فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب الرضاع.
أركانه رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ وَشُرِطَ فِيهِ كَوْنُهُ آدَمِيَّةً حية بلغت سن حيض وفي الرضيع كونه حيا ولم يبلغ حولين يقينا وفي اللبن وصوله أو ما حصل منه جوفا ولو اختلط أو بإيجار أو إسعاط أو بعد موت المرأة لا بحقنة أو تقطير في نحو أذن وشرطه كونه خمسا يقينا عرفا فلو قطع إعراضا أو قطعته تعدد أو لنحو لهو وعاد حالا أو تحول إلى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الرضاع.
وهو بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا لُغَةً اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وشرب لبنه وشرعا اسم لحصول لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي مَعِدَةِ طِفْلٍ أَوْ دِمَاغِهِ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} 1وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَتَقَدَّمَتْ الْحُرْمَةُ بِهِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ.
" أَرْكَانُهُ " ثَلَاثَةٌ " رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ وَشُرِطَ فِيهِ كَوْنُهُ آدَمِيَّةً حَيَّةً " حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً " بَلَغَتْ " وَلَوْ بِكْرًا " سِنَّ حَيْضٍ " أَيْ تِسْعَ سِنِينَ قَمَرِيَّةً تَقْرِيبِيَّةً فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمٌ بِلَبَنِ رَجُلٍ أَوْ خُنْثَى مَا لَمْ تَتَّضِحْ أُنُوثَتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَائِعَاتِ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ فِي لَبَنِ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ لَبَنُ الْخُنْثَى بِأَنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ وَلَا بِلَبَنِ جِنِّيَّةٍ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُثْبِتُ النَّسَبَ وَاَللَّهُ قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَهَذَا لَا يَخْرُجُ بِتَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِامْرَأَةٍ وَلَا بِلَبَنِ مَنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لِأَنَّهَا كَالْمَيْتَةِ وَلَا بِلَبَنِ ميتة لأنه من جثة مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ وَلَا بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ حَيْضٍ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ وَاللَّبَنُ الْمُحَرِّمُ فَرْعُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَتْهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا فَاحْتِمَالُ الْبُلُوغِ قَائِمٌ وَالرَّضَاعُ تِلْوُ النَّسَبِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ.
" وَ " شُرِطَ " فِي الرَّضِيعِ كَوْنُهُ حَيًّا " حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً فَلَا أَثَرَ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِ غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي " وَ " كَوْنُهُ " لَمْ يَبْلُغْ حَوْلَيْنِ " فِي ابْتِدَاءِ الْخَامِسَةِ وَإِنْ بَلَغَهُمَا فِي أَثْنَائِهَا " يَقِينًا " فَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ بَعْدَهُمَا وَلَا مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ لِخَبَرِ: "لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِخَبَرِ لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِآيَةِ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} 2 وَلِلشَّكِّ فِي سَبَبِ التَّحْرِيمِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ فَمَخْصُوصٌ بِهِ وَيُقَالُ مَنْسُوخٌ وَيُعْتَبَرَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كُمِّلَ بِالْعَدَدِ مِنْ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ.
" وَ " شُرِطَ " فِي اللَّبَنِ وُصُولُهُ أَوْ " وُصُولُ " مَا حَصَلَ مِنْهُ " مِنْ جُبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ " جَوْفًا " مِنْ مَعِدَةٍ أَوْ دِمَاغٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ من زيادتي " ولو اختلط " بغيره غَالِبًا كَانَ أَوْ مَغْلُوبًا وَإِنْ تَنَاوَلَ بَعْضَ المخلوق " أَوْ " كَانَ " بِإِيجَارٍ " بِأَنْ يُصَبَّ اللَّبَنُ فِي الحلق فيصل إلى معدته " أو إسعاط " بِأَنْ يُصَبَّ اللَّبَنُ فِي الْأَنْفِ فَيَصِلَ إلَى الدِّمَاغِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ " أَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ " لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهُوَ مُحْتَرَمٌ " لا " وصوله " بحقنة أَوْ تَقْطِيرٍ فِي نَحْوِ أُذُنٍ " كَقُبُلٍ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي " وَشَرْطُهُ " أَيْ الرَّضَاعِ لِيُحَرِّمَ " كَوْنُهُ خَمْسًا " مِنْ الْمَرَّاتِ انْفِصَالًا وَوُصُولًا لِلَّبَنِ " يَقِينًا " فَلَا أَثَرَ لِدُونِهَا وَلَا مَعَ الشَّكِّ فِيهَا كَأَنْ تَنَاوَلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ مَا لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ خَالِصِهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ للشك في سبب التحريم وقد ورى مسلم عن عائشة.
__________
1 سورة النساء الآية: 23.
2 سورة البقرة الآية: 233.

(2/136)


ثديها الآخر أو قامت لشغل خفيف فعادت فلا ولو حلب منها دفعة وأوجره خمسا أو عكسه فرضعة وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَذُو اللَّبَنِ أَبَاهُ وَتَسْرِي الحرمة إلى أصولهما وفروعهما وحواشيهما وإلى فروع الرَّضِيعِ وَلَوْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسٍ لَبَنُهُنَّ لِرَجُلٍ من كل رضعة صار ابنه فيحرمن عليه لا خمس بنات أو أخوات له واللبن لمن لحقه ولد نزل به ولو نفاه انتفى اللبن ولو وطىء واحد منكوحة أو اثنان امرأة بشبهة فولدت فاللبن لمن لحقه الولد ولا تنقطع نسبة اللبن عن صاحبه إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ فَاللَّبَنُ بَعْدَهَا لَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وضي اللَّهُ عَنْهَا كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ أَيْ يتلى حكمهن أو يقرؤهن من لم يبلغه النسخ لِقُرْبِهِ وَقُدِّمَ مَفْهُومُ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى مَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسٍ أَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هي السبب الْإِدْرَاكِ خَمْسٌ " عُرْفًا " أَيْ ضُبِطَ الْخَمْسُ بِالْعُرْفِ.
" فَلَوْ قَطَعَ " الرَّضِيعُ الرَّضَاعَ " إعْرَاضًا " عَنْ الثَّدْيِ " أَوْ قَطَعَتْهُ " عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فِيهِمَا " تَعَدَّدَ " الرَّضَاعُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ مِنْهُ إلَّا قَطْرَةٌ وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي " أو " قطعا " لِنَحْوِ لَهْوٍ " كَتَنَفُّسٍ وَنَوْمٍ خَفِيفٍ وَازْدِرَادِ مَا اجْتَمَعَ فِي فَمِهِ " وَعَادَ حَالًا أَوْ تَحَوَّلَ " وَلَوْ بِتَحْوِيلِهَا مِنْ ثَدْيٍ " إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَى ثَدْيٍ " أَوْ قَامَتْ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ فَعَادَتْ فَلَا " تَعَدُّدَ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَالْأَخِيرَةُ مَعَ نَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَوْ حُلِبَ مِنْهَا " لَبَنٌ " دَفْعَةً وَأَوْجَرَهُ خَمْسًا " أَيْ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ " أَوْ عَكْسُهُ " أَيْ حُلِبَ مِنْهَا فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ وَأَوْجَرَهُ دَفْعَةً " فَرَضْعَةٌ " نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حُلِبَ من خمس نسوة في طرف وَأَوْجَرَهُ وَلَوْ دَفْعَةً فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةٌ " وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَذُو اللَّبَنِ أَبَاهُ وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ " مِنْ الرَّضِيعِ " إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا " نَسَبًا وَرَضَاعًا " وَإِلَى فُرُوعِ الرَّضِيعِ " كَذَلِكَ فَتَصِيرُ أَوْلَادُهُ أَحْفَادَهُمَا وَآبَاؤُهُمَا أَجْدَادَهُ وَأُمَّهَاتُهُمَا جَدَّاتِهِ وَأَوْلَادُهُمَا إخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ وَإِخْوَةُ الْمُرْضِعَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ وَأُخُوَّةُ ذِي اللَّبَنِ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامَهُ وَعَمَّاتِهِ وَخَرَجَ بِفُرُوعِ الرَّضِيعِ أُصُولُهُ وَحَوَاشِيهِ فَلَا تَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُ إلَيْهِمَا وَيُفَارِقَانِ أُصُولَ الْمُرْضِعَةِ وَحَوَاشِيهَا بِأَنَّ لَبَنَ الْمُرْضِعَةِ كَالْجُزْءِ مِنْ أُصُولِهَا فَسَرَى التَّحْرِيمُ بِهِ إلَيْهِمْ وَإِلَى الْحَوَاشِي بِخِلَافِهِ فِي أُصُولِ الرَّضِيعِ.
" وَلَوْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسٍ لَبَنُهُنَّ لِرَجُلٍ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً " كَخَمْسٍ مُسْتَوْلَدَاتٍ لَهُ " صَارَ ابْنَهُ " لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ " فيحرمن عليه " لأنهن موطوءات أَبِيهِ وَلَا أُمُومَةَ لَهُنَّ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ " لَا " إنْ ارْتَضَعَ مِنْ " خَمْسِ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ لَهُ " أَيْ لِرَجُلٍ فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُ وبين الرضيع لأنها لو ثبتت لكان الرجل جد الأم أو خالا والجدودة للأم والخوؤلة إنَّمَا ثَبَتَتْ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ " وَاللَّبَنُ لِمَنْ لَحِقَهُ وَلَدٌ نَزَلَ " اللَّبَنُ " بِهِ " سَوَاءٌ أَكَانَ بِنِكَاحٍ أَمْ مِلْكٍ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي أَمْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِوَطْءِ زِنًا إذْ لَا حُرْمَةَ لِلَبَنِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أَنْ يَنْكِحَ الْمُرْتَضِعَةَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَكِنْ تُكْرَهُ " وَلَوْ نَفَاهُ " أَيْ نَفَى مَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ الْوَلَدَ " انْتَفَى اللَّبَنُ " النَّازِلُ بِهِ حَتَّى لَوْ ارْتَضَعَتْ بِهِ صَغِيرَةٌ حَلَّتْ لِلنَّافِي فَلَوْ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ لَحِقَهُ الرَّضِيعُ أَيْضًا.
" وَلَوْ وَطِئَ وَاحِدٌ مَنْكُوحَةً أَوْ اثْنَانِ امرأة بشبهة " فيهما " فَوَلَدَتْ " وَلَدًا " فَاللَّبَنُ " النَّازِلُ بِهِ " لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ " إمَّا بِقَائِفٍ بِأَنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ انْحَصَرَ الْإِمْكَانُ فِي وَاحِدٍ منهما أو لم يكن قائف أو لحقه بهما أو نفاه عنهما أو أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَانْتَسَبَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَ إفَاقَتِهِ مِنْ نَحْوِ جُنُونٍ فَالرَّضِيعُ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ وَلَدُ رَضَاعٍ لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ لِأَنَّ اللَّبَنَ تَابِعٌ لِلْوَلَدِ فَإِنْ مَاتَ قبل الِانْتِسَابُ وَلَهُ وَلَدٌ قَامَ مَقَامَهُ أَوْ أَوْلَادٌ وَانْتَسَبَ بَعْضُهُمْ لِهَذَا وَبَعْضُهُمْ لِذَاكَ دَامَ الْإِشْكَالُ فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ الِانْتِسَابِ أَوْ بَعْدَهُ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ انْتَسَبَ الرَّضِيعُ وَحَيْثُ أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لكن يحرم عليه النكاح بنت أحدهما ونحوهما بِخِلَافِ الْوَلَدِ وَمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الِانْتِسَابِ " وَلَا تَنْقَطِعُ نِسْبَةُ اللَّبَنِ عَنْ صَاحِبِهِ " وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ انْقَطَعَ اللَّبَنُ وَعَادَ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثُ مَا يحال عليه " إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ فَاللَّبَنُ بَعْدَهَا لَهُ " أَيْ لِلْآخَرِ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَبِلَهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ دَخَلَ وَقْتَ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الْآخَرِ لِأَنَّ اللَّبَنَ غِذَاءٌ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ فَيَتْبَعُ الْمُنْفَصِلَ سَوَاءٌ أَزَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ أَمْ لَا وَيُقَالُ إنَّ أَقَلَّ مُدَّةٍ يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أعم مما ذكره.

(2/137)


فصل
تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا انفسخ نكاحه ولها نصف مهرها وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ نِصْفُ مهر المثل فَإِنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ سَاكِتَةٍ فَلَا غرم أو أم كبيرة تحته انفسختا وله نكاح أيتهما أو بنتها حرمت الكبيرة أبدا والصغيرة ربيبة والغرم ما مر لا إن وطىء الكبيرة فله لأجلها مهر مثل أو الكبيرة حرمت أبدا وكذا الصغيرة إن ارتضعت بلبنه وإلا فربيبة وينفسخ كما لو أرضعت ثلاث صغائر تحته ولو أرضعت أجنبية زوجتيه انفسختا ولو نكحت مطلقته صغيرا أرضعته بلبنه حرمت عليهما أبدا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي طُرُوُّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ مَعَ الْغُرْمِ بِسَبَبِ قَطْعِهِ النِّكَاحَ.
لَوْ كَانَ " تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا " كَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ بِلَبَنِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَزَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ أَوْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ لَهُ وَلَوْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ " انْفَسَخَ نِكَاحُهُ " مِنْهَا لِصَيْرُورَتِهَا مَحْرَمًا لَهُ كَمَا صَارَتْ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ وَمِنْ زَوْجَتِهِ الْأُخْرَى لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى " وَلَهَا " أَيْ لِلصَّغِيرَةِ عَلَيْهِ " نِصْفُ مَهْرِهَا " المسمى إن كان صحيحا وإلا فنصف مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ فِرَاقٌ قَبْلَ الْوَطْءِ " وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ " بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي " إنْ لَمْ يأذن " في إرضاعها " نصف مهر المثل " وَإِنْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ كُلَّ الْبُضْعِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ " فَإِنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ " مُسْتَيْقِظَةٍ " سَاكِتَةٍ فَلَا غُرْمَ " لَهَا لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِسَبَبِهَا وَذَلِكَ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا لَهُ عَلَى مَنْ ارْتَضَعَتْ هِيَ مِنْهَا لأنها لم تصنع شيئا وتغرم له المرضعة مَهْرَ مِثْلٍ لِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى أَوْ نِصْفَهُ وَقَوْلِي أَوْ سَاكِتَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الرَّضَاعِ كَالْإِرْضَاعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ " أَوْ " أَرْضَعَتْهَا " أُمُّ كَبِيرَةٍ تَحْتَهُ " أَيْضًا " انْفَسَخَتَا " أَيْ نِكَاحُهُمَا لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى " وَلَهُ نِكَاحُ أَيَّتِهِمَا " شَاءَ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا " أَوْ " أَرْضَعَتْهَا " بِنْتُهَا " أَيْ الْكَبِيرَةُ " حرمت الكبيرة أبدا " لأنها صارت أم زوجته " والصغيرة ربيبة " فتحرم أبدا إلى وطء الْكَبِيرَةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ.
" وَالْغُرْمُ " لِلصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ " مَا مَرَّ " فَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهِمَا " لَا إنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ فَلَهُ لِأَجْلِهَا " عَلَى الْمُرْضِعَةِ " مَهْرُ مِثْلٍ " كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِبِنْتِهَا أَوْ أُمِّهَا الْمَهْرُ بِكَمَالِهِ وَقَوْلِي وَالْغُرْمُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ " أَوْ " أَرْضَعَتْهَا " الْكَبِيرَةُ حَرُمَتْ أَبَدًا " لِمَا مَرَّ " وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ أَرْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِ " لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ " فَرَبِيبَةٌ " لَهُ فَإِنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ أَبَدًا وَإِلَّا فَلَا " وَيَنْفَسِخُ " وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُمِّ " كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ " أَيْ الْكَبِيرَةُ " ثَلَاثَ صَغَائِرَ تَحْتَهُ " مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ ارْتَضَعْنَ بِلَبَنِهِ وإلا فربيبات وينفسخن وإن لم يحر من سواء أرضعتهن معا بإيجارهن الرضعة الخامسة أو بإلقام ثَدْيَيْهَا ثِنْتَيْنِ وَإِيجَارِ الثَّالِثَةِ مِنْ لَبَنِهَا لِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ وَلِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ أَمْ مُرَتَّبًا فَتَنْفَسِخُ الْأُولَى بِرَضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ بِرَضَاعِ الثَّالِثَةِ لِاجْتِمَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أُخْتِهَا فِي النِّكَاحِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ ارْتَضَعَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ إنْ لَمْ تَحْرُمْ وَحَيْثُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ فَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ.
" وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ " مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ " انْفَسَخَتَا " وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا دُونَهُمَا " وَلَوْ نَكَحَتْ مُطَلَّقَتُهُ صَغِيرًا أرضعته بِلَبَنِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا " لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةَ ابْنِ الْمُطَلِّقِ وَأُمَّ الصَّغِيرِ وَزَوْجَةَ أَبِيهِ.

(2/138)


فصل
أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا محرما وأمكن حرم تناكحهما أو زوجان فرقا ولها مهر مثل إن وطئها معذورة أو ادعاه فأنكر انفسخ ولها المهر إن وطىء وإلا فنصفه أو عكسه حلف إن زوجت برضاها به أو مكنته وإلا حلفت ولها مهر مثل بشرطه السابق وحلف منكر رضاع على نفي علمه ومدعيه على بت ويثبت هو والإقرار به بما يأتي في الشهادات وتقبل شهادة مرضعة لم تطلب أجرة وإن ذكرت فعلها وشرط الشهادة ذكر وقت وعدد وتفرقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمَا يذكر معهما.
لو " أقرر جل أَوْ امْرَأَةٌ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا " كَقَوْلِهِ هِنْدٌ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ أَوْ عَكْسِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَأَمْكَنَ " ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يكذبه حس " حرم تناكحهما " مؤاخذة لكل منهمابإقراره بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ كَأَنْ قال فلانة بنتي وهي أسن منه " أَوْ " أَقَرَّ بِذَلِكَ " زَوْجَانِ فُرِّقَا " أَيْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا " وَلَهَا " الْمَهْرُ مِنْ مُسَمًّى أَوْ " مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَهَا مَعْذُورَةً " كَأَنْ كَانَتْ جَاهِلَةً بِالْحَالِ أَوْ مُكْرَهَةً وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ وَتَعْبِيرِي بِالْمَهْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَهْرِ مِثْلٍ وَقَوْلِي مَعْذُورَةً مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ ادَّعَاهُ " أَيْ الرَّضَاعَ الْمُحَرِّمَ " فَأَنْكَرَتْ انْفَسَخَ " النِّكَاحُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ " وَلَهَا " عَلَيْهِ " الْمَهْرُ " الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَمَهْرُ مِثْلٍ " إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ " وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَتَعْبِيرِي بِالْمَهْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسَمَّى " أَوْ عَكْسُهُ " بِأَنْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَأَنْكَرَهُ " حَلَفَ " فَيُصَدَّقُ " إنْ زُوِّجَتْ " مِنْهُ " بِرِضَاهَا بِهِ" بِأَنْ عَيَّنَتْهُ فِي إذْنِهَا " أَوْ مَكَّنَتْهُ " مِنْ نَفْسِهَا لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ بِحِلِّهِ لها " وإلا " بأن زوجها مجبر أو أدنت وَلَمْ تُعَيِّنْ أَحَدًا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا فِيهِمَا " حَلَفَتْ " فَتُصَدَّقُ لِاحْتِمَالِ مَا تَدَّعِيهِ وَلَمْ يَسْبِقْ مَا يُنَافِيهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرْته قَبْلَ النِّكَاحِ وَقَوْلِي بِهِ أَوْ مَكَّنَتْهُ مَعَ تَحْلِيفِهَا مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلَهَا " فِي الصُّوَرِ " مَهْرُ مِثْلٍ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ " مِنْ أَنَّهُ يَطَؤُهَا مَعْذُورَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا عَمَلًا بِقَوْلِهَا فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ نَعَمْ إنْ أَخَذَتْ الْمُسَمَّى فَلَيْسَ لَهُ طلب رده لزعمه أنه له والورع به فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الرَّضَاعَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَقَوْلِي بِشَرْطِهِ السَّابِقِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إنْ وَطِئَ " وَحَلَفَ مُنْكِرُ رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ " لِأَنَّهُ يَنْفِي فِعْلَ غَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى فِعْلِهِ فِي الِارْتِضَاعِ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا " وَ " حَلَفَ " مُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ " لِأَنَّهُ يُثْبِتُهُ سَوَاءٌ فِيهِمَا الرَّجُلُ والمرأة وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ وَرُدَّتْ عَلَى الْآخَرِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ " وَيَثْبُتُ هُوَ " أَيْ الرَّضَاعُ " وَالْإِقْرَارُ بِهِ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ " مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَأَنَّ الْإِقْرَارِ بِهِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا "وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُرْضِعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً" لِلرَّضَاعِ " وإن ذكرت فعلها ".

(2/139)


ووصول لبن جوفه ويعرف بنظر حلب وإيجار وازدراد أو قرائن كامتصاص ثَدْيٍ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهَا ذَاتُ لبن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَأَنْ قَالَتْ أَرْضَعْتهمَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوِلَادَةِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهَا النَّفَقَةُ وَالْمِيرَاثُ وَسُقُوطُ الْقَوَدِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَهُوَ الرَّضِيعُ أَمَّا إذَا طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ فَلَا تُقْبَلُ شهادتها اتهامها بِذَلِكَ وَلَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي.
" وَشَرْطُ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ وَقْتٍ " لِلرَّضَاعِ احْتِرَازًا عَمَّا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِي الرَّضِيعِ وَعَمَّا قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ فِي الْمُرْضِعَةِ وَعَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فِيهِمَا " وَعَدَدٌ " لِلرَّضَعَاتِ احْتِرَازًا عَمَّا دُونَ خَمْسٍ " وَتَفْرِقَةٌ " لَهَا احترازا عن إطلاقها بِاعْتِبَارِ مَصَّاتِهِ أَوْ تَحَوُّلِهِ مِنْ أَحَدِ ثَدْيَيْهَا إلَى الْآخَرِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ " وَوُصُولُ لَبَنٍ جَوْفَهُ " احْتِرَازًا عَمَّا لَمْ يَصِلْهُ " وَيُعْرَفُ " وُصُولُهُ " بِنَظَرِ حَلَبٍ " بِفَتْحِ اللَّامِ " وَإِيجَارٍ وَازْدِرَادٍ أَوْ قَرَائِنَ كَامْتِصَاصٍ مِنْ ثَدْيٍ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ " أَمَّا قَبْلَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ بَلْ يَعْتَمِدُهَا وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ.

(2/140)