جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد

وَمَا يتَعَلَّق بِهن من الْأَحْكَام
إِذا علقت الْأمة من سَيِّدهَا بَحر فِي ملكه ثَبت لَهَا حكم الِاسْتِيلَاد
بِدَلِيل مَا روى عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا أمة ولدت من سَيِّدهَا
فَهِيَ حرَّة عَن دبر مِنْهُ وروى عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي أم الْوَلَد لَا تبَاع وَلَا توهب وَلَا تورث
ليستمتع بهَا مُدَّة حَيَاته
فَإِذا مَاتَ عتقت وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي مَارِيَة حِين ولدت أعْتقهَا وَلَدهَا
وَحَاصِله أَنه إِذا استولد جَارِيَته فَأَتَت مِنْهُ بِولد حَيّ أَو ميت عتقت بِمَوْتِهِ وَإِن ألقته مُضْغَة
فَحَيْثُ يحكم بِوُجُوب الْغرَّة يثبت فِي مثله الِاسْتِيلَاد وَحَيْثُ لَا يثبت لَا يحكم
وَإِذا استولد جَارِيَة بِالنِّكَاحِ يكون الْوَلَد رَقِيقا وَلَا تصير أم ولد
وَلَو ملكهَا
وَلَو ملك زَوجته الْأمة وَهِي حَامِل مِنْهُ يعْتق الْوَلَد عَلَيْهِ بِالْملكِ
وَلَا تصير هِيَ مُسْتَوْلدَة لَهُ
وَلَو استولد جَارِيَة على ظن أَنَّهَا زَوجته الْحرَّة أَو جَارِيَته فَالْوَلَد حر
وَفِي مصيرها مُسْتَوْلدَة إِذا ملكهَا قَولَانِ
أقربهما الْمَنْع
وَلَا يجوز بيع الْمُسْتَوْلدَة وَلَا هبتها وَلَا رَهنهَا
وَيجوز للسَّيِّد وَطْؤُهَا واستخدامها وإجارتها
وَكَذَا تَزْوِيجهَا بِغَيْر إِذْنهَا على الْأَصَح
وَله قيمتهَا إِذا قتلت وَأرش الْجِنَايَة

(2/448)


عَلَيْهَا
وَإِذا ولدت من زوج أَو زنا
فَالْوَلَد للسَّيِّد وَحكمه حكم الْمُسْتَوْلدَة
يعْتق بِمَوْت السَّيِّد
وَلَو كَاتب الْمُسْتَوْلدَة قبل موت السَّيِّد لم يعْتق الْوَلَد حَتَّى يَمُوت السَّيِّد
وَالَّذين ولدتهم من زوج أَو زنا قبل الِاسْتِيلَاد للسَّيِّد بيعهم وَلَا يعتقون بِمَوْتِهِ
وَإِذا عتقت بِمَوْت السَّيِّد فَمن رَأس المَال تعْتق

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
اتّفق الْأَئِمَّة على أَن أُمَّهَات الْأَوْلَاد لَا تبَاع
وَهَذَا مَذْهَب السّلف وَالْخلف من فُقَهَاء الْأَمْصَار
إِلَّا مَا يحْكى عَن بعض الصَّحَابَة
وَقَالَ دَاوُد يجوز بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد
فَلَو تزوج أمة غَيره وأولدها ثمَّ ملكهَا
قَالَ أَبُو حنيفَة تصير أم ولد
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا تصير أم ولد
وَيجوز لَهُ بيعهَا وَلَا تعْتق بِمَوْتِهِ
وَلَو ابْتَاعَ أمة وَهِي حَامِل مِنْهُ
قَالَ أَبُو حنيفَة تصير أم ولد لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا تصير أم ولد
وَقَالَ مَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ تصير أم ولد
وَقَالَ فِي الْأُخْرَى لَا تصير أم ولد
وَلَو استولد جَارِيَة ابْنه
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد تصير أم ولد
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ
أَحدهمَا لَا تصير
وَالثَّانِي تصير
ثمَّ مَا الَّذِي يلْزم الْوَالِد فِي ذَلِك لِابْنِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يضمن قيمتهَا خَاصَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي يضمن قيمتهَا ومهرها
وَفِي ضَمَانه قيمَة الْوَلَد قَولَانِ
أصَحهمَا أَنه لَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد
وَقَالَ أَحْمد لَا يلْزم قيمتهَا وَلَا قيمَة وَلَدهَا وَلَا مهرهَا
وَعَن زفر يلْزمه مهرهَا
وَصحح النَّوَوِيّ أَنه لَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد
وَحكى فِي الْمِنْهَاج وَجْهَان
أصَحهمَا أَنه لَا يلْزمه
وَهل للسَّيِّد إِجَارَة أم وَلَده أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَهُ ذَلِك
وَقَالَ مَالك لَا يجوز لَهُ ذَلِك انْتهى
فَائِدَة نقلت من خطّ صدر الدّين ابْن الخابوري ذكر أَنه بحث بحلب أَن أم الْوَلَد لَا يَصح بيعهَا إِلَّا من نَفسهَا
قَالَ نعم
نَقله فِي الرَّوْضَة فِي بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد عَن فَتَاوَى الْقفال
فأوردت عَلَيْهِ إيرادا وَهُوَ أَنكُمْ سمحتم بِبَيْعِهَا من نَفسهَا لتعجيل الْعتْق

(2/449)


فَهَلا قُلْتُمْ أَيْضا بِصِحَّة بيعهَا مِمَّن تعْتق عَلَيْهِ
كالوالد وَالْولد فَقَالَ فِي رد ذَلِك أورد شخص هَذَا الْإِيرَاد بحماة
فأجبته أَن شراءها من نَفسهَا هُوَ من بَاب الْفِدَاء لَا يتَصَوَّر فِيهِ ملك أصلا وَلَا تملك نَفسهَا فِي وَقت مَا بِخِلَاف مَا إِذا اشْتَرَاهَا من تعْتق عَلَيْهِ
فَإِنَّهَا تدخل فِي ملكه ثمَّ تعْتق عَلَيْهِ
وَأم الْوَلَد لَا تدخل فِي الْملك
وَهَذَا الْفرق
فنقضت عَلَيْهِ بِمَا إِذا اعْترف بحريّة عبد ثمَّ اشْتَرَاهُ
فَهَل يكون هَذَا شِرَاء أَو افتداء فِيهِ ثَلَاثَة أوجه فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة
فعلى قَوْلنَا فدَاء
فَلَو اعْترف بحريّة أم الْوَلَد ثمَّ اشْتَرَاهَا يَنْبَغِي أَن يَصح الشِّرَاء على قَوْلنَا إِنَّه افتداء
فَسكت عَن الْجَواب
مَسْأَلَة أمة حملت بمملوك
وَصَارَت أم ولد تعْتق بِمَوْت السَّيِّد وَهُوَ الْمكَاتب إِذا وطىء أمته
فَولدت مِنْهُ فَالْوَلَد رَقِيق
فَإِن أدّى المَال عتق وَعتق الْوَلَد
وَصَارَت الْأمة أم ولد
المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور حكمِيَّة
مِنْهَا صُورَة بِدَعْوَى الْمُسْتَوْلدَة على سَيِّدهَا بالاستيلاد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فُلَانَة مُسْتَوْلدَة فلَان وأحضرت مَعهَا سَيِّدهَا الْمَذْكُور
وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
أَنه ابتاعها الابتياع الصَّحِيح الشَّرْعِيّ
واستفرشها وأحبلها وَأَتَتْ مِنْهُ بِولد كَامِل الْخلق مَيتا
وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ
وَحرم عَلَيْهِ بيعهَا
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
فَأجَاب بالإنكار لاستيلادها معترفا بباقي دَعْوَاهَا
فَذكرت المدعية الْمَذْكُورَة أَن لَهَا بَيِّنَة أَرْبعا من القوابل يشهدن لَهَا بِمَا ادَّعَتْهُ
وَسَأَلت الْإِذْن فِي إحضارهن فَأذن لَهَا
فأحضرت أَربع نسْوَة من القوابل الثِّقَات الأمينات
وَهن فُلَانَة وفلانة وفلانة وفلانة
فشهدن شَهَادَة متفقة اللَّفْظ وَالْمعْنَى مسموعة شرعا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ أَن المدعية الْمَذْكُورَة أَتَت بِولد كَامِل الْخلق على فرَاش الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَأَنه لما سقط إِلَى الأَرْض سقط مَيتا
عرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ القوابل الْمَذْكُورَات وَسمع شَهَادَتهنَّ
وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَلما ثَبت ذَلِك عِنْده بطريقه الشَّرْعِيّ سَأَلته المدعية الْمَذْكُورَة الحكم لَهَا بِأَنَّهَا صَارَت أم ولد الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وبتحريم بيعهَا وَالْقِيَام بنفقتها وكسوتها وإسكانها فِي مسكن شَرْعِي يَلِيق بهَا
فأجابها إِلَى سؤالها
وَحكم لَهَا بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ
صُورَة استرقاق ولد رجل تزوج جَارِيَة لآخر وأولدها بِالنِّكَاحِ ثمَّ ابتاعها حضر

(2/450)


إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي الْفُلَانِيّ فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج رقيقته فُلَانَة التَّزْوِيج الصَّحِيح الشَّرْعِيّ
وَدخل بهَا وأصابها
وأولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يَدعِي فلَان العشاري الْعُمر مثلا وَأَن الْوَلَد الْمَذْكُور مَمْلُوك لَهُ يسْتَحق بَيْعه واستخدامه وإجارته
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ
وَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور إِعْتَاق وَلَده الْمَذْكُور
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم ذَلِك
فَأبى إِلَّا أَن يبتاعه أَبوهُ الْمَذْكُور مَعَ أمه
فأذعن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور إِلَى الابتياع
فَبَاعَهُ وَلَده وَزَوجته الْمَذْكُورين
فابتاعهما مِنْهُ بمبلغ جملَته كَذَا
وَدفع إِلَى الثّمن عَنْهُمَا فِي الْمجْلس
فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وتسلم الْوَلَد وَالزَّوْجَة الْمَذْكُورين تسلما شَرْعِيًّا وَعتق الْوَلَد عَلَيْهِ
واستمرت الزَّوْجَة فِي رقّه
وانفسخ نِكَاحهَا
يَطَؤُهَا بأقوى السببين وَهُوَ ملك الْيَمين لَا بِالنِّكَاحِ
وَله بيعهَا مَتى شَاءَ وَلم تصر بذلك أم ولد لَهُ أَلْبَتَّة
وَوَقع الْإِشْهَاد بذلك فِي تَارِيخ كَذَا
ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة مَا إِذا أسلمت أم ولد الذِّمِّيّ واستسعت فِي الثّمن لَهُ على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنَفِيّ فلَان الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي وأحضر مَعَه جَارِيَته فُلَانَة بنت عبد الله وَادّعى عَلَيْهَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنَّهَا أم وَلَده أولدها على فرَاشه وَأَنَّهَا تشرفت بدين الْإِسْلَام
وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ سؤالها عَن ذَلِك
فَسَأَلَهَا
فأجابت بالاعتراف
فَطلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل بمذهبه ومعتقده وَالْحكم عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا وَالْأَدَاء إِلَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور وعتقها عِنْد الْأَدَاء
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا
وَحكم عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا
فَإِذا أدَّت عتقت حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة عتق أم الْوَلَد على الذِّمِّيّ إِذا أسلمت على الرِّوَايَة الأولى من مَذْهَب الإِمَام مَالك رَحمَه الله تَعَالَى حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمَالِكِي فُلَانَة
وأحضرت مَعهَا فلَانا الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ابتاعها وَجعلهَا فراشا
واستولدها ولدا ذكرا يَدعِي فلَان السباعي أَو الخماسي الْعُمر مثلا وَأَنَّهَا تشرفت بدين الْإِسْلَام
وعتقت على الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِمُقْتَضى إسْلَامهَا
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَتْهُ وَذكر أَنه يسْتَحق بيعهَا وَقبض ثمنهَا
وَسَأَلَ الْحَاكِم الحكم لَهُ بذلك
وَسَأَلته هِيَ الحكم

(2/451)


لَهَا بِالْعِتْقِ
فَنظر الْحَاكِم فِي مذْهبه ومعتقده
فَرَأى أَن لمقلده الإِمَام مَالك بن أنس الأصبحي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه فِي هَذِه الْمَسْأَلَة رِوَايَتَيْنِ
إِحْدَاهمَا الْعتْق
وَالْأُخْرَى البيع
فَنظر فِي الرِّوَايَتَيْنِ وتدبرهما وأمعن النّظر فيهمَا
فَرَأى الْعَمَل بالرواية الأولى
فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا
وَأجَاب المدعية الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ إِلَى سؤالها
وَحكم بِعتْقِهَا وإطلاقها من الرّقّ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
وَمنعه من التَّعَرُّض إِلَيْهَا بِمُوجب رق أَو عبودية
منعا شَرْعِيًّا
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
صُورَة إِسْلَام أم ولد الذِّمِّيّ ويحال بَينه وَبَينهَا من غير بيع وَلَا عتق وَلَا سِعَايَة
وتجرى لَهَا النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَلَا تعْتق إِلَّا بِمَوْتِهِ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي
فُلَانَة الَّتِي كَانَت نَصْرَانِيَّة أَو يَهُودِيَّة
وتشرفت بدين الْإِسْلَام
وأحضرت مَعهَا فلَانا الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي
وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ابتاعها
وَجعلهَا فراشا لَهُ وأحبلها وأولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يَدعِي فلَان الثلاثي الْعُمر مثلا
وَأَنَّهَا تشرفت بدين الْإِسْلَام
وَهُوَ بَاقٍ على الْكفْر إِلَى الْآن
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك
فَأجَاب بالاعتراف
فَسَأَلت المدعية الْمَذْكُورَة من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم على الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بمذهبه وَأَن يُحَال بَينه وَبَينهَا إِلَى حِين مَوته
فتعتق حِينَئِذٍ وإلزامه بنفقتها وكسوتها بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ
فأجابها إِلَى سؤالها لجوازه عِنْده شرعا
وَحكم بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك
صُورَة تَزْوِيج الرجل أمة غَيره واستيلادها بِالنِّكَاحِ ثمَّ ملكهَا
فَصَارَت أم ولد لَهُ تعْتق بِمَوْتِهِ وَلَا يجوز لَهُ بيعهَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنَفِيّ فُلَانَة وأحضرت مَعهَا فلَانا وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا حَال كَونهَا رقيقَة لفُلَان
وَدخل بهَا وأصابها وأولدها ولدا يَدعِي فلَان
ثمَّ إِنَّه ابتاعها من سَيِّدهَا الْمَذْكُور وَأَنَّهَا بِمُقْتَضى ذَلِك صَارَت أم ولد لَهُ وَأَنه قصد بيعهَا
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب أَنه تزَوجهَا وأولدها بِعقد النِّكَاح ثمَّ ابتاعها بعد ذَلِك من سَيِّدهَا وَأَنَّهَا لم تصر أم ولد لَهُ بذلك وَأَنه يجوز لَهُ بيعهَا حَسْبَمَا أفتاه عُلَمَاء الْمُسلمين بذلك
فَعرفهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة أَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ
فَحِينَئِذٍ سَأَلت المدعية الْمَذْكُورَة من

(2/452)


الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل مَعهَا بِمُقْتَضى مذْهبه ومعتقده وَالْحكم لَهَا بِأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ
وَمنعه من بيعهَا وإلزامه لَهَا بِمَا يلْزم مثله لأمهات الْأَوْلَاد
فاستخار الله تَعَالَى وأجابها إِلَى سؤالها لجوازه عِنْده شرعا وَحكم لَهَا بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة تَزْوِيج رجل أمة غَيره
واستيلادها بِالنِّكَاحِ ثمَّ ملكهَا فَلَا تصير أم ولد لَهُ وَلَا تعْتق بِمَوْتِهِ
وَله بيعهَا مَتى شَاءَ عِنْد الثَّلَاثَة خلافًا لأبي حنيفَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي أَو الْمَالِكِي أَو الْحَنْبَلِيّ فُلَانَة بنت عبد الله وأحضرت مَعهَا سَيِّدهَا فلَان
وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا حَالَة كَونهَا فِي رق فلَان وَأَنه أولدها على فرَاشه بِعقد النِّكَاح ولدا يدعى فلَان الثلاثي الْعُمر يَوْمئِذٍ
وَأَنه ابتاعها بعد ذَلِك من فلَان الْمَذْكُور
وَأَنَّهَا بِمُقْتَضى ذَلِك صَارَت أم ولد لَهُ
وَحرم عَلَيْهِ بيعهَا
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَتْهُ وَلكنهَا لم تصر أم ولد لَهُ وَأَنَّهَا الْآن جَارِيَة فِي رقّه يملك بيعهَا وهبتها وَسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة فِيهَا
وَسَأَلَ الْعَمَل مَعَه بِمُقْتَضى مذْهبه
وَالْحكم بإبقائها فِي رقّه وَجَوَاز التَّصَرُّف فِيهَا بِالْبيعِ وَغَيره
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا
وَحكم بذلك كُله حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
صُورَة استيلاد رجل جَارِيَة ابْنه
فَصَارَت أم ولد لَهُ وَيضمن قيمتهَا خَاصَّة لوَلَده على مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنَفِيّ أَو الْمَالِكِي فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه وَالِده فلَان الْمَذْكُور
وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه استولد جَارِيَته فُلَانَة
وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ
فَأجَاب بالاعتراف وَصِحَّة الدَّعْوَى
فَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الحكم لَهُ على وَالِده الْمَذْكُور بِقِيمَة الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة لَهُ بذلك
وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ
فاستخار الله وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم لَهُ بذلك
وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وإلزامه بأَدَاء الْقيمَة عَن الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَذَلِكَ بعد أَن حضر أَرْبَاب الْخِبْرَة بالرقيق وتقويمه
وَقومُوا الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة
فَكَانَت قيمتهَا كَذَا وَكَذَا
وشهدوا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك
وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا
ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة استيلاد رجل جَارِيَة ابْنه وَيضمن قيمتهَا ومهرها عِنْد الشَّافِعِي وَيضمن قيمَة

(2/453)


الْوَلَد فِي أحد قوليه
وَتصير أم ولد فِي القَوْل الثَّانِي حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي الْفُلَانِيّ فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه وَالِده الْمَذْكُور وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه استولد جَارِيَته فُلَانَة ولدا يدعى فلَان الخماسي الْعُمر مثلا
وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَأَنه يلْزمه لَهُ قيمَة الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة وَمهر مثلهَا وَقِيمَة الْوَلَد الْمَذْكُور
وطالبه بذلك
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ من الِاسْتِيلَاد
وَسَأَلَ الحكم لَهُ بِمَا يلْزمه شرعا على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ بعد ثُبُوت الْقيمَة الشَّرْعِيَّة عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
ويكمل
صُورَة استيلاد رجل جَارِيَة ابْنه
فَصَارَت أم ولد لَهُ وَلَا يلْزمه قيمتهَا وَلَا مهرهَا وَلَا قيمَة وَلَدهَا على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى
حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنْبَلِيّ فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه وَالِده فلَانا الْمَذْكُور
وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه استولد جَارِيَته فُلَانَة ولدا يدعى فلَان
وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ
وَأَنه يلْزمه لَهُ قيمتهَا ومهرها وَقِيمَة وَلَدهَا
وطالبه بذلك
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ من الِاسْتِيلَاد
وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَلَكِن لَا يلْزمه لوَلَده شَيْء على مُقْتَضى مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى
وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِمُقْتَضى مذْهبه ومعتقده
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا
وَحكم بِإِسْقَاط قيمَة الْجَارِيَة ومهرها وَقِيمَة الْوَلَد عَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وبعدم إِلْزَامه بِشَيْء من ذَلِك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخر مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَقد سبق الْإِقْرَار بِقَبض الْقيمَة وَالْمهْر
وَقِيمَة الْوَلَد فِي هَذِه الصُّور الثَّلَاثَة من غير حكم فِي كتاب الْإِقْرَار
صُورَة قتل أم الْوَلَد إِذا قتلت سَيِّدهَا عمدا على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنَفِيّ فلَان ابْن فلَان
وأحضر مَعَه فُلَانَة ابْنة فلَان
وَادّعى عَلَيْهَا أَن وَالِده ابتاعها الابتياع الشَّرْعِيّ
واستفرشها وأولدها على فرَاشه ولدا
وَمَات الْوَلَد
وَصَارَت أم ولد لَهُ
وَأَنَّهَا قتلت وَالِده سَيِّدهَا الْمَذْكُور عمدا
وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك
فَسَأَلَهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
فأجابت بالاعتراف بذلك كُله أَو بالإنكار فَذكر الْمُدَّعِي أَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد على إِقْرَارهَا بذلك
وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها
فَأذن لَهُ فأحضر كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان
فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ شَهَادَة متفقة اللَّفْظ وَالْمعْنَى
مسموعة شرعا فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهَا الْمَذْكُورَة
بعد تشخيصها التشخيص

(2/454)


الشَّرْعِيّ على إِقْرَارهَا بِجَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور
عرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الشُّهُود وَسمع شَهَادَتهم
وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا
وَثَبت عِنْده ذَلِك ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا
فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الحكم على الْمُدعى عَلَيْهَا بِالْقصاصِ
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم عَلَيْهَا بِالْقصاصِ أَو بِالْقَتْلِ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويكمل
هَذَا إِذا كَانَ الْقَتْل عمدا
وَإِن كَانَ الْقَتْل خطأ
فَلَا يجب عَلَيْهَا عِنْد الْحَنَفِيَّة قصاص وَلَا دِيَة
وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد الْمَالِكِي
فَإِن كَانَ الْقَتْل عمدا
تخير الْوَارِث بَين قَتلهَا واستحيائها فِي الرّقّ وجلدها مائَة وحبسها عَاما
فَإِن اخْتَار الْوَارِث قَتلهَا سَأَلَ الْحَاكِم الحكم بِالْقَتْلِ
فَيحكم لَهُ بذلك وَإِن اخْتَار بالقسم الثَّانِي حكم بِهِ بعد ذكر تخييره بَين الْقَتْل والاستحياء فِي الرّقّ
وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد الشَّافِعِي
فَيُوجب عَلَيْهَا الدِّيَة لَا غير
وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد الْحَنْبَلِيّ فصورة الحكم عِنْده أَن يحكم بِأَقَلّ الْأَمريْنِ من قيمتهَا أَو الدِّيَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَالْأُخْرَى قيمَة نَفسهَا على مَا اخْتَارَهُ الْخرقِيّ
انْتهى
وَالله أعلم
تذييل اعْلَم أَن الْمُقَرّر عِنْد أهل الْحق والإنصاف أَن الْبدع المحدثة فِي هَذَا الزَّمَان فِي بَاب الْقَضَاء كَثِيرَة
وأكثرها مَخْصُوص ببلادنا
فَيَقَع فِيهَا مَا لَا يَقع فِي غَيرهَا من الممالك الإسلامية
وَلم يسمع بِمثل مَا رَأَيْنَاهُ وسمعناه فِي الْأُمُور الَّتِي عَمت بهَا الْبلوى وَهِي من أعظم الْأَدِلَّة على اقتراب السَّاعَة فَمِنْهَا تَوْلِيَة الْقَضَاء للجهال ببذل المَال
وَمِنْهَا تَوْلِيَة الْجُهَّال وَالْعُلَمَاء
غير الأتقياء مَعَ وجود الْعلمَاء الأتقياء الأخيار
وَمِنْهَا حكم القَاضِي بِخِلَاف مذْهبه لَا سِيمَا إِن كَانَ حنفيا والاستناد إِلَى الْأَقْوَال الضعيفة المرجوحة إِن كَانَ شافعيا لينال غَرضا فَاسِدا
وَمِنْهَا انْقِطَاع الْقُضَاة عَن الْحُضُور إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز فِي أَكثر الْأَوْقَات من غير عذر
ويكتفون بالنائب
وَمِنْهَا رضاهم بالنائب الَّذِي لَا يصلح أَن يكون رَسُولا فضلا عَن أَن يكون نَائِبا وَمن لَا يرتضيه السُّلْطَان الَّذِي ولاه الْقَضَاء
وَلَا عُلَمَاء الشَّرِيعَة مَعَ قدرتهم على استنابة

(2/455)


نَائِب أصلح مِنْهُ
واكتفوا فِي الْغَالِب من النَّائِب بالهيئة وَلبس العمائم المدرجة والجندات المفرجة
وَمِنْهَا استبدال الْوَقْف من غير أَن يكون الْوَاقِف قد شَرط فِيهِ الِاسْتِبْدَال وَهُوَ مُخَالف لمَذْهَب الْإِمَامَيْنِ
ويفعلون ذَلِك بِنَاء على رِوَايَة أبي يُوسُف
تقربا إِلَى خواطر أَرْبَاب الشَّوْكَة من الْأُمَرَاء وَغَيرهم
وَمِنْهَا إِجَارَة القَاضِي الْوَقْف مُدَّة طَوِيلَة نَحْو خمسين سنة
وَأَقل وَأكْثر
وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تملك الْأَوْقَاف الْمُؤجرَة وضياعها وَإِزَالَة عينهَا
وفوات غَرَض واقفيها وإضاعة حُقُوق مستحقيها
وَلَقَد شاهدت فِي الديار المصرية وَفِي مَكَّة المشرفة من الْأَوْقَاف مَا انمحى رسمه واسْمه بِوَاسِطَة الْإِجَارَات إِلَى المدد الطَّوِيلَة وَرُبمَا رَأَيْت من الْقُضَاة من تعدى بالمدة إِلَى مائَة سنة
وَمِنْهَا تَفْرِقَة أَمْوَال الْوَصَايَا الَّتِي لَا وَصِيّ فِيهَا خَاص على غير الْمُسْتَحقّين وَفِي غير مصرفها الشَّرْعِيّ من غير مُرَاعَاة مَقْصُود الْمُوصي
وَمِنْهَا أَنهم لَا يمكنون الْوَصِيّ الْأمين الَّذِي عينه الْمُوصي ورضيه وَأطلق تصرفه فِي مَاله وأقامه مقَامه فِي صرف مَال الْوَصِيَّة على مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيه من الْفُقَرَاء بل يَكْتُبُونَ بهَا رِقَاعًا لمن يريدن من متعلقيهم وَغَيرهم
ويحيلون على الْوَصِيّ بذلك من يَأْخُذ مِنْهُ قهرا سَوَاء رَآهُ مصلحَة أَو لَا وَسَوَاء كَانَ الْمَكْتُوب لَهُ مُسْتَحقّا أَو لَا
وَمِنْهَا أَنهم يقترضون أَمْوَال الْأَيْتَام ويقرضونها لمن يُرِيدُونَ من غير رهن وَلَا كَفِيل فِي الْغَالِب ثِقَة بالمقترض
فيضيع أَكثر ذَلِك
وَرُبمَا أخروه عِنْد الْمُقْتَرض أَو المستدين مُدَّة طَوِيلَة
فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى طمع المستدين فِيهِ لَا سِيمَا إِن كَانَ ذَا جاه وشوكة
وَرُبمَا مَاتَ المستدين مُفلسًا
فيضيع المَال على الْأَيْتَام
وَمِنْهَا أَن بعض الْقُضَاة الشَّافِعِي فِي الْغَالِب يخرج الزَّكَاة من مَال الْأَيْتَام فِي حَالَة كَونهَا غير وَاجِبَة فِي مَالهم
وَلَا يحملوهم على مَا فِيهِ مصلحتهم
بل يَأْخُذُونَ ذَلِك أَولا تَحت أَيْديهم
وَرُبمَا ادعوا صرفه إِلَى الْفُقَرَاء
هَذَا مَعَ كَون الْأَيْتَام غير مقلدين للشَّافِعِيّ
وَنِهَايَة التَّفْرِيط فِي أَمرهم قرضة لديوان الْأَيْتَام
وكل ذَلِك فِي أَعْنَاق مسلطيهم وإثمه عَلَيْهِم وهم المسؤولون عَنهُ والمؤاخذون بِهِ بَين يَدي أحكم الْحَاكِمين
وَمِنْهَا إِجَارَة السجون للسجانين بِمَال عَظِيم
يكَاد أَن يكون فَوق أُجْرَة مثله بِعشْرَة

(2/456)


أَمْثَال فَيلْزم من ذَلِك تسليط السجانين على أَخذ جعل حرَام من صَاحب الْحق وَيلْزم مِنْهُ حُصُول الضَّرَر الْبَالِغ للْغَرِيم المسجون فِي نَفسه وَمَال
وأهم هَذِه الْأُمُور كلهَا عِنْدِي قَضِيَّة الْأَيْتَام والأوقاف
فَإِنَّهَا عَظِيمَة الْخطر كَثِيرَة الضَّرَر
نسْأَل الله تَعَالَى السَّلامَة والعافية والتوفيق لما يحب رَبنَا ويرضى وإياه نسْأَل اللطف فِي الْقَضَاء إِنَّه ولي ذَلِك والقادر عَلَيْهِ
وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل

(2/457)


خَاتِمَة أَرْجُو أَن تكون لنا وللمسلمين بِالْخَيرِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَهِي تشْتَمل على ثَلَاثَة فُصُول
الْفَصْل الأول فِي الحلى الْفَصْل الثَّانِي فِي الكنى
الْفَصْل الثَّالِث فِي الألقاب
اعْلَم أَن مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة الحلى إِذْ هِيَ الْبَاب الْموصل إِلَى يَقِين الشَّهَادَة
وَهِي أهم من الْفَصْلَيْنِ الآتيين
وَعَلَيْهَا تنبني أَحْكَام العرفة
وَهِي أحد أَرْكَانهَا الثَّلَاثَة
فَأول مَا يذكر فِي الْإِنْسَان سنه ثمَّ قده ثمَّ لَونه ثمَّ جَبينه ثمَّ حاجباه ثمَّ عَيناهُ ثمَّ خداه ثمَّ شفتاه
وَجَمِيع مَا فِي وَجهه من حَسَنَة أَو شامة أَو جرح أَو ثؤلول وَلَا يُقَال فِي حلية الذِّمِّيّ حَسَنَة بل يُقَال شامة
وَإِن كَانَت الْآثَار فِي عُضْو من أَعْضَائِهِ
بِحَيْثُ تكون الرُّؤْيَة مُمكنَة بِحَيْثُ لَا يحصل بذلك مشقة مَعَ مُوَافقَة الشَّرْع الشريف
فَلَا بَأْس بالاطلاع عَلَيْهَا وَذكرهَا
وَالْمرَاد من الْحِلْية أَن يذكر أشهر مَا فِي الْإِنْسَان مِمَّا لَا يَزُول بطول الزَّمَان فِي الْغَالِب
وَمَا كَانَ فِي الرَّقِيق مِمَّا يسوغ ذكره فِي الْحِلْية من عيب شَرْعِي وَغَيره
فيذكر وَيُصَرح الْكَاتِب باطلاع الْمُتَبَايعين عَلَيْهِ
وَيذكر فِي الأقطع
فَيَقُول مَقْطُوع الْيَد الْفُلَانِيَّة أَو الرجل الْفُلَانِيَّة
وَكَذَلِكَ الأخلع والأكتع والأعرج
فَإِذا كَانَ فِي الْيَد والساعد أَو غير ذَلِك شَيْئا مَنْقُوشًا
فَيكْتب وشما أَخْضَر صفته كَذَا وَكَذَا
وَإِذا كَانَ فِي وَجه الرَّقِيق شُرُوط أَو لعوط على عَادَة الحبوش كتب بِوَجْهِهِ لعوط بصدغيه وَبَين حاجبيه زِينَة الْبِلَاد
وَإِن كَانَ بِوَجْه الْجَارِيَة أَو بجسدها أَو بَطنهَا شُرُوط كتب وبجسدها فِي الْمَكَان الْفُلَانِيّ شُرُوط عدتهَا كَذَا زِينَة الْبِلَاد أَو كيات نَار عدتهَا كَذَا على صِحَة
ويجتهد ويحتاط فِي حَاجَة من لَا يعرف غَايَة الِاحْتِيَاط
فَإِن الشَّهَادَة أمرهَا خطر والخلاص مِنْهَا عسر خُصُوصا مَعَ الْغَرِيم الْمُنكر

(2/458)


وَإِذا دعِي الشَّاهِد لأَدَاء الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم وَكَانَ اعْتِمَاده على الْحِلْية
فَلَا يُسَارع إِلَى أَدَاء الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم حَتَّى يتَيَقَّن الشَّهَادَة ويذكرها
وَيصِح عِنْده المطابة فِي الْحِلْية بالمقابلة
فَإِن ذَلِك أخْلص للذمة
والحلية على أَنْوَاع الأول فِي السن فَيُقَال للمولود رَضِيع سَوَاء كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى
فَإِذا فطم
فَيُقَال فطيم
فَإِذا تعدى
قيل للذّكر ذَلِك طِفْل وللأنثى طفلة
فَإِذا زَاد على ذَلِك
قيل للذّكر غُلَام
وللأنثى صَغِيرَة
فَإِذا قَارب الْبلُوغ قيل للذّكر مراهق
فَإِذا بلغ يُقَال بَالغ
فَإِذا ظهر شَاربه
قيل قد طر شَاربه وسال عارضاه
فَإِذا اسْتَدَارَ شعر وَجهه خَفِيفا
قيل قد بقل وَجهه
فَإِذا اتَّصل الشّعْر بِوَجْهِهِ وذقنه وَلم يطلّ
قيل مُجْتَمع شعر الْوَجْه
فَإِذا طَال شعر عارضيه وَلم يتَّصل الشّعْر بذقنه
قيل مُنْقَطع شعر اللِّحْيَة والعارضين
فَإِذا استدارت لحيته وَلم يظْهر فِيهَا شيب
قيل شَاب مستدير اللِّحْيَة
فَإِذا بدا بهَا شيب خَفِيف
قيل فِيهِ نبذة يسيرَة من الشيب
فَإِذا تزايد الشيب
قيل قد وخطه الشيب
فَإِن غلب الشيب
قيل كهل
فَإِن زَاد الشيب إِلَى أَن يَسْتَوِي الْبيَاض والسواد
قيل أشمط
فَإِن نقا شعر لحيته بالبياض
قيل شيخ
وَالْأُنْثَى إِذا قاربت الْبلُوغ
قيل معصر
فَإِذا نفر صدرها
قيل كاعب
فَإِذا ظهر ثديها وَهُوَ قَائِم
قيل ناهد
وَقيل بَالغ
فَإِذا ظهر برأسها شيب وَقد بلغت سنّ الكهل
قيل كهلاء
فَإِذا زَاد بهَا الشيب قيل شَمْطَاء
وَقيل عانس
فَإِن نقا شعرهَا
قيل عَجُوز
وللأنثى أَوْصَاف لَا يسْتَغْنى عَن اسْتِعْمَالهَا مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ
وَهِي إِمَّا أَن تكون شَابة بَالغ وَهِي بكر
فَيَقُول الْبكر الْبَالِغ أَو امْرَأَة وسط فِي سنّ الكهولة فَيَقُول الْمَرْأَة الْكَامِل أَو امْرَأَة فِي سنّ العانس أَو مُتَقَدّمَة فِي السن
فَيَقُول الْمَرْأَة الْعَاقِل
الثَّانِي فِي ذكر الألوان إِذا كَانَ الرجل شَدِيد السوَاد
قيل حالك
فَإِن خالط سوَاده حمرَة
قيل دغمان
فَإِن صفا لَونه
قيل أسحم
فَإِن خالط السوَاد صفرَة
قيل أصحم
فَإِن كدر لَونه
قيل أَرْبَد
فَإِن صفا عَن ذَلِك
قيل أَبيض
فَإِن رقت الصُّفْرَة وَمَال إِلَى السوَاد
قيل آدَمِيّ اللَّوْن
فَإِن كَانَ دون الأربد وَفَوق الأدمة
قيل شَدِيد الأدمة فَإِن رق من الأدمة
قيل شَدِيد السمرَة
فَإِن صفا عَن ذَلِك
قيل أسمر اللَّوْن
فَإِن صفا عَن ذَلِك
قيل رَقِيق السمرَة
فَإِن صفا وَمَال إِلَى الْبيَاض والحمرة
قيل صافي السمرَة تعلوه حمرَة
وَيُقَال رَقِيق السمرَة بحمرة
فَإِن صفا لَونه جدا
قيل

(2/459)


صافي السمرَة وَلَا يُقَال أَبيض
لِأَن الْبيَاض هُوَ البرص
فَإِن خلص بياضه
قيل أنصح
وَإِن كَانَ فِي بياضه شقرة
قيل أشقر
فَإِن زَاد على ذَلِك
قيل أشكل
فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك حمرَة زَائِدَة
قيل أشقر
فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك نمش قيل أنمش
فَإِن صفا لَونه وَمَال إِلَى الصُّفْرَة من غير عِلّة
قيل أسحب اللَّوْن
الثَّالِث فِي ذكر القدود إِذا كَانَ الرجل طَويلا إِلَى حد لَا يزِيد عَلَيْهِ طول
قيل عميق الْقَامَة
فَإِن كَانَ دون ذَلِك
قيل عبطيط
فَإِن كَانَ دون ذَلِك يَسِيرا
قيل شاط الْقَامَة
فَإِن نقص عَن ذَلِك يَسِيرا
قيل معتدل الْقَامَة إِلَى التَّمام
فَإِن نقص عَن ذَلِك
قيل معتدل الْقَامَة
فَإِن نقص عَن ذَلِك
قيل دون الِاعْتِدَال
فَإِن نقص عَن ذَلِك
قيل قصير الْقَامَة
فَإِن نقص عَن ذَلِك
قيل ربع الْقَامَة
فَإِن تفاحش قصره
قيل حسر الْقَامَة
فَإِن تزايد قصره إِلَى أَن يكون كقد الصَّبِي قيل دحداح
وَيُقَال فِي الشَّيْخ إِذا انحنى أَسْقُف الْقَامَة
وَمن الحذاق من اعْتبر القدود بِذِرَاع القماش واستأنس بتفصيل الرجل ملبوسه
وَجعل لغاية الطول على الْعرف المألوف فِي زَمَاننَا هَذَا ثَلَاثَة أَذْرع وَنصف
وقسط أَقسَام القدود على هَذَا الذرع
فمهما نقص أنزلهُ على الْمَرَاتِب إِلَى نِهَايَة الْقصر والاعتماد فِي ذرع التَّفْصِيل مَبْنِيّ على سُؤال الرجل
وَرُبمَا عرف ذَلِك من رُؤْيَته تَقْديرا
الرَّابِع فِي ذكر الْجَبْهَة إِذا عرضت الْجَبْهَة وتربعت
قيل رحب الْجَبْهَة
وَإِن اعتدل عظمها واتسع جدا
قيل أغر وَامْرَأَة غراء
فَإِن نتأ عظمها وَظهر
قيل أفرق
فَإِن اسْتَوَى عظمها
وسلمت من الانكماش
قيل وَاضح الْجَبْهَة
فَإِن كَانَ بهَا انكماش
قيل وَبهَا أسارير
فَإِن صغرت الْجَبْهَة وَضَاقَتْ قيل ضيق الْجَبْهَة وَإِن لم يكن لَهَا أسارير
قيل صلب الْجَبْهَة أَو بهَا غُضُون
وَإِن نزل شعر الرَّأْس عَن وسط الْجَبْهَة وخلى من الْجَانِبَيْنِ مِمَّا يَلِي الصدغين
قيل أنزع
فَإِن كَانَ شعرهَا عَلَيْهَا من جَمِيع جانبيها وَضَاقَتْ الْجَبْهَة
قيل أغم الْجَبْهَة
الْخَامِس فِي ذكر الحواجب إِذا اتَّصل مقدم الْحَاجِب بِمقدم الآخر
قيل مقرون الحاجبين
فَإِن اتصلا اتِّصَالًا من غير فصل مخطوط
قيل أَبْلَج
فَإِن طَال شعر الحاجبين ودقا
قيل أَزجّ
وَالْمَرْأَة زجاء
فَإِن زَاد طولهما
قيل مهلل شعر الحاجبين
فَإِن غزر شعرهما
قيل أَوْطَفُ شعر الحاجبين
وَالْمَرْأَة وطفاء
فَإِن خف شعرهما
قيل أمعط وَالْمَرْأَة معطاء
فَإِن سقط شعر الحاجبين
قيل أمرط وَالْمَرْأَة

(2/460)


مرطاء
وَيُقَال أزعر الحاجبين وَالْمَرْأَة زعراء
فَإِن غزر شعر الحاجبين وَطَالَ
قيل أزب الحاجبين
وَالْمَرْأَة زباء
السَّادِس فِي ذكر الْعُيُون إِذا اتسعت الْعين
قيل رجل أعين وَامْرَأَة عيناء
وَإِذا انتفخ جفن الْعين الْأَعْلَى
قيل للرجل ألخص
وَالْمَرْأَة لخصاء
وَإِذا قل لحم الجفون وَغَارَتْ الحدقتان قيل غائر الْعَينَيْنِ
فَإِن غارتا وصغرتا
قيل أخوص
فَإِذا قل لحم الجفون وبرزت الحدقتان
قيل جاحظ الْعَينَيْنِ وَامْرَأَة جاحظة
فَإِن كَانَ فِي الْعَينَيْنِ رُطُوبَة
قيل ضَعِيف النّظر برطوبة
فَإِذا اشْتَدَّ سَواد الْعين
قيل أدعج
وَالْمَرْأَة دعجاء
فَإِذا اسودت أَطْرَاف الجفون
قيل أكحل وَالْمَرْأَة كحلاء
فَإِذا اسْتَوَى السوَاد وَصفا الْبيَاض واتسع مَا بَين الأجفان
قيل أحور وَالْمَرْأَة حوراء
فَإِن خالط السوَاد خضرَة يسيرَة
قيل أشهل وَالْمَرْأَة شهلاء
فَإِن خالط الْبيَاض حمرَة
قيل أَسحر الْعَينَيْنِ وَالْمَرْأَة سحراء
فَإِن خلصت الخضرة إِلَى الزرقة
قيل أَزْرَق الْعَينَيْنِ
فَإِن اشتدت الزرقة
قيل أشقر
فَإِن زَاد حَتَّى يغلب الْبيَاض عَلَيْهَا قيل أفلج
فَإِن كَانَت إِحْدَى الْعَينَيْنِ زرقاء وَالْأُخْرَى سَوْدَاء
قيل أحيف الْعين الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى وَامْرَأَة حيفاء
فَإِذا كَانَ النَّاظر معتدلا إِلَى الْأنف وكل وَاحِدَة من الْعَينَيْنِ تنظر إِلَى الْأُخْرَى فَهُوَ أقبل
وَإِذا ارْتَفع النَّاظر إِلَى أعلا الْعَينَيْنِ وَلَا يُمكنهُ النّظر بهما إِلَى مَا دونه
فَهُوَ أدوش وَالْمَرْأَة دوشاء
فَإِذا مَالَتْ الْعين إِلَى مؤخرها أَو إِلَى مقدمها دون الْأُخْرَى
قيل أَحول الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى
فَإِذا انكمش
قيل أخفش
فَإِذا لم يكن يرى من قرب فَهُوَ أكمس
فَإِن لم يسْتَطع النُّور فَهُوَ أَجْهَر
فَإِذا انْقَلب جفن الْعين فانشق
قيل أشتر
فَإِن طَال شعر الأجفان
قيل أَوْطَفُ
فَإِن تساقط شعر الأجفان
قيل أعمش
فَإِن ذهبت إِحْدَى الْعَينَيْنِ
قيل مُمْتَنع وَقيل أَعور الْعين الْفُلَانِيَّة
فَإِن كَانَت عَيناهُ مفتوحتان وَلَا ينظر بهما شَيْئا
قيل قَائِم الْعَينَيْنِ
السَّابِع فِي ذكر الْأنف إِذا ارْتَفَعت قَصَبَة الْأنف ودقت الأرنبة واحدودب وَسطهَا
قيل أقنى الْأنف
وَإِن كَانَ دون ذَلِك
قيل أدقق الْأنف
وَإِذا ارْتَفَعت الأرنبة ودقت القصبة وتطامنت يَسِيرا
قيل أَشمّ الْأنف وَالْمَرْأَة شماء
وَإِذا قصرت القصبة وصغرت الأرنبة وَارْتَفَعت عَن الشّفة
قيل أخنس وَالْمَرْأَة خنساء فَإِن عرضت الأرنبة واطمأنت القصبة وانكسر المنخران وانفطس رَأس الْأنف
قيل أفطس
فَإِن اطْمَأَن وَسطه وَارْتَفَعت الأرنبة
قيل أفغى الْأنف
فَإِن قصر ارتفاعه وَغلظ
قيل أقشم
فَإِن اعتدلت القصبة
قيل أفغا وَالْمَرْأَة فغواء
فَإِن غلظت الأرنبة
قيل غليظ الأرنبة
وَإِذا

(2/461)


اتَّسع المنخران اتساعا فَاحِشا
قيل وَاسع المنخرين
وَإِن ضاقا
قيل ضيق المنخرين
الثَّامِن فِي ذكر الوجنتين والخدين الخد هُوَ مجْرى الدمع
والوجنة الْعظم الناتىء تَحت الْعَينَيْنِ
وَإِذا ظهر لحم الوجنتين
قيل موجن وَالْمَرْأَة موجنة
وَإِن اسْتَوَى عظم الوجنتين واعتدل لحم الْخَدين
قيل سهل الْخَدين
فَإِن ضَاقَ الْوَجْه وَصغر جدا
قيل ضيق الْوَجْه
فَإِن طَال الْوَجْه
قيل مستطيل الْوَجْه
وَإِن كَانَ فِي الْخَدين غُضُون
قيل وبخديه غُضُون
وَإِذا انْضَمَّ الخدان وانحصرا
قيل مضموم الْخَدين
التَّاسِع فِي ذكر اللحى إِذا دَار شعر اللِّحْيَة
قيل مستدير اللِّحْيَة
فَإِذا طَال مقدمها
قيل طَوِيل الْمُقدم
وَيُقَال مُسبل شعرهَا
فَإِذا غزر شعرهَا
قيل أكث
وَيُقَال كثيف شعر اللِّحْيَة
فَإِن خف شعرهَا
قيل خَفِيف شعرهَا
فَإِن كَانَ بذقنه شعر كثير وبعارضيه شعر يسير
قيل سناط
وَإِن لم يكن فِي عارضيه شَيْء من الشّعْر وَكَانَ بذقنه خَاصَّة
قيل كوسج وَيُقَال كوسا وَإِن كَانَ كَبِير السن وَلم يكن بِوَجْهِهِ شَيْء كالأمرد
قيل أثط بالثاء وأفط بِالْفَاءِ وَإِن لم يكن فِي عنفقته شعر وَهِي النقرة الَّتِي تَحت الشّفة السُّفْلى قيل أكشف العنفقة
فَإِن توفر شعرهَا
قيل وفر العنفقة
وَإِن كَانَت العنفقة وَمَا حولهَا ملأى بالشعر
قيل أَسد العنفقة
وَإِن كَانَ فِي العنفقة شعر وَمَا حولهَا
قيل نفى مَا حول العنفقة
فَإِن كَانَ فِي شعر اللِّحْيَة شقرة ظَاهِرَة
قيل أشقر شعر اللِّحْيَة
فَإِن كَانَت شقرة خَفِيفَة
قيل أصهب شعر اللِّحْيَة وَيُقَال بهَا صهوبة يسيرَة
فَإِن شابت اللِّحْيَة وَهُوَ يخضبها
قيل مَسْتُور شعر اللِّحْيَة بالخضاب
وَإِن كَانَت مستورة بِالْحِنَّاءِ
قيل بِالْحِنَّاءِ
الْعَاشِر فِي ذكر الشفتين إِذا رقتا ودقتا
قيل رَقِيق الشفتين
فَإِن تقلصتا وغلظتا وَلم يسْتَطع طبقهما على أَسْنَانه
قيل أفوه
وَالْمَرْأَة فوهاء
فَإِن غلظت الشفتان يَسِيرا
قيل غليظ الشفتين
فَإِن كَانَ أَكثر من الْيَسِير
قيل أثلم
وَالْمَرْأَة ثلماء
فَإِن انقلبت الشّفة الْعليا وَاسْتَرْخَتْ كشفة الْبَعِير
قيل أهدل وَالْمَرْأَة هدلاء
فَإِن اسود مَا ظهر من لحم الشفتين
قيل ألعس
وَالْمَرْأَة لعساء
فَإِن انشقت الشّفة الْعليا كشفة الْبَعِير
قيل أعلم
وَإِن انشقت السُّفْلى
قيل أَفْلح
فَإِن كَانَتَا مشقوقتين
قيل أشرم
وَالْمَرْأَة شرماء
واللطع بَيَاض فِي بَاطِن شفتي الْأسود
الْحَادِي عشر فِي ذكر الْفَم إِذا كَانَ الْفَم متسعا جدا
قيل أهرت
وَالْمَرْأَة هرتاء
فَإِن كَانَ صَغِيرا
قيل صَغِير الْفَم
فَإِن كَانَ يتَلَفَّظ بِالْفَاءِ
قيل فأفاء
وَالْمَرْأَة

(2/462)


كَذَلِك
وَإِن تردد فِي كَلَامه
قيل تمْتَام
فَإِن غلظ كَلَامه وَثقل لِسَانه
قيل ألغط وَإِن كَانَ يتَرَدَّد فِي الْكَلَام إِلَى حد الخيشوم
قيل أخن
فَإِن أحَال لِسَانه فِي فَمه فِي حَالَة الْكَلَام قيل لجلاج فَإِن كَانَ إِذا تكلم يُبدل الْحُرُوف بغَيْرهَا
قيل أرت
وَيُقَال ألثغ
فَإِن لم يتَكَلَّم
قيل أبكم
وَقيل أخرس وَالْمَرْأَة خرساء
الثَّانِي عشر فِي الْأَسْنَان إِذا اتَّسع مَا بَين الثنايا الْعليا
يُقَال مفلج مَا بَين الثنايا الْعليا أَو السُّفْلى
وَإِن كَانَ فلجا وَاضحا
قيل فلج بَين
أَو يَسِيرا
قيل يسير
وَقيل يجوز أَن يُقَال خفِيا
وَإِن انفرج مَا بَين الْأَسْنَان
قيل أفرج مَا بَين الثنايا الْعليا وَكَذَلِكَ السُّفْلى
وَفِي جَمِيع الْأَسْنَان إِذا كَانَت على هَذَا الحكم
وَإِن التصقت الْأَسْنَان وانتظمت
يُقَال مصمت الْأَسْنَان
فَإِن تفلجت جَمِيع الْأَسْنَان
يُقَال مفلج جَمِيع الْأَسْنَان الْعليا والسفلى
فَإِن كَانَ بَعْضهَا مفلجا أَو مفرجا ذكره
وَإِن كَانَ بالأسنان سَواد أَو صفرَة أَو خضرَة أَو محتوتة أَو بَعْضهَا
ذكر كل ذَلِك بِحَسبِهِ
وَإِن تَغَيَّرت يُقَال متغير لون السن الْفُلَانِيَّة
وَإِن انثلم طرف الْأَسْنَان أَو بَعْضهَا
قيل منثلم طرف السن الْفُلَانِيّ
وَإِن انقصمت من نصفهَا
قيل مقصوم السن الْفُلَانِيّ
وَلَا فرق بَين أَن يكون ذَلِك فِي السُّفْلى أَو الْعليا
وَيُقَال فِي السن الْأَعْلَى أَو السُّفْلى مقلوع السن الْفُلَانِيَّة
وَإِن كَانَت الْأَسْنَان بارزة
قيل بَادِي الْأَسْنَان
فَإِن تراكبت
قيل متراكب الْأَسْنَان
فَإِن زَاد مَا بَين الْأَسْنَان
قيل وَبَين أَسْنَانه سنّ زَائِدَة أَو شاعبة
وَقد تقدم ذكر عدد مَا للْإنْسَان من الْأَسْنَان فِي كتاب الدِّيات
الثَّالِث عشر فِي الْعُنُق السالفان هما مَا بَين مَكَان القرط ونقرة الْقَفَا
والأخدعان هما مَكَان المحجمتين فِي صفحتي الْعُنُق والنغناغ هُوَ مَا تَحت اللحيين
وَإِذا طَال الْعُنُق واعتدل قيل أجيد
وَالْمَرْأَة جيداء
فَإِن طَال فِي رقة قيل أعتق
وَالْمَرْأَة عُتَقَاء
وَإِن مَال الْعُنُق إِلَى نَاحيَة
قيل أميل الْعُنُق إِلَى النَّاحِيَة الْفُلَانِيَّة
وَإِن امتدت الْعُنُق فَأَقْبَلت على مقدمها
قيل أَقُود
فَإِن قصرت حَتَّى تكَاد الرَّأْس تلتصق بِرَأْس الْعُنُق
قيل أوقص وَامْرَأَة وقصاء
فَإِن لانت الْعُنُق واعتدلت
قيل أغيد وَامْرَأَة غيداء
الرَّابِع عشر فِي نَوَادِر الْخلقَة إِذا انحسر الشّعْر من جَانِبي الْجَبْهَة وَزَاد على ذَلِك
فَهُوَ أجلح
فَإِن زَاد على ذَلِك
قيل أجلى
فَإِن زَاد على ذَلِك حَتَّى بلغ الشّعْر اليافوخ فَهُوَ أصلع
فَإِن اجْتمع الشّعْر فِي وسط الرَّأْس وخلا كل من جَانِبي الرَّأْس من

(2/463)


الشّعْر
قيل أَقرع
فَإِن كَانَ الشّعْر مفلفلا
قيل مفلفل الشّعْر
وَإِذا سَالَ على الْقَفَا
قيل أغم الْقَفَا
كَمَا يُقَال أغم الْوَجْه
وَإِذا انْشَقَّ حجاب الْأنف
قيل أخزم
وَإِذا انْقَطع الْأنف
قيل أجدع وَالْمَرْأَة جَدْعَاء
وَإِن كَانَ بِوَجْهِهِ جدرى مندرس أَو ظَاهر
كتب
والكوع فِي طرفِي الزندين مِمَّا يَلِي الْإِبْهَام إِلَى السبابَة
والكرسوع طرف الزند مِمَّا يَلِي الْخِنْصر
وَإِذا كَانَ الرجل مقْعدا يُقَال لَهُ مفلوج الرجلَيْن وَالْمَرْأَة كَذَلِك
والخوص صغر الْعَينَيْنِ وَهُوَ ضيق مؤخرها
والفقم هُوَ أَن تتقدم الثنايا السُّفْلى إِذا ضم الرجل فَاه وَلَا يَقع عَلَيْهَا الثنايا الْعليا والفلج فِي الْيَدَيْنِ هُوَ اعوجاج فيهمَا
والقعس هُوَ دُخُول الظّهْر وَخُرُوج الصَّدْر
والاصطكاك هُوَ أَن تصطك كل ركبة بِالْأُخْرَى
والأكف هُوَ قصر الْأنف وَصغر الأرنبة
وَإِذا كَانَ الرجل مَقْطُوع الْأُذُنَيْنِ
قيل أصلم أَو مَقْطُوع إِحْدَاهمَا
قيل أصلم الْأذن الْفُلَانِيَّة
والصمغ صغر الْأُذُنَيْنِ
وَإِن كَانَ شَيْء من الْأَظْفَار متغير
قيل متغير الْأَظْفَار
وَيُقَال فَاسد الْأَظْفَار أَو فَاسد الظفر الْفُلَانِيّ
وَإِن كَانَ يعْمل بِالْيَدِ الْيُسْرَى كَمَا يعْمل باليمنى وَلَا مزية لإحداهما على الْأُخْرَى
قيل أضبط وَإِن عمل باليسرى دون الْيُمْنَى
قيل أشول

فصل
فِي الشيات والألوان فِي الْحَيَوَان الْأَشْقَر هُوَ ضرب لَونه إِلَى لون الْحِنَّاء والكميت مَعْرفَته وجبينه أسودان
فَإِن غلب إِلَى الصُّفْرَة
يُقَال بصفرة أَو حمرَة والأخضر هُوَ الَّذِي تضرب شقرته إِلَى السوَاد بِأَدْنَى خضرَة والأدهم الحالك فِي السوَاد
وَغير الحالك والصافي أدغم عنبري
والأصهب الناصح الْبيَاض
والزرزوري بياضه وسواده سَواد الأبرش يخالط شيته سَواد وَحُمرَة
والأشقر هُوَ الَّذِي يخالط شقرته شعر أَبيض
والأشهب السمند الْأَصْفَر
وَيُسمى الحبشي وعرفه وذنبه أسودان والصيني أصفر
وذنبه وعرفه أبيضان
والأشكل هُوَ الْكُمَيْت
والأزرق الَّذِي لَونه لون الرماد والأبقع الَّذِي بجسده شَيْء يُخَالف لَونه
والسامري الَّذِي شهبته بسواد يشبه الْأَزْرَق وَيكون فِي سَائِر جسده حَتَّى يصير كالأبلق
وَأما الَّذِي فِي الْوُجُوه إِذا كَانَ بِوَجْه شَعرَات بيض بِقدر الدِّرْهَم
قيل أفرج
فَإِن كَانَ أقل من ذَلِك
قيل شَعرَات والحفى أفرج حفى
فَإِن سَالَتْ وَلم تجَاوز الْعَينَيْنِ
قيل أغر عُصْفُور
فَإِن انتشرت
قيل أغر سادج
وَإِن استطالت ودق طرفها
قيل أغر يعسوب واليعسوب الْغرَّة الَّتِي فِي وَجه الْفرس
تكون مستطيلة
قَالَه ابْن قُتَيْبَة
فَإِن

(2/464)


اتسعت وَلم تبلغ الجحفلة
فَهُوَ أغر شِمْرَاخ وَهُوَ مَا سَالَ على الْأنف
وَإِن سَالَتْ الجحفلة
قيل أغر سَائل الْعين الْفُلَانِيَّة
وَإِن انتشرت على الْعين
قيل أعشى
وَإِذا كَانَت الْعين الْوَاحِدَة زرقاء
قيل أحيف
والحيف الِاخْتِلَاف
وَإِن كَانَت زرقاء
قيل أَزْرَق
وَإِن كَانَ الْبيَاض على خديه
قيل لطيم الْخَدين أَو أَحدهمَا
وَإِن كَانَ فِي الْغرَّة شامات يذكرهَا
وَإِن كَانَ أَعْلَاهَا كالهلال
قيل أغر هِلَال
وَإِن كَانَ فِي الجحفلة بَيَاض
قيل أرتم
وَإِن كَانَ بسواد
قيل بسواد ومشقوق الْأُذُنَيْنِ مفرط
وَالْبَيَاض فِي أَعلَى الرَّأْس أصقع
وَالْبَيَاض فِي الْقَفَا أقيف وشائب الناصية أَسْقُف
ونقاؤها بالبياض أصبغ
وَبَيَاض الرَّأْس والعنق كُله أدرع والحدقتان والأهداب مُعرب
وَأما شيات البغال إِذا كَانَ الْبَغْل أصفر تعلوه غبرة يسيرَة وببدنه خطوط من مَعْرفَته إِلَى أصل ذَنبه
قيل خلنجي
فَإِذا كَانَ فِي جحفلته ومحجر عَيْنَيْهِ بَيَاض يضْرب إِلَى صفرَة
قيل أقمر
وَمن جملَة عُيُوب الدَّوَابّ الانتشار
وانتفاخ العصب والدحس
وَهُوَ ورم فِي حَافره
والسرطان وَهُوَ دَاء فِي الرسغ
والارتهاش
وَهُوَ أَن يصك بِعرْض حَافره عرض يَده الْأُخْرَى وَرُبمَا أدماها
وَيُسمى اصطكاك
والمشش والنمل وَهُوَ سَواد فِي الْحَافِر من ظَاهره
والوفرة دَاء يكون فِي بَاطِن الْحَافِر
والرهصة دَاء يطلع فِي بَاطِن الْحَافِر
وَقد تقدم من ذكر عُيُوب الدَّوَابّ فِي كتاب الْبيُوع مَا فِيهِ كِفَايَة
وَالله أعلم

الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر الكنى اعْلَم أَن أهل الْعلم
أَجمعُوا على جَوَاز التكني بِأَيّ كنية كَانَت سوى التكني بِأبي الْقَاسِم وَسَوَاء تكنى الْإِنْسَان باسم ابْنه أَو ابْنَته أَو لم يكن لَهُ ولد وَكَانَ صَغِيرا
أَو كنى بِغَيْر اسْم وَلَده
وَيجوز أَن تكنى الْمَرْأَة بِأم فلَان وَأم فُلَانَة
وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي جَوَاز التكني بِأبي الْقَاسِم على مَذَاهِب كَثِيرَة
أَحدهَا مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
وَأهل الظَّاهِر أَنه لَا يحل التكني بِأبي الْقَاسِم لأحد أصلا سَوَاء كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو أحمدا لظَاهِر قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي رَوَاهُ مُسلم

(2/465)


الثَّانِي أَن هَذَا النَّهْي مَنْسُوخ
وَأَن هَذَا كَانَ فِي أول الْإِسْلَام
فَيُبَاح التكني الْيَوْم بِأبي الْقَاسِم لكل أحد سَوَاء فِي ذَلِك من اسْمه مُحَمَّد أَو أَحْمد أَو غَيره
وَهَذَا مَذْهَب مَالك
وَبِه قَالَ جُمْهُور السّلف وَالْعُلَمَاء وفقهاء الْأَمْصَار
الثَّالِث مَذْهَب ابْن جرير أَنه لَيْسَ مَنْسُوخا وَإِنَّمَا كَانَ النَّهْي للتنزيه وَالْأَدب لَا للتَّحْرِيم
الرَّابِع أَن النَّهْي عَن التكني بِأبي الْقَاسِم مُخْتَصّ بِمن اسْمه مُحَمَّد أَو أَحْمد وَلَا بَأْس بالكنية وَحدهَا لمن لَا يُسمى بِوَاحِد من الاسمين
وَهَذَا قَول جمَاعَة من السّلف
وَجَاء فِيهِ حَدِيث مَرْفُوع عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ
الْخَامِس أَنه نهى عَن التكني بِأبي الْقَاسِم مُطلقًا
وَنهى عَن التَّسْمِيَة بالقاسم
لِئَلَّا يكنى أَبوهُ بِأبي الْقَاسِم
وَقد غير مَرْوَان بن الحكم اسْم ابْنه عبد الْملك حِين بلغه هَذَا الحَدِيث
وَسَماهُ عبد الْملك
وَكَانَ اسْمه أَولا الْقَاسِم
وَفعله بعض الْأَنْصَار أَيْضا
وَالسَّادِس أَن التَّسْمِيَة بِمُحَمد مَمْنُوعَة مُطلقًا سَوَاء كَانَت لَهُ كنية أم لَا
وَجَاء فِيهِ حَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسموا أَوْلَادكُم مُحَمَّدًا ثمَّ تلعنونهم وَكتب عمر إِلَى الْكُوفَة لَا تسموا أحدا باسم نَبِي وَأمر جمَاعَة بِالْمَدِينَةِ بتغيير أَسمَاء أبنائهم
مِمَّن اسْمه مُحَمَّد حَتَّى ذكر لَهُ جمَاعَة مِنْهُم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن لَهُم فِي ذَلِك
وَسَمَّاهُمْ بِهِ
فتركهم
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض الكنية إِنَّمَا تكون بِسَبَب وصف صَحِيح من المكنى أَو سَبَب اسْم ابْنه
وَقد كره بعض الْعلمَاء التسمي باسم الْمَلَائِكَة
وَكره مَالك التسمي بِجِبْرِيل وبياسين
ذكر ذَلِك كُله النَّوَوِيّ رَحمَه الله فِي كتاب الْأَدَب فِي شرح مُسلم
وَذكر فِي منية الْمُفْتِي فِي مَذْهَب الْحَنَفِيَّة أَنه يجوز التكني بِأبي الْقَاسِم
وَقد تقدم الْخلاف فِيهِ
وَالرَّاجِح عِنْد بَعضهم عدم الْجَوَاز فليجتنب

الْفَصْل الثَّالِث فِي الألقاب الَّتِي اصْطلحَ النَّاس عَلَيْهَا

وأجروها مجْرى الْأَمر اللَّازِم وَمَا يتَّصل بهَا ويضاف إِلَيْهَا من التراجم

(2/466)


اعْلَم أَن الألقاب المقرونة بِالدّينِ لَيست محصورة بِوَضْع تجرى عَلَيْهِ وَلَا حد وَإِنَّمَا اللقب مَطِيَّة مبلغة إِلَى مَقَاصِد النّظر مُمَيزَة بَين مزايا الاصطلاحات
فَمن جَاءَ ركب وَلَا يعْتَرض فِي شَيْء مِنْهَا
وَلَا يُقَال لم كَانَ لقب هَذَا هَكَذَا وَلَيْسَ فِيهِ من معنى مَا لقب بِهِ شَيْء أوجب لَهُ هَذَا اللقب
وَلَا يُقَال أَيْضا لَا يجوز أَن يكون لقب هَذَا إِلَّا كَذَا بل للملقب أَن يلقب من أَرَادَ بِمَا أَرَادَ
غير أَن ثمَّ ألقابا اصْطلحَ عَلَيْهَا النَّاس
وَوضعت على أَسمَاء
فجرت بالتداول مجْرى الْغَالِب حَتَّى صَارَت لتِلْك الْأَسْمَاء كالأعلام وَمَشى النَّاس فِي اسْتِعْمَالهَا على الْعَادة بِحَيْثُ إِنَّهَا إِذا نقلت عَن أسمائها واستعملت لأسماء غَيرهَا استنكرت
وَهَذَا كُله إِنَّمَا هُوَ من طَرِيق الْعَادة لَا من طَرِيق قِيَاس يفْسد الْمَعْنى
فَمن ذَلِك أَنهم وضعُوا لمن اسْمه مُحَمَّد شمس الدّين وَبدر الدّين وجمال الدّين وَكَمَال الدّين وَشرف الدّين وَأمين الدّين وناصر الدّين وقطب الدّين وعماد الدّين وَعز الدّين وَأسد الدّين
وكل ذَلِك إِذا كَانَ من المتعممين سَوَاء كَانَ فَقِيها أَو تَاجِرًا
مَا خلا نَاصِر الدّين فَإِنَّهَا تسْتَعْمل للجند
هَذَا هُوَ الْمُتَعَارف
وَقد يَقع فِي الْجند من يلقب بشرف الدّين وشمس الدّين
وَمَا ذَكرْنَاهُ هُوَ الْأَغْلَب
وَأَبُو بكر تَقِيّ الدّين وَشرف الدّين وزين الدّين وزكي الدّين
إِذا كَانَ من المتعممين
وَكَذَلِكَ رَضِي الدّين
وَإِن كَانَ من الْجند فسيف الدّين
وَعمر سراج الدّين وزكي الدّين وزين الدّين وشجاع الدّين وناصر الدّين وضياء الدّين وَعز الدّين
وَهُوَ أحسن مَا يلقب بِهِ من اسْمه عمر للْحَدِيث الْمُصَرّح فِيهِ بإعزاز الدّين بِأحد العمرين وَفتح الدّين وَنجم الدّين
وَيسْتَعْمل للجند مِنْهَا شُجَاع الدّين وناصر الدّين
وَعُثْمَان فَخر الدّين وَنور الدّين وَهُوَ أحسن مَا يلقب بِهِ من اسْمه عُثْمَان لِأَنَّهُ ذُو النورين
وَيخْتَص الْجند مِنْهَا بفخر الدّين
وَعلي من المتعممين نور الدّين وَمن الْجند عَلَاء الدّين وَسيف الدّين
وَهُوَ أحسن مَا لقب بِهِ من اسْمه عَليّ لِأَن عليا كَانَ سيف الله فِي أرضه
وَأحمد من المتعممين شهَاب الدّين ومحيي الدّين
وَمن الْجند شهَاب الدّين وصفي الدّين ومحب الدّين
وَعبد الله شمس الدّين
وجمال الدّين وعفيف الدّين
وَإِبْرَاهِيم برهَان الدّين وصارم الدّين وَرَضي الدّين وَسعد الدّين
وَدَاوُد علم الدّين
وموفق الدّين

(2/467)


وَسليمَان علم الدّين
ويوسف جمال الدّين وَأمين الدّين وَصَلَاح الدّين
وَأحسن مَا يكنى بِهِ أَبُو المحاسن
ومُوسَى وَعِيسَى شرف الدّين
وَحسن بدر الدّين وحسام الدّين
وحسين كَذَلِك
وجعفر كريم الدّين
وَشرف الدّين
وَأحسن مَا يكنى بِهِ أَبُو الصدْق
وَكَذَلِكَ أَبُو بكر
وَسعد سعد الدّين
وَكَذَلِكَ سعيد
ومسعود الرّبيع زكي الدّين
وَأنس روح الدّين
وَإِسْمَاعِيل عماد الدّين
وخليل غرس الدّين
وَحَمْزَة عز الدّين ونصير الدّين
وزَكَرِيا بنية الدّين
وَيحيى محيي الدّين ومخلص الدّين
وقاسم شرف الدّين وزين الدّين
وَإِسْحَاق مجد الدّين
وَيَعْقُوب تَاج الدّين
ومحمود نور الدّين
وَهَارُون حَافظ الدّين
وحاتم كريم الدّين
وَلَيْسَ باللازم اسْتِيعَاب جَمِيع الْأَسْمَاء وتنزيل الألقاب عَلَيْهَا إِذْ ذَلِك يطول
والألقاب لَيْسَ لَهَا قَاعِدَة تضبطها
بل هِيَ على اخْتِيَار الملقب كَمَا أَن الْأَسْمَاء على اخْتِيَار الْمُسَمّى
وَأما ألقاب الخدام فَالَّذِي جرت عَلَيْهِ الْعَادة أَن يلقب ياقوت افتخار الدّين
جَوْهَر صفي الدّين
رشيد شهَاب الدّين
عنبر شُجَاع الدّين
مِفْتَاح فتح الدّين
خَالص مخلص الدّين
كافور شبْل الدولة ومجير الدّين
نجيب موفق الدّين
سرُور ومسرور سري الدّين
وشمس الْخَواص
تَمِيم مرتضى الدّين
فايز مصطفى الدّين
مُخْتَار ظهير الدّين
ريحَان روح الدّين وعزيز الدولة
نصر نصير الدّين
فاخر فَخر الدّين
وصيف نَاصح الدّين
بِلَال بهاء الدّين
محسن اخْتِيَار الدّين
عفيف جمال الدّين
صَوَاب شمس الدّين
صندل زكي الدّين
منصف محيي الدّين
فاتن وَصِيّ الدّين
رضوَان رَضِي الدّين
لُؤْلُؤ نظام الدّين
وَمَا كَانَ من أَسمَاء الخدام مُوَافقا لأسماء التّرْك أجْرى عَلَيْهَا ألقابها
وَيُؤْخَذ من ذَلِك مَا أمكن وَيجْعَل مِثَالا لما يذكر
فالأشياء تحمل على نظائرها
وَالْفُرُوع تحمل على الْأُصُول
وَلَو تركنَا ذكر مَا قدمنَا من ذَلِك لَكَانَ يُمكن أَن يعرف من الِاسْتِعْمَال الْجَارِي بَين النَّاس
وَلَكِن جَعَلْنَاهُ كالحاشية ينفع مَعَ وجودهَا وَلَا يضر عدمهَا

(2/468)


وَأما التراجم فَمِنْهَا مَا هُوَ فِي الدرجَة الْعليا وَمَا هُوَ فِي الدرجَة الْوُسْطَى ووضعها يرجع إِلَى الْكَاتِب فِيهِ
ويعتمد فِيهِ على حذقه وإدراكه لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الطَّبِيب الحاذق الَّذِي يُعْطي كل إِنْسَان من الدَّوَاء مَا يحْتَملهُ مزاجه وسنه
وَمَا يُوَافق طبع بَلَده
والفصل الَّذِي هُوَ فِيهِ
وَاعْلَم أَن الْأَلْفَاظ قوالب الْمعَانِي
والأقوال رُبمَا أطلقت
وَهِي مُقَيّدَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَهم والإدراك إِذْ لَا يعرف الشَّيْء إِلَّا بِمَعْرِِفَة مَعْنَاهُ
وَلَا يفهم إِلَّا بإيضاح فحواه
وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على تَرْجِيح أَرْبَاب الْخطاب على بَعضهم بَعْضًا
وَأَن الْخلَافَة هِيَ أعلا الْمَرَاتِب فِي الدُّنْيَا بعد النُّبُوَّة
وَلِهَذَا السَّبَب وَجب تَقْدِيم أَرْبَابهَا على من سواهُم وتخصيصهم بمزية الْفضل حكما ورسما
وهم أَحَق بذلك وأجدر لكَوْنهم أَعلَى الْبَريَّة قدرا وأكبر
وَمَا يكْتب لَهُم على ضَرْبَيْنِ
الأول المواقف الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة الإمامية العباسية الأعظمية المولوية السيدية السندية الملاذية الملجئية الظَّاهِرِيَّة الرؤوفية الرحيمية المؤيدية المنصورية المقتدرية المستعصمية الرشيدية المكينية الغياثية الآمرية الخليفية الْفُلَانِيَّة
خَليفَة الزَّمَان وَإِمَام أهل الْإِيمَان مولى النعم وَمولى الْأُمَم وَرَافِع نور الْهدى على علم
غياث الْأَنَام عصمَة الْأَيَّام رَحْمَة الْعَالم نعْمَة الله على بني آدم إِمَام الْمُسلمين وَابْن عَم سيد الْمُرْسلين
الْقَائِم بِأَمْر الله أَو المكتفي بِاللَّه أَبُو فلَان أَمِير الْمُؤمنِينَ
ضاعف الله أنواره وَرفع فِي أعلا دَرَجَات الْإِمَامَة مناره وَأظْهر على الدّين وَالدُّنْيَا شعار هَدْيه ودثاره
الثَّانِي الدِّيوَان الْعَزِيز النَّبَوِيّ الإمامي الأعظمي ويسوق الْأَلْفَاظ الْمُتَقَدّمَة تاليا لَهَا على نَحْوهَا الْمَوْضُوع لَهَا
وَقد قيل إِن الْأَلْفَاظ المستعملة فِي نعت الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وترجمته بهَا إِنَّمَا يُرَاد بهَا تَعْرِيف ذَلِك الْمُسَمّى والتنويه باسمه
وَقَالُوا إِن كثرتها فِي حق ذَوي الْمَرَاتِب الْعلية نقص وعيب
وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الْغَرَض بهَا التَّعْرِيف
فَلَيْسَ مثل الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ مُحْتَاج إِلَى تَعْرِيف وَلَا شهرة
لِأَن الْخُلَفَاء يعْرفُونَ بالسيادة والشرف الباذخ الْمَوْرُوث عَن النُّبُوَّة وهم موصوفون بأشهر مِمَّا بِهِ يوصفون
وَذَلِكَ أَن الْقَائِل إِذا قَالَ الدِّيوَان الْعَزِيز النَّبَوِيّ الإمامي الْفُلَانِيّ أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْتغنى بذلك عَن إِيرَاد جملَة من الصِّفَات
وَلِهَذَا قَالَ المعري فِي مرثيته للشريف الرضي

(2/469)


أَنْتُم ذَوُو النّسَب الْقصير مُرَاده
إِن الْإِنْسَان إِذا قَالَ فلَان ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أغناه ذَلِك عَن كَثْرَة الصِّفَات
ويليهم الْمُلُوك والسلاطين وأولياء خدمهم من أَرْبَاب السيوف والأقلام على اخْتِلَاف مَرَاتِبهمْ
فَيكْتب للسُّلْطَان إِن كَانَ حَيا الْمقَام الشريف الإِمَام الْأَعْظَم وَالْملك الْمُعظم سيد مُلُوك الْعَرَب والعجم جَامع منقبتي السَّيْف والقلم فاتح القلاع والحصون الْمظهر بجهاده فِي أَعدَاء الله وَرَسُوله سره المصون ملك البرين والبحرين صَاحب الْقبْلَتَيْنِ خَادِم الْحَرَمَيْنِ الشريفين سُلْطَان الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين ظلّ الله فِي الْأَرْضين مرغم أنوف الْمُلْحِدِينَ مبيد الطغاة والمتمردين قاصم الْكَفَرَة وَالْمُشْرِكين نَاصِر المظلومين على الظَّالِمين حامي حوزة الدّين
مَوْلَانَا السُّلْطَان الْمَالِك الْملك الْفُلَانِيّ قسيم أَمِير الْمُؤمنِينَ
خلد الله ملكه وَجعل الأَرْض بأسرها ملكه أَو جدد الله لَهُ فِي كل يَوْم نصرا وَملكه بِسَاط البسيطة برا وبحرا
وَإِن كَانَ مَيتا فَيكْتب لَهُ الْمقَام الشريف
السَّيِّد الشَّهِيد الْملك الْفُلَانِيّ سقى الله عَهده وتعاهد بعهاد الرَّحْمَة والرضوان لحده
وَيكْتب لأتابك العساكر المنصورة الْمقر الْأَشْرَف العالي العالمي العادلي المؤيدي الغوثي الغياثي الزعيمي المتاغري الظهيري المرابطي الممهدي المشيدي الخاشعي الناسكي العابدي الأتابكي السيفي معز الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين سيد أُمَرَاء الْعَالمين نَاصِر الْغُزَاة والمجاهدين ملْجأ الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين زعيم جيوش الْمُوَحِّدين أتابك العساكر المنصورة
ممهد الدول مشيد الممالك عون الْأمة غياث الْملَّة
ظهير الْمُلُوك والسلاطين عضد أَمِير الْمُؤمنِينَ
أعز الله نَصره
وَرفع فِي الدَّاريْنِ قدره
وَكَذَلِكَ يكْتب لنائب الشَّام
وَلَكِن يزِيد فِيهَا بعد الأتابكي الكفيلي
وتعريف الأول أتابكي العساكر المنصورة بالممالك الإسلامية
وتعريف نَائِب الشَّام كافل المملكة الشَّرِيفَة الشامية المحروسة وَالدُّعَاء بعد التَّعْرِيف
وَيكْتب لكل من الْأُمَرَاء مقدمي الْأُمَرَاء بالديار المصرية سَوَاء كَانَ صَاحب وَظِيفَة أَو بِيَدِهِ تقدمة خَاصَّة الْمقر الْأَشْرَف العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي الغوثي الغياثي الممهدي المشيدي المتاغري المرابطي الزعيمي الظهيري الْمقدمِي السيفي الْفُلَانِيّ عز الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين سيد الْأُمَرَاء فِي الْعَالمين نصْرَة الْغُزَاة والمجاهدين زعيم جيوش الْمُوَحِّدين عون الْأمة عماد الْملَّة ظهير الْمُلُوك

(2/470)


والسلاطين سيف أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان الْفُلَانِيّ
وَيعرف كلا مِنْهُم بوظيفته إِن كَانَت لَهُ وَظِيفَة
وَإِلَّا فَيَقُول أحد مقدمي الألوف بالأبواب الشَّرِيفَة
وَيَدْعُو لَهُ
وَكَذَلِكَ يكْتب إِلَى نَائِب حلب
لكنه يزِيد فِيهِ بعد الْمقدمِي الكافلي
ويعد زعيم جيوش الْمُوَحِّدين مقدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمقر العالي الأميري الكبيري إِلَى آخِره
وَهِي تكْتب إِلَى أُمَرَاء الطبلخانات بالديار المصرية ونائب طرابلس
وَهُوَ أَيْضا يكْتب لَهُ الْمقدمِي الكافلي
وَيكْتب للدوادار الثَّانِي ولرأس نوبَة ثَانِي وحاجب ثَانِي وأميراخور ثَانِي ولنائب حماة ونائب صفد ونائب إسكندرية
لَكِن هَؤُلَاءِ لَا يكْتب لَهُم الكافلي ويفتقر فِيهَا لنائب حماة خَاصَّة
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر الألقاب وَهِي تكْتب لِلْأُمَرَاءِ العشراوات بالديار المصرية وأكابر الخاصكية والحجاب الصغار وَمن هُوَ فِي درجتهم من رُؤُوس النوب ونقيب الْجَيْش ومتولى مجْلِس الْحَرْب السعيد ونائب غَزَّة
ونائب الكرك
وَأما أَمِير كَبِير بِالشَّام وحاجب الْحجاب بهَا والمقدمين
فيتصدر نعتهم بالمقر العالي إِذا كتب للنائب الْمقر الْأَشْرَف العالي
وَمِمَّنْ يكْتب لَهُم أَيْضا الجناب الْكَرِيم العالي مَعَ اخْتِصَار الألقاب الْمُتَقَدّمَة دوادار السُّلْطَان بِالشَّام إِذا كَانَ غير مقدم
وأستادار السُّلْطَان بهَا وحاجب ثَانِي وَمن فِي درجتهم
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الجناب العالي الأميري الكبيري العضدي الذخري النصيري الْفُلَانِيّ مجد الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين
شرف الْأُمَرَاء فِي الْعَالمين عضد الْمُلُوك والسلاطين فلَان
وَهَذِه تكْتب لأعيان المستخبرين من رجال الْحلقَة المنصورة بالديار المصرية والمملكة الشامية والحلبية ودوادارية الْأُمَرَاء المقدمين والكفال واستداريتهم ورؤوس النواب الْكِبَار بخدمتهم
وأمير آخوريتهم الْكِبَار
والخازندارية الْكِبَار وأعيان الْجند وَغَيرهم مِمَّن لَهُ وجاهة
وَهَذِه الرُّتْبَة أَكثر اسْتِعْمَالا الْآن وَالَّتِي قبلهَا
والمرجع فِي ذَلِك كُله إِلَى الْكَاتِب وَإِلَى حذقه ومعرفته بالمكتوب لَهُ وبمقامه من الدولة ووظيفته

(2/471)


وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس العالي الأميري الْأَجَل الكبيري إِلَى آخر مَا تقدم
وَهَذِه تكْتب لعامة أجناد الْحلقَة المنصورة وَبَقِيَّة أَرْبَاب وظائف الْأُمَرَاء والكفال التالين لمن تقدم ذكرهم
ولعامة جند الْخدمَة
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس السَّامِي وَهَذِه تكْتب لمساتير النَّاس ولأرباب الخدم عِنْد الأتراك وللمشدين ورؤوس نوب النُّقَبَاء ومقدمي الْبِلَاد والبرددارية عِنْد الْأُمَرَاء وأكابر أتباعهم
وَدون هَذِه الرُّتْبَة مجْلِس الْأَمِير الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَعَز الْأَخَص الْمُجْتَبى الْمُخْتَار فلَان وَهِي تكْتب لمن تخلق بأخلاق أَتبَاع التّرْك وَشد وَسطه
وعوج عمَامَته
ووقف فِي خدمَة أَرْبَاب الْوَظَائِف من التّرْك كالنقباء والأوجاقية وَالْعرب والكنانية وَمن فِي معناهم
وَهَذِه الرُّتْبَة واللاتي قبلهَا تتَعَلَّق بأرباب السيوف
وَأما أَرْبَاب الأقلام فعلى ضَرْبَيْنِ الضَّرْب الأول يتَعَلَّق بِخِدْمَة الدولة
وَعَمله مُسْتَفَاد من أوَامِر السلطنة الشَّرِيفَة ونواهيها
وَهَؤُلَاء يُطلق عَلَيْهِم المتعممين وأشرف هَؤُلَاءِ وأرفعهم قدرا كتاب السِّرّ الشريف فَإِن وظيفتهم شريفة ورتبتهم منيفة لَا يرتقي إِلَيْهَا إِلَّا الأماثل الأفاضل الْعلمَاء الْعُقَلَاء المقرونون بِالْعقلِ الوافر الَّذِي يَنْبَنِي على وفوره مصَالح الممالك كلهَا شرقا وغربا لكَون أَن صَاحب هَذِه الْوَظِيفَة لِسَان المملكة وسفير الدولة
ثمَّ الوزراء ونظار الْجَيْش
ونظار الْخَاص ونظار الخزانة الشَّرِيفَة ونظار الإصطبلات الشَّرِيفَة ونظار الدولة ونظار ديوَان الْمُفْرد ومستوفيين الْخَاص ونظار الْكسْوَة ونظار البيوتات ونظار الْأَسْوَاق
ونظائرهم من مباشري دواوين الْأُمَرَاء على اخْتِلَاف طبقاتهم
ويلتحق بهؤلاء رُؤَسَاء الْأَطِبَّاء بالطباق الشَّرِيفَة ورؤساء الجرائحية
وَمن فِي معناهم
فَالَّذِي يكْتب لكاتب السِّرّ الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة الْمقر الْأَشْرَف العالي المولوي القاضوي العالمي البليغي اليميني السفيري المشيري السيدي المخدومي الْفُلَانِيّ صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة وَسَائِر الممالك الإسلامية عظم الله شَأْنه
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمقر الشريف العالي إِلَى آخر الألقاب
وَيكْتب لكاتب سر الشَّام
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمقر العالي إِلَى آخِره
وَيكْتب لكاتب سر حلب
وَدون هَذِه

(2/472)


الرُّتْبَة الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر
وَيكْتب لكاتب سر طرابلس وحماة النَّائِب كَاتب السِّرّ بالأبواب الشَّرِيفَة وَلَا يكْتب لَهُ اليميني وَلَا السفيري وَلَا المشيري
وَيكْتب أَيْضا لأعيان موقعي الدست الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة وَالشَّام
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الجناب العالي القضائي الأوحدي الأفضلي الأمجدي الأكملي الْفُلَانِيّ
وَيكْتب لبَقيَّة موقعي الدست الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة ولكاتب سر غَزَّة وَكَاتب سر صفد وموقعي الدست الشريف بحلب المحروسة
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس العالي وَيكْتب لِذَوي الهيئات من المتعممين ويضاف إِلَيْهَا من الألقاب مَا يَلِيق بالمكتوب لَهُ
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس السَّامِي وَيكْتب لأصاغر مباشري دواوين الْأُمَرَاء
وَدون هَذِه الرُّتْبَة مجْلِس القَاضِي الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَفْضَل الْأَكْمَل الْمُعْتَبر فلَان فَهَذِهِ ثَمَانِيَة مَرَاتِب
الأولى وَهِي الْمقر الْأَشْرَف العالي يُشَارك كَاتب السِّرّ فِيهَا الْآن الْوَزير وَلَكِن يكْتب لَهُ عوض اليميني السفيري المدبري لصاحبي الوزيري المشيري وَكَذَلِكَ نَاظر الْخَاص وَكَذَلِكَ نَاظر الْجَيْش وَكَذَلِكَ استادار الْعَالِيَة إِذا كَانَ متعمما
وَالثَّانيَِة وَهِي الْمقر الشريف تكْتب لناظر الخزانة الشَّرِيفَة وناظر الإصطبل وَمن فِي مَعْنَاهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى قربه من الْملك
وَالثَّالِثَة وَهِي الْمقر العالي تكْتب لناظر الدولة وناظر ديوَان الْمُفْرد
وَالرَّابِعَة تكْتب لناظر الْكسْوَة ووكيل السُّلْطَان
وَالْخَامِسَة تكْتب لناظر البيوتات والأسواق ونظائره من أكَابِر مباشري دواوين الْأُمَرَاء كناظر الدِّيوَان
وَالسَّادِسَة تكْتب لعامة المباشرين بدواوين الْأُمَرَاء
كالعامل والمستوفى ونائب النَّاظر ورؤساء الْأَطِبَّاء والجرائحية ومهاترة البيوتات
وَالسَّابِعَة تكْتب الْمَعْنى لمباشرين
ونواب المستوفيين والعمال والرختوانية ورؤوس نوب الفرشخانات وفراشين الزردخانات وأكابر الصيارف
وَالثَّامِنَة لمساتير النَّاس من كل طَائِفَة
هَذَا وَإِذا أردْت تَعْظِيمه
قلت مجْلِس فلَان وَإِن أردْت أَن يكون على حد سَوَاء
كتبت الصَّدْر الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم أَو الْحَاج الْجَلِيل الْمُحْتَرَم فلَان

(2/473)


الضَّرْب الثَّانِي حكام الشَّرِيفَة المطهرة قُضَاة الْقُضَاة ذَوُو الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَمن فِي درجتهم من الْعلمَاء المفتيين والمدرسين ونقيب الْأَشْرَاف وَشَيخ الشُّيُوخ بالخوانق وناظر الْحِسْبَة الشَّرِيفَة وناظر الْأَوْقَاف وناظر الْأَيْتَام
ووكيل بَيت المَال وناظر حرم مَكَّة المشرفة وناظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين الْقُدس والخليل عَلَيْهِ وناظر الجوالي ومشايخ الطَّرِيقَة
ويلتحق بهؤلاء أَعْيَان الخواجكية
والتجار السَّلَام ومشايخ الْأَسْوَاق والعرفاء والسماسرة
وَمن فِي معناهم
فَالَّذِي يكْتب لقَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي بالديار المصرية ورفقته الثَّلَاثَة سيدنَا ومولانا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْحجَّة الرحلة الحبر الْبَحْر الفهامة
قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين شيخ الْإِسْلَام ملك الْعلمَاء الْأَعْلَام وَذخر الْأَنَام حَسَنَة اللَّيَالِي وَالْأَيَّام حَاكم الْحُكَّام عُمْدَة الْأَحْكَام نَاصِر الْحق مؤيد الشَّرِيعَة أَو نَاصِر السّنة رحْلَة الْمُحدثين بَقِيَّة الْمُجْتَهدين لِسَان الْمُتَكَلِّمين حجَّة المناظرين قامع المبتدعين خَالِصَة أَمِير الْمُؤمنِينَ
أَبُو فلَان فلَان النَّاظر فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بالديار المصرية والممالك الشَّرِيفَة الإسلامية
أدام الله تَعَالَى أَيَّامه الزاهرة وأسبغ عَلَيْهِ نعمه باطنة وظاهرة وَجمع لَهُ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَيكْتب لنوابهم فِي الحكم وَالْقَضَاء سيدنَا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة أقضى الْقُضَاة فلَان الدّين شرف الْعلمَاء أوحد الْفُضَلَاء
مفتي الْمُسلمين صدر المدرسين مُفِيد الطالبين ولي أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان
أعز الله أَحْكَامه وأفاض عَلَيْهِ إنعامه أَو أيده الله تَعَالَى
وَيكْتب لقضاة الْقُضَاة الْأَرْبَع بِالشَّام مَا يكْتب للأربعة بِمصْر غير أَنه لَا يكْتب شيخ الْإِسْلَام بِالشَّام إِلَّا للشَّافِعِيّ دون رفقته أَو لمن هُوَ من الْعلمَاء الأجلاء الراسخين فِي الْعلم حنفيا كَانَ أَو غير حَنَفِيّ
وَيكْتب لنوابهم مَا يكْتب لنواب المصريين غير أَنه لَا يُقَال فِي ألقاب النَّائِب الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة اللَّهُمَّ إِلَّا إِن كَانَ النَّائِب فِيهِ مزية الْعلم
فينزله الْكَاتِب مَنْزِلَته الَّتِي هُوَ مَوْصُوف بهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى علمه وَعَمله
وَيكْتب لمشايخ الْعلم وَالْفَتْوَى والتدريس المعروفين فِي ذَلِك بقدم الْهِجْرَة ورسوخ الْقدَم سيدنَا ومولانا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَامِل الْعَلامَة

(2/474)


الْحجَّة الرحلة الفهامة الْمُحَقق المدقق الْمُجْتَهد الْحَافِظ فلَان الدّين شيخ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين
أَو حجَّة الْإِسْلَام فِي الْعَالمين لِسَان الْمُتَكَلِّمين حجَّة المناظرين أَو سيف النّظر والتمكين خُلَاصَة الْعلمَاء العاملين صفوة الْمُلُوك والسلاطين فلَان
وَإِن كَانَ فريد عصره زيد فِي ألقابه بعد الفهامة الوحيد الفريد الْمُفِيد الْمُحَقق المدقق عَالم الْمُسلمين هَذَا إِذا كَانَ مَا تولى الْقَضَاء
وَإِن كَانَ شيخ خانقاه صوفية زيد فِي ألقابه شيخ شُيُوخ العارفين
وَيكْتب لنقيب الْأَشْرَاف سيدنَا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل البارع السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الْأَصِيل العريق التقي النقي الذكي فلَان الدّين جمال العترة الطاهرة كَوْكَب الأسرة الزاهرة فرع الشَّجَرَة الزكية زين الذُّرِّيَّة العلوية طراز الْعِصَابَة الهاشمية خُلَاصَة الْأَنْسَاب النَّبَوِيَّة فَخر السَّادة الْأَشْرَاف فِي الْعَالمين نسيب أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان نقيب السَّادة الْأَشْرَاف بالمملكة الْفُلَانِيَّة
أدام الله شرفه ورحم سلفه وَأبقى خلقه
وَإِن أردْت الزِّيَادَة فِي تَعْظِيمه ألحقت فِي الألقاب الْمُتَقَدّمَة من بعد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى فَتَقول الشيخي الإمامي إِلَى عِنْد الزكوي وتلخص من هَذِه الألقاب لكل عين من أَعْيَان السَّادة الْأَشْرَاف ومشايخهم مَا يَلِيق بِهِ
وَيكْتب للخطباء بعد العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشيخي الإمامي العالمي العاملي الخطيبي البليغي الأثيلي الأثيري المبصري المنبهي المذكري الأوحدي المرشدي الفصيحي البارعي الْفُلَانِيّ فلَان الدّين خطيب الْمُسلمين فلَان
وَإِن كَانَ إِمَامًا كتب لَهُ العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الْفَقِيه الْفَاضِل الْكَامِل المتقن الْمجِيد الْمُوفق السديد الإِمَام فلَان

(2/475)


وَيكْتب لناظر الْحِسْبَة الشَّرِيفَة إِن كَانَ تركيا الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي الفاضلي الكاملي الأوحدي الْفُلَانِيّ
وَإِن كَانَ فَقِيها كتب إِلَيْهِ العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل الأوحد الرئيس الْأمين المكين فلَان الدّين
فَإِن كَانَ عَالما زيد فِي ألقابه شرف الْعلمَاء زين الْفُضَلَاء عُمْدَة الْحُكَّام المعتبرين بركَة الْمُسلمين فلَان
وَيكْتب لناظر الْأَوْقَاف إِن كَانَ تركيا الجناب العالي كَمَا تقدم فِي الْمُحْتَسب التركي
وَإِن كَانَ فَقِيها فَكَذَلِك
وَيكْتب لناظر الْأَيْتَام ووكيل بَيت المَال مَا يكْتب لنواب الْقُضَاة
فَإِن نَاظر الْأَيْتَام نَائِب القَاضِي
ووكيل بَيت المَال نَائِب السُّلْطَان
وَيكْتب لناظر حرم مَكَّة المشرفة إِن كَانَ تركيا الجناب العالي ويخاطب بألقاب التّرْك غير أَنه يُزَاد فِيهِ العالمي العادلي المجتبوي المختاري الْفُلَانِيّ
وَيكْتب لناظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين إِن كَانَ تركيا الجناب العالي بِالْأَلْقَابِ الْمُتَقَدّمَة فِي الجناب
وَإِن كَانَ فَقِيها ميزه بأوصافه اللائقة بِهِ
بِحَسب مَنْزِلَته من الْعلم
وَيكْتب لناظر الجوالي إِن كَانَ فَقِيها ألقاب الْفُقَهَاء المتصدرين
كالعالمي الفاضلي الكاملي الْأصيلِيّ العريقي الأوحدي الأمجدي الرئيسي النفيسي وَمَا أشبه ذَلِك على مَا تَقْتَضِيه مَنْزِلَته
وَيكْتب لمشايخ الطَّرِيقَة المعتقدين فِي النَّاس إِذا كَانُوا عُلَمَاء الشَّيْخ الصَّالح الْعَالم الْعَامِل الْوَرع الزَّاهِد الخاشع العابد الناسك المسلك الْقدْوَة الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى فلَان الدّين مربي المريدين
مرشد السالكين علم الْعباد
قطب الزهاد
شيخ الطَّرِيقَة
ومعدن الْحَقِيقَة
حجَّة الله على الْعباد
نُكْتَة الْوُجُود
نقطة دَائِرَة الْفَيْض الرباني والجود
وقدوة الْمُسلمين
ملاذ العابدين
شمس الشَّرِيعَة وَالدّين فلَان
وَإِن كَانَ شيخ طَريقَة غير مَنْسُوب إِلَى علم
فَيكْتب لَهُ الشَّيْخ الْوَرع الزَّاهِد الْقدْوَة فلَان
أعَاد الله من بركاته ونفع بِصَالح دعواته
وَأما التُّجَّار فعلى ثَلَاثَة أَقسَام مِنْهُم المختلفون إِلَى الديار المصرية والممالك الشامية بالجواهر الفاخرة والقماش النفيس وأنواع المكارم
فَهَؤُلَاءِ يكْتب لَهُم الجناب الْكَرِيم العالي الكبيري الرئيسي الأوحدي الأمجدي الثقتي الأميني المكيني المعتمدي الخواجكي الْفُلَانِيّ عين الخواجكية بالمملكة الْفُلَانِيَّة
آتَاهُ الله فِي متاجره أعظم فَوَائده وأجراه من إدارك أمله على أجمل عوائده
وَإِن كَانَ مِمَّن انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة الخواجكية
ونال من الْمُلُوك والسلاطين أعظم

(2/476)


المزية
كَابْن المزلق وَغَيره
فيصدر نَعته ب الْمقر العالي وَيجْرِي الألقاب إِلَى الخواجكي الْفُلَانِيّ فلَان الدّين مجد الْإِسْلَام بهاء الْأَنَام
فَخر الخواجكية شاه بنادر الممالك الإسلامية ملك التُّجَّار
مَعْدن الصَّدَقَة والإيثار
كنز الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين
اخْتِيَار الْمُلُوك والسلاطين فلَان
أدام الله رفعته
وَأَعْلَى دَرَجَته
وَقسم يعانون الْأَسْفَار بأنواع البضائع وأصناف المتاجر
وأنواع القماش البعلبكي
وَالصُّوف والشاش والسكندري الْمصْرِيّ
وَغير ذَلِك مَا عدا المكارم
فَهَؤُلَاءِ يكْتب لَهُم الجناب العالي الأوحدي الأكملي الأخصي المعتبري الأجلي المحترمي
الْفُلَانِيّ التَّاجِر السفار
وَيكْتب لمن دونه الخواجا الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَعَز الْأَخَص الأكرم
فلَان بِغَيْر يَاء إِضَافَة
فَإِن كَانَ من تجار الشرق كالعجم وَالروم فيزيد فِي ألقابه المفخم الْمُعظم المكرم
فَإِن كَانَ هنديا زيد فِي ألقابه الناخدي أَو الناخودا
فَإِن كَانَ أعجميا وَعِنْده طلب علم يكْتب فِي ألقابه زِيَادَة على مَا ذكر الْعَالم الْفَاضِل ملا فلَان
وَقسم يعانون الْجُلُوس فِي الْأَسْوَاق فِي الحوانيت للْبيع وَالشِّرَاء فِي القماش الْبَز وَغَيره
فَهَؤُلَاءِ يكْتب لَهُم الْمجْلس السَّامِي الْكَبِير الْجَلِيل الصَّدْر الرئيس فلَان
وَيكْتب لمن دون هَؤُلَاءِ من مَشَايِخ الْأَسْوَاق وأكابر السماسرة والعرفاء
الصَّدْر الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَعَز الْأَخَص فلَان
وَيكْتب لمن دون هَؤُلَاءِ الْحَاج الْجَلِيل فلَان
وَيكْتب لمن دون هَؤُلَاءِ الْمعلم الْأَجَل الْمُحْتَرَم فلَان
ضَابِط اعْلَم أَن مَرَاتِب ألقاب ذَوي الرتب الْعلية
فَمن دونهم لَا تَنْحَصِر والمدار فِيهَا على حذق الْكَاتِب كَمَا تقدم
وَهُوَ مَأْمُور بتنزيل النَّاس مَنَازِلهمْ
فَمن عرف فِيهِ مزية تَقْتَضِي الزِّيَادَة فِي تَرْجَمته زَاد فِي تَرْجَمته مَا يَلِيق بمقامه
وَذَلِكَ لَا يخفى على اللبيب البارع
وَلَا يخفى أَن أهل هَذَا الزَّمَان قنعوا بالتراجم وامتحنوا بحب الرياسة ويرضون من النَّاس بالإفراط فِي تراجمهم من غير إِنْكَار فنسأل الله تَعَالَى حسن الخاتمة
وَأما تراجم النِّسَاء فَهِيَ أَيْضا تتَمَيَّز بِحَسب تميز أَزوَاجهنَّ من ذَوي الرتب الْعلية
وَلِلنَّاسِ فِي تراجمهن اصْطِلَاح
أحببنا إِيرَاده ليَكُون الْكَاتِب مِنْهُ على بَصِيرَة
وَهن فِي الْقيَاس على حكم مَا تقدم

(2/477)


فجهات الْخُلَفَاء أَعلَى مَرَاتِب الْجِهَات
ويليهن جِهَات الْمُلُوك والسلاطين وَمن دونهن على قدر مَرَاتِب أَزوَاجهنَّ
فأعلى مَا يكْتب لجهات الْخُلَفَاء والملوك والسلاطين الآدر الشَّرِيفَة ذَات السّتْر الرفيع العالي المصوني الممنعي المحجبي الخوندي الخليفتي الخاتوني عصمَة الدّين فَخر النِّسَاء فِي الْعَالمين
سيدة الخوندات زين الخواتين
كافلة الْأَيْتَام وَالْمَسَاكِين خوند فُلَانَة جِهَة مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَإِن كَانَت جِهَة السُّلْطَان فَلَا يكْتب لَهَا الخليفتي بل يكْتب السُّلْطَان الخاتوني وَلَا يكْتب لَفْظَة خوند إِلَّا لجِهَة خَليفَة أَو لابنَة خَليفَة أَو أُخْته أَو والدته
وَكَذَلِكَ لَا يكْتب لَفْظَة خوند إِلَّا لجِهَة سُلْطَان أَو لابنته أَو أُخْته أَو والدته
وَلَا يُخَاطب فِي كليهمَا إِلَّا لجِهَة مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَو جِهَة مَوْلَانَا السُّلْطَان لَا بِلَفْظ زوج فلَان فَإِن الْجِهَة أرفع فِي الْمرتبَة
ويلتحق بِهَذَا الْقَيْد كل امْرَأَة أردْت تَعْظِيم شَأْنهَا من جِهَة ابْن السُّلْطَان وجهة أتابك العساكر وكافل المملكة الشامية المحروسة وَمن فِي درجتهم من أَرْبَاب وظائف الدولة الشَّرِيفَة
وَلَا يكْتب الآدر الشَّرِيفَة إِلَّا لجِهَة السُّلْطَان الْخَلِيفَة
وَدون رُتْبَة الآدر الشَّرِيفَة الآدر الْكَرِيمَة الْعَالِيَة المعظمة المبجلة المكرمة المحجبة الأصيلة العريقة ذَات السّتْر الرفيع والحجاب المنيع فُلَانَة
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الستار الْكَرِيمَة الْعَالِيَة الْكَبِيرَة الجليلة المكرمة المفخمة المخدرة المحجبة فُلَانَة وَهِي تكْتب لِنسَاء مقدمي الألوف وأكابر الدولة من أَرْبَاب الأقلام وَالسُّيُوف
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْجِهَة المصونة المحجبة المخدرة فُلَانَة وَهِي تكْتب لِنسَاء أُمَرَاء الطبلخانات وَمن فِي درجتهم من أَرْبَاب الْوَظَائِف ووجوه النَّاس
وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْجِهَة الْمُبَارَكَة السيدة المصونة الْكُبْرَى فُلَانَة وَهِي تكْتب لمن دون من تقدم فِي الرُّتْبَة الَّتِي قبل هَذِه
وَدون هَذِه الرُّتْبَة المصونة فُلَانَة وَلَيْسَ بعد هَذِه الرتب مِمَّا يتَعَلَّق بتراجم النِّسَاء غير الِاسْم خَاصَّة
وَأما التَّارِيخ فَلَا يخفى مَا فِيهِ من الْفَوَائِد الجمة وَلَا مَا فِي الْخَتْم بِهِ من الْحِكْمَة
وتاريخ الْإِسْلَام بِالْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّة وضع لأَرْبَع سِنِين خلت من خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
وَسَببه أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى عمر رَضِي الله

(2/478)


عَنهُ إِنَّه يأتينا مِنْك كتب لَيْسَ لَهَا تَارِيخ
فأرخ لتستقيم الْأَحْوَال
فأرخ وَقيل رفع إِلَى عمر صك مَحَله شعْبَان
فَقَالَ أَي شعْبَان هَذَا الَّذِي نَحن فِيهِ أم الْمَاضِي أم الَّذِي يَأْتِي
وَقيل أول من أرخ يعلى بن أُميَّة
كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ من الْيمن كتابا مؤرخا
فَاسْتَحْسَنَهُ
وَشرع فِي التَّارِيخ
وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لما عزم عمر رَضِي الله عَنهُ على التَّارِيخ جمع الصَّحَابَة واستشارهم
فَقَالَ سعد بن أبي وَقاص أرخ لوفاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ طَلْحَة أرخ لمبعثه وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب لهجرته
فَإِنَّهَا فرقت بَين الْحق وَالْبَاطِل
وَقَالَ آخَرُونَ لمولده
وَقَالَ قوم لنبوته
وَكَانَ ذَلِك فِي سنة سبع عشرَة من الْهِجْرَة
وَقيل سنة سِتّ عشرَة
فاتفقوا على أَن يؤرخوا بِالْهِجْرَةِ
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا يبدأون بِهِ من الشُّهُور
فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف ابدأ برجب
فَإِنَّهُ أول الْأَشْهر الْحرم
وَقَالَ طَلْحَة ابدأ برمضان
فَإِنَّهُ شهر الْأمة
وَفِيه أنزل الْقُرْآن
وَقَالَ عَليّ ابدأ بالمحرم
لِأَنَّهُ أول السّنة
وَمن الْأَشْهر الْحرم
وَقيل إِنَّمَا أَشَارَ بالمحرم عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنْهُم
فاستقر الْحَال على ذَلِك
وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قد ذكر الله التَّارِيخ فِي كِتَابه
فَقَالَ تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج} وَقَالَ قَتَادَة فِي تَفْسِير الْآيَة جعلهَا الله تَعَالَى مَوَاقِيت لصوم الْمُسلمين وإفطارهم وحجهم ومناسكهم
وَعدد نِسَائِهِم وَغير ذَلِك وَالله أعلم بِمَا يصلح خلقه انْتهى
هَذَا آخر مَا انتقيناه من جَوَاهِر الْعُقُود وَنِهَايَة مَا أردناه من تَقْرِير مصطلح الموقعين وَالشُّهُود الْجَارِي على الرَّسْم الْمَعْهُود
وَإنَّهُ لكتاب اشْتَمَل على مَادَّة من الْعَالم وافرة وَخص من الْفَوَائِد بجملة إِذا تصرف الْمُتَصَرف فِيهَا أحرز الْجَوَاهِر الفاخرة مطالعه لَا يحْتَاج مَعَ سلوك منهاجه القويم إِلَى تَنْبِيه
وَلَا يفْتَقر فِي مؤاخاة الاسترشاد بِهِ إِلَى كَاف تَشْبِيه
وَأَنا أناشد الله تَعَالَى من وقف عَلَيْهِ من حبر بليغ الْقَلَم منيره أَو بَحر اللِّسَان غواصه وَالْكَلَام جوهره أَن يعاملني عِنْد الْوُقُوف عَلَيْهِ بإغضائه وصفحه وَأَن يسدد مَا يَقع عَلَيْهِ طرف تَأمله وانتقاده من الْخلَل كاشفا ظلام عَيْني بإسفار صبحه وتمحيص نصحه حَامِلا كل قَول يستغربه أَو يستهجنه على أحْسنه رادا كل لَفْظَة فظة إِلَى أوضح معنى وأبينه فَأَي جواد لَا يكبو وَأي سيف لَا ينبو

(2/479)


وَمن ذَا الَّذِي ترضي سجاياه كلهَا كفى الْمَرْء فضلا أَن تعد معايبه والخلق يتفاضلون فِي الْعلم والإدراك
والعاقل يحْتَاج إِلَى مُنَبّه يحذرهُ مدارك التعقب والاستدراك
وقصارى مُؤَلفه الْفَقِير الحقير الِاعْتِرَاف بِمَا لَدَيْهِ من الْعَجز وَالتَّقْصِير وَأَن خطوه فِي سلوك هَذَا المرتقى الوعر قصير
وَهُوَ يسْتَغْفر الله مِمَّا طَغى بِهِ الْقَلَم
وحاول إِدْرَاك شأو الْمُتَقَدِّمين فِيهِ فَلم
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين أَولا وآخرا وَبَاطنا وظاهرا
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ
صَلَاة دائمة بَاقِيَة إِلَى يَوْم الدّين
وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل
وَلَا حول وَقُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم

(2/480)