فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب الطلاق.
اركانه صِيغَةٌ وَمَحَلٌّ وَوِلَايَةٌ وَقَصْدٌ وَمُطَلِّقٌ وَشَرَطَ فِيهِ تكليف إلا سكران وَاخْتِيَارٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَإِنْ لَمْ يور وشرط الإكراه قدرة مكره على ما هدد به عاجلا ظلما وعجز مكره عن دفعه وظنه إن امتنع حققه ويحصل بتخويف بمحذور كضرب شديد فإن ظهر قرينة اختيار كأن أكره على ثلاث أو صريح وتعليق أو طلقت أو طلاق مبهمة فخالف وقع وفي الصِّيغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ صَرِيحًا أَوْ كناية فيقع بصريحه بلا نية وهو مشتق طلاق وفراق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كِتَابُ الطَّلَاقِ.
هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَالْأَصْلُ فيه قبل الإجماع الكتاب كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} 1 وَالسُّنَّةُ كَخَبَرِ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الطَّلَاقِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
" أَرْكَانُهُ " خَمْسَةٌ " صِيغَةٌ وَمَحَلٌّ وَوِلَايَةٌ وَقَصْدٌ وَمُطَلِّقٌ وَشَرَطَ فِيهِ " أَيْ فِي الْمُطَلِّقِ وَلَوْ بِالتَّعْلِيقِ " تَكْلِيفٌ " فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ لِخَبَرٍ: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ" " إلَّا سَكْرَانُ " فَيَصِحُّ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ صِحَّتَهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَأَجَابَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} 2 الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَكْلِيفِ السَّكْرَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ هُوَ فِي أوائل السكر وَهُوَ الْمُنْتَشِي لِبَقَاءِ عَقْلِهِ وَانْتِفَاءِ تَكْلِيفِ السَّكْرَانِ لِانْتِفَاءِ الْفَهْمِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ وَالْمُرَادُ بِالسَّكْرَانِ الَّذِي يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَنِكَاحُهُ وَنَحْوُهُمَا مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا أَثِمَ بِهِ مِنْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ وَيَرْجِعُ فِي حَدِّهِ إلَى الْعُرْفِ فَإِذَا انْتَهَى تَغَيُّرُ الشَّارِبِ إلَى حَالَةٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّكْرَانِ عُرْفًا فَهُوَ مَحَلُّ الْكَلَامِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ "وَاخْتِيَارٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَإِنْ لَمْ يور " لإطلاق خبر لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالتَّوْرِيَةُ كَأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ أَوْ يَنْوِيَ بِالطَّلَاقِ حَلَّ الْوَثَاقِ أَوْ بِطَلَّقْتُ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا.
" وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ مُكْرِهٍ " بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ عَاجِلًا ظُلْمًا وَعَجْزُ مُكْرَهٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ " عَنْ دَفْعِهِ " بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ كَاسْتِغَاثَةٍ بِغَيْرِهِ " وَظَنَّهُ " أَنَّهُ " إنْ امْتَنَعَ " مِنْ فِعْلِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ " حَقَّقَهُ " أَيْ مَا هَدَّدَ بِهِ " وَيَحْصُلُ " الْإِكْرَاهُ " بِتَخْوِيفٍ بمحذور كضرب شديد " أو حبس أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ فَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ كَقَوْلِهِ لَأَضْرِبَنَّكَ غَدًا وَلَا بِالتَّخْوِيفِ بِالْمُسْتَحَقِّ كَقَوْلِهِ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ طَلِّقْهَا وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك وَهَذَانِ خَرَجَا بِمَا زِدْته بِقَوْلِي عَاجِلًا ظُلْمًا.
" فَإِنْ ظَهَرَ " مِنْ الْمُكْرَهِ " قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ " مِنْهُ لِلطَّلَاقِ " كَانَ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ " أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ " مِنْ الطَّلْقَاتِ " أَوْ " عَلَى " صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ " عَلَى أَنْ يَقُولَ " طَلَّقْت أَوْ " عَلَى " طَلَاقِ مُبْهَمَةٍ " وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي " فَخَالَفَ " بِأَنْ وَحَّدَ أَوْ ثنى أو كنى أو نجز أو صرح أَوْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً " وَقَعَ " الطَّلَاقُ بَلْ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهُ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ زَوْجَتِي وَإِلَّا قَتَلْتُك " وَ " شَرْطٌ " فِي الصِّيغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ صريحا أو كنابة فَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ " وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غير الطلاق " بِلَا نِيَّةٍ " لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَلَا يُنَافِيه مَا يَأْتِي مِنْ اعْتِبَارِ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ " وهو " أي صريحه مع مشتق المفاداة.
__________
1 سورة البقرة الآية: 229.
2 سورة النساء الآية: 43.

(2/87)


وسراح وترجمته طلقتك أنت طالق أنت مطلقة يا طالق وبكناية بنية مقترنة بأولها كأطلقتك أنت طلاق أنت مطلقة خلية برية بتة بتلة بائن حلال الله علي حرام اعتدي استبرئي رحمك الحقي بأهلك حبلك على غاربك لا أنده سربك اعزبي اغربي دعيني ودعيني أشركتك مع فلانة وقد طلقت وكأنا طالق أو بائن ونوى طلاقها لا استبرئي رحمي منك والإعتاق كناية طلاق وعكسه وليس الطلاق كناية ظهار وعكسه وَلَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا وَقَعَ أَوْ نَوَاهُمَا تَخَيَّرَ وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والخلع " مُشْتَقُّ طَلَاقٍ وَفِرَاقٍ وَسَرَاحٍ " بِفَتْحِ السِّينِ لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ وَوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا فِيهِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ منها ما تَكَرَّرَ " وَتَرْجَمَتُهُ " أَيْ مُشْتَقُّ مَا ذُكِرَ بِعَجَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُفَرَّقُ بينهما وَبَيْنَ عَدَمِ صَرَاحَةِ نَحْوِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذاك وإن اشتهر فيه ك " طلقتك " وفارقتك وسرحتك " أنت طالق أنت مطلقة " بِفَتْحِ الطَّاءِ " يَا طَالِقُ وَ " يَقَعُ " بِكِنَايَتِهِ " وَهِيَ مَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ " بِنِيَّةٍ مُقْتَرِنَةٍ بِأَوَّلِهَا " وَإِنْ عَزَبَتْ فِي آخِرِهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ إذْ انْعِطَافُهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ بِخِلَافِ استصحاب ما وجدو وقع فِي الْأَصْلِ تَصْحِيحُ اشْتِرَاطِ اقْتِرَانِهَا بِجَمِيعِهَا وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كُلِّهِ " كَأَطْلَقْتُكِ أنت طلاق أنت مطلقة " بِإِسْكَانِ الطَّاءِ "خَلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ" مِنْ الزَّوْجِ " بَتَّةٌ " أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ وَتَنْكِيرُ الْبَتَّةِ جَوَّزَهُ الْفَرَّاءُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُعَرَّفًا بِاللَّامِ " بَتْلَةٌ " أَيْ مَتْرُوكَةُ النِّكَاحِ " بَائِنٌ " أَيْ مُفَارَقَةٌ " حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ" وَإِنْ اشْتَهَرَ بِالطَّلَاقِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ صَرِيحٌ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ.
" اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك " أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا " الْحَقِي " بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَقِيلَ عَكْسُهُ " بِأَهْلِك " أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك " حَبْلُك عَلَى غَارِبِك " أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ في الصحراء وزمامه غلى غَارِبِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ من العنق لِيَرْعَى كَيْفَ شَاءَ " لَا أَنْدَهُ سَرْبَك " أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك وَالسَّرْبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْإِبِلُ وَمَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ وَأَنْدَهُ أزجر " اعزبي " بمهلة ثُمَّ زَايٍ أَيْ مِنْ الزَّوْجِ " اُغْرُبِي " بِمُعْجَمَةٍ ثم راء أي صيري غربية بِلَا زَوْجٍ " دَعِينِي " أَيْ اُتْرُكِينِي لِأَنِّي طَلَّقْتُك " وَدَعِينِي " لِذَلِكَ " أَشْرَكْتُك مَعَ فُلَانَةَ وَقَدْ طَلُقَتْ " مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَنَحْوِهَا كَتَجَرَّدِي أَيْ مِنْ الزَّوْجِ وَتَزَوَّدِي اُخْرُجِي سَافِرِي لِأَنِّي طَلَّقْتُك " وَكَأَنَا طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ وَنَوَى طَلَاقَهَا " لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حَلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةٌ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِتْقُ يَحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ يَقَعْ سَوَاءٌ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَقَوْلِي أَنَا طَالِقٌ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَمِثْلُهُ أَنَا بَائِنٌ فَقَوْلُ الْأَصْلِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ مِثَالٌ لَكِنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ ذلك " لا استبرئي رَحِمِي مِنْك " أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ كِنَايَةٌ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ " وَالْإِعْتَاقُ " أَيْ صَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ " كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسِهِ " لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَعْتَقْتُك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَنَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ طَلَّقْتُك أَوْ ابْنَتَك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعَكْسِ قَوْلُهُ لِعَبْدِهِ اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَك وَقَوْلُهُ لَهُ أَوْ لِأَمَتِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي.
" وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كناية ظهار وعكسه " وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي إفَادَةِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ مُمْكِنٍ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ " وَلَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا " وَإِنْ تَعَدَّدَ " أَوْ ظِهَارًا وَقَعَ " الْمَنْوِيُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنَّى عَنْهُ بِالْحَرَامِ " أَوْ نَوَاهُمَا " مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا " تُخَيِّرَ " وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ والظهار يستدعي بقاءه " إلا " بأن نوى تحريم عينها أو نحوها كوطئهاأو فَرْجِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا " فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ " لِأَنَّ الْأَعْيَانَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ " وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ " فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ" نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ

(2/88)


ولو حرم غير ما مر فلغو كإشارة ناطق بطلاق ويعتد بإشارة أخرس لا في صلاة وشهادة وحنث فإن فهمها كل أحد فصريحة وإلا فكناية ومنها كتابة فلو كتب إذَا بَلَغَك كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِبُلُوغِهِ أو إذا قرأت كتابي فقرأته أو فهمته طلقت وكذا إن قرىء عليها وهي أمية وعلم حالها وفي المحل كونه زوجة فتطلق بإضافته لها أَوْ لِجُزْئِهَا الْمُتَّصِلِ بِهَا كَرُبْعٍ وَيَدٍ وَشَعْرٍ وظفر ودم وفي الولاية كَوْنُ الْمَحَلِّ مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ فَلَا يَقَعُ وَلَوْ معلقا على أجنبية كبائن وصح في رجعية وتعليق عبد ثالثة كإن عتقت أو دخلت فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَ أَوْ دخلت بعد عتقه وَلَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا وَوُجِدَتْ لم يقع ولحر ثلاث ولغيره ثنتان فمن طلق دون ماله وراجع أو جدد ولو.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} 1 أي أوجب عليكم كفارة ككفارة إيمانكم لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ فِي مُحَرَّمَةٍ كَرَجْعِيَّةٍ وَأُخْتٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّائِمَةِ وَفِي وُجُوبِهَا فِي زوجة وحرمة أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ أَمَةٍ مُعْتَدَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا لَا فَإِنْ نَوَى فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ عِتْقًا ثَبَتَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا إذْ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْأَمَةِ.
" وَلَوْ حَرَّمَ غَيْرَ مَا مَرَّ " كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ حَرَامٌ عَلَيَّ " فَلَغْوٌ " لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِخِلَافِ الزوجة فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ " كَإِشَارَةِ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ " كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي فَإِنَّهَا لَغْوٌ لِأَنَّ عُدُولَهُ إلَيْهَا عَنْ الْعِبَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ " وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ " وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِي طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَإِقْرَارٍ وَدَعْوَى وَعِتْقٍ لِلضَّرُورَةِ " لَا فِي صَلَاةٍ " فَلَا تَبْطُلُ بِهَا " وَ " لَا فِي " شَهَادَةٍ " فَلَا تَصِحُّ بِهَا " وَ " لَا فِي " حِنْثٍ " فَلَا يَحْصُلُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ وَقَوْلِي لَا فِي صَلَاةٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَعُلِمَ أَنَّ إطْلَاقِي مَا قَبْلَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْعُقُودِ وَالْحُلُولِ " فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا " بِأَنْ اختص بفهمها فظنون " فَكِنَايَةٌ " تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَتَعْبِيرِي بِفَهْمِهَا أَعَمُّ من قوله فهم طلاقه.
" ومنها " أي الكناية " كِتَابَةٌ " مِنْ نَاطِقٍ أَوْ أَخْرَسَ وَإِنْ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى النَّاطِقِ فَإِنْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ وقع لِأَنَّهَا طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَخْرَسِ كَمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ " فَلَوْ كَتَبَ " الزَّوْجُ " إذَا بَلَغَك كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِبُلُوغِهِ " لَهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ " أَوْ " كَتَبَ " إذَا قَرَأْت كِتَابِي " فَأَنْت طَالِقٌ " فَقَرَأَتْهُ أَوْ فَهِمَتْهُ " مُطَالِعَةً وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ " طَلُقَتْ " رِعَايَةً لِلشَّرْطِ فِي الْأُولَى وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي وَنَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ عُلَمَائِنَا عَلَيْهَا " وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهَا وَهِيَ أُمِّيَّةٌ وَعَلِمَ " أَيْ الزَّوْجُ " حَالَهَا " لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ أُمِّيَّةٍ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا عَلَى الْأَقْرَبِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَوْلِي وَعَلِمَ حَالَهَا مِنْ زِيَادَتِي " وَ " شَرْطٌ " فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ زَوْجَةً " وَلَوْ رَجْعِيَّةً كَمَا سَيَأْتِي " فَتَطْلُقُ بِإِضَافَتِهِ " أَيْ الطَّلَاقِ " لَهَا " لِأَنَّهَا مَحَلُّهُ حَقِيقَةً " أَوْ لِجُزْئِهَا الْمُتَّصِلِ بهاكربع وَيَدٍ وَشَعْرٍ وَظُفْرٍ وَدَمٍ " وَسِنٍّ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ مِنْ الْجُزْءِ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ وَوَجْهُ كَوْنِ الدَّمِ جُزْءًا أَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَخَرَجَ بِجُزْئِهَا إضَافَةُ الطَّلَاقِ لِفَضْلَتِهَا كَرِيقِهَا وَمَنِيِّهَا وَلَبَنِهَا وَعَرَقِهَا كَأَنْ قَالَ رِيقُك أَوْ مَنِيُّك أَوْ لَبَنُك أَوْ عَرَقُك طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءً فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَبِالْمُتَّصِلِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ مَثَلًا وَإِنْ الْتَصَقَتْ بِمَحَلِّهَا يَمِينُك طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ لِفُقْدَانِ الْجُزْءِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ.
" وَ " شَرْطٌ " فِي الْوِلَايَةِ " أَيْ عَلَى الْمَحَلِّ " كَوْنُ الْمَحَلِّ مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ فَلَا يَقَعُ وَلَوْ مُعَلَّقًا عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ كَبَائِنٍ " فَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ أَوْ إنْ نَكَحْتُك أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا بِنِكَاحِهَا وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَائِلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ " وَصَحَّ " الطَّلَاقُ " فِي رَجْعِيَّةٍ " لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ " وَ " صَحَّ " تَعْلِيقُ عَبْدٍ ثَالِثَةً كَإِنْ عَتَقْت أَوْ " إنْ " دَخَلْت " الدَّارَ " فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّالِثَةِ حَالَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ وَهُوَ يُفِيدُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وقد وجدت " ولو علقه بصفة فبانت ثم نكحها
__________
1 سورة التحريم الآية: 2.

(2/89)


بعد زوج عادت ببقيته ويقع في مرض موته ويتوارثان في عدة رجعي وفي القصد قصد لفظ طلاق لمعناه فلا يقع ممن حكى طلاق غيره وَلَا مِمَّنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا ممن سبق لسانه به ولا يصدق ظاهرا إلَّا بِقَرِينَةٍ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طالق ولم يقصد طلاقا ولمن اسمها طارق يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءً فَالْتَفَّ الْحَرْفُ ولو خاطبها بطلاق هازلا أو لاعبا أو ظنها أجنبية وقع.
فصل
تفويض طلاقها المنجز إليها ولو بكناية تمليك فيشترط تطليقها ولو بكناية فورا وله رجوع قبله فإن قال.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَوُجِدَتْ لَمْ يَقَعْ " لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ وَإِلَّا فَلِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِصِفَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بدخول.
" وَلِحُرٍّ " طَلْقَاتٌ " ثَلَاثٌ " لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} 1 فأين الثالثة فقال: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} 2 " ولغير هـ" وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا " ثِنْتَانِ " فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ رُوِيَ فِي الْعَبْدِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْمُبَعَّضِ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَمْ لَا وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ " فَمَنْ طَلَّقَ " مِنْهُمَا " دُونَ مَالِهِ " مِنْ الطَّلْقَاتِ هَذَا أَوْلَى من قوله ولو طلق دون الثلاث " وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ " لَهُ " بِبَقِيَّتِهِ " أَيْ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجْ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أمته المطلقة أما من طلق ماله فَتَعُودُ إلَيْهِ بِمَالِهِ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ.
" وَيَقَعُ " الطَّلَاقُ " فِي مَرَضِ مَوْتِهِ " كَمَا يَقَعُ فِي صِحَّتِهِ "وَيَتَوَارَثَانِ أَيْ الزَّوْجُ وَزَوْجَتُهُ " فِي عِدَّةِ " طَلَاقٍ " رَجْعِيٍّ " لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَصِحَّةِ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ وبوجوب النَّفَقَةِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَلَا يَتَوَارَثَانِ فِي عِدَّتِهِ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ " وَ " شَرْطٌ " فِي الْقَصْدِ " أَيْ لِلطَّلَاقِ " قَصْدُ لفظ طلاق لمعناه " بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ " فَلَا يَقَعُ " مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَلَا " مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ " كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَمْثِيلِهِ بِطَلَاقِ النَّائِمِ لِأَنَّ حُكْمَهُ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِيمَا مَرَّ " وَلَا مِمَّنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا مِمَّنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِهِ " لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَمَا جُهِلَ مَعْنَاهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ ثُمَّ قَصْدُ الْمَعْنَى إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ من قولي كغيري.
" وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا " فِي دَعْوَاهُ مَا يَمْنَعُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ " إلَّا بِقَرِينَةٍ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا " فَلَا تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِقُرْبِهِ فَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ " وَ " كَقَوْلِهِ " لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقٌ " أَوْ طَالِبٌ أَوْ طَالِعٌ " يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءً فَالْتَفَّ الْحَرْفُ " فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فَلَا تَطْلُقُ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَكَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك ثُمَّ قَالَ سَبَقَ لِسَانِي وَإِنَّمَا أَرَدْت طَلَبْتُك " وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ " مَثَلًا " هَازِلًا " بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دون معناه " أو لاعبا " بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَأَنْ تَقُولَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِهْزَاءِ أَوْ الدَّلَالِ طَلِّقْنِي فَيَقُولَ طَلَّقْتُك " أَوْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً " لِكَوْنِهَا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ زَوَّجَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ أَوْ نَحْوَهَا " وَقَعَ " الطَّلَاقُ لِقَصْدِهِ إيَّاهُ وَإِيقَاعُهُ فِي مَحَلِّهِ وَفِي الْحَدِيثِ " ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ" وَقِيسَ بِالثَّلَاثِ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ وَلَا يُدَيَّنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ.
فَصْلٌ: فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} 3 إلَى آخِرِهِ.
" تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا الْمُنَجَّزُ " بِالرَّفْعِ " إلَيْهَا وَلَوْ بِكِنَايَةٍ " كَأَنْ يَقُولَ لَهَا طَلِّقِي أَوْ أبيني نفسك إن شئت " تمليك " للطلاق.
__________
1 سورة البقرة الآية: 229.
2 سورة البقرة الآية: 229.
3 سورة الأحزاب الآية: 28.

(2/90)


طلقي بألف فطلقت بانت به أو طلقي ونوى عددا فطلقت ونوته أو غيره فما توافقا فيه وإلا فواحدة أو طلقي ثلاثا فوحدت أو عكسه فواحدة.
فصل:
نوى عددا بصريح كأنت طالق واحدة أو كناية كأنت واحدة وقع وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فماتت قبل تمام طالق لم يقع أو بعده فثلاث وَفِي مَوْطُوءَةٍ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَ طالقا ثلاثا أو تخلل فصل أو لم يؤكد أو أكد الأول بالثالث فثلاث أو بالآخرين فواحدة أو بالثاني أو الثاني بالثالث فثنتان وصح في أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ تَأْكِيدُ ثَانٍ بِثَالِثٍ لا أول بغيره ولو قال طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ طلقة بعد طلقة أو قبلها طلقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِغَرَضِهَا فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ مَلَّكْتُك طَلَاقَك بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَطَلِّقِي نَفْسَك لَا يَصِحُّ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يُعَلَّقُ " فَيُشْتَرَطُ " لِوُقُوعِهِ " تَطْلِيقَهَا وَلَوْ بِكِنَايَةٍ فَوْرًا " لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبُولِ فَلَوْ أَخَّرَتْهُ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ " وَلَهُ رُجُوعٌ " عَنْ التَّفْوِيضِ " قبله " أي قبل تطليقها كسائر العقود " فَإِنْ قَالَ " لَهَا " طَلِّقِي " نَفْسَك " بِأَلْفٍ فَطَلُقَتْ بَانَتْ بِهِ " أَيْ بِالْأَلْفِ وَهُوَ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَهُوَ كَالْهِبَةِ " أَوْ " قَالَ " طَلِّقِي " نَفْسَك " وَنَوَى عَدَدًا فَطَلُقَتْ وَنَوَتْهُ أَوْ " نَوَتْ " غَيْرَهُ " بِأَنْ نَوَتْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ " فَمَا تَوَافَقَا فِيهِ " يَقَعُ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِي الْأُولَى يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ وَمَا نَوَتْهُ فِي الدُّونِ أَوْ نَوَاهُ فِي الْفَوْقِ هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا " وَإِلَّا " بِأَنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا " فَوَاحِدَةً " لِأَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَقَدْ انْتَفَتْ نِيَّتُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَعْبِيرِي بِالْعَدَدِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالثَّلَاثِ وَأَفَادَ تَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي أَنَّهُ لَوْ نَوَى ثَلَاثًا وَنَوَتْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتَا وَاقْتِصَارُ الْأَصْلِ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ يُفْهَمُ خِلَافُهُ " أَوْ " قَالَ " طَلِّقِي " نَفْسَك " ثَلَاثًا فَوَحَّدَتْ أَوْ عَكْسَهُ " أَيْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَثَلَّثَتْ " فَوَاحِدَةً " لِأَنَّهَا الْمُوقِعُ فِي الْأُولَى وَالْمَأْذُونُ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَهَا فِي الْأُولَى بَعْدَ أَنْ وَحَّدَتْ وَإِنْ رَاجَعَهَا الزَّوْجُ أن تطلق ثانية وثالثة عل الْفَوْرِ وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَلَمْ تَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَتْهُ وَقَعَ الثَّلَاثُ.
فَصْلٌ: فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فيه وما يذكر معه.
لو " نوى عددا بصريح كأنت طالق واحدة " بِنَصْبٍ أَوْ رَفْعٍ أَوْ جَرٍّ أَوْ سُكُونٍ " أَوْ كِنَايَةٍ كَانَتْ وَاحِدَةً " كَذَلِكَ " وَقَعَ " الْمَنْوِيُّ عملا بما نواه من احْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ وَحَمْلًا لِلتَّوَحُّدِ عَلَى التَّفَرُّدِ عَنْ الزَّوْجِ بِالْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ لِقُرْبِهِ مِنْ اللَّفْظِ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَمَا ذَكَرْته فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بِالنَّصْبِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ " وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ " لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ " أَوْ بَعْدَهُ " وَلَوْ قَبْلَ ثلاثا " فثلاث " لتضمن إرادته المذكورة القصد الثَّلَاثِ وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا " وَفِي مَوْطُوءَةٍ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وكرر طالقا ثلاثا " وَلَوْ بِدُونِ أَنْتِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وإن قال أنت طالق أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ " وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ " بَيْنَهَا بِسَكْتَةٍ فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهَا " أَوْ لَمْ يُؤَكِّدْ " بِأَنْ اسْتَأْنَفَ أَوْ أَطْلَقَ " أَوْ أَكَّدَ الْأَوَّلَ بِالثَّالِثِ فَثَلَاثٌ " عَمَلًا بِقَصْدِهِ وَبِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَلِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكِّدِ وَالْمُؤَكَّدِ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنْ قَالَ فِي الْأُولَى أَرَدْت التَّأْكِيدَ لَمْ يقبل ويدين " أو " أكده " بالآخرين فوالحدة " لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ " أَوْ " أَكَّدَهُ " بِالثَّانِي " مَعَ الِاسْتِئْنَافِ بِالثَّالِثِ أَوْ الْإِطْلَاقِ " أَوْ " أَكَّدَ " الثَّانِيَ " مَعَ الِاسْتِئْنَافِ بِهِ أَوْ الْإِطْلَاقِ " بِالثَّالِثِ فَثِنْتَانِ " "عَمَلًا بِقَصْدِهِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْإِطْلَاقِ فِي هَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَصَحَّ فِي " الْمُكَرَّرِ بِعَطْفٍ نَحْوُ " أَنْت طَالِقٌ وطالق وطالق تأكيد ثان بثالث " لتساويه " لا" تأكيد " أول بغيره " أي.

(2/91)


فثنتان في مدخول بها وفي غيرها طلقة مطلقا ولو قال لزوجته إن دخلت فأنت طالق وطالق فدخلت فثنتان كأنت طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ أو في طلقة وأراد مع وإلا فواحدة ولو قال طلقة في طلقتين وقصد معية فثلاث أو حسابا عرفه فثنتان وإلا فواحدة أو بَعْضَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ وَثُلُثَ طلقة أو نصفي طلقة ولم يرد كل جزء من طلقة فطلقة أو ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طلقة فثنتان أو.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِالثَّانِي أَوْ بِالثَّالِثِ أَوْ بِهِمَا لِاخْتِصَاصِ غَيْرِهِ بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ " وَلَوْ قَالَ " أَنْت طَالِقٌ " طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَثِنْتَانِ " يَقَعَانِ مُتَعَاقِبَتَيْنِ الْمُنَجَّزَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُضَمَّنَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَبِالْعَكْسِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ " وَفِي غيرها " أي غير الموطوءة يقع بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمُكَرَّرِ وَالْمُقَيَّدِ بِالْقَبْلِيَّةِ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ " طَلْقَةً مُطْلَقًا " عَنْ التَّقْيِيدِ بِشَيْءٍ مِمَّا مر لأنها تبين بالواقع أو لا فَلَا يَقَعُ بِمَا عَدَاهُ شَيْءٌ " وَلَوْ قَالَ لزوجته " موطوءة كانت أو لا " فإن دخلت " الدار " فأنت طالق وطالق قد خلت فَثِنْتَانِ " مَعًا لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مُعَلَّقَتَانِ بِالدُّخُولِ وَلَا ترتيب بينهما " ك " قوله لها " أنت طالق طلقة من طَلْقَةٍ أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ أَوْ فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ " طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ مَعًا وَلَفْظَةُ فِي تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} وَإِلَّا بِأَنْ أَرَادَ بِطَلْقَةٍ فِي طَلْقَةٍ ظَرْفًا أَوْ حِسَابًا أَوْ أَطْلَقَ " فَوَاحِدَةٌ " لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ وَمُوجِبُ الْحِسَابِ وَالْمُحَقِّقِ فِي الْإِطْلَاقِ " وَلَوْ قَالَ " لَهَا أَنْت طَالِقٌ " طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَقَصَدَ مَعِيَّةً فَثَلَاثٌ " لِأَنَّهَا مُوجِبُهَا " أَوْ حِسَابًا عَرَفَهُ فَثِنْتَانِ " لِأَنَّهُمَا مُوجِبُهُ " وَإِلَّا " بِأَنْ قَصَدَ ظَرْفًا أَوْ حِسَابًا جَهِلَهُ وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ أَوْ أَطْلَقَ " فَوَاحِدَةٌ " لِأَنَّهَا مُوجِبُهُ فِي غَيْرِ الْإِطْلَاقِ وَالْمُحَقَّقُ فِي الْإِطْلَاقِ وَلَا يُؤَثِّرُ الْقَصْدُ مَعَ الْجَهْلِ لِأَنَّ مَا جُهِلَ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ كَمَا مَرَّ " أَوْ " قَالَ أَنْت طَالِقٌ " بَعْضَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ وَلَمْ يُرِدْ " فِي غَيْرِ الْأُولَى " كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ " لِمَا مَرَّ آنِفًا وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لا يتبعض وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ مِنْ الْأَصْلِ فِي الثَّالِثَةِ نِصْفُ طَلْقَةٍ فِي طَلْقَةٍ وَهُوَ سَهْوٌ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ يَقَعُ عِنْدَ قَصْدِ الْمَعِيَّةِ ثِنْتَانِ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ وَالْبُلْقِينِيَّ بَحَثَا فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ أَيْضًا عِنْدَ قَصْدِ الْمَعِيَّةِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ نِصْفُ طَلْقَةٍ مَعَ نِصْفِ طَلْقَةٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ نِصْفُ طَلْقَةٍ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ وَيُرَدُّ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا الْمُقَدَّرُ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَإِنَّمَا وَقَعَتَا فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ لِتَكَرُّرِ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِلتَّغَايُرِ بِخِلَافِ مَعَ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَقْتَضِي الْمُصَاحَبَةَ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِمُصَاحَبَةِ نِصْفِ طَلْقَةٍ لِنِصْفِهَا فَإِنْ أَرَادَ فِيهَا كَاَلَّتِي.

(2/92)


لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَقَعَ عَلَى كل طلقة فأن قصد توزيع كل طلقة عليهن وقع في ثنتين ثنتان وثلاث وأربع ثلاث فإن قصد بعضهن دين.
فصل:
يصح استثناء بشرطه السابق فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وواحدة فواحدة أو ثنتين وواحدة إلا واحدة فثلاث ولو قال ثلاثا إلا ثنتين إلا واحدة أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ خمسا إلا ثلاثا فثنتان أو ثلاثا إلا نصف طلقة فثلاث ولو عقب طلاقه بإن شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أو إلا أن يشاء الله وقصد تعليقه منع انعقاده ككل عقد وحل وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وقع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَبْلَهَا وَاللَّتَيْنِ بَعْدَهَا كُلُّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَ ثِنْتَانِ عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ وَقَوْلِي وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ مِنْ زِيَادَتِي فِيهَا وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا.
" أَوْ " قَالَ أَنْت طَالِقٌ " ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ " نَظَرًا فِي الْأُولَى إلَى زِيَادَةِ النِّصْفِ الثَّالِثِ عَلَى الطَّلْقَةِ فَيُحْسَبُ مِنْ أُخْرَى وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى تَكَرُّرِ لَفْظِ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَطْفِ " أَوْ " قَالَ " لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ " مِنْهُنَّ "طَلْقَةٌ" لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ بَعْضُهَا فَتَكْمُلُ " فإن قصد توزيع كل طلقة عليهن وَقَعَ " عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ " فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ و " في " ثلاث وأربع ثلاث " عملا بقصده وعند الْإِطْلَاقِ لَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْفَهْمِ " فَإِنْ قَصَدَ " بِعَلَيْكُنَّ أَوْ بينكن " بعضهن " أي فلانة وفلانة مثلا " دين " فَيُقْبَلُ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي تَشْرِيكَهُنَّ وَإِنْ قَصَدَ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُنَّ كَأَنْ قَالَ قَصَدْت هَذِهِ بِطَلْقَتَيْنِ وَتَوْزِيعُ الْبَاقِي عَلَى الباقيات قُبِلَ مُطْلَقًا.
فَصْلٌ: فِي الِاسْتِثْنَاءِ.
" يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ " فِي الطَّلَاقِ كَغَيْرِهِ " بِشَرْطِهِ السَّابِقِ " فِي كِتَابِ الإقرار وهو أن ينويه قبل الفراغ من المستثنى منه وألا يَنْفَصِلَ بِفَوْقٍ نَحْوُ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ وَأَنَّ لَا يَسْتَغْرِقَ وَأَنْ لَا يَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ فِي الِاسْتِغْرَاقِ " فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ " تَقَعُ لَا ثَلَاثٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ الْمُفَرَّقَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِيهِمَا كَمَا مَرَّ وفي الْإِقْرَارِ فَيَلْغُو قَوْلُهُ وَوَاحِدَةٌ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهَا " أَوْ " قَالَ أَنْت طَالِقٌ " ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ " لَا ثِنْتَانِ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَاحِدَةِ فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَعَكْسُهُ " وَ " لِهَذَا " لَوْ قَالَ " أَنْت طَالِقٌ " ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا فَثِنْتَانِ " وَالْمَعْنَى فِي الْأَوَّلِ مَثَلًا ثَلَاثًا تَقَعُ إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا تَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةٌ تَقَعُ فَالْمُسْتَثْنَى الثَّانِي مُسْتَثْنًى مِنْ الأول فيكون المستثنى فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدَةً " أَوْ " قَالَ أَنْت طَالِقٌ " ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ " تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الباقي بعد الاستثناء.

(2/93)


فصل:
شك في طلاق فلا أوفي عدد فالأقل ولا يخفى الورع ولو علق اثنان بنقيضين وجهل فلا أو واحد بهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وَلَوْ عَقَّبَ طَلَاقَهُ " الْمُنَجَّزَ أَوْ الْمُعَلَّقَ كَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ " بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ " أَيْ طَلَاقَك " أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ " أَيْ طَلَاقَك " أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ " أَيْ طَلَاقَك " وَقَصَدَ تَعْلِيقَهُ " بِالْمَشِيئَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا " مُنِعَ انْعِقَادُهُ " لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى محال ولو قال أنت طالق إن شاء الله أو لم يشأ الله طَلُقَتْ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَخَرَجَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ مَا لو سبق ذلك إلى لسانه لتعوده بِهِ أَوْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ أَوْ أَنَّ كل شيء بمشيئة الله تَعَالَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ وَضَعَ ذَلِكَ لِلتَّعْلِيقِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْرَاجِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ " كَـ " مَا يَمْنَعُ التَّعْقِيبَ بِذَلِكَ انْعِقَادُ " كل عقد وحل " كعتق منجزأ ومعلق وَيَمِينٍ وَنَذْرٍ وَبَيْعٍ وَفَسْخٍ وَصَلَاةٍ.
" وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ " نَظَرًا لِصُورَةِ النِّدَاءِ الْمُشْعِرِ بِحُصُولِ الطَّلَاقِ حَالَتَهُ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا أَنْتَ صحيح فَيَنْتَظِمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ طَلْقَةً وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ وَغَيْرُهُ لَكِنْ جَزَمَ الْقَاضِي فِيمَنْ اسْمُهَا ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ.
فَصْلٌ: فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ.
لَوْ " شَكَّ في " وُقُوعَ " طَلَاقٍ " مِنْهُ مُنَجَّزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ كَأَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ بِهَا " فَلَا " يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ " أَوْ فِي عَدَدٍ " كَأَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ " فَالْأَقَلُّ " يَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ " وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ " فِيمَا ذُكِرَ بِأَنْ يَحْتَاطَ فِيهِ لِخَبَرِ: "دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجِعٌ لِيَتَيَقَّنَ الْحَلَّ أَوْ الْبَائِنَ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ " وَلَوْ عَلَّقَ اثْنَانِ بِنَقِيضَيْنِ " كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْهُ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ " وَجَهِلَ " الحال " فلا " يحكم بطلاق أَحَدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِمَا قَالَهُ لم يحكم بوقوع طلاقه فتعليق.

(2/94)


لزوجتيه طلقت إحداهما ولزمه بحث وبيان أو لزوجته وعبده منع منهما إلى بيان فإن مات لم يقبل بيان وارثه إن اتهم بل يقرع فإن قرع عتق أو قرعت بقي الإشكال ولو طلق إحدى زوجتيه بعينها وجهلها وقف حتى يعلم ولا يطالب ببيان إن صدقتاه في جهله وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَصَدَ الأجنبية قبل بيمينه لا إن قال زينب طالق وقصد أجنبية أو لزوجتيه إحداكما طالق وقع وَوَجَبَ فَوْرًا فِي بَائِنٍ تَعْيِينُهَا إنْ أَبْهَمَ وبيانها إن عين واعتزالهما ومؤنتهما إلى تعيين أو بيان والوطء ليس تعيينا ولا بيانا ولو قال في بيانه أردت هذه فبيان أو هذه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ " أَوْ " عَلَّقَ " وَاحِدٌ بِهِمَا لِزَوْجَتَيْهِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا " لِوُجُودِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ " وَلَزِمَهُ " مَعَ اعْتِزَالِهِ عَنْهُمَا إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا " بَحْثٌ " عَنْ الطَّائِرِ " وَبَيَانٌ " لِزَوْجَتَيْهِ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَتَّضِحَ لَهُ حَالُ الطَّائِرِ بِعَلَامَةٍ فِيهِ يَعْرِفُهَا لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غيرها فإن لم يكن لَمْ يَلْزَمْهُ بَحْثٌ وَلَا بَيَانٌ " أَوْ " عَلَّقَ بِهِمَا " لِزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ " كَأَنْ قَالَ إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرِ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَهِلَ الْحَالَ " مُنِعَ مِنْهُمَا " لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَلَا يَتَمَتَّعُ بِالزَّوْجَةِ وَلَا يَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ " إلَى بَيَانٍ " لِتَوَقُّعِهِ وعليه مؤنتهما إليه ويأتي مثله فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَتَيْنِ.
" فَإِنْ مَاتَ " قَبْلَ بَيَانِهِ " لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ وَارِثِهِ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ اتَّهَمَ " بِأَنْ بَيَّنَ الْحِنْثَ فِي الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِسْقَاطِ إرْثِهَا وَإِرْقَاقِ الْعَبْدِ " بَلْ يَقْرَعُ " بَيْنَهُمَا فَلَعَلَّ الْقُرْعَةَ تَخْرُجُ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ " فَإِنْ قَرَعَ " أَيْ الْعَبْدُ أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ " عَتَقَ " بِأَنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ وَتَرِثُ الزَّوْجَةُ إلَّا إذَا ادَّعَتْ طَلَاقًا بَائِنًا " أَوْ قَرَعَتْ " أَيْ الزَّوْجَةُ أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهَا " بَقِيَ الْإِشْكَالُ " إذْ لَا أَثَرَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ وَالْوَرَعُ أَنْ تَتْرُكَ الْمِيرَاثَ أَمَّا إذَا لَمْ يُتَّهَمْ بِأَنْ بَيَّنَ الْحِنْثَ فِي الْعَبْدِ فَيُقْبَلُ بَيَانُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَضَرَّ بِنَفْسِهِ.
" وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَيْنِهَا " كَأَنْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ وَحْدَهَا أَوْ نواها بقوله إحدا كما طَالِقٌ " وَجَهِلَهَا " كَأَنْ نَسِيَهَا أَوْ كَانَتْ حَالَ الطَّلَاقِ فِي ظُلْمَةٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ جَهِلَهَا " وُقِفَ " وُجُوبًا الْأَمْرُ مِنْ قُرْبَانٍ وَغَيْرِهِ " حَتَّى يَعْلَمَ " هَا " وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ " لَهَا " إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي جَهْلِهِ " بِهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكْفِهِ فِي الْجَوَابِ نَسِيت أَوْ لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا " وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحدا كما طَالِقٌ وَقَصَدَ الْأَجْنَبِيَّةَ " بِأَنْ قَالَ قَصَدْتهَا " قُبِلَ " قوله " بيمينه " لاحتمال اللفظ بذلك وَقَوْلِي بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِي " لَا إنْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ " وَاسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ " وَقَصَدَ أَجْنَبِيَّةً " اسْمُهَا زَيْنَبُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ خلاف الظاهر " أو " قال " لزوجتيه إحدا كما طَالِقٌ وَقَعَ " فَلَا يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ عَلَى تَعْيِينٍ أَوْ بَيَانٍ وَلِهَذَا مُنِعَ مِنْهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ " وَوَجَبَ فَوْرًا " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " فِي " طَلَاقٍ " بَائِنٍ تَعْيِينُهَا إنْ أَبْهَمَ " هَا فِي طَلَاقِهِ " وَبَيَانُهَا إنْ عَيَّنَ " هَا فِيهِ لِتُعْرَفَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ عَصَى فَإِنْ امْتَنَعَ عُزِّرَ " وَ " وَجَبَ " اعْتِزَالُهُمَا " لِالْتِبَاسِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا " وَمُؤْنَتُهُمَا " هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَنَفَقَتُهُمَا لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ حَبْسَ الزَّوْجَاتِ " إلَى تَعْيِينٍ أَوْ بَيَانٍ " وَإِذَا عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَصْرُوفَ إلَى الْمُطَلَّقَةِ لِذَلِكَ أَمَّا الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ فَوْرًا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ.
" وَالْوَطْءُ " لِإِحْدَاهُمَا " لَيْسَ تَعْيِينًا وَلَا بَيَانًا " لِلطَّلَاقِ فِي غَيْرِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطَأَ المطلقة ولأن ملك النكاح لا يحصل.

(2/95)


وهذه أو هذه بل هذه طلقتا ظاهرا ولو ماتتا أو إحداهما قبل ذلك بقيت مطالبته لبيان الإرث ولو مات قبل بيان وارثه لا تعيينه.
فصل:
طلاق موطوءة تعتد بأقراء سني إن ابتدأتها عقبه ولم يطأها في طهر طلق فيه أو علق بمضي بعضه ولا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ وإلا فبدعي وطلاق غيرها وخلع زوجة في بدعة بعوض منها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يَتَدَارَكُ بِهِ وَلِذَلِكَ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَتَبْقَى الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ وَالْبَيَانِ فَلَوْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي مَوْطُوءَتِهِ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا وَهِيَ بَائِنٌ لَزِمَهُ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ " وَلَوْ قَالَ فِي بَيَانِهِ أَرَدْت " لِلطَّلَاقِ " هَذِهِ فَبَيَانٌ أَوْ " أَرَدْت " هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ " أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ أو هذه هذه " طلقتا ظاهرا " لِإِقْرَارِهِ بِطَلَاقِهِمَا بِمَا قَالَهُ وَرُجُوعِهِ بِذِكْرِ بَلْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ الْأُولَى لَا يُقْبَلُ وَخَرَجَ بزيادتي ظاهرا الباطن فالمطلقة فيمن نَوَاهَا فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فَإِنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَلَّقَانِ إذْ لا وجه لحمل إحدا كما عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ أَرَدْت هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ أَوْ قَالَ أَرَدْت هَذِهِ أَوْ هَذِهِ اسْتَمَرَّ الْإِبْهَامُ وَخَرَجَ بِبَيَانِهِ مَا لَوْ قَالَ فِي تَعْيِينِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إنْشَاءٌ اخْتِيَارٌ لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا.
" وَلَوْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ " أَيْ قَبْلَ تَعْيِينِ الْمُطَلِّقِ أَوْ بَيَانِهِ " بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ " بِهِ " لِبَيَانِ " حُكْمِ " الْإِرْثِ " وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً وَالْأُخْرَى وَالزَّوْجُ مُسْلِمَيْنِ فَيُوقَفُ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا نَصِيبُ زَوْجٍ إنْ تَوَارَثَا فَإِذَا عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ لَمْ يَرِثْ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى " وَلَوْ مَاتَ " قَبْلَ تَعْيِينِهِ أَوْ بَيَانِهِ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِمَا أَوْ موت إحْدَاهُمَا " قُبِلَ بَيَانُ وَارِثِهِ لَا تَعْيِينُهُ " لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ وُقُوفُ الْوَارِثِ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَالتَّعْيِينُ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ فَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهِ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً وَالْأُخْرَى وَالزَّوْجُ مُسْلِمَيْنِ وَأُبْهِمَتْ الْمُطَلَّقَةُ فَلَا إرْثَ.
فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَغَيْرِهِ.
وَفِيهِ اصْطِلَاحَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ يَنْقَسِمُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ وَلَا وَلَا وَجَرَيْت عَلَيْهِ وَثَانِيهِمَا يَنْقَسِمُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَفَسَّرَ قَائِلُهُ السني السُّنِّيَّ بِالْجَائِزِ وَالْبِدْعِيَّ بِالْحَرَامِ وَقَسَّمَ جَمَاعَةٌ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَمَنْدُوبٍ كَطَلَاقِ غَيْرِ مُسْتَقِيمَةِ الْحَالِ كَسَيِّئَةِ الْخُلُقِ وَمَكْرُوهٍ كَمُسْتَقِيمَةِ الْحَالِ وَحَرَامٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى الْمُبَاحِ بطلاق من لا تهواه وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ تَمَتُّعٍ بِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ " طَلَاقُ مَوْطُوءَةٍ " وَلَوْ فِي دُبُرٍ " تَعْتَدُّ بِأَقْرَاءِ سُنِّيٍّ إنْ ابْتَدَأَتْهَا " أَيْ الْأَقْرَاءَ " عَقِبَهُ " أَيْ الطَّلَاقِ بِأَنْ كَانَتْ حَائِلًا من زنا وَهِيَ تَحِيضُ وَطَلَّقَهَا مَعَ آخَرَ نَحْوِ حَيْضٍ أَوْ فِي طُهْرٍ قَبْلَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ أَوْ بِآخَرَ نَحْوِ حَيْضٍ.
" ولم يطأها فِي طُهْرٍ طَلَّقَ " هَا " فِيهِ أَوْ عَلَّقَ " طَلَاقَهَا " بِمُضِيِّ بَعْضِهِ وَلَا " وَطْئِهَا " فِي نَحْوِ حيض قبله ولا في نحو حيض

(2/96)


لا ولا والبدعي حرام وس لفاعله رجعة وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِسُنَّةٍ أَوْ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ طَلَاقٍ أَوْ أَجْمَلَهُ أَوْ أَنْت طَالِقٌ لِبِدْعَةٍ أَوْ طَلْقَةٍ قَبِيحَةٍ أَوْ أقبح طلاق أو أفحشة وهي في سنة أو بدعة طلقت وإلا فبالصفة أو طلقة سنية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ " أَيْ بِآخِرِهِ وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَعَدَمِ النَّدَمِ فِيمَنْ ذُكِرَتْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} 1 أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثم ليمسكها حتى تطهر ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْغَايَةِ بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ إلَى الطُّهْرِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فَقِيلَ لِئَلَّا تصير الرجعة لغرض الطلاق لو طلق قي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ حَتَّى قِيلَ إنَّهُ يُنْدَبُ الْوَطْءُ فيه وإن كان الأصح طلاقه وَقِيلَ عُقُوبَةٌ وَتَغْلِيظٌ " وَإِلَّا " بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا من زنا وهي لا تحيض مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقهَا بِمُضِيِّ بَعْضٍ نَحْوِ حَيْضٍ أَوْ بِآخِرِ طُهْرٍ أَوْ طَلَّقَهَا مع آخره أو فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَ آخِرِهِ أَوْ وَطِئَهَا فِي طُهْرٍ طَلَّقَهَا فِيهِ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ أو وطئها في نحوحيض طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ " فَبِدْعِيٌّ " وَإِنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقًا بِلَا عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا فِي حيض قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وَزَمَنُ الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ وَزَمَنُ حَمْلِ زِنًا لَا حَيْضَ فِيهِ وَزَمَنُ حَمْلِ شُبْهَةٍ وَآخِرُ طُهْرٍ عَلَّقَ بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ طَلَّقَ مَعَهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ وَلِأَدَائِهِ فِيمَا بَقِيَ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَأَلْحَقُوا الْوَطْءَ فِي الْحَيْضِ بِالْوَطْءِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنُ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطبيعة أولا وتهيأ للخروج وَأَلْحَقُوا الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِمَا وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ كَالْوَطْءِ وَقَوْلِي أَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ بَعْضِهِ مَعَ نَحْوِ الْأُولَى وَمَعَ قَوْلِي وَلَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ وَمَعَ أَشْيَاءَ أُخَرَ مِنْ زِيَادَتِي وَمِنْ الْبِدْعِيِّ ما لو قسم لاحدى زوجتيه ثُمَّ طَلَّقَ الْأُخْرَى قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا فَإِنَّهُ يَأْثَمُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ طَلَاقُ الْمَوْلَى إذَا طُولِبَ بِهِ وَطَلَاقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ فَلَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنِّيٍّ " وَطَلَاقُ غَيْرِهَا " أَيْ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ حَامِلًا مِنْهُ.
" وَخُلْعُ زَوْجَةٍ فِي " زَمَنِ " بِدْعَةٍ بِعِوَضٍ مِنْهَا لَا " سُنِّيٍّ " وَلَا " بِدْعِيٍّ لِانْتِفَاءِ مَا مَرَّ فِي السُّنِّيِّ وَفِي الْبِدْعِيِّ وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذُهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقُ شُرُوعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَا نَدَمَ وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ طَلَاقُ الْمُتَحَيِّرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي طُهْرٍ مُحَقَّقٍ وَلَا فِي حَيْضٍ مُحَقَّقٍ " وَالْبِدْعِيُّ حَرَامٌ " لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالْعِبْرَةُ فِي الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ بِوَقْتِهِ وَفِي الْمُعَلَّقِ بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ إلَّا إذَا جُهِلَ وُقُوعُهُ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ فَالطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ بِدْعِيًّا لَا إثْمَ فِيهِ " وَسُنَّ لِفَاعِلِهِ " إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الطَّلَاقِ " رجعة " لخبر عُمَرَ السَّابِقِ وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إنْ أراد ويقاس بما فيه صور البدعي وسن الرجعة ينتهي بِزَوَالِ زَمَنِ الْبِدْعَةِ.
" وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِسُنَّةٍ أَوْ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ طَلَاقٍ أَوْ أَجْمَلَهُ أَوْ أَنْت طَالِقٌ لِبِدْعَةٍ أَوْ طلقته قَبِيحَةٍ أَوْ أَقْبَحَ طَلَاقٍ أَوْ أَفْحَشَهُ "وَهِيَ فِي " حَالِ " سُنَّةٍ " فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ " أَوْ " فِي حَالِ " بِدْعَةٍ " فِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ " طَلُقَتْ " فِي الْحَالِ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إذْ ذَاكَ فِي حَالِ سُنَّةٍ فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ وَلَا بِدْعَةٍ فِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ " فَبِالصِّفَةِ " تَطْلُقُ كَسَائِرِ صُوَرِ التَّعْلِيقِ فَإِنْ نَوَى بِمَا قَالَهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ فِي حَالِ بِدْعَةٍ فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ أَوْ سُنَّةٍ فِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ وَنَوَى الْوُقُوعَ فِي الْحَالِ لِأَنَّ طَلَاقَهَا فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ حَسَنٌ لِسُوءِ خُلُقِهَا مَثَلًا وَفِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ قَبِيحٌ لِحُسْنِ خُلُقِهَا مَثَلًا وَقَعَ فِي الْحَالِ هَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَهُ لِمَنْ يَكُونُ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا فَلَوْ قَالَهُ لِمَنْ لَا يَتَّصِفُ طَلَاقُهَا بِذَلِكَ وَقَعَ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا وَيَلْغُو ذِكْرُ السُّنَّةِ والبدعة " أو " قال أنت.
__________
1 سورة الطلاق الآية: 1.

(2/97)


بدعية أو حسنة قبيحة وقع حالا وجاز جمع الطلقات ولو قال ثلاثا أو ثلاثا لسنة وفسرها بتفريقها على أقراء قبل ممن يعتقد تحريم الجمع ودين غيره ومن قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت أو إن شاء زيد ومن قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طالق وقال أردت بعضهن ومع قرينة كأن خاصمته فقالت تزوجت فقال ذلك يقبل.
فَصْلٍ:
قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أو غرته أو أوله وقع بأول جزء منه أو نهاره أو أول يوم منه فبفجر أوله أو آخره فبآخر جزء منه ولو قال ليلا إذا مضى يوم فبغروب شمس غده أو نهارا فبمثل وقته من غده أو اليوم وقاله نهارا فبغروب شمسه أو ليلا لغا كشهر وسنة أو أنت طالق أمس وقع حالا فإن قصد طلاقا في نكاح آخر وعرف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طَالِقٌ " طَلْقَةً سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً وَقَعَ حَالًا " وَيَلْغُو ذِكْرُ الصِّفَتَيْنِ لِتَضَادِّهِمَا نَعَمْ إنْ فَسَّرَ كُلَّ صِفَةٍ بِمَعْنًى كَالْحُسْنِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَالْقُبْحُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ قُبِلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الْعَدَدِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَأَقَرَّاهُ.
" وَجَازَ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ " وَلَوْ دَفْعَةً لِانْتِفَاءِ الْمُحَرِّمِ لَهُ وَالْأَوْلَى لَهُ تَرْكُهُ بِأَنْ يُفَرِّقَهُنَّ عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاللَّامُ فِي الطَّلْقَاتِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ وَهِيَ الثَّلَاثُ فَلَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا قَالَ الرُّويَانِيُّ عُزِّرَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَأْثَمُ انْتَهَى " وَلَوْ قَالَ " لِمَوْطُوءَةٍ أَنْت طَالِقٌ " ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا لِسُنَّةٍ وَفَسَّرَ " هَا " بِتَفْرِيقِهَا عَلَى أَقْرَاءٍ " بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً " قُبِلَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ " لِلثَّلَاثِ دَفْعَةٌ كَمَالِكِيٍّ لِمُوَافَقَةِ تَفْسِيرِهِ لِاعْتِقَادِهِ " وَدُيِّنَ غَيْرُهُ " أَيْ وكل دِينِهِ فِيمَا نَوَاهُ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا لِمُخَالَفَتِهِ مقتضى اللفظ وقوع الطلاق دفعة قي الْحَالِ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ طَلَاقُ الْمَرْأَةِ فِيهِ سُنِّيًّا وَحِينَ تَطْهُرُ إنْ كَانَ بِدْعِيًّا وَيَعْمَلُ بِمَا نَوَاهُ بَاطِنًا إنْ كان صادقا بأن يُرَاجِعَهَا وَيَطْلُبَهَا وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِقَرِينَةٍ وَإِنْ ظَنَّتْ كَذِبَهُ فَلَا وَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرُ إنْ كُرِهَ لَهَا تَمْكِينُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ " وَ " دُيِّنَ " مَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت " الدَّارَ مَثَلًا " أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ " أَيْ طَلَاقَك بِخِلَافِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ وما قبله يخصصه بحال دون حَالٍ " وَ " دُيِّنَ " مَنْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ " فَيَعْمَلُ بِمَا أَرَادَهُ بَاطِنًا " وَمَعَ قَرِينَةٍ كَأَنْ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ " خَاصَمَتْهُ " زَوْجَةٌ لَهُ " فَقَالَتْ " لَهُ " تَزَوَّجْت " عَلَيَّ " فَقَالَ " مُنْكِرًا لِهَذَا " ذَلِكَ " أَيْ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ رِعَايَةً لِلْقَرِينَةِ.
فَصْلٌ: فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.
لَوْ " قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ " فِي " غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ " أَوْ رَأْسِهِ " وَقَعَ " الطَّلَاقُ " بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ " وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَتِهِ الْأُولَى وَوُجِّهَ فِي شَهْرِ كَذَا بِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا جَاءَ شَهْرُ كَذَا وَمَجِيئُهُ يَتَحَقَّقُ بِمَجِيءِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ " أَوْ " فِي " نَهَارِهِ " أَيْ شَهْرِ كَذَا " أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ فَبِفَجْرِ أَوَّلِهِ " أَيْ أَوَّلِ يَوْمٍ منه على قياس ما مر فِي " آخِرِهِ " أَوْ سَلْخِهِ " فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ " يَقَعُ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ دُونَ أَوَّلِ النِّصْفِ الْآخَرِ " وَلَوْ قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى يَوْمٌ " فَأَنْت طَالِقٌ " فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ " تَطْلُقُ إذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ الْيَوْمِ " أَوْ " قَالَهُ " نهار فَبِمِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ " تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ حقيقته فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا " أَوْ " قَالَ إذَا مَضَى " الْيَوْمُ " فَأَنْت طَالِقٌ " وَقَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ " تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ حَالَ التَّعْلِيقِ لَحْظَةً لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ " أَوْ " قَالَهُ " لَيْلًا لَغَا" أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ " كَشَهْرٍ وَسَنَةٍ " فِي حَالَتَيْ التَّنْكِيرِ وَالتَّعْرِيفِ فَيَقَعُ فِي أَنْتِ طالق إذا مضى شهر أو سنة بِمُضِيِّ شَهْرٍ كَامِلٍ أَوْ سَنَةٍ كَامِلَةٍ وَفِي أَنْت طَالِقٌ إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَوْ السَّنَةُ بمضي فَيَقَعُ فِي الشَّهْرِ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ الْقَابِلِ وَفِي السَّنَةِ بِأَوَّلِ الْمُحَرَّمِ مِنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ وَمَعْلُومٌ عَدَمُ تَأَتِّي الْإِلْغَاءِ هُنَا أَمَّا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ بِالنَّصْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَيَقَعُ حَالًا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ وَسَمَّى الزَّمَانَ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ اسْمِهِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ " أَوْ " قَالَ "أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَقَعَ حالا " سواء أقصد وقوعه.

(2/98)


أوانه طلق أمس وهي الآن معتدة حلف وَلِلتَّعْلِيقِ أَدَوَاتٌ كَمَنْ وَإِنْ وَإِذَا وَمَتَى وَمَتَى ما وكلما وأي ولا يقتضين فورا في مثبت بلا عوض وتعليق بمشيئتها ولا تكرارا إلا كلما فلو قال إذا طلقتك فأنت طالق فنجز أو علق بصفة فوجدت فطلقتان في موطوءة أو كلما وقع طلاقي فطلق فثلاث فيها وطلقة في غيرها أو إن طلقت واحدة فعبد حر وإن ثنتين فعبدان وإن ثلاثا فثلاثة وإن أربعا فأربعة فطلق أربعا عتق عشرة ولو علق بكلما فخمسة عشر ويقتضين فورا في منفى إلا إن فلو قال إن لم تدخلي لم يقع إلا باليأس أو إن دخلت أو أن لم تدخلي بالفتح وقع حالا إن عرف نحوا وإلا فتعليق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حالا مستند إلَى أَمْسِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَمْ قَصَدَ إيقَاعَهُ أَمْسِ أَمْ أَطْلَقَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ قُبِلَ التَّفْسِيرُ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ وَلَغَا قَصْدَ الِاسْتِنَادِ إلَى أَمْسِ لِاسْتِحَالَتِهِ.
" فَإِنْ قَصَدَ " بِذَلِكَ " طَلَاقًا فِي نِكَاحٍ آخَرَ وَعَرَفَ أَوْ " قَصَدَ " أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ حَلَفَ " فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَتَكُونُ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ أَمْسِ أَنْ صَدَّقَتْهُ وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ فِي الْأُولَى لَمْ يُصَدَّقْ وَحُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَالًا كَمَا في الشرح الصغير ونقله الإمام والبغوي عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ الْإِمَامُ احْتِمَالًا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ لِاحْتِمَالِهِ " وَلِلتَّعْلِيقِ أدوات كمن وإن وإذا ومتى ومتى وما " بزيادة ما " وكلما وأي " من نحو الدَّارَ مِنْ زَوْجَاتِي فَهِيَ طَالِقٌ وَأَيُّ وَقْتٍ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ مَنْ إلَى آخِرِهِ إذْ الْأَدَوَاتُ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ فِي الْمَذْكُورَاتِ إذْ منها ومهما وما وإذما وَأَيَّامَا وَأَيْنَ " وَلَا يَقْتَضِينَ " أَيْ أَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ بِالْوَضْعِ " فَوْرًا " فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ " فِي مُثْبَتٍ " كَالدُّخُولِ " بِلَا عِوَضٍ " أَمَّا بِهِ فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي بَعْضِهَا لِلْمُعَاوَضَةِ نَحْوَ إنْ ضَمِنْت أَوْ أَعْطَيْت بِخِلَافِ نَحْوِ مَتَى وَأَيِّ " وَ " بِلَا " تَعْلِيقٍ بِمَشِيئَتِهَا " عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الفصل الآتي " وَلَا " يَقْتَضِينَ " تَكْرَارًا " فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ " إلَّا كُلَّمَا " فَتَقْتَضِيهِ وَسَيَأْتِي التَّعْلِيقُ بِالْمَنْفِيِّ.
" فَلَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك " أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي " فَأَنْت طَالِقٌ فَنَجَّزَ " طَلَاقَهَا " أَوْ عَلَّقَـ " ـه " بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فَطَلْقَتَانِ " تَقَعَانِ " فِي مَوْطُوءَةٍ " وَاحِدَةٍ بِالتَّطْلِيقِ بِالتَّنْجِيزِ أَوْ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ وُجِدَتْ وَأُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ بِهِ " أَوْ " قَالَ " كُلَّمَا وَقَعَ طَلَاقِي " عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ " فَطَلَّقَ فَثَلَاثٌ فِيهَا " أَيْ فِي موطوءة واحدة بالتنجيز وثنتان بالتعليق بكلما أو وَاحِدَةٍ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزَةِ وَأُخْرَى بِوُقُوعِ هَذِهِ الْوَاحِدَةِ " وَطَلْقَةٌ فِي غَيْرِهَا " أَيْ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْمُنَجَّزَةِ فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ بَعْدَهَا " أَوْ " قَالَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَلَهُ عَبِيدٌ " إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً " مِنْهُنَّ " فَعَبْدٌ " مِنْ عَبِيدِي " حُرٌّ وَإِنْ " طَلَّقْت " ثِنْتَيْنِ " مِنْهُنَّ " فَعَبْدَانِ " مِنْ عَبِيدِي حُرَّانِ " وَإِنْ " طَلَّقْت " ثَلَاثًا " مِنْهُنَّ " فَثَلَاثَةٌ " مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ " وَإِنْ " طَلَّقْت " أَرْبَعًا " مِنْهُنَّ " فَأَرْبَعَةٌ " مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ " فَطَلَّقَ أَرْبَعًا " مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا " عَتَقَ " مِنْ عَبِيدِهِ " عَشَرَةٌ " مُبْهَمَةٌ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بطلاق الثالثة وأربع بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ وَعَلَيْهِ تَعْيِينُهُمْ وَلَوْ عَطَفَ الْمُعَلِّقُ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ لَمْ يُعْتِقْ إلَّا ثَلَاثَةً إذْ بِطَلَاقِ الْأُولَى يُعْتَقُ عَبْدٌ فَإِذَا طَلَّقَ الثَّانِيَةَ لَمْ يُعْتَقْ شَيْءٌ لَا بِصِفَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا بِصِفَةِ الثِّنْتَيْنِ فَإِذَا طَلَّقَ الثَّالِثَةَ صُدِّقَتْ بِصِفَةِ الثِّنْتَيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ وُجُودُ ثَلَاثَةٍ وَلَا أَرْبَعَةٍ وَكَانَ سَائِرُ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ غَيْرَ كُلَّمَا.
" ولو علق بكلما " وَلَوْ فِي التَّعْلِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ " فَخَمْسَةَ عَشَرَ " عبدا لاقتضائها التكرار فَيُعْتَقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٍ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأَوْلَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعٍ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ وَهَكَذَا إلَى عَشَرَةٍ عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَإِنْ عَلَّقَ بِغَيْرِ كُلَّمَا فَخَمْسٌ وَخَمْسُونَ " وَيَقْتَضِينَ " أَيْ الْأَدَوَاتُ " فَوْرًا فِي مَنْفِيٍّ إلَّا أَنْ " فَلَا تَقْتَضِيهِ " فَلَوْ قَالَ " أَنْت طَالِقٌ " إنْ لَمْ تَدْخُلِي " الدَّارَ " لَمْ يَقَعْ " أَيْ الطَّلَاقُ " إلَّا بِالْيَأْسِ " مِنْ الدُّخُولِ كأن ماتت قبله فَيُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِغَيْرِ إنْ كَإِذَا فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بمضي زمن يمكن فيه الدخول من وفت التَّعْلِيقِ وَلَمْ تَدْخُلْ وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ وَإِذَا ظَرْفُ زَمَانٍ كَمَتَى فِي التَّنَاوُلِ لِلْأَوْقَاتِ فَإِذَا قِيلَ مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ مَتَى شِئْت أَوْ إذَا شِئْت وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ مَعْنَاهُ إنْ فَاتَكِ دُخُولُهَا وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ مَعْنَاهُ أَيُّ وَقْتٍ فاتك الدخول فيقع الطلاق بمضي.

(2/99)


فصل:
علق بحمل فإن ظهر أو وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ أَوْ لأربع سنين فأقل وَلَمْ تُوطَأْ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ بأن وقوعه وإلا فلا وَلَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَطَلْقَةٌ وبأنثى فطلقتين فولدتهما فثلاث أو إن كان حملك ذكرا فطلقة إلى آخره فلغو أو إن ولدت فولدت اثنين مرتبا طلقت بالأول وانقضت عدتها بالثاني أو كلما ولدت فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مُرَتَّبًا وَقَعَ بِالْأَوَّلَيْنِ طَلْقَتَانِ وَانْقَضَتْ عدتها بالثالث أو لأربع كلما ولدت واحدة فصواحبها طوالق فولدن معا طلقن جميعا ثلاثا ثلاثا أو مرتبا طلقت الرابعة ثلاثا كالأولى إن بقيت عدتها أو الثانية طلقة والثالثة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ وَلَمْ تَدْخُلْ فَلَوْ قال أردت بإذا ما يرادبإن قُبِلَ بَاطِنًا وَكَذَا ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ " أَوْ " قَالَ أَنْت طَالِقٌ " إنْ دَخَلْت " الدَّارَ " أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِي بِالْفَتْحِ " لِلْهَمْزَةِ " وَقَعَ " الطَّلَاقُ " حَالًا " لِأَنَّ الْمَعْنَى لِلدُّخُولِ أَوْ لِعَدَمِهِ بِتَقْدِيرِ لَامِ التَّعْلِيلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} 1 وَسَوَاءٌ كَانَ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ صَادِقًا أَمْ كَاذِبًا هَذَا "إنْ عَرَفَ نَحْوًا وَإِلَّا" بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ " فَتَعْلِيقٌ " لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إنْ وَأَنْ وَلَوْ قال أنت طالق إذ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْ طَلَّقْتُك بِالْفَتْحِ حُكِمَ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ بِإِقْرَارِهِ وَأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ لأن المعنى أنت طالق لأني طلقتك.
فَصْلٌ: فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا.
لَوْ " عَلَّقَ " الطَّلَاقَ " بِحَمْلٍ " كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ " فَإِنْ ظَهَرَ " أَيْ الْحَمْلُ بِهَا بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ " أَوْ " لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ لَكِنْ " وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ أَوْ " لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَ " لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ " مِنْهُ " وَلَمْ تُوطَأْ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ " بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ مَعَ التَّعْلِيقِ وَلَا بَعْدَهُ أَوْ وُطِئَتْ حِينَئِذٍ وَطْئًا لَا يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ " بِأَنَّ وُقُوعَهُ " مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ " وَإِلَّا " بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ لِدُونِهِ وَفَوْقَ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَوُطِئَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ " فَلَا " طَلَاقَ لِتَبَيُّنِ انْتِفَاءِ الْحَمْلِ فِي الْأُولَى إذْ أَكْثَرُ مُدَّتِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَلِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ فِي الثَّانِيَةِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَالتَّمَتُّعُ بِالْوَطْءِ وَغَيْرُهُ فِيهِمَا جَائِزٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ اجْتِنَابُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا احْتِيَاطًا.
" وَلَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَطَلْقَةٌ " أَيْ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً " وَ " إنْ كُنْت حَامِلًا " بِأُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا " مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وكان بينهمادون سِتَّةِ أَشْهُرٍ " فَثَلَاثٌ " تَقَعُ لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الصِّفَتَيْنِ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَأَكْثَرَ فَطَلْقَةٌ أَوْ أُنْثَى فَأَكْثَرَ فَطَلْقَتَانِ أَوْ خُنْثَى فَطَلْقَةٌ وَوَقَفَتْ أُخْرَى لِتَبَيُّنِ حَالِهِ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ بِالْوِلَادَةِ " أَوْ " قَالَ " إنْ كَانَ حَمْلُك " أَوْ مَا فِي بَطْنِك " ذَكَرًا فَطَلْقَةٌ إلَى آخِرِهِ " أَيْ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا " فَلَغْوٌ " أَيْ فَلَا طَلَاقَ لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا ذَكَرًا أو أنثى فإن ولدت ذكرين أو أنثنين وَقَعَ الطَّلَاقُ وَتَعْبِيرِي فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِالْوَاوِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَوْ " أَوْ " قَالَ " إن ولدت " فأنت طالق " فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ " أَيْ بِخُرُوجِهِ كُلِّهِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ " وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي " سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْهَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمْ مِنْ حَمْلٍ آخَرَ بِأَنْ وَطِئَهَا بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ وَأَتَتْ بِالثَّانِي لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَخَرَجَ بِمُرَتَّبًا مَا لَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَإِنَّهَا وَإِنْ طَلُقَتْ وَاحِدَةً لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ وَضْعِهِمَا " أَوْ " قَالَ " كُلَّمَا وَلَدْت " فَأَنْت طَالِقٌ " فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مُرَتَّبًا وَقَعَ بِالْأَوَّلَيْنِ طَلْقَتَانِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ " وَلَا تَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ وَخَرَجَ بِالتَّصْرِيحِ بِزِيَادَتِي مُرَتَّبًا مَا لَوْ وَلَدَتْهُمْ مَعًا فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا إنْ نوى ولدا أو إلا فَوَاحِدَةً وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنْ وَلَدَتْ أَرْبَعًا مُرَتَّبًا وَقَعَ ثَلَاثٌ بِوِلَادَةِ ثَلَاثٍ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالرَّابِعِ.
" أَوْ " قَالَ " لِأَرْبَعِ " حَوَامِلَ كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ منكن " فصواحبها طوالق فولدت مَعًا طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا " لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثُ صَوَاحِبَ فَيَقَعُ بِوِلَادَتِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ وَلَا يَقَعُ بِهَا عَلَى نَفْسِهَا شيء ويعتددن جميعا بالإقراء.
__________
1 سورة القلم الآية: 14.

(2/100)


طلقتين وانقضت عدتهما بولادتهما أو ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا وَعِدَّةُ الْأَوْلَيَيْنِ باقية طلقتا ثلاثا ثلاثا والأخريان طلقتين طلقتين أو إن حضت طلقت بأول حيض مقبل أو حيضة فبتمامها مقبلة وحلفت على حيضها المعلق به طلاقها لا على ولادتها أو إن حضتما فأنتما طالقان فادعتاه وكذبهما حلف أو واحدة طلقت أو إن أو متى طَلَّقْتُك أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ آلَيْتُ أَوْ لاعنت أو فسخت فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ به وقع المنجز أو إن وطئتك مباحا فأنت طالق قبله ثم وطىء لم يقع أو علق بمشيئتها خطابا اشترطت فورا في غير نحو متى ويقع بقول المعلق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَصَوَاحِبُ جَمْعُ صَاحِبَةٍ كَضَارِبَةٍ وَضَوَارِبَ وَقَوْلِي كَالْأَصْلِ ثلاثا الثاني دافع لاحتمال إرادة طلاق الْمَجْمُوعِ ثَلَاثًا " أَوْ " وَلَدْنَ " مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الرَّابِعَةُ ثلاثا " بولادة كل من صواحبها الثلاث طلقة وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا " كَالْأُولَى فَإِنَّهَا " تَطْلُقُ ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا طَلْقَةً "إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا" عِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ " وَ " طَلُقَتْ " الثَّانِيَةُ طَلْقَةً " بِوِلَادَةِ الْأُولَى " وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ " بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ " وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا " أَيْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ " بِوِلَادَتِهِمَا " أَيْ إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ثَانِي تَوْأَمَيْهِمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ وَإِلَّا طَلُقَتَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَالْأُولَى تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَلَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لِلطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بَلْ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا وَشَرْطُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْوَلَدِ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ مَحَلِّهِ " أَوْ " وَلَدْنَ " ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا وَعِدَّةُ الْأَوْلَيَيْنِ بَاقِيَةٌ طَلُقَتَا " أَيْ الْأَوَّلِيَّانِ " ثَلَاثًا ثَلَاثًا " أَيْ طَلُقَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً " وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ " أَيْ طَلُقَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأَوْلَيَيْنِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي وَعِدَّةُ الْأَوْلَيَيْنِ بَاقِيَةٌ مَا لَوْ لَمْ تَبْقَ إلَى وِلَادَةِ الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا إلَّا طلقة واحدة وإن ولدت ثلاث معا ثم الرابعة طلب كُلٌّ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا وَإِنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا وَكُلٌّ مِنْ الباقيات طلقة وإن ولدت ثِنْتَانِ مُرَتَّبًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مُرَتَّبًا طَلُقَ كُلٌّ مِنْ الْأَوْلَيَيْنِ وَالرَّابِعَةِ ثَلَاثًا وَالثَّالِثَةِ طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ ثَلَاثًا وَكُلٌّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ طَلْقَةً وَتَبِينُ كُلٌّ منهما بولادتهما.
" أَوْ " قَالَ " إنْ حِضْت " فَأَنْت طَالِقٌ " طَلُقَتْ بِأَوَّلِ حَيْضٍ مُقْبِلٍ " فَلَوْ عَلَّقَ فِي حَالِ حَيْضِهَا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَشْرَعَ فِي الْحَيْضِ فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَبَيَّنَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ " أَوْ " إنْ حِضْت " حَيْضَةً " فَأَنْت طَالِقٌ " فَبِتَمَامِهَا مُقْبِلَةً " تَطْلُقُ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ اللَّفْظِ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِي " وَحَلَفَتْ عَلَى حَيْضِهَا الْمُعَلَّقِ بِهِ طَلَاقُهَا " وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا بِأَنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ فَتُصَدَّقُ فِيهِ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ بِهِ وَتَعَسَّرَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ بِخِلَافِ حَيْضِ غَيْرِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِخِلَافِ حَيْضِهَا الْمُعَلَّقِ بِهِ طَلَاقُ ضَرَّاتِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا إذْ لَوْ صُدِّقَتْ فِيهِ بِيَمِينِهَا لَزِمَ الْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ " لَا " عَلَى " وِلَادَتِهَا " الْمُعَلَّقُ بِهَا الطَّلَاقُ بِأَنْ قَالَتْ وَلَدَتْ وَأَنْكَرَ الزوج وقال هذا الولد مستعار لإمكان إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا " أَوْ " قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ " إنْ حضتما فأنتما طالقان فادعتاه وَكَذَّبَهُمَا حَلَفَ " فَلَا طَلَاقَ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِحَيْضِهِمَا وَلَمْ يَثْبُتْ وَإِنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا " أَوْ " كَذَّبَ " وَاحِدَةً " فَقَطْ " طَلُقَتْ " فَقَطْ إنْ حَلَفَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وحيض ضرتها بتصديق الزوج لهاوالمصدقة لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ " أَوْ " قَالَ " إنْ أَوْ مَتَى " مَثَلًا " طَلَّقْتُك أَوْ ظَاهَرْت منك أو اليت أو لاعنت أو فسحت " النِّكَاحَ بِعَيْبِك مَثَلًا " فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ " مِنْ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ " وَقَعَ الْمُنَجَّزُ " دُونَ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِهِ فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ إذْ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ وَشَبَّهَ هَذَا بِمَا لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بابن الميت يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْإِرْثِ أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا " مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثُمَّ وَطِئَ لَمْ يَقَعْ " طَلَاقٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَخَرَجَ الْوَطْءُ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا وَخُرُوجُهُ عَنْ ذَلِكَ مُحَالٌ وَسَوَاءٌ أَذَكَرَ ثَلَاثًا أَمْ لَا " أو علق بِمَشِيئَتِهَا خِطَابًا اُشْتُرِطَتْ " أَيْ مَشِيئَتُهَا " فَوْرًا " بِأَنْ تَأْتِيَ بِهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكَهَا الطَّلَاقَ كَطَلِّقِي نَفْسَك وَهَذَا " فِي غَيْرِ نَحْوِ مَتَى " أَمَّا فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ والتقييد بهذا من زيادتي.

(2/101)


بمشيئته شئت غير صبي ومجنون ولو كارها ولا رجوع لمعلق وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يشاء زيد طلقة فشاءها لم تطلق كما لو علقه بفعله أو بفعل من يبالي بتعليقه وقصد إعلامه به ففعل ناسيا أو مكرها أو جاهلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هُنَا وَإِنْ ذَكَرَ الْأَصْلُ حُكْمَ إنْ فِي الفصل السابق أما لو علقه بمشيئتهاغيبة كَأَنْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا كَأَنْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت فَزَوْجَتِي طَالِقٌ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهُ فِي الْأُولَى بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ فِيهِ " وَيَقَعُ " الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا " بِقَوْلِ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ " مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا " شِئْت " حَالَةَ كَوْنِهِ " غَيْرَ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ " سَكْرَانَ أَوْ " كَارِهًا " بِقَلْبِهِ إذْ لَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ لِخَفَائِهِ بل اللفظ الدَّالِّ عَلَيْهِ وَقَدْ وُجِدَ أَمَّا مَشِيئَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْمُعَلَّقِ بِهَا الطَّلَاقُ فَلَا يَقَعُ بِهَا إذْ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَلَا رُجُوعَ لِمُعَلِّقٍ " قَبْلَ الْمَشِيئَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تعليق الظَّاهِرِ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَرْجِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً.
" وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ طَلْقَةً فَشَاءَهَا " وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا " لَمْ تَطْلُقْ " نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَهَا فَلَا تَطْلُقِينَ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَدَخَلَهَا وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالِاسْتِثْنَاءِ وُقُوعَ طَلْقَةٍ إذَا شَاءَهَا وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أَوْ أَرَدْت عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا فَطَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ غَلُظَ عَلَى نَفْسِهِ " كَمَا " لَا تَطْلُقُ فِيمَا " لَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهِ " كَدُخُولِهِ الدَّارَ " أَوْ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ " بأن يشق عليه حنثه لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا " وَقَصَدَ " الْمُعَلِّقُ " إعْلَامَهُ بِهِ " وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُبَالِي بِالتَّعْلِيقِ " فَفَعَلَ " الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ " نَاسِيًا " لِلتَّعْلِيقِ " أَوْ " ذَاكِرًا لَهُ " مُكْرَهًا " عَلَى الْفِعْلِ " أَوْ " مُخْتَارًا " جَاهِلًا " بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَذَلِكَ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ "إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" أَيْ لَا يؤاخذهم بها ما لم يدل عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلِفِ فَالْفِعْلُ مَعَهَا كَلَا فعل فَإِنْ لَمْ يُبَالِ بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ أَوْ كَانَ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُعَلِّقُ إعْلَامَهُ طَلُقَتْ بِفِعْلِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ قَصْدُ إعْلَامِهِ بِهِ الَّذِي قَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَصْدِ مَنْعِهِ مِنْ الْفِعْلِ وَإِفَادَةِ طَلَاقِهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ بِهِ وَعَلِمَ بِهِ الْمُبَالِي مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا عَدَمُ طَلَاقِهَا فِيمَا إذَا قصد إعلامه بِهِ وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ مُؤَوَّلٌ هَذَا كُلُّهُ كَمَا رَأَيْت إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَمَّا لَوْ حَلَفَ على نفي شيء وقع جاهلا به.

(2/102)


فصل:
قال أنت طالق وأشار بأصبعين أو بثلاث لم يقع عدد إلا مع نيته أو هكذا فإن قال أردت المقبوضتين حلف ولو علق عبد طلقتيه بصفة وسيده حريته بها فعتق بها لم تحرم ولو نادى زوجة فأجابته أخرى فقال أنت طالق وظنها المناداة طلقت لا المناداة وَلَوْ عَلَّقَ بِغَيْرِ كُلَّمَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَبِنِصْفٍ فأكلت رمانة فطلقتان والحلف مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ فَإِذَا قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقٍ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي أَوْ إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فأنت طالق وقع المعلق بالحلف لا إن قال إذا طلعت الشمس أو جاء الحاج ويقع الآخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَوْ نَاسِيًا لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زيدا اليس فِي الدَّارِ وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَهُ وَنَسِيَ فَلَا طَلَاقَ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ خِلَافًا لِابْنِ الصلاح وقد أوضحته في شرح الروض.
فَصْلٌ: فِي الْإِشَارَةِ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ وَفِي غَيْرِهَا لَوْ.
" قَالَ " لِزَوْجَتِهِ " أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إلَّا مَعَ نِيَّتِهِ " عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِشَارَةِ هُنَا وَلَا بِقَوْلِهِ أَنْتِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِمَا ذَكَرَ " أَوْ " مَعَ قَوْلِهِ " هَكَذَا " وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَتَطْلُقُ فِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثًا لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِيهِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِذَلِكَ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ " فَإِنْ قَالَ أَرَدْت " بِالْإِشَارَةِ بِالثَّلَاثِ الْأُصْبُعَيْنِ " الْمَقْبُوضَتَيْنِ حَلَفَ " فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ لَا إنْ قَالَ أَرَدْت إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ اللَّفْظِ صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا يُقْبَلُ خِلَافُهَا " وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ طَلْقَتَيْهِ بِصِفَةٍ وَ " عَلَّقَ " سَيِّدُهُ حُرِّيَّتَهُ بِهَا " كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدُهُ لَهُ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ " فَعَتَقَ بِهَا " أَيْ بِالصِّفَةِ وَهِيَ فِي الْمِثَالِ مَوْتُ سَيِّدِهِ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ " لَمْ تَحْرُمْ " عَلَيْهِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الْعِدَّةِ وَتَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَقَعَا مَعًا لَكِنْ غَلَبَ الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ تَقَدَّمَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمُسْتَوْلَدَتِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ حَيْثُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مَعَ مَا ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ الْوَارِثُ بَقِيَ رق ما زاد عليه وحرمت عليه لأنه الْمُبَعَّضَ كَالْقِنِّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ وتحرم عليه أيضا إن لم يعتق بِتِلْكَ الصِّفَةِ بَلْ بِأُخْرَى مُتَأَخِّرَةٍ كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ سَيِّدِي وَقَالَ سَيِّدُهُ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ وَتَعْبِيرِي بِالصِّفَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ.
" وَلَوْ نَادَى زَوْجَةً " لَهُ " فَأَجَابَتْهُ أُخْرَى فَقَالَ " لَهَا " أَنْت طَالِقٌ وَظَنَّهَا الْمُنَادَاةَ " أَوْ غَيْرَهَا الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَلَمْ يقصد فيهما " طَلُقَتْ " لِأَنَّهَا خُوطِبَتْ بِالطَّلَاقِ " لَا الْمُنَادَاةُ " لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِهِ وَلَا قَصَدَ طَلَاقَهَا وَظَنَّ خطابها به لا يقتضي وقوعه عليه فَإِنْ قَصَدَ طَلَاقَهَا طَلُقَتْ مَعَ الْأُخْرَى " وَلَوْ عَلَّقَ بِغَيْرِ كُلَّمَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَبِنِصْفٍ " كَأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ " فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَطَلْقَتَانِ " لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ بِأَكْلِهَا فَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فثلاث لأنهاأكلت رُمَّانَةً مَرَّةً وَنِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ وَقَوْلِي بِغَيْرِ كُلَّمَا مِنْ زِيَادَتِي " وَالْحَلِفُ " بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ " مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ " عَلَى فِعْلٍ " أَوْ مَنْعٍ " مِنْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ " أَوْ تَحْقِيقِ خَبَرٍ " ذَكَرَهُ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ لِيَظْهَرَ صِدْقُ الْمُخْبِرِ فيه.
" فَإِذَا قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقٍ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي أَوْ إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فأنت

(2/103)


بصفته ولو قيل له استخبارا أطلقتها فقال نعم فإقرار به فإن قال أردت ماضيا وراجعت حلف أو قيل ذلك التماسا لإنشاء فقال نعم فصريح.
فصل:
علق بأكل رمانة أو رغيف فبقي حبة أو لبابة أو ببلعها تمرة بفيها وبرميها ثم بإمساكها فبادرت بأكل بعض أو رميه أو بعدم تمييز نواه عن نواها ففرقته أو صدقها في تهمة سرقة فقالت سرقت ما سرقت أو إخبارها بعدد حب فذكرت ما لَا تَنْقُصُ عَنْهُ ثُمَّ وَاحِدًا وَاحِدًا إلَى ما لا يزيد عليه أو إخبار كل من ثلاث بعدد ركعات الفرائض فقالت واحدة سبع عشرة وأخرى خمس عشرة وثالثة إحدى عشرة ولم يقصد تعيينا في الأربع لم يقع أو بنحو حين وقع بمضي لحظة أو بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ أَوْ لَمْسِهِ أَوْ قَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ حيا وميتا لا بضربه وَلَوْ خَاطَبَتْهُ بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ يَا خَسِيسُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طَالِقٌ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ" لِأَنَّ مَا قَالَهُ حَلِفٌ بِأَقْسَامِهِ السَّابِقَةِ " لَا إنْ قَالَ " بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْحَلِفِ " إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحَاجُّ " فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَحْثٌ وَلَا مَنْعٌ وَلَا تَحْقِيقُ خبر " ويقع الآخر بِصِفَتِهِ " مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ كَوْنِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أو من طلوع الشمس أَوْ مَجِيءِ الْحَاجِّ " وَلَوْ قِيلَ لَهُ اسْتِخْبَارًا أَطَلَّقْتهَا " أَيْ زَوْجَتَك " فَقَالَ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ بِهِ " أي بالطلاق فإن كان كذبا فَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْبَاطِنِ " فَإِنْ قَالَ أَرَدْت " طَلَاقًا " مَاضِيًا وَرَاجَعْت " بَعْدَهُ " حَلَفَ " فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَرَاجَعْت وَبَانَتْ وَجَدَدْت نِكَاحَهَا فَكَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَفَسَّرَ بِذَلِكَ " أَوْ قِيلَ " له " ذلك التماسا لإنشاء فَقَالَ نَعَمْ" أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يُرَادِفُهَا كَجَيْرٍ وَأَجَلٍ " فَصَرِيحٌ " فَيَقَعُ حَالًا لِأَنَّ نَعَمْ أَوْ نَحْوَهَا قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتهَا الْمُرَادُ لِذِكْرِهِ فِي السُّؤَالِ وَلَوْ جُهِلَ حَالُ السُّؤَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ.
فَصْلٌ: فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ.
لَوْ " عَلَّقَـ "ـه " بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ " كَأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْت هَذِهِ الرُّمَّانَةَ أَوْ هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ " فَبَقِيَ " مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَكْلِهَا لَهُ " حَبَّةٌ أَوْ لُبَابَةٌ " لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ أَوْ الرَّغِيفَ نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ إنْ بَقِيَ فُتَاتٌ يَدِقُّ مُدْرَكَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَوْقِعٌ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ " أَوْ " عَلَّقَهُ " ببلعها تمرة بفيها وبرميها ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا " كَأَنْ قَالَ إنْ بَلَعْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ رَمَيْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ " فَبَادَرَتْ " مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّعَالِيقِ " بِأَكْلِ بَعْضٍ " مِنْهَا " أَوْ رَمْيِهِ " لَمْ يَقَعْ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ البعض أو رميه فلا يتخلص بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ وَقَوْلِي وَبِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِي أَوْ رَمْيِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ بِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِهِ وَرَمْيِ بَعْضٍ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ التَّعْلِيقِ بِرَمْيِهَا عَنْ التَّعْلِيقِ بِابْتِلَاعِهَا وَلَا الجمع بين أكل بعضها أو رمي بَعْضِهَا " أَوْ " عَلَّقَهُ " بِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَوَاهُ عَنْ نَوَاهَا " الْمُخْتَلِطَيْنِ كَأَنْ قَالَ إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ عَنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ " فَفَرَّقَتْهُ " بِأَنْ جَعَلْت كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا " أَوْ " بِعَدَمِ " صِدْقِهَا فِي تُهْمَةِ سَرِقَةٍ " كَأَنْ قَالَ وَقَدْ اتَّهَمَهَا بِهَا إنْ لَمْ تُصَدِّقِينِي فَأَنْت طَالِقٌ " فَقَالَتْ سَرَقْت مَا سَرَقْت أَوْ " بِعَدَمِ " إخْبَارِهَا بِعَدَدِ حَبٍّ " كَأَنْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ فَأَنْت طَالِقٌ " فَذَكَرْت مَا " أَيْ عَدَدًا " لَا تَنْقُصُ عَنْهُ ثُمَّ وَاحِدًا وَاحِدًا إلَى مَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ " كَأَنْ تَذْكُرَ مِائَةً ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا وَاحِدًا فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَهَكَذَا حَتَّى تَبْلُغَ مَا يَعْلَمْ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ.
" أَوْ " لعدم " إخْبَارِ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثٍ " مِنْ زَوْجَاتِهِ " بِعَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرَائِضِ " كَأَنْ قَالَ لَهُنَّ مَنْ لَمْ تخبرني منكن بعدد ركعات الفرائض الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ " فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ " أَيْ فِي الْغَالِبِ " وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ " أَيْ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ " وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ " أَيْ لِمُسَافِرٍ " وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْيِينًا فِي " هَذِهِ الْمَسَائِلِ " الْأَرْبَعِ لَمْ يَقَعْ " طَلَاقٌ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ فِي الْأُولَى وَلِصِدْقِ الْمُخَاطَبَةِ فِي أَحَدِ الْإِخْبَارَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِإِخْبَارِهَا بِعَدَدِ الْحَبِّ فِي الثَّالِثَةِ وَلِصِدْقِهِنَّ فيما ذكرن من العددفي الرَّابِعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ تَعْيِينًا فَلَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ قَصْدِ التَّعْيِينِ فِي الرَّابِعَةِ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " عَلَّقَهُ " بِنَحْوِ حِينٍ " كَزَمَانٍ كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ بَعْدَ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ " وَقَعَ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ " لِصِدْقِ الْحِينِ وَالزَّمَانِ بِهَا.

(2/104)


فقال إن كنت كذا فأنت طالق فإن قصد مكافأتها وقع وإلا فتعليق والسفيه من به مناف لإطلاق التصرف والخسيس من باع دينه بدنياه وَيُشْبِهُ أَنَّهُ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بخلا وَالْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي زَكَاةً أَوْ لَا يقري ضيفا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى بمعنى بعد وفارق ذلك والله لأقضين حقك إلى حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ " أَوْ " عَلَّقَهُ " بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ أَوْ لَمْسِهِ أَوْ قَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ " التَّعْلِيقُ " حَيًّا وَمَيِّتًا " أَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ وَاللَّمْسِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْقَذْفِ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ وَيَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ الْبَدَنِ وَلَمْسِهِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَلَا لَمْسُهَا " لَا بِضَرْبِهِ " الْمُعَلَّقِ بِهِ الطَّلَاقُ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ التَّعْلِيقُ مَيِّتًا لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ الْإِيلَامُ وَالْمَيِّتُ لَا يُحِسُّ بِالضَّرْبِ حَتَّى يَتَأَلَّمَ بِهِ.
" وَلَوْ خَاطَبَتْهُ بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ يَا خَسِيسُ فَقَالَ " لها " إن كنت كذا " أي سفيها وخسيسا " فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ " بِذَلِكَ " مُكَافَأَتَهَا " بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ أَيْ إغَاظَتَهَا بِالطَّلَاقِ كَمَا أَغَاظَتْهُ بِمَا يَكْرَهُهُ " وَقَعَ " حَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا أَوْ خَسِيسًا " وَإِلَّا " بِأَنْ قَصَدَ تَعْلِيقًا أَوْ أَطْلَقَ " فَتَعْلِيقٌ " فَلَا يَقَعُ إلَّا بِوُجُودِ الصِّفَةِ نَظَرًا لِوَضْعِ اللَّفْظِ " وَالسَّفِيهُ مِنْ بِهِ مُنَافٍ لِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ " كَأَنْ يُبَلِّغَ مُبَذِّرًا يَضَعُ الْمَالَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ الْجَائِزِ " وَالْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ " بِأَنْ يَتْرُكَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِهَا قَالَ الشَّيْخَانِ " وَيُشْبِهُ أَنَّهُ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بُخْلًا " بِمَا يَلِيقُ بِهِ لَا زُهْدًا وَلَا تَوَاضُعًا وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ " وَالْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي زَكَاةً أَوْ لَا يَقْرِي ضَيْفًا " هَذَا مِنْ زيادتي.

(2/105)