المجموع شرح المهذب ط دار الفكر

* (فَرْعٌ)
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْقِيَامِ

(إحْدَاهَا) قَالَ أَصْحَابُنَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِيَامِ الِانْتِصَابُ وَهَلْ

(3/258)


يُشْتَرَطُ الِاسْتِقْلَالُ بِحَيْثُ لَا يَسْتَنِدُ فِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي الْإِفْصَاحِ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَالرَّافِعِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فَلَوْ اسْتَنَدَ إلَى جِدَارٍ أَوْ إنْسَانٍ أَوْ اعْتَمَدَ عَلَى عَصًا بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ السِّنَادُ لَسَقَطَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى قَائِمًا وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ وَلَا تَصِحُّ مَعَ الِاسْتِنَادِ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ بِحَالٍ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَبِهِ قَطَعَ إمَامُ

(3/259)


الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالثَّالِثُ يَجُوزُ الِاسْتِنَادُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ السِّنَادُ لَمْ يَسْقُطْ وَإِلَّا فَلَا هَذَا فِي اسْتِنَادٍ لَا يَسْلُبُ اسْمَ الْقِيَامِ فَإِنْ اسْتَنَدَ مُتَّكِئًا بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ عَنْ الْأَرْضِ قَدَمَيْهِ لَأَمْكَنَهُ الْبَقَاءُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَائِمٍ بَلْ معلق نفسه بشئ فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ فَوَجْهَانِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَنْتَصِبَ مُتَّكِئًا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الِانْتِصَابِ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ الِانْتِصَابُ بَلْ لَهُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا: أَمَّا

(3/260)


الِانْتِصَابُ الْمَشْرُوطُ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ نَصْبُ فَقَارِ الظَّهْرِ ليس لِلْقَادِرِ أَنْ يَقِفَ مَائِلًا إلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ زَائِلًا عَنْ سُنَنِ الْقِيَامِ وَلَا أَنْ يَقِفَ مُنْحَنِيًا فِي حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ انْحِنَاؤُهُ حَدَّ الرَّاكِعِينَ لَكِنْ كَانَ إلَيْهِ أَقْرَبُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَصِبٍ وَالثَّانِي تَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَلَوْ أَطْرَقَ رَأْسَهُ بِغَيْرِ انْحِنَاءٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ مُنْتَصِبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ إلَّا بِمُعِينٍ ثُمَّ إذَا

(3/261)


نَهَضَ لَا يَتَأَذَّى بِالْقِيَامِ لَزِمَهُ الِاسْتِعَانَةُ إمَّا بِمُتَبَرِّعٍ وَإِمَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ وَجَدَهَا هَذَا كُلُّهُ فِي الْقَادِرِ عَلَى الِانْتِصَابِ فَأَمَّا الْعَاجِزُ كَمَنْ تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ لِزَمَانَةٍ أَوْ كِبَرٍ وَصَارَ فِي حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ زَادَ فِي الِانْحِنَاءِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُوَ الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا قَالَا فَإِنْ قَدَرَ

(3/262)


عِنْدَ الرُّكُوعِ عَلَى الِارْتِفَاعِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ لَزِمَهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ الْقِيَامِ لِعِلَّةٍ بِظَهْرِهِ تَمْنَعُ الِانْحِنَاءَ لَزِمَهُ الْقِيَامُ وَيَأْتِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِحَسْبِ الطَّاقَةِ فَيَحْنِي صُلْبَهُ قَدْرَ الْإِمْكَانِ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ حَنَى رَقَبَتِهِ وَرَأْسِهِ فَإِنْ احْتَاجَ فِيهِ إلَى شئ يعتمد عليه أو ليتكئ إلَى جَنْبِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ الِانْحِنَاءَ أَصْلًا أَوْمَأَ إلَيْهِمَا وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ وَالِاضْطِجَاعُ دُونَ الْقُعُودِ

(3/263)


قَالَ الْبَغَوِيّ يَأْتِي بِالْقُعُودِ قَائِمًا لِأَنَّهُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُ مَسَائِلِ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ وَفُرُوعُهَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ حَيْثُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى شئ فِي حَالِ الْقِيَامِ: قَدْ ذَكَرْنَا تَفْصِيلَ مَذْهَبِنَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي مَسَائِلِ قِيَامِ اللَّيْلِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي جَوَازِ التَّعَلُّقِ بِالْحِبَالِ وَنَحْوِهَا

(3/264)


فِي صَلَاةِ النَّفْلِ لِطُولِهَا فَنَهَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَحُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَرَخَّصَ فيه آخرون قال واما الاتكاء على العصي فَجَائِزٌ فِي النَّوَافِلِ بِاتِّفَاقِهِمْ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ مِنْ كَرَاهَتِهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ بِقَدْرِهِ قَالَ وَأَمَّا فِي الْفَرَائِضِ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ وَقَالُوا مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ لَوْ زَالَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَالَ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ

(3/265)


مِنْ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ قَالَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً فَإِنْ كَانَتْ جَازَ وَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ جَالِسًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) لَوْ قَامَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا فَلَا كَرَاهَةَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُلْصِقَ الْقَدَمَيْنِ بَلْ يُسْتَحَبُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَجِّهَ أَصَابِعَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ
*

(3/266)


(فَرْعٌ)
فِي التَّرْوِيحِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْقِيَامِ قال بن الْمُنْذِرِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ وَهَذَا أَيْضًا مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا (الثَّالِثَةُ) تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سثل أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ قَالَ " طُولُ الْقُنُوتِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْمُرَادُ مِنْ الْقُنُوتِ الْقِيَامُ وَتَطْوِيلُ السُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ بَاقِي الْأَرْكَانِ

(3/267)


غَيْرَ الْقِيَامِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ تَطْوِيلُ السُّجُودِ وَتَكْثِيرُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

(3/268)


" أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ " وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَلَيْكَ بكثرة السجود " رواه مسلم وقال بعض العلماء هما سواء وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يقض فيها بشئ وقال اسحاق ابن رَاهْوَيْهِ أَمَّا فِي النَّهَارِ فَتَكْثِيرُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ وَأَمَّا بِاللَّيْلِ فَتَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ جُزْءٌ بِاللَّيْلِ يَأْتِي عَلَيْهِ فتكثير الركوع والسجود افضل لانه يقرأ جزءه ويربح كثرة

(3/269)


الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا قَالَ إِسْحَاقُ هَذَا لِأَنَّهُمْ وَصَفُوا صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ بِطُولِ الْقِيَامِ وَلَمْ يُوصَفْ مِنْ تَطْوِيلِهِ بِالنَّهَارِ مَا وُصِفَ بِاللَّيْلِ: دَلِيلُنَا عَلَى تَفْضِيلِ إطَالَةِ

(3/270)


الْقِيَامِ حَدِيثُ " أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ " وَلِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " كَانَ يُطَوِّلُ الْقِيَامَ أَكْثَرَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ " وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْقِيَامِ الْقِرَاءَةُ وَهِيَ أَفْضَلُ من ذكر الركوع

(3/271)


والسجود
(الرابعة) الواجب مِنْ الْقِيَامِ قَدْرُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَجِبُ مَا زَادَ وَالْوَاجِبُ مِنْ الرُّكُوعِ

(3/272)


وَالسُّجُودِ قَدْرُ أَدْنَى طُمَأْنِينَةٍ وَلَا يَجِبُ مَا زَادَ فَلَوْ زَادَ فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى مَا يُجْزِئُهُ فَهَلْ

(3/273)


يَقَعُ الْجَمِيعُ وَاجِبًا أَمْ الْوَاجِبُ مَا يُجْزِئُهُ وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ (فِيهِ وَجْهَانِ) مَشْهُورَانِ لِلْخُرَاسَانِيَّيْنِ وَالْأَصَحُّ

(3/274)


أَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ وَاجِبًا وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ التَّبْصِرَةِ وَهُمَا مِثْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَسْحِ كُلِّ الرَّأْسِ وَفِي الْبَعِيرِ الْمُخْرَجُ فِي الزَّكَاةِ عَنْ خَمْسٍ وَفِي الْبَدَنَةِ الْمُضَحَّى بِهَا بَدَلًا عَنْ شَاةٍ مَنْذُورَةٍ: قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْوَقْصَ فِي الزَّكَاةِ عَفْوٌ أَمْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَرْضُ وَفِيهِ قَوْلَانِ (وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ) فِي تَكْثِيرِ الثَّوَابِ فَإِنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ التَّطَوُّعِ: وَفِي الزَّكَاةِ فِي الرُّجُوعِ عِنْدَ التَّعْجِيلِ وَفِي الْبَدَنَةِ فِي الْأَكْلِ مِنْهَا وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ
(الْخَامِسَةُ) لَوْ جَلَسَ لِلْغُزَاةِ رَقِيبٌ يَرْقُبُ الْعَدُوَّ فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ وَلَوْ قَامَ لَرَآهُ الْعَدُوُّ أَوْ جَلَسَ الْغُزَاةُ فِي مَكْمَنٍ وَلَوْ قَامُوا رَآهُمْ الْعَدُوُّ وَفَسَدَ التَّدْبِيرُ فَلَهُمْ الصَّلَاةُ قُعُودًا وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ لِنُدُورِهِ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي فِي غَيْرِ الرَّقِيبِ إنْ خَافَ لَوْ قَامَ أَنْ يَقْصِدَهُ الْعَدُوُّ صَلَّى قاعدا واجزأته عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ وَلَوْ صَلَّى الْكَمِينُ فِي وَهْدَةٍ قُعُودًا فَفِي صِحَّتِهَا قَوْلَانِ: قُلْت أَصَحُّهُمَا وُجُوبُ الْإِعَادَةِ (السَّادِسَةُ) يَجُوزُ فِعْلُ النَّافِلَةِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِالْإِجْمَاعِ وَدَلِيلُهُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَغَيْرُهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحِ لَكِنْ ثَوَابُهَا يَكُونُ نِصْفَ ثَوَابِ الْقَائِمِ لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالنَّائِمِ الْمُضْطَجِعِ
*

(3/275)


وَلَوْ تَنَفَّلَ مُضْطَجِعًا بِالْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَوَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ صُورَتَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهَذَا أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ صِحَّتُهَا لِحَدِيثِ عِمْرَانَ وَلَوْ صَلَّى النَّافِلَةَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا لِلْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَثَوَابُهُ ثَوَابُ الْقِيَامِ
بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا لِلْعَجْزِ فَإِنَّ ثَوَابَهَا ثَوَابُ الْقَائِمِ بِلَا خِلَافٍ وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِيمَنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ يَسْتَوِي فِيمَا ذَكَرْنَاهُ جَمِيعُ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ وَالرَّاتِبَةِ وَصَلَاةُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ وَالِاسْتِسْقَاءُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ كَالْفَرَائِضِ وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ: وَأَمَّا الْجِنَازَةُ فَسَبَقَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ بَيَانُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَطُرُقِ الْأَصْحَابِ فِيهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قاعدا مع القدرة لان القيام ومعظم أَرْكَانِهَا وَالثَّانِي يَجُوزُ وَالثَّالِثُ إنْ تَعَيَّنَتْ لَمْ يجز والاجاز قَالَ الرَّافِعِيُّ إذَا جَوَّزْنَا الِاضْطِجَاعَ فِي النَّفْلِ مَعَ قُدْرَتِهِ فَهَلْ يُجْزِئُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ كَالْقَاعِدِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي قَالَ إمَامُ الحرمين عندي أَنَّ مَنْ جَوَّزَ الِاضْطِجَاعَ لَا يُجَوِّزُ الِاقْتِصَارَ فِي الْأَرْكَانِ الذِّكْرِيَّةِ كَالتَّشَهُّدِ وَالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى ذِكْرِ الْقَلْبِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لابد منه فلا يجزى ذِكْرُ الْقَلْبِ قَطْعًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَبْقَى لِلصَّلَاةِ صُورَةٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا وَرَدَ الْحَدِيثُ بِالتَّرْخِيصِ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُمَا عَلَى مقتضاه والله أعلم
*
* قال المصنف رحمه الله
*
* (ثم ينوى والنية فرض من فروض الصلاة لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ولكل امرئ ما نوى " ولانها قربة محضة فلم تصح من غير نية كالصوم ومحل النية القلب فان نوى بقلبه دون لسانه أجزأه ومن اصحابنا من قال ينوى بالقلب ويتلفظ باللسان وليس بشئ لان النية هي القصد بالقلب)
*
*
* (الشَّرْحُ)
* حَدِيثُ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ: وَقَوْلُهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَالصَّوْمِ إنَّمَا قَاسَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ خَاصٌّ " لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ " وَهَذَا الْقِيَاسُ يُنْتَقَضُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ طَرِيقُهَا الْأَفْعَالُ كَمَا قَالَهُ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ لِيَحْتَرِزَ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ: أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَالنِّيَّةُ فَرْضٌ لَا تَصِحُّ الصلاة الا بها ونقل بن الْمُنْذِرِ فِي كِتَابِهِ الْأَشْرَافِ وَكِتَابِ الْإِجْمَاعِ وَالشَّيْخُ أبو حامد الاسفراينى وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَآخَرُونَ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ رواية

(3/276)


عن احمد ليست بصحيحة عنه (1) فَإِنْ نَوَى بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِلِسَانِهِ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي هُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُجْمِعَ بَيْنَ نِيَّةِ الْقَلْبِ وَتَلَفُّظِ اللِّسَانِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فِي الْحَجِّ إذَا نَوَى حَجًّا أَوْ عمرة أجزأ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ وَلَيْسَ كَالصَّلَاةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنُّطْقِ قَالَ أَصْحَابُنَا غَلِطَ هَذَا الْقَائِلُ وَلَيْسَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِالنُّطْقِ فِي الصَّلَاةِ هَذَا بَلْ مُرَادُهُ التَّكْبِيرُ: وَلَوْ تَلَفَّظَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِقَلْبِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ: وَلَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ صَلَاةُ الْعَصْرِ انْعَقَدَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ
* (فَرْعٌ)
اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي النِّيَّةِ هَلْ هِيَ فَرْضٌ أَمْ شَرْطٌ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَكْثَرُونَ هِيَ فَرْضٌ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا كَالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ هِيَ شَرْطٌ كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالطَّهَارَةِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ فِي أَوَّلِ بَابِ مَا يُجْزِئُ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَالَ بن الْقَاصِّ وَالْقَفَّالُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ رُكْنٌ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أنه شرط لا ركن والله اعلم
*
* قال المصنف رحمه الله
*
* (ويجب أن تكون النية مقارنة للتكبير لانه أول فرض من فروض الصلاة فيجب أن تكون مقارنة له)
*
*
* (الشَّرْحُ)
* قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ (وَإِذَا أَحْرَمَ نَوَى صَلَاتَهُ فِي حَالِ التَّكْبِيرِ لَا بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَهُ) وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ النَّصَّ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا قَالَ الشَّافِعِيُّ (يَنْوِي مَعَ التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ) قَالَ أَصْحَابُنَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَفِي كَيْفِيَّةِ الْمُقَارَنَةِ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) يَجِبُ أَنْ يَبْتَدِئَ النِّيَّةَ بِالْقَلْبِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ بِاللِّسَانِ ويفرع مِنْهَا مَعَ فَرَاغِهِ مِنْهُ (وَأَصَحُّهُمَا) لَا يَجِبُ بل لا يجوز لئلا يخلو أول التكببر عَنْ تَمَامِ النِّيَّةِ فَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وهو قول أبي منصور ابن مِهْرَانَ شَيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْأَوْدَنِيِّ يَجِبُ أَنْ يقدم النية على أول التكبير بشئ يسبر لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ أَوَّلُهَا عَنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لَا يَجِبُ ذَلِكَ بَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْمُقَارَنَةِ
وَسَوَاءٌ قَدَّمَ أَمْ لَمْ يُقَدِّمْ وَيَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ إلَى انْقِضَاءِ التَّكْبِيرِ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَاخْتَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وغيره انه لا يجب التدقيق المذكور
__________
(1) هكذا بالاصل وفى غير هذا الكتاب نسبة هـ سذا القول لداود فليحرر اه

(3/277)


فِي تَحْقِيقِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ وَأَنَّهُ تَكْفِي الْمُقَارَنَةُ الْعُرْفِيَّةُ الْعَامِّيَّةُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِصَلَاتِهِ غَيْرَ غَافِلٍ عَنْهَا اقْتِدَاءً بِالْأَوَّلِينَ فِي تَسَامُحِهِمْ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَاهُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: قَالَ أَصْحَابُنَا وَالنِّيَّةُ هِيَ الْقَصْدُ فَيُحْضِرُ فِي ذِهْنِهِ ذَاتَ الصَّلَاةِ وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ مِنْ صِفَاتِهَا كَالظُّهْرِيَّةِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ يَقْصِدُ هَذِهِ الْعُلُومَ قَصْدًا مُقَارِنًا لِأَوَّلِ التَّكْبِيرِ وَيَسْتَصْحِبُهُ حَتَّى يَفْرُغَ التَّكْبِيرُ وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَاقِضٍ لَهَا فَلَوْ نَوَى فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ الْخُرُوجَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
* وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ يَجُوزُ أَنْ تَتَقَدَّمَ النِّيَّةُ عَلَى التَّكْبِيرِ بِزَمَانٍ يَسِيرٍ بِحَيْثُ لَا يَعْرِضُ شَاغِلٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَقَالَ
* (1) يَجِبُ أَنْ تَتَقَدَّمَ النِّيَّةُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَيُكَبِّرَ عَقِبَهَا بِلَا فَصْلٍ وَلَا يَجِبُ فِي حَالِ التَّكْبِيرِ
* وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ قَاصِدًا صَلَاةَ الظُّهْرِ مَعَ الْإِمَامِ فَانْتَهَى إلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَدَخَلَ مَعَهُ فِيهَا وَلَمْ يَحْضُرْهُ أَنَّهَا تِلْكَ الصَّلَاةُ أَجْزَأَهُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْكَفَّارَةِ: وَيَنْوِي مَعَ التَّكْفِيرِ أَوْ قَبْلَهُ قَالَ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْكَفَّارَةِ مَعَ التَّكْفِيرِ كَالصَّلَاةِ قَالَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَوْ قَبْلَهُ يَعْنِي أَوْ قُبَيْلَهُ وَيَسْتَدْعِي ذِكْرَ النِّيَّةِ حَتَّى يَكُونَ ذَاكِرًا لَهَا حَالَ التَّكْفِيرِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ قَبْلَ التكفير وفرق بينهما وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا أَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ آكَدُ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ تَعَيُّنُهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ والثاني ان الكفارة والزكاة تدخلهما النِّيَابَةُ فَتَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى تَقْدِيمِ نِيَّتِهِمَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الثَّالِثُ أَنَّ الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى وُجُوبِهِمَا فَجَازَ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ
*
* قال المصنف رحمه الله
*
* (فَإِنْ كَانَتْ فَرِيضَةً لَزِمَهُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فَيَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا وَهَلْ تَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْفَرْضِ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ أَبُو اسحق يَلْزَمُهُ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ ظُهْرِ الصَّبِيِّ وَظُهْرِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فَصَلَّاهَا
مَعَهُمْ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكْفِيهِ نية الظهر وَالْعَصْرِ لِأَنَّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لَا يَكُونَانِ فِي حَقِّ هَذَا إلَّا فَرْضًا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْأَدَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ فانه قَالَ فِيمَنْ صَلَّى يَوْمَ الْغَيْمِ بِالِاجْتِهَادِ فَوَافَقَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي الْوَقْتِ وَقَالَ فِي الاسير

(3/278)


إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ فَصَامَ يَوْمًا بِالِاجْتِهَادِ فَوَافَقَ رَمَضَانَ أَوْ مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَصُومُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)
*
*
* (الشَّرْحُ)
* إذَا أَرَادَ فَرِيضَةً وَجَبَ قَصْدُ أَمْرَيْنِ بِلَا خِلَافٍ أَحَدُهُمَا فِعْلُ الصَّلَاةِ تَمْتَازُ عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ وَلَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ بِالْبَالِ غَافِلًا عَنْ الْفِعْلِ وَالثَّانِي تَعْيِينُ الصَّلَاةِ الْمَأْتِيِّ بِهَا هَلْ هِيَ ظُهْرٌ أَمْ عصر أو غيرها فَلَوْ نَوَى فَرِيضَةَ الْوَقْتِ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ أَحَدُهُمَا يُجْزِيهِ لِأَنَّهَا هِيَ الظُّهْرُ مَثَلًا وَأَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِيهِ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ الَّتِي يَتَذَكَّرُهَا تُشَارِكُهَا فِي كَوْنِهَا فَرِيضَةَ الْوَقْتِ وَلَوْ نَوَى فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْجُمُعَةَ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا أَنَّهَا تَصِحُّ وَيَحْصُلُ لَهُ الظُّهْرُ وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ وَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الظُّهْرِ وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ الْمَقْصُورَةِ إنْ قُلْنَا إنَّهَا صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ صَحَّتْ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ أُمُورٍ (أَحَدُهَا) الْفَرِيضَةُ وَفِيهَا الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ اشْتِرَاطُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ قَضَاءً أَمْ أَدَاءً وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَغَوِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَوَاءٌ كَانَ النَّاوِي بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ الْفَرِيضَةِ وَكَيْفَ يَنْوِي الْفَرِيضَةَ وَصَلَاتُهُ لَا تَقَعُ فَرْضًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ (الثَّانِي) الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ أَوْ فَرِيضَةَ اللَّهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُمَا فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الِاشْتِرَاطَ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ (الثَّالِثُ) الْقَضَاءُ وَالْأَدَاءُ وَفِيهِمَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا لَا يُشْتَرَطَانِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي يُشْتَرَطَانِ وَهَذَا الْقَائِلُ يُجِيبُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُصَلِّي فِي الْغَيْمِ أَوْ الْأَسِيرِ بِأَنَّهُمَا مَعْذُورَانِ وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ دُونَ الْأَدَاءِ حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يَتَمَيَّزُ الوقت بِخِلَافِ الْقَضَاءِ وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ اُشْتُرِطَ نِيَّةُ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْحَاوِي أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ أَوْ فَوَائِتُ فَلَا خِلَافَ

(3/279)


أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ ظُهْرَ يَوْمِ الْخَمِيسِ مَثَلًا بَلْ يَكْفِيهِ نِيَّةُ الظُّهْرِ وَالظُّهْرُ الْفَائِتَةُ إذَا اشْتَرَطْنَا نِيَّةَ الْقَضَاءِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ قَدْ خَرَجَ فَصَلَّاهَا بِنِيَّةِ القضاء فبان انه باق اجزأته بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى يَوْمَ الْغَيْمِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَهُوَ يَظُنُّ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَبَانَ وُقُوعُ الصَّلَاةِ خَارِجَ الْوَقْتِ أَجْزَأَتْهُ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْقَضَاءِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ هَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي المسالة وقال الرَّافِعِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ بَلْ يَصِحُّ الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ هَذَا كَلَامُهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكَ أَنْ تَقُولَ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ فِي الْأَدَاءِ وَنِيَّةِ الْقَضَاءِ فِي الْقَضَاءِ ظَاهِرٌ أَمَّا الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الْقَضَاءِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إنْ جَرَتْ هَذِهِ النِّيَّةُ عَلَى لِسَانِهِ أَوْ فِي قَلْبِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ حَقِيقَةَ مَعْنَاهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَاهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ بِلَا خلاف وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ مَنْ نَوَى الْأَدَاءَ إلَى وَقْتِ الْقَضَاءِ عَالِمًا بِالْحَالِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ مِمَّنْ نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِقَوْلِهِمْ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ بَلْ مُرَادُهُمْ مَنْ نَوَى ذَلِكَ وَهُوَ جَاهِلُ الْوَقْتِ لِغَيْمٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الرَّابِعُ) نِيَّةُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَعَدَدُ الرَّكَعَاتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وَهُوَ غَلَطٌ صَرِيحٌ لَكِنْ لَوْ نَوَى الظُّهْرَ خَمْسًا أَوْ ثَلَاثًا لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ لِتَقْصِيرِهِ
* (فَرْعٌ)
قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْعِبَادَاتُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ (أَحَدُهَا) يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْفِعْلِ دُونَ الْوُجُوبِ وَالتَّعْيِينِ وَهُوَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالطَّهَارَةُ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى نَفْلًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَقَعَ عَنْ الْوَاجِبِ
(وَالثَّانِي)
يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْفِعْلِ وَالْوُجُوبِ دُونَ التَّعْيِينِ وَهُوَ الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ (وَالثَّالِثُ) يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْفِعْلِ وَالْوُجُوبِ وَالتَّعْيِينِ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَفِي نِيَّةِ الوجوب وجهان
* قال المصنف رحمه الله
*
* (وان كانت الصلاة سنة راتبة كالوتر وسنة الفجر لم يصح حتى تعين النية لتتميز عن غيرها وان كانت نافلة غير راتبة اجزأته نية الصلاة)
*
*
* (الشَّرْحُ)
* قَالَ أَصْحَابُنَا النَّوَافِلُ ضَرْبَانِ
(أَحَدُهُمَا)
مَا لَهَا وَقْتٌ أَوْ سَبَبٌ كَسُنَنِ الْمَكْتُوبَاتِ
وَالضُّحَى وَالْوِتْرِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهَا فَيُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالتَّعْيِينِ فَيَنْوِي مَثَلًا صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْخُسُوفِ وَعِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى أَوْ الضُّحَى وَنَحْوِهَا وَفِي الرَّوَاتِبِ تُعَيَّنُ بِالْإِضَافَةِ فَيَنْوِي سُنَّةَ الصُّبْحِ أَوْ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ الَّتِي بَعْدَهَا أَوْ سُنَّةَ الْعَصْرِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا ضَعِيفًا وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الشَّامِلِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الرَّوَاتِبِ سِوَى سُنَّةِ الصُّبْحِ نية أصل الصلاة

(3/280)


لتأكد سنة الصبح فالتحققت بِالْفَرَائِضِ: وَأَمَّا الْوِتْرُ فَيَنْوِي سُنَّةَ الْوِتْرِ وَلَا يُضِيفُهَا إلَى الْعِشَاءِ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ فَإِنْ أَوْتَرَ باكثر من ركعة نوى بالجميع الوتر إنْ كَانَ بِتَسْلِيمَةٍ وَإِنْ كَانَ بِتَسْلِيمَاتٍ نَوَى بِكُلِّ تَسْلِيمَةٍ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ وَقِيلَ يَنْوِي بما قبل الاخيرة صَلَاةَ اللَّيْلِ وَقِيلَ يَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْوِتْرِ وَقِيلَ مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ فِي الْأَفْضَلِ وَالْأَوْلَوِيَّةِ دُونَ الِاشْتِرَاطِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (الضَّرْبُ الثَّانِي) النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ فَقَطْ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ وَجْهَيْنِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَهَا فِي الضَّرْبِ الثَّانِي قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِجَرَيَانِهِمَا (قُلْتُ) الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النَّفْلِيَّةُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا فِي الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الِاشْتِرَاطَ فِي الْفَرِيضَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أعلم * قال المصنف رحمه الله
*
* (وان احرم ثم شك هل نوى ثم ذكر انه نوى قبل ان يحدث شيئا من افعال الصلاة اجزأه وان ذكر ذلك بعدما فعل شيئا من ذلك بطلت صلاته لانه فعل فعلا وهو شاك في صلاته)
*
*
* (الشرح)
* إذا شك هل نوى أم لَا أَوْ هَلْ أَتَى بِبَعْضِ شُرُوطِ النِّيَّةِ أَمْ لَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا فِي حَالِ الشَّكِّ فَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ أَتَى بِكَمَالِهَا قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا عَلَى الشَّكِّ وَقِصَرِ الزَّمَانِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لِانْقِطَاعِ نَظْمِهَا حَكَى الْوَجْهَيْنِ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ أَتَى مَعَ الشَّكِّ بِرُكْنٍ فِعْلِيٍّ كَرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ اعْتِدَالٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ لما ذكره المصنف وان ابي بر كن قَوْلِيٍّ كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّشَهُّدِ بَطَلَتْ أَيْضًا عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ كَالْفِعْلِيِّ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ وَبِهِ

(3/281)


قَطَعَ الْغَزَالِيُّ لِأَنَّ تَكْرِيرَهُ لَا يُخِلُّ بِصُورَةِ الصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي لَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَإِنْ تَيَقَّنَهَا فَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ إذَا فَعَلَ رُكْنًا فِي حَالِ الشَّكِّ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ فَعَلَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَإِطْلَاقُهُمْ الْبُطْلَانَ مُشْكِلٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُعْذَرَ لِجَهْلِهِ (قُلْتُ) إنَّمَا لَمْ يَعْذُرُوهُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِالْفِعْلِ فِي حَالِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ بِخِلَافِ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رُكْنًا نَاسِيًا فَإِنَّهُ لَا حيلة في النسيان
*
* قال المصنف رحمه الله
*
* (وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيَخْرُجُ أَوْ شَكَّ هَلْ يَخْرُجُ أَمْ لَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَقَدْ قَطَعَ ذَلِكَ بِمَا أَحْدَثَ فبطلت صلاته كالطهارة إذا قطعها بالحدث)
*
*
* (الشَّرْحُ)
* قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِبَادَاتُ فِي قَطْعِ النِّيَّةِ عَلَى أَضْرُبٍ
(الضَّرْبُ الْأَوَّلُ) الْإِسْلَامُ وَالصَّلَاةُ فَيَبْطُلَانِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهُمَا وَبِالتَّرَدُّدِ فِي أَنَّهُ يَخْرُجُ أَمْ يَبْقَى وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرَدُّدِ أَنْ يَطْرَأَ شَكٌّ مُنَاقِضٌ جَزْمَ النِّيَّةِ وَأَمَّا مَا يَجْرِي فِي الْفِكْرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ فَهَذَا مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوِسُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ قَطْعًا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَلَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ بشئ يُوجَدُ فِي صَلَاتِهِ قَطْعًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي الْحَالِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ

(3/282)


قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ بَلْ لَوْ رَفَضَ هَذَا التَّرَدُّدَ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَى الْغَايَةِ الْمَنْوِيَّةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ بِدُخُولِ شَخْصٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحْتَمَلُ حُصُولُهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمُهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ هَكَذَا فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِلَا خِلَافٍ وَكَمَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الْخُرُوجَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَكْفُرُ فِي الْحَالِ بِلَا خِلَافٍ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ فَعَلَى هَذَا إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ ذَاهِلٌ عَنْ التَّعْلِيقِ فَفِي بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَبْطُلُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ فِي الْحَالِ غَافِلٌ وَالنِّيَّةُ الْأُولَى لَمْ تُؤَثِّرْ وَأَصَحُّهُمَا تبطل وبه قطع الشيخ أبو علي البندنيجي وَالْأَكْثَرُونَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَيَظْهَرُ عَلَى هَذَا ان يقال تبينا بِالصِّفَةِ بُطْلَانُهَا مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلتَّعْلِيقِ فَتَبْطُلُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ يَأْكُلَ أَوْ يَفْعَلَ فِعْلًا مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْحَالِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَهَذَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمَلِ الْقُلُوبِ والفرق

(3/283)


بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ نَوَى تَعْلِيقَ النِّيَّةِ أَوْ قَطْعَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِجَزْمِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ صَلَاتِهِ وَهَذَا لَيْسَ بِجَازِمٍ وَأَمَّا مَنْ نَوَى الْفِعْلَ فَاَلَّذِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِفِعْلٍ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِذَا أَتَى بِهِ بَطَلَتْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمِثْلُ هَذَا إذَا دَخَلَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ بِنِيَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَقُلْنَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ مَعْرُوفٍ فَقَدْ نَوَى فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ أَنْ يَفْعَلَ فِي أَثْنَائِهَا فِعْلًا مُبْطِلًا وَلَمْ تَبْطُلْ فِي الْحَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(الضَّرْبُ الثَّانِي) الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ: فَإِذَا نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهُمَا وَنَوَى قَطْعَهُمَا لَمْ يَنْقَطِعَا بِلَا خِلَافٍ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا بِالْإِفْسَادِ
(الضَّرْبُ الثَّالِثُ) الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ فَإِذَا جَزَمَ فِي أَثْنَائِهِمَا بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهُمَا

(3/284)


فَفِي بُطْلَانِهِمَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابَيْهِمَا أَصَحُّهُمَا لَا يَبْطُلُ كَالْحَجِّ وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّوْمِ الْبُطْلَانَ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ كَثِيرُونَ ولكن الاكثرون قَالُوا لَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَرَدَّدَ الصَّائِمُ فِي قَطْعِ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى دُخُولِ شَخْصٍ وَنَحْوِهِ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ جَزَمَ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ لَا تَبْطُلُ وَجْهًا وَاحِدًا
(الضَّرْبُ الرَّابِعُ) الْوُضُوءُ فَإِنْ نَوَى قَطْعَهُ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى مِنْهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِمَا بَقِيَ وَإِنْ نَوَى قَطْعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ نَوَى قَطْعَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ بَعْدَ فَرَاغِهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِلَا خِلَافٍ وَقِيلَ فِي بُطْلَانِ الْوُضُوءِ وَجْهَانِ لِأَنَّ أَثَرَهُ بَاقٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَقْصًى فِي آخِرِ بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً تتعلق بالنية في الصوم وَفِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ
وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ: مَذْهَبُنَا أَنَّهَا تَبْطُلُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ

(3/285)


واحمد وقال أبو حنيفة لا تبطل * قال المصنف رحمه الله
*
* (فان دخل في الظهر ثم صرف النية الي العصر بطل الظهر لانه قطع بنيته ولم تصح العصر لانه لم ينوه عند الاحرام وان صرف نية الظهر الي التطوع بطل الظهر لما ذكرناه وفى التطوع قولان أحدهما لا تصح لما ذكرناه في العصر والثانى تصح لان نية الفرض تتضمن نية النفل بدليل ان من دخل في الظهر قبل الزوال وهو يظن انه بعد الزوال كانت صلاته نافلة)
*
*
* (الشَّرْحُ)
* مَتَى دَخَلَ فِي فَرِيضَةٍ ثُمَّ صَرَفَ نِيَّتَهُ إلَى فَرِيضَةٍ أُخْرَى أَوْ نَافِلَةٍ بَطَلَتْ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَلَمْ يَحْصُلْ الَّتِي نَوَاهَا بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ وَفِي انْقِلَابِهَا نَافِلَةً خِلَافٌ قَالَ أَصْحَابُنَا مَنْ أَتَى بِمَا يُنَافِي الْفَرِيضَةَ دُونَ النَّفْلِيَّةِ فِي أَوَّلِ فَرِيضَةٍ أَوْ اثنائها بطل فرضه هل تَبْقَى صَلَاتُهُ نَفْلًا أَمْ تَبْطُلُ فِيهِ قَوْلَانِ اخْتَلَفَ فِي الْأَصَحِّ مِنْهُمَا بِحَسْبِ الصُّوَرِ فَمِنْهَا إذَا قَلَبَ ظُهْرَهُ إلَى عَصْرٍ أَوْ إلَى نَفْلٍ بِلَا سَبَبٍ أَوْ وَجَدَ الْمُصَلِّي قَاعِدًا خِفَّةً فِي صَلَاتِهِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَلَمْ يَقُمْ أَوْ أَحْرَمَ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ قَاعِدًا فَالْأَظْهَرُ فِي

(3/286)


هَذِهِ الْمَسَائِلِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَمِنْهَا لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ فَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ وَإِنْ جَهِلَ وَظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ فَالصَّحِيحُ انْعِقَادُهَا نَفْلًا وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَكْثَرُونَ وَمِنْهَا لَوْ وَجَدَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَأَتَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْضِهَا فِي الرُّكُوعِ لَا يَنْعَقِدُ فَرْضًا بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهَا وَالثَّانِي تَنْعَقِدُ نَفْلًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيمَهَا

(3/287)


فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهَا نَفْلًا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تعليقيهما وَمِنْهَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَرِيضَةٍ مُنْفَرِدًا ثُمَّ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيُدْرِكَهَا الْأَصَحُّ صِحَّتُهَا وَالثَّانِي تَبْطُلُ وَمِنْهَا لَوْ شَرَعُوا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا وَتُجْزِيهِمْ وَقَطَعَ بِهَذَا الْمُصَنِّفُ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَعِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا هَذَا وَالثَّانِي لَا تُجْزِيهِمْ

(3/288)


عَنْ الظُّهْرِ بَلْ يَجِبُ اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يَنْقَلِبُ نَفْلًا أَمْ تَبْطُلُ فِيهِ الْقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا