهِيرِيَّةٌ.
وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُمْكِنَهُمْ الْمَبِيتُ فِيهَا لَوْ أَرَادُوا
الرُّجُوعَ إلَيْهَا فِي
ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قَوْله: (يضمن) الظَّاهِر أَن هَذَا لم مِقْدَارًا مَعْلُوما.
قَوْله: (وَحمل المُصَنّف الْأَوَّلَ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ
الْبُطْلَانِ.
قَوْلُهُ: (بِقَيْدِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ،
وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَمَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ
مُقَيَّدٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَجْتَمِعُ
النائحات فَتكون وَصِيَّة لَهُنَّ فبطلت اه.
وَالظَّاهِر أَنَّهُ فِي عُرْفِهِمْ كَذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا
فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّ حَمْلَ الطَّعَامِ إلَى
أَهْلِ الْمُصِيبَةِ فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِاشْتِغَالِهِمْ
بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ
فَلَا يُسْتَحَبُّ، لِأَنَّ فِيهِ تَجْتَمِعُ النائحات فَيكون إِعَانَة على
الْمعْصِيَة.
أَقُول: وَعَلَّلَ السَّائِحَانِيُّ لِلْبُطْلَانِ بِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ
لِلنَّاسِ، وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ كَمَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت
لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يدل على الْحجَّة فَوَقَعَتْ
تَمْلِيكًا مِنْ مَجْهُولٍ فَلَمْ تَصِحَّ اه.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) وَهُوَ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ.
أَقُولُ: قَدَّمْنَا أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ،
وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي آخِرِ الْجَنَائِزِ مِنْ
فَتْحِ الْقَدِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ مِنْ
الطَّعَامِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ، لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي السُّرُورِ لَا
فِي الشُّرُورِ وَهِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَقْبَحَةٌ.
رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا
نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَهُمْ الطَّعَامَ
مِنْ النِّيَاحَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِجِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ
وَالْأَقْرِبَاءِ الْأَبَاعِدِ، تَهْيِئَةُ طَعَامٍ لَهُمْ يشبعهم يومهم
وليلتهم، لقَوْله صلاى الله عَلَيْهِ وَآله: اصنعوا لِآلِ جَعْفَرٍ
طَعَامًا فَقَدْ جَاءَ مَا يَشْغَلُهُمْ حسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ
الْحَاكِم.
قَوْله: (أوصى بِأَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فلام) لَعَلَّ وَجْهَ الْبُطْلَانِ
أَنَّ فِيهَا إبْطَالَ حَقِّ الْوَلِيِّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِ كَذَا) اُنْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ
عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ إلَّا فِي
تَجْهِيزِهِ.
قَوْلُهُ: (وَسَنُحَقِّقُهُ) أَيْ قُبَيْلَ فَصْلِ الْوَصِيَّةِ
بِالْخِدْمَةِ بِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تطيين الْقبُول
وَلَا الْقِرَاءَةُ عِنْدَهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ
الْوَصِيَّة مَبْنِيّ على الظَّهِيرِيَّة بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي
مَا فِيهِ.
(7/246)
قَوْله: (وَقَالَ مُحَمَّد تصرف لوجوه
الْبِرِّ) قَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ: أَي
لانه وَإِن كَانَ كل شئ لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْمُرَادَ التَّصَدُّقُ
لِوَجْهِهِ تَعَالَى تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَوْصَيْت إلَخْ) وَكَذَا أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي
وَهُوَ أَلْفٌ، فَلَهُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ
وَهُوَ ألف غير مُحْتَاج إِلَيْهِ،
ولولوالجية.
وَكَذَا أَوْصَيْت بِنَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَهُوَ الثُّلُث فَإِذا
تصيبه النِّصْفُ فَهُوَ لَهُ، أَوْ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ
وَهُوَ كُرُّ طَعَامٍ فَإِذَا فِيهِ أَكْثَرُ أَوْ كُرُّ حِنْطَةِ أَوْ
شَعِيرٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمُشَارٍ إلَيْهِ ثُمَّ قَدَّرَهُ
صَحَّ وَافَقَ الْمِقْدَارَ أَوْ لَا، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ
بِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِيجَابَ وَالتَّمْلِيكَ إلَى الثُّلُثِ مُطْلَقًا،
وَإِلَى جَمِيعِ مَا فِي الْكِيسِ فَصَحَّتْ الْإِضَافَةُ، إلَّا أَنَّهُ
غَلَطٌ فِي الْحِسَابِ، فَلَا يَقْدَحُ فِي الْإِيجَابِ، بِخِلَافِ
الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِقْدَارًا
مَعْلُومًا فَانْصَرَفَ إلَى الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ.
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّة.
فارجعه.
قَوْلُهُ: (إذَا مِتُّ) بِضَمِّ التَّاءِ.
قَوْلُهُ: (صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَصِيَّةِ
بِالشَّرْطِ جَائِزٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ هَذَا، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي
الْقنية صَحَّ وَصِيَّة فوصية بِالتَّنْوِينِ مَنْصُوب عل التَّمْيِيزِ:
أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْرَاءٍ بَلْ هُوَ وَصِيَّةٌ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى
مَوْتِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إنْ مِتّ إلَخْ) عَزَاهُ فِي مُخْتَصَرِ
الْقُنْيَةِ لِبَعْضِ الْكُتُبِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ
يَكُونَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ إذَا فُتِحَ التَّاءُ أَخْذًا مِمَّا فِي
الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ، لَوْ قَالَ لمديونه: إِن مت بِفَتْح التَّاء فَأَنت
برِئ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِخَطَرٍ اه: أَيْ وَالْإِبْرَاءُ
لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ
ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْمُرَادُ بِالْخَطَرِ
هُنَا التَّعْلِيقُ عَلَى مَعْدُومٍ مُتَرَقَّبِ الْوُقُوعِ، وَإِنْ كَانَ
لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ كالموت ومجئ الْغَدِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا
لَوْ عَلَّقَ الْإِبْرَاءَ بِشَرْط كَائِن كَقَوْل لِمَدْيُونِهِ إنْ كَانَ
لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك عَنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا
مَرَّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ.
وَمَرَّ تَمَامُهُ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (فِي بِلَادِ خَوَارِزْمَ) وَكَذَا الْإِقْلِيمِ الشَّامِيِّ
وَالْمِصْرِيِّ.
سَائِحَانِيٌّ.
وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ أَهْلَ الْكَلَامِ فِي خَوَارِزْمَ لَا يَتَّبِعُونَ
الشَّبَهَ بَلْ يَتَعَلَّمُونَ، وَيَعْلَمُونَ مَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ،
وَفِي الْبِلَادِ الْأُخْرَى يَذْكُرُونَ شَبَهَ الْفَلَاسِفَةِ
الْمُلَبَّسَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَقَائِدُهُمْ بِلَا تَعَرُّضٍ
لِرَدِّهَا وَحَثَّ عَنْ تَجَنُّبِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا
بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُمْ ضَالُّونَ مُضِلُّونَ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ
الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ نَصِيبٌ ط.
قَوْلُهُ: (فَتَنَبَّهْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ قُنْيَةٌ
فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لَهَا كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَإِلَّا أَوْهَمَتْ
أَنَّهَا عِبَارَةُ السِّرَاجِ ط.
قَوْلُهُ: (بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوصِي أَوْ
وَرَثَتِهِ إذَا هَلَكَتْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، أَمَّا
إذَا اُسْتُهْلِكَتْ: فَإِنْ وَقَعَ مِنْ الْمُوصِي فَهُوَ رُجُوعٌ، وَإِنْ
مِنْ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ بَعْدَهُ يَكُونُ ضَمَانُهُ
عَلَيْهِ ط.
وَعِبَارَةُ السارج ذَكَرَهَا فِي الْمِنَحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ:
وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَبُولُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَرَاجِعْهَا، وَاَللَّهُ
تَعَالَى أعلم.
(7/247)
|