فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب النكاح
مدخل
...
كتاب النكاح.
سن لتائق له إن وجد أهبته وإلا فتركه أولى وكسر توقانه بصوم وكره لغيره إن فقدها أو وكان به علة كهرم وإلا فخل لعبادة أفضل فإن لم يتعبد فالنكاح أفضل وسن بكر إلا لعذر دينة جميلة ولود نسيبة غير ذات قرابة قريبة ونظر كل لِلْآخَرِ بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهُ قَبْلَ خِطْبَتِهِ غَيْرَ عورة وله تكريره وحرم نظر نحو فحل كبير ولو مراهقا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب النكاح.
هُوَ لُغَةً الضَّمُّ وَالْوَطْءُ وَشَرْعًا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِلَفْظِ إنْكَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْوَطْءِ فِي قَوْله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} 1 لِخَبَرِ: "حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ" وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 2 وأخبار كخبر تناكحوا تَكْثُرُوا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا.
" سُنَّ " أَيْ النِّكَاحُ بِمَعْنَى التَّزَوُّجِ " لِتَائِقٍ لَهُ " بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ " إنْ وَجَدَ أُهْبَتَهُ " مِنْ مَهْرٍ وَكُسْوَةِ فَصْلِ التَّمْكِينِ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ تَحْصِينًا لِدِينِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ أَمْ لَا " وَإِلَّا " بِأَنْ فَقَدَ أُهْبَتَهُ " فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَكَسْرُ " إرْشَادًا " تَوَقَانِهِ بِصَوْمٍ " لِخَبَرِ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" أَيْ قَاطِعٌ لِتَوَقَانِهِ وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ مُؤَنُ النِّكَاحِ فإن لم ينكسر بالصوم لا يكسره الكافور وَنَحْوِهِ بَلْ يَتَزَوَّجُ " وَكُرِهَ " النِّكَاحُ " لِغَيْرِهِ " أَيْ غَيْرِ التَّائِقِ لَهُ لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا " إنْ فَقَدَهَا " أَيْ أُهْبَتَهُ " أَوْ " وَجَدَهَا " وَكَانَ بِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ " وَتَعْنِينٍ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ مَعَ الْتِزَامِ فَاقِدِ الْأُهْبَةِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَخَطَرِ الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ فِيمَنْ عَدَاهُ " وَإِلَّا " بِأَنْ وَجَدَهَا وَلَا عِلَّةَ بِهِ " فَتَخَلٍّ لِعِبَادَةٍ أَفْضَلُ " مِنْ النِّكَاحِ إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا اهْتِمَامًا بِهَا " فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ " مِنْ تَرْكِهِ لِئَلَّا تُفْضِيَ بِهِ الْبَطَالَةُ إلَى الْفَوَاحِشِ وَتَعْبِيرِي بِالتَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعِبَادَةِ لِأَنَّهَا عِبَارَةُ الجمهور ولأنها التي تصلح للخلافية فيه بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ العبادة مِنْ النِّكَاحِ قَطْعًا.
فَرْعٌ: نُصَّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُسَنُّ لَهَا النِّكَاحُ وَفِي مَعْنَاهَا الْمُحْتَاجَةُ إلَى النَّفَقَةِ وَالْخَائِفَةِ مِنْ اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهَا النِّكَاحُ وَإِلَّا كُرِهَ فَمَا قِيلَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ مطلقا مردود.
" وسن بكر " لخبر الصحيحين عَنْ جَابِرٍ " هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك" " إلَّا لِعُذْرٍ " مِنْ زِيَادَتِي كَضَعْفِ آلَتِهِ عَنْ الِافْتِضَاضِ أَوْ احْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَقُومُ عَلَى عِيَالِهِ وَمِنْهُ مَا اتَّفَقَ لِجَابِرٍ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَقَدَّمَ اعْتَذَرَ لَهُ فَقَالَ إنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أحد ترك تِسْعَ بَنَاتٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ وَلَكِنْ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصَبْتَ" " دَيِّنَةٌ " لَا فَاسِقَةٌ " جَمِيلَةٌ وَلُودٌ " مِنْ زِيَادَتِي وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك" أَيْ افْتَقَرَتَا إنْ لَمْ تَفْعَلْ وَخَبَرِ: "تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ القيامة" رواه أبو داود والحاكم وصح إسْنَادَهُ وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا بِأَقَارِبِهَا.
" نَسِيبَةٌ " أَيْ طَيِّبَةُ الْأَصْلِ لِخَبَرِ: "تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ" رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ بَلْ تُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا وَبِنْتُ الْفَاسِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا اللقيطة ومن لا يعرف لها أب " غَيْرُ ذَاتِ قَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ " بِأَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ ذَاتَ قَرَابَةٍ بَعِيدَةٍ لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ أَنَّ.
__________
1 سورة البقرة الآية: 230.
2 سورة النساء الآية: 3.

(2/38)


شيئا من كبيرة أجنبية ولو أمة وله بلا شهوة نَظَرُ سَيِّدَتِهِ وَهُمَا عَفِيفَانِ وَمَحْرَمُهُ خَلَا مَا بين سرة وركبة كعكسه وحل بلا شهوة نظر لصغيره خلا مزج ونظر ممسوح لأجنبية وعكسه ورجل لرجل وامرأة لامرأة كنظر لمحرم وحرم نظر كافرة لمسلمة ونظر أمرد جميل أو بشهوة لا نظر لحاجة كمعاملة وشهادة وتعليم وحيث حرم نظر حرم مس.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مِنْ عَشِيرَتِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ حِينَئِذٍ عَلَى الْوَلَدِ الْحُمْقُ فَيُحْمَلُ نَصُّهُ عَلَى عَشِيرَتِهِ الْأَدْنَيْنَ.
" وَ " سُنَّ " نَظَرُ كُلٍّ " مِنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ " لِلْآخَرِ بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهُ قَبْلَ خِطْبَتِهِ غَيْرَ عَوْرَةٍ " فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ أَوْ خِيفَ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وممن بهارق مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْأَمَةِ وَقَالَ أَنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً: " اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا" أَيْ أَنْ تَدُومَ بَيْنَكُمَا الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ صححه وَقِيسَ بِمَا فِيهِ عَكْسُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَصْدِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَبْلَهُ وَمُرَادُهُ بِخَطَبَ فِي الْخَبَرِ عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ " إذَا أُلْقِيَ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا " وَأَمَّا اعْتِبَارُهُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهَا لَرُبَّمَا أَعْرَضَ عَنْ مَنْظُورِهِ فَيُؤْذِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْإِذْنُ فِي النَّظَرِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَلِئَلَّا يَتَزَيَّنَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فَيُفَوِّتَ غَرَضَ النَّاظِرِ فَإِنْ قُلْت لِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ هُنَا مَعَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي نَظَرِ الْفَحْلِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ قُلْت لِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا مَأْمُورٌ بِهِ وَإِنْ خِيفَتْ الْفِتْنَةُ فَأُنِيطَ بِغَيْرِ الْعَوْرَةِ وَهُنَاكَ مَنْهِيٌّ عنه لخوف الفتنة فتعدى منه إلَى مَا يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً بِدَلِيلِ حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَى وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا عَلَى مَا يَأْتِي " وَلَهُ " أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا " تَكْرِيرُهُ " أَيْ النَّظَرِ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ لِتَتَبَيَّنَ هَيْئَةُ مَنْظُورِهِ فَلَا يَنْدَمُ بَعْدَ نِكَاحِهِ عَلَيْهِ وَذِكْرُ حُكْمِ نَظَرِهَا إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَحُرِّمَ نَظَرُ نَحْوِ فَحْلٍ كَبِيرٍ " كَمَجْبُوبٍ وخصي " ولو مراهقا شَيْئًا " وَإِنْ أُبِينَ كَشَعْرٍ " مِنْ " امْرَأَةٍ " كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ أَمَةً " وَأَمِنَ الْفِتْنَةَ لِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرْعِ سَدُّ الْبَابِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِهَا وَمَعْنَى حُرْمَتِهِ فِي الْمُرَاهِقِ أَنَّهُ يُحَرَّمُ عَلَى وَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ كَمَا يُحَرَّمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَكَشَّفَ لَهُ لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِخِلَافِ طِفْلٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} 1 وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ غَيْرُ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى " وَلَهُ بلا شهوة " ولو مكاتبا على النص " نَظَرُ سَيِّدَتِهِ وَهُمَا عَفِيفَانِ وَمَحْرَمُهُ خَلَا مَا بَيْنَ سُرَّةِ وَرُكْبَةِ " قَالَ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} 2 الْآيَةَ وَالزِّينَةُ مُفَسَّرَةٌ بِمَا عَدَا ذَلِكَ " كَعَكْسِهِ " أَيْ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَلَوْ مُرَاهِقَةً نَظَرُ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ فَحْلٍ أَجْنَبِيٍّ كَبِيرٍ وَلَوْ عَبْدًا قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} 3 وَلَهَا بِلَا شَهْوَةٍ أَنْ تَنْظُرَ مِنْ عَبْدِهَا وَهُمَا عَفِيفَانِ وَمِنْ مَحْرَمِهَا خَلَا مَا بَيْنَ سُرَّةِ وَرُكْبَةِ لِمَا عُرِفَ وَقَوْلِي نَحْوِ وَبِلَا شَهْوَةٍ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْعِفَّةِ وَذِكْرُ حُكْمِ نَظَرِ سَيِّدَةِ الْعَبْدِ لَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ تَحْرِيمِ نَظَرِ الْفَحْلِ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وكفيها وعكسه عند أمن الفتة هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حِلُّهُ.
" وَحَلَّ بِلَا شَهْوَةٍ نَظَرٌ لِصَغِيرَةٍ " لَا تُشْتَهَى " خَلَا فَرْجٍ " لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَظِنَّةِ شَهْوَةٍ أَمَّا الْفَرْجُ فَيُحَرَّمُ نَظَرُهُ وَقَطَعَ الْقَاضِي بِحِلِّهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَعَلَى الْأَوَّلِ اسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِلضَّرُورَةِ أَمَّا فَرْجُ الصَّغِيرِ فَيَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ مَا لَمْ يُمَيِّزْ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ " وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ " وَهُوَ ذَاهِبُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَهْوَةٌ " لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسُهُ " أَيْ وَنَظَرُ أَجْنَبِيَّةٍ لِمَمْسُوحِ " وَ " نَظَرُ " رَجُلٍ لِرَجُلٍ وَ " نَظَرُ " امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ كَنَظَرٍ لِمَحْرَمٍ " فَيَحِلُّ بِلَا شَهْوَةٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سرة وركبة لما عرف " وحرم نظر كافر لمسلمة " لقوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} 4 وَالْكَافِرَةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَهَا نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهَا معها كالأجنبي كما.
__________
1 سورة النور الآية: 31.
2 سورة النور الآية: 31.
3 سورة النور الآية: 31.
4 سورة النور الآية: 31.

(2/39)


ويباحان لعلاج كفصد بشرطه ولحليل امرأة نظر كل بدنها بلا مانع له كعكسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَعْبِيرِي بِكَافِرَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِذِمِّيَّةٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي كَافِرَةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِلْمُسْلِمَةِ وَلَا مَحْرَمٍ لَهَا أَمَّا هُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ عُمُومِ مَا مَرَّ وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ للكافر فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ.
" و " حرم " نظر أمرد جميل " وَلَا مَحْرَمِيَّةَ وَلَا مِلْكَ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ " أَوْ " غَيْرِ جَمِيلٍ " بِشَهْوَةٍ " بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ فَيَلْتَذَّ بِهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " لَا نَظَرٌ لِحَاجَةٍ كَمُعَامَلَةٍ " بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ " وَشَهَادَةٍ " تَحَمُّلًا وَأَدَاءً " وَتَعْلِيمٍ " لِمَا يَجِبُ أَوْ يُسَنُّ فَيَنْظُرُ فِي الْمُعَامَلَةِ إلَى الْوَجْهِ فَقَطْ وَفِي الشَّهَادَةِ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ من وجه وغيره وفي إرَادَةِ شِرَاءِ رَقِيقٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ لَمْ يَنْظُرْ وَإِلَّا نَظَرَ وَضَبَطَ نَفْسَهُ وَالْخَلْوَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كُلِّهِ كالنظر " وحيث " أولى من قوله ومتى " حرم نظر حرم مس " لأنه أبلغ منه فِي اللَّذَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ فَأَنْزَلَ بَطَلَ صَوْمُهُ وَلَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ لَمْ يَبْطُلْ فيحرم على الرجل ذلك فخذ الرجل بِلَا حَائِلٍ وَقَدْ يُحَرَّمُ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ كغمز الرجل ساق محرمة أو رجلها وعكسها بِلَا حَاجَةٍ فَيُحَرَّمُ مَعَ جَوَازِ النَّظَرِ إلَى ذلك " وَيُبَاحَانِ لِعِلَاجٍ كَفَصْدٍ " وَحَجْمٍ " بِشَرْطِهِ " وَهُوَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ أَوْ فَقْدُهُ مَعَ حُضُورِ نَحْوِ مَحْرَمٍ وَفَقْدُ مُسْلِمٍ فِي حَقِّ مُسْلِمٍ وَالْمُعَالِجُ كَافِرٌ فَلَا تُعَالِجُ امْرَأَةٌ رَجُلًا مَعَ وُجُودِ رَجُلٍ يُعَالِجُ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا رَجُلٌ امْرَأَةً وَلَا عَكْسُهُ عِنْدَ الْفَقْدِ إلَّا بِحَضْرَةِ نَحْوِ مَحْرَمٍ وَلَا كَافِرٌ أَوْ كَافِرَةٌ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمَةٍ يُعَالِجَانِ وَقَوْلِي بِشَرْطِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلِحَلِيلِ امْرَأَةٍ " مِنْ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ " نَظَرُ كُلِّ بَدَنِهَا " حَتَّى دُبُرِهَا خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ فِي الدُّبُرِ " بِلَا مَانِعٍ لَهُ " أَيْ للنظر لكل بدنها لأنها مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ لَكِنْ يُكْرَهُ نَظَرُ الْفَرْجِ " كَعَكْسِهِ " فَلَهَا النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَدَنِهِ بِلَا مَانِعٍ لَكِنْ يُكْرَهُ نَظَرُ الْفَرْجِ وَقَوْلِي بِلَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِعَدَمِ الْمَانِعِ مَا لَوْ اعْتَدَّتْ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ زُوِّجَتْ الْأَمَةُ أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ كَانَتْ وَثَنِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّنْ يُحَرَّمُ التَّمَتُّعُ بِهَا فَيُحَرَّمُ نَظَرُ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ وَتَعْبِيرِي بِالْحَلِيلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالزَّوْجِ.
فَرْعٌ الْمُشْكِلُ يُحْتَاطُ فِي نَظَرِهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
__________
1 سورة البقرة الآية: 235.

(2/40)


فصل
تحل خطبة خلية عن نكاح وعدة وتعريض لمعتدة غير رجعية كجواب وَيُحَرَّمُ عَلَى عَالِمٍ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةٍ جَائِزَةٍ ممن صرح بإجابته إلا بإعراض ويجب ذكر عيوب من أريد اجتماع عليه لمريده فإن اندفع بدونه حرم وسن خطبة قبل خطبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي الْخِطْبَةِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْتِمَاسُ الْخَاطِبِ النِّكَاحَ مِنْ جِهَةِ الْمَخْطُوبَةِ.
" تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ " تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا " وَ " يَحِلُّ " تَعْرِيضٌ لِمُعْتَدَّةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ " بِأَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ فِرَاقٍ بَائِنٍ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ لِعَدَمِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} 1 وَهِيَ وَارِدَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَمَّا التَّصْرِيحُ لَهَا فَحَرَامٌ إجْمَاعًا وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ لَهَا كَالتَّصْرِيحِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَالتَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَك أَوْ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا نَحْوُ مَنْ يَجِدُ مِثْلَك أَوْ إذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي " كَجَوَابٍ " مِنْ زِيَادَتِي أَيْ كَمَا يَحِلُّ جَوَابُ الْخِطْبَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ مِمَّنْ يَلِي نِكَاحَهَا فَجَوَابُ الْخِطْبَةِ كَالْخِطْبَةِ حِلًّا وَحُرْمًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ أَمَّا هو فيحل له التصريح والتعريض إنْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا وَإِلَّا فَلَا.
" وَيُحَرَّمُ عَلَى عَالِمٍ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةٍ جَائِزَةٍ مِمَّنْ صُرِّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِإِعْرَاضٍ " بِإِذْنٍ أَوْ غَيْرِهِ من الخاطب أو المجيب لخبر.
__________
1 سورة البقرة الآية: 235.

(2/40)


وقبل عقد ولو أوجب ولي فخطب زوج خطبة قصيرة فقبل صح لكنها لا تسن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشَّيْخَيْنِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ: "لَا يَخْطِبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ" وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَسُكُوتُ الْبِكْرِ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ وَقَوْلِي عَلَى عَالِمٍ أَيْ بِالْخِطْبَةِ وَبِالْإِجَابَةِ وَبِصَرَاحَتِهَا وَبِحُرْمَةِ خِطْبَةٍ عَلَى خِطْبَةٍ مَنْ ذُكِرَ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ خِطْبَةً أَوْ لَمْ يُجَبْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ أَوْ أُجِيبَ تَعْرِيضًا مُطْلَقًا أَوْ تَصْرِيحًا وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْخِطْبَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحُرْمَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وحصل إعراض ممن ذكر أَوْ كَانَتْ الْخِطْبَةُ مُحَرَّمَةً كَأَنْ خَطَبَ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ فَلَا تُحَرَّمُ خِطْبَتُهُ إذْ لَا حَقَّ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَخِيرَةِ وَلِسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ فِي الْبَقِيَّةِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَمِنْ وَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً وَمِنْهَا مَعَ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ وَمِنْ السَّيِّدِ إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مُكَاتَبَةٍ وَمِنْهُ مَعَ الْأَمَةِ إنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً وَمَعَ الْمُبَعَّضَةِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَإِلَّا فَمَعَ وَلِيِّهَا وَمِنْ السُّلْطَانِ إنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً بَالِغَةً وَلَا أَبَ وَلَا جَدَّ وَقَوْلِي عَلَى عَالِمٍ مَعَ جَائِزَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِإِعْرَاضٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِذْنٍ " وَيَجِبُ " كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ " ذِكْرُ عُيُوبِ مَنْ أُرِيدَ اجْتِمَاعٌ عَلَيْهِ " لِمُنَاكَحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَمُعَامَلَةٍ وَأَخْذِ عِلْمٍ " لِمُرِيدِهِ " لِيَحْذَرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ سَوَاءٌ اُسْتُشِيرَ الذَّاكِرُ فِيهِ أَمْ لَا فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى وَأَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ ذَكَرَ مَسَاوِيهِ بِصِدْقٍ " فَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ " بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهَا أَوْ اُحْتِيجَ إلَى ذِكْرِ بَعْضِهَا " حُرِّمَ " ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ وَشَيْءٍ من البعض الآخر في الثاني وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
" وَسُنَّ خُطْبَةٌ " بِضَمِّ الْخَاءِ " قَبْلَ خِطْبَةٍ " بِكَسْرِهَا " وَ " أُخْرَى " قَبْلَ عَقْدٍ " لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ- وَفِي رِوَايَةٍ- كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ" أَيْ عَنْ البركة فيحمد اللَّهَ الْخَاطِبُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويوصي بتقوى الله تعالى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْتَ بِمَرْغُوبٍ عَنْك أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ " وَلَوْ أَوْجَبَ وَلِيٌّ " الْعَقْدَ " فَخَطَبَ زَوْجٌ خطبة قصيرة " عرفا " فقبل صَحَّ " الْعَقْدُ مَعَ الْخُطْبَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِأَنَّهَا مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا تَقْطَعُ الْوَلَاءَ كَالْإِقَامَةِ وَطَلَبِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ " لَكِنَّهَا لَا تُسَنُّ " بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ فِي الرَّوْضَةِ تَابَعَ الرَّافِعِيَّ فِي أَنَّهَا تُسَنُّ وَجَعَلَا فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَ خُطَبٍ خُطْبَةٌ مِنْ الْخَاطِبِ وَأُخْرَى مِنْ الْمُجِيبِ لَلْخِطْبَةِ وَخُطْبَتَانِ لِلْعَقْدِ وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَأُخْرَى قَبْلَ الْقَبُولِ أَمَّا إذَا طَالَتْ الْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ فَصَلَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَلَوْ يَسِيرًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِإِشْعَارِهِ بالإعراض.

(2/41)


فصل: أركانه النكاح
...
فصل: أركانه زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ.
وَوَلِيٌّ وَشَاهِدَانِ وَصِيغَةٌ وَشَرْطٌ فِيهَا ما في البيع ولفظ تزويج أو إنكاح ولو بعجمية وصح بتقدم قبول وبزوجني وبتزوجها مع زوجتك أو تزوجت لا بكناية في الصيغة ولا بقبلت ولا نكاح شغار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا.
" أَرْكَانُهُ " خَمْسَةٌ " زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَوَلِيٌّ وَشَاهِدَانِ وَصِيغَةٌ وَشَرْطٌ فِيهَا " أَيْ فِي صِيغَتِهِ " مَا " شُرِطَ " فِي " صِيغَةِ " الْبَيْعِ " وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ وَمِنْهُ عَدَمُ التَّعْلِيقِ وَالتَّأْقِيتِ فَلَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ صِدْقَ الْمُبَشِّرِ فَقَالَ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَقَبِلَ أَوْ نَكَحَ إلَى شَهْرٍ لَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَلِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّمَتُّعِ دُونَ التَّوَالُدِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَغْرَاضِ النِّكَاحِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى عَدَمِ التَّعْلِيقِ والتأقيت " وَلَفْظُ " مَا يُشْتَقُّ مِنْ " تَزْوِيجٍ أَوْ إنْكَاحٍ وَلَوْ بِعَجَمِيَّةٍ " يَفْهَمُ مَعْنَاهَا الْعَاقِدَانِ وَالشَّاهِدَانِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَاقِدَانِ الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَلَفْظِ بَيْعٍ وَتَمْلِيكٍ وَهِبَةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ" " وَصَحَّ " النِّكَاحُ " بِتَقَدُّمِ قَبُولٍ " عَلَى إيجَابٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ " وبزوجني " من قبل الزوج " وبتزوجها " مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ " مَعَ " قَوْلِ الْآخَرِ عَقِبَهُ " زوجتك " في الأول " أو تزوجت " ها في الثاني لوجود الاستدعاء.

(2/41)


كزوجتكها على أن تزوجني بنتك وبضع كل صداق الأخرى فيقبل وكذا لو سميا معه مالا فإن لم يجعل البضع صداقا صح وفي الزوج حل واختيار وتبين وعلم بحل المرأة له وَفِي الزَّوْجَةِ حِلٌّ وَتَعْيِينٌ وَخُلُوٌّ مِمَّا مَرَّ وفي الولي اختيار وفقد مانع وفي الشاهدين ما في الشاهدات وعدم تعين للولاية وصح بابني الزوجين وعدويهما وظاهرا بمستوري عدالة لا إسلام وحرية ويتبين بطلانه بحجة فيه أو بإقرار الزوجين في حقهما لا الشاهدين بما يمنع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجازم الدال على الرضى " لا بكناية " بقيد زدته بقولي " في الصيغة " كَأَحْلَلْتُك بِنْتِي فَلَا يَصِحُّ بِهَا النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ إذْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ وَالشُّهُودُ رُكْنٌ فِي النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ وَلَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ أَمَّا الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فَقَبِلَ وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً فَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهَا " وَلَا بقبلت " فِي قَبُولٍ لِانْتِفَاءِ التَّصْرِيحِ فِيهِ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ وَنِيَّتُهُ لَا تُفِيدُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا أَوْ النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ أَوْ رَضِيتُ نِكَاحَهَا عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِنَصٍّ فِي الْبُوَيْطِيِّ.
" وَلَا " يَصِحُّ "نِكَاحُ شِغَارٍ " لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: " كَزَوَّجْتُكَهَا " هو أعم من قوله وهو زَوَّجْتُكَهَا أَيْ بِنْتِي " عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك وبضع كل " منهما " صداق الْأُخْرَى فَيَقْبَلُ " ذَلِكَ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ الْخَبَرِ الْمُحْتَمَلِ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ الرَّاوِي أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي عَنْهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ به البخاري فيرجع إليه والمعنى الْبَطَلَانِ بِهِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جَعَلَ مَوْرِدَ النِّكَاحِ امْرَأَةً وَصَدَاقًا لِأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ " وَكَذَا " لَا يَصِحُّ "لَوْ سَمَّيَا مَعَهُ " أَيْ مَعَ البضع " ما لا " كَأَنْ قَالَ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَأَلْفٌ صَدَاقُ الْأُخْرَى " فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْبُضْعَ صَدَاقًا " بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ " صَحَّ " نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَهُوَ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى.
" و " شرط " في الزوج حل واختيار وتعيين وعلم بحل المرأة له " فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ مُحْرِمٍ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: "لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ" وَلَا مُكْرَهٌ وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالْبَيْعِ وَلَا مَنْ جَهِلَ حِلَّهَا لَهُ احْتِيَاطًا لِعَقْدِ النِّكَاحِ " وَفِي الزَّوْجَةِ حِلٌّ وَتَعْيِينٌ وَخُلُوٌّ مِمَّا مَرَّ " أَيْ مِنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ مُحْرِمَةٍ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَا إحْدَى امْرَأَتَيْنِ لِلْإِبْهَامِ وَلَا مَنْكُوحَةٍ وَلَا مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا وَاشْتِرَاطُ غَيْرِ الْحِلِّ فِيهَا وَفِي الزَّوْجِ مِنْ زِيَادَتِي " وَفِي الْوَلِيِّ اخْتِيَارٌ " وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي " وَفَقْدُ مَانِعٍ " مِنْ عَدَمِ ذُكُورَةٍ وَمِنْ إحْرَامٍ وَرِقٍّ وَصِبًا وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي فِي موانع الولاية فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مِنْ مُكْرَهٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى وَمُحْرِمٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَأْتِي مَعَ بَعْضِهَا ثَمَّ " وَفِي الشَّاهِدَيْنِ مَا " يَأْتِي " فِي الشهادات " هو أعم مما ذكره " وعدم تعين " لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا " لِلْوِلَايَةِ " وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ مَنْ انْتَفَى فِيهِ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ عُقِدَ بِحَضْرَةِ عَبْدَيْنِ أو امرأتين أو فاسقتين أَوْ أَصَمَّيْنِ أَوْ أَعْمَيَيْنِ أَوْ خُنْثَيَيْنِ نَعَمْ إنْ بَانَا ذَكَرَيْنِ صَحَّ وَلَا بِحَضْرَةِ مُتَعَيِّنٍ لِلْوِلَايَةِ فَلَوْ وُكِّلَ الْأَبُ أَوْ الْأَخُ الْمُنْفَرِدُ فِي النِّكَاحِ وَحَضَرَ مَعَ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ وإن اجتمع فيه شروط الشهادة لِأَنَّهُ وَلِيٌّ عَاقِدٌ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَالزَّوْجِ وَوَكِيلُهُ نَائِبُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إحْضَارُ الشَّاهِدَيْنِ بَلْ يَكْفِي حُضُورُهُمَا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ وَدَلِيلُ اعْتِبَارِهِمَا مَعَ الْوَلِيِّ خَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِهِمَا الِاحْتِيَاطُ لِلْإِبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ.
" وَصَحَّ " النِّكَاحُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا " بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ " أَيْ ابْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ ابْنِ أحدهما وابن الآخر " وعدويهما " إي كذلك لثبوت النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ.
" وَ " صَحَّ " ظَاهِرًا " التقييد به تبعا لسبكي وَغَيْرِهِ مِنْ زِيَادَتِي " بِمَسْتُورَيْ عَدَالَةٍ " وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا لِأَنَّهُ يَجْرِي بَيْنَ أوساط الناس والعوالم وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقُّ " لَا " بِمَسْتُورَيْ " إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ " وَهُمَا مَنْ لَا يُعْرَفُ إسْلَامُهُمَا وَحُرِّيَّتُهُمَا وَلَوْ مع ظهورهما بالدار وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارُ بِالْأَرِقَّاءِ وَلَا غَالِبَ أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ وَكَمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ مَسْتُورَا الْبُلُوغِ.
" وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ " أَيْ النِّكَاحِ " بِحُجَّةٍ فِيهِ " أَيْ فِي النِّكَاحِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ عِلْمِ حَاكِمٍ فَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ببينة " أو

(2/42)


صحته فإن أقر الزوج به فسخ وعليه المهر إن دخل وإلا فنصفه أو الزوجة بخلل في ولي أو شاهد حلف وَسُنَّ إشْهَادٌ عَلَى رِضَا مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ فِي حَقِّهِمَا " بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ كَفِسْقِ الشَّاهِدِ وَوُقُوعِهِ فِي الرِّدَّةِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِي حَقِّهِمَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ شَرْطٍ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَحِلُّ إلا بمحلل كما في الكافي للخوارزمي قَالَ وَلَوْ أَقَامَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ قال السبكي وهو صحيح إذا أرادا نكاحا جَدِيدًا كَمَا فَرَضَهُ فَلَوْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ أَرَادَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَيْ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى فَيَنْبَغِي قَبُولُهَا وقلت وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِي فِي حَقِّهِمَا " لَا " بِإِقْرَارِ " الشَّاهِدَيْنِ بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ " أَيْ النِّكَاحِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إبْطَالِهِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا عَلَى الزَّوْجَيْنِ " فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ " دُونَ الزَّوْجَةِ " بِهِ فُسِخَ" النِّكَاحُ لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانُ نِكَاحِهِ " وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ دَخَلَ " بِهَا " وَإِلَّا فَنِصْفُهُ " إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ وَقَوْلِي فُسِخَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ فَلَا تُنْقِصُ عَدَدَ الطلاق كما لو أقرا بِالرَّضَاعِ وَتَعْبِيرِي بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفِسْقِ.
" أَوْ " أَقَرَّتْ " الزَّوْجَةُ " دُونَ الزَّوْجِ " بِخَلَلٍ فِي وَلِيٍّ أَوْ شَاهِدٍ " كَفِسْقٍ " حَلَفَ " فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ دُخُولٍ فَلَا مَهْرَ لِإِنْكَارِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَخَرَجَ بِالْخَلَلِ فِيمَنْ ذَكَرَ غَيْرُهُ كَمَا لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ بِهِمَا فَتَحْلِفُ هِيَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ وَالزَّرْكَشِيُّ عن النص لِأَصْلِ الْعَقْدِ " وَسُنَّ إشْهَادٌ عَلَى رِضَا مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا " بِالنِّكَاحِ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّ رضاها ليس من نفس النكاح المعبر فِيهِ الْإِشْهَادُ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ وَرِضَاهَا الكافي في العقد يحصل بإذنها أو بينة أَوْ بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ أَوْ عَكْسِهِ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمُجْبَرَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنَّهُ يُسَنُّ أَيْضًا خُرُوجًا مِنْ خلاف من يعتبر رضاها.

(2/43)


فصل:
لا تعقد امرأة نكاحا ويقبل إقرار مكلفة به لمصدقها ومجبر به ولأب تزويج بكر بلا إذن بشرطه وسن له استئذانها مكلفة وسكوتها بعده إذن ولا يزوج ولي ثيبا بوطء في قبلها ولا غير أب بكرا إلا بإذنهما بالغتين وأحق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.
" لَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا " وَلَوْ بِإِذْنٍ إيجَابًا كان أو قبولا لا لنفسها وَلَا لِغَيْرِهَا إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا وَتَقَدَّمَ خَبَرُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى لَكِنْ لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ مَثَلًا فَبَانَ رَجُلًا صَحَّ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَخَرَجَ بِلَا تَعْقِدُ مَا لَوْ وَكَّلَهَا رَجُلٌ فِي أَنَّهَا تُوَكِّلُ آخَرَ فِي تَزْوِيجِ مَوْلِيَّتِهِ أَوْ قَالَ وَلِيُّهَا وَكِّلِي عَنِّي مَنْ يُزَوِّجُك أَوْ أَطْلَقَ فَوَكَّلَتْ وَعَقَدَ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ " وَيُقْبَلُ إقْرَارُ مُكَلَّفَةٍ بِهِ لِمُصَدِّقِهَا " وَإِنْ كَذَّبَهَا وَلِيُّهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ فَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَلَا بد من تفصيلها لإقرار فَتَقُولُ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيِّي بِحُضُورِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَهَذَا فِي إقرارها المبتدأ فلا يتنافي مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي إقْرَارُهَا الْمُطْلَقُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي إقْرَارِهَا الْوَاقِعِ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا اُشْتُرِطَ مَعَ ذَلِكَ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ وَلَوْ أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ وَوَلِيُّهَا لِآخَرَ عُمِلَ بِالْأَسْبَقِ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا فَلَا نِكَاحَ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَوْلِي لِمُصَدِّقِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَكَالْمُكَلَّفَةِ السَّكْرَانَةُ " وَ " يُقْبَلُ إقْرَارُ " مُجْبِرٍ " مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ سَيِّدٍ عَلَى مَوْلِيَّتِهِ " بِهِ " أَيْ بالنكاح لقدرته على إنشائه بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَاهَا.
" وَلِأَبٍ " وَإِنْ عَلَا " تَزْوِيجُ بِكْرٍ بِلَا إذْنٍ " مِنْهَا " بِشَرْطِهِ " بِأَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ بِمَهْرِ مثلها من نقد البلد من كُفْءٍ لَهَا مُوسِرٍ بِهِ كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَقَوْلِي بِشَرْطِهِ مِنْ زِيَادَتِي " وَسُنَّ لَهُ اسْتِئْذَانُهَا مُكَلَّفَةً " تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا وَعَلَيْهِ حُمِلَ خبر.

(2/43)


الأولياء أب فأبوه فسائر العصبة المجمع على إرثهم كإرثهم فالسلطان ولا يزوج ابن ببنوة ويزوج عتيقة امرأة حية من يزوجها وإن لم ترض فإذا ماتت زوج من له الولاء ويزوج السلطان إذا غاب الأقرب مرحلتين أو أحرم أو عضل مكلفة دعت إلى كفء ولو عينت كفؤ فللمجبر تعيين آخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُسْلِمٍ " وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا " بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهِ لَهَا اسْتِئْذَانُهَا كَمَا سَيَأْتِي وقوله مُكَلَّفَةً مِنْ زِيَادَتِي وَمِثْلُهَا السَّكْرَانَةُ " وَسُكُوتُهَا " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " بَعْدَهُ " أَيْ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا " إذْنٌ " للأب وغيره ما لم تكن قريبة ظَاهِرَةٌ فِي الْمَنْعِ كَصِيَاحٍ وَضَرْبِ خَدٍّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: "وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا" وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّزْوِيجِ لَا لِقَدْرِ الْمَهْرِ وَكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ " وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ " مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ عَاقِلَةً " ثَيِّبًا " وَهِيَ مَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا " بِوَطْءٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " فِي قُبُلِهَا " وَلَوْ حَرَامًا أَوْ نَائِمَةً " وَلَا غَيْرُ أَبٍ " وَسَيِّدٍ مِنْ ذِي وَلَاءٍ وَسُلْطَانٍ وَمَنْ بِحَاشِيَةِ نَسَبٍ كَأَخٍ وَعَمٍّ " بِكْرًا " عَاقِلَةً " إلَّا بِإِذْنِهِمَا " وَلَوْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ " بَالِغَتَيْنِ " لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ السَّابِقِ وَخَبَرِ "لَا تَنْكِحُوا الْأَيَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ أَمَّا مَنْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ أَوْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ كَسَقْطَةٍ وَإِصْبَعٍ وَحِدَّةِ حَيْضٍ وَوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا فَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالْبِكْرِ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ وَهِيَ عَلَى غَبَاوَتِهَا وَحَيَائِهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تُزَوَّجُ صَغِيرَةٌ عَاقِلَةٌ ثَيِّبٌ إذْ لَا إذْنَ لَهَا وَأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْإِذْنِ وَلَا إذْنَ لِلصَّغِيرَةِ.
" وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ " بِالتَّزْوِيجِ " أَبٌ فَأَبُوهُ " وَإِنْ عَلَا لأن لكل منهما وِلَادَةً وَعُصُوبَةً فَقُدِّمُوا عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا عُصُوبَةٌ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ "فَسَائِرُ الْعَصَبَةِ الْمُجْمَعِ عَلَى إرْثِهِمْ " مِنْ نَسَبٍ وَوَلَاءٍ " كَإِرْثِهِمْ " أَيْ كَتَرْتِيبِ إرْثِهِمْ فَيُقَدَّمُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَمٌّ ثُمَّ ابْنُ عَمٍّ كَذَلِكَ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ أَخًا لِأُمٍّ أَوْ كَانَ مُعْتَقًا وَاسْتَوَيَا عُصُوبَةٌ قُدِّمَ ثُمَّ مُعْتِقٌ ثُمَّ عَصَبَتُهُ بِحَقِّ الْوَلَاءِ كَتَرْتِيبِ إرْثِهِمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ " فَالسُّلْطَانُ " فَيُزَوِّجُ مَنْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ " وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ " أُمَّهُ وَإِنْ عَلَتْ " بِبُنُوَّةٍ " لِأَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ بَلْ يُزَوِّجُهَا بنحو بنوة عَمٍّ كَوَلَاءٍ وَقَضَاءٍ وَلَا تَضُرُّهُ الْبُنُوَّةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٍ "وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ " فُقِدَ وَلِيَ عَتِيقَتِهَا نَسَبًا " مَنْ يُزَوِّجُهَا " بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَى مُعْتِقَتِهَا فَيُزَوِّجُهَا أَبُو الْمُعْتِقَةِ ثُمَّ جَدُّهَا بِتَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يُزَوِّجُهَا ابْنُ الْمُعْتِقَةِ وَمَا اسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِ ذَلِكَ وَهُوَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُعْتِقَةُ وَوَلِيُّهَا كَافِرَيْنِ وَالْعَتِيقَةُ مُسْلِمَةً حَيْثُ لَا يُزَوِّجُهَا وَمِنْ عكسه مَا لَوْ كَانَتْ الْمُعْتِقَةُ مُسْلِمَةً وَوَلِيُّهَا وَالْعَتِيقَةُ كافرين حيث يزوحها مَعْلُومٌ مِنْ اخْتِلَافِ الدِّينِ الْآتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ " وَإِنْ لَمْ تَرْضَ " الْمُعْتِقَةُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا " فَإِذَا مَاتَتْ زَوَّجَ " الْعَتِيقَةَ " مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ " مِنْ عَصَبَاتِهَا فَيُقَدَّمُ ابْنُهَا عَلَى أَبِيهَا " وَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ " زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ " إذَا غَابَ " الْوَلِيُّ " الْأَقْرَبُ " نَسَبًا أَوْ وَلَاءً " مرحلتين أَوْ أَحْرَمَ أَوْ عَضَلَ" أَيْ مَنَعَ دُونَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ " مُكَلَّفَةً دَعَتْ إلَى كُفْءٍ " وَلَوْ بِدُونِ مَهْرٍ مِثْلٍ مِنْ تَزْوِيجُهَا بِهِ نِيَابَةً عَنْهُ لِبَقَائِهِ عَلَى الْوِلَايَةِ وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ فِي الْأَخِيرَةِ حَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ بِخِلَافِ مَا إذَا دَعَتْ إلَى غَيْرِ كُفْءٍ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ وَيُؤْخَذُ من التعليل أنها لَوْ دَعَتْهُ إلَى مَجْبُوبٍ أَوْ عِنِّينٍ فَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ كَانَ عَاضِلًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا حق له في التمتع وَكَذَا لَوْ دَعَتْهُ إلَى كُفْءٍ فَقَالَ لَا أُزَوِّجُك إلَّا مِمَّنْ هُوَ أَكْفَأُ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَمِنْ خِطْبَةِ الْكُفْءِ لَهَا وَمِنْ تَعْيِينِهَا لَهُ وَلَوْ بِالنَّوْعِ بِأَنْ خَطَبَهَا أَكْفَاءُ وَدَعَتْ إلَى أَحَدِهِمْ وَخَرَجَ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مَنْ غَابَ دُونَهُمَا فَلَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ إلَّا بِإِذْنِهِ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِخَوْفٍ جاز له أن يزوج بغير إذنه قاله الرُّويَانِيُّ أَمَّا لَوْ عَضَلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ فَقَدْ فَسَقَ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ لَا السُّلْطَانُ كَمَا سيأتي " ولو عينت كفؤا فللمجبر تَعْيِينُ " كُفْءٍ " آخَرَ " لِأَنَّهُ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا أَمَّا غَيْرُ الْمُجْبِرِ وَلَوْ أَبًا أَوْ جَدًّا بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ عَيَّنَتْهُ فَتَعْبِيرِي بِالْمُجْبِرِ أَوْلَى مِنْ تعبيره بالأب.

(2/44)


فصل:
يمنع الولاية رق وصبا وجنون وفسق غير الإمام وحجر سفه واختلال نظر واختلال دين وينقلها كل لأبعد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ.
" يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ رق " ولو في مبعض لنفسه فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لَا وِلَايَةَ لرقيق نعم لو ملك المبعض أمة.

(2/44)


لا عمى وإغماء بل ينتظر زواله ولا إحرام ولا يعقد وكيل محرم ولو حلالا وَلِمُجْبِرِ تَوْكِيلٍ بِتَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ ولم يعين زوج وعلى الوكيل احتياط كغيره إن لم تنهه وأذنت في تزويج وعين من عينته وليقل وكيل ولي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زَوَّجَهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ " وَصِبَا " لِسَلْبِهِ الْعِبَارَةَ " وَجُنُونٌ " وَلَوْ مُتَقَطِّعًا لِذَلِكَ وَتَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَقْرَبِ دُونَ إفَاقَتِهِ وَخَالَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَقَالَ الْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُتَقَطِّعَ لَا يُزِيلُ الْوِلَايَةَ كَالْإِغْمَاءِ وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا فَهُوَ كَالْعَدَمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ " وَفِسْقُ غَيْرِ الْإِمَامِ " الْأَعْظَمِ وَلَوْ بِعَضْلٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ أَسَرَهُ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ وَقِيلَ لَا يَمْنَعُهَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَاتٌ لِأَنَّ الْفَسَقَةَ لَمْ يَمْنَعُوا مِنْ التَّزْوِيجِ فِي عصر الأولين وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي غَيْرِ الْإِمَامِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَمْنَعُ فِسْقُهُ وِلَايَتَهُ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتَه وَبَنَاتَ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ.
" وَحَجْرُ سَفَهٍ " بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَوْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَجْرُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي هريرة ورحجه الْقَاضِي مُجَلِّي وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ أَمَّا حَجْرُ الْفَلَسِ فَلَا يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ لِكَمَالِ نَظَرِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ " وَاخْتِلَالُ نَظَرٍ " بِهَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَخَبَلٍ وَكَثْرَةِ إسْقَامٍ لِعَجْزِهِ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَةِ الْكُفْءِ مِنْهُمْ وَاقْتِصَارِي عَلَى مَا ذُكِرَ أولى من تقييده بهرم أوخبل " وَاخْتِلَافُ دِينٍ " لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ فَلَا يَلِي كَافِرٌ مُسْلِمَةً وَلَوْ كَانَتْ عَتِيقَةً كَافِرَةً كَمَا مَرَّ وَلَا مُسْلِمٌ كَافِرَةً نَعَمْ لِوَلِيِّ السَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ كَالسَّيِّدِ الْآتِي بَيَانُ حُكْمِهِ وَلِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الْكَافِرَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيَلِي كَافِرٌ لَمْ يَرْتَكِبْ مَحْظُورًا فِي دِينِهِ كَافِرَةً وَلَوْ كَانَتْ عَتِيقَةً مُسْلِمَةً كَمَا مَرَّ أَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُهُمَا فَيَلِي اليهودي النصرانية والنصراني اليهودية كالإرث ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} 1.
" وَيَنْقُلُهَا " أَيْ الْوِلَايَةَ " كُلٌّ " مِنْ الْمَذْكُورَاتِ " لِأَبْعَدَ " ولو في باب الولاء حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ شَخْصٌ أَمَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَبِيرٍ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهَا لِلْحَاكِمِ وَذَكَرَ انْتِقَالَهَا بِالْفِسْقِ وَاخْتِلَافِ الدِّينِ مِنْ زِيَادَتِي " لِأَعْمَى " فَلَا يَنْقُلُهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسَّمَاعِ " وَ " لَا " إغْمَاءَ بَلْ يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ " وَإِنْ دَامَ أَيَّامًا لِقُرْبِ مُدَّتِهِ " وَلَا إحْرَامَ " بِنُسُكٍ لَكِنَّهُ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَمَا مَرَّ فَلَا يُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ بَلْ السُّلْطَانُ كَمَا مَرَّ "وَلَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ مُحْرِمٌ" مِنْ وَلِيٍّ أو زوج " ولو " كان الوكيل " حلالا " لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَانَ الْعَاقِدُ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ لَا يَنْعَزِلُ بِإِحْرَامِ مُوَكِّلِهِ فَيَعْقِدُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَلَوْ أَحْرَمَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي فَلِخُلَفَائِهِ أَنْ يَعْقِدُوا الْأَنْكِحَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْخَفَّافُ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ.
" وَلِمُجْبِرِ تَوْكِيلٍ بِتَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ وَلَمْ يُعَيَّنْ " فِي التَّوْكِيلِ " زَوْجٌ " أَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ لِأَنَّ شَفَقَةَ الْوَلِيِّ تَدْعُوهُ إلَى أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِحُسْنِ نَظَرِهِ وَاخْتِبَارِهِ " وَعَلَى الْوَكِيلِ " حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ زَوْجٌ " احْتِيَاطٌ " فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ غَيْرَ كُفْءٍ وَلَا كُفُؤًا مَعَ طَلَبِ أَكْفَأَ مِنْهُ " كَغَيْرِهِ " أَيْ غَيْرِ الْمُجْبِرِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَبًا وَلَا جَدًّا أَوْ كَانَتْ مُوَلِّيَتُهُ ثَيِّبًا فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِتَزْوِيجِهَا وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ فِي التَّوْكِيلِ وَلَمْ يُعَيَّنْ زَوْجٌ وَعَلَى الْوَكِيلِ الِاحْتِيَاطُ " إنْ لَمْ تَنْهَهُ " عَنْ تَوْكِيلٍ " وَأَذِنَتْ " لَهُ " فِي تَزْوِيجٍ وَعُيِّنَ مَنْ عَيَّنَتْهُ " إنْ عَيَّنَتْ وَالْقَيْدُ الْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْ التَّوْكِيلِ أَوْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ فِي التَّوْكِيلِ مَنْ عَيَّنَتْهُ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِذْنِ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ بَلْ نَهَتْ عَنْهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ حينئذ فكيف يوكل غيره فيه وأما فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ مَعَ أَنَّ المطلوب معين فا سد فَعُلِمَ مِنْ الْأُولَى أَنَّهُ إنَّمَا يُوَكِّلُ فِيمَا إذَا قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي وَوَكِّلْ بِتَزْوِيجِي أَوْ زَوِّجْنِي أَوْ وَكِّلْ بِتَزْوِيجِي وَلَهُ تَزْوِيجُهَا فِي هَذِهِ بِنَفْسِهِ إذْ يَبْعُدُ مَنْعُهُ مِمَّا لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْ التَّزْوِيجِ فِيهَا بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ الْوَلِيَّ وَرَدَّتْ التَّزْوِيجَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ الْإِذْنَ له ابتداء.
__________
1 سورة الأنفال الآية: 73.

(2/45)


زوجتك بنت فلان وولي لوكيل زوج زوجت بنتي فلانا فيقول قبلت نكاحها له وَعَلَى أَبٍ تَزْوِيجُ ذِي جُنُونٍ مُطْبِقٍ بِكِبَرٍ لحاجة وولي إجابة من سألته تزويجا وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءٌ فِي دَرَجَةٍ وَأَذِنَتْ لِكُلٍّ سن أفقههم فأورعهم فأسنهم برضاهم فإن تشاحوا واتحد خاطب أقرع فلو زوج مفضول صح أو أحدهم زيدا وآخر عمرا وعرف سابق ولم ينس فهو الصحيح أو نسي وجب توقف حتى يتبين وإلا بطلا.
فلو ادعى كل علمها بسبق نكاحه سمعت فإن أنكرت حلفت أَوْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهَا ولجد تولى طرفي تزويج بنت ابنه ابن ابنه الآخر ولا يزوج نحو ابن عم نفسه ولو بوكالة فيزوجه مساويه فقاض وقاضيا قاض آخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وَلْيَقُلْ وَكِيلُ وَلِيٌّ " لِزَوْجٍ " زَوَّجْتُك بِنْتَ فُلَانٍ " فَيَقْبَلُ " وَ " لِيَقُلْ " وَلِيٌّ لِوَكِيلِ زَوْجٍ زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا فَيَقُولُ " وَكِيلُهُ " قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ " فَإِنْ تَرَكَ لَفْظَةً لَهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ نَوَى مُوَكِّلُهُ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ وَالزَّوْجُ الْوَكَالَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ إذَا عَلِمَهَا الشُّهُودُ وَالْوَلِيُّ وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ الْوَكِيلُ إلَى التَّصْرِيحِ فِيهِمَا بِهَا " وَعَلَى أَبٍ " وَإِنْ عَلَا " تَزْوِيجُ ذِي جُنُونٍ مُطْبِقٍ " مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى " بِكِبَرٍ لِحَاجَةٍ " إلَيْهِ بِظُهُورِ إمَارَاتِ التَّوَقَانِ أَوْ بِتَوَقُّعِ الشِّفَاءِ عِنْدَ إشَارَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ أَوْ بِاحْتِيَاجِهِ لِلْخِدْمَةِ وَلَيْسَ فِي مَحَارِمِهِ مَنْ يَقُومُ بِهَا وَمُؤْنَةُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ مُؤْنَةِ شِرَاءِ أَمَةٍ أَوْ باحتياج لأنثى لمهر أَوْ نَفَقَةٍ فَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُمَا لَمْ يُزَوِّجَا حَتَّى يُفِيقَا وَيَأْذَنَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْبِكْرِ وَيُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْعَقْدِ حَالَ الْإِفَاقَةِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْعَاقِلُ وَالصَّغِيرُ وَإِنْ احْتَاجَ لِخِدْمَةٍ وَذُو جُنُونٍ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَى نِكَاحٍ فَلَا يَلْزَمُ تَزْوِيجُهُمْ وَإِنْ جَازَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ وَتَعْبِيرِي بِالْأَبِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُجْبِرِ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْبِرًا وَقَوْلِي مُطْبِقٍ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْحَاجَةِ فِي الْأُنْثَى وَعَدَمِ التَّقْيِيدِ بِظُهُورِهَا فِي الذَّكَرِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " عَلَى " وَلِيٍّ " أَصْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ تَعَيَّنَ أَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَإِخْوَةٍ " إجَابَةُ مَنْ سَأَلَتْهُ تَزْوِيجًا " تَحْصِينًا لَهَا وَلِئَلَّا يَتَوَاكَلُوا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا يَعْفُونَهَا " وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءٌ فِي دَرَجَةٍ وَأَذِنَتْ لِكُلٍّ" مِنْهُمْ " سُنَّ " أن يزوجها أفقههم بباب النكاح لأنه أعم بِشَرَائِطِهِ " فَأَوْرَعُهُمْ " لِأَنَّهُ أَشْفَقُ وَأَحْرَصُ عَلَى طَلَبِ الحظ " فأسنهم " لزيادة تجربته " برضاهم " أي يرضا بَاقِيهِمْ لِتَجْتَمِعَ الْآرَاءُ وَلَا يَتَشَوَّشُ بَعْضُهُمْ بِاسْتِئْثَارِ الْبَعْضِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتِقِينَ ثُمَّ عَصَبَتُهُمْ يَجِبُ اجتماعهم في العقد ولو بوكالة نَعَمْ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْ عَصَبَةِ مَنْ تَعَدَّدَتْ عَصَبَتُهُ مَعَ عَصَبَةِ الْبَاقِي وَخَرَجَ بِإِذْنِهَا لِكُلِّ مَا لَوْ أَذِنَتْ لِأَحَدِهِمْ فَلَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُهُ وَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُمْ زَوِّجُونِي فَيُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمْ وَذِكْرُ الْأَوْرَعِ وَالتَّرْتِيبُ مِنْ زِيَادَتِي.
" فَإِنْ تَشَاحُّوا " بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أُزَوِّجُ " وَاتَّحَدَ خَاطِبٌ أُقْرِعَ " بَيْنَهُمْ وُجُوبًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ زَوَّجَ وَلَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ وَأَمَّا خَبَرُ فَإِنْ تَشَاحُّوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْعَضْلِ بأن قال كل لا أزوج " فلو زوج " ها " مَفْضُولٌ " صِفَةً أَوْ قُرْعَةً فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قول الأصل غير مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ " صَحَّ " تَزْوِيجُهُ لِلْإِذْنِ فِيهِ وَفَائِدَةُ الْقُرْعَةِ قَطْعُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ لَا نَفْيُ وِلَايَةِ مَنْ لَمْ تَخْرُجْ لَهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي وَاتَّحَدَ خَاطِبٌ مَا إذَا تَعَدَّدَ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ مِمَّنْ تَرْضَاهُ فَإِنْ رَضِيَتْهُمَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِتَزْوِيجِ أَصْلَحِهِمَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ " أَوْ " زَوَّجَهَا " أَحَدُهُمْ زَيْدًا وَآخَرُ عَمْرًا " وَكَانَا كفؤين أَوْ أَسْقَطُوا الْكَفَاءَةَ " وَعُرِفَ سَابِقٌ وَلَمْ يُنْسَ فَهُوَ الصَّحِيحُ " وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الْمَسْبُوقُ " أَوْ نُسِيَ وَجَبَ تَوَقُّفٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ " الْحَالُ فَلَا يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا وَلَا لِثَالِثٍ نِكَاحُهَا قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَاهَا أَوْ يَمُوتَا أَوْ يُطَلِّقَ أَحَدُهُمَا وَيَمُوتَ الْآخَرُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا " وَإِلَّا " بِأَنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ عُرِفَ سَبْقٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ سَابِقٌ أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ وَالْمَعِيَّةُ " بَطَلَا " لِتَعَذُّرِ إمْضَاءِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ السَّابِقِ فِي السَّبْقِ الْمُحَقَّقِ أَوْ الْمُحْتَمَلِ وَلِتَدَافُعِهِمَا فِي الْمَعِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ أَوْ الْمُحْتَمَلَةِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى من الآخر مع امتناع الجمع بينهما ومحله فِي الثَّانِيَةِ إذَا لَمْ تُرْجَ مَعْرِفَتُهُ وَإِلَّا فَفِي الذَّخَائِرِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ.
" فَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ " مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَيْهَا " عِلْمَهَا بِسَبْقِ نِكَاحِهِ سُمِعَتْ " دَعْوَاهُ بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ وَهُوَ قَبُولُ إقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ وَتُسْمَعُ أَيْضًا عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهِ بِخِلَافِ دَعْوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ " فَإِنْ أَنْكَرَتْ حُلِّفَتْ " لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ سَبْقَ نِكَاحِهِ " أَوْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهَا " بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو يَغْرَمُ لِعَمْرٍو فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهَا وَلَهُ تَحْلِيفُهَا رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ فَيُغَرِّمَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزَّوْجِيَّةُ " وَلِجَدٍّ تَوَلِّي طَرَفَيْ " عَقْدٍ فِي " تَزْوِيجِ بِنْتِ ابْنِهِ ابْنَ ابْنِهِ الْآخَرِ " لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ " وَلَا يُزَوِّجُ نَحْوَ ابْنِ عَمٍّ " كَمُعْتِقٍ.

(2/46)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَعَصَبَتِهِ " نَفْسِهِ وَلَوْ بِوَكَالَةٍ " بِأَنْ يَتَوَلَّى هُوَ أو وكيلاه الطرفين أو أَحَدَهُمَا وَوَكِيلُهُ الْآخَرَ إذْ لَيْسَ لَهُ قُوَّةُ الجدودة حتى يتولى الطرفين " فيزوجه مساويه ف " إن فُقِدَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ زَوَّجَهُ " قَاضٍ " بِوِلَايَتِهِ العامة " و " يزوج " قاضيا آخَرُ " وَلَوْ خَلِيفَتُهُ لِأَنَّ خَلِيفَتَهُ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلَوْ قَالَتْ لِابْنِ عَمِّهَا زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك جَازَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُهَا مِنْهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ فَوْقِهِ مِنْ الْوُلَاةِ أَوْ خَلِيفَتِهِ لِشُمُولِهِ مَنْ يُمَاثِلُهُ.

(2/47)


فصل
زَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا وَلِيٌّ مُنْفَرِدٌ أَوْ أقرب أو بعض مستوين رضي باقوهم صح لا حاكم وخصال الكفاءة سلامة من عيب نكاح وحرية فمن مسه أو أبا أقرب رق ليس كفء سليمة ونسب ولو في العجم فعجمي ليس كفء عربية ولا غير قرشي لقرشية ولا غير هاشمي ومطلبي لهما وعفة فليس فاسق كفء عفيفة وحرفة فَلَيْسَ ذُو حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ فنحو كناس وراع ليس كفء بنت خياط ولا هو بنت تاجر وبزاز ولا هما بنت عالم وقاض ولا يقابل بعضها ببعض وله تزويج ابنه الصغير من لا تكافئه لا معيبة ولا أمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ لَا لِصِحَّتِهِ بَلْ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ فَلَهُمَا إسْقَاطُهَا.
" لَوْ زَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا وَلِيٌّ منفردا أو أَقْرَبُ " كَأَبٍ وَأَخٍ " أَوْ بَعْضُ " أَوْلِيَاءٍ " مُسْتَوِينَ " كَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ " رَضِيَ بَاقُوهُمْ صَحَّ " لِتَرْكِهِمْ حَقَّهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْضَوْا وَخَرَجَ بِالْأَقْرَبِ وَالْمُسْتَوِينَ الْأَبْعَدُ فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ وَلَا يَمْنَعُ عَدَمُ رِضَاهُ صِحَّةَ تَزْوِيجِ مَنْ ذُكِرَ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ " لَا " إنْ زَوَّجَهَا لَهُ " حَاكِمٌ " فَلَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ مِمَّنْ هُوَ كَالنَّائِبِ " وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ " أَيْ الصِّفَاتُ المعتبرة فيها ليعتبر مثلها في الزوج خَمْسَةٌ " سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبِ نِكَاحٍ " كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ فَغَيْرُ السَّلِيمِ مِنْهُ لَيْسَ كُفُؤًا لِلسَّلِيمَةِ مِنْهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا فَلَا كَفَاءَةَ وَإِنْ اتَّفَقَا وَمَا بِهَا أَكْثَرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْره مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ وَالْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ لَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ " وَحُرِّيَّةٌ فَمَنْ مَسَّهُ أَوْ " مَسَّ " أَبًا " لَهُ " أَقْرَبَ رِقٌّ لَيْسَ كُفْءَ سَلِيمَةٍ " مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَتَضَرَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ بِهِ رِقٌّ بِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَّا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ فَالرَّقِيقُ لَيْسَ كُفْءَ عَتِيقَةٍ ولامبعضة وَخَرَجَ بِالْآبَاءِ الْأُمَّهَاتُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِنَّ مَسُّ الرِّقِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَقَالَ وَمَنْ وَلَدَتْهُ رَقِيقَةُ كُفْءٍ لِمَنْ وَلَدَتْهُ عَرَبِيَّةٌ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ وَقَوْلِي أَوْ أَبًا أَقْرَبُ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَنَسَبٌ وَلَوْ فِي الْعَجَمِ " لِأَنَّهُ مِنْ الْمَفَاخِرِ كَأَنْ يُنْسَبَ الشَّخْصُ إلى من يشرف به بالنظر إلى مقابل مَنْ تُنْسَبُ الْمَرْأَةُ إلَيْهِ كَالْعَرَبِ فَإِنَّ اللَّهَ فَضَّلَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ " فَعَجَمِيٌّ " أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً " لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ " أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا عَجَمِيَّةً " وَلَا غَيْرَ قُرَشِيٍّ " مِنْ الْعَرَبِ كُفُؤًا " لِقُرَشِيَّةٍ " لِخَبَرِ: "قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا " وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ " كُفُؤًا " لَهُمَا " لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: " إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ" وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ أَكْفَاءٌ كَمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: " نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ " نَعَمْ لَوْ تَزَوَّجَ هَاشِمِيٌّ أَوْ مُطَّلِبِيٌّ رَقِيقَةً بِالشُّرُوطِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا فَهِيَ هَاشِمِيَّةٌ أَوْ مُطَّلِبِيَّةٌ رَقِيقَةٌ لِمَالِكِ أُمِّهَا وَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَصَوَّبَ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا لَهُمَا مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إلَى مَا صَحَّحَاهُ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ وَغَيْرُ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ.
" وَعِفَّةٌ " بِدِينٍ وَصَلَاحٍ " فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ " وَإِنَّمَا يُكَافِئُهَا عَفِيفٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِالصَّلَاحِ شُهْرَتَهَا بِهِ وَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ كُفْءَ سُنِّيَّةٍ وَيُعْتَبَرُ إسْلَامُ الْآبَاءِ فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا أَبٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِيهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ " وَحِرْفَةٌ " وَهِيَ صِنَاعَةٌ يُرْتَزَقُ مِنْهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إلَيْهَا " فَلَيْسَ ذُو حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ فَنَحْوُ كَنَّاسٍ وَرَاعٍ " كَحَجَّامٍ وَحَارِسٍ وَقَيِّمِ حَمَّامٍ " لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ وَلَا هُوَ " أَيْ خَيَّاطٌ " بِنْتَ تاجر و " بنت " بزاز ولاهما " أَيْ تَاجِرٌ وَبَزَّازٌ " بِنْتَ عَالِمٍ وَ "" بِنْتَ " قاض " نظرا للعرف في ذلك فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ.

(2/47)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَسَارٌ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ وَلَا يَفْتَخِرُ به أهل المروءات والبصائر ولا سلامة من عيوب أخرى منفردة كعمى وقطع وتشه صُورَةٍ وَإِنْ اعْتَبَرَهَا الرُّويَانِيُّ وَيُعْتَبَرُ فِي الْحِرْفَةِ وَالْعِفَّةِ الْآبَاءُ أَيْضًا كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهَا " وَلَا يُقَابَلُ بَعْضُهَا " أَيْ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ " بِبَعْضٍ " فَلَا تُزَوَّجُ سليمة من العيب ودنيئة مَعِيبًا نَسِيبًا وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ رَقِيقًا عَفِيفًا وَلَا عَرَبِيَّةٌ فَاسِقَةٌ عَجَمِيًّا عَفِيفًا لِمَا بِالزَّوْجِ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّقْصِ الْمَانِعِ مِنْ الْكَفَاءَةِ وَلَا يَنْجَبِرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَضِيلَةِ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا " وَلَهُ " أَيْ لِلْأَبِ " تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ" بِنَسَبٍ أَوْ حِرْفَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشٍ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ نَعَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ " لَا مَعِيبَةً " لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ فَلَا يَصِحُّ " وَلَا أَمَةً " لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الزِّنَا الْمُعْتَبَرِ في جواز نكاحها.

(2/48)


فصل
لا يزوج مجنون إلا كبير لحاجة فواحدة ولأب تزويج صغير عاقل أكثر ومجنونة لمصلحة فإن فقد زوجها حاكم إن بلغت واحتاجت ومن حجر عليه لفلس صح نكاحه ومؤنة في كسبه أو لسفه نكح واحدة لحاجة بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ بِإِذْنِهِ بمهر مثل فأقل فلو زاد صح بمهر مثل من المسمى وَلَوْ نَكَحَ غَيْرَ مَنْ عَيَّنَهَا لَهُ لَمْ يصح وإن عين له قدرا لَا امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ مَهْرِ المثل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ.
" لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ إلَّا كَبِيرٌ لِحَاجَةٍ " كَأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ وَنَحْوِ ذلك أو يتوقع الشِّفَاءِ بِهِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ " فَ " يُزَوَّجُ " وَاحِدَةً " لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا وَفِي التَّقْيِيدِ بِالْوَاحِدَةِ بَحْثٌ لِلْإِسْنَوِيِّ وَيُزَوِّجُهُ أَبٌ ثُمَّ جَدٌّ ثُمَّ حَاكِمٌ دُونَ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ كَوِلَايَةِ الْمَالِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَبَ تَزْوِيجُ مَجْنُونٍ مُحْتَاجٍ لِلنِّكَاحِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ كَبِيرٌ غير محتاج لا صَغِيرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ إذْ الظَّاهِرُ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا مَجَالَ لِحَاجَةِ تَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهِمَا وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ فِي صَغِيرٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيُلْحَقُ بِالْبَالِغِ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
" وَلِأَبٍ " وَإِنْ عَلَا لَا غَيْرِهِ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ " تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ أَكْثَرَ " مِنْهَا وَلَوْ أَرْبَعًا لِمَصْلَحَةٍ إذْ قَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ وَغِبْطَةٌ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ فَلَا يُزَوَّجُ مَمْسُوحٌ " وَ " تَزْوِيجُ " مَجْنُونَةٍ " وَلَوْ صَغِيرَةً وَثَيِّبًا " لِمَصْلَحَةٍ " فِي تَزْوِيجِهَا وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُفِيدُهَا الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَيَغْرَمُ الْمَجْنُونُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَبَ تَزْوِيجُ مَجْنُونَةٍ مُحْتَاجَةٍ وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَبِ فِي الْأُولَى مَعَ التَّصْرِيحِ فِيهَا بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ زِيَادَتِي " فَإِنْ فُقِدَ " أَيْ الْأَبُ " زَوَّجَهَا حَاكِمٌ " كَمَا يَلِي مَالَهَا لَكِنْ بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا نَدْبًا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا " إنْ بَلَغَتْ وَاحْتَاجَتْ " لِلنِّكَاحِ كَأَنْ تَظْهَرَ عَلَامَاتُ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا أَوْ يُتَوَقَّعُ الشِّفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا فِي صِغَرِهَا لِعَدَمِ حَاجَتِهَا وَلَا بَعْدَ بُلُوغِهَا لمصلحة من كفاية نفقة وغيرها وَقَدْ يُقَالُ قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ وَلَمْ تَنْدَفِعْ حَاجَتُهَا بِغَيْرِ الزَّوْجِ فَيُزَوِّجُهَا لِذَلِكَ.
" وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ صَحَّ نِكَاحُهُ " لِأَنَّهُ صَحِيحُ العبارة وله ذمة " ومؤنة " أي مؤنة نِكَاحِهِ " فِي كَسْبِهِ " لَا فِيمَا مَعَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ فَفِي ذِمَّتِهِ " أَوْ " حُجِرَ عَلَيْهِ " لِسَفَهٍ نَكَحَ وَاحِدَةً لِحَاجَةٍ " إلَى النِّكَاحِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوَّجُ لَهَا وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ " بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ بِإِذْنِهِ بِمَهْرِ مِثْلٍ فَأَقَلَّ " فِيهِمَا لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَالْإِذْنُ وَقَوْلِي وَاحِدَةً لِحَاجَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ فِي الْحَاجَةِ حَتَّى تَظْهَرَ أَمَارَاتُ الشَّهْوَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ إتْلَافَ ماله والمزاد بِوَلِيِّهِ هُنَا الْأَبُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ السُّلْطَانُ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ فَقَطْ " فَلَوْ زَادَ " عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ " صَحَّ " النِّكَاحُ " بِمَهْرِ مِثْلٍ " أَيْ بِقَدْرِهِ " مِنْ الْمُسَمَّى " وَلَغَا الزَّائِدُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْقِيَاسُ إلْغَاءُ الْمُسَمَّى وَثُبُوتُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ فِي الذِّمَّةِ وَأَرَادَ بِالْمَقِيسِ عَلَيْهِ نِكَاحَ الْوَلِيِّ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَى الزَّائِدِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ.
" وَلَوْ نَكَحَ غَيْرَ مَنْ عينها له " وله " لَمْ يَصِحَّ " النِّكَاحُ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِذْنَ " وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا " كَأَلْفٍ " لَا امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ

(2/48)


أو أطلق نكح لائقة ولو نكح بلا إذن لم يصح فإن وطىء فلا شيء ظاهرا لرشيده والعبد ينكح بإذن سيده يحسبه ولا يجبره عليه كعكسه وله إجبار أمته لا مكاتبة ومبعضة ولا أمة سيدها وتزويجه بملك فيزوج مسلم أمته الكافرة وفاسق ومكاتب ولولي نكاح ومال تزويج أم موليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْهُ وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ " فَإِنْ نَكَحَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ صح النكاح بالمسمى أو أكثر منه صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَغَا الزَّائِدُ أَوْ نَكَحَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بَطَلَ إنْ كَانَ الْأَلْفُ أقل من مهر مثلها وإلا صح بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ وَالْأَلْفُ مهر مثلها أَقَلُّ فَبِالْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِلَّا فَبِالْمُسَمَّى وَلَوْ قَالَ انْكِحْ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ فَنَكَحَهَا بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَغَا الزَّائِدُ فِي الْأُولَى وَبَطَلَ النِّكَاحُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ فَالْإِذْنُ بَاطِلٌ " أَوْ أَطْلَقَ " فَقَالَ تَزَوَّجْ " نَكَحَ " بِمَهْرِ الْمِثْلِ " لَائِقَةً " بِهِ فَإِنْ نَكَحَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ صح النكاح بالمسمى أو بأكثر لغا الزائد وَإِنْ نَكَحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ وَالْإِذْنُ لِلسَّفِيهِ لَا يُفِيدُهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ وَلَوْ قَالَ لَهُ انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ مِطْلَاقًا سرى أمة فإن تبرم بها أبدلت.
" وَلَوْ نَكَحَ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَصِحَّ " فَيُفَرَّقُ بينهما " فإن وطئ فلا شيء " عليه " ظاهرا لرشيده " مُخْتَارَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ سَفَهَهُ لِلتَّفْرِيطِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ وَخَرَجَ بِالظَّاهِرِ الْبَاطِنُ وَبِالرَّشِيدَةِ غَيْرُهَا فَيَلْزَمُ فِيهِمَا مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى وَأَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الثانية في السفيهة ومثلها الصغيرة المجنونة والقيدان من زيادتي وأما مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ وَقَدْ يُقَالُ يَأْتِي فِيهِ حِينَئِذٍ مَا مَرَّ فِي سَلْبِ وِلَايَتِهِ " وَالْعَبْدُ يَنْكِحُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ " وَلَوْ أُنْثَى لِأَنَّهُ مَحْجُورُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْإِذْنُ أَوْ مُقَيَّدًا بِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ " بِحَسَبِهِ " أَيْ بِحَسَبِ إذْنِهِ فَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ له مهر فَزَادَ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ فَزَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا عتق كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بِإِذْنٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَنْكِحْ ثَانِيًا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ " وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ " سَيِّدُهُ وَلَوْ صَغِيرًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَمْلِكُ إثْبَاتَهُ " كَعَكْسِهِ " أَيْ كَمَا لَا يُجْبِرُ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ عَلَى تَزْوِيجِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْوِيشِ مَقَاصِدِ الْمِلْكِ وَفَوَائِدِهِ.
" وَلَهُ إجْبَارُ أمته " على إنكاحها صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً لِأَنَّ النِّكَاحَ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْعَبْدَ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ التَّمَتُّعَ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا " لَا " إجْبَارَ " مُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ " لِأَنَّهُمَا فِي حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيَّاتِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا " إجْبَارَ " أَمَةٍ سَيِّدَهَا " وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ فَلَوْ طَلَبَتْ مِنْهُ تَزْوِيجَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَيَفُوتُ التَّمَتُّعُ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ " وَتَزْوِيجُهُ " لَهَا كَائِنٌ " بِمِلْكٍ " لَا بِوِلَايَةٍ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ " فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ " وَلَوْ غير كتابية كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجَزَمَ بِهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي لِأَنَّ له بيعها وإجازتها وَعَدَمُ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِهَا لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كما في أمته المحرم كَأُخْتِهِ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِبُضْعِ مُسْلِمَةٍ أَصْلًا " وَ " يُزَوِّجُ " فَاسِقٌ " أَمَتَهُ " وَمُكَاتَبٌ " أَمَتَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ " وَلِوَلِيِّ نِكَاحٍ وَمَالٍ " مِنْ أَبٍ وَإِنْ عَلَا وَسُلْطَانٍ " تَزْوِيجُ أَمَةِ مُوَلِّيهِ " مِنْ ذِي صِغَرٍ وَجُنُونٍ وَسَفَهٍ وَلَوْ أُنْثَى بِإِذْنِ ذِي السَّفَهِ اكْتِسَابًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ لِمَا فيه من انقطاع أكسابه عنه فللأب تَزْوِيجُهَا إلَّا إنْ كَانَ مُوَلِّيهِ صَغِيرَةً ثَيِّبًا عَاقِلَةً وَلِلسُّلْطَانِ تَزْوِيجُهَا لَا إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ صَغِيرَةً وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا ذَلِكَ مُطْلَقًا وَتَعْبِيرِي توليه أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِصَبِيٍّ وَالتَّقْيِيدُ بِوَلِيِّ النِّكَاحِ وَالْمَالِ مِنْ زِيَادَتِي.

(2/49)


باب ما يحرم من النكاح.
تحرم أم وهي من ولدتك أو من ولدك وبنت وهي من ولدتها أو من ولدها لا مخلوقة من زناه وأخت وبنت أخ وأخت وعمة وهي أخت ذكر ولدك وخالة وهي أخت أنثى ولدتك ويحرمن بالرضاع فمرضعتك ومن أرضعتها أو ولدتها أو أبا من رضاع أو أرضعته أو من ولدك أم رضاع وقس الباقي ولا تحرم مرضعة أخيك أو أختك أو نافلتك ولا أم مرضعة ولدك وبنتها ولا أخت أخيك وتحرم زوجة ابنك أو أبيك وأم زوجتك وبنت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ.
عَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِبَابِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَمِنْهَا وإن لم يذكره الشيخان اختلاف الجنس فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ جِنِّيَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَكِنْ جَوَّزَهُ الْقَمُولِيُّ وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ مَعَ مَا يأتي آية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} 1.
" تَحْرُمُ أُمٌّ " أَيْ نِكَاحُهَا وَكَذَا الْبَاقِي " وَهِيَ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ " وَلَدَتْ " مِنْ وَلَدِك" ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْهَا نَسَبُك بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا " وَبِنْتٌ وَهِيَ مَنْ وَلَدْتهَا أَوْ " وَلَدْت " مَنْ وَلَدَهَا " ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْك نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا " لَا مَخْلُوقَةٌ مِنْ " مَاءٍ " زِنَاهُ " فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا نَعَمْ يُكْرَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ من حرمها عَلَيْهِ كَالْحَنَفِيَّةِ بِخِلَافِ وَلَدِهَا مِنْ زِنَاهَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ " وَأُخْتٌ " وَهِيَ مَنْ وَلَدَهَا أَبَوَاك أَوْ أَحَدُهُمَا " وَبِنْتُ أَخٍ وَ " بِنْتُ " أُخْتٍ " بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا " وَعَمَّةٌ وَهِيَ أُخْتُ ذَكَرٍ وَلَدَك " بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا " وَخَالَةٌ وَهِيَ أُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْك " بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا " وَيَحْرُمْنَ " أَيْ هَؤُلَاءِ السَّبْعُ " بِالرَّضَاعِ " أَيْضًا لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ النَّسَبِ وَفِي أُخْرَى حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ.
" فَمُرْضِعَتُك وَمَنْ أَرْضَعَتْهَا أَوْ وَلَدَتْهَا أَوْ " وَلَدَتْ " أَبًا مِنْ رَضَاعٍ " وَهُوَ الْفَحْلُ " أَوْ أَرْضَعَتْهُ " وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " أَرْضَعَتْ " مَنْ وَلَدَك " بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا " أُمُّ رَضَاعٍ وَقِسْ " بِذَلِكَ " الْبَاقِي " مِنْ السَّبْعِ الْمُحَرَّمَةِ بِالرَّضَاعِ فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك أَوْ بلبن كفروعك نسباء أَوْ رَضَاعًا وَبِنْتُهَا كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ رَضَاعٍ وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَحَدِ أَبَوَيْك نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا أُخْتُ رَضَاعٍ وَكَذَا مَوْلُودَةُ أَحَدِ أَبَوَيْك رضاعا وبنت ولد المرضعة والفحل نسبا ورضاعا وَإِنْ سَفَلَتْ وَمَنْ أَرْضَعَتْهَا أُخْتُك أَوْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ أَخِيك وَبِنْتِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ وَبِنْتُ وَلَدٍ أَرْضَعَتْهُ أُمُّك أَوْ ارْتَضَعَ بِلَبَنِ أَبِيك نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ أَخٍ أَوْ أُخْتِ رَضَاعٍ وَأُخْتِ الْفَحْلِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ أَبِي الْمُرْضِعَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا عَمَّةُ رَضَاعٍ وَأُخْتُ الْمُرْضِعَةِ أَوْ أُمُّهَا أَوْ أُمُّ الْفَحْلِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا خَالَةُ رَضَاعٍ.
" وَلَا تَحْرُمُ " عَلَيْك " مُرْضِعَةُ أَخِيك أَوْ أُخْتِك " وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ نَسَبٍ حَرُمَتْ عَلَيْك لِأَنَّهَا أُمُّك أَوْ مَوْطُوءَةُ أَبِيك وَقَوْلِي أَوْ أُخْتِك مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " مُرْضِعَةُ " نَافِلَتِك " وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ نَسَبٍ حَرُمَتْ عَلَيْك لِأَنَّهَا بِنْتُك أَوْ مَوْطُوءَةُ ابْنِك " وَلَا أُمُّ مُرْضِعَةِ وَلَدِك " " وَ " لَا " بِنْتِهَا " أَيْ بِنْتِ الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أُمَّ نَسَبٍ كَانَتْ مَوْطُوءَتُك فَتَحْرُمُ عَلَيْك أُمُّهَا وَبِنْتُهَا فَهَذِهِ الْأَرْبَعُ يَحْرُمْنَ فِي النَّسَبِ لَا فِي الرَّضَاعِ فَاسْتَثْنَاهَا بَعْضُهُمْ مِنْ قَاعِدَةِ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَالْمُحَقِّقُونَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْتَثْنَى لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي الْقَاعِدَةِ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حَرُمْنَ فِي النَّسَبِ لِمَعْنًى لم يوجب فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ كَمَا قَرَّرْته وَلِهَذَا لَمْ أَسْتَثْنِهَا كَالْأَصْلِ وَزِيدَ عَلَيْهَا أُمُّ الْعَمِّ وَالْعَمَّةُ وأم الخال والخالة وأخي الِابْنِ وَصُورَةُ الْأَخِيرَةِ امْرَأَةٌ لَهَا ابْنٌ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا ابْنٌ فَابْنُ الثَّانِيَةِ أَخُو ابْنِ الْأُولَى وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا.
" ولا " يحرم عليك " أخت أخيك " سواء كانت مِنْ نَسَبٍ كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ لِأَبِيهِ نِكَاحُهَا أَمْ مِنْ رضاع كأن ترضع امرأة زيد أو صغيرة أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ لِأَبِيهِ نِكَاحُهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الأخت أخيك لأبيك.
__________
1 سورة النساء الآية: 23.

(2/50)


مدخولتك ومن وطىء امرأة بملك أو شبهة منه حَرُمَ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وابنه ولو اختلطت محرمة بغير محصورات نكح منهن وَيَقْطَعُ النِّكَاحُ تَحْرِيمَ مُؤَبَّدٍ كَوَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ بشبهة وحرم جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا كَامْرَأَةٍ وَأُخْتِهَا أو خالتها فإن جمع بينهما بعقد بطل أو بعقدين فكتزوج من اثنين وله تملكهما فإن وطىء إحداهما حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يَحْرُمَ الْأُولَى بِإِزَالَةِ مِلْكٍ أو نكاح أو كتابة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِأُمِّهِ كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ أُخْتَ أَخِيك لِأُمِّك لأبيه مثاله في النسب أو يَكُونَ لِأَبِي أَخِيك بِنْتٌ مِنْ غَيْرِ أُمِّك فلك نكاحها وفي الرضاع أن ترضع صَغِيرَةٌ بِلَبَنِ أَبِي أَخِيك لِأُمِّك فَلَكَ نِكَاحُهَا.
" وَيَحْرُمُ " عَلَيْك بِالْمُصَاهَرَةِ " زَوْجَةُ ابْنِك أَوْ أَبِيك وَأُمُّ زَوْجَتِك " وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهِنَّ " وَبِنْتُ مَدْخُولَتِك " فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} وقوله: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} 1 لِبَيَانِ أَنَّ زَوْجَةَ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 2 وَقَالَ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} 3 وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْفِيَّةً بِلِعَانِهِ بِخِلَافِ أُمِّهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ فَحَرُمَتْ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ بِنْتِهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي زَوْجَتَيْ الِابْنِ وَالْأَبِ وَفِي أُمِّ الزَّوْجَةِ عِنْدَ عَدَمِ الدُّخُولِ بهن أن يكون العقد صحيحا.
" ومن وطىء " فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ وَاضِحٌ " امْرَأَةً بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ مِنْهُ " كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أو وطئ بفاسد نكاح " حرم عليها أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ " لِأَنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَبِشُبْهَةٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ سَوَاءٌ أُوجِدَ مِنْهَا شُبْهَةٌ أَيْضًا أَمْ لَا وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَنْ وَطِئَهَا بِزِنًا أَوْ بَاشَرَهَا بلا وطء فلا تحرم عليه أمها ولابنتها وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ نَسَبًا وَلَا عِدَّةً " وَلَوْ اخْتَلَطَتْ " امْرَأَةٌ " مُحَرَّمَةٌ " عَلَيْهِ " بِ " نِسْوَةٍ " غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ " بِأَنْ يَعْسُرَ عَدُّهُنَّ عَلَى الْآحَادِ كَأَلْفِ امرأة " نكح منهن " جواز وإلا لا نسد عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ الْجَمِيعَ وَهَلْ يَنْكِحُ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ أَوْ إلَى أَنْ يَبْقَى عَدَدٌ مَحْصُورٌ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ وَقَالَ الْأَقْيَسُ عِنْدِي الثَّانِي لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوَانِي وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ بِمَظْنُونِ الطَّهَارَةِ وَحِلِّ تَنَاوُلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مُتَيَقِّنِهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِمَحْصُورَاتٍ كَعِشْرِينَ فَلَا يَنْكِحُ مِنْهُنَّ شَيْئًا تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُطْلَقًا وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ إذْ لَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ ولأن الوطء إنَّمَا يُبَاحُ بِالْعَقْدِ لَا بِالِاجْتِهَادِ وَتَعْبِيرِي بِمُحَرَّمَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ كَغَيْرِهِ بِمُحَرَّمٍ لِشُمُولِهِ الْمُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ وَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَلِعَانِ وَنَفْيٍ وَتَوَثُّنٍ وَغَيْرِهَا.
" وَيَقْطَعُ النِّكَاحُ تَحْرِيمَ مُؤَبَّدٍ كَوَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ " ووطء الزوج أم زوجته أم بِنْتَهَا " بِشُبْهَةٍ " فَيَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا كَمَا يَمْنَعُ انعقاده ابتداء سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَحْرَمًا لِلْوَاطِئِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا كَبِنْتِ أَخِيهِ أَمْ لَا وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالشِّقِّ الثَّانِي " وَحَرُمَ " ابْتِدَاءً وَدَوَامًا " جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا كَامْرَأَةٍ وَأُخْتِهَا أَوْ خَالَتِهَا " بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} 4 وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَذَكَرَ الضَّابِطَ الْمَذْكُورَ مَعَ جَعْلِ مَا بَعْدَهُ مِثَالًا لَهُ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَخَرَجَ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ الْمَرْأَةُ وَأَمَتُهَا فَيَجُوزُ جَمْعُهُمَا وَإِنْ حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْمُصَاهَرَةُ فَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَأُمِّ زَوْجِهَا أَوْ بِنْتِ زَوْجِهَا وإن حرم تناكحهما ولو فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا " فَإِنْ جَمَعَ " بَيْنَهُمَا " بِعَقْدٍ بَطَلَ " فِيهِمَا إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الأخرى " أو بعقدين فكتزوج " للمرأة " من اثنين " فإن عرفت.
__________
1 سورة النساء الآية: 23.
2 سورة النساء الآية: 22.
3 سورة النساء الآية: 23.
4 سورة النساء الآية: 23.

(2/51)


ولو ملكها ونكح أخرى حلت الأخرى دونها ولحر أربع ولغيره ثنتان فلو زاد في عقد بطل أو عقدين فكما مر وتحل نحو أخت وزائدة في عدة بائن وإذا طلق حر ثلاثا أو غيره ثنتين لم تحل له حتى يغيب بقبلها مع افتضاض حشفة ممكن وطؤه أو قدرها في نكاح صحيح مع انتشار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
السَّابِقَةُ وَلَمْ تُنْسَ بَطَلَ الثَّانِي أَوْ نُسِيَتْ وَجَبَ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ عُرِفَ سَبْقٌ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ سَابِقَةٌ وَلَمْ يرج معرفتها أو جُهِلَ السَّبْقُ وَالْمَعِيَّةُ بَطَلَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مُرَتَّبًا فَالثَّانِي " وَلَهُ تَمَلُّكُهُمَا " أَيْ مَنْ حَرُمَ جَمْعُهُمَا.
" فإن وطئ إحداهما " ولو في دبرها " حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يَحْرُمَ الْأُولَى بِإِزَالَةِ مِلْكٍ " وَلَوْ لِبَعْضِهَا " أَوْ بِنِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ " إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَحَيْضٍ وَرَهْنٍ وَإِحْرَامٍ وَرِدَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ فَلَوْ عَادَتْ الْأُولَى كَأَنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَى فَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الْعَائِدَةِ أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا حَرُمَتْ الْعَائِدَةُ حَتَّى يَحْرُمَ الْأُخْرَى وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَاحَةً عَلَى انْفِرَادِهَا فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا كَمُحْرِمٍ فَوَطِئَهَا جَازَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى نَعَمْ لَوْ مَلَكَ أُمًّا وَبِنْتَهَا فَوَطِئَ إحْدَاهُمَا حَرُمَتْ الْأُخْرَى مُؤَبَّدًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ " وَلَوْ مَلَكَهَا وَنَكَحَ الْأُخْرَى " مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ نَكَحَ أُخْتَهَا أَوْ عَكَسَ " حَلَّتْ الْأُخْرَى دُونَهَا " أَيْ دُونَ الْمَمْلُوكَةِ وَلَوْ مَوْطُوءَةً لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا بِالْمِلْكِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَغَيْرُهَا فَلَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ بَلْ يَدْفَعُهُ.
" وَ " يَحِلُّ " لِحُرٍّ أَرْبَعٌ " فَقَطْ لِآيَةِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} 1 وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَيْلَانَ وَقَدْ أسلم وتحته عشرة نِسْوَةٍ " أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ" رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحُوهُ " وَلِغَيْرِهِ " عَبْدًا كَانَ أَوْ مُبَعَّضًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْعَبْدِ " ثِنْتَانِ " فَقَطْ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ وَلِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي سَفِيهٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ عَلَى الْحَاجَةِ " فَلَوْ زَادَ " مَنْ ذُكِرَ بِأَنَّ زَادَ حُرٌّ عَلَى أَرْبَعٍ وَغَيْرُهُ عَلَى ثِنْتَيْنِ " فِي عَقْدٍ " وَاحِدٍ " بَطَلَ " الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْبَاقِيَاتِ نَعَمْ إنْ كان فيهن من يحرم جمعه كأختين وهي خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ فِي حُرٍّ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ فِي غَيْرِهِ اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِهِمَا " أَوْ " فِي " عَقْدَيْنِ فَكَمَا مَرَّ " فِي الْجَمْعِ بين الأختين وَنَحْوِهِمَا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ وَبِزَادَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَحَ خَمْسًا مَعًا بَطَلْنَ أَوْ مُرَتَّبًا فَالْخَامِسَةُ " وَتَحِلُّ نَحْوُ أُخْتٍ " كَخَالَةٍ " وَزَائِدَةٍ " هِيَ أعم من قوله وخامسة لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ " وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ ثَلَاثًا أَوْ غَيْرُهُ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الْعَبْدُ " ثِنْتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يغيب بقبلها مع افتضاض " لبكر " حشفة ممكن وطؤها أَوْ قَدْرِهَا " مِنْ فَاقِدِهَا " فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ مَعَ انْتِشَارٍ " لِلذَّكَرِ وَإِنْ ضَعُفَ انْتِشَارُهُ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ أَوْ كَانَ الْوَطْءُ بِحَائِلٍ أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ نَحْوِهِ لِقَوْلِهِ تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} أَيْ الثَّالِثَةَ: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} 2 مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها جاءت وَالتَّصْرِيحُ بِنَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي " فِي عِدَّةِ بَائِنٍ " لأنها أجنبية لا في عدة رجعية امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك وَالْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْوَطْءِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْوَطْءُ نَفْسُهُ اكْتِفَاءً بِالْمَظِنَّةِ سُمِّيَ بها ذلك تشبيها له بالغسل بِجَامِعِ اللَّذَّةِ وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ بِجَامِعِ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِقُبُلِهَا دُبُرُهَا وبالافتضاض وهو من زيادتي عدمه وَإِنْ غَابَتْ الْحَشَفَةُ كَمَا فِي الْغَوْرَاءِ وَبِالْحَشَفَةِ مَا دُونَهَا وَإِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَبِمُمْكِنٍ وَطْؤُهُ الطِّفْلُ وَبِالنِّكَاحِ الصَّحِيحُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ وَالْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَبِالشُّبْهَةِ الزِّنَا فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الْحِلَّ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَبِانْتِشَارِ الذَّكَرِ مَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ لِشَلَلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ حُصُولِ ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَبَرِ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اخْتِلَالِ النِّكَاحِ فَلَا يَكْفِي وَطْءُ رَجْعِيَّةٍ وَلَا وَطْءٌ فِي حَالِ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ رَاجَعَهَا أَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ أَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ.
__________
1 سورة النساء الآية: 3.
2 سورة البقرة الآية: 230.

(2/52)


فصل:
لا ينكح من يملكه أو بعضه فَلَوْ طَرَأَ مِلْكٌ تَامٌّ عَلَى نِكَاحٍ انْفَسَخَ ولا حر من بها رق لغيره إلا بعجزه عمن تصلح لتمتع كأن ظهرت مَشَقَّةٌ فِي سَفَرِهِ لِغَائِبَةٍ أَوْ خَافَ زِنًا مدته أو وجد حرة بمؤجل أو بلا مهر أو بأكثر من مهر مثل لا بدونه وبخوفه زنا وبإسلامها لمسلم وطرو يسار أو نكاح حرة لا يفسخ الأمة ولو جمعهما حر بعقد صح في الحرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الرِّدَّةِ وَالْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ التَّحْلِيلِ التَّنْفِيرُ مِنْ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ بِشَرْطِ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ طَلَّقَ أَوْ بَانَتْ مِنْهُ أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ النِّكَاحُ وَلَوْ نَكَحَ بِلَا شَرْطٍ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يُطَلِّقَ إذَا وَطِئَ كُرِهَ وَصَحَّ الْعَقْدُ وَحَلَّتْ بوطئه.
فَصْلٌ: فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ.
" لَا يَنْكِحُ " أَيْ الشَّخْصُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً " مَنْ يَمْلِكُهُ أَوْ بَعْضَهُ " إذْ لَا يَجْتَمِعُ ملك ونكاح لِمَا يَأْتِي " فَلَوْ طَرَأَ مِلْكٌ تَامٌّ " فِيهِمَا " عَلَى نِكَاحٍ انْفَسَخَ " النِّكَاحُ لِأَنَّ أَحْكَامَهُمَا مُتَنَاقِضَةٌ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَكَوْنُهَا مِلْكَهُ يَقْتَضِي عَدَمَهُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ وَلَوْ مَلَكَهَا لِمِلْكِ نَفْسِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَعَ تَامٍّ مِنْ زِيَادَتِي فَلِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِالسَّفَرِ إلَى الشَّرْقِ لِأَنَّهُ عَبْدُهَا وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى الْغَرْبِ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِذَا دَعَاهَا إلَى الْفِرَاشِ بِحَقِّ النِّكَاحِ بَعَثَتْهُ فِي إشْغَالِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ وَإِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْأَضْعَفُ وَثَبَتَ الْأَقْوَى وَهُوَ الْمِلْكُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ وَالنِّكَاحُ لَا يُمْلَكُ بِهِ إلَّا ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَخَرَجَ بِتَامٍّ مَا لَوْ ابْتَاعَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ثُمَّ فُسِخَ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرُ المذهب وكذا لو ابتاعته كذلك.
" ولا " ينكح " حرمن بِهَا رِقٌّ لِغَيْرِهِ " وَلَوْ مُبَعَّضَةً " إلَّا " بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ وَإِنْ عَمَّ الثَّالِثُ الْحُرَّ وَغَيْرَهُ وَاخْتَصَّ بِالْمُسْلِمِ أَحَدُهَا " بِعَجْزِهِ عَمَّنْ تَصْلُحُ لِتَمَتُّعٍ " وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً بِأَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا قَادِرًا عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ مَنْ لَا تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ كَصَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ هَرِمَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِيهِ فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ وَلِآيَةِ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} 1 بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ أَوْ قَادِرًا عَلَيْهَا لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ أَوْ بَعْضِهِ وَلِمَفْهُومِ الْآيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ وَقَوْلُهُ الْمُؤْمِنَاتِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إنَّمَا يَرْغَبُ فِي الْمُؤْمِنَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَنْ تَصْلُحُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِحُرَّةٍ وسواءا أَكَانَ الْعَجْزُ حِسِّيًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ شَرْعِيًّا " كَأَنْ ظَهَرَتْ " عَلَيْهِ " مَشَقَّةٌ فِي سَفَرِهِ لِغَائِبَةٍ أَوْ خَافَ زِنَا مُدَّتَهُ " أَيْ مُدَّةَ سَفَرِهِ إلَيْهَا وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يُنْسَبَ مُتَحَمِّلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ " أَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ " وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَهْرِ لأنه قد يعجز عنه عِنْدَ حُلُولِهِ " أَوْ بِلَا مَهْرٍ " كَذَلِكَ لِوُجُوبِ مَهْرِهَا عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ " أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ " وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ شِرَاءُ مَاءِ الطُّهْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِي "لَا" إنْ وَجَدَهَا " بِدُونِهِ " أَيْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ وَاجِدُهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مَنْ ذُكِرَتْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ.
" وَ " ثَانِيهَا " بِخَوْفِهِ زِنَا " بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ بِخِلَافِ مَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ أَوْ قَوِيَ تَقْوَاهُ قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} 2 أي الزنا وَأَصْلُهُ الْمَشَقَّةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةُ فِي الْآخِرَةِ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَتِ عُمُومُهُ لَا خُصُوصُهُ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَمْ يَنْكِحْهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ كَذَا فِي بَحْرِ الرُّويَانِيِّ وَالْوَجْهُ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الطول لأنه يقتضي جواز نكاحها عند فقط الطُّولِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا وَبِهَذَا الشَّرْطِ عُلِمَ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَنْكِحُ أَمَتَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا " وَ " ثَالِثُهَا " بِإِسْلَامِهَا لِمُسْلِمٍ " حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ أَمَّا الحر فلقوله تعالى: {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ
__________
1 سورة النساء الآية: 25.
2 سورة النساء الآية: 25.

(2/53)


فَصْلِ
لَا يَحِلُّ نِكَاحُ كَافِرَةٍ إلَّا كِتَابِيَّةً خالصة بكره والكتابية يهودية أو نصرانية وَشَرْطُهُ فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ وَغَيْرَهَا أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ قَبْلَهَا وَلَوْ بعد تحريفه إن تجنبوا المحرف وهي كمسلمة في نحو نفقة فله إجبارها على غسل من حدث أكبر وتنظف وترك تناول خبيث وتحرم سامرية خالفت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} 1 وَأَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَفِي جَوَازِ نِكَاحِ أَمَةٍ مَعَ تَيَسُّرِ مُبَعَّضَةٍ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ اقْتَصَرَ الشَّيْخَانِ قَالَ الزركشي وهو الراجح وأما غَيْرُ الْمُسْلِمِ مِنْ حُرٍّ وَغَيْرِهِ كِتَابِيَّيْنِ فَتَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ وَلَا بُدَّ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ أَنْ يَخَافَ زِنًا وَيَفْقِدَ الْحُرَّةَ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ مُطْلَقًا نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَلَا أَمَةِ مُكَاتَبِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِعْفَافِ وَلَا أَمَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ وَلَا مُوصًى لَهُ بخدمتها " وطر ويسار أو نكاح حُرَّةٍ لَا يَفْسَخُ الْأَمَةَ " أَيْ نِكَاحَهَا لِقُوَّةِ الدَّوَامِ " وَلَوْ جَمَعَهُمَا حُرٌّ " حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَمْ لَا " بِعَقْدٍ " كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ قَالَ لَهُ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَأَمَتِي قَبِلْت نِكَاحَهُمَا " صَحَّ فِي الْحُرَّةِ " تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ دُونَ الْأَمَةِ لِانْتِفَاءِ شُرُوطِ نِكَاحِهَا وَلِأَنَّهَا كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْحُرَّةِ لَا تُقَارِنُهَا وَلَيْسَ هَذَا كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ كَمَا عُلِمَ وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِي نِكَاحِهِمَا أَقْوَى فبطل نكاحهما معا ما لَوْ جَمَعَهُمَا مَنْ بِهِ رِقٌّ فِي عَقْدٍ فَيَصِحُّ فِيهِمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ كِتَابِيَّةً وَهُوَ مُسْلِمٌ فَكَالْحُرِّ.
فَصْلٌ: فِي نِكَاحِ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.
" لَا يَحِلُّ " لِمُسْلِمٍ " نِكَاحُ كَافِرَةٍ " ولو مجوسية وإن كان لها شبهة كتاب " إلَّا كِتَابِيَّةً خَالِصَةً " ذِمِّيَّةً كَانَتْ أَوْ حَرْبِيَّةً فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} 2 وَقَالَ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 3 أَيْ حَلَّ لَكُمْ " بِكُرْهٍ " لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ الْمَيْلِ إلَيْهَا الْفِتْنَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَرْبِيَّةُ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ قَهْرِنَا وَلِلْخَوْفِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ وَخَرَجَ بِخَالِصَةٍ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَنَحْوِ وَثَنِيَّةٍ فَتَحْرُمُ كَعَكْسِهِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ " وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ " لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِزَبُورِ دَاوُد وَنَحْوِهِ كَصُحُفِ شِيثٍ وَإِدْرِيسَ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فلا تحل لمسلم قيل لأن لك لَمْ يَنْزِلْ بِنَظْمٍ يُدْرَسُ وَيُتْلَى وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ فِيهَا نَقْصًا وَاحِدًا وَهُوَ كُفْرُهَا وَغَيْرُهَا فِيهَا نُقْصَانُ الْكُفْرِ وَفَسَادُ الدِّينِ.
" وَشَرْطُهُ " أَيْ حِلُّ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ الْخَالِصَةِ " فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ " نِسْبَةً إلَى إسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبراهيم عليهم السلام مَا زِدْته بِقَوْلِيِّ " أَنْ لَا يُعْلَمَ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثَةٍ تنسخه " وَهِيَ بَعْثَةُ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا وَذَلِكَ بِأَنْ عُلِمَ دُخُولُهُ فِيهِ قَبْلَهَا أَوْ شُكَّ وَإِنْ عُلِمَ دُخُولُهُ فِيهِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ أَوْ بَعْدَ بَعْثَةٍ لَا تَنْسَخُهُ كَبَعْثَةِ مَنْ بَيْنَ عِيسَى وَمُوسَى لِشَرَفِ نَسَبِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ دُخُولُهُ فِيهِ بَعْدَهَا لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ بِهَا " وَ " فِي " غَيْرِهَا " أَيْ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة " أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ " أَيْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ " قَبْلَهَا " أَيْ قَبْلَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ " وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ إنْ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ " وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ الْمَنْعَ بَعْدَ التَّحْرِيفِ مُطْلَقًا لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا بِخِلَافِ مَا إذا علم دخوله فيه بعدها وبعد تحريفه أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ تَحْرِيفِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يتجنبوا المحرف أو شك لسقوط فضيلته بالنسخ أو بالتحريف المذكور في غير الأخيرة وأخذا بِالْأَغْلَظِ فِيهَا " وَهِيَ " أَيْ الْكِتَابِيَّةُ الْخَالِصَةُ " كَمُسْلِمَةٍ فِي نَحْوِ نَفَقَةٍ " كَكِسْوَةٍ وَقَسَمٍ وَطَلَاقٍ بِجَامِعِ الزَّوْجِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ " فَلَهُ إجْبَارُهَا " كَالْمُسْلِمَةِ " عَلَى غُسْلٍ مِنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ " كَحَيْضٍ وَجَنَابَةٍ وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ النِّيَّةِ مِنْهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمُسْلِمَةِ المجنونة " و " على " تنظيف " بغسل وسخ من نجس ونحوه وباستحداد ونحوه " و " على " ترك تناول خبيث ".
__________
1 سورة النساء الآية: 25
2 سورة البقرة الآية: 221.
3 سورة المائدة الآية: 5.

(2/54)


الْيَهُودُ وَصَابِئِيَّةٌ خَالَفَتْ النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ أو شك ومن انتقل من دين لآخر تعني إسلام فلو كان امرأة لم تحل لمسلم فإن كانت منكوحة فكمرتدة ولا تحل مرتدة وردة قبل دخول تنجز فرقة وبعده فَإِنْ جَمَعَهُمَا إسْلَامٌ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحٌ وإلا فالفرقة من الردة وحرم وطء ولا حد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَخِنْزِيرٍ وَبَصَلٍ وَمُسْكِرٍ وَنَحْوِهِ لِتَوَقُّفِ التَّمَتُّعِ أَوْ كَمَالِهِ عَلَى ذَلِكَ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ نَفَقَةٍ وَتَنَظُّفٍ وَتَنَاوُلِ خَبِيثٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنَفَقَةٍ وَقَسَمٍ وَطَلَاقٍ وَبِغُسْلِ مَا نَجُسَ مِنْ أَعْضَائِهَا وَبِأَكْلِ خِنْزِيرٍ.
" وَتَحْرُمُ سَامِرِيَّةٌ خَالَفَتْ الْيَهُودُ وَصَابِئِيَّةٌ خَالَفَتْ النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ أَوْ شَكَّ " فِي مُخَالَفَتِهَا لَهُمْ فِيهِ وَإِنْ وَافَقَتْهُمْ فِي الْفُرُوعِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَالَفَتْهُمْ فِي الْفُرُوعِ فَقَطْ لِأَنَّهَا مُبْتَدِعَةٌ فَهِيَ كَمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ نَعَمْ إنْ كَفَّرَتْهَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَرُمَتْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَالسَّامِرَةُ طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ وَالصَّابِئَةِ طَائِفَةٌ مِنْ النَّصَارَى وَقَوْلِي أوشك مِنْ زِيَادَتِي وَإِطْلَاقُ الصَّابِئَةِ عَلَى مَنْ قُلْنَا هُوَ الْمُرَادُ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ هُمْ أَقْدَمُ مِنْ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَنْفُونَ الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ وَهَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ فِي صَابِئَةِ النَّصَارَى الْمُخَالَفَةَ لَهُمْ فِي الْأُصُولِ أَنَّهَا تَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ لِجَوَازِ مُوَافَقَتِهِمْ فِي ذَلِكَ لِلْأَقْدَمِينَ مَعَ مُوَافَقَتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ لِلنَّصَارَى وَهُمْ مَعَ الْمَوْجُودِ فِي زَمَنِهِمْ مِنْ الْأَقْدَمِينَ سَبَبٌ فِي اسْتِفْتَاءِ الْقَاهِرِ الْفُقَهَاءَ عَلَى عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ فَأَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ.
" وَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ لِآخَرَ تَعَيَّنَ " عَلَيْهِ " إسْلَامٌ " وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ وَكَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ فَإِنْ أَبَى الْإِسْلَامَ أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ ثم هو حربي إن ظفرنا به قَتَلْنَاهُ " فَلَوْ كَانَ " الْمُنْتَقِلُ " امْرَأَةً " كَأَنْ تَنَصَّرَتْ يَهُودِيَّةٌ " لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ " كَالْمُرْتَدَّةِ " فَإِنْ كَانَتْ " أَيْ الْمُنْتَقِلَةُ " مَنْكُوحَةً فَكَمُرْتَدَّةٍ " تَحْتَهُ فِيمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ يَرَى نِكَاحَ الْمُنْتَقِلَةِ حَلَّتْ لَهُ وَإِلَّا فَكَالْمُسْلِمِ " وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ " لِأَحَدٍ لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ لَا تُقَرُّ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا " وَرِدَّةٌ " مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا " قَبْلَ دُخُولٍ " وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ " تُنَجَّزُ فُرْقَةٌ " بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ " وَبَعْدَهُ " توقفها " فَإِنْ جَمَعَهُمَا إسْلَامٌ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحٌ " بَيْنَهُمَا لِتَأَكُّدِهِ بِمَا ذُكِرَ " وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ " بَيْنَهُمَا حَاصِلَةٌ " مِنْ " حِينِ: " الرِّدَّةِ " مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا " وَحَرُمَ وَطْءٌ " فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ " وَلَا حَدَّ " فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ بَلْ فِيهِ تَعْزِيرٌ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا ثُمَّ وطئها في العدة.
__________
1 سورة البينة الآية: 1.

(2/55)


باب نكاح المشرك.
أسلم على كتابية تحل دام نكاحه أو غيرها وتخلفت أو أسلمت وتخلفت فكردة أو أسلما معا دام والمعية بآخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ.
وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} 1.
لَوْ " أَسْلَمَ " أَيْ الْمُشْرِكُ وَلَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ كَوَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ " عَلَى " حُرَّةٍ " كِتَابِيَّةٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " تَحِلُّ " لَهُ ابْتِدَاءً "دَامَ نِكَاحُهُ " لِجَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لَهَا " أَوْ " عَلَى حُرَّةٍ " غَيْرِهَا " كوثنية وكتابية لا تحل له ابتداء " وَتَخَلَّفَتْ " عَنْهُ بِأَنْ لَمْ تُسْلِمَ مَعَهُ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ " أَوْ أَسْلَمَتْ " زَوْجَتُهُ " وَتَخَلَّفَ فَكَرِدَّةٍ " وَتَقَدَّمَ حُكْمُهَا قُبَيْلَ الْبَابِ أَيْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْفُرْقَةُ فِيمَا ذُكِرَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا " أَوْ أَسْلَمَا مَعًا " قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بعد " دَامَ " نِكَاحُهُمَا لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا معا كما مر.
__________
1 سورة البينة الآية: 1.

(2/55)


لفظ وحيث دام لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ زَائِلٍ عِنْدَ الْإِسْلَامِ ولم يعتقدوا فساده فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَفِي عِدَّةٍ تَنْقَضِي عِنْدَ إسْلَامٍ وَمُؤَقَّتٍ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا كنكاح طرأت عليه عدة شبهة وأسلما فيها أو أسلم فيه أحدهما ثم أحرم ثم أسلم الآخر والأول محرم لا نكاح محرم ونكاح الكفار صحيح فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ إلا بمحلل ولمقررة مسمى صحيح والفاسد إنْ قَبَضَتْهُ كُلَّهُ قَبْلَ إسْلَامٍ فَلَا شَيْءَ أو بعضه فقسط ما بقي من مهر المثل وإلا فمهر مثل ومندفعة بإسلام بعد دخول كمقررة أو قبله منه فنصف أو منها فلا شيء ولو ترافع إلينا ذِمِّيَّانِ أَوْ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ أَوْ مُعَاهَدٌ أَوْ هو وذمي وجب الحكم ونقرهم على ما نقر لو أسلموا ونبطل ما لا نقر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وَالْمَعِيَّةُ " فِي الْإِسْلَامِ " بِآخِرِ لَفْظٍ " لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ وَلَا بِأَثْنَائِهِ وَسَوَاءٌ فيما ذكر أكان الإسلام استقلالا أو تَبَعِيَّةً لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ أَبِ الطِّفْلِ أَوْ عَقِبَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِتَقَدُّمِ إسْلَامِهَا فِي الْأُولَى لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ وَإِسْلَامَهَا فِي الثَّانِيَة مُتَأَخِّرٌ فَإِنَّهُ قَوْلِيٌّ وَإِسْلَامُ الطِّفْلِ حكمي " وحيث دام " النكاح " لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ زَائِلٍ عِنْدَ الْإِسْلَامِ " بِشَرْطٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَلَمْ يَعْتَقِدُوا فَسَادَهُ " تَخْفِيفًا بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَزُلْ الْمُفْسِدُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ زَالَ عِنْدَهُ وَاعْتَقَدُوا فَسَادَهُ وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ نَكَحَ حُرَّةً وأمة وأسلموا إذ المفسد وهو عَدَمُ الْحَاجَةِ لِنِكَاحِ الْأَمَةِ لَمْ يَزُلْ عِنْدَ الْإِسْلَامِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ كَمَا يُعْلَم مِمَّا يَأْتِي فَلَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ " فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَفِي عِدَّةٍ " لِلْغَيْرِ " تَنْقَضِي عند إسلام " لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْقَضِيَةِ فَلَا يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ فِيهَا لِبَقَاءِ الْمُفْسِدِ " وَ " يُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ " مُؤَقَّتٍ " إنْ " اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا " كَصَحِيحٍ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا بخلاف ما إذا اعتقدوه مؤقتا فإذا وُجِدَ الْإِسْلَامُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ " كَنِكَاحٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ عدة شبهة وأسلما فيها " فَيُقَرُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تَرْفَعُ النِّكَاحَ " أَوْ " نِكَاحٍ " أَسْلَمَ فِيهِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَحْرَمَ " بِنُسُكٍ " ثُمَّ أَسْلَمَ الْآخَرُ " فِي الْعِدَّةِ " وَالْأَوَّلُ مُحْرِمٌ " فَيُقَرُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ مِنْ التَّصْوِيرِ بِمَا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ " لَا " عَلَى " نِكَاحِ مَحْرَمٍ " كَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لِلُزُومِ الْمُفْسِدِ لَهُ " وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صحيح " أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا رُخْصَةً ولقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} 1 وقوله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} 2 وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَمْ نُبْطِلْهُ قَطْعًا " فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ " لَهُ " إلَّا بِمُحَلِّلٍ " كَمَا فِي أَنْكِحَتِنَا " وَلِمُقَرَّرَةٍ " على نكاح " مسمى صحيح " والمسمى " الْفَاسِدُ " كَخَمْرٍ " إنْ قَبَضَتْهُ كُلَّهُ قَبْلَ إسْلَامٍ فَلَا شَيْءَ " لَهَا لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا وَمَا انْفَصَلَ حَالَةَ الْكُفْرِ لَا يَتْبَعُ نَعَمْ لَهَا مهر المثل إن كان المسمى مسلما أسروه لأنه الْفَسَادَ فِيهِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ وَفِي نَحْوِ الْخَمْرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّا نُقِرُّهُمْ حَالَ الْكُفْرِ عَلَى نَحْوِ الْخَمْرِ دُونَ الْمُسْلِمِ وَأُلْحِقَ بِالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ عَبْدُهُ وَمُكَاتَبُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ بَلْ يُلْحَقُ بِهِ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ الْمَعْصُومُ " أَوْ " قَبَضْت قَبْلَ الْإِسْلَامِ " بَعْضَهُ فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ " وَلَيْسَ لَهَا قَبْضُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ " فَ " لَهَا " مَهْرُ مِثْلٍ " لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِالْمَهْرِ وَالْمُطَالَبَةُ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمُسَمَّى الْفَاسِدِ مُمْتَنِعَةٌ فَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ نَكَحَ الْمُسْلِمُ بِفَاسِدٍ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ بَلْ وَلِلْمُسَمَّى الصَّحِيحِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ ذَلِكَ زَوْجُهَا قَاصِدًا تَمَلُّكَهُ وَالْغَلَبَةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا سَقَطَ حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ " وَمُنْدَفِعَةٌ بِإِسْلَامٍ " مِنْهَا أَوْ مِنْهُ " بَعْدَ دُخُولٍ " بِأَنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ " كَمُقَرَّرَةٍ " فِيمَا ذُكِرَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحَ " أَوْ " بِإِسْلَامٍ " قَبْلَهُ " فَإِنْ كَانَ " مِنْهُ فَ " لَهَا " نِصْفٌ " أَيْ نِصْفُ الْمُسَمَّى فِي الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ. وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ" أَوْ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ " لَهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ جِهَتِهَا " وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا " فِي نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ " ذِمِّيَّانِ أَوْ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ أَوْ مُعَاهَدٌ أَوْ هُوَ " أَيْ مُعَاهَدٌ " وَذِمِّيٌّ وَجَبَ " عَلَيْنَا " الْحُكْمُ " بَيْنَهُمْ بِلَا خِلَافٍ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَأَمَّا فِيهِمَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} 3 وَهَذَا نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} 4 كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَعَمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شُرْبِ خَمْرٍ لَمْ نَحُدَّهُمْ وَإِنْ رَضَوْا بِحُكْمِنَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَالْأَخِيرَتَانِ مِنْ زِيَادَتِي " وَنُقِرُّهُمْ " أَيْ الْكُفَّارَ فيما ترافعوا فيه.
__________
1 سورة المسد الآية:4.
2 سورة القصص الآية: 9.
3 سورة المائدة الآية: 49.
4 سورة المائدة الآية: 42.

(2/56)


فصل:
أسلم على أكثر من مباح له أسلمن معه أو في عدة أو كن كتابيات لزمه أهلا اختيار مباحه واندفع من زاد أو أسلم معه قبل دخول أو في عدة مباح تعين أو على أم وبنتها كتابتين أو أسلمتا فإن دخل بهما أو بالأم حرمتا أبدا وإلا فالأم أو أمة أسلمت معه أو في عدة أقر إن حلت له حينئذ أو إماء أسلمن كما مر اختار أمة حلت له حين اجتماع إسلامهما أو حرة وإماء وأسلمن كما مر تعينت وإن أصرت اختار أمة ولو أسلمت وعتقن ثم أسلمن في عدة فكحرائر والاختيار كاخترت نكاحك أو ثبته أو كاخترتك أمسكتك كطلاق لا فراق ووطء وظهار وإيلاء ولا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلينا " على ما نقر " هم عليه " لو أسلموا ونبطل ما لا نقر " هم عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا فَلَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ التَّرَافُعِ أَقْرَرْنَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً وَبِخِلَافِ نِكَاحِ مُحْرِمٍ.
فَصْلٌ: فِي حُكْمِ مَنْ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ مِنْ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ.
لَوْ " أَسْلَمَ " كَافِرٌ " عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مُبَاحٍ لَهُ " كَأَنْ أَسْلَمَ حُرٌّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْنِ " أَسْلَمْنَ مَعَهُ " قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ " أَوْ " أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ " فِي عِدَّةٍ " وَهِيَ مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ إسْلَامِهِنَّ فِيهَا " أَوْ كن كتابيات لَزِمَهُ " حَالَةَ كَوْنِهِ " أَهْلًا " لِلِاخْتِيَارِ وَلَوْ سَكْرَانَ " اخْتِيَارُ مُبَاحِهِ وَانْدَفَعَ " نِكَاحُ " مَنْ زَادَ " مِنْهُنَّ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ " أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ" صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَسَوَاءٌ أَنَكَحَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَلَهُ إمْسَاكُ الْأَخِيرَاتِ إذَا نَكَحَهُنَّ مُرَتَّبًا وَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ وَيَرِثُ مِنْهُنَّ وَذَلِكَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْخَبَرِ وتعبيري بما ذكر شَامِلٌ لِغَيْرِ الْحُرِّ كَمَا تَقَرَّرَ بِخِلَافِ عِبَارَتِهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي أَهْلًا غَيْرُهُ كَأَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا وَلِيَّهُ اخْتِيَارٌ قَبْلَ أَهْلِيَّتِهِ بَلْ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا ذَلِكَ " أَوْ أَسْلَمَ " منهن " ومعه قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ " بَعْدَ إسْلَامِهِ " فِي عِدَّةِ مُبَاحٍ " فَقَطْ وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ " تَعَيَّنَ " لِلنِّكَاحِ وَانْدَفَعَ نِكَاحُ مَنْ زَادَ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِتَأَخُّرِ إسْلَامِهِ عَنْ إسْلَامِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ عَنْ الْعِدَّةِ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْمُبَاحُ مَعَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يَتَعَيَّنُ إنْ أَسْلَمَ مَنْ زَادَ أَوْ بَعْضُهُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ كَانَ كِتَابِيَّةً وَإِلَّا تَعَيَّنَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْمُبَاحُ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ " أَوْ " أَسْلَمَ " عَلَى أُمٍّ وَبِنْتِهَا " حَالَةَ كَوْنِهِمَا " كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ " غَيْرَ كِتَابِيَّتَيْنِ وَ " أَسْلَمَتَا فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ بِالْأُمِّ " فَقَطْ " حَرُمَتَا أَبَدًا " الْبِنْتُ بِالدُّخُولِ عَلَى الْأُمِّ وَالْأُمُّ بِالْعَقْدِ على البنت بناء على صحة أنكحتهم " وَإِلَّا " بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ فَقَطْ " فَالْأُمُّ " دُونَ الْبِنْتِ تَحْرُمُ أَبَدًا بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ.
" أَوْ " أَسْلَمَ عَلَى " أَمَةٍ أَسْلَمَتْ مَعَهُ " قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ " أَوْ " أَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ " فِي عِدَّةٍ " أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ إسْلَامِهَا فيها " أقر " النكاح " إن حلت له حينئذ " أَيْ حِينَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ كَأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مُعْسِرًا خَائِفَ الْعَنَتِ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ له نكاح الأمة أقر على نكاحها فإن تَخَلَّفَتْ عَنْ إسْلَامِهِ أَوْ هُوَ عَنْ إسْلَامِهَا فبما ذُكِرَ أَوْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ انْدَفَعَتْ " أَوْ " أَسْلَمَ حُرٌّ عَلَى " إمَاءٍ أَسْلَمْنَ كَمَا مَرَّ " أَيْ مَعَهُ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فِي عِدَّةٍ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ إسْلَامِهِنَّ فِيهَا " اخْتَارَ " مِنْهُنَّ " أَمَةً " إنْ " حَلَّتْ لَهُ حِينَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِمَا " لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ حَلَّ لَهُ اخْتِيَارُهَا فإن لم تحل له حينئذ اندفعت فلو أَسْلَمَ عَلَى ثَلَاثِ إمَاءٍ فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ الثَّانِيَةُ وَهِيَ لَا تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ الثَّالِثَةُ وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ انْدَفَعَتْ الثَّانِيَةُ وَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ الْحِلُّ إلَّا فِي وَاحِدَةٍ تَعَيَّنَتْ أَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فله اختيار اثنتين " أَوْ " أَسْلَمَ حُرٌّ عَلَى " حُرَّةٍ " تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ " وَإِمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ " أَيْ الْحُرَّةُ وَالْإِمَاءُ " كَمَا مَرَّ " أي معه قبل الدخول أو بعده وأسلمن بَعْدَ إسْلَامِهِ فِي عِدَّةٍ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ إسْلَامِهِنَّ فِيهَا " تَعَيَّنَتْ " أَيْ الْحُرَّةُ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ يمتنع نكاح الأمة لمن تحته حرة تصلح فَيُمْتَنَعُ اخْتِيَارُهَا.
" وَإِنْ أَصَرَّتْ " أَيْ الْحُرَّةُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا " اخْتَارَ أَمَةً " إنْ حَلَّتْ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً لَتَبَيُّنِ أَنَّهَا بَانَتْ بِإِسْلَامِهِ " وَلَوْ أَسْلَمَتْ " أَيْ الْحُرَّةُ " وَعَتَقْنَ " أي الإماء " ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي عِدَّةٍ فَكَحَرَائِرَ " أَصْلِيَّاتٍ فَيَخْتَارُ مِمَّنْ ذُكِرْنَ أَرْبَعًا أَمَّا إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُنَّ عَنْ إسْلَامِهِنَّ فَحُكْمُ الْإِمَاءِ بَاقٍ فَتَتَعَيَّنُ الْحُرَّةُ إنْ صَلَحَتْ وَإِلَّا اخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِشَرْطِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُقَارَنَةَ الْعِتْقِ لِإِسْلَامِهِنَّ كَتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ " وَالِاخْتِيَارُ " أَيْ أَلْفَاظُهُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ صَرِيحًا " كَاخْتَرْتُ نكاحك أو ثبته أو " كناية.

(2/57)


يعلق اختيار وفسخ وَلَهُ حَصْرُ اخْتِيَارٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ مُبَاحٍ وعليه تعيين ومؤنة حتى يختار فإن تركه حبس فإن أصر عزر فإن مات قبله اعتدت حامل بوضع وغيرها بأربعة أشهر وعشر إلا موطوءة ذات أقراء فبالأكثر منهما ووقف إرث زوجات علم لصلح.
فصل:
أسلما معا أو هِيَ بَعْدَ دُخُولٍ قَبْلَهُ أَوْ دُونَهُ اسْتَمَرَّتْ المؤنة كأن ارتد دونها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" كَاخْتَرْتُك " أَوْ " أَمْسَكْتُك " أَوْ ثَبَتُّك بِلَا تَعَرُّضٍ لِلنِّكَاحِ وَذِكْرُ الْكَافِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَرَّرَتْ إشَارَةً إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلَوْ اخْتَارَ الْفَسْخَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُبَاحِ تَعَيَّنَ الْمُبَاحُ لِلنِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ بِصِيغَةِ اخْتِيَارٍ " كَطَلَاقٍ " صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ وَلَوْ مُعَلَّقًا فَإِنَّهُ اخْتِيَارٌ لِلْمُطَلَّقَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْمَنْكُوحَةَ فإذا أطلق الْحُرُّ أَرْبَعًا انْقَطَعَ نِكَاحُهُنَّ بِالطَّلَاقِ وَانْدَفَعَتْ الْبَاقِيَاتُ بِالشَّرْعِ " لَا فِرَاقَ " بِغَيْرِ نِيَّةِ طَلَاقٍ لِأَنَّهُ اختيار للفسخ فلايكون اخْتِيَارًا لِلنِّكَاحِ " وَ " لَا " وَطْءَ " لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ إمَّا كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ وَذِكْرُ هَذَيْنِ مِنْ زيادتي " و " لا " ظهار وإيلاء " فليس باختيار لِأَنَّ الظِّهَارَ مُحَرَّمٌ وَالْإِيلَاءَ حَلِفٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ.
" وَلَا يُعَلَّقُ اخْتِيَارٌ وَ " لَا " فَسْخٌ " كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ اخْتَرْت نِكَاحَك أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّعْيِينِ وَالْمُعَلَّقُ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وإن كان اختيارا كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ بِهِ ضِمْنِيٌّ وَالضِّمْنِيُّ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُسْتَقِلِّ فَإِنْ نَوَى بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ صَحَّ تَعْلِيقُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَمَا مَرَّ " وَلَهُ " أَيْ لِلزَّوْجِ حُرًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ " حَصْرُ اخْتِيَارٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ مُبَاحٍ " لَهُ إذْ يَخْفَ بِهِ الْإِبْهَامُ وَيَنْدَفِعُ نِكَاحُ مَنْ زَادَ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي خمس " وعليه تعيين " لمباح منهن " وَ " عَلَيْهِ " مُؤْنَةٌ " لِلْمَوْقُوفَاتِ " حَتَّى يَخْتَارَ " مِنْهُنَّ مباحة لأنهن مَحْبُوسَاتٌ بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ " فَإِنْ تَرَكَهُ " أَيْ الِاخْتِيَارَ أَوْ التَّعْيِينَ " حُبِسَ " إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ " فَإِنْ أَصَرَّ عُزِّرَ " بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَرَاهُ الْإِمَامُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
" فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ " أي قبل الإتيان به " اعتدت حامل بِوَضْعٍ " وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ " وَغَيْرُهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ " احْتِيَاطًا " إلَّا مَوْطُوءَةً ذَاتَ أَقْرَاءٍ فَبِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا " أَيْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَمِنْ الْأَقْرَاءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تكون زوجة بأن تختار فَتَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَأَنْ لَا تَكُونَ زَوْجَةً بِأَنْ تُفَارَقَ فَلَا تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَاحْتِيطَ بِمَا ذُكِرَ فَإِنْ مَضَتْ الْأَقْرَاءُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَتَمَّتْهَا وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمَوْتِ وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ وَالْعَشْرُ قَبْلَ تَمَامِ الأقراء أتمت الأقراء وابتداؤها من إسلامهما إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ مِنْهُمَا فَقَوْلِي وَغَيْرُهَا شَامِلٌ لِذَاتِ أَشْهُرٍ وَلِذَاتِ أَقْرَاءٍ غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ.
" وَوَقَفَ " لَهُنَّ " إرْثُ زَوْجَاتٍ " مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ بِعَوْلٍ أَوْ دُونِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " عُلِمَ " أَيْ إرْثُهُنَّ " لِصُلْحٍ " لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنٍ مُسْتَحَقَّةٍ فَيُقْسَمُ الْمَوْقُوفُ بَيْنَهُنَّ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِهِنَّ مِنْ تَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ فَيُمْتَنَعُ بِدُونِ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْحَظِّ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ إرْثُهُنَّ كَأَنْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فَلَا وَقْفَ لِجَوَازِ أَنْ يَخْتَارَ الْكِتَابِيَّاتِ بَلْ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ وَأَمَّا قَبْلَ الِاصْطِلَاحِ فَلَا يُعْطِينَ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُنَّ مَنْ يَعْلَمُ إرْثَهُ فَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَطَلَبَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ تُعْطَ وَكَذَا أَرْبَعٌ مِنْ ثَمَانٍ فَلَوْ طَلَبَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ دَفَعَ إلَيْهِنَّ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ لِأَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَةً أَوْ سِتٌّ فَنِصْفُهُ لِأَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَتَيْنِ أو سبع فثلاثة أرباعه ولهن قسمة ما أخذنه والتصرف فيه ولا ينقطع به تمام حَقِّهِنَّ.
فَصْلٌ: فِي حُكْمِ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ إنْ أَسْلَمَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ تَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ.
لَوْ " أَسْلَمَا مَعًا " قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ " أَوْ " أَسْلَمَتْ " هِيَ بَعْدَ دُخُولٍ قَبْلَهُ أَوْ دُونَهُ اسْتَمَرَّتْ الْمُؤْنَةُ " لِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِإِتْيَانِ الزَّوْجَةِ فِي الثَّالِثَةِ بالواجب عليها فلا يسقط بِهِ مُؤْنَتُهَا وَإِنْ حَدَثَ مِنْهَا مَانِعُ التَّمَتُّعِ كَمَا لَوْ فَعَلَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا أَوْ دُونَهَا وَكَانَتْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ لِنُشُوزِهَا بِالتَّخَلُّفِ " كَأَنْ ارْتَدَّ دُونَهَا " فَإِنَّ.

(2/58)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُؤْنَتَهَا مُسْتَمِرَّةٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا وَهُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الرِّدَّةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ دونه أو ارتدا معا وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ فَلَا مُؤْنَةَ لَهَا لِنُشُوزِهَا بِالرِّدَّةِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بالنفقة.

(2/59)


باب الخيار والإعفاف ونكاح الرقيق.
يثبت خيار لكل بجنون ومستحكم جذام وبرص وإن تماثلا ولوليها بكل منها إن قارن عقدا ولزوج برتقها وبقرنها ولها بجبه وبعنته قبل وطء ولا خيار بغير ذلك فإن فسخ قبل وطء فلا مهر أو بعده بحادث بعده فمسمى وإلا فمهر مثل ولو انفسخ بردة بعده فمسمى ولا يرجع زوج على من غره وشرط رفع لقاض وتثبت عنته بإقراره وبيمين ردت عليها ثم ضرب له قاض سنة بطلبها وبعدها ترفعه له فإن قال وطئت وهي ثيب حلف فإن نكل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ الْخِيَارِ.
فِي النِّكَاحِ " وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الرَّقِيقِ " وما يذكرمعها.
" يَثْبُتُ خِيَارٌ لِكُلٍّ " مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَا وَجَدَهُ بالآخر وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ مِمَّا ذَكَرْته بِقَوْلِي " بِجُنُونٍ " وَلَوْ مُتَقَطِّعًا وَهُوَ مَرَضٌ يُزِيلُ الشُّعُورَ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْقُوَّةِ وَالْحَرَكَةِ فِي الْأَعْضَاءِ " وَمُسْتَحْكِمِ جُذَامٍ " وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ " وَ " مُسْتَحْكِمِ " بَرَصٍ " وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ مُبَقَّعٌ وَذَلِكَ لِفَوَاتِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ " وَإِنْ تَمَاثَلَا " أَيْ الزَّوْجَانِ فِي الْعَيْبِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ نَعَمْ المجنونان يُتَعَذَّرُ الْخِيَارُ لَهُمَا لِانْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ وَذِكْرُ الِاسْتِحْكَامِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " يَثْبُتُ خِيَارٌ " لِوَلِيِّهَا " أَيْ الزَّوْجَةِ " بِكُلٍّ مِنْهَا " أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ " إنْ قارن عقدا " وإن رضيت لأنه يعبر بذلك مَا إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَا يُعَيَّرُ بِهِ وَبِخِلَافِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ الْآتِيَيْنِ لِذَلِكَ وَلِاخْتِصَاصِ الضَّرَرِ بِهَا " وَلِزَوْجٍ بِرَتَقِهَا وَبِقَرَنِهَا " بِفَتْحِ رَائِهِ أَرْجَحُ مِنْ إسْكَانِهَا وَهُمَا انْسِدَادُ مَحَلِّ الجماح مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ بِلَحْمٍ وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ وَقِيلَ بِلَحْمٍ وَذَلِكَ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ " وَلَهَا بِجَبِّهِ " أَيْ قَطْعِ ذَكَرِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ حَشَفَتِهِ وَلَوْ بِفِعْلِهَا أَوْ بَعْدَ وَطْءٍ " وَبِعُنَّتِهِ " أَيْ عجزه عن الوطء في القبل وَهُوَ غَيْرُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ " قَبْلَ وَطْءٍ " لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِهِمَا وَقِيَاسًا فِيمَا إذَا جَبَّتْ ذَكَرَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي إذَا خَرِبَ الدَّارُ الْمُكْتَرَاةُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي إذَا عَيَّبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِحَقِّهِ أَمَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا خِيَارَ لَهَا بِالْعُنَّةِ لِأَنَّهَا مَعَ رَجَاءِ زَوَالِهَا عَرَفَتْ قدرته على الوطء ووصلت إلى حقها منه بِخِلَافِ الْجَبِّ " وَلَا خِيَارَ " لَهُمْ " بِغَيْرِ ذَلِكَ " كَخُنُوثَةٍ وَاضِحَةٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ وَضِيقِ مَنْفَذٍ عَلَى كَلَامٍ ذَكَرْته فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ نَعَمْ نَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُبُوتَهُ فِيمَا إذَا وَجَدَهَا مُسْتَأْجَرَةَ الْعَيْنِ وَأَقَرَّاهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى نَفْيِ الْخِيَارِ بِالْخُنُوثَةِ الْوَاضِحَةِ أَمَّا الْخُنُوثَةُ الْمُشْكِلَةُ فَلَا يَصِحُّ مَعَهَا نِكَاحٌ كَمَا مَرَّ وَلَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ بَعْدَ زَوَالِهِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا خِيَارَ.
" فَإِنْ فَسَخَ " بِعَيْبِهِ أَوْ عَيْبِهَا " قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ " لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الْخَالِي عَنْ الْوَطْءِ بالفسخ سواء أقارن العيب أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ " أَوْ " فَسَخَ " بَعْدَهُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ فَمُسَمًّى " يَجِبُ لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ " وَإِلَّا " بِأَنْ فَسَخَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ أَوْ حَادِثٍ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ أَوْ فُسِخَ بَعْدَهُ بِحَادِثٍ مَعَهُ " فَمَهْرُ مِثْلٍ " يَجِبُ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِمَعِيبَةٍ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ مِنْ السَّلَامَةِ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِلَا تَسْمِيَةٍ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى عَيْنِ حَقِّهِ أَوْ إلَى بَدَلِهِ إنْ تَلِفَ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَالزَّوْجَةُ إلَى بَدَلِ حَقِّهَا وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا لِفَوَاتِ حَقِّهَا بِالدُّخُولِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْمَعِيَّتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلَوْ انْفَسَخَ بِرِدَّةٍ بَعْدَهُ " أَيْ بَعْدَ وَطْءٍ بِأَنْ لم يجمعهما إسلام في العدة " فمسمى " لتقره بِالْوَطْءِ " وَلَا يَرْجِعُ زَوْجٌ " بِغُرْمِهِ مِنْ مُسَمًّى ومهر مثل " على من غره " مِنْ وَلِيٍّ وَزَوْجَةٍ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ الْعَيْبِ وَكَانَتْ أَظْهَرَتْ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَ عَرَفَهُ أَوْ عَقَدَتْ بِنَفْسِهَا وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ " وَشُرِطَ " فِي الْفَسْخِ بِعُنَّةٍ وغيرها مِمَّا مَرَّ " رَفْعٌ لِقَاضٍ " لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ كَالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ " وَتَثْبُتُ عُنَّتُهُ " أَيْ الزَّوْجِ " بِإِقْرَارِهِ " عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ وَشَهِدَا بِهِ عِنْدَهُ " وَبِيَمِينٍ رُدَّتْ عَلَيْهَا " لِإِمْكَانِ اطِّلَاعِهَا عَلَيْهَا بِالْقَرَائِنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهَا بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ لَا اطلاع للشهود عليها.

(2/59)


حلفت فإن حلفت أو أقر فسخت بعد قول القاضي ثبتت عنته ولو اعتزلته أو مرضت المدة لم تحسب ولو شرط في أحدهما وصف فأخلف صح النكاح ولكل خيار إن بان دون ما شرط لا إن بان مثله أو ظنه بوصف فلم يكن وحكم مهر ورجوع به كعيب والمؤثر تغرير في عقد وَلَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةٍ انْعَقَدَ وَلَدُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ حرا وعليه قيمته لسيدها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" ثُمَّ " بَعْدَ ثُبُوتِهَا " ضَرَبَ لَهُ قَاضٍ سَنَةً " كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَقَالُوا تَعَذُّرُ الْجِمَاعِ قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ فَتَزُولُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ بُرُودَةٍ فَتَزُولُ فِي الصَّيْفِ أَوْ يُبُوسَةٍ فَتَزُولُ فِي الرَّبِيعِ أَوْ رُطُوبَةٍ فَتَزُولُ فِي الْخَرِيفِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ حُرًّا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا " بِطَلَبِهَا " أَيْ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا فَلَوْ سَكَتَتْ لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا وَيَكْفِي فِي طَلَبِهَا قَوْلُهَا إنِّي طَالِبَةٌ حَقِّي عَلَى مُوجِبِ الشَّرْعِ وَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ عَلَى التَّفْصِيلِ " وَبَعْدَهَا " أَيْ السَّنَةِ " تَرْفَعُهُ لَهُ " أَيْ لِلْقَاضِي " فَإِنْ قَالَ وَطِئْتُ " فِي السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا " وهي ثَيِّبٌ " وَلَمْ تُصَدِّقْهُ " حَلَفَ " أَنَّهُ وَطِئَ كَمَا ذكر وَلَا يُطَالِبُ بِوَطْءٍ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي وَهِيَ ثَيِّبٌ مَا لَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَتَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ " فَإِنْ نَكَلَ " عَنْ الْيَمِينِ " حَلَفَتْ " كَغَيْرِهَا " فَإِنْ حَلَفَتْ " أَنَّهُ مَا وَطِئَ " أَوْ أَقَرَّ " هُوَ بِذَلِكَ " فَسَخَتْ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ " أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى " وَلَوْ اعْتَزَلَتْهُ " وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ " أَوْ مَرِضَتْ الْمُدَّةَ " كُلَّهَا " لَمْ تُحْسَبْ " لِأَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ حِينَئِذٍ يُضَافُ إلَيْهَا فَتَسْتَأْنِفُ سَنَةً أُخْرَى بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ فِيهَا فَإِنَّهَا تَحْسِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَعَ لَهَا ذَلِكَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وزال قَالَ الشَّيْخَانِ فَالْقِيَاسُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ أُخْرَى أَوْ يَنْتَظِرُ مُضِيَّ مِثْلِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ السَّنَةِ الْأُخْرَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الِاسْتِئْنَافَ أَيْضًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَصْلَ إنَّمَا يَأْتِي مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى قَالَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُمْتَنَعُ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِئْنَافِ " وَلَوْ شُرِطَ فِي أَحَدِهِمَا وَصْفٌ " لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَمَالًا كَانَ كَجَمَالٍ وَبَكَارَةٍ وَحُرِّيَّةٍ أَوْ نَقْصًا كَضِدِّهَا أَوْ لَا وَلَا كَبَيَاضٍ وَسُمْرَةٍ " فَأُخْلِفَ " ببنائه للمفعول أو المشروط " صح النكاح " لِأَنَّ تَبَدُّلَ الصِّفَةِ لَيْسَ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ بِخَلْفِ الشَّرْطِ مَعَ تَأَثُّرِهِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى.
" وَلِكُلٍّ " مِنْ الزَّوْجَيْنِ " خِيَارٌ " فَلَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِلَا قَاضٍ " إنْ بَانَ " أَيْ الْمَوْصُوفُ " دُونَ مَا شَرَطَ " كَأَنْ شَرَطَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً وَهُوَ حُرٌّ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَقَدْ أَذِنَ سَيِّدُهَا فِي نِكَاحِهَا أَوْ أَنَّهُ حُرٌّ فَبَانَ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي نِكَاحِهِ لِخَلْفِ الشَّرْطِ وَلِلتَّغْرِيرِ " لَا إنْ بَانَ " فِي غَيْرِ الْعَيْبِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ " مِثْلُهُ " أي مثل الوصف أَوْ فَوْقَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى لِتُكَافِئهُمَا فِي الْأُولَى وَلِأَفْضَلِيَّتِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ وَكَلَامُ الروضة خلاف بعضه أَمَّا إذَا بَانَ فَوْقَ مَا شُرِطَ فَلَا خِيَارَ " أَوْ ظَنَّهُ " أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ " بِوَصْفٍ " غَيْرِ السَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ " فَلَمْ يَكُنْ " كَأَنْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً أو أمة تحل له أو ظننته كُفُؤًا فَأَذِنَتْ فِيهِ فَبَانَ فِسْقُهُ أَوْ رِقُّهُ أَوْ دَنَاءَةُ نَسَبِهِ أَوْ حِرْفَتُهُ لِلتَّقْصِيرِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ وَالشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ عَيْبُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ ثَمَّ السَّلَامَةُ وَلَيْسَ الْغَالِبُ هُنَا الْكَفَاءَةَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لَهَا خِيَارًا فِيمَا لَوْ بَانَ عَبْدًا تَبِعَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا خِلَافُهُ قَالَ البلقيني وهو المعتمد والصواب.
" وحكم مهر وَرُجُوعٌ بِهِ " عَلَى غَارٍّ بَعْدَ الْفَسْخِ بِخَلْفِ الشَّرْطِ " كَعَيْبٍ " أَيْ كَحُكْمِهِمَا فِيمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَمَهْرُ مثل لا يَرْجِعُ بِغُرْمِهِ عَلَى الْغَارِّ وَكَالْمَهْرِ هُنَا وَثَمَّ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ " وَ " التَّغْرِيرُ " الْمُؤَثِّرُ " فِي الْفَسْخِ بِخَلْفِ الشَّرْطِ " تَغْرِيرٌ " وَاقِعٌ " فِي عَقْدٍ " كَقَوْلِهِ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ أَوْ الْبِكْرَ أَوْ الْحُرَّةَ لِأَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ إذَا ذُكِرَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَ الْعَقْدُ أَمَّا الْمُؤَثِّرُ فِي الرُّجُوعِ بقيمة الولد فيكفي فيه تقدمه عَلَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ عَلَى قَوْلٍ أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ مَعَ قَصْدِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ اتِّحَادَ التَّغْرِيرَيْنِ فَجَعَلَ الْمُتَّصِلَ بِالْعَقْدِ قَبْلَهُ كَالْمَذْكُورِ فِيهِ فِي أَنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِي الْفَسْخِ فَاحْذَرْهُ.
" وَلَوْ غَرَّ بِحُرِّيَّةٍ " لِأَمَةٍ " انْعَقَدَ وَلَدُهُ " مِنْهَا " قَبْلَ عِلْمِهِ " بِأَنَّهَا أَمَةٌ " حُرًّا " لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا حِينَ عُلُوقِهَا بِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا فَسَخَ الْعَقْدَ أَوْ أَجَازَهُ إذَا ثَبَتَ الْخِيَارُ " وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهَا " لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقُّهُ التَّابِعُ لِرِقِّهَا بِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا فَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ أوقات إمكان تقويمه وخرج بقبل عِلْمِهِ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدَهُ فَهُوَ رَقِيقٌ وَظَاهِرٌ أن.

(2/60)


لا إنْ غَرَّهُ أَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ ورجع على غار إن غرمها فإن كان من وكيل سيدها أو منها تعلق الغرم بذمة ومن عتقت تحت من به رق تخيرت لا إن عتق أو لزم دور وخيار ما مر فوري وتحلف في جهل عتق أمكن أو خيار به أو فور وحكم مهر كعيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمَغْرُورَ لَوْ كَانَ عَبْدًا لِسَيِّدِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ " لَا إنْ غَرَّهُ " سَيِّدُهَا كَأَنْ كَانَ اسْمُهَا حُرَّةً أَوْ كَانَ رَاهِنًا لَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَأَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلْسٍ وَأَذِنَ لَهُ الْغُرَمَاءُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ لِحَقِّهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ تَغْرِيرٌ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْحُرَّةَ أَوْ نَحْوَهُ عَتَقَتْ مَمْنُوعٌ " أَوْ انْفَصَلَ " الْوَلَدُ " مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ " فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقِّنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَفِيهِ لِانْعِقَادِهِ حُرًّا غُرَّةٌ لِوَارِثِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ سَيِّدَ الْأَمَةِ أَوْ الْمَغْرُورِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَيَضْمَنُهُ الْمَغْرُورُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ بِعُشْرِ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا مَا يَضْمَنُ بِهِ الرَّقِيقَ وَالْغُرَّةُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ مِنْ الْغُرَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ الْأَبِ الْحُرِّ غَيْرُ الْجَانِي إلَّا أم الأم الْحُرَّةِ " وَرَجَعَ " بِقِيمَتِهِ " عَلَى غَارٍّ " لَهُ " إنْ غَرِمَهَا " لِأَنَّهُ الْمُوقِعُ لَهُ فِي غَرَامَتِهَا وَهُوَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يُغَرِّمَهَا بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي أَنَّ غُرْمَهَا مَا لَوْ لَمْ يَغْرَمْهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَالضَّامِنِ.
" فَإِنْ كَانَ " أَيْ التَّغْرِيرُ " مِنْ وَكِيلِ سَيِّدِهَا " فِي التَّزْوِيجِ وَالْفَوَاتُ فِيهِ بِخَلْفِ الشَّرْطِ تَارَةً وَالظَّنِّ أُخْرَى " أَوْ مِنْهَا " وَالْفَوَاتُ فِيهِ بِخَلْفِ الظن فقط " تعلق الغرم بذمة " للوكيل أولها فَيُطَالِبُ الْوَكِيلَ بِهِ حَالًّا وَالْأَمَةُ غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِكَسْبِهَا وَلَا بِرَقَبَتِهَا وَإِنْ كَانَ التَّغْرِيرُ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْغُرْمِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَمَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ مَنْ بِهِ رِقٌّ " وَلَوْ مُبَعَّضًا " تَخَيَّرَتْ " هِيَ لَا سَيِّدُهَا فِي الْفَسْخِ وَلَوْ بِلَا قَاضٍ قَبْلَ وَطْءٍ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَالْأَصْلُ في ذلك أن بريرة عَتَقَتْ فَخَيَّرَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ زَوَّجَهَا عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ عَتَقَ بَعْضُهَا أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عُلِّقَ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ أَوْ عَتَقَتْ مَعَهُ أَوْ تَحْتَ حُرٍّ وَمَنْ عَتَقَ وَتَحْتَهُ مَنْ بِهَا رِقٌّ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَا لَهُ لِأَنَّ مُعْتَمَدَ الْخِيَارِ الْخَبَرُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي مَعْنَى مَا فِيهِ لِبَقَاءِ النَّقْصِ فِي غَيْرِ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ وَلِلتَّسَاوِي فِي أُولَيَيْهَا وَلِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ النَّاقِصَةِ وَيُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِالطَّلَاقِ فِي الْأَخِيرَةِ " لَا إن عتق " قبل فسخه أَوْ مَعَهُ " أَوْ لَزِمَ دَوْرٌ " كَمَنْ أَعْتَقَهَا مَرِيضٌ قَبْلَ الْوَطْءِ وَهِيَ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِالصَّدَاقِ فَلَا تَتَخَيَّرُ فِيهِمَا وَهَاتَانِ مِنْ زِيَادَتِي " وَخِيَارُ مَا مَرَّ " فِي الْبَابِ " فَوْرِيٌّ " كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَلَا يُنَافِيهِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ فِي الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَمَنْ أَخَّرَ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ سَقَطَ خِيَارُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أُخِّرَ خِيَارُهُ إلَى كَمَالِهِ أَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا رَجْعِيًّا أَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامٌ فَلَهَا التَّأْخِيرُ وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْفَوْرِيَّةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ رَضِيَتْ بِعُنَّتِهِ أَوْ أَجَّلَتْ حَقَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ سَقَطَ حَقُّهَا وَهَذَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ وَرَضِيَتْ بِهِ فَإِنَّ لَهَا الْفَسْخَ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ وَكَذَا فِي الْإِيلَاءِ وَذِكْرُ فَوْرِيَّةِ خِيَارِ الْخُلْفِ فِي غَيْرِ الْعَيْبِ من زيادتي.
" وتحلف " الْعَتِيقَةُ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا إذَا أَرَادَتْ الْفَسْخَ بَعْدَ تَأْخِيرِهِ " فِي جَهْلِ عِتْقٍ " لَهَا إنْ " أَمْكَنَ " لِنَحْوِ غَيْبَةِ مُعْتِقِهَا عَنْهَا وَإِلَّا حَلَفَ الزَّوْجُ " أو " جهل " خيار به " أي بعتقها " أَوْ " جَهْلِ " فَوْرٍ " لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِهِ وَكَوْنُهُ فَوْرِيًّا خَفِيَّانِ لَا يَعْرِفُهُمَا إلَّا الْخَوَاصُّ وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي نَظِيرُ مَا فِي الْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ فِيهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَصْلَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَقِيلَ تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا إنْ كَانَتْ قَرِيبَةَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَتْ بَعِيدَةً عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِلَّا فَلَا وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ كَوْنَ الْخِيَارِ عَلَى الْفَوْرِ مِمَّا أُشْكِلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَعَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةُ أَوْلَى " وَحُكْمُ مهر " بعد الفسخ بِعِتْقِهَا " كَعَيْبٍ " أَيْ كَحُكْمِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَا مَهْرَ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْهُ لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ أَوْ فَسَخَتْ بَعْدَهُ بِعِتْقٍ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ أَوْ بِعِتْقٍ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ كَأَنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ فَسَخَتْ مَعَهُ بِعِتْقٍ قَبْلَهُ فَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْفَسْخِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مُقَارَنَتِهِ لَهُ وَذِكْرُ حكم المعيتين من زيادتي.

(2/61)


فصل
لزم موسرا أقرب فوارثا إعفاف أصل ذكر حُرٍّ مَعْصُومٍ عَاجِزٍ عَنْهُ أَظْهَرَ حَاجَتَهُ لَهُ بقوله بلا يمين بأن يهيء له مستمتعا وعليه مؤنتها وَالتَّعْيِينُ بِغَيْرِ اتِّفَاقٍ عَلَى مَهْرٍ أَوْ ثَمَنٍ له لكن لا يعين من لا تعفه وعليه تجديد إن ماتت أو انفسخ أو طلق أو أعتق بعذر ومن له أصلان وضاق ماله قدم عصبة فأقرب فيقرع وحرم وطء أمة فرعه وثبت به مَهْرٌ إنْ لَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ تأخر إنزال عن تغييب لا حد وَوَلَدُهُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إن كان حرا ولم تكن أم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: في الإعفاف.
" لزم " عرفا " مُوسِرًا " وَلَوْ أُنْثَى " أَقْرَبَ " اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ " فَوَارِثًا " إنْ اسْتَوَوْا قُرْبًا " إعْفَافُ أَصْلٍ ذَكَرٍ " وَلَوْ لِأُمٍّ أَوْ كَافِرًا " حُرٍّ مَعْصُومٍ عَاجِزٍ عَنْهُ أَظْهَرَ حَاجَتَهُ لَهُ " وَإِنْ لَمْ يَخَفْ زِنًا أَوْ كَانَ تَحْتَهُ نَحْوُ صَغِيرَةٍ أَوْ عَجُوزٍ شَوْهَاءَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ حَاجَاتِهِ الْمُهِمَّةِ كَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ الْمُعَرِّضُ لِلزِّنَا لَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا فَلَا يَلْزَمُ معسرا إعفاف أصل ولاموسرا إعْفَافُ غَيْرِ أَصْلٍ وَلَا أَصْلُ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا غَيْرُ حُرٍّ وَلَا غَيْرُ مَعْصُومٍ وَلَا قَادِرٍ عَلَى إعْفَافِ نَفْسِهِ وَلَوْ بِسُرِّيَّةٍ وَمِنْ كَسْبِهِ وَلَا مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حَاجَتَهُ وَذِكْرُ الْمُوسِرِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْأَقْرَبِ وَالْوَارِثِ مَعَ قَوْلِي وحر مَعْصُومٌ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْعَجْزِ عَنْ إعْفَافِهِ أولى من تعبيره بعاقد مَهْرٍ وَتُعْرَفُ حَاجَتُهُ لَهُ " بِقَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ " لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَلِيقُ بحرمته لكن لَا يَحِلُّ لَهُ طَلَبُ الْإِعْفَافِ إلَّا إذَا صَدَقَتْ شَهْوَتُهُ بِأَنْ يَضُرَّ بِهِ التَّعَزُّبُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَوْ كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ يُكَذِّبُهُ كَذِي فَالِجٍ شَدِيدٍ أَوْ اسْتِرْخَاءٍ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا تَجِبَ إجَابَتُهُ أَوْ يُقَالُ يَحْلِفُ هُنَا لِمُخَالَفَةِ حَالِهِ دَعْوَاهُ وَتَعْبِيرِي بِأَظْهَرَ حَاجَتِهِ مُوَافِقٌ لِعِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ وَالرَّوْضَةِ بِظَهَرَتْ حَاجَتُهُ وإعفافه "بأن يهيء لَهُ مُسْتَمْتَعًا " بِفَتْحِ التَّاءِ كَأَنْ يُعْطِيَهُ أَمَةً أَوْ ثَمَنَهَا أَوْ مَهْرَ حُرَّةٍ أَوْ يَقُولَ لَهُ انْكِحْ وَأُعْطِيكَهُ أَوْ يَنْكِحُهَا لَهُ بِإِذْنِهِ وَيُمْهِرُ عَنْهُ " وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهَا " أَيْ الْمُسْتَمْتِعُ بِهَا لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ الْإِعْفَافِ " وَالتَّعْيِينُ بِغَيْرِ اتِّفَاقٍ عَلَى مَهْرٍ أَوْ ثَمَنٍ لَهُ " لَا لِلْأَصْلِ " لَكِنْ لَا يُعَيِّنُ " لَهُ " مَنْ لَا تُعِفُّهُ " كقبيحة فليس للأصل تعين نكاح أَوْ تَسَرٍّ دُونَ الْآخَرِ وَلَا رَفِيعَةٍ بِجَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى مَهْرٍ أَوْ ثَمَنٍ فَالتَّعْيِينُ لِلْأَصْلِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِغَرَضِهِ فِي قَضَاءِ شَهْوَتِهِ وَلَا ضَرَرَ فيه على الفرع أَوْ ثَمَنٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَعَلَيْهِ تَجْدِيدٌ " لِإِعْفَافِهِ " إنْ مَاتَتْ " أَيْ الْمُسْتَمْتَعُ بِهَا " أَوْ انْفَسَخَ " النِّكَاحُ وَلَوْ بِفَسْخِهِ هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ " أَوْ طَلَّقَ " زَوْجَتَهُ " أَوْ أَعْتَقَ " أَمَتَهُ " بِعُذْرٍ " كَنُشُوزٍ وَرِيبَةٍ لِبَقَاءِ حَقِّهِ وَعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ نَفَقَةً فَسُرِقَتْ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ بِلَا عُذْرٍ وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدٌ فِي رَجْعِيٍّ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّجْدِيدَ بِالِانْفِسَاخِ بِرِدَّةٍ خَاصٌّ بِرِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا سَرَّاهُ أَمَةً وَسَأَلَ الْقَاضِيَ الْحَجَرَ عَلَيْهِ فِي الإعتاق وقولي أو عتق مِنْ زِيَادَتِي " وَمَنْ لَهُ أَصْلَانِ وَضَاقَ مَالُهُ " عَنْ إعْفَافِهِمَا " قُدِّمَ عَصَبَةٌ " وَإِنْ بَعُدَ فَيُقَدَّمُ أَبُو أَبِي أَبٍ عَلَى أَبِي أُمٍّ " فَ " إنْ اسْتَوَيَا عُصُوبَةً أَوْ عَدَمَهَا قُدِّمَ " أَقْرَبُ " فَيُقَدَّمُ أَبُو أَبٍ عَلَى أَبِيهِ وَأَبُو أُمٍّ على أبيه " ف " إن استوبا قُرْبًا بِأَنْ كَانَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأَبِي أَبِي أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ " يَقْرَعُ " بَيْنَهُمَا لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ وَقَوْلِي وَمِنْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَحَرُمَ " عَلَى أَصْلٍ " وَطْءُ أَمَةِ فَرْعِهِ " لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ وَلَا مَمْلُوكَتَهُ "وَثَبَتَ بِهِ مَهْرٌ" لِفَرْعِهِ وَإِنْ وَطِئَ بِطَوْعِهَا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ لَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ " صارت و " تأخر إنْزَالٌ عَنْ تَغْيِيبٍ " لِلْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لِتَقَدُّمِ الْإِنْزَالِ عَلَى مُوجِبِهِ وَاقْتِرَانِهِ بِهِ " لَا حَدَّ " لِأَنَّ لَهُ فِي مَالِ فَرْعِهِ شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَانْتَفَى عَنْهُ الْحَدُّ وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِفَرْعِهِ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ ولا كفارة.
" وولده " منها " حر نسيب "

(2/62)


وَلَدٍ لِفَرْعِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لَا قِيمَةُ وَلَدٍ ونكاحها إن كان حرا لكن لو ملك زوجة أصله لم ينفسخ وحرم نكاح أمة مكاتبه فإن ملك مكاتب زوجة سيده انفسخ.
فَصْلٌ:
لَا يَضْمَنُ سَيِّدٌ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ مهرا ومؤنة وَهُمَا فِي كَسْبِهِ بَعْدَ وُجُوبِ دَفْعِهِمَا وَفِي مال تجارة أذن له فيها ثم في ذمته كزائد على مقدر ومهر بوطء برضا مالكه أمرها في نكاح فاسد لم يأذن وعليه تخليته ليلا لتمتع ويستخدمه نهارا إن تحملها والإخلاء لِكَسْبِهِمَا أَوْ دَفَعَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا وَمِنْ أُجْرَةِ مثل وله سفر به وبأمته المزوجة ولزوجها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُطْلَقًا لِلشُّبْهَةِ " وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ " وَلَوْ مُعْسِرًا " إنْ كَانَ حُرًّا وَلَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ لِفَرْعِهِ " لِذَلِكَ وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فِيهَا إلَيْهِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ لِيَسْقُطَ مَاؤُهُ فِي مِلْكِهِ صِيَانَةً لِحُرْمَتِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ حُرٍّ أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِفَرْعٍ لَمْ تَصِرْ أُمَّ ولد له لأن غير الحر لَا يَمْلِكُ أَوْ لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ لِأَمَتِهِ فَأَمَةُ فَرْعِهِ أَوْلَى وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ وَقَوْلِي إنْ كَانَ حُرًّا مِنْ زِيَادَتِي.
" وَعَلَيْهِ " مَعَ الْمَهْرِ " قِيمَتُهَا " لِفَرْعِهِ لِصَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ " لَا قِيمَةَ وَلَدٍ " لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي أَمَةٍ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ " وَ " حَرُمَ عَلَيْهِ " نكاحها " أي أمة فرعه بقيد زدته بقولي " إنْ كَانَ حُرًّا " لِأَنَّهَا لِمَالِهِ فِي مَالِ فرعه من شبهة الإعفاف والنفقة وغيرهما كالمشتركة بخلاف غير الحر " لكن لو ملك " فرع " زَوْجَةِ أَصْلِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ " نِكَاحُهُ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ حِينَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لِقُوَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ " وَحَرُمَ " عَلَى الشَّخْصِ " نِكَاحُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ " لماله فِي مَالِهِ وَرَقَبَتِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ بِتَعْجِيزِهِ نفسه " فإن ملك مكاتب زوجة سيده انفسخ " النِّكَاحُ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا سَيِّدُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَرْعِ فَإِنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمَالِ مُكَاتَبِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَصْلِ بِمَالِ فَرْعِهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ بَعْضَ سَيِّدِهِ حَيْثُ لا يعتق عليه لأن الملك قد يجتمع مَعَ الْبَعْضِيَّةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ لَا يَجْتَمِعَانِ.
فَصْلٌ: فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ.
" لَا يَضْمَنُ سَيِّدٌ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ مهرا و " لا " مؤنة " وإن شرط في إذنه ضمانا لأنه يَلْتَزِمْهُمَا وَضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ بَاطِلٌ وَتَعْبِيرِي هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ " وَهُمَا " مَعَ أَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ " فِي كَسْبِهِ " الْمُعْتَادِ كَاحْتِطَابٍ وَالنَّادِرُ كَهِبَةٍ لِأَنَّهُمَا مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ وَكَسْبُ الْعَبْدِ أَقْرَبُ شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا وَالْإِذْنُ لَهُ فِي النِّكَاحِ أَذِنَ لَهُ في صرف مؤنة من كسبه الْحَادِثِ " بَعْدَ وُجُوبِ دَفْعِهِمَا " وَهُوَ فِي مَهْرِ المفوضة بِوَطْءٍ أَوْ فَرْضٍ صَحِيحٍ وَفِي مَهْرِ غَيْرِهَا الْحَالِّ بِالنِّكَاحِ وَالْمُؤَجَّلِ بِالْحُلُولِ وَفِي غَيْرِ الْمَهْرِ بِالتَّمْكِينِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ كَسْبِهِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ مَعَ أَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَفَارَقَ ضَمَانَهُ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ كَسْبُهُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَهُوَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ ثَمَّ ثابت حالة الإذن بخلافه هُنَا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ.
" وَفِي مَالِ تِجَارَةٍ أَذِنَ لَهُ فِيهَا " رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ لَزِمَهُ بِعَقْدٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَدَيْنِ التِّجَارَةِ سَوَاءٌ أَحَصَلَ قَبْلَ وُجُوبِ الدَّفْعِ أَمْ بَعْدَهُ " ثُمَّ " إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا وَلَا مَأْذُونًا لَهُ فَهُمَا " فِي ذِمَّتِهِ " فَقَطْ " كَزَائِدٍ عَلَى مُقَدَّرٍ " لَهُ " ومهر " وجب " بوطء " منه " برضا مالكه أمرها فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ " سَيِّدُهُ فإنهما يكونان في ذمته فقط كالفرض لِلُزُومِ ذَلِكَ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ وَقَوْلِي كَزَائِدٍ عَلَى مقدور وَبِرِضَا مَالِكَةِ أَمْرِهَا وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الثَّانِي الْمُكْرَهَةُ وَالنَّائِمَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ وَالْأَمَةُ وَالْمَحْجُورَةُ بِسَفَهٍ فَيَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ فِيهَا برقبته بالثالث مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَيَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ كَمَا لَوْ نَكَحَ بِإِذْنِهِ نِكَاحًا صَحِيحًا بِمُسَمًّى فَاسِدٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ رِضَا سَيِّدِ الْأَمَةِ كَرِضَا مَالِكَةِ أَمْرِهَا " وَعَلَيْهِ تَخْلِيَتُهُ " حَضَرًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ وَسَفَرًا " لَيْلًا " مِنْ وَقْتِ الْعَادَةِ " لِتَمَتُّعٍ " لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ " وَيَسْتَخْدِمُهُ نَهَارًا إنْ تَحَمَّلَهُمَا " أَيْ الْمَهْرَ وَالْمُؤْنَةَ " والإخلاء لِكَسْبِهِمَا أَوْ دَفَعَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا وَمِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ " لِمُدَّةِ عَدَمِ التَّخْلِيَةِ أَمَّا أَصْلُ اللُّزُومِ فَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي النكاح أذن له في صرف مؤنة من كَسْبِهِ فَإِذَا فَوَّتَهُ طُولِبَ بِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْجَانِي حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ وَأَوْلَى وَأَمَّا لُزُومُ الْأَقَلِّ فَكَمَا فِي فِدَاءِ الْجَانِي بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ ولأن أجرته إن زادت.

(2/63)


صحبتها ولسيد غير مكاتبة استخدامها نهارا ويسلمها لزوجها ليلا ولا مؤنة عليه إذا ولا يلزمه أن يخلو ببيت بدار سيدها وَلَوْ قَتَلَ أَمَتَهُ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ وطء سقط مهرها ولو باعها فالمهر أو نصفه له إن وجب في ملكه ولو زوج أمته عبده ولا كتابة فلا مهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَانَ لَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَقِيلَ يَلْزَمَانِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ أَوْ حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا تَفْوِيتُ الْمَنْفَعَةِ وَالسَّيِّدُ سَبَقَ مِنْهُ الْإِذْنُ الْمُقْتَضِي لِالْتِزَامِ مَا وَجَبَ فِي الْكَسْبِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التخلية ليلا والاستخدام نَهَارًا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَ مَعَاشُ السَّيِّدِ لَيْلًا كَحِرَاسَةٍ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلِي أَوْ دَفَعَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ لتقييده له بالاستخدام " وله سفر به وَبِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ " وَإِنْ فَوَّتَ التَّمَتُّعَ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ فَيُقَدَّمُ حَقُّهُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يُسَافِرْ بِهِ " وَلِزَوْجِهَا صُحْبَتُهَا " فِي السَّفَرِ لِيَتَمَتَّعَ بِهَا لَيْلًا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَا إلزامه به لنيفق عَلَيْهَا.
" وَلِسَيِّدِ غَيْرِ مُكَاتَبَةٍ اسْتِخْدَامُهَا " وَلَوْ بِنَائِبِهِ " نَهَارًا وَيُسَلِّمُهَا لِزَوْجِهَا لَيْلًا " مِنْ وَقْتِ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَيْ اسْتِخْدَامِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِهَا وَقَدْ نَقَلَ الثَّانِيَةَ لِلزَّوْجِ فَبَقِيَ لَهُ الْأُخْرَى لِيَسْتَوْفِيَهَا فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِرَاحَةِ والتمتع " وَلَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ " أَيْ عَلَى زَوْجِهَا " إذًا " أَيْ حِينَ اسْتِخْدَامِهَا لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ التَّامِّ " وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْلُوَ " بِهَا " بِبَيْتٍ بِدَارِ سَيِّدِهَا " أَخْلَاهُ لَهُ لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ فَلَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَوْ قَتَلَ أَمَتَهُ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ وَطْءٍ " فِيهِمَا " سَقَطَ مَهْرُهَا " الواجب له تفويته مَحَلَّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَتَفْوِيتُهَا كَتَفْوِيتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهَا زَوْجُهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَهَا زَوْجُهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَاتَتَا وَلَوْ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا يَسْقُطُ المهر وفارق حكم قتلها نفسهاحكم قَتْلِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ بِأَنَّهَا كَالْمُسَلَّمَةِ لِلزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ " وَلَوْ بَاعَهَا " قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ بَعْدَهُ " فَالْمَهْرُ " الْمُسَمَّى أَوْ بَدَلُهُ إنْ كَانَ فاسدا بَعْدَ الْوَطْءِ " أَوْ نِصْفَهُ " بِفُرْقَةٍ قَبْلَهُ " لَهُ " كَمَا لَوْ لَمْ يَبِعْهَا وَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ " إنْ وَجَبَ فِي مِلْكِهِ " مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ وَجَبَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فهو له بأن كان النكاح تعويضا أَوْ فَاسِدًا وَوَقَعَ الْوَطْءُ فِيهِمَا أَوْ الْفَرْضُ أَوْ الْمَوْتُ فِي الْأَوَّلِ بَعْدَ الْبَيْعِ " وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَلَا كِتَابَةَ فَلَا مَهْرَ " لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْمِيَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ثَمَّ كِتَابَةٌ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا إذْ الْمُكَاتَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ.

(2/64)