الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الطهارة:
وهى ارتفاع الحدث وما في معناه1 وزوال النجس أو ارتفاع حكم ذلك.
أقسام الماء ثلاثة: طهور بمعنى المطهر لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس الطارىء غيره وهو الباقي على خلقته حقيقة أو حكما ومنه ماء البحر وما استهلك فيه مائع طاهر أو ماء مستعمل يسير: فتصح الطهارة به ولو كان الماء الطهور لا يكفى لها قبل الخلط ومنه مشمس ومتروح بريح ميتة إلى جانبه ومسخن بطاهر ومتغير بمكثه أو بطاهر يشق صون الماء عنه كنابت فيه وورق شجر وطحلب وسمك ونحوه من دواب البحر وجراده ونحوه مما لا نفس له سائلة وآنية أدم ونحاس ونحوه ومقر وممر فكله غير مكروه كماء الحمام وان غيره غير ممازج كدهن وقطران وزفت وشمع وقطع كافور وعود قماري وعنبر إذا لم يستهلك في الماء ولم يتحلل فيه أو ملح مائي أو سخن بمغصوب أو اشتد حره أو برده فطهور مكروه وكذا مسخن بنجاسة إن لم يحتج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يشير بهذا إلى ما حصل بغسل الميت ووضوء المستحاضة والأغسال المستحبة وتكرار الغسلات في الطهارة.

 

ج / 1 ص -4-  إليه ويكره إيقاد النجس وماء بئر في مقبرة وماء بئر في موضع غصب أو حفرها أو أجرته غصب وما ظن تنجيسه واستعمال ماء زمزم في إزالة النجس فقط ولا يكره ما جرى على الكعبة في ظاهر كلامهم فهذا كله يرفع الأحداث: جمع حدث ـ وهو ما اوجب وضوء أو غسلا ـ إلا حدث رجل وخنثى بماء خلت به امرأة ويأتي.
والحدث ليس نجاسة بل معنى يقوم بالبدن تمنع معه الصلاة والطواف والمحدث ليس نجسا فلا تفسد الصلاة بحمله وهو من لزمه للصلاة ونحوها وضوء أو غسل أو تيمم لعذر.
والطاهر ضد النجس والمحدث ويزيل الأنجاس الطارئة1 ـ جمع نجس وهو كل عين حرم تناولها مع إمكانه لا لحرمتها ولا لاستقذارها ولا لضرر بها في بدن أو عقل قاله في المطلع ـ وهى النجاسة العينية ولا تطهر بحال وإذا طرأت النجاسة على محل طاهر فنجسته ولا بانقلاب بنفسه كعصير تخمر فمتنجس ونجاسته حكمية يمكن تطهيرها ويأتي ولا يباح ماء آبار ثمود غير بئر الناقة ـ قال الشيخ تقي الدين: وهى البئر الكبيرة التي يزدها الحجاج في هذه الأزمنة انتهى ـ فظاهره لا تصح الطهارة به كماء مغصوب أو ثمنه المعين حرام فيتيمم معه لعدم غيره يكره ماء بئر ذروان وبرهوت2.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 معطوف على قوله: يرفع الأحداث.
2 الأولى بالمدينة وهي التي ألقى فيها سحر النبي صلى الله عليه وسلم والثانية بحضرموت للحديث.

 

ج / 1 ص -5-  فصل الثاني طاهر:
كماء ورد ونحوه وطهور خالطه طاهر فغيره في غير محل التطهير ـ وفى محله طهور ـ أو غلت على أجزائه أو طبخ فيه فغيره أو وضع فيه ما يشق صونه عنه قصدا أو ملح معدني فغيره لأنه ليس بماء مطلق ولو حلف لا يشرب ماء فشربه لم يحنث ولو وكله في شراء ماء فاشتراه لم يلزم الموكل ويسلبه الطهورية إذا خلط يسيره بمستعمل ونحوه بحيث لو خالفه في الصفة غيره ولو بلغا قلتين ـ ويقدر المخالف بالوسط: قال ابن عقيل: يقدر خلا ـ أو كانا مستعملين فبلغا قلتين أو غير أحد أوصافه لونه أو طعمه أو ريحه أو كثيرا من صفة لا يسيرا منها ولو في غير الرائحة ولا بتراب ولو وضع قصدا مالم يصر طينا فان صفى من التراب فطهور ولا بما ذكر في أقسام الطهور1 ويسلبه استعماله في رفع حدث وغسل ميت إن كان يسيرا لا كثيرا وان غسل رأسه بدلا عن مسحه أو استعمل في طهارة مستحبة كالتجديد وغسل الجمعة والغسلة الثانية والثالثة أو في غسل ذمية لحيض ونفاس وجنابة فطهور مكروه2 وان استعمل في غير مستحبة كالغسلة الرابعة في الوضوء والغسل والثامنة في إزالة النجاسة والتبرد والتنظيف ونحو ذلك فطهور غير مكروه ولو اشترى ماء فبان قد توضأ به فعيب3 لاستقذاره عرفا ويسلبه إذا غمس غير صغير ومجنون وكافر يده كلها لا عضوا من أعضائه غيرها ـ واختار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: لا يخرج الماء عن الطهورية إلى الطهارة بسبب مما ذكر في الكلام على الطهور كتغيره أو ميتته الخ.
2 إنما بقى طهورا لعدم رفعه الحدث والقول بالكراهة ضعيف.
3 يثبت به الخيار.

 

ج / 1 ص -6-  جمع أن غمس بعضها كغمس كلها في ماء يسير ـ أو حصل فيها كلها من غير غمس ولو باتت مكتوفة أو في جراب ونحوه قائم1 من نوم ليل ناقض لوضوء قبل غسلها ثلاثا كاملة بعدنية غسلها أو قبلها لكن إن لم يجد غيره استعمله فينوى رفع الحدث ثم يتيمم ويجوز استعماله في شرب وغيره ولا يؤثر غمسها في مائع غير الماء ولو استيقظ محبوس من نومه فلم يدر أهو من نوم ليل أم نهار لم يلزمه غسل يديه ولو كان الماء في إناء لا يقدر على الصب منه بل على الاغتراف وليس عنده ما يغترف به ويداه نجستان فانه يأخذ الماء بفيه ويصب على يديه نصا أو يبل ثوبا أو غيره فيه ويصبه على يديه وان لم يمكنه تيمم وتركه وان نوى جنب ونحوه بانغماسه كله أو بعضه في ماء قيل راكد أو جار رفع حدثه لم يرتفع وصار مستعملا بأول جزء انفصل كالمتردد على المحل وكذا نيته بعد غمسه ولا أثر لغمسه بلا نية رفع حدث كمن نوى التبرد أو إزالة الغبار أو الاغتراف أو فعله عبثا وإن كان الماء الراكد كثيرا كره أن يغتسل فيه2 ويرتفع حدثه قبل انفصاله عنه ويسلبه الطهورية اغترافه بيده أو فمه أو وضع رجله أو غيرها في قليل بعد نية غسل واجب ولو اغترف المتوضئ بيده بعد غسل وجهه من قليل ونوى رفع الحدث عنها فيه سلبه الطهورية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صفة لغير صغير.
2 أخذ المصنف ووافقه شارحه في ذلك بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا يغتسلن أحدكم في الماء الراكد وهو جنب" والنهي يقتضي الفساد وهو ظاهر في الماء القليل وفي جانب الكثير للتنزيه.

 

ج / 1 ص -7-  كالجنب وان لم ينو غسلها فيه فطهور لمشقة تكرره1 ويصير الماء في الطهارتين مستعملا بانتقاله من عضو إلى آخر بعد زوال اتصاله لا بتردده على الأعضاء المتصلة وان غسلت به نجاسة فانفصل متغيرا بها أو قيل زوالها وهو يسير فنجس وان انفصل غير متغير بعد زوالها عن محل طهر أرضا كان أو غيرها فطهور إن كان قلتين ولا فطاهر وان خلت امرأة ولو كافرة لا مميزة أو خنثى مشكل بماء لا بتراب تيممت به دون قلتين لطهارة كاملة عن حدث لا خبث وشرب وطهر مستحب فطهور ولا يرفع حدث رجل وخنثى مشكل تعبدا ولها ولامرأة أخرى ولصبى الطهارة به من حدث وخبث ولرجل الطهارة من خبث بما خلا به وتزول الخلوة إذا شاهدها عند الاستعمال أو شاركها فيه زوجها أو من تزول به خلوة النكاح من رجل أو امرأة أو مميز ولو كان المشاهد كافي وتأتي ولا يكره أن يتوضأ الرجل وامرأته أو يغتسلا من إناء واحد وجميع المياه المعتصرة من النباتات الطاهرة وكل طاهر يجوز شربه والطبخ به والعجن ونحوه ولا يصح استعماله في رفع الحدث وإزالة النجس ولا في طهارة مندوبة والماء النجس لا يجوز استعماله بحال إلا لضرورة لقمة غص بها وليس عنده طهور ولا طاهر أو لعطش معصوم من آدمي أو بهيمة سواء كانت تؤكل أو لا ولكن لا تحلب قريبا أو لطفي حريق متلف ويجوز

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لمشقة تكرر الوضوء اعتبرت النية وعدمها في سلب الطهورية بوضع اليد وأما الجنب فيسلب وضعه اليد مطلقا ما لم ينو الاغتراف.

 

ج / 1 ص -8-  بل التراب به وجعله طينا يطين به مالا يصلى عليه ومتى تغير الماء بطاهر ثم زال تغيره عادت طهوريته فان تغير به بعضه فما لم يتغير طهور.

فصل الثالث نجس:
وهو ما تغير بنجاسة في غير محل التطهير وفى محله طهور إن كان واردا1 فان تغير بعضه فالمتغير نجس وما لم يتغير منه فطهور إن كان كثيرا وله استعماله ولو مع قيام النجاسة فيه وبينه وبينها قليل وإلا فنجس فان لم يتغير الماء الذي خالطته النجاسة وهو يسير فنجس ولو كانت النجاسة لا يدركها الطرف مضى زمن تسرى فيه أم لا وما انتضح من قليل لسقوطها فيه نجس والماء الجاري كالراكد إن بلغ مجموعة قلتين دفع النجاسة إن لم تغيره فلا اعتبار بالجرية فلو غمس الإناء في ماء جار فهي غسلة واحدة ولو مر عليه جريات وكذلك لو كان ثوبا ونحوه وعصره عقب كل جرية ولوا انغمس فيه المحدث حدثا أصغر للوضوء لم يرتفع حدثه حتى يخرج مرتبا نصا كالراكد ولو مر عليه أربع جريات ولو حلف لا يقف فيه فوقف حنث وينجس كل مائع كزيت وسمن ولبن وكل طاهر كماء ورد ونحوه بملاقاة نجاسة لو معفوا عنها وإن كان كثيرا وإن وقعت في مستعمل في رفع حدث أو في طاهر غيره من الماء لم ينجس كثيرها بدون تغير كالطهور إلا أن تكون النجاسة بول آدمي أو عذرته المائعة أو الرطبة أو يابسة فذابت نصا وأمكن نزحه بلا مشقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: إن كان قليلا واردا على الموضع المراد تطهيره فلا يعتبر نجسا إلا بالانفصال بخلاف ما إذا ورد الموضع على الماء فإنه ينجسه بالملاقاة ولا يطهر به الموضع.

 

ج / 1 ص -9-  فينجس وعنه لا ينجس وعليه جماهير المتأخرين وهو المذهب عندهم وإذا انضم حسب الإمكان عرفا ولو لم يتصل الصب إلى ماء نجس ماء طهور كثير أو جرى إليه من ساقية أو نبع فيه طهره أي صار طهوران إن لم يبق فيه تغير ـ إن كان متنجسا بغير بول آدمي أو عذرته ـ وإن كان بأحدهما ولم يتغير فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه وان تغير وكان ما يشق نزحه فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه مع زوال التغير أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه أو بزوال تغيره بمكثه وإن كان مما لا يشق نزحه فبإضافة ما يشق نزحه عرفا كمصانع طريق مكة مع زوال تغيره إن كان والمنزوح طهور ما لم يكن متغيرا أو تكن عين النجاسة فيه ولا يجب غسل جوانب بئر نزحت ولا أرضها وإن كان الماء النجس كثيرا فزال تغيره بنفسه أو بنزح بقى بعده كثير صار طهور إن كان متنجسا بغير البول والعذرة على ما تقدم ولم يكن مجتمعا من متنجس كل ماء دون قلتين كاجتماع قلة نجسة إلى مثلها فإن كان فنجس وككمالهما ببول أو نجاسة أخرى وكذا إن اجتمع من نجس وطهور وطاهر قلتان ولا تغير فكله نجس وتطهيره في هذه الصورة هو وماء كوثر بماء يسير بالإضافة فقط وان كوثر بماء يسير أو كان كثيرا فأضيف إليه ذلك أو غير الماء لم يطهر.

فصل والكثير قلتان فصاعدا:
واليسير دونهما وهما خمسمائة رطل عراقي تقريبا فيعفى عن نقص يسير كرطل أو رطلين وأربعمائة وستة وأربعون رطلا وثلاثة أسباع رطل مصري وما وافقه من البلدان ومائة وسبعة أرطال وسبع رطل دمشقي وما وافقه وتسعة وثمانون رطلا

 

ج / 1 ص -10-    وسبعا رطل حلبي وما وافقه وثمانون رطلا وسبعا رطل ونصف سبع رطل قدسي وما وافقه وأحد وسبعون رطلا وثلاثة أسباع رطل بعلي وما وافقه ومساحتهما مربعا ذراع وربع طولا وذراع وربع عرضا وذراع وربع عمقا ومدور ذراع طولا وذراعان ونصف عمقا والمراد ذراع اليد والرطل العراقي مائة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وهو سبع القدسي وثمن سبعه وسبع الحلبي وربع سبعه وسبع الدمشقي ونصف سبعه وستة أسباع المصري وربع سبعه وسبع البعلي وهو بالمثاقيل تسعون مثقالا ومجموع القلتين بالدراهم أربعة وستون ألفا ومائتان وخمسة وثمانون درهما وخمسة أسباع درهم فإذا أردت معرفة القلتين بأي رطل فاعرف عدد دراهمه ثم اطرحه من دراهم القلتين مرة بعد أخرى حتى لا يبقى منها شيء وأحفظ الأرطال المطروحة فما كان فهو مقدار القلتين بالرطل الذي طرحت به وان بقى أقل من رطل فانسبه منه ثم اجمعه إلى المحفوظ.

فصل وإن شك في نجاسة ماء أو غيره:
ولو مع تغير أو طهارته بنى على أصله ولا يلزمه السؤال ويلزم من علم النجس أعلام من أراد استعماله إن شرطت إزالتها للصلاة وان احتمل تغير الماء بشيء فيه من نجس أو غيره عمل به وان احتملها فهو طاهر وان أخبره عدل مكلف ولو امرأة وقنا ولو مستور الحال أو ضريرا لان للضرير طريقا إلى العلم بذلك بالخبر والحس لا كافر وفاسق ومجنون وغير بالغ بنجاسة قبل أن عين السبب فان اخبره أن كلبا ولغ في هذا الإناء ولم يلغ في هذا وقال: آخر

 

ج / 1 ص -11-    لم يلغ في الأول وإنما ولغ في الثاني قبل قول كل واحد منهما في الإثبات دون النفي ووجب اجتنابها لأنه يمكن صدقهما لكونهما في وقتين أو عينا كلبين وان عينا كلبا واحدا ووقتا لا يمكن شربه فيه منهما تعارضا وسقط قولهما ويباح استعمال كل واحد منهما فان قال احدهما شرب من هذا الإناء وقال الآخر: لم يشرب قدم قول المثبت إلا أن يكون لم يتحقق شربه مثل الضرير الذي يخبر عن حسه فيقدم قول البصير وان شك هل كان وضوؤه قبل نجاسة الماء أو بعدها لم يعد وان شك في كثرة ماء وقعت فيه نجاسة فهو نجس أو في نجاسة عظم فهو طاهر أو في روثة فطاهرة أو في جفاف نجاسة على ذباب أو غيره فيحكم بعدم الجفاف أو في ولوغا كلب أدخل رأسه في إناء ثم بفيه رطوبة فلا ينجس وان أصابه ماء ميزاب ولا إمارة كره سؤاله فلا يلزم جوابه وان اشتبه طهور بماح بنجس أو بمحرم لم يتحر ولو زاد عدد الطهور أو النجس غير بول ووجب الكف عنها ـ كميتة بمذكاة لا ميتة في لحم مصر أو قرية ـ ويتيمم من غير إعدامهما ولا خلطهما لكن إن أمكن تطهير أحدهما بالآخر لزم الخلط وان علم النجس بعد تيممه وصلاته فلا إعادة وان توضأ من أحدهما فبان أنه الطهور لو يصح وضوؤه1 ويلزم التحري لأكل وشرب ولا يلزمه غسل فمه بعده ولا يتحرى مع وجود غير مشتبه وان توضأ بماء ثم علم نجاسته أعاد ما صلاه حتى يتيقن براءته وما جرى من الماء على المقابر فطهور إن لم تكن نبشت وإن كانت قد تقلب ترابها فإن كانت أتت عليها الأمطار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا مبني على اشتراط العلم بطهورية الماء وهو المعتمد.

 

ج / 1 ص -12-    طهرت ـ قاله في النظم ـ وإلا فهو نجس إن تغير بها أو كان قليلا وان اشتبه طاهر بنجس غير الماء كالمائعات ونحوهما حرم التحري بلا ضرورة وان اشتبه طاهر بطهور لم يتحر وتوضأ منهما وضوءا واحدا من هذا غرفة ومن هذا غرفة تعم كل غرفة المحل ـ ولو كان عنده طهور بيقين ـ وصلى صلاة واحدة ولو توضأ من واحد فقط ثم بان أنه مصيب أعاد ولو احتاج إلى شرب تحرى وشرب الطاهر عنده وتوضأ بالطهور ثم تيمم معه احتياطا إن لم يجد طهورا غير مشتبه وان اشتبهت ثياب طاهرة مباحة بنجسة أو محرمة ولم يكن عنده ثوب طاهر أو مباح بيقين لم يتحر وصلى في كل ثوب صلاة واحدة بعدد النجسة أو المحرمة وزاد صلاة ينوى بكل صلاة الفرض وان جهل عددها صلى حتى يتيقن أنه صلى في ثوب طاهر أو مباح وكذا حكم الأمكنة الضيقة ويصلى في فضاء واسع حيث شاء بلا تحر ولا تصح إمامة من اشتبهت عليه الثياب الطاهرة بالنجسة وان اشتبهت أخته بأجنبية أو أجنبيات لم يتحر للنكاح وكف عنهن وفى قبيلة كبيرة وبلدة كبيرة له النكاح من غير تحر ولا مدخل للتحري في العتق والطلاق.

باب الآنية
وهى الأوعية كل إناء طاهر يباح اتخاذه واستعماله ولو كان ثمينا كجوهر ونحوه الأعظم آدمي وجلده وإناء مغصوبا وإناء ثمنه حرام وآنية ذهب وفضة بهما فيحرم على الذكر والأنثى ولو ميلا ومثله قنديل ومسعط ومجمرة ومدخنة وسرير وكرسي وخفان ونعلان ومشربة وملعقة

 

ج / 1 ص -13-    وأبواب ورفوف قال أحمد: لا تعجبني الحلقة ونص أنها من الآنية ويحرم مموه ومطعم ومطلي ومكفت ونحوه منهم وتصح الطهارة منها وبها وفيها واليها بان يجعلها صبا لفضل طهارته فيقع فيها الماء المنفصل عن العضو ومن إناء مغصوب أو ثمنه حرام وفى مكان مغصوب إلا ضبة يسيرة عرفا من فضة لحاجة كتشعيب قدح وهى أن يتعلق بها غرض غير زينة ولو وجد غيرها وتباح مباشرتها لحاجة وبدونها تكره وثياب الكفار كلهم وأوانيهم طاهرة إن جهل حالها حتى ماولي عوراتهم كما لو علمت طهارتها وكذا ما صبغوه أو نسجوه وآنية مدمني الخمر ومن لابس النجاسة كثيرا وثيابهم وبدن الكافر ولو من لا تحل ذبيحته وطعامه وماؤه طاهر مباح وتصح الصلاة في ثياب المرضعة والحائض والصبي مع الكراهة ما لم تعلم تجاستها ولا يجب غسل الثوب المصبوغ في جب الصباغ مسلما كان أو كافرا نصا وان علمت نجاسته طهر بالغسل ولو بقى اللون ولا يطهر جلد ميتة نجس بموتها بدبغه ويجوز استعماله في يابس بعد دبغه لا في مائع قال ابن عقيل: ولم لم ينجس الماء بأن كان يسع قلتين فأكثر فيباح الدبغ ويحرم بيعه بعد الدبغ كقبله وعنه يطهر منها جلد ما كان طاهرا في الحياة ولو غير مأكول فيشترط غسله بعده ويحرم أكله لا بيعه ولا يطهر جلد ما كان نجسا في حياته بذكاة كلحمه فلا يحوز ذبحه لذلك ولا لغيره ولو في الترع ولا يحصل الدبغ بنجس ولا بغير منشف للرطوبة منق للخبث بحيث لو نقع الجلد بعده في الماء فسد ولا بتشميس ولا تتريب ولا بريح وجعل المصران وترادباغ

 

ج / 1 ص -14-    وكذا الكرش ويحرم افتراش جلود السباع مع الحكم بنجاستها ويكره الحرز بشعر خنزير ويجب غسل ما خرز به رطبا ويباح منخل من شعر نجس في يابس ويكره الانتفاع بالنجاسات وجلد الثعلب كلحمه ولبن الميتة وإنفحتها وجلدتها وعظمها وقرنها وظفرها وعصبها وحافرها وأصول شعرها وريشها إذا نتف وهو رطب أو يابس نجس وصوف ميتة طاهرة في الحياة وشعرها ووبرها وريشها ولو غير ما كولة كهر ومادونها في الخلقة وعظم سمك ونحوه وباطن بيضة مأكول صلب قشرها طاهر ولو صلقت في نجاسة لم تحرم وما أبين من حي من قرن وإلية ونحوهما فهو كميتة ولا يجوز استعمال شعر الآدمي لحرمته وتصح الصلاة فيه لطهارته والمسك وجلدته ودون الطعام ولعاب الأطفال وما سال من فم عند نوم طاهر.

باب الاستطابة وآداب التخلى
يسن أن يقول عند دخوله الخلاء بسم الله أللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ويكره دخوله بما فيه ذكر الله بلا حاجة لا دراهم ونحوها فلا بأس به نصا ومثلها حرز لكن يجعل فص خاتم في باطن كفه اليمنى ويحرم بمصحف إلا لحاجة ويستحب أن ينتعل ويقدم رجله اليسرى دخولا واليمنى خروجا في غير البنيان يقدم يسراه إلى موضع جلوسه ويمناه عند منصرفه مع ما تقدم ومثله حمام ومغتسل ونحوهما عكس مسجد ومنزل ونعل ونحوه وقميص ونحوه ويسن أن يعتمد على رجله اليسرى وينصب اليمنى ويغطى رأسه

 

ج / 1 ص -15-    ولا يرفعه إلى السماء ويسن في فضاء بعده واستتاره عن ناظره وطلبه مكانا رخوا لبوله ولصق ذكره بصلب وأن يعد أحجار الاستجمار قبل جلوسه ويكره رفع ثوبه إن بال قاعدا قبل دنوه من الأرض بلا حاجة فإذا قام أسبله عليه قبل انتصابه واستقبال شمس وقمر ومهب ريح بلا حائل ومس فرجه بيميه في كل حال وكذا مس فرج أبيح له مسه واستجماره واستنجاؤه بها لغير ضرورة أو حاجة فإن كان استجماره من غائط أخذ الحجر بيساره فمسح به وإن كان من بول أمسك ذكره بشماله ومسحه على الحجر فإن كان الحجر صغيرا أمسكه بين عقبيه أو بين إبهامى قدميه ومسح عليه إن أمكنه وإلا أمسك الحجر بيمينه ومسح بيساره الذكر عليه وإن استطاب بها أجزأه وتباح المعونة بها في الماء ويكره بوله في شق وسرب ولو فم بالوعة وماء راكد وقليل جار في إناء بلا حاجة ونار لأنه يورث السقم ورماد وموضع صلب وفى مستحم غير مقير أو مبلط ثم أرسل عليه الماء قبل اغتساله فيه فلا باس ويكره أن يتوضأ أو يستنجى على موضع بوله أو أرض متنجسة لئلا يتنجس ويكره استقبال القبلة في فضاء باستنجاء أو استجمار وكلامه في الخلاء ولو سلاما أو رد سلام ويجب لتحذير معصوم عن هلكة كأعمى وغافل ويكره السلام عليه فان عطس أو سمع آذانا حمد الله وأجاب بقلبه وذكر الله فيه لا بقلبه وتحرم القراءة فيه وهو على جاجته ولبثه فوق حاجته وهو مضر عند الأطباء وكشف عورتة بلا حاجة وبوله وتغوطه في طريق مسلوك وتغوطه في ماء لا البحر ولاما أعد لذلك كالجاري في

 

ج / 1 ص -16-    المطاهر ويحرم بوله وتغوطه على ما نهى عن استجمار به كروث وعظم وعلى ما يتصل بحيوان كذنبه ويده ورجله ويد المستجمر وعلى ماله حرمة كمطعوم وعلى قبور المسلمين وبينها ويأتي آخر الجنائز وعلى علف دابة وغيرها وظل نافع ومثله متشمس زمن الشتاء ومتحدث الناس وتحت شجرة عليها ثمرة مقصودة ومورد ماء واستقبال القبلة واستدبارها في فضاء لا بنيان ويكفى انحرافه وحائل ولو كمؤخرة رحل ويكفى الاستتار بدابة وجدار وجبل نحوه وإرخاء ذيله ولا يعتبر قربه منها كما لو كان في بيت وإلا فكسترة صلاة بحيث تستر أسافله ولا يكره البول قائما ولو لغير حاجة إن أمن تلوثا وناظرا ولا التوجه إلى بيت المقدس.

فصل فإذا انقطع بوله استحب مسح ذكره بيده اليسرى من حلقة الدبر إلى رأسه ثلاثا ونتره ثلاثا
والأولى أن يبدأ ذكر وبكر بقبل وتخير ثيب ويكره بصقه على بوله للوسواس ثم يتحول للاستجمار إن خشي تلوثا ثم يستجمر ثم يستنجى مرتبا ندبا فان عكس كره ومن استجمر في فرج واستنجى في آخر فلا بأس ولا يجزئ الاستجمار في قبلي خنثى ولا في مخرج غير فرج ويستحب دلك يده بالأرض الطاهرة بعد الاستنجاء ويجزيه أحدهما والماء أفضل وجمعهما أفضل منه وفى التنقيح الماء أفضل كجمعهما وهو سهو إلا أن يعدو الخارج موضع العادة فلا يجزئ إلا للتعدي فقط كتنجيس مخرج بغير خارج واستتجمار بمنهي عنه وإن خرجت أجزاه الحقنة فهي نجسة ولا يجزئ فيها الاستجمار والذكر والأنثى الثيب والبكر في ذلك سواء فلو تعدى بول الثيب إلى مخرج الحيض

 

ج / 1 ص -17-    فيه الاستجمار لأنه معتاد ولو شك في تعدى الخارج لم يجب الغسل والأولى الغسل وظاهر كلامهم لا يمنع القيام الاستجمار ما لم يتعد الخارج: فإذا خرج سن قوله: غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني1 ويتنحنح ويمشى خطوات إن احتاج إلى ذلك للاستبراء وقال الموفق وغيره: ويستحب أن يمكث قليلا قبل الاستنجاء حتى يتقطع أثر البول ولا يجب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب من نجاسة وجنابة فلا تدخل يدها ولا أصبعها بل ما ظهر لأنه في حكم الباطن فينتقض وضوؤها بخروج ما احتشته ولو بلا بلل ويفسد الصوم بوصول أصبها لا بوصول حيض إليه2 ويستحب لغير الصائمة غسله وداخل الدبر في حكم الباطن لا فساد الصوم بنحو الحقنة ولا يجب غسل نجاسته وكذا حشفة أقلف غير مفتوق ويغسلان من مفتوق ويستحب لمن استنجى أن ينضح فرجه وسراويله لا من استجمر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: "
غفرانك"، ولقول أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني".
2 إذا برز دم الحيض إلى ظاهر الفرج ترتبت عليه أحكامه كفساد صوم وعدم وجوب صلاة وإن لم يبرز إلى الظاهر ولكن قرب منه فلا يجب الغسل لما فيه من المشقة واختلف فيما عداه من الأحكام بناء على اعتباره من الباطن أو إلحاقه بالظاهر.

فصل ويصح الاستجمار بكل طاهر جامد مباح منق
كالحجر والخشب والخرق لا بالمغصوب والإنقاء بأحجار ونحوها إزالة العين حتى لا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء وبماء خشونة المحل كما كان إلا الروث والعظام والطعام ولو لبهيمة وماله حرمة كما فيه ذكر الله وكتب وحديث

 

ج / 1 ص -18-    وفقه وكتب مباحة وما حرم استعماله كذهب وفضة ومتصلا بحيوان وجلد سمك وجلد حيوان مذكى وحشيشا رطبا فيحرم ولا يجزئ فإن استجمر بعده بمباح أو استنجى بمائع غير الماء لم يجزئه وتعين الماء وإن استجمر بغير منق أجزأه الاستجمار بعده بمنق كحجر ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات إما بحجر ذي شعب أو بثلاثة تعم كل مسحة المسربة والصفحتين مع الإنقاء ولو استجمر ثلاثة أنفس بثلاثة أحجار لكل حجر ثلاث شعب استجمر كل واحد بشعبة من كل حجر أو استجمر إنسان بحجر ثم غسله أو كسر ما تنجس منه ثم استجمر به ثانيا ثم فعل ذلك واستجمر به ثالثا أجزأه لحصول المعنى والإنقاء فأن لم ينق زاد حتى ينقى ويسن قطعه على وتران زاد على الثلاث وإذا أتى بالعدد المعتبر اكتفى في زوال النجاسة بغلبة الظن وأثر الاستجمار نجس يعفى عن يسيره ويجب الاستنجاء أو الاستجمار من كل خارج إلا الريح1 وهي طاهرة فلا تنجس ماء يسيرا ـ والطاهر وغير الملوث2 فإن توضأ أو تيمم قبله لم يصح وإن كانت النجاسة على غير السبيلين أو عليهما غير خارجة منهما صح الوضوء والتيمم قبل زوالها ويحرم منع المحتاج إلى الطهارة3

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الاستنجاء من الريح بدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "
من استنجى من الريح فليس منا".
2 الطاهر وغير الملوث معطوفان على الريح: فهما مثله في عدم الاستنجاء منها كالمعنى والوله الجاف.
3 الطهارة بتشديد الهاء الميضأ، وما في معناها.

 

ج / 1 ص -19-    قال الشيخ: ولو وقفت على طائفة معينة كمدرسة ورباط ولو في ملكه وقال: إن كان في دخول أهل الذمة مطهرة المسلمين تضييق أو تنجيس أو إفساد ماء ونحوه وجب منعهم وإن لم يكن ضرر ولهم ما يستغنون به عن مطهرة المسلمين فيلس لهم مزاحمتهم.

باب السواك وغيره
السواك والمسواك: اسم للعود الذي يتسوك به ويطلق السواك على الفعل قال الشيخ: والتسوك الفعل وهو ـ على أسنانه ولسانه ولثته ـ مسنون كل وقت لغير صائم بسواك يابس ورطب ولصائم بيابس قبل الزوال ويباح له برطب قبله ويكره له بعده بيابس ورطب وعنه يسن له مطلقا اختاره الشيخ وجمع وهو أظهر دليلا وكان واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم ويتأكد عند كل صلاة وانتباه من نوم وتغير رائحة فم بأكل أو غيره ووضوء وقراءة ودخول مسجد ومنزل وإطالة السكوت وخلو المعدة من الطعام واصفرار الأسنان ـ عرضا بالنسبة إلى الأسنان يبدأ بجانب فمه الأيمن من ثناياه إلى أضراسه بيساره بعود لين منق لا بجرحه ولا يضره ولا يتفتت فيه من أراك أو عرجون أو زيتون أو غيرها قد ندى بماء ـ وبماء ورد أجود ـ ويغسله بعده ويسن تيامن في شأنه كله فان استاك بغير عود كإصبع أو خرقة لم يصب السنة ويكره السواك بريحان ـ وهو الاس ـ وبرمان وعود ذكى الرائحة وطرفاء وقصب ونحوه وكذا التخلل بها وبالخوص ولا يتسوك ولا يتخلل بما يجهله لئلا يكون

 

ج / 1 ص -20-    من ذلك ولا بأس أن يتسوك بالعود الواحد اثنان فصاعدا ولا يكره السواك في المسجد ويأتي أخر الاعتكاف

فصل ويسن الإمتشاط والأدهان في بدن وشعر غبا يوما ويوما
والاكتحال كل ليلة بأثمد مطيب بمسك وترا في كل عين ثلاثة واتخاذ الشعر ويسن أن يغسله ويسرحه متيامنا ويفرقه ويكون للرجل إلى أذنيه وينتهي إلى منكبيه ولا بأس بزيادة على منكبيه وجعله ذؤابة إعفاء اللحية ويحرم حلقها ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة ولا أخذ ما تحت حلقه وأخذ أحمد من حاجبيه وعارضيه ويسن حف الشارب أو قص طرفه وحفه أولى نصا وتقليم الأظافر مخالفا: فيبدأ بخنصر اليمنى ثم الوسطى ثم الإبهام ثم البنصر ثم السبابة ثم إبهام اليسرى ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السبابة ثم البنصر ويستحب غسلها بعد قصها تكميلا للنظافة ويكون ذلك يوم الجمعة قبل الصلاة ويسن أن لا يحيف عليها في الغزو لأنه قد يحتاج إلى حل حبل أو شيء ونتف الإبط وحلق العانة وله قصه وإزالته بما شاء والتنوير في العانة وغيرها فعله أحمد وتكره كثرته ويدفن الدم والشعر والظفر ويفعله كل أسبوع ويكره تركه فوق أربعين يوما ويكره نتف الشيب ويسن خضابه بحناء وكتم1 ولا بأس بورس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الكتم نبات يخرج صبغا أسود غير قاتم: لحديث: "
إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم". انتهى.

 

ج / 1 ص -21-    وزعفران ويكره بسواد فإن حصل به تدليس في بيع أو نكاح حرم ويسن النظر في المرآة وقوله "اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي وحرم وجهي على النار" ويسن التطيب بما ظهر ريحه وخفي لونه وللمرأة في غير بيتها عكسه لأنها ممنوعة في غير بيتها مما ينم عليها من ضر بها برجليها ليعلم ما تخفى من زينتها ومن نعل صرارة وغير ذلك مما يظهر من الزينة وفي بيتها تتطيب بما شاءت ويكره حلق رأسها وقصه من غير عذر ويحرم للمصيبة ويسن تخمير الإناء ولو بأن يعرض عليه عودا وإيكاد السقاء إذا أمسى وإغلاق الباب وإطفاء المصباح والجمر عند الرقاد مع ذكر اسم الله فيهن ونظره في وصيته ونفض فراشه ووضع يده اليمنى تحت خده الأيمن ويجعل وجهه نحو القبلة على جنبه الأيمن ويتوب إلى الله تعالى ويقول ما ورد ويقل الخروج إذا هدأت الرجل ويكره النوم على سطح ليس عليه تحجير ونومه على بطنه وعلى قفاه إن خاف انكشاف عورته وبعد العصر والفجر وتحت السماء متجردا وبين قوم مستيقظين ونومه وحده وسفره وحده ونومه وجلوسه بين الظل والشمس وركوب البحر عند هيجانه قال ابن الجوزى في طبه: النوم في الشمس في الصيف يحرك الداء الدفين والنوم في القمر يحيل الألوان إلى الصفرة ويثقل الرأس اهـ وتستحب القائلة والنوم نصف النهار ولا يكره حلق رأسه ولو لغير نسك وحاجة ويكره القزع ـ وهو حلق شعر الرأس وترك بعضه ـ وحلق القفا منفردا عن الرأس إذا لم يحتج إليه لحجامة أو غيرها وهو مؤخر العنق،

 

ج / 1 ص -22-    ويجب ختان ذكر وأنثى عند بلوغ ما لم يخف على نفسه فيختن ذكر خنثى مشكل وفرجه وللرجل إجبار زوجته المسلمة عليه وزمن صغر أفضل إلى التميز بأخذ جلدة حشفة ذكر فإن اقتصر على أكثرها جاز وأخذ جلدة أنثى فوق محل الإيلاج تشبه عرف الديك ولا تؤخذ كلها من امرأة نصا ويكره يوم سابع ومن الولادة إليه وإن أمرد به ولي الأمر في حر أو برد أو مرض يخاف من مثله الموت من الختان فتلف أو أمره به وزعم الأطباء أنه يتلف أو ظن تلفه ضمن ويجوز أن يختن نفسه إن قوي عليه وأحسنه وإن ترك الختان من غير ضرر وهو يعتقد وجوبه فسق قاله في مجمع البحرين ومن ولد ولا قلفة له لا سقط وجوبه ولا تقطع أصبع زائدة نصا ويكره ثقب أذن صبي لا جارية نصا ويحرم نمص ووشر ووشم1 ووصل شعر بشعر ولو بشعر بهيمة أو أذن زوج ولا تصح الصلاة إن كان نجسا ولا بأس بما يحتاج إليه لشد الشعر وأباج ابن الجوزى النمص وحده وحمل النهي على التدليس أو أنه شعار الفاجرات ويحرم نظر شعر أجنبية لا البائن ولها حلق الوجه وحفه نصا وتحسينه وتحميره ونحوه ويكره حفه لرجل وكذا التحذيف ـ وهو إرساله الشعر الذي بين العذار والنزعة ـ لا لها ويكره النقش والتكثيب والتطريف ـ وهو الذي يكون في رؤس الأصابع وهو القموع ـ بل تغمس يدها في الخضاب غمسا نصا ويكره كسب الماشطة ويحرم التدليس والتشبه بالمردان كره أحمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 النمص نتف شعر الوجه والوشر برد الأسنان والوشم المعروف على اليد وغيرها

 

ج / 1 ص -23-    الحجامة يوم السبت والأربعاء وتوقف في الجمعة والفصد في معناها وهي أنفع منه في بلد حار وما في معنى الحجامة كالتشريط والفصد بالعكس.

باب الوضوء
وهو ـ شرعا ـ استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة وفروضه ستة: غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين والترتيب والموالاة.
وسبب وجوبه: الحدث ويحل جميع البدن كجنابة وطهارة الحدث فرضت قبل التيمم والنية شرط لطهارة الحدث ولتيمم وغسل وتجديد وضوء مستحبين ولغسل يدي قائم من نوم ليل ويأتي ولغسل ميت إلا طهارة ذمية لحيض ونفاس وجنابة ومسلمة ممتنعة فتغسل قهرا ولا نية للعذر ولا تصلى به ومجنونة من حيض ونفاس مسلمة كانت أو كتابية وينويه عنها ولا ثواب في غير منوي ويشترط لوضوء أيضا عقل وتمييز وإسلام وإزالة ما يمنع وصول الماء وانقطاع ناقض واستنجاء أو إستجمار قبله وتقدم وطهورية ماء وإباحته ودخول الوقت على من حدثه دائم لفرضه ويشترط لغسل نية وإسلام سوى ما تقدم وعقل وتمييز وفراغ موجب غسل وإزالة ما يمنع وصول الماء وطهورية ماء وإباحته ولو سبل ماء للشرب لم يجز لا التطهير منه ويأتي في الوقف ولا تشترط نية لطهارة الخبث ومحلها القلب فلا يضر سبق لسانه بخلاف قصده ولا إبطالها ولا إبطال

 

ج / 1 ص -24-    الطهارة بعد فراغه ولا شكله فيها أو في الطهارة بعده نصا وإن شك في النية في أثنائها لزمه استئنافها وكذا إن شك في غسل عضو أو في مسح رأسه في أثنائها إلا أن يكون وهما كوسواس فلا يلتفت إليه فإن أبطلها في أثناء طهارته بطل ما مضى منها ولو فرقها على أعضاء الوضوء صح وإن توضأ وصلى صلاته ثم أحدث ثم توضأ وصلى أخرى ثم علم أنه ترك واجبا في أحد الوضوءين لزمه إعادة الوضوء والصلاتين وإن جعل الماء في فيه ينوى ارتفاع الحدث الأصغر ثم ذكر أنه جنب فنوى ارتفاع الحدثين إرتفعا ولو لبث الماء في فيه حتى تغير من ريقه لم يمنع وإن غسل بعض أعضائه بنية الوضوء وبعضها بنية التبرد ثم أعاد ما نوى به التبرد بنية الوضوء قبل طول الفصل أجزأ والتلفظ بها وبما نواه هنا وفي سائر العبادات بدعة واستحبه سرا مع القلب كثير من المتأخرين ومنصوص أحمد وجمع محققين خلافه إلا في الإحرام ويأتي وفي الفروع والتنقيح: يسن النطق بها سرا فجعلاه سنة وهو سهو ويكره الجهر بها وتكرارها وهي قصد رفع الحدث أو الطهارة لما لا يباح إلا بها حتى ولو نوى مع الحدث النجاسة أو التبرد أو التنظيف أو التعليم لكن ينوى من حدثه دائم الاستباحة ويرتفع حدثه ولا يحتاج إلى تعيين نية الفرض فإن نوى ما تسن له الطهارة كقراءة وذكر واذان ونوم ورفع وشك وغضب وكلام محرم كغيبة ونحوها وفعل مناسك الحج نصا غير طواف وكجلوس بمسجد وأكل وفي النهاية وزيارة قبل النبي صلى الله عليه وسلم ويأتي في الغسل تتمة أو نوى التجديد أن

 

ج / 1 ص -25-    سن ناسيا حدثه أو صلاة بعينها لا يستبح غيرها ـ: ارتفع حدثه ولغا تخصيصه ويسن التجديد إن صلى بينهما ولا فلا ويسن لكل صلاة لا تجديد تيمم وغسل وإن نوى غسلا مسنونا أجزأ عن الواجب وكذا عكسه وإن نواهما حصلا والمستحب أن يغتسل للواجب غسلا ثم للمسنون غسلا آخر وإن نوى طهارة مطلقة أو وضوءا مطلقا أو الغسل وحده أو لمروره في المسجد لم يرتفع1 وإن اجتمعت أحداث متنوعة ولو متفرقة توجب وضوءا أو غسلا فنوى بطهارته أحدها ارتفع هو وسائرها وإن نوى أحدها ونوى أن لا يرتفع غيره لم يرتفع غيره ولو كان عليه حدث نوم فغلط ونوى رفع حدث بول ارتفع حدثه ويجب الإتيان بها عند أول واجب وهو التسمية ويستحب عند أول مسنوناتها إن وجد قبل واجب كغسل اليدين لغير قائم من نوم الليل فإن غسلهما بغير نية فكمن لم يغسلهما ويجوز تقديمها بزمن يسير كصلاة ولا يبطلها عمل يسير ويستحب استصحاب ذكرها ولا بد من استصحاب حكمها بأن لا ينوى قطعها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إطلاق النية فيما يشترط له كالوضوء لا يخرجه عن كونه عاديا فلا بد لاعتبار العمل عبادة من توجيه نيته لذلك أو لإزالة ما يمنع القيام بها كالحدث.

فصل صفة الوضوء
أن ينوى ويستقبل القبلة ثم يقول بسم الله ـ لا يقوم غيرها مقامها ـ وهي واجبة في وضوء وغسل وتيمم وتسقط سهوا وإن ذكرها في أثنائه سمى وبنى فإن تركها عمدا أو حتى غسل بعض أعضائه ولم يستأنف لم تصح طهارته والأخرس يشير بها ثم

 

ج / 1 ص -26-    يغسل كفيه ثلاثا ولو تيقن طهارتها وهو سنة لغير قائم من نوم ليل ناقض لوضوء فإن كان منه فواجب تعبدا ويسقط سهوا وتعتبر له نية وتسمية ولا يجزئ عن نية غسلهما نية الوضوء لأنها طهارة مفردة لا من الوضوء ويجوز تقديمها على الوضوء بالزمن الطويل ويستحب تقديم اليمنى على اليسرى في هذا الغسل وإذا استيقظ أسير في مطمورة أو أعمى أو نحوه من نوم لا يدرى أنوم ليل أم نهار لم يجب غسلهما وتقدم في كتاب الطهارة غسلهما لمعنى فيهما فلو استعمل الماء ولم يدخل يده في الإناء لم يصح وضوءه وفسد الماء وتسن بداته قبل غسل وجهه بمضمضة بيمينه وتسوكه ثم باستنشاق بيمينه ثلاثا ثلاثا إن شاء من ست ولا يفصل بين المضمضة والاستنشاق وتجب الموالاة بينهما وبين بقية الأعضاء وكذا الترتيب لا بينهما وبين الوجه ويسن استنثاره بيساره ومبالغة فيهما بغير صائم ـ وتكره له ـ ومبالغة في سائر الأعضاء ففي مضمضة إدارة الماء في جميع الفم وفي الاستنشاق جذبه بنفس إلى أقصى أنف والواجب أدنى إدارة وجذب الماء إلى باطن الأنف فلا يكفى وضع الماء في فيه بدون إدارة ثم له بلعه ولفظه ولا يجعل المضمضة أولا وجورا ولا الاستنشاق سعوطا والمبالغة في غيرهما دلك المواضع التي ينبو عنها الماء وعركها به.

فصل ثم يغسل وجهه ثلاثا
من منابت شعر الرأس المعتاد غالبا مع ما انحدر من اللحيين والذقن طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا

 

ج / 1 ص -27-    فيدخل فيه عذار وهو الشعر النابت على العظم الناتئ المسامت صماخ الاذن ولا يدخل صدغ وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار يحاذى رأس الأذن وينزل عنه قليلا ولا تحذيف ـ وهو الشعر الخارج إلى طرفي الجبين في جانبي الوجه بين النزعة ومنتهى العذار ـ ولا النزعتان ـ وهما ما انحسر عنه الشعر من فودى الرأس: وهما جانبا مقدمه ـ بل جميع ذلك من الرأس فيمسح معه ولا يجب ـ بل ولا يسن ـ غسل داخل عين لحدث ولو أمن الضرر بل يكره ولا يجب من نجاسة فيها ـ والفم والأنف من الوجه ـ فتجب المضمضة والاستنشاق في الطهارتين الكبرى والصغرى ويسميان فرضين ولا يسقطان سهوا ويجب غسل اللحية وما خرج عن حد الوجه منها طولا وعرضا ويسن تخليل الساتر للبشرة منها بأخذ كف من ماء يضعه من تحتها بأصابعه مشتبكة فيها أو من جانبيها ويعركها وكذا عنفقة وشارب وحاجبان ولحية امرأة وخنثى ويجزئ غسل ظاهره ويسن غسل باطنه وأن يزيد في ماء الوجه والخفيف يجب غسله وما تحته وتخلل اللحية عند غسلها وإن شاء إذا مسح رأسه نصا.

فصل ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا
حتى أظفاره ولا يضر وسخ يسير تحتها ولو منع وصول الماء ـ وألحق الشيخ به كل يسير منع حيث كان من البدن كدم وعجين ونحوهما واختاره ـ ويجب غسل إصبع زائدة ويد أصلها في محل الفرض أو غيره ولم تتميز وإلا

 

ج / 1 ص -28-    فلا ويجب إدخال المرفقين في الغسل فإن خلقتا بلا مرفقين غسل إلى قدرهما من غالب الناس فإن تقلصت جلدة من العضد حتى تدلت من الذراع وجب غسلها كالأصبع الزائدة وإن تقلصت من أحد المحلين والتحم رأسها بالآخر غسل ما حاذى محل الفرض من ظاهرها والمتجافي منه من باطنها وما تحته لأنها كالنابتة في المحلين وإن تقلصت من الذراع حتى تدلت من العضد لم يجب غسلها وإن طالت.

فصل ثم يمسح جميع ظاهر رأسه
من حد الوجه إلى ما يسمى قفا بماء جديد غير ما فضل من ذراعيه وكيفما مسحه أجزأ ولو بإصبع أو بخرقة أو خشبة ونحوها وعفا بعضهم عن ترك يسير منه للمشقة والمسنون في مسحه أن يبدأ بيديه مبلولتين من مقدم رأسه فيضع طرف إحدى سبابتيه على طرف الأخرى ويضع الإبهامين على الصدغين ثم يمرها إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه ولو خاف أن ينتشر شعره بماء واحد ولو وضع يده مبلولة على رأسه ولم يمرها عليه أو وضع عليه خرقة مبلولة أو بلها وهي عليه ولم يمسح: لم يجزئه ويجزئ غسله مع الكراهة بدلا عن مسحه إن أمر يده وكذا إن أصابه ماء وأمر يده ولا يجب مسح ما نزل عن الرأس من الشعر ولا يجزئ مسحه عن الرأس سواء رده فعقده فوق رأسه أو لم يرده وإن نزل الشعر عن منبته ولم ينزل عن محل الفرض فمسح عليه: أجزأه ولو كان الذي تحت النازل محلوقا وإن خضبه بما يستره لم يجز المسح عليه كما

 

ج / 1 ص -29-    لو مسح على خرقة فوق رأسه ولو مسح رأسه ثم حلقه أو غسل عضوا ثم قطع منه جزءا أو جلدة لم يؤثر لأنه ليس ببدل عما تحته وإن تطهر بعد ذلك غسل ما ظهر وإن حصل في بعض أعضائه شق أو ثقب لزم غسله والواجب مسح ظاهر شعر الرأس كما تقدم فلو أدخل يده تحت الشعر فمسح البشرة فقط لم يجزئه: كما لو اقتصر على غسل باطن شعر اللحية وإن فقد شعره مسح بشرته وإن فقد بعضه مسحهما ويجب مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما: لأنهما من الرأس ويسن بماء جديد بعد رأسه والبياض فوقهما دون الشعر: منه أيضا فيجب مسحه مع الرأس والمسنون في مسحهما أن يدخل سبابتيه في صماخيهما ويمسح بإبهاميه ظاهرهما ولا يجب مسح ما استتر بالغضاريف ولا يستحب مسح عنق ولا تكرار مسح رأس وأذن.

فصل ثم يغسل رجليه ثلاثا إلى الكعبين
ـوهما العظمان الناتئان فيجانبيي رجله ـ ويجب إدخالهما في الغسل وإن كان أقطع وجب غسل ما بقي من محل الفرض أصلا أو تبعا كرأس عضد وساق وكذا يتيمم فإن لم يبق شيء سقط لكن يستحب أن يمسح محل القطع بالماء وإذا وجد الأقطع ونحوه من يوضئه أو يغسله بأجرة المثل وقدر عليها من غير إضرار لزمه ذلك فإن وجد من ييممه ولم يجد من يوضئه لزمه ذلك فإن لمن يجد صلى على حسب حاله ولا إعادة واستنجى مثله وإن تبرع أحد بتطهيره لزمه ذلك ويسن تخليل أصابع يديه

 

ج / 1 ص -30-    وتخليل أصابع رجليه بخنصره اليسرى فيبدأ بخنصر يمنى ويسرى بالعكس للتيامن والغسل ثلاثا ثلاثا ويجوز الاقتصار على الواحدة والثنتان أفضل والثلاث أفضل وإن غسل بعض أعضائه أكثر من بعض لم يكره ويعلم في عددها إذا شك بالأقل وتكره الزيادة عليها والإسراف في الماء ويسن مجاوزة موضع الفرض ولا يسن الكلام على الوضوء بل يكره ـ والمراد بالكراهة ترك الأولى قال إن القيم: الأذكار التي تقولها العامة على الوضوء عند كل عضو لا أصل لها عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وفيه حديث كذب عليه صلى الله عليه وسلم انتهى ـ قال أبو الفرج: يكره السلام على المتوضئ وفي الرعاية: ورده وفي ظاهر كلام الأكثر لا يكره السلام ولا الرد.

فصل والترتيب والموالاة فرضان
لا مع غسل ولا يسقطان سهوا ولا جهلا كبقية الفروض فيجب الترتيب على ما ذكر الله تعالى فإن نكس وضوءه فبدأ بشيء من أعضائه قبل وجهه لم يحتسب بما غسله قبله وإن بدأ برجليه وختم بوجهه لم يصح إلا غسل وجهه وإن توضأ منكوسا أربع مرات صح وضوءه إذا كان متقاربا يحصل له في كل مرة غسل عضو وإن غسل أعضاءه دفعة واحدة لم يصح ولو انغمس في ماء كثير راكدا أو جار بنية رفع الحدث لم يرتفع ولو مكث فيه قدرا يسع الترتيب حتى يخرج مرتبا نصا فيخرج وجهه ثم يديه ثم يمسح رأسه ثم يخرج من الماء وتقدم ـ والموالاة إلا يؤخر غسل عضو

 

ج / 1 ص -31-    حتى ينشف الذي قبله يليه1في زمن معتدل أو قدره من غيره ولا يضر جفاف لاشتغاله بسنة كتخليل وإسباغ وإزالة شك ووسوسة ويضر إسراف وإزالة وسخ ونحوه لغير طهارة لا لها وتضر الإطالة في إزالة نجاسة وتحصيل ماء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بدل من قوله: لايؤخر.

فصل وجملة سنن الوضوء
استقبال القبلة والسواك وغسل الكفين ثلاثا لغير قائم من نوم ليل والبداءة قبل غسل الوجه بالمضمضة ثم الاستنشاق والمبالغة فيهما لغير صائم وفي سائر الأعضاء لصائم وغيره والاستنثار وتخليل أصابع اليدين والرجلين وتخليل الشعور الكثيفة في الوجه والتيامن: حتى بين الكفين للقائم من نوم الليل: وبين الأذنين ـ قاله الزركشى: وقال الأزجي: يمسحهما معا ـ ومسحهما بعد الرأس بماء جديد ومجاوزة موضع الفرض والغسلة الثانية والثالثة وتقديم النية على مسنوناته واستصحاب ذكرها إلى آخره وغسل باطن الشعور الكثيفة وأن يزيد في ماء الوجه وقول ما ورد بعد الوضوء ـ ويأتي ـ وإن يتولى وضوءه بنفسه من غير معاونة وتباح معونة المتطهر كتقريب ماء الغسل أو الوضوء إليه أو صبه عليه وتنشيف أعضائه وتركهما أفضل ويستحب كون المعين عن يساره كإناء وضوئه الضيق الرأس وإن كان واسعا يغترف منه باليد: فعن يمينه ولو وضأه أو يممه مسلم أو كتابي بإذنه: بأن غسل له الأعضاء أو يممها من غير عذر كره

 

ج / 1 ص -32-    وصح وينويه المتوضئ والمتيمم فإن أكره من يصب عليه الماء أو يوضئه على وضوءه: لم يصح وإن أكره المتوضئ أو على غيره من العبادات وفعلها لداعي الشرع لا لداعي الإكراه: صحت وإلا فلا ويكره نفض الماء وإراقة ماء الوضوء والغسل في المسجد أو في مكان يداس فيه كالطريق تنزيها للماء ويباح الوضوء والغسل في المسجد إذا لم يؤذ به أحدا ولم يؤذ المسجد ويحرم فيه الاستنجاء والريح وتكره إراقة ماء غمس فيه يده قائم من نوم ليل فيه ـ قال الشيخ: ولا يغسل فيه ميت: وقال: ويجوز عمل مكانه فيه للوضوء للمصلحة بلا محذور ـ ولا يكره طهره من إناء نحاس ونحوه ومن إناء بعضه نجس ولا من ماء بات مكشوفا ومن مغطى أولى ويسن عقب فراغه من الوضوء رفع بصره إلى السماء وقول أشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وكذا بعد الغسل ـ قاله في الفائق ـ

باب مسح الخفين وسائر الحوائل
ـ وهو رخصة ـ وأفضل من الغسل ويرفع الحدث نصا إلا أنه لا يستحب له أن يلبس ليمسح كالسفير ليترخص ويكره لبسه مع مدافعة أحد الأخبثين ويصح على خف وجرموق خف قصير وجورب صفيق من صوف أو غيره وإن كان غير مجلد أو منعل أو كان من خرق حتى لزمن ومن له رجل واحدة

 

ج / 1 ص -33-    لم يبق من فرض الأخرى شيء ولمستحاضة ونحوها لا لمحرم لبسهما ولو لحاجة ويصح المسح على عمائم ذكور وعلى جبائر ـ جمع جبيرة وهي أخشاب أو نحوها تربط على الكسر أو نحوه ـ وعلى خمر النساء المدارة تحت حلوقهن لا القلانس ـ وهي مبطنات تتخذ للنوم ـ والدنيات قلانس كبار أيضا كانت القضاة تلبسها ـ ومن شرطه أن يلبس الجميع بعد كمال الطهارة بالماء ولو مسح فيها على خف أو عمامة أو جبيرة أو غسل صحيحا وتيمم لجرح فلا يمسح على خف لبسه على طهارة تيمم ولو غسل رجلا ثم أدخلها الخف خلع ثم لبس بعد غسل الأخرى ولو لبس الأولى طاهرة ثم غسل الأخرى وأدخلها لم يمسح وإن تطهر ثم أحدث قبل لبسه ـ فإن خلع الأولى ثم لبسها جاز وإن تطهر ثم أحدث قبل لبسه أو بعده قبل أن تصل القدم إلى موضعها أو لبسه محدثا ثم غسلهما فيه أو قبل كما طهارته ثم غسلهما فيه أو نوى جنب ونحوه رفع حدثه ثم غسلهما وأدخلها فيه ثم تمم طهارته ـ لم يجز المسح وإن مسح رأسه ثم لبس العمامة ثم غسل رجليه خلع ثم لبسها ولو شد الجبيرة على غير طهارة نزع فإن خاف تيمم فلو عمت محل الفرض كفى مسحها بالماء ويمسح مقيم ولو عاصيا بإقامة ـ كمن أمره سيده بسفر فأبى ـ وعاص بسفره يوما وليلة ومسافر سفر قصر ثلاثة أيام بلياليهن ولو مستحاضة ونحوها من وقت حدث بعد لبس إلى مثله فلو مضت المدة ولم يمسح فيها خلع وجبيرة إلى حلها ومن مسح مسافرا ثم أقام أتم بقية مسح مقيما إن كانت وإلا خلع وإن مسح مقيم أقل من يوم

 

ج / 1 ص -34-    وليلة ثم سافر أو شك هل ابتدأ المسح حضرا أو سفرا أتم مسح مقيم وإن شك في بقاء المدة لم يجز المسح فلو خالف وفعل فبان بقاؤه صح وضوءه ومن أحدث ثم سافر قبل المسح أتم امسح مسافر ولا يصح المسح إلا على ما يستر محل الفرض ويثبت بنفسه أو بنعلين فيصبح إلى خلعهما لا بشدة نصا ولو ثبت بنفسه لكن يبدو بعضه لولا شده أو شرجه كالزربول الذي له ساق ونحوه صح المسح عليه ومن شرطه أيضا إباحته فلا يصح على مغصوب وحرير ولو في ضرورة كمن هو في بلد ثلج وخاف سقوط أصابعه فإن صلى أعاد الطهارة والصلاة ويصح على حرير لأنثى فقط ويشترط إمكان المشي فيه عرفا ولو لم يكن معتادا فدخل في ذلك الجلود واللبود والخشب والزجاج والحديد ونحوها وطهارة عينه فلا يصح على نجس ولو في ضرورة فيتيمم معها للرجلين ولا يمسح ويعيد ولو مسح على خف طاهر العين لكن ببطانه أو قدمه نجاسة لا يمكن إزالتها إلا بنزعه جاز المسح عليه ويستبيح بذلك مس المصحف والصلاة ـ إذا لم يجد ما يزيل النجاسة ـ وغير ذلك ويشترط إلا يصف القدم لصفائه كالزجاج الرقيق فإن كان فيه خرق أو غيره يبدو منه بعض القدم ولو من موضع الخرز لم يمسح عليه فإن انضم الخرق ونحوه بلبسه جاز المسح وإن لبس خفا فلم يحدث حتى لبس عليه آخر وكانا صحيحين مسح أيهما شاء إن شاء الفوقاني وإن شاء التحتاني بان يدخل يده من تحت الفوقاني فيمسح عليه ولو لبس أحد الجرموقين في إحدى الرجلين دون الأخرى جاز المسح عليه وعلى الخف الذي في

 

ج / 1 ص -35-    الرجل الأخرى فإن كان أحدهما صحيحا جاز المسح على الفوقاني ولا يجوز على التحتاني إلا أن يكون هو الصحيح وإن كانا مخرقين وسترا لم يجز المسح وإن ننزع الفوقاني قبل مسحه لو يؤثر وإن أحدث ثم لبس الآخر أو مسح الأول ثم لبس الثاني لم يجز المسح عليه بل على الأسفل وإن نزع الممسوح الأعلى لزمه نزع التحتاني وقشط ظهارة الخف بعد المسح عليه لا يؤثر ويمسح صحيحا على لفافة لا مخرقا عليها ولا لفائف وحدها ويجب مسح أكثر أعلى خف ونحوه مرة دون أسفله وعقبه فلا يجزئ مسحهما بل ولا يسن وتكره الزيادة عليها فيضع يديه مفرجتي الأصابع على أطراف أصابع رجليه ثم يمرهما على مشطي قدميه إلى ساقيه فإن بدأ من ساقه إلى أصابعه أجزأه ويسن مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى وفي التلخيص والترغيب يسن تقديم اليمنى وحكم مسحه بأصبع أو أصبعين إذا كرر المسح بها حتى يصير المسح مثل المسح بأصابعه أو بحائل1 كخرقة ونحوها وغسله: حكم مسح الرأس على ما تقدم ويكره غسله ويسح مسح دوائر عمامة أكثرها2 دون وسطها إذا كانت مباحة محنكة أو ذات ذؤابة كبيرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله بحائل معطوف على قوله بأصبع وقوله غسله بعد معطوف على قوله مسحه.
2 جواز المسح على العمامة مشروط بأمرين: أحدهما: أن تكون محنكة أوذات ذؤابة: حتى يصعب نزعها عند كل وضوء، وحتى لا تشبه عمائم أهل الذمة.
والثاني: أن يمسح جميعها أو أكثرها وذلك أرجح الأقوال في المذهب بخلاف بعضها وقول المصنف: أكثرها بدل من قوله عمامة.

 

ج / 1 ص -36-    كانت العمامة أو صغيرة لذكر لا أنثى ولو لبستها لضرورة برد وغيره1 بشرط سترها لما لم تجر العادة بكشفه ولا يجب أن يمسح معها ما جرت العادة بكشفه بل يسن ويجب مسح جميع جبيرة لم تجاوز قدر الحاجة ويجزئ من غير تيمم فإن تجاوزت وجب نزعها فإن خاف تلفا أو ضررا تيمم لزائد2 ويحرم الجبر بجبيرة نجسة كجلد الميتة والخرقة النجسة وبمغصوب والمسح على ذلك باطل وكذا الصلاة فيه كالخف النجس وكذلك الحرير لذكر ودواء وعصابة ولصوق على جرح أو وجع ولو قارا في شق أو تألمت أصبعه فألقمها مرارة كجبيرة3 ومتى ظهر بعض قدمه بعد الحدث وقبل انقضاء المدة أو رأسه وفحش فيه أو انتقض بعض عمامته أو انقطع دم مستحاضة أو زال ضرر من به سلس البول ونحوه أو انقضت مدة مسح ولو متطهرا أو في صلاة ـ: استأنف الطهارة وبطلت الصلاة وزوال جبيرة كخف وخروج قدم أو بعضه إلى ساق خف كخلعه ولا مدخل لحائل في طهارة كبرى إلا الجبيرة وامرأة كرجل في مسح غير العمامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لنهيهن عن التشبه بالرجال.
2 قوله : تيمم لزائد يفيد جواز المسح على الجبيرة فوق الجرح ولو لم تكن موضوعة بعد طهارة، كما شرط في شأن الخفين، وهذا أحد قولين في المذهب، والثاني: أذا لم توضع بعد طهارة كاملة فلا مسح عليها وليس إلا التيمم.
3 خبر عن قوله ودواء وعصابة الخ.

باب نواقض الوضوء
وهي مفسداته -وهي ثمانية-: الخارج منه السبيلين إلى ما هو في حكم الظاهر ويلحقه حكم التطهير إلا

 

ج / 1 ص -37-    ممن حدثه دائم قليلا كان أو كثيرا نادرا أو معتادا طاهرا أو نجسا ولو ريحا من قبل أنثى أو ذكر فلو احتمل في قبل أو دبر قطنا أو ميلا ثم خرج ولو بلا بلل أو قطر في إحليله دهنا ثم خرج أو خرجت الحقنة من الفرج أو ظهر طرف مصرا ن أو رأس دودة أو وطئ دون الفرج فدب ماؤه فدخل فرجها أو استدخلته أو منى امرأة أخرى ثم خرج: ـ نقض ولم يجب عليها الغسل فإن لم يخرج من الحقنة أو المنى شيء لم ينقض لكن إن كان المحتقن قد أدخل رأس الزراقة ثم أخرجه نقض ولو ظهرت مقعدته علم أن عليها بللا انتقض لا إن جهل أم صب دهنا في أذنه فوصل إلى دماغه ثم خرج منها أو من فيه ولا ينقض يسير نجس خرج من أحد فرجي خنثى مشكل غير بول وغائط.
الثاني: ـ خروج النجاسات من بقية البدن فإن كانت غائطا أو بولا نقض ولو قليلا من تحت المعدة أو فوقها سواء كان السبيلان مفتوحين أو مسدودين لكن لو انسد المخرج وفتح غيره فأحكام المخرج باقية وفي النهاية إلا أن يكون سد خلقة فسبيل الحدث المنفتح والمسدود كعضو زائد من الخنثى انتهى ـ ولا يثبت للمنفتح أحكام المعتاد فلا ينقض خروج ريح منه ولا يجزئ الاستجمار فيه وغير ذلك وإن كانت غير الغائط والبول كالقيء أو الدم والقيح لم ينقض إلا كثيرها ـ وهو ما فحش في نفس كل أحد يحسبه ـ لو مص علق أو قراد لا ذباب وبعوض دما كثيرا ـ: نقض ولو شرب ماء وقذفه في الحال

 

ج / 1 ص -38-    فنجس وينقض كثيره ولا ينقض بلغم معدة وصدر ورأس لطهارته ولا جشاء نصا.
الثالث: زوال العقل أو تغطيته ولو بنوم قال أبو الخطاب وغيره: ولو تلجم فلم يخرج منه شيء إلا نوم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كثيرا على أي حال كان واليسير عرفا من جالس وقائم فإن شك في الكثير لم يلتفت إليه وإن رأى رؤيا فهو كثير وإن خطر بباله شيء لا يدرى أرؤيا أو حديث نفس فلا وضوء عليه وينقض اليسير من راكع وساجد ومستند ومتكئ ومحتب كمضطجع.
الرابع: مس ذكر آدمي إلى أصول الأنثيين مطلقا بيده ببطن كفه أو بظهره أو بحرفه ـ غير ظفر ـ من غير حائل ولو بزائد وينقض مسه بفرج غير ذكر ولا ينقض وضوء ملموس ذكره أو فرجه أو دبره ولا مس بائن ومحله وقلفة وفرج امرأة بائنين ولا مس غير فرج المنفتح فوق المعدة أو تحتها ولا مسه بغير يد غير ما تقدم ولا مس زائد فإن لمس قبل خنثي مشكل وذكره ولو كان هو اللامس نقض1 لا أحدهما إلا أن يمس الرجل ذكره بشهوة أو المرأة فرجه بها وينقض مس حلقة دبر منه أو من غيره ومس امرأة فرجها الذي بين شفريها وهو مخرج بول ومنى وحيض لا شفريها وهما أسكتاها وينقض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لتحقق لمس قبل أصلي منهما، سواء فرضنا الخنثى في الواقع رجلا أو امرأة.

 

ج / 1 ص -39-    مس فرج امرأة أخرى ومس رجل فرجها ومسها ذكره ولو من غير شهوة.
الخامس: مس بشرته بشرة أنثى ومس بشرتها بشرته لشهوة من غير حائل غير طفلة وطفل ولو بزائد أو لزائد أو شلل ولو كان الملموس ميتا أو عجوزا أو محرما أو صغيرة تشتهى ولا ينتقض وضوء ملموس بدنه ولو وجد منه شهوة ولا لمس شعر وظفر وسن وعضو مقطوع وأمرد مسه رجل ولا مس خنثى مشكل ولا بمسه رجلا أو امرأة ولا مس الرجل الرجل ولا المرأة المرأة ولو بشهوة فيهن.
السادس: غسل الميت أو بعضه ولو في قميص لا تيممه لتعذر غسل وغاسل الميت من يقلبه ويباشره ولو مرة لا من يصب الماء ونحوه.
السابع: أكل لحم الجزور نيئا وغير نيء تعبدا لا شرب لبنها ومرق لحمها وأكل كبدها وطحالها وسنامها وجلدها وكرشها ونحوه ولا طعام محرم أو نجس.
الثامن: موجبات الغسل كالتقاء الختانين وانتقال المنى وإسلام الكافر وغير ذلك توجب الوضوء غير الموت.
فهذه النواقض المشتركة وأما المخصوصة كبطلان المسح بفراغ مدته وبخلع حائله وغير ذلك فمذكور في أبوابه.
ولا نقض بكلام محرم ولا نقض بإزالة شعر وأخذ ظفر ونحوهما،

 

ج / 1 ص -40-    ولا بقهقة ولا بما مست النار ولا يستحب الوضوء منهما.
ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين ولو عارضه ظن ولو في غير صلاة فإن تيقنهما وجهل اسبقهما فهو على ضد حاله قبلهما1 فإن جهل حاله قبلهما تطهر وإن تيقن فعلهما رفعا لحدث ونقضا لطهارة وجهل أسبقهما فعلى مثل حاله قبلهما2 وكذا لو تيقنهما وعين وقتا لا يسعهما سقط اليقين لتعارضه فإن جهل حالهما وأسبقهما أو تيقن حدثا وفعل طهارة فقط فعلى ضد حاله قبلهما وإن تيقن حدثا ناقضا وفعل طهارة جهل حالها فمحدث على أي حال كان قبلهما وعكس هذه الصورة بعكسها ويأتي إذا سمع صوت أو شم ريح من أحدهما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صورة ذلك أنه تيقن طهارة وحدثا في وقت كذا ولم يتأكد أنهما أسبق زمنا ولكنه يعلم حال نفسه قبل وقت الشك ويعلم أنه انتقل من تلك الحالة إلى نقيضها ضرورة فنقيضها هو المعتبر حالا له: طهارة كان النقيض أو حدثا ولا عبرة بالشك الباقي لضعفه أمام ذلك النقيض المتيقن.
2 اختلاف الحكم بين هذه والتي سبق التعليق عليها مبني على أمر واحد هو أنه في الأولى تيقن الطهارة والحدث، ولم يعلم حالهما فكان حكمها كما رأيت: وفي هذه تيقنهما وعلم حالهما: ومعنى العلم بحالهما، تذكره أن الطهارة كانت لرفع حدث وأن الحدث كان عن طهارة لا عن حدث آخر- وقوله: بعد فإن جهل حالهما وأسبقهما الخ أشبه بالتكرار مع الأول.

فصل ومن أحدث حرم عليه الصلاة
فلو صلى معه لم يكفر والطواف ولو نفلا ولو يصح ويحرم عليه مس المصحف وبعضه من غير حائل ولو بغير يده حتى جلده وحواشيه ولو كان الماس صغيرا

 

ج / 1 ص -41-    إلا بطهارة كاملة ولو تيمما سوى مس صغير لوحا فيه قرآن لا المكتوب فيه وما حرم بلا وضوء حرم بلا غسل وللمحدث حمله بعلاقته وفي غلافه وفي خرج فيه متاع وفي كمه وتصفحه بكمه أو عود ونحوه ومسه من وراء حائل كحمل رقى وتعاويذ فيها قرآن ومس تفسير ورسائل فيها قرآن ومنسوخ تلاوته والمأثور عن الله والتوراة والإنجيل فإن رفع الحدث عن عضو من أعضاء الوضوء لم يجز مس المصحف به قبل كمال الطهارة ولو قلنا يرتفع الحدث عنه ويحرم مسه بعضو متنجس لا بعضو طاهر إذا كان على غيره نجاسة وتجوز كتابته لمحدث من غير مس ولو لذمي ويمنع من قراءته وتملكه ويمنع المسلم من تمليكه له فإن ملكه بإرث أو غيره ألزم بإزالة ملكه عنه ويجوز للمسلم والذمي أخذ الأجرة على نسخه ويحرم بيعه ـ ويأتي في كتاب البيع ـ وتوسده والوزن به والاتكاء عليه وكذا كتب العلم التي فيها قرآن وإلا كره وإن خاف عليها فلا بأس ولا يكره نقط المصحف وشكله وكتابة الأعشار فيه وأسماء السور وعدد الآيات والأحزاب ونحوها وتحرم مخالفة خط عثمان في واو وياء وألف وغير ذلك نصا ويكره مد الرجلين إلى جهته وفي معناه استدباره وتخطيه ورميه إلى الأرض بلا وضع ولا حاجة بل هو بمسألة التوسد أشبه قال الشيخ: وجعله عند القبر منهي عنه ولو جعل للقراءة هناك ورمى رجل بكتاب عند أحمد فغضب وقال: هكذا يفعل بكلام الأبرار؟ ويحرم السفر به إلى دار الحرب وتكره تحليته بذهب أو فضة نصا ويحرم في كتب العلم ويباح تطييبه وجعله على كرسي وكيسه الحرير

 

ج / 1 ص -42-    وقال ابن الزاغونى: يحرم كتبه بذهب ويؤمر بحكه فإن كان يجتمع منه ما يتمول زكاه واستفتاح الفال فيه فعله ابن بطة ولم يره الشيخ وغيره ويحرم أن يكتب القرآن وذكر الله بشيء نجس أو عليه أو فيه فإن كتبا به أو عليه أو فيه أو تنجس وجب غسله وقال في الفنون: إن قصد بكتبه بنجس إهانته فالواجب قتله انتهى وتكره كتابته في الستور وفيما هو مظنة بذلة ولا تكره كتابة غيره من الذكر فيما لم يدرس وإلا كره شديدا ويحرم دوسه وكره أحمد شراء ثوب فيه ذكر الله يجلس عليه ويداس ولو بلى المصحف أو اندرس دفن نصا ويباح تقبيله ونقل جماعة الوقف في جعله على عينيه وظاهر الخبر لا يقام له وقال الشيخ: إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فقيامهم لكتاب الله أحق ويباح كتابة آيتين فأقل إلى الكفار وقال ابن عقيل: تضمين القرآن لمقاصد تضاهى مقصود القرآن لا بأس به كما يضمن في الرسائل آيات إلى الكفار وتضمنه الشعر لصحة القصد وسلامة الوضع وأما تضمينه لغير ذلك فظاهر كلام ابن القيم التحريم ولا بأس أن يقول: سورة كذا والسورة التي يذكر فيها كذا لوروده في الإخبار وآداب القراءة تأتى في صلاة التطوع.

باب ما يوجب الغسل وما يسن له وصفته
وهو استعمال ماء طهور في جميع بدنه على وجه مخصوص وموجبه ستة.
أحدهما: خروج المنى من مخرجه ولو دما دفقا بلذة فان خرج لغير ذلك من غير نائم ونحوه لم يوجب وإن انتبه بالغ أو من يمكن بلوغه كابن عشر ووجد بللا جهل كونه منيا بلا سبب تقدم نومه من برد أو

 

ج / 1 ص -43-    نظر أو فكر أو ملاعبة أو انتشار وجب الغسل كتيقنه فيها وغسل ما أصابه من بدن وثوب وإن تقدم نومه سبب من برد أو نظر أو فكر أو ملاعبة أو انتشار أو تيقنه مذيا لم يجب غسل ولا يجب بحلم بلا بلل فان انتبه ثم خرج إذن وجب وان وجد منيا في ثوب لا ينام فيه غيره فعليه الغسل وإعادة المتيقن من الصلاة وهو فيه وإن كان ينام هو وغيره فيه وكان من أهل الاحتلام فلا غسل عليهما ومثله إن سمع صوت أو شم ريح من أحدهما لا يعلم عينه لم تجب الطهارة على واحد منهما1 ولا يأتم أحدهما بالآخر ولا يصافه وحده فيهما وكذا كل اثنين تيقن موجب الطهارة من أحدهما لا بعينه كرجلين لمس كل واحد منهما أحد فرجي خنثى مشكل لغير شهوة والاحتياط أن يتطهرا وان أحس بانتقال المنى فحبسه لم يخرج وجب الغسل كخروجه ويثبت به حكم بلوغ وفطر وغيرهما وكذا انتقال حيض قاله الشيخ فان خرج المنى بعد الغسل من انتقاله أو بعد غسله من جماع لم ينزل فيه أو خرجت بقية منى اغتسل له بغير شهوة لم يجب الغسل ولو خرج إلى قلفة الأقلف أو فرج المرأة وجب ولو خرج منيه من فرجها بعد غسلها فلا غسل عليها ويكفى الوضوء وإن دب منيه أو منى امرأة أخرى بسحاق فدخل فرجها فلا غسل عليها بدون إنزال وتقدم في الباب قبله.
الثاني: تغييب حشفة أصلية أو قدرها ـ إن فقدت ـ بلا حائل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن كلا منهما متيقن من طهارة نفسه شاك في الحدث، والشك لا أثر له وعدم الائتمام  لأن كلا يشك في طهارة الآخر وفي صحة صلاته.

 

ج / 1 ص -44-    في فرج أصلى قبلا كان أو دبرا من آدمي ولو مكرها أو بهيمة حتى سمكة وطير حي أو ميت ولو كان مجنونا أو نائما بأن أدخلتها في فرجها فيجب الغسل على النائم والمجنون كهي1 وان استدخلتها من ميت أو بهيمة وجب عليها دون الميت فلا يعاد غسله ويعاد غسل الميتة الموطوءة ولو كان المجامع غير بالغ نصا فاعلا ومفعولا يجامع مثله كابنة تسع وابن عشر فيلزمه غسل ووضوء بموجباته إذا أراد ما يتوقف على غسل أو وضوء لغير لبث بمسجد أو مات شهيدا قبل غسله ويرتفع حدثه بغسله قبل البلوغ ولا يجب غسل بتغييب بعض الحشفة ولا بإيلاج بحائل مثل أن لف على ذكره خرقة أو أدخله في كيس ولا بوطء دون الفرج من غير إنزال ولا بالتصاق ختانيهما من غير إيلاج ولا بسحاق بلا إنزال ولا بإيلاج في غير أصلى كإيلاج رجل في قبل الخنثى2 أو إيلاج الخنثى ذكره في قبل أو دبر بلا إنزال وكذا لو وطيء كل واحد الخنثيين الآخر بالذكر في القبل أو الدبر وإن تواطأ رجل وخنثى في دبريهما فعليها الغسل وإن وطئ الخنثى بذكره امرأة وجامعه رجل في قبله فعلى الخنثى الغسل وأما الرجل والمرأة فيلزم أحدهما الغسل لا بعينه3 ولو قالت امرأة بي جني يجامعني كالرجل فعليها الغسل والأحكام المتعلقة بتغييب الحشفة كالأحكام المتعلقة بالوطء الكامل وجمعها بعضهم فبلغت أربعمائة إلا ثمانية أحكام -ذكره ابن القيم: في تحفة المودود في أحكام المولود-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لعدم اشتراط النص فيما يوجب الطهارة.
2 المراد بالخنثى في هذه من لم يتضح أنوثته، وفي الثانية: الذي لم يتضح ذكوريته.
3 وعليه فلا يأتم أحدهما بالآخر حتى يغتسلا احتياطا.

 

ج / 1 ص -45-    الثالث: إسلام الكافر ولو مرتدا أو مميزا سواء وجد منه في كفره ما يوجب الغسل أو لا وسواء اغتسل قبل إسلامه أو لا ولا يلزمه غسل بسبب حدث منه في حال كفره بل يكفيه غسل الإسلام ووقت وجوبه على المميز كوقت وجوبه على المميز المسلم إلا حائضا ونفساء كتابيتين إذا اغتسلتا لوطء زوج أم سيد مسلم ثم أسلمتا فلا يلزمها إعادة الغسل ويحرم تأخير إسلام لغسل أو غيره ولو استشار مسلما فأشار بعدم إسلامه أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر لم يجز ولم يصر مرتدا.
الرابع: الموت تعبدا غير شهيد معركة ومقتول ظلما ويأتي.
الخامس: خروج حيض فإن كان عليها جنابة فليس عليها أن تغتسل حتى ينقطع حيضها نصا فان اغتسلت للجنابة في زمن حيضها صح بل يستحب ويزول حكم الجنابة ويأتي أو الحيض.
السادس: خروج نفاس ـوهم الدم الخارج بسبب الولادةـ ولا يجب بولادة عريت عن دم فلا يبطل الصوم ولا يحرم الوطء بها ولا بإلقاء علقة أو مضغة والولد طاهر ومع الدم يجب غسله.

فصل ومن لزمه الغسل حرم عليه الاعتكاف وقراءة آية فصاعدا لا بعض آية ولو كرره
ما لم يتحيل على قراءة تحرم عليه وله تهجيه والذكر وقراءة لا تجزئ في الصلاة لإسرارها وله قول ما وافق قرآنا ولو يقصده كالبسملة وقول الحمد لله رب العالمين وكآية الاسترجاع والركوب وله أن ينظر في المصحف من غير تلاوة ويقرأ عليه وهو

 

ج / 1 ص -46-    ساكت ويمنع كافر من قراءة آية ولو رجي إسلامه ولجنب عبور مسجد ولو لغير حاجة وكذا حائض ونفساء مع أمن تلويثه وان خافتا تلويثه حرم لبثهما فيه ويأتي في الحيض ويمنع من عبوره واللبث فيه السكران والمجنون ويمنع من عليه نجاسة تتعدى ولا يتيمم لها لعذر1 ويسن منع الصغير منه ويمنع من اللعب فيه لا لصلاة وقراءة ويكره اتخاذ المسجد طريقا ويأتي في الاعتكاف ويحرم على جنبب وحائض ونفساء انقطع دمهما لبث فيه ولو مصلى عيد لأنه مسجد ـ لا مصلى الجنائز2 إلا أن يتوضأ فلو تعذر واحتيج إليه جاز من غير تيمم نصا وبه أولى ويتيمم لأجل لبثه فيه لغسل ولمستحاضة ومن به سلس البول عبوره واللبث فيه مع أمن تلويثه ومع خوفه يحرمان ولا يكره لجنب ونحوه إزالة شيء من شعره وظفره قبل غسله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني إذا احتاج والحالة هذه للمكث أو المرور فلا معنى  لليتيم حيث ى يمنع النجاسة وهو الراجح.
2 مصلى الجنائز لا يعتبر مسجدا لعدم اشتمالها على ركوع وسجود.

فصل يسن الغسل لصلاة الجمعة لحاضرها في يومها إن صلاها لا لامرأة
نصا والأفضل عند مضيه إليها عن جماع فان اغتسل ثم أحدث أجزأه الغسل وكفاه الوضوء وهو آكد الاغتسال المسنونة وعيد في يومها لحاضرها إن صلى ولو وحده إن صحت صلاة المنفرد فيها ولكسوف واستسقاء ومن غسل ميت مسلم أو كافر ولجنون أو إغماء بلا إنزال منى ومعه يجب ولاستحاضة لكل صلاة ولا حرام ودخول

 

ج / 1 ص -47-    مكة ودخول حرمها نصا ووقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة ورمى جمار وطواف زيارة ووداع ويتيمم للكل لحاجة ولما يسن له الوضوء لعذر ولا يستحب الغسل لدخول طيبة ولا للحجامة ولبلوغ وكل اجتماع والغسل الكامل أن ينوى ثم يسمى ثم يغسل يديه ثلاثا ثم يغسل مالوثه من أذى ثم يضرب بيديه الأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا ثم يتوضأ كاملا ثم يحثي على رأسه ثلاثا يروى بكل مرة أصول شعره ثم يفيض الماء على بقية جسده ثلاثا يبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر ويدلك بدنه بيده ويتفقد أصول شعره وغضاريف أذنيه وتحت حلقه وإبطيه وعمق سرته وحالبيه وبين إليتيه وطي ركبتيه ويكفى الظن في الإسباغ ثم يتحول عن موضعه فيغسل قدميه ولو في حمام ونحوه وإن أخر غسل قدميه في وضوئه فغسلهما آخر غسله فلا بأس وتسن موالاة ولا تجب كالترتيب1 فلو اغتسل إلا أعضاء الوضوء لم يجب الترتيب فيها لأن حكم الجنابة باق وإن فاتت الموالاة جدد لإتمامه نية وجوبا ويسن سدر في غسل كافر أسلم وإزالة شعره فيحلق رأسه إن كان رجلا ويغسل ثيابه ويختن وجوبا بشرطه2 ويسن في غسل حيض ونفاس سدر وأخذها مسكا إن لم تكن محرمة فتجعله في فرجها في قطنة أو غيرها بعد غسلها ليقطع الرائحة فإن لم تجد فطيبا لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني كما لا يجب في الغسل الواجب ترتيب بين الأعضاء لأن الجسم بمنزلة العضو الواحد.
2 شرطه التكليف وعدم الضرر.

 

ج / 1 ص -48-    لمحرمة فإن لم تجد فطينا ولو محرمة فإن تعذر فالماء كاف والغسل المجزئ أن يزيل ما به من نجاسة أو غيرها تمنع وصول الماء إلى البشرة إن وجد وينوى ثم يسمى ثم يعم بدنه بالغسل حتى فمه وأنفه كوضوء وزاهر شعره وباطنه مع نقضه لغسل حيض ونفاس لا جنابة إذا روت أصوله وحتى حشفة أقلف إن أمكن تشميرها وما تحت خاتم ونحوه فيحركه وما يظهر من فرجها عند قعودها لقضاء حاجتها ولا ما أمكن من داخله وداخل عين وتقدم في الوضوء فإن كان على شيء من محل الحدث نجاسة ارتفع الحدث قبل زوالها كالطاهرات.

فصل ويسن أن يتوضأ بمد 
-وهو مائة وأحد وسبعون درهما وثلاثة أسباع درهمهم ومائة وعشرون مثقالا ورطل وثلث رطل عراقي وما وافقه ورطل وأوقيتان وسبعا أوقية مصري وما وافقه وثلاثة أواق وثلاثة أسباع أوقية دمشقية وما وافقه وأوقيتان وستة أسباع أوقية حلبية وما وافقه وأوقيتان وأربعة أسباع أوقية قدسية وما وافقه وأوقيتان وسبعا أوقية بعلية وما وافقه ـ ويغتسل بصاع ـ وهو ستمائة وخمسة وثمانون درهما وخمسة أسباع درهم وأربعمائة وثمانون مثقالا وخمسة أرطال وثلث رطل عراقي بالبر الرزين نص عليهما وأربعة أرطال وتسع أواق وسبع أوقية مصري ورطل وأوقية وخمسة أسباع أوقية دمشقي وإحدى عشرة أوقية وثلاثة أسباع أوقية حلبية وعشر أواق وسبعا أوقية قدسية وتسع أواق وسبع أوقية بعلية ـ وهذا ينفعك هنا وفي الفطرة والفدية والكفارة وغيرها فإن أسبغ بدونهما أجزأه

 

ج / 1 ص -49-    ولم يكره والإسباغ تعميم العضو بالماء فإن مسحه أو أمر الثلج عليه لم تحصل الطهارة به وإن ابتل به العضو إلا أن يكون خفيفا فيذوب ويجرى على العضو ويكره الإسراف في الماء ولو على نهر جار وإذ اغتسل ينوى الطهارتين من الحدثين أو رفع الحدث وأطلق أو استباحة الصلاة أو أمرا لا يباح إلا بوضوء وغسل كمس مصحف أجزأه عنهما وسقط الترتيب والموالاة وإن نوى قراءة القرآن ارتفع الأكبر فقط وإن نوى أحدهما لم يرتفع غيره ومن توضأ قبل غسله كره له إعادته بعد الغسل إلا أن ينتقض وضوئه بمس فرجه أو غيره وإن نوت من انقطع حيضها بغسلها حل الوطء صح ويسن لكل جنب ولو امرأة وحائضا ونفساء بعد انقطاع الدم إذا أرادت النوم أو الأكل أو الشرب أو الوطء.
ثانيا أن يغسل فرجه وتوضأ لكن الغسل لوطء أفضل ـ ويأتي في عشرة النساء ـ ولا يضر نقضه بعد ذلك ويكره تركه لنوم فقط ولا يكره أن يأخذ الجنب ونحوه من شعره وأظافره ولا أن يختضب قبل الغسل نصا

فصل بناء الحمام وبيعه وشراؤه وإجارته وكسبه وكسب البلان والمزين مكروه
قال أحمد: يبنى حماما للنساء: ليس بعدل ـ وللرجل دخوله إذا أمن وقوع محرم بأن يسلم من النظر إلى عورات الناس ونظرهم إلى عورته فإن خافه كره وإن علمه حرم وللمرأة دخوله بالشرط المذكور ولوجود عذر من حيض أو نفاس أو جنابة أو مرض أو حاجة إلى الغسل ولا يمكنها أن تغتسل في بيتها لخوفها من مرض أو نزلة وإلا حرم نصا لا في حمام دارها ويقدم رجله اليسرى

 

ج / 1 ص -50-    في دخول الحمام والمغتسل ونحوهما والأولى في الحمام أن يغسل قدميه وإبطيه بماء بارد عند خوله ويلزم الحائط وقصد موضعا خاليا ولا يدخل البيت الحار حتى يعرق في البيت الأول ويقلل الالتفات ولا يطيل المقام إلا بقدر الحاجة ويغسل قدميه عند خروجه بماء بارد ـ قال في المستوعب: فإنه يذهب الصداع ـ ولا يكره دخوله قرب الغروب ولا بين العشاءين ويحرم أن يغتسل عريانا بين الناس فإن ستره إنسان بثوب أو اغتسل عريانا خاليا فلا بأس والتستر أيفضل وتكره القراءة فيه ولو خفض صوته وكذا السلام لا الذكر وسطحه ونحوه كبقيته.

باب التيمم
وهو: وهو مسح الوجه واليدين بتراب طهور على وجه مخصوص بل عن طهارة الماء ويجوز حضرا وسفرا ولو غير مباح أو قصيرا لأن التيمم عزيمة لا يجوز تركه ـ قال القاضي لو خرج إلى ضيعة له تقارب البنيان والمنازل ولو بخمسين خطوة جاز له التيمم والصلاة على الراحلة وأكل الميتة للضرورة ـ ويجوز لكل ما يفعل بالماء عند العجز عنه شرعا من صلاة وطواف وسجود تلاوة وشكر وقراءة قرآن ومس مصحف ووطء حائض انقطع دمها ولبث في مسجد سوى جنب وحائض ونفساء انقطع دمهما في مسألة تقدمت في الباب قبله ونجاسة على غير بدن ولا يكره الوطء لعادم الماء والتيمم مبيح لا يرفع الحدث ـ ويصح بشرطين.
أحدهما: ـ دخول وقت ما يتيمم له فلا يصح لفرض ولا لنفل

 

ج / 1 ص -51-    معين كسنة راتبة ونحوها قبل وقتهما نصا ولا لنفل في وقت نهى عنه ويصح لفائتة إذا ذكرها وأراد فعلها ولكسوف عند وجوده ولاستسقاء إذا اجتمعوا ولجنازة إذا غسل الميت أو يمم لعذر ولعيد إذا دخل وقته ولمنذورة كل وقت ولنفل عند جواز فعله.
الثاني: العجز عن استعمال الماء فيصح لعدمه بحبس أو غيره ولعجز مريض عن الحركة وعمن يوضئه إذا خاف فوت الوقت إن انتظر من يوضئه وعن الاغتراف ولو بفمه أو لخوف ضرر باستعماله في بدنه جرح أو برد شديد ولو حضرا يخاف منه نزلة أو مرضا ونحوه بعد غسل ما يمكنه وتعذر تسخينه أو لخوف بقاء شين أو مرض يخشى زيادته أو تطاوله ولفوات مطلوبه أو عطش يخافه على نفسه ولو متوقعا أو رفيقه المحترم ولا فرق بين المزامل له أو واحد من أهل الركب ويلزمه بذله له لا لطهارة غيره بحال أو على بهيمته أو بهيمة غيره المحترمين ـ قال ابن الجوزي: ـ إن احتاج الماء للعجن والطبخ ونحوهما تيمم وتركه ـ وإذا وجد الخائف من العطش ماء طهورا أو ماء نجسا يكفيه كل منهما لشربه حبس الطاهر وأراق النجس إن استغنى عن شربه فإن خاف حبسهما ولو مات رب الماء يممه رفيقه العطشان ويغرم ثمنه في مكانه وقت إتلافه لورثته ومن أمكنه أن يتوضأ ويجمع الماء ويشربه لم يلزمه لأن النفس تعافه ومن خاف فوتا رفقته ساغ له التيمم وكذا لو خاف على نفسه أو ماله في طلبه خوفا محققا لا جنبا: كإن كان بينه وبين الماء سبع أو حريق أو لص ونحوه أو خاف غريما

 

ج / 1 ص -52-    يلازمه ويعجز عن أدائه أو خافت امرأة فساقا في طلبه ولو كان خوفه بسبب ظنه فتبين عدم السبب مثل من رأى سوادا بالليل ظنه عدو فتبين أنه ليس بعدو بعد أن تيمم وصلى لم يعد ويلزمه شراء الماء بثمن مثله في تلك البقعة أو مثلها غالبا وزيادة يسيرة كضرر يسير في بدنه من صداع أو برد لا بثمن يعجز عنه أو يحتاجه لنفقة ونحوها وحبل ودلو كما يلزمه طلبهما وقبولهما عارية وإن قدر على ماء بئر بثوب يبلله ثم يعصره لزمه إن لمن تنقص قيمة الثوب أكثر من ثمن الماء ويلزمه قبول الماء قرضا وكذا ثمنه وله وفاء يوفيه لا اقتراض ثمنه ويلزمه قبول الماء هبة لا ثمنه ولا شراءه بدين في ذمته فإن كان بعض بدنه جريحا ونحوه وتضرر تيمم له ولما يتضرر بغسله مما قرب منه فإن عجز عن ضبطه لزمه أن يستنيب إن قدر وإلا كفاه التيمم فإن أمكن مسحه بالماء وجب وأجزأ وإن كان الجرح في بعض أعضاء الوضوء لزمه مراعاة ترتيب وموالاة في وضوء فيتيمم له عند غسله لو كان صحيحا فإن كان الجرح في الوجه قد استوعبه لزمه التيمم أولا ثم يتم الوضوء وإن كان في بعض الوجه خير بين غسل الصحيح منه ثم يتيمم وبين التيمم ثم يغسل صحيح وجهه ثم يكمل وضوءه فإن كان الجرح في عضو آخر لزمه غسل ما قبله ثم كان الحكم فيه على ما ذكرنا في الوجه وإن كان في وجهه ويديه ورجليه احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب ويبطل وضوءه وتيممه بخروج الوقت ولا تبطل طهارته بالماء إن كان غسلا لجنابة ونحوها بخروجه بل التيمم فقط وإن

 

ج / 1 ص -53-    وجد ما يكفى بعض بدنه لزمه استعماله جنبا كان أو محدثا ثم يتيمم للباقي وإن وجد ترابا لا يكفيه للتيمم استعمله وصلى ومن كان على بدنه نجاسة وهو محدث والماء يكفى أحدهما غسل النجاسة ثم يتيمم من الحدث إلا أن تكون النجاسة في محل يصح تطهيره من الحدث فيستعمله فيه عنهما ولا يصح تيممه إلا بعد غسل النجاسة ولو كانت النجاسة في ثوبه غسله أولا ثم تيمم.

فصل ومن عدم الماء وظن وجوده أو شك ولو يتحقق عدمه لزمه طلبه
في رحله وما قرب منه عرفا فيفتش من رحله ما يمكن أن يكون فيه ويسعى في جهاته الأربع إلى ما قرب منه مما عادة القوافل السعي إليه ويسأل رفقته عن موارده وعن ماء معهم ليبيعوه له أو يبذلوه ووقت الطلب بعد دخول الوقت فلا أثر لطلبه قبل ذلك فإن رأى خضرة أو شيئا يدل على الماء لزمه قصده فاستبرأه وإن كان بقربه ربوة أو شيء قائم أتاه فطلب عنده وإن كان سائر طلبه أمامه فإن دله عليه ثقة أو علمه قريبا لزمه قصده ويلزمه طلبه لوقت كل صلاة ومن خرج إلى أرض بلدة لحرث أو صيد أو احتطاب ونحوها حمله إن أمكنه وإن لم يمكنه حمله ولا الرجوع للوضوء إلا بتفويت حاجته تيمم وصلى ولا يعيد كما لو كانت حاجته في أرض قرية أخرى ولو كانت قريبا ولو مر بماء قبل الوقت أو كان معه فأراقه ثم دخل الوقت وعدم الماء صلى بالتيمم ولا إعادة عليه وإن مر به في الوقت وأمكنه الوضوء ولم يتوضأ ويعلم أنه لا يجد غيره أو كان معه فأراقه في الوقت أو باعه فيه

 

ج / 1 ص -54-    أو وهبه فيه حرم ولو يصح البيع والهبة أو ووهب له فلم يقبل حرم أيضا، وإن تيمم وصلى في الجميع صح ولم يعد وإن نسى الماء أو جهله بموضع يمكنه استعماله وتيمم لم يجزئه كأن يجده بعد ذلك في رحله وهو في يده أو ببئر بقربه أعلامها ظاهرة فأما إن ضل عن رحله وفيه الماء وقد طلبه أو كانت أعلام البئر خفية ولم يكن يعرفها أو كان يعرفها وضل عنها فإن التيمم يجزئه ولا إعادة عليه وإن أدرج أحد الماء في رحله ولو يعلم به أو كان الماء مع عبده ولم يعلم به السيد ونسى العبد أن يعلمه حتى صلى بالتيمم فإنه يعيد.
ويتيمم لجميع الأحداث ولنجاسة على جرح وغيره على بدنه فقط تضره إزالتها أو الماء ولا إعادة بعد أن يخفف منها ما أمكنه لزوما وإن تيمم حضرا أو سفرا خوفا من البرد وصلى فلا إعادة عليه ومن عدم الماء والتراب أو لم يمكنه استعمالهما لمانع كمن به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بوضوء ولا تيمم صلى على حسب حاله وجوبا ولا إعادة ولا يزيد هنا على ما يجزئ في الصلاة من قراءة وغيرها ولا يتنفل ولا يؤم متطهرا بماء أو تراب ولا يقرأ في غير صلاة إن كان جنبا ونحوه وتبطل صلاته بالحدث فيها لا بخروج وقتها وتبطل الصلاة على الميت إذا لم يغتسل ولم يتيمم لغسله أو بتيممه بعدها وتعاد الصلاة عليه ويجوز نبشه لأحدهما مع أمن تفسخه.

فصل ولا يصح التيمم إلا بتراب طهور مباح غير محترق له غبار
يعلق باليد ولو على لبد أو غيره حتى مع وجود تراب لا بطين

 

ج / 1 ص -55-    لكن إن أمكنه تجفيفه والتيمم قبل خروج الوقت لزمه ذلك ولا بتراب مقبرة تكرر نبشها فإن لم يتكرر جاز وأعجب الإمام أحمد حمل التراب لأجل التيمم وقال الشيخ وغيره: لا يحمله وهو الصواب ولو وجد ثلجا وتعذر تذويبه لزمه مسح أعضائه به ويعيد وإن كان يجرى إذا مس يده لم يعد ولو نحت الحجر حتى صار ترابا لم يصح التيمم به لا الطين الصلب كالأرمني إذا دقه فإن خالط التراب ذو غبار لا يصح التيمم به كالجص ونحوه فكالماء إذا خالطته الطاهرات ولا يكره التيمم بتراب زمزم مع أنه مسجد وما تيمم به كماء مستعمل ولا بأس بما تيمم منه ويشترط النية لما يتيمم له ولو يممه غيره فكوضوء وتقدم فيه فينوى استباحة ما لا يباح إلا به فإن نوى رفع الحدث لم يجزئه.

فصل وفرائضه أربعة
مسح جميع وجهه ولحيته ـسوى ما تحت شعره ولو خفيفا ومضمضة واستنشاق بل يكرهان- بقي من محل الفرض شيء لم يصله التراب أمر يده عليه ما لم يفصل راحته فإن فصلها وقد كان بقى عليها غبار جاز أن يمسح بها وإن لم يبق عليها شيء ضرب ضربة أخرى وإن نوى وأمر وجهه على تراب أو صمده للريح فعم التراب ومسحه به صح لا إن سفته ريح قبل النية فمسح به ومسح يديه إلى كوعيه فلو قطعت يده من الكوع لا من فوقه وجب مسح موضع القطع وتجب التسمية كوضوء وتقدم.
وترتيب وموالاة في غير حدث أكبر وهي هنا زمنا بقدرهما في الوضوء.

 

ج / 1 ص -56-    ويجب تعيين النية لما يتيمم له من حدث أصغر أو أكبر أو نجاسة على بدنه وإن كان عن جر ح في عضو من أعضائه نوى التيمم عن غسل ذلك العضو فإن نوى جميعها صح وأجزأه وإن نوى أحدها لم يجزئه عن الآخر فلو تيمم للجنابة دون الحدث أبيح له ما يباح للمحدث من قراءة ولبث في مسجد ولم تبح له صلاة وطواف ومس مصحف وإن أحدث لم يؤثر ذلك في تيممه وإن تيمم للجنابة والحدث ثم أحدث بطل تيممه وبقى تيمم الجنابة ولو تيممت بعد طهرها من حيضها لحدث الحيض ثم أجنبت لم يحرم وطؤها وإن تنوعت أسباب أحد الحدثين ونوى أحدها أجزأ عن الجميع ومن نوى شيئا استباحه ومثله ودونه لا أعلى منه فإن نوى نفلا أو أطلق النية للصلاة لم يصل إلا نفلا وإن نوى فرضا فعله ومثله كمجموعة وفائتة ودونه فاعلاه فرض عين فنذر فكفاية فنافلة فطواف نفل فمس مصحف فقراءة فلبث ولو تيمم صبي لصلاة فرض ثم بلغ لم يحز له أن يصلى به فرضا لأن ما نواه كان نفلا.

فصل ويبطل التيمم بخروج الوقت
حتى من جنب لقراءة ولبث في مسجد وحائض لوطء ولطواف ونجاسة وجنازة ونافلة ونحوها ما لم يكن في صلاة جمعة فيلزم من تيمم لقراءة ووطء ونحوه الترك لكن لو نوى الجمع في وقت الثانية ثم تيمم لها أو لفائتة في وقت الأولى لم يبطل بخروجه ويبطل بوجود الماء لعادمه وبزوال عذر مبيح له ثم إن وجده بعد صلاته أو طوافه لم تجب إعادته وإن

 

ج / 1 ص -57-    وجده بطلت ووجبت الإعادة وبمبطلات وضوء إذا كان تيممه عن حدث أصغر وعن حدث أكبر بما يوجبه إلا غسل حيض ونفاس إذا تيممت له فلا يبطل بمبطلات غسل ووضوء بل بوجود حيض ونفاس وإن تيمم وعليه ما يجوز المسح عليه ثم خلعه بطل تيممه نصا ويستحب تأخير التيمم إلى آخر الوقت المختار لمن يعلم أو يرجو وجود الماء فإن استوى عنده الأمران فالتأخير أفضل وإن تيمم وصلى أول الوقت أجزأه.
وصفة التيمم أن ينوى استباحة ما يتيمم له ثم يسمى ويضرب يديه مفرجتي الأصابع على التراب أو غيره مما فيه غبار طهور كلبد أو ثوب أو بساط أو حصير أو برذعة حمار ونحوها ضربة واحدة بعد نزع خاتم ونحوه فإن علق بيديه تراب كثير نفخه إن شاء وإن كان خفيفا كره نفخه فإن ذهب ما عليهما بالنفخ أعاد الضرب فيمسح وجهه بباطن أصابعه ثم كفيه براحتيه وإن مسح بضربتين بأحدهما وجهه وبالأخرى يديه أو بيد واحدة أو ببعض يده أو بخرقة أو خشبة أو كان التراب ناعما فوضع يديه عليه وضعا جاز ـ وفي الرعاية لو مسح وجهه بيمينه ويمينه بيساره أو عكس وخلل أصابعهما فيها صح انتهى ـ وإن مسح بأكثر من ضربتين مع الاكتفاء بما دونه كره ومن حبس في المصر أو قطع المياه عن بلدة صلى بالتيمم بلا إعادة ولا يصح التيمم خوف فوت جنازة ولا عيد ولا مكتوبة إلا إذا وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت أو علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعد الوقت أو علمه

 

ج / 1 ص -58-    قريبا أو دله ثقة وخاف فوت الوقت أو دخول وقت الضرورة أو فوت عدو أو فوت غرضه المباح وإن اجتمع جنب وميت ومن عليها غسل حيض فبذل ما يكفى أحدهم أو نذر أو وصى به لأولادهم به أو وقف عليه فلميت فإن كان ثوبا صلى فيه حي ثم كفن به ميت وحائض أولى من جنب وهو أولى من محدث ومن كفاه وحده منهما فهو أولى به ومن عليه نجاسة على بدنه أو ثوبه أو بقعته أولى من الجميع ويقدم ثوب على بدن ويقدم على غسلها غسل طيب محرم ويقرع مع التساوي وإن تطهر به غير الأولى أساء وصحت وإن كان ملكا لأحدهم لزمه استعماله ولم يؤثر به ولو لأبويه وتقدم في الطهارة ولو احتاج حي كفن ميت لبرد يخشى منه التلف قدم على الميت.

باب إزالة النجاسة الحكمية
وهي الطارئة على محل طاهر ولا تصح إزالتها بغير ماء طهور ولو غير مباح والعينية لا تطهر بغسلها بماء وتقدم والكلب والخنزير نجسان يطهر متنجس بهما وبمتولد منهما أو من أحدهما أو بشيء من أجزائهما غير أرض ونحوهما بسبع غسلات منقية إحداهن بتراب طهور وجوبا والأولى أولى ويوم أشنان وصابون وبنخالة ونحوها مقامه ولو مع وجوده لا غسلة ثامنة ويعتبر استيعاب المحل به إلا فيما يضر فيكفى مسماه ويعتبر مزجه بماء يوصله إليه لا ذره وإتباعه الماء وتطهر بقية المتنجسات بسبع منقية ولا يشترط لها تراب فإن لم ينق زاد حتى ينقى في الكل ولا يضر بقاء لون أو ريحها

 

ج / 1 ص -59-    أو هما عجزا ويطهر ويضر طعم وإن استعمل في إزالته ما يزيله كالملح وغيره فحسن ولا يجب ويحرم استعمال طعام وشراب في إزالة النجاسة لإفساد المال المحتاج إليه كما ينهى عن ذبح الخيل التي يجاهد عليها والإبل التي يحج عليها والبقر التي يحرث عليها ونحو ذلك لما في ذلك من الحاجة إليها قاله الشيخ ولا بأس باستعمال النخلة الخالصة في التدلك وغسل الأيدى بها وكذا ببطيخ ودقيق الباقلاء وغيرها مما له قوة الجلاء لحاجة ويغسل ما نجس ببعض الغسلات بعدد ما يفي بعد تلك الغسلة بتراب إن لم يكن استعمل حيث اشترط ويعتبر العصر كل مرة مع إمكانه فيما تشرب نجاسة ليحصل انفصال الماء عنه ولا يكفى تجفيف بدل العصر وإن لم يمكن عصره كالزلالي ونحوها فبدقها أو دوسها أو تقليبها مما يفصل بالماء عنها ولو عصر الثوب في ماء ولو جاريا ولم يرفعه منه لم يطهر فإذا رفعه منه فهي غسلة واحدة يبنى عليها ولا يكفى في العدد تحريكه الماء وخضخضة وإن وضعه في إناء وصب عليه الماء فغسلة واحدة يبنى عليها ويطهر نصا وعصر كل ثوب على قدر الإمكان بحيث لا يخاف عليه الفساد وما لم يتشرب كالآنية يطهر بمرور الماء عليه وانفصاله ولا يكفى مسحه ولو كان صقيلا كسيف ونحوه فلو قطع به قبل غسله مما فيه بلل كبطيخ ونحوه نجسه وإن كان رطبا لا بلل فيه كجبن ونحوه فلا بأس به وإن لصقت النجاسة وجب في إزالتها الحت والقرض إن لم تزل بدونهما قال في التلخيص وغيره إن لم يتضرر المحل بهما ويحسب العدد في إزالتها من أول غسلة ولو قبل زوال عينها فلم لم تزل في الغسلة الأخيرة أجزأ.

 

ج / 1 ص -60-    فصل وتطهر أرض متنجسة
وتطهر أرض متنجسة بمائع أو ذات جرم أزيل عنها ولو من كلب نصا وصخر وأجرنة حمام وحيطان وأحواض ونحوها بمكاثرة الماء عليها ولو من مطر وسيل بحيث يغمرها من غير عدد ولو يبق للنجاسة عين ولا أثر من لون أو ريح ـ إن لم يعجز ولو لم ينفصل الماء ـ وطعم وإن تفرقت أجزاؤها واختلطت الأرض بأجزاء كالرميم والدم إذا جف والروث لم تطهر بالغسل بل بإزالة أجزاء المكان ولو بإدرار البول ونحوه وهو رطب فقلع التراب الذي عليه أثره فالباقي طاهر وإن جف فأزال ما عليه الأثر لم تطهر إلا أن يقلع ما يتيقن به زوال ما أصابه البول والباقي طاهر ولا تطهر أرض متنجسة ولا غيرها بشمس ولا ريح ولا جفاف ولا نجاسة باستحالة ولا نار فالقصر مل وصابون عمل من زيت نجس ودخان نجاسة وغبارها وما تصاعد من بخار ماء نجس إلى جسم صقيل أو غيره وتراب جبل بروث حمار نجس إلا علقة خلق منها آدمي وخمرة انقلبت خلا بنفسها أو بنقلها لغير قصد التخليل ويحرم تخليلها فإن خللت ولو بنقلها لقصده لم تطهر ودنها مثلها فيطهر بطهارتها ولو مما لم يلاق الخل مما فوقه مما أصابه الخمر في غليانه كمحتقر من الأرض طهر ماؤه بمكث أو بإضافة لا إناء طهر ماؤه بمكثه أو كوثر ماء نجس فيه بماء كثير طهور حتى صار طهورا لم يطهر الإناء بدون انفصال عنه فإن انفصل حسبت غسلة واحدة يبنى عليها ويحرم على غير خلال إمساك خمر ليتخلل بنفسه بل يراق في الحال فإن خالف وأمسك فصار خلا بنفسه طهر والخل المباح

 

ج / 1 ص -61-    أن يصب على العنب والعصير خلا قبل غليانه حتى لا يغلى والحشيشة المسكرة نجسة ولا يطهر دهن بغسله ولا باطن حب وعجين ولحم تنجس ولا إناء تشرب بنجاسة وسكين سقيت ماء نجسا ـ وقال ابن عقيل وجماعة: يطهر الزئبق بالغسل ـ ويجوز الاستصباح بدهن متنجس في غير مسجد ولا يحل أكله ولا بيعه ويأتي في البيع وإن وقع في مائع سنور أو فأرة ونحوها مما ينضم دبره إذا وقع فخرج حيا فطاهر وكذا في جماد وهو ما لم تسر النجاسة فيه وإن مات فيه أو حصلت منه رطوبة في دقيق ونحوه ألقيت وما وحله وباقيه طاهر فإن اختلط ولم ينضبط حرم وتقدم إذا وقعت النجاسة في مائع وإذا خفي موضع نجاسة في بدن أو ثوب أو مصلى صغير كبيت صغير لزمه غسل ما يتيقن به إزالتها فلا يكفى الظن وفي صحراء واسعة ونحوها يصلى فيها بلا غسل ولا تحر وبول الغلام الذي لم يأكل الطعام بشهوة نجس يجزى نضحه وهو غمره بالماء وإن لم ينفصل ويطهر به وكذا قيؤه وهو أخف من بوله لا أنثى وخنثى وإذا تنجس أسفل خف أو حذاء أو نحوهما أو رجل أو ذيل امرأة بمشي أو غيره وجب غسله.

فصل ولا يعفى عن يسير نجاسة
ولو لم يدركها الطرف كالذي يعلق بأرجل ذباب ونحوه إلا يسير دم وما تولد منه من قيح وغيره ماء قروح في غير مائع ومطعوم وقدره الذي لم ينقض من حيوان طاهر من آدمي من غير سبيل حتى دم حيض ونفاس واستحاضة أو من غير آدمي مأكول اللحم أو لا كهر ويضم متفرق في ثوب لا أكثر،

 

ج / 1 ص -62-    ودم عرق مأكول بعد ما يخرج بالذبح وما في خلال لحمه طاهر ولو ظهرت حمرته نصا كدم سمك ويؤكلان وكدم شهيد عليه ولو كثر بل يستحب بقاؤه وكدم بق ونمل وبراغيث وذباب ونحوها والكبد والطحال ودود القز والمسك وفأرته والعنبر وما يسيل من فم وقت النوم والبخار الخارج من الجوف والبلغم وبول سمك طاهر لا العلقة التي يخلق منها الآدمي أو حيوان طاهر ولا البيضة المذرة أو التي صارت دما وأثر الاستجمار نجس يعفى عن يسيره وتقدم وعن يسير طين شارع تحققت نجاسته ويسير سلس بول مع كما ل التحفظ ويسير دخان نجاسة وغبارها وبخارها ما لم تظهر له صفة ويسير ماء نجس وعما في عين من نجاسة وتقدم وعن حمل نجس كثير في صلاة خوف ويأتي وما تنجس بما يعفى عني يسيره ملحق به في العفو عن يسيره وما عفي عن يسيره عفي عن أثر كثيرة على جسم صقيل بعد المسح والمذي والقيء والحمار الأهلي والبغال منه وسباع البهائم وجوارح الطير وريقها وعرقها فدخل فيه الزباد لأنه من حيوان برى غير مأكول أكبر من الهر وأبوالها وأرواثها وبول الخفاش والخطاف والخمر والنبيذ المحرم والجلالة قبل حبسها والودي والبول الغائط نجسة ولا يعفى عني يسير شيء منها ويغسل الذكر والأنثيان من المذي وطين الشارع وترابه طاهر ما لم تعلم نجاسته ولا ينجس الآدمي ولا طرفه ولا أجزاؤه ولا مشيمته ـ ولو كافرا ـ بموته فلا ينجس ما وقع فيه فغيره كريقه وعرقه وبزاقه ومخاطه وكذا ما لا نفس له سائلة كذباب وبق وخنافس

 

ج / 1 ص -63-    وعقارب وصراصر وسرطان ونحو ذلك وبوله وروثه ولا يكن مات فيه إن لم يكن متولدا من نجاسة كصراصر الحش فإن كان متولدا منها فنجس حيا وميتا وللوزغ نفس سائلة نصا كالحية والضفدع والفأرة وإذا مات في ماء يسير حيوان وشك في نجاسته لم ينجس وبول ما يؤكل لحمه وروثه وريقه وبزاقه ومخاطه ودمعه ومنيه طاهر كمني الآدمي ولو خرج بعد استجمار وكذا ورطوبة فرج المرأة ولبن غير مأكول وبيضه ومنيه من غير آدمي نجس وسؤر الهر ـ وهو فضلة طعامه وشرابه ـ ومثل خلقه ودونه من طير غيره طاهر فلو أكل نجاسة ثم ولغ في ماء يسير فطهور ولو لم يغب وكذا فم طفل وبهيمة ولا يكره سؤرهن نصا ـ وفي المستوعب وغيره يكره سؤر الفأر لأنه يورث النسيان ـ ويكره سؤر الدجاجة إذا لم تكن مضبوطة نصا وسؤر الحيوان النجس نجس.

باب الحيض والاستحاضة والنفاس
الحيض: دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في اوقات معلومة.
والاستحاضة: سيلان الدم في غير أوقاته من مرض وفساد من عرق فمه في أدنى الرحم يسمى العاذل.
والنفاس: الدم الخارج بسبب الولادة.
ويمنع الحيض خمسة عشر شيئا: الطهارة والوضوء وقراءة القرآن ومس المصحف والطواف وفعل الصلاة ووجوبها فلا تقضيا

 

ج / 1 ص -64-    وفعل الصيام لا بوجوبه فتقضيه والاعتكاف واللبث في المسجد والوطء في الفرج إلا لمن به شبق بشرطه وسنة الطلاق ما لم تسأله طلاقا بعوض أو خلعا فإن سألته بغير عوض لم يبح والاعتداد بالأشهر إلا المتوفى عنها زوجها وابتداء العدة إذا طلقها في أثنائه أو مرورها في المسجد إن خافت تلويثه ولا يمنع الغسل للجنابة والإحرام بل يستحب ولا مرورها في المسجد إن أمنت تلويثه.
ويوجب خمسة أشياء: الاعتداد به والغسل البلوغ والحكم ببراءة الرحم في الاعتداد واستبراء الإماء والكفارة بالوطء فيه ونفاس مثله حتى في بالكفارة بالوطء فيه نصا إلا في ثلاثة أشياء الاعتداد به وكونه لا يوجب البلوغ لحصوله قبله بالحمل ولا يحتسب به عليه في مدة الإيلاء وإذا انقطع الدم أبيح فعل الصيام والطلاق ولم يبح غيرهما حتى تغتسل فلو أراد وطأها وادعت أنها حائض وأمكن قبل نصا1 ويباح أن يستمتع منها بغير الوطء في الفرج ويستحب ستره إذن ووطؤها في الفرج ليس بكبيره فإن وطئها من يجامع مثله ـ ولو غير بالغ ـ في الحيض والدم يجرى في أوله أو آخره ولو بحائل أو وطئها وهي طاهر فخاضت في أثناء وطئه ولو لم يستدم ـ لأن النزع جماع فعليه دينار زنته مثقال خاليا من الغش ولو غير مضروب أو نصفه على التخيير كفارة وصرفها مصرف بقية الكفارات وتجوز إلى مسكين واحد كنذر مطلق وتسقط بعجز

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن العلم بذلك لا يتأتى إلا من قبلها والمفروض في المسلمة ما لم تقم القرينة على غير ذلك.

 

ج / 1 ص -65-    وكذا هي إن طاوعته حتى من ناس ومكره وجاهل الحيض أو التحريم أو هما ولا تجب الكفارة بوطئها بعد انقطاع الدم وقبل الغسل ولا بوطئها في الدبر ولا يجزئ إخراج القيمة إلا من الفضة وبدون الحائض وعرقها وسؤرها طاهر ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك ولا وضع يدها في شيء من المائعات.
وأقل سن تحيض له المرأة تمام تسع سنين وأكثره خمسون سنة والحامل لا تحيض فلا تترك الصلاة لما تراه ولا يمنع من وطئها إن خاف العنت وتغتسل عند انقطاعه استحبابا نصا وأقل الحيض يوم وليلة فلو انقطع لأقل منه فليس بحيض بل دم فساد وأكثره خمسة عشر يوما وغالبه ست أو سبع وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما وغالبه بقية الشهر الهلالي ولا حد لأكثره.

فصل والمبتدأ بها الدم في سن تحيض لمثله
ولو صفة أو كدرة تجلس بمجرد ما تراه فتترك الصلاة والصوم أقله فإن انقطع لدونه فليس بحيض وقضت واجب صلاة ونحوها وإن انقطع له كان حيضا واغتسلت له وإن جاوزه ولم يعبر الأكثر لم تجلس المجاوز بل تغتسل عقب أقله وتصوم وتصلى فيما جاوزه ويحرم وطئها فيه قبل تكراره نصا فإن انقطع يوما فأكثر أو أقل قبل مجاوزة أكثره اغتسلت وحكمها حكم الطاهرات ويباح وطؤها فإن عاد فكما لو لم ينقطع وتغتسل عند انقطاعه غسلا ثانيا تفعل ذلك ثلاثا في كل شهر مرة فإن كان في الثلاث متساويا ابتداء وانتهاء تيقن أنه حيض وصار عادة

 

ج / 1 ص -66-    فلا تثبت العادة بدون الثلاث ولا يعتبر فيها التوالي فتجلسه في الشهر الرابع وتعيد ما فعلته في المجاوز من واجب صوم وطواف واعتكاف ونحوها بعد ثبوت العادة فإن انقطع حيضها ولم يعد أو أيست قبل تكرره لم تعد فإن كان على أعداد مختلفة فما تكرر منه صار عادة مرتبا كأن: كخمسة في أول شهر وستة في ثان وسبعة في ثالث فتجلس الخمسة لتكرارها أو غير مرتب عكسه: كأن ترى في الشهر الأول وفي أشهر الثاني أربعة وفي الثالث ستة فتجلس الأربعة لتكررها فإن جاوز دمعها أكثر الحيض فمستحاضة فإن كان متميزا بعضه أسود أو ثخين أو منتن وبعضه رقيق أحمر فحيضها زمن الأسود أو الثخين أو المنتن إن صلح أن يكون حيضا بأن لا ينقص عن أقل الحيض ولا يجاوز أكثره فتجلسه من غير تكرار كثبوتها بانقطاع ولا يعتبر فيها التوالي أيضا فلو رأت دما أسود ثم أحمر وعبرا أكثر الحيض فحيضها زمن الدم الأسود وما عداه استحاضة وإن لم يكن متميزا أو كان ولم يصلح قعدت من كل شهر غالب الحيض ستا أو سبعا بالتحري ويعتبر في حقها تكرار الاستحاضة نصا فتجلس قبل تكراره أقله ولا تبطل دلالة التمييز بزيادة الدمين على شهر.

فصل المستحاضة هي التي ترى دما لا يصلح أن يكون حيضا ولا نفاسا
وحكمها حكم الطاهرات في وجوب العبادات وفعلها وإن استحيضت معتادة رجعت إلى عادتها وإن كانت مميزة أتفق تمييزها وعادتها أو اختلفا بمداخلة أو بمباينة ونقص العادة لا يحتاج إلى تكرار فلو

 

ج / 1 ص -67-    نقصت عادتها ثم استحيضت بعده كأن كانت عادتها عشرة فرأت سبعة ثم استحيضت في الشهر الآخر جلست السبعة وإن نسيت العادة عملت بالتمييز الصالح ولو تنقل من غير تكرار فإن لم يكن لها تمييز أو كان وليس بصالح فهي المتحيرة لا تفتقر استحاضتها إلى تكرار أيضا تجلس غالب الحيض إن اتسع شهرها له وإلا جلست الفاضل بعد أقل الطهر كأن يكون شهرها ثمانية عشر يوما فإنها تجلس الزائد عن أقل الطهر بين الحيضتين فقط وهو هنا خمسة أيام لئلا ينقص الطهر عن أقله وإن جهلت شهرها جلسته من شهر هلالي وشهر المرأة هو الذي يجتمع لها فيه حيض وطهر صحيحان وأقل ذلك أربعة عشر يوما: يوم للحيض وثلاثة عشر للطهر ولا حد لأكثره وغالبه الشهر الهلالي ولا تكون معتادة حتى تعرف شهرها ووقت حيضها وطهرها منه ويتكرر وإن علمت عدد أيامها ونسيت موضعها جلستها من أول كل شهر هلالي وكذا من عدمتهما فإن عرفت ابتداء الدم فهو أول دورها وما جلسته ناسية من حيض مشكوك فيه كحيض يقينا وما زاد على ما تجلسه إلى أكثره كطهر متيقن وغيرهما استحاضة وإن ذكرت عادتها رجعت إليها وقضت الواجب زمن العادة المنسية وزمن جلوسها في غيرها وكذا الحكم في كل موضع حيض من لا عادة لها ولا تمييز: مثل المبتدأة إذا لم تتعرف وقت ابتداء دمها ولا تمييز لها وإن علمت أيامها في وقت من الشهر ونسيت موضعها: فإن كانت أيامها نصف الوقت فأقل فحيضها من أولها أو بالتحري وليس لها حيض بيقين وإن زاد على النصف

 

ج / 1 ص -68-    مثل أن تعلم أن حيضها ستة أيام من العشر الأول ضم الزائد وهو يوم إلى مثله مما قبله وهو يوم فيكونان حيضا بيقين يبقى لها أربعة أيام فإن جلستها من الأول كان حيضها من أول العشر إلى آخر السادس: منها يومان حيض بيقين والأربعة حيض مشكوك فيه وإن جلست بالتحري فأداها اجتهادها إلى أنها من أول العشر فهي كالتي ذكرنا وإن جلست الأربعة من آخر العشر كانت حيضا مشكوك فيه والأربعة الأولى طهر مشكوك فيه وإن قالت حيضي سبعة أيام من العشر فقد زادت يومين على نصف الوقت فتضمهما إلى يومين قبلهما فيصير لها أربعة أيام حيضا بيقين من أول الرابع إلى آخر السابع ويبقى لها ثلاثة أيام تجلسها كما تقدم وحكم الحيض المشكوك فيه حكم المتيقن في ترك العبادات كما تقدم وإن شئت أسقطت الزائد من أيامها من آخر المدة ومثله من أولها فما بقى فهو حيض بيقين والشك فيما بقى من الوقت المعين وإن علمت موضع حيضها ونسيت عدده جلست فيه غالب الحيض وإن تغيرت العادة بزيادة أو تقدم أو تأخر أو انتقال فكدم زائد على أقل حيض مبتدأه فلو لم يعد أو أيست قبل تكراره لم تقض وعنه تصير إليه من غير تكرار اختاره جمع وعليه العمل ولا يسع النساء العمل بغيره وإن طهرت في أثناء عادتها طهرا خالصا لا تتغير معه القطنة إذا احتشتها ولو أقل مدة فهي ظاهر تغتسل وتصلى ولا يكره وطؤها فإن عاودها الدم في أثناء العادة ولم يجاوزها جلسته وإن جاوزها ولم يعبر أكثر الحيض لم تجلسه حتى يتكرر وإن عبر أكثره فليس بحيض وإن

 

ج / 1 ص -69-    عاودها بعد العادة فلا يخلو: إما أن يمكن جعله حيضا أو لا فإن أمكن بأن يكون بضمه إلى الدم الأول لا يكون بين طرفيها أكثر من أكثر الحيض فيلفقان ويجعلان حيضة واحدة إن تكرر أو يكون بينهما أقل الطهر ثلاثة عشر يوما وكل من الدمين يصلح أن يكون حيضا بمفرده فيكونان حيضتين إذا تكرر وإن نقض أحدهما عن أقل الحيض فهم دم فاسد إذا لم يمكن ضمه إلى ما بعده وإن لم يمكن جعله حيضا لعبوره أكثر الحيض وليس بينه وبين الدم الأول أقل الطهر فهذا استحاضة سواء تكرر أم لا ويظهر ذلك بالمثال فلو كانت العادة عشرة أيام مثلا فرأت منها خمسة دما وطهرت الخمسة الباقية ثم رأت خمسة دما وتكرر ذلك فالخمسة الأولى والثالثة حيضة واحدة بالتلفيق ولو رأت الثاني ستة أو سبعة لم يمكن أن يكون حيضا ولو كانت رأت يوما دما وثلاثة عشر طهرا ثم رأت يوما دما وتكرر منهما حيضتان لوجود طهر صحيح بينهما ولو رأت يومين دما وأثنى عشر يوما طهرا ثم يومين دما فهنا لا يمكن جعلهما حيضة واحدة لزيادة الدمين مع ما بينهما من الطهر على أكثر الحيض ولا جعلهما حيضتين لانتفاء طهر صحيح بينهما فيكون الحيض منهما ما وافق العادة والآخر استحاضة والصفرة والكدرة في أيام العادة حيض لا بعدها ولو تكرر.

فصل في التلفيق
ومعناه ضم الدماء بعضها إلى بعض إن تخللها طهر وصلح زمانه أن يكون حيضا فمن كانت ترى يوما أو أقل أو أكثر دما يبلغ مجموعه أقل الحيض فأكثر وطهرا متخللا فالدم حيض ملفق

 

ج / 1 ص -70-    والباقي طهر تغتسل فيه وتصوم وتصلى ويكره وطؤها إلا أن يجاوز زمن الدم والنقاء أكثره فتكون مستحاضة وتجلس المبتدأة من هذا الدم أقل الحيض والباقي إن تكرر فهو حيض بشرطه وإلا فاستحاضة وإذا أرادت المستحاضة الطهارة فتغسل فرجها وتحتشي بقطن أو ما يقوم مقامه فإن لم يمنع ذلك الدم عصبته بشيء طاهر يمنع الدم حسب الإمكان بخرقة عريضة مشقوقة الطرفين تتلجم بها وتوثق طرفيها في شيء آخر قد شدته على وسطها فإن غلب وقطر بعد ذلك لم تبطل طهارتها ولا يلزمها إذن إعادة شك وغسله لكل صلاة إن لم تفرط وتتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء وإلا فلا وتصلى ما شاءت حتى جمعا بين فرضين ولها الطواف ولو لم تطل استحاضتها وتصلى عقب طهرها ندبا فإن أخرت لو لغير حاجة لم يضر وإن كان لها عادة بانقطاعه زمنا يسع الوضوء والصلاة تعين فعلهما فيه وإن عرض هذا الانقطاع بعد طهارتها لمن عادتها الاتصال بطلت طهارتها ولزمها استئنافها فإن وجد قبل الدخول في الصلاة لم يجز الشروع إليها فإن خالفت وشرعت واستمر الانقطاع زمنا يتسع للوضوء والصلاة فيه فصلاتها باطلة وإن عاد قبل ذلك فطهارتها صحيحة وتجب إعادة الصلاة وإن عرض في أثناء الصلاة أبطلها مع الوضوء ومجرد الانقطاع يوجب الانصراف إلا أن تكون لها عادة بانقطاع يسير ولو توضأت من لها عادة بانقطاع يسير فاتصل الانقطاع حتى اتسع أو برئت بطل وضوؤها إن وجد منها دم وإن كان الوقت لا يتسع لها لم يؤثر ولو كثر الانقطاع واختلف بتقدم وتأخر وقلة وكثرة

 

ج / 1 ص -71-    ووجد مرة وعدم أخرى ولم تكن لها عادة مستقيمة باتصال ولا بانقطاع فهذه كمن عادتها الاتصال في بطلان الوضوء بالانقطاع المتسع للوضوء والصلاة دون ما دونه وفي سائر ما تقدم إلا أنها لا تمنع من الدخول في الصلاة والمضي فيها بمجرد الانقطاع قبل تعيين اتساعه ولا يكفيها نية رفع الحدث وتكفى نية الاستباحة فأما تعيين النية للفرض فلا يعتبر وتبطل طهارتها بخروج الوقت أيضا ولا يصح وضوؤها لفرض قبل وقته ومثل المستحاضة: لا في الغسل لكل صلاة: من به سلس البول والريح والجريح الذي لا يرقأ دمه والرعاف الدائم لكن عليه أن يحتشي وإن كان مما لا يمكن عصبه كالجرح الذي لا يمكن شده أو من به باسور أو ناصور ولا يمكن عصبه صلى على حسب حاله ولو قدر على حبسه حال القيام لا حال الركوع والسجود لزمه أن يركع ويسجد نصا ولا يومئ كالمكان النجس ولو امتنعت القراءة أو لحقه السلس إن صلى قائما صلى قاعدا ولو كان لو قام وقعد لم يحبسه ولو استلقى حبسه صلى قائما أو قاعدا قاله أبو المعالي فإن كانت الريح تماسك جالسا لا ساجدا لزمه السجود بالأرض نصا ولا يباح وطء المستحاضة من غير خوف العنت منه أو منها فإن كان أبيح ولو لواجد الطول لنكاح غيرها والشبق الشديد كخوف العنت ويجوز شرب دواء مباح لقطع الحيض مع أمن الضرر نصا قال القاضي: لا يباح إلا بإذن الزوج وفعل الرجل ذلك بها من غير علمها بتوجه تحريمه ومثله شربه

 

ج / 1 ص -72-    كافورا ولا يجوز ما يقطع الحمل ويجوز شرب دواء لحصول الحيض لا قرب رمضان لتفطره

فصل وأكثر مدة النفاس أربعون يوما
من ابتداء خروج بعض الولد فإن رأته قبله بثلاثة أيام فأقل بأمارته فنفاس ولا يحسب من مدته وإن جاوز الأربعين وصادف عادة حيضها فحيض فإن زاد على العادة ولو يجاوز أكثر الحيض أو لو يصادف عادة ولو يجاوز أكثره أيضا فحيض إن تكرر وإلا فاستحاضة ولا تدخل استحاضة في مدة نفاس ويثبت حكم النفاس ولو بتعديها بوضع ما يتبين فيه خلق الإنسان نصا ولا حد لأقله فيثبت حكمه ولو بقطرة فإن انقطع في مدته فطاهر تغتسل وتصلى لأنه طهر صحيح ويكره وطؤها قبل الأربعين بعد التطهير فإن عاد فيها فمشكوك فيه كما لو لم تره ثم رأته في المدة فتصوم وتصلى وتقضى صوم الفرض ولا يأتيها في الفرج وإن ولدت توأمين فأول النفاس وآخره من الأول فلو كان بينهما أربعون فلا نفاس للثاني نصا بل هو دم فساد ويجوز شرب دوار لإلقاء نطفة.