لسان
الحكام في معرفة الأحكام الْفَصْل السَّابِع عشر فِي الْبيُوع
البيع ينْعَقد بالايجاب وَالْقَبُول إِذا كَانَا بِلَفْظ الْمَاضِي مثل أَن
يَقُول أَحدهمَا بِعْت وَيَقُول الآخر اشْتريت لِأَن البيع انشاء تصرف
والإنشاء يعرف بِالشَّرْعِ والموضع للإخبار قد اسْتعْمل فِيهِ فَينْعَقد
بِهِ وَلَا ينْعَقد بلفظين أَحدهمَا لفظ الْمُسْتَقْبل بِخِلَاف النِّكَاح
وَقَوله رضيت أَو أَعطيتك بِكَذَا أَو خُذْهُ بِكَذَا فِي معنى قَوْله
بِعْت واشتريت لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ وَالْمعْنَى هُوَ الْمُعْتَبر
فِي هَذِه الْعُقُود
وَفِي الْقنية رجل دفع إِلَى بَائِع الْحِنْطَة خَمْسَة دَنَانِير ليَأْخُذ
بهَا مِنْهُ حِنْطَة وَقَالَ لَهُ بكم تبيعها فَقَالَ كل مائَة من
بِدِينَار فَسكت المُشْتَرِي ثمَّ طلب مِنْهُ الْحِنْطَة ليأخذها فَقَالَ
البَائِع غَدا أدفعها اليك وَلم يجر بَينهمَا بيع وَذهب المُشْتَرِي وَجَاء
فِي غَد ليَأْخُذ الْحِنْطَة وَقد تغير السّعر فَلَيْسَ للْبَائِع أَن
يمْنَعهَا مِنْهُ بل عَلَيْهِ أَن يَدْفَعهَا بالسعر الأول قَالَ رَحمَه
الله تَعَالَى وَلِهَذَا ينْعَقد بالتعاطي فِي النفيس والخسيس وَهُوَ
الصَّحِيح
وَفِي المنبع انْعِقَاد البيع تَارَة يكون بالْقَوْل وَتارَة يكون
بِالْفِعْلِ من غير قَول بِأَن يكون بالإعطاء
(1/350)
وَالْأَخْذ وَهَذَا يُسمى بيع التعاطي
وَفِي الذَّخِيرَة اخْتلف الْمَشَايِخ رَحِمهم الله تَعَالَى أَن
الْإِعْطَاء من الْجَانِبَيْنِ شَرط فِي بيع التعاطي أَو من أَحدهمَا
يَكْفِي فاشار مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْجَامِع الصَّغِير أَن
تَسْلِيم الْمَبِيع يَكْفِي
وَفِي الْمُجْتَبى قَالَ بكم تبيع قفيز حِنْطَة قَالَ بدرهم فَقَالَ اعزله
فَعَزله فَبيع وَكَذَا لَو قَالَ مثله للقصاب فوزنه وَهُوَ سَاكِت ثمَّ
امْتنع من دفع الثّمن وَأخذ اللَّحْم أَو دفع الدَّرَاهِم وَامْتنع القصاب
من وزن اللَّحْم أجبرهما القَاضِي عَلَيْهِ فَثَبت بِهَذَا ان بيع التعاطي
كَمَا يثبت بتقابض الْبَدَلَيْنِ يثبت بِقَبض أَحدهمَا أَيهمَا كَانَ على
وَجه الشِّرَاء وَاتفقَ صدر الْقُضَاة وَغَيره على أَن بيع التعاطي بيع
وَإِن لم يُوجد تَسْلِيم الثّمن اه
وَإِذا أوجب أحد الْمُتَعَاقدين البيع فالآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قبل
فِي الْمجْلس وَإِن شَاءَ رد وَلَيْسَ لَهُ أَن يقبل فِي بعض الْمَبِيع
وَلَا أَن يقبل المُشْتَرِي بِبَعْض الثّمن لعدم رضَا الآخر بتفريق
الصَّفْقَة إِلَّا إِذا بَين ثمن كل وَاحِد لِأَنَّهُ صفقتان معنى وَأيهمَا
قَامَ عَن الْمجْلس قبل القَوْل بَطل الايجاب لِأَن الْقيام دَلِيل الاعراض
وَالرُّجُوع فَلهُ ذَلِك على مَا ذَكرْنَاهُ
وَإِذا حصل الايجاب وَالْقَبُول لزم البيع وَلَا خِيَار لأَحَدهمَا إِلَّا
من عيب أَو من عدم رُؤْيَة وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يثبت
لكل وَاحِد مِنْهُمَا خِيَار الْمجْلس وَيجوز البيع بِثمن حَال ومؤجل إِذا
كَانَ الْأَجَل مَعْلُوما
رجل بَاعَ شَيْئا معينا لآخر بِثمن مُؤَجل إِلَى سنة وَلم يسلم الْمَبِيع
حَتَّى انْقَضتْ السّنة ثمَّ سلم الْمَبِيع فَلِلْمُشْتَرِي سنة أُخْرَى
بعد تَسْلِيم الْمَبِيع وَقَالا لَيْسَ لَهُ الا السّنة الْمَاضِيَة
وَمن أطلق الثّمن فِي البيع كَانَ على غَالب نقد الْبَلَد لِأَنَّهُ
الْمُتَعَارف فَإِن كَانَت النُّقُود مُخْتَلفَة فَالْبيع فَاسد إِلَّا أَن
يبين أَحدهمَا وَهَذَا إِذا كَانَ الْكل فِي الزواج سَوَاء لِأَن
الْجَهَالَة مفضية إِلَى الْمُنَازعَة إِلَّا أَن نرفع الْجَهَالَة
بِالْبَيَانِ أَو يكون أَحدهمَا أغلب وأروج فَحِينَئِذٍ يصرف إِلَيْهِ
تحريا للْجُوَاز وَهَذَا إِذا كَانَت مُخْتَلفَة فِي الْمَالِيَّة فَإِن
كَانَت سَوَاء فِيهَا كالثنائي والثلاثي جَازَ البيع إِذا أطلق اسْم
الدَّرَاهِم وينصرف إِلَى مَا قدر بِهِ من أَي نوع كَانَ لِأَنَّهُ لَا
مُنَازعَة وَلَا اخْتِلَاف فِي الْمَالِيَّة كَذَا فِي الْهِدَايَة
وَفِي البزازي ساومه ثوبا بِعشْرَة فَقَالَ البَائِع بِعشْرين فَذهب بِهِ
المُشْتَرِي وَلم يقل شَيْئا فَإِن كَانَ الثَّوْب فِي يَد المُشْتَرِي
فَالْبيع بِعشْرين وَإِن كَانَ فِي يَد البَائِع وَدفعه إِلَيْهِ فبعشرة
وَقيل بآخرهما كلَاما إِذا مضيا على العقد بعد اخْتِلَاف كلمتهما ينظر
إِلَى آخرهما كلَاما فَيحكم بذلك
وَيجوز بيع الْحُبُوب المتنوعة جزَافا وَكيلا وبإناء وَحجر مجهولي
الْمِقْدَار وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَن البيع يفْسد فيهمَا
قَالَ صَاحب الْهِدَايَة وَالْأول أصح وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله
تَعَالَى أَنه فرق بَين الْإِنَاء الْقَابِل للزِّيَادَة وَغير الْقَابِل
فَأجَاز البيع فِيمَا لَا يقبلهَا كالطشت مثلا وافسده فِيمَا يقبلهَا
كالزنبيل وَأَجَازَ بِوَزْن هَذَا الْحجر لَا بِوَزْن هَذِه البطيخة
اشْترى أَرضًا وَذكر حُدُودهَا لَا ذرعها طولا وعرضا جَازَ وَإِذا عرف
المُشْتَرِي الْحُدُود لَا الْجِيرَان يَصح وَإِن لم يذكر الْحُدُود وَلم
يعرفهَا المُشْتَرِي جَازَ البيع إِذا لم يَقع بَينهمَا تجاحد وَجَهل
البَائِع بِالْمَبِيعِ لَا يمْنَع وَجَهل المُشْتَرِي يمْنَع
(1/351)
بِعْتُك نَصِيبي من هَذِه الدَّار وَلم
يُعلمهُ بِهِ البَائِع وَعلم بِهِ المُشْتَرِي جَازَ إِذا أقرّ البَائِع
أَنه كَمَا يَقُول المُشْتَرِي وَإِن لم يعلم المُشْتَرِي لَا يجوز عِنْد
الامام وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى علم البَائِع أم لَا وَمَعَ ذَلِك
لَو قبض وَبَاعَ صَحَّ كَالْبيع الْفَاسِد قلت وَصَاحب المنبع أوضح
الْمَسْأَلَة وَفصل الْخلاف فِيهَا حَيْثُ قَالَ رجل بَاعَ نصِيبه من هَذِه
الدَّار وَهُوَ لَا يعلم مِقْدَار نصِيبه وَالْمُشْتَرِي أَيْضا لَا يعلم
ذَلِك فَالْبيع فَاسد فِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى
وروى عَنهُ أَيْضا أَنه يجوز مُطلقًا سَوَاء علم الْمُتَبَايعَانِ ذَلِك
أَو لم يعلمَا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وروى عَنهُ
أَيْضا أَنه يشْتَرط علم المُشْتَرِي لَا غير وَهُوَ قَول مُحَمَّد رَحمَه
الله تَعَالَى وَهُوَ ظَاهر الرِّوَايَة
فَإِن قلت مَا فَائِدَة وضع الْمَسْأَلَة فِي الدَّار هَل يكون لمُجَرّد
بَيَان التَّصْوِير أَو للِاحْتِرَاز عَن الْمَنْقُول ليَكُون الحكم فِيهِ
خلاف الحكم فِي الدَّار قلت مَا رَأَيْت فِيهِ نقلا صَرِيحًا وَلَكِن
الظَّاهِر أَنه لَا فرق بَين الدَّار وَالْمَنْقُول وَذكر فِي الْفَتَاوَى
أَنه إِذا بَاعَ نَصِيبا لَهُ من أَشجَار بِغَيْر اذن الشَّرِيك بِغَيْر
أَرض فَإِن كَانَت الْأَشْجَار قد بلغت أَو ان قطعهَا فَالْبيع جَائِز
وَإِن لم تبلغ لم يجز اه
قَالَ المُشْتَرِي فِي يَدي لَك أَرض خراب لَا تساواي عشرَة فبعها مني
بِسِتَّة فَقَالَ بعتها وَلم يعرفهَا البَائِع وَهِي تَسَاوِي أَكثر من
ذَلِك جَازَ رجل اشْترى ثيابًا فِي جراب أَو زيتا فِي زق أَو حِنْطَة فِي
جوالق فَلم يره يجوز وَله الْخِيَار إِذا رَآهُ
وَفِي الذَّخِيرَة صُورَة الْمَسْأَلَة أَن يَقُول بِعْت مِنْك الثَّوْب
الَّذِي فِي كمي هَذَا وَصفته كَذَا أَو لم يذكر الصّفة أَو يَقُول بِعْت
مِنْك هَذِه الْجَارِيَة المنتقبة وَأما إِذا قَالَ بِعْت مِنْك مَا فِي
كمي هَذَا هَل يجوز هَذَا البيع أم لَا لم يذكرهُ فِي الْمَبْسُوط قَالَ
عَامَّة مَشَايِخنَا رَحِمهم الله إِطْلَاق الْجَواب يدل على جَوَازه
عندنَا بَعضهم قَالَ لَا يجوز لجَهَالَة الْمَبِيع وَفِي الْمَبْسُوط
الاشارة إِلَيْهِ أَو إِلَى مَكَانَهُ شَرط الْجَوَاز حَتَّى إِذا لم يشر
إِلَيْهِ أَو إِلَى مَكَانَهُ لَا يجوز بالاجماع
إِذا بَاعَ شَيْئا لم يره بِأَن ورث شَيْئا فَبَاعَهُ قبل الرُّؤْيَة لزم
البيع وَلم يتَخَيَّر وَكَانَ أَبُو حنيفَة أَولا يَقُول لَهُ الْخِيَار
اعْتِبَارا بِخِيَار الْعَيْب وَالشّرط ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا خِيَار
لَهُ
وَفِي المنبع وَإِذا اشْترى شَيْئا لم يره ثمَّ قَالَ لغيره إِنِّي اشْتريت
سلْعَة فَاذْهَبْ فَانْظُر إِلَيْهَا فَإِن كَانَت تصلح فارض بهَا وخذها
فَذهب وَرَضي بهَا ذكر شيخ الاسلام فِي بَاب الْخِيَار بِغَيْر شَرط أَن
هَذَا لَا يجوز وَرَأَيْت فِي مَوضِع آخر أَن هَذَا لَا يجوز عِنْد أبي
يُوسُف وَمُحَمّد وَأما عِنْد أبي حنيفَة فَإِن قيل يجوز فَلهُ وَجه وَإِن
قيل لَا يجوز فَلهُ وَجه
دَار بَين اثْنَيْنِ بَاعَ أَحدهمَا نصفهَا ينْصَرف إِلَى نَفسه أما لَو
عين نصفا وَقَالَ بِعْت مِنْك هَذَا النّصْف فَلَا يجوز
رجل مَاتَ وَترك بنتين فباعت احدى البنتين نصِيبهَا من الْبِنْت الْأُخْرَى
إِن كَانَ نصِيبهَا مَعْلُوما لَهَا لَا يجوز وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ إِن
باعت نصِيبهَا من كل شَيْء يجوز أما إِذا عينت عينا وباعته لَا يجوز
وَفِي الْمُحِيط رجلَانِ بَينهمَا دَار فَبَاعَ أَحدهمَا نصف بَيت شَائِعا
وَالْبَيْت مَعْلُوما قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز
لِأَن شَرِيكه يتَضَرَّر بذلك عِنْد الْقِسْمَة
(1/352)
وَلَو كَانَ بَين رجلَيْنِ عشرَة من الْغنم
أَو عشرَة أَثوَاب هروية مِمَّا تقسم بَاعَ أَحدهمَا نصف ثوب بِعَيْنِه
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا جَائِز
سكَّة غير نَافِذَة اجْتمع أَهلهَا فباعوا السِّكَّة لَا يجوز وَكَذَا لَو
اقتسموها رجل اشْترى قَرْيَة وَلم يسْتَثْن مِنْهَا الْمَسْجِد والمقبرة
فسد البيع هَذَا إِذا كَانَ الْمَسْجِد معمورا فَإِن خرب مَا حوله
وَاسْتغْنى النَّاس عَنهُ لَا يفْسد العقد
وَفِي الْخُلَاصَة وَلَو ضم الْوَقْف مَعَ الْملك وباعهما أجَاب شمس
الْأَئِمَّة الْحلْوانِي أَنه لَا يجوز كالمسجد وَقَالَ ركن الاسلام على
السغدي يجوز فِي الْملك ثمَّ رَجَعَ شمس الْأَئِمَّة إِلَى قَول ركن
الاسلام
وَفِي الْقنية رجل بَاعَ أَرضًا فِيهَا مَقَابِر صَحَّ البيع فِيمَا رواء
الْمَقَابِر وَفِي أدب الْقَضَاء لقَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين السرُوجِي
بَاعَ قَرْيَة بِغَيْر اسْتثِْنَاء الْمقْبرَة وَالْمَسْجِد جَازَ فِي
الْملك فِي الْأَصَح لِأَن الْوَقْف مصون قلت وَلِأَنَّهُ مُسْتَثْنى شرعا
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
رجل اشْترى عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَإِذا أَحدهمَا حر فَالْبيع فِي
العَبْد فَاسد سمى ثمن كل وَاحِد مِنْهُمَا أَولا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه
الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا إِن لم يسم فسد وَإِن سمي جَازَ فِي الْقِنّ
وَكَذَا إِذا بَاعَ دنين من الْخلّ فَإِذا أَحدهمَا خمرًا أَو جمع بَين
ذبيحتين فَإِذا احدهما ميتَة أَو متروكة التَّسْمِيَة عمدا وَهَذَا إِذا
قَالَ بعتهما وَإِن جمع بَين عبد وحر وَقَالَ بِعْت أَحدهمَا فَقبل الآخر
صَحَّ فِي الْقِنّ تَصْحِيحا لتصرفه بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى
لِأَنَّهُ جعل قبُول العقد فِي الْحر شرطا للْعقد فِي العَبْد وَهَذَا شَرط
فَاسد فَيفْسد وَكَذَا فِي قَوْله أعتقت أَحدهمَا أَو طلقت بِخِلَاف قَوْله
أَحدهمَا حر لِأَنَّهُ إِخْبَار وَهَذَا إنْشَاء
وَإِذا بَاعَ عَبده وَعبد غَيره بِأَلف كل وَاحِد مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَة
وَلم يجز ذَلِك الْغَيْر جَازَ فِي عَبده وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
أعلم
نوع فِي الأوراق وَالْأَشْجَار والزروع وَالثِّمَار رجل اشْترى أوراق التوت
إِن اشْترى على أَنه ياخذها من سَاعَته يجوز وَلَو اشْتَرَاهَا مُطلقًا
فَأَخذهَا الْيَوْم جَازَ وَإِن مضى الْيَوْم فسد البيع لِأَن مَا يحدث بعد
البيع بِمُضِيِّ السَّاعَات لَا يُمكن الِاحْتِرَاز عَنهُ فَجعل عفوا وَإِن
اشْتَرَاهَا على أَن يَأْخُذهَا شَيْئا فَشَيْئًا لَا يجوز لِأَنَّهُ
يزْدَاد فيختلط الْمَبِيع بِغَيْر الْمَبِيع وَكَذَا لَو اشْتَرَاهَا على
أَن يَتْرُكهَا على الشّجر وَالْحِيلَة أَن يَشْتَرِي الشَّجَرَة بأصلها
فَيَأْخُذ الأوراق ثمَّ يَبِيع الشّجر من البَائِع وَلَو ذهب وَقت الأوراق
فَأَرَادَ الرُّجُوع بِالثّمن إِن اشْتَرَاهَا مَعَ الأغصان وَبَين مَوضِع
الْقطع لَا يرجع وَهل لِلْعَامِلِ من الأغصان وأوراق الشّجر حِصَّة يَأْتِي
فِي فصل الْمُزَارعَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي فتاوي قَاضِي خَان رجل اشْترى رطبَة من الْبُقُول أَو قثاء أَو
شَيْئا يَنْمُو سَاعَة فساعة لَا يجوز كَمَا لَا يجوز بيع الصُّوف والوبر
على ظُهُور الْغنم إِلَّا أَن يجزها من سَاعَته وَالْقِيَاس فِي بيع
قَوَائِم الْخلاف كَذَلِك وَإِنَّمَا جَازَ لمَكَان التَّعَامُل فِيهِ
وَفِي البزازي قَالَ الامام الفضلي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز بيع
القوائم أَيْضا بِلَا بَيَان مَوضِع الْقطع
رجل بَاعَ الْحَشِيش الَّذِي أَنْبَتَهُ بسقيه بِأَن سقى الأَرْض لينبت
فِيهَا الْحَشِيش يجوز وَلَو بَاعَ الزَّرْع قبل أَن يصير بقلا لَا يجوز
وَبعد مَا صَار بقلا بِشَرْط الْقطع أَو على أَن يُرْسل فِيهِ دَابَّته
يجوز لَا بِشَرْط التّرْك للإدراك وَكَذَا الرّطبَة والبقول
(1/353)
وَلَو كَانَ الزَّرْع مُشْتَركا بَين
اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا نصِيبه من غير شَرِيكه بِلَا اذن الآخر قبل أَن
يدْرك الْحَصاد لَا يجوز وَبعد الادراك يَصح وَلَو بَاعَ من شَرِيكه يَصح
مُطلقًا وَكَذَا الشّجر وَلَو بَاعَ من غير شَرِيكه وَلم يفْسخ البيع
حَتَّى أدْرك صَحَّ لزوَال الْمَانِع كَمَا إِذا بَاعَ جذعا من سقف وَنزع
وَسلم وَلَو كَانَ الزَّرْع وَالْأَرْض مُشْتَركا فَبَاعَ نصفهَا مَعَ نصفه
من الشَّرِيك أَو أَجْنَبِي جَازَ وَإِن لم يرض بِهِ الآخر وناب
المُشْتَرِي عَن البَائِع وَعَن مُحَمَّد أَنه لَا يجوز وَعنهُ أَيْضا
بَاعَ قصيلا أَو ثمرا فِي أول مَا يطلع إِن جزه المُشْتَرِي فِي الْحَال
فالعشر على البَائِع وَإِن تَركه باذن البَائِع وجزه بعد الادراك فعلى
المُشْتَرِي وَعند ابي يُوسُف عشرهَا بِقدر الطّلع والبقل على البَائِع
وَالزَّائِد على المُشْتَرِي
وَفِي التَّجْرِيد بيع الثَّمَرَة وَالزَّرْع الْمَوْجُود قبل كَونه زرعا
مُنْتَفعا بِهِ جَائِز بِلَا شَرط التّرْك وَبِه يفْسد وَإِن تناهى الْعظم
فبشرط التّرْك لَا يفْسد عِنْد مُحَمَّد وَهُوَ الِاسْتِحْسَان خلافًا
لَهما وَإِن اشْترى مُطلقًا وَترك إِن تناهى عظمهما أَو لم يتناه لكنه باذن
البَائِع طَابَ لَهُ وَإِن لم يتناه وَالتّرْك بِلَا اذن تصدق بِمَا زَاد
وَلَو أخرجت الثَّمَرَة ثَمَرَة أُخْرَى قبل جذاذ الأولى فَهِيَ للْبَائِع
وَإِن جزها البَائِع طَابَ لَهُ وَإِن اخْتَلَط بالموجود حَتَّى لم يعرف
إِن كَانَ قبل التَّخْلِيَة فسد وَإِن كَانَ بعْدهَا اشْتَركَا وَالْقَوْل
فِي الْمِقْدَار قَول المُشْتَرِي وَإِن اشْترى ثَمَرَة بدا صَلَاح
بَعْضهَا وَصَلَاح الْبَاقِي مُتَقَارب وَشرط التّرْك جَازَ عِنْد مُحَمَّد
رَحمَه الله تَعَالَى وَإِن كَانَ يتَأَخَّر إِدْرَاك الْبَاقِي كثيرا لَا
يجوز فِيمَا لم يدْرك وَجَاز فِي الْمدْرك والبطيخ والباذنجان يجوز بيع مَا
ظهر لَا مالم يظْهر وَلَو بَاعَ الْأُصُول بِمَا فِيهَا من الثِّمَار جَازَ
فِي الْكل
وَذكر شمس الْأَئِمَّة رجل اشْترى ثمار الْكَرم وَقد خرج بَعْضهَا قَالَ
الْكَرْخِي رَحمَه الله لَا يجوز وَهُوَ ظَاهر الْمَذْهَب
وَقَالَ ابْن الفضلى وجدت عَن مُحَمَّد أَن بيع الْورْد جملَة يجوز
وَمَعْلُوم أَن الْورْد يتلاحق وَأفْتى الْحلْوانِي فِي الباذنجان والبطيخ
وَالثِّمَار وَغَيرهَا بِالْجَوَازِ وَجعل الْمَوْجُود أصلا وَمَال
السَّرخسِيّ إِلَى قَول الْكَرْخِي وَإِن اسْتَأْجر الْأَشْجَار ليترك
عَلَيْهَا الثِّمَار لَا يجوز لكنه لَو ترك بِنَاء على الاجارة تطيب لَهُ
الزِّيَادَة وَلَا يجب لَهُ الْأجر
وَلَو اشْترى قصيلا واستأجر الأَرْض وَترك القصيل لَا تطيب لَهُ
الزِّيَادَة لِأَن إِجَارَة الأَرْض مُتَعَارَف وَإِن بَين الْمدَّة تصح
واستئجار الْأَشْجَار لم يتعارف فَلَا يَصح وَإِن بَين الْمدَّة فَاعْتبر
مُجَرّد الاذن فطاب لَهُ وَلم يجب أجر الْمثل لعدم الاجارة رَأْسا
وَالْحِيلَة أَن يَقُول المُشْتَرِي للْبَائِع جعلت لَك جُزْءا من ألف
جُزْء من هَذِه الثَّمَرَة على أَن تعْمل فِيهَا بالمساقاة وَإِنَّمَا
يحْتَاج إِلَى الايفاء قبل التناهي وَحِينَئِذٍ تجوز الْمُسَاقَاة
وَبيع نصف الثِّمَار مشَاعا قبل بَدو الصّلاح من شَرِيكه جَائِز لَا من
غَيره كَبيع نصف الزَّرْع من شَرِيكه وافتى السغدي بِأَنَّهُ لَا يجوز من
شَرِيكه وَلَا غَيره أَيْضا وَبيع التِّبْن قبل الكدس لَا يجوز لِأَنَّهُ
مَعْدُوم وَبيع الكدس قبل التذرية يجوز وَلَو بَاعَ رجل عِنَب كرمه وَهُوَ
حصرم جَازَ لِأَنَّهُ مَال مَقْدُور التَّسْلِيم
اشْترى قصيلا وَلم يقبضهُ حَتَّى صَار حبا بَطل البيع عِنْد الامام وَقَالَ
لَا لَا يبطل وَشِرَاء قصيل الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ كَيْلا وجزافا يجوز
لِأَن هَذَا بيع الْحَشِيش بِالْحِنْطَةِ فَيصح كَيْفَمَا كَانَ
بَاعَ أَرضًا فِيهَا زرع لَا يدْخل الزَّرْع نبت أم لَا وَفِي التَّجْنِيس
الزَّرْع إِذا لم يكن لَهُ قيمَة يدْخل
(1/354)
فِي بيع الأَرْض نبت أم لم ينْبت وَهُوَ
الصَّوَاب وَكَذَا لَو بَاعَ شَجرا عَلَيْهِ ثَمَر لَا قيمَة لَهُ يدْخل
فِي بيع الشّجر لإن بَيْعه مُنْفَردا لَا يجوز
وَأفْتى أَبُو بكر الاسكاف وَأَبُو نصر الْفَقِيه بِأَن الْبذر إِن كَانَ
قد فسد فِي الأَرْض أَو نبت لكنه بِحَال لَا قيمَة لَهُ يكون للْمُشْتَرِي
لِأَنَّهُ لَا يجوز بَيْعه بِانْفِرَادِهِ فَصَارَ جُزْءا من الأَرْض وَإِن
لم يفْسد فِي الأَرْض أَو نبت وَصَارَ بِحَال لَهُ قيمَة يكون للْبَائِع
وَأفْتى أَبُو الْقَاسِم بِأَنَّهُ للْبَائِع فِي الْأَحْوَال كلهَا وَبِه
نَأْخُذ
وَاخْتَارَ فِي الصُّغْرَى دُخُول الثَّمر وَالزَّرْع إِذا لم يكن لَهَا
قيمَة فِي بيع الأَرْض بِلَا ذكر وَكَذَا الشّجر مثمرا كَانَ أَو غير مثمر
وَلَا يدْخل الثَّمر فِي بيع الشّجر بِلَا ذكر وَإِن كَانَ مَوْجُودا وَقت
البيع وَكَذَا قَوَائِم الْخلاف على مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى
وَفِي الْمُنْتَقى أذن لَهُ فِي زراعة ارضه فاراد أَن يُخرجهَا بعد
الزِّرَاعَة لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلَو كَانَ لَهُ فِيهَا زرع فَبَاعَ
الزَّرْع لَا الأَرْض ترك الزَّرْع على البَائِع بِأَجْر الْمثل إِلَى
الْحَصاد وَلَو كَانَ فِي الزَّرْع مَالا ينْتَفع بِهِ كمالتبن الَّذِي
يَنْبَغِي أَن يسْتَثْنى فَيجوز البيع
وَقَالَ السَّيِّد الامام أَبُو الْقَاسِم يَنْبَغِي أَن يجوز البيع
بِشَرْط التّرْك إِلَى الادراك لِأَنَّهُ ينْتَفع بِهِ فِي الْمَآل كالمهر
والجحش وَإِن كَانَ لَا على تَقْدِير التّرْك يَنْبَغِي أَن لَا يجوز
وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة فِي شِرَاء ثَمَرَة بُسْتَان ظهر بَعْضهَا
الْأَصَح عِنْدِي عدم جَوَاز البيع لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ
لِإِمْكَان شِرَاء الْأُصُول فَيكون الْمُتَوَلد على ملكه وَإِن كَانَ لَا
يسْتَحق بِهِ نفس الْمَبِيع فَإِن الْمُشْتَرى يَشْتَرِي الْمَوْجُود
بِبَعْض الثّمن وَيُؤَخر العقد فِي الْبَاقِي أَو يَشْتَرِي الْمَوْجُود
بِكُل الثّمن وَيحصل الْمَقْصُود بِهَذَا فَلَا حَاجَة إِلَى بيع
الْمَعْدُوم
وَعَن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد رجل اشْترى أَنْوَاع الثِّمَار فِي
بُسْتَان أدْرك الْبَعْض وَلم يدْرك الْبَعْض وَلَيْسَ لَهَا قيمَة إِذا
كَانَ الْأَكْثَر لَهُ قيمَة يجوز لِأَن الْأَقَل يتبع الْأَكْثَر وَمَا
لَيْسَ لَهُ قيمَة كالخوخ وَالرُّمَّان والتين فيشتري الْمُتَقَوم بِكُل
الثّمن ويبيح لَهُ البَائِع الْبَاقِي فيتناوله بِالْإِبَاحَةِ اه
وَفِي الْمُلْتَقط بيع الثِّمَار كالحصرم والتفاح وَنَحْوه قبل الادراك
يجوز وَنَحْو الخوخ والكمثري لَا يجوز قبل الادراك الا إِذا أدْرك بَعْضهَا
فَيجوز فِيمَا أدْرك وَمَا لم يدْرك على ذَلِك الشّجر فَلَا وَبيع ورق
التوت قبل أَن يخرج لَا يجوز وَلَكِن إِن بَاعَ الأغصان ليقطعها ثمَّ أذن
لَهُ فِي التّرْك حَتَّى خرج الْوَرق جَازَ وَكَانَ الْوَرق تبعا وَقد مر
جنسه
بَاعَ دَارا بعيدَة وَقَالَ سلمتها اليك وَقَالَ المُشْتَرِي قبضتها لَا
يكون قبضا وَإِن كَانَت قريبَة فَقبض لِأَن التَّخْلِيَة أُقِيمَت مقَام
الْقَبْض عِنْد التَّمَكُّن وَبِه قَالَ الْحلْوانِي قلت وَالنَّاس عَن
هَذَا غافلون فَإِنَّهُم يشْتَرونَ الضَّيْعَة فِي السوَاد ويقرون
بِالْقَبْضِ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَصح بِهِ الْقَبْض وَإِن كَانَ يقر بِهِ
يصير قَابِضا
وَفِي الْمُحِيط يصير قَابِضا بِالتَّخْلِيَةِ والاذن وَإِن بعد
الْمَعْقُود عَلَيْهَا
وَفِي النَّوَادِر اشْترى عقارا فَقَالَ البَائِع سلمته اليك وَقَالَ
المُشْتَرِي قبلت وَالْعَقار غَائِب عَن حضرتهما كَانَ قبضا فِي قَول
الامام وَقَالا إِن كَانَ يقدر على إِعْلَامه ودخوله فَقبض وَإِلَّا لَا
(1/355)
وَلَو اشْترى بقرة فِي السَّرْح فَقَالَ
لَهُ البَائِع اذْهَبْ فاقبضها فَإِن كَانَ بِحَيْثُ يُمكنهُ الاشارة يكون
قبضا وَكَذَا إِذا بَاعَ خلا فِي دن فِي منزل البَائِع وخلى بَينه وَبَين
مُشْتَرِيه فختم عَلَيْهِ المُشْتَرِي فَهُوَ قبض على مَا عَلَيْهِ
الْفَتْوَى كمن اشْترى طَعَاما وَقَالَ للْبَائِع كُله فِي غرارتك فكال
فِيهَا صَار قَابِضا خلافًا لمُحَمد
تسلم مِفْتَاح الدَّار وَلم يذهب إِلَى الدَّار فَإِن كَانَ يَتَيَسَّر
لَهُ الْفَتْح بِلَا كلفة فَقبض وَإِن كَانَ لَا يَتَيَسَّر لَهُ الْفَتْح
بِلَا اعانة لَا يكون قبضا
اشْترى بقرة مَرِيضَة وخلاها فِي منزل البَائِع قَائِلا إِن هَلَكت فمني
وَمَاتَتْ فَمن البَائِع لعدم الْقَبْض وَكَذَا لَو قَالَ للْبَائِع سقها
إِلَى مَنْزِلك فَاذْهَبْ فتسلمها فَهَلَكت حَال سوق البَائِع فَإِن ادّعى
البَائِع التَّسْلِيم فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي
وَلَو كَانَ المُشْتَرِي اشْترى عبدا أَو أمة وَقَالَ امش معي فتخطى مَعَه
فَهُوَ قبض وَقَول البَائِع لَهُ خُذْهُ تخلية إِذا كَانَ يصل إِلَى أَخذه
فَهُوَ قبض وَإِن كَانَ لَا يصل إِلَى أَخذه فَلَا قبض
نقض المُشْتَرِي بعض الثّمن ثمَّ قَالَ للْبَائِع تركته عنْدك رهنا لباقي
الثّمن أَو وَدِيعَة لَا يكون قبضا
قَالَ المُشْتَرِي للْعَبد اعْمَلْ كَذَا أَو قَالَ للْبَائِع مره أَن
يعْمل كَذَا فَعمل فَعَطب العَبْد هلك على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ قبض وَلَو
قَالَ المُشْتَرِي للْبَائِع لَا أعتمدك على الْمَبِيع فسلمه إِلَى فلَان
يمسِكهُ حَتَّى أدفَع لَك الثّمن فَفعل البَائِع وَهلك عِنْد فلَان يهْلك
على البَائِع لِأَن الْإِمْسَاك كَانَ لأَجله وهلاك الْمَبِيع قبل قَبضه
عِنْد البَائِع على البَائِع وَيلْزمهُ رد عين الثّمن الْمَقْبُوض وَبعد
الاقالة يلْزمه رد مثل الثّمن الْمَقْبُوض
وَفِي فتاوي سَمَرْقَنْد عِنْد بعض الْمَشَايِخ أَن مَا يهْلك من الْعقار
قبل قَبضه مَحْسُوب على المُشْتَرِي وَعَامة الْمَشَايِخ على أَنه على
البَائِع
إِذا اشْترى دَارا لَا يجْبر البَائِع على إِعْطَاء الصَّك وَلَا على
الْخُرُوج إِلَى الشُّهُود فَإِن كتب المُشْتَرِي الصَّك وأتى بالشهود
يجْبر على الاشهاد وَإِن أَبى يرفع إِلَى القَاضِي وَكَذَا لَا يجْبر
الزَّوْج على صك الْمهْر وَكَذَا لَا يجْبر على دفع الصَّك الْقَدِيم
وَلَكِن يُؤمر البَائِع بإحضار الصَّك الْقَدِيم حَتَّى ينْسَخ مِنْهُ
المُشْتَرِي نُسْخَة وَتَكون فِي يَده للاحتياج
وَأُجْرَة ناقد الثّمن على البَائِع إِن زعم المُشْتَرِي جودة الثّمن
وَالصَّحِيح أَنه على المُشْتَرِي مُطلقًا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى
وَفِي الفتاوي قَالَ المُشْتَرِي الثّمن جيد فَالْقَوْل لَهُ وَإِن زعم
البَائِع خِلَافه فالانتقاد عَلَيْهِ وَالْوَزْن على المُشْتَرِي
اشْترى حِنْطَة مكايلة فالكيل والصب فِي وعَاء المُشْتَرِي على البَائِع
فِي الْمُخْتَار وَجعل فِي الْمُنْتَقى إِخْرَاج الطَّعَام من السفن على
المُشْتَرِي
نوع فِي الْعَيْب وَالرَّدّ بِهِ وَمَا يتَّصل بذلك الزَّوْج وَالزَّوْجَة
عيب للْعَبد وَالْأمة وجده سَارِقا أَو كَافِرًا أَو مخنثا فِي الرَّدِيء
من الْأَفْعَال رده أما الَّذِي لَهُ رعونة وَلَيْسَ فِي صَوته لين وتكسر
فِي مَشْيه إِن قل لَا وَإِن كثر رد
(1/356)
والزنى عيب فِيهَا وَفِيه إِن كَانَ مرّة
أَو مرَّتَيْنِ لَا وَإِن تكَرر رد وَيشْتَرط المعاودة عِنْد المُشْتَرِي
فِي كل الْعُيُوب إِلَّا فِي الزِّنَى وَفِي الْجُنُون أَيْضا عِنْد أبي
يُوسُف
وَالدّين فِي الْجَارِيَة وَالْعَبْد عيب إِلَّا أَن يقْضى البَائِع أَو
يبريء الْغَرِيم
والإباق مِمَّا دون مُدَّة السّفر وَالسَّرِقَة مِمَّا دون النّصاب عيب
وَهل يشْتَرط فِي الْإِبَاق الْخُرُوج من الْبَلدة قيل يشْتَرط وَقيل لَا
وسرقة النَّقْد مُطلقًا عيب وسرقة الْمَأْكُول للْأَكْل من الْمولى لَا
وَمن غَيره لَا للْأَكْل بل للْبيع عيب سَوَاء كَانَ من الْمولى أَو من
غَيره
بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ من كل عيب أَو حق صَحَّ عندنَا وَدخل فِيهِ الْحَادِث
بعد البيع قبل الْقَبْض عِنْد أبي يُوسُف خلافًا لمُحَمد رحمهمَا الله
تَعَالَى وبالبراءة من كل عيب بِهِ لَا يدْخل الْحَادِث اجماعا
وَظُهُور الْعَيْب شَرط الْخُصُومَة ولظهوره طرق إِمَّا بالمشهادة كالأصبع
الزَّائِدَة أَو قَول الْأَطِبَّاء الحذاق كداء فِي الْبَاطِن أَو بقول
النِّسَاء أَو بالْخبر فَإِن كَانَ بالمشهادة صحت خُصُومَة المُشْتَرِي فِي
الْعَيْب فَإِن كَانَ قبل الْقَبْض لَهُ الرَّد وَفسخ العقد بِمُجَرَّد
قَوْله رددت بِلَا رِضَاء وَقَضَاء
وَفِي أدب القَاضِي الَّذِي يرجع فِيهِ إِلَى الْأَطِبَّاء لَا يثبت فِي حق
توجه الْخُصُومَة مالم يتَّفق عَدْلَانِ بِخِلَاف مَالا يطلع عَلَيْهِ
الرِّجَال حَيْثُ يثبت بقول الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِي حق الْخُصُومَة لَا
فِي حق الرَّد
وَفِي الزِّيَادَات عدم الْبكارَة لَا يثبت الا بقول البَائِع لِأَنَّهُ
إِمَّا أَن يقر بِالْوَطْءِ وَأَنه يمْنَع الرَّد أَو بقول النِّسَاء
وَأَنه لَا يكون حجَّة فِي حق الرَّد وَإِن كَانَ يعلم بقول النِّسَاء
فالواحدة تَكْفِي والثنتان أحوط فَإِن أخْبرت بِعَدَمِ الْعَيْب فَلَا
خُصُومَة لِأَن وجوده شَرط توجه الْخُصُومَة
وَيرجع فِي الدَّاء إِلَى الْأَطِبَّاء وَفِي الْحَبل إِلَى النِّسَاء
وَفِي دَعْوَى الْحَبل إِنَّمَا يصدق فِي رِوَايَة إِذا كَانَ من حِين
شِرَائهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر فَإِن كَانَ أقل لَا وَفِي رِوَايَة تسمع
دَعْوَى الْحَبل بعد شَهْرَيْن وَخَمْسَة أَيَّام وَعَلِيهِ عمل النَّاس
وسيلان الدمع من عين العَبْد وَالْجَارِيَة عيب وَالْخَال على شفة
الْجَارِيَة عيب
اشْتَرَاهَا على أَنَّهَا بكر فَعلم بِالْوَطْءِ عدم الْبكارَة فَلَمَّا
علم نزع من سَاعَته من غير لبث رد وَإِن لبث بعد الْعلم لَا
وَفِي المنبع كَثْرَة الْأكل فِي الْجَوَارِي عيب خلافًا للشَّافِعِيّ
رَحمَه الله تَعَالَى
رجل اشْترى طَعَاما فَأكل بعضه ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا قَالَ أَبُو حنيفَة
رَحمَه الله تَعَالَى لَا يرد مَا بَقِي مِنْهُ وَلَا يرجع بِالنُّقْصَانِ
فِيمَا أكل وابو يُوسُف وَمُحَمّد اتفقَا على انْتِفَاء رُجُوع المُشْتَرِي
بِالنُّقْصَانِ فِي قدر مَا أكله وَإِنَّمَا اخْتلفَا فِيمَا بَينهمَا فِي
الْبَاقِي فَقَالَ أَبُو يُوسُف يرد الْبَاقِي إِن رَضِي البَائِع بِهِ
وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بنقصانه أَيْضا وَقَالَ مُحَمَّد للْمُشْتَرِي
أَن يرد الْبَاقِي على البَائِع رَضِي بذلك أَو لم يرض وَقَالَ بعض
الْعلمَاء يرد الْبَاقِي وَإِن لم يرض البَائِع فِي الْكل دون الْبَعْض
فَيتَوَقَّف على رِضَاهُ هَذَا فِي أكل الْبَعْض أما لَو بَاعَ الْبَعْض
فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْهُمَا فِي رِوَايَة لَا يرجع بِشَيْء وَلَا يرد
كَمَا هُوَ قَول أبي حنيفَة وَفِي رِوَايَة يرد مَا بَقِي وَفِي فتاوي
البخارى لَو أكل بعضه يرجع بِنُقْصَان عَيبه وَيرد مَا بَقِي عَلَيْهِ
وَبِه يُفْتى
(1/357)
وَلَو أطْعم ابْنه الصَّغِير أَو الْكَبِير
أَو امْرَأَته أَو مكَاتبه أَو ضَيفه لَا يرجع بِشَيْء وَلَو أطْعم عَبده
أَو مدبره أَو أم وَلَده يرجع لِأَن ملكه بَاقٍ
رجل اشْترى دَقِيقًا فخبز بعضه وَظهر أَنه مر رد مَا بَقِي وَرجع
بِنُقْصَان مَا خبز وَهُوَ الْمُخْتَار وَلَو كَانَ سمنا ذائبا فَأَكله
ثمَّ أقرّ البَائِع أَنه كَانَ وَقعت فِيهِ فَأْرَة رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ
عِنْدهمَا وَبِه يُفْتى
وَفِي الْكِفَايَة كل تصرف يسْقط خِيَاره يسْقط خِيَار الْعَيْب إِذا وجد
فِي ملكه بعد الْعلم بِالْعَيْبِ وَلَا رد وَلَا أرش لِأَنَّهُ كالرضا بِهِ
اشْترى عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَة وَاحِدَة فَوجدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبا قبل
الْقَبْض لَا يردهُ وَحده عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة بل يردهما مَعًا
أَو يقبضهما مَعًا وَقَالَ زفر لَهُ أَن يرد الْمَعِيب خَاصَّة لقِيَام
الْعَيْب بِهِ خَاصَّة وَصَارَ كَمَا إِذا وجد الْعَيْب بِأَحَدِهِمَا بعد
الْقَبْض
اشْترى مَكِيلًا أَو مَوْزُونا فَوجدَ بعد الْقَبْض عَيْبا بِبَعْضِه رده
كُله أَو أَخذه كُله لِأَن الْمكيل إِذا كَانَ من جنس وَاحِد فَهُوَ كشيء
وَاحِد لِاتِّحَاد اسْمه كالبر وَنَحْوه وَقيل هَذَا إِذا كَانَ فِي وعَاء
وَاحِد فَإِن كَانَ فِي وعاءين فَهُوَ بِمَنْزِلَة عَبْدَيْنِ يرد
الْوِعَاء الَّذِي وجد فِيهِ الْعَيْب دون الآخر
وَفِي المنبع رجل اشْترى جَارِيَة ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا ثمَّ وجد بهَا
عَيْبا قَدِيما لَا يردهَا بِالْعَيْبِ لَكِن لَهُ الرُّجُوع على البَائِع
بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَطْء الثّيّب
لَا يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ
وَفِي البزازي لَو خَاصم البَائِع فِي الْعَيْب ثمَّ ترك الْخُصُومَة
زَمَانا وَزعم أَن التّرْك كَانَ لينْظر هَل هُوَ عيب أم لَا لَهُ الرَّد
وَطْء الثّيّب يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوع بِالنَّقْصِ وَكَذَا
التَّقْبِيل والمس بِشَهْوَة لِأَنَّهُ دَلِيل الرِّضَا بِهِ سَوَاء كَانَ
قبل الْعلم بِالْعَيْبِ أَو بعده والاستخدام مرّة لَا يكون رضَا إِلَّا
إِذا أكره على الْخدمَة لِأَنَّهُ مُخْتَصّ بالملاك وَلم يَجعله
السَّرخسِيّ دَلِيل الرِّضَا مُطلقًا وَالزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة لَا تمنع
الرَّد مُطلقًا اجماعا وَهل تمنع الِاسْتِرْدَاد على قَول مُحَمَّد لَا
وعَلى قَوْلهمَا نعم وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالجيّ رجل اشْترى غُلَاما
فَوَجَدَهُ غير مختون فَإِن كَانَ صَغِيرا لَيْسَ لَهُ أَن يرد لِأَنَّهُ
لَيْسَ بِعَيْب وَإِن كَانَ بَالغا فَالْمَسْأَلَة على وَجْهَيْن إِن كَانَ
مولدا لَهُ أَن يردهُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ عيب وَإِن كَانَ جلبا لَا
يردهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْب
اشْترى عبدا على أَنه فَحل فَإِذا هُوَ خصي كَانَ لَهُ أَن يردهُ لِأَنَّهُ
وجده معيبا وَلَو كَانَ على الْعَكْس لَا يرد لِأَنَّهُ شَرط الْعَيْب
فَوَجَدَهُ سليما
رجل اشْترى برذونا وخصاه بعض الْقَبْض وَذَلِكَ لَا ينقصهُ ثمَّ وجد بِهِ
عَيْبا فَلهُ أَن يردهُ لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِعَيْب
رجل اشْترى دهنا فِي إِنَاء مسدود الرَّأْس ففتحه بعد ايام فَوجدَ فِيهِ
فَأْرَة ميتَة فَزعم المُشْتَرِي كَونهَا فِيهِ وَقت البيع وَالْبَائِع
يَدعِي حُدُوث الْوُقُوع فَالْقَوْل للْبَائِع لِأَنَّهُ يُنكر وجود
الْعَيْب
اخْتلفَا فِي الطوع وَالْإِكْرَاه فَالْقَوْل لمن يَدعِي الْجَوَاز وَلَو
أَقَامَا بَيِّنَة فَلِمَنْ يَدعِي الكره وَعَلِيهِ الْفَتْوَى
وَلَو ادّعى أَحدهمَا صِحَة العقد وَالْآخر بُطْلَانه بِأَن ادّعى البيع
بالميتة فَالْقَوْل لمُدعِي الْبطلَان لِأَنَّهُ يُنكر
(1/358)
العقد لِأَن البيع بالميتة بَاطِل كَذَا
ذكره البزازي فِي كتاب البيع قلت وَذكر بعد ذَلِك فِي أَوَاخِر كتاب
الاجارة مَا يُخَالف ذَلِك فَإِنَّهُ قَالَ إِذا اخْتلفَا فِي مِقْدَار
الْأجر فَالْقَوْل للدافع
ادّعى الْمُسْتَأْجر أَنه اسْتَأْجر الأَرْض فارغة وَادّعى الآخر أَنه
آجرها وَهِي مَشْغُولَة بزرعه يحكم على ذَلِك بِحكم الْحَال وَقَالَ الفضلى
القَوْل قَول المؤاجر مُطلقًا بِخِلَاف الْمُتَبَايعين وَإِذا ادّعى
أَحدهمَا فَسَاد العقد وَالْآخر جَوَازه فَالْقَوْل لمُدعِي الصِّحَّة
وَهنا القَوْل للمؤاجر لِأَنَّهُ يُنكر العقد اه
رجل اشْترى دهنا فِي قَارُورَة فَنظر فِي القارورة وَلم يصب على رَاحَته
يَعْنِي على كَفه أَو اصبعه مِنْهُ شَيْئا فَهَذَا لَيْسَ بِرُؤْيَة عِنْد
ابي حنيفَة وَعند مُحَمَّد فِيهِ رِوَايَتَانِ
وَلَو اشْترى نافجة مسك فَأخْرج الْمسك مِنْهَا لَيْسَ لَهُ أَن يردهُ
بِخِيَار الرُّؤْيَة وَلَا بِخِيَار الْعَيْب لِأَن الاخراج يدْخل عَلَيْهِ
عَيْبا ظَاهرا حَتَّى لَو لم يدخلهَا كَانَ لَهُ أَن يردهُ بِخِيَار
الْعَيْب والرؤية جَمِيعًا
وَعَن الامام أبي اللَّيْث لَا يحل للرجل أَن يشْتَغل بِالْبيعِ
وَالشِّرَاء مالم يحفظ كتاب الْبيُوع وَقيل لمُحَمد أَلا تصنف كتابا فِي
الزّهْد قَالَ حسبكم كتاب الْبيُوع وعَلى كل تَاجر يحْتَاط لدينِهِ أَن
يستصحب فَقِيها دينا يشاوره فِي معاملاته فَإِن ملاك الْأَمر وَالدّين
المأكل والملبس قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز {كلوا من
الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا} وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
نوع فِي الِاسْتِبْرَاء قَالَ صَاحب المنبع اعْلَم أَن الِاسْتِبْرَاء
نَوْعَانِ نوع هُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ وَنَوع هُوَ وَاجِب أما الْمَنْدُوب
إِلَيْهِ فَهُوَ اسْتِبْرَاء البَائِع إِذا وطئ جَارِيَته وَأَرَادَ بيعهَا
أَو يُخرجهَا عَن ملكه بِوَجْه من الْوُجُوه عِنْد عَامَّة الْعلمَاء
رَحِمهم الله تَعَالَى وَقَالَ مَالك اسْتِبْرَاء البَائِع جَارِيَته
وَاجِب
رجل رأى امْرَأَة تَزني ثمَّ تزَوجهَا لَهُ أَن يَطَأهَا من غير
اسْتِبْرَاء وَقَالَ مُحَمَّد أحب الي أَن لَا يَطَأهَا حَتَّى
يَسْتَبْرِئهَا وَيعلم فرَاغ رَحمهَا وَأما الِاسْتِبْرَاء الْوَاجِب فَكل
من ملك جَارِيَة بِبيع أَو هبة أَو صَدَقَة أَو قسْمَة أَو صلح عَن دم عمد
أَو خلع أَو كِتَابَة على جَارِيَة أَو أعتق عَبده على جَارِيَة فَإِنَّهُ
يجب الِاسْتِبْرَاء فِي هَذِه الْمَوَاضِع بِحَيْضَة بكرا كَانَت
الْجَارِيَة أَو ثَيِّبًا ملكهَا من صَغِير أَو كَبِير أَو عنين
وَفِي البزازي أَنَّهَا لَو كَانَت بكرا أَو أحَاط علم المُشْتَرِي
بِأَنَّهَا لم تُوطأ لَا يلْزمه الِاسْتِبْرَاء عِنْد ابي يُوسُف وَكَذَا
لَو وهب لِابْنِهِ الصَّغِير جَارِيَة وَمَكَثت فِي ملكه مُدَّة ثمَّ
استبرأها الْأَب لنَفسِهِ بِالْقيمَةِ لَا يلْزم عِنْد أبي يُوسُف وَعند
أبي حنيفَة يلْزم وَلَو حَاضَت قبل الْقَبْض عِنْد البَائِع ثمَّ قبضهَا
المُشْتَرِي يلْزم خلافًا لأبي يُوسُف وَقدر بِحَيْضَة فِي ذَوَات
الْأَقْرَاء وبشهر فِي حق الآيسة وَالصَّغِيرَة وبوضع الْحمل فِي حق
الْحَامِل وَقدر الثَّانِي يَعْنِي أَبَا يُوسُف فِي ممتدة الطُّهْر
بِثَلَاثَة أشهر وَهُوَ رِوَايَة عَن الامام رَحمَه الله تَعَالَى وَعَن
الامام فِي أُخْرَى بِأَكْثَرَ مُدَّة الْحمل وَفِي رِوَايَة عَن مُحَمَّد
قدر عدَّة الْوَفَاة فِي حق الْحرَّة وَفِي أُخْرَى قدرهَا فِي حق الْأمة
وَالْعَمَل الْيَوْم على الْأُخْرَى أَو على الْأَخير
وَيحرم الْوَطْء والدواعي وَعَن مُحَمَّد أَنه لَا يحرم الدَّوَاعِي فِي
المسبية كَذَا فِي الْقنية
وَفِي فتاوي قاضيخان اخْتلف فِيمَن أنكر وجوب الِاسْتِبْرَاء هَل يكفر
وَقيل يكفر لِأَنَّهُ أنكر اجماع الْمُسلمين وَقَالَ عَامَّة الْمَشَايِخ
لَا يكفر لِأَن ظَاهر قَوْله تَعَالَى {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم}
يَقْتَضِي إِبَاحَة الْوَطْء مُطلقًا وَعرف وجوب الِاسْتِبْرَاء بالْخبر
فَلَا يكفر جاحده
(1/359)
وَفِي الظَّهِيرِيَّة فِي كتاب الْحِيَل إِذا زَوجهَا المُشْتَرِي عبدا
لَهُ قبل أَن يقبضهَا ثمَّ قبضهَا ثمَّ طَلقهَا العَبْد قبل أَن يدْخل بهَا
وَقبل أَن تحيض فَلِلْمُشْتَرِي أَن يَطَأهَا من غير اسْتِبْرَاء قَالَ شمس
الْأَئِمَّة وَهَذَا صَحِيح وتزويجه إِيَّاهَا قبل الْقَبْض صَحِيح
كالإعتاق اه
وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اشْترى جَارِيَة واحتال فِي إِسْقَاط
الِاسْتِبْرَاء إِن كَانَ البَائِع وَطئهَا ثمَّ بَاعهَا قبل أَن تحيض لَا
يحل للْمُشْتَرِي أَن يحتال للإسقاط لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا
يحل لِرجلَيْنِ يؤمنان بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يجتمعا على امْرَأَة
وَاحِدَة فِي طهر وَاحِد وَإِن بَاعهَا البَائِع بعد أَن حَاضَت عِنْده
وطهرت وَلم يقربهَا فِي ذَلِك الطُّهْر يحل لَهُ أَن يحتال للإسقاط
لِانْعِدَامِ هَذَا النَّهْي ثمَّ الْحِيلَة أَن يَتَزَوَّجهَا المُشْتَرِي
قبل الشِّرَاء إِن لم يكن عِنْده امْرَأَة حرَّة أَو يُزَوّجهَا البَائِع
غَيره ثمَّ يَشْتَرِيهَا بعد ذَلِك وَإِن كَانَ عِنْده امْرَأَة أُخْرَى
حرَّة زَوجهَا البَائِع غَيره ثمَّ يَشْتَرِيهَا هُوَ بعد ذَلِك ويقبضها
ثمَّ يطلقهَا الزَّوْج أَو يَشْتَرِيهَا أَولا ثمَّ يُزَوّجهَا من رجل قبل
أَن يقبضهَا ثمَّ يقبضهَا ثمَّ يطلقهَا الزَّوْج
وَإِن خَافَ البَائِع أَن يَتَزَوَّجهَا المُشْتَرِي وَلَا يَشْتَرِيهَا
وَلَا يطلقهَا فَالْحِيلَةُ أَن يَقُول البَائِع زوجتها مِنْك على أَن
أمرهَا بيَدي فِي التطليقتين أطلقها مَتى شِئْت أَو يَقُول زوجتها مِنْك
على أَنَّك إِن لم تشترها مني الْيَوْم بِكَذَا فَهِيَ طَالِق ثِنْتَيْنِ
فَقبل المُشْتَرِي النِّكَاح على ذَلِك
وَكَذَلِكَ الْحِيلَة إِذا خيف على الْمُحَلّل وَقد مر فِي فصل الطَّلَاق
فَانْظُرْهُ ثمَّة
رجل بَاعَ أَقْوَامًا ثمَّ مَاتَ وَله عَلَيْهِم دُيُون وَلَا وَارِث لَهُ
مَعْرُوف فَأخذ السُّلْطَان دُيُونه ثمَّ ظهر وَارثه لَا يبرأ الْغُرَمَاء
وَعَلَيْهِم أَن يؤدوا إِلَيْهِ ثَانِيًا لِأَنَّهُ تبين أَنه لَيْسَ
للسُّلْطَان ولَايَة الْأَخْذ
صَاحب الدّين إِذا ظفر بِالدَّنَانِيرِ وَحقه فِي الدَّرَاهِم كَانَ لَهُ
أَن يمد يَده وَيَأْخُذ الدَّنَانِير لِأَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير
جعلا كشيء وَاحِد فِي حق الْبياعَات وَلِهَذَا لَو استبدل الذَّهَب
بِالْفِضَّةِ فِي خلال الْحول لَا يَنْقَطِع حكم الْحول كَمَا لَو استبدل
الذَّهَب بِالذَّهَب أَو الْفضة بِالْفِضَّةِ اه وَالله أعلم |