فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب القراض
أركانه مَالِكٌ وَعَامِلٌ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَصِيغَةٌ وَمَالٌ وَشَرْطٌ فيه كونه نقدا خالصا معلوما مُعَيَّنًا بِيَدِ عَامِلٍ فَلَا يَصِحُّ عَلَى عَرَضٍ ومغشوش ومجهول ولا بشرط كونه بيد غيره وفي المالك ما في موكل وفي العامل ما في وكيل وأن يستقل بالعمل وفي العمل كونه تجارة وأن لا يضيقه عَلَى الْعَامِلِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى شِرَاءِ بُرٍّ يطحنه ويخبزه ويبيعه وشراء معين ونادر ومعاملة شخص ولا إن أقت فإن منعه الشراء فقط بعد مدة صح وفي الربح كونه لهما ومعلوما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب القراض
الْقِرَاضِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ وَيُسَمَّى أَيْضًا مُضَارَبَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَمُقَارَضَةً وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَالْحَاجَةُ وَاحْتَجَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} 1 وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ وَالْقِرَاضُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي تَوْكِيلُ مَالِكٍ بِجَعْلِ ماله ببلد آخَرَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ الْقِرَاضُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا إلَى آخِرِهِ.
" أَرْكَانُهُ " سِتَّةٌ " مَالِكٌ وَعَامِلٌ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَصِيغَةٌ وَمَالٌ وَشَرْطٌ فِيهِ " أي في المال " كَوْنُهُ نَقْدًا " دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ " خَالِصًا مَعْلُومًا " جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً مُعَيَّنًا بِيَدِ عَامِلٍ فَلَا يَصِحُّ عَلَى عَرَضٍ وَلَوْ فُلُوسًا وَتِبْرًا وَحُلِيًّا وَمَنْفَعَةً لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ إغْرَارًا إذْ الْعَمَلُ فِيهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَالرِّبْحُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتُصَّ بِمَا يُرَوِّجُ بِكُلِّ حَالٍ وَتَسْهُلُ التِّجَارَةُ بِهِ " وَ " لَا عَلَى نَقْدٍ " مَغْشُوشٍ " وَلَوْ رَائِجًا لِانْتِفَاءِ خُلُوصِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ غِشُّهُ مُسْتَهْلَكًا جَازَ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ " وَ " لَا عَلَى " مَجْهُولٍ " جِنْسًا أَوْ قَدْرًا أَوْ صِفَةً وَلَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَارَضَهُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ نَعَمْ لَوْ قَارَضَهُ عَلَى نَقْدٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ وَكَأَنْ قَارَضَهُ عَلَى إحْدَى صُرَّتَيْنِ وَلَوْ مُتَسَاوِيَتَيْنِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِس عَيْنِهِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ فِيهِ جِنْسَهُ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْمَطْلَبِ " وَلَا " يَصِحُّ " بِشَرْطِ كَوْنِهِ " أَيْ الْمَالِ " بِيَدِ غَيْرِهِ " أَيْ غَيْرِ الْعَامِلِ كَالْمَالِكِ لِيُوَفِّيَ مِنْهُ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَالِكِ.
" وَ " شُرِطَ " فِي الْمَالِكِ مَا " شُرِطَ " فِي مُوَكِّلٍ وَفِي الْعَامِلِ مَا " شُرِطَ " فِي وَكِيلٍ " لِأَنَّ الْقِرَاضَ تَوْكِيلٌ وَتَوَكُّلٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ أَعْمَى دُونَ الْعَامِلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا سَفِيهًا ولا صبيا ولا مجنونا وَلِوَلِيِّهِمْ أَنْ يُقَارِضَ لَهُمْ " وَأَنْ يَسْتَقِلَّ " أَيْ الْعَامِلُ " بِالْعَمَلِ " لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ عَمَلِ غَيْرِهِ مَعَهُ لِأَنَّ انْقِسَامَ الْعَمَلِ يَقْتَضِي انْقِسَامَ الْيَدِ وَيَصِحُّ شَرْطُ إعَانَةِ مَمْلُوكِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْعَمَلِ وَلَا يَدَ لِلْمَمْلُوكِ لِأَنَّهُ مَالٌ فَجُعِلَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِلْمَالِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ اسْتِقْلَالَ الْعَامِلِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ وَإِنْ شُرِطَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ جَازَ " وَ " شُرِطَ " فِي الْعَمَلِ كَوْنُهُ تِجَارَةً وَأَنْ لَا يُضَيِّقَهُ " أَيْ الْعَمَلَ " عَلَى الْعَامِلِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى شِرَاءِ بُرٍّ يَطْحَنُهُ وَيَخْبِزُهُ " أَوْ غَزْلٍ يَنْسِجُهُ " وَيَبِيعُهُ " لِأَنَّ الطَّحْنَ وَمَا مَعَهُ أَعْمَالٌ لَا تسمى تجارة بل هي أعمال مضبوضة يستأجر عليها ولا يُحْتَاجُ إلَى الْقِرَاضِ عَلَيْهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى جَهَالَةِ الْعِوَضَيْنِ لِلْحَاجَةِ " وَ " لَا عَلَى " شِرَاءِ " مَتَاعٍ " مُعَيَّنٍ " كَقَوْلِهِ وَلَا تَشْتَرِ إلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ " و " لا على شراء نوع " نادر " يعز وُجُودُهُ كَقَوْلِهِ وَلَا تَشْتَرِ إلَّا الْخَيْلَ الْبُلْقَ " وَ " لَا عَلَى " مُعَامَلَةِ شَخْصٍ " مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ ولا تبع إلا لزيد ولا.
__________
1 البقرة: 198.

(1/286)


بجزئية فلا يصح على أن لأحدهما الربح أو شركة أو نصيبا فيه أو عشرة أو ربح صنف أو أن للمالك النصف وصح في قارضتك والربح بيننا وكان نصفين وفي الصيغة ما في البيع كقارضتك.
فصل:
قارض العامل آخر ليشاركه في عمل وربح لم يصح وتصرف الثاني بغير إذن المالك غصب فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَصِحَّ أو في ذمة فالربح للأول وعليه للثاني أجرته ويجوز تعدد كل وإذا فسد قراض صح تصرف العامل والربح للمالك وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقُلْ وَالرِّبْحُ لِي أُجْرَتُهُ ويتصرف ولو بعرض بمصلحة لا بغبن فاحش ولا نسيئة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تَشْتَرِ إلَّا مِنْهُ " وَلَا إنْ أَقَّتَ " بِمُدَّةٍ كَسَنَةٍ سَوَاءٌ أَسَكَتَ أَمْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ أَمْ البيع بعدها أَمْ الشِّرَاءَ لِأَنَّ الْمَتَاعَ وَالْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَيْنِ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِيهِمَا وَالنَّادِرُ قَدْ لَا يَجِدُهُ وَالشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ قَدْ لَا يَتَأَتَّى مِنْ جِهَتِهِ رِبْحٌ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ.
" فَإِنْ مَنَعَهُ الشراء فقط بعد مدة " كقوله ولا تشتر بَعْدَ سَنَةٍ " صَحَّ " لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَهَا وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ يَتَأَتَّى فِيهَا الشِّرَاءُ لِغَرَضِ الرِّبْحِ بِخِلَافِ نَحْوِ سَاعَةِ وَعُلِمَ مِنْ امْتِنَاعِ التَّأْقِيتِ امْتِنَاعُ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ أَسْهَلُ مِنْهُ بِدَلِيلِ احْتِمَالِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَيُمْتَنَعُ أَيْضًا تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ الرِّبْحِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرْته أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذكر " وَ " شُرِطَ " فِي الرِّبْحِ كَوْنُهُ لَهُمَا وَ " كَوْنُهُ " مَعْلُومًا " لَهُمَا " بِجُزْئِيَّةٍ " كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ " فَلَا يَصِحُّ " الْقِرَاضُ " عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا " مُعَيَّنًا أَوْ مُبْهَمًا " الرِّبْحَ " أَوْ أَنَّ لِغَيْرِهِمَا مِنْهُ شَيْئًا لِعَدَمِ كَوْنِهِ لَهُمَا وَالْمَشْرُوطُ لِمَمْلُوكِ أَحَدِهِمَا كَالْمَشْرُوطِ لَهُ فَيَصِحُّ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى " أَوْ " عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا " شَرِكَةً أَوْ نَصِيبًا فِيهِ " لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ الْعَامِلِ " أَوْ " عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا " عَشَرَةً أَوْ رِبْحَ صِنْفٍ " لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ غَيْرَ الْعَشَرَةِ أَوْ غَيْرَ رِبْحِ ذَلِكَ الصِّنْفِ فَيَفُوزُ أَحَدُهُمَا بِجَمِيعِ الرِّبْحِ " أَوْ " عَلَى " أَنَّ لِلْمَالِكِ النِّصْفَ " مَثَلًا لِأَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةُ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ إلَّا مَا يُنْسَبُ مِنْهُ لِلْعَامِلِ وَلَمْ يُنْسَبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ النِّصْفَ مَثَلًا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلْمَالِكِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا لِلْعَامِلِ وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ " وَصَحَّ فِي" قَوْلِهِ " قَارَضْتُك وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَكَانَ نِصْفَيْنِ " كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو " وَ " شُرِطَ " فِي الصِّيغَةِ مَا " مَرَّ فِيهَا " فِي الْبَيْعِ " بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ " كَقَارَضْتُكَ " أَوْ عَامَلْتُك فِي كَذَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا فَيَقْبَلُ الْعَامِلُ لَفْظًا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ.
فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ.
لَوْ " قَارَضَ الْعَامِلُ آخَرَ " وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ " لِيُشَارِكَهُ فِي عَمَلٍ وَرِبْحٍ لَمْ يَصِحَّ " لِأَنَّ الْقِرَاضَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَمَوْضُوعُهُ أَنْ يَعْقِدَهُ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ فَلَا يعدل إلا أَنْ يَعْقِدَهُ عَامِلَانِ فَإِنْ قَارَضَهُ بِالْإِذْنِ لِيَنْفَرِدَ بِالرِّبْحِ وَالْعَمَلِ صَحَّ كَمَا لَوْ قَارَضَهُ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِلَا إذْنٍ فَلَا " وَتَصَرُّفُ الثَّانِي بغير إذن المالك غصب " فيضمن ما تصرف فِيهِ " فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَصِحَّ " شِرَاؤُهُ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ " أَوْ فِي ذِمَّةٍ " له " فالربح " كله " لِلْأَوَّلِ " مِنْ الْعَامِلَيْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَ وَكِيلٌ عَنْهُ " وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَتُهُ " لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا فَإِنْ عَمِلَ مَجَّانًا كَأَنْ قَالَ لَهُ الْأَوَّلُ وَكُلُّ الرِّبْحِ لِي فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الثَّانِيَ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى نَفْسَهُ فَالرِّبْحُ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ " وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ كُلٍّ " مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُقَارِضَ اثْنَيْنِ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُمَا مِنْ الرِّبْحِ كأن يشرط لأحدهما نصف الرِّبْحِ وَلِلْآخَرِ الرُّبُعَ أَوْ يَشْرُطَ لَهُمَا النِّصْفَ بِالسَّوِيَّةِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ أَمْ لَا وَلِمَالِكَيْنِ أَنْ يُقَارِضَا وَاحِدًا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَعْدَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ المال فإذا شرط لِلْعَامِلِ نِصْفَ الرِّبْحِ وَمَالُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ وَمَالُ الْآخَرِ مِائَةٌ اقْتَسَمَا النِّصْفَ الْآخَرَ أَثْلَاثًا فَإِنْ شَرَطَا غَيْرَ مَا تَقْتَضِيهِ النِّسْبَةُ فَسَدَ الْعَقْدُ كما علم من قولي فِيمَا مَرَّ كَوْنُهُ لَهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ الرِّبْحِ لِمَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا عَامِلٍ.
" وَإِذَا فَسَدَ قِرَاضٌ صَحَّ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ " لِلْإِذْنِ فِيهِ " وَالرِّبْحُ " كُلُّهُ " لِلْمَالِكِ " لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ " وعليه " له " إن لم يقل

(1/287)


بلا إذن ولكل رد بعيب إن فقدت مصلحة الإبقاء فإن اختلفا عمل بالمصلحة ولا يعامل المالك ولا يشتري بأكثر من مال القراض ولا زوج المالك ولا من يعتق عليه بلا إذن فإن فعل لم يصح إلا أن يشتري في ذمته فيقع له ويسافر بالمال بلا إذن ولا يمون منه نفسه وعليه فعل ما يعتاد كطي ثوب ووزن خفيف كذهب وله اكتراء لغيره ويملك حصته بقسمة وَلِلْمَالِكِ مَا حَصَلَ مِنْ مَالِ قِرَاضٍ كَثَمَرٍ ونتاج وكسب ومهر ويجبر بالربح نقص برخص أو عيب حدث أو تلف بعضه بعد تصرف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والربح لي أجرته " أي أجرة مثله أنه لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا وَقَدْ فَاتَهُ الْمُسَمَّى وَكَذَا إذا عَلِمَ الْفَسَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُ لِرِضَاهُ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى نَفْسَهُ فَالرِّبْحُ لَهُ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ " وَيَتَصَرَّفُ " العامل " ولو بعرض " لأنه طريق الاسترباح " بِمَصْلَحَةٍ " لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكِيلٌ " لَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ " فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَالتَّقْيِيدُ بِفَاحِشٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا نَسِيئَةَ " فِي ذَلِكَ " بِلَا إذْنٍ" فِي الْغَبْنِ وَالنَّسِيئَةُ إمَّا بِالْإِذْنِ فَيَجُوزُ وَيَأْتِي فِي تَقْدِيرِ الْأَجَلِ وَإِطْلَاقِهِ فِي الْبَيْعِ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً فَإِنْ تَرَكَهُ ضَمِنَ وَوَجْهُ مَنْعِ الشِّرَاءِ نَسِيئَةً أَنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُتْلِفُ رَأْسَ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِكِ " وَلِكُلٍّ " مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ " رَدٌّ بِعَيْبٍ إنْ فُقِدَتْ مَصْلَحَةُ الْإِبْقَاءِ " وَلَوْ مَعَ فَقْدِ مَصْلَحَةِ الرَّدِّ أَوْ رَضِيَ الْآخَرُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا فِي الْمَالِ فَإِنْ وُجِدَتْ مَصْلَحَةُ الْإِبْقَاءِ امْتَنَعَ الرَّدُّ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ رُدَّ بِعَيْبٍ تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةٌ.
" فَإِنْ اخْتَلَفَا " فِيهِ فَأَرَادَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ " عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ " فِي ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ حَقٌّ فَإِنْ اسْتَوَى الْحَالُ فِي الرَّدِّ والإبقاء ففي الطلب يَرْجِعُ إلَى الْعَامِلِ " وَلَا يُعَامِلُ " الْعَامِلُ " الْمَالِكَ " كَأَنْ يَبِيعُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ " وَلَا يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ" رَأْسَ مَالٍ وَرِبْحًا وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ " وَلَا " يَشْتَرِي " زَوْجَ الْمَالِكِ " ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى " وَلَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ " لِكَوْنِهِ بَعْضَهُ أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ كَانَ أَمَةً مُسْتَوْلَدَةً لَهُ وَبِيعَتْ لِكَوْنِهَا مَرْهُونَةً " بِلَا إذْنٍ " مِنْهُ فِي الثَّلَاثِ أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ " فَإِنْ فَعَلَ " ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ " لَمْ يَصِحَّ " الشِّرَاءُ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَلَا فِي الزَّائِدِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يأذن فيه وَلِتَضَرُّرِهِ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ وَتَفْوِيتِ الْمَالِ فِي غَيْرِهَا " إلَّا إنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ فَيَقَعُ لَهُ " أَيْ لِلْعَامِلِ وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لَا يَصِحُّ وَخَرَجَ بِزَوْجِ الْمَالِكِ وَمِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ زَوْجُ الْعَامِلِ وَمِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَهُ شِرَاؤُهُمَا لِلْقِرَاضِ وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ يَشْتَرِي زَوْجَهُ وَمِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِمُوَكِّلِهِ.
" وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ بِلَا إذْنِ " لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَالتَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ فَلَوْ سَافَرَ بِهِ ضَمِنَهُ أَمَّا بِالْإِذْنِ فَيَجُوزُ لَكِنْ لَا يَجُوزُ فِي الْبَحْرِ إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ " وَلَا يُمَوِّنُ " هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُنْفِقُ " مِنْهُ نَفْسَهُ " حَضَرًا وَلَا سَفَرًا لِأَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا آخَرَ فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤْنَةَ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ " وَعَلَيْهِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ " فِعْلُهُ " كَطَيِّ ثَوْبٍ وَوَزْنٍ خَفِيفٍ كَذَهَبٍ " وَمِسْكٍ عَمَلًا بِالْعَادَةِ " وَلَهُ اكْتِرَاءٌ لِغَيْرِهِ " أَيْ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ فِعْلُهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَمَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ لَوْ اكْتَرَى مَنْ فَعَلَهُ فَالْأُجْرَةُ فِي مَالِهِ " وَيَمْلِكُ " الْعَامِلُ " حِصَّتَهُ " مِنْ الرِّبْحِ " بِقِسْمَةِ " لَا بِظُهُورٍ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهَا بِالظُّهُورِ لَكَانَ شَرِيكًا فِي الْمَالِ فيكون النقص الحادث بعد ذلك مَحْسُوبًا عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ بِالْقِسْمَةِ إنْ نَضَّ رَأْسَ الْمَالِ وَفَسَخَ الْعَقْدَ حَتَّى لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَطْ أن نَقْصٌ جُبِرَ بِالرِّبْحِ الْمَقْسُومِ وَيَمْلِكُهَا وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ أَيْضًا بِنَضُوضِ الْمَالِ وَالْفَسْخِ بِلَا قِسْمَةٍ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
" وَلِلْمَالِكِ مَا حَصَلَ مِنْ مَالِ قِرَاضٍ كَثَمَرٍ وَنِتَاجٍ وَكَسْبٍ وَمَهْرٍ " وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الزَّوَائِدِ الْعَيْنِيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِغَيْرِ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَيُجْبَرُ بِالرِّبْحِ نَقْصٌ " حَصَلَ " بِرُخْصٍ أَوْ عَيْبٍ حَدَثَ " لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " بِ " تَلَفِ بَعْضِهِ " بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَتَعَذَّرَ أَخْذُ بَدَلِهِ " بَعْدَ تَصَرُّفٍ " مِنْ الْعَامِلِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ تَلِفَ بِذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ بِهِ بَلْ يُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَ ذَلِكَ اسْتَمَرَّ الْقِرَاضُ فِيهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْمُخَاصَمَةُ إن كان في المال ربح وإلا فللما لك فقط وخرج بتلف بعضه تلف فَإِنَّ الْقِرَاضَ يَرْتَفِعُ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ بِآفَةٍ بِإِتْلَافِ الْمَالِكِ أَمْ الْعَامِلِ أَمْ أَجْنَبِيٍّ لَكِنْ يَسْتَقِرُّ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّانِيَةِ ويبقى القراض في البدل إن قبضة المالك وسلمه له أو أخذه في الرابعة وبحث.

(1/288)


فصل:
لكل فسخه وينفسخ بما تنفسخ به الوكالة ثم يلزم العامل استيفاء ورد قدر رأس المال لمثله ولو أخذ المالك بعضه قبل ربح وخسر رجع رأس المال للباقي أو بعد ربح فالمأخوذ ربح ورأس مال مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالرِّبْحُ عِشْرُونَ وَأَخَذَ عِشْرِينَ فسدسها من الربح فيستقر للعامل المشروط منه أو بعد خسر فالخسر موزع على المأخوذ والباقي مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالْخُسْرُ عِشْرُونَ وَأَخَذَ عِشْرِينَ فحصتها ربع الخسر وحلف عامل في عدم ربح وقدره وشراء له أو لقراض وفي لم تنهني عن شراء كذا وقدر رأس المال ودعوى تلف ورد ولو اختلفا في المشروط له تحالفا وله أجرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخان في الثالثة بَعْدَ نَقْلِهِمَا مَا ذُكِرَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْعَامِلَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ لِلْعَامِلِ الْفَسْخَ فَجُعِلَ إتْلَافُهُ فَسْخًا كَالْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ.
فَصْلٌ:
فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَحُكْمِ اخْتِلَافِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ مَا يَأْتِي مَعَهُمَا.
" لِكُلٍّ " مِنْهُمَا " فَسْخُهُ " مَتَى شَاءَ " وَيَنْفَسِخُ بِمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْوِكَالَةُ " كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ توكيل وتوكل وكذا باسترجاع الْمَالَ بِخِلَافِ اسْتِرْجَاعِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ " ثُمَّ " بَعْدَ الْفَسْخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ " يَلْزَمُ الْعَامِلَ اسْتِيفَاءٌ " لِلدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَبْضَتِهِ " ورد قدر رأس المال لمثله " بأن ينضض عَلَى صِفَتِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَهُ بِنَقْدٍ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ لأنه في عهدته رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا أَخَذَهُ هَذَا إنْ طَلَبَ الْمَالِكُ الِاسْتِيفَاءَ أَوْ التَّنْضِيضَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَحَظُّهُ فِيهِ وَخَرَجَ بِرَأْسِ الْمَالِ الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَنْضِيضُهُ كَعَرْضٍ اشْتَرَكَ فِيهِ اثْنَانِ لَا يُكَلَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيْعَهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
" وَلَوْ أَخَذَ الْمَالِكُ بَعْضَهُ قَبْلَ " ظُهُورِ " رِبْحٍ وَخُسْرٍ رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ لِلْبَاقِي " بَعْدَ الْمَأْخُوذِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ فِي يَدِهِ غَيْرَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ لَهُ ابْتِدَاءً " أَوْ " أَخَذَ بَعْضَهُ " بَعْدَ " ظُهُورِ " رِبْحِ فَالْمَأْخُوذُ رِبْحٌ وَرَأْسُ مَالٍ " عَلَى النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ خُسْرٌ يَقَعُ بَعْدَهُ " مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالرِّبْحُ عِشْرُونَ وَأَخَذَ عِشْرِينَ فَسُدُسُهَا " وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ " مِنْ الرِّبْحِ " لِأَنَّ الرِّبْحَ سُدُسُ الْمَالِ " فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ الْمَشْرُوطُ " لَهُ " مِنْهُ " وَهُوَ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ إنْ شُرِطَ لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ حَتَّى لَوْ عَادَ مَا بِيَدِهِ إلَى ثَمَانِينَ لَمْ يَسْقُطْ مَا اسْتَقَرَّ لَهُ فَعُلِمَ أَنَّ بَاقِيَ الْمَأْخُوذِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشْرَ وَثُلُثَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَعُودُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ وَثُلُثٍ هَذَا إنْ أَخَذَ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ أَوْ برضاه وصرحا بالإشاعة أو أطلقا فإن قصد الْأَخْذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اخْتَصَّ بِهِ أَوْ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ لَكِنْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِمَّا بِيَدِهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ عَلَى الْإِشَاعَةِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ " أَوْ " أَخَذَ بَعْضَهُ " بَعْدَ " ظُهُورِ "خُسْرٍ فَالْخُسْرُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَالْبَاقِي" فَلَا يَلْزَمُ جَبْرُ حِصَّةِ الْمَأْخُوذِ لَوْ رَبِحَ بَعْدُ " مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالْخُسْرُ عِشْرُونَ وَأَخَذَ عِشْرِينَ فَحِصَّتُهَا " مِنْ الْخُسْرِ " رُبُعُ الْخُسْرِ " فَكَأَنَّهُ أَخَذَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَيَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ إلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ حَتَّى لَوْ بَلَغَ ثَمَانِينَ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالِكُ الْجَمِيعَ بَلْ تُقَسَّمُ الْخَمْسَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ شَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ.
" وَحَلَفَ عَامِلٌ فِي عَدَمِ رِبْحٍ وَ " فِي " قَدْرِهِ " فَيُصَدَّقُ فِي ذلك لموافقته فيما نفاه للأصل " وَ " فِي " شِرَاءٍ لَهُ " أَيْ لِلْعَامِلِ وَإِنْ كَانَ رَابِحًا " أَوْ لِقِرَاضٍ " وَإِنْ كَانَ خَاسِرًا لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ " وَفِي " قَوْلِهِ " لَمْ تَنْهَنِي عَنْ شِرَاءِ كَذَا " لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ " وَ " فِي " قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ " لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى مَا قَالَهُ " وَ " فِي " دَعْوَى تَلَفٍ " لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبَهُ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ قَرْضٌ وَالْعَامِلُ وأنه قِرَاضٌ فَالْمُصَدَّقُ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَفِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ أَوْجَهُهُمَا تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ " وَ " في دعوى " رد " للمال على المالك لأن ائْتَمَنَهُ كَالْمُودِعِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ لأنهما قَبَضَا الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِمَا وَالْعَامِلُ قَبَضَهَا لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِفَاعِهِ بِالْعَمَلِ " وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي " الْقَدْرِ "الْمَشْرُوطِ لَهُ " كَأَنْ قَالَ شَرَطْت لِي النِّصْفَ فقال المالك بل الثلث " تحالفا " كاختلاف البائعين فِي قَدْرِ الثَّمَنِ " وَلَهُ " أَيْ لِلْعَامِلِ بَعْدَ الْفَسْخِ " أُجْرَةٌ " لِعَمَلِهِ وَلِلْمَالِكِ الرِّبْحُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ أَوْ فِي أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ مُقَارِضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ للعامل.

(1/289)