مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح

ص -271-     كتاب الزكاة "*"
.............................................
ــــــــــــــــــ
كتاب الزكاة
هي تمليك مال مخصوص لشخص مخصوص فرضت على حر مسلم مكلف مالك لنصاب من نقد ولو تبرا أو حلييا أو آنية أو ما يساوي قيمته من عروض تجارة فارغ عن الدين وعن حاجته الأصلية ولو تقديرا. وشرط وجوب أدائها حولان الحول على النصاب الأصلي وأما المستفاد في أثناء الحول فيضم إلى مجانسه ويزكي بتمام الحول الأصلي سواء استفيد بتجارة أو ميراث أو غيره ولو جعل ذو نصاب لسنين صح وشرط صحة أدائها نية مقارنة لأدائها للفقير أو وكيله أو لعزل ما وجب ولو مقارنة حكمية كما لو دفع بلا نية ثم نوى والمال قائم بيد الفقير ولا يشترط علم الفقير أنها زكاة على الأصح حتى لو أعطاه شيئا وسماه هبة أو قرضا ونوى به الزكاة صحت ولو تصدق بجميع ماله ولم ينو الزكاة سقط عنه فرضها.
وزكاة الدين على أقسام فإنه قوي ووسط وضعيف.
فالقوي: وهو بدل القرض ومال التجارة إذا قبضه وكان على مقر ولو مفلسا أو على جاحد عليه بينة زكاة لما مضى ويتراخى وجوب الأداء إلى أن يقبض أربعين درهما ففيها درهم لأن ما دون الخمس من النصاب عفو لا زكاة فيه وكذا فيما زاد بحسابه.
والوسط: وهو بدل ما ليس للتجارة كثمن ثياب البذلة وعبد الخدمة ودار السكنى لا تجب فيه الزكاة فيه ما لم يقبض نصابا ويعتبر لما مضى من الحول من وقت لزومه لذمة المشتري في صحيح الرواية.
والضعيف: وهو بدل ما ليس بمال كالمهر والوصية وبدل الخلع والصلح عن دم العمد والدية وبدل الكتابة والسعاية لا تجب فيه الزكاة ما لم يقبض نصابا ويحول عليه الحول بعد القبض وهذا عند الإمام وأوجبا عن المقبوض من الديون الثلاثة بحسابه مطلقا.
وإذا قبض مال الضمان لا تجب زكاة السنين الماضية وهو كآبق ومفقود ومغصوب ليس عليه بينة ومال ساقط في البحر ومدفون في مفازة أو دار عظيمة وقد نسي مكانه ومأخوذ مصادرة ومودع عند من لا يعرف ودين لا بينة عليه.
ولا يجزئ عن الزكاة دين أبرئ عنه فقير بنيتها وصح دفع عرض ومكيل وموزون
ــــــــــــــــــ
"*" توقف كتاب "نور الإيضاح" عند نهاية كتاب الصوم ولكن الشارح إتماما للحديث عن أركان الإسلام تابع الحديث عن كتاب الزكاة.

 

ص -272-     .............................................
ــــــــــــــــــ
عن زكاة النقدين بالقيمة وإن أدى من عين النقدين فالمعتبر وزنهما أداء كما اعتبر وجوبا وتضم قيمة العروض إلى الثمنين والذهب إلى الفضة قيمة ونقصان النصاب في الحول لا يضر إن كمل في طرفيه فإن تملك عرضا بنية التجارة وهو لا يساوي نصابا وليس له غيره ثم بلغت قيمته نصابا في آخر الحول لا تجب زكاته لذلك الحول.
ونصاب الذهب عشرون مثقالا ونصاب الفضة مائتا درهم من الدراهم التي كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل وما زاد على نصاب وبلغ خمسا زكاة بحسابه وما غلب على الغش فكالخالص من النقدين ولا زكاة في الجواهر واللآلئ إلا أن يتملكها بنية التجارة كسائر العروض ولو تم الحول على مكيل أو موزون فغلا سعره أو رخص فأدى من عينه ربع عشره أجزأه وإن أدى من قيمته تعتبر قيمته يوم الوجوب وهو تمام الحول عند الإمام وقالا يوم الأداء لمصرفها ولا يضمن الزكاة مفرط غير متلف فهلاك المال بعد الحول يسقط الواجب وهلاك البعض حصته ويصرف الهالك إلى العفو فإن لم يجاوزه فالواجب على حاله ولا تؤخذ الزكاة جبرا ولا من تركته إلا أن يوصي بها فتكون من ثلثه ويجيز أبو يوسف الحيلة لدفع وجوب الزكاة وكرهها محمد رحمهما الله تعالى.

باب المصرف
هو الفقير، وهو: من يملك مالا يبلغ نصابا ولا قيمته من أي مال كان ولو صحيحا مكتسبا والمسكين وهو: من لا شيء له والمكاتب والمديون الذي لا يملك نصابا ولا قيمته فاضلا عن دينه وفي سبيل الله وهو منقطع الغزاة أو الحاج وابن السبيل وهو: من له مال في وطنه وليس معه مال والعامل عليها يعطى قدر ما يسعه وأعوانه وللمزكي الدفع إلى كل الأصناف وله الاقتصار على واحد مع وجود باقي الأصناف.
ولا يصح دفعها لكافر وغني يملك نصابا أو ما يساوي قيمته من أي مال كان فاضل عن حوائجه الأصلية وطفل غني وبني هاشم ومواليهم.
واختار الطحاوي جواز دفعها لبني هاشم وأصل المزكي وفرعه وزوجته ومملوكه ومكاتبه ومعتق بعضه وكفن ميت وقضاء دينه وثمن قن يعتق ولو دفع بتجر لمن ظنه مصرفا فظهر بخلافه أجزأه إلا أن يكون عبده أو مكاتبه وكره الإغناء وهو أن يفضل للفقير نصاب بعد قضاء دينه وبعد إعطاء كل فرد من عياله دون نصاب من المدفوع إليه فلا يكره. وندب إغناؤه عن السؤال وكره نقلها بعد تمام الحول لبلد آخر لغير قريب وأحوج وأروع وأنفع للمسلمين بتعليم.
والأفضل صرفها للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم منه ثم لجيرانه، ثم

 

ص -273-     .............................................
ــــــــــــــــــ
لأهل محلته ثم لأهل حرفته ثم لأهل بلدته وقال الشيخ أبو حفص الكبير رحمه الله لا تقبل صدقة الرجل وقرابته محاويج حتى يبدأ بهم فيسد حاجتهم.

.............................................
ــــــــــــــــــ
باب صدقة الفطر
تجب على حر مسلم مكلف مالك لنصاب أو قيمته وإن لم يحل عليه الحول عند طلوع فجر يوم الفطر ولم يكن للتجارة فارغ عن الدين وحاجته الأصلية وحوائج عياله والمعتبر فيها الكفاية لا التقدير وهي مسكنه وأثاثه وثيابه وفرسه وسلاحه وعبيده للخدمة فيخرجها عن نفسه وأولاده الصغار الفقراء وإن كانوا أغنياء يخرجها من مالهم ولا تجب على الجد في ظاهر الرواية واختير أن الجد كالأب عند فقده أو فقره وعن مماليكه للخدمة ومدبره وأم ولده ولو كفارا لا عن مكاتبه ولا عن ولده الكبير وزوجته وقن مشترك وآبق الأبعد عوده وكذا المغصوب والمأسور.
وهي نصف صاع من بر أو دقيقه أو صاع تمر أو زبيب أو شعير وهو ثمانية أرطال بالعراقي ويجوز دفع القيمة وهي أفضل عند وجدان ما يحتاجه لأنها أسرع لقضاء حاجة الفقير وإن كان زمن شدة فالحنطة والشعير وما يؤكل أفضل من الدراهم ووقت الوجوب عند طلوع فجر يوم الفطر فمن مات أو افتقر قبله أو أسلم أو اغتنى أو ولد بعده لا تلزمه.
ويستحب إخراجها قبل الخروج إلى المصلى وصح لو قدم أو أخر والتأخير مكروه ويدفع كل شخص فطرته لفقير واحد. واختلف في جواز تفريق فطرة واحدة على أكثر من فقير ويجوز دفع ما على جماعة لواحد على الصحيح والله الموفق للصواب.