المجموع شرح المهذب ط دار الفكر

* (باب تفريق الصَّفْقَةُ)
(هِيَ عَقْدُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ كَانَ عَادَتُهُمْ أَنْ يَضْرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَدَهُ علي يد صاحبه عند تمام العقد)
* قال المصنف رحمه الله
* (إذا جمع في البيع بين ما يجوز بيعه وبين ما لا يجوز بيعه كالحر والعبد وعبده وعبد غيره ففيه قولان
(أحدهما)
تفرق الصفقة فيبطل البيع فيما لا يجوز ويصح فيما يجوز لانه ليس ابطاله فيهما لبطلانه في أحدهما باولى من تصحيحه فيهما لصحته في أحدهما فبطل حمل احدهما علي الآخر وبقيا على حكمهما فصح فيما
يجوز وبطل فيما لا يجوز (والقول الثاني) أن الصفقة لا تفرق فيبطل العقد فيهما واختلف أصحابنا في علته فمنهم من قال يبطل لان العقد جمع حلالا وحراما فغلب التحريم كما لو جمع بين أختين في النكاح أو باع درهما بدرهمين ومنهم من قال يبطل لجهالة الثمن وذلك أنه إذا باع حرا وعبدا بالف سقط ما يخص الحر من الثمن فيصير العبد مبيعا بما بقى وذلك مجهول في حال العقد فبطل كما لو قال بعتك هذا العبد بحصته من الف درهم (فان قلنا) بالتعليل الاول بطل البيع فيما ينقسم الثمن فيه على القيمة كالعبدين وفيما ينقسم الثمن فيه على الاجزاء كالععد الواحد نصفه له ونصفه لغيره أو كرين من طعام أحدهما له والآخر لغيره وكذلك لو جمع بين ما يجوز وبين ما لا يجوز في الرهن أو الهبة أو النكاح بطل في الجميع لانه جمع بين الحلال والحرام (وان قلنا) إن العلة جهالة العوض لم يبطل البيع فما ينقسم الثمن فيه على الاجزاء لان العوض غير مجهول ولا يبطل الرهن والهبة لان لا عوض فيه ولا يبطل النكاح لان الجهل بالعوض لا يبطله (فان قلنا) ان العقد يبطل فيهما رد المبيع

(9/379)


* واسترجع الثمن (وان قلنا) إنه يصح في أحدهما فله الخيار بين فسخ البيع وبين امضائه لانه لا يلحقه ضرر بتفريق الصفقة فثبت له الخيار فان اختار الامساك فبكم يمسك فيه قولان
(أحدهما)
يمسك بجميع الثمن أو يرد لان ما لا يقابل العقد لا ثمن له فيصير الثمن كله في مقابلة الآخر
(والثانى)
أنه يمسكه بقسطه لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ جَمِيعَ الْعِوَضِ إلَّا فِي مُقَابَلَتِهِمَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُهُ فِي مُقَابَلَةِ أحدهما واختلف أصحابنا في موضع القولين (فمنهم) من قال القولان فيما يتقسط العوض عليه بالقيمة فأما يتقسط العوض عليه بالاجزاء فانه يمسك الباقي بقسطه من الثمن قولا واحدا لان فيما يتقسط الثمن عليه بالقيمة ما يخص الجائز مجهول فدعت الضرورة إلى أن يجعل جميع الثمن في مقابلته ليصير معلوما وفيما يتقسط الثمن عليه بالاجزاء ما يخص الجائز معلوم فلا حاجة بنا إلى أن نجعل جميع الثمن في مقابلته (ومنهم) من قال القولان في الجميع وهو الصحيح لانه نص علي القولين في بيع الثمرة قبل أن تخرج الزكاة والثمار مما يتقسط الثمن عليها بالاجزاء (فان قلنا) يمسك بجميع الثمن لم يكن للبائع الخيار لانه لا ضرر عليه (وان قلنا) يمسك بحصته فهل للبائع الخيار فيه وجهان
(أحدهما)
أن له الخيار لانه تبعضت عليه الصفقة فيثبت له الخيار كما يثبت للمشترى
(والثانى)
لا خيار له لانه دخل على بصيرة لان الحر
لا يؤخذ منه بثمن
* وإن باع مجهولا ومعلوما (فان قلنا) لا تفرق الصفقة بطل العقد فيهما (وان قلنا) تفرق وقلنا انه يمسك الجائز بحصته بطل البيع فيه لان الذى يخصه مجهول (وإن قلنا) يمسكه بجميع الثمن صح العقد فيه
* وان جمع بين حلالين ثم تلف أحدهما قبل القبض بطل البيع فيه وهل يبطل في الباقي فيه طريقان
(أحدهما)
أنه على القولين في تفريق الصفقة لان ما يحدث من الهلاك قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمَوْجُودِ فِي حَالِ الْعَقْدِ فِي ابطال العقد فوجب أن يكون كالموجود في حال العقد فيما ذكرناه
(والثانى)
لا يبطل إلا فيما تلف لان في الجمع بين الحلال والحرام انما بطل للجهل بالعوض أو للجمع بين الحلال والحرام في العقد ولا يوجد ههنا واحد منهما فعلى هذا يصح العقد في الباقي وللمشترى الخيار في فسخ العقد لانه تفرقت عليه الصفقة فان امضاء أخذ البافي بقسطه من الثمن قولا واحدا لان العوض ههنا قابل المبيعين فانقسم عليهما فلا يتغير بالهلاك)
* (الشَّرْحُ) تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ بَابٌ مُهِمٌّ يَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ وَالْحَاجَةُ إلَيْهِ وَالْفَتَاوَى فِيهِ فَأَنَا أُلَخِّصُ مَقَاصِدَهُ وَأُوضِحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
* فَإِذَا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ شَيْئَيْنِ فَهُوَ ضَرْبَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ تَجْمَعَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا
(وَالثَّانِي)
أَنْ تَجْمَعَهُمَا فِي

(9/380)


* عَقْدٍ وَاحِدٍ وَهَذَا الضَّرْبُ لَهُ حَالَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَقَعُ التَّفْرِيقُ فِي الِابْتِدَاءِ
(وَالثَّانِي)
فِي الِانْتِهَاءِ فَالْحَالُ الْأَوَّلُ يُنْظَرُ فِيهِ إنْ جَمَعَ فِيهِ شَيْئَيْنِ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ هُوَ جَمْعٌ كَجَمْعِ أُخْتَيْنِ أَوْ خَمْسِ نِسْوَةٍ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ فِي الْجَمِيعِ بِلَا خِلَافٍ
* وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ مَا لَا يَمْتَنِعُ جمعها فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَابِلًا لِلْعَقْدِ بِأَنْ جَمَعَ عَيْنَيْنِ لَهُ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ أَوْ من جِنْسٍ لَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْقِيمَةِ كَعَبْدَيْنِ وَزَّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ مُتَّفِقَيْ الْقِيمَةِ كَقَفِيزَيْ حِنْطَةٍ وَاحِدَةٍ وَزَّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ
* وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَابِلًا لِلْبَيْعِ دُونَ الْآخَرِ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَاَلَّذِي لَيْسَ قَابِلًا لِلْبَيْعِ قِسْمَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ يَكُونَ مُتَقَوِّمًا كَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ وَفِي صِحَّتِهِ فِي عَبْدِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا يَصِحُّ (وَأَصَحُّهُمَا) يَصِحُّ (فَإِنْ قُلْنَا) لَا يَصِحُّ فَفِي عِلَّتِهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ فَصَارَ
كَمَنْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ جَمَعَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ أَوْ خَمْسِ نِسْوَةٍ (وَالثَّانِيَةُ) جَهَالَةُ الْعِوَضِ الْقَابِلِ لِلْحَلَالِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأَلْفِ إذَا وَزَّعَ عَلَيْهِ وَعَلَى عَبْدِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ (وَإِنْ قُلْنَا) يَصِحُّ فَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ لَوْ أَفْرَدَهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِضَمِّ غَيْرِ مَالِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا فَإِنَّهُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الشِّقْصِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ أَفْرَدَهُ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلْحَاقُ مَا يَقْبَلُ الْبَيْعَ بِالْآخَرِ بِأَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ الْعِلَّةِ الْأُولَى بِأَنَّهَا مُنْكَرَةٌ بِمَنْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الدِّرْهَمَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْتَيْنِ أَوْ الْخَمْسِ بِأَوْلَى مِنْ مُشَارِكِهِ فَبَطَلَ فِي الْجَمِيعِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا (وَالْجَوَابُ) عَنْ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُسَمَّى وَقَعَ فِي الْعَقْدِ مَعْلُومًا وَسَقَطَ بَعْضُهُ لِمَعْنًى فِي الْعَقْدِ فَلَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ كَمَا إذَا رَجَعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ (الْقِسْمُ الثَّانِي) أَنْ لَا يَكُونَ مُتَقَوِّمًا وَهُوَ نَوْعَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ التَّقْوِيمِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ كَمَنْ بَاعَ حُرًّا وَعَبْدًا فَالْحُرُّ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ لَكِنْ يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ رَقِيقًا وَفِي هَذَا النَّوْعِ طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (أَصَحُّهُمَا) الصِّحَّةُ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) الْقَطْعُ بِالْفَسَادِ لِأَنَّ الْحُرَّ وَنَحْوَهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْبَيْعِ بِحَالٍ
* وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَمُكَاتَبَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ وَقُلْنَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ وَأُمَّ الْوَلَدِ متقوما بِدَلِيلِ وُجُوبِ قِيمَتِهِمَا عَلَى مُتْلِفِهِمَا (النَّوْعُ الثَّانِي) أَنْ لَا يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ تَقْوِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ كَمَنْ بَاعَ خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ مُذَكَّاةً وَمَيْتَةً أَوْ شَاةً وَخِنْزِيرًا فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْخَلِّ وَالْمُذَكَّاةِ وَالشَّاةِ طَرِيقَانِ (اصهما) طَرْدُ الطَّرِيقَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِيمَا إذَا جَمَعَ حُرًّا وعبدا

(9/381)


*
(والثانى)
القطع بالفساد لانه لابد فِي التَّقْوِيمِ مِنْ التَّقْدِيرِ بِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ الْمُقَوَّمُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْعَقْدِ وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ
* وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا يَتَوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ بَعْضُهُ لَهُ وَبَعْضُهُ لِغَيْرِهِ كَعَبْدٍ أَوْ صَاعِ حنطة له نصفهما أو صاعي حِنْطَةٍ لَهُ أَحَدُهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَفِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا (فَإِنْ قُلْنَا) يَصِحُّ هُنَاكَ فِي مِلْكِهِ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ إنْ عَلَّلْنَا بِالْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ عَلَّلْنَا بالجهالة صح لان حصة المملوك معلومة لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّقْوِيمِ الَّذِي
لَا يُفِيدُ إلَّا ظَنًّا
* وَلَوْ بَاعَ الثِّمَارَ الَّتِي وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ (الْأَصَحُّ) لَا يَصِحُّ فَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبُ فِي الْبَاقِي كما ذكرنا فيمن باع عبدا له بصفة
* وَلَوْ بَاعَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَالتَّرْتِيبُ فِي الثَّانِي كَمَا سَبَقَ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ
* (فَرْعٌ)
الْمَذْهَبُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا نَقَلْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ هَكَذَا صَحَّحَهُ الْجُمْهُورُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ كَعَبْدٍ لَهُ نِصْفُهُ وَكَذَا صَاعُ حِنْطَةٍ وَثَوْبٌ وَصَاعَيْ حِنْطَةٍ مِنْ صُبْرَةٍ مُسْتَوِيَةٍ لَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ مِمَّا يَتَوَزَّعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ كَعَبْدِهِ وعبد غيره أو وَحُرٍّ أَوْ كَخَلٍّ وَخَمْرٍ وَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ وَخِنْزِيرٍ وَشَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (فَالصَّحِيحُ) صِحَّةُ الْبَيْعِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ قَالَ الرَّافِعِيُّ تَوَسَّطَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بَيْنَ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَقَالُوا (الْأَصَحُّ) الصِّحَّةُ فِي الْمَمْلُوكِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَتَوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ وَالْفَسَادُ فِيمَا يَتَوَزَّعُ عَلَى قِيمَتِهِ قَالَ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْقِسْمَيْنِ
* (فَرْعٌ)
لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَالِمَيْنِ بِالْحَالِ أَوْ جَاهِلَيْنِ
* هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَاقِينَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ الْخِلَافُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ (فَأَمَّا) إذَا كَانَ عَالِمًا فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ عَبْدِي هذ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأَلْفِ لَوْ وَزَّعَ عَلَيْهِ وَعَلَى عَبْدِ فُلَانٍ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ شَيْخَيْ أَبُو مُحَمَّدٍ غَيْرُ سَدِيدٍ بَلْ الْوَجْهُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ وَهُوَ شَاذٌّ
* (فَرْعٌ)
لَوْ رَهَنَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ وَهَبَهُمَا أَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ وَغَيْرَهَا أَوْ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً أَوْ حُرَّةً وَأَمَةً لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ فَإِنْ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ فِي الَّذِي يَمْلِكُهُ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى الْعِلَّتَيْنِ إنْ عَلَّلْنَا بِجَهَالَةِ الْعِوَضِ صَحَّ إذْ لَا عِوَضَ هُنَا وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَغَيْرِهِ فَلَا

(9/382)


وَإِنْ شِئْتَ قُلْت فِيهِ طَرِيقَانِ (الْمَذْهَبُ) الصِّحَّةُ
(وَالثَّانِي)
فِيهِ قَوْلَانِ وَلَوْ جَمَعَ فِي شَهَادَتِهِ بَيْنَ مَقْبُولٍ
وَغَيْرِهِ كَشَهَادَتِهِ لِابْنِهِ وَأَجْنَبِيٍّ فَفِي قَبُولِهَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ هَذَا الْخِلَافُ (الْمَذْهَبُ) الْقَبُولُ
* (فَرْعٌ)
إذَا بَاعَ مَالَهُ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحْنَا الْعَقْدَ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْحَالِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنْ فَسَخَ فَذَاكَ وَإِنْ أَجَازَ فَكَمْ يَلْزَمُهُ مِنْ الثَّمَنِ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) صِحَّةُ حِصَّةِ الْمَمْلُوكِ فَقَطْ إذَا وُزِّعَ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ لِأَنَّهُ لم يبذل جميع العوض الا مُقَابَلَتِهِمَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُهُ فِي مُقَابَلَةِ أَحَدِهِمَا
(وَالثَّانِي)
يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ لِأَنَّ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَقْدَ لَا ثَمَنَ لَهُ فَيَصِيرُ الْعِوَضُ فِي مُقَابَلَةِ الْآخَرِ
* ثُمَّ فِي مَوْضِعِ الْقَوْلَيْنِ طَرِيقَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (أَصَحُّهُمَا) أَنَّهُمَا مَخْصُوصَانِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَقَسَّطُ عَلَى أَجْزَائِهِ فَالْوَاجِبُ الْقِسْطُ قَطْعًا لِأَنَّ حِصَّتَهُ مَعْلُومَةٌ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ (وَأَصَحُّهُمَا) طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَالِ وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ هَذَا الطَّرِيقَ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَالثَّمَرَةُ يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهَا بِالْأَجْزَاءِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (فَإِنْ قُلْنَا) الْوَاجِبُ جَمِيعُ الثَّمَنِ فَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ قُلْنَا) بِالْقِسْطِ فَوَجْهَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَقِيلَ هُمَا قَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَهُ الْخِيَارُ لِتَبْعِيضِ الثَّمَنِ (وَأَصَحُّهُمَا) لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْحَقْهُ نَقْصٌ فِيمَا يَخُصُّ مِلْكَهُ
* هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا خِيَارَ لَهُ قَطْعًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا عَالِمًا بِعَيْبِهِ وَفِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الثَّمَنِ طَرِيقَانِ (الْمَذْهَبُ) أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (أَصَحُّهُمَا) الْقِسْطُ
(وَالثَّانِي)
جَمِيعُهُ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) الْقَطْعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ عَالِمًا وَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ فِي مقابلة العبدين فلم يلتزم في مقابلة الحلال الاحصته
* وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَحُرًّا أَوْ خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ مُذَكَّاةً وَمَيْتَةً أَوْ شَاةً وَخِنْزِيرًا وَصَحَّحْنَا الْعَقْدَ فِيمَا يَقْبَلُهُ وَكَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْحَالِ فَأَجَازَ أَوْ عَالِمًا فَفِيمَا يَلْزَمُهُ الطَّرِيقَانِ (الْمَذْهَبُ) طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ (أَصَحُّهُمَا) الْقِسْطُ
(وَالثَّانِي)
الْجَمِيعُ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) الْجَمِيعُ وَهَذَا الطَّرِيقُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ احْتِمَالٌ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ فَهُوَ غَلَطٌ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ وَهَذَا الطَّرِيقُ قَوْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وابن أبي هريرة والمارودي وَمِمَّنْ حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي الافصاح والبغوى وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْقِسْطَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَفِي كَيْفِيَّةِ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَوْجُهٌ (أشهرها) وبه قطع الدارمي والبغوى وَآخَرُونَ وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ الْحُرُّ عَبْدًا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخِنْزِيرُ شَاةً
وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ
(وَالثَّانِي)
يُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا وَالْخِنْزِيرُ بَقَرَةً (وَالثَّالِثُ) يُنْظَرُ إلَى

(9/383)


قِيمَتِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً وَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ هَذَا الْوَجْهَ وَهُوَ احْتِمَالٌ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ وَكُلُّ هَذَا خَبْطٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
* وَلَوْ نَكَحَ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً حُرَّةً وَأَمَةً فِي عَقْدٍ وَصَحَّحْنَا نِكَاحَ الْمُسْلِمَةِ الْحُرَّةِ فَطَرِيقَانِ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجَمَاهِيرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْمُسَمَّى وَلَهُ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْمُسَمَّى وَالرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَضَعَّفَهُ جِدًّا وَقَالَ هَذَا لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّ فِيهِ إجْحَافًا بِالزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي النِّكَاحِ (وَأَمَّا) تَخْيِيرُهُ في رد المسمى والرجوع إلى مهر المثل فَلَا يَزُولُ بِهِ الْإِجْحَافُ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ قَدْ يَكُونُ بِقَدْرِ الْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ (فَإِذَا قُلْنَا) بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْمُسَمَّى فَفِيمَا يَلْزَمُهُ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) مَهْرُ الْمِثْلِ (وَالثَّانِي) قِسْطُهَا مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَمَهْرِ مِثْلِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْأَمَةِ وَإِذَا اخْتَصَرْت الْخِلَافَ جَاءَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ (أَصَحُّهَا) الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ
(وَالثَّانِي)
قِسْطُهَا مِنْ الْمُسَمَّى (وَالثَّالِثُ) جَمِيعُ الْمُسَمَّى وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ (فَرْعٌ)
لَوْ باع ربويا بجنسه فخرج بَعْضُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ مُسْتَحَقًّا وَصَحَّحْنَا الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي فَالْوَاجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْمُفَاضَلَةَ بَيْنَهُمَا حَرَامٌ كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ
* (فَرْعٌ)
لَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ وَعَبْدًا آخَرَ وَالْجَمِيعُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْمَجْهُولِ قَطْعًا (وَأَمَّا) الْمَعْلُومُ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ يَبْنِي عَلَى مَا لَوْ كَانَا مَعْلُومَيْنِ وَأَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ (فَإِنْ قُلْنَا) هُنَاكَ لَا يَصِحُّ فِيمَا هُوَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ هُنَا فِي الْمَعْلُومِ (وَإِنْ قُلْنَا) هُنَاكَ يَصِحُّ فَهُنَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَمْ يَلْزَمُهُ مِنْ الثَّمَنِ (إنْ قُلْنَا) جَمِيعُهُ صَحَّ وَلَزِمَهُ هُنَا أَيْضًا جَمِيعُ الثَّمَنِ (وَإِنْ قُلْنَا) الْقِسْطُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَمْ يَصِحَّ هُنَا فِي الْمَعْلُومِ لِتَعَذُّرِ التَّقْسِيطِ وحكى البغوي والرافعي وغيرهما هنا قَوْلًا شَاذًّا أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَعْلُومِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ قَطْعًا وَالْمَذْهَبُ فَسَادُ الْبَيْعِ فِي الْمَعْلُومِ
*

(9/384)


(فَرْعٌ)
(1) مَحَلُّ الْفَرْعَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْكِتَابِ إذَا اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ دُونَ مَا إذَا تَعَدَّدَتْ حَتَّى لَوْ بَاعَ مَالَهُ فِي صَفْقَةٍ وَمَالَ غَيْرِهِ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى فَيَصِحُّ فِي مَالِهِ بِلَا خِلَافٍ وَطَرِيقُ بَيَانِ تَعَدُّدِهَا وَاتِّحَادِهَا أَنْ يَقُولَ إذَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّيْئَيْنِ ثَمَنًا مُفَصَّلًا فَقَالَ بِعْتُكَ هَذَا بِأَلْفٍ وَهَذَا بِمِائَةٍ فقبلهما المشتري كذلك على التفصيل فان قال قبلت هذا بالالف وهذا بالمائة فَهُمَا عَقْدَانِ مُتَعَدِّدَانِ فَيَصِحُّ فِي مَالِهِ بِلَا خِلَافٍ وَيَجِبُ مَا سَمَّى لَهُ بِلَا خِلَافٍ فَلَوْ جَمَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبُولِ فَقَالَ قَبِلْتهمَا أَوْ قَبِلْت فَطَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ
(أَحَدُهُمَا)
الصَّفْقَةُ مُتَّحِدَةٌ فَيَكُونُ فِيهِ الْقَوْلَانِ (وَأَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا مُتَعَدِّدَةٌ فَيَصِحُّ فِي مَالِهِ بِمَا سَمَّى لَهُ لِأَنَّ الْقَبُولَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الايجاب فإذا وَقَعَ مُفَرَّقًا وَكَذَلِكَ الْقَبُولُ
* وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ فَإِنْ اتَّحَدَ الْمُشْتَرِي وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا بَاعَ رَجُلَانِ عَبْدًا لِرَجُلٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَهَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فِيهِ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) تَتَعَدَّدُ كَالْبَائِعِ
(وَالثَّانِي)
لَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبْنِي عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا وَجَبَ وَهُوَ وَاحِدٌ
* وَلِلتَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ فَوَائِدُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا (مِنْهَا) إذَا حَكَمْنَا بِالتَّعَدُّدِ فَوَزَنَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَزِمَ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ نَصِيبِهِ إلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ تَسْلِيمَ الْمُشَاعِ (وان قلنا) بالاتحاد لم يجب تسليم شئ إلَى أَحَدِهِمَا وَإِنْ وَزَنَ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ حَتَّى يَزِنَ الْآخَرَ لِثُبُوتِ حَقِّ الْحَبْسِ كَمَا لَوْ اتَّحَدَ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَ بَعْضَ الثَّمَنِ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ قِسْطِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْقِسْطَ فِي الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَهَذَا شَاذٌّ (وَمِنْهَا) إذَا قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ فَخَاطَبَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ فَقَالَ بِعْتُكُمَا هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ قَالَ مَالِكَا عَبْدٍ لِرَجُلٍ بِعْنَاك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَوَجْهَانِ (حَكَاهُمَا) الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (أَصَحُّهُمَا) بُطْلَانُ الْعَقْدِ لِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ
(وَالثَّانِي)
صحته كما يجوز لاحد المشتريين رَدُّ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَعِيبِ
* وَلَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ بِعْتُكُمَا هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَبِلْت هَذَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بِعْتُكَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأَلْفِ لَمْ يَصِحَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ والبغوي وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَتَيْنِ زوجتكهما بِأَلْفٍ فَقَبِلَ إحْدَاهُمَا
بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ فِيهِمَا
* وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَانِ رَجُلًا فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ وَقُلْنَا الصَّفْقَةُ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فَهَلْ الِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَاتِّحَادِهِ بِالْعَاقِدِ أم المعقود له فيه
__________
(1) (تنبيه) هذا الفرع عبارته هكذا في الاصل فانظر وحرر

(9/385)


أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ (أَصَحُّهَا) وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رُؤْيَتُهُ دُونَ رُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ وَكَذَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ يَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ
(وَالثَّانِي)
الِاعْتِبَارُ بِالْمَعْقُودِ لَهُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخُضَرِيُّ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (وَالثَّالِثُ) الِاعْتِبَارُ فِي طَرَفِ الْبَيْعِ بِالْمَعْقُودِ لَهُ وَفِي الشِّرَاءِ بالعاقد وهو قول أبى اسحق الْمَرْوَزِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْدَ يَتِمُّ فِي الشِّرَاءِ بِالْمُبَاشِرِ دُونَ الْمَعْقُودِ لَهُ وَلِهَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْمَعْقُودُ لَهُ الْإِذْنَ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْمُبَاشِرِ بِخِلَافِ طَرَفِ الْبَيْعِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ فَهُوَ كَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ (وَالرَّابِعُ) الِاعْتِبَارُ فِي جَانِبِ الشِّرَاءِ بِالْمُوَكِّلِ وَفِي الْبَيْعِ بِهِمَا جَمِيعًا فَإِنَّهُمَا إنْ تَعَدَّدَا تَعَدَّدَ الْعَقْدُ اعْتِبَارًا بِالشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ لَا بِتَعَدُّدِ الْوَكِيلِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ مَسَائِلُ (مِنْهَا) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِوَكَالَةِ رَجُلَيْنِ فَخَرَجَ مَعِيبًا فَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْعَاقِدَ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ إفْرَادُ نَصِيبِهِ بِالرَّدِّ وَهَلْ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ وَأَحَدِ الِابْنَيْنِ طَلَبُ الْأَرْشِ يُنْظَرُ (إنْ وَقَعَ النَّاسُ بِمَنْ رَدَّ الْآخَرَ بِأَنْ رَضِيَ بِهِ أَوْ تَلِفَ) (1) فَلَهُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَهُ أَيْضًا (وَمِنْهَا) لَوْ وَكَّلَ رَجُلَانِ رَجُلًا لِيَبِيعَ عَبْدًا لَهُمَا أَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صَاحِبَهُ فَبَاعَ الْجَمِيعَ فَخَرَجَ مَعِيبًا فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَعَلَى الْأَوْجُهِ الْأُخْرَى يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَاهُ لِرَجُلٍ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى الْأَوْجُهِ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَانِ رَجُلًا فِي شِرَاءِ عَبْدٍ لَهُ وَلِنَفْسِهِ فَفَعَلَ وَخَرَجَ الْعَبْدُ مَعِيبًا فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ إفْرَادُ نَصِيبِهِ بِالرَّدِّ وَعَلَى الثَّانِي وَالرَّابِعِ يَجُوزُ وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ يَشْتَرِي لها فَلِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ لِرِضَا الْبَائِعِ بِالتَّشْقِيصِ وَإِنْ جَهِلَهُ فَلَا (وَمِنْهَا) لَوْ وَكَّلَ رَجُلَانِ رَجُلًا فِي بَيْعِ عَبْدٍ
وَرَجُلَانِ رَجُلًا فِي شِرَائِهِ فتبايعه الوكيلان فَخَرَجَ مَعِيبًا فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ فِي بَيْعِ عَبْدٍ وَوَكَّلَ آخَرُ آخَرَيْنِ فِي شِرَائِهِ فَتَبَايَعَهُ الْوُكَلَاءُ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* (الْحَالُ الثَّانِي) أَنْ يَقَعَ التَّفْرِيقُ فِي الِانْتِهَاءِ وَهُوَ صِنْفَانِ اخْتِيَارِيٌّ وَغَيْرُهُ فَالِاخْتِيَارِيُّ هُوَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ صَفْقَةً فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمُصَرَّاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسَنَشْرَحُهُ بِفُرُوعِهِ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَمَّا) غَيْرُ الِاخْتِيَارِيِّ فَمِنْ صُوَرِهِ إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ وَنَحْوَهُمَا أَوْ ثَوْبًا وَعَبْدًا فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا
__________
(1) هذه العبارة هكذا بالاصل فحرر

(9/386)


قَبْلَ الْقَبْضِ دُونَ الْآخَرِ فَيَفْسَخُ الْعَقْدُ فِي التَّالِفِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمَوْجُودِ فِي حَالِ الْعَقْدِ فِي إبْطَالِ الْعَقْدِ (وَأَصَحُّهُمَا) الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ لِعَدَمِ عِلَّتَيْ الْفَسَادِ الْمَذْكُورَتَيْنِ هُنَاكَ (فَإِذَا قُلْنَا) لَا يَنْفَسِخُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ فِيهِ لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازَ فَبِكَمْ يُجِيزُ فِيهِ طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِسْطُ الْبَاقِي قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْعِوَضَ هُنَا قَابَلَ الْمَبِيعَيْنِ مُقَابَلَةً صَحِيحَةً حَالَ الْعَقْدِ وَانْقَسَمَ الْعِوَضُ عَلَيْهِمَا فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهَلَاكِ بَعْضِهِ
(وَالثَّانِي)
فِيهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ (أَصَحُّهُمَا) التَّقْسِيطُ
(وَالثَّانِي)
يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَهَذَا الطَّرِيقُ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَذَكَرَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَآخَرُونَ مِنْهُمْ وَهُوَ قول أبى اسحق الْمَرْوَزِيِّ إلْحَاقًا لِلطَّارِئِ بِالْمُقَارَنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ (فَإِنْ قُلْنَا) يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ فَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالْقِسْطِ فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَا خِيَارَ لَهُ
* وَلَوْ اشْتَرَى عَصِيرًا فَصَارَ بَعْضُهُ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ كَتَلَفِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَالْحُكْمُ مَا سَبَقَ
* وَلَوْ تَفَرَّقَا فِي السَّلَمِ وَقَدْ قَبَضَ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ دُونَ بَعْضٍ أَوْ فِي الصَّرْفِ وَقَدْ قَبَضَ الْبَعْضَ فَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي فِيهِ الطَّرِيقَانِ (الْمَذْهَبُ) لَا يَنْفَسِخُ
* وَلَوْ قَبَضَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ تَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَفِي الِانْفِسَاخِ فِي الْمَقْبُوضِ خِلَافٌ
مُرَتَّبٌ عَلَى الصُّوَرِ السَّابِقَةِ وَهِيَ إذَا تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الْآخَرِ وَهَذَا أَوْلَى بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ لِتَأَكُّدِ الْعَقْدِ فِيهِ بِانْتِقَالِ ضَمَانِهِ إلَى الْمُشْتَرِي
* هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ بَاقِيًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ثُمَّ تَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَفِي الِانْفِسَاخِ فِي الْمَقْبُوضِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَوْلَى بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ لِتَلَفِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (وَإِذَا قُلْنَا) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
نَعَمْ وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ ويسترد الثمن ان كان سلمه (وأصحهما) لابل عَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ اكْتَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ ثُمَّ انْهَدَمَتْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي الْمَاضِي الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَقْبُوضِ التَّالِفِ (الْمَذْهَبُ) أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ فَعَلَى هَذَا هَلْ لَهُ الْفَسْخُ فِيهِ الْوَجْهَانِ (فَإِنْ قُلْنَا) لَا فَسْخَ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَعَلَيْهِ مِنْ الْمُسَمَّى حِصَّةُ الْمَاضِي مِنْ الْمُدَّةِ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالِانْفِسَاخِ أَوْ قُلْنَا لَهُ الْفَسْخُ فَفَسَخَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمَاضِي وَيَسْتَرِدُّ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ دَفَعَهُ
* وَلَوْ انْقَطَعَ بَعْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ وَكَانَ الْبَاقِي مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ وَقُلْنَا لَوْ انْقَطَعَ الْجَمِيعُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فينفسخ هُنَا فِي الْمُنْقَطَعِ وَفِي الْبَاقِي

(9/387)


الْخِلَافُ فِيمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِمَا (فَإِذَا قُلْنَا) لَا يَنْفَسِخُ فَلَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ أَجَازَ فَيَلْزَمُهُ حِصَّتُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فقط (وان قلنا) لو انقطع الْجَمِيعَ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ كَانَ الْمُسَلَّمُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ فِي الْجَمِيعِ وَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ فِي الْقَدْرِ الْمُنْقَطِعِ وَالْإِجَازَةُ فِي الْبَاقِي فِيهِ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَيْسَ لَهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا هَلْ لَهُ إفْرَادُهُ بِالرَّدِّ (الْأَصَحُّ) لَيْسَ لَهُ
* (فَرْعٌ)
لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَأَبِقَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ فِي الثَّانِي لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْآبِقِ (1)
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ بَاعَ مَا يَمْلِكُهُ وَغَيْرُهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً
* ذَكَرْنَا مَذْهَبَنَا وَمِمَّنْ قَالَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فِيهِمَا مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ مَالًا وَغَيْرَهُ كَخَلٍّ وَخَمْرٍ وَعَبْدٍ وَحُرٍّ وَشَاةٍ وَخِنْزِيرٍ وَمُذَكَّاةٍ وَمَيْتَةٍ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ جَمَعَتْ مَالًا وَمَالَهُ حُكْمُ الْمَالِ كَعَبْدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ بَطَلَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَصَحَّ فِي عَبْدِهِ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ فِي حُكْمِ الْمَالِ فَإِنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ وَجَبَتْ قِيمَتُهَا لِسَيِّدِهَا وَقَدْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا قَالَ وَإِنْ جَمَعَتْ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ
صَحَّ الْبَيْعُ فِي مَالِهِ وَوَقَفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ عَلَى إجَازَتِهِ إنْ أَجَازَ نَفَذَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِ وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَالصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ صِحَّتُهُ فِيمَا يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ وَبُطْلَانُهُ فِي غَيْرِهِ
*
* قال المصنف رحمه الله
* (وان جمع بين بيع واجارة أو بين بيع وصرف أو بين عبدين بشرط الخيار في أحدهما دون الآخر بعوض واحد ففيه قولان
(أحدهما)
أنه يبطل العقدان لان أحكام العقدين متضادة وليس أحدهما بأولي من الآخر فبطل الجميع
(والثانى)
أنه يصح العقدان وينقسم العوض عليهما على قدر قيمتهما لانه ليس فيه أكثر من اختلاف حكم العقدين وهذا لا يمنع صحة العقد كما لو جمع في البيع بين ما فيه شفعة وبين ما لا شفعة فيه وان جمع بين البيع والنكاح بعوض واحد فالنكاح لا يبطل لانه لا يبطل بفساد العوض وفى البيع قولان ووجههما ما ذكرناه
* وان جمع بين البيع والكتابة (فان قلنا) في البيع والاجارة إنهما يبطلان بطل البيع والكتابة (وان قلنا) إن البيع والاجارة يصحان بطل البيع ههنا لانه لا يجوز أن يبيع السيد من عبده وهل تبطل الكتابة يبنى علي تفريق الصفقة (فان قلنا)) لا تفرق بطل (وان قلنا) تفرق بطل البيع وصحت الكتابة)
* (الشَّرْحُ) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ (إحْدَاهَا) إذَا جَمَعَ في العقد مبيعين مختلفي الحكم كثوبين
__________
(1) كذا بالاصل فحرر

(9/388)


شَرَطَ الْخِيَارَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ وَسَلَمٍ أَوْ إجَارَةٍ وَسَلَمٍ أَوْ صَرْفٍ وَغَيْرِهِ فَقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) صِحَّةُ الْعَقْدِ فِيهِمَا وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ عَلَيْهِمَا بِالْقِيمَةِ (وَالثَّانِي) يَبْطُلُ فِيهِمَا وَصُورَةُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بِعْتُك عَبْدِي وَأَجَرْتُك دَارِي سَنَةً بِأَلْفٍ وَصُورَةُ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ بِعْتُك ثَوْبِي وَمِائَةَ صَاعٍ حِنْطَةً سَلَمًا بِدِينَارٍ وَصُورَةُ الْإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ أَجَرْتُك دَارِي سَنَةً وَبِعْتُك مِائَةَ صَاعٍ سَلَمًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ
* وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً وَثَوْبًا بِشَعِيرٍ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ الْقَوْلَانِ لِأَنَّ التَّقَابُضَ فِي الْحِنْطَةِ وَمَا يقابلها من الشعير واجب وَلَا يَجِبُ فِي الْبَاقِي فَهُوَ كَبَيْعٍ وَصَرْفٍ (وَالثَّانِيَةُ) إذَا جَمَعَ بَيْعًا وَنِكَاحًا وَقَالَ زَوَّجْتُك جَارِيَتِي هَذِهِ وَبِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِمِائَةٍ وَهُوَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ أَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك عَبْدَهَا
وَهِيَ فِي حِجْرِهِ أَوْ رَشِيدَةٌ وَكَّلَتْهُ فِي بَيْعِهِ صَحَّ النِّكَاحُ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (أَصَحُّهُمَا) الصِّحَّةُ فَإِنْ صَحَّحْنَاهُمَا وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا وَجَبَ فِي النِّكَاحِ مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِذَا قُلْنَا) بِالتَّوْزِيعِ فَهُوَ إذَا كَانَتْ حِصَّةُ النِّكَاحِ فِي صُورَةِ تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ فَهَذِهِ صُورَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضَانِ لِشَخْصٍ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَوْ كَانَا لِاثْنَيْنِ بِأَنْ قَالَ بِعْتُكَ عَبْدِي وَزَوَّجْتُك (1) بِنْتِي بِأَلْفٍ فَقَدْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلَعَلَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَتَحْقِيقُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا لِشَخْصٍ (فَإِنْ قُلْنَا) لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ فَبَاعَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ (الثَّالِثَةُ) لَوْ جَمَعَ بَيْعًا وَكِتَابَةً فَقَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُك عَلَى نَجْمَيْنِ إلَى كَذَا وَكَذَا وَبِعْتُك ثَوْبِي هَذَا جَمِيعًا بِأَلْفٍ (فَإِنْ قُلْنَا) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ بِالْبُطْلَانِ فِيهِمَا فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَفِي الْكِتَابَةِ الْقَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) الصِّحَّةُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ مِنْ الْقَطْعِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَفِيهِ الْقَوْلُ شاذ السابق