الإقناع في الفقه الشافعي

كتاب الصّيام وواجب على كل مُكَلّف من الميسلمين بِالْبُلُوغِ وَالْعقل أَن يَصُوم شهر رَمَضَان إِذا علم بِدُخُولِهِ بِرُؤْيَة الْهلَال أَو استكمال شعْبَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِن غم وينوى لكل يَوْم من اللَّيْل صِيَام غَد من فرض رَمَضَان وَكَذَا كل صَوْم وَاجِب لَا يجزىء إِلَّا بِالنِّيَّةِ قبل الْفجْر وَيجوز فِي صَوْم التَّطَوُّع أَن يَنْوِي نَهَارا بعد الْفجْر وَقب الزَّوَال وَإِذا شهد بِرُؤْيَة هِلَال شهر رَمَضَان فِي صحو أَو غيم شَاهدا عدل لزم حكمه فِي الصَّوْم وَالْفطر وَيقبل شَاهد وَاحِد فِي هِلَال الصَّوْم دون الْفطر وَمن رأى الْهلَال وَحده الْتزم حكمه فِي الصَّوْم وَالْفطر وَإِذا رأى النَّاس الْهلَال فِي بلد وغم عَلَيْهِم فِي غَيره فعلى أهل إقليم ذَلِك الْبَلَد كُله الْتِزَام حكمه وَلَا يلْزم غَيرهم من الأقاليم

(1/73)


وَيكرهُ صِيَام يَوْم الشَّك إِلَّا أَن يصله بِمَا قبله أَو يُوَافق صَوْم كَانَ يَصُومهُ من أَيَّامه فَإِن نوى فِي لَيْلَة الشَّك صِيَام غَد إِن كَانَ من رَمَضَان فَكَانَ لم يجز إِذا لم يصمه على علم بِهِ وزمان الصّيام من طُلُوع الْفجْر الثَّانِي إِلَى غرُوب الشَّمْس لَكِن عَلَيْهِ تَقْدِيم الأمساك يَسِيرا قبل طُلُوع الْفجْر وَتَأْخِير (الْفطر) يَسِيرا بعد غرُوب الشَّمْس ليصير مُسْتَوْفيا مَا بَينهمَا وَإِن كَانَ مَعَ بَقَاء اللَّيْل أَو دُخُوله مُفطرا وَإِن امسك وَلَو شكّ فِي طُلُوع الْفجْر فَأكل لم يعد وَلَو شكّ فِي غرُوب الشَّمْس فَأكل أعَاد وَلَو اشتبهت الشُّهُور على أَسِير تحرى شهر رَمَضَان وصامه فَإِن وَافقه أَو مَا بعده أَجزَأَهُ وَإِن وَافق مَا قبله م يجزه وَأعَاد
بَاب مَا يفْطر بِهِ الصَّائِم وَفطر الصَّائِم قد يكون من عشرَة أوجه أَحدهَا مَا وصل إِلَى الْجوف من غذَاء وَغَيره حَتَّى لَو ابتلع خردلة أَو حَصَاة

(1/74)


أفطر بهَا إِلَّا أَن يكون نَاسِيا فَيكون على صَوْمه وَإِن شبع ورزي وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ إِن أفطر بِأَكْل أَو شرب وَالثَّانِي مَا وصل إِلَى الرَّأْس من سعوط فِي النف أَو تقطير دَوَاء فِي الْأذن يفْطر بِهِ وَإِن دهن رَأسه أَو كحل عينه لم يفْطر وَإِن ظهر طعمه فِي حلقه وَكَذَلِكَ لَو شم طيبا وَالثَّالِث الْقَيْء إِن استقاء عَامِدًا أفطر وَإِن ذرعه الْقَيْء لم يفْطر وَلَا يفْطر بالجشاء والغثيان وَالرَّابِع الْمُبَاشرَة إِن إنزل بهَا من غير إيلاج أفطر وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَإِن أولج حَتَّى حَتَّى غيب حَشَفَة ذكره فِي أحد الفرجين من قبل أَو دبر من آدَمِيّ أَو بَهِيمَة أفطر أنزل أَو لم ينزل وَعَلِيهِ أَن يكفر بِعِتْق رَقَبَة مُؤمنَة سليمَة من الْعُيُوب الَّتِي تضر بِالْعَمَلِ إِضْرَارًا بَينا فَإِن لم يجد صَامَ شَهْرَيْن مُتَتَابعين سوى يَوْم الْقَضَاء

(1/75)


فَإِن لم يسْتَطع أطْعم سِتِّينَ مِسْكينا مدا من غَالب الْحُبُوب المقتاتة وَلَا يفْطر بالاحتلام وَلَا بِالْمُبَاشرَةِ من غير إيلاج وَلَا إِنْزَال وَالْخَامِس الحقنة من اُحْدُ السَّبِيلَيْنِ وإيلاج مَا يغيب فِيهِ من دَوَاء وَغَيره يفْطر بِهِ وَكَذَلِكَ لَو جرح نفه حَتَّى وصل الْحَدِيد إِلَى جَوْفه أفطر وَالسَّادِس الْجُنُون وَإِن قل وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يدْخل الْجُنُون على نَفسه فَيَقْضِي إِن أَفَاق وَالسَّابِع الْإِغْمَاء إِن كَانَ فِي جَمِيع الْيَوْم أفطر بِهِ وَعَلِيهِ الْقَضَاء بعد الْإِفَاقَة وَإِن كَانَ فِي بعضه لم يفْطر إِذا سلم طرفاه وَالثَّامِن الْحيض تفطر بِهِ الْمَرْأَة وَإِن كَانَ فِي بعض الْيَوْم وَلَا تفطر بالاستحاضة وَالتَّاسِع النّفاس تفطر بِهِ كالحيض وَلَا تفطر بِوَضْع الْوَلَد إِذا لم تَرَ مَعَه دَمًا والعاشر الرِّدَّة يفْطر بهَا الصَّائِم وَيَقْضِي إِذا عَاد إِلَى الْإِسْلَام مَعَ مَا تَركه من الصَّلَوَات المفروضات
بَاب من أُبِيح لَهُ الْإِفْطَار وَإِبَاحَة الْفطر على أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا من يسْقط عَنهُ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَالثَّانِي من يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء دون الْكَفَّارَة

(1/76)


وَالثَّالِث من يحجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة دون الْقَضَاء وَالرَّابِع من يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة فَأَما من يسْقط عَنهُ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة حَتَّى يبلغ أَو يَحْتَلِم وَالْمَجْنُون حَتَّى يفِيق فَإِذا بلغ الصَّبِي وأفاق الْجُنُون بعد مُضِيّ أَيَّام من شهر رَمَضَان استقبلا صِيَام بَاقِيَة وَأما من يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء دون الْكَفَّارَة فخمسة أحدهم الْمُسَافِر إِلَى مَسَافَة تقصر فِي مثلهَا الصَّلَاة فيفطر إِن شَاءَ وَيَقْضِي وَلَا يكفر فَإِن صَامَ فِي سفر أَجزَأَهُ وَإِن أَقَامَ فِي بعض يَوْم قد أفطر فِي أَوله جَازَ لَهُ أَن يَأْكُل فِي بَاقِيه وَالثَّانِي الْمَرِيض يفْطر إِذا أعجزه الْمَرَض عَن الصَّوْم وَيَقْضِي وَلَا يكفر فَإِن صَامَ فِي مَرضه أَجزَأَهُ وَإِن صَحَّ فِي أثْنَاء يَوْم قد أفطر فِي أَوله لزمَه إمْسَاك بَاقِيه وَالثَّالِث الْإِغْمَاء يفْطر بِهِ الْمغمى عَلَيْهِ أكل أَو لم يَأْكُل وَيَقْضِي وَلَا يكفر وَالرَّابِع الْحَائِض تفطر نبحيضها وتقضي وَلَا تكفر فَإِن صَامت فِي حَيْضهَا لم يجزها مَعَ إثمها وَالْخَامِس النُّفَسَاء تفطر بالنفاس وتقضي بعده وَلَا تكفر وَلَا يجزئها إِن امت فِيهِ

(1/77)


وَأما من تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة دون الْقَضَاء فالشيخ الْهم والعجوز الهمة إِذا أعجزهما ضعف الْكبر عَن الصَّوْم أفطرا وَكفرا عَن كل يَوْم بِمد وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا فَإِن تحملا مشقة الصّيام مَعَ ضعف الْكبر سَقَطت عنما الْكَفَّارَة وَأما من تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَالْقَضَاء فالحامل والمرضع إِذا خحافتا على أولادهما أفطرتا وكفرتا عَن كل يَوْم بِمد وقضتا إِذا أمكنهما فَإِن خافتا على أَنفسهمَا فأفطرتا لزمهما الْقَضَاء دون الْكَفَّارَة كَالْمَرِيضِ وَمَا لزم قَضَاؤُهُ من شهر رَمَضَان فموسع عَلَيْهِ فِي تَأْخِيره مَا لم يَأْتِ بعده شهر رَمَضَان فَإِن أَتَاهُ قضى بعده مَا عَلَيْهِ وَكفر عَن كل يَوْم بِمد للتأخير وَمن مَاتَ قبل الْقَضَاء والإمكان فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن مَاتَ بعد الأمكان كفر عَنهُ عَن كل يَوْم بِمد طَعَام بَدَلا من الصّيام وَلم يجز أَن يصام
بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصّيام يسْتَحبّ للصَّائِم تَعْجِيل فطره على تمر أَو مَاء وَتَأْخِير سحوره مَا لم يخْش طُلُوع الْفجْر ويختار أَن يفْطر مَعَه من امكنه من الصوام وَليكن فطوره من أطيب كَسبه وَأَن يَقُول يعند فَرَاغه من الطَّعَام مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُوله بعد فطره ((ذهب الظمأ وابتلت الْعُرُوق وَثَبت الْأجر إِن شَاءَ الله))

(1/78)


ويختار أَن يجود فِي شهر رَمَضَان مَا أمكنه من المَال وَأَن يكثر من ذكر الله تَعَالَى وتلاوة الْقُرْآن 4 بَاب مَا يكره للصَّائِم يكره للصَّائِم أَن يستاك بعد الزَّوَال وَلَا يكره قبله وَلَا يفْطر إِن استاك وَيكرهُ لَهُ الْقبْلَة إِن تحركت بهَا شَهْوَته وَلَا يكره إِن لم تتحرك فَإِن قبل لم يفْطر إِلَّا ان ينزل وَيكرهُ لَهُ ان يواصل بَين صَوْم الْيَوْمَيْنِ يالإمساك عَن الْأكل وَالشرب بِاللَّيْلِ وَلَا يفْسد بِهِ الصَّوْم

(1/79)


ويتغلظ عَلَيْهِ مأثم الْكَذِب والغيبة والنميمة وَالْقَذْف وَلَا يفْسد بِهِ الصَّوْم
بَاب الْأَيَّام الَّتِي سنّ صيامها صَوْم يَوْم عَرَفَة كَفَّارَة سنتَيْن وَصَوْم يَوْم عَاشُورَاء كَفَّارَة سنة وصيامها سنة وَصِيَام الْأَيَّام الْبيض من الشَّهْر سنة وَهِي الثَّالِث عشر والررابع عغشر وَالْخَامِس عشر وكلك صِيَام سر الشَّهْر وَهُوَ ثَلَاثَة أَيَّام من أَوله وَيسْتَحب صِيَام شهر الله الْأَصَم وَهُوَ رَجَب وَصِيَام شهر الصَّبْر وَهُوَ شعْبَان وَأَن يَصُوم الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس إِن استطا وَكَذَلِكَ يسْتَحبّ لَهُ أَن يتبع شهر رَمَضَان بست من شَوَّال

(1/80)


بَاب الْأَيَّام الَّتِي نهي عَن صيامها صَوْم يَوْم الْفطر وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق الثَّلَاثَة حرَام لَا يَصح فِيهَا فرض وَلَا تطوع وَيكرهُ صَوْم يَوْم الشَّك إِلَّا أَن يصله بِمَا قبله أَو يُوَافق صَوْم يَوْم كَانَ يَصُومهُ قبل ذَلِك فَإِن صَامَهُ تَطَوّعا أَجزَأَهُ وَإِن صَامَهُ عَن نذر أَو قَضَاء اعْتد بِهِ وَإِن أَسَاءَ وَيكرهُ صِيَام يَوْم الحجمعة إِذا ضعف بِهِ عَن حُضُور الْجُمُعَة وَيكرهُ صِيَام الدَّهْر كُله إِلَّا لمن اسْتمرّ عَلَيْهِ إِذا تجافى أَيَّام التَّحْرِيم
بَاب الإعتكاف وَلَيْلَة الْقدر الإعتكاف سنة وَلَا يلْزم إِلَّا بِالنذرِ وَلَا يجوز إِلَّا فِي مَسْجِد يَنْوِي بلبثه فِيهِ الإعتكاف وَيجوز بِصَوْم وَغير صَوْم توفّي قَلِيل الزَّمَان وَكَثِيره وَفِي اللَّيْل دون النَّهَار وَلَا يخرج مِنْهُ إِذا كَانَ نذرا مُتَتَابِعًا إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان من أكل أَو شرب أَو

(1/81)


غَائِط أَو بَوْل أَو محذرة من خوف أَو مرض وَلَو اعْتكف فِي غير الْجَامِع فَخرج إِلَى الْجُمُعَة بَطل إعتكافه وَكَذَلِكَ لَو خرج لعيادة مَرِيض أَو تشييع جَنَازَة إِلَّا أَن يشْتَرط فِي نَذره فَلَا يبطل الِاعْتِكَاف بِخُرُوجِهِ وَمن أخرجه السُّلْطَان عَاد فَبنى وَلَا يُبَاشر فَإِن بَاشر فِي الْفرج بَطل إعتكافه وَإِن بَاشر دونه بَطل إِن أنزل وَلم يبطل إِن لم ينزل وَلَيْلَة الْقدر بَاقِيَة مَعَ الدَّهْر كُله وَهِي فِي شهر رَمَضَان فِي الْعشْر الْأَوَاخِر مِنْهُ وَالرِّوَايَة أَنَّهَا فِي لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين مأثورة وَإِن انْتَقَلت فَهِيَ فِي أَفْرَاد الْعشْر أوجد وَإِن جَازَ أَن تُوجد فِي جَمِيعه وَإِذا رَآهَا أسرها وَسَأَلَ الله تَعَالَى الْعَفو والعافية ودعا بِمَا سنح لَهُ من دين وَدُنْيا