فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب الزكاة.
باب زكاة الماشية.
تجب فيها بشروط كونها نعما ونصابا وَأَوَّلُهُ فِي إبِلٍ خَمْسٍ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ إلى عشرين شاة ولو ذكرا أو يجزىء بعير الزكاة وخمس وعشرين بنت مخاض لها سنة وست وثلاثين بنت لبون لها سنتان وست وأربعين حقة لها ثلاث وإحدى وستين جذعة لها أربع وست وسبعين بنتا لبون وإحدى وتسعين حقتان ومائة وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَبِتِسْعٍ ثُمَّ كُلُّ عَشْرٍ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بنت لبون وكل خمسين حقة وفي بقر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الزكاة.
هي لغة التطهير والنماء وغيرها وَشَرْعًا اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قبل الإجماع آيات كقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} 1 وقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} 2 وأخبار كخبر بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ وَهِيَ أَنْوَاعٌ تَأْتِي فِي أَبْوَابٍ.
بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ.
بَدَءُوا بِهَا وَبِالْإِبِلِ مِنْهَا لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ الآتي لأنها أكثر أموال الغرب " تَجِبُ " أَيْ الزَّكَاةُ " فِيهَا " أَيْ فِي الْمَاشِيَةِ " بِشُرُوطٍ " أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا " كَوْنُهَا نَعَمًا " قَالَ الْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ أَيْ إبِلًا وَبَقَرًا وَغَنَمًا ذُكُورًا كَانَتْ أَوْ إنَاثًا فَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الحيوانات كَخَيْلٍ وَرَقِيقٍ وَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ" وَغَيْرُهُمَا مِمَّا ذُكِرَ مِثْلُهُمَا مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ " وَ " ثَانِيهَا كَوْنُهَا " نِصَابًا " وَقَدْرُهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي " وَأَوَّلُهُ فِي إبِلٍ خَمْسٍ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ " مِنْهَا " إلَى عِشْرِينَ شَاةً وَلَوْ ذَكَرًا " لِصِدْقِ الشَّاةِ بِهِ " ويجزىء " عَنْهَا وَعَمَّا فَوْقَهَا " بِغَيْرِ الزَّكَاةِ " وَإِنْ لَمْ يساو قيمة الشاة لأنه يجزىء عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَعَمَّا دُونَهَا أَوْلَى وَأَفَادَتْ إضافته إلى الزكاة اعتبار كَوْنِهِ أُنْثَى بِنْتَ مَخَاضٍ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ " وَ " فِي " خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ لَهَا سَنَةٌ وَ " فِي " سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ لَهَا سَنَتَانِ وَ " فِي " سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حُقَّةٌ لَهَا ثَلَاثٌ " مِنْ السِّنِينَ " وَ " فِي " إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ لَهَا أَرْبَعٌ " مِنْ السِّنِينَ " وَ " فِي " سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَ " فِي " إحْدَى وَتِسْعِينَ حُقَّتَانِ وَ " فِي " مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَبِتِسْعٍ ثُمَّ كُلُّ عَشْرٍ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فَفِي كُلِّ أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة " وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ في كتاب لِأَنَسٍ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَمِنْ لَفْظِهِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حُقَّةٌ وَالْمُرَادُ زَادَتْ وَاحِدَةٌ لَا أَقَلَّ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِلَفْظِ فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ فَهِيَ مُقَيِّدَةٌ لِخَبَرِ أَنَسٍ وَبِهَا مَعَ كَوْنِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَاحِدَةٌ أَخَذَ أَئِمَّتُنَا فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ بَعْضِهَا لَكِنَّهَا مُعَارِضَةٌ لَهُ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَاجِبُ وَدَلَالَتُهُ عَلَى خلافه فالمتجه لصحة ما فيه وَلِدَفْعِ الْمُعَارَضَةِ حُمِلَ قَوْلُهُ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ على أن معها في صورة مائة وإحدى وَعِشْرِينَ ثُلُثَا وَإِنَّمَا تُرِكَ ذَلِكَ تَغْلِيبًا لِبَقِيَّةِ الصُّوَرِ عَلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ مَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْوَاجِبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَالْعَاشِرَةِ فَفِي مِائَةٍ وثلاثين بنتا لبون وحقه.
__________
1 البقرة: 83.
2 التوبة: 103.

(1/120)


ثَلَاثُونَ فَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ لَهُ سَنَةٌ وكل أربعين مسنة لها سنتان وفي غنم أربعون ففيها شاة ومائة وإحدى وعشرين شاتان ومائتين وواحدة ثلاث وأربعمائة أربع ثم كل مائة شاة والشاة جذعة ضأن لها سنة وأجذعت أو ثنية معز لها سنتان من غنم البلد أو مثلها فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ مَخَاضٍ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَابْنُ لبون أو حق ولا يكلف كريمة لكن تمنع ابن لبون وحقا ولو اتفق فرضان وجب الأغبط إن وجدا بماله وأجزأ غيره بلا تقصير وجبر التفاوت بنقد أو جزء من الأغبط وإن وجد أحدهما أخذ وإلا فله تحصيل ما شاء ولمن عدم واجبا من إبل أن يصعد ويأخذ جبرانا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حُقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَهَكَذَا وَلِلْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ قِسْطٌ مِنْ الْوَاجِبِ فَيَسْقُطُ بِمَوْتِهَا بَيْنَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ جُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَمَا بَيْنَ النَّصَبِ عَفْوٌ ويسمى وقصالا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَ مِنْهَا أَرْبَعٌ بعد الحول قبل التَّمَكُّنِ وَجَبَتْ شَاةٌ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى مِنْ الْمُخْرَجَاتِ مِنْ الْإِبِلِ بِنْتَ مَخَاضٍ لِأَنَّ أُمَّهَا آنَ لها أن تحمل مرة ثانية فتكون في الْمَخَاضِ أَيْ الْحَوَامِلِ وَالثَّانِيَةُ بِنْتَ لَبُونٍ لِأَنَّ أُمَّهَا آنَ لَهَا أَنْ تَلِدَ ثَانِيًا فَتَكُونُ ذَاتَ لَبَنٍ وَالثَّالِثَةُ حُقَّةً لِأَنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ أَوْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا والرابعة جذعة لِأَنَّهَا أَجْذَعَتْ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا أَيْ أَسْقَطَتْهُ وَاعْتُبِرَ فِي الْجَمِيعِ الْأُنُوثَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ رِفْقِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَزِدْت وَبِتِسْعٍ ثُمَّ كُلِّ عَشْرٍ يتغير الواجب لدفه مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِمَا دُونَهُمَا وَلَيْسَ مُرَادًا.
" وَ " أَوَّلُهُ " فِي بَقَرٍ ثَلَاثُونَ فَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ لَهُ سَنَةٌ " سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْمَرْعَى " وَ " فِي " كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٍ لَهَا سَنَتَانِ " سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَكَامُلِ أَسْنَانِهَا وَذَلِكَ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَالْبَقَرَةُ تُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى " وَ " أَوَّلُهُ " فِي غَنَمٍ أَرْبَعُونَ " شَاةً " فَفِيهَا شَاةٌ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ" وَ " فِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ " مِنْ الشِّيَاهِ " وَ " فِي " أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ ثُمَّ " فِي " كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ " رَوَى الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ " وَالشَّاةُ " الْمُخْرَجَةُ عَمَّا ذُكِرَ " جَذَعَةُ ضَأْنٍ لَهَا سَنَةٌ " وَإِنْ لَمْ تُجْذَعْ " أَوْ أَجْذَعَتْ " مِنْ زِيَادَتِي وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهَا سَنَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُضْحِيَّةَ " أَوْ ثَنْيَةُ مَعْزٍ لَهَا سَنَتَانِ " فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ شَرْطَ إجْزَاءِ الذَّكَرِ فِي الْإِبِلِ وَفِيمَا يَأْتِي أَنْ يَكُونَ جِذْعًا أو ثنياه وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُخْرَجِ عَنْ الْإِبِلِ مِنْ الشِّيَاهِ كَوْنُهُ صَحِيحًا كَامِلًا وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ مَعِيبَةً وَالشَّاةُ الْمُخْرَجَةُ عَمَّا ذُكِرَ تَكُونُ " مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ أَوْ مِثْلِهَا " أَوْ خَيْرٍ مِنْهَا قِيمَةً كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَشُمُولُ كَلَامِي لِشَاةِ الْغَنَمِ مع التقييد بالمثلية في عنم غَيْرِ الْبَلَدِ مِنْ زِيَادَتِي.
" فَإِنْ عُدِمَ بِنْتُ مَخَاضٍ " وَلَوْ شَرْعًا كَأَنْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً أَوْ مَرْهُونَةً " أَوْ تَعَيَّبَتْ فَابْنُ لَبُونٍ أَوْ حُقٌّ " يُخْرِجُهُ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةٍ مِنْهَا ولا يكلف تحصليها وإن لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ أَوْ حُقٌّ بَلْ يَحْصُلُ مَا شَاءَ مِنْهَا وَكَابْنِ لَبُونٍ ولد لبون خُنْثَى أَمَّا غَيْرُ بِنْتِ الْمَخَاضِ كَبِنْتِ لَبُونٍ عَدَمُهَا فَلَا يُؤْخَذُ عَنْهَا حُقٌّ كَمَا لَا يؤخذ عنها ابن لبون وَلِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ فِيمَا ذُكِرَ تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ عَنْهَا بِقُوَّةِ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِخِلَافِهَا فِي الْحَقِّ لَا تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَبْرِهَا ثُمَّ جَبْرِهَا هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الشَّرْطِ فِي الْحُقِّ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلَا يُكَلَّفُ " حَيْثُ كَانَتْ إبِلُهُ مَهَازِيلَ أَنْ يُخْرِجَ بِنْتَ مَخَاضٍ " كَرِيمَةً " لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ عَامِلًا: " إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ" رَوَاهُ الشَّيْخَانِ " لَكِنْ تَمْنَعُ " الْكَرِيمَةُ عِنْدَهُ " ابْنَ لَبُونٍ وَحُقًّا " وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي لِوُجُودِ بِنْتِ مَخَاضٍ عِنْدَهُ " وَلَوْ اتَّفَقَ " فِي إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ " فَرْضَانِ " فِي نِصَابٍ وَاحِدٍ " وَجَبَ " فيها " الْأَغْبَطُ " مِنْهُمَا أَيْ الْأَنْفَعُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَفِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ أَوْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بَقَرَةً يَجِبُ فِيهَا الْأَغْبَطُ مِنْ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ أو ثلاث مسنات وأربعة اتبعه " إن وجدا مما له " بصفة الإجزاء لأن كلا منهما فرضهما فإذا اجتمعا روعي ما فيه حظ الْمُسْتَحِقِّينَ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي تَحْصِيلِهِ " وَأَجْزَأَ غَيْرُهُ " أَيْ غَيْرُ الْأَغْبَطِ " بِلَا تَقْصِيرٍ " مِنْ الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي لِلْعُذْرِ " وَجُبِرَ التَّفَاوُتُ " لِنَقْصِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ " بِنَقْدٍ" لِلْبَلَدِ " أَوْ جُزْءٍ مِنْ الْأَغْبَطِ " لَا مِنْ الْمَأْخُوذِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِقَاقِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَقَدْ أُخِذَ الْحِقَاقُ فَالْجَبْرُ بِخَمْسِينَ أَوْ بِخَمْسَةِ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ لَا بِنِصْفِ حُقَّةِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ خَمْسُونَ وَقِيمَةُ كُلِّ بِنْتِ لَبُونٍ تِسْعُونَ وجاز دفع النقد.

(1/121)


وإبله سليمة أو ينزل ويعطيه وهو شاتان أو عشرون درهما بخيرة الدافع وله صعود ونزول درجتين فأكثر مع تعدد الجبران عند عدم القربى في جهة المخرجة ولا يبعض جبران إلا لمالك رضي ويجزىء نوع عن آخر برعاية القيمة ففي ثلاثين عنزا وعشر نعجات عَنْزٌ أَوْ نَعْجَةٌ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَنْزٍ وربع نعجة وفي عكسه عكسه ولا يؤخذ ناقص في غير ما مر إلا من مثله فإن اختلف ماله نقصا فكامل بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يُوفِ تَمَّمَ بِنَاقِصٍ ولا خيار إلا برضا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مع كونه من غير جنس الواجب وتمكنه من شراء جزئه لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ وَقَوْلِي مِنْ الْأَغْبَطِ مِنْ زِيَادَتِي أَمَّا مَعَ التَّقْصِيرِ مِنْ الْمَالِكِ بِأَنْ دَلَّسَ أَوْ مِنْ السَّاعِي بِأَنْ لَمْ يَجْتَهِدْ وإن ظن أنه الأغبط فلا يجزيء.
" وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا " بِمَالِهِ " أُخِذَ " وَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ الْآخَرِ إذْ النَّاقِصُ كَالْمَعْدُومِ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَوْ وُجِدَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَوْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَا بِصِفَةِ الإجزاء " فله تحصيل ما شاء " منهما كُلًّا أَوْ بَعْضًا مُتَمِّمًا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ أَغْبَطَ لِمَا فِي تَعَيُّنِ الْأَغْبَطِ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي تَحْصِيلِهِ وَلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنْ يَصْعَدَ أَوْ يَنْزِلَ مَعَ الجبران في الإبل فله في المائتي بغير فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ أَنْ يَجْعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا وَيَصْعَدَ إلى أربع جذاع فيخرجها ويأخد أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ وَأَنْ يَجْعَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَصْلًا وَيَنْزِلَ إلَى خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ فَيُخْرِجُهَا مَعَ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ وَفِيمَا إذَا وُجِدَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَثَلَاثِ حِقَاقٍ وَأَرْبَعِ بَنَاتِ لَبُونٍ أَنْ يَجْعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا فَيَدْفَعُهَا مَعَ بِنْتِ لَبُونٍ وجبران أو يجعل بنات اللبون أصلا فيدعها مَعَ حُقَّةٍ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا وَلَهُ دَفْعُ حُقَّةٍ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ وَلَهُ فِيمَا إذَا وُجِدَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا كَحُقَّةٍ دَفَعَهَا مَعَ ثَلَاثِ جِذَاعٍ وَأَخَذَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ وَلَهُ دَفْعُ خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ مَعَ دَفْعِ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ.
" وَلِمَنْ عَدِمَ وَاجِبًا مِنْ إبِلٍ " وَلَوْ جذعة في ماله " أَنْ يَصْعَدَ " دَرَجَةً " وَيَأْخُذَ جُبْرَانًا وَإِبِلُهُ سَلِيمَةٌ أَوْ يَنْزِلَ " دَرَجَةً " وَيُعْطِيه " أَيْ الْجُبْرَانَ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي خَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ فَالْخِيرَةُ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ لِلْمَالِكِ لِأَنَّهُمَا شَرْعًا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِمِنْ عَدِمَ الْوَاجِبُ مِنْ وَجَدَهُ فِي مَالِهِ فَلَيْسَ لَهُ نُزُولٌ مُطْلَقًا وَلَا صُعُودٌ إلَّا أَنْ لَا يَطْلُبَ جُبْرَانًا لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي وَبِالْإِبِلِ غَيْرُهَا فَلَا يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ وَبِالسَّلِيمَةِ الْمَعِيبَةِ فَلَا يَصْعَدُ بِالْجُبْرَانِ لِأَنَّ وَاجِبَهَا مَعِيبٌ وَالْجُبْرَانُ للتفاوت بين السليمين وهو فوق التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ بِخِلَافِ نُزُولِهِ مَعَ إعْطَاءِ الجبران فجائز لتبرعه بالزيدة " وَهُوَ " أَيْ الْجُبْرَانُ " شَاتَانِ " بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ فِي الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ " أَوْ عشرون دِرْهَمًا " نُقْرَةً خَالِصَةً " بِخِيرَةِ الدَّافِعِ " سَاعِيًا كَانَ أَوْ مَالِكًا لِظَاهِرِ خَبَرِ أَنَسٍ وَعَلَى السَّاعِي رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ.
" وَلَهُ صُعُودُ " دَرَجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ " وَنُزُولُ دَرَجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ تَعَدُّدِ الْجُبْرَانِ " كَأَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ بِنْتِ مَخَاضٍ عَدِمَهَا مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ حُقَّةً وَيَأْخُذَ جُبْرَانَيْنِ أَوْ يُعْطِيَ بَدَلَ حُقَّةٍ عَدِمَهَا مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ بِنْتَ مَخَاضٍ وَيَدْفَعَ جُبْرَانَيْنِ هَذَا " عِنْدَ عدم القربى في غير جِهَةِ الْمُخْرَجَةِ " بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ زِيَادَةِ الْجُبْرَانِ بِدَفْعِ الْوَاجِبِ مِنْ الْقُرْبَى فَإِنْ كَانَتْ الْقُرْبَى فِي غَيْرِ جِهَةِ الْمُخْرَجَةِ كَأَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ لَبُونٍ عَدِمَهَا مَعَ الْحُقَّةِ وَوَجَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا مَعَ جُبْرَانَ بَلْ يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ جَذَعَةٍ مَعَ أَخْذِ جُبْرَانَيْنِ لِأَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ لَيْسَتْ فِي جِهَةِ الْجَذَعَةِ وَقَوْلِي فَأَكْثَرَ مَعَ التَّقْيِيدِ بِجِهَةِ الْمُخْرَجَةِ من زيادتي " ولا يبعض جبران " فلا يجزىء شَاةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِجُبْرَانَ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ شَاتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَلَا يَجُوزُ خَصْلَةٌ ثَالِثَةٌ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَكْسُو خَمْسَةً " إلَّا لمالك رضي " بذلك فيجزي لأن الجبرانحقه فله أسقاطه وهذا من زيادتي وأما الجبرانان فيجوز تبعيضهما فيجزىء شاتان وعشرون درهما لجبرانين كالكفارتين.
" ويجزىء " فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ " نَوْعٌ عَنْ " نَوْعٍ " آخَرَ " كضأن عن معز وعكسه من الغنم وأرجبية عَنْ مُهْرِيَّةٍ وَعَكْسِهِ مِنْ الْإِبِلِ وَعِرَابٍ عَنْ جَوَامِيسَ وَعَكْسِهِ مِنْ الْبَقَرِ " بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ " كَأَنْ تُسَاوِيَ ثَنْيَةَ الْمَعْزِ فِي الْقِيمَةِ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ سَوَاءٌ اتَّحِدْ نَوْعُ مَاشِيَتِهِ أَمْ اخْتَلَفَ " فَفِي ثَلَاثِينَ عَنْزًا " وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزُ " وَعَشْرُ نَعَجَاتٍ " مِنْ الضَّأْنِ " عَنْزٌ أَوْ نَعْجَةٌ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَنْزٍ وَرُبْعُ نَعْجَةٍ " فَلَوْ كانت قيمة عنز مجزئة دينارا أو نعجة مجزئة دينارين لزم عنزا أو نعجة قيمتها دِينَارٌ وَرُبْعٌ " وَفِي عَكْسِهِ " أَيْ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ " عَكْسُهُ " أَيْ الْوَاجِبُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ نَعْجَةٌ أَوْ عَنْزٌ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نَعْجَةٍ وَرُبْعِ عَنْزٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا يُؤْخَذُ نَاقِصٌ " مِنْ ذَكَرٍ وَمَعِيبٍ وَصَغِيرٍ " فِي غَيْرِ مَا مَرَّ " مِنْ جَوَازِ أَخْذِ ابْنِ اللَّبُونِ أَوْ.

(1/122)


مالكها ومضى حول في ملكه ولنتاج نصاب ملكه بملكه حول النصاب فلو ادعى النتاج بعده صدق فإن اتهم سن تحليفه وإسامة مالك لها كل الحول لَكِنْ لَوْ عَلَفهَا قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَطْعَ سَوْمٍ لم يضر ولا زكاة في عوامل وتؤخذ زكاة سائمة عند ورودها ماء وإلا فبيوت أهلها ويصدق مخرجها في عدها إن كان ثقة وإلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحق والذكر مِنْ الشِّيَاهِ فِي الْإِبِلِ أَوْ التَّبِيعِ فِي الْبَقَرِ أَوْ النَّوْعِ الْأَرْدَأِ عَنْ الْأَجْوَدِ بِشَرْطِهِ " إلَّا مِنْ مِثْلِهِ " بِأَنْ تَمَحَّضَتْ مَاشِيَتُهُ ذُكُورًا أَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً بِعَيْبٍ أَوْ صِغَرٍ فَيُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ ابْنُ لَبُونٍ أَكْثَرَ قِيمَةٍ مِنْ ابْنِ لَبُونٍ يُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْهَا لِئَلَّا يُسَوَّى بَيْنَ النِّصَابَيْنِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا تَكُونُ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا بِنِسْبَةِ زِيَادَةِ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَهِيَ خُمُسَانِ وَخُمُسُ خُمُسٍ وَيُؤْخَذُ فِي خمس عشرين معيبة من الإبل معيبة مُتَوَسِّطَةٌ وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا فَصِيلٌ فَوْقَ المأخود فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ فَصِيلٌ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
" فَإِنْ اخْتَلَفَ مَالُهُ نَقْصًا " وَكَمَالًا وَاتَّحَدَ نَوْعًا " فَكَامِلٌ " يُخْرِجُهُ " بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يُوفِ تَمَّمَ بِنَاقِصٍ " وَقَوْلِي فَإِنْ اخْتَلَفَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَالْمُرَادُ بِالنَّقْصِ مَا يُثْبِتُ رَدَّ الْمَبِيعِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ مَالُهُ صِفَةً فَقَطْ فَالْوَاجِبُ الْأَغْبَطُ " وَلَا " يُؤْخَذُ " خيار " كحامل وَأَكُولَةٍ وَهِيَ الْمُسَمَّنَةُ لِلْأَكْلِ وَرُبَّى وَهِيَ الْحَدِيثَةُ الْعَهْدِ بِالنِّتَاجِ بِأَنْ يَمْضِيَ لَهَا مِنْ وِلَادَتِهَا نِصْفُ شَهْرٍ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ أَوْ شَهْرَانِ كما نقله الْجَوْهَرِيُّ " إلَّا بِرِضَا مَالِكِهَا " بِأَخْذِهَا نَعَمْ إنْ كَانَتْ كُلُّهَا خِيَارًا أُخِذَ الْخِيَارُ مِنْهَا إلَّا الحوامل فلا تؤخذ منها حامل كما نقهل الْإِمَامُ وَاسْتَحْسَنَهُ " وَ " ثَالِثُهَا "مُضِيُّ حَوْلٍ فِي مِلْكِهِ" لِخَبَرِ: "لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مَجْبُورٌ بِآثَارٍ صَحِيحَةٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَيْرِهِمْ.
" وَ " لَكِنْ " لِنِتَاجِ نِصَابٍ " بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي " مَلَكَهُ بِمِلْكِهِ " أَيْ بِسَبَبِ مِلْكِ النِّصَابِ " حَوْلَ النِّصَابِ " وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَذَلِكَ بِأَنْ بَلَغَتْ بِهِ نِصَابًا كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ من الغنم نتج منها واحدة فَتَجِبُ شَاتَانِ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا كَمِائَةٍ نَتَجَ مِنْهَا عِشْرُونَ فَلَا أَثَرَ لَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِسَاعِيهِ اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَأَيْضًا الْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ أَنْ يَحْصُلَ النَّمَاءُ وَالنِّتَاجُ نَمَاءٌ عَظِيمٌ فَيَتْبَعُ الْأُصُولَ فِي الْحَوْلِ أَمَّا مَا نَتَجَ مِنْ دُونِ نِصَابٍ وَبَلَغَ بِهِ نِصَابًا فَيُبْتَدَأُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ وَعُلِمَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ النِّصَابِ أَوْ بَعْضُهُ ثُمَّ عَادَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِمِثْلِهِ كَإِبِلٍ بِإِبِلٍ اُسْتُؤْنِفَ الْحَوْلُ بِمَا فَعَلَهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ وَهُوَ مكروه عن قَصْدِ الْفِرَارِ وَأَنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ فِي الْحَوْلِ مَا مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَهِبَةِ وَارِثٍ وَوَصِيَّةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي معنى النتاج المذكور وَإِنَّمَا ضُمَّ إلَيْهِ فِي النِّصَابِ لِأَنَّهُ بِالْكَثْرَةِ فِيهِ بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ فَلَوْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لِلثَّلَاثِينَ تَبِيعٌ وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ وَعِنْدَ تَمَامِ كُلِّ حَوْلٍ لِلْعَشْرَةِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ وَأَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ النِّتَاجُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ حول النصاب حوله لتقرر وَاجِبِ أَصْلِهِ وَلِأَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى بِهِ.
" فَلَوْ ادَّعَى " الْمَالِكُ " النِّتَاجَ بَعْدَهُ " أَيْ بَعْدَ الْحَوْلِ " صُدِّقَ " لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَهُ " فَإِنْ اُتُّهِمَ " أَيْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي " سُنَّ تَحْلِيفُهُ " وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ تَحْلِيفِهِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " رَابِعُهَا " إسَامَةُ مَالِكٍ لَهَا كُلَّ الْحَوْلِ " لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ فِي مَعْلُوفَةِ الغنم وقيس بها معلوفة الإبل الله تبارك وتعالى رضي الله عنهن الرب عز وجل وَالْبَقَرِ وَاخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ قِيمَتُهُ يَسِيرَةٌ لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا " لَكِنْ لَوْ عَلَفهَا قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَطْعَ سَوْمٍ لَمْ يَضُرَّ " أَمَّا لَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَيْرُ مَالِكِهَا كَغَاصِبٍ أَوْ اعْتَلَفَتْ سَائِمَةٌ أو علفت معظم الحول أو قدر ألا تَعِيشُ بِدُونِهِ أَوْ تَعِيشُ لَكِنْ بِضَرَرٍ بَيِّنٍ أَوْ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ لَكِنْ قَصَدَ بِهِ قطع سوم أورثها وتم حولها ولم يعلم فلا زكاة لِفَقْدِ إسَامَةِ الْمَالِكِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ عَنْ الْعَلَفِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا ثَلَاثَةً وَتَعْبِيرِي بِإِسَامَةِ الْمَالِكِ لَهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَكَوْنُهَا سائمة وقوله وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَطْعَ سَوْمٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا زَكَاةَ فِي عَوَامِلَ " فِي حَرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ لِاقْتِنَائِهَا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِلنَّمَاءِ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ " وَتُؤْخَذُ زَكَاةُ سَائِمَةٍ عِنْدَ وُرُودِهَا مَاءً " لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الضَّبْطِ حِينَئِذٍ فَلَا يكلفهم الساعي ودها إلَى الْبَلَدِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُرَاعِي " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ الْمَاءَ بِأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَأِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ " فَ " عند " بيوت أهلها " وأفنيتهم وذلك لخبر.

(1/123)


فتعد والأسهل عند مضيق ولو اشترك اثنان من أهل زكاة في نصاب أوفى أقل ولأحدهما نصاب زكيا كواحد كما لو خلطا جوارا واتحد مشرب ومسرح ومراح وراع وفحل نوع ومحلب وناطور وجرين ودكان ومكان حفظ ونحوها لا حالب وإناء ونية خلطة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْبَيْهَقِيّ " تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَأَفْنِيَتِهِمْ " وَهُوَ مُنَزَّلٌ عَلَى مَا قُلْنَا " وَيُصَدَّقُ مُخْرِجُهَا فِي عَدَدِهَا إنْ كَانَ ثِقَةً وَإِلَّا فتعدو الأسهل " عَدُّهَا " عِنْد مَضِيقٍ " تَمْرُ بِهِ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَوْ نَائِبِهِمَا قَضِيبٌ يُشِيرَانِ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ يُصِيبَانِ بِهِ ظَهْرَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَدِّ وَكَانَ الْوَاجِبُ يختلف به أعاد العد وتعبيري بِالْمُخْرِجِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَالِكِ وَقَوْلِي وَالْأَسْهَلُ من زيادتي " ولو اشترك اثنان " مثلا " مِنْ أَهْلِ زَكَاةٍ فِي نِصَابٍ أَوْ فِي أَقَلَّ " مِنْهُ " وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ " وَلَوْ فِي غَيْرِ مَاشِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ " زَكَّيَا كَوَاحِدٍ " لقوله في خبر أنس " وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ" نُهِيَ الْمَالِكُ عَنْ التَّفْرِيقِ وعن الجمع خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا وَنُهِيَ السَّاعِي عَنْهُمَا خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا وَالْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ الْآتِيَةِ وَمِثْلُهَا خُلْطَةِ الشُّيُوعِ بَلْ أَوْلَى وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ النِّصَابِ اعْتِبَارُ اتِّحَادِ الجنس وإن اختلف نوعه من التَّشْبِيهِ اعْتِبَارُ الْحَوْلِ مِنْ سَنَةٍ وَدُونَهَا كَمَا في التمر وَالْحَبِّ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ حَوْلِ الْخُلْطَةِ مِنْهَا وَأَفَادَتْ زِيَادَتِي أَوْ فِي أَقَلَّ وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَنَّ الشَّرِكَةَ فِيمَا دُونَ نِصَابٍ تُؤَثِّرُ إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا كَأَنْ اشْتَرَكَا فِي عِشْرِينَ شَاةٍ مُنَاصَفَةً وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِثَلَاثِينَ فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ وَالْآخَرُ خُمْسُ شَاةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ وَإِنْ بَلَغَهُ مَجْمُوعُ المالين كأن انفرد كل منهما بتسعة عشر شاة واشتركا في ثنتين.
" كَمَا لَوْ خُلِطَا جِوَارًا " بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا " وَاتَّحَدَ مَشْرَبٌ " أَيْ مَوْضِعُ شُرْبِ الْمَاشِيَةِ " وَمَسْرَحٌ " أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى " وَمُرَاحٌ " بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا " وَرَاعٍ " لَهَا " وَفَحْلٌ نَوْعٌ " بِخِلَافِ فَحْلٍ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُ لِلضَّرُورَةِ وَمَعْنَى اتِّحَادِهِ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا فِي الْمَاشِيَةِ وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ معارا له أو لهما وَتَقْيِيدُ اتِّحَادِ الْفَحْلِ بِنَوْعٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَمَحْلَبٌ " بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مَكَانُ الْحَلَبِ بِفَتْحِ اللَّامِ يُقَالُ لِلَّبَنِ وَلِلْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَحُكِيَ سُكُونُهَا " وَنَاطُورٌ " بِمُهْمَلَةٍ وَحُكِيَ إعْجَامُهَا أَيْ حَافِظُ الشجر والزرع " وَجَرِينٌ " أَيْ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ وَتَخْلِيصِ الْحَبِّ " ودكان ومكان حفظ ونحوها " كمرعى وطريقه ونهر يسفي منه وحراث وميزان ووزان ومكيال وكيال وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا يُعْتَبَرُ اتِّحَادُهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَاحِدًا بِالذَّاتِ بَلْ أَنْ لَا يَخْتَصَّ مَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ فَلَا يَضُرُّ التَّعَدُّدُ حينئذ " لا جالب " فلا يشترط اتحاده كجازا لغنم " وَ " لَا " إنَاءَ " يَحْلُبُ فِيهِ كَآلَةِ الْجَزِّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " لَا " نِيَّةَ خلطة " لِأَنَّ خِفَّةَ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ الْمَرَافِقِ لَا تَخْتَلِفُ بالقصد وعدمه وإما اشترط الِاتِّحَادُ فِيمَا مَرَّ لِيَجْتَمِعَ الْمَالَانِ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ وَلِتَخِفَّ الْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِالزَّكَاةِ فَلَوْ افْتَرَقَ الْمَالَانِ فِيمَا شُرِطَ الِاتِّحَادُ فِيهِ زَمَنًا طَوِيلًا مطلقا أو يسيرا يقصد من المالكين أو أحدهما أو بتقرير للتفرق ضَرَّ وَخَرَجَ بِأَهْلِ الزَّكَاةِ غَيْرُهُ كَذِمِّيٍّ وَمُكَاتَبٍ.

(1/124)


بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ.
تَخْتَصُّ بِقُوتٍ اخْتِيَارًا مِنْ رطب وعنب وحب كبر وأرز وعدس ونصابه خمسة أوسق وهي بالرطل البغدادي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ.
" تَخْتَصُّ بِقُوتٍ اخْتِيَارًا مِنْ رطب وعنب وحب كَبُرٍّ وَأُرُزٍ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزاي في أشهر اللغات " وعدس " ودرة وحمص وباقلاء لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَلِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ لَا تَأْخُذَا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الشَّعِيرُ وَالْحِنْطَةُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقِيسَ بِمَا ذُكِرَ فِيهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُ وَالْحَصْرُ فِي الثَّانِي إضافي لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ" وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَضْبُ فَعَفْوٌ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءٌ أَزَرَعَ ذَلِكَ قَصْدًا أو نبت اتفاقا والقضب بسكون المعجمة.

(1/124)


ألف وستمائة وَهُوَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ درهم وبالدمشقي ثلاثمائة واثنان وأربعون وستة أسباع ويعتبر جافا إن تجفف غير رديء وإلا فرطبا فيقطع بإذن كما لو ضر أصله والحب مصفى وما ادخر في قشره من أرز وعلس فعشرة أوسق غالبا ويكمل نوع بآخر كبر بعلس ويخرج من كل بقسطه فإن عسر فوسط وَلَا يُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ وَزَرْعُهُ إلَى آخَرَ ويضم بعض كل إلى بعض إن اتحد في العام قطع وفيما شرب بعروقه أو بنحو مطر عشر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرَّطْبُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَخَرَجَ بِالْقُوتِ غَيْرُهُ كَخَوْخٍ وَمِشْمِشٍ وَتِينٍ وَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَتُفَّاحٍ وَزَيْتُونٍ وَسِمْسِمٍ وَزَعْفَرَانٍ وَبِالِاخْتِيَارِ مَا يُقْتَاتُ ضَرُورَةً كحب حَنْظَلٍ وَغَاسُولٍ وَتُرْمُسٍ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي شي مِنْهَا " وَنِصَابُهُ " أَيْ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ " خَمْسَةُ أَوْسُقٍ " فَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهَا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ" " وَهِيَ بِالرِّطْلِ الْبَغْدَادِيِّ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ " مِنْ الأرطال لأن الوسق صَاعًا وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بالبغدادي وقدرت به لِأَنَّهُ الرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ " وَهُوَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَبِالدِّمَشْقِيِّ " وَهُوَ سِتُّمِائَةِ درهم " ثلاثمائة وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ " رِطْلًا " وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ " مِنْ رِطْلٍ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مَا ذُكِرَ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرافعي من أنها بالدمشقي ثلاثمائة وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثُلُثَانِ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَعَلَيْهِ إذَا ضَرَبْتهَا فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ رطل مقدار الخمسة الأوسق تبلغ مائتي دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافٍ يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى سِتِّمِائَةٍ يخرج ما ذكره وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ تَضْرِبُ مَا سَقَطَ مِنْ كُلِّ رِطْلٍ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ يَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ يَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ مَبْلَغِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ يَبْقَى مِائَتَا أَلْفٍ وَخَمْسَةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَا دِرْهَمٍ وَإِذَا قُسِمَ ذَلِكَ عَلَى سِتِّمِائَةٍ خَرَجَ مَا صَحَّحَهُ لِأَنَّ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَخَمْسَةِ آلَافٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي مُقَابَلَةِ ثلاثمائة وَاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ رِطْلًا وَالْبَاقِي وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عشر درهما وسبعا درهما فِي مُقَابَلَةِ سِتَّةِ أَسْبَاعِ رِطْلٍ لِأَنَّ سُبْعَ السِّتِّمِائَةِ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ وَالنِّصَابُ الْمَذْكُورُ تحديد والعبرة في بِالْكَيْلِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوَزْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ الْوَسَطُ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْخَفِيفِ وَالرَّزِينِ.
" وَيُعْتَبَرُ " فِي قَدْرِ النِّصَابِ غير الحب في رُطَبٍ وَعِنَبٍ حَالَةَ كَوْنِهِ " جَافًّا إنْ تَجَفَّفَ غير ردىء وَإِلَّا فَرُطَبًا " يُعْتَبَرُ " وَيُقْطَعُ بِإِذْنٍ " مِنْ الْإِمَامِ وَتُخْرَجُ الزَّكَاةُ مِنْهُ " كَمَا لَوْ ضَرَّ أَصْلُهُ " لِامْتِصَاصِهِ مَاءَهُ لِعَطَشٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ رُطَبًا وَيُقْطَعُ بِالْإِذْنِ وَيُؤْخَذُ الْوَاجِبُ رُطَبًا وَقَوْلِي وَيُقْطَعُ إلَى آخِرِهِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الرَّدِيءِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " يُعْتَبَرُ فِيمَا ذُكِرَ " الْحَبُّ " حَالَةَ كَوْنِهِ " مصفى " من تبنه يخلاف مَا يُؤْكَلُ قِشْرُهُ مَعَهُ كَذُرَةٍ فَيَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ وَإِنْ أُزِيلَ تَنَعُّمًا كَمَا يُقْشَرُ الْبُرُّ وَلَا تَدْخُلُ قِشْرَةُ الْبَاقِلَا السُّفْلَى عَلَى مَا في الروضة كأصلها عن العدة لَكِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ أَوْ الْجَزْمُ به "وما ادخر في قشره" ولم يُؤْكَلْ مَعَهُ " مِنْ أُرْزٍ وَعَلَسٍ " بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ نَوْعٌ مِنْ الْبُرِّ " فَعَشْرَةُ أَوْسُقٍ غَالِبًا " نِصَابُهُ اعْتِبَارًا لِقِشْرِهِ الَّذِي ادِّخَارُهُ فِيهِ أَصْلَحُ لَهُ وَأَبْقَى بِالنِّصْفِ وَقَدْ يَكُونُ خَالِصُهَا مِنْ ذَلِكَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا أَوْ خَالِصُ مَا دُونَهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَهُوَ نِصَابٌ وَذَلِكَ مَا احْتَرَزْت عَنْهُ بِزِيَادَتِي غَالِبًا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ كَأُرْزٍ وَعَلَسٍ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ من الحبوب يدخر فِي قِشْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
" وَيُكْمَلُ " فِي نِصَابِ " نَوْعٍ بِآخَرَ كَبُرَ بِعَلَسٍ " لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ كَمَا مَرَّ وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ وَخَرَجَ بِالنَّوْعِ الْجِنْسُ فَلَا يُكْمَلُ بِآخَرَ كَبُرٍ أَوْ شَعِيرٍ بِسُلْتٍ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَهُوَ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ لَا بُرٌّ وَلَا شَعِيرٌ فَإِنَّهُ حَبٌّ يُشْبِهُ الْبُرَّ فِي اللَّوْنِ وَالنُّعُومَةِ وَالشَّعِيرَ في برودة الطبع فَلَمَّا اُكْتُسِبَ مِنْ تَرَكُّبِ الشَّبَهَيْنِ وَصْفًا انْفَرَدَ بِهِ وَصَارَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ " وَيَخْرُجُ مِنْ كُلٍّ" مِنْ النَّوْعَيْنِ " بِقِسْطِهِ فَإِنْ عَسِرَ " إخْرَاجُهُ لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَقِلَّةِ مِقْدَارِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا " فَوَسَطٌ " مِنْهَا يُخْرِجُهُ لَا أَعْلَاهَا وَلَا أَدْنَاهَا رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ قِسْطَهُ جَازَ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ " وَلَا يَضُمُّ ثَمَرَ عَامَ وَزَرْعَهُ إلَى " ثَمَرٍ وَزَرْعِ عَامَ " آخَرَ " فِي إكْمَالِ النِّصَابِ وَإِنْ اطَّلَعَ ثَمَرُ الْعَامِ الثَّانِي قَبْل جُذَاذِ ثَمَرِ الْأَوَّلِ " وَيُضَمُّ بَعْضُ كُلٍّ " مِنْهُمَا " إلَى بَعْضٍ " وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ أَوْ بِلَادِهِ حَرَارَةً أَوْ بُرُودَةً كَنَجْدٍ وَتِهَامَةَ فَتِهَامَةُ حَارَّةٌ يُسْرِعُ إدْرَاكُ الثَّمَرِ بِهَا بِخِلَافِ نَجْدٍ لِبَرْدِهَا " إنْ اتَّحَدَ فِي الْعَامِ قَطْعٌ " لِلثَّمَرِ وَلِلزَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الِاطِّلَاعَانِ فِي الثَّمَرِ وَالزِّرَاعَتَانِ فِي الزَّرْعِ في عام لأن القطع هو المقصود وعدنه يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ مَا لَوْ أَثْمَرَ نَخْلٌ مَرَّتَيْنِ فِي عَامٍ فَلَا ضَمَّ بل هما كثمرة عامين وذكر اتحاد.

(1/125)


وفيما شرب بنضح أو نحوه نصفه وفيما شرب بهما يقسط باعتبار المدة وتجب ببد وصلاح ثمر واشتداد حب أو بعضهما وسن خرص كل تمر بدا صلاحه على مالكه لتضمين وشرط عالم به أهل للشهادات وتضمين لمخرج وقبول.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْقَطْعِ فِي الثَّمَرِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ حَصَادِ الزَّرْعِ فِي الْعَامِ وَإِنْ اعْتَبَرَ ابْنُ الْمُقْرِي اتِّحَادَ اطِّلَاعِ الثَّمَرِ فِيهِ وَمَا تَقَرَّرَ من اعتبار قطع اتِّحَادِ قَطْعِ الزَّرْعِ فِيهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ نَقْلٌ بَاطِلٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ فَضْلًا عَنْ عَزْوِهِ إلَى الْأَكْثَرِينَ بَلْ صَحَّحَ كَثِيرُونَ اعْتِبَارَ اتِّحَادِ الزَّرْعِ فِي الْعَامِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.
" وَفِيمَا شَرِبَ " مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ " بِعُرُوقِهِ " لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ الْبَعْلُ " أَوْ بِنَحْوِ مَطَرٍ " كَنَهْرٍ وَقَنَاةٍ حُفِرَتْ مِنْهُ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلى مؤنة " عشر وفيما شرب " منهما " بنضج " مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ بِحَيَوَانٍ وَيُسَمَّى الذَّكَرُ نَاضِحًا وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ وَيُسَمَّى هَذَا الْحَيَوَانُ أَيْضًا سَانِيَةً " أَوْ نَحْوَهُ " كَدُولَابٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَدْ يُفْتَحُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ وَكَنَاعُورَةٍ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ وَكَمَاءٍ مَلَكَهُ وَلَوْ بِهِبَةٍ لِعِظَمِ المنة فيها أو غضبه لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ " نِصْفُهُ " أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَالْفَرْقُ ثقل المؤنة في هذا خفتها فِي الْأَوَّلِ وَالْأَصْلُ فِيهِمَا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثْرِيًّا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَخَبَرُ الْحَاكِمِ السَّابِقُ وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَقِيلَ بِإِسْكَانِهَا مَا سقي بالسيل الجاري إليه في حفرة وتسمى الحفرة عاثوراء لتعثر الماء بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا وَتَعْبِيرِي بِنَحْوٍ فِي الوضعين أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ فِيهِمَا.
" وَفِيمَا شَرِبَ بِهِمَا " أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَمَطَرٍ وَنَضْحٍ " يَسْقُطُ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ " أَيْ مُدَّةِ عَيْشِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَنَمَائِهِمَا لا بأكثرهما ولا بعدد السَّقِيَّاتِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ مَثَلًا إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا إلَى سَقِيَّةٍ فَسُقِيَ بِالْمَطَرِ وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخْرَى إلَى سَقِيَّتَيْنِ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَكَذَا لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ أخذا بالأسوأ أَوْ احْتَاجَ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا إلَى سَقِيَّتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سَقِيَّاتِ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعِ نِصْفِ الْعُشْرِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ سُقِيَ بِمَاذَا صُدِّقَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ الساعي حلفه ندبا ولو كانت لَهُ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ مُسْقَى بِمَطَرٍ وَآخَرُ مُسْقَى بِنَضْحٍ وَلَمْ يَبْلُغْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نِصَابًا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِتَمَامِ النِّصَابِ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الثَّانِي.
[فَرْعٌ] لَوْ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ وَجَهِلْنَا عَيْنَهُ فَالْوَاجِبُ يَنْقُصُ عَنْ الْعُشْرِ وَيَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ الْحَالَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَعْبِيرِي بِالْمُدَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَيْشِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ.
" وتجب " الزكاة فيما ذكر " ببدو وصلاح ثَمَرٍ " لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَلَحٌ وَحِصْرِمٌ " وَاشْتِدَادِ حَبٍّ " لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادِ وَلَا بُدُوُّ صَلَاحِ الْجَمِيعِ وَاشْتِدَادِهِ كَمَا زِدْته بِقَوْلِي " أَوْ بَعْضِهِمَا " وَسَيَأْتِي في باب الأصول والثمار بَيَانُ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزكاة بما ذُكِرَ وُجُوبُ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ بَلْ انْعِقَادُ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَلَوْ أَخْرَجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبَ والعنب مما يتتمر ويتزبب غير ردىء لم يجزه لو أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَمُؤْنَةُ جُذَاذِ الثَّمَرِ وَتَجْفِيفِهِ وَحَصَادِ الْحَبِّ وَتَصْفِيَتِهِ مِنْ خَالِصِ مال المالك لا يحسب شيء مِنْهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ " وَسُنَّ خَرْصٌ " أَيْ حَزْرُ " كُلِّ ثَمَرٍ " فِيهِ زَكَاةٌ إذَا " بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ " لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْخَبَرِ السابق أول الباب فبطوف الْخَارِصُ بِكُلِّ شَجَرَةٍ وَيُقَدِّرُ ثَمَرَتَهَا أَوْ ثَمَرَةَ كُلِّ النَّوْعِ رُطَبًا ثُمَّ يَابِسًا " لِتَضْمِينِ " أَيْ لِنَقْلِ الْحَقِّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا لِيُخْرِجَهُ بَعْدَ جَفَافِهِ " وَشُرِطَ " فِي الْخَرْصِ الْمَذْكُورِ " عَالِمٌ بِهِ " وَاحِدًا كَانَ أَوْ أكثر لأن الجاهل بالشيء مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " أَهْلٌ لِلشَّهَادَاتِ " كُلِّهَا مِنْ عَدَالَةٍ وَحُرِّيَّةٍ وَذُكُورَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّ الْخَرْصَ وِلَايَةٌ فَلَا يصح لَهَا مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ وَاكْتُفِيَ بِالْوَاحِدِ لأن الخرص ينشأ عن اجتهاد فكان الحاكم وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصًا أَوَّلَ مَا تَطِيبُ الثمرة " و " شرط " تضمين " من الإمام ونائبه أي تضمين الحق " لمخرج " مِنْ مَالِكٍ أَوْ نَائِبِهِ وَخَرَجَ بِالثَّمَرَةِ الزَّرْعُ فلا خرص فيه لاستتار حبه لا يؤكل غالبا رطبا بخلاف الثمر ويبدو صلاحه ما قبله لأن الخرص لا يتأنى فِيهِ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِيهِ وَلَا ينضبط المقدار.

(1/126)


فله تصرف في الجميع ولو ادعى تلفا فكوديع لكن اليمين سنة أو حيف خارص أو غلطه بما يبعد لم يصدق ويحط في الثانية المحتمل أو به بعد تلف صدق بيمينه إن اتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِكَثْرَةِ الْعَاهَاتِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَأَفَادَ ذِكْرُ كُلٍّ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لِلْمَالِكِ شَيْئًا خِلَافًا لِقَوْلٍ قَدِيمٍ أَنَّهُ يَبْقَى لَهُ نَخْلَةٌ أَوْ نخلات يأكلها أهله لخبر ورد فيخه وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ لَا من المخروص ليفرقه بنفسه على فقراء أقاره وَجِيرَانِهِ لِطَمَعِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا دَخْلَ لِلْخَرْصِ فِي نَخِيلِ الْبَصْرَةِ لِكَثْرَتِهَا ولإباحة أهلها اوكل منها للمجتاز وكلام الأصحاب يخالفه.
" وَقَبُولٌ " لِلتَّضْمِينِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ضَمَّنْتُك حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الرُّطَبِ بِكَذَا فَيَقْبَلُ " فَلَهُ " أَيْ لِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ " تَصَرُّفٌ فِي الْجَمِيعِ " أَيْ جَمِيعِ مَا خَرِصَ بَيْعًا وَغَيْرَهُ لِانْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ عَنْ الْعَيْنِ فَإِنْ انْتَفَى الْخَرْصُ أَوْ التَّضْمِينُ أَوْ الْقَبُولُ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ بَلْ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ لَا مُعَيَّنًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ " وَلَوْ ادَّعَى تَلَفًا " لَهُ أَوْ لِبَعْضِهِ " فَكَوَدِيعٍ " فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ مُطْلَقًا أَوْ بسبب خفي كسرقة أو ظاهرا كَبَرْدٍ وَنَهْبٍ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أو عرف مع عمومه فكذلك إن أنهم وإن صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِهِ لِإِمْكَانِهَا ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي التَّلَفِ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِحَرِيقٍ فِي الْجَرِينِ مَثَلًا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْجَرِينِ حَرِيقٌ لَمْ يُبَالَ بِكَلَامِهِ " لَكِنَّ الْيَمِينَ " هُنَا " سُنَّةٌ " بِخِلَافِهَا فِي الْوَدِيعِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ وَهَذَا مَعَ حُكْمِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ بِالِاتِّهَامِ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " ادَّعَى " حَيْفَ خَارِصٍ " فِيمَا خَرَصَهُ " أَوْ غَلَّطَهُ " فِيهِ " بِمَا يَبْعُدُ لَمْ يُصَدَّقْ " إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى حَيْفَ حاكم أن كَذِبَ شَاهِدٍ " وَيُحَطُّ فِي الثَّانِيَة " الْقَدْرُ " الْمُحْتَمَلُ " بِفَتْحِ الْمِيمِ لِاحْتِمَالِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " ادَّعَى غَلَطَهُ "بِهِ" أَيْ بِالْمُحْتَمَلِ " بَعْدَ تَلَفٍ " للمخروص " صدق بيمينه " ندبا " إنْ اُتُّهِمَ " وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ لم يتلف أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى غَلَطَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَقَوْلِي بَعْدَ تَلَفٍ مَعَ قَوْلِي بِيَمِينِهِ إنْ اُتُّهِمَ من زيادتي.

(1/127)


باب زكاة النقد
يجب في عشرين مثقالا ذهبا ومائتي درهم فضة فأكثر بوزن مكة بعد حول ربع عشر ولو اختلط إناء منهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ"
وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ وَالْأَصْلُ فيها ما مَا يَأْتِي أَيَّةُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} 1 فُسِّرَتْ بِذَلِكَ " يَجِبُ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا وَ " فِي " مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةً فَأَكْثَرَ " مِنْ ذَلِكَ " بِوَزْنِ مَكَّةَ بَعْدَ حَوْلِ رُبْعِ عُشْرٍ " لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حسن كما فِي الْمَجْمُوعِ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دينارا وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ لَيْسَ فيما دون خمس أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ وَالرِّقَّةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عوض من الواو الأوقية بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَاعْتِبَارُ الْحَوْلِ وَوَزْنُ مَكَّةَ رَوَاهُمَا أَبُو داود وغيره والمعنى في ذلك أن للذهب وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ لِلنَّمَاءِ كَالْمَاشِيَةِ فِي السَّائِمَةِ وَبِمَا ذكر علم أن نصاب الذهب عشرون دينار أو نصاب الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فِضَّةٍ وَأَنَّهُ لَا وَقْصَ في ذلك كالمعشرات التَّجَزُّؤِ بِلَا ضَرَرٍ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ وَأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ تَمَّ فِي بَعْضِ الْمَوَازِينِ وَلَا فِي مَغْشُوشٍ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا فَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ قَدْرُهَا لَكِنْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُ الخالص حفظا للنحاس ولا في سائر الجواهر كلؤلؤ وياقوت وفيروز لِعَدَمِ وُرُودِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ كَالْمَاشِيَةِ الْعَامِلَةِ وَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دوانق والدانق سدس درهم وهو ثمان حَبَّاتٍ وَخُمْسَا حَبَّةٍ فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمْسَا حَبَّةٍ وَمَتَى زِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا فَكُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَوَزْنُ نِصَابِ الذَّهَبِ بِالْأَشْرَفِيِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وسبعان وتسع وقولي فأكثر من زيادتي.
__________
1 التوبة: 34.

(1/127)


وجهل زكى كلا الأكثر أو ميز ويزكى محرم ومكروه لا حلي مباح علمه ولم ينو كنزه ولو انكسر إن قصد إصلاحه وأمكن بلا صوغ ومما يحرم سوار وخلخال للبس رجل وخنثى وحرم عليهما أصبع وحلي ذهب وسن وخاتم منه لا أنف وأنملة وسن وخاتم فضة ولرجل منها حلية آلة حرب بلا سرف كسيف ورمح لا ما لا يلبسه كسرج ولجام ولا مرأة لبس حليهما وما نسج بهما إلا إن بالغت في سرف ولكل تحلية مصحف بفضة ولها بذهب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وَلَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا " بِأَنْ سُبِكَا مَعًا وَصِيَغ مِنْهُمَا الْإِنَاءُ " وَجُهِلَ " أَكْثَرُهُمَا " زَكَّى كُلًّا " منها بِفَرْضِهِ " الْأَكْثَرَ " إنْ احْتَاطَ فَإِذَا كَانَ وَزْنُهُ أَلْفًا مِنْ أَحَدِهِمَا سِتُّمِائَةٍ وَمِنْ الْآخَرِ أَرْبَعُمِائَةٍ زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً وَلَا يَجُوزُ فَرْضُ كُلِّهِ ذَهَبًا لِأَنَّ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ لَا يجزىء عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ " أَوْ مَيَّزَ " بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ كَأَنْ يَضَعَ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا ويعلم ارتفاعه ثُمَّ أَلْفًا فِضَّةً وَيَعْلَمَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ الْمَخْلُوطُ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ أَقْرَبُ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ " وَيُزَكَّى " مِمَّا ذكر " محرم " كآنية " ومكروه " كضبة قضة صغيرة لزينة حليا كان أو غيره وذلك الْمَكْرُوهِ مِنْ زِيَادَتِي " لَا حُلِيٌّ مُبَاحٌ " كَسِوَارٍ لمرأة بِقَيْدَيْنِ زِدْتهمَا بِقَوْلِي " عَلِمَهُ " الْمَالِكُ " وَلَمْ يَنْوِ كنزه " فلا يزكى لأن زكاة الذهب والقضة تناط بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لَا بِجَوْهَرِهِمَا إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِمَا وَلِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ كَعَوَامِلِ الْمَاشِيَةِ.
" وَلَوْ انْكَسَرَ إنْ قُصِدَ إصلاحه " بقيد زدته بقولي " وأمكن لا صَوْغٍ " لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ بِإِلْحَامٍ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ بَلْ قصد جعله تبرا أو درهما أَوْ كَنْزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى صَوْغٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ ولا معد لاستعمال وَخَرَجَ بِقَوْلِي عَلِمَهُ مَا لَوْ وَرِثَ حُلِيًّا مُبَاحًا وَلَمْ يَعْلَمْهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ قاله الروياني وذكر عن والده لاحتمال وَجْهٍ فِيهِ إقَامَةٌ لِنِيَّةِ مُوَرِّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ وبقولي ولم ينو مَا لَوْ نَوَاهُ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ أَيْضًا " وَمِمَّا يَحْرُمُ سِوَارٌ " بِكَسْرِ السِّينِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا " وَخَلْخَالٌ " بِفَتْحِ الْخَاءِ " لِلِبْسِ رَجُلٍ وَخُنْثَى " بِأَنْ قصد ذلك باتخاذهما فيهما مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ بِخِلَافِ اتِّخَاذِهِمَا لِلِبْسِ غَيْرِهِمَا مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ أَوْ لِإِعَارَتِهِمَا أَوْ إجَارَتِهِمَا لِمَنْ له استعمالهما أو لا لقصد شيء أو يقصد كَنْزِهِمَا وَإِنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
" وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا أُصْبُعٌ " مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَالْيَدُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى " وَحُلِيُّ ذهب وسن وخاتم مِنْهُ " أَيْ مِنْ الذَّهَبِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذكورها وصححه الترمذي وألحق بالذكور الخناثى احتياطا " لَا أَنْفٌ وَأُنْمُلَةٌ " بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ " وَسِنٌّ " أَيْ لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا مِنْ ذَهَبٍ عَلَى مَقْطُوعِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُهَا مِنْ الْفِضَّةِ الْجَائِزَةِ لذلك بالأولى لأنه لا تصدأ غَالِبًا وَلَا يَفْسُدُ الْمَنْبَتُ وَلِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْأَنْفِ السِّنُّ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَالْأُنْمُلَةُ وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأُصْبُعِ واليد أنها تعلم بِخِلَافِهِمَا فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ كَمَا مَرَّ " وَخَاتَمُ فِضَّةٍ " لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْخُنْثَى فِيمَا ذُكِرَ من زيادتي " و " يحل " لرجل منها " أي من الْفِضَّةِ " حِلْيَةَ " أَيْ تَحْلِيَةَ " آلَةِ حَرْبٍ بِلَا سَرَفٍ " فِيهَا " كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ " وَخُفٍّ وَأَطْرَافِ سِهَامٍ لِأَنَّهَا تَغِيظُ الْكُفَّارَ أَمَّا مَعَ السَّرَفِ فِيهَا فَتَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ " لَا " حِلْيَةَ " مَا لَا يَلْبَسُهُ كَسَرْجٍ وَلِجَامٍ " وَرِكَابٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَلْبُوسٍ لَهُ كَالْآنِيَةِ وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ لِمَنْ ذُكِرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ وَبِالرَّجُلِ فِي الثَّانِيَةِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يَحِلُّ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التشبيه بالرجال وهو حرام على المرأة وكعكسه وَإِنْ جَازَ لَهَا الْمُحَارَبَة بِآلَةِ الْحَرْبِ فِي الْجُمْلَةِ وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا وَظَاهِرُ مَنْ حَلَّ تَحْلِيَةُ مَا ذُكِرَ أَوْ تَحْرِيمَهُ حَلَّ استعماله وتحريمه مُحَلًّى لَكِنْ إنْ تَعَيَّنَتْ الْحَرْبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ.
" وَلِامْرَأَةٍ " فِي غَيْرِ آلَةِ الْحَرْبِ " لِبْسُ " أَنْوَاعِ " حُلِيِّهِمَا " أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَطَوْقٍ وَخَاتَمٍ وَسِوَارٍ وَنَعْلٍ وَكَقِلَادَةٍ مِنْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ مُعَرَّاةٍ قَطْعًا وَمَثْقُوبَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ لِدُخُولِهَا فِي اسْمِ الْحُلِيِّ وَرَدَ بِهِ تَصْحِيحُ الرَّافِعِيِّ تَحْرِيمُهَا وَإِنْ اتبعه فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ يُقَالُ بِكَرَاهَتِهَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فَعَلَى التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ تَجِبُ زَكَاتُهَا وَعَلَى الإباحة لا تجب وإن.

(1/128)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهَا تَجِبُ " وَمَا نُسِجَ بِهِمَا " مِنْ الثِّيَابِ كَالْحُلِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِهِ " إلا إن بالغت في سرف " في شيء من ذلك كخلخال وزنه مائة مِثْقَالٍ فَلَا يَحِلُّ لَهَا لِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِإِبَاحَةِ الحلى لها التزين لِلرِّجَالِ الْمُحَرِّكِ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي لِكَثْرَةِ النَّسْلِ وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ فَإِنْ أَسَرَفَتْ بِلَا مُبَالَغَةٍ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَفَارَقَ ما سر في آلة الحرب حيث لم يغتفر فِيهِ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حِلُّهُمَا لِلْمَرْأَةِ بِخِلَافِهِمَا لِغَيْرِهَا فَاغْتُفِرَ لَهَا قَلِيلُ السَّرَفِ وَكَالْمَرْأَةِ الطِّفْلُ فِي ذَلِكَ لَكِنْ لَا يُقَيَّدُ بِغَيْرِ آلَةِ الْحَرْبِ فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا لِبْسُ حلى الذهب والفضة على ما رم وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا إلَّا إنْ فَاجَأَتْهُمَا الْحَرْبُ وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ وَتَعَيَّنَتْ عَلَى الْخُنْثَى " وَلِكُلٍّ " مِنْ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا " تَحْلِيَةُ مُصْحَفٍ بِفِضَّةٍ " إكرما له " وَلَهَا " دُونَ غَيْرِهَا تَحْلِيَتُهُ " بِذَهَبٍ " لِعُمُومِ خَبَرِ أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذكورها وفي فتاوى الغزالي أم مَنْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِالذَّهَبِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.
" تَنْبِيهٌ " قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عن جمع وحيث حرمنا الذهب المراد به إذا لم يصدأ فإن صدىء بِحَيْثُ لَا يَبِينُ لَمْ يَحْرُمْ.

(1/129)


باب زكاة المعدن والركاز والتجارة.
مَنْ اسْتَخْرَجَ نِصَابَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مِنْ معدن لزمه ربع عشره حالا وَيَضُمُّ بَعْضَ نَيْلِهِ لِبَعْضٍ إنْ اتَّحَدَ مَعْدِنٌ واتصل عمل أو قطعه لعذر وإلا فَلَا يُضَمُّ أَوَّلٌ لِثَانٍ فِي إكْمَالِ نِصَابٍ ويضم ثانيا لما ملكه وفي ركاز من ذلك خمس حالا يصرف كمعدن مصرف الزكاة وهو دفين جاهلي فإن وجده بموات أو ملك أحياه زكاه أو وجد بمسجد أو شارع إسلامي وعلم مالكه فله أو جهل فلقطة كما لو جهل حال الدفين أو بملك شخص فله إن ادعاه وإلا فلمن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب زكاة المعدن والركاز والتجارة.
" مَنْ اسْتَخْرَجَ " مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ " نِصَابَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ " فَأَكْثَرَ " مِنْ مَعْدِنٍ " أَيْ مَكَان خلقه فِيهِ مَوَاتٍ أَوْ مِلْكٍ لَهُ وَيُسَمَّى بِهِ الْمُسْتَخْرَجُ أَيْضًا كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ " لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ " لِخَبَرِ: "وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ" وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ " حَالًّا " فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلتَّمَكُّنِ من تنمية المال والمستخرج من معدن نَمَاءً فِي نَفْسِهِ وَاعْتُبِرَ النِّصَابُ لِأَنَّ مَا دُونَهُ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ " وَيَضُمُّ بَعْضَ نَيْلِهِ لِبَعْضٍ إنْ اتحد معدن واتصل عمل أو قطعه لعذر " كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَإِصْلَاحِ آلَةٍ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ عُرْفًا أَوْ زَالَ الْأَوَّلُ عَنْ مِلْكِهِ وَقَوْلِي إنْ اتَّحَدَ مَعْدِنٌ مِنْ زِيَادَتِي "وَإِلَّا" بِأَنْ تَعَدَّدَ الْمَعْدِنُ أَوْ قُطِعَ الْعَمَلُ بِلَا عُذْرِ " فلا يضم " نيلا " أو لِثَانٍ فِي إكْمَالِ نِصَابٍ " وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ لِعَدَمِ الِاتِّحَادِ فِي الْأَوَّلِ وَلِإِعْرَاضِهِ فِي الثَّانِي " وَيَضُمُّ ثَانِيًا لِمَا مَلَكَهُ " مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ عَرْضِ تِجَارَةٍ يَقُومُ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ كَإِرْثٍ فِي إكْمَالِهِ فَإِنْ كَمُلَ بِهِ النِّصَابُ زَكَّى الثَّانِيَ فَلَوْ اسْتَخْرَجَ تِسْعَةَ عشر مثقالا بالأول ومثقالا في الثاني فَلَا زَكَاةَ فِي التِّسْعَةَ عَشَرَ وَتَجِبُ فِي الْمِثْقَالِ كَمَا تَجِبُ فِيهِ لَوْ كَانَ مَالِكًا لِتِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ والذهب غيرهما كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَيَاقُوتٍ وَكُحْلٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَبِقَوْلِي لِثَانٍ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ فَيَضُمُّ إلَيْهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَوَقْتُ وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ المعدن عقب تخليصه ونتقيته وَمُؤْنَةُ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ وَتَعْبِيرِي بِمَا مَلَكَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَوَّلِ.
" وَفِي رِكَازٍ " بِمَعْنَى مَرْكُوزٍ كَكِتَابٍ بِمَعْنَى مَكْتُوبٍ " مِنْ ذَلِكَ " أَيْ من نصاب أَوْ فِضَّةٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِضَمِّهِ إلَى مَا مَلَكَهُ مِمَّا مَرَّ " خُمُسٌ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفَارَقَ وُجُوبَ رُبْعِ الْعُشْرِ فِي الْمَعْدِنِ بِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ أَوْ خِفَّتِهَا " حَالًّا " فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ لِمَا مَرَّ فِي الْمَعْدِنِ " يُصْرَفُ " أَيْ الْخُمْسُ " كَمَعْدِنٍ " أي زكاته " مَصْرِفَ الزَّكَاةِ " لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَقَوْلِي كَمَعْدِنٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَهُوَ " أَيْ الرِّكَازُ " دَفِينٌ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مَوْجُودٌ " جَاهِلِيٌّ فَإِنْ وَجَدَهُ " مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلزَّكَاةِ " بِمَوَاتٍ أَوْ مِلْكٍ أَحْيَاهُ زَكَّاهُ " وَفِي مَعْنَى الْمَوَاتِ الْقِلَاعُ وَالْقُبُورُ الْجَاهِلِيَّةُ " أَوْ وَجَدَ بِمَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ " أَوْ وُجِدَ دَفِينٌ " إسْلَامِيٌّ " بِأَنْ وُجِدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ اسْمُ مَلِكٍ من ملوك الإسلام " وعلم مالكه " في الثالثة.

(1/129)


ملك منه وهكذا إلى المحيي ولو ادعاه اثنان فلمن صدقه المالك أو بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ أَوْ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ أَوْ مُعِيرٌ ومستعير حلف ذو اليد إن أمكن والواجب فيما ملك بمعاوضة بنية تجارة كشراء وإصداق ربع عشر قيمته ما لم ينو القنية بشرط حول ونصاب معتبرا بآخره فلو رد في أثنائه إلى نقد يقوم به آخره وهو دون نصاب واشترى به عرض ابتدىء حوله من شرائه ولو تم وقيمته دون نصاب وليس معه ما يكمل به ابتدىء حول وإذا ملكه بِعَيْنِ نَقْدِ نِصَابٍ أَوْ دُونَهُ وَفِي مِلْكِهِ باقيه بنى على حوله وإلا فمن ملكه ويضم ربح لأصل في الحول إن لم ينض بما يقوم به وإذا ملكه بنقد قوم به.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" فَلَهُ " فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ وَذُكِرَ هَذَا فِي وجدانه في مسجد أَوْ شَارِعٍ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ جَهِلَ " أَيْ المالك في الثلاثة " فلقطة " فيعرفه الْوَاجِدُ سَنَةً ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهُ " كَمَا " يَكُونُ لُقَطَةً " لَوْ جُهِلَ حَالُ الدَّفِينِ " أَيْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ جَاهِلِيٌّ أَوْ إسْلَامِيٌّ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُضْرَبُ مثله في الجاهلية والإسلام ومما لَا أَثَرَ عَلَيْهِ كَالتِّبْرِ وَالْحُلِيِّ " أَوْ " وُجِدَ " بِمِلْكِ شَخْصٍ فَلَهُ " أَيْ لِلشَّخْصِ " إنْ ادَّعَاهُ " يَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ كَأَمْتِعَةِ الدَّارِ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ " فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ وَهَكَذَا " حتى ينتهي الأمر " إلى المحي " لِلْأَرْضِ فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ لِأَنَّهُ بالإحياء ملك ما في الأرض وبالبيع لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَدْفُونٌ مَنْقُولٌ فإن كان المحي أو من تلقى الملك عنه مينا فَوَرَثَتُهُ قَائِمُونَ مَقَامَهُ فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ لِمُوَرِّثِنَا وَأَبَاهُ بَعْضُهُمْ سَلِمَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي إلَيْهِ وَسَلَكَ بِالْبَاقِي مَا ذُكِرَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ تَصَدَّقَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ " وَلَوْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ " وَقَدْ وُجِدَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِمَا " فَلِمَنْ صَدَّقَهُ الْمَالِكُ " فَيُسَلِّمُهُ لَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " ادَّعَاهُ " بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ أَوْ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ أَوْ مُعِيرٌ وَمُسْتَعِيرٌ " وقال كل منهما هو لي وأنا ذقته " حلف ذو اليد " من المدعين فِي الثَّلَاثِ لِيُصَدَّقَ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي مَتَاعِ الدَّارِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ أَمْكَنَ " صِدْقُهُ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِكَوْنِ مِثْلِ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِي مُدَّةِ يَدِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ بَعْدَ عَوْدِ الْمِلْكِ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُكْرِي أو المعير فإن قال كل منهما دَفَنْته بَعْدَ عَوْدِ الْمِلْكِ إلَيَّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ دَفَنْته قَبْلَ خروجه من يدي صدق المشتري والمكتري والمستعير عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلِمَ لَهُ حُصُولُ الْكَنْزِ فِي يَدِهِ فَيَدُهُ تَنْسَخُ الْيَدَ السَّابِقَةَ.
" وَ " الْوَاجِبُ " فِيمَا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ " مَقْرُونَةٍ " بِنِيَّةِ تِجَارَةٍ " وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ " كشراء وإصداق " وهبة بثواب واكتراء لَا كَإِقَالَةٍ وَرَدَّ بِعَيْبٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ وَاحْتِطَابٍ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ " رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ " أَمَّا أنه ربع عشر فَكَمَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِهِمَا وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُهُ فَلَا يجوز إخراجه من عين العرض " ما لم ينو القنية " فَإِنْ نَوَى لَهَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ مَقْرُونَةً بِتَصَرُّفٍ وَالْأَصْلُ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ خَبَرُ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وفي الغنم صدقتها وفي البر صَدَقَتُهُ وَهُوَ يُقَالُ لِأَمْتِعَةِ الْبَزَّازِ وَلِلسِّلَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ فَصَدَقَتُهُ زَكَاةُ تِجَارَةٍ وَهِيَ تقليب المال بمعاوضة لغرض الرِّبْحِ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ مَا مُلِكَ بِاقْتِرَاضٍ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فَتَكْفِي نِيَّتُهَا لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهَا لَا تَكْفِي لِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ مَقْصُودُهُ التِّجَارَةَ بل الإرفاق وإنما تجب زكاة التجارة " بِشَرْطِ حَوْلٍ وَنِصَابٍ " كَغَيْرِهَا " مُعْتَبَرًا " أَيْ النِّصَابُ " بِآخِرِهِ " أَيْ بِآخِرِ الْحَوْلِ لَا بِطَرَفَيْهِ وَلَا بِجَمْعَيْهِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْقِيمَةِ وَتَعْسُرُ مُرَاعَاتُهَا كُلَّ وَقْتٍ لِاضْطِرَابِ الْأَسْعَارِ انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخر الحول لأنه وقت الوجوب.
" فلورد " مَالَ التِّجَارَةِ " فِي أَثْنَائِهِ " أَيْ الْحَوْلِ " إلَى نَقْدٍ " كَأَنْ بِيعَ بِهِ وَكَانَ مِمَّا " يَقُومُ بِهِ آخِرُهُ " أَيْ آخِرُ الْحَوْلِ " وَهُوَ دُونَ نصاب واشترى به عرض ابتدىء حَوْلُهُ " أَيْ الْعَرْضُ " مِنْ " حِينِ شِرَائِهِ لِتَحَقُّقِ نقص النصاب بالنتضيض بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مَظْنُونٌ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ أَوْ بِنَقْدٍ لَا يَقُومُ بِهِ آخِرَ الْحَوْلِ كَأَنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَالْحَالُ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِنَقْدٍ يَقُومُ بِهِ وَهُوَ نِصَابٌ فحوله باق وقولي يقوم به إلى آخِرُهُ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَوْ تَمَّ " أَيْ حَوْلُ مَالِ التِّجَارَةِ " وَقِيمَتُهُ دُونَ نِصَابٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُكْمِلُ بِهِ " النِّصَابَ " ابتدىء حَوْلٌ " فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُكْمِلُ بِهِ فَإِنْ مَلَكَهُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ زَكَّاهُمَا آخِرَهُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَابْتَاعَ بِخَمْسِينَ مِنْهَا عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ وَبَقِيَ فِي مِلْكِهِ خَمْسُونَ وَبَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ آخَرَ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَيُضَمُّ لِمَا عِنْدَهُ وَتَجِبُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ وإن ملكه وإن ملكه في أثنائه كما لو ابتاع بالمائة ثُمَّ مَلَكَ خَمْسِينَ زَكَّى الْجَمِيعَ إذَا تَمَّ حَوْلٌ الْخَمْسِينَ " وَإِذَا مَلَكَهُ " أَيْ مَالَ التِّجَارَةِ " بِعَيْنِ نَقْدِ نِصَابٍ أَوْ دُونَهُ وَفِي مِلْكِهِ باقيه " كأن اشتراه بعين عشرين.

(1/130)


أو بغيره فبغالب نقد البلد أو بهما قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ فإن غلب نقدان وبلغ نصابا بأحدهما قوم به أو بهما خير وتجب فطرة رقيق تجارة مع زكاتها وَلَوْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وكمل نصاب إحدى الزكاتين وجبت أو نصابهما فزكاة العين فلو سبق حول التجارة زكاها وافتتح حولا لزكاة العين أبدا وزكاة مال قراض على مالكه فإن أخرجها منه حسبت من الربح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مثقالا وبعين عشرة وفي ملكنه عَشْرَةٌ أُخْرَى " بَنَى عَلَى حَوْلِهِ " أَيْ حَوْلِ النَّقْدِ " وَإِلَّا " بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ وإن نقده في الثمن أو بعرضه قُنْيَةٍ وَلَوْ سَائِمَةً أَوْ بِنَقْدٍ دُونَ نِصَابٍ وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ بَاقِيه " ف " حَوْلُهُ " مِنْ " حِينِ: " مَلَكَهُ " وَفَارَقَتْ الْأُولَى مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ النَّقْدِ بِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِلشِّرَاءِ فِيهَا بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَيْنِ مَعَ قَوْلِي أَوْ دُونَهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيه مِنْ زِيَادَتِي.
" وَيُضَمُّ رِبْحٌ " حَاصِلٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَلَوْ مِنْ عَيْنِ الْعَرْضِ كَوَلَدٍ وَثَمَرٍ " لِأَصْلٍ فِي الْحَوْلِ إنْ لَمْ يَنِضَّ " بِكَسْرِ النون بقيد زدته بقولي " بما تقوم بِهِ " الْآتِي بَيَانُهُ فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ درهم صارت قيمته في الحول ما ولو قبل آخره بلحظة ثلاثمائة أو نص فِيهِ بِهَا وَهِيَ مِمَّا لَا يَقُومُ بِهِ زَكَّاهَا آخِرَهُ أَمَّا إذَا نَضَّ أَيْ صَارَ نَاضًّا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِمَا يَقُومُ بِهِ وَأَمْسَكَهُ إلَى آخَرِ الْحَوْلِ فَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ بَلْ يُزَكِّي الْأَصْلَ بِحَوْلِهِ وَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلٍ كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بعد ستة أشهر بثلاثمائة وأمسكها إلَى آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهَا عَرْضًا يُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةٍ آخِرَ الْحَوْلِ فَيُخْرِجُ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ زَكَّى الْمِائَةَ " وَإِذَا مَلَكَهُ " أَيْ مَالَ التِّجَارَةِ " بِنَقْدٍ " وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ أَوْ دُونَ نِصَابٍ " قُوِّمَ بِهِ " لِأَنَّهُ أَصْلُ مَا بِيَدِهِ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ وَإِنْ بَلَغَ بِغَيْرِهِ " أَوْ " مَلَكَهُ " بِغَيْرِهِ " أَيْ بغير نقد كعرض ونكاح وخلع " فبغالب نقد البلد " يقوم فلو حاتل الْحَوْلُ بِمَحَلٍّ لَا نَقْدَ فِيهِ كَبَلَدٍ يَتَعَامَلُ فِيهِ بِفُلُوسٍ أَوْ نَحْوِهَا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ بِلَادٍ إلَيْهِ وَقَوْلِي أَوْ بِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِعَرْضٍ " أَوْ " مَلَكَهُ " بِهِمَا " أَيْ بِنَقْدٍ وَغَيْرِهِ " قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ " مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ " فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ " عَلَى التَّسَاوِي " وَبَلَغَ " أَيْ مَالُ التِّجَارَةِ " نِصَابًا بِأَحَدِهِمَا " دُونَ الْآخَرِ " قُوِّمَ " مَا لَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَمَا قَابَلَ غَيْرَ النَّقْدِ فِي الثَّالِثَةِ " بِهِ " لِتَحَقُّقِ تَمَامِ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ أو بنقد به دُونَ نَقْدٍ يَقُومُ بِهِ " أَوْ " بَلَغَ نِصَابًا " بِهِمَا" أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا " خُيِّرَ " الْمَالِكُ كَمَا في شاتي الجبران ودارهمه وهذا ماصححه فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَبِهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُهِّمَّاتِ وَخَالَفَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَنْفَعُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ مُقْتَضَى إيراد الإمام والبغوي وقولي فإن غالب نَقْدَانِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّالِثَةِ.
" وَتَجِبُ فِطْرَةُ رَقِيقِ تِجَارَةٍ مَعَ زَكَاتِهَا " لِاخْتِلَافِ سببيهما " وَلَوْ كَانَ " أَيْ مَالُ التِّجَارَةِ " مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ " كَسَائِمَةٍ وَثَمَرٍ " وَكَمَّلَ " بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ " نِصَابَ إحْدَى الزَّكَاتَيْنِ " مِنْ عَيْنٍ وَتِجَارَةٍ دُونَ نِصَابِ الْأُخْرَى كَأَرْبَعِينَ شَاةً لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ أَوْ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ فَأَقَلَّ قِيمَتُهَا نِصَابٌ " وَجَبَتْ " زَكَاةُ مَا كَمُلَ نِصَابُهُ " أَوْ " كَمَّلَ " نِصَابَهُمَا فَزَكَاةُ الْعَيْنِ " تُقَدَّمُ فِي الْوُجُوبِ عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ لِقُوَّتِهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يجتمع الزَّكَاتَانِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ كَانَ مَعَ مَا فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ مَا لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَجَرًا لِلتِّجَارَةِ فَبَدَا قَبْلَ حَوْلِهِ صَلَاحُ ثَمَرِهِ وَجَبَ مَعَ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَنْ الثَّمَرِ زَكَاةُ الشَّجَرِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَقَوْلِي مِمَّا تجب الزكاة في عينه أعم من قول سائمة " فلو سبق حول " زكا " التجارة حول زكاة العين " كأن اشترى بماله بعد ستة أشهر نصاب سَائِمَةً أَوْ اشْتَرَى بِهِ مَعْلُوفَةً لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ أسامها بعد سِتَّةَ أَشْهُرٍ " زَكَّاهَا " أَيْ التِّجَارَةَ أَيْ مَالَهَا لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا " وَافْتَتَحَ " مِنْ تَمَامِهِ " حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا " فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْأَحْوَالِ " وَزَكَاةُ مَالِ قِرَاضٍ عَلَى مَالِكِهِ " وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ رِبْحٌ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ إذْ الْعَامِلُ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْجَعَالَةِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ بِفَرَاغِهِ مِنْ الْعَمَلِ " فَإِنْ أَخْرَجَهَا " من غيره فذاك " مِنْهُ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ " كَالْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَغَيْرِهِمَا.

(1/131)


باب زكاة الفطر.
تجب بأول ليلته وآخر ما قبله على حر ومبعض بقسطه حيث لا مهايأة عن مسلم يمونه حينئذ لا عن حليلة أبيه ولا رقيق بيت مال ومسجد ورقيق موقوف وسن إخراجها قبل صلاة عيد وحرم تأخيره عن يومه ولا فطرة على معسر وَهُوَ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ ممونه يومه وليلته وما يليق بهما من ملبس ومسكن وخادم يحتاجها ابتداء وعن دينه ما يخرجه ولو كان الزوج معسرا لزم سيد الأمة فطرتها إلا الحرة ومن أيسر ببعض صاع لزمه أو صيعان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب زكاة الفطر.
الْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طعام أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ مَا عِشْت رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ.
" تَجِبُ " زَكَاةُ الْفِطْرِ " بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ وَآخِرِ مَا قَبْلَهُ " أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ " عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ بِقِسْطِهِ " مِنْ الْحُرِّيَّةِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ " بَيْنَهُ وَبَيْنَ مالك بعضه فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ اخْتَصَّتْ الْفِطْرَةُ بِمَنْ وَقَعَ زَمَنَ وُجُوبِهَا فِي نَوْبَتِهِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ وَخَرَجَ بِالْحُرِّ وَالْمُبَعَّضِ الرَّقِيقُ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُكَاتَبُ مِلْكُهُ ضَعِيفٌ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ " عَنْ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ " مِنْ نَفْسِهِ ومن غيره من زوجته وَقَرِيبٍ وَرَقِيقٍ " حِينَئِذٍ " أَيْ حِينَ وُجُوبِهَا وَإِنْ طَرَأَ مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ أَوْ غَيْبَةٌ أَوْ غَصْبٌ سواء أكان المخرج عن غيره مسلما أَمْ كَافِرًا وَوُجُوبُ فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي وَصُورَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ تَحْتَهُ وَيَدْخُلَ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْفِطْرَةَ لَا تَجِبُ لِمَنْ حَدَثَ بَعْدَ الْوُجُوبِ كَوَلَدٍ وَرَقِيقٍ لِعَدَمِ وُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا نَعَمْ وُجُوبُ فِطْرَةِ الْمُرْتَدِّ وَمَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عوده إلى الإسلام " لا عن حليلة أبيه " فلا يلزمه فِطْرَتُهَا وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا لِلُزُومِ الْإِعْفَافِ الْآتِي فِي بَابِهِ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْأَبِ مَعَ إعساره فتحملها الْوَلَدُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا لابن فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ.
" وَلَا " عَنْ " رَقِيقِ بَيْتِ مَالٍ وَمَسْجِدٍ وَرَقِيقٍ مَوْقُوفٍ " وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَسُنَّ إخْرَاجُهَا قَبْلَ صَلَاةِ عيد " بأن تخرج قبلها في يوم لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصلاة وتعبيري بذاك أولى من قولي وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ الصَّادِقِ بِإِخْرَاجِهَا مَعَ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالصَّلَاةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ فِعْلِهَا أول النهار فإن أخرت سن الأداء أو النَّهَارِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَمَّا تَعْجِيلُهَا قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهَا فَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي " وَحَرُمَ تَأْخِيرُهُ عَنْ يَوْمِهِ " أَيْ يَوْمِ الْعِيدِ بِلَا عذر كغيبة ماله والمستقين لأن القصد إغناؤهم عن الطلب فيه.
" وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مُعْسِرٍ " وَقْتَ الْوُجُوبِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ " وَهُوَ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مُمَوَّنِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَ " عَنْ " ما يليق بهما من ملبس ومسكن وخادم يحتاجها ابتداءا وَعَنْ دَيْنِهِ " وَلَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِالتَّأْخِيرِ " مَا يُخْرِجُهُ " فِي الْفِطْرَةِ بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِاللَّائِقِ بِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ غَيْرُهُ فَلَوْ كَانَ نَفِيسًا يُمْكِنُ إبْدَالُهُ بِلَائِقٍ بِهِمَا وَيُخْرِجُ التَّفَاوُتَ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَبِالِابْتِدَاءِ مَا لَوْ ثبتت الفطرة في طمة إنْسَانٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ لَا مَلْبَسُهُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ الْتَحَقَتْ بِالدُّيُونِ وَقَوْلِي مَا يَلِيقُ بِهِمَا مَعَ ذِكْرِ الْمَلْبَسِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَاجَةِ فِي الْمَسْكَنِ وَذِكْرُ الِابْتِدَاءِ وَالدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ مَا قُلْنَا وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ والمراد بحاحة الْخَادِمِ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ أَوْ خِدْمَةِ مُمَوِّنِهِ لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ ذَكَرَهُ في المجموع.

(1/132)


قدم نفسه فزوجته فولده الصغير فأباه فأمه فالكبير وهي صَاعٌ وهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وخمسة أسباع درهم وجنسه قوت سليم معشر وأقط ونحوه وتجب من غالب قوت محل المؤدي عنه فَإِنْ كَانَ بِهِ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا خير والأفضل أعلاها ويجزىء أعلى عن أدنى والعبرة بزيادة الاقتيات فالبر خير من التمر والأرز والشعير وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالتَّمْرُ خَيْرٌ مِنْ الزبيب وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ قُوتٍ وعن آخر أعلى منه ولا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا " حُرًّا كَانَ أَوْ عبدا " لزم سيد " الزوجة " الأمة فطرتها إلا الحرة " فلا تلزمها ولا زوجها بانتفاء يَسَارِهِ وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُوسِرَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْرَجَتْهَا ثُمَّ أَيْسَرَ الزوج لم ترجع عليه وظاهر مما مَرَّ أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَوْجَةٍ عَلَى زَوْجِهَا مؤنتها فلو كانت ناشزة لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا "وَمَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ لَزِمَهُ" إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ويخالف الكفارة لأنها تَتَبَعَّضُ وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا " أَوْ " أَيْسَرَ بِبَعْضِ "صِيعَانٍ قَدَّمَ" وُجُوبًا "نَفْسَهُ" لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: "ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِذِي قرابتك" " فزوجته " نها نَفَقَتَهَا آكَدُ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ " فَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ " لِأَنَّ نَفَقَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ " فَأَبَاهُ " وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ " فَأُمَّهُ " كَذَلِكَ عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ وَالشَّرَفِ وَالْأَبُ أَوْلَى بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شرح الروض " فَ " وَلَدَهُ " الْكَبِيرَ " ثُمَّ الرَّقِيقَ لِأَنَّ الْحُرَّ أَشْرَفُ مِنْهُ وَعَلَاقَتُهُ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَإِنْ استوى جماعة في درجة التخير.
" وَهِيَ " أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ " صَاعٌ وهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ " لِمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ثُمَّ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمِدَادً وَأَنَّ الْمُدَّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَسَيَأْتِي مِقْدَارُهُ بِالدَّرَاهِمِ فِي النَّفَقَاتِ فَالصَّاعُ بِالْوَزْنِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ قد حان وَقَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ الْوَزْنِ مَعَ الْكَيْلِ وَأَنَّهُ تَحْدِيدٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ ضَبْطُ الصَّاعِ بِالْأَرْطَالِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدارمي أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَيْلِ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ دُونَ الْوَزْنِ فَإِنْ فُقِدَ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ تَقْرِيبٌ انْتَهَى " وَجِنْسُهُ " أَيْ الصَّاعِ " قُوتٌ سَلِيمٌ " لَا مَعِيبٌ " مُعَشَّرٌ " أَيْ مَا يَجِبُ فِيهِ العشر أو نصفه " وأقط " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ " وَنَحْوُهُ " أَيْ الْأَقِطِ مِنْ لَبَنٍ وَجُبْنٍ لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يجزأ لَحْمٌ وَمَخِيضٌ وَمَصْلٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ لِانْتِفَاءِ الِاقْتِيَاتِ بِهَا عَادَةً وَلَا مُمَلَّحٍ مِنْ أَقِطٍ عَابَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الملح فيجزأ لَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ فَيُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا.
" وَيَجِبُ " الصَّاعُ " مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ " كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلِتَشَوُّفِ النفوس إليه ويختلف ذلك باختلاف النواحي فأوحى الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ فَلَوْ كَانَ الْمُؤَدِّي بِمَحَلٍّ آخَرَ اُعْتُبِرَ بِقُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ أَوَّلًا عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُ كَعَبْدٍ آبِقٍ فَيُحْتَمَلُ كما قاله جماع اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ أَوْ يُخْرِجُ فِطْرَتَهُ مِنْ قُوتِ آخِرِ مَحَلٍّ عُهِدَ وُصُولُهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أنه فيه أو يخرج للحاكم لأنه لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُوتُ الْمَحَلِّ مُجْزِئًا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْمَحَالِّ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ مَحَلَّانِ مُتَسَاوِيَانِ قُرْبًا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا وَتَعْبِيرِي بِالْمَحَلِّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَلَدِ " فَإِنْ كَانَ بِهِ " أَيْ بِالْمَحَلِّ " أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا خُيِّرَ " بَيْنَهَا " وَالْأَفْضَلُ أَعْلَاهَا " اقْتِيَاتًا وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَالِبٌ تَعَيَّنَ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ قُوتِ السنة لا وقت الوجوب " ويجزىء " قُوتٌ " أَعْلَى عَنْ " قُوتٍ " أَدْنَى " لِأَنَّهُ زِيدَ فِيهِ خَيْرٌ لَا عَكْسُهُ لِنَقْصِهِ عَنْ الْحَقِّ " وَالْعِبْرَةُ " فِي الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى " بِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ " لَا بِالْقِيمَةِ " فَالْبُرُّ " لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ اقْتِيَاتًا " خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْأُرْزِ " وَالزَّبِيبِ " وَالشَّعِيرِ " وَذِكْرُهُ مِنْ زِيَادَتِي " وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالتَّمْرُ " خَيْرٌ " مِنْ الزَّبِيبِ " لِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ الْأُرْزِ وَأَنَّ الْأُرْزَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ " وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ قُوتٍ " وَاجِبٍ " وعن اخر " من قوت " أعلى منه " ويجوز أَنْ يُخْرِجَ لِأَحَدِ جُبْرَانَيْنِ شَاتَيْنِ وَلِلْآخَرِ عِشْرِينَ درهما.

(1/133)


يبعض الصاع من جنسين عن واحد والأصل أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ زَكَاةَ مُوَلِّيهِ الْغَنِيِّ وَلَوْ اشْتَرَكَ مُوسِرَانِ أَوْ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي رقيق لزم كل موسر قدر حصته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" ولا يبعد الصَّاعُ " بِقَيْدَيْنِ زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي " مِنْ جِنْسَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ " وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى كَمَا لَا يجزىء فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يَكْسُوَ خَمْسَةً وَيُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَجُوزُ تَبْعِيضُهُ مِنْ نَوْعَيْنِ وَمِنْ جِنْسَيْنِ عَنْ اثْنَيْنِ كَأَنْ مَلَكَ وَاحِدٌ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ نِصْفَ صَاعٍ عَنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ مِنْ الْوَاجِبِ وَنِصْفًا عَنْ الثَّانِي من جنس أعلى منه " والأصل أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ زَكَاةَ مُوَلِّيهِ الْغَنِيِّ " لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ مُوَلِّيهِ كَوَلَدٍ رَشِيدٍ وَأَجْنَبِيٍّ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بقطرة وَلَدِهِ الصَّغِيرِ " وَلَوْ اشْتَرَكَ مُوسِرَانِ أَوْ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي رَقِيقٍ لَزِمَ كُلَّ مُوسِرٍ قَدْرُ حِصَّتِهِ " لَا مِنْ وَاجِبِهِ كَمَا وَقَعَ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ بَلْ مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الرقيق كما علم من مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي وَتَعْبِيرِي بِالرَّقِيقِ وَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ وَنِصْفِ صَاعٍ.

(1/134)


بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فيه.
تلزم مسلما حرا أو مبعضا وتوقف في مرتد وتجب في مال محجور ومغصوب وضال ومجحود وغائب ومملوك بعقد قبل قبضه ودين لازم من نقد وعرض تجارة وغنيمة قَبْلَ قِسْمَةٍ إنْ تَمَلَّكَهَا الْغَانِمُونَ ثُمَّ مَضَى حَوْلٌ وَهِيَ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ بِدُونِ الْخُمْسِ نصابا أو بلغه نصيب كل ولا يمنع دين وجوبها وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ قدمت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فيه.
مما اتصف بوصف كمغصوب وضال " تَلْزَمُ " زَكَاةُ الْمَالِ " مُسْلِمًا " لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٌّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ " حُرًّا أَوْ مُبَعَّضًا " مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا فَلَا تَجِبُ عَلَى رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا بِخِلَافِ مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا لِأَنَّهُ تَامُّ الْمِلْكِ لَهُ " وَتُوَقِّفُ فِي مرتد " لزمته في ردته كَمِلْكِهِ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَإِلَّا فَلَا " وَتَجِبُ فِي مَالِ مَحْجُورٍ " عَلَيْهِ لِشُمُولِ الْخَبَرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ آنفا لماله والمخاطب منه وليه وَلَا تَجِبُ فِي مَالِ وُقِفَ لِجَنِينٍ إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ وَقَوْلِي مَحْجُورٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لِشُمُولِهِ السَّفِيهَ " وَ " فِي " مَغْصُوبٍ وَضَالٍّ وَمَجْحُودٍ " مِنْ عَيْنٍ أَوْ دين " وَغَائِبٍ " وَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ " وَمَمْلُوكٍ بِعَقْدٍ قَبْلَ قَبْضِهِ " لِأَنَّهَا مُلِكَتْ مِلْكًا تَامًّا " وَ " فِي " دَيْنٍ لَازِمٍ مِنْ نَقْدٍ وَعَرْضِ تِجَارَةٍ " لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ اللَّازِمِ كَمَالِ كِتَابَةٍ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ تَامٍّ فِيهِ إذْ لِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ مَتَى شَاءَ وَبِخِلَافِ اللَّازِمِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَمُعَشَّرٍ لِأَنَّ شَرْطَ الزَّكَاةِ فِي الْمَاشِيَةِ السَّوْمُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُسَامُ وَفِي الْمُعَشَّرِ الزَّهْوُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ " وَ " فِي " غَنِيمَةٍ قَبْلَ قِسْمَةٍ إنْ تَمَلَّكَهَا الْغَانِمُونَ ثُمَّ مَضَى حَوْلٌ وَهِيَ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ بِدُونِ الْخُمْسِ نصابا أَوْ بَلَغَهُ نَصِيبُ كُلٍّ " مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْهَا الْغَانِمُونَ أَوْ لَمْ يَمْضِ حَوْلٌ أَوْ مَضَى وَالْغَنِيمَةُ أَصْنَافٌ أَوْ صِنْفٌ غَيْرُ زَكَوِيٍّ أَوْ زَكَوِيٌّ وَلَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا أَوْ بَلَغَهُ بالخمس فلا زكاة فيه لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ ضَعْفِهِ فِي الْأُولَى لِسُقُوطِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَعَدَمِ الْحَوْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَدَمِ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمْ مَاذَا يُصِيبُهُ وَكَمْ نَصِيبُهُ فِي الثَّالِثَةِ وَعَدَمِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ فِي الرَّابِعَةِ وَعَدَمِ بلوغه نصابا في الخامسة وعدم ثبوت الخلط فِي السَّادِسَةِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِ الْخُمُسِ إذْ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ معين.
" ولا يمنع دين " وَلَوْ حُجِرَ بِهِ " وُجُوبَهَا " وَلَوْ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْحَاكِمُ لِكُلٍّ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ أَخْذِهِ فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ " وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ " بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْهُمَا " قُدِّمَتْ " عَلَى الدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ وَكَالزَّكَاةِ سَائِرُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَحَجٍّ وَكَفَّارَةٍ نَعَمْ الْجِزْيَةُ وَدَيْنُ الْآدَمِيّ مُسْتَوِيَانِ مَعَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى.

(1/134)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَخَرَجَ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ دَيْنُ اللَّهِ كَكَفَّارَةٍ وَحَجٍّ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ النِّصَابُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَيَسْتَوِيَانِ وَبِالتَّرِكَةِ مَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ فَإِنَّهُ إن كان محجورا عليه قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا.

(1/135)


باب أداء زكاة المال.
تجب فورا إذا تمكن بحضور مال وآخذ وبجفاف وتنقية وخلو مالك من مهم وبقدرة على غائب قار أو حال وبزوال حجر فلس وتقررت أجرة قبضت لا صداق فإن أخر وتلف المال ضمن وله أداؤها لمستحقها إلا إن طلبها إمام عن ظاهر ولإمام وهو أفضل إن كان عادلا وتجب نية كهذا زكاة أو فرض صدقة ولا يكفي فرض مالي ولا صدقة مالي ولا يجب تعيين مال فإن عينه لم يقع عن غيره وتلزم الولي عن محجوره وتكفي عند عزلها وبعده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ.
هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفَصْلٍ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ قَبْلَهُ " يَجِبُ " أَيْ أَدَاؤُهَا " فَوْرًا " لِأَنَّ حَاجَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَيْهَا نَاجِزَةٌ " إذَا تَمَكَّنَ " مِنْ الْأَدَاءِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ وَيَحْصُلُ التَّمَكُّنُ " بِحُضُورِ مَالِ " غَائِبٍ سائر أو قار عسر الوصول له أَوْ مَالٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مَجْحُودٍ أَوْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ " وَ " حُضُورِ " آخِذٍ " لِلزَّكَاةِ مِنْ إمَامٍ أَوْ سَاعٍ أَوْ مُسْتَحِقٍّ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَصْنَافِ " وَبِجَفَافٍ " لِثَمَرٍ " وَتَنْقِيَةٍ " لِحَبٍّ وَتِبْرٍ وَمَعْدِنٍ " وَخُلُوِّ مَالِكٍ مِنْ مُهِمٍّ " دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ كَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ زِيَادَتِي " وَبِقُدْرَةٍ عَلَى غَائِبٍ قار " بأن سهل الوصول له " أو " له اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ " حَالٍّ " بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ حَاضِرٍ بَاذِلٍ أَوْ عَلَى جَاحِدٍ وَبِهِ حُجَّةٌ وَقَوْلِي قَارٍّ مِنْ زِيَادَتِي " وَبِزَوَالِ حَجْرِ فَلَسٍ " لِأَنَّ الْحَجْرَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالْأَدَاءُ إنما يجب على المزكي إذا تمكن " وَتَقَرَّرَتْ أُجْرَةٌ قُبِضَتْ " فَلَوْ آجَرَ دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ كُلَّ سَنَةٍ إلَّا إخْرَاجُ حِصَّةِ مَا تَقَرَّرَ مِنْهَا فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهَا ضَعِيفٌ لِتَعَرُّضِهِ لِلزَّوَالِ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَتَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ نَعَمْ لَهُ التَّأْخِيرُ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ أَوْ أَحْوَجَ أَوْ أَفْضَلَ إنْ لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِينَ لَكِنْ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ حِينَئِذٍ ضَمِنَ " لَا صَدَاقٌ " فلا يشترط تقرره بِتَشْطِيرٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ وَطْءٍ وَفَارَقَ الْأُجْرَةَ بِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنَافِعِ فَبِفَوَاتِهَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّدَاقِ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْ الْمَنَافِعَ لِلزَّوْجِ وَتَشْطِيرُهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِتَصَرُّفِ الزَّوْجِ بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ أَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَمُوَسَّعَةٌ بِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ كَمَا مَرَّ في بابها.
" فإن أخر " أداءها بَعْدَ التَّمَكُّنِ " وَتَلِفَ الْمَالُ " كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ " ضَمِنَ " بِأَنْ يُؤَدِّيَ مَا كَانَ يُؤَدِّيهِ قَبْلَ التَّلَفِ لِتَقْصِيرِهِ بِحَبْسِ الْحَقِّ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ وَإنْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَقْصِيرِهِ بِإِتْلَافِهِ " وَلَهُ " وَلَوْ بِوَكِيلِهِ " أَدَاؤُهَا " عَنْ الْمَالِ الْبَاطِنِ وَهُوَ نَقْدٌ وَعَرْضٌ وَرِكَازٌ وَالظَّاهِرِ وَهُوَ مَاشِيَةٌ وَزَرْعٌ وَثَمَرٌ وَمَعْدِنٌ " لِمُسْتَحِقِّهَا إلَّا إنْ طَلَبَهَا إمَامٌ عَنْ " مَالٍ " ظَاهِرٍ " فَيَجِبُ أَدَاؤُهَا له وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا عَنْ الْبَاطِنِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يُزَكِّي فَعَلَيْهِ أَنْ يقول له أدها وإلا فادفعها إلَيَّ وَذِكْرُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ زِيَادَتِي وَأَلْحَقُوا بِزَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ زَكَاةَ الْفِطْرِ " وَ " لَهُ أَدَاؤُهَا بنفسه أو وكيله " لِإِمَامٍ " لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ كَانُوا يَبْعَثُونَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ " وَهُوَ " أَيْ أَدَاؤُهَا لَهُ " أَفْضَلُ " مِنْ تَفْرِيقِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ " إنْ كَانَ عَادِلًا " فِيهَا وَإِلَّا فَتَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَدَاءِ لَهُ وَتَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِ بِوَكِيلِهِ.
" وَتَجِبُ نِيَّةٌ " فِي الزَّكَاةِ " كَهَذَا زَكَاةٌ أَوْ فَرْضُ صَدَقَةٍ " أَوْ صَدَقَةُ مَالِي الْمَفْرُوضَةُ وَتَمْثِيلِي بِزَكَاةٍ أَوْلَى مِنْ تَمْثِيلِهِ بِفَرْضِ زَكَاةِ مَالِي لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ كَالْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضًا وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ " وَلَا يَكْفِي فَرْضُ مَالِي " لِأَنَّهُ يَكُونُ كفارة ونذرا " ولا صدقة مالي " لأنها لا تَكُونُ نَافِلَةً " وَلَا يَجِبُ " فِي النِّيَّةِ " تَعْيِينُ مَالِ " مُزَكًّى عِنْدَ الْإِخْرَاجِ فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدراهم نصابا حاضرا أو نصابا غَائِبًا فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ " فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَقَعْ " أَيْ الْمُخْرَجُ " عَنْ غَيْرِهِ " فَلَوْ كَانَ نَوَى الْمُخْرَجَ في المثال عن الغائب لم يكن.

(1/135)


وعند دفعها لإمام أو وكيل والأفضل أن ينويا عند تفريق أيضا وله أن يوكل فيها ولا تكفي نية إمام بلا إذن إلا عن ممتنع وتلزمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَهُ صَرْفُهُ إلَى الْحَاضِرِ فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ بَانَ الْمَنْوِيُّ تَالِفًا فَعَنْ غَيْرِهِ فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ عَنْ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَا عَنْ الْبَلَدِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْآتِي فِي كِتَابِ قَسْمُ الزَّكَاةِ " وَتَلْزَمُ " أَيْ النِّيَّةُ " الْوَلِيَّ عَنْ مَحْجُورِهِ " فَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَظَاهِرٌ أَنَّ لولي السفيه مع ذلك أن يفرض النِّيَّةَ لَهُ كَغَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْجُورِ أَعَمُّ مِنْ تعبيره بالصبي والمجنون " وَتَكْفِي " أَيْ النِّيَّةُ " عِنْدَ عَزْلِهَا " عَنْ الْمَالِ " وبعده " وهذا من زيادتي " وعند دفعها إمام أَوْ وَكِيلٍ وَالْأَفْضَلُ " لَهُمَا " أَنْ يَنْوِيَا عِنْدَ تَفْرِيقٍ أَيْضًا " عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَذِكْرُ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا قَوْلِي " وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا " أَيْ فِي النِّيَّةِ " وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ إمَامٍ " عَنْ الْمُزَكِّي " بِلَا إذْنٍ " مِنْهُ كَغَيْرِهِ " إلَّا عَنْ مُمْتَنِعٍ " مِنْ أَدَائِهَا فَتَكْفِي " وَتَلْزَمُهُ " إقَامَةً لَهَا مَقَامَ نِيَّةِ الْمُزَكِّي وقولي بلا إذن من زيادتي.

(1/136)


باب تعجيل الزكاة.
صح تعجيلها لعام فيما انعقد حوله ولفطرة في رمضان لا لنابت قبل وجوبها وشرط كون المالك والمستحق أهلا وقت وجوبها ولا يضر غناه بها وإن لم يجر المعجل استرده أو بدله والعبرة بقيمة وقت قبض بلا زيادة منفصلة ولا أرش نقص صفة حدثا قبل سبب الرد إن علم قابض بالتعجيل وحلف قابض في مثبت استرداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ.
وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفَصْلٍ لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ " صَحَّ تَعْجِيلُهَا " فِي مَالٍ حَوْلِيٍّ " لِعَامٍ فِيمَا انْعَقَدَ حَوْلُهُ " بِأَنْ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ ابْتَاعَ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَلَوْ بِدُونِ نِصَابٍ كَأَنْ ابْتَاعَ عَرْضًا لَهَا لَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فعجل زكاتهما وحال الحول وهو يساويهما فيجزيه الْمُعَجَّلُ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْمَالُ فِي صُورَةِ التِّجَارَةِ الْأُولَى نِصَابًا عِنْدَ الِابْتِيَاعِ بِنَاءً عَلَى ما مر من أن اعتبار النصاب فيهما بِآخِرِ الْحَوْلِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَخَرَجَ بِالْعَامِ مَا فَوْقَهُ فَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُهَا لَهُ لِأَنَّ زَكَاتَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهَا وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ كَالتَّعْجِيلِ قَبْلَ كَمَالِ النِّصَابِ فِي الزكاة العينية فما عجل لعامين يجزي لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ أَنَّهُ صَلَّى الله عليه وسلم تسلف من العباس صَدَقَةَ عَامَيْنِ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِانْقِطَاعِهِ وَبِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَ فِي عَامَيْنِ وَصَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ تَعْجِيلِهَا لَهُمَا وَعَزَوْهُ لِلنَّصِّ وَالْأَكْثَرِينَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا بَقِيَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَتَعْجِيلِ شَاتَيْنِ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً وَخَرَجَ بانعقاد الحول ما لا يَنْعَقِدْ كَمَا لَوْ مَلَكَ دُونَ نِصَابٍ مِنْ غَيْرِ عَرْضِ تِجَارَةٍ كَأَنْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُهَا لِفَقْدِ سَبَبِ وُجُوبِهَا.
" وَ " صَحَّ تَعْجِيلُهَا " لِفِطْرَةٍ فِي رَمَضَانَ " وَلَوْ فِي أَوَّلِهِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ سَبَبٌ آخَرُ لَهَا أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ " لا " تعجيلها " لنابت " من ثمر وَحَبٍّ " قَبْلَ " وَقْتِ " وُجُوبِهَا " وَهُوَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادُ الْحَبِّ كَمَا مَرَّ إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ تَحْقِيقًا وَلَا تَخْمِينًا أَمَّا بَعْدَهُ فَيَصِحُّ قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ " وَشُرِطَ " لِإِجْزَاءِ الْمُعَجَّلِ " كَوْنُ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَحِقِّ أَهْلًا " لِوُجُوبِ تِلْكَ الزَّكَاةِ وَلِأَخْذِهَا " وقت وجوبها " هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِآخِرِ الْحَوْلِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا أَوْ الْمُسْتَحِقُّ مُرْتَدًّا أَوْ الْمَالُ تَالِفًا وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ بِيعَ فِي الْحَوْلِ وَلَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ لَمْ يَجُزْ الْمُعَجَّلُ وَلَا يَضُرُّ تَلَفُ الْمُعَجَّلِ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ عَجَّلَ بِنْتَ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَتَوَالَدَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ حَيْثُ لَمْ تَجُزْ الْمُعَجَّلَةُ وَإِنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ بَلْ يَسْتَرِدُّهَا وَيُعِيدُهَا أَوْ يَدْفَعُ غَيْرَهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ من جود الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ " وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِهَا " وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أُعْطِيَ لِيَسْتَغْنِيَ فَلَا يَكُونُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مَانِعًا مِنْ الْإِجْزَاءِ وَيَضُرُّ غِنَاهُ بِغَيْرِهَا كَزَكَاةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ مُعَجَّلَةٍ أَخَذَهَا بَعْدَ أُخْرَى وَقَدْ اسْتَغْنَى بِهَا.
" وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْمُعَجَّلُ " لِانْتِفَاءِ شَرْطٍ مِمَّا ذُكِرَ " اسْتَرَدَّهُ " إنْ بَقِيَ " أَوْ بَدَلَهُ " مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ إنْ تَلِفَ " وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَةِ وَقْتِ قَبْضٍ " لَا وَقْتِ تَلَفٍ لِأَنَّ مَا زَادَ حَصَلَ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ فَلَا يَضْمَنُهُ ويستر ذلك " بلا زيادة منفصلة " كلبن وولد.

(1/136)


والزكاة تتعلق بالمال تعلق شركة فلو باعه أو بعضه قبل إخراجها بطل في قدرها لا مال تجارة بلا محاباة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ " وَلَا أَرْشَ نَقْصِ صِفَةٍ " كَمَرَضٍ إنْ " حَدَثَا قَبْلَ سَبَبِ الرَّدِّ " لحدوثهما في ملك القابض فلا يضمنها نَعَمْ لَوْ كَانَ الْقَابِضُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ حَالَ الْقَبْضِ اُسْتُرِدَّا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَخَرَجَ بِنَقْصِ الصِّفَةِ نقص العين كمن عجل بغيرين فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ الْبَاقِيَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ وَبِحُدُوثِ الْأَمْرَيْنِ قَبْلَ السَّبَبِ مَا لَوْ حَدَثَا بعده أو ما مَعَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّهُمَا وَقَوْلِي صِفَةٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَإِنَّمَا يَسْتَرِدُّ " إنْ عَلِمَ قَابِضُ بالتعجيل " بِشَرْطٍ كَأَنْ شَرَطَ اسْتِرْدَادَ الْمَانِعِ بِعَرْضٍ أَوْ بِدُونِهِ كَهَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةِ لِلْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ فِيهِمَا وقد بطل وعملا بالشرط في الأولى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَرِدَّ بَلْ تَقَعُ نَفْلًا " وَحَلَفَ قَابِضٌ " أَوْ وَارِثُهُ " فِي " اخْتِلَافِهِمَا فِي " مُثْبِتِ اسْتِرْدَادٍ " وَهُوَ وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
" وَالزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ " الَّذِي تَجِبُ فِيهِ " تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ " بِقَدْرِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إخْرَاجِهَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا كَمَا يُقَسَّمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ من قسمته وَإِنَّمَا جَازَ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِهِ لِبِنَاءِ أَمْرِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَالْإِرْفَاقِ وَالْوَاجِبُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَشَاةٍ وَاجِبَةٍ فِي الْإِبِلِ مَلَكَ الْمُسْتَحِقُّونَ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَهَلْ الْوَاجِبُ شَاةٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِي " فَلَوْ بَاعَهُ " أَيْ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ " أو بعضه قبل إخراجها بَطَلَ فِي قَدْرِهَا " وَإِنْ أَبْقَى فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَهَا لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شَائِعٌ فَأَيُّ قَدْرٍ بَاعَهُ كَانَ حَقَّهُ وَحَقَّهُمْ نَعَمْ لَوْ اسْتَثْنَى قَدْرَ الزَّكَاةِ كَبِعْتُك هَذَا إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي بابه في زَكَاةِ الثِّمَارِ لَكِنْ شَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ذِكْرَهُ أهو عشر أو نصفه وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ جَهِلَهُ " لَا " إنْ باع " مال تجارة بلا محاباة " فلا تبطل لِأَنَّ مُتَعَلَّقَ الزَّكَاةِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَقَوْلِي أَوْ بَعْضَهُ مَعَ قَوْلِي لَا مال إلى آخره من زيادتي.

(1/137)