الإقناع في الفقه الشافعي

= كتاب النذور
وَالنّذر يلْزم فِي المجازاة على مُبَاح بِطَاعَة كَقَوْلِه إِن شفى الله تَعَالَى وَلَدي من علته أَو قدم من غيبته فَللَّه عَليّ حج أَو صَلَاة أَو صِيَام أَو صَدَقَة فَيلْزمهُ إِذا بلغ مَا أمل من شِفَاء وَلَده من علته أَو قدومه من غيبته أَن يفعل مَا نذر من حج الْبَيْت الْحَرَام أَو صَلَاة أقلهَا رَكْعَتَانِ أَو صِيَام أَقَله يَوْم أَو صَدَقَة بِمَا قل على ذِي فاقة مُسلم
فَإِن ذكر عددا من صلام أَو صِيَام قدرا من مَال أوفاه وَلم يجز أقل مِنْهُ وَلَا الْعُدُول عَنهُ
وَلَو تبرر بِالنذرِ من مجازاة فَقَالَ لله عَليّ الْمَشْي إِلَى بَيت الله الْحَرَام أَو

(1/192)


إِلَى الْحرم لزمَه فِي الأولى كالمجازاة أَن يمشي إِلَيْهِ محرما من الْمِيقَات بِحَجّ أَو عمْرَة وَيجوز لَهُ بعد الْوُصُول إِلَيْهِ أَن يركب لإتمام حجه أَو عمرته
فَإِن ركب وَلم يمش افتدى ركُوبه بِدَم شَاة يذبحها فِي الْحرم لمساكينه
وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أحج مَاشِيا جَازَ لَهُ أَن يركب إِلَى أَن يحرم ثمَّ يمشي بعد إِحْرَامه إِلَى أَن يحل
وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أهدي هَديا لزمَه أقل مَا يجوز فِي الضَّحَايَا من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم أَن يذبحه فِي الْحرم
فَإِن عين شَيْئا أَو نَوَاه لزمَه مَا عينه أَو نَوَاه أَن يوصله إِلَى مَسَاكِين الْحرم
فَإِن كَانَ غير مَنْقُول من دَار أَو عقار بَاعه وأوصل ثمنه إِلَى مَسَاكِين الْحرم إِلَّا أَن يَنْوِي أَن يكون وَقفا عَلَيْهِم أَو على مصَالح الْكَعْبَة فَيعْمل على مَا نوى
وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة كَقَوْلِه إِن قتلت فلَانا أَو شربت خمرًا فَللَّه عَليّ أَن أعتق عبدا فَلَا يلْزمه إِذا عصى بذلك أَن يفعل مَا نذر على ذَلِك
وَلَا يلْزم النّذر بمباح لَا قربَة فِيهِ كَقَوْلِه إِن رَزَقَنِي الله ولدا لم ألبس جَدِيدا أَو لم آكل لذيذا فَلَا يحرم عَلَيْهِ لبس الْجَدِيد وَأكل اللذيذ إِن رزقه = كتاب أدب القَاضِي
وَلَا يجوز للْإِمَام أَن يُقَلّد الْقَضَاء إِلَّا من تكاملت فِيهِ بعد الْعَدَالَة شُرُوط الْقَضَاء من علم بِالْكتاب وَالسّنة واجتهاد فِي النَّوَازِل وَالْأَحْكَام فَإِن لم يكن

(1/193)


كَذَلِك لم يجز أَن يقْضِي وَلَا يحل أَن يستقضي
وَلَا يُقَلّد غير ذِي كِفَايَة إِلَّا بِمَا يمونه
وَإِذا صَار القَاضِي إِلَى عمله سكن فِي وَسطه ليساوي بَين جَمِيع أَهله وَلَا يَنْبَغِي أَن يقْضِي إِلَّا فِي مَوضِع بارز للنَّاس لَيْسَ دونه حجاب
وَيكرهُ إِذا كثر الْخُصُوم عَلَيْهِ أَن يُفْضِي بَينهم فِي الْمَسْجِد وَيمْنَع من إِقَامَة الْحُدُود فِيهِ
وَيبدأ من الْخُصُوم بِمن سبق فَأن تساوى قدم بِالْقُرْعَةِ مِنْهُم من قرع
ويسوى بَين الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسه وَلَفظه ولحظه وَلَا يقبل هَدِيَّة من أهل عمله
وَيكرهُ أَن يعرف بِالْبيعِ وَالشِّرَاء فيحابى
وَلَا يقْضِي إِلَّا بعد سُكُون جأشه من حزن أَو غضب وهدوء نَفسه من جوع أَو عَطش
وَلَا يسْأَل الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِلَّا بعد كَمَال الدَّعْوَى
وَلَا يتعنت خصما وَلَا يلقنه حجَّة وَلَا يَأْخُذهُ بِإِقْرَار وَلَا إِنْكَار وَلَا يكلفه

(1/194)


إِلَّا بعد سُؤال الْمُدَّعِي
وَإِن بَان لَهُ عدوان فِي قَول أَو فعل عزره
وَلَا يَأْمر شَاهدا بِالشَّهَادَةِ إِلَّا إِذْنا أَو استفهاما بعد إِنْكَار الدَّعْوَى وَطلب الْخصم وَلَا يلقنه شَهَادَة إِن قصر وَلَا يعنته فِيهَا إِن استوفى وَلَا يسْأَله كَيفَ تحملهَا مَا لم يظْهر مِنْهُ رِيبَة
وَإِذا جهل أَحْوَال الشُّهُود فِي الْعَدَالَة وَالْجرْح توقف عَن الْإِمْضَاء وَالرَّدّ حَتَّى تثبت الْعَدَالَة فيمضي أَو الْجرْح فَيرد
فَإِن شهد بِالْعَدَالَةِ اثْنَان وبالجرح اثْنَا أَي مُتَقَابلين قدم بَيِّنَة الْجرْح على بَيِّنَة التَّعْدِيل وَلَا يقبل الْجرْح إِلَّا معينا وَلَا الْعَدَالَة إِلَّا من أهل الْمعرفَة الْبَاطِنَة
وَلَا يقبل شَهَادَة عَدو على عدوه ويقبلها لَهُ
وَلَا يقبل شَهَادَة وَالِد لوَلَده وَلَا ولد لوالده ويقبلها عَلَيْهِ وَيقبل شَهَادَة من عداهم من الْأَقَارِب لَهُم وَعَلَيْهِم
وَإِذا بَان لَهُ جرح من حكم بِشَهَادَتِهِ قبل الحكم لم يمضه وَإِن بَان لَهُ جرحه بعد الحكم لم ينْقضه وَلَا يحِيل الْأُمُور بِحكمِهِ عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي الْبَاطِن
وَلَا يستحجب وَلَا يسْتَكْتب إِلَّا عدلا وَلَا يتَّخذ قاسما إِلَّا أَن يكون مَعَ الْعَدَالَة حاسبا
وَيكون جَمِيع أعوانه برَاء من الطمع
وَلَا يسْتَخْلف إِذا قدر على النّظر فِي جَمِيع عمله إِلَّا بِإِذن ويستخلف إِذا

(1/195)


اتَّسع عمله إِلَّا عَن نهي
وَيجوز أَن يحكم يُعلمهُ وَلَا يجوز أَن يحكم لأحد من وَالِديهِ وَلَا مولوديه وَيجوز أَن يحكم عَلَيْهِم
وَإِذا مَاتَ قَاضِي إقليم أَو عزل بطلت ولايات خلفائه
وَإِذا قَالَ بعد الْعَزْل قد كنت حكمت بِكَذَا لم يقبل مِنْهُ إِلَّا أَن يُقيم بِهِ بَيِّنَة وَلَا يجوز أَن يكون شَاهدا بِهِ مَعَ غَيره
وَإِذا قَالَ لَهُ رجل فِي ولَايَته حكمت لي بِكَذَا وَلم يذكرهُ فأحضر بَيِّنَة لم يسْمعهَا وسمعها غَيره من الْقُضَاة مَا لم يكن مِنْهُ إِنْكَار
وَإِذا ادّعى عَلَيْهِ رجل بعد الْعَزْل أَنه قضى عَلَيْهِ بباطل أتلف عَلَيْهِ مَالا لزمَه غرمه إِن أقرّ وَلَا يَمِين عَلَيْهِ إِن أنكر
وَإِذا رأى الإِمَام نقل قَاض من عمل جَازَ وَلَا يجوز أَن يعزله إِلَّا أَن يتَغَيَّر حَاله أَو يجد من هُوَ أولى مِنْهُ
فَإِن عزل القَاضِي نَفسه لم يَنْعَزِل إِلَّا بِعلم من قَلّدهُ وَمَا أحب لَهُ ذَلِك إِلَّا بِعُذْر
وَلَا يتبع القَاضِي أَحْكَام من كَانَ قبله ويمضي مِنْهَا مَا ثَبت عِنْده وَإِن

(1/196)


خَالف رَأْيه إِذا شاع فِي الإجتها
وَإِذا بَان لَهُ فِي قضايا نَفسه مَا هُوَ أولى من قَضَائِهِ حكم بِهِ فِيمَا لم يمضه وَلَا يتَعَرَّض لما أَمْضَاهُ إِلَّا أَن يسوغ فِي الإجتهاد
وَإِذا سُئِلَ الْإِشْهَاد على نَفسه فِيمَا حكم بِهِ لزمَه الْإِجَابَة فِيمَا اخْتلف فِيهِ وَلم يلْزمه فِيمَا اتّفق عَلَيْهِ إِلَّا مَعَ الإستهلاك
وَيجوز الْقَضَاء على الْغَائِب إِذا تعذر حُضُوره
وَلَا يقبل كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي الْأَحْكَام وَإِن عرف الْخط والختم إِلَّا بِشَاهِدين يَشْهَدَانِ بِمَا فِيهِ
وَإِذا تقاضى رجلَانِ إِلَى من لَيْسَ بقاض لم يُؤْخَذ بِحكمِهِ إِلَّا عَن ترَاض
وَإِذا جهل القَاضِي لِسَان الْخَصْمَيْنِ لم يسمع فِي التَّرْجَمَة بِأَقَلّ من شَاهِدين = كتاب الدَّعْوَى والبينات
وَإِذا حضر القَاضِي خصمان فالطالب مِنْهُمَا مدعي وَالْمَطْلُوب مدعى عَلَيْهِ
وَلَا يسمع الدَّعْوَى إِلَّا من بَالغ عقال مَالك لما يَدعِيهِ أَو نَائِب عَن مَالك فِيهِ بوكالة أَو ولَايَة
وَلَا يسمع الدَّعْوَى فِيمَا لَا يتَعَلَّق بِهِ حق وَلَا يقر عَلَيْهِ يَد
وَإِذا كَانَت الدَّعْوَى مجملة أَو نَاقِصَة لم يُؤْخَذ الْمُدَّعِي بتفسيرها وَلَا بإتمامها حَتَّى يبدأبه من نَفسه وَلَو كَانَ الْإِقْرَار كَذَلِك أَخذ الْمقر ببينانه
وَلَا يسْأَل الْحَاكِم الْخصم عَن الدَّعْوَى وَإِن كملت إِلَّا أَن يسْأَله فَإِن

(1/197)


أقرّ أَخذه بِمُوجب إِقْرَاره وَإِن أنكر فَبَيِّنَة الْمُدَّعِي أَو يَمِين الْمُنكر وَيسمع بَيِّنَة الْمُدَّعِي إِن حضرت بعد إحلاف الْمُنكر
وَإِذا تداعى رجلَانِ دَارا فِي يَد أَحدهمَا حلف صَاحب الْيَد إِنَّهَا لَهُ وأقرت فِي يَده فَإِن أَقَامَ الْخَارِج بَيِّنَة أَنَّهَا لَهُ نقلت إِلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَحكم لَهُ بهَا ملكا
وَإِن أَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة بملكها حكم لصَاحب الْيَد بِبَيِّنَتِهِ وَيَده
وَلَو كَانَت فِي أَيْدِيهِمَا جعلت بَينهمَا وَلَا ترجح إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِكَثْرَة الْعدَد
وَإِذا ادّعى رجل نِكَاح امْرَأَة لم تكمل دَعْوَاهُ إِلَّا أَن يَقُول نكحتها من وَلها بِإِذْنِهَا ورضائها وشاهدي عدل فَإِن صدقته حكم بَينهمَا بِالزَّوْجِيَّةِ وَإِن لم يعلم بِالْعقدِ وَإِن أنكرته وَكَانَت لَهُ بَيِّنَة سَمِعت وَأخذت جبرا بالْمقَام مَعَه فَإِن لم يكن بَيِّنَة حَلَفت وَلَا زوجية بَينهمَا وَإِن نكلت ردَّتْ عَلَيْهِ الْيَمين فَيحلف وَحكم لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ
وَلَو أقرَّت لَهُ بالزواج بعد إنكارها ويمينها حل لَهما الإجتماع
وَلَو حَلَفت أَن بَينهمَا رضَاعًا ثمَّ أكذبت نَفسهَا لم يحل لَهما الإجتماع
وَإِذا تداعى رجلَانِ نِكَاح امْرَأَة فصدقت أَحدهمَا كَانَ أَحَق بهَا من المكذب وَإِن كَانَت مَعَه وَإِن أَقَامَ المكذب بَيِّنَة كَانَ أَحَق لَهَا من الْمُصدق وَإِن دخل بهَا وَتعْتَد مِنْهُ إِن أَصَابَهَا
وَلَو أدعت امْرَأَة على رجل أَنه نَكَحَهَا يَوْم السبت على صدَاق ألف ونكحها يَوْم الْأَحَد على صدَاق أَلفَيْنِ وأقامت بَيِّنَة بالنكاحين حكم عَلَيْهِ بالصداقين لِإِمْكَان الْعقْدَيْنِ فَإِن ادّعى الزَّوْج أَنه طَلقهَا فِي أحد النكاحين أَو فيهمَا قبل الدُّخُول

(1/198)


حكم عَلَيْهِ إِذا حلف بِالنِّصْفِ
وَإِذا مَاتَ رجل وَخلف ابْنَيْنِ أَحدهمَا ولد مُسلما وَالْآخر ولد كَافِرًا وَأسلم فَقَالَ الْمَوْلُود مُسلما أسلمت بعد موت أَبينَا فلي جَمِيع مِيرَاثه وَقَالَ الْمَوْلُود كَافِرًا أسلمت قبل موت أَبينَا فميراثه بَيْننَا فَالْقَوْل قَول الْمَوْلُود مُسلما مَعَ يَمِينه وَله جَمِيع الْمِيرَاث حَتَّى يُقيم الْمَوْلُود على الْكفْر بَيِّنَة بتقدم إِسْلَامه فيشتركان
وَالْيَمِين فِي الْإِثْبَات وَالنَّفْي على الْبَتّ إِلَّا مَا نفي الْحَالِف بِهِ فعل غَيره فَيحلف على الْعلم = كتاب الْإِقْرَار
وَلَا يَصح الْإِقْرَار إِلَّا من بَالغ عَاقل مُخْتَار فَإِن كَانَ بِمَال اعْتبر فِيهِ الرشد وَإِن كَانَ ببدن من حد أَو قَود لم يعْتَبر فِيهِ الرشد
وَإِذا قَالَ لَهُ عَليّ شَيْء رَجَعَ إِلَى بَيَانه وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ مَال عَظِيم رَجَعَ إِلَى بَينته من قَلِيل وَكثير
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ ألف وَدِرْهَم وَرجع إِلَى بَيَانه فِي الْألف وَلَا تكون بالدرهم الزَّائِد عَلَيْهَا كلهَا دَرَاهِم
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ ألف إِلَّا دِرْهَم لم تصر الْألف باستثناء الدِّرْهَم مِنْهَا كلهَا دَرَاهِم وَرجع إِلَى بَيَانه فِي الْألف وَاسْتثنى مِنْهَا بِقِيمَة دِرْهَم إِن كَانَ من غير جنسه
وَلَو قَالَ لَهُ عِنْدِي ثوب فِي منديل كَانَ إِقْرَارا بِالثَّوْبِ دون المنديل

(1/199)


وَلَو قَالَ لَهُ عِنْدِي منديل فِيهِ ثوب كَانَ إِقْرَارا بالمنديل دون الثَّوْب
وَلَو قَالَ لَهُ عِنْدِي فرس عَلَيْهِ سرج كَانَ السرج للْمقر مَعَ يَمِينه
وَلَو قَالَ لَهُ عِنْدِي عبد عَلَيْهِ عِمَامَة كَانَت الْعِمَامَة للْمقر لَهُ
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم دِرْهَم أَو دِرْهَم فدرهم لزمَه دِرْهَم وَاحِد
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم مَعَ دِرْهَم أَو دِرْهَم فَوق دِرْهَم أَو دِرْهَم تَحت دِرْهَم لزمَه دِرْهَم وَاحِد
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم قبل دِرْهَم أَو دِرْهَم بعد دِرْهَم لزمَه دِرْهَمَانِ
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم بل دِرْهَمَانِ لزمَه درهما
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم بل دِينَار لزمَه الْأَمْرَانِ
وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ دَرَاهِم أَو دريهمات لم يقبل مِنْهُ أقل من ثَلَاثَة وَلَا يقبل مِنْهُ إِلَّا وازنة جيادا من نقد الْبَلَد وَغَيره إِلَّا أَن يصفها بِنَقص أَو زيف فَيقبل مِنْهُ إِذا كَانَ مَوْصُولا كالإستثناء من الْعدَد
وَلَو أقرّ بِمَال مُؤَجل لم يُؤْخَذ بِهِ قبل انْقِضَاء الْأَجَل
وَلَو أقرّ بِمَال أدعى قَضَاءَهُ أَخذ بِالْإِقْرَارِ وَلم يقبل مِنْهُ الْقَضَاء

(1/200)


وَلَو أقرّ بدين لَهُ فِي ذمَّة رجل أَنه لفُلَان صَحَّ الْإِقْرَار بِهِ إِلَّا فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع
1 - زَوْجَة تقر بصداقها لغَيْرهَا
2 - أَو زوج يقر بِمَا خَالع عَلَيْهِ زَوجته أَنه لغيره
3 - أَو مجني عَلَيْهِ يقر أَن أرش جِنَايَته لغيره
4 - أَو مَالك بَهِيمَة يقر بحملها لغيره
فَلَا يَصح هَذَا الْإِقْرَار
فَإِن قَالَ صَار لفُلَان صَحَّ فِي الصَدَاق وَالْخلْع وَلم يَصح فِي الْحمل وَكَانَ فِي أرش الْجِنَايَة على اخْتِلَاف حَالين
إِن كَانَ وَرقا أَو ذَهَبا صَحَّ
وَإِن كَانَت إبِلا لم يَصح - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الشَّهَادَات
وَلَا تقبل إِلَّا شَهَادَة من تكاملت فِيهِ خَمْسَة أَوْصَاف الْبلُوغ وَالْعقل وَالْحريَّة وَالْإِسْلَام وَالْعَدَالَة
وَالْعَدَالَة أَن يكون مجتنبا للكبائر غير مصر على الْقَلِيل من الصفائر سليم السريرة مَأْمُون الْغَضَب محافظا على مُرُوءَة مثله
وَيجوز إِذا تكاملت شُرُوط الْعَدَالَة أَن يشْهد بِمَا قد تحمله قبلهَا
وَإِذا رد الْحَاكِم شَهَادَته لكفر أَو رق جَازَ أَن يشْهد بهَا بعد الْإِسْلَام وَالْعِتْق وَلَو ردهَا لفسق أَن يشْهد بهَا بعد الْعَدَالَة
وَلَا تقبل شَهَادَة النِّسَاء إِذا انفردن إِلَّا أَن يشهدن وَهن أَربع بِمَا لَا يطلع

(1/201)


عَلَيْهِ أجانب الرِّجَال من أمورهن كالولادة وَالرّضَاع
وَلَا يقبلن مَعَ الرِّجَال إِلَّا فِي الْأَمْوَال وَمَا يجوز أَن ينفردن فِيهِ
وَتقبل شَهَادَة رجلَيْنِ فِي كل حد وَحقّ إِلَّا فِي الزِّنَا فَلَا يقبل فِيهِ أقل من أَرْبَعَة رجال
وَلَا يقبل شَاهد وَاحِد إِلَّا فِي هِلَال رَمَضَان أَو مَعَ الْيَمين فِي الْأَمْوَال
وَلَا تسمع شَهَادَة الْأَعْمَى لِأَن الصَّوْت يشبه الصَّوْت إِلَّا أَن يكون أثبت شَيْئا مُعَاينَة وسمعا ونسبا ثمَّ عمي فَيجوز وَلَا عِلّة فِي رده
وَلَا تقبل شَهَادَة الْقَاذِف إِلَّا أَن يَتُوب وتوبته أَن يكذب نَفسه وَيَقُول الْقَذْف بَاطِل وَأَن يكون عدلا وَإِلَّا فحتى يحسن حَاله
وَفِي الشَّهَادَة يكون الْعلم من ثَلَاثَة أوجه مِنْهَا مَا عاينه فَيشْهد بِهِ وَمِنْهَا مَا تظاهرت بِهِ الْأَخْبَار وَثبتت مَعْرفَته فِي الْقُلُوب فَيشْهد عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَا أثْبته سمعا مَعَ اثبات بصر من الْمَشْهُود عَلَيْهِ
وَالشَّهَادَة على ملك الرجل الدَّار وَالثَّوْب على ظَاهر الْأَخْبَار بِأَنَّهُ مَالك وَلَا يرى منازعا فِي ذَلِك فَثَبت مَعْرفَته فِي الْقلب فَتسمع الشَّهَادَة عَلَيْهِ وعَلى النّسَب إِذا سَمعه بنسبه زَمَانا وَسمع غَيره ينْسبهُ إِلَى نسبه وَلم يسمع دافعا وَلَا دلَالَة يرتاب بهَا
وَيجب على من علم أمرا إِذا دعِي للشَّهَادَة فِيهِ أَن يشْهد وَيَأْثَم بِتَرْكِهَا

(1/202)


وَيَقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد فِي الْأَمْوَال وَكَذَلِكَ كل مَا وَجب فِيهِ مَال من جرح أَو قتل لَا قصاص فِيهِ أَو إِقْرَار أَو غير ذَلِك مِمَّا يُوجب المَال
وَلَا يقوم النّكُول مقَام إِقْرَار فِي شَيْء حَتَّى يكون مَعَه يَمِين الْمُدَّعِي
وَلَا تجوز شَهَادَة جالب لنَفسِهِ وَلَا دَافع عَنْهَا
وَلَا تقبل شَهَادَة من يعرف بِكَثْرَة الْغَلَط والغفلة
وَلَا تقبل شَهَادَة من يديم الْغناء ويغشاه المغنون وَإِن قل ذَلِك قبلت أما الحداء وَالرجز فَلَا بَأْس بِهِ
وَتجوز شَهَادَة ولد الزِّنَا فِي الزِّنَا وَتجوز شَهَادَة الْمَحْدُود فِيمَا حد فِيهِ وَكَذَا شَهَادَة الْقَرَوِي على البدوي والبدوي على الْقَرَوِي
والبالغ الْمُسلم إِذا ردَّتْ شَهَادَته فِي الشَّيْء ثمَّ حسن حَاله فَيشْهد بهَا فَلَا تقبل لأَنا حكمنَا بإبطالها وجرحه فِيهَا
وَتجوز الشَّهَادَة على الشَّهَادَة بِكِتَاب القَاضِي فِي كل حق للآدميين مَالا أَو حدا أَو قصاصا
وَفِي جَوَازهَا فِي كل حد لله قَولَانِ أَحدهمَا أَنَّهَا تجوز وَالْآخر لَا تجوز من قبل أَن الْحُدُود تدرأ بِالشُّبُهَاتِ
وَإِذا سمع الرّجلَانِ الرجل يَقُول أشهد أَن لفُلَان على فلَان ألف دِينَار وَلم يقل لَهما اشهدا على شهادتي فَلَيْسَ لَهما أَن يشهدَا بهَا وَلَا للْحَاكِم أَن يقبلهَا لِأَنَّهُ لم يسترعهما إِيَّاهَا ويقد يُمكن أَن يَقُول لَهُ على فلَان ألف دِينَار وعده بهَا وَإِذا استرعاهما إِيَّاهَا لم يفعل إِلَّا وَهِي عِنْده وَاجِبَة لَكِن يسْأَله

(1/203)


القَاضِي من أَيْن هِيَ
وَلَا يقبل جرح الشُّهُود إِلَّا أَن يُفَسر الْجَارِح مَا جرح بِهِ وَذَلِكَ للإختلاف فِي الْأَهْوَاء والتأول
وَإِذا ادّعى رجلَانِ أَو رجال ولدا مَجْهُول النّسَب وَلَا بيّنت لأَحَدهم عرض الْوَلَد على الْقَافة ويلحقه بالقائف بِوَاحِد مِنْهُم وَلَا يجوز أَن يلْحق بأبوين أَو آبَاء
فَإِذا أحلق بِرَجُل فَلَيْسَ لَهُ أَن يَنْفِيه وَلَيْسَ للمولود أَن يَنْتَفِي مِنْهُ بِحَال أبدا
وَإِن ألحقهُ الْقَافة بِاثْنَيْنِ فَأكْثر أَو لم تكن قافة أنو كَانَت فَلم تعرف لم يكن ابْن وَاحِد مِنْهُم حَتَّى يبلغ فينتسب إِلَى أَيهمْ شَاءَ فَإِذا فعل ذَلِك انْقَطَعت دَعْوَى الآخرين وَلم يكن للَّذي انتسب إِلَيْهِ أَن يَنْفِيه
وَيَكْفِي الْقَائِف الْوَاحِد لِأَن هَذَا مَوضِع حكم بِعلم لَا مَوضِع شَهَادَة
وَإِذا كَانَ لرجل مَال وَلَا بَيِّنَة لَهُ فَإِن لَهُ أَن يَأْخُذ حَقه من مَال جاحده دون علمه