فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين

باب الحج والعمرة
مدخل
...
باب الحج [والعمرة]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الحج [والعمرة]
وهو: بفتح أوله وكسره لغة: القصد أو كثرته إلى من يعظم وشرعا: قصد الكعبة للنسك الآتي.
وهو من الشرائع القديمة.
وروي أن آدم عليه السلام حج أربعين حجة من الهند ماشيا وأن جبريل قال له: إن الملائكة كانوا يطوفون قبلك بهذا البيت سبعة آلاف سنة.
قال ابن إسحاق: لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا حج.
والذي صرح به غيره أنه ما من نبي إلا حج خلافا لمن استثنى هودا وصالحا.
والصلاة أفضل منه خلافا للقاضي.
وفرض في السنة السادسة على الأصح.
وحج صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وبعدها وقبل الهجرة حججا لا يدرى عددها وبعدها حجة الوداع لا غير وورد: "من حج هذا البيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" [البخاري رقم: 1521, مسلم رقم: 1350] .

(1/282)


يجبان على مكلف حر مستطيع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال شيخنا في حاشية الإيضاح: قوله: كيوم ولدته أمه يشمل التبعات1 وورد التصريح به في رواية وأفتى به بعض مشايخنا لكن ظاهر كلامهم يخالفه والأول أوفق بظواهر السنة والثاني أوفق بالقواعد.
ثم رأيت بعض المحققين نقل الإجماع عليه وبه يندفع الإفتاء المذكور تمسكا بالظواهر.
والعمرة وهي لغة: زيادة مكان عامر وشرعا: قصد الكعبة للنسك الآتي.
يجبان أي الحج والعمرة ولا يغني عنها الحج وإن اشتمل عليها وخبر: سئل ص عن العمرة أواجبة هي؟ قال: لا ضعيف اتفاقا وإن صححه الترمذي [رقم: 931] .
على كل مسلم مكلف أي بالغ عاقل حر: فلا يجبان على صبي ومجنون ولا على رقيق فنسك غير المكلف ومن فيه رق يقع نفلا لا فرضا.
مستطيع للحج بوجدان الزاد ذهابا وإيابا وأجرة خفير أي مجير
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله جمع تبعة بضمة بين فتحتين وهي حق الآدمي صغيرة أو كبيرة انتهى. عبد الرءوف ثم أضاف والضبط المذكور خلاف ما في القاموس فإن الذي فيه كفرحة وكتابة وكذا خلاف ما في المصباح فإن الذي فيه ككلمة تأمل انتهى.

(1/283)


مرة بتراخ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يأمن معه والراحلة أو ثمنها: إن كان بينه وبين مكة مرحلتان أو دونهما وضعف عن المشي مع نفقة من يجب عليه نفقته وكسوته إلى الرجوع.
ويشترط أيضا للوجوب: أمن الطريق على النفس والمال ولو من رصدي وإن قل ما يأخذه وغلبة السلامة لراكب البحر فإن غلب الهلاك لهيجان الأمواج في بعض الأحوال أو استويا: لم يجب بل يحرم الركوب فيه له ولغيره.
وشرط للوجوب على المرأة مع ما ذكر أن يخرج معها محرم أو زوج أو نسوة ثقات ولو إماء وذلك
لحرمة سفرها وحدها وإن قصر أو كانت في قافلة عظيمة ولها بلا وجوب أن تخرج مع امرأة ثقة لأداء فرض الإسلام وليس لها الخروج لتطوع ولو مع نسوة كثيرة وإن قصر السفر أو كانت شوهاء.
وقد صرحوا بأنه يحرم على المكية التطوع بالعمرة من التنعيم مع النساء خلافا لمن نازع فيه.
مرة واحدة في العمر بتراخ لا على الفور نعم إنما يجوز التأخير بشرط العزم على الفعل في المستقبل وأن لا يتضيقا عليه بنذر أو قضاء أو خوف عضب أو تلف مال بقرينة ولو ضعيفة وقيل يجب على القادر أن لا يترك الحج في كل خمس سنين لخبر فيه [رواه ابن حبان في صحيحه رقم: 3703 ,9/ 16] .

(1/284)


أركانه: 1- إحرام, 2- ووقوف بعرفة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع تجب إنابة عن ميت عليه نسك من تركته كما تقضى منه ديونه فلو لم تكن له تركة سن لوارثه أن
يفعله عنه فلو فعله أجنبي جاز ولو بلا إذن وعن آفاقي معضوب1 عاجز عن النسك بنفسه: لنحو زمانه أو مرض لا يرجى برؤه بأجرة مثل فضلت عما يحتاجه المعضوب يوم الاستئجار وعما عدا مؤنة نفسه وعياله
بعده ولا يصح أن يحج عن معضوب بغير إذنه لان الحج يفتقر للنية والمعضوب أهل لها وللإذن.
أركانه أي الحج: ستة:
1- أحدها: إحرام به أي بنية دخول فيه لخبر [البخاري رقم: 1, مسلم رقم: 1907] : "إنما الأعمال بالنيات".
ولا يجب تلفظ بها وتلبية بل يسنان فيقول بقلبه ولسانه: نويت الحج وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلى آخره.
2- وثانيها: وقوف بعرفة أي حضوره بأي جزء منها ولو لحظة وإن كان نائما أو مارا لخبر الترمذي [رقم: 889] : الحج عرفة وليس منها: مسجد إبراهيم عليه السلام ولا نمرة.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: معضوب بعين مهملة فضاد معجمة من العضب وهو القطع كأنه قطع عن عمال الحركة أو بعين فصاد مهملة من العصب كأنه قطع عصبه انتهى.

(1/285)


بين زوال وفجر نحر 3- وطواف إفاضة 4- وسعي سبعا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأفضل للذكر تحري موقفه ص وهو عند الصخرات المعروفة.
وسميت عرفة قيل: لان آدم وحواء تعارفا بها وقيل غير ذلك.
ووقته بين زوال للشمس يوم عرفة وهو تاسع ذي الحجة وبين طلوع فجر يوم نحر.
وسن له الجمع بين الليل والنهار وإلا أراق دم تمتع ندبا.
3- وثالثها: طواف إفاضة ويدخل وقته بانتصاف ليلة النحر.
وهو أفضل الأركان حتى من الوقوف خلافا للزركشي.
4- ورابعها: سعي بين الصفا والمروة سبعا يقينا بعد طواف قدوم ما لم يقف بعرفة أو بعد طواف إفاضة.
فلو اقتصر على ما دون السبع لم يجزه ولو شك في عددها قبل فراغه أخذ بالأقل لأنه المتيقن.
ومن سعى بعد طواف القدوم لم يندب له إعادة السعي بعد طواف الإفاضة بل يكره.
ويجب أن يبدأ فيه في المرة الأولى بالصفا ويختم بالمروة للاتباع فإن بدأ بالمروة لم يحسب مروره منها إلى الصفا وذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعوده منها إليه مرة أخرى.
ويسن للذكر أن يرقى على الصفا والمروة قدر قامة.
وأن يمشي أول السعي وآخره ويعدو الذكر في الوسط ومحلهما معروف.

(1/286)


5- وإزالة شعر 6- وترتيب ولا تجبر بدم وغير وقوف أركان العمرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5- وخامسها: إزالة شعر من الرأس بحلق أو تقصير لتوقف التحلل عليه وأقل ما يجزئ ثلاث شعرات. فتعميمه صلى الله عليه وسلم لبيان الأفضل خلافا لمن أخذ منه وجوب التعميم.
وتقصير المرأة أولى من حلقها.
ثم يدخل مكة بعد رمي جمرة العقبة والحلق ويطوف للركن فيسعى إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم كما هو الأفضل.
والحلق والطواف والسعي لا آخر لوقتها ويكره تأخيرها عن يوم النحر وأشد منه: تأخيرها عن أيام التشريق ثم عن خروجه من مكة.
وسادسها: ترتيب بين معظم أركانه بأن يقدم الإحرام على الجميع والوقوف على طواف الركن والحلق والطواف على السعي إن لم يسع بعد طواف القدوم ودليله الإتباع.
ولا تجبر أي الأركان بدم وسيأتي ما يجبر بالدم.
وغير وقوف من الأركان الستة أركان العمرة لشمول الأدلة لها.
وظاهر أن الحلق يجب تأخيره عن سعيها فالترتيب فيها في جميع الأركان.
تنبيه يؤديان بثلاثة أوجه:

(1/288)


وشروط الطواف: 1- طهر 2- وستر 3- ونيته إن استقل 4- وبدؤه بالحجر الأسود محاذيا له,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إفراد: بأن يحج ثم يعتمر.
وتمتع: بأن يعتمر ثم يحج.
وقران: بأن يحرم بهما معا.
وأفضلها: إفراد إن اعتمر عامه ثم تمتع.
وعلى كل من المتمتع والقارن: دم إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام وهم من دون مرحلتين.
وشروط الطواف ستة1:
1- أحدها: طهر عن حدث وخبث.
2- وثانيها: ستر لعورة قادر فلو زالا فيه جدد وبنى على طوافه وإن تعمد ذلك وطال الفصل.
3- وثالثها: نيته: أي الطواف إن استقل بأن لم يشمله نسك كسائر العبادات وإلا فهي سنة.
4- ورابعها: بدؤه بالحجر الأسود محاذيا له في مروره ببدنه: أي بجميع شقه الأيسر وصفة المحاذاة: أن يقف بجانبه من جهة
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: بل ثمانية فسابعها: كونه في المسجد وثامنها: عدم صرفه لغيره كطلب غريم وكإسراعه خوفا من أن تلمسه امرأة انتهى.

(1/289)


5- وجعل البيت عن يساره 6- وكونه سبعا وسن أن يفتتح باستلام الحجر ويستلمه في كل طوفة والركن وأن يرمل ذكر في الثلاث الأول من طواف بعده سعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ثم ينوي ثم يمشي مستقبلة حتى يجاوزه فحينئذ ينفتل ويجعل يساره للبيت ولا يجوز استقبال البيت إلا في هذا.
5- وخامسها: جعل البيت عن يساره مارا تلقاء وجهه فيجب كونه خارجا بكل بدنه حتى بيده عن
شاذروانه وحجره للاتباع فإن خالف شيئا من ذلك لم يصح طوافه وإذا استقبل الطائف لنحو دعاء فليحترز عن أن يمر منه أدنى جزء قبل عوده إلى جعل البيت عن يساره.
ويلزم من قبل الحجر أن يقر قدميه في محلهما حتى يعتدل قائما فإن رأسه حال التقبيل في جزء من البيت.
6- وسادسها: كونه سبعا يقينا ولو في الوقت المكروه فإن ترك منها شيئا وإن قل لم يجزئه.
وسن أن يفتتح الطائف باستلام الحجر الأسود بيده وأن يستلمه في كل طوفة وفي الأوتار آكد وأن يقبله ويضع جبهته عليه ويستلم الركن اليماني ويقبل يده بعد استلامه وأن يرمل ذكر في الطوافات الثلاث الأول من طواف بعده سعي بإسراع مشيه مقاربا خطاه وأن يمشي في الأربعة الأخيرة على هيئته للاتباع ولو ترك الرمل في الثلاث الأول: لا يقضيه في البقية.

(1/290)


وو1جباته: 1- إحرام من ميقات.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسن أن يقرب الذكر من البيت ما لم يؤذ أو يتأذ بزحمة فلو تعارض القرب منه والرمل: قدم لان ما يتعلق بنفس العبادة أولى من المتعلق بمكانها وأن يضطبع في طواف يرمل فيه وكذا في السعي: وهو جعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على الأيسر للاتباع وأن يصلي بعده ركعتين خلف المقام ففي الحجر.
فرع [في ما يسن للقادم مكة أول قدومه] يسن أن يبدأ كل من الذكر والأنثى بالطواف عند دخول المسجد للاتباع رواه الشيخان [البخاري رقم: 1615, مسلم رقم: 1235] إلا أن يجد الإمام في مكتوبة أو يخاف فوت فرض أو راتبة مؤكدة فيبدأ بها لا بالطواف.
وواجباته أي الحج خمسة وهو ما يجب بتركه الفدية:
1- إحرام من ميقات فميقات الحج لمن بمكة: هي:
وهو للحج والعمرة للمتوجه من المدينة: ذو الحليفة المسماة ببئر علي.
ومن الشام ومصر والمغرب: الجحفة.
ومن تهامة اليمن: يلملم.
ومن نجد اليمن والحجاز: قرن.

(1/291)


2- ومبيت بمزدلفة 3- وبمنى,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومن المشرق: ذات عرق.
وميقات العمرة لمن بالحرم الحل وأفضله الجعرانة فالتنعيم فالحديبية.
وميقات من لا ميقات له في طريقه: محاذاة الميقات الوارد إن حاذاه في بر أو بحر وإلا فمرحلتان من مكة. فيحرم الجائي في البحر من جهة اليمين من الشعب المحرم الذي يحاذي يلملم ولا يجوز له تأخير إحرامه إلى الوصول إلى جدة خلافا لما أفتى به شيخنا من جواز تأخيره إليها وعلل بأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم إليها.
ولو أحرم من دون الميقات لزمه دم ولو ناسيا أو جاهلا ما لم يعد إليه قبل تلبسه بنسك ولو طواف قدوم وأثم غيرهما.
2- ومبيت بمزدلفة ولو ساعة1 من نصف ثان من ليلة النحر.
3- ومبيت بمنى معظم ليالي أيام التشريق نعم إن نفر قبل غروب شمس اليوم الثاني جاز وسقط عنه مبيت الليلة الثالثة ورمي يومها وإنما يجب المبيت في لياليها لغير الرعاء وأهل السقاية.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: والمراد القطعة من الزمن لا الساعة الفلكية. انتهى أي: يكفي دقيقة.

(1/292)


4- وطواف الوداع 5- ورمي بحجر وتجبر.
وسننه: غسل لإحرام ودخول مكة ووقوف وتطيب قبيله,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4- وطواف الوداع لغير حائض ومكي إن لم يفارق مكة بعد حجه.
5- ورمي إلى جمرة العقبة بعد انتصاف ليلة النحر سبعا وإلى الجمرات الثلاث بعد زوال كل يوم من أيام التشريق سبعا سبعا مع ترتيب بين الجمرات.
بحجر أي بما يسمى به ولو عقيقا وبلورا ولو ترك رمي يوم تداركه في باقي أيام التشريق وإلا لزمه دم بترك ثلاث رميات1 فأكثر.
وتجبر أي الواجبات بدم.
وتسمى هذه أبعاضا.
وسننه أي الحج:
غسل فتيمم لإحرام ودخول مكة ولو حلالا بذي طوي وقوف بعرفة عشيتها وبمزدلفة ولرمي أيام التشريق. وتطيب البدن والثوب ولو بما له جرم قبيله أي الإحرام وبعد الغسل.
ولا يضر استدامته بعد الإحرام ولا انتقاله بعرق.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه: وصورة ذلك لا تكون إلا في آخر جمرة من آخر أيام التشريق لزمه دم. انتهى

(1/294)


وتلبية وطواف قدوم ومبيت بمنى ليلة عرفة ووقوف بجمع وأذكار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتلبية وهي: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
ومعنى لبيك: أنا مقيم على طاعتك.
ويسن الإكثار منها والصلاة على النبي ص وسؤال الجنة والاستعاذة من النار بعد تكرير التلبية ثلاثا.
وتستمر التلبية إلى رمي جمرة العقبة لكن لا تسن في طواف القدوم والسعي بعده لورود أذكار خاصة فيهما. وطواف قدوم لأنه تحية البيت وإنما يسن لحاج أو قارن دخل مكة قبل الوقوف ولا يفوت بالجلوس ولا بالتأخير نعم يفوت بالوقوف بعرفة.
ومبيت بمنى ليلة عرفة ووقوف بجمع المسمى الآن بالمشعر الحرام وهو جبل في آخر مزدلفة فيذكرون في وقوفهم ويدعون إلى الأسفار مستقبلين القبلة للاتباع.
وأذكار وأدعية مخصوصة بأوقات وأمكنة معينة وقد استوعبها الجلال السيوطي في وظائف اليوم والليلة فليطلب1.
__________
1 في نسخ: فليطلبه وفي بعضها: فلتطلبه.

(1/296)


000000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة [في زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم] يسن متأكدا زيارة قبر النبي ص ولو لغير حاج ومعتمر لأحاديث وردت في فضلها.
وشرب ماء زمزم مستحب ولو لغيرهما وورد أنه أفضل المياه حتى من الكوثر. [راجع كتاب فضل ماء زمزم لسائد بكداش] .

(1/298)


فصل في محرمات الإحرام
يحرم بإحرام: وطء وقبلة واستمناء بيد ونكاح وتطيب,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في محرمات الإحرام
يحرم بإحرام على رجل وأنثى وطئ لآية: {فَلا رَفَثَ} [2 سورة البقرة الآية: 197] أي لا ترفثوا.
والرفث مفسر بالوطء. ويفسد به الحج والعمرة.
وقبلة ومباشرة بشهوة واستمناء بيد بخلاف الإنزال بنظر أو فكر1.
ونكاح لخبر مسلم [رقم: 1409] : "لا ينكح المحرم ولا ينكح".
وتطيب في بدن أو ثوب بما يسمى طيبا كمسك وعنبر وكافور حي
__________
1 قال السيد البكري رحمه الله: وهو مخالف لما في النهاية والتحفة وشرح المختصر من حرمة النظر إذا كان بشهوة وإن لم ينزل. انتهى.

(1/298)


ودهن شعر وإزالته وقلم ويحرم ستر رجل بعض رأس بما يعد ساترا ولبسه محيطا بلا عذر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو ميت وورد ومائه ولو بشد نحو مسك بطرف ثوبه أو بجعله في جيبه.
ولو خفيت رائحة الطيب كالكاذي والفاغية وهي تمر الحناء فإن كان بحيث لو أصابه الماء فاحت حرم وإلا فلا.
ودهن بفتح أوله شعر رأس أو لحية بدهن ولو غير مطيب كزيت وسمن.
وإزالته أي الشعر ولو واحدة من رأسه أو لحيته أو بدنه نعم إن احتاج إلى حلق شعر بكثرة قمل أو جراحة فلا حرمة وعليه الفدية فلو نبت شعر بعينه أو غطاها فأزال ذلك فلا حرمة ولا فدية.
وقلم لظفر ولو بعضه من يد أو رجل نعم له قطع ما انكسر من ظفره إن تأذى به ولو أدنى تأذ.
ويحرم ستر رجل لا امرأة بعض رأس بما يعد ساترا عرقا من مخيط أو غير كقلنسوة وخرقة إما ما لا يعد ساترا كخيط رقيق وتوسد نحو عمامة ووضع يد لم يقصد بها الستر فلا يحرم بخلاف ما إذا قصده على نزاع فيه وكحمل نحو زنبيل لم يقصد به ذلك أيضا واستظلال بمحمل وإن مس رأسه.
ولبسه أي الرجل مخيطا بخياطة: كقميص وقباء أو نسج أو عقد في سائر بدنه بلا عذر فلا يحرم على الرجل ستر رأس لعذر كحر وبرد.

(1/299)


وستر امرأة لا رجل بعض وجه وفدية ما يحرم ذبح شاة أو تصدق بثلاثة آصع لستة أو صوم ثلاثة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويظهر ضبطه هنا بما لا يطيق الصبر عليه وإن لم يبح التيمم فيحل مع الفدية قياسا على وجوبها في الحلق مع العذر.
ولا لبس مخيط إن لم يجد غيره ولا قدر على تحصيله ولو بنحو استعارة بخلاف الهبة لعظم المنة فيحل ستر العورة بالمخيط بلا فدية.
ولبسه في باقي بدنه لحاجة نحو حر وبرد مع فدية.
ويحل الارتداء والالتحاف بالقميص والقباء وعقد الإزار وشد خيط عليه ليثبت: لا وضع طوق القباء على رقبته وإن لم يدخل يده.
ويحرم ستر امرأة لا رجل بعض وجه بما يعد ساترا.
وفدية ارتكاب واحد م ما يحرم بالإحرام غير الجماع ذبح شاة مجزئة في الأضحية وهي جذعة ضأن أو ثنية معز أو تصدق بثلاثة آصع لستة من مساكين الحرم الشاملين للفقراء لكل واحد نصف صاع1 أو صوم ثلاثة أيام.
فمرتكب المحرم مخير في الفدية بين الثلاثة المذكورة.
فرع لو فعل شيئا من المحرمات ناسيا أو جاهلا بتحريمه وجبت
__________
1 الصاع هو: مكعب طول ضلعه 6 ,14 سانتي مترا ونصفه يساوي مدين.

(1/300)


ودم ترك مأمور ذبح فصوم ثلاثة وقبل نحر وسبعة بوطئه ويجب على مفسد نسك بوطء بدنة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفدية إن كان إتلافا كحلق شعر وقلم ظفر وقتل صيد.
ولا تجب إن كان تمتعا كلبس وتطيب.
والواجب في إزالة ثلاث شعرات أو أظفار ولا اتحاد زمان ومكان عرفا فدية كاملة وفي واحدة: مد1 طعام.
وفي اثنتين مدان.
ودم ترك مأمور كإحرام من الميقات ومبيت بمزدلفة ومنى ورمي الأحجار وطواف الوداع كدم التمتع والقران ذبح أي ذبح شاة تجزئ أضحية في الحرم.
فـ الواجب على العاجز عن الذبح فيه ولو لغيبة ماله وإن وجد من يقرضه أو وجده بأكثر من ثمن المثل صوم أيام ثلاثة فورا بعد إحرام وقبل يوم نحر ولو مسافرا فلا يجوز تأخير شيء منها عنه لأنها تصير قضاء.
ولا تقديمه على الإحرام بالحج الآية.
ويلزمه أيضا صوم سبعة بوطنه أي إذا رجع إلى أهله.
ويسن تواليها كالثلاثة قال تعالى: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} [2 سورة البقرة الآية: 196] .
ويجب على مفسد نسك من حج وعمرة بوطء: بدنة بصفة الأضحية,
__________
1 المد هو: مكعب طول ضلعه 2 ,9 سانتي مترا وهو يساوي ربع صاع.

(1/301)


وقضاء فورا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كان النسك نفلا.
والبدنة المرادة الواحد من الإبل ذكرا كان أو أنثى فإن عجز عن البدنة فبقرة فإن عجز عنها فسبع شياه ثم يقوم البدنة ويتصدق بقيمتها طعاما ثم يصوم عن كل مد يوما ولا يجب شيء على المرأة بل تأثم.
وعلم من قولي بمسد نسك: أنه يبطل بوطء ومع ذلك يجب مضي في فاسدة.
وقضاء فورا وإن كان نسكه نفلا لأنه وإن كان وقته موسعا تضيق عليه بالشروع فيه والنفل من ذلك يصير بالشروع فيه فرضا: أي واجب الإتمام كالفرض بخلاف غيره من النفل.
تتمة يسن لقاصد مكة وللحاج آكد أن يهدي شيئا من النعم يسوقه من بلده وإلا فيشتريه من الطريق ثم من مكة ثم من عرفة ثم من منى وكونه سمينا حسنا ولا يجب إلا بالنذر.
مهمات [في بيان جمل من المسائل كالأضحية والعقيقة والصيد والذبائح وغير ذلك] : يسن متأكدا لحر قادر تضحية بذبح جذع ضأن له

(1/302)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سنة أو سقط سنه ولو قبل تمامها أو ثني معز أو بقر لهما سنتان أو إبل له خمس سنين بنية أضحية عند ذبح أو تعيين.
وهي أفضل من الصدقة.
ووقتها من ارتفاع شمس نحر إلى آخر أيام التشريق.
ويجزئ سبع بقر أو إبل عن واحد.
ولا يجزئ عجفاء ومقطوعة بعض ذنب أو أذن أبين وإن قل وذات عرج وعور ومرض بين ولا يضر شق أذن أو خرقها.
والمعتمد عدم إجزاء التضحية بالحامل خلافا لما صححه ابن الرفعة.
ولو نذر التضحية بمعيبة أو صغيرة أو قال: جعلتها أضحية فإنه يلزم ذبحها ولا تجزئ أضحية وإن اختص ذبحها بوقت الأضحية وجرت مجراها في الصرف.
ويحرم الأكل من أضحية أو هدي وجبا بنذره.
ويجب التصدق ولو على فقير واحد بشيء نيئا ولو يسيرا من المتطوع بها والأفضل: التصدق بكله إلا لقما يتبرك بأكلها وأن تكون من الكبد وأن لا يأكل فوق ثلاث والتصدق بجلدها وله إطعام أغنياء لا تمليكهم.
ويسن أن يذبح الرجل بنفسه وأن يشهدها من وكل به وكره

(1/303)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لمريدها إزالة نحو شعر في عشر ذي الحجة وأيام التشريق حتى يضحي.
ويندب لمن تلزمه نفقة فرعه: أن يعق عنه من وضع إلى بلوغ وهي كضحية ولا يكسر عظم والتصدق بمطبوخ يبعثه إلى الفقراء: أحب من ندائهم إليها ومن التصدق نيئا وأن يذبح سابع ولادته ويسمى فيه وإن مات قبله بل يسن تسمية سقط بلغ زمن نفخ الروح.
وأفضل الأسماء: عبد الله وعبد الرحمن ولا يكره اسم نبي أو ملك بل جاء في التسمية بمحمد فضائل علية.
ويحرم التسمية بملك الملوك وقاضي القضاة وحاكم الحكام.
وكذا عبد النبي وجار الله والتكني بأبي القاسم.
وسن أن يحلق رأسه ولو أنثى في السابع ويتصدق بزنته ذهبا أو فضة وأن يؤذن ويقرأ سورة الإخلاص وآية: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [3 سورة آل عمران الآية: 36] بتأنيث الضمير ولو في الذكر في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى عقب الوضع وأن يحنكه رجل فامرأة من أهل الخير بتمر فحلو لم تمسه النار حين يولد ويقرأ عندها وهي تطلق آية الكرسي [2 سورة البقرة الآية: 255] و {إن ربكم الله} [7 سورة الأعراف الآية: 54] الآية والمعوذتان والإكثار من دعاء الكرب [راجع الأذكار للنووي, الأرقام: 663- 672] .
قال شيخنا: أما قراءة سورة الأنعام إلى: {رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [6 سورة الأنعام الآيات: 1- 59] يوم يعق عن المولود فمن

(1/304)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدعات العوام الجهلة فينبغي الانكفاف عنها وتحذير الناس منها ما أمكن انتهى.
فرع يسن لكل أحد الادهان غبا والاكتحال بالإثمد وترا عند نومه وخضب شيب رأسه ولحيته: بحمرة أو صفرة.
ويحرم حلق لحية وخضب يدي الرجل ورجليه بحناء خلافا لجمع فيهما.
وبحث الأذرعي كراهة حلق ما فوق الحلقوم من الشعر وقال غيره إنه مباح.
ويسن الخضب للمفترشة ويكره للخلية.
ويحرم وشر الأسنان ووصل الشعر بشعر نجس أو شعر آدمي وربطه به لا بخيوط الحرير أو الصوف ويستحب أن يكف الصبيان أول ساعة من الليل وأن يغطي الأواني ولو بنحو عود يعرض عليها وأن يغلق الأبواب مسميا الله فيهما وأن يطفئ المصابيح عند النوم.
واعلم أن ذبح الحيوان البري المقدور عليه بقطع كل حلقوم وهو مخرج النفس وكل مريء وهو مجرى الطعام تحت الحلقوم بكل محدد يجرح غير عظم وسن وظفر كحديد وقصب وزجاج وذهب وفضة.

(1/305)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيحرم ما مات بثقل ما أصابه من محدد أو غيره كبندقة وإن أنهر الدم وأبان الرأس أو ذبح بكال لا يقطع إلا بقوة الذابح فلذا ينبغي الإسراع بقطع الحلقوم بحيث لا ينتهي إلى حركة المذبوح قبل تمام القطع.
ويحل الجنين بذبح أمه إن مات في بطنها أو خرج في حركة مذبوح ومات حالا.
أما غير المقدور عليه بطيرانه أو شدة عدوه وحشيا كان أو إنسيا كجمل أو جدي نفر شاردا ولم يتيسر لحوقه حالا وإن كان لو صبر سكن وقدر عليه وإن لم يخف عليه نحو سارق فيحل بالجرح المزهق بنحو سهم أو سيف في أي محل كان ثم إن أدركه وبه حياة مستقرة ذبحه فإن تعذر ذبحه من غير تقصير منه حتى مات كأن اشتغل بتوجيهه للقبلة أو سل السكين فمات قبل الإمكان حل وإلا كأن لم يكن معه سكين أو علق في الغمد بحيث تعسر إخراجه فلا.
ويحرم قطعا رمي الصيد بالبندق المعتاد الآن وهو ما يصنع بالحديد ويرمى بالنار لأنه محرق مذفف سريعا غالبا.
قال شيخنا: نعم إن علم حاذق أنه إنما يصيب نحو جناح كبير: فيشقه فقط احتمل الجواز.
والرمي بالبندق المعتاد قديما وهو ما يصنع من الطين جائز على المعتمد خلافا لبعض المحقين.
وشرط الذابح أن يكون مسلما أوكتابيا ينكح.

(1/306)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسن أن يقطع الود جين وهما عرقا صفحتي عنق وأن يحد شفرته ويوجه ذبيحته لقبلة وأن يكون الذابح رجلا عاقلا فامرأة فصبيا ويقول ندبا عند الذبح وكذا عند رمي الصيد ولو سمكا وإرسال الجارحة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل وسلم على سيدنا محمد.
ويشترط في الذبيح غير المريض شيئان.
أحدهما: أن يكون فيه حياة مستقرة أول ذبحه ولو ظنا بنحو شدة حركة بعده ولو وحدها على المعتمد وانفجار دم وتدفقه إذا غلب على الظن بقاؤها فيهما فإن شك في استقرارها لفقد العلامات حرم.
ولو جرح حيوان أو سقط عليه نحو سيف أو عضه نحو هرة فإن بقيت فيه حياة مستقرة فذبحه حل.
وإن تيقن هلاكه بعد ساعة1 وإلا لم يحل كما لو قطع بعد رفع السكين ولو لعذر ما بقي بعد انتهائها إلى حركة مذبوح.
قال شيخنا في شرح المنهاج: وفي كلام بعضهم أنه لو رفع يده لنحو اضطرابه فأعادها فورا وأتم الذبح حل وقول بعضهم: لو رفع يده ثم أعادها لم يحل مفرع على عدم الحياة المستقرة عند إعادتها أو محمول على ما إذا لم يعدها على الفور ويؤيده إفتاء غير
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: أي: لحنطة كما ذكر الشبراملسي. انتهى.

(1/307)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحد فيما لو انفلتت شفرته فردها حالا أنه يحل انتهى.
ولو انتهى لحركة مذبوح بمرض وإن كان سببه أكل نبات مضر كفى ذبحه في آخر رمقه إذ لم يوجد ما يحال عليه الهلاك من جرح أو نحوه فإن وجد كأن أكل نباتا يؤدي إلى الهلاك اشترط فيه وجود الحياة المستقرة فيه عند ابتداء الذبح ولو بالظن بالعلامة المذكورة بعده.
فائدة من ذبح تقريا لله تعالى لدفع شر الجن عنه لم يحرم أو بقصدهم حرم.
وثانيهما: كونه مأكولا وهو من الحيوان البري: الأنعام والخيل وبقر وحش وحماره وظبي وضبع وضب وأرنب وثعلب وسنجاب وكل لقاط للحب لا أسد وقرد وصقر وطاووس وحدأة وبوم ودرة وكذا غراب أسود ورمادي اللون خلافا لبعضهم ويكره جلالة ولو من غير نعم كدجاج إن وجد فيها ريح النجاسة.
ويحل أكل بيض غير المأكول خلافا لجمع.
ويحرم من الحيوان البحري: ضفدع وتمساح وسلحفاة وسرطان لا قرش ودنليس على الأصح فيهما.
قال في المجموع: الصحيح المعتمد أن جميع ما في البحر يحل ميتته إلا الضفدع.

(1/308)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويؤيده نقل ابن الصباغ عن الأصحاب حل جميع ما فيه إلا الضفدع.
ويحل أكل ميتة الجراد والسمك إلا ما تغير في جوف غيره ولو في صورة كلب أو خنزير.
ويسن ذبح كبيرهما الذي يطول بقاؤه ويكره ذبح صغيرهما وأكل مشوي سمك قبل تطييب جوفه وما أنتن منه كاللحم وقلي حي في دهن مغلي.
وحل أكل دود نحو الفاكهة حيا كان أو ميتا بشرط أن لا ينفرد عنه وإلا لم يحل أكله ولو معه كنمل السمن لعدم تولده منه على ما قاله الرداد خلافا لبعض أصحابنا.
ويحرم كل جماد مضر لبدن أو عقل كحجر وتراب وسم وإن قل إلا لمن لا يضره ومسكر ككثير أفيون وحشيش وبنج.
فائدة أفضل المكاسب الزراعة ثم الصناعة ثم التجارة.
قال جمع: هي أفضلها.
ولا تحرم معاملة من أكثر ماله حرام ولا الأكل منها كما صححه في المجموع.
وأنكر النووي قول الغزالي بالحرمة مع أنه تبعه في شرح مسلم.
ولو عم الحرام الأرض جاز أن يستعمل منه ما تمس حاجته إليه دون

(1/309)


النذر: التزام مكلف قربة لم تتعين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما زاد هذا إن توقع معرفة أربابه وإلا صار لبيت المال فيأخذ منه بقدر ما يستحقه فيه كما قاله شيخنا.
فرع نذكر فيه ما يجب على المكلف بالنذر وهو قربة على ما اقتضاه كلام الشيخين وعليه كثيرون
بل بالغ بعضهم فقال: دل على ندبه الكتاب والسنة والإجماع والقياس وقيل مكروه للنهي عنه.
وحمل الأكثرون النهي على نذر اللجاج فإنه تعليق قربة بفعل شيء أو تركه كإن دخلت الدار أو إن لم أخرج منها فلله علي صوم أو صدقة بكذا فيتخير من دخلها أو لم يخرج بين ما التزمه وكفارة يمين.
ولا يتعين الملتزم ولو حجا والفرع: ما اندرج تحت أصل كلي.
النذر: التزام مسلم مكلف رشيد: قربة لم تتعين نفلا كانت أو فرض كفاية كإدامة وتر وعيادة مريض وزيادة رجل قبرا وتزوج حيث سن خلافا لجمع وصوم أيام البيض والاثنين فلو وقعت في أيام التشريق أو الحيض أو النفاس أو المرض لم يجب القضاء وكصلاة جنازة وتجهيز ميت ولو نذر صوم يوم بعينه لم يصم قبله فإن فعل أثم كتقديم الصلاة على وقتها المعين ولا يجوز تأخيره عنه كهي بلا عذر فإن فعل صح وكان قضاء ولو نذر صوم يوم خميس ولم يعين كفاه أي خميس ولو نذر صلاة: فيجب ركعتان بقيام قادر.
أو صوما: فصوم يوم أو صوم أيام فثلاثة أو صدقة فمتمول ويجب صرفه لحر

(1/310)


بلفظ منجز ك: لله علي كذا أو علي كذا أو نذرت كذا أو معلق,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسكين ما لم يعين شخصا أو أهل بلد وإلا تعين صرفه له ولا يتعين لصوم وصلاة مكان عينه ولا لصدقة زمان عينه.
وخرج بالمسلم المكلف: الكافر والصبي والمجنون فلا يصح نذرهم كنذر السفيه وقيل يصح من الكافر.
وبالقربة: المعصية كصوم أيام التشريق وصلاة لا سبب لها في وقت مكروه فلا ينعقدان وكالمعصية: المكروه كالصلاة عند القبر والنذر لأحد أبويه أو أولاده فقط وكذا المباح: كلله علي أن آكل أو أنام وإن قصد تقوية على العبادة أو النشاط لها.
ولا كفارة في المباح على الأصح.
وبلم تتعين: ما تعين عليه من فعل واجب عيني كمكتوبة وأداء ربع عشر مال تجارة وكترك محرم.
وإنما ينعقد النذر من المكلف بلفظ منجز بأن يلتزم قربة به من غير تعليق بشيء وهذا نذر تبرر كلله على كذا من صلاة أو صوم أو نسك أو صدقة أو قراء أو اعتكاف أو علي كذا وإن لم يقل لله.
أو نذرت كذا وإن لم يذكر معها لله على المعتمد الذي صرح به البغوي وغيره من اضطراب طويل.
أو بلفظ معلق ويسمى نذر مجازاة وهو أن يلتزم قربة في مقابلة ما يرغب في حصوله من حدوث
نعمة أو اندفاع نقمة ك: إن

(1/311)


ك: إن شفاني الله أو سلمني الله فعلى كذا فيلزم ما التزمه حالا في منجز وعند وجود صفة في معلق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شفاني الله أو سلمني الله فعلى كذا أو ألزمت نفسي أو واجب على كذا.
وخرج بلفظ النية فلا يصح بمجرد النية كسائر العقود إلا باللفظ وقيل يصح بالنية وحدها.
فيلزم عليه ما التزمه حالا في منجز وعند وجود صفة في معلق.
وظاهر كلامهم أنه يلزمه الفور بأدائه عقب وجود المعلق عليه خلافا لقضية كلام ابن عبد السلام.
ولا يشترط قبول المنذور له في قسمي النذر ولا القبض بل يشترط عدم رده.
ويصح النذر بما في ذمة المدين ولو مجهولا فيبرأ حالا وإن لم يقبل خلافا للجلال البلقيني ولو نذر لغير أحد أصليه أو فروعه من ورثته بماله قبل مرض موته بيوم ملكه كله من غير مشارك لزوال ملكه عنه ولا يجوز للأصل الرجوع فيه وينعقد معلقا في نحو: إذا مرضت فهو نذر قبل مرضي بيوم وله التصرف قبل حصول المعلق عليه ويلغو قوله: متى حصل لي الأمر الفلاني أجئ لك بكذا ما لم يقترن به لفظ التزام أو نذر.
وأفتى جمع فيمن أراد أن يتبايعا فاتفقا على أن ينذر كل للآخر

(1/312)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بمتاعه ففعلا صح.
وإن زاد المبتدئ: إن نذرت لي بمتاعك.
وكثيرا ما يفعل ذلك فيما لا يصح بيعه ويصح نذره.
ويصح إبراء المنذور له الناذر عما في ذمته.
قال القاضي: ولا يشترط معرفة الناذر ما نذر به كخمس ما يخرج له مع معشر وككل ولد أو ثمرة يخرج من أمتي أو شجرتي هذه.
وذكر أيضا أنه لا زكاة في الخمس المنذور.
وقال غيره: محله إن نذر قبل الاشتداد.
ويصح النذر للجنين كالوصية له بل أولى لا للميت إلا لقبر الشيخ الفلاني وأراد به قربة ثم: كإسراج ينتفع1 به أو اطرد عرف فيحمل النذر له على ذلك ويقع لبعض العوام: جعلت هذا للنبي ص فيصح كما بحث لأنه اشتهر في عرفهم للنذر ويصرف لمصالح الحجرة النبوية.
قال السبكي: والأقرب عندي في الكعبة والحجرة الشريفة والمساجد الثلاثة أن من خرج من ماله عن شيء لها واقتضى العرف
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه: الانتفاع به شرط فلو لم يوجد هناك من ينتفع به من مصل أو نائم أو نحوهما لم يصح النذر لأنه إضاعة مال انتهى وأضيف: كانت القبور تلحق بها أوقاف تفيد طبقات من الناس فيكون النذر ليس لذات القبر وإنما للناس الذين يشغلون الأوقاف الملحقة بالقبر حيث النذر للقبر لا يصح قولا واحدا.

(1/313)


00000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صرفه في جهة من جهاتها: صرف إليها واختصت به. انتهى.
قال شيخنا: فإن لم يقتض العرف شيئا فالذي يتجه أنه يرجع في تعيين المصرف لرأي ناظرها.
قال: وظاهر أن الحكم كذلك في النذر لمسجد غيرها انتهى.
وأفتى بعضهم في إن قضى الله حاجتي فعلي للكعبة كذا بأنه غيرها انتهى يتعين لمصالحها ولا يصرف لفقراء الحرم كما دل عليه كلام المهذب وصرح به جمع متأخرون.
ولو نذر شيئا للكعبة ونوى صرفه لقربة معينة كالإسراج تعين صرفه فيها إن احتيج لذلك وإلا بيع وصرف لمصالحها كما استظهره شيخنا.
ولو نذر إسراج نحو شمع أو زيت بمسجد صح إن كان ثم من ينتفع به ولو على ندور وإلا فلا.
ولو نذر إهداء منقول إلى مكة لزمه نقله والتصدق بعينه على فقراء الحرم ما لم يعين قربة أخرى كتطييب الكعبة فيصرفه إليها.
وعلى الناذر مؤنة إيصال الهدي إلى الحرم فإن كان معسرا باع بعضه لنقل الباقي فإن تعسر نقله كعقار أو حجر رحى باعه ولو بغير إذن حاكم ونقل ثمنه وتصدق به على فقراء الحرم.
وهل له إمساكه بقيمته أو لا؟ وجهان.
ولو نذر الصلاة في أحد المساجد الثلاثة أجزأ بعضها عن بعض

(1/314)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كالاعتكاف.
ولا يجزئ ألف صلاة في غير مسجد المدينة عن صلاة نذرها فيه كعكسه.
كما لا يجزئ قراءة الإخلاص عن ثلث القرآن المنذور.
ومن نذر إتيان سائر المساجد وصلاة التطوع فيه صلى حيث شاء ولو في بيته.
ولو نذر التصدق بدرهم لم يجزئ عنه جنس آخر.
ولو نذر التصدق بمال بعينه زال عن ملكه فلو قال: علي أن أتصدق بعشرين دينارا وعينها على فلان أو إن شفي مريضي فعلي ذلك: ملكها وإن لم يقبضها ولا قبلها بل وإن رد فله التصرف فيها.
وينعقد حول زكاتها من حين النذر وكذا إن لم يعينها ولم يردها المنذور له فتصير دينا له عليه ويثبت لها أحكام الديون من زكاة وغيرها.
ولو تلف المعين لم يضمنه إلا أن قصر على ما استظهره شيخنا.
ولو نذر أن يعمر مسجدا معينا أو في موضع معين لم يجز له أن يعمر غيره بدلا عنه ولا في موضع آخر كما لو نذر التصدق بدرهم فضة لم يجز التصدق بدله بدينار لاختلاف الأغراض.

(1/315)


00000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تتمة [في بيان حكم نذر المقترض لمقرضه] اختلف جمع من مشايخ شيوخنا في نذر مقترض مالا معينا لمقرضه ما دام دينه في ذمته فقال بعضهم لا يصح لأنه على هذا الوجه الخاص غير قربة بل يتوصل به إلى ربا النسيئة.
وقال بعضهم يصح لأنه في مقابلة حدوث نعمة ربح القرض إن اتجر به أو فيه اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في ذمته لإعسار أو إنفاق ولأنه يسن للمقترض أن يرد زيادة عما اقترضه فإذا التزمها بنذر انعقد ولزمته فهو حينئذ مكافأة إحسان لا وصلة للربا إذ هو لا يكون إلا في عقد كبيع ومن ثم لو شرط عليه النذر في عقد القرض كان ربا.
وقال شيخ مشايخنا العلامة المحقق الطنبداوي فيما إذا نذر المديون للدائن منفعة الأرض المرهونة مدة بقاء الدين في ذمته: والذي رأيته لمتأخري أصحابنا اليمنيين ما هو صريح في الصحة وممن أفتى بذلك شيخ الإسلام محمد بن حسين القماط والعلامة الحسين بن عبد الرحمن الأهدل.

(1/316)