الوسيط في المذهب

= كتاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد=

(7/541)


مَذْهَب الْعلمَاء قاطبة فِي هَذِه الْأَعْصَار أَن من استولد جَارِيَته عتقت عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَلم يجز بيعهَا قبل الْمَوْت وَللشَّافِعِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَول قديم وَهُوَ مَذْهَب عَليّ كرم الله وَجهه أَنه يجوز البيع فَإِن لم يتَّفق عتقت بِالْمَوْتِ وَقيل معنى قَوْله الْقَدِيم أَنَّهَا لَا تعْتق بل الإستيلاد كالإستخدام بإرضاع الْوَلَد لَكِن اخْتلف الْأَصْحَاب فِي أَنه لَو قضى قَاض بِبيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد هَل ينْقض قَضَاؤُهُ وَكَأَنَّهُم يرَوْنَ الإتفاق بعد الإختلاف قَاطعا أثر الِاخْتِلَاف ثمَّ النّظر فِي أَرْكَانه وَأَحْكَامه أما أَرْكَانه فَأَرْبَعَة
الأول أَن يظْهر على الْوَلَد خلقَة الْآدَمِيّ فَإِن كَانَ قِطْعَة لحم فَفِيهِ كَلَام مضى فِي الْعدة
الثَّانِي أَن ينْعَقد حرا فَلَو انْعَقَد رَقِيقا لم يُوجب الإستيلاد بعده
الثَّالِث أَن يقارن الْملك الْوَطْء فَلَو وطىء بِالشُّبْهَةِ أَو غر بِجَارِيَة فَولدت مِنْهُ حرا فَإِذا ملكهَا بعد ذَلِك فَفِي الإستيلاد قَولَانِ
الرَّابِع أَن يكون النّسَب ثَابتا مِنْهُ وَقد ذكرنَا مَظَنَّة لُحُوق النّسَب
وَأما أَحْكَامه فَهِيَ كَثِيرَة ذَكرنَاهَا فِي مَوَاضِع مُتَفَرِّقَة وننبه الْآن على أُمُور أَرْبَعَة
الأول أَن ولد الْمُسْتَوْلدَة من زنا أَو نِكَاح يسري إِلَيْهِ حكمهَا فَيعتق بِمَوْت السَّيِّد وَإِن مَاتَت الْأُم قبل موت السَّيِّد وَلَا يعْتق بِإِعْتَاق السَّيِّد أمه بل بِمَوْتِهِ

(7/543)


وَإِذا فرعنا على أَنه لَو اشْتَرَاهَا بعد الإستيلاد صَارَت مُسْتَوْلدَة فَإِنَّمَا يسري إِلَى ولد يحدث بعد الشِّرَاء وَوَلدهَا قبل ذَلِك قن نعم لَو اشْتَرَاهَا وَهِي حَامِل فَالظَّاهِر أَن الإستيلاد يسري إِلَى الْحمل وَيجوز أَن يخرج على سرَايَة التَّدْبِير
الثَّانِي تَصَرُّفَات السَّيِّد كلهَا نَافِذَة إِلَّا إِزَالَة الْملك أَو مَا يُؤَدِّي إِلَيْهَا كَالرَّهْنِ فَلهُ الْإِجَارَة والإستخدام وَالتَّزْوِيج بِغَيْر رِضَاهَا وَفِيه وَجه أَنه لَا يُزَوّج إِلَّا بِرِضَاهَا وَوجه أَنَّهَا لَا تزوج أصلا وَوجه أَن القَاضِي يُزَوّجهَا بِرِضَاهَا ورضاء السَّيِّد وَالْكل ضَعِيف
الثَّالِث أرش الْجِنَايَة على طرفها وَزوجهَا للسَّيِّد وَلَو مَاتَت فِي يَد غاصبها فَعَلَيهِ الضَّمَان للسَّيِّد وَلَو شهد شَاهِدَانِ على إِقْرَاره بالإستيلاد ورجعا بعد الحكم غرما للْوَرَثَة عِنْد عتقهَا بِمَوْت السَّيِّد وَلم يغرما فِي الْحَال إِذْ لم يزيلا إِلَّا سلطنة البيع وَذَلِكَ لَا يتقوم
الرَّابِع مُسْتَوْلدَة اسْتَوْلدهَا شريكان معسران فَهِيَ مستولدتهما فَلَو قَالَ كل وَاحِد ولدت مني أَولا وهما موسران فَهِيَ مُسْتَوْلدَة لَكنا لَا نَدْرِي أَنَّهَا مُسْتَوْلدَة من فَلَو مَاتَا عتقت ظَاهرا وَبَاطنا وَالْوَلَاء مَوْقُوف فَإِن مَاتَ أَحدهمَا عتق نصِيبه مُؤَاخذَة لَهُ بِإِقْرَارِهِ
وَلَو كَانَا معسرين فماتا فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الْوَلَاء إِذْ لَيْسَ يثبت لكل وَاحِد إِلَّا نصف الإستيلاد وَحكى الرّبيع أَن الْوَلَاء مَوْقُوف هَا هُنَا أَيْضا وَهُوَ غلط وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب

(7/544)


تمّ الْكتاب بِحَمْد الله تَعَالَى وَمِنْه وَحسن توفيقه
وَقد وَقع الْفَرَاغ مِنْهُ على يَد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الراجي رَحْمَة ربه الْمُعْتَرف بِذَنبِهِ إِسْحَاق بن مَحْمُود بن ملكويه البشيا ابْن خوامني البردجردي فِي الْخَامِس من ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة بِالْقَاهِرَةِ المحروسة
رحم الله من طالعه أَو نظر فِيهِ أَو ترحم على كَاتبه
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وعترته وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا تمّ تَدْقِيقه بِحَمْد الله

(7/545)