الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
كتاب الصلاة
باب الصلاة
...
كتاب الصلاة :
فائدتان
إحداهما: للصلاة معنيان معنى في اللغة ومعنى
في الشرع فمعناها في اللغة الدعاء وهي في
الشرع عبارة عن الأفعال المعلومة من القيام
والقعود والركوع والسجود وما يتعلق به من
القراءة والذكر مفتتحة بالتكبير مختتمة
بالتسليم قال الزركشي هي عبارة عن هيئة مخصوصة
مشتملة على ركوع وسجود وذكره انتهى وسميت صلاة
لاشتمالها على الدعاء وهذا هو الصحيح الذي
عليه جمهور العلماء من الفقهاء وأهل العربية
وغيرهم.
وقال بعض العلماء إنما سميت صلاة لأنها ثانية
لشهادة التوحيد كالمصلى من السابق في الخيل
وقيل: سميت صلاة لما يعود على صاحبها من
البركة وتسمى البركة صلاة في اللغة وقيل:
لأنها تفضي إلى المغفرة التي هي مقصودة
بالصلاة وقيل: سميت صلاة لما تتضمن من الخشوع
والخشية لله مأخوذ من صليت العود إذا لينته
والمصلي يلين ويخشع وقيل: سميت صلاة لأن
المصلي يتبع من تقدمه فجبريل أول من تقدم
بفعلها والنبي صلى الله عليه وسلم تبعا له
ومصليا ثم المصلون بعده وقيل: سميت صلاة لأن
رأس المأموم عند صلوى إمامه و الصلوان عظمان
عن يمين الذنب ويساره في موضع الردف ذكر ذلك
في النهاية إلا القول الثاني فإنه ذكره في
الفروع.
الثانية: فرضت الصلاة ليلة الإسراء وهو قبل
الهجرة بنحو خمس سنين وقيل: ستة وقيل: بعد
البعثة بنحو سنة.
تنبيه: دخل في عموم قوله: "وهي واجبة على كل
مسلم من أسلم قبل بلوغ الشرع له كمن أسلم في
دار الحرب ونحوه وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به الأكثر قال في الفروع ويقضيها
مسلم قبل بلوغ الشرع وقيل: لا يقضيها ذكره
القاضي واختاره الشيخ تقي الدين بناء على أن
الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم قال في الفائق
وخرج روايتان في ثبوت حكم الخطاب قبل المعرفة
انتهى وقيل: لا يقضي حربي قال الشيخ تقي الدين
والوجهان في كل من ترك واجبا قبل بلوغ الشرع
كمن لم يتيمم لعدم الماء لظنه عدم الصحة به أو
لم يزك أو أكل حتى تبين له الخيط الأبيض من
الخيط الأسود لظنه ذلك أو لم تصل مستحاضة
ونحوه قال والأصح لا فرضا قال في الفروع
ومراده ولم يقض وإلا أثم وكذا لو عامل بربى أو
نكح فاسدا ثم تبين له التحريم.
قوله: "وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل إلا
الحائض والنفساء" يعني لا
(1/276)
تجب الصلاة
عليهما وهو الصحيح من المذهب: مطلقا وعليه
الأصحاب ولنا وجه أن النفساء إذا طرحت نفسها
لا تسقط الصلاة عنها وأطلق الخلاف جماعة منهم
ابن تميم.
قوله: "وتجب على النائم ومن زال عقله بسكر أو
إغماء أو شرب دواء".
اما النائم فتجب الصلاة عليه إجماعا ويجب
إعلامه إذا ضاق الوقت على الصحيح جزم به أبو
الخطاب في التمهيد وقيل: لا يجب إعلامه وقيل:
يجب ولو لم يضق الوقت بل بمجرد دخوله وهذه
احتمالات مطلقات في الرعاية والفروع.
وأما من زال عقله بسكر فالصحيح من المذهب:
وجوب الصلاة مطلقا عليه وعليه الأصحاب وقطع به
أكثرهم وكذا من زال عقله بمحرم واختار الشيخ
تقي الدين عدم الوجوب في ذلك كله وقال في
الفتاوى المصرية تلزمه بلا نزاع وقيل: لا تجب
إذا سكر مكرها وذكره القاضي في الخلاف قياس
المذهب.
وتجب على من زال عقله بمرض بلا نزاع فعلى
المذهب لو جن متصلا بكره ففي وجوبها عليه زمن
جنونه احتمالان وأطلقهما في الفروع وهي لأبي
المعالي في النهاية.
قلت: الذي يظهر الوجوب تغليظا عليه كالمرتد
على ما يأتي قريبا وقال ابن تميم ويباح من
السموم تداويا ما الغالب عنه السلامة في أصح
الوجهين الثاني لا يباح كما لو كان الغالب منه
الهلاك وهو احتمال في المغني والذي قدمه وصححه
فيه ما صححه ابن تميم وغيره
وأما المغمى عليه فالصحيح من المذهب: وجوبها
عليه مطلقا نص عليه في رواية صالح وبن منصور
وأبي طالب وبكر بن محمد كالنائم وعليه جماهير
الأصحاب وهو من المفردات وقيل: لا تجب عليه
كالمجنون واختاره في الفائق.
وأما إذا زال عقله بشرب دواء يعني مباحا
فالصحيح من المذهب: وجوب الصلاة عليه وعليه
جماهير الأصحاب وهي من المفردات وقيل: لا تجب
عليه وذكر القاضي وجها أن الإغماء بتناول
المباح يسقط الوجوب والإغماء بالمرض لا يسقطه
لأنه ربما امتنع من شرب الدواء خوفا من مشقة
القضاء فتفوت مصلحته وقال المصنف في المغني
ومن تبعه من شرب دواء فزال عقله به فإن كان
زوالا لا يدوم كثيرا فهو كالإغماء وإن تطاول
فهو كالجنون.
قوله: "ولا تجب على كافر".
الكافر لا يخلو إما أن يكون أصليا أو مرتدا
فإن كان أصليا لم تجب عليه بمعنى أنه إذا أسلم
لم يقضها وهذا إجماع وأما وجوبها بمعنى أنه
مخاطب بها فالصحيح من المذهب: أنهم مخاطبون
بفروع الإسلام وعليه الجمهور وعنه ليسوا
بمخاطبين بها وعنه مخاطبون بالنواهي دون
الأوامر قال في الرعاية ولا تلزم كافرا أصليا
وعنه تلزمه وهي أصح انتهى ومحل ذلك أصول
الفقه.
(1/277)
وإن كان مرتدا
فالصحيح من المذهب: أنه يقضي ما تركه قبل ردته
ولا يقضي ما فاته زمن ردته قال القاضي وصاحب
الفروع وغيرهما هذا المذهب واختاره ابن حامد
والشارح وقدمه المجد في شرحه وابن عبيدان
ونصراه وقدمه ابن تميم وبن حمدان في رعايته
الصغرى مع أن كلامه محتمل قال في الفائدة:
السادسة: عشر والصحيح عدم وجوب العبادة عليه
في حال الردة وعدم إلزامه بقضائها بعد عوده
إلى الإسلام انتهى وعنه يقضي ما تركه قبل ردته
وبعدها وجزم به في الإفادات في الصلاة والزكاة
والصوم والحج وقدمه في الفروع لكن قال المذهب
الأول كما تقدم وقدمه في الرعاية الكبرى: وابن
عبيدان ونصره وعنه لا يقضي ما تركه قبل ردته
ولا بعدها وهو ظاهر كلام الخرقي قال ابن منجا
في شرحه هذا المذهب قال في التلخيص والبلغة
هذا أصح الروايتين واختاره وأطلقهن في المغني
والشرح والفائق واختار الأخيرة وقدم في
الحاويين أنه لا قضاء عليه فيما تركه حالة
ردته وأطلق الوجهين في وجوب ما تركه قبل الردة
وقال في المستوعب ويقضي ما تركه قبل ردته
رواية واحدة وقد قال المصنف في هذا الكتاب في
باب حكم المرتد وإذا أسلم فهل يلزمه قضاء ما
تركه من العبادات في ردته على روايتين قال في
القواعد الأصولية إذا أسلم المرتد فهل يلزمه
قضاء ما تركه من العبادات زمن الردة على
روايتين المذهب عدم اللزوم بناهما ابن الصيرفي
والطوفي على أن الكفار هل يخاطبون بفروع
الإسلام أم لا قال وفيه نظر من وجهين وذكرهما.
فائدة: في بطلان استطاعة قادر على الحج بردته
ووجوبه باستطاعته في ردته فقط هاتان الروايتان
نقلا ومذهبا فعلى القول بالقضاء في أصل
المسألة لو طرأ عليه جنون في ردته فالصحيح من
المذهب: أنه يقضي ما فاته في حال جنونه لأن
عدمه رخصة تخفيفا قدمه في الفروع ومختصر ابن
تميم وابن عبيدان وغيرهم واختاره أبو المعالي
ابن منجا وغيره
قلت: فيعايى بها وقيل: لا يقضي كالحائض.
تنبيه: الخلاف المتقدم في قضاء الصلاة جار في
الزكاة إن بقي ملكه على ما يأتي وكذا هو جار
في الصوم فإن لزمته الزكاة أخذها الإمام وينوي
بها للتعذر وإن لم تكن قربة كسائر الحقوق
والممتنع من الزكاة كالممتنع من أداء الحقوق
ذكره الأصحاب وإن أسلم بعد أخذ الإمام أجزأته
ظاهرا وفيه باطنا وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت: الصواب الإجزاء.
وقيل: إن أسلم قضاها على الأصح ولا يجزيه
إخراجه حال كفره زاد غير واحد من الأصحاب
وقيل: ولا قبله قاله في الفروع.
(1/278)
ولم أفهم معناه
إلا أن يريد أن أخرجها قبل الردة مراعى فإن
استمر على الإسلام أجزأت وإن ارتد لم تجزه
كالحج ويحتمل أن يريد إذا عجلها قبل أن يرتد
ثم ارتد وحال الحول عليه وهو ولم ينقطع حوله
بردته فيه وإلا انقطع
وأما إعادة الحج إذا فعله قبل ردته فالصحيح من
المذهب: أنه لا يلزمه إعادته نص عليه قال
المجد في شرحه هذا هو الصحيح قال في تجريد
العناية ولا تبطل عباداته في إسلامه إذا عاد
ولو الحج على الأظهر وجزم به المصنف في هذا
الكتاب في باب حكم المرتد وصححه القاضي
والموفق في شرح مناسك المقنع وقدمه ابن تميم
وابن عبيدان والحاوي الكبير واختاره ابن عبدوس
في تذكرته ذكره في باب الحج ونص على ذلك
الإمام أحمد وعنه يلزمه جزم به ابن عقيل في
الفصول ذكره في كتاب الحج وجزم به في الجامع
الصغير والإفادات قال أبو الحسن الحوزي وجماعة
يبطل الحج بالردة واختار الإعادة أيضا القاضي
وصححه في الرعايتين والحاويين في كتاب الحج
وأطلقهما في المحرر والفروع والرعاية الكبرى:
والفائق.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب حكم المرتد.
فعلى القول بلزوم الإعادة قيل بحبوط العمل
وتقدم كلام الجوزي وغيره وقيل: كإيمانه فإنه
لا يبطل ويلزمه ثانيا والوجهان في كلام القاضي
وغيره.
قال الشيخ تقي الدين اختار الأكثر أن الردة لا
تحبط العمل إلا بالموت عليها قال جماعة
الإحباط إنما ينصرف إلى الثواب دون حقيقة
العمل لبقاء صحة صلاة من صلى خلفه وحل ما كان
ذبحه وعدم نقض تصرفه.
فائدتان
إحداهما: لو أسلم بعد الصلاة في وقتها وكان قد
صلاها قبل ردته فحكمها حكم الحج على ما تقدم
من الخلاف في المذهب على الصحيح من المذهب:
وقال القاضي لا يلزمه هنا إعادة الصلاة وإن
لزمه إعادة الحج لفعلها في إسلامه الثاني
وقدمه في الرعاية الكبرى.
الثانية: قال الأصحاب لا تبطل عبادة فعلها في
الإسلام السابق إذا عاد إلى الإسلام إلا ما
تقدم من الحج والصلاة وهذا المذهب وقال في
الرعاية إن صام قبل الردة ففي القضاء وجهان.
قوله: "ولا مجنون".
يعني أنها لا تجب على المجنون وهو المذهب
وعليه الأصحاب وعنه تجب عليه فيقضيها وهي من
المفردات وأطلقهما في الحاويين وقال في
المستوعب لا تجب على الأبله الذي لا يعقل وقال
في الصوم لا يجب على المجنون ولا على الأبله
للذين لا يفيقان وقال
(1/279)
في الرعاية
يقضي الأبله مع قوله: "في الصوم الأبله
كالمجنون ذكره عنه في الفروع ثم قال كذا ذكر.
قلت: ليس المراد والله أعلم ما قاله صاحب
الفروع وإنما قال يقضي على قول وهذا لفظه
ويقضيها مع زوال عقله بنوم كذا وكذا ثم قال أو
بشرب دواء ثم قال وقيل: محرم أو أبله وعنه أو
مجنون فهو إنما حكى القضاء في الأبله قولا فهو
موافق لما قاله في الصوم فما بين كلامه في
الموضعين تناف بل كلامه متفق فيهما وجزم بعض
الأصحاب إن زال عقله بغير جنون لم يسقط وقدمه
بعضهم وقال في القاعدة الثانية: بعد المائة لو
ضرب رأسه فجن لم يجب عليه القضاء على الصحيح.
قوله: "وإذا صلى الكافر حكم بإسلامه".
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه الأصحاب وجزم
به كثير منهم وهو من مفردات المذهب وذكر أبو
محمد التميمي في شرح الإرشاد إن صلى جماعة حكم
بإسلامه لا إن صلى منفردا وقال في الفائق وهل
الحكم للصلاة أو لتضمنها الشهادة فيه وجهان
ذكرهما ابن الزاغوني.
فائدة: في صحة صلاته في الظاهر وجهان وفي ابن
الزاغوني روايتين وأطلقهما في الفروع وجزم في
المستوعب والرعايتين وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم
بإعادة الصلاة قال القاضي صلاته باطلة ذكره في
النكت قال الشيخ تقي الدين شرط الصلاة تقدم
الشهادة المسبوقة بالإسلام فإذا تقرب بالصلاة
يكون بها مسلما وإن كان محدثا ولا يصح
الائتمام به لفقد شرطه لا لفقد الإسلام وعلى
هذا عليه أن يعيدها.
والوجه الثاني: تصح في الظاهر اختاره أبو
الخطاب فعليه تصح إمامته على الصحيح نص عليه
وقيل: تصح قال أبو الخطاب الأصوب أنه إن أقال
بعد الفراغ إنما فعلتها وقد اعتقدت الإسلام
قلنا صلاته صحيحة وصلاة من صلى خلفه وإن قال
فعلتها تهزؤا قبلنا منه فيما عليه من إلزام
الفرائض ولم نقبل منه فيما يؤثره من دينه قال
في المغني إن علم أنه كان قد أسلم ثم توضأ
وصلى بنية صحيحة فصلاته صحيحة وإلا فعليه
الإعادة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يسلم بغير فعل
الصلاة من العبادات والمذهب أنه يسلم إذا أذن
في وقته ومحله لا أعلم فيه نزاعا ويحكم
بإسلامه أيضا إذا أذن في غير وقته ومحله على
الصحيح من المذهب: وهو ظاهر ما جزم به في
الرعاية الصغرى والحاوي الكبير في باب الأذان
وقدمه في الفروع وقيل: لا يحكم بإسلامه
وأطلقهما في الرعاية الكبرى: وابن تميم فعلى
المذهب لا يعتد بذلك والصحيح من المذهب: أنه
لا يحكم بإسلامه بصومه قاصدا رمضان وزكاة ماله
وحجه وهو ظاهر كلام اكثر الأصحاب وجزم به في
المغني في باب المرتد والتزمه المجد وابن
عبيدان في غير الحج وهو ظاهر كلام المصنف هنا
وقيل:
(1/280)
يحكم بإسلامه
بفعل ذلك اختاره أبو الخطاب وأطلقهما في
الفروع والرعاية وابن تميم واختار القاضي يحكم
بإسلامه بالحج فقط والتزمه المجد وابن عبيدان
وقيل: يحكم بإسلامه ببقية الشرائع والأقوال
المختصة بنا كجنازة وسجدة تلاوة قال في الفروع
ويدخل فيه كل ما يكفر المسلم بإنكاره إذا أقر
به الكافر قال وهذا متجه.
قوله: "ولا تجب على صبي".
لا يخلو الصبي إما أن يكون سنه دون التمييز أو
يكون مميزا.
فإن كان دون التمييز لم تجب عليه العبادة قولا
واحدا ولم تصح منه على الصحيح وذكر المصنف
وغيره أن ابن سبع تصح طهارته وذكر المصنف أيضا
أن ظاهر الخرقي صحة صلاة العاقل من غير تقدير
بسن وذكر المصنف أيضا أن ظاهر الخرقي ابن ثلاث
سنين أيضا ونحوه يصح إسلامه إذا عقله.
وأما إن كان مميزا أو هو ابن سبع سنين عند
الجمهور واختار في الرعاية ابن ست وقال في
القواعد الأصولية وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه
ابن عشر وقال ابن أبي الفتح في المطلع هو الذي
يفهم الخطاب ويرد الجواب ولا ينضبط بسن بل
يختلف باختلاف الأفهام وقاله الطوفي في مختصره
في الأصول.
قلت: وهو الصواب والاشتقاق يدل عليه ولعله
مراد الأول وأن ابن ست أو سبع يفهم ذلك غالبا
وضبطوه بالسن.
إذا علمت ذلك فالمذهب أن الصلاة وغيرها من
العبادات البدنية لا تجب عليه إلا أن يبلغ
وعليه جماهير الأصحاب وعنه تجب على من بلغ
عشرا قال في الفائق والقواعد اختارها أبو بكر
وظاهر كلامه في الجارية إذا بلغت تسعا تجب
عليها وعنه تجب على المراهق اختارها أبو الحسن
التميمي وابن عقيل أيضا ذكره في الأصول قال
أبو المعالي ونقل عن أحمد في ابن أربع عشرة
إذا ترك الصلاة قتل وعنه تجب على المميز ذكرها
المصنف وغيره وأنه مكلف وذكرها في المذهب
وغيره في الجمعة قال في الجمعة قال في القواعد
الأصولية وأذا أوجبنا الصلاة عليه فهل الوجوب
مختص بما عدا الجمعة أم يعم الجمعة وغيرها فيه
وجهان لأصحابنا أصحهما لا يلزمه الجمعة وإن
قلنا بتكليفه في الصلاة قال المجد هو كالإجماع
للخبر.
قلت: ظاهر كلام كثير من الأصحاب التسوية بين
الجمعة وغيرها وهو الصحيح من المذهب: قدمه في
الفروع في باب الجمعة ويأتي أيضا هناك.
(1/281)
فعلى القول
بعدم الوجوب على المميز لو فعلها صحت منه بلا
نزاع ويكون ثواب عمله لنفسه ذكره المصنف في
غير موضع من كلامه وذكره الشيخ تقي الدين
واختاره ابن عقيل في المجلد التاسع عشر من
الفنون وقاله ابن هبيرة وقال ابن عقيل أيضا في
بعض كتبه الصبي ليس من أهل الثواب والعقاب
ورده في الفروع وقال بعض الأصحاب في طريقته في
مسألة تصرفه ثوابه لوالديه.
قوله: "ويؤمر بها لسبع".
اعلم أنه يجب على الولي أمره بها وتعليمه
إياها والطهارة نص عليه في رواية أبي داود
خلافا لما قاله ابن عقيل في مناظراته وقال ابن
الجوزي لا يجب على ولي صغير ومجنون أن ينزههما
عن النجاسة ولا أن يزيلها عنهما بل يستحب وذكر
وجها أن الطهارة تلزم المميز.
قوله: "ويضرب على تركها لعشر".
اعلم أن ضرب ابن عشر على تركها واجب على القول
بعدم وجوبها عليه قاله القاضي وغيره.
فائدة: حيث قلنا "تصح من الصغير فيشترط لها ما
يشترط لصحة صلاة الكبير مطلقا على الصحيح من
المذهب قال المصنف وتبعه الشارح: إلا في
السترة لأن قوله عليه أفضل الصلاة والسلام "لا
يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" يدل على صحتها
بدون الخمار ممن لم تحض.
قوله: "فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها
لزمه إعادتها".
يعني إذا قلنا إنها لا تجب عليه إلا بالبلوغ
وهذا المذهب نص عليه وعليه الجمهور وقطع به
كثير منهم وقيل: لا يلزمه الإعادة فيهما وهو
تخريج لأبي الخطاب واختاره الشيخ تقي الدين
وصاحب الفائق واختار القاضي أنه لا يجب قضاؤها
إذا بلغ بعد فراغها اختاره في شرح المذهب
وقيل: إن لزمته وأتمها كفته ولم يجب قضاؤها
إذا بلغ قاله في الرعاية.
فائدة: حيث وجبت وهو فيها لزمه إتمامها على
القول بإعادتها.
قلت: فيعايى بها.
وحيث قلنا لا تجب فهل يلزمه إتمامها مبني على
الخلاف فيمن دخل في نفل هل يلزمه إتمامه على
ما يأتي في صوم التطوع وقدم أبو المعالي في
النهاية وتبعه ابن عبيدان: أنه يتمها وذكر
الثاني احتمالا.
فعلى المذهب في أصل المسألة لو توضأ قبل بلوغه
ثم بلغ وهو على تلك الطهارة لم يلزمه إعادتها
كوضوء البالغ قبل الوقت وهو غير مقصود في نفسه
وقصاراه أن يكون كوضوء البالغ للنافلة بخلاف
التيمم على ما تقدم محررا في التيمم قبل قوله:
"ويبطل التيمم بخروج الوقت".
(1/282)
فائدة: لو أسلم
كافر لم يلزمه إعادة الإسلام بعد إسلامه لأن
أصل الدين لا يصح نفلا فإذا وجد فهو على وجه
الوجوب ولأنه يصح بفعل غيره وهو الأب وذكر أبو
المعالي خلافا وقال أبو البقاء الإسلام أصل
العبادات وأعلاها فلا يصح القياس عليه ومع
التسليم فقال بعض أصحابنا يجب عليه إعادته.
قوله: "ولا يجوز لمن وجبت عليه الصلاة تأخيرها
عن وقتها إلا أن ينوي الجمع أو لمشتغل
بشرطها".
زاد غير واحد إذا كان ذاكرا لها قادرا على
فعلها وهو مراد لمن لم يذكر ذلك.
ويجوز تأخير الصلاة عن وقتها لمن ينوي الجمع
على ما يأتي في بابه لأن الوقتين كالوقت
الواحد لأجل ذلك.
وقطع المصنف هنا بجواز التأخير إذا كان مشتغلا
بشرطها وكذا قال في الوجيز وابن تميم
والرعايتين والحاويين والشرح وغيرهم ولم يذكر
الاشتغال بالشرط في الهداية والمستوعب
والخلاصة والنهاية له وغيرهم.
واعلم أن اشتغاله بشرطها على قسمين قسم لا
يحصل إلا بعد زمن طويل فهذا لا يجوز تأخيرها
لأجل تحصيله جزم به في الفروع.
وقسم يحصل بعد زمن قريب فأكثر الأصحاب يجوزونه
وقدمه في الفروع وغيره وجزم به المصنف وغيره
ولم يذكره في المستوعب والهداية والخلاصة
والنهاية كما تقدم.
وقال الشيخ تقي الدين وأما قول بعض الأصحاب لا
يجوز تأخيرها عن وقتها إلا لناوي جمعها أو
لمشتغل بشرطها فهذا لم يقله أحد قبله من
الأصحاب بل من سائر طوائف المسلمين إلا أن
يكون بعض أصحابنا والشافعي فهذا لا شك فيه ولا
ريب أنه ليس على عمومه وإنما أراد صورا معروفة
كما إذا أمكن الواصل إلى البئر أن يضع حبلا
يستقى به ولا يفرغ إلا بعد الوقت أو أمكن
العريان أن يخيط ثوبا ولا يفرغ إلا بعد الوقت
ونحو هذه الصور ومع هذا فالذي قاله هو خلاف
المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه وجماهير
العلماء وما أظن يوافقه إلا بعض أصحاب الشافعي
قال ويؤيد ما ذكرناه أيضا أن العريان لو أمكنه
أن يذهب إلى قرية يشتري منها ثوبا ولا يصل إلا
بعد الوقت لا يجوز له التأخير بلا نزاع وكذلك
العاجز عن تعلم التكبير والتشهد الأخير إذا
ضاق الوقت صلى حسب حاله وكذلك المستحاضة إذا
كان دمها ينقطع بعد الوقت لم يجز لها التأخير
بل تصلى في الوقت بحسب حالها انتهى
وتقدم اختياره إن استيقظ أول الوقت.
واختار أيضا تقديم الشرط إذا استيقظ آخر الوقت
وهو جنب وخاف إن اغتسل خرج الوقت اغتسل وصلى
ولو خرج الوقت وكذلك لو نسيها تقدم ذلك كله
عند قوله: "ولا يجوز لواجد الماء التيمم خوفا
من فوات المكتوبة".
(1/283)
وقال ابن منجا
في شرحه: في جواز التأخير لأجل الاشتغال
بالشروط نظر وذلك من وجهين.
أحدهما: أنه لم ينقله أحد من الأصحاب ممن تقدم
المصنف رحمه الله ممن يعلمه بل نقلوا عدم
الجواز واستثنوا من نوى الجمع لا غير وذكر ذلك
أبو الخطاب في هدايته وصاحب النهاية فيها وفي
خلاصته.
وثانيهما أن ذلك يدخل فيه من أخر الصلاة عمدا
حتى بقي من الوقت مقدار الصلاة ولا وجه لجواز
التأخير له انتهى وقال ذلك أيضا ابن عبيدان:
في شرحه وتقدم في آخر التيمم إذا خاف فوت
الصلاة المكتوبة أو الجنازة ونحوهما هل يشتغل
بالشرط أو يتيمم ويأتي آخر صلاة الخوف هل يؤخر
الصلاة عن وقتها إذا اشتد الخوف أم لا؟.
تنبيه: مفهوم قوله: "ولا يجوز تأخير الصلاة عن
وقتها أنه يجوز تأخيرها إلى أثناء وقتها وهو
صحيح إذ لا شك أن أوقات الصلوات الخمس أوقات
موسعة لكن قيد ذلك الأصحاب بما إذا لم يظن
مانعا من الصلاة كموت وقتل وحيض وكمن أعير
سترة أول الوقت فقط أو متوضئ عدم الماء في
السفر وطهارته لا تبقى إلى آخر الوقت ولا يرجو
وجوده وتقدم إذا كانت للمستحاضة عادة بانقطاع
دمها في وقت يتسع لفعل الصلاة أنه يتعين لها.
فإذا انتفت هذه الموانع جاز له تأخيرها إلى أن
يبقى قدر فعلها لكن بشرط عزمه على الفعل على
الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وقيل:
يجوز التأخير بدون العزم واختاره أبو الخطاب
في التمهيد وذكره المجد ذكره القاضي في بعض
المواضع قاله ابن عبيدان: قال في القواعد
الأصولية ومال إليه القاضي في الكفاية وينبني
على القولين هل يأثم المتردد حتى يضيق وقتها
عن بعضها أم لا؟.
فائدتان
إحداهما: يحرم التأخير بلا عذر إلى وقت
الضرورة على الصحيح من المذهب: وقاله أبو
المعالي وغيره في العصر وقيل: لا يحرم مطلقا
قال في الفروع ولعل مرادهم لا يكره أداؤها
ويأتي في باب شروط الصلاة.
الثانية: لو مات من جاز له التأخير قبل الفعل
لم يأثم على الصحيح من المذهب: وقيل: يأثم
فعلى المذهب يسقط إذن بموته قال القاضي وغيره
لأنها لا تدخلها النيابة فلا فائدة: في بقائها
في الذمة بخلاف الزكاة والحج.
قوله: "وإن تركها تهاونا لا جحودا دعي إلى
فعلها فإن أبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب
قتله".
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب قال في الفروع
اختاره الأكثر قال الزركشي: وهو.
(1/284)
المشهور انتهى
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في
الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في
الفروع والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية
وتجريد العناية وغيرهم وعنه يجب قتله إذا أبى
حتى تضايق وقت أول صلاة اختاره المجد وصاحب
مجمع البحرين: والحاوي الكبير وغيرهم قال في
الفروع وهي أظهر وهو ظاهر الكافي وقدمه ابن
عبيدان: وصاحب الفائق وابن تميم ويأتي لفظه
وقال أبو إسحاق بن شاقلا يقتل بصلاة واحدة إلا
الأولى: من المجموعتين لا يجب قتله بها حتى
يخرج وقت الثانية: قال المصنف وهذا قول حسن
وعنه لا يجب قتله حتى يترك ثلاثا ويضيق وقت
الرابعة: قدمه في التلخيص والبلغة والمبهج
وجزم به في الطريق الأقرب وعنه يجب قتله إن
ترك ثلاثا وذكر ابن الزاغوني في الواضح
والشيرازي في المبهج والحلواني في التبصرة
رواية يجب قتله إن ترك صلاة ثلاثة أيام وقال
ابن تميم فإن أبى بعد الدعاء حتى خرج وقتها
وجب قتله وإن لم يضق وقت الثانية: نص عليه
وعنه يجب قتله إن ترك صلاتين وعنه إن ترك
ثلاثا قال وحكى الأصحاب اعتبار ضيق وقت
الثانية: على الرواية الأولى: وضيق وقت
الرابعة: على الرواية الثالثة: وقال الزركشي:
وغالى بعض الأصحاب فقال يقتل لترك الأولى:
ولترك كل فائتة إذا أمكنه من غير عذر إذ
القضاء على الفور.
تنبيه: قولنا في الرواية الأولى: حتى تضايق
وقت التي بعدها وفي الرواية الثالثة: ويضيق
وقت الرابعة: قيل في الأولى: يضيق الوقت عن
فعل الصلاتين وفي الرواية الثالثة: عن فعل
الصلوات المتروكة وقدمه في الحاويين وقيل: حتى
يضيق وقت التي دخل وقتها عن فعلها فقط قدمه في
الرعايتين.
فائدتان
إحداهما: الداعي له هو الإمام أو نائبه فلو
ترك صلوات كثيرة قبل الدعاء لم يجب قتله ولا
يكفر على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به كثير منهم وكذا لو ترك كفارة
أو نذرا وذكر الآجري أنه يكفر بترك الصلاة ولو
لم يدع إليها قال في الفروع وهو ظاهر كلام
جماعة ويأتي كلامه في المستوعب في باب ما يفسد
الصوم عند قوله: "أو اغتسل" يعني بعد أن أصبح.
الثانية: اختلف العلماء بم كفر إبليس فذكر أبو
إسحاق بن شاقلا أنه كفر بترك السجود لا بجحوده
وقيل: كفر لمخالفة الأمر الشفاهي من الله
تعالى فإنه سبحانه وتعالى خاطبه بذلك قال
الشيخ برهان الدين قاله صاحب الفروع في
الاستعاذة له وقال جمهور العلماء إنما كفر
لأنه أبى واستكبر وعاند وطغى وأصر واعتقد أنه
محق في تمرده واستدل بأنه خير منه فكان تركه
للسجود تسفيها لأمر الله تعالى وحكمته قال
الإمام أحمد إنما أمر بالسجود فاستكبر وكان من
الكافرين والاستكبار كفر وقالت الخوارج كفر
بمعصية الله وكل معصية كفر وهذا خلاف الإجماع.
(1/285)
قوله: "ولا
يقتل حتى يستتاب ثلاثا".
حكم استتابته هنا حكم استتابة المرتد من
الوجوب وعدمه نص عليه على ما يأتي إن شاء الله
تعالى في بابه.
فائدة: يصير هذا الذي كفر بترك الصلاة مسلما
بفعل الصلاة على الصحيح من المذهب: نقل حنبل
توبته أن يصلي قال الشيخ تقي الدين الأصوب أنه
يصير مسلما بالصلاة لأن كفره بالامتناع منها
وبمقتضى ما في الصور أنه يصير مسلما بنفس
الشهادتين وقيل: يصير مسلما بالصلاة وبالإتيان
بها ذكر ذلك في النكت.
تنبيه: ظاهر قوله: "فإن تاب وإلا قتل أنه لا
يزاد على القتل وهو صحيح وهو المذهب وقال
القاضي يضرب ثم يقتل
وظاهر قوله: "أنه لا يكفر بترك شيء من
العبادات تهاونا غيرها وهو صحيح وهو المذهب
وعليه جمهور الأصحاب قال في الفروع اختاره
الأكثر قال ابن شهاب وغيره وهو ظاهر المذهب
فلا يكفر بترك زكاة بخلا ولا بترك صوم وحج
يحرم تأخيره تهاونا وعنه يكفر اختارها أبو بكر
وقدم في النظم أن حكمهما حكم الصلاة وعنه يكفر
بتركه الزكاة إذا قاتل عليها وعنه يكفر بها
ولو لم يقاتل عليها ويأتي ذلك في باب إخراج
الزكاة.
وحيث قلنا لا يكفر بالترك في غير الصلاة فإنه
يقتل على الصحيح من المذهب: وعنه لا يقتل وعنه
يقتل بالزكاة فقط وقال المجد في شرحه وقولنا
في الحج يحرم تأخيره كعزمه على تركه أو ظنه
الموت من عامه باعتقاده الفورية يخرج على
الخلاف في الحد بوطء في نكاح مختلف فيه وحمل
كلام الأصحاب عليه قال في الفروع وهذا واضح
ذكره في الرعاية قولا ولا وجه له ثم اختار في
الرعاية إن قلنا بالفورية قتل وهو ظاهر كلام
القاضي في الخلاف فإنه قال قياس قوله: "يقتل
كالزكاة قال القاضي وقد ذكره أبو بكر في
الخلاف فقال الحج والزكاة والصلاة والصيام
سواء يستتاب فإن تاب وإلا قتل قال في الفروع
ولعل المراد فيمن لا اعتقاد له وإلا فالعمل
باعتقاده أولى ويأتي من أتى فرعا مختلفا فيه
هل يفسق به أم لا ويأتي بعض ذلك في باب
المرتد.
فائدتان
إحداهما: قال الأصحاب لا يقتل بصلاة فائتة
للخلاف في الفورية قال في الفروع فيتوجه فيه
ما سبق وقيل: يقتل لأن القضاء يجب على الفور
فعلى هذا لا يعتبر أن يضيق وقت الثانية: وتقدم
ذلك.
الثانية: لو ترك شرطا أو ركنا مجمعا عليه
كالطهارة ونحوها فحكمه حكم تارك الصلاة وكذا
على الصحيح من المذهب: لو ترك شرطا أو ركنا
مختلفا فيه يعتقد وجوبه ذكره ابن عقيل وغيره
وقدمه في الفروع وغيره وعند المصنف ومن تابعه
المختلف فيه ليس هو كالمجمع عليه
(1/286)
في الحكم وقال
ابن عقيل في الفصول أيضا لا بأس بوجوب قتله
كما نحده بفعل ما يوجب الحد على مذهبه قال في
الفروع وهذا ضعيف وفي الأصل نظر مع أن الفرق
واضح.
قوله: "وهل يقتل حدا أو لكفره".
على روايتين وأطلقهما في الهداية والمستوعب
والكافي والهادي والتلخيص والبلغة وابن عبيدان
والزركشي والشارح
إحداهما: يقتل لكفره وهو المذهب وعليه جمهور
الأصحاب قال صاحب الفروع والزركشي اختاره
الأكثر قال في الفائق ونصره الأكثرون قال في
الإفصاح اختاره جمهور أصحاب الإمام أحمد وذكره
القاضي في شرح الخرقي وابن منجا في شرحه
وغيرهما وهو ظاهر المذهب وذكر في الوسيلة أنه
أصح الروايتين وأنها اختيار الأثرم والبرمكي.
قلت: واختارها أبو بكر وأبو إسحاق بن شاقلا
وبن حامد والقاضي وأصحابه وغيرهم وقدمه في
الفروع والمبهج والرعايتين والحاويين وإدراك
الغاية وهو من المفردات.
والرواية الثانية: يقتل حدا اختاره أبو عبد
الله بن بطة وأنكر قول من قال إنه يكفر وقال
المذهب على هذا لم أجد في المذهب خلافه
واختاره المصنف وقال هو أصوب القولين ومال
إليه الشارح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وابن
عبدوس المتقدم وصححه المجد وصاحب المذهب
ومسبوك الذهب وابن رزين والنظم والتصحيح ومجمع
البحرين: وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب
وقدمه في المحرر وابن تميم والفائق وقال في
الرعاية وعنه يقتل حدا وقيل: لفسقه وقال الشيخ
تقي الدين قد فرض متأخرو الفقهاء مسألة يمتنع
وقوعها وهو أن الرجل إذا كان مقرى بوجوب
الصلاة فدعي إليها ثلاثا وامتنع مع تهديده
بالقتل ولم يصل حتى قتل هل يموت كافرا أو
فاسقا على قولين قال وهذا الفرض باطل إذ يمتنع
أن يقتنع أن الله فرضها ولا يفعلها ويصبر على
القتل هذا لا يفعله أحد قط انتهى.
قلت: والعقل يشهد بما قال ويقطع به وهو عين
الصواب الذي لا شك فيه وأنه لا يقتل إلا
كافرا.
فعلى المذهب حكمه حكم الكفار فلا يغسل ولا
يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرث
مسلما ولا يرثه مسلم فهو كالمرتد وذكر القاضي
يدفن منفردا وذكر الآجري أن من قتل مرتدا يترك
بمكانه ولا يدفن ولا كرامة وعليها لا يرق ولا
يسبى له أهل ولا ولد نص عليه وعلى الثانية:
حكمه كأهل الكبائر.
فائدة: يحكم بكفره حيث يحكم بقتله ذكره القاضي
والشيرازي وغيرهما وهو مقتضى نص أحمد.
(1/287)
باب الأذان
:
فوائد
إحداها: الأذان أفضل من الإقامة على الصحيح من
المذهب: وقيل: الإقامة أفضل وهو رواية في
الفائق وقيل: هما في الفضيلة سواء.
الثانية: الأذان أفضل من الإمامة على الصحيح
من المذهب: قال الشيخ تقي الدين هذا أصح
الروايتين واختيار أكثر الأصحاب قال في المغني
اختاره ابن أبي موسى والقاضي وجماعة وعنه
الإمامة أفضل وهو وجه في الفائق وغيره واختاره
ابن حامد وبن الجوزي وقيل: هما سواء في
الفضيلة وقيل: إن علم من نفسه القيام بحقوق
الإمامة وجميع خصالها فهي أفضل وإلا فلا.
الثالثة: له الجمع بينهما وذكر أبو المعالي
أنه أفضل وقال ما صلح له فهو أفضل.
تنبيهات
الأول ظاهر قوله: "وهما مشروعان للصلوات
الخمس" سواء كانت حاضرة أو فائتة ويحتمل أن
يريد غير الفائتة ويأتي الخلاف في ذلك قريبا
ويأتي أيضا إذا جمع بين صلاتين أو قضاء فوائت.
الثاني مفهوم قوله: "الصلوات الخمس" أنه لا
يشرع لغيرها من الصلوات وهو صحيح وهو المذهب
وعليه جماهير الأصحاب وقيل: يشرع للمنذورة
وأطلقهما ابن عبيدان: والزركشي والرعاية
الكبرى: ويأتي آخر الباب ما يقول: لصلاة العيد
والكسوف والاستسقاء والجنازة والتراويح.
الثالث ظاهر قوله: "للرجال" أنه يشرع لكل مصل
منهم سواء صلى في جماعة أو منفردا سفرا أو
حضرا وهو صحيح قال المصنف والأفضل لكل مصلي أن
يؤذن ويقيم إلا أن يكون يصلي قضاء أو في غير
وقت الأذان قال في الفروع وهما أفضل لكل مصل
إلا لكل واحد ممن في المسجد فلا يشرع بل حصل
له الفضيلة كقراءة الإمام للمأموم وقال المجد
في شرحه وإن اقتصر المسافر أو المنفرد على
الإقامة جاز من غير كراهة نص عليه وجمعهما
أفضل انتهى ويأتي قريبا هل يكون فرض كفاية
للمنفرد والمسافر أم لا؟.
الرابع مفهوم قوله: "للرجال" أنه لا يشرع
للخناثي ولا للنساء وهو صحيح بل يكره وهو
المذهب وعليه الجمهور قال الزركشي هو المشهور
من الروايات قال المجد في شرحه لا يستحب لهن
في أظهر الروايتين وقدمه ابن تميم والرعايتين
والحاويين وعنه يباحان لهما مع خفض الصوت
ذكرهما في الرعاية وقال في الفصول تمنع من
الجهر بالأذان وعنه يستحبان للنساء ذكرها في
الفائق وعنه يسن لهن الإقامة لا الأذان ذكرها
في الفروع وغيره فقال في الفروع وفي كراهتهما
للنساء بلا رفع صوت وقيل: مطلقا روايتان وعنه
(1/288)
يسن الإقامة
فقط ويتوجه في التحريم جهرا الخلاف في قراءة
وتلبية انتهى ومنعهن في الواضح من الأذان ذكره
عنه في الفروع في آخر الإحرام.
قوله: "وهما فرض كفاية".
اعلم أنهما تارة يفعلان في الحضر وتارة في
السفر فإن فعلهما في الحضر فالصحيح من المذهب:
أنهما فرض كفاية في القرى والأمصار وغيرهما
وعليه الجمهور وهو من مفردات المذهب وعنه هما
فرض كفاية في الأمصار سنة في غيرها وعنه هما
سنة مطلقا قال المصنف وغيره وهو ظاهر كلام
الخرقي وقال في الروضة الأذان فرض والإقامة
سنة وعنه هما واجبان للجمعة فقط اختاره ابن
أبي موسى والمجد في شرحه وغيرهما وأقام الأدلة
على ذلك قال الزركشي لا نزاع فيما نعلمه في
وجوبهما للجمعة لاشتراط الجماعة لها.
قلت: قد تقدم الخلاف في ذلك ذكره ابن تميم
وصاحب الفروع وغيرهما لكن عذره أنه لم يطلع
على ذلك وقال بعض الأصحاب يسقط الفرض للجمعة
بأول أذان.
وإن فعلا في السفر فالصحيح من المذهب: أنهما
سنة وعليه جمهور الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي
في المحرر قال الزركشي هي المشهورة وعليها
أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والرعاية
الكبرى: والفائق وغيرهم وجزم به في الرعاية
الصغرى وغيره وعنه حكم السفر حكم الحضر فيهما.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر كلام
جماعة قال الزركشي وهو ظاهر إطلاق طائفة من
الأصحاب وجزم به ناظم المفردات واختاره صاحب
المستوعب والحاويين والفائق وهو من مفردات
المذهب.
فائدة: فعلى القول بأنهما فرض كفاية في أصل
المسألة يستثنى من ذلك المصلى وحده والصلاة
المنذورة والقضاء على الصحيح من المذهب: فليس
هما في حقهم فرض كفاية قدمه في الفروع وقيل:
بفرضيتهما فيهن وهي رواية في المنفرد واختاره
في المنفرد في المستوعب والحاويين والفائق
وأطلقهما في الرعاية والزركشي وابن عبيدان.
تنبيه: ظاهر قوله: "إن اتفق أهل بلد على
تركهما قاتلهم الإمام".
أما إذا قلنا إنهما سنة واتفقوا على تركهما
فلا يقاتلون وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وقيل: يقاتلون أيضا على القول بأنهما
سنة واختاره الشيخ تقي الدين.
فائدة: يكفي مؤذن واحد في المصر نص عليه قال
في الفروع وأطلقه جماعة وقال جماعة من الأصحاب
يكفي مؤذن واحد بحيث يسمعهم قال المجد وابن
تميم وغيرهما بحيث يحصل لأهله العلم وقال في
المستوعب متى أذن واحد سقط عمن صلى معه لا عمن
لم يصل معه وإن سمعه سواء كان واحدا أو جماعة
في المسجد الذي صلى فيه بأذان أو غيره وقيل:
يستحب أن يؤذن اثنان وجزم به في الحاويين قال
في الفروع ويتوجه في الفجر فقط كبلال وبن أم
مكتوم ولا يستحب الزيادة عليهما على الصحيح
جزم به المصنف في المغني
(1/289)
والشارح
وغيرهما وقدمه في الفروع وابن تميم وغيرهما
وقال القاضي لا يستحب الزيادة على أربعة لفعل
عثمان إلا من حاجة وتابعه في المستوعب
والرعايتين والحاويين والأولى: أن يؤذن واحد
بعد واحد ويقيم من أذن أولا.
وإن لم يحصل الإعلام بواحد يزيد بقدر الحاجة
كل واحد من جانب أو دفعة واحدة بمكان واحد
ويقيم أحدهم قال في الفروع والمراد بلا حاجة
وهو كما قال فإن تشاحوا أقرع بينهم.
قوله: "ولا يجوز أخذ الأجرة عليهما في أظهر
الروايتين".
وهو المذهب وعليه الأصحاب والرواية الأخرى
يجوز وعنه يكره ونقلها حنبل وقيل: يجوز إن كان
فقيرا ولا يجوز مع غناه واختاره الشيخ تقي
الدين قال وكذا كل قربة ذكره عنه في تجريد
العناية ويأتي في أثناء باب الإجارة هل تصح
الإجارة على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل
القربة.
قوله: "فإن لم يوجد متطوع بهما رزق الإمام من
بيت المال من يقوم بهما".
كرزق القضاة ونحوهم على ما يأتي في بابه وظاهر
كلام المصنف أنه إذا وجد متطوع بهما لا يجوز
أن يرزق الإمام غيره لعدم الحاجة إليه وهو
صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب قال في الفروع
ويتوجه احتمال لا يجوز إلا مع امتياز بحسن
صوت.
تنبيه: قوله: "وينبغي" أن يكون المؤذن صيتا
أمينا عالما بالأوقات أنه لا فرق في ذلك بين
الحر والعبد والبصير والأعمى وهو صحيح وهو
ظاهر كلام غيره من الأصحاب في العبد وصرح به
أبو المعالي وقال يستأذن سيده وقال ابن هبيرة
في الإفصاح وأجمعوا على أنه يستحب أن يكون
المؤذن حرا بالغا طاهرا قال في الفروع وظاهر
كلام غيره لا فرق.
قلت: قال في المذهب يستحب أن يكون حرا وأما
الأعمى فصرح بأذانه الأصحاب وأنه لا يكره إذا
علم بالوقت ونص عليه.
فائدتان
إحداهما: قوله: "وينبغي" مراده يستحب قاله
كثير من الأصحاب الثانية: يشترط في المؤذن
ذكوريته وعقله وإسلامه ولا يشترط علمه بالوقت
على الصحيح من المذهب: وقال أبو المعالي يشترط
ذلك ويأتي ذكر بقية الشروط عند قوله: "ولا يصح
الأذان إلا مرتبا".
قوله: "فإن تشاح فيه نفسان قدم أفضلهما في
ذلك".
يعني في الصوت والأمانة والعلم بالوقت وهذا
المذهب وعليه الجمهور.
(1/290)
قوله: "ثم
أفضلهما في دينه وعقله".
هذا المذهب وعليه الجمهور وقيل: يقدم الأدين
على الأفضل قدمه في الرعايتين.
قوله: "ثم من يختاره الجيران أو أكثرهم" وهو
المذهب.
قوله: "فإن استويا أقرع بينهما".
وهو المذهب وقدم في الكافي القرعة بعد
الأفضلية في الصوت والأمانة والعلم وعنه تقدم
القرعة على من يختاره الجيران نقلها طاعة قاله
القاضي قدمه في التلخيص والبلغة والرعايتين
والحاويين وأطلقهما في الهداية والمذهب
والمستوعب وقال أبو الخطاب وغيره إذا استويا
في الأفضلية في الخصال المعتبرة والأفضلية في
الدين والعقل قدم أعمرهم للمسجد وأتمهم له
مراعاة وأقدمهم تأذينا وجزم به في التلخيص
والبلغة وقال أبو الحسن الآمدي يقدم الأقدم
تأذينا أو أبوه وقال السنة أن يكون المؤذن من
أولاد من جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأذان فيه وإن كان من غيرهم جاز.
واعلم أن عبارات المصنفين مختلفة في ذلك بعضها
مباين لبعض فأنا أذكر لفظ كل مصنف تكميلا
للفائدة.
فقال في الكافي فإن: "تشاح فيه اثنان قدم
أكملهما في هذه الخصال وهي الصوت والأمانة
والعلم بالوقت والبصر فإن استويا في ذلك أقرع
بينهم وعنه يقدم من يرضاه الجيران".
وقال في الوجيز: "فإن تشاح اثنان قدم الأدين
الأفضل فيه ثم من قرع".
وقال في تذكرة ابن عبدوس "ويقدم الأفضل فيه ثم
الأدين ثم مختار جار مصل ثم من قرع" وهي طريقة
المصنف بعينها لكن شرط في الجار أن يكون مصليا
وهو كذلك.
وقال في الفائق: "ويقدم عند التشاحن أفضلهما
في ذلك ثم في الدين ثم من يختاره الجيران فإن
استويا فالإقراع".
وقال في المنور والمنتخب: "ويقدم الأفضل فيه
ثم في دينه ثم مرتضى الجيران ثم القارع".
وقال في تجريد العناية ويقدم أعلم ثم أدين ثم
مختار ثم قارع فهؤلاء الأربعة طريقتهم كطريقة
المصنف.
وقال الناظم: "يقدم متقن عند التنازع ثم أدين
ثم أعقل ثم من يختاره الجيران ثم الإقراع"
فقدم الأدين على الأعقل ولا ينافي كلام
المصنف.
وقال في الرعاية الكبرى: "وإن تشاح فيه اثنان
قدم من له التقديم ثم الأعقل ثم الأدين ثم
الأفضل فيه ثم الأخبر بالوقت ثم الأعمر للمسجد
المراعي له ثم الأقدم تأذينا فيه وقيل:
(1/291)
أو أبوه ثم من
قرع مع التساوي وعنه بل من رضيه الجيران وقيل:
يقدم أفضلهما في صوته وأمانته وعلمه بالوقت ثم
في دينه وعقله.
وهذا القول الأخير طريقة المصنف ومن تابعه وهي
المذهب كما تقدم.
وقال في الرعاية الصغرى::فإن تشاح اثنان قدم
الأدين ثم الأفضل فيه ثم الأخبر بالوقت ثم
الأعمر للمسجد المراعي له ثم الأقدم تأذينا
فيه ثم من قرع وعنه من رضيه الجيران".
وقال في الإفادات: "فإن تشاح فيه اثنان قدم
أدينهما ثم أفضلهما ثم أعمرهما للمسجد
وأكثرهما مراعاة له ثم أسبقهما تأذينا فيه ثم
من رضيه الجيران ثم من قرع".
وقال في الحاويين: "وإن تشاح فيه اثنان قدم
الأفضل فيه والأدين الأعقل الأخبر بالوقت
الأعمر للمسجد المراعى له الأقدم تأذينا ثم من
قرع وعنه من رضيه الجيران".
وقال في إدراك الغاية: "وأحقهم به أفضلهم ثم
أصلحهم للمسجد ثم مختار الجيران ثم القارع
وعنه القارع ثم مختار الجيران".
وقال في التلخيص والبلغة: "فإن تشاحوا قدم
أكملهم في دينه وعقله وفضله فإن تشاحوا أقرع
بينهم إلا أن يكون لأحدهم مزية في عمارة
المسجد أو التقديم بالأذان وعنه يقوم من يرتضي
الجيران".
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة.
وقال في الفصول وإن تشاحوا قدم من رضيه
الجيران في إحدى الروايتين والأخرى يقدم من
تخرجه القرعة ولم يزد عليه.
وقال في المبهج: "وإن تشاح اثنان في الأذان
أذن أحدهما: بعد الآخر" ولم يزد عليه.
وقال في الفروع: "ومع التشاجر يقدم الأفضل في
ذلك ثم الأدين وقيل: يقدم هو ثم اختيار
الجيران ثم القرعة وعنه هي قبلهم نقله الجماعة
قاله القاضي وعنه يقدم عليهما بمزية عمارة
وقيل: أو سبقه بأذان" انتهى.
وهي أحسن الطرق وأصحها ولم يذكر المسألة ابن
تميم وصاحب المحرر والعقود والجامع الصغير.
قوله: "والأذان خمس عشرة كلمة لا ترجيع فيه".
الصحيح من المذهب: أن المختار من الأذان أذان
بلال وليس فيه ترجيع وعليه الإمام والأصحاب
وعنه الترجيع أحب إلي وعليه أهل مكة إلى اليوم
نقلها حنبل ذكره القاضي في التعليق.
فائدة: قال أبو المعالي في النهاية يكره أن
يقول: قبيل الأذان {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ
تَكْبِيراً} [الاسراء:111] وقال في الفصول لا
يوصل الأذان بذكر قبله خلاف ما عليه أكثر
العوام اليوم وليس موطن قرآن ولم يحفظ عن
(1/292)
السلف فهو محدث
انتهى وقال في التبصرة يقول: في آخر دعاء
القنوت {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}
[الاسراء:111] الآية فقال في الفروع فيتوجه
عليه قولها قبل الأذان.
قوله: "والإقامة إحدى عشرة كلمة".
هو المذهب وعليه الإمام والأصحاب وعنه هو مخير
بين هذه الصفة وتثنيتها.
فائدة: لا يشرع الأذان بغير العربية مطلقا على
الصحيح من المذهب: وقيل: لا يجوز الأذان بغير
العربية إلا لنفسه مع عجزه قاله أبو المعالي
ذكره عنه في الفروع في آخر باب الإحرام.
قوله: "فإن رجع في الأذان أو ثنى في الإقامة
فلا بأس".
وهذا المذهب وعليه الإمام والأصحاب وعنه لا
يعجبني ترجيع الأذان وعنه الترجيع وعدمه سواء.
فائدة: الترجيع قول الشهادتين سرا بعد التكبير
ثم يجهر بهما.
قوله: "ويقول: في أذان الصبح الصلاة خير من
النوم مرتين".
لا نزاع في استحباب قول ذلك ولا يجب على
الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وعنه
يجب ذلك جزم به في الروضة واختاره ابن عبدوس
في تذكرته وهو من المفردات.
فائدتان
إحداهما: يكره التثويب في غير أذان الفجر
ويكره بعد الأذان أيضا ويكره النداء بالصلاة
بعد الأذان والأشهر في المذهب كراهة نداء
الأمراء بعد الأذان وهو قوله: "الصلاة يا أمير
المؤمنين ونحوه قال في الفصول يكره ذلك لأنه
بدعة ويحتمل أن يخرجه عن البدعة لفعله زمن
معاوية انتهى.
الثانية: قوله: "ويستحب أن يترسل في الأذان
ويحدر الإقامة".
وهذا بلا نزاع لكن قال ابن بطة وأبو حفص
وغيرهما من الأصحاب إنه يكون في حال ترسله
وحدره لا يصل الكلام بعضه ببعض معربا بل جزما
وإسكانا وحكاه ابن بطة عن ابن الأنباري عن أهل
اللغة قال وروى عن إبراهيم النخعي أنه قال
شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما الأذان
والإقامة قال وقال أيضا الأذان جزم قال المجد
في شرحه معناه استحباب تقطيع الكلمات بالوقف
على كل جملة فيحصل الجزم والسكون بالوقف لا
أنه مع عدم الوقف على الجملة يترك إعرابها كما
قال انتهى.
وقال ابن تميم ويستحب أن يترسل في الأذان
ويحدر الإقامة وأن يقف على كل كلمة.
(1/293)
وقال ابن بطة
يستحب ترك الإعراب فيهما قال في الفروع
ويجزمهما ولا يعربهما وكذا قال غيره
قوله: "ويؤذن قائما".
يعني يستحب أن يؤذن قائما فلو أذن أو أقام
قاعدا أو راكبا لغير عذر أو ماشيا جاز ويكره
على الصحيح من المذهب: قال المصنف والشارح
وغيرهما فإن أذن قاعدا لغير عذر فقد كرهه أهل
العلم ويصح وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز لغير
القائم وقدمه ابن تميم في الجميع وقال أحمد إن
أذن قاعدا لا يعجبني وجزم في التلخيص بالكراهة
للماشي وبعدمها للراكب المسافر قال في الرعاية
الصغرى ويباحان للمسافر ماشيا وراكبا في
السفينة والمرض جالسا وقاله في الحاويين وقال
في الرعاية الكبرى: ويباحان للمسافر حال مشيه
وركوبه في رواية وقال في مكان آخر ولا يمشي
فيهما ولا يركب نص عليه فإن ركب كره وقال في
الفائق ويباحان للمسافر ماشيا وراكبا انتهى
وعنه لا يكره ذلك في الكل وعنه يكره وعنه يكره
في الحضر دون السفر قال القاضي إن أذن راكبا
أو ماشيا حضرا كره وعنه يكره ذلك في الأقامة
في الحضر وقال ابن حامد إن أذن قاعدا أو مشى
فيه كثيرا بطل وهو من المفردات وهو رواية في
الثانية: وقال في الرعاية وعنه إن مشى في
الأذان كثيرا عرفا بطل ومال الشيخ تقي الدين
إلى عدم إجزاء أذان القاعد وأطلقهن في الفروع
بعنه وعنه حكى أبو البقاء في شرحه رواية أنه
يعيد إن أذن قاعدا قال القاضي هذا محمول على
نفي الاستحباب وحمله بعضهم على نفي الاعتداد
به.
قوله: "متطهرا".
يعني أنه تستحب الطهارة له وهذا بلا نزاع من
حيث الجملة ولا تجب الطهارة الصغرى له بلا
نزاع ويصح الأذان والإقامة لكن تكره له
الإقامة بلا نزاع جزم به في الفروع والمستوعب
والتلخيص والرعاية وابن تميم والزركشي وغيرهم
ولم يكره الأذان نص عليه وقدمه في الرعاية
وابن تميم والزركشي والفروع وقيل: يكره الأذان
أيضا وهي في الإقامة أشد وجزم به في المستوعب
والتلخيص ويصح من الجنب على الصحيح من المذهب:
وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في رواية حرب
وعنه يعيد اختاره الخرقي وابن عبدوس المتقدم
وأطلقهما في الإيضاح فعلى المذهب قال في
الفروع يتوجه في إعادته احتمالان فعلى المذهب
إن كان أذانه في مسجد فإن كان مع جواز اللبث
إما بوضوء على المذهب أو نجس ونحو ذلك صح ومع
تحريم اللبث فهو كالأذان والزكاة في مكان غصب
وفي ذلك قولان المذهب عند المجد وغيره الصحة
والمذهب عند ابن عقيل في التذكرة البطلان وهو
مقتضى قول ابن عبدوس المتقدم وقطع باشتراط
الطهارة كمكان الصلاة.
(1/294)
قوله: "فإذا
بلغ الحيعلة التفت يمينا وشمالا ولم يستدر.
هذا المذهب مطلقا وعليه الجمهور وقال في تجريد
العناية هذا الأظهر وجزم به في الوجيز
والمنتخب وغيرهما واختاره ابن عبدوس في تذكرته
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والنظم
وابن تميم والمحرر وعنه يزيل قدمه في منارة
ونحوها نصره القاضي في الخلاف وغيره واختاره
المجد وجزم به في الروضة والمذهب الأحمد
والإفادات والمنور.
قلت: وهو الصواب لأنه أبلغ في الإعلام وهو
المعمول به.
زاد أبو المعالي يفعل ذلك مع كبر البلد
وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والبلغة
والفائق وابن عبيدان قال في الإقناع يشرع
إزالة قدميه في المنارة فعلى المذهب قال
الفروع وظاهره يزيل صدره انتهى.
قلت: قال في التلخيص ولا يحول صدره عن القبلة.
تنبيه: ظاهر قوله: "التفت يمينا وشمالا أنه
سواء كان على منارة أو غيرها أو على الأرض وهو
صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وجزم به أكثرهم
وقال القاضي في المجرد إن أذن في صومعة التفت
يمينا وشمالا ولم يحول قدميه وإن أذن على
الأرض فهل يلتفت على روايتين ذكره ابن عبيدان:
وهي طريقة غريبة.
فائدتان
إحداهما:: يقول: حي على الصلاة في المرتين
متواليتين عن يمينه ويقول: حي على الفلاح كذلك
عن يساره على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب
وقيل: يقول: حي على الصلاة يمينا ثم يعيده
يسارا ثم يقول: حي على الفلاح يمينا ثم يعيده
يسارا وقيل: يقول: حي على الصلاة مرة عن يمينه
ثم يقول: عن يساره حي على الفلاح مرة ثم كذلك
ثانية قال في الفروع وهو سهو وهو كما قال
والظاهر أنه خلاف إجماع المسلمين.
الثانية: لا يلتفت يمينا ولا شمالا في الحيعلة
في الإقامة على الصحيح من المذهب: جزم به
الآجري وغيره قال ابن نصر الله في حواشي
الفروع هذا أظهر الوجهين وذكر أبو المعالي فيه
وجهين.
قوله: "ويجعل إصبعيه في أذنيه.
يعني السبابتين وهذا المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وجزم به في العمدة والنظم والوجيز
والإفادات والفائق والمحرر وتجريد العناية
وغيرهم واختاره ابن عقيل والمصنف وغيرهم وصححه
المجد في شرحه وغيره وقدمه في الفروع وابن
تميم وعنه يجعل أصابعه على أذنيه مبسوطة
مضمومة سوى الإبهام ويحتمله كلام الخرقي قال
في التلخيص والبلغة والهداية وليجعل أصابعه
مضمومة على أذنيه وقدمه في الرعاية الكبرى.
(1/295)
وعنه يفعل ذلك
مع قبضه على كفيه وهو اختيار الخرقي نقله عنه
ابن بطة فقال سألت أبا القاسم الخرقي عن صفة
ذلك فأرانيه بيديه جميعا وضم أصابعه على
راحتيه ووضعهما على أذنيه واختاره ابن عبدوس
المتقدم وابن البنا وذكره الزركشي عن صاحب
البلغة وقد تقدم لفظه وأطلقهن في المذهب
والمستوعب وخيره في الرعاية الصغرى والحاويين
بين وضع أصابعه وإصبعيه.
فائدة: يرفع وجهه إلى السماء في الأذان كله
على الصحيح من المذهب: ونص عليه وجزم به في
الفائق ونقله المصنف والشارح عن القاضي واقتصر
عليه وقدمه في الفروع وابن تميم وابن عبيدان
واختاره الشيخ تقي الدين وقيل: عند كلمة
الإخلاص فقط جزم به في المستوعب والترغيب
والرعاية الصغرى وتجريد العناية وقدمه في
الرعاية الكبرى: وقيل: يرفع وجهه إلى السماء
عند كلمة الإخلاص والشهادتين.
قوله: "ويتولاهما معا".
يعني يستحب للمؤذن أن يتولى الإقامة وهو
المذهب وعليه الجمهور وقطع به أكثرهم وعنه
المؤذن وغيره في الإقامة سواء ذكرها أبو
الحسين وقيل: تكره الإقامة لغير الذي أذن وعند
أبي الفرج تكره إلا أن يؤذن المغرب بمنارة فلا
تكره الإقامة لغيره وتقدم إذ اتشاح فيه اثنان
فأكثر وهل تستحب الزيادة على الواحد قريبا.
قوله: "ويقيم في موضع أذانه إلا أن يشق عليه.
وهو المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات
وقال في النصيحة السنة أن يؤذن بالمنارة ويقيم
أسفل.
قلت: وهو الصواب وعليه العمل في جميع الأمصار
والأعصار ونقل جعفر بن محمد يستحب ذلك ليلحق
آمين مع الإمام.
قوله: "ولا يصح الأذان إلا مرتبا متواليا".
بلا نزاع ولا يصح أيضا إلا بينة ويشترط فيه
أيضا أن يكون من واحد فلو أذن واحد بعضه وكمله
آخر لم يصح بلا خلاف أعلمه".
فائدة: رفع الصوت فيه ركن قال في الفائق وغيره
إذا كان لغير حاضر قال في البلغة إذا كان لغير
نفسه قال ابن تميم إن أذن لنفسه أو لجماعة
حاضرين فإن شاء رفع صوته وهو أفضل وإن شاء
خافت بالكل أو بالبعض.
قلت: والظاهر أن هذا مراد من أطلق بل هو
كالمقطوع به وهو واضح وقال في الرعاية الكبرى:
ويرفع صوته إن أذن في الوقت للغائبين أو في
الصحراء فزاد في الصحراء وهي زيادة حسنة وقال
أبو المعالي رفع الصوت بحيث يسمع من يقوم به
لجماعة ركن انتهى.
(1/296)
فائدة: يستحب
رفع صوته قدر طاقته ما لم يؤذن لنفسه وتكره
الزيادة وعنه يستحب التوسط ولا بأس بالنحنحة
قبلهما نص عليه.
فائدة: يشترط في المؤذن ذكوريته وعقله وإسلامه
وتقدم ذلك في اشتراط بلوغه وعدالته بخلاف ما
يأتي.
قوله: "فإن نكسه أو فرق بينه بسكوت طويل أو
كلام كثير أو محرم لم يعتد به.
يعني لو فرق بين الأذان بكلام محرم لم يعتد به
واعلم أن الكلام المحرم تارة يكون كثيرا وتارة
يكون يسيرا فإن كان كثيرا أبطل الأذان على
الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وهو من
المفردات وفي الرعاية وجه يعتد به فعلى المذهب
لو كان يسيرا لم يعتد بالأذان وأبطله على
الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وهو
ظاهر كلام المصنف وصاحب مسبوك الذهب والحاوي
الكبير وغيرهم وجزم به في الفصول والتلخيص
والبلغة والمحرر والإفادات والوجيز والتسهيل
وتجريد العناية والمنور والمنتخب وصححه ابن
تميم واختاره في الفائق وقدمه المجد في شرحه
والرعاية الصغرى وقال في الحاويين ولا يقطعهما
بفصل كثير ولا كلام محرم وإن كان يسيرا وهو من
المفردات وقيل: لا يبطله ويعتد بالأذان
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى: والفائق.
فائدتان
إحداهما: لو ارتد في الأذان أبطله على الصحيح
من المذهب: وقيل: لا يبطله إن عاد في الحال
كجنونه وإفاقته سريعا وبالغ القاضي فأبطل
الأذان بالردة بعده قياسا على قوله: "في
الطهارة وهو من المفردات.
الثانية: الصحيح من المذهب: أن الكلام اليسير
المباح والسكوت اليسير يكره لغير حاجة قاله
المجد في شرح الهداية وقدمه في الفروع وغيره
وعنه لا بأس باليسير وأطلقهما في الرعاية
وقيل: لا يتكلم في الإقامة بحال والصحيح من
المذهب: أنه يرد السلام من غير كراهة وعنه
يكره وقاله القاضي في موضع من كلامه.
قوله: "ولا يجوز إلا بعد دخول الوقت إلا الفجر
فإنه يؤذن لها بعد منتصف الليل.
الصحيح من المذهب: صحة الأذان وإجزاؤه بعد نصف
الليل لصلاة الفجر وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم قال الزركشي لا إشكال أنه لا
يستحب تقديم الأذان قبل الوقت كثيرا قاله
الشيخان وغيرهما وقيل: لا يصح إلا قبل الوقت
يسيرا ونقل صالح لا بأس به قبل الفجر إذا كان
بعد طلوع الفجر يعني الكاذب وقيل: الأذان قبل
الفجر سنة واختاره الآمدي.
(1/297)
وعنه لا يصح
الأذان قبلها كغيرها إجماعا وكالإقامة قاله في
الفروع وعند أبي الفرج الشيرازي يجوز الأذان
قبل دخول الوقت للفجر والجمعة قاله في الإيضاح
قال الزركشي وهو أجود من قول ابن حمدان وقيل:
للجمعة قبل الزوال لعموم كلام الشيرازي وقال
الزركشي واستثنى ابن عبدوس مع الفجر الصلاة
المجموعة قال وليس بشيء لأن الوقتين صارا وقتا
واحدا وعنه يكره قبل الوقت مطلقا ذكرها في
الرعاية وغيرها وقال في الفائق يجوز الأذان
للفجر خاصة بعد نصف الليل وعنه لا إلا أن
يعاود بعده وهو المختار انتهى.
ويستحب لمن أذن قبل الفجر أن يكون معه من يؤذن
في الوقت وأن يتخذ ذلك عادة لئلا يضر الناس
وفي الكافي ما يقتضي اشتراط ذلك.
فائدة: الصحيح من المذهب: أن يكره الأذان قبل
الفجر في رمضان نص عليه وعليه جمهور الأصحاب
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والنظم
والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع
والشرح والمغني والرعاية الكبرى: وابن عبيدان
وابن رزين في شرحه قال في الرعاية الكبرى:
يكره على الأظهر وعنه لا يكره وهو ظاهر كلامه
في المحرر والمصنف هنا وتجريد العناية
والإفادات وغيرهم وأطلقهما في الفائق وابن
تميم وعنه يكره في رمضان وغيره إذا لم يعده
نقله حنبل وقيل: يكره إذا لم يكن عادة فإن كان
عادة لم يكره جزم به في الحاويين وصححه الشارح
وغيره واختاره المجد.
قلت: وهو الصواب وعليه عمل الناس من غير نكير.
وعنه لا يجوز ذكرها الآمدي وهي ظاهر إدراك
الغاية فإنه قال ويجوز فيه لفجر غير رمضان من
نصف الليل وعنه يحرم قبله في رمضان وغيره إلا
أن يعاد ذكرها أبو الحسين.
قوله: "ويستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسة
خفيفة ثم يقيم".
هذا المذهب أعني أن الجلسة تكون خفيفة جزم به
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والتلخيص والبلغة والمغني والكافي والشرح
والنظم والوجيز وابن تميم والحاويين ومجمع
البحرين: وابن منجا في شرحه وغيرهم وقدمه في
الرعايتين وقيل: يجلس بقدر صلاة ركعتين جزم به
في المستوعب والمحرر والفائق وتذكرة ابن عبدوس
قال أحمد يقعد الرجل مقدار ركعتين قال في
الإفادات يفصل بين الأذان والإقامة بقدر وضوء
وركعتين وأطلقهما في الفروع وكذا الحكم في كل
صلاة يسن تعجيلها قاله أكثر الأصحاب وذكر
الحلواني يجلس بقدر حاجته ووضوئه وصلاة ركعتين
في صلاة يسن تعجيلها وفي المغرب يجلسه وقال في
التبصرة يجلس في المغرب وما يسن تعجيلها بقدر
حاجته ووضوئه وقال في الإفادات ويفصل بين كل
أذان وإقامة بقدر وضوء وركعتين وقال في المذهب
ومسبوك الذهب يفصل بين الأذان والإقامة بقدر
الوضوء وصلاة ركعتين إلا
(1/298)
المغرب فإنه
يجلس جلسة خفيفة واستحباب الجلوس بين أذان
المغرب وكراهة تركه من المفردات.
فائدة: تباح صلاة ركعتين قبل صلاة المغرب على
الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه جمهور
الأصحاب وجزم به في المغني والشرح ذكراه في
صلاة التطوع وهو من المفردات وقيل: يكره قال
ابن عقيل لا يركع قبل المغرب شيئا وعنه يسن
فعلهما جزم به ناظم المفردات وهي من المفردات
أيضا وقال في مجمع البحرين: وابن تميم لا يكره
رواية واحدة وهل يستحب على روايتين وعنه بين
كل أذانين صلاة وقاله ابن هبيرة في غير
المغرب.
قوله: "ومن جمع بين صلاتين أو قضاء فوائت أذن
وأقام للأولى ثم أقام لكل صلاة بعدها.
وهي المذهب صححه المصنف في المغني والشارح
وابن عبيدان وغيرهم وجزم به في الهداية
والمذهب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز
والإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في
الفروع والتلخيص والبلغة وابن تميم والفائق
والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم بل لا يشرع
الأذان صرح به ابن عقيل والشيرازي وغيرهما
وعنه تجزئ الإقامة لكل صلاة من غير أذان
اختاره الشيخ تقي الدين وعنه تجزئ إقامة واحدة
لهن كلهن وقال في النصيحة يقيم لكل صلاة إلا
أن يجمع في وقت الأولى: أو الثانية: فيؤذن لها
أيضا وقال في الرعاية الكبرى: ومن جمع في وقت
الأولى: أو الثانية: أو قضى فرائض أذن لكل
صلاة وأقام قال في النكت في الجمع إذا جمع في
وقت.
الثانية: وفرق بينها صلاهما بأذانين وإقامتين
كالفائتين إذا فرقهما قطع به جماعة وجماعة لم
يفرقوا وقال في المستوعب ومن فاتته صلوات أو
جمع بين صلاتين فإن شاء أذن لكل صلاة وأقام
وإن شاء أذن للأولى خاصة وأقام لكل صلاة وقال
ابن أبي موسى إذا قضى فوائت أو جمع فإن شاء
أذن لكل صلاة وأقام وقال المصنف ومن تبعه لو
دخل مسجدا قد صلي فيه خير إن شاء أذن وأقام
وإن شاء تركهما من غير كراهة.
قوله: "وهل يجزئ أذان المميز للبالغين على
روايتين".
وأطلقهما في الكافي والخلاصة والفروع والقواعد
الأصولية وابن عبيدان.
إحداهما: يجزئ وهو المذهب وعليه الجمهور وصححه
في الفصول والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص
والبلغة والنظم والفائق وحواشي المحرر لصاحب
الفروع وغيرهم واختاره القاضي والمصنف والشارح
وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم قال الشيخ
(1/299)
تقي الدين
اختاره أكثر الأصحاب وقدمه في المحرر وابن
تميم وإدراك الغاية وجزم به في الإيضاح
والوجيز.
والرواية الثانية: لا يجزئ جزم به في الإفادات
وقدمه في الرعايتين والحاويين وابن رزين في
شرحه قال في مجمع البحرين: لا يجزئ أذان
المميز للبالغين في أقوى الروايتين ونصره
وإليه ميل المجد في شرحه واختاره الشيخ تقي
الدين ونقل حنبل يجزئ أذان المراهق قال القاضي
يصح أذان المراهق رواية واحدة وقدمه في
الرعاية الكبرى: أيضا في المراهق.
فائدة: علل بعض الأصحاب عدم الصحة بأنه فرض
كفاية وفعل الصبي نفل وعلله المصنف والمجد
وغيرهما بأنه لا يقبل خبره قال في الفروع كذا
قالا وقال الشيخ تقي الدين يتخرج في أذانه
روايتان كشهادته وولايته وقال أما صحة أذانه
في الجملة وكونه جائزا إذا أذن غيره فلا خلاف
في جوازه ومن الأصحاب من أطلق الخلاف قال
والأشبه أن الأذان الذي يسقط الفرض عن أهل
القرية ويعتمد في وقت الصلاة والصيام لا يجوز
أن يباشره صبي قولا واحدا ولا يسقط الفرض ولا
يعتد به في مواقيت العبادات وأما الأذان الذي
يكون سنة مؤكدة في مثل المساجد التي في المصر
ونحو ذلك فهذا فيه الروايتان والصحيح جوازه
انتهى.
قوله: "وهل يعتد بأذان الفاسق والأذان الملحن
على وجهين".
أما أذان الفاسق فأطلق المصنف في الاعتداد به
وجهين وأطلقهما في الهداية والفصول والخلاصة
والمغني والكافي والبلغة والشرح والمحرر وابن
تميم والفائق.
أحدهما: لا يعتد به وهو المذهب قال المجد في
شرحه لا يعتد به في أظهر الوجهين قال الشيخ
تقي الدين هذه الرواية أقوى وصححه في المذهب
ومسبوك الذهب والتلخيص ومجمع البحرين: وقدمه
في الفروع والحاويين قال في المبهج يجب أن
يكون المؤذن تقيا.
والوجه الثاني: يعتد به اختاره ابن عبدوس في
تذكرته وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز
والإفادات والمنور والمنتخب وقال في تجريد
العناية ويصح من صبي بالغ وفاسق على الأظهر.
تنبيه: حكى الخلاف وجهين صاحب الهداية
والمستوعب والمذهب والمصنف والمجد وغيرهم
وحكاه روايتين في الخلاصة والرعايتين
والحاويين والفروع والشيخ تقي الدين وغيرهم
وهو الصواب.
وأما الأذان الملحن إذا لم يحل المعنى فأطلق
المصنف فيه وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب
والمغني والكافي والبلغة والشرح والخلاصة
والمحرر والرعايتين والحاويين وابن تميم
والنظم والفائق ومجمع البحرين وابن عبيدان.
أحدهما: يعتد به مع الكراهة وبقاء المعنى وهو
المذهب صححه في التصحيح
(1/300)
والشرح وشيخنا
في تصحيح المحرر وجزم به في الوجيز والإفادات
والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني: لا يعتد به قدمه ابن رزين.
فائدة: الصحيح من المذهب: أن حكم الأذان
الملحون حكم الأذان الملحن جزم به في الفروع
وغيره وقال في الرعاية الكبرى: وفي إجزاء
الأذان الملحن وقيل: والملحون وجهان.
فائدة: لا يعتد بأذان امرأة وخنثى قال جماعة
من الأصحاب ولا يصح لأنه منهي عنه قال في
الفروع وظاهر كلام جماعة صحته لأن الكراهة لا
تمنع الصحة قال فيتوجه على هذا بقاء فرض
الكفاية لأنه لم يفعله من هو فرض عليه
قوله: "ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول: كما
يقول: إلا في الحيعلة فإنه يقول: لا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم".
الصحيح من المذهب: أنه يستحب أن يقول: السامع
في الحيعلة لا حول ولا قوة إلا بالله فقط
وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية
والمذهب والخلاصة والمحرر والشارح والنظم
والإفادات والوجيز والرعاية الصغرى والحاويين
والمنور والمنتخب وتجريد العناية وإدراك
الغاية وغيرهم قال في النكت هو قول أكثر
الأصحاب وقدمه في الفروع وابن تميم وابن
عبيدان والفائق وغيرهم وقيل: يجمع بينهما حكاه
المجد في شرحه عن بعض الأصحاب قال في شرح
البخاري وهو ضعيف وأطلقهما في الرعاية الكبرى:
والقواعد الفقهية وقال الخرقي وصاحب المستوعب
وغيرهما يقول: كما يقول: وقاله القاضي قال ابن
رجب في شرح البخاري كان بعض مشايخنا يقول: إذا
كان في المسجد حيعل وإن كان خارجه حوقل وقيل:
يخير اختاره أبو بكر الأثرم قاله في شرح
البخاري وقال في الفروع ويتوجه احتمال تجب
إجابته.
تنبيهات
أحدها يدخل في قوله: "ويستحب لمن سمع المؤذن
أن يقول: كما يقول" المؤذن نفسه وهو المذهب
المنصوص عن أحمد فيجيب نفسه خفية وعليه
الجمهور فإن في قوله: "ويستحب لمن سمع المؤذن
من ألفاظ العموم وقيل: لا يجيب نفسه ويحتمله
كلام المصنف وغيره وحكى رواية عن أحمد قال ابن
رجب في القاعدة السبعين هذا الأرجح.
الثاني ظاهر كلامه أيضا إجابة مؤذن ثان وثالث
وهو صحيح قال في القواعد الأصولية ظاهر كلام
أصحابنا يستحب ذلك قال في الفروع ومرادهم حيث
يستحب يعني الأذان قال الشيخ تقي الدين محل
ذلك إذا كان الأذان مشروعا.
الثالث ظاهر كلامه أيضا أن القارئ والطائف
والمرأة يجيبونه وهو صحيح صرح به الأصحاب وأما
المصلي إذا سمع المؤذن فلا يستحب أن يجيب ولو
كانت الصلاة نفلا بل
(1/301)
يقضيه إذا سلم
وقال الشيخ تقي الدين يستحب أن يجيبه ويقول:
مثل ما يقول: ولو في الصلاة انتهى فإن أجابه
فيها بطلت بالحيعلة فقط مطلقا على الصحيح من
المذهب: وقال أبو المعالي إن لم يعلم أنها
دعاء إلى الصلاة ففيه روايتان أيضا وقال وتبطل
الصلاة بغير الحيعلة أيضا إن نوى الأذان لا إن
نوى الذكر.
وأما المتخلي فلا يجيبه على الصحيح من المذهب:
لكن إذا خرج أجابه.
وقال الشيخ تقي الدين يجيبه في الخلاء وتقدم
ذلك في باب الاستنجاء.
الرابع شمل كلام المصنف الأذان والإقامة وهو
صحيح لكن يقول: عند قوله: "قد قامت الصلاة"
أقامها الله "وأدامها زاد في المذهب ومسبوك
الذهب والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين
وغيرهم "ما دامت السماوات والأرض". وقيل: يجمع
بين قوله: "أقامها الله" وبين "قد قامت
الصلاة".
الخامس أن يقول: عند التثويب صدقت وبررت فقط
على الصحيح من المذهب: وقيل: يجمع بينهما
وأطلقهما في القواعد الفقهية وقطع المجد في
شرحه أنه يقول: "صدقت وبالحق نطقت."
السادس قول المصنف العلي العظيم لم يرد في
الحديث فلا يقلهما وقد حكى لي بعض طلبة العلم
أنه مر به في مسند الإمام أحمد رواية فيها
"العلي العظيم".
فائدة: لو دخل المسجد والمؤذن قد شرع في
الأذان لم يأت بتحية المسجد ولا بغيرها حتى
يفرغ جزم به في التلخيص والبلغة وابن تميم
وقال نص عليه وقدمه في الفروع وعنه لا بأس قال
في الفروع ولعل المراد غير أذان الخطبة لأن
سماع الخطبة أهم اختاره في مجمع البحرين: قال
في الفائق ومن دخل المسجد وهو يسمع التأذين
فهل يقدم إجابته على التحية على روايتين.
تنبيه: قوله: "وابعثه المقام المحمود بالألف
واللام هكذا ورد في لفظ رواه النسائي وبن حبان
وبن خزيمة في صحيحهما وتابع المصنف على هذه
العبارة صاحب الرعاية الكبرى: والحاوي الكبير
وجماعة والصحيح من المذهب: أنه لا يقولهما إلا
منكرين فيقول: وابعثه مقاما محمودا موافقة
للقرآن وهو الوارد في الصحيحين وغيرهما ورد
ابن القيم الأول في بدائع الفوائد من خمسة
أوجه.
فوائد
الأولى: لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان
بلا عذر ونيته الرجوع على الصحيح من المذهب:
وكرهه أبو الوفا وأبو المعالي ونقل ابن الحكم
أحب إلي أن لا يخرج ونقل صالح لا يخرج ونقل
أبو طالب لا ينبغي وقال ابن تميم ويجوز للمؤذن
أن يخرج بعد
(1/302)
أذان الفجر نص
عليه قال الشيخ تقي الدين إلا أن يكون التأذين
للفجر قبل الوقت فلا يكره الخروج نص عليه
قلت: الظاهر أن هذا مراد من أطلق.
الثانية: لا يؤذن قبل المؤذن الراتب إلا بإذنه
إلا أن يخاف فوت وقت التأذين كالإمام وجزم أبو
المعالي بتحريمه ومتى جاء المؤذن الراتب وقد
أذن قبله استحب إعادته نص عليه.
الثالثة: لا يقيم المؤذن للصلاة إلا بإذن
الإمام لأن وقت الإقامة إليه وتقدم قريبا إذا
دخل المسجد حال الأذان
الرابعة: الصحيح من المذهب: أنه ينادي للكسوف
والاستسقاء والعيد بقوله: "الصلاة جامعة أو
الصلاة وقيل: لا ينادى لهن وقيل: لا ينادى
للعيد فقط وقال الشيخ تقي الدين لا ينادى
للعيد والاستسقاء وقاله طائفة من أصحابنا
ويأتي هل النداء للكسوف سنة أو فرض كفاية في
بابه.
إذا علمت ذلك فنصب الصلاة على الإغراء ونصب
جامعه على الحال وقال في الرعاية الكبرى:
يرفعهما وينصبهما
والصحيح من المذهب: أنه لا ينادى على الجنازة
والتراويح نص عليه في الفروع وعنه ينادى لهما
وقال القاضي ينادى لصلاة التراويح ويأتي ذلك
مفرقا في أبوابه.
(1/303)
باب شروط الصلاة
فائدة: قوله: "أولها دخول الوقت".
اعلم أن الأصحاب ذكروا من شروط الصلاة دخول
الوقت وقال في الفروع وسبب وجوب الصلاة الوقت
لأنها تضاف إليه وهي تدل على السببية وتتكرر
بتكرره وهي سبب نفس الوجوب إذ سبب وجوب الأداء
الخطاب وكذا قال الأصوليون إن من السبب وقتي
كالزوال للظهر وقال في الفروع في باب النية عن
النية هي الشرط السادس ولا تكون شرطا سادسا
إلا بكون دخول الوقت شرطا فظاهره أنه سماه
سببا وحكم بأنه شرط.
قلت: السبب قد يجتمع مع الشرط وإن كان ينفك
عنه فهو هنا سبب للوجوب وشرط للوجوب والأداء
بخلاف غيره من الشروط فإنها شروط للأداء فقط
قال في الحاوي الكبير وجميعها شروط للأداء مع
القدرة دون الوجوب إلا الوقت فإن دخوله شرط
للوجوب والأداء جميعا إلا ما استثنى من الجميع
انتهى.
واعلم أن الصلاة إنما تجب بدخول الوقت
بالاتفاق فإذا دخل وجبت وإذا وجبت وجبت
بشروطها المتقدمة عليها كالطهارة وغيرها.
(1/303)
قوله:
"والصلوات المفروضات خمس الظهر وهي الأولى".
الصحيح من المذهب: أن الظهر هي الأولى: لأنها
أول الخمس افتراضا وبها بدأ جبريل حين أم
النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت وبدأ بها
الصحابة حين سئلوا عن الأوقات وعليه جماهير
الأصحاب وبدأ في الإرشاد والشيرازي في الإيضاح
والمبهج وأبو الخطاب في الهداية وتابعه في
المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
والحاويين والرعاية الصغرى وإدراك الغاية
وغيرهم بالفجر وقاله القاضي في الجامع الصغير
واختاره الشيخ تقي الدين فقال بدأ جماعة من
أصحابنا كالخرقي والقاضي في بعض كتبه وغيرهما
بالظهر ومنهم من بدأ بالفجر كابن أبي موسى
وأبي الخطاب والقاضي في موضع قال وهذا أجود
لأن الصلاة الوسطى هي العصر وإنما تكون الوسطى
إذا كانت الفجر الأولى: انتهى وإنما بدأ
بالفجر لبداءته عليه أفضل الصلاة والسلام بها
للسائل وهو متأخر عن الأول وناسخ لبعضه وبدأ
في الرعاية الكبرى: وابن تميم بالفجر ثم ثنيا
بالظهر وقالا هي الأولى.
قوله: "والأفضل تعجيلها إلا في شدة الحر
والغيم لمن يصلي جماعة".
اعلم أنه إذا انتفى الغيم وشدة الحر استحب
تعجيلها بلا خلاف أعلمه وأما في شدة الحر فجزم
المصنف هنا أنها تؤخر لمن يصلي جماعة فقط وهو
أحد الوجهين وجزم به في الهداية والمذهب
والمستوعب والبلغة والمحرر والرعاية الصغرى
والحاوي الصغير والوجيز وإدراك الغاية وتجريد
العناية وقدمه في الفصول والنظم.
والوجه الثاني: أنها تؤخر لشدة الحر مطلقا وهو
المذهب جزم به في الحاوي الكبير واختاره
المصنف والشارح ورجحه الترمذي وهو ظاهر كلام
الإمام أحمد والخرقي وبن أبي موسى في الإرشاد
والقاضي في الجامع الكبير وابن عقيل في
التذكرة والمصنف في الكافي والفخر في التلخيص
وغيرهم لإطلاقهم وقدمه في الفروع وأطلقهما ابن
تميم والرعاية الكبرى: والفائق وشرط القاضي في
المحرر مع الخروج إلى الجماعة كونه في بلد حار
قال ابن رجب في شرح البخاري اشترط ذلك طائفة
من أصحابنا وقال ومنهم من يشترط مسجد الجماعة
فقط انتهى وشرط ابن الزاغوني كونه في مساجد
الدروب.
فائدة: قال ابن رجب في شرح البخاري اختلف في
المعنى الذي من أجله أمر بالإبراد فمنهم من
قال هو حصول الخشوع فيها فلا فرق بين من يصلي
وحده أو في جماعة ومنهم من قال هو خشية المشقة
على من بعد من المسجد بمشيه في الحر فتختص
بالصلاة في مساجد الجماعة التي تقصد من
الأمكنة المتباعدة ومنهم من قال هو وقت تنفس
جهنم فلا فرق بين من يصلي وحده أو في جماعة
انتهى.
تنبيه: فعلى القول بالتأخير إما مطلقا وإما
لمن يصلي جماعة قال جماعة من الأصحاب يؤخر
ليمشي في الفيء منهم صاحب التلخيص وقال المصنف
ومن تبعه يؤخر حتى ينكسر
(1/304)
الحر وقال ابن
الزاغوني حتى ينكسر الفيء ذراعا ونحوه وقال
جماعة منهم صاحب الحاوي الكبير إلى وسط الوقت
وقال القاضي بحيث يكون بين الفراغ من الصلاتين
آخر وقت الصلاة فضل واقتصر عليه ابن رجب في
شرح البخاري.
وأما تأخيرها مع الغيم فالصحيح من المذهب: أنه
يستحب تأخيرها نص عليه وجزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم
والوجيز وإدراك الغاية وتجريد العناية والمنور
والمنتخب والحاوي الصغير والإفادات وصححه في
الحاوي الكبير واختاره القاضي وقدمه في
الرعايتين وابن عبيدان ومجمع البحرين: وشرح
المجد ونصروه وعنه لا يؤخر مع الغيم وهو ظاهر
كلام الخرقي وصاحب الكافي والتلخيص والبلغة
وجماعة لعدم ذكرهم لذلك وإليه ميل المصنف
والشارح وأطلقهما في الفروع وابن تميم
والفائق.
تنبيه: قوله: "في الغيم لمن يصلي جماعة هو
الصحيح من المذهب: وجزم به في الهداية والمذهب
والمستوعب والمحرر والوجيز والرعاية الصغرى
والحاوي الصغير وغيرهم وقاله القاضي وغيره
وقيل: يستحب تأخيرها سواء صلى في جماعة أو
وحده قال المجد في شرحه ظاهر كلام أحمد أن
المنفرد كالمصلي جماعة وهو ظاهر نهاية ابن
رزين.
قلت: وهذا ضعيف وأطلقهما في الفروع والرعاية
الكبرى.
فعلى القول بالتأخير إما مطلقا أو لمن يصلي
جماعة قال ابن الزاغوني يؤخر إلى قريب من وسط
الوقت وقال في الحاوي تؤخر لقرب وقت الثانية.
تنبيه: يستثنى من كلام المصنف في مسألة الحر
الشديد والغيم الجمعة فإنها لا تؤخر لذلك
ويستحب تعجيلها مطلقا قاله الأصحاب.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يستحب تأخير
المغرب مع الغيم وهو ظاهر كلام أبي الخطاب
وصاحب الوجيز وجماعة.
قلت: وهو الأولى: ليخرج من الخلاف وهو ظاهر
كلام أحمد في رواية الميموني والأثرم والصحيح
من المذهب: أن حكم تأخير المغرب في الغيم حكم
تأخير الظهر في الغيم على ما تقدم ونص عليه
وعليه الجمهور وجزم به في المحرر والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع
وابن تميم والرعاية الكبرى: والحاوي الكبير.
فائدة: قوله: "عن العصر وهي الوسطى" هو المذهب
نص عليه الإمام أحمد وقطع به الأصحاب ولا أعلم
عنه ولا عنهم فيها خلافا.
قلت: وذكر الحافظ الشيخ شهاب الدين ابن حجر في
شرح البخاري في تفسير سورة البقرة فيها عشرين
قولا وذكر القائل بكل قول من الصحابة وغيرهم
ودليله فأحببت أن أذكرها ملخصة.
(1/305)
فنقول هي صلاة
العصر المغرب العشاء الفجر الظهر جميعا بها
واحدة غير معينة التوقف الجمعة الظهر في
الأيام والجمعة في غيرها الصبح أو العشاء
الصبح او العصر الصبح أو العصر على الترديد
وهو غير الذي قبله صلاة الجماعة صلاة الخوف
صلاة عيد النحر صلاة عيد الفطر الوتر صلاة
الضحى صلاة الليل.
قوله: "ووقتها من خروج وقت الظهر".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
أكثرهم يعني أن وقت العصر يلي وقت الظهر ليس
بينهما وقت وقيل: لا يدخل وقت العصر إلا بعد
زيادة يسيرة عن خروج وقت الظهر ويحتمله كلام
الخرقي والتذكرة لابن عقيل والتلخيص وقال ابن
تميم وصاحب الفروع وغيرهما وعن أحمد آخر وقت
الظهر أول وقت العصر قال في الفروع فبينهما
وقت مشترك قدر أربع ركعات.
قوله: "إلى اصفرار الشمس".
هذا إحدى الروايتين عن أحمد اختارها المصنف
والشارح والمجد في شرحه وابن تميم وابن عبدوس
في تذكرته وابن رزين في شرحه قال في الفروع
وهي أظهر وجزم بها في الوجيز والمنتخب وعنه
إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه وهو المذهب وعليه
الجمهور منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي وأكثر
أصحابه وجزم به في تذكرة ابن عقيل والتلخيص
والبلغة والإفادات ونظم النهاية والمنور
والتسهيل وغيرهم وقدمه في الإرشاد والهداية
والفصول والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي
وابن تميم وابن رزين في شرحه والفائق والفروع
وإدراك الغاية وتجريد العناية وصححه في المذهب
والنظم وأطلقهما في المستوعب ومسبوك الذهب
والمذهب الأحمد.
قوله: "ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس".
يعني إن قلنا وقت الاختيار إلى اصفرار الشمس
فما بعده وقت ضرورة إلى الغروب وإن قلنا إلى
مصير ظل كل شيء مثليه فكذلك فلها وقتان فقط
على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم وقال في التلخيص والبلغة
وقت الاختيار إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه
وبعده وقت جواز الاصفرار وبعده وقت الكراهة
إلى الغروب وقال في الكافي يبقى وقت الجواز
إلى غروب الشمس قال ابن نصر الله في حواشي
الفروع هو غريب وقال في الفروع ولعله أراد أن
الأول باق.
قلت: لو قيل إنه أراد الجواز مع الكراهة لكان
له وجه فإن لنا وجها بجواز تأخير الصلاة إلى
وقت الضرورة مع الكراهة فيكون كلامه موافقا
لذلك القول واختاره ابن حمدان وغيره على ما
يأتي مع أن المصنف لم ينفرد بهذه العبارة بل
قالها في الهداية والمذهب,
(1/306)
ومسبوك الذهب
وغيرهم وقال في المستوعب ويبقى وقت الضرورة
والجواز انتهى ونقول هو وقت جواز في الجملة
لأجل المعذور قال ابن تميم وظاهر كلام صاحب
الروضة أن وقت العصر يخرج بالكلية بخروج وقت
الاختيار وهو قول حكاه في الفروع وغيره.
قوله: "وتعجيلها أفضل بكل حال".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وعنه يستحب
تعجيلها مع الغيم دون الصحو نقلها صالح قاله
القاضي ولفظ رواية صالح يؤخر العصر أحب إلي
آخر وقت العصر عندي ما لم تصفر الشمس فظاهره
مطلقا قاله في الفروع وقال في الرعاية الكبرى:
وعنه يسن تعجيلها إلا مع الصحو إلى آخر وقت
الاختيار وقيل: عنه يستحب تأخيرها مع الصحو.
قوله: "عن المغرب ووقتها من مغيب الشمس إلى
مغيب الشفق الأحمر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وعنه إلى مغيب الشفق الأبيض في الحضر
والأحمر في غيره اختاره الخرقي قال المصنف
تعتبر غيبوبة الشفق الأبيض لدلالتها على
غيبوبة الأحمر لا لنفسه وحكى ابن عقيل إذا غاب
قرص الشمس فهل يدخل وقت المغرب مع بقاء الحمرة
أو حتى يذهب ذلك فيه روايتان.
فائدة: للمغرب وقتان على الصحيح من المذهب:
وعليه جماهير الأصحاب وقال الآجري في النصيحة
لها وقت واحد لخبر جبريل وقال من أخر حتى يبدو
النجم فقد أخطأ.
قوله: "والأفضل تعجيلها إلا ليلة جمع لمن
قصدها".
يعني لمن قصدها محرما وهذا إجماع وقال صاحب
الفروع وكلامهم يقتضي لو دفع من عرفة قبل
المغرب وحصل بمزدلفة وقت الغروب أنه لا يؤخرها
ويصليها في وقتها قال وكلام القاضي يقتضي
الموافقة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنها لا تؤخر لأجل
الغيم وهو قول جماعة من الأصحاب وهو المختار
والصحيح من المذهب: أنها في الغيم كالظهر كما
تقدم وتقدم ذلك قريبا.
فائدتان
إحداهما: يكون تأخيرها لغير محرم قاله القاضي
في التعليق وغيره واقتصر في الفصول على قوله:
والأفضل تعجيلها إلا بمنى يؤخرها لأجل الجمع
بالعشاء وذلك نسك وفضيلة قال في الفروع كذا
قال وقوله: "إلا بمنى هو في الفصول وصوابه إلا
بمزدلفة.
الثانية: لا يكره تسميتها بالعشاء على الصحيح
من المذهب: وقال ابن هبيرة يكره وقال الشيخ
تقي الدين إن كثر تسميتها بذلك كره وإلا فلا
ويأتي ذلك في تسمية العشاء بالعتمة وعلى
المذهب تسميتها بالمغرب.
(1/307)
قوله: "عن
العشاء ووقتها من مغيب الشفق إلى ثلث الليل".
يعني وقت الاختيار وهذا المذهب نص عليه وعليه
الجمهور قال في الفروع نقله واختاره الأكثر
منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي في الجامع وجزم
به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب
وقدمه في الهداية والمستوعب والتلخيص والبلغة
والكافي والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع
وابن رزين في شرحه وإدراك الغاية وتجريد
العناية قال الشارح: الأولى: أن لا تؤخر عن
ثلث الليل فإن أخرها جاز انتهى وعنه نصفه جزم
به في العمدة وقدمه في المبهج وابن تميم
والفائق واختارها القاضي في الروايتين وابن
عقيل في التذكرة والمصنف والمجد وصاحب مجمع
البحرين وصححه في نظمه قال في الفروع: وهي
أظهر وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمذهب
الأحمد.
قوله: "ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت
الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقال في الكافي ثم يذهب وقت الاختيار
ويبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني كما
قال في العصر قال في الفروع ولعل مراده أن
الأداء باق وتقدم ما قلنا في كلامه ووافق
الكافي صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والتلخيص والبلغة فقالوا وقت الجواز إلى طلوع
الفجر انتهى وقيل: يخرج الوقت مطلقا بخروج وقت
الاختيار وهو ظاهر كلام الخرقي وأحد
الاحتمالين لابن عبدوس المتقدم.
فائدتان
إحداهما: لم يذكر في الوجيز للعشاء وقت ضرورة
قال في الفروع ولعله اكتفى بذكره في العصر
وإلا فلا وجه لذلك.
الثانية: لا يجوز تأخير الصلاة ولا بعضها إلى
وقت ضرورة ما لم يكن عذر على الصحيح من
المذهب: قال في الفروع ويحرم التأخير بلا عذر
إلى وقت ضرورة في الأصح وقاله أبو المعالي
وغيره في العصر وجزم به المصنف في المغني
والشارح وابن رزين في شرحه وابن عبيدان وابن
تميم والزركشي ومجمع البحرين: وغيرهم وقدمه في
الفائق وقيل: يكره قدمه في الرعايتين وجزم به
في الإفادات وأطلقهما في الحاويين وتقدم
التنبيه: على ذلك في كتاب الصلاة بعد قوله:
"ولا يجوز لمن وجبت عليه الصلاة تأخيرها عن
وقتها".
قوله: "وتأخيرها أفضل ما لم يشق".
اعلم أنه إن شق التأخير على جميع المأمومين
كره التأخير وإن شق على بعضهم كره أيضا,
(1/308)
على الصحيح من
المذهب وعنه لا يكره وهي طريقة المصنف والشارح
وصاحب الفروع وغيرهم وقال كثير من الأصحاب هل
يستحب التأخير مطلقا أو يراعى حال المأمومين
عند الأشق عليهم فيه روايتان فحكوا الخلاف
مطلقا وقال في الرعاية الكبرى: وابن تميم
والفائق يسن تأخيرها وعنه الأفضل مراعاة
المأمومين وظاهر كلام الخرقي وأبي الخطاب
وغيرهم استحباب التأخير مطلقا.
تنبيه: يستثنى من كلام المصنف وغيره إذا أخر
المغرب لأجل الغيم أو الجمع فإنه حينئذ يستحب
تعجيل العشاء قاله في الفروع وغيره وقال في
الرعاية وقيل: يسن تعجيلها مع الغيم نص عليه
وقيل: مع تأخير المغرب معه والخروج إليها.
فوائد
يكره النوم قبلها مطلقا على الصحيح من المذهب:
وعنه لا يكره إذا كان له من يوقظه واختاره
القاضي وجزم به في الجامع وما هو ببعيد.
ويكره الحديث بعدها إلا في أمر المسلمين أو
شغل أو شيء يسير والأصح أو مع الأهل وقيل:
يكره مع الأهل وقدمه في الفائق قال في الرعاية
وابن تميم ولا يكره لمسافر ولمصل بعدها.
ولا يكره تسميتها بالعتمة على الصحيح من
المذهب ولا تسمية الفجر بصلاة الغداة وقيل:
يكره فيهما وقيل يكره في الأخيرة واختاره صاحب
النهاية.
وقيل: يكره في الأولى: قال الزركشي وظاهر كلام
ابن عبدوس المنع من ذلك وقال الشيخ تقي الدين
في اقتضاء الصراط المستقيم الأشهر عنه إنما
يكره الإكثار حتى يغلب عليها الاسم وأن مثلها
في الخلاف تسمية المغرب بالعشاء
قوله: "عن الفجر وتعجيلها أفضل.
وهو المذهب مطلقا وعليه الجمهور قال ابن منجا
في شرحه هذا المذهب وجزم به الخرقي والوجيز
والمنور والمنتخب وتجريد العناية وغيرهم وقدمه
في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والشرح
والرعايتين والحاويين والنظم والفائق وابن
تميم والخلاصة وغيرهم وصححه في مجمع البحرين:
وإدراك الغاية فعلى هذا يكره التأخير إلى
الإسفار بلا عذر وعنه إن أسفر المأمومون
فالأفضل الإسفار والمراد أكثر المأمومين
واختاره الشيرازي في المبهج ونصرها أبو الخطاب
في الانتصار وأطلقهما في المذهب والتلخيص
والبلغة والمحرر والفروع وعنه الإسفار مطلقا
أفضل قال في الفروع أطلقها بعضهم وقال في
الحاوي الكبير وغيره وعنه الإسفار أفضل بكل
حال إلا الحاج بمزدلفة قال في الفروع وكلام
القاضي وغيره يقتضي أنه وفاق.
قلت: وهو عين الصواب وهو مراد من أطلق
الرواية..
(1/309)
تنبيه: قال
الزركشي بعد أن حكى الخلاف المتقدم ومحل
الخلاف فيما إذا كان الأرفق على المأمومين
الإسفار مع حضورهم أو حضور بعضهم أما لو تأخر
الجيران كلهم فالأولى: هنا التأخير بلا خلاف
على مقتضى ما قاله القاضي في التعليق وقال نص
عليه في رواية الجماعة انتهى.
فائدة: الصحيح من المذهب: أنه ليس لها وقت
ضرورة بل وقت فضيلة وجواز كما في المغرب
والظهر قدمه في الفروع وابن تميم قال الزركشي
هو المذهب قال في الرعاية الصغرى ويكره
التأخير بعد الإسفار بلا عذر وقيل: يحرم وجعل
القاضي في المجرد وابن عقيل في التذكرة وابن
عبدوس المتقدم لها وقتين وقت اختيار وهو إلى
الإسفار ووقت ضرورة وهو إلى طلوع الشمس قال في
الحاويين ويحرم التأخير بعد الإسفار بلا عذر
وقيل: يكره قال ابن رجب في شرح اختيار الأولى:
في اختصام الملاء الأعلى وقد أومأ إليه أحمد
وقال هذه صلاة مفرط إنما الإسفار أن ينتشر
الضوء على الأرض.
فائدة: حيث قلنا يستحب تعجيل الصلاة فيحصل له
فضيلة ذلك بأن يشتغل بأسباب الصلاة إذا دخل
الوقت قال في التلخيص ويقرب منه قول المجد قدر
الطهارة والسعي إلى الجماعة ونحو ذلك وذكر
الأزجي قولا يتطهر قبل الوقت
قوله: "ومن أدرك تكبيرة الإحرام من صلاة في
وقتها فقد أدركها".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
كثير منهم وعليه العمل في المذهب ولو كان آخر
وقت الثانية: من المجموعتين لمن أراد جمعهما
وعنه لا يدركها إلا بركعة وهو ظاهر كلام
الخرقي وبن أبي موسى وابن عبدوس تلميذ القاضي
وقدمه في النظم وأطلقهما في المغني والشرح
وابن عبيدان.
فائدتان
إحداهما: مقتضى قوله: "فقد أدركها بناء ما خرج
منها عن الوقت على تحريمه الأداء في الوقت
ووقوعه موقعه في الصحة والإجزاء قاله المجد في
شرحه وتابعه في مجمع البحرين: وابن عبيدان قال
في الفروع وظاهر كلامه في المغني أنها مسألة
القضاء والأداء الآتية بعد ذلك.
الثانية: جميع الصلاة التي قد أدرك بعضها في
وقتها أداء مطلقا على الصحيح من المذهب: وعليه
الجمهور قال المجد في شرحه وصاحب الفروع
وغيرهما هذا ظاهر المذهب قال الزركشي هذا
المشهور وقيل: تكون جميعها أداء في المعذور
دون غيره وقطع به أبو المعالي وهو ظاهر كلام
الخرقي وبن أبي موسى وأحد احتمالي ابن عبدوس
المتقدم قال الزركشي وهو متوجه وقيل: قضاء
مطلقا وقيل: الخارج عن الوقت قضاء والذي في
الوقت أداء.
(1/310)
تنبيه: يستثنى
من كلام المصنف في أصل المسألة الجمعة فإنها
لا تدرك بأقل من ركعة على الصحيح من المذهب:
على ما يأتي في بابه وعنه تدرك بتكبيرة
الإحرام كغيرها وهو ظاهر كلام المصنف هنا لكن
عموم كلامه هنا مخصوص بما قاله هناك وهو أولى.
قوله: "ومن شك في الوقت لم يصل حتى يغلب على
ظنه دخوله".
فإذا غلب على ظنه دخوله صلى على الصحيح من
المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم
وعنه لا يصلى حتى يتيقن دخول الوقت اختاره ابن
حامد وغيره فعلى المذهب يستحب التأخير حتى
يتيقن دخول الوقت قاله ابن تميم وغيره قال
المصنف والشارح وغيرهما الأولى: تأخيرها
احتياطا إلا أن يخشى خروج الوقت أو تكون صلاة
العصر في وقت الغيم فإنه يستحب التبكير للخبر
الصحيح وقال الآمدي يستحب تعجيل المغرب إذا
تيقن غروب الشمس أو غلب على ظنه غروبها.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يجد من يخبره عن
يقين أو لم يمكنه مشاهدة الوقت بيقين.
قوله: "فإن أخبره بذلك مخبر عن يقين قبل
قوله".
يعني إذا كان يثق به وهذا بلا نزاع وكذا لو
سمع أذان ثقة عارف يثق به قال في الفصول وأبو
المعالي في نهايته وابن تميم وبن حمدان في
رعايته يعمل بالأذان في دار الإسلام ولا يعمل
به في دار الحرب حتى يعلم إسلام المؤذن قال
الشيخ تقي الدين لا يعمل بقول المؤذن في دخول
الوقت مع إمكان العلم بالوقت وهو مذهب أحمد
وسائر العلماء المعتبرين كما شهدت به النصوص
خلافا لبعض أصحابنا انتهى.
قوله: "وإن كان عن ظن لم يقبل".
مراده إذا لم يتعذر عليه الاجتهاد فإن تعذر
عليه الاجتهاد عمل بقوله: "وفي كتاب أبي علي
العكبري وأبي المعالي وبن حمدان وغيرهما لا
يقبل أذان في غيم لأنه عن اجتهاد فيجتهد هو
قال في الفروع فدل على أنه لو عرف أنه يعرف
الوقت بالساعات أو تقليد عارف عمل به وجزم
بهذا المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين:
وابن عبيدان وقال الشيخ تقي الدين قال بعض
أصحابنا لا يعمل بقول المؤذن مع إمكان العلم
بالوقت وهو خلاف مذهب أحمد وسائر العلماء
المعتبرين وخلاف ما شهدت به النصوص قال في
الفروع كذا قال.
فائدة: الأعمى العاجز يقلد فإن عدم من يقلده
وصلى أعاد مطلقا على الصحيح من المذهب: وقيل:
لا يعيد إلا إذا تبين خطؤه وجزم به في
المستوعب وغيره.
(1/311)
قوله: "ومن
أدرك من الوقت قدر تكبيرة".
اعلم أن الصحيح من المذهب: أن الأحكام تترتب
بإدراك شيء من الوقت ولو قدر تكبيرة وأطلقه
الإمام أحمد فلهذا قيل يخير وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات
وعنه لا بد أن يمكنه الأداء اختارها جماعة
منهم ابن بطة وبن أبي موسى والشيخ تقي الدين
واختار الشيخ تقي الدين أيضا أنه لا تترتب
الأحكام إلا إن تضايق الوقت عن فعل الصلاة ثم
يوجد المانع.
قوله: "ثم جن أو حاضت المرأة لزمه القضاء".
يعني إذا طرأ عدم التكليف.
واعلم أن الصلاة التي أدركها تارة تجمع إلى
غيرها وتارة لا تجمع فإن كانت لا تجمع إلى
غيرها وجب قضاؤها بشرطه قولا واحدا وإن كانت
تجمع فالصحيح من المذهب: أنه لا يجب إلا قضاء
التي دخل وقتها فقط ولو خلا جميع وقت الأولى:
من المانع وسواء فعلها أو لم يفعلها وعليه
جمهور الأصحاب منهم ابن حامد وصححه المجد في
شرحه وصاحب مجمع البحرين: فيه وفي النظم وجزم
به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وعنه يلزمه قضاء المجموعة إليها وهي من
المفردات وأطلقهما في المغني والشرح والمحرر
والقواعد الفقهية وابن عبيدان وغيرهم.
قوله: "وإن بلغ صبي أو أسلم كافر أو أفاق
مجنون أو طهرت حائض قبل طلوع الشمس بقدر
تكبيرة لزمهم الصبح وإن كان ذلك قبل غروب
الشمس لزمهم الظهر والعصر وإن كان قبل طلوع
الفجر لزمهم المغرب والعشاء".
يعني إذا طرأ التكليف واعلم أن الأحكام مترتبة
بإدراك قدر تكبيرة من الوقت على الصحيح من
المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وقيل: بقدر جزء ما
قال في الفروع وظاهر ما ذكره أبو المعالي
حكاية القول بإمكان الأداء قال وقد يؤخذ منه
القول بركعة فيكون فائدة: المسألة وهو متجه
وذكر الشيخ تقي الدين الخلاف عندنا فيما إذا
طرأ مانع أو تكليف هل يعتبر بتكبيرة أو ركعة
واختار بركعة في التكليف انتهى.
إذا علمت ذلك فإنه إذا طرأ التكليف في وقت
صلاة لا تجمع لزمته فقط وإن كان في وقت صلاة
تجمع مع ما قبلها إليها لزمه قضاؤها بلا نزاع.
قوله: "ومن فاتته صلوات لزمه قضاؤها على
الفور".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم واختاره الشيخ تقي الدين وقيل:
لا يجب القضاء على الفور مطلقا وقيل: يجب على
الفور في خمس صلوات
(1/312)
فقط واختاره
القاضي في موضع من كلامه واختار الشيخ تقي
الدين أن تارك الصلاة عمدا إذا تاب لا يشرع له
قضاؤها ولا تصح منه بل يكثر من التطوع وكذا
الصوم قال ابن رجب في شرح البخاري ووقع في
كلام طائفة من أصحابنا المتقدمين أنه لا يجزئ
فعلها إذا تركها عمدا منهم الجوزجاني وأبو
محمد البربهاري وبن بطة.
تنبيه: قوله: "لزمه قضاؤها على الفور" مقيد
بما إذا لم يتضرر في بدنه أو في معيشة يحتاجها
فإن تضرر بسبب ذلك سقطت الفورية نص عليه.
قوله: "مرتبا قلت: أو كثرت".
هذا المذهب مطلقا وعليه جمهور الأصحاب وهو من
المفردات وعنه لا يجب الترتيب قال في المبهج
الترتيب مستحب واختاره في الفائق قال ابن رجب
في شرح البخاري وجزم به بعض الأصحاب ومال إلى
ذلك وقال كان أحمد لشدة ورعه يأخذ من هذه
المسائل المختلف فيها بالاحتياط وإلا فأجاب
سنين عديدة ببقاء صلاة واحدة فائتة في الذمة
لا يكاد يقوم عليه دليل قوي قال وقد أخبرني
بعض أعيان شيوخنا الحنبليين أنه رأى النبي صلى
الله عليه وسلم في النوم وسأله عما يقوله: ":
الشافعي وأحمد في هذه المسائل أيها أرجح قال
ففهمت منه أنه أشار إلى رجحان ما يقوله: ":
الشافعي انتهى وقيل: يجب الترتيب في خمس صلوات
فقط واختاره القاضي أيضا في موضع قال في
الفروع ويتوجه احتمال يجب الترتيب ولا يعتبر
للصحة وله نظائر.
فائدة: لو كثرت الفرائض الفوائت فالأولى: ترك
سننها قاله المجد في شرحه وصاحب الفروع
وغيرهما واستثنى الإمام أحمد سنة الفجر وقال
لا يهملها وقال في الوتر إن شاء قضاه وإن شاء
فلا ونقل مهنا يقضي سنة الفجر والوتر قال
المجد لأنه عنده دونها وأطلق القاضي وغيره أنه
يقضي السنن قال بعد رواية مهنا المذكورة وغيره
المذهب أنه يقضي الوتر كما يقضي غيره من
الرواتب نص عليه قال في الفروع وظاهر هذا من
القاضي أنه لا يقضي الوتر في رواية خاصة ونقل
ابن هانئ لا يتطوع وعليه صلاة متقدمة إلا
الوتر فإنه يوتر وقال في الفصول يقضي سنة
الفجر رواية واحدة وفي بقية الرواتب من
النوافل روايتان نص على الوتر لا يقضي وعنه
يقضي انتهى.
وأما انعقاد النفل المطلق إذا كان عليه فوائت
فالصحيح من المذهب: والروايتين أنه لا ينعقد
لتحريمه إذن كأوقات النهي قاله المجد وغيره
وذكر غيره الخلاف في الجواز وأن على المنع لا
يصح قال المجد وكذا يتخرج في النفل المبتدأ
بعد الإقامة أو عند ضيق وقت الفوات مع علمه
بذلك وتحريمه انتهى وعنه ينعقد النفل المطلق
وهما وجهان مطلقان في ابن تميم وغيره ويأتي
قريبا من ذلك في صلاة الجماعة عند قوله: "فإذا
أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" .
(1/313)
قوله: "فإن خشي
فوات الحاضرة".
سقط وجوبه يعني وجوب الترتيب فيصلي الحاضرة
إذا بقي من الوقت بقدر ما يفعلها فيه ثم يقضي
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا يسقط
مطلقا اختارها الخلال وصاحبه وأنكر القاضي هذه
الرواية وحكى عن أحمد ما يدل على رجوعه عنها
وكذا قال أبو حفص قال إما أن يكون قولا قديما
أو غلطا وعنه يسقط إذا ضاق وقت الحاضرة عن
قضاء كل الفوائت فيصلي الحاضرة في أول الوقت
اختارها أبو حفص العكبري وعنه يسقط بخشية فوات
الجماعة وجزم به في الحاويين وصححه في الرعاية
الصغرى وعنه يسقط الترتيب بكونها جمعة جزم به
في الحاويين وصححه في الرعاية الصغرى وقاله
القاضي.
قلت: وهو الصواب وقدمه ابن تميم وقال نص عليه
لكن عليه فعل الجمعة وإن قلنا بعدم السقوط ثم
يقضيها ظهرا وفيه وجه ليس عليه فعل الجمعة إذا
قلنا لا يسقط الترتيب قال في الفروع في أول
الجمعة ويبدأ بالجمعة لخوف فوتها ويترك فجرا
فاتته نص عليه.
فوائد
إحداها لو بدأ بغير الحاضرة مع ضيق الوقت صح
على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يصح.
الثانية: لا تنعقد النافلة مع ضيق الوقت عن
الحاضرة إذا فعلها عمدا على الصحيح من المذهب:
وقيل: تنعقد وتقدم تخريج المجد وهو أعم.
الثالثة: خشية خروج وقت الاختيار كخشية خروج
الوقت بالكلية فإذا خشي الاصفرار صلى الحاضرة
قاله الزركشي والمجد وابن عبيدان وابن تميم
وغيرهم.
قوله: "أو نسي الترتيب سقط وجوبه".
وهذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه
الأصحاب وقطع به أكثرهم حتى قال القاضي إذا
نسي الترتيب سقط وجوبه رواية واحدة وعنه لا
يسقط الترتيب بالنسيان حكاها ابن عقيل قال أبو
حفص هذه الرواية تخالف ما نقله الجماعة عنه
فإما أن تكون غلطا أو قولا قديما.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لو جهل وجوب
الترتيب أنه لا يسقط وجوبه وهو صحيح وهو
المذهب وعليه جمهور الأصحاب قال في القواعد
الأصولية هذا المذهب جزم به غير واحد وقيل:
يسقط اختاره الآمدي فقال هو كالناسي للترتيب
فعلى المذهب لو ذكر فائتة وقد أحرم بحاضرة
فتارة يكون إماما وتارة يكون غيره فإن كان غير
إمام فالصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب
لا يسقط الترتيب ويتمها نفلا إما ركعتين وإما
أربعا وعنه يتمها المأموم دون المنفرد وعنه
عكسها حكاها المصنف وعنه يتمها فرضا اختاره
المجد
(1/314)
في شرحه وعنه
تبطل نقلها حنبل ووهمه الخلال وعنه ذكر
الفائتة في الحاضرة يسقط الترتيب عن المأموم
خاصة وإن كان إماما فالصحيح عن أحمد أنه
يقطعهما وعلله بأنهم مفترضون خلف متنفل فعلى
هذا إذا قلنا يصح الفرض خلف المتنفل أتمها
كالمنفرد والمأموم واختار المجد سقوط الترتيب
والحالة هذه فيتمها الإمام والمأموم فرضا وعنه
تبطل.
فوائد
الأولى: لو نسي صلاة من يوم وجهل عينها صلى
خمسا على الصحيح من المذهب: نص عليه بنية
الفرض وعنه يصلي فجرا ثم مغربا ثم رباعية وقال
في الفائق ويتخرج إيقاع واحدة بالاجتهاد أخذا
من القبلة.
الثانية: لو نسي ظهرا وعصرا من يومين وجهل
السابقة تحرى في إحدى الروايتين قدمه ابن تميم
وجزم به في الكافي والرواية الأخرى يبدأ
بالظهر وأطلقهما في الفروع والشرح ومجمع
البحرين: وابن عبيدان والقواعد الأصولية وقدم
في الرعاية أنه يصلي ظهرا ثم عصرا ثم ظهرا قال
وقيل: عصرا ثم ظهرا ثم عصرا فعلى الرواية
الأولى: لو تحرى فلم يقو عنده شيء بدأ بأيهما
شاء قدمه ابن تميم وابن عبيدان وجزم به في
الرعاية الكبرى: وعنه يصلي ظهرين بينهما عصرا
أو عكسه ذكرها في الفروع وذكرها المصنف في
المغني احتمالا ولم يفرق بين أن يستوي عنده
الأمران أو لا فقال ويحتمل أن يلزمه ثلاث
صلوات ظهر ثم عصر ثم ظهر أو بالعكس قال وهذا
أقيس لأنه أمكنه أداء فرضه بيقين أشبه ما لو
نسي صلاة لا يعلم عينها قال في القواعد
الأصولية اختاره أبو محمد المقدسي وأبو
المعالي وابن منجا ونقل أبو داود ما يدل على
ذلك.
الثالثة: لو علم أن عليه من يوم الظهر وصلاة
أخرى لا يعلم هل هي المغرب أو الفجر لزمه أن
يصلي الفجر ثم الظهر ثم المغرب ولم يجز له
البداءة بالظهر لأنه لا يتحقق براءة ذمته مما
قبلها.
الرابعة: قال المجد في شرحه لو توضأ وصلى
الظهر ثم أحدث وتوضأ وصلى العصر ثم ذكر أنه
ترك فرضا من إحدى طهارته ولم يعلم عينها لزمه
أعادة الوضوء والصلاتين ولو لم يعلم حدثه
بينهما ثم توضأ للثانية تجديدا وقلنا لا يرتفع
الحدث فكذلك وإن قلنا يرتفع لزمه إعادة الوضوء
للأولى خاصة لأن الثانية: صحيحة على كل تقدير
(1/315)
باب ستر العورة
:
فائدتان
إحداهما: قوله: "وسترها عن النظر بما لا يصف
البشرة واجب".
فلا يجوز كشفها واعلم أن كشفها في غير الصلاة
تارة يكون في خلوة وتارة يكون مع
(1/315)
زوجته أو سريته
وتارة يكون مع غيرهما فإن كان مع غيرهما حرم
كشفها ووجب سترها إلا لضرورة كالتداوي والختان
ومعرفة البلوغ والبكارة والثيوبة والعيب
والولادة ونحو ذلك وإن كان مع زوجته أو سريته
جاز له ذلك وإن كان في خلوة فإن كان ثم حاجة
كالتخلي ونحوه جاز وإن لم تكن حاجة فالصحيح من
المذهب: أنه يحرم جزم به في التلخيص قال في
المستوعب وستر العورة واجب في الصلاة وغيرها
وصححه المجد في شرحه وابن عبيدان في مجمع
البحرين: والحاوي الكبير وقدمه في الرعايتين
وعنه يكره اختاره القاضي وغيره وقدمه في
الفائق وقدم في النظم أنه غير محرم وأطلقهما
في الفروع في باب الاستنجاء وابن تميم وتقدم
هذا أيضا هناك وعنه يجوز من غير كراهة ذكرها
في النكت وهو وجه ذكره أبو المعالي وصاحب
الرعاية.
فعلى القول بالتحريم أو الكراهة لا فرق بين أن
يكون في ظلمة أو حمام أو بحضرة ملك أو جني أو
حيوان بهيم أو لا ذكره في الرعاية وغيره.
الثانية: يجب ستر العورة في الصلاة عن نفسه
وعن غيره فلو صلى في قميص واسع الجيب ولم يزره
ولا شد وسطه وكان بحيث يرى عورته في قيامه أو
ركوعه فهو كرؤية غيره في منع الإجزاء نص عليه
ولا يعتبر سترها من أسفل على الصحيح من
المذهب: واعتبره أبو المعالي إن تيسر النظر
وقال في الرعاية الكبرى: قلت: فلو صلى على
حائط فرأى عورته من تحت بطلت صلاته انتهى.
ويكفي في سترها نبات ونحوه كالحشيش والورق على
الصحيح من المذهب: وقيل: لا يكفي الحشيش مع
وجود ثوب ويكفي متصل به كيده ولحيته على
الصحيح من المذهب: ونص عليه وعنه لا يكفي وهي
وجه في ابن تميم وقد تردد القاضي في شرح
المذهب في الستر بلحيته فجزم تارة بأن الستر
بالمتصل ليس بستر في الصلاة ثم ذكر نص أحمد
ورجع إلى أنه ستر في الصلاة انتهى ولا يلزمه
لبس بارية وحصير ونحوهما مما يضره ولا ضفيرة.
ولا يلزم سترها بالطين ولا بالماء الكدر جزم
به في الكافي والإفادات والفائق والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير وجزم به ابن الجوزي
والشارح وابن رزين في الماء وقدمه في الطين
وقيل: يلزمه الستر بهما وأطلقهما في الفروع
والرعاية الكبرى: واختار ابن عقيل يجب بالطين
لا بالماء الكدر وقال المجد في شرحه وابن
عبيدان وصاحب الحاوي أظهر الوجهين لا يلزمه أن
يطين به عورته قال الشيخ تقي الدين اختار
الآمدي وغيره عدم لزوم الاستتار بالطين قال
وهو الصواب المقطوع به وقيل: إنه المنصوص عن
أحمد انتهى وجزم في التلخيص بأنه لا يلزمه
الستر بالماء وأطلق في الطين الوجهين فعلى
القول بوجوب سترها بالطين لو طلى به ثم تناثر
شيء لم يلزمه إعادته على الصحيح وقال ابن أبي
الفهم يلزمه وأطلق الوجهين في الرعاية الكبرى.
تنبيه: مفهوم قوله: "بما لا يصف البشرة" أنه
إذا كان يصف البشرة لا يصح الستر به وهو
(1/316)
صحيح وهو
المذهب وعليه الأصحاب مثل أن يكون خفيفا فيبين
من ورائه الجلد وحمرته فأما إن كان يستر اللون
ويصف الخلقة لم يضر قال الأصحاب لا يضر إذا
وصف التقاطيع ولا بأس بذلك نص عليه لمشقة
الاحتراز ونقل مهنا تغطى خفها لأنه يصف قدمها
واحتج به القاضي على أن القدم عورة.
قوله: "وعورة الرجل والأمة ما بين السرة
والركبة".
الصحيح من المذهب: أن عورة الرجل ما بين السرة
والركبة وعليه جماهير الأصحاب نص عليه في
رواية الجماعة وجزم به في الإيضاح والتذكرة
لابن عقيل والإفادات والوجيز والمنور والمنتخب
والمذهب الأحمد والطريق الأقرب وغيرهم وقدمه
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة والهادي والكافي والتلخيص والبلغة
والمحرر والرعايتين والحاويين وابن تميم
والفروع والفائق والنظم وإدراك الغاية وتجريد
العناية وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته
وعنه أنها الفرجان اختاره المجد في شرحه وصاحب
مجمع البحرين: والفائق قال في الفروع وهي أظهر
وقدمه ابن رزين: في شرحه وقال هي أظهر وإليها
ميل صاحب النظم أيضا فيه.
وأما عورة الأمة فقدم المصنف هنا أنها ما بين
السرة والركبة كالرجل وهو المذهب جزم به ابن
عقيل في التذكرة والمذهب الأحمد والطريق
الأقرب وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والفروع والخلاصة والتلخيص والبلغة
والهادي وابن تميم وإدراك الغاية ومجمع
البحرين: واختاره ابن حامد والشيرازي وأبو
الخطاب وابن عقيل وغيرهم وعنه عورتها ما لا
يظهر غالبا جزم به في الوجيز والمنور والمنتخب
واختاره ابن عبدوس في تذكرته قال في تجريد
العناية وأمة ما لا يظهر غالبا على الأظهر
وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والنظم
والحاويين واختاره القاضي والآمدي وابن عبيدان
قال القاضي في الجامع ما عدا رأسها ويديها إلى
مرفقيها ورجليها إلى ركبتيها فهو عورة قال
الآمدي عورة الأمة ما خلا الوجه والرأس
والقدمين إلى أنصاف الساقين واليدين إلى
المرفقين انتهى وقيل: الأمة البرزة كالرجل
بخلاف الخفرة قال في الإفادات والأمة البرزة
كالرجل والخفرة ما لا يظهر غالبا انتهى وقيل:
ما عدا رأسها عورة اختاره ابن حامد ذكره عن
ابن تميم وهو ظاهر كلام الخرقي وقول الزركشي
أن ظاهر كلام الخرقي لا قائل به غير مسلم له
وعنه عورة الأمة الفرجان كالرجل ذكرها جمهور
الأصحاب منهم أبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي
وابن البنا والحلواني وبن الجوزي والسامري
والمصنف وصاحب التلخيص والبلغة وابن تميم
والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين: لا يختلف المذهب أن ما
بين السرة والركبة من الأمة عورة قال وقد حكى
جماعة من أصحابنا: أن عورتها السوأتان فقط
كالرواية في عورة الرجل قال وهذا
(1/317)
غلط قبيح فاحش
على المذهب خصوصا وعلى الشريعة عموما وكلام
أحمد أبعد شيء عن هذا القول انتهى.
قلت: قد حكى جده وتابعه في مجمع البحرين: وابن
عبيدان أن ما بين السرة والركبة من الأمة عورة
إجماعا ورد هذه الرواية في الشرح وغيره ويأتي
حكم ما إذا عتقت في الصلاة قريبا.
فائدة: قيل لا يستحب للأمة ستر رأسها في
الصلاة وقيل: يستحب قدمه في الرعاية وأطلقهما
ابن تميم قال الزركشي ولقد بالغ بعض الأصحاب
فقال لو صلت مغطاة الرأس لم يصح وقيل: يستحب
ستر رأس أم الولد إن قلنا هي كرجل ذكره في
الرعايتين.
تنبيهات
الأول ظاهر قوله: "ما بين السرة والركبة" عدم
دخولهما في العورة وهو صحيح وهو المذهب وعليه
الأصحاب وعنه هما من العورة نقله ابن عقيل
وغيره وعنه الركبة فقط من العورة.
الثاني مفهوم قوله: "وعورة الرجل" أن عورة من
هو دون البلوغ من الذكور مخالف لعورة الرجل
وهو ظاهر كلام غيره ولم أر من صرح بذلك إلا
أبا المعالي ابن المنجا فإنه قال الصغير بعد
العشر كالبالغ ومن السبع إلى العشر عورته
الفرجان فقط وقد تقدم في كتاب الصلاة بعد
قوله: "ويضرب على تركها لعشر" أن المصنف
والشارح قالا يشترط لصحة صلاة الصغير ما يشترط
لصحة صلاة الكبير إلا في ستر العورة وعللاه.
الثالث مفهوم قوله: "وعورة الرجل" أن عورة
الخنثى مخالفة لعورته في الحكم ومفهوم قوله:
"والحرة كلها عورة" أن الخنثى مخالف لها في
الحكم وفيه روايتان.
إحداهما: أن عورته كعورة الرجل وهو المذهب
وعليه جمهور الأصحاب قال في المذهب هذا قول
أكثر أصحابنا وصححه في النظم والحاوي الكبير
والمجد في شرحه ومجمع البحرين: قال في تجريد
العناية هذا الأظهر وجزم به في الإفادات
والوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع
والرعايتين وابن تميم والشرح والمحرر والحاوي
الصغير
والرواية الثانية: عورته كعورة المرأة اختاره
القاضي في أحكام الخنثى قال في الرعاية وهو
أولى واختاره ابن عقيل قاله في المذهب وقدمه
في المستوعب.
قلت: وهو الأولى: والأحوط
فعلى المذهب إذا قلنا: "العورة الفرجان" ستر
الخنثى فرجه وذكره ودبره وعلى المذهب أيضا
يحتاط فيستر كالمرأة.
(1/318)
قوله: "والحرة
كلها عورة حتى ظفرها وشعرها إلا الوجه".
الصحيح من المذهب: أن الوجه ليس بعورة وعليه
الأصحاب وحكاه القاضي إجماعا وعنه الوجه عورة
أيضا قال الزركشي أطلق الإمام أحمد القول بأن
جميعها عورة وهو محمول على ما عدا الوجه أو
على غير الصلاة انتهى وقال بعضهم الوجه عورة
وإنما كشف في الصلاة للحاجة قال الشيخ تقي
الدين والتحقيق أنه ليس بعورة في الصلاة وهو
عورة في باب النظر إذا لم يجز النظر إليه
انتهى.
قوله: "وفي الكفين روايتان".
وأطلقهما في الجامع الصغير والهداية والمبهج
والفصول والتذكرة له والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والكافي والهادي والخلاصة والتلخيص
والبلغة والمحرر والشرح وابن تميم والفائق
وابن عبيدان والزركشي والمذهب الأحمد والحاوي
الصغير"
إحداهما: هما عورة وهي المذهب عليه الجمهور
قال في الفروع اختارها الأكثر قال الزركشي هي
اختيار القاضي في التعليق قال وهو ظاهر كلام
أحمد وجزم به الخرقي وفي المنور والمنتخب
والطريق الأقرب وقدمه في الإيضاح والرعاية
والنظم وتجريد العناية وإدراك الغاية والفروع.
والرواية الثانية: ليستا بعورة جزم به في
العمدة والإفادات والوجيز والنهاية والنظم
واختارها المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين:
وابن منجا وابن عبيدان وابن عبدوس في تذكرته
والشيخ تقي الدين.
قلت: وهو الصواب وقدمه في الحاوي الكبير وابن
رزين في شرحه وصححه شيخنا في تصحيح المحرر.
تنبيهان
أحدهما: صرح المصنف أن ما عدا الوجه والكفين
عورة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكاه
ابن المنذر إجماعا في الخمار واختار الشيخ تقي
الدين أن القدمين ليسا بعورة أيضا.
قلت: وهو الصواب.
الثاني قد يقال شمل قوله: "والحرة كلها عورة
المميزة والمراهقة وهو قول لبعض الأصحاب في
المراهقة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب فيها
قال في النكت وكلام كثير من الأصحاب يقتضي
أنها كالبالغة في عورة الصلاة وجزم المصنف في
المغني في كتاب النكاح والمجد في شرحه وابن
تميم والناظم وصاحب الحاوي الكبير ومجمع
البحرين: وابن عبيدان أن المراهقة كالأمة
وقدمه الزركشي قال في الفروع قال بعضهم
ومراهقة.
(1/319)
وقال بعضهم
ومميزة كأمة نقل أبو طالب في شعر وساق وساعد
لا يجب ستره حتى تحيض قال في الرعايتين
والحاوي الصغير وقيل: المميزة كالأمة وقال أبو
المعالي هي بعد تسع كبالغ ثم ذكر عن الأصحاب
إلا في كشف الرأس وقبل التسع وقيل: السبع
الفرجان وأنه يجوز نظر ما سواهما انتهى.
قوله: "وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة".
أما أم الولد فالصحيح من المذهب: أنها كالأمة
في حكم العورة وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي
هي اختيار الأكثرين قال في مجمع البحرين: هذا
أقوى الروايتين وصححه ابن تميم والناظم
واختاره الخرقي وبن أبي موسى والقاضي وابن
عبدوس في تذكرته وقدمه في الكافي والفروع
والفائق وتجريد العناية والمحرر والنهاية
ونظمها وجزم به في العمدة والوجيز والمنور
والمنتخب وعنه كالحرة اختاره أبو بكر وجزم به
في الإفادات وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والخلاصة وابن تميم والرعايتين
والحاويين وابن رزين في شرحه والتلخيص والبلغة
وهو من المفردات وأطلقهما في المستوعب والمذهب
الأحمد والهادي وابن عبيدان.
وأما المعتق بعضها فالصحيح من المذهب: أنها
كالأمة أيضا كما قدمه المصنف هنا قال ابن تميم
هي كالأمة على الأصح وجزم به في العمدة وقدمه
في الفروع والفائق وعنه كالحرة جزم به في
الإفادات والوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في
الهداية والمذهب والرعايتين والحاويين وابن
تميم وابن رزين في شرحه قال في المحرر ومسبوك
الذهب ومجمع البحرين: والمعتق بعضها كالحرة
على الأصح قال المجد في شرح الهداية الصحيح أن
المعتق بعضها كالحرة قال الناظم هذا أولى قال
الزركشي هذا الصحيح من المذهب: قال في تجريد
العناية هذا الأظهر.
قلت: وهو الصواب وهذه الرواية من المفردات
وأطلقهما في المستوعب والمذهب الأحمد والهادي
والتلخيص والبلغة وابن عبيدان.
فائدة: المكاتبة والمدبرة والمعلق عتقها على
صفة كالأمة على الصحيح من المذهب: وعنه كالحرة
وعنه المدبرة كأم الولد وقال ابن البنا هي كأم
الولد.
قوله: "ويستحب للرجل أن يصلي في ثوبين".
بلا نزاع بل ذكره بعضهم إجماعا لكن قال جماعة
من الأصحاب مع ستر رأسه والإمام أبلغ.
قوله: "فإن اقتصر على ستر العورة أجزأه إذا
كان على عاتقه شيء من اللباس".
الصحيح من المذهب: أن ستر المنكبين في الجماعة
شرط في صحة صلاة الفرض وعليه
(1/320)
جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم قال القاضي عليه.أصحابنا
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا
ظاهر المذهب وهو من المفردات وعنه سترهما واجب
لا شرط وهو من المفردات أيضا وعنه سنة وقدمه
الناظم قال الزركشي وخرج القاضي ومن وافقه صحة
الصلاة مع كشف المنكبين وأبى ذلك الشيخان.
وأما في النفل فقدم المصنف أنه لا تجزئة إذا
لم يكن على عاتقه شيء من اللباس فهو كالفرض
وهو إحدى الروايتين وجزم به الخرقي قال في
الإفادات وعلى الرجل القادر ستر عورته ومنكبيه
وأطلق وكذا قال في المذهب الأحمد وقال القاضي
يجزئه ستر العورة في النفل دون الفرض وهو
الرواية الأخرى نص عليها في رواية حنبل وهو
المذهب قال المجد في شرحه ومجمع البحرين:
والحاوي الكبير والزركشي وابن عبيدان وغيرهم
هذه المشهورة وجزم به في الهداية والمستوعب
والوجيز وغيرهم وهو ظاهر ما جزم به في التلخيص
والبلغة وإدراك الغاية والمنور والمنتخب
وغيرهم لاقتصارهم على وجوبه في الفرض واختاره
ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المغني والنظم
وابن تميم والرعايتين وصححه في الحاوي الصغير
وشيخنا في تصحيح المحرر وأطلقهما في الفروع
والمحرر والفائق والحاوي الكبير والزركشي وابن
عبيدان.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر قوله: "إذا كان على عاتقه شيء من
اللباس" أنه يجزئ اليسير الذي يصلح للستر وهو
ظاهر الخرقي واختيار المصنف والمجد في شرحه
وصاحب مجمع البحرين: وابن عبيدان والصحيح من
المذهب: أنه يجب ستر الجميع اختاره القاضي
وأبو الخطاب وابن عقيل وقدمه في الفروع
والفائق وابن تميم والرعاية الكبرى: وقال بعض
الأصحاب يجزئ ولو بحبل أو خيط وهو رواية في
الواضح ونسبه أبو الخطاب في الهداية وبن
الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب وصاحب الحاوي
الكبير إلى أكثر الأصحاب وقدمه في المستوعب.
الثاني ظاهر كلام المصنف أنه يكفي ستر أحد
المنكبين وهو إحدى الروايتين نص عليها في
رواية مثنى ابن جامع وهو المذهب اختاره المصنف
والمجد في شرحه وابن عبيدان وقدمه في
الرعايتين والحاويين والفائق ومجمع البحرين:
وابن تميم والإقناع وجزم به في الوجيز
والمنتخب والمنور وهو ظاهر كلام الخرقي وعنه
لا بد من ستر المنكبين وهما عاتقاه اختاره
القاضي وجماعته وصححه الطوفي في شرح الخرقي
وجزم به في التلخيص والبلغة والإفادات ويحتمله
كلام المصنف هنا لأن عاتقه مفرد مضاف فيعم
وأطلقهما في الفروع.
الثالث قوله: "ويستحب للمرأة أن تصلي في درع
وخمار وملحفة" يعني الحرة وأما الأمة فتقدم ما
يستحب لبسه لها في الصلاة.
(1/321)
قوله: "وإذا
انكشف من العورة يسير لا يفحش في النظر لم
تبطل صلاته".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم صاحب الهداية والمستوعب والوجيز وإدراك
الغاية والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه في
الفروع والمغني والشرح ونصراه والمحرر وابن
تميم قال الزركشي هو المشهور والمختار للأصحاب
وعنه يبطل اختارها الآجري ويقتضيه كلام الخرقي
وأطلقهما في الرعايتين والفائق والحاويين وعنه
يبطل في المغلظة فقط وقاله ابن عقيل وجزم به
في الرعاية الكبرى: أيضا وقدر ابن أبي موسى
العفو بظهور العورة في الركوع فقط وغيره أطلق.
تنبيه: ظاهر قوله: "إذا انكشف" أنه إذا انكشف
من غير قصد وهو محل الخلاف أما لو كشف يسير من
العورة قصدا فإنه يبطلها على الصحيح من
المذهب: قدمه في الفروع وقاله القاضي وقدمه في
الرعايتين وقيل: لا يبطل وقدمه ابن تميم في
مختصره.
فائدتان
إحداهما: قدر اليسير ما عد يسيرا عرفا على
الصحيح من المذهب: وقال بعض الأصحاب اليسير من
العورة ما كان قدر رأس الخنصر وجزم به في
المبهج قال ابن تميم ولا وجه له وهو كما قال.
الثانية: كشف الكثير من العورة في الزمن
القصير كالكشف اليسير في الزمن الطويل على ما
تقدم على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يصح هنا
وإن صححناه هناك وقيل: إن احتاج عملا كثيرا في
أخذها فوجهان وأطلق في الرعايتين والحاويين
الخلاف في كشف اليسير من العورة وجزم في
الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الكبرى
بالعفو عن الكشف الكثير في الزمن اليسير.
قوله: "ومن صلى في ثوب حرير أو مغصوب لم تصح
صلاته".
هذا المذهب بلا ريب مطلقا وعليه جماهير
الأصحاب وهو من المفردات وعنه يصح مع التحريم
اختارها الخلال وابن عقيل في الفنون قال ابن
رزين: في شرحه وهو أظهر وقيل: تصح مع الكراهة
وأطلقهما ابن تميم وعنه لا تصح من عالم بالنهي
وتصح من غيره وقيل: لا تصح إن كان شعارا يعني
يلي جسده واختاره ابن الجوزي في المذهب ومسبوك
الذهب وجزم به في الوجيز وقيل: إذا كان قدر
ستر عورة كسراويل وإزار وقيل: تصح صلاة النفل
دون غيرها وذكر أبو الخطاب في بحث المسألة أن
النافلة لا تصح بالاتفاق قال الآمدي لا تصح
صلاة النفل قولا واحدا.
فهذه ثلاث طرق في النافلة ذكرها في النكت
ويأتي نظيرها في الموضع المغصوب.
وقال في الفائق والمختار وقف الصحة على تحليل
المالك في الغصب وقد نص على
(1/322)
مثله في الزكاة
والأضحية قال في الفروع وعنه يقف على إجازة
المالك ويأتي الكلام في النفل قريبا بأعم من
هذا.
فائدة: لو لبس عمامة منهيا عنها أو تكة وصلى
فيها صحت صلاته على الصحيح من المذهب: وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم وقيل: لا
تصح وجزم به في مسبوك الذهب والمذهب واختاره
أبو بكر قاله في القواعد وعنه التوقف في التكة
ولو صلى وفي يده خاتم ذهب أو دملج أو في رجله
خف حرير لم تبطل صلاته على الصحيح من المذهب:
وذكر ابن عقيل في التبصرة احتمالا في بطلانها
بجميع ذلك إن كان رجلا وقيل: تصح مع الكراهة
قال في الفروع وهو ظاهر كلامه في المستوعب
وفيه نظر وقال أبو بكر إذا صلى وفي يده خاتم
حديد أو صفر أعاد صلاته.
فائدة: لو لم يجد إلا ثوب حرير صلى فيه ولم
يعد على الصحيح من المذهب: وقيل: يصلي ويعيد
قال المجد وتبعه في الحاوي الكبير فأما الحرير
إذا لم يجد غيره فيصلي فيه ولا يعيد وخرج بعض
أصحابنا الإعادة على الروايتين في الثوب النجس
قال وهو وهم لأن علة الفساد فيه التحريم وقد
زالت في هذه الحال إجماعا فأشبه زوالها بالجهل
والمرض انتهى.
ولو لم يجد إلا ثوبا مغصوبا لم يصل فيه قولا
واحدا وصلى عريانا قاله الأصحاب فلو خالف وصلى
لم تصح صلاته على الصحيح من المذهب: لارتكاب
النهي وقيل: تصح.
فائدة: حكم النفل فيما تقدم حكم الفرض على
الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وهو
ظاهر كلام المصنف هنا وقيل: يصح في النفل وإن
لم نصححها في الفرض لأنه أخف قال في الفروع
ونفله كفرضه كثوب نجس وقيل: يصح لأنه أخف وذكر
القاضي وجماعة لا وقال في الرعاية وقيل: من
صلى نفلا في ثوب مغصوب ونحوه أو في موضع مغصوب
ونحوه صحت صلاته ثم قال قلت: فإن كان معه
ثوبان نجس وحرير ولا يجد غيرهما فالحرير أولى.
فوائد
منها لو جهل أو نسي كونه غصبا أو حريرا أو حبس
في مكان غصب صحت صلاته على الصحيح من المذهب:
وذكره المجد إجماعا وعنه لا تصح وأطلق القاضي
في حبسه بغصب روايتين ثم جزم بالصحة في ثوب
يجهل غصبه لعدم إثمه قال في الفروع كذا قال.
ومنها لا يصح نفل الآبق ويصح فرضه ذكره ابن
عقيل وبن الزاغوني وغيرهما وقدمه في الفروع
وغيره لأن زمن فرضه مستثنى شرعا فلم يغصبه
وقال الشيخ تقي الدين بطلان فرضه قوي وظاهر
كلام ابن هبيرة صحة صلاته مطلقا إن لم يستحل
الإباق.
(1/323)
ومنها تصح صلاة
من طولب برد وديعة أو غصب قبل دفعها إلى ربها
على الصحيح من المذهب: وذكر ابن الزاغوني عن
طائفة من الأصحاب أنها لا تصح وقال في الفروع
ويتوجه مثل المسألة من أمره سيده أن يذهب إلى
مكان فخالفه وأقام.
ومنها لو غير هيئة مسجد فكغيره من المغصوب وإن
منعه غيره وقيل: أو زحمه وصلى مكانه ففي الصحة
وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم قال في
الفروع وعدم الصحة فيها أولى لتحريم الصلاة
فيها وقدم في الرعاية الصحة مع الكراهة قال في
الفائق صحت في أصح الوجهين وصححه المجد في
شرحه وصاحب الحاوي الكبير وقال الشيخ تقي
الدين الأقوى البطلان.
ومنها يصح الوضوء والأذان وإخراج الزكاة
والصوم والعقد في مكان غصب على الصحيح من
المذهب: وقيل: هو كصلاة ونقله المروذي وغيره
في الشراء.
ومنها لو تقوى على أداء عبادة بأكل محرم صحت
وقال أحمد في بئر حفرت بمال غصب لا يتوضأ منها
وعنه إن لم يجد غيرها لا أدري ويأتي إذا صلى
على أرض غيره أو مصلاه في الباب الآتي بعد
قوله: "ولا تصح الصلاة في الموضع المغصوب.
قوله: "ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا صلى فيه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقيل: لا تصح فيه مطلقا بل يصلي عريانا
وهو تخريج للمجد في شرحه واختاره في الحاوي
الكبير وعنه إن ضاق الوقت صلى فيه وإلا فلا
وقيل: لا تصح الصلاة فيه مطلقا مع نجاسة عينيه
كجلد الميتة فيصلي عريانا قاله ابن حامد.
فائدة: حيث قلنا يصلي عريانا فإنه لا يعد على
الصحيح وقيل: يعيد.
قوله: "وأعاد على المنصوص".
هذا المذهب نص عليه وعليه الجمهور وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره ويتخرج أن
لا يعيد وجزم به في التبصرة والعمدة واختاره
جماعة منهم المصنف والمجد وصاحب الحاوي الكبير
ومجمع البحرين: وابن منجا في شرحه وغيرهم
وذكره في المذهب وابن تميم وغيرهما رواية
وأطلقهما في المذهب وابن تميم
تنبيه: قوله: "ويتخرج أن لا يعيد بناء على من
صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه فإنه قال
لا إعادة عليه فممن خرج عدم الإعادة أبو
الخطاب في الهداية وصاحب التلخيص والبلغة
والمحرر والفائق والرعايتين والحاويين وغيرهم.
(1/324)
قال ابن مفلح
في أصوله سوى بعض أصحابنا بين المسألتين ولم
يخرج طائفة من الأصحاب قال في الفروع وهو أظهر
لظهور الفرق بينهما وكذا قال في أصوله وأكثر
من خرج خرجها ممن صلى في موضع نجس كما خرجه
المصنف هنا وخرجها القاضي في التعليق من مسألة
من عدم الماء والتراب وأما من صلى في موضع نجس
لا يمكنه الخروج منه فإنه لا إعادة عليه على
الصحيح من المذهب: ونص عليه وخرج الإعادة من
المسألة التي قبلها ولم يخرج بعضهم قال في
الفروع والأصول وهو أظهر.
واعلم أن مذهب الإمام أحمد هو ما قاله أو جرى
منه مجرى القول من تنبيه: أو غيره وفي جواز
نسبته إليه من جهة القياس أو من فعله أو من
مفهوم كلامه وجهان للأصحاب فعلى القول بأن ما
قيس على كلامه مذهبه لو أفتى في مسألتين
متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين لم يجز
النقل والتخريج من كل واحدة منهما إلى الأخرى
كقول الشارع ذكره أبو الخطاب في التمهيد وغيره
وقدمه ابن مفلح في أصوله والطوفي في أصوله
وشرحه وصاحب الحاوي الكبير وجزم به المصنف في
الروضة وذكر ابن حامد عن بعض الأصحاب الجواز
قال الطوفي في أصوله والأولى: جواز ذلك بعد
الجد والبحث من أهله وجزم به في المطلع وقدمه
في الرعايتين.
قلت: كثير من الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم على
جواز النقل والتخريج وهو كثير في كلامهم في
المختصرات والمطولات وفيه دليل على الجواز
وأطلقهما في الفروع في خطبة الكتاب.
فعلى الأول يكون هذا القول المخرج وجها لمن
خرجه.
وعلى الثاني يكون رواية مخرجة على ما يأتي
بيانه وتحريره آخر الكتاب في القاعدة وكذا لو
نص على حكم في المسألة وسكت عن نظيرتها فلم
ينص على حكم فيها لا يجوز نقل حكم المنصوص
عليه إلى المسكوت عنه بل هنا عدم النقل أولى
قاله الطوفي في مختصره وغيره وقال في شرحه
وقياس الجواز في التي قبلها نقل حكم المنصوص
عليه إلى المسكوت عنه إذا عدم الفرق المؤثر
بينهما بعد النظر البالغ من أهله انتهى.
قلت: وهو الصواب فيها وعليه العمل عند أكثر
الأصحاب.
فالمسألة الأولى: لا تكون إلا في نصين مختلفين
في مسألتين متشابهتين وأما التخريج وحده فهو
أعم لأنه من القواعد الكلية التي تكون من
الإمام أو الشرع لأن حاصله أنه بنى فرعا على
أصل بجامع مشترك.
فائدة: إذا صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج
عنه فإن كانت النجاسة رطبة أومأ غاية ما يمكنه
وجلس على قدميه قولا واحدا قاله ابن تميم وجزم
به في الكافي وإن كانت
(1/325)
يابسة فكذلك
قال في الوجيز ومن محله نجس بضرورة أومأ ولم
يعد وقدمه في المستوعب فقال يومئ بالركوع
والسجود نص عليه وقدمه في الرعاية الكبرى: قال
ابن نصر الله في حواشي الفروع أصح الروايتين
أنه كمن صلى في ماء وطين قال القاضي يقرب
أعضاؤه من السجود بحيث لو زاد شيئا لمسته
النجاسة ويجلس على رجليه ولا يضع على الأرض
غيرهما وعنه يجلس ويسجد بالأرض قال المجد في
شرحه وصاحب الحاوي الكبير هي الصحيحة وهي ظاهر
ما جزم به في الكافي وأطلقهما في الفروع وابن
تميم والمذهب.
قوله: "ومن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها".
إن كانت السترة لا تكفي إلا العورة فقط أو
منكبيه فقط فالصحيح من المذهب: أنه يستر عورته
ويصلي قائما وعليه الجمهور وهو ظاهر كلام
المصنف هنا وقال القاضي يستر منكبيه ويصلي
جالسا قال ابن تميم وهو بعيد قال ابن عقيل هذا
محمول على سترة تتسع أن يتركها على كتفيه
ويشدها من ورائه فتستر دبره والقبل مستور بضم
فخذيه عليه فيحصل ستر الجميع انتهى وهذا القول
من المفردات وأطلقهما في البلغة وإن كانت
السترة تكفي عورته فقط أو تكفي منكبيه وعجزه
فقط فظاهر كلام المصنف هنا أيضا أنه يستر
عورته ويصلي قائما وهو أحد القولين وظاهر
كلامه في الوجيز واختاره المجد في شرحه وصاحب
الحاوي الكبير قلت: وهو الصواب والصحيح من
المذهب: أنه يستر منكبيه وعجزه ويصلي جالسا نص
عليه وجزم به في المستوعب والمحرر والإفادات
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في
الفروع والفائق والرعاية الكبرى: وابن عبيدان
وغيرهم.
قوله: "فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين".
هذا المذهب وعليه الجمهور وعلى قول القاضي
يستر منكبيه ويصلي جالسا.
قوله: "فإن لم يكفهما جميعا ستر أيهما شاء".
بلا نزاع أعلمه والخلاف إنما هو في الأولوية.
قوله: "والأولى: ستر الدبر على ظاهر كلامه".
وهو المذهب صححه المجد في شرحه وصاحب الحاوي
الكبير قال في تجريد العناية ستره على الأظهر
وجزم به في الوجيز والهادي والإفادات والمنور
والمنتخب واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه
في المحرر والرعايتين وابن تميم والفائق
والحاوي الصغير وإدراك الغاية والشرح وقيل:
القبل أولى وهو رواية حكاها غير واحد.
قلت: والنفس تميل إلى ذلك.
وأطلقهما في المستوعب والكافي وقيل: بالتساوي
قال في العمدة والمذهب الأحمد:
(1/326)
فإن لم يكفهما
ستر أحدهما: واقتصرا عليه وقدمه ابن رزين: في
شرحه وأطلقهن في التلخيص والبلغة وقيل: ستر
أكثرهما أولى واختاره في الرعاية الكبرى.
قوله: "وإن بذلت له سترة لزمه قبولها إذا كانت
عارية".
وهو المذهب وعليه الجمهور وقطع به أكثرهم
وقيل: لا يلزمه.
فائدتان
إحداهما: لو وهبت له سترة لم يلزمه قبولها على
الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وهو
ظاهر كلام المصنف هنا وقيل: يلزمه وهو ظاهر
كلام أبي الخطاب.
الثانية: يلزمه تحصيل السترة بقيمة المثل
والزيادة هنا على قيمة المثل مثل الزيادة في
ماء الوضوء على ما تقدم في باب التيمم.
قوله: "فإن عدم بكل حال صلى جالسا يومئ إيماء
فإن صلى قائما جاز".
صرح بأن له الصلاة جالسا وقائما وهو المذهب
وإذا صلى قائما فإنه يركع ويسجد وهو المذهب
وقوة كلامه أن الصلاة جالسا أولى وهو المذهب
وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي عليه عامة
الأصحاب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية
الأثرم وقدمه في الفروع والمحرر وابن تميم
وغيرهم وجزم به في التلخيص وغيره.
وقيل: تجب الصلاة جالسا والحالة هذه وهو ظاهر
كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب فإنه قال
لا يصلون قياما إذا ركعوا وسجدوا بدت عوراتهم
وهو ظاهر كلام الخرقي وعنه أنه يصلي قائما
ويسجد بالأرض يعني يلزمه ذلك اختارها الآجري
وصاحب الحاوي الكبير وغيرهما وقدمه ابن الجوزي
قاله في الفروع.
وقول الزركشي وأما ما حكاه أبو محمد في المقنع
من وجوب القيام على رواية فمنكر لا نعرفه لا
عبرة به ولا التفات إليه.
وهذا أعجب منه فإن هذه الرواية مشهورة منقولة
في الكتب المطولة والمختصرة وذكرها ابن حمدان
في رعايته وابن تميم وصاحب الفروع والحاويين
والنظم وغيرهم واختاره الآجري وصاحب الحاوي
وهو مذهب مالك والشافعي بل قوله: "منكر لا
يعرف له موافق على ذلك غايته أن بعضهم لم
يذكرها ولا يلزم من عدم ذكرها عدم إثباتها
وإنما نفاها ابن عقيل على ما يأتي من كلامه في
المصلي جماعة ومن أثبت مقدم على من نفى.
وقيل: يصلي قائما ويومئ وحكى الشيرازي ومن
تابعه وجها في المنفرد أنه يصلي قائما بخلاف
من يصلي جماعة قال بناء على أن الستر كان
لمعنى في غير العورة وهو عن أعين الناس ونقل
الأثرم إن توارى بعض العراة عن بعض فصلوا
قياما فلا بأس قال القاضي ظاهره لا يلزم
القيام خلوة ونقل بكر بن محمد أحب إلي أن
يصلوا جلوسا.
(1/327)
وظاهره لا فرق
بين الخلوة وغيرها وقال وهو المذهب قال ابن
عقيل في روايتيه لا تختلف الرواية أن العراة
إذا صلوا جماعة يصلون جلوسا ولا يجوز قياما
واختلف في المنفرد والصحيح أنه كالجماعة
انتهى.
قوله: "فإن عدم بكل حال صلى جالسا يومئ
إيماء".
الصحيح من المذهب: أنه إذا صلى جالسا أومأ
بالركوع والسجود وعليه الجمهور وقطع به كثير
منهم وعنه أنه يسجد بالأرض اختاره ابن عقيل
وصاحب الحاوي وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب
والتلخيص والبلغة.
فائدتان
إحداهما: حيث قلنا يصلي جالسا فإنه لا يتربع
بل ينضام بأن يضم إحدى فخذيه على الأخرى وهذا
الصحيح من المذهب: ونقله الأثرم والميموني
وعليه الجمهور وعنه يتربع جزم به في الإفادات
والرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الرعاية
الكبرى: وقال نص عليه.
قلت: وهو بعيد وأطلقهما ابن تميم.
الثانية: حيث صلى عريانا فإنه لا يعيد إذا قدر
على السترة على الصحيح من المذهب: وعليه
الأصحاب وألحقه الدينوري بعادم الماء والتراب
على ما تقدم.
قوله: "وإن وجد السترة قريبة منه في أثناء
الصلاة".
يعني قريبة عرفا "ستر وبنى وإن كانت بعيدة
عرفا ستر وابتدأ".
وهذا المذهب وعليه الجمهور وقيل: يبني مطلقا
وقيل: لا يبني مطلقا وقيل: إن انتظر من يناوله
إياها لم تبطل لأنه انتظار واجد كانتظار
المسبوق وقال ابن حامد إذا قدر على السترة في
الصلاة فهل يستأنف أو يبني يخرج على المتيمم
يجد الماء في الصلاة وجوز للأمة إذا عتقت في
الصلاة البناء مع القرب وجها واحدا.
فائدة: لو قال لأمته إن صليت ركعتين مكشوفة
الرأس فأنت حرة فصلت كذلك عاجزة عن ستره عتقت
وصحت الصلاة ومع القدرة عليه تصح الصلاة دون
العتق قاله في الرعاية الكبرى.
فائدتان
إحداهما: حكم المعتقة في الصلاة حكم واجد
السترة في الصلاة خلافا ومذهبا وتفصيلا على
الصحيح وتقدم كلام ابن حامد وقال ابن تميم ولو
عتقت الأمة في الصلاة فهي كالعريان يجد السترة
لكن حكمها في البناء مع العمل الكثير كمن سبقه
الحدث وكذا إن أطارت
(1/328)
الريح سترا له
واحتاج إلى عمل كثير بخلاف العاري إذ الصحيح
فيه عدم تخريجه على من سبقه الحدث انتهى ولو
جهلت العتق او وجوب السترة أو القدرة عليه
لزمها الإعادة كخيار معتقة تحت عبد ذكره
القاضي وغيره واقتصر عليه في الفروع وجزم به
ابن تميم.
الثانية: لو طعن في دبره فصارت الريح تتماسك
في حال جلوسه فإذا سجد خرجت منه لزمه السجود
بالأرض نص عليه ترجيحا للركن على الشرط لكونه
مقصودا في نفسه وخرج المجد في شرحه ومن تبعه
أنه يومئ بناء على العريان وقواه هو وصاحب
الحاوي وتقدم ما يشبه ذلك في الحيض بعد قوله:
"وكذلك من به سلس البول".
قوله: "ويصلي العراة جماعة".
قال في الفروع وجوبا.
قلت: وهو ظاهر كلام الأصحاب.
"وإمامهم في وسطهم".
الصحيح من المذهب: أن إمام العراة يجب أن يقف
بينهم وعليه جماهير الأصحاب وقيل: يجوز أن
يؤمهم متقدما عليهم فعلى الأول لو خالف وفعل
بطلت وعلى الثاني لا تبطل ولو كان المكان يضيق
عنهم صفا واحدا صلى الكل جماعة واحدة وإن كثرت
صفوفهم في أحد الوجهين صححه المجد وصاحب
الحاوي الكبير وقيل: يصلون جماعتين فأكثر
كالنساء والرجال وهذا المذهب جزم به في
الرعاية الصغرى والحاوي وقدمه ابن تميم
والرعاية الكبرى: وقال في المغني والشرح وابن
رزين فإن لم يسعهم صف واحد وقفوا صفوفا وغضوا
أبصارهم وإن صلى كل صف جماعة فهو أحسن.
فائدتان
إحداهما: لو كانت السترة لواحد لزمه أن يصلي
بها فلو أعارها وصلى عريانا لم تصح صلاته
ويستحب إعارتها بعد صلاته وصلى بها واحد بعد
واحد فإن خافوا خروج الوقت دفعت السترة إلى من
يصلي فيها إماما على الصحيح من المذهب: ويصلي
الباقي عراة وقيل: لا يقدم الإمام بالسترة بل
يصلي فيها واحد بعد واحد ولو خرج الوقت وهل
يلزم انتظار السترة ولو خرج الوقت في غير
مسألة الإمام المتقدمة أم لا يلزم انتظارها
كالقدرة على القيام بعده فيه وجهان وأطلقهما
في الفروع
أحدهما: لا يلزمه قدمه ابن تميم والشارح وابن
عبيدان وابن رزين وهو الصحيح الصواب وجزم به
في الكافي.
والوجه الثاني: يلزمه انتظارها ليصلي فيها ولو
خرج الوقت قال المصنف في المغني وهذا أقيس
وقدمه في الرعاية وقال وإن ضاق الوقت صلى بها
واحد.
(1/329)
قلت: إن عينه
ربها وإلا اقترعوا إن تشاحوا انتهى.
قال المصنف والشارح وإن صلى صاحب الثوب وقد
بقي وقت صلاة واحدة استحب أن يعيره لمن يصلح
لإمامتهم وإن أعاره لغيره جاز وصار حكمه حكم
صاحب الثوب فإن استووا ولم يكن الثوب لواحد
منهم أقرع بينهم فيكون من تقع له القرعة أحق
به وإلا قدم من يستحب البداءة بعاريته وجعل
المصنف واجد الماء أصلا للزوم قال في الفروع
كذا قال ولا فرق وأطلق أحمد في مسألة القدرة
على القيام بعد خروج الوقت الانتظار وحمله ابن
عقيل على اتساع الوقت.
الثانية: المرأة أولى بالسترة للصلاة من الرجل
وتقدم آخر التيمم إذا بذلت سترة الأولى: من
الحي والميت أن يصلي الحي ثم يكفن الميت على
الصحيح من المذهب: وتقدم بعدها إذا احتاج إلى
لفافة الميت وهل يصلى عليه عريانا أو يأخذ
لفافته.
قوله: "ويكره في الصلاة السدل".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه إن كان
تحته ثوب لم يكره وإلا كره وعنه إن كان تحته
ثوب وإزار لم يكره وإلا كره وعنه لا يكره
مطلقا حكاه الترمذي عن الإمام أحمد وعنه يحرم
فيعيد وهي من المفردات وأطلق الروايتين في
الإعادة في المستوعب وابن تميم وقال أبو بكر
إن لم تبد عورته لم يعد باتفاق.
قوله: "وهو أن يطرح على كتفيه ثوبا ولا يرد
أحد طرفيه على الكتف الأخرى
وهذا التفسير هو الصحيح وعليه جمهور الأصحاب
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والشرح
وغيرهم وقدمه في التلخيص والفروع والرعاية
الصغرى والحاويين والمستوعب ذكره في أول باب
ما يكره في الصلاة في اللباس وغيرهم وقال
الشيخ تقي الدين في شرح العمدة هذا الصحيح
المنصوص عنه.
وقدم في الرعاية الكبرى: هو أن يضع على كتفيه
ثوبا منشورا ولا يرد أحد طرفيه على أحد كتفيه
ونقل صالح هو أن يطرح الثوب على أحدهما: ولا
يرد أحد طرفيه على الأخرى وقدمه في الفائق
وقال نص عليه وعنه أن يتخلل بالثوب ويرخى
طرفيه ولا يرد واحدا منهما على الكتف الأخرى
ولا يضم طرفيه بيديه وهو قول في الرعاية ونقل
ابن هانئ هو أن يرخي ثوبه على عاتقه لا يمسه
وقيل: هو إسبال الثوب على الأرض اختاره الآمدي
وابن عقيل وقال في موضع آخر مع طرحه على أحد
كتفيه وقيل: هو وضع وسط الرداء على رأسه
وإرساله من ورائه على ظهره وهي لبسة اليهود
وقيل: هو وضعه على عنقه ولم يرده على كتفيه
اختاره القاضي.
قوله: "واشتمال الصماء".
(1/330)
الصحيح من
المذهب: كراهة اشتمال الصماء في الصلاة وعليه
الأصحاب وعنه يحرم فيعيد وهي من المفردات قال
ابن تميم وحكى ابن حامد وجها في بطلان الصلاة
به مطلقا وقال ابن أبي موسى إذا لم يكن تحته
ثوب أعاد وأطلق الخلاف في الإعادة في
الرعايتين.
قوله: "وهو أن يضطبع بثوب ليس عليه غيره".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب
والخلاصة وغيرهم وقدمه في الفروع والمستوعب
والفائق والشارح والنظم وغيرهم وعنه يكره وإن
كان عليه غيره وأطلقهما ابن تميم وقيل: يكره
إذا كان فوق الإزار دون القميص وقال صاحب
التبصرة هو أن يضع الرداء على رأسه ثم يسدل
طرفيه إلى رجليه وقال ابن تميم وقال السامري
هو أن يلتحف بالثوب ويرفع طرفيه إلى أحد
جانبيه ولا يبقى ليديه ما يخرجهما منه ولم أره
في المستوعب قال في الفروع وهو المعروف عند
العرب والأول قول الفقهاء قال أبو عبيد وهم
أعلم بالتأويل.
قوله: "ويكره تغطية الوجه والتلثم على الفم
والأنف ولف الكم".
الصحيح من المذهب: أن تغطية الوجه والتلثم على
الفم ولف الكم مكروه وعليه الأصحاب وقطع به
كثير منهم وعنه لا يكره وأما التلثم على الأنف
فالصحيح من المذهب: أنه يكره أيضا قال في
الفصول يكره التلثم على الأنف على أصح
الروايتين وجزم به في الوجيز والنظم والهادي
والمغني وابن رزين في شرحه واختاره المصنف
والمجد في شرحه وصححه وقدمه في الشرح.
والرواية الثانية: لا يكره وأطلقهما في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص
والبلغة وابن تميم والرعايتين والحاويين
والفروع والفائق.
قوله: "وشد الوسط بما يشبه شد الزنار".
يعني أنه يكره وهو المذهب وعليه الأصحاب ونص
عليه وعنه لا يكره إلا أن يشده لعمل الدنيا
فيكره نقله ابن إبراهيم وجزم بعضهم بكراهة شده
على هذه الصفة لعمل الدنيا منهم ابن تميم
وصاحب الفائق ويأتي كلامه في المستوعب.
تنبيهات
الأول كراهة شد وسطه بما يشبه شد الزنار لا
تختص بالصلاة كالذي قبله ذكره غير واحد واقتصر
عليه في الفروع لأنه يكره التشبه بالنصارى في
كل وقت وقيل: يحرم التشبه بهم.
الثاني مفهوم قوله: "بما يشبه شد الزنار" أنه
إذا كان لا يشبهه لا يكره وهو صحيح بل
(1/331)
قال المجد في
شرحه يستحب نص عليه للخبر وأنه أستر للعورة
وجزم به ابن تميم بمنديل أو منطقة ونحوها وقال
ابن عقيل يكره الشد بالحياصة يعني للرجل قال
في المستوعب فإن شد وسطه بما يشبه الزنار
كالحياصة ونحوها كره وعن أحمد أنه كره المنطقة
في الصلاة زاد بعضهم وفي غير الصلاة ونقل حرب
يكره شد وسطه على القميص لأنه من زي اليهود
ولا بأس به على القباء قال القاضي لأنه من
عادة المسلمين وجزم به في الحاوي وقدمه في
الرعاية الكبرى: قال ابن تميم لا بأس بشد
القباء في السفر على غيره نص عليه واقتصر
عليه.
الثالث قال المجد في شرحه محل الاستحباب في حق
الرجل فأما المرأة فيكره الشد فوق ثيابها لئلا
يحكي حجم أعضائها وبدنها انتهى قال ابن تميم
وغيره ويكره للمرأة في الصلاة شد وسطها بمنديل
ومنطقة ونحوهما.
قوله: "وإسبال شيء من ثيابه خيلاء".
يعني يكره وهو أحد الوجهين وجزم به في الهداية
والمذهب والمذهب الأحمد والمستوعب والوجيز
والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وإدراك
الغاية وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في
الرعاية الكبرى.
قلت: وهذا ضعيف جدا إن أرادوا كراهة تنزيه
ولكن قال المصنف في المغني والمجد في شرحه
المراد كراهة تحريم وهو الأليق وحكى في الفروع
والرعاية الكبرى: الخلاف في كراهته وتحريمه.
والوجه الثاني: يحرم إلا في حرب أو يكون ثم
حاجة.
قلت: هذا عين الصواب الذي لا يعدل عنه وهو
المذهب وهو ظاهر نص أحمد قال في الفروع ويحرم
في الأصح إسبال ثيابه خيلاء في غير حرب بلا
حاجة قال الشيخ تقي الدين المذهب هو حرام قال
في الرعاية وهو أظهر وجزم به ابن تميم والشارح
والناظم والإفادات.
تنبيه: قوله: "يحرم أو يكره بلا حاجة".
قالوا في الحاجة كونه حمش الساقين قاله في
الفروع والمراد ولم يرد التدليس على النساء
انتهى فظاهر كلامهم جواز إسبال الثياب عند
الحاجة.
قلت: وفيه نظر بين بل يقال يجوز الإسبال من
غير خيلاء لحاجة وقال في الفروع ويتوجه هذا في
قصيرة اتخذت رجلين من خشب فلم تعرف.
(1/332)
فوائد
منها يجوز الاحتباء على الصحيح من المذهب:
وعنه يكره وعنه يحرم وأما مع كشف العورة فيحرم
قولا واحدا.
ومنها يكره أن يكون ثوب الرجل إلى فوق نصف
ساقه نص عليه ويكره زيادته إلى تحت كعبيه بلا
حاجة على الصحيح من الروايتين وعنه ما تحتهما
في النار وذكر الناظم من لم يخف خيلاء لم يكره
والأولى: تركه هذا في حق الرجل.
وأما المرأة فيجوز زيادة ثوبها إلى ذراع مطلقا
على الصحيح من المذهب: وقال جماعة من الأصحاب
ذيل نساء المدن في البيت كالرجل منهم السامري
في المستوعب وابن تميم والرعايتين.
ومنها قال جماعة من الأصحاب يسن تطويل كم
الرجل إلى رؤوس أصابعه أو أكثر بيسير ويوسعها
قصدا ويسن تقصير كم المرأة قال في الفروع
واختلف كلامهم في سعته قصدا قال في التلخيص
ويستحب لها توسيع الكم من غير إفراط بخلاف
الرجل.
ومنها يكره لبس ما يصف البشرة للرجل والمرأة
الحي والميت ولو لامرأة في بيتها نص عليه وقال
أبو المعالي لا يجوز لبسه وذكر جماعة لا يكره
لمن لم يرها إلا زوج أو سيد وذكره أبو المعالي
وصاحب المستوعب والنظم في آدابه قال في
الرعاية وهو الأصح وأما لبسها ما يصف اللين
والخشونة والحجم فيكره.
ومنها كره الإمام أحمد الزيق العريض للرجل
واختلف قوله: "فيه للمرأة قال القاضي إنما
كرهه لإفضائه إلى الشهرة وقال بعضهم إنما كره
الإفراط جمعا بين قوليه وقال أحمد في الفرج
للدراعة من بين يديها قد سمعت ولم أسمع من
خلفها إلا أن فيه سعة عند الركوب ومنفعة.
ومنها كره الإمام أحمد والأصحاب لبس زي
الأعاجم كعمامة صحاء وكنعل صرارة للزينة لا
للوضوء ونحوه.
ومنها يكره لبس ما فيه شهرة أو خلاف زي بلدة
من الناس على الصحيح من المذهب: وقيل: يحرم
ونصه لا وقال الشيخ تقي الدين يحرم شهرة وهو
ما قصد به الارتفاع وإظهار التواضع لكراهة
السلف لذلك وأما الإسراف في المباح فالأشهر لا
يحرم قاله في الفروع وحرمه الشيخ تقي الدين.
قوله: "ولا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان في أحد
الوجهين".
وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وجزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والمذهب الأحمد والتلخيص والبلغة والإفادات
والآداب المنظومة لابن عبد القوي والوجيز
والحاويين والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع
والمحرر قال الإمام أحمد لا ينبغي.
والوجه الثاني: لا يحرم بل يكره وذكره ابن
عقيل والشيخ تقي الدين رواية وقدمه
(1/333)
ابن تميم
وأطلقهما في الرعايتين والفائق.
فوائد
الأولى: لو أزيل من الصورة ما لا تبقى معه
الحياة زالت الكراهة على الصحيح من المذهب: نص
عليه وقيل: الكراهة باقية ومثل ذلك صور الشجر
ونحوه وتمثال.
الثانية: يحرم تصوير ما فيه روح ولا يحرم
تصوير الشجر ونحوه والتمثال مما لا يشابه ما
فيه روح على الصحيح من المذهب: وأطلق بعضهم
تحريم التصوير وهو من المفردات وقال في الوجيز
ويحرم التصوير واستعماله وكره الآجري وغيره
الصلاة على ما فيه صورة وقال في الفصول يكره
في الصلاة صورة ولو على ما يداس.
الثالثة: يحرم تعليق ما فيه صورة حيوان وستر
الجدار به وتصويره على الصحيح من المذهب:
وقيل: لا يحرم وحكى رواية وهو ظاهر ما جزم به
في المغني والشرح في باب الوليمة ولا يحرم
افتراشه ولا جعله مخدة بل ولا يكره فيها لأنه
عليه أفضل الصلاة والسلام اتكأ على مخدة فيها
صورة رواه الإمام أحمد ويأتي ذلك في كلام
المصنف في باب الوليمة.
الرابعة: يكره الصليب في الثوب ونحوه على
الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ويحتمل
تحريمه وهو ظاهر نقل صالح.
قلت: وهو الصواب.
قوله: "ولا يجوز للرجل لبس ثياب الحرير".
بلا نزاع من حيث الجملة فتحرم تكة الحرير
والشرابة المفردة نص عليه ويحرم افتراشه
والاستناد إليه ويحرم ستر الجدر به على الصحيح
من المذهب: وعليه الأصحاب ونقل المروذي يكره
قال في الفروع وهو ظاهر كلام من ذكر تحريم
لبسه فقط ومثله تعليقه وذكر الأزجي وغيره لا
يجوز الاستجمار بما لا ينقي كالحرير الناعم
وحرم الأكثر استعماله مطلقا قال في الفروع فدل
أن في فشخانة والخيمة والبقجة وكدالة ونحوه
الخلاف.
قوله: "وما غالبه الحرير".
أي لا يجوز لبسه والصحيح من المذهب: أن الغالب
يكون بالظهور وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وجزم
به في الوجيز وغيره وقدمه في التلخيص وغيره
وقيل: الاعتبار بالغالب في الوزن وقدمه في
الرعاية الكبرى: وأطلقهما في الفروع والآداب
والفائق وابن تميم والحواشي.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز للكافر
لبس ثياب الحرير.
قال في القواعد الأصولية وهو ظاهر كلام الإمام
أحمد والأصحاب قاله بعض المتأخرين وبناه بعضهم
على القاعدة واختار الشيخ تقي الدين الجواز
قال وعلى قياسه بيع آنية الذهب والفضة للكفار
وإذا جاز بيعها لهم جاز صنعها لبيعها لهم
وعملها لهم بالأجرة انتهى.
(1/334)
فائدة: الخنثى
المشكل في الحرير ونحوه كالذكر جزم به في
الحاويين والرعاية الصغرى وقال في الكبرى
والخنثى في الحرير ونحوه في الصلاة وعنه
وغيرها كذكر.
قوله: "فإن استوى هو وما نسج معه فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمذهب الأحمد والمستوعب والمغني والكافي
والهادي والتلخيص وابن تميم والمحرر والحاويين
وابن منجا في شرحه والنظم والشرح والفائق وشرح
ابن رزين: والفروع والرعايتين لكن إنما أطلق
في الرعاية الكبرى: الخلاف فيما إذا استويا
وزنا بناء على ما قدمه.
أحدهما: يجوز وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم
به في الوجيز وصححه في تصحيح المحرر وقال صححه
المصنف يعني المجد وهو ظاهر ما جزم به في
البلغة وتذكرة ابن عبدوس والإفادات والمنور
والمنتخب والتسهيل لأنهم قالوا في التحريم أو
ما غالبه الحرير وإليه أشار ابن البنا.
والوجه الثاني: يحرم قال ابن عقيل في الفصول
والشيخ تقي الدين في شرح العمدة الأشبه أنه
يحرم لعموم الخبر قال في الفصول لأن النصف
كثير وليس تغليب التحليل بأولى من التحريم ولم
يحك خلافه قال في المستوعب وإليه أشار أبو بكر
في التنبيه: أنه لا يباح لبس القسي والملحم.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف دخول الخز في الخلاف
إذا قلنا إنه من إبريسم وصوف أو وبر وهو
اختيار ابن عقيل وصاحب المذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والرعاية وغيرهم وهو ظاهر كلام كثير
من الأصحاب والصحيح من المذهب: إباحة الخز نص
عليه وفرق الإمام أحمد بأنه قد لبسه الصحابة
وبأنه لا سرف فيه ولا خيلاء وجزم به في الكافي
والمغني والشرح والرعاية الكبرى: وقدمه في
الآداب وغيره.
فائدة: الخز ما عمل من صوف وإبريسم قاله في
المطلع في كتاب النفقات قال في المذهب
والمستوعب هو المعمول من إبريسم ووبر طاهر
كوبر الأرنب وغيرها واقتصر على هذا في الرعاية
والآداب قال وما عمل من سقط حرير ومشاقته وما
يلقيه الصانع من بله من تقطع الطاقات إذا دق
وغزل ونسج فهو كحرير خالص في ذلك وإن سمي الآن
خزا قال في المطلع والخز الآن المعمول من
الإبريسم وقال المجد في شرحه وغيره الخز ما
سدى بالإبريسم وألحم بوبر أو صوف لغلبة اللحمة
على الحرير انتهى.
(1/335)
قوله: "ويحرم
لبس المنسوج بالذهب والمموه به".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم وقيل: يكره وقيل: حكم المنسوج
بالذهب حكم الحرير المنسوج مع غيره على ما
سبق.
فائدة: الصحيح من المذهب: أن المنسوج بالفضة
والمموه بها كالمنسوج بالذهب والمموه به فيما
تقدم وقال في الرعاية وما نسج بذهب وقيل: أو
فضة حرم.
قوله: "فإن استحال لونه فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والهادي
والرعاية الصغرى والحاويين والنظم فهؤلاء
أطلقوا الخلاف فيما استحال لونه مطلقا وقال
ابن تميم فإن استحال لون المموه فوجهان فإن
كان بعد استحالته لا يحصل عنه شيء فهو مباح
وجها واحدا وكذا قال في الفائق وقال في الوجيز
والمنور والمنتخب ويحرم استعمال المنسوج
والمموه بذهب قبل استحالته وقال ابن عبدوس في
تذكرته يحرم ما نسج أو موه بذهب باق وقال في
الفروع فإن استحال لونه ولم يحصل منه شيء
وقيل: مطلقا أبيح في الأصح وقال في الرعاية
الكبرى: وفيما استحال لونه من المموه ونحوه
بذهب وقيل: لا يجتمع منه شيء إذا حك وجهان
وقيل: يكره ولا يحرم وقيل: ما استحال ولم
يجتمع منه شيء إذا حك حل وجها واحدا انتهى.
وحاصل ذلك أنه إذا لم يحصل منه شيء يباح على
الصحيح من المذهب: وقطع به جماعة وإن كان يحصل
منه شيء بعد حكه لم يبح على الصحيح من المذهب:
ففي المستحيل لونه ثلاثة أقوال الإباحة وعدمها
والفرق وهو المذهب
قوله: "فإن لبس الحرير لمرض أو حكة.
فعلى روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والهادي والتلخيص وابن تميم
والنظم والرعايتين والحاويين والفائق والمذهب
الأحمد وغيرهم.
إحداهما: يباح لهما وهو المذهب جزم به في
الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب قال المصنف
والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب قال في
الفروع والخلاصة وحفيده يباح لهما على الأصح
قال في تجريد العناية يباح على الأظهر وصححه
في التصحيح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم
به في إدراك الغاية في الحكة وقدمه في الكافي
والمحرر
والرواية الثانية: لا يباح لهما قدمه في
المستوعب.
تنبيه: ظاهر قوله: "أو حكة أنه سواء أثر لبسه
في زوالها أم لا وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب
وهو المذهب قدمه في الفروع وقيل: لا يباح إلا
إذا أثر في زوالها جزم به ابن تميم وقدمه في
الرعاية الكبرى.
(1/336)
قلت: وهو
الصواب.
قوله: "أو في الحرب على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والهادي والمغني والشرح والكافي والتلخيص
والبلغة وابن تميم والنظم والفروع والفائق
والرعايتين والحاويين وغيرهم.
إحداهما: يباح وهو المذهب قال المصنف والشارح
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قال في تجريد
العناية يباح على الأظهر قال في الخلاصة يباح
على الأصح قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة
هذه الرواية أقوى قال في الآداب الكبرى
والوسطى يباح في الحرب من غير حاجة في أرجح
الروايتين في المذهب وصححه في التصحيح وجزم به
في الوجيز والإفادات والمنتخب وإدراك الغاية
وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يباح اختاره ابن عبدوس
في تذكرته وهي ظاهر كلامه في المنور فإنه لم
يستثن للإباحة إلا المرض والحكة وقدمه في
المستوعب والمحرر وعنه يباح مع مكايدة العدو
به وقيل: يباح عند مفاجأة العدو ضرورة وجزم به
في التلخيص وغيره وقيل: يباح عند القتال فقط
من غير حاجة قال ابن عقيل في الفصول إن لم يكن
له به حاجة في الحرب حرم قولا واحدا وإن كان
به حاجة إليه كالجبة للقتال فلا بأس به انتهى
وقيل: يباح في دار الحرب فقط وقيل: يجوز حال
شدة الحرب ضرورة وفي لبسه أيام الحرب بلا
ضرورة روايتان وهذه طريقته في التلخيص وجعل
الشارح وغيره محل الخلاف في غير الحاجة وقدمه
ابن منجا في شرحه وقال وقيل: الروايتان في
الحاجة وعدمها وهو ظاهر كلام المصنف هنا قال
في معنى الحاجة ما هو محتاج إليه وإن قام غيره
مقامه وقاله المصنف والشارح وغيرهما وقال في
المستوعب في آخر باب فيه ويكره لبس الحرير في
الحرب.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان القتال مباحا من
غير حاجة وقيل: الروايتان ولو احتاجه في نفسه
ووجد غيره وتقدم في كلام ابن عقيل وغيره ما
يدل على ذلك.
قوله: "أو ألبسه الصبي فعلى روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والهادي والتلخيص والبلغة
والرعايتين والحاويين والفائق
إحداهما: يحرم على الولي إلباسه الحرير وهو
المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد وصححه في
التصحيح والنظم قال الشارح: التحريم أولى وجزم
به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في الإفادات
والمنور والمنتخب لتقييدهم التحريم بالرجل
وقدمه في الفروع والكافي والمحرر.
(1/337)
والرواية
الثانية: لا يحرم لعدم تكليفه فعلى المذهب لو
صلى فيه لم تصح صلاته على الصحيح من المذهب:
وقيل: تصح وقال في المستوعب في آخر باب عنه
ويكره لبس الحرير والذهب للصبيان في إحدى
الروايتين والأخرى لا يكره.
فائدة: حكم إلباسه الذهب حكم إلباسه الحرير
خلافا ومذهبا.
قوله: "ويباح حشو الجباب والفرش به".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ويحتمل أن
يحرم وهو وجه لبعض الأصحاب وذكره ابن عقيل
رواية وأطلقهما في المذهب والرعايتين
والحاويين والفائق.
فائدة: يكره كتابة المهر في الحرير على الصحيح
من المذهب: قدمه في الرعاية الكبرى: وتبعه في
الآداب وقيل: يحرم في الأقيس ولا يبطل المهر
بذلك واختاره الشيخ تقي الدين وابن عقيل
وأطلقهما في الفروع.
قلت: لو قيل بالإباحة لكان له وجه.
قوله: "ويباح العلم الحرير في الثوب إذا كان
أربع أصابع فما دون.
يعني مضمومة وهذا المذهب نص عليه وقدمه في
الفروع وابن تميم وجزم به في المغني والشرح
والهداية والمستوعب والتلخيص وإدراك الغاية
والفائق وغيرهم وقيل: يباح قدر الكف فقط جزم
به في المحرر والرعاية الصغرى والنظم
والحاويين والمنور وقدمه في الرعاية الكبرى:
والآداب وقال ليس للأول مخالف لهذا بل هما
سواء انتهى وغاير بين القولين في الفروع وجزم
في الوجيز أنه لا يباح إلا دون أربع أصابع وما
رأيت من وافقه على ذلك وقال ابن أبي موسى لا
بأس بالعلم الدقيق دون العريض وقال أبو بكر
يباح وإن كان مذهبا وهو رواية عن أحمد اختارها
المجد والشيخ تقي الدين وأطلقهما في الفائق
والمذهب يحرم نص عليه.
فائدة: لو لبس ثيابا في كل ثوب قدر يعفى عنه
ولو جمع صار ثوبا لم يكره بل يباح في أصح
الوجهين جزم به في المستوعب والفائق وابن تميم
وقيل: يكره جزم به في الرعاية وأطلقهما في
الفروع إذا كان عليه نجاسة يعفى عنها هل يضم
متفرق في باب إزالة النجاسة.
قوله: "ويكره للرجل لبس المزعفر والمعصفر.
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في
المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع
وغيره وقيل: لا يكره قال المجد في شرحه وتبعه
في الفروع ونقله الأكثر في المزعفر وجزم به في
النظم واختاره الخلال والمجد في شرحه في
المزعفر وذكر الآجري والقاضي وغيرهما تحريم
المزعفر وفي المزعفر وجه يكره في الصلاة فقط
وهو ظاهر ما في التلخيص قاله في الآداب.
(1/338)
فائدة: فعلى
القول بالتحريم لا يعيد من صلى في ذلك على
الصحيح من المذهب: وكذا لو كان لابسا ثيابا
مسبلة أو خيلاء ونحوه وعليه الجمهور وقيل:
يعيد واختاره أبو بكر.
فوائد
الأولى: يكره للرجل لبس الأحمر المصمت على
الصحيح من المذهب: نص عليه وعليه الجمهور وهو
من المفردات وقيل: لا يكره اختاره المصنف
والشارح وصاحب الفائق وجزم به في النهاية
ونظمها قال في الفروع وهو أظهر ونقل المروذي
يكره للمرأة كراهة شديدة لغير زينة وعنه يكره
للرجل شديد الحمرة وهو وجه في ابن تميم قال
الإمام أحمد يقال أول من لبسه آل قارون وآل
فرعون قال في الرعاية الكبرى: وكذا الخلاف في
البطانة.
الثانية: يسن لبس الثياب البيض والنظافة في
ثوبه وبدنه قال في الرعاية قلت: ومجلسه قال في
الفروع وغيرها وهي أفضل اتفاقا.
الثالثة: يباح لبس السواد مطلقا على الصحيح من
المذهب: وعنه يكره للجند وقيل: لا يكره لهم في
الحرب وقيل: يكره إلا لمصاب ونقل المروذي
يخرقه الوصي قال في الفروع وهو بعيد ولم يرد
الإمام أحمد سلام لابسه.
الرابعة: يباح الكتان إجماعا ويباح أيضا الصوف
ويسن الرداء على الصحيح من المذهب: وقيل: يباح
كفتل طرفه نص عليه وظاهر نقل الميموني فيه
يكره قاله القاضي ويكره الطيلسان في أحد
الوجهين قال ابن تميم وكره السلف الطيلسان
واقتصروا عليه زاد في التلخيص وهو المقور.
والوجه الثاني: لا يكره بل يباح وقدمه في
الرعاية والآداب وأطلقهما في الفروع قال في
الآداب وقيل: يكره المقور والمدور وقيل:
وغيرهما غير المربع.
الخامسة: يسن إرخاء ذؤابتين خلفه نص عليه قال
الشيخ تقي الدين وإطالتها كثيرا من الإسبال
وقال الآجري وإن أرخى طرفها بين كتفيه فحسن
قال غير واحد من الأصحاب يسن أيضا أن تكون
العمامة محنكة.
السادسة: يسن لبس السراويل وقال في التلخيص لا
بأس قال الناظم وفي معناه التبان وجزم بعضهم
بإباحته قال في الفروع والأول أظهر قال الإمام
أحمد السراويل أستر في الإزار ولباس القوم كان
الإزار قال في الفروع فدل أنه لا يجمع بينهما
وهو أظهر خلافا للرعاية قال الشيخ تقي الدين
الأفضل مع القميص السراويل من غير حاجة إلى
الإزار والرداء وقال القاضي يستحب لبس القميص.
السابعة: يباح لبس العباءة قال الناظم ولو
للنساء قال في الفروع والمراد بلا تشبه.
الثامنة: يباح نعل خشب ونعل فيه حرف لا بأس
لضرورة.
التاسعة: ما حرم استعماله حرم بيعه وخياطته
وأجرتها نص عليه.
(1/339)
العاشرة: يكره
لبسه وافتراشه جلدا مختلفا في نجاسته على
الصحيح من المذهب: وقيل: لا يكره وعنه يحرم
وفي الرعاية وغيرها إن طهر بدبغه لبس بعده
وإلا لم يجز ويجوز له إلباسه دابة وقيل: مطلقا
كثياب نجسة.
(1/340)
باب اجتناب النجاسة
:
قوله: "وهي الشرط الرابع فمتى لاقى ببدنه أو
ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو حملها لم تصح
صلاته.
الصحيح من المذهب: أن اجتناب النجاسة في بدن
المصلي وسترته وبقعته وهي محل بدنه وثيابه مما
لا يعفى عنه شرط لصحة الصلاة وعليه جماهير
الاصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: طهارة محل
ثيابه ليست بشرط وهو احتمال لابن عقيل وعنه أن
اجتناب النجاسة واجب لا شرط وقدمه في الفائق
واطلقهما في المستوعب وابن تميم وذكر ابن عقيل
فيمن لاقاها ثوبه إذا سجد احتمالين قال المجد
والصحيح البطلان في باب شروط الصلاة ويأتي
قريبا إذا حمل قارورة فيها نجاسة أو آدميا أو
غيره أو مس ثوبا أو حائطا نجسا أو قابلها ولم
يلاقها.
قوله: "وإن طين الأرض النجسة أو بسط عليها
شيئا طاهرا صحت صلاته عليها مع الكراهة".
وهذا المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قال
الشارح: هذا أولى وصححه في المذهب والناظم قال
ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في
الوجيز والمنور والمنتخب والإفادات وغيرهم
وقدمه في الفروع والهداية والخلاصة والمحرر
والكافي والرعايتين والحاويين وغيرهم وقيل: لا
يصح وهو رواية عن أحمد وأطلقهما في المستوعب
وابن تميم والفائق وتجريد العناية وقال ابن
أبي موسى إن كانت النجاسة المبسوطة عليها رطبة
لم تصح الصلاة وإلا صحت الصلاة وهو رواية عن
أحمد فعلى المذهب تصح الصلاة مع الكراهة وهذا
المذهب وعليه الأصحاب وعنه تصح من غير كراهة.
تنبيه: محل هذا الخلاف اذا كان الحائل صفيقا
فإن كان خفيفا أو مهلهلا لم تصح على الصحيح من
المذهب: وحكى ابن منجا في شرحه وجها بالصحة
وهو بعيد.
فائدة: حكم الحيوان النجس إذا بسط عليه شيئا
طاهرا وصلى عليه حكم الأرض النجسة إذا بسط
عليها شيئا طاهرا على الصحيح من المذهب: وقيل:
تصح هنا وإن لم نصححها هناك وكذا الحكم لو وضع
على حرير يحرم جلوسه عليه شيئا وصلى عليه ذكره
أبو المعالي قال في الفروع فيتوجه إن صح جاز
جلوسه وإلا فلا ولو بسط على الأرض الغصب ثوبا.
(1/340)
له وصلى عليه
لم تصح ولو كان له علو فغصب السفل وصلى في
العلو صحت صلاته ذكره ابن تميم وغيره وقال في
الرعايتين والحاوي الصغير وإن بسط طاهرا على
أرض غصب أو بسط على أرضه ما غصبه بطلت.
قلت: ويتخرج صحتها زاد في الكبرى وقيل: تصح في
الثانية: فقط انتهى.
قلت: الذي يظهر إنما يكون هذا القول في
المسألة الأولى: وهي ما إذا بسط طاهرا على أرض
غصب وفي الفروع هنا بعض نقص.
قوله: "وإن صلى على مكان طاهر من بساط طرفه
نجس صحت صلاته إلا أن يكون متعلقا به بحيث
ينجر معه إذا مشى".
اعلم أنه إذا صلى على مكان طاهر من بساط ونحوه
وطرفه نجس فصلاته صحيحة وكذا لو كان تحت قدمه
حبل مشدود في نجاسة وما يصلى عليه طاهر
والصحيح من المذهب: ولو تحرك النجس بحركته ما
لم يكن متعلقا به وقال بعض الأصحاب إذا كان
النجس يتحرك بحركته لم تصح صلاته وأطلقهما ابن
تميم والرعايتين والحاوي الصغير قال في الفروع
والأول المذهب وإن كان متعلقا به بحيث ينجر
معه إذا مشى لم تصح صلاته مثل أن يكون بيده أو
وسطه شيء مشدود في نجس أو سفينة صغيرة فيها
نجاسة أو أمسك بحبل ملقى على نجاسة ونحوه وإن
كان لا ينجر معه إذا مشى كالسفينة الكبيرة
والحيوان الكبير الذي لا يقدر على جره إذا
استعصى عليه صحت صلاته مطلقا على الصحيح من
المذهب: وهو مفهوم كلام المصنف هنا واختاره
المصنف والشارح وجزم به في الفصول والرعايتين
والحاوي الصغير وقدمه في الفروع وذكر القاضي
وغيره إن كان الشد في موضع نجس مما لا يمكن
جره معه كالفيل لم يصح كحمله ما يلاقيها وجزم
به صاحب التلخيص والمحرر وغيرهما.
فائدة: قال في الفروع وظاهر كلامهم أن ما لا
ينجر تصح الصلاة معه لو انجر قال ولعل المراد
خلافه وهو أولى.
قوله: "ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم هل كانت
في الصلاة أو لا فصلاته صحيحة".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به أكثرهم وذكر في التبصرة وجها أنها تبطل.
قوله: "فإن علم أنها كانت في الصلاة لكن جهلها
أو نسيها فعلى روايتين".
وأطلقهما في الهداية والخلاصة في الناسي
وأطلقهما فيهما في المستوعب والمحرر,
(1/341)
والشرح والفائق
وتجريد العناية.
إحداهما: تصح وهي الصحيحة عند أكثر المتأخرين
اختارها المصنف والمجد وابن عبدوس في تذكرته
والشيخ تقي الدين وصححه في التصحيح والنظم
وشرح ابن منجا وتصحيح المحرر وجزم بها في
العمدة والوجيز والمنور والمنتخب والتسهيل
وغيرهم وقدمه ابن تميم وغيره.
والرواية الثانية: لا تصح فيعيد وهو المذهب
قال في الفروع والأشهر الإعادة قال في
الحاويين أعاد في أصح الروايتين وجزم به
الإفادات وقدمه في الرعايتين وجزم به القاضي
وابن عقيل وغيرهما في الناسي وقيل: إن كانت
إزالتها شرطا أعاد وإن كانت واجبة فلا ذكره في
الرعاية وقال الآمدي يعيد إن كان قد توانى
رواية واحدة وقطع في التلخيص أن المفرط في
الإزالة وقيل: في الصلاة لا يعيد بالنسيان.
تنبيهان
الأول قال القاضي في المجرد والآمدي وغيرهما
محل الروايتين في الجاهل فأما الناسي فيعيد
رواية واحدة قال الشيخ تقي الدين ليس عنه نص
في الناسي انتهى والصحيح أن الخلاف جار في
الجاهل والناسي قاله المجد حكى الخلاف فيهما
أكثر المتأخرين وأطلق الطريقين في الكافي.
الثاني محل الخلاف في أصل المسألة على القول
بأن اجتناب النجاسة شرط أما على القول بأن
اجتنابها واجب فيصح قولا واحدا عند الجمهور
وتقدم أن صاحب الرعاية حكى قولا واحدا أنه لا
يعيد إن قلنا واجب وإن قلنا شرط أعاد فدل أن
المقدم خلافه.
الثالث مراد المصنف بقوله: "أو جهلها جهل
عينها هل هي نجاسة أم لا حتى فرغ منها أو جهل
أنها كانت عليه ثم تحقق أنها كانت عليه بقرائن
فأما إن علم أنها نجاسة وجهل حكمها فعليه
الإعادة عند الجمهور وقطعوا به وقال في
الرعاية الكبرى: حكم الجهل بحكمها حكم الجهل
بأنها نجاسة أم لا وجزم به في تجريد العناية
وأما إذا جهل كونها في الصلاة أم لا فتقدم في
كلام المصنف وهو قوله: "ومتى وجد عليه نجاسة
لا يعلم هل كانت في الصلاة أم لا؟".
فوائد
الأولى: حكم العاجز عن إزالتها عنه حكم الناسي
لها في الصلاة قاله جماعة من الأصحاب منهم ابن
حمدان وابن تميم وقال أبو المعالي وغيره وكذا
لو زاد مرضه لتحريكه أو نقله وقال ابن عقيل
وغيره أو احتاجه لحرب.
الثانية: لو علم بها في الصلاة لم تبطل صلاته
على الصحيح من المذهب: وقيل: تبطل مطلقا فعلى
المذهب إن أمكن إزالتها من غير عمل كثير ولا
مضي زمن طويل فالحكم كالحكم فيها إذا علم بها
بعد الصلاة فإن قلنا لا إعادة هناك أزالها هنا
وبنى على الصحيح
(1/342)
من المذهب:
وقال ابن عقيل تبطل رواية واحدة وأما إذا لم
تزل إلا بعمل كثير أو في زمن طويل فالمذهب
تبطل الصلاة وقيل: يزيلها ويبني.
قلت: وهو ضعيف.
الثالثة: لو مس ثوبه ثوبا نجسا أو قابلها
راكعا أو ساجدا ولم يلاقها أو سقطت عليه
فأزالها سريعا أو زالت هي سريعا أو مس حائطا
نجسا لم يستند إليه صحت صلاته على الصحيح من
المذهب: في الجميع وقيل: لا يصح ولو استند
إليه لم يصح.
الرابعة: لو حمل قارورة فيها نجاسة أو آجرة
باطنها نجس لم تصح صلاته ولو حمل حيوانا طاهرا
صحت صلاته بلا نزاع وكذا لو حمل آدميا مستجمرا
على الصحيح من المذهب: وقيل: لا تصح إذا حمل
مستجمرا وأطلقهما في التلخيص والرعايتين
والحاويين وابن تميم ولو حمل بيضة مذرة أو
عنقود عنب حباته مستحيلة خمرا لم تصح صلاته
جزم به الناظم وإليه ميل المجد في شرحه فإن
البيضة المذرة قاسها على القارورة وقال بل
أولى بالمنع وقيل: تصح صلاته وجزم به في
المنور وأطلقهما في الفروع وقال المجد في شرحه
وابن تميم وصاحب الرعايتين والحاويين ولو حمل
بيضة فيها فرخ ميت فوجهان.
الخامسة: قال المجد في شرحه في هذا الباب باطن
الحيوان مقو للدم والرطوبات النجسة بحيث لا
يخلو منها فأجرينا لذلك حكم الطهارة ما دام
فيه تبعا وقال في باب إزالة النجاسة عند قوله:
"ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة وأما
المني واللبن والقروح فليست مستحيلة عن نجاسة
لأن ما كان في الباطن مستترا بستار خلقة ليس
بنجس بدليل أن الصلاة لا تبطل بحمله وتابعه في
مجمع البحرين: وابن عبيدان.
فظاهر كلام المجد في المكانين يختلف لأنه في
الأول حكم بنجاسة ما في الباطن ولكن أجرى
عليها حكم الطهارة تبعا وضرورة وفي الثاني قطع
بأنه ليس بنجس وهذا الثاني ضعيف قال في الفروع
في باب إزالة النجاسة قال بعض أصحابنا ما
استتر في الباطن استتار خلقة ليس بنجس بدليل
أن الصلاة لا تبطل بحمله كذا قال انتهى.
قوله: "وإذا جبر ساقه بعظم نجس فجبر لم يلزمه
قلعه إذا خاف الضرر".
وهو المذهب وعليه الأصحاب كما لو خاف التلف
وعنه يلزمه فعلى المذهب إن غطاه اللحم صحت
صلاته من غير تيمم وإذا لم يغطه اللحم فالمذهب
أنه يتيمم له وعليه الجمهور وقيل: لا يلزمه
التيمم ولو مات من يلزمه قلعه قلع على الصحيح
من المذهب: وقال أبو المعالي إن غطاه اللحم لم
يقلع للمثلة وإلا قلع وقال جماعة يقلع سواء
لزمه قلعه أم لا؟.
قوله: "فإن سقطت سنة فأعادها بحرارتها فثبتت
فهي طاهرة".
(1/343)
هذا المذهب
وعليه الجمهور وقطع به أكثرهم وعنه أنها نجسة
حكمها حكم العظم النجس إذا جبر به ساقه كما
تقدم في التي قبلها وقال ابن أبي موسى إن ثبت
ولم يتغير فهو طاهر وإن تغير فهو نجس يؤمر
بقلعه ويعيد ما صلى معه وكذا الحكم لو قطع
أذنه فأعاده في الحال قاله في القواعد.
فائدة: لو شرب خمرا ولم يزل عقله غسل فمه وصلى
ولم يلزمه قيؤه نص عليه وجزم به كثير من
الأصحاب قال في الفروع ويتوجه يلزمه لإمكان
إزالتها.
قوله: "ولا تصح الصلاة في المقبرة والحمام
والحش وأعطان الإبل".
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال في الفروع هو
أشهر وأصح في المذهب قال المصنف وغيره هذا
ظاهر المذهب وهو من المفردات وعنه إن علم
النهي لم تصح وإلا صحت وعنه تحرم الصلاة فيها
وتصح قال المجد لم أجد عن أحمد لفظا بالتحريم
مع الصحة وعنه تكره الصلاة فيها وقيل: إن خاف
فوت الوقت صحت وقيل: إن أمكنه الخروج لم يصل
فيه بحال وإن فات الوقت ذكرهما في الرعاية قال
في القاعدة التاسعة: لا تصح الصلاة في مواضع
النهي على القول بأن النهي للتحريم وتصح على
القول بأن النهي للتنزيه هذه طريقة المحققين
وإن كان من الأصحاب من يحكي الخلاف في الصحة
مع القول بالتحريم انتهى.
تنبيه: عموم قوله: "ولا تصح الصلاة في المقبرة
يدل أن صلاة الجنازة لا تصح فيها وهو ظاهر
كلامه في المستوعب والوجيز والمنور وغيرهم وهو
إحدى الروايات عن أحمد وصححها الناظم وقدمه في
الرعاية والحاوي الصغير قال في الفصول في آخر
الجنائز أصح الروايتين لا تجوز وعنه تصح مع
الكراهة اختارها ابن عقيل وأطلقهما في المذهب
والمغني وابن تميم والفائق وعنه تصح من غير
كراهة وهو المذهب قال ابن عبدوس في تذكرته
تباح في مسجد ومقبرة قال في المحرر لا يكره في
المقبرة قال في الكافي ويجوز في المقبرة قال
في الهداية والتلخيص والبلغة والحاوي الكبير
وغيرهم لا بأس بصلاة الجنازة في المقبرة قال
في الخلاصة والإفادات وإدراك الغاية لا تصح
صلاة في مقبرة لغير جنازة وقدمه المجد في شرحه
وأطلقهن في الفروع.
فوائد
الأولى: لا يضر قبر ولا قبران على الصحيح من
المذهب: إذا لم يصل إليه جزم به ابن تميم
وقاله المصنف وغيره وقدمه في الفروع والشرح
والرعاية والفائق وقيل: يضر اختاره الشيخ تقي
الدين والفائق قال في الفروع وهو أظهر بناء
على أنه هل يسمى مقبرة. أم
(1/344)
لا؟ وقال في
الفروع ويتوجه أن الأظهر أن الخشخاشة فيها
جماعة قبر واحد وأنه ظاهر كلامه.
الثانية: لو دفن بداره موتى لم تصر مقبرة قاله
ابن الجوزي في المذهب وغيره.
الثالثة: قوله عن أعطان الإبل "التي تقيم فيها
وتأوي إليها" هو الصحيح من المذهب: نص عليه
وعليه جماهير الأصحاب وقيل: هو مكان اجتماعها
إذا صدرت عن المنهل زاد صاحب الرعاية وغيره
وما تقف فيه لترد الماء زاد المصنف في المغني
بعد كلام الإمام أحمد فقال وقيل: هو ما تقف
فيه لترد الماء قال والأول أجود وقال جماعة من
الأصحاب أو تقف لعلفها.
الرابعة: الحش ما أعد لقضاء الحاجة فيمنع من
الصلاة داخل بابه ويستوي في ذلك موضع الكنيف
وغيره.
الخامسة: المنع من الصلاة في هذه الأمكنة تعبد
على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور قال
الزركشي تعبد عند الأكثرين واختاره القاضي
وغيره وقدمه في الشرح والرعاية الكبرى: قال
ابن رزين: في شرحه الأظهر أنه تعبد وقيل: معلل
وإليه ميل المصنف فهو معلل بمظنة النجاسة
فيختص بما هو مظنة من هذه الأماكن وأطلقهما في
الفروع وابن تميم فعلى الأولى: حكم مسلح
الحمام وأتونه كداخله وكذا ما يتبعه في البيع
نص عليه وكذا غيره قال بعضهم وهو المذهب قال
في الرعاية الكبرى: ولا تصح الصلاة في حمام
وأتونه وبيوته ومجمع وقوده وكل ما يتبعه في
البيع من الأماكن وتحويه حدوده ويتناول أيضا
كل ما يقع عليه الاسم فلا فرق في المقبرة بين
القديمة والحديثة والمنبوشة وغير المنبوشة
وعلى الثاني تصح في أسطحة هذه المواضع.
قوله: "والموضع المغصوب".
يعني لا تصح الصلاة فيه وهو المذهب وعليه
جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم في المختصرات
وهو من المفردات وعنه تصح مع التحريم اختارها
الخلال وابن عقيل في فنونه والطوفي في مختصره
في الأصول وغيرهم وقيل: تصح إن جهل النهي
وقيل: تصح مع الكراهة حكاه ابن مفلح في أصوله
وفروعه وغيره وقال إن خاف فوت الوقت صحت صلاته
وإلا فلا وقيل: إن أمكنه الخروج منه لم تصح
فيه بحال وإن فات الوقت وقيل: يصح النفل وذكر
أبو الخطاب في بحث المسألة أن النافلة لا تصح
بالاتفاق فهذه ثلاث طرق في النفل تقدم نظيرها
في الثوب المغصوب وحيث قلنا لا تصح في الموضع
المغصوب فهو من المفردات.
(1/345)
فائدة: لا بأس
بالصلاة في أرض غيره أو مصلاه بلا غصب بغير
إذنه على الصحيح من المذهب: وقيل: لا تصح
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي وقال ابن حامد
ويحتمل أن لا يصلى في كل أرض إلا بإذن صاحبها
ويحتمل أن يكون مراده عدم الصحة ويحتمل أن
يكون مراده الكراهة فلهذا قال في الفروع ولو
صلى على أرض غيره أو مصلاه بلا غصب صح في
الأصح وقيل: حملها على الكراهة أولى قال في
الرعايتين قلت: وحمل الوجهين على إرادة
الكراهة وعدمها أولى قال في الفروع وظاهر
المسألة أن الصلاة هنا أولى من الطريق وأن
الأرض المزدرعة كغيرها قال والمراد ولا ضرر
ولو كانت لكافر قال ويتوجه احتمال لعدم رضاه
بصلاة مسلم بأرضه.
قوله: "وقال بعض أصحابنا حكم المجزرة والمزبلة
وقارعة الطريق وأسطحتها كذلك.
يعني كالمقبرة ونحوها وهو المذهب قال الشارح:
أكثر أصحابنا على هذا قال في الفروع اختاره
الأكثر قال الزركشي وألحق عامة الأصحاب بهذه
المواضع المجزرة ومحجة الطريق وجزم به في
الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه في
الفروع والنظم والفائق وهو من المفردات وعنه
تصح الصلاة في هذه الأمكنة وإن لم يصححها في
غيرها ويحتمله كلام الخرقي واختاره المصنف
وعنه تصح على أسطحتها وإن لم يصححها في داخلها
واختاره المصنف والشارح وقال أبو الوفا سطح
النهر لا تصح الصلاة عليه لأن الماء لا يصلى
عليه وهو رواية حكاها المجد في شرحه وقال غيره
هو كالطريق قال المجد والمشهور عنه المنع فيها
وعنه لا تصح الصلاة على أسطحتها وكرهها في
رواية عبد الله وجعفر على نهر وساباط وقال
القاضي فيما تجري فيه سفينة كالطريق وعلله بأن
الهواء تابع للقرار واختار أبو المعالي وغيره
الصحة كالسفينة قال أبو المعالي ولو جمد الماء
فكالطريق وذكر بعضهم فيه الصحة.
قلت: وجزم به ابن تميم فقال لو جمد ماء النهر
فصلى عليه صح.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أن الصلاة تصح في
المدبغة وهو صحيح وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب
وقدمه في الفروع وابن تميم والفائق وقيل: هي
كالمجزرة واختاره في الروضة وجزم به في
الإفادات وقدمه في الرعايتين.
فوائد
إحداها المجزرة ما أعد للذبح والنحر والمزبلة
ما أعد للنجاسة والكناسة والزبالة وإن كانت
طاهرة وقارعة الطريق ما كثر سلوك السابلة فيها
سواء كان فيها سالك أو لا دون ما علا عن جادة
المارة يمنة ويسرة نص عليه وقيل: يصح فيه طولا
إن لم يضق على الناس لا عرضا ولا بأس بالصلاة
في طريق الأبيات القليلة.
(1/346)
الثانية: إن
بنى المسجد بمقبرة فالصلاة فيه كالصلاة في
المقبرة وإن حدثت القبور بعده حوله أو في
قبلته فالصلاة فيه كالصلاة إلى المقبرة على ما
يأتي قريبا هذا هو الصحيح من المذهب: قال في
الفروع ويتوجه تصح يعني مطلقا وهو ظاهر كلام
جماعة.
قلت: وهو الصواب وقال الآمدي لا فرق بين
المسجد القديم والحديث وقال في الهدي لو وضع
القبر والمسجد معا لم يجز ولم يصح الوقف ولا
الصلاة وقال ابن عقيل في الفصول إن بنى فيها
مسجد بعد أن انقلبت أرضها بالدفن لم تجز
الصلاة فيه لأنه بنى في أرض الظاهر نجاستها
كالبقعة النجسة وإن بنى في ساحة طاهرة وجعلت
الساحة مقبرة جازت لأنه في جوار مقبرة ولو حدث
طريق بعد بناء مسجد على ساباط صحت الصلاة فيه
على الصحيح من المذهب: قدمه ابن تميم وغيره
وقيل: لا يصلى فيه ذكره في التبصرة.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى: والفروع وقال
القاضي قد يتوجه الكراهة فيه.
الثالثة: يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن
أطلق صلاة الجمعة ونحوها في الطريق وحافتيها
فإنها تصح للضرورة نص عليه وكذا تصح على
الراحلة في الطريق وقطع به المصنف في المغني
والشارح والمجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير
والفروع وغيرهم تصح صلاة الجمعة والجنائز
والأعياد ونحوها بحيث يضطرون إلى الصلاة في
الطرقات وقال في الرعاية الكبرى: تصح صلاة
الجمعة وقيل: صلاة العيد والجنائز والكسوفين
وقيل: والاستسقاء في كل طريق وقال في الصغرى
تصح صلاة الجمعة وقيل: العيد والجنازة في طريق
وموضع غصب وقال ابن منجا في شرحه نص أحمد على
صحة الجمعة في الموضع المغصوب وخص كلام المصنف
به وهو ظاهر ما قدمه في الفروع في باب الإمامة
بعد إمامة الفاسق ويأتي هناك أيضا بأتم من
هذا.
الرابعة: من تعذر عليه فعل الصلاة في غير هذه
الأمكنة صلى فيها وفي الإعادة روايتان
وأطلقهما في الفروع ومختصر ابن تميم.
قلت: الصواب عدم الإعادة وجزم به في الحاوي
الصغير وقد تقدم نظير ذلك متفرقا كمن صلى في
موضع نجس لا يمكنه الخروج منه ونحوه.
قلت: قواعد المذهب تقتضي أنه يعيد لأن النهي
عنها لا يعقل معناه وقال بعض الأصحاب إن عجز
عن مفارقة الغصب صلى ولا إعادة رواية واحدة.
قوله: "وتصح الصلاة إليها".
هذا المذهب مطلقا مع الكراهة نص عليه في رواية
أبي طالب وغيره وعليه الجمهور وجزم به في
الوجيز والإفادات وقدمه في الهداية والمستوعب
والخلاصة والتلخيص,
(1/347)
والفروع وابن
تميم والحاويين والفائق وإدراك الغاية وغيرهم
وقيل: لا تصح إليها مطلقا وقيل: لا تصح الصلاة
إلى المقبرة فقط واختاره المصنف والمجد وصاحب
النظم والفائق وقال في الفروع وهو أظهر وعنه
لا تصح إلى المقبرة والحش اختاره ابن حامد
والشيخ تقي الدين وجزم به في المنور وقيل: لا
تصح إلى المقبرة والحش والحمام وعنه لا يصلي
إلى قبر أو حش أو حمام أو طريق قاله ابن تميم
قال أبو بكر فإن فعل ففي الإعادة قولان قال
القاضي ويقاس على ذلك سائر مواضع النهي إذا
صلى إليها إلا الكعبة.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يكن حائل فإن كان
بين المصلي وبين ذلك حائل ولو كمؤخرة الرحل
صحت الصلاة على الصحيح من المذهب: قدمه في
الفروع وغيره وجزم به في الفائق وغيره قال في
الفروع وظاهره أنه ليس كسترة صلاة حتى يكفي
الخط بل كسترة المتخلي قال ويتوجه أن مرادهم
لا يضر بعد كثير عرفا كما لا أثر له في مار
أمام المصلى وعنه لا يكفي حائط المسجد نص عليه
وجزم به المجد وابن تميم والناظم وغيرهم وقدمه
في الرعايتين والحاويين وغيرهم لكراهة السلف
الصلاة في مسجد في قبلته حش وتأول ابن عقيل
النص على سراية النجاسة تحت مقام المصلى
واستحسنه صاحب التلخيص وعن أحمد نحوه قال ابن
عقيل يبين صحة تأويلي لو كان الحائل كآخرة
الرحل لم تبطل الصلاة بمرور الكلب ولو كانت
النجاسة في القبلة كهي تحت القدم لبطلت لأن
نجاسة الكلب آكد من نجاسة الخلاء لغسلها
بالتراب قال في الفروع فيلزمه أن يقول: بالخط
هنا ولا وجه له وعدمه يدل على الفرق.
فائدة: لو غيرت مواضع النهي بما يزيل اسمها
كجعل الحمام دارا ونبش المقبرة ونحو ذلك صحت
الصلاة فيها على الصحيح من المذهب: وحكى قولا
لا تصح الصلاة.
قلت: وهو بعيد جدا.
فوائد تصح الصلاة في أرض السباخ على الصحيح من
المذهب: نص عليه قال في الرعاية مع الكراهة
وعنه لا تصح قال في الرعاية إن كانت رطبة ثم
قال قلت: مع ظن نجاستها وعنه الوقف.
وتكره في أرض الخسف نص عليه وتكره في مقصورة
تحمى نص عليه وقيل: أولا إن قطعت الصفوف
وأطلقهما في الرعاية.
وتكره في الرحى وعليها ذكره الآمدي وبن حمدان
وابن تميم وصاحب الحاوي وغيرهم وسئل الإمام
أحمد فقال ما سمعت في الرحى شيئا.
(1/348)
وله دخول بيعة
وكنيسة والصلاة فيهما من غير كراهة على الصحيح
من المذهب: وعنه تكره وعنه مع صور وظاهر كلام
جماعة يحرم دخوله معها وقال الشيخ تقي الدين
وإنها كالمسجد على القبر وقال وليست ملكا لأحد
وليس لهم منع من يعبد الله لأنا صالحناهم عليه
نقله في الفروع في الوليمة.
قوله: "ولا تصح الفريضة في الكعبة ولا على
ظهرها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وهو من المفردات وعنه تصح واختارها
الآجري وصاحب الفائق.
فائدتان
إحداهما: لو نذر الصلاة فيها صحت من غير نزاع
أعلمه إلا توجيها لصاحب الفروع بعدم الصحة من
قول ذكره القاضي فيمن نذر الصلاة على الراحلة
لا تصح.
الثانية: لو وقف على منتهى البيت بحيث إنه لم
يبق وراءه منه شيء أو صلى خارجه لكن سجد فيه
صحت صلاة الفريضة والحالة هذه على الصحيح من
المذهب: نص عليه وجزم به في المحرر وقدمه في
الفروع والمجد في شرحه والحاوي وقيل: لا تصح
وهو ظاهر كلام المصنف هنا وإليه ميل المجد في
شرحه وصاحب الحاوي وأطلقهما في المختصر وابن
تميم والرعاية.
قوله: "وتصح النافلة إذا كان بين يديه شيء
منها".
الصحيح من المذهب: صحة صلاة النافلة فيها
وعليها بشرطه مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وعنه
لا تصح مطلقا
قلت: وهو بعيد وعنه إن جهل النهي صحت وإلا لم
تصح وقيل: لا تصح فيها إن نقض البناء وصلى إلى
موضعه وقيل: لا يصح النفل فوقها ويصح فيها وهو
ظاهر كلام ابن حامد وصححه في الرعايتين.
ولا يصح نفل فوقها في الأصح ويصح فيها في
الأصح وهو ظاهر كلامه في الخلاصة فإنه قال
ويصلي النافلة في الكعبة وكذا في المنور.
تنبيه: ظاهر قوله: "إذا كان بين يديه شيء منها
أنه ولو لم يكن بين يديه شاخص منها أنها تصح
واعلم أنه إذا كان بين يديه شاخص منها صحت
صلاته والشاخص كالبناء والباب المغلق أو
المفتوح أو عتبته المرتفعة وقال أبو الحسن
الآمدي لا يجوز أن يصلي إلى الباب إذا كان
مفتوحا.
وإن لم يكن بين يديه شاخص منها فتارة يبقى بين
يديه شيء من البيت إذا سجد وتارة لا يبقى شيء
بل يكون سجوده على منتهاه فإن كان سجوده على
منتهى البيت بحيث إنه لم
(1/349)
يبق منه شيء
فهذا لا تصح صلاته قولا واحدا بل هو إجماع.
وإن كان بين يديه شيء منها إذا سجد ولكن ما ثم
شاخص فظاهر كلام المصنف هنا الصحة وهو أحد
الروايتين في الفروع والوجهين لأكثرهم وعبارته
في الهداية والكافي وغيرهما كذلك وهو ظاهر ما
قدمه في الرعاية الصغرى واختاره المصنف في
المغني والمجد في شرحه وابن تميم وصاحب الحاوي
الكبير والفائق وهو المذهب على ما أسلفناه في
الخطبة.
والرواية الثانية: لا تصح الصلاة إذا لم يكن
بين يديه شاخص وعليه جماهير الأصحاب قال في
المغني والشرح فإن لم يكن بين يديه شاخص أو
كان بين يديه آجر معبأ غير مبني أو خشب غير
مسمور فيها فقال أصحابنا: لا تصح صلاته قال
المجد في شرحه وصاحب الحاوي اختاره القاضي وهو
ظاهر كلامه في تذكرة ابن عبدوس والمنور فإنه
قال ويصح النفل في الكعبة إلى شاخص منها وهو
ظاهر كلامه في الوجيز فإنه قال وتصح النافلة
باستقبال متصل بها وأطلقهما في الفروع والمجد
والتلخيص والرعاية الكبرى: وابن تميم.
فوائد
الأولى: لا اعتبار بالآجر المعبأ من غير بناء
ولا الخشب غير المسمور ونحو ذلك ولا يكون ذلك
ستره قاله الأصحاب قال الشيخ تقي الدين ويتوجه
أن يكتفى بذلك بما يكون ستره في الصلاة لأنه
شيء شاخص.
الثانية: إذا قلنا تصح الصلاة في الكعبة
فالصحيح من المذهب: أنه يستحب وعليه أكثر
الأصحاب وعنه لا يستحب وقال القاضي تكره
الصلاة في الكعبة وعليها ونقله ابن تميم ونقل
الأثرم يصلى فيه إذا دخله وجاهه كذا فعل النبي
صلى الله عليه وسلم ولا يصلى حيث شاء ونقل أبو
طالب يقوم كما قام النبي صلى الله عليه وسلم
بين الاسطوانتين.
الثالثة: لو نقض بناء الكعبة أو خربت والعياذ
بالله تعالى صلى إلى موضعها دون أنقاضها وتقدم
في النفل وجه بعدم الصحة فيها لحال نقضها وإن
صححناه ولو كان البناء باقيا وأما التوجه إلى
الحجر فيأتي في أثناء الباب الذي بعد هذا.
(1/350)
المجلد الثاني
تتمة كتاب الصلاة
باب استقبال
القبلة
...
بسم الله الرحمن الرحيم.
باب استقبال القبلة.
قوله: "وهو الشرط الخامس لصحة الصلاة إلا في
حال العجز عنه".
الصحيح من المذهب سقوط استقبال القبلة في حال
العجز مطلقا كالتحام الحرب والهرب من السيل
والسبع ونحوه على ما يأتي وعجز المريض عنه
وعمن يديره والمربوط ونحو ذلك وعليه الأصحاب
وجزم ابن شهاب أن التوجه لا يسقط حال كسر
السفينة مع أنها حالة عذر لأن التوجه إنما
يسقط حال المسايفة لمعنى متعد إلى غير المصلي
وهو الخذلان عند ظهور الكفار وهذا ضعيف جدا.
قوله : "والنافلة على الراحلة في السفر الطويل
والقصير".
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه الأصحاب وعنه
لا يصلى سنة الفجر عليها وعنه لا يصلى الوتر
عليها والذي قدمه في الفروع جواز صلاة الوتر
راكبا ولو قلنا إنه واجب.
قال ابن تميم وكلام ابن عقيل يحتمل وجهين إذا
قلنا إنه واجب.
تنبيهات .
أحدها ظاهر قوله: "النافلة على الراحلة في
السفر الطويل والقصير" أنها لا تصح في الحضر
من غير استقبال القبلة وهو صحيح وهو المذهب
وعليه الأصحاب وعنه يسقط الاستقبال أيضا إذا
تنفل في الحضر كالراكب السائر في مصره وقد
فعله أنس وأطلقهما في الفائق والإرشاد.
الثاني : كلام المصنف وغيره ممن أطلق مقيد بأن
يكون السفر مباحا فلو كان محرما ونحوه لم يسقط
الاستقبال قاله في الفروع وغيره.
(2/5)
الثالث : لو
أمكنه أن يدور في السفينة والمحفة إلى القبلة
في كل الصلاة لزمه ذلك على الصحيح من المذهب
نص عليه وقدمه ابن تميم وبن منجى في شرحه
والرعاية وزاد العمارية والمحمل ونحوهما.
قال في الكافي: فإن أمكنه الاستقبال والركوع
والسجود كالذي في العمارية لزمه ذلك. لأنه
كراكب السفينة. وفي المغني والشرح نحو ذلك.
وقيل: لا يلزمه. اختاره الآمدي. ويحتمله كلام
المصنف في المحفة ونحوها.
قال في الفروع: لا يجب في أحد الوجهين. وقال:
وأطلق في رواية أبي طالب وغيره أن يدور قال
والمراد غير الملاح لحاجته.
الرابع : يدور في ذلك في الفرض على الصحيح من
المذهب. وقيل: لا يجب عليه ذلك وهو احتمال
لابن حامد [ويأتي في صلاة أهل الأعذار].
قوله : "وهل يجوز ترك الاستقبال في التنفل
للماشي؟ على روايتين".
وأطلقهما في الكافي والشرح وبن منجا في شرحه
والزركشي.
إحداهما : يجوز وهو المذهب جزم به في الهداية
والمذهب والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعايتين
ونظم نهاية ابن رزين وصححه في التصحيح والمجد
في شرحه وبن تميم والناظم قال في الفروع وعلى
الأصح وماشيا وقدمه في المحرر والفائق واختاره
القاضي.
والرواية الثانية: لا يجوز وهو ظاهر كلام
الخرقي. وجزم به في الوجيز والإفادات. ونصها
المصنف في المغني للخلاف.
فعلى المذهب: تصح الصلاة إلى القبلة بلا خلاف
أعلمه ويأتي الجواب عن قول "المصنف فإن أمكنه
افتتاح الصلاة إلى القبلة".
ويركع ويسجد فقط إلى القبلة ويفعل الباقي إلى
جهة سيره على الصحيح من المذهب في ذلك كله
قدمه في المغني والشرح والفروع وشرح الهداية
والمجد والرعاية وبن منجا وشرحه. واختاره
القاضي وغيره.
وقيل يومئ بالركوع والسجود إلى جهة سيره كراكب
اختاره الآمدي والمجد في شرحه وقيل يمشي حال
قيامه إلى جهته وما سواه يفعله إلى القبلة غير
ماش بل يقف ويفعله وأطلقهن ابن تميم.
فائدة .
لا يجوز التنفل على الراحلة لراكب التعاسيف
وهو ركوب الفلاة وقطعها على غير.
(2/6)
صوب. ذكره صاحب
التلخيص والرعاية والفروع وبن تميم وغيرهم.
قلت فيعايى بها وهو مستثنى من كلام من أطلق.
قوله : "فإن أمكنه أي الراكب افتتاح الصلاة
إلى القبلة فهل يلزمه ذلك على روايتين".
وأطلقهما في الشرح والفائق وحكاهما في الكافي
وجهين.
أحدهما يلزمه وهو المذهب جزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز
والمنور وغيرهم وصححه الناظم قال أبو المعالي:
وغيره وهي المذهب قال المجد: في شرحه هذا ظاهر
المذهب قال في الفروع: ويلزم الراكب الإحرام
إلى القبلة بلا مشقة نقله واختاره الأكثر قال
ابن تميم يلزمه في أظهر الروايتين قال في
تجريد العناية: يلزمه على الأظهر وهو ظاهر
كلام الخرقي وقدمه الزركشي.
والرواية الثانية: لا يلزمه. واختاره أبو بكر.
وجزم به في الإرشاد وقدمه في الرعايتين. وهذه
الرواية خرجها أبو المعالي والمصنف من الرواية
التي في صلاة الخوف وقد نقل أبو داود وصالح
"يعجبني ذلك".
فوائد .
الأولى : إذا أمكن الراكب فعلها راكعا وساجدا
بلا مشقة لزمه ذلك على الصحيح من المذهب نص
عليه وقيل لا يلزمه قال في الفروع وذكره في
الرعاية رواية للتساوي في الرخص العامة انتهى
ولم أجده في الرعاية إلا قولا واختاره الآمدي
والمجد في شرحه وأطلقهما في الفائق وتقدم
نظيره في دورانه.
الثانية : لو عدلت به دابته عن جهة سيره لعجزه
عنها أو لجماحها ونحوه أو عدل هو إلى غير
القبلة غفلة أو نوما أو جهلا أو لظنه أنها جهة
سيره وطال بطلت على الصحيح من المذهب وقيل: لا
تبطل فيسجد للسهو لأنه مغلوب كساه وأطلقهما
ابن تميم وبن حمدان في الرعاية وقيل: يسجد
بعدوله هو وإن قصر لم تبطل ويسجد للسهو.
قلت: وحيث قلنا: يسجد لفعل الدابة فيعايى بها.
وإن كان غير معذور في ذلك بأن عدلت دابته
وأمكنه ردها أو عدل إلى غير القبلة مع علمه:
بطلت وإن انحرف عن جهة سيره فصار قفاه إلى
القبلة عمدا: بطلت إلا أن يكون انحرافه إلى
جهة القبلة ذكره القاضي وهي مسألة الالتفات
المبطل.
الثالثة : متى لم يدم سيره فوقف لتعب دابته أو
منتظرا للرفقة أو لم يسر كسيرهم أو نوى النزول
ببلد دخله: استقبل القبلة.
(2/7)
الرابعة :
يشترط في الراكب طهارة محله نحو سرج وركاب.
الخامسة : لو ركب المسافر النازل وهو يصلي في
نفل بطلت على الصحيح من المذهب. وقيل: يتمه
كركوب ماش فيه وإن نزل الراكب في أثنائها نزل
مستقبلا وأتمها نص عليه.
تنبيهان.
أحدهما: الضمير في قوله: "فإن أمكنه" عائد إلى
الراكب فقط ولا يجوز عوده إلى الماشي ولا إلى
الماشي والراكب قطعا لأن الماشي إذا قلنا يباح
له التطوع فإنه يلزمه افتتاح الصلاة إلى
القبلة قولا واحدا كما تقدم.
وأيضا فإن قوله: فإن أمكنه فيه إشعار بأنه
تارة يمكنه وتارة لا يمكنه وهذا لا يكون إلا
في الراكب إذ الماشي لا يتصور أنه لا يمكنه.
ولا يصح عوده إليهما لعدم صحة الكلام.
فيتعين أنه عائد إلى الراكب وهو صحيح لكن قال
ابن منجا في شرحه في عوده إلى الراكب أيضا نظر
لأن الروايتين المذكورتين إنما هما في حال
المسايفة قال ولقد أمعنت في المطالعة
والمبالغة من أجل تصحيح كلام المصنف هنا.
قلت: ليس الأمر كما قال فإن جماعة من الأصحاب
صرحوا بالروايتين منهم الشارح وبن تميم وصاحب
الفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم وقد
تقدم ان أبا المعالي والمصنف خرجا رواية بعدم
اللزوم فذكر المصنف الروايتين هنا اعتمادا على
الرواية المخرجة فلا نظر في كلامه وإطلاق
الرواية المخرجة من غير ذكر التخريج كثير في
كلام الأصحاب.
وأيضا فقد قال في الفروع: نقل صالح وأبو داود
"يعجبني للراكب الإحرام إلى القبلة". وجمهور
الأصحاب أن ذلك للندب فلا يلزمه فهذه رواية
بأنه لا يلزمه.
الثاني : مفهوم كلام المصنف أنه إذا لم يمكنه
الافتتاح إلى القبلة لا يلزمه.
قولا واحدا وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب
وقال القاضي يحتمل أن يلزمه ذكره عنه في
الشرح.
قوله : "والفرض في القبلة إصابة العين لمن قرب
منها".
بلا نزاع وألحق الأصحاب بذلك مسجد النبي صلى
الله عليه وسلم وما قرب منه قال الناظم وفي
معناه كل موضع ثبت أنه صلى فيه صلوات الله
وسلامه عليه إذا ضبطت جهته وألحق الناظم بذلك
أيضا مسجد الكوفة قال لاتفاق الصحابة عليه ولم
يذكره الجمهور وقال في النكت وفيما قاله
الناظم نظر لأنهم لم يجمعوا عليه وإنما أجمع
عليه طائفة منهم وظاهر كلام ابن منجا في شرحه
وجماعة عدم الإلحاق في ذلك كله وإليه ميل بعض
مشايخنا وكان ينصره وقال الشارح وفيما قاله
الأصحاب نظر ونصر غيره.
(2/8)
فوائد.
الأولى: يلزمه استقبال القبلة ببدنه كله على
الصحيح من المذهب نص عليه وقيل ويجزئ ببعضه
أيضا اختاره ابن عقيل.
الثانية : المراد بقوله لمن قرب منها المشاهد
لها ومن كان يمكنه من أهلها أو نشأ بها من
وراء حائل محدث كالجدران ونحوها فلو تعذر
إصابة العين للقريب كمن هو خلف جبل ونحوه
فالصحيح من المذهب أنه يجتهد إلى عينها وعنه
أو إلى جهتها وذكر جماعة من الأصحاب إن تعذر
إصابة العين للقريب فحكمه حكم البعيد وقال في
الواضح إن قدر على الرؤية إلا أنه مستتر بمنزل
أو غيره فهو كمشاهد وفي رواية كبعيد.
الثالثة: نص الإمام أحمد أن الحجر من البيت
وقدره ستة أذرع وشيء قاله في التلخيص وغيره
وقال ابن أبي الفتح سبعة وقدم ابن تميم وصاحب
الفائق جواز التوجه إليه وصححه في الرعاية وهو
ظاهر ما قدمه في الفروع قال الشيخ تقي الدين
هذا قياس المذهب.
والداخل في حدود البيت ستة أذرع وشيء قال
القاضي في التعليق يجوز التوجه إليه في الصلاة
وقال ابن حامد لا يصح التوجه إليه وجزم به ابن
عقيل في النسخ وجزم به أبو المعالي في المكي
وأما صلاة النافلة فمستحبة فيه وأما الفرض
فقال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم أر به
نقلا والظاهر أن حكمها حكم الصلاة في الكعبة
انتهى.
قلت يتوجه الصحة فيه وإن منعنا الصحة فيها.
قوله : "وإصابة الجهة لمن بعد عنها".
وهذا المذهب نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وهو
المعمول به في المذهب قال في الفروع على هذا
كلام أحمد والأصحاب وصححه في الحاويين.
فعليها يعفى عن الانحراف قليلا قال المجد في
شرحه وغيره فعليها لا يضر التيامن والتياسر ما
لم يخرج عنها وعنه فرضه الاجتهاد إلى عينها
والحالة هذه قدمه في الهداية والخلاصة
والرعايتين والحاويين قال أبو المعالي: هذا هو
المشهور فعليها يضر التيامن والتياسر عن الجهة
التي اجتهد إليها.
وقال في الرعاية على هذه الرواية: إن رفع وجهه
نحو السماء فخرج به عن القبلة منع.
قال أبو الحسين ابن عبدوس في كتاب المهذب إن
فائدة الخلاف في أن الفرض في استقبال القبلة
هل هو العين أو الجهة إن قلنا: العين فمتى رفع
رأسه ووجهه إلى السماء حتى خرج وجهه عن مسامتة
القبلة فسدت صلاته.
قال ابن رجب في الطبقات كذا قال وفيه نظر
انتهى.
ونقل مهنا وغيره إذا تجشأ وهو في الصلاة ينبغي
أن يرفع وجهه إلى فوق لئلا يؤذي من.
(2/9)
حوله بالرائحة
وقال ابن الجوزي في المذهب يستدير الصف الطويل
وقال ابن الزاغوني في فتاويه في استدارة الصف
الطويل روايتان.
إحداهما : لا يستدير لخفائه وعسر اعتباره.
الثانية : ينحرف طرف الصف يسيرا يجمع به توجه
الكل إلى العين.
فائدة .
البعد هنا: هو بحيث لا يقدر على المعاينة ولا
على من يخبره عن علم قاله غير واحد من الأصحاب
وليس المراد بالبعد مسافة القصر ولا بالقرب
دونها قال في الفروع: ولم أجدهم ذكروا هنا
ذلك.
قوله : "فإن أمكنه ذلك بخبر ثقة عن يقين أو
استدلال بمحاريب المسلمين لزمه العمل به".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط في المخبر أن
يكون عدلا ظاهرا وباطنا وأن يكون بالغا جزم به
في شرحه وهو ظاهر كلام الشارح وغيره وقدمه في
الفروع والرعاية الكبرى وصححه.
وقيل: ويكفي مستور الحال أيضا صححه ابن تميم
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين.
وقيل: يكفي أيضا خبر المميز وأطلقهما ابن تميم
فيه
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه لا يقبل خبر
الفاسق في القبلة وهو صحيح لكن قال ابن تميم
يصح التوجه إلى قبلته في بيته ذكره في
الإشارات وقال في الرعاية الكبرى قلت وإن كان
هو عملها فهو كإخباره بها.
قوله : "عن يقين".
الصحيح من المذهب: أنه لا يلزمه العمل بقوله
إلا إذا أخبره عن يقين فلو أخبره عن اجتهاد لم
يجز تقليده وعليه الجمهور قال في الفروع لم
يجز تقليده في الأصح قال ابن تميم لم يقلده
واجتهد في الأظهر وهو ظاهر ما جزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في الرعاية وغيرها.
وقيل: يجوز تقليده وقيل يجوز تقليده إن ضاق
الوقت وإلا فلا وذكره.
القاضي ظاهر كلام الإمام أحمد واختاره جماعة
من الأصحاب منهم الشيخ تقي الدين ذكره في
الفائق.
وقيل: يجوز تقليده إن ضاق الوقت أو كان أعلم
منه.
(2/10)
وقال أبو
الخطاب في آخر التمهيد يصليها حسب حاله ثم
يعيد إذا قدر فلا ضرورة إلى التقليد كمن عدم
الماء والتراب يصلي ويعيد.
قوله : "لزمه العمل به".
الصحيح من المذهب: أنه يلزمه العمل بقول الثقة
إذا كان عن يقين وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
كثير منهم وقال في التلخيص ليس للعالم تقليده
قال ابن تميم وهو بعيد وقيل لا يلزمه تقليده
مطلقا.
قوله : "أو استدلال بمحاريب المسلمين لزمه
العمل به".
الصحيح من المذهب: أنه يلزمه العمل بمحاريب
المسلمين فيستدل بها على القبلة وسواء كانوا
عدولا أو فساقا وعليه الأصحاب وعنه يجتهد إلا
إذا كان بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم وعنه
يجتهد ولو بالمدينة على ساكنها أفضل الصلاة
والسلام ذكرها ابن الزاغوني في الإقناع
والوجيز.
قلت: وهما ضعيفان جدا وقطع الزركشي بعدم
الاجتهاد في مكة والمدينة وحكى الخلاف في
غيرهما.
تنبيه : مفهوم قوله: "أو استدلال بمحاريب
المسلمين" أنه لا يجوز الاستدلال بغير محاريب
المسلمين وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع
والرعاية وقال المصنف وتبعه الشارح لا يجوز
الاستدلال بمحاريب الكفار إلا أن يعلم قبلتهم
كالنصارى وجزم به ابن تميم وقال أبو المعالي
لا يجتهد في محراب لم يعرف بمطعن بقرية مطروقة
قال وأصح الوجهين ولا ينحرف لأن دوام التوجه
إليه كالقطع كالحرمين.
قوله : "فإن اشتبهت عليه القبلة في السفر
اجتهد في طلبها بالدلائل".
الصحيح من المذهب: أنه إذا اشتبهت عليه القبلة
في السفر اجتهد في طلبها فمتى غلب على ظنه جهة
القبلة صلى إليها وعليه الجمهور وفيه وجه لا
يجتهد ويجب عليه أن يصلي إلى أربع جهات وخرجه
أبو الخطاب في الانتصار وغيره من منصوصه في
الثياب المشتبهة وهو رواية في التبصرة.
قوله : "وأثبتها القطب إذا جعله وراء ظهره كان
مستقبلا القبلة".
وهذا المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم.
وقيل: ينحرف في دمشق وما قاربها إلى المشرق
قليلا وكلما قرب إلى المغرب كان انحرافه أكثر
وينحرف بالعراق وما قاربه إلى المغرب قليلا
وكلما قرب إلى الشرق كان انحرافه أكثر.
(2/11)
تنبيه : مراده
بقوله: إذا جعله وراء ظهره كان مستقبلا القبلة
إذا كان بالعراق والشام وحران وسائر الجزيرة
وما حاذى ذلك قاله في الحاوي وغيره فلا تتفاوت
هذه البلدان في ذلك إلا تفاوتا يسيرا معفوا
عنه.
قوله: "والرياح".
الصحيح من المذهب: أن الرياح مما يستدل به على
القبلة على صفة ما قاله المصنف وعليه الأصحاب
وقال أبو المعالي الاستدلال بالرياح ضعيف.
فوائد .
الأولى : "الجنوب" تهب بين القبلة والمشرق و
"الشمال" تقابلها و"الدبور" تهب بين القبلة
والمغرب و"الصبا" تقابلها وتسمى "القبول" لأن
باب الكعبة يقابله وعادة أبواب العرب إلى مطلع
الشمس فتقابلهم ومنه سميت القبلة.
قال ابن منجا في شرحه والرياح التي ذكرها
المصنف دلائل أهل العراق.
فأما قبلة الشام: فهي مشرقة عن قبلة العراق
فيكون مهب الجنوب لأهل الشام قبلة وهو من مطلع
سهيل إلى مطلع الشمس في الشتاء و"الشمال"
مقابلتها تهب من ظهر المصلى لأن مهبها من
القطب إلى مغرب الشمس في الصيف و"الصبا" تهب
عن يسرة المتوجه إلى قبلة الشام لأن مهبها من
مطلع الشمس في الصيف إلى مطلع العيوق قاله
الفراء و"الدبور" مقابلتها.
الثانية : مما يستدل به على القبلة الأنهار
الكبار غير المحدودة فكلها بخلقة الأصل تجري
من مهب الشمال من يمنة المصلي إلى يسرته على
انحراف قليل إلا نهرا بخراسان ونهرا بالشام
عكس ذلك فلهذا سمى الأول "المقلوب" والثاني
"العاصي".
وممن قال يستدل بالأنهار الكبار صاحب الهداية
والمذهب والمستوعب والمجد في شرحه والرعايتين
والحاويين وبن تميم وغيرهم.
ومما يستدل به أيضا على القبلة الجبال فكل جبل
له وجه متوجه إلى القبلة يعرفه أهله ومن مر به
قال في الفروع: وذلك ضعيف ولهذا لم يذكره
جماعة.
ومما يستدل به أيضا على القبلة المجرة في
السماء ذكره الأصحاب فتكون ممتدة على كتف
المصلي الأيسر إلى القبلة في أول الليل وفي
آخره على الكتف الأيمن في الصيف وفي الشتاء
تكون أول الليل ممتدة شرقا وغربا على الكتف
الأيسر إلى نحو جهة المشرق وفي آخره على الكتف
الأيمن قاله غير واحد وقال في الفروع وهذا
إنما هو في بعض الصيف.
الثالثة : يستحب أن يتعلم أدلة القبلة والوقت
وقال أبو المعالي يتوجه وجوبه وأنه يحتمل عكسه
لندرته قال أبو المعالي وغيره فإن دخل الوقت
وخفيت القبلة عليه لزمه قولا واحدا لقصر زمنه
وقال الزركشي وغيره ويقلد لضيق الوقت لأن
القبلة يجوز تركها للضرورة قال في.
(2/12)
الحاوي الصغير:
ويلزمه التعلم مع سعة الوقت ومع ضيقه يصلي
أربع صلوات إلى أربع جهات. قال في الرعاية
الصغرى فإن أمكن التعلم في الوقت لزمه وقيل بل
يصلي أربع صلوات إلى أربع جهات.
قوله : "وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع
أحدهما صاحبه".
إذا اختلف المجتهدان لم يتبع أحدهما الآخر
قطعا بحيث إنه ينحرف إلى جهته.
وأما اقتداء أحدهما بالآخر فتارة يكون
اختلافهما في جهة بأن يميل أحدهما يمينا
والآخر شمالا وتارة يكون في جهتين.
فإن كان اختلافهما في جهة واحدة فالصحيح من
المذهب أنه يصح ائتمام أحدهما بالآخر وعليه
جماهير الأصحاب حتى قال الشارح وغيره: لا
يختلف المذهب في ذلك وفيه وجه لا يجوز أن يأتم
أحدهما بالآخر والحالة هذه ذكره القاضي.
وإن كان اختلافهما في جهتين فالصحيح من
المذهب: أنه لا يصح اقتداء أحدهما بالآخر نص
عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقال المصنف قياس المذهب جواز الاقتداء قال
الشارح وهو الصحيح وذكره في الفائق قولا وقال
كإمامة لابس جلود الثعالب ولامس ذكره وقد نص
فيهما على الصحيح.
قلت: يأتي الخلاف في ذلك أعني: إذا ترك الإمام
ركنا أو شرطا معتقدا أنه غير شرط والمأموم
يعتقد أنه شرط في باب الإمامة.
وقال الآمدي: إذا اقتدى به صحت صلاة الإمام
دون المأموم ثم قال والصحيح بطلان صلاتهما
جميعا وقال في الفروع وظاهر كلامهم يصح
ائتمامه به إذا لم يعلم حاله.
فائدتان .
الأولى : لو اتفق اجتهادهما فائتم أحدهما
بالآخر فمن بان له الخطأ انحرف وأتم وينوي
المأموم المفارقة للعذر ويتم ويتبعه من قلده
في أصح الوجهين.
الثانية : لو اجتهد أحدهما ولم يجتهد الآخر لم
يتبعه عند الإمام أحمد وأكثر.
الأصحاب وقيل: يتبعه إن ضاق الوقت وإلا فلا
جزم به في الحاوي وأطلقهما الزركشي.
قوله : "ويتبع الجاهل والأعمى أوثقهما في
نفسه".
الصحيح من المذهب: وجوب تقليد الأوثق من
المجتهدين في أدلة القبلة للجاهل بأدلة القبلة
والأعمى وعليه أكثر الأصحاب قال المجد وغيره
هذا ظاهر المذهب وقدم في التبصرة لا يجب
واختاره الشارح وغيره فيخير وهو تخريج في
الفروع كعامي في الفتيا على أصح الروايتين فيه
وقال في الرعاية متى كان أحدهما أعلم والآخر
أدين فأيهما أولى فيه وجهان.
(2/13)
فائدتان.
إحداهما: متى أمكن الأعمى الاجتهاد كمعرفته
مهب الريح أو بالشمس ونحو ذلك لزمه الاجتهاد
ولا يجوز له أن يقلد.
الثانية : لو تساوى عنده اثنان فلا يخلو إما
أن يكون اختلافهما في جهة واحدة أو في جهتين
فإن كان في جهة واحدة خير في اتباع أيهما شاء
وإن كان في جهتين فالصحيح من المذهب: أنه بخير
أيضا وعليه الجمهور وقال ابن عقيل يصلي إلى
الجهتين.
قوله : "وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ أو صلى
الأعمى بلا دليل: أعاد".
الصحيح من المذهب: أن البصير إذا صلى في الحضر
فأخطأ عليه الإعادة مطلقا وعليه الأصحاب وعنه
لا يعيد إذا كان عن اجتهاد احتج أحمد بقضية
أهل قباء وتقدم أن ابن الزاغوني حكى رواية أنه
يجتهد ولو في الحضر.
تنبيهات.
الأول: مفهوم كلامه: أن البصير إذا صلى في
الحضر ولم يخطئ أنه لا يعيد وهو صحيح وهو
المذهب وقيل يعيد لأنه ترك فرضه وهو السؤال.
الثاني : ظاهر كلامه: أن مكة والمدينة على
ساكنها أفضل الصلاة والسلام كغيرهما في ذلك
وهو صحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وصرح
به ابن تميم وغيره قال القاضي في التعليق:
ومكي كغيره على ظاهر كلامه لأنه قال في رواية
صالح: قد تحرى فجعل العلة في الإجزاء وجود
التحري وهذا موجود في المكي وعلى أن المكي إذا
علم بالخطأ فهو راجع من اجتهاد إلى يقين فينقض
اجتهاده كالحاكم إذا اجتهد ثم وجد النص.
وفي الانتصار: لا نسلمه وإلا صح تسليمه.
الثالث : لو كان البصير محبوسا لا يجد من
يخبره تحرى وصلى ولا إعادة قاله أبو الحسن
التميمي وجزم به في الشرح ويأتي كلام أبي بكر
قريبا.
قوله : "فإن لم يجد الأعمى من يقلده صلى وفي
الإعادة وجهان".
وهذه الطريقة هي الصحيحة وعليها جماهير
الأصحاب وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة
والكافي والتلخيص والبلغة وبن تميم والرعايتين
والحاويين.
(2/14)
أحدهما : لا
يعيد لكن يلزمه التحري وهو المذهب جزم به في
الوجيز والمنور وصححه في التصحيح والمجد في
شرحه وصاحب النظم والحاوي الكبير وقدمه في
الفروع والمحرر والمستوعب والفائق وإدراك
الغاية.
والثاني : يعيد بكل حال وهو ظاهر كلام الخرقي
وجزم به في الإفادات وقال ابن حامد إن أخطأ
أعاد وإن أصاب فعلى وجهين وأطلق الأوجه
الثلاثة في تجريد العناية والزركشي.
فائدتان.
إحداهما: قد تقدم أنا إذا قلنا لا يعيد لا بد
من التحري فلو لم يتحر وصلى أعاد إن أخطأ قولا
واحدا وكذا إن أصاب على الصحيح من المذهب وفيه
وجه لا يعيد إن أصاب ذكره القاضي في شرحه
الصغير.
الثانية : لو تحرى المجتهد أو المقلد فلم يظهر
له جهة أو تعذر التحري عليه لكونه في ظلمة أو
كان به ما يمنع الاجتهاد أو تفاوتت عنده
الأمارات أو لضيق الوقت عن زمن يجتهد فيه صلى
ولا إعادة عليه سواء كان أعمى أو بصيرا حضرا
أو سفرا وهذا المذهب وعنه يعيد وهو وجه في ابن
تميم في المجتهد وقال أبو بكر المحبوس إذا لم
يعرف جهة يصلي إليها صلى على حسب حاله ولا
يعيد إن كان في دار الحرب وإن كان في دار
الإسلام فروايتان وتقدم كلام التميمي والشارح
في المحبوس قريبا.
قوله :"ومن صلى بالاجتهاد ثم علم أنه أخطأ
القبلة فلا إعادة عليه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب سواء كان خطؤه يقينا
أو عن اجتهاد وخرج ابن الزاغوني رواية يعيد من
مسألة لو بان الفقير غنيا وفرق بينهما القاضي
وغيره وذكر أبو الفرج الشيرازي وغيره أن عليه
الإعادة إن بان خطؤه يقينا ولا إعادة إن كان
عن اجتهاد وحكى عن أحمد نقله ابن تميم.
وفرق الأصحاب بين القبلة وبين الوقت وبين أخذ
الزكاة بأنه يمكنه اليقين في الصلاة والصوم
بأن يؤخر وفي الزكاة بأن يدفع إلى الإمام.
قوله : "فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ولم يعد
ما صلى بالأول".
اعلم أنه إذا تغير اجتهاده فتارة يكون بعد أن
فرغ من الصلاة وتارة يكون وهو فيها فإن كان قد
تغير اجتهاده بعد فراغه من الصلاة اجتهد
للصلاة قطعا وهي مسألة المصنف وإن كان إنما
تغير اجتهاده وهو فيها فالصحيح من المذهب أن
يعمل بالثاني ويبني نص عليه الإمام أحمد في
رواية الجماعة وعليه جمهور الأصحاب وعنه يبطل
وقيل يلزمه جهته الأولة اختاره ابن أبي موسى
والآمدي لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد.
(2/15)
فوائد.
إحداها: لو دخل في الصلاة باجتهاد ثم شك لم
يلتفت إليه وبنى وكذا إن زال ظنه ولم يبن له
الخطأ ولا ظهر له جهة أخرى ولو غلب على ظنه
خطأ الجهة التي يصلي إليها ولم يظن جهة غيرها
بطلت صلاته على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه
جمهور الأصحاب وقال أبو المعالي: إن بان له
صحة ما كان عليه ولم يطل زمنه استمر وصحت وإن
بان له الخطأ فيها بنى.
وقيل: إن أبصر فيها من كان في ظلمة أو كان
أعمى فأبصر وفرضه الاجتهاد ولم ير ما يدل على
صوابه بطلت وتقدم في كلام المصنف إذا تغير
اجتهاده فإن غلب على ظنه خطأ الجهة التي يصلي
إليها وظن القبلة في جهة أخرى فإن بان له يقين
الخطأ وهو في الصلاة استدار إلى جهة الكعبة
وبنى:.
وإن كانوا جماعة قدموا أحدهم ثم بان لهم الخطأ
في حال واحدة استداروا وأتموا صلاتهم وإن بان
للإمام وحده أو للمأمومين أو لبعضهم استدار من
بان له الصواب ونوى بعضهم مفارقة بعض إلا على
الوجه الذي قلنا يجوز الائتمام مع اختلاف
الجهة.
وإن كان فيهم مقلد تبع من قلده وانحرف
بانحرافه.
الثانية : لو أخبر وهو في الصلاة بالخطأ يقينا
لزم قبوله وإلا لم يجز وقال جماعة إلا إن كان
الثاني يلزمه تقليده فيكون كمن تغير اجتهاده
وقدمه في الحاوي الكبير وغيره.
الثالثة : لو صلى من فرضه الاجتهاد بغير
اجتهاد ثم بان مصيبا لزمه الإعادة على الصحيح
من المذهب: وقيل: لا يلزمه باب النية.
(2/16)
باب النية.
قوله : "وهي الشرط السادس".
الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به
كثير منهم أن النية شرط لصحة الصلاة وعنه فرض
وهو قول في الفروع ووجه في المذهب وغيره
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب قال في
المستوعب وقال القاضي وغيره من أصحابنا
شرائطها خمسة فنقصوا منها النية وعدوها ركنا.
وقال الشيخ عبد القادر وهي قبل الصلاة شرط
وفيها ركن قال في مجمع البحرين فيلزمهم مثله
في بقية الشروط ذكره في أركان الصلاة.
قوله : "ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت
معينة وإلا أجزأته نية الصلاة".
الصحيح من المذهب أنه يجب تعيين النية لصلاة
الفرض والنفل المعين وهو المشهور والمعمول به
عند الأصحاب وقطع به كثير منهم قال الزركشي
هذا منصوص أحمد وعامة
(2/16)
الأصحاب في
صلاة الفرض وعنه لا يجب التعيين لهما ويحتمله
كلام الخرقي وأبطله المجد بما لو كانت عليه
صلوات فصلى أربعا ينويها مما عليها فإنه لا
يجزئه إجماعا فلولا اشتراط التعيين أجزأه كما
في الزكاة فإنه لو كان عليه شياه عن إبل أو
غنم أو آصع طعام من عشر وزكاة فطر فأخرج شاة
أو صاعا ينويه مما عليه أجزأه لما لم يكن
التعيين شرطا انتهى.
قال في الفروع كذا قال قال وظاهر كلام غيره لا
فرق وهو متوجه ان لم تصح بينهما فرق انتهى.
وقال في الترغيب يجب التعيين للفرض فلا يجب في
نفل معين انتهى.
وقيل متى نوى فرض الوقت أو كانت عليه صلاة لا
يعلم هل هي ظهر أو عصر فصلى أربعا ينوي
الواجبة عليه من غير تعيين أجزأه وقد أومأ
إليه ذكره ابن تميم ويحتمله كلام الخرقي أيضا
قاله الزركشي واختاره القاضي.
قوله : "وإلا أجزأته الصلاة".
يعني وإن لم تكن الصلاة معينة مثل النفل
المطلق فإنه يجزئ نية الصلاة ولا يجب تعيينها
وهذا بلا نزاع أعلمه.
قوله : "وهل يشترط نية القضاء في الفائتة ونية
الفرضية في الفرض على وجهين".
عند الأكثر وهما روايتان في الفروع وقال ابن
تميم وجهان وقيل روايتان.
أما اشتراط نية القضاء في الفائتة فأطلق
المصنف فيه وجهين وأطلقهما في الهداية
والمستوعب والهادي والتلخيص والبلغة وشرح
المجد والنظم وبن تميم والشرح وشرح ابن منجا
والزركشي والحاوي الكبير.
أحدهما : يشترط وهو المذهب اختاره ابن حامد
قاله في المحرر وغيره قال في الفروع: وتجب نية
القضاء في الفائتة على الأصح وجزم به في مسبوك
الذهب والإفادات قال ابن نصر الله في حواشيه:
ما قاله في الفروع خلاف المذهب في المسائل
الثلاثة وإنما المذهب عدم الوجوب.
والوجه الثاني: لا يشترط صححه في التصحيح
والرعاية الكبرى والفائق وبن تميم واختاره في
الكافي والشرح وتذكرة ابن عبدوس وجزم به في
الوجيز والمنور وقدمه في المحرر والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير وإدراك الغاية وتجريد
العناية.
فعلى المذهب لو كان عليه ظهران حاضرة وفائتة
فصلاهما ثم ذكر أنه ترك شرطا في إحداهما: لا
يعلم عينها لزمه ظهران حاضرة ومقضية كما كان
عليه ابتداء.
وعلى الوجه الثاني: يجزئه ظهر واحدة ينوي بها
ما عليه.
(2/17)
فوائد.
الأولى: لو نوى من عليه ظهران فائتتان ظهرا
منها لم يجزه عن إحداهما حتى يعين السابقة
لأجل الترتيب وقيل لا يجزيه كصلاتي نذر لأنه
مخير هنا في الترتيب كإخراج نصف دينار عن أحد
نصابين أو كفارة عن إحدى أيمان حنث فيها قال
في الفروع: ويتوجه تخريج واحتمال يعين
السابقة.
الثانية : لو ظن أن عليه ظهرا فائتة فقضاها في
وقت ظهر اليوم ثم بان أنه لا قضاء عليه لم
يجزه عن الحاضرة في أصح الوجهين صححه ابن تميم
وقدمه في الفروع وجزم به في الحاوي الكبير
وقيل يجزئه قدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في
الشرح.
الثالثة : لو نوى ظهر اليوم في وقتها وعليه
فائتة لم يجزه عنها على الصحيح من المذهب جزم
به في المغني والشرح وبن رزين وقدمه في الفروع
وخرج المصنف ومن تبعه فيها كالتي قبلها وجعلها
ابن تميم كالتي قبلها.
وتقدم في آخر شروط الصلاة إذا نسي صلاة من يوم
وجهل عينها أو نسي ظهرا وعصرا من يومين.
الرابعة : يصح القضاء بنية الأداء وعكسه إذا
بان خلاف ظنه قاله الأصحاب.
قاله في الفروع: قال المصنف وغيره لا يختلف
المذهب في ذلك وقال ابن تميم فلا إعادة وجها
واحدا قاله بعض الأصحاب وذكر ابن أبي موسى أن
القضاء لا يصح بنية الأداء ولا بالعكس انتهى.
وقال الأصحاب: لا يصح القضاء بنية الأداء
وعكسه مع العلم. واما اشتراط نية الفرضية في
الفرض فأطلق المصنف فيه الوجهين وأطلقهما في
المذهب والتلخيص والبلغة والنظم وبن تميم
والشرح والزركشي.
إحداهما : يشترط وهو المذهب اختاره ابن حامد
قال في الفروع: وتجب نية الفرضية للفرض على
الأصح قال في الخلاصة: وينوي الصلاة الحاضرة
فرضا.
والوجه الثاني: لا يشترط وعليه الجمهور قال في
الكافي: وقال غير ابن حامد لا يلزمه قال المجد
في شرحه وصاحب الحاوي الكبير: وأما نية الفرض
للمكتوبة فلا يشترط أداء إلا بنية التعيين عند
أكثر أصحابنا وقالا هو أولى وصححه في التصحيح
والرعاية الكبرى والفائق وبن تميم وغيرهم
واختاره ابن عبدوس في تذكرته [وجزم به في
الوجيز والمنور] وقدمه في الهداية والمستوعب
والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
وإدراك الغاية وتجريد العناية وبن رزين في
شرحه وغيرهم.
قلت: الأولى: أن يكون هذا هو المذهب.
(2/18)
فائدتان.
إحداهما: اشتراط نية الأداء للحاضرة كاشتراط
نية الأداء لقضاء الفائتة ونية الفرضية للفرض
خلافا ومذهبا.
الثانية : لا يشترط في النية إضافة الفعل إلى
الله تعالى في العبادات كلها على الصحيح من
المذهب وعليه الأصحاب قال ابن تميم: ولم يشترط
أصحابنا في النية إضافة الفعل إلى الله تعالى
في سائر العبادات وقال أبو الفرج ابن أبي
الفهم الأشبه اشتراطه.
قلت: وجزم به في الفائق.
وقيل: يشترط في الصلاة والصوم ونحوهما دون
الطهارة والتيمم.
قوله : "فإن تقدمت قبل ذلك بالزمن اليسير
جاز".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وحمل القاضي كلام الخرقي عليه وقال في
التبصرة يجوز ما لم يتكلم وقيل يجوز بزمن طويل
أيضا ما لم يفسخها نقل أبو طالب وغيره إذا خرج
من بيته يريد الصلاة فهو نية أتراه كبر وهو لا
ينوي الصلاة وهذا مقتضى كلام الخرقي واختاره
الآمدي والشيخ تقي الدين في شرح العمدة وقال
الآجري لا يجوز تقديمها مطلقا.
قلت: وفيه حرج ومشقة.
فعلى القول بالتقديم لو تكلم بعدها وقبل
التكبير لم تبطل على الصحيح من المذهب وقيل
تبطل كما لو كفر.
تنبيه: اشترط الخرقي في التقديم أن يكون بعد
دخول الوقت وعليه شرح ابن الزاغوني وغيره
وقاله القاضي أبو يعلى وولده أبو الحسن وصاحب
المذهب والمستوعب. والرعايتين والحاويين
وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وأكثر الأصحاب
لا يشترطون ذلك وهو ظاهر كلام المصنف هنا
وغيره قال الزركشي إما لإهمالهم له أو اعتمادا
على الغالب.
وظاهر ما قدمه في الفروع لا يشترط ذلك قاله في
الفائق بعد حكاية الخلاف قال القاضي وقبل
الوقت لا يجوز انتهى.
قلت: المسألة تحتمل وجهين اختيار القاضي وغيره
عدم الجواز وظاهر كلام غيرهم الجواز لكن لم أر
بالجواز تصريحا.
فائدتان.
إحداهما: يشترط لصحة تقدمها عدم فسخها وبقاء
إسلامه قال القاضي.
في التعليق والوسيلة والمجد وصاحب الحاوي
وغيرهم أو يشتغل بعمل كثير مثل عمل من سلم عن
نقص أو نسي سجود السهو على ما يأتي قاله
القاضي في الرعاية أو أعرض عنها بما يلهيه
وقطع جماعة أو بتعمد حدث وتقدم كلام صاحب
التبصرة.
(2/19)
الثانية : تصح
نية الفرض من القاعد على الصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب وقال في التلخيص لو نوى
فرضا وهو قاعد مع القدرة على القيام لم ينعقد
فرضا ولا نفلا وقال في الرعاية الكبرى قلت
ويحتمل أن يصير نفلا.
قوله : "فإن قطعها في أثنائها بطلت الصلاة".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
أكثرهم وقيل إن نوى قريبا لم تبطل قال في
الرعاية الكبرى وهو بعيد.
قوله : "وإن تردد في قطعها فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والكافي والمغني والهادي والتلخيص
والبلغة والمحرر والرعايتين والنظم والحاويين
وبن تميم والشرح والفائق والزركشي وإدراك
الغاية وتجريد العناية والفروع وشرح العمدة
للشيخ تقي الدين وغيرهم.
أحدهما : تبطل وهو المذهب اختاره القاضي ونصره
الشريف أبو جعفر والمجد في شرحه وصححه في
التصحيح وبن نصر الله في حواشي الفروع وجزم به
في الوجيز والإفادات والمنتخب.
والوجه الثاني: لا تبطل وهو ظاهر كلام الخرقي
واختاره ابن حامد وجزم به في المنور وقدمه ابن
رزين في شرحه.
فائدة : لو عزم على فسخها فهو كما لو تردد في
قطعها خلافا ومذهبا على الصحيح وقيل تبطل
بالعزم وإن لم تبطل بالتردد وجزم به في
الرعاية.
الصغرى والحاوي وقال في الكبرى إن عزم على
قطعها أو تردد فأوجه.
الثالث : تبطل مع العزم دون التردد وقال في
باب صفة الصلاة وإن قطعها أو عزم على قطعها
عاجلا بطلت وإن تردد فيه أو توقف أو نوى أنه
سيقطعها أو علق قطعها على شرط فوجهان.
والوجهان أيضا إذا شك هل نوى فعمل معه أي مع
الشك عملا ثم ذكر فقال ابن حامد يبني لأن الشك
لا يزيل حكم النية فجاز له البناء كما لو لم
يحدث عملا.
وقال القاضي تبطل لخلوه عن نية معتبرة وهو
ظاهر ما قدمه الشارح.
وقال المجد أيضا إن كان العمل قولا لم تبطل
لتعمد زيادته ولا يعتد به وإن كان فعلا بطلت
لعدم جوازه كتعمده في غير موضعه.
وقال في مجمع البحرين: إنما قال الأصحاب
"عملا" والقراءة ليست عملا على اصلنا ولهذا لو
نوى قطع القراءة ولم يقطعها لم تبطل قولا
واحدا.
(2/20)
قال الآمدي:
وإن قطعها بطلت بقطعة لا بنيته لأن القراءة لا
تحتاج إلى نية.
قال في مجمع البحرين: ولو كان عملا لاحتاجت
إلى نية كسائر أعمال العبادات.
قال صاحب الفروع وما ذكره الناظم خلاف كلام
الأصحاب والقراءة عبادة تعتبر لها النية قال
الأصحاب وكذا شكه هل أحرم بظهر أو عصر وذكر
فيها يعني هل تبطل أو لا.
وقيل: يتمها نفلا كما لو أحرم بفرض فبان قبل
وقته وهو احتمال في المغني والشرح كشكه هل
أحرم بفرض أو نفل فإن الإمام أحمد سئل عن إمام
صلى بقوم العصر فظنها الظهر فطول القراءة ثم
ذكر فقال يعيد وإعادتهم على اقتداء مفترض
بمتنفل.
قال المصنف والمجد والشارح: وإن شك هل نوى
فرضا أو نفلا أتمها.
نفلا إلا أن يذكر أنه نوى الفرض قبل أن يحدث
عملا فيتمها فرضا وإن ذكره بعد أن أحدث عملا
خرج فيه الوجهان انتهى.
قال المجد: والصحيح بطلان فرضه.
قال في الفروع: إن أحرم بفرض رباعية ثم سلم من
ركعتين يظنها جمعة أو فجرا أو التراويح ثم ذكر
بطل فرضه ولم يبن نص عليه كما لو كان عالما.
قال ويتوجه احتمال وتخريج يبني كظنه تمام ما
أحرم به.
وقال الشيخ تقي الدين يحرم خروجه بشكه في
النية للعلم بأنه ما دخل إلا بالنية وكشكه هل
أحدث أم لا.
قوله : "فإن أحرم بفرض فبان قبل وقته انقلب
نفلا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب لبقاء أصل النية
وعنه لا تنعقد لأنه لم ينوه.
قال ابن تميم وخرج الآمدي رواية أنها لا تنعقد
أصلا واختاره بعض أصحابنا كما لو أحرم به قبل
وقته عالما بذلك على الصحيح من الوجهين.
فائدة : مثل هذه لو أحرم بفائتة فلم تكن عليه
أو أحرم قبل وقته مع علمه فالأشبه أنها لا
تنعقد قاله ابن تميم.
قوله : "وإن أحرم به في وقته ثم قلبه نفلا
جاز".
إذا أحرم بفرض في وقته ثم قلبه نفلا فتارة
يكون لغرض صحيح وتارة يكون لغير ذلك فإن كان
لغير غرض صحيح فالصحيح من المذهب أنه يصح مع
الكراهة جزم به في الوجيز وقدمه في الهداية
والمستوعب والخلاصة والشرح والنظم والرعايتين
وإدراك الغاية والحاويين ويحتمل أن لا يجوز
ولا يصح وهو رواية ذكرها في الفروع.
(2/21)
قال القاضي في
موضع: لا تصح رواية واحدة وقال في الجامع يخرج
على روايتين. وأطلقهما ابن تميم والفروع.
وأما إذا قلبه نفلا لغرض صحيح مثل أن يحرم
منفردا ثم يريد الصلاة في جماعة: فالصحيح من
المذهب أنه يجوز وتصح وعليه الأصحاب وأكثرهم
جزم به ولو صلى ثلاثة من أربعة أو ركعتين من
المغرب وعنه لا تصح ذكرها القاضي ومن بعده لكن
قال المجد في شرحه على المذهب: إن كانت فجرا
أتمها فريضة لأنه وقت نهي عن النفل فعلى
المذهب هل فعله أفضل أم تركه فيه روايتان
وأطلقهما في الفروع وبن تميم.
قلت: الصواب أن الأفضل فعله ولو قيل بوجوبه
إذا قلنا بوجوب الجماعة لكان أولى وقدم في
الرعاية الكبرى الجواز من غير فضيلة.
تنبيهان .
أحدهما : في قول المصنف وإن انتقل من فرض إلى
فرض بطلت الصلاتان تساهل إذ الثانية: لم يدخل
فيها حتى تبطل بل لم تنعقد بالكلية.
الثاني : قال في الفروع: وإن انتقل من فرض إلى
فرض بطل فرضه والمراد ولم ينو الثاني من أوله
بتكبيرة الإحرام والأصح الثاني.
فائدة : إذا بطل الفرض الذي انتقل منه ففي صحة
نفله الخلاف المتقدم فيمن أحرم به في وقته ثم
قلبه نفلا على ما تقدم وكذا حكم ما يفسد الفرض
فقط إذا وجد فيه كترك القيام والصلاة في
الكعبة والائتمام بمتنفل إذا قلنا لا يصح
الفرض والائتمام بصبي إن اعتقد جوازه صح نفلا
في الصحيح من المذهب وإلا فالخلاف وهي فائدة
حسنة.
قوله : "ومن شرط الجماعة أن ينوي الإمام
والمأموم حالهما".
أما المأموم فيشترط أن ينوي حاله بلا نزاع
وكذا الإمام على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه
جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من.
المفردات وعنه لا يشترط نية الإمامة في الإمام
في سوى الجمعة وعنه يشترط أن ينوي الإمام حاله
في الفرض دون النفل.
وقيل: إن كان المأموم امرأة لم يصح ائتمامها
به حتى ينويه لأن صلاته تفسد إذا وقفت بجنبه
ونحن نمنعه ولو سلم فالمأموم مثله ولا ينوي
كونها معه في الجماعة فلا عبرة بالفرق وعلى
هذا لو نوى الإمامة برجل صح ائتمام المرأة به
وإن لم ينوها كالعكس.
وعلى رواية عدم اشتراط نية الإمامة لو صلى
منفردا وصلي خلفه ونوى من صلى خلفه الائتمام
صح وحصلت فضيلة الجماعة فيعايى بها فيقال مقتد
ومقتدى به حصلت فضيلة الجماعة للمقتدى دون
المقتدى به لأن المقتدى به نوى منفردا ولم ينو
الإمامة والمقتدى نوى الاقتداء وقد صححناه على
هذه الرواية وعند أبي الفرج ينوي المنفرد
حاله.
(2/22)
فائدتان .
إحداهما : لو اعتقد كل واحد منهما أنه إمام
الآخر أو مأمومه لم تصح مطلقا على الصحيح من
المذهب نص عليهما.
وقيل: تصح فرادى في المسألتين وهو من
المفردات.
وقيل تصح فرادى إذا نوى كل واحد منهما أنه
مأموم الآخر فقط جزم به في الفصول وقال ابن
تميم: وفيه وجه إذا اعتقد كل واحد أنه إمام
الآخر فصلاتهما صحيحة وإن لم تعتبر نية الإمام
صحت الصلاة فرادى فيما إذا نوى كل واحد منهما
أنه إمام الآخر وكذا إذا نوى إمامة من لا يصح
أن يؤمه كامرأة تؤم رجلا لا تصح صلاة الإمام
في الأشهر وهو من المفردات وقيل تصح وكذا
الحكم إن ام أمي قارئا.
الثانية : لو شك في كونه إماما أو مأموما لم
تصح لعدم الجزم بالنية وقال القاضي في المجرد
لا تصح أيضا ولو كان الشك بعد الفراغ.
قوله : "فإن أحرم منفردا ثم نوى الائتمام لم
يصح في أصح الروايتين".
وكذا في الهداية وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في
الفروع والمحرر وبن تميم وغيرهم وصححه الشارح
وغيره.
والثانية : وتصح ويكره على الصحيح وأطلقهما في
الكافي والرعاية الصغرى والحاويين وقال ابن
تميم وعنه يصح وفي الكراهة روايتان فعلى هذه
الرواية متى فرغ قبل إمامه فارقه وسلم نص عليه
وإن انتظره ليسلم معه جاز.
قوله "وإن نوى الإمامة صح في النفل".
يعني إذا أحرم منفردا ثم نوى الإمامة فإنه يصح
في النفل وهذا إحدى الروايتين نص عليه واختاره
المصنف والشيخ تقي الدين والمجد في شرحه وجزم
به في الشرح والوجيز والإفادات وشرح ابن منجا
قال في الفروع: وهو المنصوص وعنه لا يصح وهو
المذهب وعليه الجمهور قال في الفروع: اختاره
الأكثر قال المجد اختاره القاضي وأكثر أصحابنا
وقدمه في الفروع والهداية والمجد في شرحه وهو
من المفردات وأطلقهما في الرعايتين والحاويين
وبن تميم.
(2/23)
قوله " "ولم
تصح في الفرض".
وهو المذهب وعليه الجمهور قال في الفروع
والمجد: اختاره الأكثر.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع
والشرح والمجد في شرحه وغيرهم وهو من
المفردات.
قال المصنف ويحتمل أن يصح وهو أصح عندي.
وهو رواية عن أحمد واختاره المصنف والشيخ تقي
الدين وأطلقهما في الرعايتين والحاويين
والكافي وبن تميم وقال ابن عقيل في موضع يصح
في حق من له عادة بالإمامة قال في الرعاية
الكبرى: وإن نوى المنفرد المفترض إمامة من
لحقه قبل ركوعه فوجهان في الصحة وقيل روايتان
وعنه يصح في النفل فقط نص عليه وعنه إن رضي
المفترض مجيء من يصلي معه أول ركعة فجاء وركع
معه صح نص عليه وإلا فلا يصح وقيل إن صلى وحده
ركعة لم يصح وإن أدركه أحد قبل ركوعه فروايتان
وقيل إن لم يركع معه أحد وإلا صلى وحده وقيل
يصح ذلك ممن عادته الإمامة انتهى.
فوائد.
الأولى : لو نوى الإمامة ظانا حضور مأموم صح
وإن شك لم يصح فلو ظن حضوره فلم يحضر أو أحرم
بحاضر فانصرف قبل إحرامه أو عين إماما أو
مأموما وقيل إن ظنهما وقلنا لا يجب تعيينهما
في الأصح فأخطأ فالصحيح من المذهب أنه لا يصح
وقيل يصح منفردا كانصراف الحاضر بعد دخوله معه
قال بعض الأصحاب وإن عين جنازة فأخطأ فوجهان.
قال الشيخ تقي الدين إن عين وقصده خلف من حضر
وعلى من حضر صح وإلا فلا.
الثانية : إذا بطلت صلاة المأموم أتمها إمامه
منفردا لأنها لا هي منها ولا متعلقة بها بدليل
السهو وعلمه بحدثه وعنه تبطل.وذكرها المصنف في
المغني قياس المذهب.
الثالثة : تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة
إمامه لعذر أو غيره على الصحيح.
من المذهب وعليه الجمهور قال في الفروع والمجد
في شرحه: اختاره الأكثر وعنه لا تبطل صححه ابن
تميم فعليها يتمونها فرادى وقدمه في الفروع
وقال والأشهر أو جماعة وكذا جماعتين.
وقال القاضي تبطل بترك فرض من الإمام وفي منهي
عنه كحدث عنه روايتان.
وقال المصنف تبطل بترك شرط من الإمام أو ركن
أو تعمد مفسد وإلا فلا على أصح الروايتين.
قوله : "فإن أحرم مأموما ثم نوى الانفراد لعذر
جاز".
بلا نزاع لكن استثنى ابن عقيل في الفصول مسألة
وصورتها: ما إذا كان الإمام يعجل في
(2/24)
الصلاة ولا
يتميز انفراده عنه بنوع تعجيل فإنه لا يجوز
انفراد المأموم والحالة هذه وإنما يملك
الانفراد إذا استفاد به تعجيل لحوقه لحاجته.
قال في الفروع: ولم أجد خلافه فيعايى بها.
قلت: الذي يظهر أن هذه المسألة ليست داخلة في
كلامهم لأنهم قالوا لعذر وهنا ليس هذا بعذر
فلا يجوز الانفراد.
فائدة : العذر مثل تطويل إمامه أو مرض أو خوف
نعاس أو شيء يفسد صلاته أو على مال أو أهل أو
فوات رفقة ونحوه.
قال في الفروع وغيره من الأصحاب: العذر ما
يبيح ترك الجماعة.
قوله : "وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى
الروايتين".
وهو المذهب صححه في التصحيح قال في الهداية
وبن تميم لم يجز في أصح الروايتين وجزم به في
الوجيز وقدسه في الفروع والكافي والمجد في
شرحه ونصره.
والرواية الثانية: يجوز وإليها ميل الشارح
وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والنظم وبن
منجا في شرحه.
فوائد .
منها : متى زال العذر وهو في الصلاة فله
الدخول مع الإمام.
ومنها : لو كان فارقه في القيام أتى ببقية
القراءة وإن كان قد قرأ الفاتحة فله أن يركع
في الحال وإن ظن في صلاة السر أن الإمام قرأ
لم يقرأ على الصحيح من المذهب واختاره المجد
وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعنه يقرأ لأنه
لم يدرك معه الركوع.
ومنها : لو فارقه لعذر وقد صلى معه ركعة في
الجمعة أتمها جمعة بركعة أخرى كمسبوق وإن
فارقه في الركعة الأولى فقال في الفروع والمجد
في شرحه فحكمه حكم المزحوم في الجمعة حتى
تفوته الركعتان على ما يأتي في بابها وإن قلنا
لا يصح الظهر قبل الجمعة أتم نفلا فقط قال ابن
تميم وإن فارقه في الأولى فوجهان أحدهما يتمها
جمعة والثاني يصليها ظهرا.
وهل يستأنف أو يبني على وجهين.
وعلى قول أبي بكر لا يصح الظهر قبل الجمعة
فيهما فيتمها نفلا سواء فارقه في الأولى أو
بعدها انتهى.
وقدم في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير أنه
إذا فارقه في الأولى لعذر يتمها جمعة.
قوله : "وإن نوى الإمامة لاستخلاف الإمام له
إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب".
(2/25)
اعلم أن الإمام
إذا سبقه الحدث تبطل صلاته على الصحيح من
المذهب كتعمده وعنه تبطل إذا سبقه الحدث من
السبيلين ويبني إذا سبقه الحدث من غيرهما وعنه
لا تبطل مطلقا فيبني إذا تطهر اختاره الآجري
وذكر ابن الجوزي وغيره رواية أنه يخير بين
البناء والاستئناف.
وأما المأموم: فتبطل صلاته على الصحيح من
المذهب وعنه لا تبطل اختاره ابن تميم وتقدم
ذلك.
فحيث قلنا بالصحة فله أن يستخلف على الصحيح من
المذهب وعليه الجمهور وهو ظاهر المذهب كما قال
المصنف وعنه لا يصح الاستخلاف وأطلقهما في
الحاوي.
وحيث قلنا بالبطلان وصحة صلاة المأموم فحكمه
في الاستخلاف حكم المسألة التي قبلها على
الصحيح من المذهب قال في الفروع وعلى صحتها
والأشهر وبطلانها نقله صالح وبن منصور وبن
هانئ وقاله القاضي وغيره وذكره في الكافي
والمذهب واختار المجد له أن يستخلف على الأصح
قال في مختصر ابن تميم هذا الأشهر.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقيل: ليس له أن يستخلف هنا وإن جاز الاستخلاف
في التي قبلها وهي ما إذا قلنا لا تبطل صلاته
واختاره الآمدي وغيره.
وحيث قلنا يستخلف فاستخلف ثم توضأ وحضر ثم صار
إماما فعنه يصح وعنه لا يصح وعنه يستأنف
وأطلقهن في الفروع في باب صلاة الجماعة.
قلت: الصواب الصحة قياسا على ما إذا أحرم
لغيبة إمام الحي ثم حضر على ما يأتي قريبا قال
ابن تميم وإن تطهر يعني الإمام قريبا ثم عاد
فائتم بهم جاز ولم يحك خلافا قال في الرعاية
الكبرى صح في المذهب.
فوائد.
الأولى : المذهب المنصوص عن أحمد أن له أن
يستخلف مسبوقا ويحتمله كلام المصنف هنا وقيل
لا يصح استخلاف المسبوق اختاره المصنف.
فعلى المذهب: الأولى له أن يستخلف من يسلم بهم
ثم يقوم فيأتي بما عليه فتكون هذه الصلاة
بثلاثة أئمة.
قال المجد وبن تميم وغيرهما فإن لم يستخلف
وسلموا منفردين أو انتظروه حتى سلم بهم جاز نص
عليه كله.
وقال القاضي في موضع من المجرد يستحب انتظاره
حتى يسلم بهم وقيل لا يجوز سلامهم قبله.
(2/26)
والمذهب
المنصوص أيضا عن أحمد أن له أن يستخلف من لم
يكن دخل معه أيضا سواء كان في الركعة الأولى
أو غيرها.
قال في الفروع: وظاهر الانتصار وغيره يستخلف
أميا في تشهد أخير وقيل لا يجوز أن يستخلف
هنا.
إذا علمت ذلك فعلى المنصوص في المسألتين يبنى
على ما مضى من صلاة الإمام مرتبا على الصحيح
من المذهب فإن أدركه في الثانية واستخلفه فيها
جلس عقيبها قدمه في الفروع والرعاية والفائق
وبن تميم وعنه يخير بين ترتيب إمامه وبين أن
يبني على ترتيب نفسه فيجلس عقيب ركعتين من
صلاته وهي ثالثة للمأمومين ويتبعونه في ذلك
وأطلقهما المجد في شرحه واختاره المجد في
الثانية وهي استخلاف من لم يكن دخل معه.
قلت: فيعايى بها.
وأطلقهما المجد في شرحه في المسبوق الذي دخل
معه وقال في الذي لم يدخل معه الأظهر فيه
التخيير لأنه لم يلتزم المتابعة ابتداء.
الثانية : يبني الخليفة في المسألة الأولى على
صلاة الإمام قبله من حيث بلغ.
وأما الخليفة في المسألة الثانية إذا قلنا
يبني على ترتيب الأول فإنه يأخذ في القراءة من
حيث بلغ الأول على الصحيح من المذهب نص عليه
وقدمه المجد في شرحه وبن تميم وبن حمدان في
رعايته.
وقال بعض الأصحاب لا بد من قراءة ما فاته من
الفاتحة سرا وجزم به في الفروع وهي عجيب منه.
قال المجد في شرح الهداية: والصحيح عندي أنه
يقرأ سرا ما فاته من فرض القراءة لئلا تفوته
الركعة ثم يبني على قراءة الأول جهرا إن كانت
صلاة جهر.
وقال عن المنصوص لا وجه له عندي إلا أن يقول
معه بأن هذه الركعة لا يعتد له بها لأنه لم
يأت فيها بفرض القراءة ولم يوجد ما يسقطه عنه
لأنه لم يصر مأموما بحال أو يقول إن الفاتحة
لا تتعين فيسقط فرض القراءة بما يقرأه انتهى.
وقال الشارح وينبغي أن تجب عليه قراءة الفاتحة
ولا يبنى على قراءة الإمام لأن الإمام لم
يتحمل القراءة هنا.
الثالثة : من استخلف فيما لا يعتد له به اعتد
به للمأموم ذكره بعض الأصحاب وهو ظاهر ما قدمه
في الفروع وقدمه في الرعاية.
وقال ابن تميم: لو استخلف مسبوقا في الركوع
لغت تلك الركعة وقاله جماعة كثيرة وقدمه في
الرعاية أيضا.
(2/27)
وقال ابن حامد
إن استخلفه في الركوع أو بعده قرأ لنفسه
وانتظره المأموم ثم ركع ولحق المأموم.
الرابعة : لو أدى الإمام جزءا من صلاته بعد
حدثه مثل أن يحدث راكعا فرفع رأسه وقال "سمع
الله لمن حمده" أو حدث ساجدا فرفع وقال "الله
أكبر" لم تبطل صلاته إن قلنا يبنى ظاهر كلامهم
يبطل ولو لم يرد أداء ركن قاله في الفروع
واشتبهت المسألة على بعضهم فزاد ونقص.
الخامسة : لو لم يستخلف الإمام وصلوا وحدانا
صح واحتج الإمام أحمد بأن معاوية لما طعن صلى
الناس وحدانا وإن استخلفوا لأنفسهم صح على
الصحيح من المذهب ونص عليه وعنه لا يصح وإن
استخلف كل طائفة رجلا أو استخلف بعضهم وصلى
الباقون فرادى فلا بأس.
السادسة : حكم من حصل له مرض أو خوف أو حصر عن
القراءة الواجبة أو قصر ونحوه قال في الفروع:
وظاهره وجنون وإغماء وصرح به القاضي وغيره في
الإغماء والموت والمتيمم إذا رأى الماء وقال
في الترغيب وغيره أو بلا عذر حكم من سبقه
الحدث في الاستخلاف على ما تقدم.
قوله : "وإن سبق اثنان ببعض الصلاة فائتم
أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما فعلى وجهين".
وحكى بعضهم الخلاف روايتين منهم ابن تميم
وأطلقهما في المستوعب والمذهب والكافي والمحرر
والفروع والفائق وبن منجا في شرحه.
أحدهما يجوز ذلك وهو المذهب قال المصنف
والشارح وصاحب الفروع وغيرهم لما حكوا الخلاف
هنا بناء على الاستخلاف وتقدم جواز الاستخلاف
على الصحيح من المذهب وجزم بالجواز هنا في
الوجيز والإفادات والمنور وغيرهم وصححه في
التصحيح والنظم وتصحيح المحرر وقدمه في
الهداية والتلخيص والرعاية وبن تميم قال المجد
في شرحه هذا ظاهر رواية مهنا.
والوجه الثاني : لا يجوز قال المجد في شرحه:
هذا منصوص أحمد في رواية صالح وعنه لا يجوز
هنا وإن جوزنا الاستخلاف اختاره المجد في شرحه
وفرق بينها وبين مسألة الاستخلاف من وجهين.
فائدة : وكذا الحكم والخلاف والمذهب لو أم
مقيم مثله إذا سلم مسافر ذكره في الفروع
وغيره.
تنبيه : يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق
المسبوق في الجمعة فإنه لا يجوز ائتمام مسبوق
بمسبوق فيها قطع به الجمهور لأنها إذا أقيمت
بمسجد مرة لم تقم فيه ثانية وذكر
(2/28)
ابن البنا في
شرح المجرد: أن الخلاف جار في الجمعة أيضا
ويحتمله كلام المصنف وغيره.
قوله : "وإن كان لغير عذر لم يصح".
قال في الفروع: وبلا عذر السبق كاستخلاف
الإمام بلا عذر قال في النكت: صرح في المغني
بأن هذه المسألة تخرج على مسألة الاستخلاف قال
وعلى هذا يكون كلامه في المقنع عقيب هذه
المسألة وإن كان لغير عذر لم يصح في هذه
المسألة ومسألة الاستخلاف لأن المسألتين في
المغني واحدة ذكره المجد في شرحه وذكر بعضهم
في الاستخلاف لغير عذر روايتين انتهى.
وقال الشارح: وإن كان لغير عذر لم يصح إذا
انتقل عن إمامه إلى إمام آخر فائتم به أو صار
المأموم إماما لغيره من غير عذر.
قوله : "وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم
حضر في أثناء الصلاة فأحرم بهم وبنى على صلاة
خليفته فصار الإمام مأموما فهل يصح على
وجهين".
وأطلقهما في المذهب والكافي والشرح وشرح المجد
وشرح ابن منجا والفائق.
أحدهما : يصح وهو المذهب نص عليه في رواية أبي
الحارث جزم به في الوجيز والإفادات والمنور
وصححه في التصحيح واختاره ابن عبدوس في تذكرته
وقدمه في الفائق قال ابن رزين في شرحه: وهو
أظهر.
والثاني : لا يصح قال في الفصول: هو الأصح عند
شيخنا أبي يعلى قال المجد: وهو مذهب أكثر
العلماء وعنه يصح من الإمام الأعظم دون غيره
وأطلقهن في المغني والشرح والفروع وبن تميم
والرعايتين والحاويين والنظم.
تنبيه : حكى المصنف الخلاف هنا أوجها وكذا
حكاه في الشرح والكافي وشرح المجد وبن منجا
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في
الرعاية.
الكبرى وحكاه روايات في المغني والشرح في باب
صلاة الجماعة ومجمع البحرين والحاوي الكبير
وبن تميم وقدمه في الفروع وقال في ذلك روايات
منصوصة وتقدم إذا سبقه الحدث فاستخلف ثم صار
إماما.
فائدتان.
إحداهما : الخلاف في الجواز كالخلاف في الصحة.
الثانية: قال المجد في شرحه وبن تميم وصاحب
مجمع البحرين: لا تختلف الروايات عن الإمام
أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من
مرضه بعد دخول أبي بكر في الصلاة أنه كان
إماما لأبي بكر وأبو بكر كان إماما للناس وفي
جواز ذلك ثلاث روايات فكانت الصلاة بإمامين
(2/29)
وصرح ابن رجب
في شرح البخاري بذلك.
قال في مجمع البحرين: أصح الروايات أن ذلك خاص
به عليه أفضل الصلاة والسلام واختاره أبو بكر
وغيره.
وقال في الرعاية الكبرى: وقيل كان النبي صلى
الله عليه وسلم إمام أبي بكر وأبو بكر إمام
الناس وقيل كان أبو بكر إماما والنبي صلى الله
عليه وسلم عن يسار أبي بكر لأن وراءهما صفا
وفي جوازه وجهان انتهى ويأتي الخلاف إذا كان
عن يسار الإمام وخلفه صف في الموقف.
(2/30)
باب صفة الصلاة.
تنبيه : ظاهر قوله : "السنة أن يقوم إلى
الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة".
أنه يقوم عند كلمة الإقامة سواء رأى الإمام أو
لم يره وسواء كان الإمام في المسجد أو قريبا
منه أو لا وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره وهو
رواية عن الإمام أحمد.
قال في الفروع: جزم به بعضهم وقدمه في الفائق.
والصحيح من المذهب أن المأموم لا يقوم حتى يرى
الإمام إذا كان غائبا.
وتقدم غيرها إذا كان الإمام في المسجد سواء
رآه أو لم يره وعليه جمهور الأصحاب وقدمه في
الفروع وغيره وصححه المجد وغيره.
وقال المصنف إن أقيمت وهو في المسجد أو قريبا
منه قاموا عند ذكر الإقامة وإن كان في غيره
ولم يعلموا قربه لم يقوموا حتى يروه.
وقيل: لا يقومون إذا كان الإمام في المسجد حتى
يروه وذكره الآجري عن أحمد.
وقيام المأموم عند قوله: قد قامت الصلاة من
المفردات.
قوله : "ثم يسوي الإمام الصفوف".
هكذا عبارة كثير من الأصحاب في كتبهم وقال في
الإفادات والتسهيل ويسوي الإمام صفه.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
أن تسوية الصفوف سنة وظاهر كلام الشيخ تقي
الدين وجوبه وقال مراد من حكاه إجماعا
استحبابه لا نفي وجوبه.
وذكر في النكت الأحاديث الواردة في ذلك وقال
هذا ظاهر في الوجوب وعلى هذا بطلان الصلاة به
محل نظر انتهى.
وقال في الفروع: ويحتمل أن يمنع الصحة ويحتمل
لا.
قلت: وهو الصواب.
(2/30)
فوائد.
الأولى : التسوية المسنونة في الصفوف هي
محاذاة المناكب والأكعب دون أطراف الأصابع.
الثانية : يستحب تراص الصفوف وسد الخلل الذي
فيها وتكميل الصف الأول فالأول فلو ترك الأول
كره على الصحيح من المذهب وهو المشهور قال في
النكت: هذا المشهور وهو أولى وعند ابن عقيل لا
يكره لأنه اختار أنه لا يكره تطوع الإمام في
موضع المكتوبة وقاسه على ترك الصف الأول
للمأمومين وأطلق الوجهين في الكراهة في
الفروع.
الثالثة : قال في النكت: يدخل في إطلاق كلامهم
لو علم أنه إذا مشى إلى الصف الأول فاتته ركعة
وإن صلى في الصف المؤخر لم تفته قال: لكن هي
في صورة نادرة ولا يبعد القول بالمحافظة على
الركعة الأخيرة وإن كان غيرها مشى إلى الصف
الأول وقد يقال يحافظ على الركعة الأولى
والأخيرة وهذا كما قلنا لا يسعى إذا أتى
الصلاة للخبر المشهور.
قال: الإمام أحمد: فإن أدرك التكبيرة الأولى
فلا بأس أن يسرع ما لم يكن عجل لفتح.
قال: وقد ظهر مما تقدم أنه يعجل لإدراك الركعة
الأخيرة لكن هل يقيد المسألتان بتعذر الجماعة
فيه تردد انتهى.
قال في الفروع وظاهر كلامهم: يحافظ على الصف
الأول وإن فاتته ركعة قال: ويتوجه المحافظة
على الركعة من نصه يسرع إلى التكبيرة الأولى
قال: والمراد من إطلاقهم إذا لم تفته الجماعة
مطلقا وإلا حافظ عليها فيسرع لها انتهى.
الرابعة: الصف الأول ويمين كل صف للرجال أفضل
قال الأصحاب: وكلما قرب من الإمام فهو أفضل
وكذا قرب الأفضل والصف منه.
وقال في الفروع: ويتوجه احتمال أن بعد يمينه
ليس أفضل من قرب يساره قال: ولعله مرادهم.
الخامسة : قال بعض الأصحاب: الأفضل تأخير
المفضول والصلاة مكانه قال ابن رزين في شرحه:
يؤخر الصبيان نص عليه وجزم به في المغني
والشرح قال في الفروع وظاهر كلامهم في الإيثار
بمكانه وفيمن سبق إلى مكان ليس له ذلك وصرح به
غير واحد منهم المجد في شرحه.
قلت: وهو الصواب ويأتي ذلك أيضا في باب
الجماعة في الموقف.
السادسة : الصف الأول هو ما يقطعه المنبر على
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
(2/31)
قال في رواية
أبي طالب والمروذي وغيرهما المنبر لا يقطع
الصف وعنه الصف الأول هو الذي يلي المنبر ولم
يقطعه حكى هذا الخلاف كثير من الأصحاب.
وقال ابن رجب في شرح البخاري: المنصوص عن
أحمد: أن الصف الأول هو الذي يلي المقصورة وما
تقطعه المقصورة فليس بأول نقله المروذي وأبو
طالب وبن القاسم وغيرهم ثم قال: ورجح كثير من
الأصحاب أنه الذي يلي الإمام بكل حال قال: ولم
أقف على نص لأحمد به انتهى مع أنه اختاره.
السابعة: ليس بعد الإقامة وقبل التكبير دعاء
مسنون نص عليه وعنه أنه كان يدعو بينهما ويرفع
يديه.
قوله : "ثم يقول الله أكبر لا يجزئه غيرها".
يعني لا يجزئه غير هذا اللفظ ويكون مرتبا وهذا
المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
كثير منهم وقيل: يجزئه "الله الأكبر والله
الأعظم" جزم به في الرعاية الكبرى وجزم في
الحاوي الكبير بالإجزاء في "الله الأكبر"
وقيل: يجزئه "الأكبر الله أو الكبير الله أو
الله الكبير" ذكرهما في الرعاية وقال في
التعليق "أكبر" كالكبير لأنه إنما يكون أبلغ
إذا قيل أكبر من كذا وهذا لا يجوز على الله
قال في الفروع: كذا قال.
تنبيه : من شرط الإتيان بقول "الله أكبر" أن
يأتي به قائما إن كانت الصلاة فرضا وكان قادرا
على القيام فلو أتى ببعضه راكعا أو أتى به كله
راكعا أو كبر قاعدا أو أتمه قائما لم تنعقد
فرضا وتنعقد نفلا على الصحيح من المذهب وقيل
لا تنعقد أيضا وقيل لا تنعقد ممن كملها راكعا
فقط وأطلقهن ابن تميم وبن حمدان.
فعلى الأول: يدرك الركعة إن كان الإمام في نفل
ذكره القاضي واقتصر عليه في الفروع.
ويأتي حكم ما لو كبر للركوع أو لغيره أو سمع
أو حمد قبل انتقاله أو كمله بعد انتهائه عند
قوله: "ثم يرفع يديه ويركع مكبرا".
فائدة : لو زاد على التكبير كقوله "الله أكبر
كبيرا أو الله أكبر وأعظم أو وأجل" ونحوه كره
جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال المصنف في المغني والشرح وبن رزين وغيرهم:
لم يستحب نص عليه وكذا قال ابن تميم وقال في
الفروع: والزيادة على التكبير قيل: يجوز وقيل
يكره.
قوله : "فإن لم يحسنها لزمه تعلمها".
بلا نزاع من حيث الجملة والصحيح من المذهب أنه
يلزمه تعلمها في مكانه أو ما قرب منه فقط جزم
به في الرعاية الكبرى وقيل يلزمه ولو كان
باديا بعيدا فيقصد البلد لتعلمها فيه وأطلقهما
في الفروع.
(2/32)
قوله : "فإن
خشي فوات الوقت كبر بلغته".
وكذا إن عجز وهذا المذهب وعليه الجمهور وقطع
به أكثرهم وعنه لا يكبر بلغته ذكرها القاضي في
التعليق واختاره الشريف أبو جعفر نقله عنه
القاضي أبو الحسين.
وكذا حكم التسبيح في الركوع والسجود وسؤال
المغفرة والدعاء قاله في.
القاعدة العاشرة وذكره في المحرر قولا وذكره
الآمدي وبن تميم وجها.
فعليه يحرم بلغته على الصحيح وقيل يجب تحريك
لسانه وعلى المذهب لو كان يعرف لغات فقال في
المنور: يقدم السرياني ثم الفارسي ثم التركي
وهذا الصحيح عند من ذكر الخلاف في ذلك ويخير
بين التركي والهندي قال في الرعايتين والحاوي
الصغير: فإن عرف لسانا فارسيا وسريانيا فأوجه.
الثالث : يخير بينهما ويقدمان على التركي وقيل
يتخير بين الثلاثة ويخير بين التركي والهندي
قال في الرعاية الكبرى: قلت: إن لم يقدما عليه
وأطلقهن ابن تميم وقال ذكر ذلك كله بعض
أصحابنا.
قلت: وأكثر الأصحاب لم يذكروا ذلك بل أطلقوا
فيجزيه التكبير بأي لغة أراد.
فائدتان.
إحداهما: لو كان أخرس أو مقطوع اللسان كبر
بقلبه ولا يحرك لسانه قال الشيخ تقي الدين:
ولو قيل ببطلان الصلاة بذلك كان أقوى وقيل يجب
تحريك لسانه بقدر الواجب ذكره القاضي وجزم به
في التلخيص والإفادات فإن عجز أشار بقلبه وكذا
حكم القراءة والتسبيح ونحوه.
وقيل: لا يحرك لسانه إلا في التكبير فقط قال
ابن تميم: وهو ظاهر كلام الشيخ يعني به
المصنف.
الثانية : الحكم فيمن عجز عن التعلم بالعربية
في كل ذكر مفروض كالتشهد الأخير والسلام ونحوه
كالحكم فيمن عجز عن تكبيرة الإحرام بالعربية
فإنه يأتي به بلغته.
وأما المستحب فلا يترجم عنه فإن فعل بطلت
صلاته نص عليه وقيل إن لم يحسنه بالعربية أتى
به بلغته.
تنبيه : قوله: "ويجهر الإمام بالتكبير كله
ويسر غيره به".
يعني يستحب للإمام الجهر بالتكبير كله ويكره
لغيره الجهر به من غير حاجة فإن كان ثم حاجة
لم يكره بل يستحب بإذن الإمام وغير إذنه
وبالتحميد.
(2/33)
قوله :
"وبالقراءة بقدر ما يسمع نفسه".
يعني أنه يجب على المصلي أن يجهر بالقراءة في
صلاة السر وفي التكبير وما في معناه بقدر ما
يسمع نفسه وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به
أكثرهم واختار الشيخ تقي الدين الاكتفاء
بالإتيان بالحروف وإن لم يسمعها وذكره وجها في
المذهب.
قلت" والنفس تميل إليه.
واعتبر بعض الأصحاب سماع من بقربه قال في
الفروع: ويتوجه مثله في كل ما يتعلق بالنطق
كطلاق وغيره.
قلت: وهو الصواب.
تنبيه : مراده بقوله: "بقدر ما يسمع نفسه" إن
لم يكن ثم مانع كطرش أو أصوات يسمعها تمنعه من
سماع نفسه فإن كان ثم مانع أتي به بحيث يحصل
السماع مع عدم المعارض.
قوله : "ويرفع يديه مع ابتداء التكبير" هذا
المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يرفعها قبل
ابتداء التكبير ويخفضهما بعده وقيل يتخير
بينهما قال في الفروع: وهو أظهر.
قوله : "ممدودة الأصابع مضموما بعضها إلى
بعض".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه مفرقة.
فائدة : يستحب أن يستقبل ببطون أصابع يديه
القبلة حال التكبير على.
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقيل:قائمة
حال الرفع والحط وذكره في الفروع قال الناظم:
وللبيت لا للأذن واجه بأجود.
قوله : "إلى حذو منكبيه وإلى فروع أذنيه".
هذا إحدى الروايات يعني أنه يخير واختاره
الخرقي وجزم به في العمدة والكافي والجامع
الصغير والشرح وتجريد العناية والبلغة والنظم
والإفادات وبن رزين وقال لا خلاف فيه وغيرهم
قال في الفروع: وهو أشهر وقدمه في التلخيص.
وعنه: يرفعهما إلى حذو منكبيه فقط وهو المذهب
قال الزركشي: هو المشهور وجزم به في الوجيز
والتسهيل والمذهب الأحمد والمنور والمنتخب
ونظم النهاية وغيرهم وقدمه في الهداية
والمستوعب والخلاصة والمحرر وإدراك الغاية وبن
تميم والفروع والرعايتين والحاويين ومسبوك
الذهب واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وعنه: إلى فروع أذنيه اختارها الخلال وأطلقهن
في المذهب.
(2/34)
وعنه: إلى صدره
ونقل أبو الحارث يجاوز بهما أذنيه وقال أبو
حفص يجعل يديه حذو منكبيه وإبهاميه عند شحمة
أذنيه وقاله القاضي في التعليق وقال أومأ إليه
أحمد.
وقال في الحاويين: والأولى أن يحاذي بمنكبيه
كوعيه وبإبهاميه شحمتي أذنيه وبأطراف أصابعه
فروع أذنيه.
فائدتان .
إحداهما : قال في الفروع: ولعل مرادهم أن
تكونا في حال الرفع مكشوفتان فإنه أفضل هنا
وفي الدعاء.
الثانية : قال ابن شهاب: رفع اليدين إشارة إلى
رفع الحجاب بينه وبين ربه كما أن السبابة
إشارة إلى الوحدانية.
قوله : "ثم يضع كف يده اليمنى على كوع
اليسرى".
هذا المذهب نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وقال
في التلخيص والبلغة ثم يرسلهما ثم يضع اليمنى
على اليسرى.
ونقل أبو طالب يضع بعض يده على الكف وبعضها
على الذراع.
وجزم بمثله القاضي في الجامع وزاد والرسغ
والساعد قال ويقبض بأصابعه على الرسغ وفعله
الإمام أحمد.
فائدة : معنى ذلك ذل بين يدي عز نقله أحمد ابن
يحيى الرقي عن الإمام أحمد.
قوله : "ويجعلهما تحت سرته".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يجعلهما
تحت صدره وعنه يخير اختاره صاحب الإرشاد
والمحرر وعنه يرسلهما مطلقا إلى جانبيه وعنه
يرسلهما في النفل دون الفرض.
زاد في الرعاية في الرواية الجنازة مع النفل
ونقل عن الخلال أنه أرسل يديه في صلاة
الجنازة.
قوله : "وينظر إلى موضع سجوده".
الصحيح من المذهب أن النظر إلى موضع سجوده
مستحب في جميع حالات الصلاة وعليه أكثر
الأصحاب.
وقال القاضي وتبعه طائفة من الأصحاب ينظر إلى
موضع سجوده إلا حال إشارته في التشهد فإنه
ينظر إلى سبابته.
(2/35)
فائدة .
الذي يظهر: أن مراد من أطلق في هذا الباب غير
صلاة الخوف إذا كان العدو في القبلة فإنهم لا
ينظرون إلى موضع سجودهم وإنما ينظرون إلى
العدو وكذا إذا اشتد الخوف أو كان خائفا من
سيل أو سبع أو فوت الوقوف بعرفة أو ضياع ماله
وشبه ذلك مما يحصل له به ضرر إذا نظر إلى موضع
سجوده فإنهم لا ينظرون في هذه الحالات إلى
موضع سجودهم بل لا يستحب ولو قيل بتحريم ذلك
لكان قويا بل لعله مرادهم.
وهذا في النظر هو الصواب الذي لا يعدل عنه فإن
فعل ذلك واجب في بعض الصور والنظر إلى موضع
سجوده مستحب فلا يترك الواجب لأمر مستحب وهو
واضح.
قوله : "ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك
اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك".
هذا الاستفتاح هو المستحب عند الإمام أحمد
وجمهور أصحابه وقطع به أكثرهم واختار الآجري
الاستفتاح بخبر علي رضي الله عنه كله وهو وجهت
وجهي إلى آخره واختار ابن هبيرة والشيخ تقي
الدين جمعهما واختار الشيخ تقي الدين أيضا أنه
يقول هذا تارة وهذا أخرى.
قلت: وهو الصواب جمعا بين الأدلة.
قوله : "ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان
الرجيم".
وكيفما تعوذ من الوارد فحسن لكن أكثر الأصحاب
على أنه يستعيذ كما قال المصنف وعنه يقول مع
ذلك "إن الله هو السميع العليم" اختاره أبو
بكر في التنبيه والقاضي في المجرد وبن عقيل.
وعنه: يقول "أعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان الرجيم" جزم به في.
البلغة والمحرر وقدمه في التلخيص والرعاية
الصغرى والفائق.
وعنه يزيد معه "إن الله هو السميع العليم" جزم
به في الهداية والمستوعب والخلاصة واختاره ابن
أبي موسى.
قوله : "ثم يقول بسم الله الرحمن الرحيم وليست
من الفاتحة".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه قال
المصنف والشارح: هي المنصورة عند أصحابنا.
وعنه أنها من الفاتحة اختارها أبو عبد الله
ابن بطة وأبو حفص العكبري وأطلقهما في
المستوعب والكافي.
فعلى المذهب: هي قرآن وهي آية فاصلة بين كل
سورتين سوى براءة وهذا المذهب
(2/36)
وعليه جمهور
الأصحاب وفي كلا المصنف إشعار بذلك لقوله: "ثم
يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم".
وعنه ليست قرآنا مطلقا بل هي ذكر قال ابن رجب
في تفسير الفاتحة: وفي ثبوت هذه الرواية عن
أحمد نظر.
فائدة .
ليست البسملة آية من أول كل سورة سوى الفاتحة
بلا نزاع قال الزركشي: وغيره ولا خلاف عنه
نعلمه أنها ليست آية من أول كل سورة إلا في
الفاتحة وجزم به في الفروع والرعاية وبن تميم
وغيرهم.
تنبيه ظاهر قوله: "ولا يجهر بشيء من ذلك" أنه
لا يجهر بالبسملة سواء قلنا هي من الفاتحة أو
لا وهو صحيح وصرح به المجد في شرحه وقال
الرواية لا تختلف في ترك الجهر وإن قلنا هي من
الفاتحة وصرح به ابن حمدان وبن تميم وبن
الجوزي وصاحب التلخيص والزركشي وغيرهم وقدموه
وعليه الجمهور فيعايى بها.
وحكى ابن حامد وأبو الخطاب وجها في الجهر بها
إن قلنا هي من الفاتحة وذكره ابن عقيل في
إشاراته.
وعنه أنه يجهر بها وعنه: أنه يجهر بها في
المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وعنه
يجهر بها في النفل فقط وقاله القاضي أيضا.
واختار الشيخ تقي الدين أنه يجهر بها وبالتعوذ
والفاتحة في الجنازة ونحوها أحيانا وقال هو
المنصوص تعليما للسنة وقال يستحب ذلك للتأليف
كما استحب الإمام أحمد ترك القنوت في الوتر
تأليفا للمأموم.
فائدة .
يخير في غير الصلاة في الجهر بها نص عليه في
رواية الجماعة قال القاضي: كالقراءة والتعوذ
وعنه يجهر وعنه لا يجهر ويأتي إذا عطس فقال
"الحمد لله رب العالمين" أو قال عند رفع رأسه
من الركوع "ربنا ولك الحمد" ينوي بذلك العطسة
والقراءة أو الذكر عند قوله: "فإذا قام قال
"ربنا ولك الحمد".
تنبيه : قوله : "ثم يقرأ الفاتحة وفيها إحدى
عشرة تشديدة".
يأتي هل تتعين الفاتحة أم لا؟.
قوله : "فإن ترك ترتيبها".
لزمه استئنافها الصحيح من المذهب أن ترتيب
قراءة الفاتحة ركن تبطل الصلاة بتركه مطلقا
وعليه جماعة الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل
يتسامح إذا ترك ترتيبها سهوا.
(2/37)
قوله : "أو
تشديدة منها".
يعني إذا ترك تشديدة منها "لزمه استئنافها"
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
أكثرهم وقال القاضي في الجامع الكبير إن ترك
التشديد لم تبطل صلاته وقال ابن تميم وغيره لا
خلاف في صحتها مع تليينه أو إظهار المدغم.
قال في الكافي: وإن خفف الشدة صح لأنه كالنطق
به مع العجلة وهو قول في الفروع غير قول ترك
التشديد.
تنبيهان.
أحدهما : مفهوم قوله: "أو قطعها بذكر كثير أو
سكوت طويل لزمه استئنافها" أنه إذا كان يسيرا
لا يلزمه استئنافها وهو صحيح وهو المذهب وعليه
الجمهور وقيل يلزمه أيضا اختاره القاضي في
العمد.
الثاني : محل قوله: "أو قطعها بذكر كثير أو
سكوت طويل" إذا كان عمدا فلو كان سهوا عفى عنه
على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره
وجزم به في الكافي وغيره.
قال ابن تميم: لو سكت كثيرا نسيانا أو نوما أو
انتقل إلى غيرها غلطا فطال بنى على ما قرأ
منها وقيل لا يعفى عن شيء من ذلك.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا وجزم به ابن
منجا في شرحه فيما إذا كان عن غفلة أو ارتج
عليه.
ومحل ذلك أيضا أن يكون غير مشروع فلو كان
القطع أو السكوت مشروعا كالتأمين وسجود
التلاوة والتسبيح للتنبيه ونحوه أو لاستماع
قراءة الإمام لم يعتبر ذلك وإن طال.
ويأتي التنبيه على هذا الأخير عند قوله:
"ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام".
ولا تبطل بنية قطعها مطلقا على الصحيح من
المذهب وقيل تبطل إذا سكت واختاره القاضي.
قوله : "فإذا قال ولا الضالين قال آمين".
في محل قول المأموم آمين وجهان.
أحدهما : يقوله الإمام والمأموم معا قاله
المصنف في المغني والكافي والمجد.
في شرحه والشارح وبن تميم والزركشي وهو المذهب
على ما اصطلحناه في الخطبة.
والوجه الثاني: يقوله بعد الإمام وقدمه في
الرعايتين والحاويين والحواشي وتجريد العناية.
قلت وهو الأظهر وأطلقهما في الفروع.
قوله : "يجهر بها الإمام والمأموم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات
وعنه ترك الجهر.
(2/38)
فائدة : لو ترك
الإمام التأمين أتى به المأموم جهرا ليذكره
وكذا لو أسره الإمام جهر به المأموم.
قوله : "فإن لم يحسن الفاتحة وضاق الوقت عن
تعلمها قرأ قدرها في عدد الحروف".
هذا أحد الوجوه قدمه في الهداية والخلاصة
والهادي والتلخيص والرعايتين والحاويين وإدراك
الغاية وتجريد العناية وأنكر بعضهم هذا الوجه
وعلى تقدير صحته ضعفه.
وقيل: يقرأ قدرها في عدد الحروف والآيات وهو
المذهب جزم به في الوجيز والمنور والمنتخب قال
الشارح وهو أظهر وصححه المجد في شرحه وتصحيح
المحرر واختاره القاضي وبن عقيل وقدمه في
الفروع والنظم.
وقيل: يقرأ قدرها في عدد الآيات من غيرها قدمه
في مسبوك الذهب وأطلقه هو والأول في المذهب
وأطلق هذا والذي قبله في المستوعب والكافي
والمغني والمحرر وبن تميم والفائق وفي بعض نسخ
المقنع قرأ قدرها في عدد الآيات من غيرها وفي
عدد الحروف وجهان.
وقيل: يقرأ بعدد حروفها وآياتها جزم به في
الإفادات واختاره بعض المتأخرين وقيل يجزئ
آية.
تنبيه : ظاهر قوله: "قرأ قدرها إذا ضاق الوقت
عن تعلمها" أنه يسقط تعلمها إذا خاف فوات
الوقت وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور.
وقال الشيرازي لا يسقط تعلمها لخوف فوات الوقت
ولا يصلى بغيرها إلا أن يطول زمن ذلك.
قوله : "فإن لم يحسن إلا آية كررها بقدرها".
على الخلاف المتقدم وهذا المذهب وعليه جمهور
الأصحاب سواء كانت الآية من الفاتحة أو من
غيرها ويحتمله كلام المصنف وعنه يجزئ قراءتها
من غير تكرار اختارها ابن أبي موسى وقيل يقرأ
الآية ويأتي بقدر بقية الفاتحة من الذكر وقال
ابن منجا في شرحه يحتمل قوله: "فإن لم يحسن
إلا آية" أن تكون من الفاتحة ويحتمل أنه أراد
من غيرها وما قلناه من الاحتمال الأول أعم
وأولى.
فائدة : لو كان يحسن آية من الفاتحة وشيئا من
غيرها فالصحيح من المذهب أنه يكرر الآية التي
من الفاتحة بقدرها وقيل يقرأ الآية والشيء
الذي من غيرها من غير تكرار إن كان قدر
الفاتحة وإلا كرر بقدرها لكن قال في الرعاية:
إن كان الذي يحسنه من آخر الفاتحة فليجعل
قراءته أخيرا وأطلقهما المجد في شرحه وبن
تميم.
(2/39)
تنبيه : ظاهر
كلام المصنف وكلام غيره أنه لو كان يحسن بعض
آية أنه لا يكررها وهو صحيح جزم به المصنف في
المغني والشارح وبن تميم وغيرهم.
وقيل: هو كالآية قال في الرعاية: وقيل: إن عرف
بعض آية لا يلزمه تكرار فظاهره أن المقدم خلاف
ذلك.
قوله : "فإن لم يحسن شيئا من القرآن لم يجز أن
يترجم عنه بلغة أخرى".
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به
أكثرهم.
وقيل: يجوز الترجمة عنه بغير العربية إذا لم
يحسن شيئا من القرآن.
قوله : "ولزمه أن يقول سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة
إلا بالله".
وكذا قال في الكافي والهادي. وافق المصنف هنا
على زيادة "ولا حول ولا قوة إلا بالله" صاحب
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمذهب الأحمد
والتلخيص والخلاصة والنظم والوجيز والرعايتين
والحاويين وبن تميم وزاد في المستوعب والبلغة
العلي العظيم.
والذي قدمه في الفروع أنه لا يقول "ولا حول
ولا قوة إلا بالله" في تجريد العناية وجزم به
في المحرر والفائق والمنور وهذا المذهب على ما
اصطلحناه في الخطبة.
وعنه يكرر هذا بقدر الفاتحة أو يزيد على ذلك
شيئا من الثناء والذكر بقدر الفاتحة وذكره في
الحاوي الكبير عن بعض الأصحاب وقطع به الصرصرى
في زوائد الكافي قال في المذهب لزمه أن يقول
"سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" ويكرره
أو يضيف إليه ذكرا آخر حتى يصير بقدر الفاتحة
قال في مسبوك الذهب ويكرره بقدر الفاتحة وما
قاله في المذهب هو قول ابن عقيل.
وقال القاضي يأتي بالذكر المذكور ويزيد كلمتين
من أي ذكر شاء ليكون سبعا.
وقال الحلواني يحمد ويكبر وقال ابنه في تبصرته
يسبح ونقله صالح وغيره.
ونقل ابن منصور يسبح ويكبر ونقل الميموني يسبح
ويكبر ويهلل ونقل عبد الله يحمد ويكبر ويهلل.
قال في الفروع واحتج أحمد بخبر رفاعة.
فدل أنه لا يعتبر الكل رواية واحدة ولا شيء
معين.
(2/40)
قوله : "فإن لم
يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدره".
يعني بقدر الذكر وهو المذهب وقيل يكرره بقدر
الفاتحة ذكره في الرعاية الكبرى.
وقال ابن تميم فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره
بقدره وفيه وجه يجزيه التحميد والتهليل
والتكبير.
قوله : "فإن لم يحسن شيئا من الذكر وقف بقدر
القراءة".
كالأخرس وهذا بلا نزاع في المذهب أعلمه لكن
يلزم من لا يحسن الفاتحة والأخرس الصلاة خلف
قارئ فإن لم يفعلا مع القدرة لم تصح صلاتهما
في وجه وجزم به الناظم.
قلت: فيعايى بها.
والصحيح من المذهب خلاف ذلك على ما يأتي في
الإمامة.
وقال في الفروع: ويتوجه على الأشهر يلزم غير
حافظ أن يقرأ في المصحف.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه لا يجب عليه
تحريك لسانه وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وأوجبه القاضي.
قال ابن رجب في القاعدة الثامنة: وهو بعيد جدا
انتهى وهو كما قال: بل لو قيل ببطلان الصلاة
بذلك إذا كبر لكان متجها فإن هذا كالعبد.
وتقدم نظير ذلك للشيخ تقي الدين في تكبيرة
الإحرام وتقدم حكم الأخرس ومقطوع اللسان هناك.
قوله : "ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة تكون في
الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره".
بلا نزاع ويأتي حكم السورة في ذكر السنن.
وأول المفصل من سورة ق على الصحيح من المذهب
وعليه الجمهور قدمه في الفروع وغيره وصححه
الزركشي وغيره.
وقال ابن عقيل في الفنون: أولهن "الحجرات"
وقال ابن أبي الفتح في المطلع للعلماء في
المفصل أربعة أقوال فذكر هذين القولين
والثالث: من أول "الفتح" والرابع من أول
"القتال" وصححه ولد صاحب التلخيص وذكرهن
الزركشي وزاد في الآداب قولين وهما وقيل من هل
أتى على الإنسان وقيل من والضحى.
قوله : "وفي الباقي من أوساطه".
وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب ونقل حرب في
"العصر" نصف "الظهر" واختاره
(2/41)
الخرقي وجماعة
من الأصحاب وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب وغيرهم وقال في الرعايتين والحاويين
والفائق وغيرهم يقرأ في الظهر أكثر من العصر
وذكر في الرعاية الكبرى ما اختاره الخرقي قولا
غير هذا فيحتمل أن يكون ما قاله في الرعايتين
والحاويين وغيرهم مراد القول الأول ويكون
بيانا له.
تنبيه : مراد المصنف وغيره ممن أطلق إذا لم
يكن عذر فإن كان ثم عذر.
لم تكره الصلاة بأقصر من ذلك وكذلك المريض
والمسافر ونحوهما بل استحبه القاضي في الجامع.
فائدة: لو خالف ذلك بلا عذر كره بقصار المفصل
في الفجر ولم يكره بطواله في المغرب على
الصحيح من المذهب نص عليه وقيل يكره مطلقا قال
في الحواشي وهو ظاهر كلام غير واحد وصرح به في
الواضح في المغرب وقيل لا يكره مطلقا قال
الشارح لا بأس بذلك ويأتي في كلام المصنف في
باب صلاة الجماعة استحباب تطويل الركعة الأولى
أكثر من الثانية.
تنبيه : مفهوم قوله: "ويجهر الإمام بالقراءة
في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء" أن
المأموم لا يجهر بالقراءة وهو صحيح وهو المذهب
وعليه الأصحاب وحكى قول بالجهر.
قلت: وهو ضعيف جدا لا يلتفت إليه ولا يعول
عليه.
فوائد.
منها: المنفرد والقائم لقضاء ما فاته مع
الإمام يخير بين الجهر والإخفات على الصحيح من
المذهب ونقل الأثرم وغيره يخير وتركه أفضل قال
الناظم: هذا أقوى وكذا قال الزركشي: هذا
المذهب وقيل يجهر في غير الجمعة ذكره في
الحاوي وغيره وعنه يسن الجهر وقيل: يكره وقاله
القاضي في موضع.
قلت: الذي يظهر أن محل هذا الخلاف في قضاء ما
فاته على القول بأن ما يدركه مع الإمام آخر
صلاته وما يقضيه أولها فاما على القول بأن ما
يقضيه آخرها فإنه يسر قولا واحدا على ما يأتي
بيانه في الفوائد هناك.
ومنها : لا تجهر المرأة ولو لم يسمع صوتها
أجنبي بل يحرم قال الإمام أحمد: لا ترفع صوتها
قال القاضي: أطلق الإمام أحمد المنع قال في
الحاوي وتسر.
بالقراءة في أصح الوجهين وقدمه في الرعايتين
وغيره وقال في الكبرى في أواخر صلاة الجماعة
وتجهر المرأة في الجهر مع المحارم والنساء
انتهى.
وقيل تجهر إذا لم يسمع صوتها أجنبي وقدمه ابن
تميم وأطلق التحريم وعدمه في الفروع والفائق.
وقال الشيخ تقي الدين: تجهر إن صلت بنساء ولا
تجهر إن صلت وحدها.
ومنها : حكم الخنثى في ذلك حكم المرأة قاله في
الرعاية الكبرى.
(2/42)
ومنها : يكره
جهره نهارا في صلاة النفل في أصح الوجهين
ويخير ليلا قدمه في الرعايتين والحاويين
والحواشي زاد بعضهم نفل لا تسن له الجماعة
واختاره ابن حمدان وقال في الفروع في صلاة
التطوع ويكره الجهر نهارا في الأصح قال أحمد
لا يرفع ليلا يراعي المصلحة.
ومنها : لو قضى صلاة سر لم يجهر فيها سواء
قضاها ليلا أو نهارا لا أعلم فيه خلافا وإن
قضى صلاة جهر في جماعة ليلا جهر فيها لا أعلم
فيه خلافا وإن قضاها نهارا لم يجهر فيها على
الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والمجد
وصححه الناظم إذا صلاها جماعة.
وقيل: يجهر وأطلقهما في الفروع وقيل يخير قال
المصنف والشارح وهو ظاهر كلام الإمام أحمد
وأطلقهن في الشرح وبن تميم والرعايتين
والحاويين.
وفي المنفرد الذي يقضي الخلاف قاله في الفروع
وغيره.
ومنها : لو نسي الجهر في الصلاة الجهرية فأسر
ثم ذكر جهر وبنى على ما أسره على الصحيح من
المذهب وعنه يبتدئ القراءة سواء كان قد فرغ
منها أو لا وأما إذا نسي الإسرار في صلاة السر
فجهر ثم ذكر فإنه يبني على قراءته قولا واحدا
وفرق بينهما الشارح وغيره.
ومنها : قال ابن نصر الله في حواشي الفروع:
الأظهر أن المراد هنا بالنهار من طلوع الشمس
لا من طلوع الفجر وبالليل من غروب الشمس إلى
طلوعها.
قوله : "وإن قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان لم
تصح صلاته".
وتحرم لعدم تواتره وهذا المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور
والمنتخب وغيرهم وقدمه في الهداية والخلاصة
والرعايتين والحاويين وعنه يكره وتصح إذا صح
سنده لصلاة الصحابة بعضهم خلف بعض واختارها
ابن الجوزي والشيخ تقي الدين وقال هي أنص
الروايتين وقال وقول أئمة السلف وغيرهم مصحف
عثمان أحد الحروف السبعة وقدمه في الفائق وبن
تميم.
قلت" وهو الصواب.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمغني والشرح
والنظم والفروع.
واختار المجد أنه لا يجزئ عن ركن القراءة ولا
تبطل الصلاة به واختاره في الحاوي الكبير.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف صحة الصلاة بما في
مصحف عثمان سواء كان من العشرة أو من غيرها
وهو صحيح وهو المذهب المنصوص عنه وقطع به
الأكثر وعنه لا يصح ما لم يتواتر حكاها في
الرعاية.
(2/43)
فائدة : اختار
الإمام أحمد قراءة نافع من رواية إسماعيل بن
جعفر وعنه قراءة أهل المدينة سواء قال إنها
ليس فيها مد ولا همز كأبي جعفر يزيد ابن
القعقاع وشيبة ومسلم وقرأ نافع عليهم ثم قراءة
عاصم نقله الجماعة لأنه قرأ على أبي عبد
الرحمن السلمي وقرأ أبو عبد الرحمن على عثمان
وعلي وزيد وأبي بن كعب وبن مسعود.
وظاهر كلام أحمد أنه اختارها من رواية أبي بكر
بن عياش عنه لأنه أضبط منه مع علم وعمل وزهد.
وعن أحمد أنه اختار قراءة أهل الحجاز قال وهذا
يعم أهل المدينة ومكة.
وقال له الميموني أي القراءات تختار لي فأقرأ
بها قال قراءة أبي عمرو بن العلاء لغة قريش
والفصحاء من الصحابة انتهى وفي هذا كفاية.
قوله : "ثم يرفع يديه ويركع مكبرا".
فيكون رفع يديه مع ابتداء الركوع عند فراغه من
القراءة على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور
وعنه يرفع مكبرا بعد سكتة يسيرة.
فائدة : قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين
والحاوي الكبير وغيرهم ينبغي أن يكون تكبير
الخفض والرفع والنهوض ابتداؤه مع ابتداء
الانتقال وانتهاؤه مع انتهائه فإن كمله في جزء
منه أجزأه لأنه لم يخرج به عن محله بلا نزاع
وإن شرع فيه قبله أو كمله بعده فوقع بعضه
خارجا عنه فهو كتركه لأنه لم يكمله في محله
فأشبه من تمم قراءته راكعا أو أخذ في التشهد
قبل قعوده وقالوا هذا قياس المذهب وجزم به في
المذهب كما لا يأتي بتكبيرة ركوع أو سجود فيه
ذكره القاضي وغيره وفاقا ويحتمل أن يعفى عن
ذلك لأن التحرز منه يعسر والسهو به يكثر ففي
الإبطال به أو السجود له مشقة قال ابن تميم
فيه وجهان أظهرهما الصحة وتابعه ابن مفلح في
الحواشي.
قلت: وهو الصواب.
وأطلقهما في الفروع ذكره في واجبات الصلاة.
وحكم التسبيح والتحميد حكم التكبير ذكره في
الفروع وغيره وتقدم أول الباب لو أتى ببعض
تكبيرة الإحرام راكعا.
قوله : "وقدر الإجزاء الانحناء بحيث يمكنه مس
ركبتيه".
مراده إذا كان الراكع من أوسط الناس وقدره من
غيره وهذا المذهب.
وجزم به الجمهور منهم صاحب الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والحاوي وإدراك الغاية
والفائق والمحرر وغيرهم.
(2/44)
وصرح جماعة بأن
يمس ركبتيه بكفيه منهم الآمدي وبن البنا وصاحب
التلخيص قال في الوسيلة نص عليه.
قال في مجمع البحرين: واختلف كلام الأصحاب في
قدر الإجزاء فظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف
في المقنع وأبي الخطاب وبن الزاغوني وبن
الجوزي أنه بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه فيصدق
برءوس أصابعه قال والصحيح ما صرح به الآمدي
وبن البنا في العقود أنه قدر ما يمكنه من أخذ
ركبتيه بكفيه في حق أوساط الناس أو قدره من
غيرهم.
وقال في الرعاية: في أقل من ذلك احتمالان وقال
المجد وضابط الإجزاء الذي لا يختلف أن يكون
انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى
القيام المعتدل.
قوله : "ويقول سبحان ربي العظيم".
الصحيح من المذهب: أن الأفضل قول: "سبحان ربي
العظيم" فقط كما قال المصنف وقطع به الجمهور
وعنه الأفضل قول: "سبحان ربي العظيم وبحمده"
اختاره المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين قال
في الفائق وغيره ولا يجزئ غير هذا اللفظ.
قوله : "ثلاثا وهو أدنى الكمال".
هذا بلا نزاع أعلمه في تسبيحي الركوع والسجود.
وأما أعلى الكمال: فتارة يكون في حق الإمام
وتارة يكون في حق المنفرد فإن كان في حق
الإمام فالصحيح من المذهب: أن الكمال في حقه
يكون إلى عشر قال المجد وتابعه صاحب مجمع
البحرين: الأصح ما بين الخمس إلى العشر قالا
وهو ظاهر كلامه وقدمه في الفروع.
وقيل: ثلاث ما لم يوتر المأموم قال في التلخيص
والبلغة: ولا يزيد الإمام على ثلاث.
وقيل: ما لم يشق وقاله القاضي وقيل لا يزيد
على ثلاث إلا برضا المأموم أو بقدر ما يحصل
الثلاث له.
وقيل: سبع قدمه في الحاويين وحواشي ابن مفلح.
قال صاحب الفائق وبن تميم هو ظاهر كلام الإمام
أحمد وظاهر كلام ابن الزاغوني في الواضح أن
الكمال في حقه قدر قراءته وقال الآجري الكمال
خمس ليدرك المأموم ثلاثا وقيل ما لم يخف سهوا
وقيل ما لم يطل عرفا وقيل أوسطه سبع وأكثره
بقدر القيام.
وأما الكمال: في حق المنفرد فالصحيح أنه لا حد
لغايته ما لم يخف سهوا اختاره القاضي وقدمه
الزركشي وجزم به في المستوعب.
(2/45)
وقيل: بقدر
قيامه ونسبه المجد إلى غير القاضي من الأصحاب
وقدمه في الفائق وأطلقهما ابن تميم وقيل العرف
وأطلقهن في الفروع.
وقيل: سبع وقدمه في الحاويين والحواشي.
وقيل: عشر وقيل أوسطه سبع وأكثره بقدر قراءة
القيام كما تقدم في حق الإمام.
قوله : "ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده
ويرفع يديه".
ويحتمل أن يكون مراده أن يرفع يديه مع رفع
رأسه وهو إحدى الروايتين في حق الإمام
والمنفرد وهو المذهب وهو ظاهر كلام جمهور
الأصحاب قال المجد وهي أصح وصححه في مجمع
البحرين: وقدمه في الرعايتين والحاويين
والفائق وإليه ميل المصنف والشارح.
وعنه محل رفع يديه بعد اعتداله ويحتمله كلام
المصنف أيضا وقدمه.
بن رزين في شرحه وأطلقهما في الفروع وبن تميم
والحواشي.
وقال القاضي: يرفع يديه مع رفع رأسه إن كان
مأموما رواية واحدة.
وكذا المنفرد إن قلنا لا يقول بعد الرفع شيئا
وجزم به ابن منجا في شرحه فقال أما المأموم
فيبتدئه عند رفع رأسه رواية واحدة وكذلك
المنفرد إن لم يشرع له قول: "ربنا ولك الحمد"
وقد قطع المصنف والشارح وغيرهما بأن رفع
اليدين في حق المأموم يكون مع رفع رأسه.
قوله : "فإذا قام قال ربنا ولك الحمد".
الصحيح من المذهب: أن الإتيان بالواو أفضل: في
قوله: "ربنا ولك الحمد" نص عليه وعليه الأصحاب
وعنه الإتيان بلا واو أفضل: فالخلاف في
الأفضلية على الصحيح من المذهب وعنه لا يتخير
في تركها بل يأتي بها قال في الرعاية: ويجوز
حذف الواو على الأصح.
فائدة : له قول "اللهم ربنا ولك الحمد" وبلا
واو أفضل: نص عليه وعنه يقول: "ربنا ولك
الحمد" ولا يتخير بينه وبين "اللهم ربنا ولك
الحمد" بالواو وجاز على الأصح فحكى الخلاف في
الفروع مع عدم الواو وحكاه في الرعاية مع
الواو وهي أولى.
قوله : "ملء السماء وملء الأرض".
هكذا قاله الإمام أحمد وكثير من الأصحاب يعني
"ملء السماء" على الإفراد منهم ابن عقيل في
الفصول والتذكرة وبن تميم في الهداية والإيضاح
والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والإفادات والمغني
والخرقي والكافي والعمدة والمذهب والمستوعب
والتلخيص والبلغة والشرح والمحرر والمنور
والتسهيل والحاويين وغيرهم وقال في الفروع:
(2/46)
والمعروف في
الأخبار "ملء السماوات بالجمع".
قلت: وجزم به في الرعايتين.
فائدتان.
إحداهما: لو رفع رأسه من الركوع فعطس فقال
ربنا ولك الحمد ينوي بذلك عن العطسة وذكر
الرفع لم يجزئه على الصحيح من المذهب نص عليه
في رواية حنبل وقدمه في الرعاية والفائق وبن
تميم والشرح.
وقال المصنف: يجزئه وحمل كلام الإمام أحمد على
الاستحباب.
فعلى المذهب: لا تبطل صلاته على الصحيح وعنه
تبطل.
ومثل ذلك لو أراد الشروع في الفاتحة فعطس
فقال: "الحمد لله" ينوي بذلك عن العطاس
والقراءة قال في الفروع في باب صفة الحج
والعمرة: وفي الإجزاء عن فرض القراءة وجهان
وأطلقهما ابن تميم ذكره في باب ما يبطل
الصلاة.
فظاهر كلامهما أنهما لا تبطل وإنما الخلاف في
الإجزاء عن فرض القراءة.
الثانية : قال الإمام أحمد: إذا رفع رأسه من
الركوع إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضع يمينه
على شماله.
وقال في الرعاية: فإذا قام أحدهما أو المأموم
حطهما وقال ربنا ولك الحمد ووضع كل مصل يمينه
على شماله تحت سرته وقيل بل فوقها تحت صدره أو
أرسلهما نص عليه كما سبق وعنه إذا قام رفعهما
ثم حطهما فقط انتهى.
وقال: في المذهب والإفادات والتلخيص وغيرهم
إذا انتصب قائما أرسل يديه وقاله القاضي في
التعليق في افتراشه في التشهد قال في الفروع
وهو بعيد.
قوله : "فإن كان مأموما لم يزد على ربنا ولك
الحمد".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال أبو
الخطاب: هو قول أصحابنا وعنه يزيد "ملء
السماء" إلى آخره اختاره أبو الخطاب وصاحب
النصيحة والمجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير
والشيخ تقي الدين.
وعنه يزيد على ذلك أيضا "سمع الله لمن حمده"
قال في الفائق: اختاره أبو الخطاب أيضا قال
الزركشي: كلام أبي الخطاب محتمل.
تنبيه : ظاهر قوله: "فإن كان مأموما لم يزد
على ربنا ولك الحمد" أن المنفرد كالإمام وهو
(2/47)
صحيح وهو
المذهب وعليه الأصحاب وعنه يسمع ويحمد فقط
وعنه يسمع فقط قال الزركشي وفيها ضعف وعنه
يحمد فقط.
فائدتان .
الأولى : يستحب أن يزيد على ما شئت من شيء بعد
فيقول أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد:
"وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا
معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد"
وغير ذلك مما صح.
وهذه إحدى الروايتين وهي الصحيحة صححه المصنف
والشارح واختاره في الفائق وأبو حفص.
والرواية الثانية: لا يجاوز من شيء بعد قدمه
في الفائق والرعاية الكبرى وقال المجد في شرحه
الصحيح أن الأولى ترك الزيادة لمن يكتفي في
ركوعه وسجوده بأدنى الكمال وقولها إذا أطالهما
وقال في الرعاية قلت يجوز للأثر وقال في مجمع
البحرين لا بأس بذلك.
الثانية : محل قول: "ربنا ولك الحمد" في حق
الإمام والمنفرد بعد القيام من الركوع لأنهما
في حال قيامهما يقولان: "سمع الله لمن حمده"
ومحله في حق المأموم حال رفعه.
قوله : "ثم يكبر ويخر ساجدا ولا يرفع يديه".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يرفعهما وعنه
يرفع في كل خفض ورفع.
فائدة .
حيث استحب رفع اليدين فقال الإمام أحمد هو من
تمام الصلاة من رفع أتم صلاة ممن لم يرفع وعنه
لا أدري.
قال القاضي إنما توقف على نحو ما قاله ابن
سيرين إن الرفع من تمام صحتها ولم يتوقف عن
التمام الذي هو تمام فضيلة وسنة قال الإمام
أحمد: من تركه فقد ترك السنة وقال المروذي من
ترك الرفع يكون تاركا للسنة قال لا يقول هكذا
ولكن يقول راغب عن فعل النبي صلى الله عليه
وسلم .
قوله : "فيضع ركبتيه ثم يديه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو المشهور عن أحمد
وعنه يضع يديه ثم ركبتيه.
قوله : "ويكون على أطراف أصابعه".
الصحيح من المذهب: أن هذه الصفة هي المستحبة
وتكون أصابعه مفرقة موجهة إلى القبلة وقيل
يجعل بطونها على الأرض وقيل: يخير في ذلك.
(2/48)
وقال في
التلخيص: وهل يجب أن يجعل باطن أطراف أصابع
الرجلين إلى القبلة في السجود فظاهر إطلاق
الأصحاب وجوب ذلك إلا أن يكون في رجليه نعل أو
خف وقال في الرعاية: وقيل: يجب فتح أصابع
رجليه إن أمكن.
فوائد.
الأولى: لو سجد على ظهر القدم جاز قاله ابن
تميم وغيره.
الثانية : يستحب ضم أصابع يديه في السجود قال
الإمام أحمد: ويوجههما نحو القبلة.
الثالثة : لو سقط إلى الأرض من قيام أو ركوع
ولم يطمئن عاد قائما به وإن اطمأن عاد فانتصب
قائما ثم سجد فإن اعتدل حتى سجد سقط.
وقال المجد في شرحه: إن سقط من قيامه ساجدا
على جبهته أجزأه باستصحاب النية الأولى لأنه
لم يخرج عن هيئة الصلاة.
قال أبو المعالي: إن سقط من قيام لما أرد
الانحناء قام راكعا فلو أكمل قيامه ثم ركع لم
يجزئه كركوعين.
قوله : "والسجود على هذه الأعضاء واجب أي ركن
إلا الأنف على إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمستوعب
والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والنظم وشرح
المجد والزركشي.
إحداهما يجب السجود عليه وهو المذهب وعليه
أكثر الأصحاب قال القاضي: اختاره أبو بكر
وجماعة قال في الفروع: اختاره الأكثر وصححه
ابن عقيل في الفصول وصاحب تصحيح المحرر
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في
الإفادات والمنتخب ونظم المفردات وهو منها
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين
والفروع وبن تميم والفائق وبن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: لا يجب اختاره القاضي وصححه
في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في إدراك
الغاية.
وروى الآمدي عن الإمام أحمد أنه لا يجب السجود
على غير الجهة.
قال القاضي في الجامع: هو ظاهر كلام الإمام
أحمد وجزم الناظم أن السجود على هذه الأعضاء
ومباشرة المصلى بها واجب لا ركن وقال يجبره
إذا تركه ساهيا أتى بسجود السهو.
قال في الفروع: ولعله أخذ من إطلاق بعضهم
الوجوب عليه وليس بمتجه وهو كما قال إذ لم نر
أحدا وافقه على ذلك صريحا.
(2/49)
فائدتان.
الأولى: يجزئ السجود على بعض العضو على الصحيح
من المذهب.
وقيل: ولو كان بعضها فوق بعض كأن يضع يديه على
فخذيه حالة السجود.
ونقل الشالنجي إذا وضع من يديه بقدر الجبهة
أجزأه.
قال ابن تميم: ويجوز السجود ببعض الكف ولو على
ظهره أو أطراف أصابعه وكذا على بعض أطراف
أصابع قدميه وبعض الجبهة.
وذكر في التلخيص أنه يجب على باطن الكف.
وقال ابن حامد: لا يجزئه أن يسجد على أطراف
أصابع يديه وعليه أن يستغرق اليدين بالسجود
ويجزئ السجود على ظهر القدم انتهى.
الثانية : لو عجز عن السجود بالجبهة أو ما
أمكنه سقط السجود بما يقدر عليه من غيرها على
الصحيح من المذهب وقيل لا يسقط فيلزمه السجود
بالأنف.
ولا يجزئ على الأنف مع القدرة على السجود
بالجبهة قولا واحدا ولو قدر على السجود بالوجه
تبعه بقية الأعضاء ولو عجز عن السجود به لم
يلزمه بغيره خلافا لتعليق القاضي لأنه لا
يمكنه وضعه بدون بعضها ويمكن رفعه بدون شيء
منها.
قوله : "ولا يجب عليه مباشرة المصلى بشيء منها
إلا الجبهة على إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي والحاوي.
إحداهما : لا تجب المباشرة بها يعني أنها ليست
بركن وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب منهم
أبو بكر والقاضي.
قال في الفروع: هذا ظاهر المذهب وصححه الشارح
والمجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين والتصحيح
وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به
في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه
في الفروع والمحرر والمغني والرعايتين والفائق
وإدراك الغاية قال القاضي في المجرد وبن رزين
في شرحه: لو سجد على كور العمامة أو كمه أو
ذيله صحت الصلاة رواية واحدة.
والرواية الثانية: تجب المباشرة بها صححه في
النظم وقدمه في الحاويين وبن تميم وقال قطع به
بعض أصحابنا وقال ابن أبي موسى إن سجد على
قلنسوته لم يجزه قولا واحدا وإن سجد على كور
العمامة لتوقى حر أو برد جاز قولا واحدا.
وقال صاحب الروضة: إن سجد على كور العمامة
وكانت محنكة جاز وإلا فلا.
(2/50)
فعلى المذهب:
في كراهة فعل ذلك روايتان وأطلقهما في المغني
والشرح والفروع ومختصر ابن تميم والرعاية
الكبرى وحكاهما وجهين.
قلت: الأولى الكراهة.
تنبيه : صرح المصنف أنه لا يجب عليه مباشرة
المصلى بغير الجبهة وهو صحيح أما بالقدمين
والركبتين فلا يجب المباشرة بها إجماعا قاله
المجد في شرحه بل يكره كشف ركبتيه على الصحيح
من المذهب وعنه لا يكره.
وأما باليدين فالصحيح عن المذهب: كما قال
المصنف: وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وعنه
يجب قال القاضي في موضع من كلامه: اليد
كالجبهة في اعتبار المباشرة.
ونقل صالح لا يسجد ويداه في ثوبه إلا من عذر
وقال ابن عقيل لا يسجد على ذيله أو كمه قال
ويحتمل أن يكون مثل كور العمامة.
وقال صاحب الروضة: إذا سجد ويده في كمه من غير
عذر كره وفي الإجزاء روايتان فعلى المذهب يكره
سترهما وعنه لا يكره.
تنبيه : محل الخلاف فيما تقدم إذا لم يكن عذر
فإن كان ثم عذر من حر أو برد ونحوه أو سجد على
ما ليس بحائل له فلا كراهة وصلاته صحيحة رواية
واحدة قاله ابن تميم.
قال في الفروع: ولا يكره لعذر نقله صالح وغيره
وقال في المستوعب ظاهر ما نقله أكثر أصحابنا
لا فرق بين وجود العذر وعدمه.
قال في الفروع: كذا قال وليس بمراد.
وقد قال جماعة تكره الصلاة بمكان شديد الحر
والبرد قال ابن شهاب: لترك الخشوع كمدافعة
الأخبثين.
فائدة .
قوله : "ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن
فخذيه".
قال الأصحاب: وفخذيه عن ساقيه وذلك مقيد بما
إذا لم يؤذ جاره فإن آذى جاره بشيء من ذلك لم
يفعله وله أن يعتمد بمرفقيه على فخذيه إن طال
على الصحيح من المذهب ولم يقيده جماعة بالطول
بل أطلقوا.
وقيل: يعتمد في النفل دون الفرض وعنه يكره.
فوائد.
منها: يستحب أن يفرق بين رجليه حال قيامه
ويراوح بينهما في النفل والفرض ويأتي ذلك عند
قوله: "يكره التراوح يأتم من هذا وقال في
المستوعب يكره أن يلصق كعبيه".
(2/51)
ومنها: لو سجد
على مكان أعلى من موضع قدميه كنشز ونحوه جاز
وإن لم تكن حاجة قدمه ابن تميم وقال قاله بعض
أصحابنا.
قال ابن عقيل: يكون موضع سجوده أعلى من موضع
قدميه وقيل تبطل بذلك.
وقال في التلخيص: استعلاء الأسفل واجب وقيل
تبطل إن كثر.
قال أبو الخطاب: وغيره إن خرج عن صفة السجود
لم يجزه.
وقال ابن تميم: الصحيح أن اليسير من ذلك لا
بأس به دون الكثير قاله شيخنا أبو الفرج ابن
أبي الفهم وقدمه في الرعايتين قال في
الحاويين: لم يكره في أحد الوجهين وأطلقهن في
الفروع.
ومنها: قال الأصحاب لو سجد على حشيش أو قطن أو
ثلج أو برد ونحوه ولم يجد حجمه لم يصح لعدم
المكان المستقر.
قوله : "ويضع يديه حذو منكبيه".
قال في النكت: وفيه نظر أو يكون مراده يجعل
يديه حذو منكبيه أو أذنيه يعني على ما تقدم من
الخلاف.
قوله : "ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا".
واعلم أن الخلاف هنا في أدنى الكمال وأعلاه
وأوسطه كالخلاف في سبحان ربي العظيم في الركوع
على ما مر.
قوله : "يفترش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب
اليمنى".
هذا المذهب في صفة الافتراش لا غير وعليه
الجمهور وجمهورهم قطع به وقال ابن الزاغوني في
الواضح يفعل ذلك أو يضجعهما تحت يسراه.
قوله : "ثم يقول رب اغفر لي ثلاثا ثم يسجد
الثانية كالأولى".
اعلم أن الصحيح من المذهب أن الكمال هنا ثلاث
لا غير قال المجد في شرحه: وصاحب مجمع البحرين
هذا ظاهر المذهب وقدمه في الفروع والمجد في
شرحه: وصاحب مجمع البحرين والرعايتين والحاوي
الصغير وقال بن.
أبي موسى السنة أن لا يزيد على مرتين وهو ظاهر
كلام الخرقي.
وقال المصنف والشارح وبن الزاغوني في الواضح
وبن تميم وبن رزين في شرحه: أدنى الكمال ثلاث
والكمال فيه مثل الكمال في تسبيح الركوع
والسجود على ما مضى.
قال الزركشي: هذا المشهور وقدمه ابن تميم وقال
في الحاوي الكبير والكمال هنا
(2/52)
سبعا وقيل لغير
الإمام ولم يزد على ذلك وقال ابن عبدوس في
تذكرته ويسن ما سهل وترا.
فائدة : لا تكره الزيادة على قوله: "رب اغفر
لي" ولا على "سبحان ربي العظيم وسبحان ربي
الأعلى" في الركوع والسجود مما ورد في الأخبار
على الصحيح من المذهب وقيل يكره وعنه يستحب في
النفل وقيل والفرض أيضا اختاره المصنف وصاحب
الفائق.
وتقدم هل تستحب الزيادة على ما شئت من شيء بعد
في الرفع من الركوع.
قوله : "ويقوم على صدور قدميه معتمدا على
ركبتيه إلا أن يشق عليه فيعتمد بالأرض".
الصحيح من المذهب: أنه إذا قام من السجدة
الثانية لا يجلس جلسة الاستراحة بل يقوم على
صدور قدميه معتمدا على ركبتيه نص عليه إلا أن
يشق عليه كما قدمه المصنف وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي: هو المختار من الروايتين عند ابن
أبي موسى والقاضي وأبي الحسين.
قال ابن الزاغوني: هو المختار عند جماعة
المشايخ.
وجزم به في الخرقي والعمدة والوجيز والمنور
والمنتخب والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع
والمحرر والمستوعب والخلاصة والحاوي الكبير
والفائق وإدراك الغاية ومجمع البحرين.
وعنه أنه يجلس جلسة الاستراحة اختاره أبو بكر
عبد العزيز والخلال وقال إن أحمد رجع عن الأول
وجزم به في الإفادات وقدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير وأطلقهما في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة وشرح المجد.
وقيل يجلس جلسة الاستراحة من كان ضعيفا
واختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
تنبيه : قوله: في جلسة الاستراحة "يجلس على
قدميه وأليتيه".
في صفة جلسة الاستراحة روايات.
إحداها : ما قاله المصنف هنا وجزم به في
الهداية والمستوعب والمحرر والفائق وغيرهم
وقدمه المجد في شرحه ومجمع البحرين والزركشي
قال في المذهب: هذا ظاهر المذهب.
والرواية الثانية: أن صفة جلسة الاستراحة
كالجلسة بين السجدتين وهي الصحيحة من المذهب
قدمه في الفروع والحاويين والشرح والرعايتين
وهو احتمال القاضي.
(2/53)
والرواية
الثالثة : يجلس على قدميه ولا يلصق أليتيه
بالأرض اختاره الآجري والآمدي وقال لا يختلف
الأصحاب في ذلك.
فعليه إذا قام لا يعتمد بالأرض على الصحيح بل
ينهض على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه واختار
الآجري أنه يعتمد بالأرض إذا قام.
فائدتان.
إحداهما: إذا جلس للاستراحة فيقوم بلا تكبير
على الصحيح من المذهب.
ويكفيه تكبيره حين رفعه من السجود وقيل ينهض
مكبرا وقاله أبو الخطاب وهو من المفردات ورده
الشارح وغيره وحكاه المجد إجماعا.
الثانية : ليست جلسة الاستراحة من الركعة
الأولى وهل هي فصل بين الركعتين أو من
الثانية: على وجهين ذكرهما ابن البنا في شرحه
وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان في رعايته.
قلت الذي يظهر أنها فصل بينهما لآنه لم يشرع
في الثانية وقد فرغ من الأولى.
قوله : "ثم يصلي الثانية كالأولى إلا في
تكبيرة الإحرام".
بلا نزاع والاستفتاح بلا خلاف أيضا إذا أتى به
في الآولى وكذا لو لم يأت به فيها على الصحيح
من المذهب وسواء قلنا بوجوبه أو لا وعليه
جماهير الآصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال الآمدي: متى قلنا بوجوب الاستفتاح فنسيه
في الأولى أتى به في الثانية إن لم نقل بوجوبه
فهل يأتي به في الثانية فيه خلاف في المذهب
قال وظاهر المذهب لا يأتي به.
قوله : "وفي الاستعاذة روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب الأحمد والمستوعب
والهادي والكافي والخلاصة والشرح والتلخيص
وشرح المجد وبن تميم والرعاية الصغرى
والحاويين والفائق والزركشي ومجمع البحرين.
إحداهما لا يتعوذ وهو المذهب نص عليه في رواية
الجماعة وصححه في التصحيح وجزم به في المذهب
ومسبوك الذهب والإفادات والمنور والمنتخب
وقدمه في الفروع والمحرر والرعاية الكبرى
وإدراك الغاية وبن رزين في شرحه قال في النكت:
هي الراجح مذهبا ودليلا.
والرواية الثانية : يتعوذ اختاره الناظم وبعد
الرواية الأولى واختاره الشيخ الشيخ تقي الدين
وجزم به في الوجيز.
قلت: وهو الأصح دليلا.
تنبيه : محل الخلاف إذا كان قد استعاذ في
الأولى أما إذا لم يستعذ في الأولى فإنه يأتي
بها
(2/54)
في الثانية:
قاله الأصحاب قال ابن الجوزي وغيره رواية
واحدة.
قلت: ويؤخذ ذلك من فحوى كلام المصنف من قوله:
"ثم يصلي الثانية كالأولى" ثم استثنى
الاستعاذة فدل أنه أتى بها في الأولى.
فائدة .
استثنى أبو الخطاب أيضا النية أي تجديدها وكذا
صاحب المستوعب والخلاصة والفروع والرعاية
والوجيز وإدراك الغاية وبن تميم وغيرهم وهو
مراد من أطلق وهذا مما لا نزاع فيه لكن قال
المجد في شرحه: وتبعه في الحاوي الكبير لو ترك
أبو الخطاب استثناءها لكان أحسن لأنها من
الشرائط دون الأركان ولا يشترط مفارقتها عندنا
لجزء من الأولى بل يجوز أن تتقدمها اكتفاء
بالدوام الحكمي وقد تساوت الركعتان فيه.
قال في مجمع البحرين قلت إن أراد أبو الخطاب
باستثنائها أنه لا تسن ذكرا فليس كذلك فإن
استصحابها ذكر مسنون في جميع الصلاة وإن أراد
حكما فباطل لأن التكرار عبارة عن إعادة شيء
فرغ منه وانقضى ولو حكم بانقضاء النية حكما
لبطلت الصلاة فلا حاجة إلى الاستثناء إذن
انتهى.
قلت: إنما أراد أبو الخطاب أنه لا يجدد لها
نية كما جددها للركعة الأولى.
وهذا مما لا نزاع فيه لكن ترك استثنائها أولى
لما قاله المجد وكذلك تركها خلق كثير من
الأصحاب مع اتفاقهم على أنه لا يجدد نية
للركعة الثانية.
قوله : "ثم يجلس مفترشا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه إن تورك جاز
والأفضل تركه حكاه ابن تميم وغيره.
قوله : "ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى
ويقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع
الوسطى".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو المعمول
به وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والعمدة والبلغة والمحرر
والوجيز والفائق وإدراك الغاية والمنور
والمنتخب والمذهب الأحمد وغيرهم وقدمه في
الكافي والتلخيص والفروع والرعايتين والحاوي
الكبير وغيرهم وعنه يقبض الخنصر والبنصر
والوسطى ويعقد إبهامه كخمسين اختارها المجد
وقدمه ابن تميم.
وعنه يبسطها كاليسرى وعنه يحلق الإبهام
بالوسطى ويبسط ما سواهما وهو ظاهر كلام
(2/55)
الخرقي فإنه
قال: يبسط كفه اليسرى على فخذه اليسرى ويده
اليمنى على فخذه اليمنى ويحلق الإبهام مع
الوسطى.
قوله : "ويشير بالسبابة في تشهده مرارا".
وكذا قال في الهداية: والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمحرر وشرح المجد وإدراك
الغاية وتجريد العناية والمنور ومجمع البحرين
وغيرهم وقدمه في الفروع وقال في الرعاية
الصغرى والحاويين: يشير بالمسبحة ثلاثا وجزم
به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
قلت: يحتمل أنه مراد الأول.
وقال في التلخيص والبلغة والرعاية الكبرى
مرتين أو ثلاثا وذكر جماعة يشير بها ولم
يقولوا مرارا منهم الخرقي والمصنف في العمدة
قال.
في الفروع: وظاهره مرة وهو ظاهر كلام أحمد
والأخبار وقال ولعله أظهر.
تنبيه : الإشارة تكون عند ذكر الله تعالى فقط
على الصحيح من المذهب وجزم به في الكافي
والمغني والمذهب ومسبوك الذهب وغيرهم وقدمه في
الفروع وغيره.
وقيل: عند ذكر الله وذكر رسوله قدمه في الشرح
وبن تميم والفائق.
وذكر بعضهم أن هذا أصح الروايتين وعنه يشير
بها في جميع تشهده.
وقيل: هل يشير بها عند ذكر الله وذكر رسوله
فقط أو عند كل تشهد فيه روايتان.
فائدتان.
الأولى: لا يحرك إصبعه حالة الإشارة على
الصحيح من المذهب وقيل يحركها ذكره القاضي.
الثانية : قوله: "ويشير بالسبابة" هذا المذهب
وعليه الأصحاب قال في الفروع وظاهره لا بغيرها
ولو عدمت ووجه احتمالا أنه يشير بغيرها إذا
عدمت وما هو ببعيد.
وقال في الرعاية الكبرى: وعنه يشير بالإبهام
طول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
ويقبض الباقي.
قوله : "ويبسط اليسرى على الفخذ اليسرى".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره
وقال في الكافي ويستحب أن يفعل ذلك أو يلقمها
ركبته قال في النكت: وهو متوجه لصحة الرواية
واختاره صاحب النظم.
تنبيه : ظاهر قوله: "هذا التشهد الأول" أنه لا
يزيد عليه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور
ونص أحمد أنه إن زاد أساء ذكره القاضي في.
الجامع واختار ابن هبيرة زيادة الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم واختاره الآجري وزاد
"وعلى آله".
(2/56)
فائدة .
لا تكره التسمية في أول التشهد على الصحيح من
المذهب بل تركها أولى وقدمه في الفروع وبن
تميم وكرهها القاضي وأطلقهما في الرعاية.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه لا بأس بزيادة وحده
لا شريك له وقيل قولها أولى وأطلقهما ابن تميم
والأولى تخفيفه بلا نزاع.
قوله : "هذا التشهد الأول".
يعني تشهد ابن مسعود وهو أفضل التشهدات
الواردة عن الإمام أحمد والأصحاب وذكر في
الوسيلة رواية تشهد ابن مسعود وتشهد ابن عباس
سواء وتشهد ابن عباس التحيات المباركات
الصلوات الطيبات لله إلى آخره ولفظ مسلم وأن
محمدا رسول الله وتشهد عمر التحيات لله
الزاكيات الطيبات الصلوات لله سلام عليك إلى
آخره ويأتي الخلاف في قدر الواجب منه في
الواجبات.
تنبيه : ظاهر قوله: وإن شاء قال: "كما صليت
على إبراهيم وآل إبراهيم وكما باركت على
إبراهيم وآل إبراهيم".
أن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
الأولى وهذه في الفضيلة سواء فيخير وهي رواية
عن الإمام أحمد ذكرها في الرعاية الكبرى.
والصحيح من المذهب أن الصفة التي ذكرها المصنف
أولا أولى وأفضل وعليه الجمهور ويحتمله كلام
المصنف قال المجد في شرحه: هذا اختيار أكثر
أصحابنا.
قال الزركشي: هذا هو المشهور من الروايتين
والمختار لآكثر الأصحاب وجزم به في المحرر
والوجيز والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وبن
تميم.
والرعايتين والحاويين والتلخيص والهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
وغيرهم.
وعنه الأفضل كما صليت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم وكما باركت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم" وعنه يخير ذكرها في الفروع وعنه
الأفضل "كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم
وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم" بإسقاط
على كما ذكره المصنف ثانيا واختاره ابن عقيل.
وأنكر هاتين الصفتين الشيخ تقي الدين وقال لم
أجد في شيء من الصحاح "كما صليت على إبراهيم
وآل إبراهيم" بل المشهور في أكثر الأحاديث
والطرق لفظ آل إبراهيم وفي بعضها لفظ إبراهيم
وروى البيهقي الجمع بين لفظ إبراهيم وآل
إبراهيم بإسناد ضعيف عن ابن مسعود مرفوعا
ورواه ابن ماجه موقوفا انتهى.
قال جامع الاختيارات قلت: قد روى الجمع بينهما
البخاري في صحيحه وأخذوا ذلك
(2/57)
من كلام شيخه
في قواعده في القاعدة الثامنة عشرة وقال أخرجه
أيضا النسائي وهو كما قال.
تنبيه : يأتي مقدار الواجب من التشهد الأول
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في
التشهد والخلاف في ذلك في آخر الباب في
الأركان والواجبات.
فوائد .
الأولى : الأفضل ترتيب الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم والتشهد على ما ورد فيقدم
التشهد على الصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم في التشهد الأخير فإن قدم وأخر ففي
الإجزاء وجهان وأطلقهما في المغني والشرح
والتمام لأبي الحسين والزركشي وبن تميم.
قال في الرعاية: وإن صلى على النبي صلى الله
عليه وسلم في التشهد الأخير قبله أو نكسه مع
بقاء المعنى لم يجزئه وقيل بلى ذكره القاضي.
الثانية : لو أبدل آل بأهل في الصلاة فهل
يجزئه فيه وجهان وأطلقهما المجد في شرحه وبن
تميم وصاحب المطلع والرعاية والفروع ومجمع
البحرين والفائق وبن عبيدان والزركشي وهو ظاهر
ما في المغني والشرح.
أحدهما : يجوز ويجزيه اختاره القاضي وقال
معناهما واحد وكذلك لو صغر فقال أهيل وقدمه
ابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه ابن مفلح
في حواشيه.
والوجه الثاني : لا يجزيه اختاره ابن حامد
وأبو حفص لأن الأهل القرابة والآل الأتباع في
الدين.
الثالثة : "آله" أتباعه على دينه صلوات الله
وسلامه عليه على الصحيح من المذهب اختاره
القاضي وغيره من الأصحاب قاله المجد وقدمه في
المغني والشرح وشرح المجد ومجمع البحرين وبن
تميم وبن رزين في شرحه والرعاية الكبرى
والمطلع وبن عبيدان وبن منجا في شرحيهما.
وقيل: "آله" أزواجه وعشيرته ممن آمن به قيده
به ابن تميم.
وقيل: بنو هاشم المؤمنون وأطلقهن في الفروع.
وقيل: "آله" بنو هاشم وبنو المطلب ذكره في
المطلع وقيل أهله.
وقال الشيخ تقي الدين: "آله" أهل بيته وقال هو
نص أحمد واختيار الشريف أبي جعفر وغيرهم فمنهم
بنو هاشم وفي بني المطلب رواية الزكاة قال في
الفائق "آله" أهل بيته في المذهب اختاره أبو
حفص وهل أزواجه من آله على روايتين انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: والمختار دخول أزواجه في
أهل بيته.
(2/58)
وقال الشيخ تقي
الدين: أيضا أفضل أهل بيته علي وفاطمة وحسن
وحسين الذين أدار عليهم الكساء وخصهم بالدعاء.
قال في الاختيارات: وظاهر كلام الشيخ تقي
الدين في موضع آخر أن حمزة أفضل من حسن وحسين
واختاره بعضهم.
الرابعة : تجوز الصلاة على غير الأنبياء صلى
الله عليهم وسلم منفردا على الصحيح من المذهب
نص عليه في رواية أبي داود وغيره قال
الأصفهاني في شرح خطبة الخرقي: ولا تختص
الصلاة بالأنبياء عندنا لقول علي لعمر "صلى
الله عليك" وقدمه في الفروع وحكى ابن عقيل عن
القاضي أنه لا بأس به مطلقا.
وقيل: لا يصلي على غيرهم إلا تبعا له جزم به
المجد في شرحه ومجمع البحرين والنظم وقدمه ابن
تميم والرعاية الكبرى والآداب الكبرى.
قال في الفروع: وكرهها جماعة.
وقال في الرعاية: وقيل يسن الصلاة على غيره
مطلقا فيحتمل أن يكون موافقا للمذهب.
وقيل: يحرم اختاره أبو المعالي واختار الشيخ
تقي الدين منع الشعار ومحل الخلاف في غيره
صلوات الله وسلامه عليه أما هو فإنه قد صح عنه
الصلاة على آل أبي أوفى وغيرهم ولقوله تعالى
{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}
الخامسة: تستحب الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم في غير الصلاة وتتأكد كثيرا عند
ذكره.
قلت وفي يوم الجمعة وليلتها للأخبار في ذلك.
وهذا هو الصحيح من المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وقيل تجب كلما ذكر اختاره ابن بطة
ذكره عنه ولد صاحب الفروع في شرح المقنع وقال
ذهب إليه المتقدمون من أصحابنا واختاره أيضا
الحليمي من الشافعية ذكره ابن رجب وغيره عنه
والطحاوي من الحنفية ذكره المجد في شرحه عنه
وغيره وكذا البزدوي منهم ذكره ولد صاحب الفروع
عنه وأظن أن اللخمي من المالكية اختاره وقال
الطحاوي أيضا تجب في العمر مرة وحكى ذلك عن
أبي حنيفة ومالك وأصحابه والثوري والأوزاعي.
وقال ابن عبد البر والقاضي عياض هو قول جمهور
الأمة.
وقال في آداب الرعاية الكبرى: بعد أن قال تسن
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير
الصلاة وهي فرض كفاية انتهى وتبعه في الآداب
الكبرى.
قوله : "ويستحب أن يتعوذ فيقول أعوذ بالله من
عذاب جهنم إلى آخره".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه التعوذ
واجب حكاها القاضي وقال أبو عبد الله ابن بطة
من ترك من الدعاء المشروع شيئا مما يقصد به
الثناء على الله تعالى أعاد وعن
(2/59)
أحمد من ترك
شيئا من الدعاء عمدا يعيد.
قوله : "وإن دعا بما ورد في الأخبار فلا بأس".
وهذا بلا نزاع قال الشيخ شمس الدين ابن مفلح
في حواشيه: المراد بالأخبار أخبار النبي صلى
الله عليه وسلم قال في المذهب لا يدعو بما ليس
في القرآن والسنة ومثل قال في التلخيص:
وليتخير من الأدعية الواردة في الحديث ما أحب
ولا يدعو في الصلاة بغيرها انتهى زاد غيرهم
وأخبار الصحابة أيضا قال الشارح وغيره المراد
بالأخبار أخبار النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه والسلف.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف أنه إن دعا بغير ما
ورد في الأخبار أن به بأسا وهو قسمان.
أحدهما : أن يكون الدعاء من أمر الآخرة
كالدعاء بالرزق الحلال والرحمة والعصمة من
الفواحش ونحوه ولو لم يكن المدعو به يشبه ما
ورد فهذا يجوز الدعاء به في الصلاة على الصحيح
من المذهب نص عليه وعليه الجمهور منهم القاضي
والمصنف والمجد في شرحه والشارح وغيرهم وقدمه
في الفروع وبن تميم والزركشي وجزم به في
الفائق.
وعنه لا يجوز وتبطل الصلاة به في وجه في مختصر
ابن تميم قال الشارح قاله جماعة من الأصحاب
ويحتمله كلام أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي وجزم
به في المستوعب والتلخيص وقدم أنه لا يدعو
بذلك في الرعايتين والحاويين.
القسم الثاني: الدعاء بغير ما ورد وليس من أمر
الآخرة فالصحيح من المذهب أنه لا يجوز الدعاء
بذلك في الصلاة وتبطل الصلاة به وعليه أكثر
الأصحاب وعنه يجوز الدعاء بحوائج دنياه وعنه
يجوز الدعاء بحوائج دنياه وملاذها كقوله اللهم
ارزقني جارية حسناء وحلة خضراء ودابة هملاجة
ونحو ذلك.
فائدتان.
الأولى: يجوز الدعاء في الصلاة لشخص معين على
الصحيح من المذهب كما كان الإمام أحمد يدعو
لجماعة في الصلاة منهم الإمام الشافعي رضي
الله عنهم وعنه لا يجوز وأطلقهما في المغني
والشرح والفائق وعنه يجوز في النفل دون الفرض
واختاره أبو الحسين.
قلت: وهو أولى وعنه يكره قدمه في الرعاية.
الثانية : محل الخلاف فيما تقدم إذا لم يأت في
الدعاء بكاف الخطاب فإن أتى بها بطلت قولا
واحدا ذكره جماعة من الأصحاب قاله في الفروع
وقال أيضا ظاهر كلامهم لا تبطل بقوله لعنه
الله عند ذكر الشيطان على الأصح ولا تبطل صلاة
من عوذ نفسه بقرآن لحمى ولا من لدغته عقرب
فقال بسم الله ولا بالحوقلة في أمر الدنيا
ويأتي ذلك بأتم من هذا عند قوله: "وله أن يفتح
على الإمام إذا ارتج عليه".
(2/60)
قوله : "ثم
يسلم عن يمينه".
الصحيح من المذهب: أن ابتداء السلام يكون حال
التفاته قدمه في.
الفروع وبن تميم وبن رزين وهو ظاهر ما جزم به
في المغني والشرح وشرح المجد ومجمع البحرين.
وذكر جماعة يستقبل القبلة السلام عليكم ويلتفت
بالرحمة منهم صاحب التلخيص والبلغة والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والحاويين
واختاره ابن عقيل وبن عبدوس في تذكرته.
ويأتي إذا سلم المأموم قبل سلام الإمام هل
تبطل الصلاة عند قوله: في صلاة الجماعة "وإن
ركع ورفع قبل ركوعه".
فوائد.
الأولى: يجهر به إذا سلم عن يمينه ويسر به إذا
سلم عن يساره على الصحيح من المذهب ونص عليه
وعليه جمهور الأصحاب.
قال في الرعاية الكبرى: وهو أولى واختاره
الخلال وأبو بكر عبد العزيز وأبو حفص العكبري
وقدمه في الفروع وشرح المجد ومجمع البحرين وبن
تميم وبن رزين في شرحه.
وقيل يسر به عن يمينه ويجهر به عن يساره عكس
الآول اختاره ابن حامد وقدمه في الرعاية
الكبرى والحاوي الكبير لئلا يسابقه المأموم في
السلام وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة يجهر
فيهما ويكون الجهر في الآولى أكثر وقيل
يسرهما.
تنبيه : محل الخلاف في ذلك إذا كان إماما أو
منفردا فإن كان مأموما أسرهما بلا نزاع أعلمه.
وقيل: المنفرد كالمأموم جزم به في المذهب
ومسبوك الذهب.
الثانية : يستحب أن يكون التفاته عن يساره
أكثر من التفاته عن يمينه.
فعله عليه أفضل الصلاة والسلام وحده التفاته
بحيث يرى خداه قاله في التلخيص.
والبلغة والمستوعب والرعاية وغيرهم للآخبار في
ذلك.
الثالثة : حذف السلام سنة وروى عن الإمام أحمد
أنه الجهر بالتسليمة الأولى وإخفاء الثانية.
قال في التلخيص: والسنة أن تكون التسليمة
الثانية أخفى وهو حذف السلام في أظهر
الروايتين وروى عنه أنه لا يطوله ويمده في
الصلاة وعلى الناس وجزم به في المغني
(2/61)
والشرح وبن
رزين في شرحه وغيرهم قال في الفروع ويتوجه
إرادتهما وأطلق الروايتين في الفروع وبن تميم.
الرابعة: يستحب جزمه وعدم إعرابه.
قوله : "فإن لم يقل ورحمة الله لم يجزه".
يعني أن قوله: "ورحمة الله" في سلامه ركن وهو
المذهب صححه في المذهب قال الناظم وهو الأقوى
واختاره أبو الخطاب وبن عقيل وبن البنا في
عقوده قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم
به في الوجيز وقدمه في الهداية ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والرعايتين
والحاويين وهو ظاهر كلام الأكثر لذكرهم وهو من
مفردات المذهب.
وقال القاضي: يجزيه يعني أن قولها سنة وهو
رواية عن أحمد اختارها المجد في شرحه وقدمه في
الفائق وأطلقهما في الفروع والمغني والكافي
والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح وبن تميم
والزركشي وغيرهم.
وقيل: هي من الواجبات اختاره الآمدي وجزم به
في المنور.
وأما قول "ورحمة الله" في الجنازة فنص أحمد
أنه لا يجب وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم وفيه وجه لا يجزئ بدون ذكر.
"الرحمة" وقال المجد في شرحه إذا لم نوجبه في
الصلاة المكتوبة فهنا أولى وإن أوجبناه هناك
احتمل في الجنازة وجهين.
فائدتان.
إحداهما: لو نكس السلام فقال عليكم السلام أو
نكس السلام في التشهد فقال عليك السلام أيها
النبي أو علينا السلام وعلى عباد الله لم يجزه
على الصحيح من المذهب.
وقيل: يجزيه ذكره القاضي وهما وجهان ذكرهما
القاضي في الجامع الكبير وأطلقهما ابن تميم.
الثانية : لو نكر السلام فقال سلام عليكم أو
نكس السلام في التشهد فقال عليك السلام أيها
النبي أو علينا السلام وعلى عباد الله لم يجزه
على الصحيح من المذهب قال المجد في شرحه: هذا
الصحيح عندنا وصححه في الفروع وغيره.
وقيل: يجزيه قدمه في الرعاية وشرح ابن رزين
وأطلقهما في المغني والشرح والفائق وقيل
تنكيره أولى قال في الرعاية: وفيه ضعف وقال
ابن تميم: وغيره وفيه وجه ثالث يجزئ مع
التنوين ولا يجزى مع عدمه ذكره الآمدي.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا يزيد
بعد ذكر الرحمة وبركاته وهو الأولى قاله
(2/62)
الأصحاب وقال
في المغني والشرح وبن تميم وغيرهم إن زاد
"وبركاته" فحسن قال المصنف والشارح: والأول
أحسن قال في الرعاية: فإن زاد وبركاته جاز.
قوله : "وينوي بسلامه الخروج من الصلاة فإن لم
ينو جاز".
يعني أن ذلك مستحب وهو المذهب نص عليه وعليه
أكثر الأصحاب قال ابن رجب في شرح البخاري
اختاره الأكثر قال الزركشي.
هو المنصوص المشهور إذ هو بعض الصلاة فشملته
نيتها وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في
الفروع والمغني والحاوي وبن تميم والفائق
وغيرهم واختاره المجد وغيره.
وقال ابن حامد: تبطل صلاته يعني أنها ركن وهو
رواية عن أحمد ولم يذكر ابن هبيرة عن أحمد
غيره وصححه ابن الجوزي وأطلقهما في الهداية
والتلخيص والبلغة والمستوعب والخلاصة.
وقيل: إن سها عنها سجد للسهو يعني أنها واجبة
وجزم به في الإفادات وإدراك الغاية.
قال في المذهب: واجبة في أصح الوجهين وقدمه في
الرعايتين والحاوي الصغير قال الآمدي: إن قلنا
بوجوبها فتركها عمدا بطلت صلاته وإن كان سهوا
صحت ويسجد السهو.
فوائد.
الأولى : لو نوى بسلامه الخروج من الصلاة وعلى
الحفظة والإمام والمأموم جاز ولم يستحب على
الصحيح من المذهب نص عليه واختاره الآمدي
وقدمه في الفروع والزركشي والفائق قال في
التلخيص: لم تبطل على الأظهر.
وقيل: تبطل للتشريك وقيل: يستحب وقيل: يستحب
بالتسليمة الثانية.
الثانية : لو نوى بسلامه على الحفظة والإمام
والمأموم ولم ينو الخروج فالصحيح من المذهب
الجواز نص عليه قال في الفروع: والأشهر الجواز
وقدمه في المحرر والمذهب والمستوعب والفائق
والرعايتين والحاويين وشرح المجد.
وقيل: تبطل لتمحضه كلام آدمي اختاره ابن حامد
وعنه ينوي المأموم بسلامه الرد على إمامه قال
ابن رجب في شرح البخاري: ونص عليه أحمد في
رواية جماعة قال وهل هو مسنون أو مستحب أو
جائز فيه روايتان.
إحداهما : يسن وهو اختيار أبي حفص العكبري.
والثانية : الجواز وهو اختيار القاضي أبي يعلى
وغيره.
وقال في رواية ابن هانئ: إذا نوى بتسليمه الرد
على الإمام أجزأه قال وظاهر هذا أنه
(2/63)
واجب لأنه رد
سلام فيكون فرض كفاية إلا أن يقال: إن المسلم
في الصلاة لا يجب الرد عليه أو يقال: إنه يجوز
تأخير الرد إلى بعد السلام انتهى.
قال في الفروع والرعاية: وقيل: تبطل بترك
السلام على إمامه قال ابن تميم: وعنه لا يترك
السلام على الإمام في الصلاة.
وقال أبو حفص العكبري: السنة أن ينوي بالأولى
الخروج من الصلاة وبالثانية الرد على الإمام
والحفظة ومن يصلي معه إن كان في جماعة.
وقيل: عكسه قاله في الفروع.
قال ابن تميم بعد قول أبي حفص: وفيه وجه ينوي
كذلك إن قلنا الثانية سنة وإن قلنا: واجبة نوى
بالأولى الحفظة وبالثانية الخروج.
وقال الآمدي: لا يختلف أصحابنا أنه ينوي
بالأولى الخروج فقط وفي الثانية وجهان أحدهما
كذلك والثاني يستحب أن يضيف إلى ذلك نية
الحفظة ومن معه.
وقال صاحب الإيضاح: نية الخروج في الأولى إن
قلنا الثانية سنة وفي الثانية إن قلنا هي
واجبة وكذا قال في المبهج: وقال يستحب أن ينوي
الخروج في الثانية وقال بعض أصحابنا بل في
الأولة.
الثالثة : قال ابن تميم: لو رد سلامه الحاضرون
ولم ينو الخروج فقال ابن حامد تبطل صلاته وجها
واحدا وقال غيره فيه وجهان.
الرابعة : قال في الفروع: إن وجبت الثانية:
اعتبرت نية الخروج فيها واقتصر عليه وتقدم ما
يشهد لذلك.
وقال ابن رجب في شرح البخاري: والصحيح: أنه
ينوي الخروج بالأولى سرا إن قلنا يخرج بها من
الصلاة أو قلنا لا يخرج إلا بالثانية ومن
الأصحاب من قال إن قلنا: الثانية سنة نوى
بالأولى الخروج وإن قلنا الثانية فرض نوى
الخروج بالثانية خاصة.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإن كان في مغرب أو
رباعية نهض مكبرا إذا فرغ من التشهد الأول"
أنه لا يرفع يديه إذا نهض مكبرا وهو صحيح وهو
المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم.
وعنه يرفعهما اختاره المجد والشيخ تقي الدين
وصاحب الفائق وبن عبدوس في تذكرته قال في
الفروع: وهو أظهر.
قلت: وهو الصواب فإنه قد صح عنه عليه أفضل
الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه إذا قام من
التشهد الأول رواه البخاري وغيره وهو من
المفردات.
(2/64)
قوله : "إلا
أنه لا يجهر ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة".
لا يجهر في الثالثة والرابعة بلا نزاع ولا
يستحب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئا من
القرآن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وعنه يسن ذكرها القاضي في شرحه الصغير والقاضي
أبي الحسين في فروعه.
فعلى المذهب: لا تكره القراءة بعد الفاتحة بل
تباح على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
وغيره وصححه.
فائدة : النفل في الثالثة والرابعة كالفرض في
ظاهر كلام الأصحاب قاله في الفروع وقال أيضا
فيما إذا شفع المغرب برابعة في إعادتها يقرأ
بالحمد وسورة كالتطوع نقله أبو داود وقطع به
المجد في شرحه وغيره قال في مجمع البحرين: هذا
أقوى الروايتين وعنه يكره ولعله أولى.
قوله : "ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا يفرش
رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ويخرجهما عن
يمينه ويجعل أليتيه على الأرض".
يتورك في التشهد الثاني واختلف الأصحاب في
صفته فالصحيح من المذهب ما قاله المصنف هنا
جزم به في الفروع والمحرر والمذهب وغيرهم
واختاره أبو الخطاب وغيره وقدمه ابن تميم
وصاحب الشرح والرعاية والحاوي وغيرهم وقال
الخرقي: إذا جلس للتشهد الأخير تورك فنصب رجله
اليمنى وجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى
وجعل أليتيه على الأرض واختاره القاضي والمجد
في شرحه وصاحب الحاوي.
قال المصنف فأيهما فعل فحسن وقال في الرعاية
الكبرى وقيل يخرج قدمه الأيسر من تحت ساقه
الأيمن ويقعد على أليتيه أو يجعل فخذ رجله
اليمنى على باطن قدم رجله اليسرى ويقعد على
أليتيه وقيل أو يؤخر رجله اليسرى ويجلس متوركا
على شقه الأيسر أو يجعل قدمه اليسرى تحت فخذه
وساقه.
تنبيه : ظاهر قوله: "ثم يجلس في التشهد الثاني
متوركا" أنه سواء كان من رباعية أو ثلاثية وهو
صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير
منهم وعنه لا يتورك في المغرب.
فائدة : لو سجد للسهو بعد السلام من ثلاثية أو
رباعية تورك بلا خلاف أعلمه ونص عليه وإن كان
من ثنائية فهل يتورك أو يفترش فيه وجهان
وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعايتين
والحاويين.
أحدهما : يفترش وهو الصحيح قال المجد في شرحه:
هو ظاهر كلام الإمام أحمد قال وهو أصح قال في
مجمع البحرين: افترش في الأصح وقدمه في المغني
والشرح وشرح ابن رزين.
(2/65)
والوجه الثاني:
يتورك اختاره القاضي ويأتي ذلك أيضا في آخر
باب.
سجود السهو ويأتي أيضا تورك المسبوق في باب
صلاة الجماعة عند قوله: "وما أدرك مع الإمام
فهو آخر صلاته".
قوله : "والمرأة كالرجل في ذلك إلا أنها تجمع
نفسها في الركوع والسجود وكذا في بقية الصلاة
بلا نزاع وتجلس متربعة أو تسدل رجليها فتجعلها
في جانب يمينها".
فظاهر كلام المصنف وأكثر الأصحاب أنها مخيرة
بين السدل والتربع وقدمه في الحاويين
والرعايتين لكن قالا تجلس متربعة أو متوركة
والمنصوص عن الإمام أحمد أن السدل أفضل وجزم
به ابن تميم والمجد في شرحه ومجمع البحرين
وحكاه رواية في الرعايتين والحاويين واختاره
الخلال واقتصر عليه الزركشي وجزم في الوجيز
والمنور والمنتخب وغيرهم أنها تجلس متربعة.
وأما إسرارها بالقراءة فتقدم عند قوله: "ويجهر
الإمام بالقراءة في الصبح".
قوله : "وهل يسن لها رفع اليدين على روايتين".
وأطلقهما في الشرح والحاويين والمذهب وهما فيه
وجهان.
إحداهما : يسن لها رفع اليدين وهو المذهب قدمه
في الفروع والفائق وبن تميم.
الثانية : لا يسن جزم به في الوجيز والإفادات
والتسهيل واختاره القاضي وهو ظاهر الخرقي
والهداية وإدراك الغاية لعدم استثنائه.
وعنه ترفعهما قليلا اختاره أبو بكر وإليه ميل
المجد في شرحه فإنه قال هو أوسط الأقوال وعنه
يجوز وعنه يكره قال في المستوعب: وهل يسن لها
رفع اليدين توقف أحمد.
فائدة: الخنثى المشكل كالمرأة قاله ابن تميم
وبن حمدان في رعايته.
تنبيه : قوله: "ويكره الالتفات في الصلاة".
مقيد بما إذا لم يكن ثم حاجة فإن كان ثم حاجة
كما إذا اشتد الحرب ونحوه لم يكره ومقيد أيضا
بما إذا كان يسيرا فأما إن كان كثيرا مثل إن
استدار بجملته أو استدبرها فإن صلاته تبطل بلا
نزاع.
قلت: ويستثنى من عموم ذلك مسألة وهي ما إذا
استدار بجملته وكان داخل البيت الحرام فإنه
إذا فعل ذلك لم تبطل صلاته بلا نزاع فيعايي
بها.
وقد يستثنى أيضا ما إذا اختلف اجتهاده وهو في
الصلاة فإنه يستدير إلى جهة ما أداه اجتهاده
إليها لكن يمكن أن يقال هذه الجهة بقيت قبلته
فيما إذا استدار عن القبلة.
تنبيه : ظاهر قوله: "ويكره الالتفات في
الصلاة" أنه لو التفت بصدره مع وجهه أنها لا
(2/66)
تبطل وهو
المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم ابن عقيل
والمصنف وغيرهما وقدمه في الفروع وذكر جماعة
أنها تبطل وجزم به ابن تميم.
قوله : "ورفع بصره إلى السماء".
يعني يكره وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل: تبطل به وحده ذكره في الحاوي وغيره.
تنبيه : يستثنى من ذلك حالة التجشي فإنه يرفع
رأسه إلى السماء نص عليه في رواية مهنا وغيره
إذا تجشأ وهو في الصلاة ينبغي أن يرفع وجهه
إلى فوق لئلا يؤذي من حوله بالرائحة ونقل أبو
طالب إذا تجشأ وهو في الصلاة فليرفع رأسه إلى
السماء حتى يذهب الريح وإذا لم يرفع آذى من
حوله من ريحه.
قلت: فيعايى بها.
قوله : "والإقعاء في الجلوس".
يعني يكره وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وعنه سنة اختاره الخلال وعنه جائز.
تنبيه : الصحيح من المذهب: أن صفة الإقعاء ما
قاله المصنف وهو أن يفرش قدميه ويجلس على
عقبيه وجزم به في الفروع وغيره.
وقال في المستوعب: وغيره هو أن يقيم قدميه
ويجلس على عقبيه أو يجلس على أليتيه ويقيم
قدميه.
وقال في المحرر: وغيره هو أن يجلس على عقبيه
أو بينهما ناصبا قدميه.
قوله : "ويكره أن يصلي وهو حاقن".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يعيد مع
مدافعة أحد الأخبثين وعنه يعيد إن أزعجه وذكر
ابن أبي موسى أنه الأظهر من قوله: "وحكاها في
الرعاية قولا".
قال في النكت: ولم أجد أحدا صرح بكراهة صلاة
من طرأ عليه ذلك ولا من طرأ عليه التوقان إلى
الأكل في أثناء الصلاة واستدل لذلك بمسائل
فيها خلاف فخرج منها وجها بالكراهة.
فائدة : يكره أن يصلي مع ريح محتبسة على
الصحيح من المذهب.
وقال في المطلع: هي في معنى مدافعة أحد
الأخبثين فتجيء الروايات التي في المدافعة
هنا.
وذكر أبو المعالي كلام ابن أبي موسى في
المدافعة: أن الصلاة لا تصح قال: وكذا حكم
(2/67)
الجوع المفرط
والعطش المفرط واحتج بالأخبار قال في الفروع:
فتجيء الروايات قال: وهذا أظهر وكذا قال أبو
المعالي: يكره ما يمنعه من إتمام الصلاة
بخشوعها كحر وبرد وجزم به في الفروع في مكان
وقال في الروضة بعد ذكر أعذار الجمعة والجماعة
لأن من شرط صحة الصلاة أن يعي.
أفعالها ويعقلها وهذه الأشياء تمنع ذلك فإذا
زالت فعلها على كمال خشوعها وفعلها على كمال
خشوعها بعد فوت الجماعة أولى من فعلها مع
الجماعة بدون كمال خشوعها.
قوله : "أو بحضرة طعام تتوق نفسه إليه".
هكذا قال كثير من الأصحاب قال الزركشي: المنع
على سبيل الكراهة عند الأصحاب وقال في الفروع:
ويكره ابتداؤها تائقا إلى طعام وهو أولى قال
ابن نصر الله: وإن كان تائقا إلى شراب أو جماع
ما الحكم لم أجده والظاهر الكراهة انتهى.
قلت: "بل هما أولى بالكراهة".
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: وغيره أنه يبدأ
بالخلاء والأكل وإن فاتته الجماعة وهو كذلك.
قوله: "والتروح".
يعني يكره وهو مقيد بما إذا لم تكن حاجة فإن
كان ثم حاجة كغم شديد ونحوه جاز من غير كراهة
نص عليه وجزم به في الفروع وغيره وهو من
المفردات وقال في الرعاية ويكره تروحه وقيل:
يسيرا لغم أو حزن ولعله يعني لا يكره.
تنبيه مراده هنا بالتروح أن يروح على نفسه
بمروحة أو خرقة أو غير ذلك وأما مراوحته بين
رجليه فمستحبة زاد بعضهم إذا طال قيامه ويكره
كثرتها لأنه من فعل اليهود.
قوله : "وله رد المار بين يديه".
الصحيح من المذهب: أنه يستحب له رد المار بين
يديه سواء كان آدميا أو غيره وعليه الأصحاب
وتنقص صلاته إن لم يرده نص عليه وحمله.
القاضي وتابعه في الفائق وغيره على تركه قادرا
وعنه يجب رده والمراد إذا لم يغلبه وعنه يرده
في الفرض.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: أن له رده سواء كان
المار محتاجا إلى المرور أو لا وهو أحد
الوجهين وجزم به ابن الجوزي في المذهب.
والصحيح من المذهب: أنه لا يرده قطع به جماعة
منهم المجد في شرحه وبن حمدان في رعايته
الكبرى والفائق وقدمه في الفروع.
(2/68)
فوائد .
منها : يحرم المرور بين المصلي وسترته ولو كان
بعيدا عنها على الصحيح من المذهب قال في
النكت: قطع به جماعة منهم ابن رزين في شرحه
والكافي.
قال في تجريد العناية: ويحرم على الأصح وقدمه
في الفروع وقال القاضي وبن عقيل في الفصول
وصاحب الترغيب وغيرهم يكره وجزم به في
المستوعب والرعاية الكبرى.
ومنها يحرم عليه أيضا المرور بين يدي المصلي
قريبا من غير سترة على الصحيح من المذهب جزم
به في الكافي وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل يكره قدمه في الرعاية الكبرى.
ومنها : القرب هنا ثلاثة أذرع على الصحيح من
المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المجد في شرحه: هذا أقوى عندي وقدمه في
الفروع والرعاية الكبرى وتجريد العناية
والفائق وقيل العرف وقيل ماله المشي إليه لقتل
الحية على ما يأتي قريبا اختاره المصنف وغيره.
وقال في الرعاية الصغرى والحاويين: وإن مر
بقربه عن ثلاثة أذرع أو ماله المشي إليه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب:
أن مكة كغيرها في السترة والمرور وهو إحدى
الروايتين قال في النكت: قدمه غير واحد وقدمه
هو في حواشيه وقدمه في الرعاية الكبرى في
موضع.
والرواية الثانية: جواز المرور بين يديه في
مكة من غير سترة ولا كراهة وهو الصحيح من
المذهب: نص عليه وجزم به المجد في شرحه
والشارح وصاحب التلخيص والبلغة والإفادات
والرعاية الصغرى والحاويين ومجمع البحرين
والنظم وبن رزين واختاره المصنف وغيره وقدمه
ابن تميم وصاحب الفائق وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى: ومن مر بقربه دون
ثلاثة أذرع ولا سترة له أو مر دون سترته في
غير المسجد الحرام ومكة وقيل والحرم وقال في
موضع آخر وله رد المار أمامه دون سترته وقيل
يرده في غير المسجد الحرام ومكة وقيل والحرم
وقيل وفيهما انتهى.
وقال المصنف وتابعه الشارح وصاحب الفائق
وغيرهم: الحرم كمكة قال في النكت: ولم أعلم
أحدا من الأصحاب قال به
فائدة .
حيث قلنا له رد المار ورده فأبى فله دفعه فإن
أصر فله قتاله على الصحيح من المذهب
والروايتين وعنه ليس له قتاله.
ومتى خاف فساد صلاته لم يكرر دفعه ويضمنه إن
كرره على الصحيح من المذهب
(2/69)
والروايتين
فيهما وعنه له تكرار دفعه ولا يضمنه.
قوله : "وعد الآي والتسبيح".
له عد الآي بأصابعه على الصحيح من المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل
يكره ذكره الناظم.
وله عد التسبيح من غير كراهة على الصحيح من
المذهب قال أبو بكر: هو في معنى عد الآي قال
ابن أبي موسى: لا يكره في أصح الوجهين قال في
الرعاية الصغرى: له عد التسبيح في الأصح.
قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: لا
يكره عند أصحابنا واختاره بن عبدوس في تذكرته
وجزم به في الهداية والخلاصة والكافي والمحرر
والتلخيص والبلغة والإفادات والحاويين والمنور
والمنتخب وغيرهم وقدمه في المستوعب والنظم
والرعاية الكبرى.
والرواية الأخرى يكره قال الناظم: هو الأجود
وهو ظاهر كلامه في الوجيز لعدم ذكره في المباح
وقدمه في الفائق وبن تميم وقالا نص عليه وصححه
ابن نصر الله في حواشيه وهو ظاهر كلامه في
المغني وأطلقهما في الفروع والمذهب.
قال الشارح: قد توقف أحمد في ذلك قال ابن عقيل
لا يكره عد الآي وجها واحدا وفي كراهة عد
التسبيح وجهان.
قوله : "وله قتل الحية والعقرب والقملة".
بلا خلاف أعلمه بشرطه وله قتل القملة من غير
كراهة على الصحيح من المذهب وعنه يكره وعند
القاضي التغافل عنها أولى وعنه يصرها في ثوبه
وقال القاضي إن رمى بها جاز.
فائدة .
إذا قتل القملة في المسجد جاز دفنها من غير
كراهة في أحد الوجهين كالبصاق اختاره القاضي
وقيل يكره وقيل لا يجوز وأطلق الجواز وعدمه
صاحب الفروع وبن تميم وبن حمدان في الكبرى.
قلت: ويحتمل أن لا يجوز دفنها إن قيل بنجاسة
دمها ولهذا قال ابن عقيل.
في الفصول وغيره: أعماق المسجد كظاهره في وجوب
صيانته عن النجاسة ولعله مراد القول بعدم
الجواز.
قوله : "فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها عمدا
كان أو سهوا".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
كثير منهم وعنه لا يبطلها إلا إذا كان
(2/70)
عمدا اختاره
المجد لقصة ذي اليدين فإنه عليه افضل الصلاة
والسلام مشى وتكلم ودخل منزله وفي رواية ودخل
الحجرة ومع ذلك بنى على صلاته وقيل لا تبطل
بالعمل الكثير من الجاهل بالتحريم قال ابن
تميم: ومع الجهل بتحريمه لا تبطل قاله بعض
أصحابنا والأولى جعله كالناسي.
قوله : "إلا أن يفعله متفرقا".
يعني أنه لو فعل أفعالا متفرقة وكانت بحيث لو
جمعت متوالية لكانت كثيرة لم تبطل الصلاة بذلك
وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره
وقدمه في الفروع وغيره وقيل تبطل وأطلقهما ابن
تميم والفائق.
تنبيهان.
الأول: مراده بقوله: "فإن طال الفعل في الصلاة
أبطلها" إذا لم تكن ضرورة فإن كان ثم ضرورة
كحالة الخوف والهرب من عدو أو سيل أو سبع ونحو
ذلك لم تبطل بالعمل الكثير قاله الأصحاب وعد
في المذهب ومسبوك الذهب من الضرورة إذا كان به
حكة لا يصبر عنه ويأتي ذلك في كلام المصنف في
صلاة الخوف.
الثاني : يرجع في طول الفعل وقصره في الصلاة
إلى العرف فما عد في العرف كثيرا فهو كثير وما
عد في العرف يسيرا فهو يسير وهذا المذهب
اختاره القاضي وغيره وجزم به في الوجيز
والمذهب والنظم والمصنف في هذا الكتاب في باب
سجود السهو وقدمه في الفروع والفائق.
وقال في الفروع: ويتوجه أن يكون العرف عند
الفاعل.
وقيل: قدر الكثير ما خيل للناظر أنه ليس في
صلاة.
وقال ابن عقيل: الثلاث في حد الكثير قال في
الفائق: وهو ضعيف لنص أحمد فيمن رأى عقربا في
الصلاة: أنه يخطو إليها ويأخذ النعل ويقتلها
ويرد النعل إلى موضعها وهي أكثر من ثلاثة
أفعال وأطلقهن ابن تميم.
وقيل: اليسير كفعل أبي برزة حين مشى إلى
الدابة وقد انفلتت وما فوقه كثير.
(2/71)
فوائد.
الأولى: إشارة الأخرس كالعمل سواء فهمت أو لا
ذكره ابن الزاغوني وذكر أبو الخطاب معناه وقال
أبو الوفاء إشارته المفهومة كالكلام تبطل
الصلاة إلا برد السلام.
الثانية : عمل القلب لا يبطل الصلاة وإن طال
على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل: يبطل إن
طال اختاره ابن حامد وبن الجوزي قاله الشيخ
تقي الدين قال: وعلى الأول لا يثاب إلا على ما
عمله بقلبه.
الثالثة : لا تبطل الصلاة بإطالة النظر في
كتاب إذا قرأ بقلبه ولم ينطق بلسانه على
الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
قال المصنف وغيره: هذا المذهب وقد روي عن
الإمام أحمد أنه فعله وقيل تبطل قاله جماعة من
الأصحاب منهم ابن حامد وأطلقهما ابن تميم.
الرابعة : قال في الفروع: لا أثر لعمل غيره في
ظاهر كلامهم كصبي مص ثدي أمه ثلاثا فنزل
لبنها.
قوله: "ويكره تكرار الفاتحة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقيل تبطل وهو رواية في الفائق وغيره
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
قوله : "والجمع بين سور في الفرض".
يعني يكره وهذا إحدى الروايات عن أحمد نقلها
ابن منصور وجزم به في المذهب وقدمه في الهداية
والتلخيص.
وعنه لا يكره وهو المذهب رواه الجماعة عن
أحمد.
قال أبو حفص: العمل على ما رواه الجماعة لا
بأس وصححه القاضي وغيره وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والنظم وغيرهم.
قال الناظم عن الأول: وهو بعيد كتكرار سورة في
ركعتين وتفريق سورة في ركعتين نص عليهما مع
أنه لا يستحب الزيادة على سورة في ركعة ذكره
غير واحد واقتصر عليه في الفروع وأطلقهما في
الهادي والشارح والفائق وعنه تكره المداومة.
قوله : "ولا يكره في النفل".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقيل: يكره وهو غريب
بعيد.
قوله : "ولا يكره قراءة أواخر السور وأوساطها:
هذا المذهب نقله الجماعة وعليه الأصحاب وعنه
يكره مطلقا وعنه تكره المداومة وعنه يكره
أوساط السور دون أواخرها.
(2/72)
فوائد.
منها: لا يكره قراءة أوائل السور وقيل:
أواخرها أولى.
ومنها : يكره قراءة كل القرآن في فرض لعدم
نقله وللإطالة على الصحيح من المذهب وعنه لا
يكره.
ومنها : قال في الفروع: وظاهر كلامهم لا يكره
ملازمة سورة مع اعتقاد جواز غيرها قال: ويتوجه
احتمال وتخريج يعني بالكراهة لعدم نقله.
قلت: وهو الصواب.
قوله : "وله أن يفتح على الإمام أذا ارتج
عليه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يفتح
عليه إن طال وإلا فلا وعنه يفتح عليه في النفل
فقط وقال ابن عقيل إن كان في النفل جاز وإن
كان في الفرض جاز في الفاتحة ولم يجز في غيرها
قال في الفروع: وظاهر المسألة لا تبطل ولو فتح
بعد أخذه في قراءة غيرها.
تنبيهان.
الأول: عموم قوله: "وله أن يفتح على الإمام"
يشمل الفاتحة وغيرها وأنه لا يجب أما في غير
الفاتحة فلا يجب بلا خلاف أعلمه وأما في
الفاتحة فالصحيح من المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وجوب الفتح عليه وقيل لا يجب وهو ظاهر
كلام المصنف هنا.
الثاني : الألف واللام في قوله: "وله أن يفتح
على الإمام" للعهد أي إمامه فلا يفتح على غير
إمامه نص عليه سواء كان مصليا أو قارئا لكن لو
فتح عليه لم تبطل صلاته على الصحيح من المذهب
ويكره وعنه تبطل وصححه في المذهب وقيل تبطل
لتجرده للتفهيم اختاره القاضي وكذا إذا عطس
فحمد الله على ما يأتي قريبا لا تبطل وهو من
المفردات.
فائدة : لو ارتج على المصلي في الفاتحة وعجز
عن إتمامها فهو كالعاجز عن القيام في أثناء
الصلاة يأتي بما يقدر عليه ولا يعيد ذكره ابن
عقيل في الفصول.
قال في الفروع: ويؤخذ منه ولو كان إماما
والمذهب أنه يستخلف وعليه جماهير الأصحاب
ويأتي ذلك في صلاة الجماعة في إمام الحي
العاجز عن القيام.
تنبيهان.
الأول: قوله: "وإذا نابه شيء مثل سهو إمامه أو
استئذان إنسان عليه سبح إن كان رجلا".
بلا نزاع ولا يضر ولو كثر ويكره له التصفيق
وتبطل الصلاة به إن كثر.
(2/73)
الثاني : ظاهر
قوله: "وإن كانت امرأة صفحت ببطن كفها على ظهر
الأخرى" أن ذلك مستحب في حقها وهو صحيح لكن
محله أن لا يكثر فإن كثر بطلت الصلاة فلو سبحت
كالرجل كره نص عليه وقيل: لا يكره قال ابن
تميم: قاله بعض أصحابنا قال في الفروع: وظاهر
ذلك لا تبطل بتصفيقها على جهة اللعب قال:
ولعله غير مراد وتبطل به لمنافاته الصلاة.
فوائد.
منها: قال في الفروع: وفي كراهة التنبيه
بنحنحة روايتان وأطلقهما هو والمصنف في المغني
والشارح.
قلت: الصواب الكراهة ثم وجدت ابن نصر الله في
حواشي الفروع قال: أظهرهما يكره.
والثانية : لا يكره وقدمه ابن رزين قال: وهو
أظهر.
ومنها: لا يكره تنبيهه بقراءة وتكبير وتهليل
وتسبيح وقدمه في الفروع وبن تميم وقال: وعنه
تبطل بذلك إلا في تنبيه الإمام والمار بين
يديه قال في الفروع: إلا أنها لا تبطل بتنبيه
مار بين يديه.
ومنها: لو عطس فقال: "الحمد لله" أو لسعه شيء
فقال: "بسم الله" أو سمع أو رأى ما يغمه فقال:
"إنا لله وإنا إليه راجعون" أو رأى ما يعجبه
فقال: "سبحان الله" ونحوه كره ذلك على الصحيح
من المذهب وقيل: ترك الحمد للعاطس أولى نقل
أبو داود يحمد في نفسه ولا يحرك لسانه ونقل
صالح لا يعجبني رفع صوته بها انتهى.
ولا تبطل صلاته على الصحيح من المذهب نص عليه
في رواية الجماعة فيمن عطس فحمد الله ونقل ها
هنا فيمن قيل له في الصلاة "ولد لك غلام"
فقال: "الحمد لله" أو "احترق دكانك" فقال: "لا
إله إلا الله" أو ذهب كيسك فقال: "لا حول ولا
قوة إلا بالله" فقد مضت صلاته وقدمه في المغني
والشرح والفروع وبن تميم وصححه وعنه تبطل.
وكذا لو خاطب بشيء من القرآن مثل أن يستأذن
عليه فيقول: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} أو يقول
لمن اسمه يحيى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ}
ونحو ذلك خلافا ومذهبا وصحح الصحة ابن تميم
وغيره.
وقال القاضي: إن قصد بما تقدم من ذلك كله
الذكر فقط لم تبطل وإن قصد خطاب آدمي بطلت وإن
قصدهما فوجهان.
وقال القاضي في التعليق وغيره: ويتأتى الخلاف
أيضا في تحذير ضرير من وقوعه في بئر ونحوه
وتقدم إذا نبه غير الإمام.
قوله : "وإن بدره البصاق بصق في ثوبه".
يعني إذا كان في المسجد وبدره البصاق فلا يبصق
إلا في ثوبه وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم واختار المجد جوازه في
المسجد ودفنه فيه.
(2/74)
قوله : "وإن
كان في غير المسجد جاز أن يبصق عن يساره أو
تحت قدمه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والخلاصة
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق
وغيرهم بل أكثر الأصحاب.
فظاهره سواء كان قدمه اليمنى أو اليسرى وهو
الصحيح وقدمه في الفروع وقال جماعة من
الأصحاب: يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى
وجزم به في المستوعب والرعاية الكبرى والحاوي
الكبير.
تنبيهان.
الأول : قوله: "وإن كان في غير المسجد جاز أن
يبصق عن يساره أو تحت قدمه" قال في الرعاية
الكبرى والحاوي الكبير وغيرهما: لكن إن كان
يصلي ففي ثوبه أولى وهو ظاهر ما قدمه في
الفروع.
وقال المجد في شرحه: إن كان خارج المسجد جاز
الأمران وفي البقعة أولى لأن نظافة البدن
والثياب من المستقذرات الطاهرات مستحب ولم
يعارضه حرمة البقعة.
وقال في الوجيز: ويبصق في الصلاة والمسجد في
ثوبه وفي غيرهما عن يساره.
فظاهره أنه لا يبصق عن يساره إذا كان يصلي
خارج المسجد ولعله أراد أنه كالأولى كما قال
في الرعاية والحاوي: وإلا فلا أعلم له متابعا.
الثاني : مفهوم قوله: "جاز أن يبصق عن يساره
أو تحت قدمه" أنه لا يبصق عن يمينه ولا أمامه
وهو صحيح فإن المذهب لا يختلف أن ذلك مكروه.
قوله : "ويستحب أن يصلي إلى سترة مثل آخرة
الرحل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
أكثرهم وأطلق في الواضح الوجوب.
قوله : "مثل آخره الرحل".
قال الإمام أحمد والأصحاب: يكون طولها ذراعا
وعرضها لا حد له قال.
بن تميم وغيره وعنه مثل عظم الذراع وقال في
الرعايتين: وقيل: علو شبر زاد في الرعاية
الكبرى وقيل ثلاثة أصابع قال في الحاوي
الصغير: وهو علو شبر.
فائدتان.
الأولى: تكفي السترة سواء كانت من جدار قريب
أو سارية أو جماد غيره أو حربة أو شجرة نص
عليه أو عصا أو إنسان أو حيوان بهيم طاهر غير
وجهيهما ويكره إلى وجه آدمي نص عليه وفي
الرعاية أو حيوان غيره قال في الفروع: والأول
المذهب أو لبنة
(2/75)
ونحوها أو مخدة
أو شيء شاخص غير ذلك في الفضاء كبعير أو رحله
فإن تعذر ذلك فعصا ملقاة عرضا نص عليه أو سوط
أو سهم أو مصلاه الذي تحته أو خيط أو ما
اعتقده سترة فإن تعذر غرز العصي وضعها.
الثانية : عرض السترة أعجب إلى الإمام أحمد
قال في الرعاية وغيرها: يستحب ذلك ويستحب أيضا
أن ينحرف عنها يسيرا ويستحب أيضا القرب من
سترته بأن يكون بينه وبينها ثلاثة أذرع من
قدميه نص عليهما.
قوله : "فإن لم يجد خط خطا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يكره الخط.
فعلى المذهب: يكون مثل الهلال نص عليه وعليه
الأصحاب وقال غير واحد من الأصحاب: يكفي طولا.
فائدتان.
الأولى: السترة المغصوبة والنجسة في ذلك
كغيرهما قدمه في الرعاية الكبرى وقيل لا تفيد
شيئا وجزم ابن رزين في شرحه في المغصوبة.
قلت: الصواب أن النجسة ليست كالمغصوبة.
وأطلقهما في المغصوبة في الرعاية الصغرى
والمغني والشرح والحاويين والفروع وقال:
فالصلاة إليها كالقبر قال صاحب النظم: وعلى
قياسه سترة الذهب.
قال في الفروع: ويتوجه معها لو وضع المار سترة
ومر أو تستر بدابة جاز.
قال الشارح: أصل الوجهين إذا صلى في ثوب مغصوب
على ما تقدم قال في الكافي: الوجهان هنا بناء
على الصلاة في الثوب المغصوب.
قلت: فعلى هذا لا يكون ذلك سترة.
الثانية : سترة الإمام سترة لمن خلفه وسترة
المأموم لا تكفي أحدهما بل لا يستحب له سترة
وليست سترة له وذكر الأصحاب أن معنى ذلك إذا
مر ما يبطلها قال في الفروع: فظاهره أن هذا
فيما يبطلها خاصة وأن كلامهم في نهي الآدمي عن
المرور على ظاهره.
وقال صاحب النظم: لم أجد أحدا تعرض لجواز مرور
الإنسان بين يدي المأمومين فيحتمل جوازه
اعتبارا بسترة الإمام لهم حكما ويحتمل اختصاص
ذلك بعدم الإبطال لما فيه من المشقة على
الجميع.
قال في الفروع: ومراده عدم التصريح به وقال
احتجاجهم بقضية ابن عباس والبهيمة التي أرادت
أن تمر بين يديه عليه أفضل الصلاة والسلام
فدارءها حتى التصقت بالجدار فمرت من
(2/76)
ورائه مختلف
على وجهين والأول أظهر قال ابن نصر لله في
حواشي الفروع: صوابه الثاني أظهر لأنه محل
وفاق الشافعية أعني عموم سترة الإمام سترة لما
يبطلها ولغيره كمرور الآدمي ومنع.
المصلي المار انتهى وقال ابن تميم: من وجد
فرجة في الصف قام فيها إذا كانت بحذائه فإن
مشى إليها عرضا كره وعنه لا.
قوله : "وإن لم تكن سترة فمر بين يديه الكلب
الأسود البهيم بطلت صلاته".
لا أعلم فيه خلافا من حيث الجملة وهو من
المفردات وتقدم قريبا جملة من أحكام المرور
عند قوله: "وله رد المار".
فائدتان.
الأولى: الأسود البهيم هو الذي لا لون فيه سوى
السواد على الصحيح من المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وقال في الفروع في باب الصيد هو ما لا
بياض فيه نص عليه وقيل: لا لون فيه غير السواد
انتهى.
وعنه إن كان بين عينيه بياض لم يخرج بذلك عن
كونه بهيما وتبطل الصلاة بمروره اختاره المجد
في شرحه وصححه ابن تميم.
قال في المغني والشرح: لو كان بين عينيه
نكتتان يخالفان لونه لم يخرج بهما عن اسم
البهيم وأحكامه وأطلقهما في الفائق ويأتي ذلك
في باب الصيد أيضا.
الثانية : البهيم في اللغة هو الذي لا يخالط
لونه لون آخر ولا يختص ذلك بالسواد قاله
الجوهري وغيره.
قوله : "وفي المرأة والحمار روايتان".
وأطلقهما في الهداية وخصال ابن البنا والمذهب
ومسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص والبلغة
والمحرر والشرح والنظم والحاويين والرعايتين
والفائق والفروع ونهاية ابن رزين.
إحداهما : لا تبطل وهي المذهب نقلها الجماعة
عن الإمام أحمد وجزم به في الخرقي والمبهج
والوجيز والإفادات والمنور والمنتخب قال في
المغني.
هي المشهورة قال في الكافي: هذا المشهور قال
الزركشي: هي أشهرهما واختاره ابن عبدوس في
تذكرته وصححه
(2/77)
في التصحيح
ونظم نهاية ابن رزين قال في الفصول: لا تبطل
في أصح الروايتين وقدمه في المغني والكافي
وإدراك الغاية.
والرواية الثانية: تبطل اختارها المجد ورجحه
الشارح وقدمه في المستوعب وبن تميم وحواشي ابن
مفلح وجزم به ناظم المفردات وهو منها واختاره
الشيخ تقي الدين وقال هو مذهب أحمد.
تنبيه : مراده بالحمار الحمار الأهلي وهو
الصحيح وعليه أكثر الأصحاب وفي حمار الوحش
وجه: أنه كالحمار الأهلي ذكره أبو البقاء في
شرح الهداية وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقال في النكت: اسم الحمار إذا أطلق إنما
ينصرف إلى المعهود المألوف في الاستعمال وهو
الأهلي هذا هو الظاهر ومن صرح به من الأصحاب
فالظاهر أنه صرح بمراد غيره فليست المسألة على
قولين كما يوهم كلامه في الرعاية انتهى.
قلت: وليس الأمر كما قال: فقد ذكر أبو البقاء
في شرحه وجها بذلك كما تقدم وذكره العلامة ابن
رجب في قاعدة تخصيص العموم بالعرف قال:
وللمسألة نظائر كثيرة مثل ما لو حلف لا يأكل
لحم بقر فهل يحنث بأكل لحم بقر الوحش على
وجهين ذكرهما في الترغيب وكذا لو حلف لا يركب
حمارا فركب حمارا وحشيا هل يحنث أم لا على
وجهين وكذا وجوب الزكاة في بقر الوحش وما
أشبهه انتهى فالوجه له وجه حسن.
فوائد.
الأولى: قال في النكت: ظاهر كلام الأصحاب أن
الصغيرة التي لا يصدق عليها أنها امرأة لا
تبطل الصلاة بمرورها وهو ظاهر الأخبار قال:
وقد يقال تشبه خلوة الصغيرة بالماء هل يلحق
بخلوة المرأة على وجهين انتهى.
قلت: المذهب أنه لا تأثير لخلوتها على ما مر.
وقال في الفروع: كلامهم في الصغيرة يحتمل
وجهين.
الثانية : حكم مرور الشيطان بين يدي المصلي
حكم مرور المرأة والحمار قاله أكثر الأصحاب
وحكى ابن حامد فيه وجهين.
الثالثة : ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب
أن الصلاة لا تبطل بمرور غير من تقدم ذكره وهو
صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكى القاضي في
شرح المذهب رواية أن السنور الأسود في قطع
الصلاة كالكلب الأسود.
الرابعة : حيث قلنا تبطل الصلاة بالمرور فلا
تبطل بالوقوف قدامه ولا الجلوس على الصحيح من
المذهب قال في الفروع والفائق: وليس وقوفه
كمروره على الأصح كما لا يكره إلى بعير وظهر
ورحل ونحوه ذكره المجد واختاره الشيخ تقي
الدين وصححه المجد في شرحه.
(2/78)
وعنه تبطل وهما
وجهان عند الأكثر وأطلقهما في المغني والكافي
والشرح والتلخيص والبلغة وبن تميم والرعايتين
والحاويين والزركشي.
الخامسة : لا فرق في المرور بين النفل والفرض
والجنازة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وعنه لا يضر المرور إذا كان في النفل ذكرها في
التمام ومن بعده وعنه لا يضر إذا كان في نفل
أو جنازة.
السادسة : يجب رد الكافر المعصوم دمه عن بئر
إذا كان يصلي على أصح الوجهين كرد مسلم عن ذلك
فيقطع الصلاة ثم يستأنفها على الصحيح من
المذهب وقيل: يتمها وقيل: لا يجب رد الكافر
اختاره ابن أبي موسى وتقدم ما قاله في التعليق
من حكاية الخلاف في عدم بطلان صلاة من حذر
ضريرا قبيل قوله: "وإن بدره البصاق" وكذا يجوز
له قطع الصلاة إذا هرب منه غريمه نقل حبيش
يخرج في طلبه وكذا إنقاذ غريق ونحوه على
الصحيح من.
المذهب وقيل نفلا فلو أبى قطعها صحت ذكره
الأصحاب في الدار المغصوبة.
السابعة : لو دعاه النبي صلى الله عليه وسلم
وجب عليه إجابته في الفرض والنفل بلا نزاع لكن
هل تبطل الأظهر البطلان قاله ابن نصر الله ولا
يجيب والديه في الفرض قولا واحدا ولا في النفل
إن لزم بالشروع وإن لم يلزم بالشروع كما هو
المذهب أجابهما.
ونقل المروذي أجب أمك ولا تجب أباك وهل ذلك
وجوبا أو استحبابا لم يذكره الأصحاب قال ابن
نصر الله في حواشي الفروع: الأظهر الوجوب.
قلت: الصواب عدم الوجوب.
أو ينظر إلى قرينة الحال وهو ظاهر كلام
الأصحاب في الجهاد حيث قالوا لا طاعة لهما في
ترك فريضة وكذا حكم الصوم لو دعواه أو أحدهما
إلى الفطر.
قوله : "ويجوز له النظر في المصحف".
يعني القراءة فيه وهذا المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يجوز له ذلك في النفل وعنه يجوز لغير
حافظ فقط وعنه فعل ذلك يبطل الفرض وقيل:
والنفل وتقدم إذا نظر في كتاب وأطال بعد قوله:
"إلا أن يفعله متفرقا".
قوله : "وإذا مرت به آية رحمة أن يسألها أو
آية عذاب أن يستعيذ منها".
هذا المذهب يعني يجوز له ذلك [وعليه الأصحاب
ونص عليه وعنه يستحب قال في الفروع: وظاهره
لكل مصل وقيل السؤال والاستعاذة هنا إعادة
قراءتها] اختاره أبو بكر الدينوري وبن الجوزي.
قال في الرعاية الكبرى والحاوي وفيه ضعف قال
ابن تميم: وليس بشيء وتابعوا في ذلك المجد في
شرحه فإنه قال: هذا وهم من قائله.
(2/79)
وعنه يكره في
الفرض وذكر ابن عقيل في جوازه في الفرض
روايتين وعنه يفعله وحده.
وقيل يكره فيما يجهر فيه من الفرض دون غيره.
ونقل الفضل لا بأس أن يقوله مأموم ويخفض صوته
وقال أحمد إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ
عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} في صلاة
وغيرها قال "سبحانك فبلى" في فرض ونفل.
وقال ابن عقيل: لا يقوله فيها وقال أيضا: لا
يجيب المؤذن في نفل قال: وكذا إن قرأ في نفل
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ }
فقال "بلى" لا يفعل.
وقيل لأحمد: إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ
بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} هل
يقول "سبحان ربي الأعلى" قال: إن شاء قال في
نفسه ولا يجهر به.
فوائد.
إحداها: لو قرأ آية فيها ذكر النبي صلى الله
عليه وسلم فإن كان في نفل فقط صلى عليه نص
عليه وهذا المذهب جزم به ابن تميم وقدمه في
الفروع وقال وأطلقه بعضهم.
قال ابن القيم في كتابه الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم : المنصوص أنه يصلي عليه في
النفل فقط.
وقال في الرعاية الكبرى والحاوي: وإن قرأ آية
فيها ذكره صلوات الله وسلامه عليه جاز له
الصلاة عليه ولم يقيداه بنافلة قال ابن القيم:
هو قول أصحابنا.
الثانية : له رد السلام من إشارة من غير كراهة
على الصحيح من المذهب وعنه يكره في الفرض وعنه
يجب ولا يرده في نفسه بل يستحب الرد بعد فراغه
منها.
الثالثة : له أن يسلم على المصلي من غير كراهة
على الصحيح من المذهب وعنه يكره.
قلت: وهو الصواب.
وقاسه ابن عقيل على المشغول بمعاش أو حساب قال
في الفروع: كذا قال وقال: ويتوجه أنه إن تأذى
به كره وإلا لم يكره وعنه يكره في الفرض وقيل
لا يكره إن عرف المصلي كيفية الرد به وإلا
كره.
قوله : "أركان الصلاة اثنا عشر القيام".
محل ذلك إذا كانت الصلاة فرضا وكان قادرا عليه
وتقدم الحكم لو كان عريانا أو لم يجد إلا ما
يستر عورته أو منكبيه فلو كان نفلا لم يجب
القيام مطلقا وقيل يجب في الوتر.
قال في الرعاية قلت: إن وجب وإلا فلا وأطلقهما
ابن تميم.
تنبيه : عد الأصحاب القيام من الأركان وقال
ابن نصر الله في حواشي الفروع في عد القيام من
الأركان نظر لأنه يشترط تقدمه على التكبير فهو
أولى من النية بكونه شرطا انتهى.
(2/80)
قلت: الذي يظهر
قول الأصحاب لأن الشروط هي التي يؤتى بها قبل
الدخول في الصلاة وتستصحب إلى آخرها والركن
يفرغ منه وينتقل إلى غيره والقيام كذلك.
فوائد .
إحداها : قال أبو المعالي وغيره: حد القيام ما
لم يصر راكعا قال القاضي في الخلاف وأبو
الخطاب في الانتصار: حده الانتصاب قدر
التحريمة فقد أدرك المسبوق فرض القيام ولا
يضره ميل رأسه.
الثانية : لو قام على رجل واحدة فظاهر كلام
أكثر الأصحاب الإجزاء قاله في الفروع وهو ظاهر
كلام المصنف ونقل خطاب ابن بشر عن أحمد لا
أدري وقال ابن الجوزي لا يجزئه قال في النكت:
قطع به ابن الجوزي.
وغيره وتقدم لو أتى بتكبيرة الإحرام أو ببعضها
راكعا عند قوله: "ثم يقول الله أكبر لا يجزئه
غيرها".
الثالثة : قوله: "وتكبيرة الإحرام" بلا نزاع
وليست بشرط بل هي من الصلاة نص عليه ولهذا
يعتبر لها شروطها.
قوله : "وقراءة الفاتحة".
الصحيح من المذهب: أن قراءة الفاتحة ركن في كل
ركعة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
وعنه ركن في الأوليين وعنه ليست ركنا مطلقا
ويجزئه آية من غيرها قال في الفروع: وظاهره
ولو قصرت ولو كانت كلمة وأن الفاتحة سنة.
وأطلق في المستوعب الروايتين في تعيين
الفاتحة.
واختار الشيخ تقي الدين أنها لا تجب في
الجنازة بل تستحب.
وذكر الحلواني رواية لا يكفي إلا سبع آيات من
غيرها.
وعنه ما تيسر وعنه لا تجب قراءة في الأوليين
والفجر وعنه إن نسيها فيهما قرأها في الثالثة
والرابعة مرتين وسجد للسهو زاد عبد الله في
هذه الرواية وإن ترك القراءة في ثلاث ثم ذكر
في الرابعة فسدت صلاته واستأنفها.
وذكر ابن عقيل إن نسيها في ركعة أتى بها فيما
بعدها مرتين ويعتد بها ويسجد للسهو قال في
الفنون: وقد أشار إليه أحمد.
فائدتان.
إحداهما: تجب الفاتحة على الإمام والمنفرد
وكذا على المأموم لكن الإمام يتحملها عنه هذا
المعنى في كلام القاضي وغيره واقتصر عليه في
الفروع.
وقيل: تجب القراءة على المأموم في الظهر
والعصر حيث تجب فيهما على الإمام والمنفرد
ذكره في الرعاية.
(2/81)
الثانية :
قوله: "والطمأنينة في هذه الأفعال".
بلا نزاع وحدها حصول السكون وإن قل على الصحيح
من المذهب جزم به في النظم وقدمه في الفروع
وبن تميم والرعاية والفائق ومجمع البحرين.
قال في الرعاية: فإن نقص عنه فاحتمالان.
وقيل: هي بقدر الذكر الواجب قال المجد في شرحه
وتبعه في الحاوي الكبير: وهو الأقوى وجزم به
في المذهب والحاوي الصغير.
وفائدة الوجهين: إذا نسي التسبيح في ركوعه أو
سجوده أو التحميد في اعتداله أو سؤال المغفرة
في جلوسه أو عجز عنه لعجمه أو خرس أو تعمد
تركه وقلنا هو سنة واطمأن قدرا لا يتسع له
فصلاته صحيحة على الوجه الأول ولا تصح على
الثاني.
وقيل: هي بقدر ظنه أن مأمومه أتى بما يلزمه.
قوله : "والتشهد الأخير والجلوس له".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنهما واجبان
قال في الرعاية: وهو غريب بعيد وقال أيضا
وقيل: التشهد الأخير واجب والجلوس له ركن وهو
غريب بعيد.
وقال أبو الحسين: لا يختلف قوله أن الجلوس فرض
واختلف قوله في الذكر فيه وعنه أنهما سنة وعنه
التشهد الأخير فقط سنة.
فائدتان.
إحداهما: حيث قلنا بالوجوب فيجزئ بعد التشهد
الأول قوله: "اللهم صل على محمد" فقط على
الصحيح من المذهب اختاره المصنف والمجد
والقاضي وغيرهم قال في الفروع: وتجزئ الصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم : في الأصح.
قال ابن تميم: هذا أصح الوجهين قال الزركشي:
واختاره القاضي وجزم به في الوجيز.
وقيل: الواجب الجميع إلى قوله: "إنك حميد
مجيد" الأخيرتان اختاره ابن حامد قال أبو
الخطاب في الهداية وصاحب المستوعب ومجمع
البحرين: والمجزئ التشهد والصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم إلى "حميد مجيد" على
الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلامه في المذهب
والتخليص.
قال في الكافي وقال بعض أصحابنا: وتجب الصلاة
على هذه الصفة يعني حديث كعب بن عجرة ويأتي
قريبا مقدار الواجب من التشهد الأول.
(2/82)
الثانية : قال
ابن عقيل في الفنون: كان يلزم النبي صلى الله
عليه وسلم أن يقول في التشهد "وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد
كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك
حميد مجيد" والشهادتان في الأذان وقال ابن
حمدان في الرعاية يحتمل لزوم ذلك وجهين.
قوله : "والتسليمة الأولى".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنها واجبة
ذكرها في الرعاية الكبرى.
قوله : "والترتيب".
اعلم أن جمهور الأصحاب عد الترتيب من الأركان.
وقال المجد في شرحه وتابعه في مجمع البحرين
والحاوي الكبير: الترتيب صفة معتبرة للأركان
لا تقوم إلا به ولا يلزم من ذلك أن يكون ركنا
زائد كما أن الفاتحة ركن وترتيبها معتبر ولا
يعد ركنا آخر والتشهد كذلك وكذا.
السجود ركن ويعتبر أن يكون على الأعضاء السبعة
ولا يجعل ذلك ركنا إلى نظائر ذلك انتهى.
قال الزركشي: بعضهم يعد الترتيب ركنا وبعضهم
يقول هو مقوم للأركان لا تقوم إلا به انتهى.
قال في مجمع البحرين: لكن يلزم أن لا تعد
الطمأنينة ركنا لأنها أيضا صفة الركن وهيئته
فيه انتهى.
قلت: لعل الخلاف لفظي إذ لا يظهر له فائدة.
قوله : "وواجباتها تسعة التكبيرة غير تكبيرة
الإحرام والتسميع والتحميد في الرفع من الركوع
والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أن ذلك ركن
وعنه سنة وعنه التكبير ركن إلا في حق المأموم
فواجب ذكره الزركشي وغيره.
قوله : "وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة".
يعني أنه واجب وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه
ركن وعنه سنة وإن قلنا التسميع والتحميد
ونحوهما واجب ذكره في الفروع ونبه عليه ابن
نصر الله في حواشي الفروع وقال جماعة: يجزئ
"اللهم اغفر لي".
قوله : "والتشهد الأول والجلوس له".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه ركن وعنه سنة.
(2/83)
فائدة : الصحيح
من المذهب: أن الواجب المجزئ من التشهد الأول
"التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله
سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" جزم به
في الوجيز وقدمه ابن تميم قال الزركشي: اختاره
القاضي والشيخان.
وزاد بعض الأصحاب والصلوات وزاد ابن تميم
وحواشي صاحب الفروع وبركاته وزاد بعضهم
والطيبات وذكر المصنف والشارح السلام معرفا
وهو قول في الرعاية وذكر ابن منجا في الأول
وأطلقهما في المغني.
وقال في الرعاية الكبرى: إن أسقط "أشهد"
الثانية ففي الإجزاء وجهان والمنصوص الإجزاء.
وقال القاضي أبو الحسين في التمام: إذا خالف
الترتيب في ألفاظ التشهد فهل يجزيه على وجهين
وقيل الواجب جميع ما ذكره المصنف في التشهد
الأول وهو تشهد ابن مسعود وهو الذي في التلخيص
وغيره.
قال ابن حامد: رأيت جماعة من أصحابنا يقولون
لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصلاة قال الزركشي:
هذا قول جماعة منهم ابن حامد وغيره.
قال في الفروع بعد حكاية تشهد ابن مسعود وقيل
لا يجزئ غيره وقيل متى أخل بلفظة ساقطة في
غيره أجزأ انتهى.
وفيه وجه لا يجزئ من التشهد ما لم يرفع إلى
النبي صلى الله عليه وسلم ذكره ابن تميم.
وتقدم قريبا قدر الواجب من الصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير وما تقدم
من الواجب من مفردات المذهب.
قوله : "والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
في موضعها".
يعني أنها واجبة في التشهد الأخير وهو إحدى
الروايات عن الإمام أحمد جزم به في العمدة
والهادي والوجيز واختارها الخرقي والمجد في
شرحه وبن عبدوس في تذكرته وصححها في النظم
والحاوي الكبير.
قال في المغني" هذا ظاهر المذهب وقدمه في
الفائق.
وعنه أنها ركن وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في المذهب: ومسبوك الذهب ركن في أصح
الروايتين قال في البلغة: هي ركن في أصح
الروايات.
قال في إدراك الغاية: ركن في الأصح قال في
مجمع البحرين: هذه أظهر الروايات قال في
الفروع: ركن على الأشهر عنه اختاره الأكثر
وجزم به في الهداية والمذهب الأحمد
(2/84)
والخلاصة
والمنور وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين
والحاويين واختاره ابن الزاغوني والآمدي
وغيرهما.
وعنه أنها سنة اختارها أبو بكر عبد العزيز
كخارج الصلاة ونقل أبو زرعة رجوعه عن هذه
الرواية وأطلقهن في المستوعب والتلخيص.
وتقدم هل تجب الصلاة عليه صلوات الله وسلامه
عليه أو تستحب خارج الصلاة عند قوله: "وإن شاء
قال كما صليت على إبراهيم".
قوله : "والتسليمة الثانية في رواية".
وكذا قال في الهادي والمذهب الأحمد وهذه إحدى
الروايات مطلقا جزم بها في الإفادات والتسهيل
قال القاضي: وهي أصح.
وقال في الجامع الصغير: وهما واجبان لا يخرج
من الصلاة بغيرهما وصححها ناظم المفردات وهو
منها وقدمها في الفائق.
والرواية الثانية: أنها ركن مطلقا كالأولى جزم
به في المنور والهداية في عد الأركان وقدمه في
التلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والنظم
والزركشي وإدراك الغاية قال في المذهب: ركن في
أصح الروايتين وصححها في الحواشي واختاره أبو
بكر والقاضي والأكثرون كذا قاله الزركشي مع أن
ما قاله في الجامع الصغير يحتمله وهي من
المفردات.
وعنه أنها سنة جزم به في العمدة والوجيز
واختارها المصنف والشارح وبن عبدوس وقدمه ابن
رزين في شرحه.
قلت: وهو قول أكثر أهل العلم: وحكاه ابن
المنذر إجماعا فقال أجمع كل من نحفظ عنه من
أهل العلم على أن صلاة من اقتصر على تسليمة
واحدة جائزة وتبعه ابن رزين في شرحه.
قلت: هذا مبالغة منه وليس بإجماع.
قال العلامة ابن القيم: وهذه عادته إذا رأى
قول أكثر أهل العلم حكاه إجماعا.
وعنه هي سنة في النفل دون الفرض وجزم في
المحرر والزركشي أنها لا تجب في النفل وقدم
أبو الخطاب في رؤوس مسائله أنها واجبة في
المكتوبة.
وقال القاضي: التسليمة الثانية سنة في الجنازة
والنافلة رواية واحدة وأطلقهن في الفروع وأطلق
الروايتين هل هي سنة أم لا في الهداية
والمستوعب والخلاصة.
قال في المحرر وفي وجوبها في الفرض روايتان.
قال في مسبوك الذهب وفي التسليمة الثانية
روايتان.
(2/85)
فوائد.
الأولى: السلام من نفس الصلاة قاله الأصحاب
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قال في الفروع:
وظاهره التسليمة الثانية.
وقال القاضي في التعليق: فيها روايتان إحداهما
هي منها والثانية لا لأنها لا تصادف جزءا منها
قال في الفروع: كذا قال.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن الخشوع في
الصلاة سنة قاله المصنف وغيره وقدمه في الفروع
وغيره ومعناه في التعليق وغيره.
وقال الشيخ تقي الدين: إذا غلب الوسواس على
أكثر الصلاة لا يبطلها ويسقط الفرض.
وقال أبو المعالي: وغيره هو واجب قال في
الفروع: ومراده والله أعلم.
في بعضها وقال ابن حامد وبن الجوزي تبطل صلاة
من غلب الوسواس على أكثر صلاته وتقدم نظير ذلك
قبيل قوله : "ويكره تكرار الفاتحة".
الثالثة : ألحق في الرعايتين والحاويين: الجهل
بالسهو في ترك الأركان والواجبات والسنن وفي
الكافي ما يدل عليه فإنه قال في الفصل الثالث
من باب شرائط الصلاة فيما إذا علم بالنجاسة ثم
أنسبها فيه روايتان كما لو جهلها لأن ما يعذر
فيه بالجهل يعذر فيه بالنسيان كواجبات الصلاة.
الرابعة : يستثنى من قوله: "من ترك منها شيئا
بطلت صلاته" تكبيرة الركوع لمن أدرك الإمام
راكعا فإن تكبيرة الإحرام تجزئه ولا يضره ترك
تكبيرة الركوع كما جزم به المصنف في صلاة
الجماعة وهو المنصوص عن الإمام أحمد في مواضع
وسيأتي هناك.
قلت: فيعايى بها.
ولو قيل: إنها غير واجبة والحالة هذه لكان
سديدا كوجوب الفاتحة على المأموم وسقوطها عنه
بتحمل الإمام لها عنه أو يقال هنا سقطت من غير
تحمل ولعله مرادهم والله أعلم.
قوله : "وسنن الأقوال اثنا عشر الاستفتاح
والتعوذ".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وعنه أنهما واجبان اختاره ابن بطة وعنه
التعوذ وحده واجب وعنه يجب التعوذ في كل ركعة.
قوله : "وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم".
تقدم الخلاف فيها هل هي من الفاتحة أم لا
مستوفى في أول الباب.
قوله : "وقول آمين".
(2/86)
يعني أن قولها
سنة وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه واجب قال
في.
رواية إسحاق بن إبراهيم: آمين. أمر من النبي
صلى الله عليه وسلم وهو آكد من الفعل ويجوز
فيها القصر والمد وهو أولى ويحرم تشديد الميم.
قوله : "وقراءة السورة".
الصحيح من المذهب: أن قراءة السورة بعد
الفاتحة في الركعتين الأوليين سنة وعليه
الأصحاب وعنه يجب قراءة شيء بعدها وهي من
المفردات قال في الفروع: وظاهره ولو بعض آية
لظاهر الخبر فعلى المذهب يكره الاقتصار على
الفاتحة.
فائدة .
يبتدئ السورة التي يقرؤها بعد الفاتحة
بالبسملة نص عليه زاد بعض الأصحاب سرا قال
الشارح الخلاف: في الجهر هنا كالخلاف في أول
الفاتحة.
قوله : "والجهر والإخفات".
هذا المذهب المعمول عليه وعليه جماهير الأصحاب
وقيل هما واجبان وقيل الإخفات وحده واجب.
ونقل أبو داود إذا خافت فيما يجهر فيه حتى فرغ
من الفاتحة ثم ذكر يبتدئ الفاتحة فيجهر ويسجد
للسهو.
وتقدم ذلك عند قوله: ويجهر الإمام بالقراءة
وتقدم هناك من يشرع له الجهر والإخفات مستوفى.
تنبيه : في عد المصنف الجهر والإخفات من سنن
الأقوال نظر فإنهما فيما يظهر من سنن الأفعال
لأنهما هيئة للقول لا أنهما قول مع أنه عدهما
أيضا من سنن الأقوال في الكافي.
تنبيه : وقوله: "ملء السماء بعد التحميد".
يعني في حق من شرع له قول ذلك على ما تقدم
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه واجب إلى
آخره.
قوله : "والتعوذ في التشهد الأخير".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه واجب
ذكرها القاضي وقال ابن بطة: من ترك من الدعاء
المشروع شيئا مما يقصد به الثناء على الله
تعالى أعاد وعنه من ترك شيئا من الدعاء عمدا
أعاد.
وتقدم ذلك عند قوله: "ويستحب أن يتعوذ".
(2/87)
قوله :
"والقنوت في الوتر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع أكثرهم به وقال
ابن شهاب سنة في ظاهر المذهب.
فائدة .
قوله : "فهذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها ولا
يجب السجود لها".
لا يختلف المذهب في ذلك لأنه بدل عنها قاله
المجد وغيره.
قوله : "وهل يشرع على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والحاوي والكافي والتلخيص والبلغة والمحرر
وشرح المجد والخلاصة وشرح ابن منجا والفروع
والفائق والمذهب الأحمد والحاويين في سجود
السهو.
إحداهما : يشرع له السجود وهو المذهب وصححه في
التصحيح وجزم به في المنور والمنتخب وقدمه ابن
تميم والرعايتين وإليه ميله في مجمع البحرين.
والرواية الثانية : لا يشرع قال في الإفادات:
لا يسجد لسهوه وهو ظاهر ما قدمه في النظم
وإدراك الغاية وتجريد العناية فإنهم قالوا سن
في رواية وقدمه ابن رزين في شرحه والحاوي
الكبير في آخر صفة الصلاة قال الزركشي: الأولى
تركه.
قوله : "وما سوى هذا من سنن الأفعال لا تبطل
الصلاة بتركه بلا نزاع ولا يشرع السجود له".
وهذه طريقة المصنف وجزم بها في المغني
والكافي.
قال الشارح والناظم: ترك السجود هنا أولى
وقدمه في الفائق وقاله القاضي في شرح المذهب
وهو الصحيح من المذهب.
والذي عليه أكثر الأصحاب أن الروايتين في سنن
الأفعال أيضا وأنهما في سنن الأقوال والأفعال
مخرجتان من كلام الإمام أحمد وصرح بذلك أبو
الخطاب في الهداية وغيره.
قال المجد في شرحه: وقد نص الإمام أحمد في
رواية ابن منصور أنه قال: إن سجد فلا بأس وإن
لم يسجد فليس عليه شيء وقال في رواية صالح
"يسجد لذلك وما يضره إن سجد".
فائدتان.
إحداهما: حيث قلنا لا يسجد في سنن الأفعال
والأقوال لو خالف وفعل فلا بأس نص عليه قاله
في الفروع وجزم به في شرح المجد ومجمع البحرين
وقال ابن تميم وابن
(2/88)
حمدان تبطل
صلاته نص عليه.
قلت: قد ذكر الأصحاب أنه لا يسجد لتلاوة غير
أمامه فإن فعل فذكروا في بطلان صلاته وجهين.
وقالوا: إذا قلنا سجدة ص سجد شكر لا يسجد لها
في الصلاة فإن خالف وفعل فالمذهب تبطل وقيل لا
تبطل فليس يبعد أن يخرج هنا مثل ذلك.
الثانية : عد المصنف في الكافي سنن الأفعال
اثنين وعشرين سنة وذكر في الهداية أن الهيئات
خمسة وعشرون وذكرها في المستوعب خمسة وأربعين
هيئة وقال في الرعاية الكبرى: هي خمسة وأربعون
في الأشهر وقالوا سميت هيئة لأنها صفة في
غيرها.
قال في الرعاية: فكل صورة أو صفة لفعل أو قول
فهي هيئة.
قال في الخلاصة: والهيئات هي صور الأفعال
وحالاتها فمرادهم بذلك سنن الأفعال.
[وقد عدها في المستوعب والمذهب وغيرهما وهي
تشمل سنن الأفعال وغيرها وقد تكون ركنا
كالطمأنينة ذكره في الرعاية وعد فيها أن من
الهيئات الجهر والإخفات وعدهما المصنف في سنن
الأقوال كما تقدم]
(2/89)
باب سجود السهو
قوله : "ولا يشرع في العمد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وبنى الحلواني سجوده
لترك سنة على كفارة قتل العمد قال في الرعاية
وقيل: يسجد لعمد مع صحة صلاته.
تنبيهات.
أحدها: يستثنى من قوله: "ويشرع للسهو في زيادة
ونقص وشك للنافلة والفرض" سوى صلاة الجنازة
وسجود التلاوة فلا يسجد للسهو فيهما قاله
الأصحاب زاد ابن تميم وبن حمدان وغيرهما وسجود
الشكر وكذا لا يسجد إذا سها في سجدتي السهو نص
عليه وكذا إذا سها بعدهما وقيل: سلامه في
السجود بعد السلام لأنه في الجائز.
فاما سهوه في سجود السهو قبل السلام فلا يسجد
له أيضا في أقوى الوجهين قاله في مجمع البحرين
والنكت قال في المغني والشرح: ولو سها بعد
سجود السهو لم يسجد لذلك وقطعا به.
والوجه الثاني: يسجد له وأطلقهما المجد في
شرحه وبن تميم والفروع والرعايتين.
وكذا لا يسجد لحديث النفس ولا للنظر إلى شيء
على الصحيح من المذهب وعنه أنه يسجد وقال لخصت
ذلك في الكتاب.
(2/89)
الثاني : ظاهر
قوله: "فاما الزيادة فمتى زاد فعلا من جنس
الصلاة قياما أو قعودا أو ركوعا أو سجودا عمدا
بطلت صلاته وإن كان سهوا سجد له".
أنه لو جلس سهوا في محل جلسة الاستراحة
بمقدارها أنه يسجد للسهو وهو أحد الوجهين
والصحيح منهما صححه في النظم وهو ظاهر كلام
الخرقي واختاره القاضي وقدمه في الرعايتين وبن
رزين في شرحه وجزم به في المغني والشارح في
موضع وفي آخر ظاهره إطلاق الخلاف وصححه المجد
في شرحه وقال هو ظاهر كلام أبي الخطاب.
والوجه الثاني: لا يلزمه السجود وهو احتمال في
المغني قال في الحاويين: وهو أصح عندي قال
الزركشي: إن كان جلوسه يسيرا فلا سجود عليه
قال في التلخيص: هذا قياس المذهب ولا وجه لما
ذكره القاضي إلا إذا قلنا تجبر الهيئات
بالسجود انتهى وأطلقهما في الفروع وبن تميم.
الثالث : ظاهر كلام المصنف: وغيره أنه يسجد
للسهو في صلاة الخوف وغيرها في شدة الخوف
وغيرها وقال في الفائق ولا سجود لسهو في الخوف
قاله بعضهم واقتصر عليه.
قلت: فيعايى بها.
لكن لم أر أحدا من الأصحاب ذكر ذلك في شدة
الخوف وهو موافق لقواعد المذهب.
ويأتي أحكام سجود السهو في صلاة الخوف إذا لم
يشتد في الوجه الثاني وتقدم سجود السهو للنفل
إذا صلى على الراحلة في استقبال القبلة.
[ الرابع : قال ابن أبي موسى ومن تبعه: من كثر
منه السهو حتى صار كالوسواس فإنه يلهو عنه
لأنه يخرج به إلى نوع مكابرة فيفضي إلى
الزيادة في الصلاة مع تيقن إتمامها ونحوه فوجب
اطراحه وكذا في الوضوء والغسل وإزالة النجاسة
نحوه].
قوله : "وإن سبح به اثنان لزمه الرجوع".
يعني إذا كانا ثقتين هذا المذهب وعليه الأصحاب
سواء قلنا يعمل بغلبة ظنه أو لا وعنه يستحب
الرجوع فيعمل بيقينه أو بالتحري وذكر في مجمع
البحرين في الفاسق احتمالا يرجع إلى قوله إن
قلنا يصح أذانه قال في الفروع: وفيه نظر وقيل
إن قلنا يبنى على غلبة ظنه رجع وإلا فلا
اختاره ابن عقيل ذكره في القاعدة التي قبل
الأخيرة.
تنبيهات.
الأول: ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب:
أنه يرجع إلى ثقتين ولو ظن خطأهما وهو صحيح
جزم به المصنف وبن تميم والفائق وقال: نص عليه
قال في الفروع: وهو ظاهر كلامهم قال: ويتوجه
تخريج واحتمال من الحكم مع الريبة يعني أنه لا
يلزمه الرجوع إذا ظن خطأهما.
(2/90)
الثاني : مفهوم
كلام المصنف أنه لا يلزمه الرجوع إذا سبح به
واحد وهو صحيح وهو المذهب وأطلق الإمام أحمد
أنه لا يرجع لقوله.
وقيل: يرجع إلى ثقة في زيادة فقط واختار أبو
محمد الجوزي يجوز رجوعه إلى واحد يظن صدقه
وجزم به في الفائق.
قال في الفروع: ولعل المراد ما ذكره الشيخ
يعني به المصنف إن ظن صدقه عمل بظنه لا
بتسبيحه.
الثالث : محل قبول الثقتين والواحد إذا قلنا
يقبل إذا لم يتيقن صواب نفسه.
فإن تيقن صواب نفسه لم يرجع إلى قولهم ولو
كثروا هذا جادة المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال أبو الخطاب: يرجع إلى قولهم ولو تيقن
صواب نفسه قال المصنف: وليس بصحيح قال في
الفائق: وهو ضعيف وذكره الحلواني رواية كحكمه
بشاهدين وتركه يقين نفسه.
قال في الفروع: وهذا سهو وهو خلاف ما جزم به
الأصحاب إلا أن يكون المراد ما قاله القاضي
بترك الإمام اليقين ومراده الأصل قال: كالحاكم
يرجع إلى الشهود ويترك الأصل واليقين وهو
براءة الذمم وكذا شهادتهما برؤية الهلال يرجع
إليهما ويترك اليقين والأصل وهو بقاء الشهر.
الرابع : قد يقال شمل كلام المصنف المصلى وحده
وأنه كالإمام في تنبيهه وهو صحيح وهو المذهب
فحيث قلنا يرجع الإمام إلى المنبه يرجع
المنفرد إذا نبه.
قال القاضي: هو الأشبه بكلام الإمام أحمد
وقدمه في الفروع.
وقيل: لا يرجع المنفرد وإن رجع الإمام لآن من
في الصلاة أشد تحفظا وأطلقهما ابن تميم.
الخامس : قال في الفروع: ظاهر كلامهم: أن
المرأة كالرجل في هذا وإلا لم يكن في تنبيهها
فائدة ولما كره تنبيها بالتسبيح ونحوه وقد
ذكره في مجمع البحرين احتمالا له وقواه ونصره
وقال في الفروع: ويتوجه في المميز خلافه
وكلامهم ظاهر فيه.
السادس : لو اختلف عليه من ينبهه سقط قولهم
ولم يرجع إلى أحد منهم على الصحيح من المذهب
ونقله المروذي عن الإمام أحمد واختاره ابن
حامد وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل: يعمل بقول موافقه قال: في الوسيلة هو
أشبه بالمذهب وهو اختيار أبي جعفر.
وقيل: يعمل بقول مخالفه اختاره ابن حامد قاله
ابن تميم.
[ السابع : يلزم المأمومين تنبيه الإمام إذا
سها قاله المصنف وغيره فلو تركوه فالقياس فساد
صلاتهم].
(2/91)
قوله : "فإن لم
يرجع بطلت صلاته وصلاة من اتبعه عالما".
على الصحيح من المذهب أن صلاة من اتبعه عالما
تبطل وعليه الأصحاب وعنه لا تبطل وعنه تجب
متابعته في الركعة لاحتمال ترك ركن قبل ذلك
فلا يترك بتعين المتابعة بالشك وعنه يخير في
متابعته وعنه يستحب متابعته.
وقيل: لا تبطل إلا إذا قلنا يبنى على اليقين
فأما إن قلنا يبني على غلبة ظنه لم تبطل ذكره
في الرعاية.
قوله : "وإن فارقه أو كان جاهلا لم تبطل".
يعني صلاته وكذا إن نسي وهذا المذهب وعليه
الأصحاب وعنه تبطل وأطلق في الفائق فيما إذا
جهلوا وجوب المفارقة الروايتين.
فوائد.
الأولى: تجب المفارقة على المأموم على الصحيح
من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يجب
انتظاره نقلها المروذي واختارها ابن حامد وعنه
يستحب انتظاره وعنه يخير في انتظاره كما تقدم
التخيير في متابعته.
الثانية : تنعقد صلاة المسبوق معه فيها على
الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما جزم به في
الفروع.
قال في الرعاية الكبرى: وإن أدرك المأموم ركعة
من رباعية وقام الإمام إلى خامسة سهوا فتبعه
يظنها رابعة انعقدت صلاته في الأصح انتهى.
وقيل: لا تنعقد فعلى المذهب لا يعتد بهذه
الركعة على الصحيح من المذهب نص عليه جزم به
في المحرر وغيره وقدمه في الرعاية وغيره.
وقال القاضي والمصنف: يعتد بها وتوقف الإمام
أحمد في رواية أبي الحارث.
وقال في الحاوي الكبير: وغيره ويحتمل أن يعتد
بها المسبوق إن صح اقتداء المفترض بالمتنفل
واختاره القاضي أيضا وقدمه ابن تميم.
الثالثة : ظاهر كلام الأصحاب: أن الإمام لا
يرجع إلى فعل المأموم من قيام وقعود وغير ذلك
للأمر بالتنبيه وصرح به بعضهم قال في مجمع
البحرين: قاله شيخنا وتابعه على ذلك قال في
الفروع: ويتوجه تخريج واحتمال وفيه نظر.
قلت: فعل ذلك بعضهم مما يستأنس به ويقوى ظنه.
(2/92)
ونقل أبو طالب
إذا صلى بقوم تحرى ونظر إلى من خلفه فإن قاموا
تحرى وقام وإن سبحوا به تحرى وفعل ما يفعلون.
قال القاضي في الخلاف: ويجب حمل هذا على أن
للإمام رأيا فإن لم يكن له رأى بنى على
اليقين.
الرابعة: لو نوى صلاة ركعتين نفلا وقام إلى
ثالثة فالأفضل له أن يتمها أربعا ولا يسجد
للسهو لإباحة ذلك وله أن يرجع ويسجد للسهو هذا
إذا كان نهارا وإن كان ليلا فرجوعه أفضل فيرجع
ويسجد للسهو نص عليه فلو لم يرجع ففي بطلانها
وجهان وأطلقهما ابن تميم والفائق.
والمنصوص عن الإمام أحمد أن حكم قيامه إلى
ثالثة ليلا كقيامه إلى ثالثة في صلاة الفجر
وجزم به في المغني والشرح وقدمه ابن مفلح في
حواشيه وهو المذهب ويأتي ما يتعلق بذلك عند
قوله: "وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس" في
الباب الذي بعده.
قوله : "والعمل المستكثر في العادة من غير جنس
الصلاة يبطلها عمده وسهوه".
اعلم أن الصلاة تبطل بالعمل الكثير عمدا بلا
نزاع أعلمه وتبطل به أيضا سهوا على الصحيح من
المذهب كما جزم به المصنف هنا وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به كثير منهم وحكاه الشارح وغيره
إجماعا وحكى بعض الأصحاب في سهوه روايتين
واختار المجد في شرحه لا تبطل بالعمل الكثير
سهوا لقصة ذي اليدين فإنه مشى وتكلم ودخل
منزله وبنى على صلاته على ما تقدم.
تنبيه : مراده ببطلان الصلاة بالعمل المستكثر
إذا لم تكن حاجة إلى ذلك على ما تقدم في الباب
قبله عند قوله : "فإن طال الفعل في الصلاة
أبطلها" وتقدم هناك حد الكثير واليسير والخلاف
فيه فليعاود وتقدم حكم عمل الجاهل في الصلاة
هناك أيضا.
قوله : "ولا تبطل باليسير ولا يشرع له سجود".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم منهم صاحب الوجيز وغيره وقدمه في الفروع
وغيره وقيل: يشرع له السجود قال في الرعاية
وقيل: يحتمل وجهين.
فائدة : "لا بأس بالعمل اليسير لحاجة ويكره
لغيرها".
قوله : "وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو
كثر".
إذا أكل عمدا: فتارة يكون في نفل وتارة يكون
في فرض فإن كان.
في فرض بطلت
(2/93)
الصلاة بقليله
وكثيره على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقطعوا به وحكاه ابن المنذر إجماعا وحكى في
الرعاية قولا بأنها لا تبطل بشرب يسير.
وإن كان في نفل فتارة يكون كثيرا وتارة يكون
يسيرا فإن كان كثيرا بطلت الصلاة وإن كان
يسيرا فظاهر كلام المصنف أنها تبطل أيضا وهو
إحدى الروايات قال في المغني والشارح: هذا
الصحيح من المذهب قال في الكافي بعد أن قدمه
هذا أولى قال ابن رزين: وقدمه ابن تميم
والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية قال في
الحواشي: قدمه جماعة.
والرواية الثانية : لا تبطل قدمه في الفروع
ومجمع البحرين ونصره فهو إذن المذهب وأطلقهما
في الهداية والمذهب والمستوعب والهادي
والتلخيص وشرح المجد والمحرر والخلاصة
والفائق.
والرواية الثالثة: تبطل بالأكل فقط قال ابن
هبيرة: هي المشهورة عنه قال في الفروع: هي
الأشهر عنه.
قوله : "وإن كان سهوا لم تبطل إذا كان يسيرا".
وهذا المذهب فرضا كان أو نفلا وعليه أكثر
الأصحاب وعنه تبطل قدمه في الكافي وقيل: تبطل
بالأكل فقط.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف أن الأكل والشرب
سهوا يبطل الصلاة إذا كان كثيرا وهو صحيح فرضا
كان أو نفلا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقطع به كثير منهم وعنه لا تبطل وهو ظاهر
المستوعب والتلخيص وأطلقهما ابن تميم وقيل
يبطل الفرض فقط.
فوائد.
منها: الجهل بذلك كالسهو على الصحيح من المذهب
قدمه في الفروع.
وقال" ولم يذكر جماعة الجهل في الأكل والشرب
منهم المصنف والشارح وصاحب الفائق.
ومنها : لو كان في فمه سكر أو نحوه مذاب وبلعه
فالصحيح من المذهب أنه كالأكل قدمه في الفروع
والرعاية وجزم به في المغني والشرح.
وقيل: لا تبطل وهما وجهان في التلخيص وبن تميم
وأطلقهما وذكر في المذهب في النفل روايتين
قال: وكذا لو فتح فاه فنزل فيه ماء المطر
فابتلعه وذكر في الرعاية إن بلع ماء وقع عليه
من ماء مطر لم تبطل.
ومنها : لو بلع ما بين أسنانه مما يجري فيه
الريق من غير مضغ لم تبطل صلاته نص عليه وهو
المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به المصنف
والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع وبن تميم
والرعاية وغيرهم.
وقيل: تبطل وقال في الروضة ما يمكن إزالته من
ذلك يفسد ابتلاعه.
(2/94)
قوله : "وإن
أتى بقول مشروع في غير موضعه كالقراءة في
السجود والقعود والتشهد في القيام وقراءة
السورة في الأخيرتين لم تبطل الصلاة به".
هذا المذهب سواء كان عمدا أو سهوا وعليه أكثر
الأصحاب ونص عليه.
وقيل: تبطل بقراءته راكعا وساجدا عمدا اختاره
ابن حامد وأبو الفرج.
وقيل: تبطل به عمدا مطلقا ذكر هذا الوجه في
المذهب ومسبوك الذهب.
فعلى القول بالبطلان بالعمدية يجب السجود
لسهوه.
تنبيه : مراد المصنف بذلك غير السلام على ما
يأتي بعد ذلك من التفصيل في كلام المصنف فيما
إذا سلم عمدا أو سهوا.
قوله : "ولا يجب السجود لسهوه".
يعني إذا قلنا لا يبطل بالعمدية على ما تقدم.
قوله : "وهل يشرع على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والشرح
والحاويين والكافي.
إحداهما : يشرع وهو المذهب قال في الفروع
والرعاية: ويستحب لسهوه على الأصح قال ناظم
المفردات: يشرع في الأصح.
قال المجد في شرحه: هذه أقوى وجزم به في
الوجيز والمنور وقدمه أبو الحسين في فروعه
والخلاصة وبن تميم والرعاية الصغرى ونصره أبو
الخطاب وبن الجوزي في التحقيق وهو من مفردات
المذهب.
الرواية الثانية: لا يشرع قال الزركشي: الأولى
تركه.
قوله : "وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا
أبطلها".
بلا نزاع فإن كان سهوا ثم ذكر قريبا أتمها
وسجد بلا خلاف أعلمه ولو خرج من المسجد نص
عليه في رواية ابن منصور وهذا إن لم يكن شرع
في صلاة أخرى أو تكلم على ما يأتي ذلك مفصلا.
وشرط المصنف في المغني والكافي والشارح وبن
تميم وغيرهم أيضا عدم الحدث فإن أحدث بطلت ولو
كان الفصل يسيرا قال الزركشي: والذي ينبغي أن
يكون حكم الحدث هنا حكم الحدث في الصلاة هل
يبنى معه أو يستأنف أو يفرق بين حدث البول
والغائط وغيرهما على الخلاف.
(2/95)
تنبيه : كلامه
كالصريح أنها لا تبطل وهو صحيح إن كان سلامه
ظنا أن صلاته قد انقضت أما لو كان السلام من
العشاء يظنها التراويح أو من الظهر يظنها
الجمعة أو الفجر فإنها تبطل ولا تناقض عليه
لاشتراط دوام النية ذكرا أو حكما وقد زالت
باعتقاد صلاة أخرى قاله الزركشي وغيره.
قلت: يتوجه عدم البطلان.
قوله : "فإن طال الفصل بطلت".
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح وبن تميم
والزركشي وغيرهم.
فائدة : لو لم يطل الفصل ولكن شرع في صلاة
أخرى فالصحيح من المذهب أنه يعود إلى الأولى
بعد قطع ما شرع فيها وهو ظاهر كلام المصنف هنا
والخرقي وغيرهما قال الزركشي: هذا المشهور
وقدمه في المغني والمجد في شرحه والشرح وبن
تميم والزركشي وغيرهم.
وقال في المبهج: يجعل ما يشرع فيه من الصلاة
الثانية تماما للصلاة الأولى فيبنى إحداهما
على الأخرى ويصير وجود السلام كعدمه لآنه سهو
معذور فيه وسواء كان ما شرع فيه فرضا أو نفلا
ورده المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه تبطل الأولى إن كان ما شرع فيه نفلا وإلا
فلا.
وعنه تبطل الأولى مطلقا نقله أبو الحارث ومهنا
وهو الذي في الكافي ويأتي ذلك فيما إذا ترك
ركنا ولم يذكره إلا بعد سلامه.
قوله : "أو تكلم لغير مصلحة الصلاة بطلت".
يعني إذا ظن أن صلاته قد تمت وتكلم عمدا لغير
مصلحة الصلاة كقوله يا غلام اسقني ماء ونحوه
فالصحيح من المذهب بطلان الصلاة نص عليه وعليه
الأصحاب وعنه لا تبطل والحالة هذه وأطلقهما
جماعة.
قوله : "وإن تكلم لمصلحتها ففيه ثلاث روايات
إحداهن لا تبطل".
نص عليها في رواية جماعة من أصحابه واختارها
المصنف والشارح لقصة ذي اليدين وهي ظاهر كلام
الخرقي وجزم به في الإفادات وقدمه ابن تميم
وبن مفلح في حواشيه.
وأجاب القاضي وغيره عن القصة بأنها كانت حالة
إباحة الكلام وضعفه المجد وغيره لأن الكلام
حرم قبل الهجرة عند ابن حبان وغيره أو بعدها
بيسير عند الخطابي وغيره.
فعلى هذه الرواية لو أمكنه إصلاح الصلاة
بإشارة ونحوها فتكلم فقال في المذهب وغيره
تبطل.
(2/96)
والرواية
الثانية: تبطل.
وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد
وغيره منهم أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد
العزيز والقاضي وأبو الحسين.
قال المجد: هي أظهر الروايات وصححه الناظم
وجزم به في الإيضاح وقدمه في الفروع والمحرر
والفائق.
" والثالثة : تبطل صلاة المأموم دون الإمام
اختارها الخرقي".
فعلى هذه: المنفرد كالمأموم قاله في الرعاية
وهو ظاهر كلامه في المحرر وغيره.
وعنه رواية رابعة: لا تبطل إذا تكلم لمصلحتها
سهوا اختاره المجد في شرحه وفي المحرر وصاحب
مجمع البحرين والفائق ونصره ابن الجوزي.
قوله : "وإن تكلم في صلب الصلاة بطلت".
إن كان عالما عمدا بطلت الصلاة وإن كان ساهيا
بغير السلام فقدم المصنف أن صلاته تبطل أيضا
وهو المذهب قدمه في الفروع والمحرر والحاويين
والقاضي أبو الحسين والفائق وغيرهم.
قال الزركشي: إذا تكلم سهوا فروايات أشهرها
وهو اختيار ابن أبي موسى والقاضي وغيرهما
البطلان ونصره ابن الجوزي في التحقيق.
وعنه لا تبطل إذا كان ساهيا اختاره ابن الجوزي
وصاحب مجمع البحرين والنظم والشيخ تقي الدين
وصاحب الفائق وقدمه ابن تميم.
[ويحتمل كلامه في الفروع إطلاق الخلاف وإليه
ذهب ابن نصر الله في.
حواشيه] وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة
والكافي وشرح المجد والشرح وشرح ابن منجا
والتلخيص والرعايتين.
وتقدم قريبا رواية ثالثة لا تبطل إذا تكلم
سهوا لمصلحتها ومن اختارها.
وإن كان جاهلا بتحريم الكلام أو الإبطال به
فهل هو كالناسي أم لا تبطل صلاته فإن بطلت
صلاة الناسي فيه روايتان.
فالمصنف جعل الجاهل كالناسي وقدم أنه ككلام
العامد.
إحداهما : أنه كالناسي: فيه من الخلاف وغيره
ما في الناسي وهو الصحيح من المذهب قدمه ابن
مفلح في حواشي المقنع قال في الكافي
والرعايتين: وفي كلام الناسي والجاهل روايتان
قال في المغني: والأولى أن يخرج فيه رواية
الناسي انتهى.
والرواية الثانية : أن كلام الجاهل لا يبطل
وإن أبطل كلام الناسي وجزم ابن شهاب بعدم
البطلان في الجاهل.
(2/97)
قال في مجمع
البحرين: ولا يبطلها كلام الجاهل في أقوى
الوجهين وإن قلنا يبطلها كلام الناسي اختاره
القاضي والمجد وأطلق الخلاف المجد في شرحه وبن
تميم وصاحب الفروع وحكى المجد وبن تميم الخلاف
وجهين وحكاهما في الفروع روايتان.
وقال القاضي في الجامع: لا أعرف عن أحمد نصا
في ذلك.
فوائد.
إحداها: قسم المصنف رحمه الله المتكلم إلى
قسمين.
أحدهما : من يظن تمام صلاته فيسلم ثم يتكلم
إما لمصلحتها أو لغيرها.
الثاني : من يتكلم في صلب الصلاة.
فحكى في الأول إذا تكلم لمصلحتها ثلاث روايات
وحكى في الثاني روايتين.
وهذه إحدى الطريقتين للأصحاب واختيار المصنف
والشارح وجزم به في الإفادات وقدمه في النظم.
والطريقة الثانية: الخلاف جار في الجميع لأن
الحاجة إلى الكلام هنا قد تكون أشد كإمام نسي
القراءة ونحوها فإنه يحتاج أن يأتي بركعة فلا
بد له من إعلام المأمومين.
وهذه الطريقة هي الصحيحة في المذهب جزم بها في
المحرر والفائق وقدمها في الفروع والرعاية
واختارها القاضي والمجد في شرحه وصاحب مجمع
البحرين وبن تميم.
الثانية : اختار المصنف وبن شهاب العكبري في
عيون المسائل بطلان صلاة المكره على الكلام
وهو إحدى الروايتين قال المجد في شرحه وتبعه
في مجمع البحرين: وإذا قلنا تبطل بكلام الناسي
فكذا كلام المكره وأولى لأن عذره أندر وقال
القاضي لا تبطل بخلاف الناسي قال في الفروع:
والناسى كالمتعمد وكذا جاهل ومكره في رواية
وعنه لا.
فظاهره أن المقدم عنده البطلان وقال في
الرعاية الكبرى: وإن قلنا لا يعذر الناسي ففي
المكره ونحوه وقيل مطلقا وجهان.
وقال في التلخيص: ولا تبطل بكلام الناسي ولا
بكلام الجاهل بتحريم الكلام إذا كان قريب
العهد بالإسلام في إحدى الروايتين وعليها يخرج
سبق اللسان وكلام المكره انتهى.
قال في القواعد الأصولية: ألحق بعض أصحابنا
المكره بالناسي وقال القاضي بل أولى بالعفو من
الناسى وكذا قال ابن تميم.
ونصر ابن الجوزي في التحقيق ما قاله القاضي
واختاره ابن رزين في شرحه.
الثالثة : لو وجب عليه الكلام كما لو خاف على
ضرير ونحوه فتكلم محذرا له بطلت الصلاة على
الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفائق وحواشي ابن مفلح هو قول أصحابنا
وقدمه في الفروع وغيره.
(2/98)
وقيل: لا تبطل
قال المصنف: هو ظاهر كلام الإمام أحمد لأنه
علل صحة صلاة من أجاب النبي صلى الله عليه
وسلم بوجوب الكلام وفرق بينهما بأن الكلام هنا
لم يجب عينا.
وقال القاضي: وغيره لزوم الإجابة للنبي صلى
الله عليه وسلم لا يمنع الفساد لأنه لو رأى من
يقتل رجلا منعه فإذا فعل فسدت.
قال في الرعاية الكبرى: وإن وجب الكلام لتحذير
معصوم ضرير أو صغير لا تكفيه الإشارة عن وقوعه
في بئر ونحوها فوجهان أصحهما العفو والبناء
وقدمه في الفائق وأطلقهما ابن تميم ومجمع
البحرين.
الرابعة : لو نام فيها فتكلم أو سبق على لسانه
حال قراءته أو غلبه سعال أو عطاس أو تثاؤب
ونحوه فبان حرفان لم تبطل الصلاة به على
الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقيل: حكمه حكم
الناسي وإن لم يغلبه ذلك بطلت على الصحيح من
المذهب وقال الشيخ تقي الدين: هو كالنفخ
وأولى.
الخامسة : حيث قلنا لا تبطل بالكلام فمحله في
الكلام اليسير وأما الكلام الكثير فتبطل به
مطلقا عند الجمهور وقطع به جماعة قال القاضي
في المجرد: هو رواية واحدة.
وعنه لا فرق بين قليل الكلام وكثيره اختاره
القاضي أيضا وغيره.
قال في الجامع الكبير: لا فرق بين الكلام
القليل والكثير في حق الناسي في ظاهر كلام
الإمام أحمد.
وقال في المجرد: إن طال من الناسي أفسد رواية
واحدة وهما وجهان في ابن تميم وغيره وأطلقهما
هو والزركشي.
تنبيه : مفهوم قوله: "وإن قهقه فبان حرفان فهو
كالكلام" أنه إذا لم يبن حرفان أنه لا يضر وأن
صلاته صحيحة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
وهو أحد الوجهين أو الروايتين جزم به في
الهداية وشرحها للمجد والحاوي الكبير والقاضي
في المجرد والمستوعب وقدمه في الرعاية الكبرى
وبن تميم وغيرهما.
وعنه أنه كالكلام ولو لم يبن حرفان اختاره
الشيخ تقي الدين وقال إنه الأظهر وجزم به في
الكافي والمغني وقال لا نعلم فيه خلافا وقدمه
في الشرح وحكاه ابن هبيرة إجماعا وأطلقهما في
الفروع والفائق.
قوله : "أو نفخ فبان حرفان فهو كالكلام".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي
الدين أن النفخ ليس كالكلام ولو بان حرفان
فأكثر فلا تبطل الصلاة به وهو رواية عن الإمام
أحمد.
تنبيه : مفهوم كلامه أنه إذا لم يبن حرفان أن
صلاته صحيحة وهو المذهب وعليه أكثر
(2/99)
الأصحاب ونصروه
وقدمه في الفروع.
وعنه أنه كالحرفين وأطلقهما ابن تميم وصاحب
الفائق.
قوله : "أو انتحب فبان حرفان".
فهو كالكلام إلا ما كان من خشية الله تعالى
فالصحيح من المذهب أن صلاته لا تبطل وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر
والمجد في شرحه ومجمع البحرين والحاوي الكبير
وإدراك الغاية والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه
في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وقيل إن
غلبه لم تبطل وإلا بطلت.
قال المصنف: وهو الأشبه بأصول أحمد وأطلقهما
في الفائق وبن تميم.
فائدة : لو استدعى البكاء كره كالضحك وإلا
فلا.
وأما إذا لحن في الصلاة فيأتي عنه كلام المصنف
في باب صلاة الجماعة وتكره إمامة اللحان.
قوله : "وقال أصحابنا النحنحة مثل ذلك".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير
منهم وقدمه في الفروع وغيره وقد روي عن أبي
عبد الله أنه كان يتنحنح في صلاته ولا يراها
مبطلة للصلاة وهي رواية عن الإمام أحمد
واختارها المصنف وأطلقهما في المحرر وبن تميم
والفائق.
تنبيه : محل الخلاف إذا لم تكن حاجة فإن كان
ثم حاجة فليست كالكلام رواية واحدة عند جمهور
الأصحاب وقيل هي كالكلام أيضا وتقدم.
قوله : "فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في
قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه منها".
وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وهو من
المفردات.
وفيه وجه لا تبطل الركعة بشروعه في قراءة ركعة
أخرى فمتى ذكر قبل سجود الثانية رجع فسجد
للأولى وإن ذكر بعد أن سجد كان السجود عن
الأولى ثم يقوم إلى الثانية ذكره ابن تميم
وغيره.
وقال في المبهج: من ترك ركنا ناسيا فذكره حين
شرع في ركن آخر بطلت الركعة قال في الفروع:
حكى ذلك رواية.
وقد تقدم في أركان الصلاة رواية بانه إذا نسي
الفاتحة في الأولى والثانية قرأها في الثالثة
والرابعة مرتين وزاد عبد الله في هذه الرواية
وإن ترك القراءة في الثلاث ثم ذكر في الرابعة
(2/100)
فسدت صلاته
واستأنفها وذكر بن عقيل إن نسيها في ركعة فأتى
بها فيما بعدها مرتين يعتد بها ويسجد للسهو
قال في فنونه: وقد أشار إليه أحمد.
فعلى المذهب: لو رجع إلى الركعة التي قد بطلت
عالما عمدا بطلت صلاته قاله في الفروع وغيره.
تنبيهان.
أحدهما: مراده بقوله: "فمتى ترك ركنا فذكره
بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى" غير النية إن
قلنا هي ركن وغير تكبيرة الإحرام وهو واضح.
الثاني : مفهوم قوله: "فمتى ترك ركنا فذكره
بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه
منها" أنه لا يبطل ما قبل تلك الركعة المتروك
منها الركن ولا تبطل قبل الشروع في القراءة
وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص
عليه وحكاه المجد في شرحه إجماعا وقيل لا يبطل
أيضا ما قبلها اختاره ابن الزاغوني قال ابن
تميم وبن حمدان: وهو بعيد.
قوله : "وإن ذكر قبل ذلك".
يعني قبل شروعه في القراءة عاد فأتى به وبما
بعده.
مثل إن قام ولم يشرع في القراءة نص عليه لأن
القيام غير مقصود في نفسه لأنه يلزم منه قدر
القراءة الواجبة وهي المقصودة ولو كان قام من
السجدة وكان قد جلس للفصل لم يجلس له إذا أراد
أن يأتي بالسجدة الثانية على الصحيح من المذهب
والوجهين.
والوجه الثاني: يجلس للفصل بينهما أيضا قال في
الحاوي الصغير: عندي يجلس ليأتي بالسجدة
الثانية عن جلوس وهو احتمال في الحاوي الكبير
وأما إذا قام ولم يكن جلس للفصل جلس له على
الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل في الفنون
يحتمل جلوسه وسجوده بلا جلسة.
قلت: فيعايى بها.
ولو سجد سجدة ثم جلس للاستراحة وقام قبل
السجدة الثانية لم تجزئه جلسة الاستراحة عن
جلسة الفصل على الصحيح من المذهب وقال في
الحاوي الصغير وعندي يجزئه وعلله.
قوله : "فإن لم يعد بطلت صلاته".
يعني إذا ذكره قبل شروعه في القراءة ولم يعد
عمدا بطلت صلاته بلا خلاف أعلمه وإن لم يعد
سهوا بطلت الركعة فقط على الصحيح من المذهب
قدمه في الفروع وغيره وجزم به
(2/101)
في المحرر
وغيره وهو ظاهر ما جزم به في المغني والشرح.
وقيل: إن لم يعد لم يعتد بما يفعله بعد
المتروك جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة.
قال المجد في شرحه: يعني من تمام الركعة فقط.
وقال ابن عقيل في الفصول: فإن ترك ركوعا أو
سجدة فلم يذكر حتى قام إلى الثانية جعلها
أولته وإن لم ينتصب قائما عاد فتمم الركعة كما
لو ترك القراءة يأتي بها إلا أن يذكر بعد
الانحطاط من قيام تلك الركعة فإنها تلغو ويجعل
الثانية أولته قال في الفروع: كذا قال.
قوله : "وإن علم بعد السلام فهو كترك ركعة
كاملة".
الصحيح من المذهب أنه إذا لم يعلم بترك الركن
إلا بعد سلامه أن صلاته صحيحه وأنه كترك ركعة
وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور وقدمه في
الفروع والمحرر وبن تميم والرعاية والفائق.
وقيل: يأتي بالركن وبما بعده قال ابن تميم وبن
حمدان: وهو أحسن إن شاء الله تعالى.
ونص أحمد في رواية الجماعة أنها لا تبطل إلا
بطول الفصل ونقل الأثرم.
وغيره عن أحمد تبطل صلاته وجزم به في المستوعب
والتبصرة والتلخيص والبلغة واختاره أبو
الخطاب.
فعلى القول بالصحة: إذا أتى بذلك سجد للسهو
قبل السلام على الصحيح من المذهب نص عليه في
رواية حرب لأن السجود لترك الركن والسلام تبع
وقيل يسجد بعد السلام لأنه سلم عن نقص.
تنبيه : قوله: "فهو كترك ركعة كاملة" يعني
يأتي بها وهو مقيد بقرب الفصل عرفا ولو انحرف
عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه.
وقيل: بدوامه في المسجد قدمه في الرعاية فلو
كان الفصل قريبا ولكن شرع في صلاة أخرى عاد
فأتم الأولة على الصحيح من المذهب بعد قطع ما
شرع فيها وعليه جمهور الأصحاب وعنه يستأنفها
لتضمن عمله قطع نيتها وعنه يستأنفها إن كان ما
شرع فيه نفلا.
وقال أبو الفرج الشيرازي في المبهج: يتم
الأولة من صلاته الثانية وتقدم لفظه في الباب
عند قوله: "وإن طال الفصل بطلت".
وقال ابن عقيل في الفصول: إن كانتا صلاتي جمع
أتمها ثم سجد عقبها للسهو عن الأولى لأنهما
كصلاة واحدة ولم يخرج من المسجد وما لم يخرج
منه يسجد عندنا للسهو انتهى.
فائدة : لو ترك ركنا من آخر ركعة سهوا ثم ذكره
في الحال فإن كان سلاما أتى به فقط وإن كان
تشهدا أتى به وسجد ثم سلم وإن كان غيرهما أتى
بركعة كاملة نص عليه قال ابن
(2/102)
تميم وابن
حمدان: ويحتمل أن يأتي بالركن وبما بعده وهو
أحسن إن شاء الله تعالى على ما تقدم.
قوله : "وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات
وذكر في التشهد سجد سجدة فصحت له ركعة ويأتي
بثلاث".
هذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه
أكثر الأصحاب وعنه.
تبطل صلاته وأطلقهما الخرقي وعنه يبني على
تكبيرة الإحرام ذكرها الآمدي ونقلها الميموني
وعنه يصح له ركعتان ذكرها ابن تميم وصاحب
الفائق وغيرهما وجها وهو تخريج في النظم
وغيره.
قال المصنف: ويحتمل أن يكون هو الصحيح وأن
يكون قولا لأحمد لأنه رضي الله عنه نقله عن
الشافعي وقال هو أشبه من قول أصحاب الرأي.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه لو ذكر بعد
سلامه أنه ليس كمن ذكر وهو في التشهد وأن
صلاته تبطل وهو المذهب نص عليه اختاره ابن
عقيل والمصنف وغيرهما.
قال الزركشي: قلت: قياس المذهب قول ابن عقيل
لأن من أصلنا أن من ترك ركنا من ركعة فلم يدر
حتى سلم أنه كمن ترك ركعة وهنا الفرض أنه لم
يذكر إلا بعد السلام وإذا كان كمن ترك ركعة
والحاصل له من الصلاة ركعة فتبطل الصلاة رأسا
وجزم به في الشرح والرعاية الصغرى والحاوي
الصغير والتلخيص وقال ابتدأ الصلاة رواية
واحدة وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق وبن
تميم.
وقيل: حكمها حكم ما لو ذكر وهو في التشهد قال
المجد في شرحه: إنما يستقيم قول ابن عقيل على
قول أبي الخطاب فيمن ترك ركنا فلم يذكره حتى
سلم أن صلاته تبطل فأما على منصوص أحمد في
البناء إذا ذكر قبل طول الفصل فإنه يصنع كما
يصنع إذا ذكر في التشهد انتهى وأطلقهما في
الفروع.
فوائد.
الأولى: لو ذكر أنه نسي أربع سجدات من أربع
ركعات بعد أن قام إلى خامسة وشرع في القراءة
وكان ذلك سهوا أو جهلا لم تبطل صلاته وكانت
هذه الخامسة أولاه ولغا ما قبلها ولا يعيد
الافتتاح فيها جزم به في الفروع وغيره.
الثانية : تشهده قبل سجدتي الأخيرة زيادة
فعلية وقبل السجدة الثانية زيادة قولية.
الثالثة : لو ترك سجدتين أو ثلاثا من ركعتين
جهلهما صلى ركعتين وإن ترك ثلاثا أو أربعا من
ثلاث صلى ثلاثا وإن ترك من الأولة سجدة ومن
الثانية سجدتين ومن الرابعة سجدة وذكر في
التشهد سجد سجدة وصلى ركعتين وإن ترك خمس
سجدات من ثلاث ركعات أو من أربع أتى بسجدتين
فصحت له ركعة كاملة.
(2/103)
قوله : "وإن
نسي التشهد الأول ونهض لزمه الرجوع ما لم
ينتصب قائما فإن استتم قائما لم يرجع وإن رجع
جاز".
اعلم أنه إذا ترك التشهد الأول ناسيا وقام إلى
ثالثة لم يخل من ثلاثة أحوال.
أحدها أن يذكر قبل أن يعتدل قائما فهنا يلزمه
الرجوع للتشهد كما جزم به المصنف هنا ولا أعلم
فيه خلافا ويلزم المأموم متابعته ولو بعد
قيامهم وشروعهم في القراءة.
الحال الثانية ذكره بعد أن استتم قائما وقبل
شروعه في القراءة فجزم المصنف أنه لا يرجع وإن
رجع جاز فظاهره أن الرجوع مكروه وهو إحدى
الروايات وهو الصحيح من المذهب قال في الفروع:
والأشهر يكره الرجوع وصححه في النظم قال
الشارح: الأولى أن لا يرجع وإن رجع جاز قال في
الحاوي الكبير: والأولى له أن لا يرجع وهو أصح
قال في المحرر والمغني: أولى وجزم به في
التلخيص وناظم المفردات وهو منها وقدمه في
مجمع البحرين وعنه يخير بين الرجوع وعدمه وعنه
يمضي في صلاته ولا يرجع وجوبا اختاره المصنف
وصاحب الفائق وعنه يجب الرجوع وأطلقهما في
الفروع.
فائدة: لو كان إماما فلم يذكره المأموم حتى
قام فاختار المضي أو شرع في القراءة لزم
المأموم متابعته على الصحيح من المذهب وعنه
يتشهد المأموم وجوبا قال ابن عقيل في التذكرة:
يتشهد المأموم ولا يتبعه في القيام فإن تبعه
ولم يتشهد بطلت صلاته.
الحال الثالثة ذكره بعد أن شرع في القراءة
فهنا لا يرجع قولا واحدا كما قطع به المصنف
بقوله وإن شرع في القراءة لم يجز له الرجوع.
قوله : "وعليه السجود لذلك كله".
أما في الحال الثاني والثالث فيسجد للسهو
فيهما بلا خلاف أعلمه وأما في الحال الأول وهو
ما إذا لم ينتصب قائما ورجع فقطع المصنف هنا
بأنه يسجد له أيضا وهو الصحيح من المذهب وعليه
أكثر الأصحاب وقيل لا يجب السجود لذلك وعنه إن
كثر نهوضه سجد له وإلا فلا وهو وجه لبعض
الأصحاب وقدمه ابن تميم.
وقال في التلخيص: يسجد إن كان انتهى إلى حد
الراكعين وإلا فلا وقال في الرعاية وقيل: بل
يخير بينهما.
فائدة : لو نسي التشهد دون الجلوس له فحكمه في
الرجوع إليه حكم ما لو نسيه مع الجلوس لأنه
المقصود.
فائدة : حكم التسبيح في الركوع والسجود وقول
رب اغفر لي بين السجدتين وكل واجب إذا تركه
سهوا ثم ذكره حكم التشهد الأول فيرجع إلى
تسبيح الركوع قبل اعتداله على الصحيح من
المذهب قدمه في الفروع وغيره وجزم به المجد في
شرحه في صفة الصلاة
(2/104)
فقال: ومن نسى
تسبيح الركوع ثم ذكر قبل أن ينتصب قائما رجع
واختاره القاضي وقيل: لا يرجع ويبطل لعمده
وجزم به في المغني في باب صفة الصلاة والشرح
وقدمه في الحاوي الكبير.
وإن ذكره بعد اعتداله لزمه المضي ولم يجز
الرجوع على الصحيح من المذهب جزم به في المغني
والكافي والشرح والمنور وبن رزين في شرحه
وقدمه في الفائق والحاوي الكبير.
وقيل: يجوز الرجوع كما في التشهد الأخير
اختاره القاضي واقتصر عليه في المحرر وقدمه
المجد في شرحه فقال وإذا انتصب فالأولى أن لا
يرجع فإن رجع جاز ذكره القاضي كالتشهد الأول.
وقيل: لا يجوز أن يرجع انتهى وأطلقهما في
الفروع.
فعلى القول: بجواز الرجوع فيهما لو رجع فأدركه
مسبوق وهو راكع فقد أدرك الركعة بذلك على
الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه
والحاوي الكبير وقدمه في الفروع وقيل لا
يدركها بذلك لآنه نفل كرجوعه إلى الركوع سهوا.
قوله : "وأما الشك فمتى شك في عدد الركعات بني
على اليقين".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب منهم
أبو بكر والقاضي وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر
والمجد وصاحب مجمع البحرين فيه.
قال في الفروع: اختاره الأكثر وجزم به في
المنور وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين
والحاويين وبن تميم وفروع القاضي أبي الحسين
والمستوعب وإدراك الغاية.
وعنه يبني على غالب ظنه قدمه في الفائق
واختاره الشيخ تقي الدين وقال على هذا عامة
أمور الشرع وأن مثله يقال في طواف وسعي ورمي
جمار وغير ذلك.
قال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب: هذا اختيار
الخرقي.
قوله : "وظاهر المذهب أن المنفرد يبني على
اليقين والإمام على غالب ظنه".
وكذا قال في الكافي: والمذهب الأحمد والحاويين
يعنون ظاهر المذهب عندهم قال في القواعد
الفقهية: هذه المشهورة في المذهب واختاره
المصنف والشارح وقال هي المشهورة عن أحمد
واختيار الخرقي.
قال في الفروع: واختلف في اختيار الخرقي قال
في تجريد العناية: ويأخذ منفرد بيقينه وإمام
بظنه على الأشهر فيها واختاره ابن عبدوس في
تذكرته وصححه الناظم وجزم به في العمدة
والوجيز والإفادات وقدمه في الخلاصة.
وقطع في التلخيص والبلغة بأن المنفرد يبنى على
اليقين وأطلق في الإمام والمنفرد
(2/105)
الروايتين وقال
في المذهب: يبنى المنفرد على اليقين رواية
واحدة وكذا الإمام في أصح الروايتين وكذا في
مسبوك الذهب.
فعلى القول: بأن الإمام يبنى على غالب ظنه قال
الأصحاب: لآن له من ينبههه قال في الفروع:
ومرادهم ما لم يكن المأموم واحدا فإن كان
المأموم واحدا اخذ الإمام باليقين لأنه لا
يرجع إليه وبدليل المأموم الواحد لا يرجع إلى
فعل إمامه ويبنى على اليقين للمعنى المذكور
فيعايى بها انتهى وبدليل المأموم الواحد لا
يرجع.
قلت: قد صرح بذلك ابن تميم فقال إن كان
المأموم واحدا لا يقلد إمامه ويبنى على
اليقين.
وكذا لا يرجع الإمام إلى تسبيح المأموم الواحد
لكن متى كان من سبح على يقين من خطأ إمامه لم
يتابعه ولا يسلم قبله انتهى.
قال المجد في شرحه: لو كان المأموم واحدا فشك
المأموم فلم أجد فيها نصا عن أصحابنا وقياس
المذهب لا يقلد إمامه ويبنى على اليقين
كالمنفرد لكن لا يفارقه قبل السلام فإذا سلم
أتى بالركعة المشكوك فيها وسجد للسهو.
فائدتان.
الأولى: يأخذ المأموم بفعل إمامه وفي فعل نفسه
يبني على اليقين على الصحيح من المذهب وقيل:
يأخذ بغلبة ظنه.
الثانية : حيث قلنا يبنى على اليقين أو التحري
ففعل ثم يتقن أنه مصيب فيما فعله فلا سجود
عليه على الصحيح من المذهب قدمه ابن تميم قال
المجد في شرحه: لم يسجد إلا أن يزول شكه بعد
أن فعل معه ما يجوز أن يكون زائدا فإنه يسجد
مثاله لو كان في سجود ركعة من الرباعية وشك هل
هي أولاه أو ثانيته فبنى على اليقين وصلى أخرى
ركعتين ثم زال شكه لم يسجد لأنه لم يفعل إلا
ما هو مأمور به على كل تقدير.
قال في مجمع البحرين قلت: بل قد زاد التشهد
الأول في غير موضعه وتركه في موضعه على تقدير
أن يعلم أنها ثانية انتهى.
قال المجد: ولو صلى مع الشك ثلاثا أو شرع في
ثالثة ثم تحقق أنها رابعة سجد لأنه فعل ما
عليه مترددا في كونه زيادة وذلك نقص من حيث
المعنى ولو شك وهو ساجد هل هو في السجدة
الأولى أو الثانية ثم زال شكه لما رفع رأسه من
سجوده فلا سهو عليه ولو لم يزل شكه حتى سجد
ثانيا لزمه سجود السهو لأنه أدى فرضه شاكا في
كونه زائدا قال: هذا هو الصحيح من مذهبنا
وفيهما وجه لا يسجد في القسمين جميعا وهو ظاهر
ما ذكره القاضي في المجرد فقال وإذا سها فتذكر
في صلاته لم يسجد انتهى كلام المجد وتابعه في
مجمع البحرين وفيه وجه آخر يسجد قاله في
التلخيص وقدمه في القواعد الأصولية.
(2/106)
قلت: فيعايى
بها على هذا الوجه وأطلقهما في الفروع.
قوله : "ومن شك في ترك ركن فهو كتركه".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقيل هو كترك ركعة قياسا فيتحرى ويعمل
بغلبة الظن وقاله أبو الفرج في قول وفعل.
فائدة : قال ابن تميم: وغيره لو جهل عين الركن
المتروك بنى على الأحوط فإن شك في القراءة
والركوع جعله قراءة وإن شك في الركوع والسجود
جعله ركوعا وإن ترك آيتين متواليتين من
الفاتحة جعلهما من ركعة وإن لم يعلم تواليهما
جعلهما من ركعتين.
وفيه وجه آخر أنه يتحرى ويعمل بغلبة الظن في
ترك الركن كالركعة.
وقال أبو الفرج: التحري سائغ في الأقوال
والأفعال كما تقدم انتهى.
قوله : "وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود
على وجهين".
وأطلقهما في الفروع والتلخيص والبلغة والرعاية
الصغرى والحاويين والكافي والقواعد الفقهية.
إحداهما : لا يلزمه وهو المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب قال في المذهب: هو قول
أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: لم يسجد في
أصح الوجهين واختاره ابن حامد والمصنف والمجد
وجزم به في الوجيز وقدمه في المستوعب والرعاية
الكبرى وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني: يلزمه صححه في التصحيح والنظم
والشرح واختاره القاضي وبن عبدوس في تذكرته
وقدمه في المحرر والفائق وجزم به في الإفادات
والمنور.
فائدة : لو شك هل دخل معه في الركعة الأولى أو
الثانية جعله في الثانية ولو أدرك الإمام
راكعا ثم شك بعد تكبيره هل رفع الإمام رأسه
قبل إدراكه راكعا أم لا لم يعتد بتلك الركعة
على الصحيح من المذهب وقيل يعتد بها ذكره في
التلخيص.
قوله : "وإن شك في زيادة لم يسجد".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وعنه
يسجد.
اختاره القاضي كشكه في الزيادة وقت فعلها
وأطلقهما ابن تميم.
فوائد.
إحداها: لو سجد لشك ثم تبين أنه لم يكن عليه
سجود وهي مسألة الكسائي مع أبي يوسف قال في
مجمع البحرين والنكت: ففي وجوب السجود عليه
وجهان وأطلقهما في
(2/107)
الفروع وبن
تميم والمجد في شرحه والرعايتين والحاويين
أحدهما يسجد جزم به في التلخيص والثاني لا
يسجد.
وهو ظاهر ما اختاره في مجمع البحرين.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل: يسجد للسهو في
النقص لا في الزيادة وهو أظهر انتهى.
الثانية لا أثر لشك من سلم على الصحيح من
المذهب نص عليه وقيل بلى مع قصر الزمن.
الثالثة : إذا علم أنه سها في صلاته ولم يعلم
هل هو مما يسجد له أم لا لم يسجد على الصحيح
من المذهب وقيل يسجد.
الرابعة : لو شك في محل سجوده سجد قبل السلام
قاله ابن تميم وبن حمدان.
الخامسة: لو شك هل سجد لسهوه أم لا سجد مرة
وقيل مرتين قبل السلام وقيل يفعل ما تركه ولا
يسجد له وقيل إن شك هل سجد له.
سجد له سجدتين وسجد لسهوه سجدتين بعد فعل ما
تركه كل ذلك في الرعاية الكبرى وغيره.
قوله: "وليس على المأموم سجود سهو".
زاد في الرعاية الكبرى ولو أتى بما تركه بعد
سلام إمامه وخالفه المجد وغيره في ذلك على ما
تقدم إذا شك في عدد الركعات.
قوله : "إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه".
يعني ولو لم يتم المأموم التشهد سجد معه ثم
يتمه على الصحيح من المذهب وقيل يتمه ثم يعيد
السجود ثانيا وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "فإلم يسجد الإمام فهل يسجد المأموم
على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والكافي والتلخيص
والخلاصة وبن تميم والمغني.
إحداهما : يسجد وهو المذهب قال في الفروع: سجد
هو على الأصح قال في الفائق: الأصح فعله
اختاره ابن عقيل والمصنف والقاضي في التعليق
والروايتين قال في الحاويين: سجد المأموم في
أصح الروايتين قال في الرعايتين: يسجد المأموم
على الأصح ونصرها الشريف وأبو الخطاب وجزم به
في الإفادات والمنور وقدمه أبو الحسين في
فروعه وهو من المفردات.
والرواية الثانية : لا يلزمه السجود وهو مقتضى
كلام الخرقي واختاره أبو بكر والمجد في شرحه
قال في مجمع البحرين: لم يسجد في أظهر
الروايتين قال في الوجيز: ولا سجود على مأموم
إلا تبعا لإمامه وقدمه في المحرر والنظم.
(2/108)
فوائد.
منها: قال المجد ومن تابعه: محل الروايتين
فيما إذا تركه الإمام سهوا قال في مجمع
البحرين قلت: وزاد ابن الجوزي قيدا آخر وهو ما
إذا لم يسه المأموم.
فإن سهوا معا ولم يسجد الإمام سجد المأموم
رواية واحدة لئلا تخلو الصلاة عن جابر في حقه
مع نقصها منه حسا بخلاف ما قبله.
وأما المسبوق: فإن سجوده لا يخل بمتابعة إمامه
فلذا قلنا يسجد بلا خلاف كما تقدم انتهى.
قال المجد ومن تابعه: وأما إن تركه الإمام
عمدا وهو مما يشرع قبل السلام بطلت صلاته في
ظاهر المذهب وهل تبطل صلاة من خلفه على
روايتين يأتي أصلهما انتهى.
قال الزركشي: نعم إن تركه عمدا لاعتقاده عدم
وجوبه فهو كتركه سهوا عند أبي محمد ثم قال:
والظاهر أنه يخرج على ترك الإمام ما يعتقد
المأموم وجوبه.
ومنها : حيث قلنا يسجد المأموم إذا لم يسجد
إمامه فمحله بعد سلام إمامه وألا ييأس من
سجوده ظاهرا لأنه ربما ذكر فسجد وقد يكون ممن
يرى السجود بعد السلام فلا يعلم أنه تارك إلا
بذلك.
قال في مجمع البحرين قلت: ويحتمل أن يقول سبح
به فإن لم يفهم المراد أشار له إلى السجود على
ما مضى من التفصيل ولم أقف على من صرح به غير
أنه يدخل في عموم كلام الأصحاب انتهى.
ومنها : المسبوق يسجد تبعا لإمامه إن سها
الإمام فيما أدركه معه وكذا إن سها فيما لم
يدركه معه على الصحيح من المذهب وعنه يسجد معه
إن سجد قبل السلام وإلا قضى بعد سلام إمامه ثم
سجد وعنه يقضي ثم يسجد سواء سجد إمامه قبل
السلام أو بعده وعنه يخير في متابعته وعنه
يسجد معه ثم يعيده وهو من المفردات وأطلقهما
في التلخيص وقال: أصلهما هل يسجد المأموم لسهو
إمامه أو لمتابعته فيه روايتان فإذا قلنا يسجد
المسبوق مع إمامه فلم يسجد إمامه سجد هو رواية
واحدة وحكاه غير واحد إجماعا لأنه لم يوجد
جابر من إمامه قال في النكت: وفي معناه إذا
انفرد المأموم بعذر فإنه يسجد.
وإن لم يسجد إمامه قطع به غير واحد منهم صاحب
الرعاية ويأتي في صلاة الخوف في الوجه الثاني
أحكام السهو إذا فارقته إحدى الطائفتين.
ومنها : لو قام المسبوق بعد سلام إمامه جهلا
بما عليه من سجود بعد السلام أو قبله وقد نسيه
ولم يشرع في القراءة رجع فسجد معه وبنى نص
عليه وقيل لا يرجع وقيل إن لم يتم قيامه رجع
وإلا فلا بل يسجد هو قبل سلام إمامه قال في
الحاويين: وعندي إن لم يستتم قائما رجع وإلا
فلا وإن شرع في القراءة لم يرجع قولا واحدا.
(2/109)
ومنها : لو
أدرك المسبوق الإمام في إحدى سجدتي السهو وسجد
معه فإذا سلم أتى بالسجدة الثانية ثم قضى
صلاته نص عليه وقيل لا يأتي بالسجدة الأخرى بل
يقضي صلاته بعد سلام إمامه ثم يسجد.
ومنها : لو أدركه بعد أن سجد للسهو وقبل
السلام لم يسجد ذكره في المذهب واقتصر عليه في
الفروع.
ومنها : لو سها فسلم معه أو سها معه أو فيما
انفرد به سجد.
قوله : "وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة
واجب".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يشترط السجود
لصحة الصلاة قال ابن هبيرة: وهو المشهور عن
أحمد وعنه مسنون قال ابن تميم: وتأولها بعض
الأصحاب.
قلت: هو المصنف في المغني.
تنبيه : يستثنى من عموم كلام المصنف هنا سجود
السهو نفسه فإن الصلاة تصح مع سهوه على الصحيح
من المذهب على ما يأتي دون عمده الذي قبل
السلام وكذا الذي بعده على قول يأتي ولا يجب
لسهوه سجود آخر على ما تقدم أول الباب.
ويستثنى أيضا إذا لحن لحنا يحيل المعنى سهوا
أو جهلا وقلنا لا تبطل.
صلاته كما هو اختيار أكثر الأصحاب فإن المجد
قطع في شرحه أنه لا يسجد لسهوه قال في النكت:
وفيه نظر لأن عمده مبطل فوجب السجود لسهوه
وهذا ظاهر ما قطع به في الفروع.
قوله : "ومحله قبل السلام إلا في السلام قبل
إتمام صلاته وفيما إذا بنى الإمام على غالب
ظنه".
وهذا المذهب في ذلك كله وهو المشهور والمعروف
عند الأصحاب قال الزركشي وبن حمدان وغيرهما:
هو المذهب قال ابن تميم: اختارها مشايخ
الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وجزم به في
الوجيز وغيره وهو من المفردات.
وأما إذا قلنا يبني الإمام على اليقين فإنه
يسجد قبل السلام ويكون السجود بعده في صورة
واحدة.
تنبيه : أطلق أكثر الأصحاب قولهم السلام قبل
إتمام صلاته وهو معنى قول بعضهم السلام عن نقص
وقدمه في الفروع وغيره وقال القاضي والمجد ومن
تابعهما والأفضل قبله إلا إذا سلم عن نقص ركعة
فأكثر وإلا سجد قبل السلام نص عليه في رواية
حرب وجزم به في الوجيز والحاويين قال الزركشي:
وهو موجب الدليل.
وعنه أن الجميع يسجد له قبل السلام اختاره أبو
محمد الجوزي وابنه أبو الفرج قال القاضي في
الخلاف: وغيره وهو القياس قال الناظم: وهو
أولى وقدمه ابن تميم والرعايتين،
(2/110)
والفائق وعنه
أن الجميع بعد السلام.
وعنه ما كان من زيادة فهو بعد السلام وما كان
من نقص كان قبله فيسجد من أخذ باليقين قبل
السلام ومن أخذ بظنه بعده اختارها الشيخ تقي
الدين.
وعنه ما كان من نقص فهو بعد السلام وما كان من
زيادة كان قبله عكس التي قبلها.
فائدة : محل الخلاف في سجود السهو هل هو قبل
السلام أو بعده أو قبله إلا في صورتين أو ما
كان من زيادة أو نقص على سبيل الاستحباب
والأفضلية فيجوز السجود بعد السلام إذا كان
محله قبل السلام وعكسه وهذا هو الصحيح من
المذهب وعليه أكثر الأصحاب وذكره القاضي وأبو
الخطاب وغيره وجزم به المجد وغيره وقدمه في
الفروع وغيره.
قال القاضي: لا خلاف في جواز الأمرين وإنما
الكلام في الأولى والأفضل وذكره بعض المالكية
والشافعية إجماعا.
وقيل: محله وجوبا اختاره الشيخ تقي الدين وقال
عليه يدل كلام الإمام أحمد وهو ظاهر كلام صاحب
المستوعب والتلخيص والمصنف وغيرهم.
قال الزركشي: وظاهر كلام أبي محمد وأكثر
الأصحاب أنه على سبيل الوجوب وقدمه في الرعاية
وأطلقهما في الفائق وبن تميم.
قوله : "وإن نسيه قبل السلام قضاه ما لم يطل
الفصل أو يخرج من المسجد".
اشترط المصنف لقضاء السجود شرطين أحدهما أن
يكون في المسجد والثاني أن لا يطول الفصل وهو
المذهب نص عليه قال في الفروع: ولعله أشهر قال
الزركشي وبن منجا في شرحه: هذا المذهب قال في
تجريد العناية: على الأظهر وجزم به في
الإفادات والمنور وقدمه في الهداية والخلاصة
والمغني والشرح ونصراه والتلخيص والمحرر وبن
تميم والرعاية الصغرى والحاويين ومجمع البحرين
وإدراك الغاية.
قال في الرعاية الكبرى: فإن نسيه قبله سجد
بعده إن قرب الزمن وقيل أو طال وهو في المسجد
وعنه يشترط أيضا أن لا يتكلم ذكرها الشريف في
مسائله وقيل يسجد إن تكلم لمصلحة الصلاة وإلا
فلا وعنه يسجد مع قصر.
الفصل ولو خرج من المسجد اختارها المجد في
شرحه وقال نص عليه في رواية ابن منصور وهو
ظاهر كلامه في الوجيز فإنه قال: وإن نسيه وسلم
سجد إن قرب زمنه قال الشارح: اختارها القاضي.
قال ابن تميم: ولو خرج من المسجد ولم يطل سجد
في أصح الوجهين وقدمه الزركشي وهو ظاهر ما
قدمه في الكافي فإنه قال فإن نسي السجود فذكره
قبل طول الفصل سجد.
وعنه لا يسجد سواء قصر الفصل أو طال خرج من
المسجد أو لا.
(2/111)
وعنه يسجد وإن
بعد اختارها الشيخ تقي الدين وجزم به ابن رزين
في نهايته وقيل يسجد مع طول الفصل ما دام في
المسجد وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما ابن
تميم وأطلق الخلاف في الفروع.
فوائد .
الأولى : مثل ذلك خلافا ومذهبا لو نسي سجود
السهو المشروع بعد السلام في القضاء وغيره قال
في الفروع: وإن نسي سجودا وأطلق.
الثانية : حيث قلنا يسجد فلو أحدث بعد صلاته
فقيل لا يسجد إذا توضأ وهو الصحيح اختاره
المصنف وقيل يسجد إذا توضأ وأطلقهما في الفروع
وبن تميم والرعاية والحواشي.
قلت: ظاهر كلام كثير من الأصحاب أن حكمه حكم
من لم يحدث لإطلاقهم وتقدم إذا سلم عن نقص
سهوا وخرج من المسجد أو شرع في صلاة أخرى أو
طال الفصل هل تبطل صلاته أم لا في كلام المصنف
وغيره أول الباب.
الثالثة : حيث قلنا يسجد فلم يذكر إلا وهو في
صلاة أخرى سجد إذا سلم أطلقه بعض الأصحاب قاله
في الفروع وقدمه هو وصاحب الرعاية والحواشي.
وبن رزين في شرحه وقيل يسجد مع قصر الفصل
فيخففها مع قصر الفصل ليسجد وجزم به المجد في
شرحه قال في المغني والشرح: يسجد بعد فراغه في
ظاهر كلام الخرقي ما دام في المسجد وعلى قول
غيره إن طال الفصل لم يسجد وإلا سجد انتهى.
وقال في الرعاية وقيل: يسجد إن قصر الزمن
بينهما أو كانتا صلاتي جمع وإلا فلا وأطلقهما
ابن تميم.
الرابعة : طول الفصل وقصره مرجعه إلى العرف
على الصحيح من المذهب وقيل طول الفصل قدر ركعة
طويلة قاله القاضي في الجامع وقيل بل قدر
الصلاة التي هو فيها ثانيا.
قوله : "ويكفيه لجميع السهو سجدتان إلا أن
يختلف محلهما ففيه وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والكافي والتلخيص.
أحدهما : يكفيه سجدتان وهو المذهب نص عليه
وصححه في التصحيح والرعاية الصغرى قال في مجمع
البحرين: هذا أقوى الوجهين واختاره المصنف
والشارح وإليه ميل المجد في شرحه قال ابن رزين
في شرحه: وهو أظهر وقدمه في الفروع والرعايتين
والحاويين والنظم وغيرهم وجزم به في الوجيز
وغيره.
والوجه الثاني: لكل سهو سجدتان صححه في الفائق
وجزم به في الإفادات والمنور وقدمه في المحرر
واختاره أبو بكر.
(2/112)
قال القاضي:
وغيره لا يجوز إفراد سهو بسجود بل يتداخل.
فعلى المذهب: في أصل المسألة وهو القول بأنه
يجزيه سجدتان يغلب ما قبل السلام على الصحيح
من المذهب قال في مجمع البحرين: هذا أقوى.
الوجهين وجزم به في الكافي والمغني والشرح
وقدمه في الرعايتين والفائق والحاوي الصغير
وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقيل: يغلب أسبقهما وقوعا وأطلقهما المجد في
شرحه ومحرره والحاوي الكبير.
وقيل ما محله بعد السلام قاله في الفروع وحكاه
بعده وأطلقهن في الفروع وتجريد العناية
والحاوي الكبير.
فائدتان.
إحداهما : معنى اختلاف محلهما هو أن يكون
أحدهما قبل السلام والآخر بعده لاختلاف سببهما
وأحكامهما على الصحيح من المذهب جزم به المجد
في شرحه وصاحب مجمع البحرين فيه وقدمه ابن
تميم والرعايتين واختاره المصنف والشارح وقال
بعض الأصحاب معناه أن يكون أحدهما عن نقص
والآخر عن زيادة منهم صاحب التلخيص فيه وقدمه
ابن رزين في شرحه.
الثانية : قال المصنف والشارح: وغيرهما لو
أحرم منفردا فصلى ركعة ثم نوى متابعة الإمام
وقلنا بجواز ذلك فهي فيما إذا انفرد به وسها
إمامه فيما تابعه فيه فإن صلاته تنتهي قبل
صلاة الإمام.
فعلى قولنا هما من جنس واحد إن كان محلهما
واحد وعلى قول من فسر الجنسين بالزيادة والنقص
يحتمل كونهما من جنسين.
قالوا: وهكذا لو صلى من الرباعية ركعة ودخل مع
مسافر فنوى متابعته فلما سلم قام إمامه ليتم
ما عليه فقد حصل مأموما في وسط صلاته منفردا
في طرفيها.
وإذا سها في الوسط والطرفين جميعا فعلى قولنا
إن كان محل سجودهما.
واحد فهي جنس واحد وإن اختلف محل السجود فهي
جنسان وقال بعض أصحابنا هي جنسان انتهى.
وقال في التلخيص: عن المثال الأول خرج عن
السهو من جنسين لتغاير الفرادى والمتابعة.
وقيل: لا يوجب ذلك جعلهما جنسين.
وقال في الفروع: ويكفيه سجود في الأصح لسهوين
أحدهما جماعة والآخر منفردا وأطلقهما في
الرعاية في هذه الصورة.
(2/113)
قوله : "ومتى
سجد بعد السلام جلس فتشهد ثم سلم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقيل لا يتشهد واختاره الشيخ تقي الدين:
قال في الرعاية: لا يتشهد ولو نسيه وفعله بعده
وإليه ميل المصنف والشارح.
فعلى المذهب: يتشهد التشهد الأخير قاله في
المستوعب والحاوي الكبير والفروع وغيرهم وقال
في الرعاية الكبرى ويتشهد فيما بعده وقيل
ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلى
عليه في الصلاة.
وعلى المذهب أيضا يجلس مفترشا إذا كانت الصلاة
ركعتين على الصحيح صححه في مجمع البحرين
والمجد في شرحه وقال هو ظاهر كلام أحمد وقدمه
في المغني والشرح وشرح ابن رزين ذكروه في صفة
الصلاة.
وقيل:يتورك اختاره القاضي وأطلقهما في الفروع
وبن تميم والرعايتين والحاويين وتقدم ذلك في
صفة الصلاة عند قوله: "ثم يجلس في التشهد
الثاني متوركا".
وأما إن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية فإنه
يتورك بلا نزاع أعلمه.
فائدة : سجود السهو وما يقوله فيه وبعد الرفع
منه كسجود الصلاة فلو خالف.
أعاده بنيته جزم به في الفروع وقدمه في
الرعاية وقال وقيل إن سجد بعد السلام كبر مرة
واحدة وسجد سجدتين ثم رفع.
قوله : "ومن ترك السجود الواجب قبل السلام
عمدا بطلت الصلاة".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم قال في الفروع: بطلت على الأصح قال المجد
في شرحه ومجمع البحرين: هذا أصح وهو ظاهر
المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في
المحرر وغيره وعنه لا تبطل وهو وجه حكاه المجد
وغيره.
قوله : "وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل".
وهو المذهب وعليه الأصحاب قال في الفصول:
ويأثم بترك ما بعد السلام وإنما لم تبطل لأنه
منفرد عنها واجب لها كالأذان.
وعنه تبطل وهو وجه ذكره المجد وغيره.
فائدة : قال في الفروع: وفي بطلان صلاة
المأموم الروايتان قال المجد في شرحه: إذا
بطلت صلاة الإمام ففي بطلان صلاة المأموم
روايتان وقال في الرعاية الكبرى ومن تعمد ترك
السجود الواجب قبل السلام بطلت صلاته وعنه لا
تبطل كالذي بعده في الأصح فيه وقيل تبطل صلاة
المنفرد والإمام دون المأموم وقيل إن بطلت
صلاة الإمام بتركه ففي صلاة المأموم روايتان
وقيل وجهان انتهى وتقدم أول الباب الذي لا
يسجد له.
(2/114)
باب صلاة التطوع.
تنبيه : يحتمل قوله: "وهي أفضل تطوع البدن" أن
يكون مراده أنها أفضل من جميع التطوعات فيدخل
في ذلك التطوع بالجهاد وغيره وهو أحد الوجوه
وقدمه في الرعاية الكبرى وحواشي ابن مفلح وهو
ظاهر تعليل ابن منجا في شرحه.
ويحتمل أن يكون مراده أنها أفضل التطوعات سوى
الجهاد لقوله في كتاب الجهاد وأفضل ما يتطوع
به الجهاد ويكون عموم كلامه هنا مخصوصا أو
يقال لم يدخل الجهاد في كلامه لأنه في الغالب
لا يحصل بالبدن فقط.
ويحتمل أن يكون مراده أنها أفضل التطوعات
المقصورة على البدن كالصوم والوضوء والحج
ونحوه بخلاف المتعدي نفعه كعيادة المريض وقضاء
حاجة المسلم والإصلاح بين الناس والجهاد وصلة
الرحم وطلب العلم ونحوه وهو وجه اختاره كثير
من الأصحاب على ما يأتي.
قال في مجمع البحرين: وقول الشيخ- يعني به
المصنف تطوع البدن أي غير المتعدى نفعه
المقصور على فاعله فأما المتعدي نفعه فهو آكد
من نفل الصلاة قال المجد في شرحه: عن كلامه في
الهداية وهو كلام المصنف وهذه المسألة محمولة
عندي على نفل البدن غير المتعدي انتهى.
واعلم أن تحرير المذهب في ذلك أن أفضل
التطوعات مطلقا الجهاد على الصحيح من المذهب
نص عليه وعليه جماهير الأصحاب متقدمهم
ومتأخرهم قال في الفروع: الجهاد أفضل تطوعات
البدن أطلقه الإمام أحمد والأصحاب والصحيح من
المذهب أيضا أنه أفضل من الرباط وقيل الرباط
أفضل وحكى رواية.
وقال الشيخ تقي الدين: العمل بالقوس والرمح
أفضل في الثغر وفي غيره نظيرها.
فعلى المذهب: النفقة في الجهاد أفضل من النفقة
في غيرها على الصحيح من المذهب ونقل جماعة عن
الإمام أحمد الصدقة على قريبه المحتاج أفضل مع
عدم حاجته إليه ذكره الخلال وغيره ونقل ابن
هانئ أن أحمد قال: لرجل أراد الثغر "أقم على
أختك أحب إلي أرأيت إن حدث؟ بها حدث من
يليها؟" ونقل حرب أنه قال: لرجل له مال كثير
أقم على ولدك وتعاهدهم أحب إلي ولم يرخص له
يعني في غزو غير محتاج إليه.
قال ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة: الصدقة
أفضل من الحج ومن الجهاد.
ويأتي في آخر باب ذكر أهل الزكاة عند قوله:
"والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة أهل" "هل
الصدقة أفضل من العتق أم لا أم هي أفضل زمن
المجاعة أو على الأقارب؟ وهل هي أفضل من الحج
أم لا؟".
وقال الشيخ تقي الدين: استيعاب عشر ذي الحجة
بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من الجهاد الذي
(2/115)
لم تذهب فيه
نفسه وماله وهي في غير العشر تعدل الجهاد قال
في الفروع: ولعل هذا مرادهم انتهى.
وعنه العلم تعلمه وتعليمه أفضل من الجهاد
وغيره.
ونقل مهنا طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت
نيته قيل بأي شيء تصح النية قال: ينوي يتواضع
فيه وينفي عنه الجهل واختاره في مجمع البحرين
واختار بعده الجهاد ثم بعد الجهاد إصلاح ذات
البين ثم صلة الرحم والتكسب على العيال من ذلك
نص عليه الأصحاب انتهى.
وقال في نظمه: الصلاة أفضل بعد العلم والجهاد
والنكاح المؤكد.
واختار الحافظ عبد الغني أن الرحلة إلى سماع
الحديث أفضل من الغزو ومن سائر النوافل.
وذكر الشيخ تقي الدين: أن تعلم العلم وتعليمه
يدخل بعضه في الجهاد وأنه.
نوع من الجهاد من جهة أنه من فروض الكفايات
قال: والمتأخرون من أصحابنا أطلقوا القول أن
أفضل ما يتطوع به الجهاد وذلك لمن أراد أن
ينشئه تطوعا باعتبار أنه ليس بفرض عين عليه
باعتبار أن الفرض قد سقط عنه فإذا باشره وقد
سقط عنه الفرض فهل يقع فرضا أو نفلا على وجهين
كالوجهين في صلاة الجنازة إذا أعادها بعد أن
صلاها غيره.
وانبنى على الوجهين جواز فعلها بعد العصر
والفجر مرة ثانية والصحيح أن ذلك يقع فرضا
وأنه يجوز فعلها بعد العصر والفجر وإن كان
ابتداء الدخول فيه تطوعا كما في التطوع الذي
يلزم بالشروع فإنه كان نفلا ثم يصير إتمامه
واجبا انتهى.
وقال في آداب عيون المسائل: العلم أفضل
الأعمال وأقرب العلماء إلى الله وأولاهم به
أكثرهم له خشية انتهى.
واعلم أن الصلاة بعد الجهاد والعلم أفضل
التطوعات على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور
قال في الفروع: ذكره أكثر الأصحاب وقدمه في
الفروع والحاوي الصغير والرعاية الصغرى
وغيرهم.
وقيل: الصوم أفضل من الصلاة قال الإمام أحمد:
لا يدخله رياء قال: بعضهم وهذا يدل على فضيلته
على غيره قال ابن شهاب: أفضل ما يتعبد به
المتعبد الصوم وقيل ما تعدى نفعه أفضل اختاره
المجد وصاحب الحاوي الكبير ومجمع البحرين وقال
اختاره المجد وغيره من الأصحاب وقال صرح به
الشيخ يعني به المصنف في كتبه وحمل المجد
كلامه في الهداية على هذا وكذا صاحب مجمع
البحرين حمل كلام المصنف على هذا كما تقدم.
ونقل المروذي: إذا صلى وقرأ واعتزل فلنفسه
وإذا أقرأ فله ولغيره يقرئ أعجب إلي وأطلقهن
ابن تميم.
(2/116)
ونقل حنبل:
اتباع الجنازة أفضل من الصلاة.
وفي كلام القاضي التكسب للإحسان أفضل من
التعلم لتعديه.
قال في الفروع: وظاهر كلام ابن الجوزي وغيره:
أن الطواف أفضل من الصلاة في المسجد الحرام
واختاره الشيخ تقي الدين وذكره عن جمهور
العلماء للخبر.
ونقل حنبل أن الإمام أحمد قال: نرى لمن قدم
مكة أن يطوف لأنه صلاة والطواف أفضل من الصلاة
والصلاة بعد ذلك وعن ابن عباس الطواف لأهل
العراق والصلاة لأهل مكة وكذا عطاء هذا كلام
أحمد.
وذكر في رواية أبي داود عن عطاء والحسن ومجاهد
الصلاة لأهل مكة أفضل والطواف للغرباء أفضل
قال في الفروع: فدل ما سبق أن الطواف أفضل من
الوقوف بعرفة لا سيما وهو عبادة بمفرده يعتبر
له ما يعتبر للصلاة انتهى.
قلت: وفي هذا نظر.
وقيل: الحج أفضل لأنه جهاد وذكر في الفروع
الأحاديث في ذلك وقال فظهر أن نفل الحج أفضل
من صدقة التطوع ومن العتق ومن الأضحية وعلى
هذا إن مات في الحج فكما لو مات في الجهاد
يكون شهيدا وذكر الوارد في ذلك وقال على هذا
فالموت في طلب العلم أولى بالشهادة على ما
سبق.
ونقل أبو طالب: ليس يشبه الحج شيء للتعب الذي
فيه ولتلك المشاعر وفيه مشهد ليس في الإسلام
مثله عشية عرفة وفيه إهلال المال والبدن وإن
مات بعرفة فقد طهر من ذنوبه.
ونقل مهنا: الفكر أفضل من الصلاة والصوم قال
في الفروع: فقد يتوجه أن عمل القلب أفضل من
عمل الجوارح ويكون مراد الأصحاب عمل الجوارح
ولهذا ذكر في الفنون رواية مهنا فقال يعني
الفكر في آلاء الله ودلائل صنعه والوعد
والوعيد لأنه الأصل الذي ينتج أفعال الخير وما
أثمر الشيء فهو خير من ثمرته وهذا ظاهر
المنهاج لابن الجوزي فإنه قال: فيه من انفتح
له طريق عمل بقلبه بدوام ذكر أو فكر فذلك الذي
لا يعدل به النية.
قال في الفروع: وظاهره أن العالم بالله
وبصفاته أفضل من العالم بالأحكام الشرعية لأن
العلم يشرف بشرف معلومه وبثمراته.
وقال ابن عقيل: في خطبة كفايته إنما تشرف
العلوم بحسب مؤدياتها ولا أعظم من الباري
فيكون العلم المؤدي إلى معرفته وما يجب له وما
يجوز أجل العلوم.
واختار الشيخ تقي الدين: أن كل أحد بحسبه وأن
الذكر بالقلب أفضل من القراءة بلا قلب وهو
معنى كلام ابن الجوزي فإنه قال: أصوب الأمور
أن ينظر إلى ما يطهر القلب ويصفيه للذكر
والأنس فيلازمه.
(2/117)
وقال الشيخ تقي
الدين في الرد على الرافضي- بعد أن ذكر تفضيل
أحمد للجهاد والشافعي للصلاة وأبي حنيفة ومالك
للذكر والتحقيق: أنه لا بد لكل واحد من
الآخرين وقد يكون كل واحد أفضل في حال انتهى.
قال في الفروع: والأشهر عن الإمام أحمد
الاعتناء بالحديث والفقه والتحريض على ذلك
وعجب ممن احتج بالفضيل وقال لعل الفضيل قد
اكتفى وقال لا يثبط عن طلب العلم إلا جاهل
وقال: ليس قوم خير من أهل الحديث وعاب على
محدث لا يتفقه وقال يعجبني أن يكون الرجل فهما
في الفقه.
قال الشيخ تقي الدين: قال أحمد: معرفة الحديث
والفقه فيه أعجب إلي من حفظه.
وقال ابن الجوزي في خطبة المذهب: بضاعة الفقه
أربح البضائع والفقهاء يفهمون مراد الشارع
ويفهمون الحكمة في كل واقع وفتاويهم تميز
العاصي من الطائع.
وقال في كتاب العلم: له الفقه عمدة العلوم.
وقال في صيد الخاطر: الفقه عليه مدار العلوم
فإن اتسع الزمان للتزيد من العلم فليكن في
التفقه فإنه الأنفع وفيه المهم من كل علم هو
المهم.
قوله : "وآكدها صلاة الكسوف والاستسقاء".
يعني آكد صلاة التطوع وهذا المذهب وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
في الفروع وغيره وقيل الوتر آكد منهما
وأطلقهما ابن تميم ونقل حنبل ليس بعد المكتوبة
أفضل من قيام الليل.
فائدة : صلاة الكسوف آكد من صلاة الاستسقاء
قاله ابن منجا في شرحه وقال صرح في النهاية
يعني جده أبا المعالي بأن التراويح أفضل من
صلاة الكسوف.
تنبيه : ظاهر قوله : "ثم الوتر ثم السنن
الراتبة".
أنهما أفضل من صلاة التراويح وهو كالصريح على
ما يأتي من كلامه وهو وجه لبعض الأصحاب قدمه
ابن رزين في شرحه واختاره المصنف وهو ظاهر
كلامه في النظم والوجيز والتسهيل وغيرهم.
والصحيح من المذهب: أن التراويح أفضل من الوتر
وأنها في الفضيلة مثل ما تسن له الجماعة من
الكسوف والاستسقاء وغيرهما وأفضل منهما فإنها
مما تسن لها الجماعة قاله في الفروع وغيره
وجزم به المجد في شرحه وغيره وقدمه في
الرعايتين والحاويين والفائق وأطلقهما ابن
تميم.
وظاهر كلامه أيضا أن الوتر أفضل من سنة الفجر
وغيرها من الرواتب وهو صحيح وهو المذهب وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
في الفروع وغيره وعنه
(2/118)
سنة الفجر آكد
منها اختارها القاضي لاختصاصها بعدد مخصوص
وهما وجهان مطلقان في ابن تميم والفائق ويأتي
هل سنة الفجر آكد من سنة المغرب أم هي آكد.
قوله : "وليس بواجب".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه
وعنه أنه واجب.
اختاره أبو بكر واختار الشيخ تقي الدين وجوبه
على من يتهجد بالليل.
قوله : "ووقته ما بين صلاة العشاء وطلوع
الفجر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وعنه آخره إلى صلاة الفجر وجزم به في
الكافي.
فائدة : أفضل وقت الوتر آخر الليل لمن وثق
بنفسه على الصحيح من المذهب جزم به في المغني
والشرح والمجد في شرحه وغيرهم وقدمه في الفروع
وبن تميم وغيرهما وقيل وقته المختار كصلاة
العشاء اختاره القاضي وقدمه في الرعاية الكبرى
والحاوي الكبير وقيل: الكل سواء.
قوله : "وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: أكثره ثلاث عشرة ركعة ذكره في التبصرة
وقيل: الوتر ركعة وما قبله ليس منه نقل ابن
تميم أن أحمد قال: أنا أذهب إلى أن الوتر ركعة
ولكن يكون قبلها صلاة قال: في الحاوي الكبير
وغيره وهو ظاهر كلام الخرقي.
تنبيه : محل القول وهو أن الوتر ركعة إذا كانت
مفصولة فأما إذا اتصلت بغيرها كما لو أوتر
بخمس أو سبع أو تسع فالجميع وتر قاله الزركشي
كما ثبت في الأحاديث ونص عليه أحمد.
قال شيخنا الشيخ تقي الدين البعلي تغمده الله
برحمته: والذي يظهر أن على هذا القول لا يصلي
خمسا ولا سبعا ولا تسعا بل لا بد من الواحدة
مفصولة كما هو ظاهر كلام الخرقي وما قاله
الزركشي لم يذكر من قاله من أشياخ المذهب
وإنما قال: الأحاديث الصحيحة انتهى.
قلت: قد صرح بأن أحمد نص عليه.
فائدة : الصحيح من المذهب: أنه لا يكره أن
يوتر بركعة وعنه يكره حتى في حق المسافر ومن
فاته الوتر وتسمى البتيراء وأطلقهما المجد في
شرحه وبن تميم والفائق والزركشي وعنه يكره بلا
عذر وقال أبو بكر لا بأس بالوتر بركعة لعذر من
مرض أو سفر ونحوه.
(2/119)
وتقدم حكم
الوتر على الراحلة في أول استقبال القبلة
وتقدم هل يجوز فعله قاعدا في أول أركان
الصلاة.
قوله : "وأكثره إحدى عشرة ركعة يسلم من كل
ركعتين".
هذا المذهب وعليه الجمهور وقيل كالتسع وجزم به
أبو البقاء في شرحه.
وقال في الرعاية الكبرى: وإن سرد عشرا وجلس
للتشهد ثم أوتر بالأخيرة وتحى وسلم صح نص عليه
وقيل له سرد إحدى عشرة فأقل بتشهد واحد وسلام.
قال الزركشي: وله سرد الإحدى عشرة وحكى ابن
عقيل وجهان بأن ذلك أفضل وليس بشيء انتهى وقال
القاضي في المجرد إن صلى إحدى عشرة ركعة أو ما
شاء منهن بسلام واحد أجزأه.
قوله : "وإن أوتر بتسع سرد ثمانيا وجلس ولم
يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم".
وهذا المذهب وعليه الجمهور وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في المحرر والفروع وبن تميم
وغيرهم وهو من المفردات.
وقيل: كإحدى عشرة فيسلم من كل ركعتين.
قوله : "وكذلك السبع".
هذا أحد الوجوه اختاره المصنف هنا وجزم به في
الكافي وقدمه في الشرح.
والصحيح من المذهب: أنه يسرد السبع كالخمس نص
عليه وعليه الجمهور وجزم به في المحرر والوجيز
والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم
والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو من المفردات
وقيل: كإحدى عشرة.
قوله : "وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم
به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في
الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين وغيرهم
وهو من المفردات وقيل: كتسع وقيل كإحدى عشرة.
وقال ابن عقيل في الفصول: إن أوتر بأكثر من
ثلاث فهل يسلم من كل ركعتين كسائر الصلوات
قال: وهذا أصح أو يجلس عقيب الشفع ويتشهد ثم
يجلس عقيب الوتر ويسلم فيه وجهان انتهى.
وهذه الصفات من مفردات المذهب.
(2/120)
فائدة : ذكر
القاضي في الخلاف أن هذه الصفات الواردة عن
النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي على صفات
الجواز وإن كان الأفضل غيره وقد نص أحمد على
جواز هذا فمحل نصوص أحمد على الجواز.
قلت: وهو ظاهر كلامه في المذهب فإنه قال:
ويجوز أن يصلي الوتر بتسليمة واحدة ويحتمله
كلامه في الوجيز فإنه قال: وله سرد خمس أو
سبع.
وقال ابن عبدوس في تذكرته: ويجوز بخمس وسبع
وتسع بسلام والصحيح من المذهب: أن فعل هذه
الصفات مستحب وأنها أفضل من صلاته مثنى قدمه
المجد في شرحه وبن تميم ومجمع البحرين وقالوا
نص عليه وهو ظاهر ما قدمه في الفروع فإنه حكى
وجها أن الوتر بخمس أو سبع كإحدى عشرة.
قلت: وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب لاقتصارهم
على هذه الصفات وتقدم كلام ابن عقيل في
الفصول.
قوله : "وأدنى الكمال ثلاث ركعات بتسليمتين".
أي بسلامين وهذا بلا خلاف أعلمه وظاهر كلام
المصنف أنه يجوز بتسليم واحد وهو المذهب قال
الإمام احمد: وإن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن لم
يضيق عليه عندي قال في الفروع: وبتسليمة يجوز
وجزم به المجد في شرحه وقال نص عليه وقال ابن
تميم وصاحب الفائق وبواحدة لا بأس قال في
الرعايتين والحاويين وغيرهم: بسلامين أو سردا
بسلام وظاهر ما قدمه في الفروع إذا قلنا بسلام
واحد أنها تكون سردا.
قال القاضي في شرحه الصغير: إذا صلى الثلاث
بسلام واحد ولم يكن جلس عقيب الثانية: جاز وإن
كان جلس فوجهان أصحهما لا يكون وترا انتهى.
وقيل: يفعل الثلاث كالمغرب قال في المستوعب:
وإن صلى ثلاثا بسلام واحد جاز ويجلس عقيب
الثانية كصلاة المغرب وخير الشيخ تقي الدين
بين الفصل والوصل.
تنبيه : ظاهر قوله: "ويقنت فيها أنه يقنت" في
جميع السنة وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به
كثير منهم.
وعنه لا يقنت إلا في نصف رمضان الأخير نقله
الجماعة وهو وجه في مختصر ابن تميم وغيره
واختاره الأثرم ونقل صالح أختار القنوت في
النصف الأخير من رمضان وإن قنت في السنة كلها
فلا بأس.
قال في الحاوي والرعاية: رجع الإمام أحمد عن
ترك القنوت في غير النصف الأخير من رمضان قال
القاضي: عندي أن أحمد رجع عن القول بأن لا
يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير لأنه صرح
في رواية خطاب فقال كنت أذهب إليه ثم رأيت
السنة كلها.
وخير الشيخ تقي الدين في دعاء القنوت بين فعله
وتركه وأنه إن صلى بهم قيام رمضان
(2/121)
فإن قنت جميع
الشهر أو نصفه الأخير أو لم يقنت بحال فقد
أحسن.
قوله : "بعد الركوع"
يعني على سبيل الاستحباب فلو كبر ورفع يديه ثم
قنت قبل الركوع جاز ولم يسن على الصحيح من
المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه
يسن ذلك وقيل: لا يجوز ذلك قدمه في الرعايتين.
تنبيه قولي فلو كبر ورفع يديه ثم قنت قبل
الركوع جاز ولم يسن على الصحيح من المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه
يسن ذلك هكذا قاله المجد في شرحه وصاحب الفروع
وبن تميم وقال نص عليه وقال كثير من الأصحاب
وإن قنت قبل الركوع جاز.
قوله : "فيقول اللهم إنا نستعينك إلى - قوله-
أنت كما أثنيت على نفسك".
اعلم أن الصحيح من المذهب أنه يدعو في القنوت
بذلك كله قال الإمام أحمد يدعو بدعاء عمر
"اللهم إنا نستعينك الخ" وبدعاء الحسن "اللهم
اهدنا فيمن هديت الخ" وقال في التلخيص: ويقول
بعد قوله: "إن عذابك الجد بالكفار ملحق"
"ونخلع ونترك من يفجرك" وقال في النصيحة:
ويدعو معه بما في القرآن ونقل أبو الحارث بما
شاء اختاره بعض الأصحاب قال أبو بكر في
التنبيه ليس في الدعاء شيء مؤقت ومهما دعا به
جاز.
واقتصر بعض الأصحاب على دعاء "اللهم اهدنا
فيمن هديت" قال في الفروع: ولعل المراد يستحب
هذا وإن لم يتعين وقال في الفصول اختاره أحمد
ونقل المروذي يستحب بالسورتين.
فوائد.
الأولى: يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
بعد الدعاء نص عليه وهو المذهب وقال في
التبصرة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وزاد { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} الآية قال في
الفروع: فيتوجه عليه قولها قبيل الأذان وفي
نهاية أبي المعالي يكره قال في الفصول: لا
يوصل الأذان بذكر قبله خلاف ما عليه أكثر
العوام اليوم وليس موطن قرآن ولم يحفظ عن
السلف فهو محدث انتهى.
وقال ابن تميم: محل الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم أول الدعاء ووسطه وآخره.
الثانية: يفرد المنفرد الضمير على الصحيح من
المذهب وعند الشيخ تقي الدين لا يفرده بل
يجمعه لأنه يدعو لنفسه وللمسلمين.
الثالثة : يؤمن المأموم ولا يقنت على الصحيح
من المذهب نص عليه وعنه يقنت قدمه في المستوعب
وعنه يقنت في الثناء جزم به في الخلاصة وعنه
يخير بين القنوت وعدمه وعنه
(2/122)
إن لم يسمع
الإمام دعا وجزم به في الكافي وبن تميم والشرح
والرعايتين والحاوي الكبير.
وحيث قلنا يقنت فإنه لا يجهر على الصحيح من
المذهب وقيل يجهر بها الإمام قال في النكت: ثم
الخلاف في أصل المسألة قيل في الأفضلية وقيل
بل في الكراهة.
الرابعة : يجهر المنفرد بالقنوت كالإمام على
الصحيح من المذهب وظاهر كلام جماعة من الأصحاب
لا يجهر إلا الإمام فقط وقال القاضي في الخلاف
قال في الفروع: وهو أظهر.
الخامسة : يرفع يديه في القنوت إلى صدره
ويبسطهما وتكون بطونهما نحو السماء نص عليه.
قوله : "وهل يمسح وجهه بيديه على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص وبن تميم
والنظم والمذهب الأحمد.
إحداهما : يمسح وهو المذهب فعله الإمام أحمد
قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: هذا
أقوى الروايتين قال في الكافي: هذا أولى وجزم
به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب
وصححه المصنف والشارح وصاحب التصحيح وغيرهم:
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع
والكافي والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق
وإدراك الغاية وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يمسح قال القاضي: نقلها
الجماعة واختارها الآجري فعليها روى عنه لا
بأس وعنه يكره المسح صححها في الوسيلة
وأطلقهما في الفروع وقال الشيخ عبد القادر في
الغنية يمسح بهما وجهه في إحدى الروايتين
والأخرى يضعهما على صدره قال في الفروع كذا
قال.
فوائد.
الأولى: يمسح وجهه بيديه خارج الصلاة إذا دعا
عند الإمام أحمد ذكره الآجري وغيره ونقل ابن
هانئ عن أحمد رفع يديه ولم يمسح وذكر أبو حفص
أنه رخص فيه.
الثانية : إذا أراد أن يسجد بعد فراغه من
القنوت رفع يديه على الصحيح من المذهب ونص
عليه لأنه مقصود في القيام فهو كالقراءة ذكره
القاضي وغيره قال في النكت: قطع به القاضي
وغيره وكان الإمام أحمد رحمه الله يفعله وقطع
به في التلخيص وقدمه في الفروع والرعاية وبن
تميم والفائق وغيرهم.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: لا يرفع يديه قال في الفروع: وهو أظهر
وقال في التلخيص: في صفة الصلاة في الركن
السابع وهل يرفعهما لرفع الركوع أو ليمسح بهما
وجهه.
على روايتين وكذا الحكم إذا
(2/123)
سجد للتلاوة
وهو في الصلاة على ما يأتي قريبا في كلام
المصنف.
الثالثة : يستحب أن يقول إذا سلم سبحان الملك
القدوس ثلاثا ويرفع صوته في الثالثة زاد ابن
تميم وغيره رب الملائكة والروح.
قوله : "ولا يقنت في غير الوتر".
الصحيح من المذهب: أنه يكره القنوت في الفجر
كغيرها وعليه الجمهور وقال في الوجيز: لا يجوز
القنوت في الفجر.
قلت: النص الوارد عن الإمام أحمد لا يقنت في
الفجر محتمل الكراهة والتحريم وقال الإمام
أحمد: أيضا لا يعجبني وفي هذا اللفظ للأصحاب
وجهان على ما يأتي محررا آخر الكتاب في
القاعدة.
وقال أيضا "لا أعنف من يقنت" وعنه الرخصة في
الفجر ولم يذهب إليه قاله في الرعاية الكبرى
والحاوي وبن تميم وقيل: هو بدعة قال ابن تميم:
القنوت في غير الوتر من غير حاجة بدعة.
فائدة : لو ائتم بمن يقنت في الفجر تابعه فأمن
أو دعا جزم به في المحرر والرعاية الصغرى
والحاويين وجزم في الفصول بالمتابعة وقال
الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل تابعه في
الدعاء قال ابن تميم: أمن على دعائه وقال في
الرعاية الكبرى تبعه فأمن ودعا وقيل: أو قنت
وقال في الفروع ففي سكوت مؤتم ومتابعته كالوتر
روايتان وفي فتاوى ابن الزاغوني يستحب عند
أحمد متابعته في الدعاء الذي رواه الحسن بن
علي فإن زاد كره متابعته وإن فارقه إلى تمام
الصلاة كان أولى وإن صبر وتابعه جاز وعنه لا
يتابعه قال القاضي أبو الحسين: وهي الصحيحة
عندي.
قوله : "إلا أن ينزل بالمسلمين نازلة فللإمام
خاصة القنوت".
هذا المذهب قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي
الصغير والفائق.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وعنه ويقنت نائبه
أيضا جزم به في المذهب والمحرر والمنور وقدمه
في الحاوي الكبير واختاره في مجمع البحرين
وقال الزركشي: ويختص القنوت بالإمام الأعظم
وبأمير الجيش لا بكل إمام على المشهور وعنه
يقنت نائبه بإذنه اختاره القاضي وأبو الحسين
وعنه يقنت إمام جماعة وعنه وكل مصل اختاره
الشيخ تقي الدين قال في المحرر: وهل يشرع
لسائر الناس على روايتين.
قوله : "في صلاة الفجر".
هذا إحدى الروايات اختارها المصنف والشارح وبن
منجا في شرحه وجزم به في التسهيل وقدمه في
الحاوي الكبير ومال إليه في مجمع البحرين.
(2/124)
وعنه يقنت في
الفجر والمغرب والعشاء في صلاة الجهر وفي بعض
نسخ المقنع وللإمام خاصة القنوت في صلاة الجهر
قال في الحاوي الكبير وبن تميم وقال صاحب
المغني: يقنت في الجهريات فقط ولعله أخذه من
المقنع وجزم به في المنتخب والمنور وعنه يقنت
في الفجر والمغرب فقط اختاره أبو الخطاب قال
في المغني: ولا يصح هذا ولا الذي قبله.
وقال في المذهب: يقنت في صلاة الصبح في
النوازل رواية واحدة وهل يقنت مع الصبح في
المغرب على روايتين انتهى.
وعنه يقنت في جميع الصلوات المكتوبات خلا
الجمعة وهو الصحيح من المذهب: نص عليه اختاره
المجد في شرحه وبن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي
الدين وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع
والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
وقيل يقنت في الجمعة أيضا اختاره القاضي لكن
المنصوص خلافه.
تنبيه : قد يقال ظاهر كلام المصنف وغيره أنه
يقنت لرفع الوباء لأنه شبيه بالنازلة وهو ظاهر
ما قدمه في الفروع وقال ويتوجه أنه لا يقنت
لرفعه في الأظهر.
لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس ولا في
غيره ولأنه شهادة للأخيار فلا يسأل رفعه
انتهى.
فائدة : قال الإمام أحمد: يرفع صوته بالقنوت
قال في الفروع: ومراده والله أعلم في صلاة
جهرية وظاهره وظاهر كلامهم مطلقا.
قوله : "ثم السنن الراتبة وهي عشر ركعات".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وذكر القاضي
في موضع أن السنن الراتبة ثمان قال في
المستوعب: فلم يذكر قبل الظهر شيئا وقال في
التلخيص الرواتب إحدى عشرة ركعة فعد ركعة
الوتر وذكره كثير من الأصحاب.
قلت: وهو مراد من لم يذكره لكن له أحكام كثيره
فأفرده.
قوله : "ركعتان قبل الظهر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعند الشيخ
تقي الدين أربع قبلها وهو قول في الرعاية
وقيل: بسلام أو سلامين وحكى لا سنة قبلها وحكى
ست قبلها قال ابن تميم: وجعل القاضي قبل الظهر
ستا وتقدم كلامه في المستوعب ويأتي في باب
الجمعة سنة الجمعة قبلها وبعدها.
قوله : "وركعتان قبل الفجر وهما آكدها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال ابن عقيل: وجها
واحدا وحكى أن سنة المغرب آكد وحكاه في
الرعاية وغيرها قولا.
(2/125)
فوائد .
يستحب تخفيف سنة الفجر وقراءته بعد الفاتحة في
الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي
الثانية بعدها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وفي
الأولى بعدها {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ }
الآية وفي الثانية ) {قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ تَعَالَوْا} ( الآية ويجوز فعلها
راكبا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال القاضي في الجامع الكبير: توقف أحمد في
موضع في سنة الفجر راكبا فنقل أبو الحارث ما
سمعت فيه شيئا ما أجترئ عليه وسأله صالح عن
ذلك فقال: قد أوتر النبي صلى الله عليه وسلم
على بعيره وركعتا الفجر ما سمعت فيهما بشيء
ولا أجترئ عليه وعلله القاضي بأن القياس منع
فعل السنن راكبا تبعا للفرائض خولف في الوتر
للخبر فبقي غيره على الأصل قال في الفروع: كذا
قال.
فقد منع يعني القاضي غير الوتر من السنن وقد
ورد في مسلم غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة
وللبخاري إلا الفرائض انتهى.
ويستحب الاضطجاع بعدها على الصحيح من المذهب
نص عليه ويكون على الجانب الأيمن وعنه لا
يستحب وأطلقهما في الفائق ونقل صالح وبن منصور
وأبو طالب ومهنا كراهة الكلام بعدهما وقال
الميموني كنا نتناظر في المسائل أنا وأبو عبد
الله قبل صلاة الفجر ونقل صالح أنه أجاز في
قضاء الحاجة لا الكلام الكثير.
وقال في الفروع: ويتوجه احتمال بعدم الكراهة.
قوله وقال أبو الخطاب: وأربع قبل العصر.
واختاره الآجري وقال: اختاره أحمد قال في
الفائق وغيره: بسلام أو سلامين وقال في المذهب
والخلاصة والمستوعب بسلامين.
وذكر ابن رجب في الطبقات أن أبا الخطاب انفرد
بهذا القول وأطلق في المحرر فيها وجهين.
فائدة : فعل الرواتب في البيت أفضل على الصحيح
من المذهب وعنه الفجر والمغرب فقط جزم به في
العمدة وقدمه في الفائق وقال في المغني الفجر
والمغرب والعشاء وعنه التسوية وعنه لا تسقط
سنة المغرب بصلاتها في المسجد. ذكره البرمكي
نقله عنه في الفائق وفي آداب عيون المسائل
صلاة النوافل في البيوت أفضل منها في المساجد
إلا الرواتب.
قال عبد الله لأبيه: إن محمد بن عبد الرحمن
قال في سنة المغرب: لا تجزيه إلا في بيته لأنه
عليه أفضل الصلاة والسلام قال: "هي من صلاة
البيوت" قال: ما أحسن ما قال.
قوله : "ومن فاته شيء من هذه السنن سن له
قضاؤها".
(2/126)
هذا المذهب
والمشهور عند الأصحاب قال في الفروع والرعاية
وبن تميم والفائق ومجمع البحرين: سن على الأصح
ونصره المجد في شرحه واختاره الشيخ تقي الدين
وجزم به في الوجيز والهداية والخلاصة وغيرهم
وقدمه في المستوعب وغيره وعنه لا يستحب قضاؤها
وعنه يقضى سنة الفجر إلى الضحى وقيل لا يقضي
إلا سنة الفجر إلى وقت الضحى وركعتي الظهر
وقال في الرعاية وقيل يأثم تاركهن مرارا ويرد
قوله: قال أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء.
وأما قضاء الوتر: فالصحيح من المذهب: أنه يقضى
وعليه جماهير الأصحاب منهم المجد في شرحه
وصاحب مجمع البحرين والفروع وغيرهم وهو داخل
في كلام المصنف لأنه من السنن.
فعلى هذا: يقضى مع شفعه على الصحيح صححه المجد
في شرحه وهو ظاهر كلام من يقول: إن الوتر
المجموع وعنه يقضيه منفردا وحده قدمه ابن تميم
وأطلقهما في الفروع [ومجمع البحرين] وعنه لا
يقضى اختاره الشيخ تقي الدين وعنه لا يقضى بعد
صلاة الفجر وقال أبو بكر: يقضى ما لم تطلع
الشمس.
وتقدم حكم قضاء رواتب الفرائض الفائتة في آخر
شروط الصلاة عند قوله: "ومن فاتته صلوات لزمه
قضاؤها" مع أنها داخلة في كلام المصنف هنا.
فوائد.
إحداها: يكره ترك السنن الرواتب ومتى داوم على
تركها سقطت عدالته قاله ابن تميم قال القاضي:
ويأثم وذكر ابن عقيل في الفصول أن الإدمان على
ترك السنن الرواتب غير جائز وقال في الفروع:
ولا إثم بترك سنة على ما يأتي في العدالة
وقال: عن كلام القاضي مراده إذا كان سببا لترك
فرض.
ويأتي مزيد بيان على ذلك في باب شروط من تقبل
شهادته.
الثانية : تجزئ السنة عن تحية المسجد ولا عكس.
الثالثة : يستحب الفصل بين الفرض وسنته بقيام
أو كلام.
الرابعة : للزوجة والأجير والولد والعبد فعل
السنن الرواتب مع الفرض ولا يجوز منعهم.
الخامسة: لو صلى سنة الفجر بعد الفرض وقبل
خروج وقتها أو سنة الظهر التي قبلها بعدها
وقبل خروج وقتها كانت قضاء على الصحيح من
المذهب وعليه الجمهور وقيل أداء [أو صلى] بعد
خروج الوقت قضاء بلا نزاع فعلى كلا الوجهين
قال ابن تميم قضى بعدها وبدأ بها.
قال شيخنا الشيخ تقي الدين ابن قندس البعلي:
ولم أجد من صرح بهذا غيره.
وقد قال في المنتقى: باب ما جاء في قضاء سنتي
الظهر عن عائشة رضي الله عنها قالت:
(2/127)
"كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل
الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر" رواه ابن
ماجه فهذا مخالف لما قاله ابن تميم.
قلت: الحكم كما قاله ابن تميم وقد صرح به
المجد في شرحه ومجمع البحرين وقالا بدأ بها
عندنا ونصراه على دليل المخالف وقاساه على
المكتوبة والظاهر أنه قول جميع الأصحاب
لقولهما عندنا.
السادسة : يستحب أن يصلي غير الرواتب أربعا
قبل الظهر وأربعا بعدها وأربعا قبل العصر
وأربعا بعد المغرب وقال المصنف ستا وقيل أو
أكثر وأربعا بعد العشاء وأما الركعتان بعد
الوتر جالسا فقيل هما سنة قدمه ابن تميم وصاحب
الفائق وهو من المفردات وعدهما الآمدي من
السنن الرواتب قال في الرعاية: وهو غريب قال
المجد في شرحه: عدهما بعض الأصحاب من السنن
الرواتب والصحيح من المذهب أنهما ليستا بسنة
ولا يكره فعلهما نص عليه اختاره المصنف وقدمه
في الفروع والرعاية وحواشي ابن مفلح وقال قدمه
غير واحد وهو ظاهر كلامه وإليه ميل المجد في
شرحه وقال في الهدى: هما سنة الوتر.
وتقدم الكلام على الركعتين بعد أذان المغرب في
باب الأذان.
قوله : "ثم التراويح".
يعني أنها سنة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع
به أكثرهم وقيل بوجوبها حكاه ابن عقيل عن أبي
بكر.
تنبيه : ظاهر قوله: "ثم التراويح" أن الوتر
والسنن الرواتب أفضل منها وهو وجه اختاره
المصنف وجماعة وقدمه ابن رزين في شرحه والصحيح
من المذهب أن التراويح أفضل منها وعليه
الجمهور وتقدم ذلك أول الباب أيضا.
قوله : "وهي عشرون ركعة".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقال في الرعاية: عشرون
وقيل: أو أزيد قال في الفروع والفائق: ولا بأس
بالزيادة نص عليه وقال: روى في هذا ألوان ولم
يقض فيها بشيء.
وقال الشيخ تقي الدين: كل ذلك أو إحدى عشرة أو
ثلاث عشرة حسن كما نص عليه أحمد لعدم التوقيت
فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام
وقصره.
فوائد
منها: لا بد من النية في أول كل تسليمة على
الصحيح من المذهب: وقيل: يكفيها نية واحدة وهو
احتمال في الرعاية.
ومنها : أول وقتها بعد صلاة العشاء وسنتها على
الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وعليه العمل
وعنه بل قبل السنة وبعد الفرض نقلها حرب وجزم
به في العمدة ويحتمله كلامه
(2/128)
في الوجيز فإنه
قال: وتسن التراويح في جماعة بعد العشاء
انتهى.
وأفتى بعض المتأخرين من الأصحاب بجوازها قبل
العشاء وقال الشيخ تقي الدين من صلاها قبل
العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين
للسنة.
ومنها : فعلها أول الليل أفضل أطلقه في الفروع
فقال فعلها أول الليل أحب إلى أحمد وقال ابن
تميم: إلا بمكة فلا بأس بتأخيرها وقال في
الرعاية ولا يكره تأخيرها بمكة وليس ذلك
منافيا لما في الفروع.
ومنها : فعلها في المسجد أفضل جزم به في
المستوعب وغيره.
قلت: وعليه العمل في كل عصر ومصر.
وعنه في البيت أفضل ذكر هاتين الروايتين الشيخ
تقي الدين وأطلقهما في الفروع.
قلت: وصرح الأصحاب أن صلاتها جماعة أفضل ونص
عليه في رواية يوسف بن موسى.
ومنها : يستريح بعد كل أربع ركعات بجلسة يسيرة
فعله السلف ولا بأس بتركه ولا يدعو إذا استراح
على الصحيح من المذهب وقيل ينحرف إلى المصلين
ويدعو وكره ابن عقيل الدعاء.
قوله : "فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده فإن
أحب متابعة الإمام فأوتر معه قام إذا سلم
الإمام فشفعها بأخرى".
هذا المذهب المشهور في ذلك كله وعليه جمهور
الأصحاب.
وعنه يعجبني أن يوتر معه اختاره الآجري.
وذكر أبو جعفر العكبري في شرح المبسوط: أن
الوتر مع الإمام في قيام رمضان أفضل لقوله
عليه أفضل الصلاة والسلام من قام مع الإمام
حتى ينصرف ذكره عنه ابن رجب.
وقال القاضي: إن لم يوتر معه لم يدخل في وتره
لئلا يزيد على ما اقتضته تحريمة الإمام وحمل
نص أحمد على رواية إعادة المغرب وشفعها.
وقال في الرعاية: وإن سلم معه جاز بل هو أفضل.
فوائد.
إحداها : لا يكره الدعاء بعد التراويح على
الصحيح من المذهب وقيل يكره اختاره ابن عقيل.
الثانية : إذا أوتر ثم أراد الصلاة بعده
فالصحيح من المذهب أنه لا ينقض وتره ويصلي
وعليه جمهور الأصحاب منهم المصنف والمجد وصاحب
مجمع البحرين قال في المذهب: فإن كان قد أوتر
قبل التهجد لم ينقضه في أصح الوجهين وقدمه في
الفروع ومختصر ابن تميم.
(2/129)
فعلى هذا: لا
يوتر إذا فرغ وقال في الفروع ويتوجه احتمال
يوتر.
وعنه ينقضه استحبابا بركعة يصليها فتصير شفعا
ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر قدمه في الحاوي
الكبير.
وعنه ينقضه وجوبا على الصفة المتقدمة وعنه
يخير بين نقضه وتركه وأطلقهن في الفائق وقال
في الرعايتين والحاوي الصغير: وله أن يصلي بعد
الوتر مثنى مثنى زاد في الكبرى وقيل يكره
قالوا وإن نقضه بركعة صلى ما شاء وأوتر وعنه
يكره نقضه وعنه يجب انتهى وقال في الكبير إن
قرب زمنه شفعه بأخرى وإن بعد فلا بل يصلي مثنى
ولا يوتر بعده.
الثالثة : قوله: "ويكره التطوع بين التراويح".
بلا نزاع أعلمه ونص عليه والصحيح من المذهب
أنه لا يكره الطواف بين التراويح مطلقا نص
عليه وقيل لا يكره إذا طاف مع إمامه وإلا كره
جزم به ابن تميم.
قوله : "وفي التعقيب روايتان".
وأطلقهما في الفروع والشرح وبن تميم والفائق.
إحداهما : لا يكره وهو المذهب نقله الجماعة عن
أحمد وصححهما في المغني والشرح وبن منجا في
شرحه وصاحب التصحيح في كتابيه وقدمه في الكافي
وشرح ابن رزين وجزم به في الوجيز والمنتخب قال
المصنف وغيره: الكراهة قول قديم نقله محمد بن
الحكم.
قلت: ليس هذا بقادح.
والرواية الثانية: يكره نقلها محمد بن الحكم
قال الناظم: يكره في الأظهر قال في مجمع
البحرين: يكره التعقيب في أصح الروايتين وجزم
به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر وشرح
الهداية للمجد والمنور والإفادات وإدراك
الغاية والحاوي الكبير وقدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير.
قوله : "وهو أن يتطوع بعد التراويح والوتر في
جماعة".
هذا المذهب نص عليه سواء طال ما بينهما أو قصر
قدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم. وقال أبو
بكر والمجد في محرره: إذا أخر الصلاة إلى نصف
الليل لم يكره رواية واحدة وإنما الخلاف إذا
رجعوا قبل الإمام.
قال المجد في شرحه: لو تنفلوا جماعة بعد رقدة
أو من آخر الليل لم يكره نص عليه واختاره
القاضي وجزم به ابن تميم والرعاية الصغرى
والحاويين والفائق وبن منجا في شرحه وقدمه في
الرعاية الكبرى.
(2/130)
وقيل: إذا أخره
بعد أكل ونحوه لم يكره وجزم به ابن تميم أيضا
واستحسنه ابن أبي موسى لمن نقض وتره.
وقال ابن تميم: فإن خرج ثم عاد فوجهان.
قوله : "في جماعة".
هذا الصحيح وقطع به الأكثر ولم يقل في الترغيب
وغيره في جماعة بل أطلقوا واختاره في النهاية.
فوائد.
إحداها: يستحب أن يسلم من كل ركعتين فإن زاد
فقال في الفروع وظاهر كلامهم أنها كغيرها وقد
قال الإمام أحمد: فيمن قام من التراويح إلى
ثالثة يرجع وإن قرأ لأن عليه تسليمة ولا بد
ويأتي ذلك أيضا قريبا.
الثانية : يستحب أن يبتدئها بسورة القلم بعد
الفاتحة لأنها أول ما نزل نص عليه فإذا سجد
قرأ من البقرة هذا المذهب ونقل إبراهيم بن
محمد بن الحارث أنه يقرأ بها في عشاء الآخرة
قال الشيخ تقي الدين: وهو أحسن.
الثالثة : يستحب أن لا يزيد الإمام على ختمة
إلا أن يؤثر المأموم ولا ينقص عنها نص عليه
وهذا الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع وغيره
وجزم به المجد وبن تميم وغيرهما.
قال في الرعاية: يكره النقص عن ختمة نص عليه
وقيل يعتبر حال المأمومين قدمه في الشرح وشرح
ابن رزين واختاره المصنف وقال التقدير بحال
المأمومين أولى.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية: لا يزيد على
ختمة لئلا يشق فيسأموا فيتركوا بسببه فيعظم
إثمه.
ويدعو لختمه قبل الركوع آخر ركعة من التراويح
ويرفع يديه ويطيل نص عليه في رواية الفضل بن
زياد قال في الفائق: ويسن ختمه آخر ركعة من
التراويح قبل الركوع وموعظته بعد الختم وقراءة
دعاء القرآن مع رفع الأيدي نص عليه انتهى وقيل
للإمام أحمد يختم في الوتر ويدعو فسهل فيه.
قوله : "وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار بلا
نزاع أعلمه".
"وأفضلها وسط الليل والنصف الأخير أفضل من
الأول".
(2/131)
هكذا قال كثير
من الأصحاب وقطعوا به يعني أن أفضل الأثلاث
الثلث الوسط وأفضل النصفين النصف الأخير جزم
به في الهداية وشرحها للمجد والتلخيص والبلغة
ومجمع البحرين وشرح ابن منجا والخلاصة والحاوي
الكبير وبن تميم والفائق وتجريد العناية
وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقال في الكافي: والنصف الأخير أفضل واقتصر
عليه وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والشرح.
وجزم في النظم وإدراك الغاية أن أفضله الثلث
بعد النصف كصلاة داود عليه الصلاة والسلام نص
عليه في رواية أحمد بن الحسن نقله القاضي أبو
الحسين.
وقال في الإفادات: وسطه أفضل ثم آخره.
وقال في الحاوي الصغير: والأفضل عندي أن ينام
نصفه الأول أو ثلثه الأول: أو سدسه الأخير
ويقوم بينهما وقال في الرعايتين آخره خير من
أوله ثم وسطه.
وقيل: خيره أن ينام نصفه الأول وقيل بل ثلثه
الأول ثم سدسه الأخير ويقوم ما بينهما انتهى.
وقال في الفروع: أفضله نصفه الأخير وأفضله
ثلثه الأول نص عليه وقيل آخره وقيل ثلث الليل
الوسط انتهى.
فإن أراد بقوله ثلثه الأول الثلث الأول من
الليل فلا أعلم به قائلا وإن أراد الثلث الأول
من النصف الأخير وهو ظاهر كلامه فلا أعلم به
قائلا فلعله أراد ثلث الليل من أول النصف
الثاني وفيه بعد ثم بعد ذلك رأيت القاضي أبا
الحسين ذكر في فروعه أن المروذي نقل عن الإمام
أحمد أفضل القيام قيام داود وكان ينام نصف
الليل ثم يقوم سدسه أو ربعه فقوله ثم يقوم
سدسه موافق لظاهر ما في الفروع.
فائدة : الصحيح من المذهب: أن النصف الأخير
أفضل من الثلث الوسط ومن غيره قدمه في الفروع
والرعايتين وقيل: ثلثه الأوسط أفضل وقيل:
الأفضل الثلث بعد النصف جزم به في النظم
وإدراك الغاية وقدمه القاضي أبو الحسين في
فروعه وقيل أفضله النصف بعد الثلث الأول حكاه
في الرعايتين كما تقدم.
قوله : "وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس".
اعلم أن الأفضل في صلاة التطوع في الليل
والنهار أن يكون مثنى كما قال المصنف: هنا وإن
زاد على ذلك صح ولو جاوز ثمانيا ليلا أو أربعا
نهارا وهذا المذهب قال المجد في شرحه وصاحب
مجمع البحرين وغيرهما: هذا ظاهر المذهب وهو
أصح وقدمه في الفروع وقال وظاهره علم العدد أو
نسيه واختاره القاضي وأبو الخطاب والمجد
وغيرهم قال الزركشي: وهو المشهور.
(2/132)
وقيل: لا يصح
إلا مثنى فيهما ذكره في المنتخب.
وقيل: لا يصح إلا مثنى في الليل فقط وهو ظاهر
كلام المصنف هنا واختاره هو وبن شهاب والشارح
وقدمه في الرعاية الكبرى قال الإمام أحمد:
فيمن قام في التراويح إلى ثالثة: يرجع وإن قرأ
لأن عليه تسليم ولا بد.
فعلى القول بصحة التطوع بزيادة على مثنى ليلا
لو فعله كره على الصحيح من المذهب جزم به في
المحرر والفائق والزركشي وقدمه في الفروع وعنه
لا يكره جزم به في التبصرة.
وعلى القول بصحة التطوع في النهار بأربع لو
فعل لم يكره كما هو ظاهر كلام المصنف هنا وهو
الصحيح من المذهب وعنه يكره وأطلقهما في
المذهب ولو زاد عليها كره جزم به ابن تميم
وقال في المذهب فإن زاد على أربع نهارا
بتسليمة واحدة كره رواية واحدة وفي الصحة
روايتان.
فائدتان.
إحداهما: لو زاد على ركعتين وقلنا يصح ولم
يجلس إلا في آخرهن فقد ترك الأولى ويجوز بدليل
الوتر وكالمكتوبة على رواية قال في الفروع:
وظاهر كلام جماعة لا يجوز وقال في الفصول: إن
تطوع بست ركعات بسلام واحد ففي بطلانه وجهان
أحدهما يبطل لأنه لا نظير له في الفرض.
الثانية : لو أحرم بعدد فهل يجوز الزيادة عليه
قال في الفروع: ظاهر كلامه فيمن قام إلى ثالثة
في التراويح-: لا يجوز وفيه في الانتصار خلاف
ذكره في لحوق زيادة بالعقد وتقدم في أول سجود
السهو "لو نوى ركعتين نفلا وقام إلى ثالثة
ليلا أو نهارا".
قوله : "وصلاة القاعد على النصف من صلاة
القائم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به
وقال صاحب الإرشاد.
في آخر باب جامع الصلاة والسهو وصاحب المستوعب
هي على النصف من صلاة القائم إلا المتربع
انتهيا.
قلت: قد روى الإمام أحمد في مسنده حديثا بهذه
الزيادة.
قوله : "ويكون في حال القيام متربعا".
يعني يستحب ذلك وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه
يفترش وذكر في الوسيلة
(2/133)
رواية أن كثر
ركوعه وسجوده لم يتربع وإلا تربع.
فعلى المذهب: يثني رجليه في سجوده بلا نزاع
وكذا في ركوعه على الصحيح من المذهب وعليه
أكثر الأصحاب قال الزركشي: اختاره الأكثرون
وقطع به في الخرقي والمستوعب والمحرر والحاوي
الصغير وغيرهم وقدمه في الرعاية والزركشي
والشرح وعنه لا يثنيهما في ركوعه.
قال المصنف: هذا أقيس وأصح في النظر إلا أن
أحمد ذهب إلى فعل أنس وأخذ به قال في حواشي
ابن مفلح: هذا أقيس وقدمه في مجمع البحرين
وأطلقهما في الفروع والفائق وبن تميم وقال في
الرعاية الصغرى: ومتربعا أفضل وقيل حال قيامه
ويثني رجله إن ركع أو سجد.
تنبيه : محل الخلاف في كون صلاة القاعد على
النصف من صلاة القائم إذا كان غير معذور فأما
أن كان معذورا لمرض أو نحوه فإنها كصلاة
القائم في الأجر قال في الفروع: ويتوجه فيه
فرضا ونفلا.
فائدة : يجوز له القيام إذا ابتدأ الصلاة
جالسا وعكسه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أن صلاة المضطجع لا
تصح وهو الصحيح من.
المذهب قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع
البحرين والزركشي: ظاهر قول أصحابنا المنع
وقدمه في الفروع والرعاية.
قال الشيخ تقي الدين: جوزه طائفة قليلة ونقل
ابن هانئ يصح فيكون على النصف من صلاة القاعد
واختاره بعض الأصحاب.
قال الشيخ تقي الدين: وهو قول شاذ لا يعرف له
أصل في السلف.
قال المجد وهو مذهب حسن وجزم به في نظم نهاية
ابن رزين وأطلقهما ابن تميم والفائق.
وقال الشيخ تقي الدين: لا يجوز التطوع مضطجعا
لغير عذر وجزم به في الرعايتين والإفادات وجعل
محل الخلاف في الرعاية الكبرى في غير المعذور
وغالب من ذكر المسألة أطلق.
فعلى القول بالصحة: هل يومئ أو يسجد على وجهين
وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفائق والفروع
وبن تميم والحواشي والنكت.
فائدتان.
إحداهما: التطوع سرا أفضل على الصحيح من
المذهب قال في الفروع: ويسر بنيته وعنه هو
والمسجد سواء انتهى.
(2/134)
ولا بأس
بالجماعة فيه قال في الفروع: ويجوز جماعة
أطلقه بعضهم.
قلت: منهم الشيخ في المغني والكافي والشارح
وشرح ابن رزين والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل: ما لم يتخذ عادة وسنة قطع به المجد في
شرحه ومجمع البحرين.
وقيل: يستحب اختاره الآمدي وقيل يكره قال
الإمام أحمد: ما سمعته وتقدم هل يكره الجهر
نهارا وهل يخير ليلا في صفة الصلاة عند قوله:
"ويجهر الإمام بالقراءة".
الثانية : اعلم أن الصلاة قائما أفضل منها
قاعدا والصحيح من المذهب أن كثرة الركوع
والسجود أفضل من طول القيام.
قال في القاعدة السابعة عشرة: المشهور أن
الكثرة أفضل وقدمه في الهداية والمستوعب
والخلاصة والتلخيص والمحرر وبن تميم والفروع
ومجمع البحرين ونصره وقال هذا أقوى الروايتين
وجزم به في الفائق والإفادات.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية وبن الجوزي
في المذهب ومسبوك الذهب وصاحب الحاويين: كثرة
الركوع والسجود أفضل من طول القيام في النهار
وطول القيام في الليل أفضل قال في مجمع
البحرين: اختاره جماعة من أصحابنا.
وعنه طول القيام أفضل مطلقا وقدمه في
الرعايتين ونهاية ابن رزين ونظمها وعنه
التساوي اختاره المجد والشيخ تقي الدين وقال
التحقيق أن ذكر القيام وهو القراءة أفضل من
ذكر الركوع والسجود وهو الذكر والدعاء وأما
نفس الركوع والسجود فأفضل من نفس القيام
فاعتدلا ولهذا كانت صلاته عليه أفضل الصلاة
والسلام معتدلة فكان إذا أطال القيام أطال
الركوع والسجود بحسب ذلك حتى يتقاربا.
قوله: "وأدنى صلاة الضحى ركعتان وأكثرها
ثمان".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه أكثرها
اثنا عشر وجزم به في الغنية ونظم نهاية ابن
رزين.
قوله : "ووقتها إذا علت الشمس".
يعني إذا خرج وقت الكراهة وهكذا قال أكثر
الأصحاب: وهو المذهب وقال في الهداية والكافي
والتلخيص: إذا علت الشمس واشتد حرها ونص عليه
الإمام أحمد وقال: في المستوعب والحاوي
الكبير: حين تبيض الشمس. وقال في الرعاية
الكبرى: من علو الشمس وقيل: وبياضها وقيل وشدة
حرها وقيل بل زوال وقت النهي انتهى.
وقال المجد عن كلامه في الهداية والنص: وهو
محمول عندي على وقت الفضيلة قال في مجمع
البحرين: وهو محمول عند الأصحاب على وقت
الفضيلة.
(2/135)
فائدة : آخر
وقتها إلى الزوال على الصحيح من المذهب وعليه
الأصحاب وقطع به أكثرهم قال في الفروع:
والمراد والله أعلم قبيل الزوال انتهى.
قلت: هو كالصريح في كلامهم فإن قولهم إلى
الزوال لا يدخل الزوال في ذلك لكن ينتهي إليه
وله نظائر وقال الشيخ عبد القادر له فعلها بعد
الزوال وإن أخرها حتى صلى الظهر قضاها ندبا.
فائدتان.
إحداهما: الصحيح من المذهب: أنه لا يستحب
المداومة على فعلها بل تفعل غبا نص عليه في
رواية المروذي وعليه جمهور الأصحاب قال في
الهداية: لا يستحب المداومة عليها عند أصحابنا
قال في مجمع البحرين: أكثر الأصحاب قالوا: لا
تستحب المداومة عليها ونص عليه وقدمه في
الفروع وغيره واختار الآجري وبن عقيل استحباب
المداومة عليها ونقله موسى بن هارون عن أحمد.
قال في الهداية: وعندي تستحب المداومة عليها
قال في المذهب ومسبوك الذهب ومجمع البحرين:
ويستحب المداومة عليها في أصح الوجهين.
قال المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير: وهو
الصحيح عندي.
قال ابن تميم: واستحباب المداومة عليها أولى.
قال في الإفادات: ولا تكره مداومتها.
فتلخص أن الآجري وبن عقيل وأبا الخطاب وبن
الجوزي والمجد وابن حمدان وابن تميم وصاحب
مجمع البحرين والحاوي الكبير اختاروا استحباب
المداومة عليها وأطلق الوجهين في التلخيص
واختار الشيخ تقي الدين المداومة عليها لمن لم
يقم من الليل وله قاعدة في ذلك وهي ما ليس
براتب لا يداوم عليه كالراتب.
الثانية : أفضل وقتها: إذا اشتد الحر للحديث
الصحيح الوارد في ذلك.
قوله : "وهل يصح التطوع بركعة على روايتين".
وأطلقهما في المذهب والبلغة وبن تميم والنظم
ومسبوك الذهب والمستوعب والحاوي الصغير
والزركشي.
(2/136)
إحداهما : يصح
وهو المذهب صححهما في التصحيح وبن منجا في
شرحه قال في الخلاصة: يصح أن يتطوع بركعة على
الأصح قال في التلخيص: ويصح التطوع بركعة في
أصح الروايتين ونصره في مجمع البحرين والمجد
في شرحه وقدمه في الفروع والمحرر والهداية
والرعايتين والحاوي الكبير والفائق وغيرهم
وجزم به في الإفادات ونهاية ابن رزين ونظمها
وصححه أبو الخطاب في رؤوس المسائل.
الرواية الثانية : لا يصح جزم به في الوجيز
وهي ظاهر كلام الخرقي ونصرها المصنف في المغني
والشرح وقال فيه ابن تميم والشارح أقل الصلاة
ركعتان على ظاهر المذهب.
فائدة: قال المجد في شرحه وبن تميم والزركشي
وبن حمدان في رعايته.
وصاحب الحاوي ومجمع البحرين وغيرهم: حكم
التنفل بالثلاث والخمس حكم التنفل بركعة فيه
الروايتان ولا نعلم لهم مخالفا قال في الفروع:
ويصح التطوع بفرد ركعة.
قوله : "وسجود التلاوة صلاة".
فيشترط له ما يشترط للنافلة وهذا المذهب وعليه
جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وعند الشيخ تقي
الدين سجود التلاوة وسجود الشكر خارج الصلاة
لا يفتقر إلى وضوء وبالوضوء أفضل وقد حكى
النووي الإجماع على اشتراط الطهارة لسجود
التلاوة والشكر.
قوله : "وهو سنة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه واجب مطلقا
اختاره الشيخ تقي الدين.
فعليها يتيمم محدث قاله في الفروع وقال في
الرعاية لا يتيمم لخوف فوته وقيل بلى وبعضهم
خرجها على التيمم للجنازة واستحسنه ابن تميم
وقال المجد لا يسجد وهو محدث ولا يقضيها إذا
توضأ انتهى.
وعنه واجب في الصلاة فعلى المذهب في استحبابها
للطائف روايتان وأطلقهما في الفروع والفائق
والرعاية وبن تميم والمذهب.
قلت: الأظهر من الوجهين أنه يسجد وهو ظاهر
كلام كثير من الأصحاب.
قال ابن نصر الله: هما مبنيان على قطع
الموالاة به وعدمه.
وعلى كل قول يشترط لسجوده قصر الفصل على
الصحيح من المذهب فيسجد متوضئ ويتيمم من يباح
له التيمم مع قصر الفصل قال في الفنون: سهوه
عنه كسجود سهو يسجد مع قصر الفصل وعنه ويتطهر
أيضا محدث ويسجد وهو قول في الرعاية.
قوله : "وهو سنة للقارئ وللمستمع دون السامع".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
المحرر والوجيز.والكافي
(2/137)
وغيرهم وقدمه
في الفروع والرعايتين وغيرهم وصححه في
الحاويين وغيره وهو من المفردات.
وقيل: يسجد السامع أيضا وأطلقهما في الفائق
وبن تميم.
قوله : "ويعتبر أن يكون القارئ يصلح إماما له
فلا يسجد قدام إمامه ولا عن يساره".
على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع
والرعايتين والفائق وقيل يسجد وهو ظاهر ما جزم
به الناظم فإنه قال: وليس بشرط موقف متعين
وقطع به في مجمع البحرين كسجوده لتلاوة أمي
وزمن لأن القراءة والقيام ليسا من فروضه لا
أعلم فيهما خلافا.
ولا يسجد رجل لتلاوة امرأة وخنثى وفي سجوده
لتلاوة صبي وجهان وأطلقهما في الفائق.
قلت: الصحيح من المذهب: سجوده لتلاوة الصبي
لأنه كالنافلة والمذهب صحة إمامة الصبي في
النافلة على ما يأتي قال في الفروع والمحرر
وغيرهما: ويسن للقارئ ولمستمعه الجائز اقتداؤه
به وقيل يصح إن صحت إمامته وأطلقهن في الرعاية
وجزم في المذهب أنه لا يسجد لتلاوة صبي.
فائدة : قال في مجمع البحرين: لم أر من
الأصحاب من تعرض للرفع قبل القارئ فيحتمل
المنع كالصلاة ويحتمل الجواز لأنه سجدة واحدة
فلا يفضي إلى كبير مخالفة وتخليط وقالوا: لا
يسجد قبله لعموم الأدلة ولأنه لا يدرى هل يسجد
أم لا بخلاف رفعه قبله انتهى.
قلت: الثاني هو الصواب.
قوله : "فإن لم يسجد القارئ لم يسجد".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو من
المفردات وقيل يسجد غير مصل وقدمه في الوسيلة.
فوائد.
الأولى: لا يسجد في صلاة لقراءة غير إمامه على
الصحيح من المذهب نص عليه كقراءة مأموم وعنه
يسجد وعنه يسجد في النفل دون الفرض وهو قول في
الرعاية والفائق وغيرهما وخص القاضي في موضع
من كلامه الخلاف بالنفل قاله في مجمع البحرين
والمجد وقطع به في المذهب وقيل يسجد إذا فرغ
اختاره القاضي.
فعلى القول بعدم السجود لو خالف وفعل ففي
بطلان الصلاة به وجهان حكاهما القاضي في
التخريج وأطلقهما في الفروع والرعاية وبن تميم
وقدم في الفائق البطلان.
(2/138)
الثانية : لا
يقوم ركوع ولا سجود عن سجدة التلاوة في الصلاة
على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والمغني
والشرح وغيرهم وعنه بلى وقيل: يجزئ الركوع
مطلقا أعني سواء كان في الصلاة أو لا قاله في
الفروع وغيره وحكى عن القاضي.
وقال في الرعاية: وعنه يجزئ ركوع الصلاة وحده
انتهى.
قلت: اختارها أبو الحسين.
وقال في الفائق: لا يقوم الركوع مقامه وتقوم
سجدة الصلاة عنه نص عليه وجزم به في مجمع
البحرين وقدمه ابن تميم.
الثالثة : لو سجد ثم قرأ ففي إعادته وجهان
وأطلقهما في الفروع وقال: وكذا يتوجه في تحية
المسجد إن تكرر دخوله وأطلقهما في الفائق
والتلخيص.
وقال ابن تميم: وإن قرأ سجدة فسجد ثم قرأها في
الحال مرة أخرى لا لأجل السجود فهل يعيد
السجود على وجهين وقال القاضي في تخريجه إن
سجد في غير الصلاة ثم صلى فقرأها فيها أعاد
السجود وإن سجد في.
صلاة ثم قرأها في غير صلاة لم يسجد وقال إذا
قرأ سجدة في ركعة فسجد ثم قرأها في الثانية:
فقيل: يعيد السجود وقيل لا.
وإن كرر سجدة وهو راكب في صلاة لم يكرر السجود
وإن كان في غير صلاة لم يكرر السجود كذا وجد
في النسخ وقال في الرعاية وكلما قرأ آية سجد
سجدة.
قلت: إن كررها في ركعة سجد مرة.
وقيل: إن كانت السجدة آخر سورة فله السجود
وتركه وقيل: إن قرأ سجدة في مجلس مرتين أو في
ركعتين أو سجد قبلها فهل يسجد للثانية أو
للأولة فيه وجهان وقيل إن قرأها فسجد ثم قرأها
وقيل في الحال فوجهان.
الرابعة : لو سمع سجدتين معا فهل يسجد سجدتين
أم يكتفي بواحدة قال ابن رجب في القاعدة
الثامنة عشرة: المنصوص في رواية البزراطي أنه
يسجد سجدتين قال: ويتخرج أن يكتفي بواحدة وقد
خرج الأصحاب في الاكتفاء بسجدة الصلاة عن سجدة
التلاوة وجها فهنا أولى انتهى.
قوله : "وهو أربع عشرة سجدة في الحج منها
اثنتان".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وعنه في الحج واحدة فقط وهي الأولى نقله
الآمدي وعنه هي الثانية فتكون السجدات ثلاث
عشرة وعنه سجدة {ص} منه فتكون خمس عشرة
اختارها أبو بكر وبن عقيل.
فعلى المذهب: سجدة {ص} سجدة شكر فيسجد بها
خارج الصلاة على كل رواية ولا يسجد بها في
الصلاة فإن فعل عالما بطلت الصلاة على الصحيح
من المذهب قدمه في
(2/139)
الفروع
والرعايتين وجزم به في المنور وقيل: لا تبطل
قال في الفروع: وهو أظهر لأن سببها من الصلاة
وأطلقهما ابن تميم والمذهب والفائق والحاويين
ومجمع البحرين والمجد في شرحه وقال: على القول
بأنها لا تبطل لا فائدة في اختلاف الروايتين
من حيث المعنى إلا هل هذه السجدة مؤكدة كتأكيد
سجود التلاوة أم هي دونه في التأكيد كسجود
الشكر لأن سجود التلاوة آكد من سجود الشكر.
فائدة: السجدة في {حم} عند قوله:
{يَسْأَمُونَ} على الصحيح من المذهب وعليه
أكثر الأصحاب قاله المجد في شرحه ومجمع
البحرين والزركشي وقدمه في الفروع وغيره وقيل
عند قوله: "يعبدون" اختاره ابن أبي موسى وقدمه
في الرعاية الكبرى وأطلقهما المجد في شرحه وبن
تميم ومجمع البحرين وعنه يخير.
تنبيه : ظاهر قوله: "ويكبر إذا سجد" أنه لا
يكبر للإحرام وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب قال المجد: هو قول القاضي وغيره من
أصحابنا وقيل يشترط تكبيرة الإحرام اختاره أبو
الخطاب وجزم به في الإفادات وصححه في
الرعايتين وأطلقهما في الفائق.
قوله : "ويكبر إذا سجد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الفروع
وغيره قال في الرعايتين: ويكبر غير المصلي في
الأصح للإحرام والسجود والرفع منه فظاهر كلامه
أن في تكبيرة السجود خلافا.
قوله : "وإذا رفع".
يعني يكبر إذا رفع وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وقيل يجزئه تكبيرة للسجود وهو ظاهر
كلام الخرقي واختاره بعض الأصحاب.
قوله : "ويجلس".
هكذا صرح به جماعة كثيرة من الأصحاب قال في
الفروع: فلعل المراد الندب ولهذا لم يذكروا
جلوسه في الصلاة كذلك.
قوله : "ويسلم".
الصحيح من المذهب: أن السلام ركن نص عليه
وعليه أكثر الأصحاب وعنه ليس بركن وهما وجهان
في الفائق وغيره وأطلقهما في الحاويين
والفائق.
فعلى المذهب يجزئه تسليمة واحدة وتكون عن
يمينه وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه
تجب الثنتان.
(2/140)
قوله : "ولا
يتشهد".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقيل
بلى وهو تخريج لأبي الخطاب واختاره وهو من
المفردات وأطلقهما في الرعايتين والحاويين
والتلخيص قال في الفروع: ونصه لا يسن.
فائدتان.
إحداها: الأفضل أن يكون سجوده عن قيام جزم به
المجد في شرحه ومجمع البحرين وغيرهما وقدمه في
الفروع وغيره واختاره الشيخ تقي الدين وقال:
قاله طائفة من أصحاب الإمام أحمد وقيل: للإمام
أحمد يقوم ثم يسجد فقال: يسجد وهو قاعد وقال
ابن تميم: الأفضل أن يسجد عن قيام وإن سجد عن
جلوس فحسن.
الثانية : يقول في سجوده ما يقوله في سجود
الصلاة وإن زاد على ذلك مما ورد في سجود
التلاوة فحسن.
قوله : "وإن سجد في الصلاة رفع يديه نص عليه".
يعني في رواية أبي طالب وهو المذهب وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والمنور
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة
والرعايتين والنظم وبن تميم ومجمع البحرين
والفائق والحاويين.
وقال القاضي في الجامع الكبير: لا يرفعهما وهو
رواية عن أحمد قال في النكت: ذكر غير واحد أنه
قياس المذهب.
قلت: منهم المصنف والشارح.
قال ابن نصر الله في حواشيه: هذا الأصح
وأطلقهما في الفروع والكافي والمجد في شرحه
والمذهب والتلخيص وتقدم هل يرفع يديه بعد
فراغه من القنوت إذا أراد أن يسجد في أحكام
الوتر.
فائدتان.
إحداهما : الصحيح من المذهب: أنه إذا سجد في
غير الصلاة يرفع يديه سواء قلنا يرفع يديه في
الصلاة أو لا نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم
به في التلخيص وقدمه في الفروع والرعايتين وبن
تميم وهو من المفردات.
وقيل: لا يرفعهما ويحتمل كلام المصنف هنا
وصاحب الوجيز وأطلقهما في الفائق.
الثانية : إذا قام المصلي من سجود التلاوة فإن
شاء قرأ ثم ركع وإن شاء ركع من غير قراءة نص
عليه.
(2/141)
قوله : "ولا
يستحب للإمام السجود في صلاة لا يجهر فيها".
بل يكره وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه
في الفروع والرعاية وغيرهما وقيل: لا يكره
اختاره المصنف.
قوله: "فإن فعل فالمأموم مخير بين اتباعه
وتركه".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وأكثرهم جزم به
وهو من المفردات وقيل يلزمه متابعته اختاره
القاضي والمصنف.
تنبيه : مفهوم كلامه: أن المأموم يلزمه متابعة
إمامه في السجود في صلاة الجهر وهو صحيح وهو
المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع والرعاية: يلزمه في الأصح وجزم
به المجد في شرحه ومجمع البحرين. وقيل: لا
يلزمه جزم به في الحاوي الكبير.
فعلى المذهب: لو ترك متابعته عمدا بطلت صلاته
جزم به المجد في شرحه ومجمع البحرين وغيرهما.
وعلى الثاني: لا تبطل بل يكره.
فائدة : الراكب يومئ بالسجود قولا واحدا وأما
الماشي فالصحيح من المذهب أنه يسجد بالأرض
وقيل يومئ أيضا وأطلقهما في الحاوي وقيل يومئ
إن كان مسافرا وإلا سجد.
قوله : "ويستحب سجود الشكر".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقال ابن تميم
يستحب لأمير الناس لا غير قال في الفروع: وهو
غريب بعيد.
قوله : "عند تجدد النعم واندفاع النقم".
يعني العامتين للناس هكذا قال كثير من الأصحاب
وأطلقوا.
وقال القاضي وجماعة: يستحب عند تجدد نعمة أو
دفع نقمة ظاهرة لأن العقلاء يهنون بالسلامة من
العارض ولا يفعلونه في كل ساعة وإن كان الله
يصرف عنهم البلاء والآفات ويمتعهم بالسمع
والبصر والعقل والدين ويفرقون في التهنئة بين
النعمة الظاهرة والباطنة كذلك السجود للشكر
انتهى.
فائدة : الصحيح من المذهب: أن يسجد لأمر يخصه
نص عليه وجزم به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر
كلام أكثر الأصحاب وقيل لا يسجد قدمه في
الرعاية الكبرى فقال: يسن سجود الشكر لتجدد
نعمة ودفع نقمة عامتين للناس وقيل: أو خاصتين
وأطلقهما في الفروع والفائق وبن تميم.
(2/142)
قوله : "ولا
يسجد له في الصلاة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم واستحبه ابن الزاغوني فيها واختاره بعض
الأصحاب وهو احتمال في انتصار أبي الخطاب
كسجود التلاوة وفرق القاضي وغيره بينهما بأن
سبب سجود التلاوة عارض من أفعال الصلاة.
فعلى المذهب: لو سجد جاهلا أو ناسيا لم تبطل
الصلاة وإن كان عامدا بطلت على الصحيح من
المذهب: وعند ابن عقيل فيه روايتان من حمد
لنعمة أو استرجع لمصيبة.
فائدة : لو رأى مبتلى في دينه سجد شكرا بحضوره
وغيره وإن كان مبتلى في بدنه سجد وكتمه وهذا
المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم قال
القاضي وغيره: يسأل الله العافية قال في
الفروع: وظاهر كلام جماعة لا يسجد ولعله ظاهر
الخبر.
فعلى المذهب قال في الفروع: والمراد إن قلنا
يسجد لأمر يخصه.
قلت فهو كالصريح في كلام ابن تميم فإنه قال:
وهل يسجد لأمر يخصه فيه وجهان لكن إن سجد
لرؤية مبتلى في بدنه لم يشعره.
فاستدرك من السجود لأمر مخصوص ذلك.
قوله : "في أوقات النهي هي خمسة".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم وظاهر كلام الخرقي أن عند قيامها
ليس بوقت نهى لقصره.
قال في الفروع: وفيه وجه أنه ليس بوقت نهي قال
الزركشي: ظاهر كلام الخرقي أن أوقات النهي
ثلاثة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر
حتى تغرب وهذا الوقت يشتمل على وقتين وعنه لا
نهي بعد العصر مطلقا ويأتي ذلك مفصلا قريبا
أتم من هذا.
قوله : "بعد طلوع الفجر".
يعني الفجر الثاني وهذا المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه من صلاة الفجر
اختاره أبو محمد رزق الله التميمي.
قوله : "وبعد العصر".
يعني صلاة العصر وهذا المذهب وعليه الأصحاب
ويأتي قريبا إذا جمع وعنه لا نهي بعد العصر
مطلقا كما تقدم وعنه لا نهي بعد العصر ما لم
تصفر الشمس.
فائدة : الاعتبار بالفراغ من صلاة العصر لا
بالشروع فلو أحرم بها ثم قلبها نفلا لعذر صح
أن يتطوع بعدها قاله ابن تميم وبن حمدان وصاحب
الفائق وغيرهم والاعتبار أيضا بصلاته فلو صلى
منع من التطوع وإن لم يصل غيره ومتى لم يصل
فله التطوع وإن صلى غيره قاله الأصحاب.
(2/143)
قوله : "وعند
طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقال في المستوعب: حتى
تبيض وحكاه في الرعاية قولا.
قوله : "وعند قيامها حتى تزول".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وظاهر كلام الخرقي أنه ليس بوقت نهي
لقصره كما تقدم اختاره بعض الأصحاب واختاره
الشيخ تقي الدين في يوم الجمعة خاصة قال
الإمام أحمد في الجمعة: إذن لا يعجبني قال في
الفروع: وظاهره الجواز ولو لم يحضر الجامع
وقال القاضي ليستظهر بترك الصلاة ساعة بقدر ما
يعلم زوالها كسائر الأيام.
فائدتان.
إحداهما: لو جمع بين الظهر والعصر في وقت
الأولى منع من التطوع المطلق.
بعد الفراغ منهما قاله ابن تميم وبن حمدان
وصاحب الفروع والفائق والزركشي وغيرهم.
وأما سنة الظهر الثانية: فالصحيح من المذهب:
أنها تفعل بعد العصر إذا جمع سواء جمع في وقت
الأولى أو الثانية قدمه في الفروع وقيل يفعلها
إذا جمع في وقت الظهر وقيل بالمنع مطلقا وقال
ابن عقيل في الفصول يصلي سنة الأولى إذا فرغ
من الثانية إذا لم تكن الثانية: عصرا وهذا في
العشاءين خاصة وتقدم سنة الأولى منهما على
الثانية كما قدم فرض الأولى على الثانية قال
في الفروع: كذا قال.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن المنع في وقت
النهي متعلق بجميع البلدان وعليه الأصحاب وعنه
لا نهي بمكة وهي قول في الحاوي وغيره وتأوله
القاضي على فعل ما له سبب كركعتي الطواف قال
المجد في شرحه: هو خلاف الظاهر ووجه في الفروع
توجيها إن قلنا الحرم كمكة في المرور بين يدي
المصلي أن هنا مثله وكلام القاضي في الخلاف
أنه لا يصلى فيه اتفاقا.
قوله : "وإذا تضيفت للغروب حتى تغرب".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وتقدم رواية أنه لا
نهي بعد العصر مطلقا.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإذا تضيفت للغروب" أن
ابتداء وقت النهي يحصل قبل شروعها في الغروب
فيكون أوله إذا اصفرت وهو إحدى الروايتين
اختاره المصنف قال المجد في شرحه: هذا أولى
وأحوط وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير
والشرح وحواشي ابن مفلح.
والرواية الثانية: أوله إذا شرعت في الغروب
وعليه أكثر الأصحاب قال المجد في
(2/144)
شرحه وتبعه في
مجمع البحرين: قاله أصحابنا قال الزركشي: عليه
عامة الأصحاب وجزم به في المحرر والفائق
وغيرهما وقدمه في مجمع البحرين قال ابن تميم:
واختلف قوله: في الخامس فعنه أوله إذا شرعت في
الغروب وعنه أوله إذا اصفرت وقال في الفروع في
تعداد أوقات النهي وعند غروبها حتى تتم.
قوله : "ويجوز قضاء الفرائض فيها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وحكى
في التبصرة في قضاء الفرائض في وقت النهي
روايتين.
فوائد.
إحداها: يجوز صلاة النذر في هذه الأوقات على
الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والرعاية
الصغرى والحاويين وغيرهم وصححه في مجمع
البحرين وبن تميم ونصره المجد في شرحه وغيره.
قال في القواعد الفقهية: الأشهر الجواز قال
الزركشي: هذا أشهر الروايتين وقدمه في الفروع
والرعاية الكبرى والمغني والشرح وغيرهم وعنه
لا يفعلها ذكرها أبو الحسين وأطلقهما في
الفائق.
الثانية : لو نذر صلاة في أوقات النهي فالصحيح
من المذهب أن حكمها حكم صلاة النذر المطلق في
وقت النهي على ما تقدم قال المجد في شرحه
وتبعه في مجمع البحرين: قال أصحابنا: ينعقد
النذر ويأتي به فيها وجزم به في الوجيز وبن
تميم وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره وقال
المجد في شرحه والمصنف في المغني والشارح
ويتخرج أن لا ينعقد موجبا لها وتبعهم في مجمع
البحرين والفروع وقال ابن عقيل في الفصول
يفعلها في غير وقت النهي ويكفر كنذره صوم يوم
العيد وقال القاضي في الخلاف وغيره أو نذر
صلاة مطلقة أو في وقت وفات فقياس المذهب يجوز
فعلها في وقت النهي لأن أحمد أجاز صوم النذر
في أيام التشريق على إحدى الروايتين مع تأكد
الصوم.
الثالثة : لو نذر الصلاة في مكان غصب ففي
مفردات أبي يعلى ينعقد فقيل له يصلي في غيرها
فقال فلم يف بنذره.
وقال في الفروع: ويتوجه أنه كصوم يوم العيد.
قوله : "ويجوز صلاة الجنازة وركعتا الطواف
وإعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد بعد
الفجر والعصر".
الصحيح من المذهب: جواز صلاة الجنازة بعد
الفجر والعصر وعليه الأصحاب وحكاه
(2/145)
ابن المنذر
والمجد وغيرهما إجماعا وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في الفروع وابن تميم والفائق
وغيرهم قال المصنف والشارح: بغير خلاف وقيده
ابن تميم وحكى في الرعاية وغيرها قولا بصلاة
الفرض منهما وعنه المنع من الصلاة عليها نقله
ابن هانئ وعنه المنع بعد الفجر فقط.
والصحيح من المذهب: جواز فعل ركعتي الطواف بعد
الفجر والعصر وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم
وعنه المنع.
والصحيح من المذهب: جواز إعادة الجماعة فيهما
مطلقا جزم به في المذهب والشرح والوجيز
والمغني والمنتخب وقدمه في الفروع واختاره ابن
عقيل واختار القاضي وغيره لا يجوز إعادة
الجماعة إلا مع إمام الحي وجزم به في الهداية
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر
ومجمع البحرين والتلخيص والحاوي الصغير قال
ابن تميم: وتعاد الجماعة مع إمام الحي إذا
أقيمت وهو في المسجد أو دخل وهم يصلون سواء
صلى جماعة أو فرادى لكن لا يستحب له الدخول
انتهى وعنه المنع فيها مطلقا ويأتي ذلك مستوفى
في صلاة الجماعة عند قوله: "فإن صلى ثم أقيمت
الصلاة وهو في المسجد استحب له إعادتها".
قوله : "وهل يجوز في الثلاثة الباقية على
روايتين".
يعني هل يجوز فعل صلاة الجنازة وركعتي الطواف
وإعادة الجماعة في الأوقات الثلاثة الباقية
وأطلقهما ابن منجا في شرحه وبن تميم والزركشي
والمجد في شرحه والخلاصة الصحيح من المذهب
جواز فعل ركعتي الطواف وإعادة.
الجماعة في هذه الأوقات الثلاثة أيضا جزم به
في التلخيص والوجيز والهداية والمذهب والمحرر
ومسبوك الذهب وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى
وغيرهم واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق
قال ابن تميم: وقطع به بعض أصحابنا واختار ابن
عقيل جواز إعادة الجماعة فيها.
والرواية الثانية : لا يجوز قال في مجمع
البحرين: لا يجوز في أقوى الروايتين وصححه في
النظم والتصحيح والقاضي وأبو الخطاب والشرح
والصحيح من المذهب لا تجوز صلاة الجنازة في
هذه الأوقات الثلاثة قال في مجمع البحرين: لا
تجوز صلاة الجنازة في الأشهر وصححه في النظم
والتصحيح وقدمه في الفروع والمغني والشرح
ونصراه وقدمه في المحرر ذكره في الصلاة على
الجنازة.
والرواية الثانية: تجوز جزم به في الوجيز
واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق
وأطلقهما في الهداية وشرحها للمجد والخلاصة
والمذهب ومسبوك الذهب ذكراه في الجنائز.
وقال ابن أبي موسى: يصلي عليها في جميع
الأوقات إلا حال الغروب وذكر في الرعاية قولا
بالجواز في جميع الأوقات إلا حال الغروب
والزوال.
(2/146)
تنبيه : محل
الخلاف في الصلاة على الجنازة إذا لم يخف
عليها أما إذا خيف عليها فإنه يصلي عليها في
هذه الأوقات قولا واحدا.
فائدة : الصحيح من المذهب: تحريم الصلاة على
القبر والغائب في أوقات النهي كلها وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به المصنف والرعاية
الصغرى والحاويين وصححه في الرعاية الكبرى
وقدمه في الفروع.
وقيل: إن كانت فرضا لم يحرم وإن كانت نفلا
حرمت وأطلقهما ابن تميم وصحح ابن الجوزي في
المذهب جواز الصلاة على القبر في الوقتين
الطويلين وحكى قولا لا تجوز الصلاة على القبر
في الأوقات الخمس.
وقال في الفصول: لا تجوز بعد العصر لأن العلة
في جوازها على الجنازة خوف الانفجار وقد أمن
في القبر قال: وصلى قوم من أصحابنا بعد العصر
بفتوى بعض المشايخ ولعله قاس على الجنازة قال:
وحكى عنه أنه علل بأنها صلاة مفروضة وهذا يلزم
عليه فعلها في الأوقات الثلاث انتهى.
قوله : "ولا يجوز التطوع بغيرها في شيء من
الأوقات الخمسة إلا ما له سبب".
التطوع بغير ما تقدم ذكره في الأوقات الخمسة
نوعان نوع له سبب ونوع لا سبب له.
فأما الذي لا سبب له وهو التطوع المطلق فجزم
المصنف هنا أنه لا يجوز فعله في شيء منها وهو
المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
كثير منهم وقيل يجوز.
فعلى المذهب لو شرع في التطوع المطلق فدخل وقت
النهي وهو فيها حرم على الصحيح من المذهب قدمه
في الفروع وقيل لا يحرم وهو ظاهر كلام الخرقي
فإنه قال: ولا يبتدئ في هذه الأوقات صلاة
يتطوع بها وكذا قال في المنور والمنتخب: وقطع
به الزركشي لكن قال: يخففها واقتصر عليه ابن
تميم وهو الصواب.
وعلى المذهب: لو ابتدأ التطوع المطلق فيها لم
ينعقد على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز
والمجد في شرحه والرعاية الصغرى والحاويين
والزركشي والقواعد الفقهية في التاسعة ومجمع
البحرين قال ابن تميم وصاحب الفائق: لم تنعقد
على الأصح قال في التلخيص: لم تنعقد على
الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والرعاية
الكبرى وعنه تنعقد.
فعلى القول: بعدم الانعقاد لا تنعقد من الجاهل
على الصحيح من المذهب. وهو ظاهر كلام ابن تميم
وقدمه في الفائق ومجمع البحرين وعنه تنعقد منه
قدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير وحواشي
ابن مفلح وأطلقهما في الفروع والرعاية الصغرى
والحاوي الصغير والزركشي.
النوع الثاني: ما له سبب كتحية المسجد وسجود
التلاوة وصلاة الكسوف وقضاء السنن
(2/147)
الرواتب فأطلق
المصنف فيها الروايتين وأطلقهما في الخلاصة
والتلخيص والبلغة والفروع والنظم وإدراك
الغاية والزركشي وبن تميم والهادي والكافي.
إحداهما : لا يجوز وهي المذهب وعليها أكثر
الأصحاب قاله ابن الزاغوني وغيره قال في
الواضح في تحية المسجد والسنن الراتبة: إنه
اختيار عامة المشايخ قال الشريف أبو جعفر: هو
قول أكثرهم قال في الفروع وتجريد العناية: وهو
الأشهر قال الشارح: هو المشهور في المذهب قال
ابن هبيرة: هو المشهور عند أحمد في الكسوف قال
ابن منجا في شرحه: هذا الصحيح ونصره أبو
الخطاب وغيره وجزم به في الوجيز وقدمه في
الرعايتين والحاويين وفروع القاضي أبي الحسين
واختاره الخرقي والقاضي والمجد وغيرهم.
والرواية الثانية: يجوز فعلها فيها اختارها
أبو الخطاب في الهداية وبن عقيل وبن الجوزي في
المذهب ومسبوك الذهب والسامري في المستوعب
وصاحب الفائق ومجمع البحرين والشيخ تقي الدين
قال في مجمع البحرين: وهو ظاهر قول الشيخ في
الكافي وقدمه في المحرر.
وعنه رواية ثالثة يجوز قضاء ورده ووتره قبل
صلاة الفجر قال المصنف في المغني والشارح: وهو
المنصوص عن أحمد في قضاء وتره واختاره ابن أبي
موسى وصححه في الحاوي الكبير قال الزركشي: وهو
حسن وجزم في المنتخب بجواز قضاء السنن في
الأوقات الخمسة واختار المصنف في العمدة جواز
قضاء السنن الراتبة في الوقتين الطويلين وهما
بعد الفجر والعصر واختار المصنف أيضا.
في المغني والشارح جواز قضاء سنة الفجر بعد
صلاة الفجر وجواز قضاء السنن الراتبة بعد
العصر واختاره في التصحيح الكبير وقال صححه
القاضي واختار ابن عبدوس في تذكرته جواز ماله
سبب في الوقتين الطويلين.
وعنه رواية رابعة يجوز قضاء وتره والسنن
الراتبة مطلقا إن خاف إهماله.
فعلى القول بالمنع في الكسوف فإنه يذكر ويدعو
حتى ينجلي ويأتي ذلك في بابه.
تنبيه : محل الخلاف في غير تحية المسجد حال
خطبة الجمعة فإنه يجوز فعلها من غير كراهة على
الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وجزم به في
الفروع وقال ليس عنها جواب صحيح.
وأجاب القاضي وغيره بأن المنع هناك لم يختص
الصلاة ولهذا يمنع من القراءة والكلام فهو أخف
والنهي هنا اختص الصلاة فهو آكد قال في
الفروع: وهذا على العلتين أظهر ثم قال القاضي:
مع أن القياس المنع تركناه لخبر سليك.
(2/148)
فائدة : مما له
سبب الصلاة بعد الوضوء وألحق الشيخ تقي الدين
صلاة الاستخارة بما يفوت وقال في الهداية
والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة ومجمع
البحرين هنا وغيرهم وسجود الشكر وصلاة
الاستسقاء فعدوهما فيما له سبب وصححوا جواز
الفعل كما تقدم عنهم.
قلت: ذكر الاستسقاء فيما له سبب ضعيف بعيد قال
في الفروع: ولا يجوز صلاة الاستسقاء وقت نهي.
قال صاحب المغني والمحرر ومجمع البحرين: هناك
وغيرهم بلا خلاف.
قال ابن رزين في شرحه: إجماعا وأطلق جماعة
الروايتين ويأتي أيضا في باب الاستسقاء بأتم
من هذا.
ولا تصلى ركعتا الإحرام على الصحيح وقال في
الفروع ويتوجه فيه بخلاف صلاة الاستسقاء ويأتي
في باب الإحرام
(2/149)
باب صلاة الجماعة.
قوله : "وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال
لا بشرط".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم ونص عليه وهو من مفردات المذهب
وقيل لا تجب إذا اشتد الخوف.
وقيل: لا تنعقد أيضا في اشتداد الخوف اختاره
ابن حامد والمصنف على ما يأتي هناك وعنه
الجماعة سنة.
وقيل: فرض كفاية ذكره الشيخ تقي الدين وغيره
ومقاتلة تاركها كالأذان على ما تقدم وذكره ابن
هبيرة وفاقا للأئمة الأربعة.
وعنه أن الجماعة شرط لصحة الصلاة ذكرها القاضي
وبن الزاغوني في الواضح والإقناع وهي من
المفردات واختارها ابن أبي موسى وبن عقيل
والشيخ تقي الدين فلو صلى وحده من غير عذر لم
تصح.
قال في الفتاوى المصرية: هو قول طائفة من
أصحاب الإمام أحمد ذكره القاضي في شرح المذهب
عنهم انتهى.
قال ابن عقيل: بناء على أصلنا في الصلاة في
ثوب غصب والنهي يختص بالصلاة وقال في الحاوي
الكبير: وفي هذا القول بعد وعنه حكم الفائتة
والمنذورة حكم الحاضرة وأطلق في الحاوي وغيره
فيهما وجهين قال في الفروع: وظاهر كلام جماعة
أن حكم الفائتة فقط حكم الحاضرة.
(2/149)
تنبيهات.
الأول: ظاهر قوله: "على الرجال" دخول العبيد
في ذلك وهو إحدى الروايتين نقلها ابن هانئ وهو
ظاهر كلامه في المستوعب والشرح والتلخيص
والمحرر وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى
والحاوي الكبير.
وقال في الصغرى: تلزم على الأصح كل مسلم مكلف
ذكر قادر والصحيح من المذهب أنها لا تجب عليهم
قدمه في الفروع وجزم به المجد في شرحه إذا لم
تجب عليه الجمعة وأطلق ابن الجوزي في المذهب
وبن تميم وصاحب الفائق وغيرهم فيهم روايتين.
الثاني : مفهوم كلام المصنف: أنها لا تجب على
الخناثى وهو صحيح جزم به في الفائق وابن تميم
وغيرهما قال في الرعاية الكبرى: والمذهب
وجوبها على كل مكلف غير خنثى وأنثى وقيل تجب
عليهم.
قال في المستوعب: تجب على غير النساء.
الثالث : مفهوم كلامه أيضا أنها لا تجب على
النساء أيضا وهو صحيح وهو المذهب وعليه
الأصحاب إلا أن أبا يعلى الصغير مال إلى
وجوبها عليهن إذا اجتمعن وهو غريب.
الرابع : مفهوم قوله: "الرجال" أنها لا تجب
على المميز وهو صحيح وهو المذهب قدمه في
الفروع قال في الرعايتين: تجب على كل ذكر مكلف
وكذا في الحاوي الكبير قال في الصغير: تلزم
الرجال وقيل هو كالرجل إذا قلنا تجب عليه قاله
الناظم وجزم به ابن الجوزي في المذهب.
فائدة : فعلى المذهب في أصل المسألة لو صلى
منفردا صحت صلاته لكن إن كان لعذر لم ينقص
أجره وإن كان لغير عذر فإنه يأثم وفي صلاته
فضل خلافا لأبي الخطاب وغيره في المسألة
الأولى ولنقله عن الأصحاب في الثانية قاله.
في الفروع واختار الشيخ تقي الدين كأبي الخطاب
فيمن عادته الانفراد مع عدم العذر وإلا تم
أجره.
قلت: وهو الصواب اللهم إلا أن يتوب حال وجود
العذر فإن أجره يكمل.
وقال الشيخ تقي الدين في الصارم المسلول: خبر
التفضيل في المعذور الذي تباح له الصلاة وحده
قال في الفروع: ويتوجه احتمال تساويهما في أصل
الأجر وهو الجزاء والفضل بالمضاعفة.
فائدة : يستحب للنساء صلاة الجماعة على الصحيح
من المذهب وعليه الجمهور قال الزركشي: هذا
أشهر الروايتين وصححه في الفائق وجزم به في
المنور وقدمه في الفروع والمحرر وبن تميم
والرعايتين والحاويين ذكروه في أواخر الباب
والتلخيص والبلغة والخلاصة والهداية
والمستوعب.
وقال ابن عقيل: يستحب لهن إذا اجتمعن أن يصلين
فرائضهن جماعة في أصح الروايتين.
(2/150)
والرواية
الثانية: يكره في الفريضة ويجوز في النافلة
انتهى وعنه لا يستحب لهن الصلاة جماعة وعنه
يكره هذا الحكم إذا كن منفردات سواء كان
إمامهن منهن أو لا.
فاما صلاتهن مع الرجال جماعة فالمشهور في
المذهب أنه يكره للشابة قاله في الفروع وقال:
والمراد والله أعلم للمستحسنة واختاره القاضي
وبن تميم وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب
وقدمه في الرعاية الكبرى وبن تميم قال في
الهداية والخلاصة والرعاية الصغرى والحاويين
وغيرهم: وللعجوز والبرزة حضور جمع الرجال قال
في المحرر: ولا يكره أن تحضر العجائز جمع
الرجال.
وعنه يباح مطلقا وهو ظاهر ما جزم به في المنور
قال ابن تميم: وظاهر كلام الشيخ يعني به
المصنف لا يكره وهو أصح وقدمه في الفروع وعنه.
يباح في الفرض واختار ابن هبيرة يستحب لهن
وقيل: يحرم في الجمعة قال في الفروع: ويتوجه
في غيرها مثلها.
تنبيه : حيث قلنا يستحب لها أو يباح الصلاة
جماعة فصلاتها في بيتها أفضل بكل حال بلا نزاع
كما قال المصنف بعد ذلك "وبيتها خير لها"
ويأتي في كلام المصنف "إذا استأذنت المرأة إلى
المسجد".
قوله : "وله فعلها في بيته في أصح الروايتين".
وكذا قال في التلخيص والبلغة ومجمع البحرين:
قال في الشرح والنظم: هذا الصحيح من المذهب
وصححه في الحاوي وغيره وقدمه في الفروع
والكافي والرعاية الكبرى وبن تميم وغيرهم قال
المجد في شرحه: هي اختيار أصحابنا وهي عندي
بعيدة جدا إن حملت على ظاهرها.
والرواية الثانية: ليس له فعلها في بينه قدمه
في الحاوي.
فائدتان.
إحداهما : تنعقد الجماعة باثنين فإن أم الرجل
عبده أو زوجته كانا جماعة كذلك وإن أم صبيا في
النفل جاز وإن أمه في الفرض فقال أحمد لا يكون
مسقطا له لأنه ليس من أهله وعنه يصح كما لو أم
رجلا متنفلا قاله في الكافي.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن فعلها في
المسجد سنة وصححه في الحاوي وغيره وقدمه في
الفروع والرعاية وبن تميم وغيرهم وعنه فرض
كفاية جزم به في المنور وقدمه في المحرر.
قال في الفروع: قدمه في المحرر لاستبعاده أنها
سنة ولم أجد أحدا صرح به غيره قال في النكت:
ولم أجد أحدا من الأصحاب قال: بفرض الكفاية
قبل الشيخ مجد الدين قال: وكلامه في شرح
الهداية يدل على أنه هو لم يجد أحدا منهم قال
به.
(2/151)
وعنه واجبة على
القريب منه جزم به في الإفادات وقدمه في
الرعاية الصغرى والحاوي الكبير وقال في
الرعاية الكبرى وقيل لا يصح في غير مسجد مع
القدرة عليه وقلت وهو بعيد انتهى.
وقيل: شرط للصحة قال في الحاوي الكبير: وفيه
بعد قال في الرعاية الكبرى: وقلت: وهو بعيد.
قال الشيخ تقي الدين: ولو لم يمكنه إلا بمشيه
في ملك غيره وإن كان بطريقه منكر كغناء لم يدع
المسجد وينكره نقله يعقوب.
تنبيه : قوله : "ويستحب لأهل الثغر الاجتماع
في مسجد واحد".
بلا نزاع أعلمه وقيده الناظم بما إذا لم يحصل
ضرر.
قوله : "والأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي
لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الشرح
وبن منجا في شرحه والمجد في شرح الهداية
والتلخيص والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
ومجمع البحرين والمنور والمنتخب وتجريد
العناية والإفادات والمحرر والرعايتين
والحاويين وبن تميم وغيرهم وهو ظاهر ما جزم به
في الفروع قال المصنف والشارح وبن تميم وبن
حمدان وغيرهم: وكذا لو كانت الجماعة تقام فيه
إلا أن في قصد غيره كسر قلب إمامه أو جماعة
زاد ابن حمدان وقيل أو كثرت جماعة المسجد
بحضوره وقال في الوجيز والعتيق أفضل ثم الأبعد
ثم ما تممت جماعته به فقطع أن العتيق والأبعد
أفضل من ذلك.
قوله : "ثم ما كان أكثر جماعة ثم في المسجد
العتيق".
هذا أحد الوجوه جزم به في الكافي وبن منجا في
شرحه والمذهب الأحمد والمنتخب والخلاصة قال
الشارح: وهو أولى قال ابن تميم: وهو الأصح قال
في الرعاية الصغرى: وهو أظهر وقدمه في النظم.
والصحيح من المذهب: أن المسجد العتيق أفضل من
الأكثر جماعة جزم به في الهداية والمذهب
والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والمنور
ومجمع البحرين والإفادات والحاويين وغيرهم
وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين وتجريد
العناية وقيل إن استويا في القرب والبعد
فالأكثر جمعا أولى قال في الرعاية الكبرى: وهو
أظهر وقيل الأبعد والأقرب أفضل من الأكثر جمعا
حكاه في الفروع وقدم في المحرر أن الأبعد أفضل
من الأكثر جمعا وجزم به في المنور.
(2/152)
قوله : "وهل
الأولى قصد الأبعد أو الأقرب على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والكافي والمغني والشرح وبن منجا والحاويين.
إحداهما : الأبعد أولى وهو المذهب جزم به في
الوجيز والمنور وقدمه في الفروع والمحرر
والنظم وبن تميم وحواشي ابن مفلح وتجريد
العناية والرعايتين زاد في الكبرى فالأبعد
أفضل وإن قل جمعه ولم يكن أعتق.
والرواية الثانية: الأقرب أولى كما لو تعلقت
الجماعة بحضوره قدمه في الخلاصة والفائق وعنه
رواية ثالثة الأقرب أولى إن استويا في القدم
وكثرة الجمع وإلا فالأبعد أولى وقيل يرجح
أحدهما هنا بالقدم لا بكثرة الجمع ذكرها في
الرعاية وقال أيضا وقيل إن استويا في العتق
فالأكثر جمعا أفضل وإن استويا في كثرة الجمع
فالعتيق أفضل وقال أيضا إذا كان القريب العتيق
فالأكثر جمعا أفضل. وإن استويا في كثرة الجمع
فالعتيق أفضل من الأبعد والأعتق أولى إن
استويا في الكثرة والعتق وإن كان أحدهما أعتق
والآخر أكثر جمعا رجح الأبعد وعنه بل الأقرب
انتهى وفي كلامه بعض تكرار.
قال المجد في شرحه: محل الروايتين في مسجدين
جديدين أو عتيقين سواء اختلفا في كثرة الجمع
وقلته أو استويا.
فائدة : انتظار كثرة الجمع أفضل من فضيلة أول
الوقت مع قلة الجمع في أحد الوجهين قال أبن
حامد: الانتظار أفضل وقد أومأ إليه أحمد.
والوجه الثاني: أن أول الوقت أفضل مع قلة
الجمع من انتظار كثرة الجمع قال القاضي: يحتمل
أن يصلي ولا ينتظر ليدرك فضيلة أول الوقت.
قلت: وهو الصواب.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى وبن تميم
والحاوي الكبير والفائق.
وأما تقديم انتظار الجماعة ولو قلت على أول
الوقت إذا صلى منفردا فهو المذهب ذكره الأصحاب
في كتب الخلاف والمصنف في المغني وأبو المعالي
في النهاية وغيرهم قال في الفروع: ويتوجه
تخريج واحتمال من المتيمم أول الوقت مع ظن
الماء آخر الوقت على ما تقدم.
قوله : "ولا يؤم في مسجد قبل إمامة الراتب إلا
بإذنه".
يعني يحرم ذلك صرح به في الفروع وأبو الخطاب
والسامري وغيرهم قال الإمام أحمد: ليس لهم ذلك
وقدمه في الفروع وغيره قال القاضي: منع غير
إمام الحي أن يؤذن ويقيم ويؤم بالمسجد ذكره في
الفروع آخر الأذان وقال القاضي في الخلاف: قد
كره أحمد ذلك.
(2/153)
قوله : "إلا أن
يتأخر لعذر".
الصحيح من المذهب: أن غير الإمام لا يؤم إلا
أن يتأخر الإمام ويضيق.
الوقت قال في الفروع: هذا الأشهر وجزم به ابن
تميم والفائق وقال في الكافي: يجوز أن يؤم غير
الإمام مع غيبته كفعل أبي بكر وعبد الرحمن بن
عوف رضي الله عنهما.
قوله: "فإن لم يعلم عذرة انتظر وروسل ما لم
يخش خروج الوقت".
إذا تأخر الإمام عن وقته المعتاد روسل إن كان
قريبا ولم يكن مشقة وإن كان بعيدا ولم يغلب
على الظن حضوره صلوا وكذا لو ظن حضوره ولكن لا
ينكر ذلك ولا يكرهه قاله صاحب الفروع وابن
تميم.
فائدتان.
إحداهما : حيث قلنا يحرم أن يؤم قبل إمامه فلو
خالف وأم فقال في الفروع وظاهره لا يصح وقال
في الرعاية الكبرى: ولا يؤم فإن فعل صح ويكره
ويحتمل البطلان للنهي انتهى.
الثانية: لو جاء الإمام بعد شروعهم في الصلاة
فهل يجوز تقديمه ويصير إماما والإمام مأموما
لأن حضور إمام الحي يمنع الشروع فكان عذرا بعد
الشروع أم لا يجوز تقديمه أم يجوز للإمام
ألأعظم فقط فيه روايتان منصوصتان عن الإمام
أحمد قاله في الفروع وأطلقهن فيه وقيل ثلاثة
أوجه.
وتقدم ذلك في آخر باب النية في كلام المصنف
عند قوله: "وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم
حضر في أثناء الصلاة" وتقدم المذهب في ذلك
مستوفى.
قوله : "فإن صلى ثم أقيمت الصلاة وهو في
المسجد استحب له إعادتها".
وكذا لو جاء مسجدا في غير وقت نهي ولم يقصده
للإعادة وأقيمت هذا المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وجزم به في الوجيز والمحرر وغيرهما
وقدمه.
في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق
والحواشي وغيرهم ولو كان صلى جماعة وهو من
المفردات.
وقال في الهداية والمستوعب وغيرهما: استحب
إعادتها مع إمام الحي.
واختار الشيخ تقي الدين لا يعيدها من بالمسجد
وغيره بلا سبب قال في الفروع: وهو ظاهر كلام
بعضهم وعنه تجب الإعادة وعنه تجب مع إمام الحي
وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "إلا المغرب".
الصحيح من المذهب: أنه لا يستحب إعادة المغرب
وعليه جماهير الأصحاب وعنه
(2/154)
يعيدها صححها
ابن عقيل وبن حمدان في الرعاية وقطع به في
التسهيل.
فعليها يشفعها برابعة على الصحيح يقرأ فيها
بالحمد وسورة كالتطوع نص عليه في رواية أبي
داود وقيل لا يشفعها قال في الفائق: وهو
المختار.
فعلى القول بأنه يشفعها لو لم يفعل انبنى على
صحة التطوع بوتر على ما تقدم قاله في الفروع
وغيره.
فائدتان.
إحداهما: حيث قلنا يعيد فالأولى فرض نص عليه
كإعادتها منفردا لا أعلم فيه خلافا في المذهب
وينوي المعادة نفلا ثم وجدت الشيخ تقي الدين
في الفتاوى المصرية قال: وإذا صلى مع الجماعة
نوى بالثانية معادة وكانت الأولى فرضا
والثانية نفلا على الصحيح وقيل: الفرض أكملهما
وقيل ذلك إلى الله انتهى فيحتمل أنه أراد أن
القولين الأخيرين للعلماء ويحتمل أنه أراد
أنهما في المذهب.
الثانية : يكره قصد المساجد لإعادة الجماعة
زاد بعض الأصحاب ولو كان صلى وحده ولأجل
تكبيرة الإحرام لفوتها له لا لقصد الجماعة نص
على الثلاث.
وأما دخول المسجد وقت نهي للصلاة معهم: فينبني
على فعل ما له سبب على ما تقدم قاله في الفروع
وبن تميم وغيرهما وقال في التلخيص لا يستحب
دخوله وقت نهي للصلاة مع إمام الحي ويحرم مع
غيره ويخير مع إمام الحي إذا كان غير وقت نهي
ولا يستحب مع غيره.
[وقال القاضي يستحب الدخول وقت النهي للإعادة
مع إمام الحي] ويستحب مع غيره فيما سوى الفجر
والعصر فإنه يكره دخول المسجد بعدها ونقله
الأثرم وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين قريبا.
قوله : "ولا تكره إعادة الجماعة في غير
المساجد الثلاثة".
معنى إعادة الجماعة أنه إذا صلى الإمام الراتب
ثم حضر جماعة لم يصلوا فإنه يستحب لهم أن
يصلوا جماعة وهذا المذهب يعني أنها لا تكره
وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المغني
والمستوعب والوجيز والشرح وناظم المفردات
وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والفائق
وغيرهم وهو من المفردات وقيل تكره وقاله
القاضي في موضع من كلامه وقال في الفروع:
ويتوجه احتمال تكره في غير مساجد الأسواق وقيل
تكره بالمساجد العظام وقاله القاضي في الأحكام
السلطانية وقيل: لا يجوز.
تنبيه : الذي يظهر أن مراد من يقول "يستحب أو
لا يكره" نفي الكراهة لا أنها غير واجبة إذ
المذهب أن الجماعة واجبة فإما أن يكون مرادهم
نفي الكراهة وقالوه لأجل المخالف أو
(2/155)
يكون على ظاهره
لكن ليصلوا في غيره.
فائدة : لو أدرك ركعتين من الرباعية المعادة
لم يسلم مع إمامه بل يقضي ما فاته نص عليه
وهذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وبن
تميم وجزم به في التلخيص وغيره وقال الآمدي:
له أن يسلم معه.
تنبيه : مفهوم قوله : "ولا تكره إعادة الجماعة
في غير المساجد الثلاثة أنها".
تكره في المساجد الثلاثة وهي مسجد مكة
والمدينة والأقصى وهو إحدى الروايات عن الإمام
أحمد وهو مفهوم كلامه في الوجيز فإنه قال:
وإعادة جماعة تقام إلا المغرب بمسجد غير
الثلاثة هو فيه وكذا في التسهيل وهو ظاهر ما
جزم به ناظم المفردات وقدمه في النظم وهو من
المفردات.
والرواية الثانية: لا تكره إلا في مسجدي مكة
والمدينة فقط وهو المذهب جزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة
والمنور وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين
والحاويين والفائق قال المجد: هي الأشهر عن
أحمد وذكره المصنف عن الأصحاب.
والرواية الثالثة: تستحب الإعادة أيضا فيهن
اختاره المصنف والشارح وأطلق الكراهة وعدمها
في المسجدين في المحرر.
والرواية الرابعة : تستحب الإعادة فيهن مع
ثلاثة فأقل قال في الرعاية: وفيه بعد للخبر.
قوله : "وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا
المكتوبة".
بلا نزاع فلو تلبس بنافلة بعد ما أقيمت الصلاة
لم تنعقد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر
اختيار المجد وغيره وقيل تصح وهما مخرجان من
الروايتين فيمن شرع في النفل المطلق وعليه
فوائت على ما تقدم في آخر شروط الصلاة وتقدم
نظير ذلك بعد قضاء الفرائض في شروط الصلاة
فليعاود وأطلقهما في الفائق والفروع في باب
الأذان وابن تميم.
قوله : "وإن أقيمت وهو في نافلة أتمها إلا أن
يخشى فوات الجماعة فيقطعها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يتمها
وإن خشي فوات الجماعة خفيفة ركعتين إلا أن
يشرع في الثالثة فيتم الأربع نص عليه لكراهة.
الاقتصار على ثلاث أو لا يجوز قاله في الفروع
في باب الأذان وقال ابن تميم وبن حمدان وصاحب
الفائق وغيرهم: وإن سلم من الثالثة جاز نص
عليه وأطلقهما في الهداية وقال ابن تميم إذا
أقيمت الصلاة وهو في نافلة ولم يخف فوت ما
يدرك به الجماعة أتمها وقال في الرعاية: وإن
خاف فوتها وقيل أو فوت الركعة الأولى منها مع
الإمام قطعه وعنه بل يتمه ويسلم من اثنتين
ويلحقهم وعنه يتمه وإن خاف الفوات انتهى.
(2/156)
وقال ابن منجا
في شرحه: ظاهر كلام المصنف أنه أراد فوت جميع
الصلاة وقال صاحب النهاية فيها المراد بالفوات
فوات الركعة الأولى وكل متجه انتهى.
وقال في الفروع: ويتم النافلة من هو فيها ولو
فاتتة ركعة وإن خشي فوات الجماعة قطعها.
فائدتان .
إحداهما : قال في الفروع: ولا فرق على ما
ذكروه في الشروع في نافلة بالمسجد أو خارجه
ولو ببيته وقد نقل أبو طالب إذا سمع الإقامة
وهو في بيته فلا يصلي ركعتي الفجر ببيته ولا
بالمسجد.
الثانية : لو جهل الإقامة فكجهل وقت نهي في
ظاهر كلامهم.
قال في الفروع: لأنه أصل المسألة قال: وظاهر
كلامهم ولو أراد الصلاة مع غير ذلك الإمام
قال: ويتوجه احتمال كما لو سمعها في غير
المسجد الذي يصلي فيه فإنه يبعد القول به.
قوله : "ومن كبر قبل سلام إمامه فقد أدرك
الجماعة".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وهو
المعمول به في المذهب قال في النكت: في الجمع
قطع به الأصحاب قال المجد في شرحه: هذا إجماع
من أهل العلم.
وقيل: لا يدركها إلا بركعة وهو ظاهر كلام ابن
أبي موسى واختاره الشيخ تقي الدين وذكره رواية
عن أحمد وقال اختاره جماعة من أصحابنا وقال
وعليها إن تساوت الجماعة فالثانية من أولها
أفضل قال في الفروع: ولعل مراده ما نقله صالح
وأبو طالب وابن هانئ في قوله: صلى الله عليه
وسلم "الحج عرفة" أنه مثل قوله: "من أدرك ركعة
من الصلاة فقد أدرك الصلاة" إنما يريد بذلك
فضل الصلاة وكذلك يدرك فضل الحج.
قال صاحب المحرر: ومعناه أصل فضل الجماعة لا
حصولها فيما سبق به فإنه فيه منفرد حسا وحكما
إجماعا.
تنبيه : ظاهر كلامه: أنه يدركها بمجرد التكبير
قبل سلامه سواء جلس أو لم يجلس وهو صحيح وهو
المذهب وقال بعض الأصحاب يدركها بشرط أن يجلس
بعد تكبيره وقبل سلامه.
وحمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف عليه وظاهر
كلام المصنف أيضا أنه لا يدركها إذا كبر بعد
سلام الإمام من الأولى وقبل سلامه من الثانية
وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقيل
يدركها وأطلقهما في الفائق وعنه يدركها أيضا
إذا كبر بعد سلامه من الثانية إذا سجد للسهو
بعد السلام وكان تكبيره قبل سجوده.
(2/157)
فائدتان.
إحداهما: لا يقوم المسبوق قبل سلام إمامه من
الثانية فلو خالف وقام قبل سلامه لزمه العود
فيقوم بعد سلامه منها إن قلنا بوجوبها وأنه لا
يجوز مفارقته بلا عذر فإن لم يعد خرج من
الائتمام وبطل فرضه وصار نفلا زاد بعضهم صار
نفلا بلا إمام وهذا أحد الوجوه قدمه ابن تميم
وبن مفلح في حواشيه.
والوجه الثاني : يبطل ائتمامه ولا يبطل فرضه
إن قيل بمنع المفارقة لغير عذر وأطلقهما في
الفائق.
والوجه الثالث: تبطل صلاته رأسا فلا يصح له
نفل ولا فرض وهو احتمال في مختصر ابن تميم
وأطلقهن في الفروع والرعاية ثم قال: بعد حكاية
الأقوال الثلاثة وقلت إن تركه عمدا بطلت صلاته
وإلا بطل ائتمامه فقط.
الثانية : يقوم المسبوق إلى القضاء بتكبير
مطلقا على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل: إن
أدركه في التشهد الأخير لم يكبر عند قيامه.
وقيل: لا يكبر من كان جالسا لمرض أو نفل أو
غيرهما ذكره في الرعاية الكبرى وقال في
الصغرى: فإذا سلم إمامه قام مكبرا نص عليه
وقيل لا فظاهر هذا القول أنه لا يكبر عند
قيامه مطلقا.
قوله : "ومن أدرك الركوع أدرك الركعة".
هذا المذهب مطلقا سواء إدرك معه الطمأنينة أو
لا إذا اطمأن هو وعليه جماهير الأصحاب وجزم به
في الوجيز وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل: يدركها إن أدرك معه الطمأنينة وأطلقهما
في المغني والشرح والرعاية الكبرى وابن تميم
وبن عقيل والمستوعب والحاويين تبعا لابن عقيل.
وقال ابن رجب في القاعدة الثالثة: إذا أدرك
الإمام في الركوع بعد فوات قدر الإجزاء منه هل
يكون مدركا له في الفريضة ظاهر كلام القاضي
وبن عقيل تخريجها على الوجهين إذا قلنا لا يصح
اقتداء المفترض بالمتنفل قال ابن عقيل: ويحتمل
أن تجري الزيادة مجرى الواجب في باب الاتباع
خاصة إذ الأتباع قد يسقط الواجب كما في
المسبوق ومصلى الجمعة من امرأة وعبد ومسافر
انتهى.
فعلى المذهب: عليه أن يأتي بالتكبير في حال
قيامه وتقدم في أول باب صفة الصلاة لو أتى به
أو ببعضه راكعا أو قاعدا هل تنعقد.
فائدة : إن شك هل أدرك الإمام راكعا أم لا لم
يدرك الركعة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وذكر في التلخيص وجها أنه يدركها وهو
من المفردات لأن الأصل بقاء ركوعه.
(2/158)
قوله :
"وأجزأته تكبيرة واحدة".
يعني تكبيرة الإحرام فتجزئه عن تكبيرة الركوع
وهذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم
به في الكافي والمغني والمحرر والشرح والوجيز
وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يعتبر معها تكبيرة الركوع اختارها جماعة
من الأصحاب منهم ابن عقيل وبن الجوزي في
المذهب.
قال في المستوعب: وإن أدركه في الركوع فقد
أدرك الركعة إذا كبر تكبيرتين للإحرام وللركوع
قال في الرعاية الصغرى: وإن لحقه راكعا لحق
الركعة وكبر للإحرام قائما نص عليه ثم كبر
للركوع على الأصح إن أمكن وكذا قال في الكبرى:
وقال: إن أمكن وأمن فوته وقال إن ترك الثانية
ولم ينوها بالأولة بطلت صلاته وعنه يصح ويجزئ
وقيل إن تركها عمدا بطلت صلاته وإن تركها سهوا
صحت وسجد له في الأقيس انتهى.
فائدتان.
إحداهما: لو نوى بالتكبيرة الواحدة تكبيرة
الإحرام والركوع لم تنعقد الصلاة على الصحيح
من المذهب جزم به في المحرر وغيره وقدمه في
الفروع والرعايتين والتلخيص وغيرهم واختاره
القاضي وغيره وعنه تنعقد اختاره ابن شاقلا
والمصنف والمجد والشارح قال في الحاوي الكبير:
وإن نواهما بتكبيرة واحدة أجزأه في ظاهر
المذهب نص عليه وأطلقهما ابن تميم والفائق
والحاوي الصغير.
قال في القواعد الفقهية: ومن الأصحاب من قال:
إن قلنا تكبيرة الركوع.
سنة أجزأته وإن قلنا واجبة لم يصح التشريك
قال: وفيه ضعف وهذه المسألة تدل على أن تكبيرة
الركوع تجزئ في حال القيام خلاف ما يقوله
المتأخرون انتهى.
الثانية : لو أدرك إمامه في غير الركوع استحب
له الدخول معه والصحيح من المذهب والمنصوص أنه
ينحط معه بلا تكبيرة جزم به في المغني والشرح
وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره وقيل يكبر
وأطلقهما ابن تميم والفائق.
قوله : "وما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته وما
يقضيه أولها".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وجزم به في
الهداية والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في
الفروع والرعايتين والحاويين وبن تميم والفائق
وغيرهم وعنه ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته
وما يقضيه آخرها.
تنبيه : لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها ابن
رجب في قواعده وغيره.
فمنها: محل الاستفتاح فعلى المذهب يستفتح فيما
يقضيه وعلى الثانية فيما أدركه.
(2/159)
وهذا الصحيح من
المذهب وقال القاضي في شرح المذهب لا يشرع
الاستفتاح على كلا الروايتين لفوت محله.
ومنها: التعوذ إذا قلنا هو مخصوص بأول ركعة
فعلى المذهب يتعوذ فيما يقضيه وعلى الثانية
فيما أدركه.
قلت: الصواب هنا أن يتعوذ فيما أدركه على
الروايتين ولم أر أحدا من الأصحاب قاله وأما
على القول بمشروعيته في كل ركعة فتلغو هذه
الفائدة ومنها صفة القراءة في الجهر والإخفات
فإذا فاتته ركعتان من المغرب والعشاء جهر في
قضائهما من غير كراهة نص عليه في رواية الأثرم
وإن أم فيهما وقلنا بجوازه سن له الجهر بناء
على المذهب وعلى الثانية لا جهر هنا وتقدمت
المسألة في صفة الصلاة عند قوله: "ويجهر
الإمام بالقراءة" بأتم من هذا.
ومنها: مقدار القراءة وللأصحاب فيه طريقان.
أحدهما : إن أدرك ركعتين من الرباعية فإنه
يقرأ في المقضيتين بالحمد وسورة معها على كلا
الروايتين قال ابن أبي موسى: لا يختلف قوله:
في ذلك وذكر الخلال أن قوله: استقر عليه قال
المصنف في المغني: هو قول الأئمة الأربعة لا
نعلم عنهم فيه خلافا وذكره الآجري عن أحمد.
الثاني : يبني قراءته على الخلاف في أصل
المسألة ذكره ابن هبيرة وفاقا للأئمة الأربعة
وقاله الآجري وهي طريقة القاضي ومن بعده قال
في الفروع: وجزم به جماعة وذكره ابن أبي موسى.
قال العلامة ابن رجب في فوائده: وقد نص عليه
الإمام أحمد في رواية الأثرم وأومأ إليه في
رواية حرب وغيره واختاره المجد وأنكر الطريقة
الأولى وقال لا يتوجه إلا على رأي من رأى
قراءة السورة في كل ركعة أو على رأي من رأى
قراءة السورة في الأخريين إذا نسيها في
الأوليين وقال أصول الأئمة تقتضي الطريقة
الثانية صرح به جماعة قال ابن رجب قلت: وقد
أشار الإمام أحمد إلى مأخذ ثالث وهو الاحتياط
للتردد فيهما وقراءة السورة سنة مؤكدة فيحتاط
لها أكثر من الاستفتاح والتعوذ انتهى.
ومنها: لو أدرك من الرباعية ركعة فعلى المذهب
يقرأ في الأوليين بالحمد وسورة وفي الثالثة:
بالحمد فقط ونقل عنه الميموني يحتاط ويقرأ في
الثلاثة بالحمد وسورة قال الخلال رجع عنها
أحمد.
ومنها: قنوت الوتر إذا أدركه المسبوق مع من
يصليه بسلام واحد فإنه يقع في محله ولا يعيد
على المذهب وعلى الثانية يعيده في آخر ركعة
يقضيها.
ومنها: تكبيرات العيد الزوائد إذا أدرك
المسبوق الركعة الثانية فعلى المذهب يكبر في
(2/160)
المقضية سبعا
وعلى الثانية خمسا.
ومنها: إذا سبق ببعض تكبيرات صلاة الجنازة.
فعلى المذهب: يتابع الإمام في الذكر الذي هو
فيه ثم يقرأ في أول تكبيرة يقضيها وعلى
الثانية: لا يتابع الإمام بل يقرأ الفاتحة خلف
الإمام.
ومنها: محل التشهد الأول في حق من أدرك من
المغرب أو من رباعية ركعة فالصحيح من المذهب
أنه يتشهد عقيب ركعة على كلا الروايتين وعليه
الجمهور منهم الخلال وأبو بكر والقاضي قال
الخلال: استقرت الروايات عليها وقدمه في
الفروع والمحرر وقال في الأصح: عنه وعنه يتشهد
عقيب ركعة في المغرب فقط وعنه يتشهد عقيب
ركعتين في الكل نقلها حرب وقدمه في الرعاية
الكبرى وأطلقهما ابن تميم والشارح.
وقال المصنف والشارح: الكل جائز ورده ابن رجب.
واختلف في بناء هاتين الروايتين فقيل هما
مبنيتان على الروايتين في أصل المسألة إن قلنا
ما يقضيه أول صلاته لم يجلس إلا عقب ركعتين
وإن قلنا ما يقضيه آخرها تشهد عقيب ركعة وهي
طريقة ابن عقيل في الفصول وأومأ إليه في رواية
حرب.
وقيل: هما مبنيتان على القول بأن ما يدركه آخر
صلاته وهي طريقة المجد ونص على ذلك صريحا في
رواية عبد الله والبرقاني.
ومنها: تطويل الركعة الأولى على الرواية
الثانية وترتيب السورتين في الركعتين ذكره ابن
رجب تخريجا له وقال أيضا فأما رفع اليدين إذا
قام من التشهد الأول إذا قلنا باستحبابه
فيحتمل أن يرفع إذا قام إلى الركعة المحكوم
بأنها ثالثة سواء قام عن تشهد أو غيره ويحتمل
أن يرفع إذا قام من تشهده الأول المعتد به
سواء كان عقيب الثانية أو لم يكن قال: وهو
أظهر انتهى.
ومنها: التورك مع إمامه والصحيح من المذهب أنه
يتورك مع إمامه على الرواية الأولى كما يتورك
إذا قضى قال في الفروع: وعلى الأولى يتورك مع
إمامه كما يقضيه في الأصح وعنه يفترش وعنه
يخير وهو وجه في الرعاية.
فائدة: قال في الفروع: ومقتضى قوله: "إنه هل
يتورك مع إمامه أو يفترش؟" أن هذا القعود هل
هو ركن في حقه على الخلاف وقال القاضي في
التعليق القعود الفرض ما يفعله آخر صلاته
ويعقبه السلام وهذا معدوم هنا فجرى مجرى
التشهد الأول على أن العقود هل هو ركن في حقه
بعد سجدتي السهو من آخر صلاته وليس بفرض كذا
هنا.
وقال المجد: لا يحتسب له بتشهد الإمام الأخير
إجماعا لا من أول صلاته ولا من آخرها ويأتي
فيه بالتشهد الأول فقط لوقوعه وسطا ويكرره حتى
يسلم إمامه.
وقال في الرعاية الكبرى: وعنه من سبق بركعتين
لا يتورك إلا في الآخر وحده وقيل: في
(2/161)
الزائدة على
ركعتين يتورك إذا قضى ما سبق به وقيل: هل
يوافق إمامه في توركه أم يخير بينهما فيه
روايتان انتهى.
قوله : "ولا تجب القراءة على المأموم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب نص عليه وقطع
به كثير منهم وعنه تجب القراءة عليه ذكرها
الترمذي والبيهقي وبن الزاغوني واختارها
الآجري نقل الأثرم لا بد للمأموم من قراءة
الفاتحة ذكره ابن أبي موسى في شرح الخرقي وقال
إن كثيرا من أصحابنا لا يعرف وجوبها حكاه في
النوادر قال في الفروع: هذه الرواية أظهر.
وقيل: تجب في صلاة السر وحكاه عنه ابن المنذر
وأطلقهما ابن تميم ونقل أبو داود يقرأ خلفه في
كل ركعة إذا جهر قال: في الركعة الأولى يجزئ
وقيل تجب القراءة في سكتات الإمام وما لا يجهر
فيه.
تنبيه : قوله: "ولا تجب القراءة على المأموم
معناه أن الإمام يتحملها عنه".
وإلا فهي واجبة عليه هذا معنى كلام القاضي
وغيره واقتصر عليه في الفروع وغيره.
فائدة : يتحمل الإمام عن المأموم قراءة
الفاتحة وسجود السهو والسترة على ما تقدم قال
في التلخيص: وغيره وكذا التشهد الأول إذا سبقه
بركعة وسجود التلاوة ودعاء القنوت.
قوله : "ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام".
هذا المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم
وقيل يجب في سكتات الإمام كما تقدم.
تنبيهات.
الأول قوله: "ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام"
يعني أن القراءة بالفاتحة وهو المذهب وعليه
الأصحاب وقال الشيخ تقي الدين هل الأفضل
قراءته للفاتحة للاختلاف في وجوبها أم بغيرها
لأنه استمع الفاتحة ومقتضى نصوص الإمام أحمد
وأكثر أصحابه أن القراءة بغيرها أفضل نقل
الأثرم فيمن قرأ خلف إمامه إذا فرغ الفاتحة
يؤمن قال: لا أدري ما سمعت ولا أرى بأسا
وظاهره التوقف ثم بين أنه سنة انتهى.
قال في جامع الاختيارات: مقتضى هذا إنما يكون
غيرها أفضل إذا سمعها وإلا فهي أفضل من غيرها.
الثاني : أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أن
تفريق قراءة الفاتحة في سكتات الإمام لا يضر
وهو صحيح وهو المذهب ونص عليه وتقدم التنبيه
على ذلك في صفة الصلاة.
(2/162)
الثالث :
أفادنا المصنف أيضا أن للإمام سكتات وهو صحيح
قال المجد ومن تابعه: هما سكتتان على سبيل
الاستحباب إحداهما تختص بأول ركعة.
للاستفتاح والثانية سكتة يسيرة بعد القراءة
كلها ليرد إليه نفسه لا لقراءة الفاتحة خلفه
على ظاهر كلام الإمام أحمد.
قال الشيخ تقي الدين: استحب الإمام أحمد في
صلاة الجهر سكتتين عقيب التكبير للاستفتاح
وقبل الركوع لأجل الفصل ولم يستحب أن يسكت
سكتة تسع قراءة المأموم ولكن بعض الأصحاب
استحب ذلك انتهى.
وقال في المطلع: سكتات الإمام ثلاث في الركعة
الأولى قبل الفاتحة وبعدها وقبل الركوع
واثنتان في سائر الركعات بعد الفاتحة وقبل
الركوع انتهى وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من
الأصحاب.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أنه يستحب أن
يسكت الإمام بعد الفاتحة بقدر قراءة المأموم
جزم به في الكافي وبن تميم والفائق والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الفروع وعنه
يسكت قبل الفاتحة وعنه لا يسكت لقراءة المأموم
وهو ظاهر كلام المجد ومن تابعه والشيخ تقي
الدين رحمه الله تعالى كما تقدم.
قال في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير: ويقف
قبل الحمد ساكتا وبعدها وعنه بل قبلها وعنه بل
بعدها وعنه بل بعد السورة قدر قراءة المأموم
الحمد.
فائدة : لا تكره القراءة في سكتة الإمام
لتنفسه نقله ابن هانئ عن أحمد واختاره بعض
الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال الشيخ تقي الدين: لا يقرأ في حال تنفسه
إجماعا قال في الفروع: كذا قال.
تنبيهان.
أحدهما: قوله: "وما لا يجهر فيه".
يعني أنه يستحب للمأموم أن يقرأ في سكتات
الإمام وفيما لا يجهر فيه.
فيقرأ فيما يجهر فيه في سكتات الإمام الفاتحة
أو غيرها على ما تقدم ويقرأ بها أيضا فقط في
غير الأوليين ويقرأ بالفاتحة وغيرها في
الأوليين فيما لا يجهر فيه نص عليه.
الثاني : ظاهر قوله: "ويستحب أن يقرأ في سكتات
الإمام" أنه لا يستحب للمأموم القراءة حال جهر
الإمام وهو صحيح بل يكره على الصحيح من المذهب
قدمه في الفروع والرعاية والحاوي وغيرهم وعنه
يستحب بالحمد اختاره المجد وهو ظاهر كلام ابن
هبيرة وقاله أحمد في رواية إبراهيم ابن أبي
طالب وقيل يحرم قال الإمام أحمد: لا يقرأ وقال
أيضا لا يعجبني وقدمه ابن تميم.
وقيل: يحرم وتبطل الصلاة به أيضا اختاره ابن
حامد وأومأ إليه أحمد.
(2/163)
قوله : "أو لا
يسمعه لبعده".
يعني أنه يستحب أن يقرأ إذا لم يسمع الإمام
لبعده وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال
الزركشي: اختاره الأصحاب وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: لا يقرأ وحكاه الزركشي وغيره رواية
وأطلقهما في مختصر ابن تميم والتلخيص والبلغة
والرعايتين والحاويين وتجريد العناية.
فعلى المذهب: لو سمع همهمة الإمام ولم يفهم ما
يقول لم يقرأ على الصحيح من المذهب نقلها
الجماعة عن الإمام أحمد وقدمه في الفروع
والرعاية وعنه يقرأ نقلها عبد الله واختارها
الشيخ تقي الدين قال في الفروع: وهي أظهر.
قلت: وهو الصواب وأطلقهما الزركشي.
قوله : "فإن لم يسمعه لطرش فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعاية الصغرى
والحاويين وكذا في الرعاية الكبرى في باب
صلاة.
الجماعة وشرح المجد وبن منجا والنظم وبن تميم
والفروع وتجريد العناية.
أحدهما : يستحب أن يقرأ إذا كان قريبا بحيث لا
يشغل من إلى جنبه وهو المذهب اختاره المصنف
قال في الرعاية الكبرى: في صفة الصلاة قرأ في
الأقيس وجزم به في الإفادات.
والوجه الثاني: لا يقرأ بل يكره جزم به في
الوجيز وصححه في التصحيح قال في مجمع البحرين:
هذا أولى.
تنبيه : منشأ الخلاف كون الإمام أحمد رحمه
الله سئل عن الأطرش أيقرأ قال: لا أدري فقال
الأصحاب: يحتمل وجهين فبعض الأصحاب حكى الخلاف
في الكراهة والاستحباب مطلقا منهم أبو الخطاب
ومن تابعه وهو ظاهر كلام المصنف هنا وبعضهم خص
الخلاف بما إذا خلط على غيره منهم ابن حمدان
في رعايته والمصنف في المغني.
قال في مجمع البحرين: الوجهان إذا كان قريبا
لا يمنعه إلا الطرش وكذا أضافه الشيخ يعني به
المصنف في المقنع وإضافة الحكم إلى سبب تقتضي
استقلاله لكن لا يفهم من لفظ الشيخ الحكم على
الوجه الثاني: ما هو لتوسط الإباحة بينهما.
فإن اجتمع مع الطرش البعد قرأ بطريق الأولى
على ما تقدم فأما إن قلنا لا يقرأ البعيد الذي
لا يسمع لم يقرأ صاحب الطرش هنا قولا واحدا
وكذا قال المجد في شرحه.
(2/164)
قوله : "وهل
يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام على
روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة.
اعلم أن للأصحاب في محل الخلاف طرقا.
أحدها : أن محل الخلاف في حال سكوت الإمام
فأما في حال قراءته فلا يستفتح ولا يستعيذ
رواية واحدة وهي طريقة المصنف في المغني
والشارح.
وصاحب الفائق وبن حمدان في رعايته الكبرى في
باب صفة الصلاة.
قال الشيخ تقي الدين: من الأصحاب من قال ذلك.
الطريق الثاني : أن محل الروايتين يختص حالة
جهر الإمام وسماع المأموم له دون حالة سكتاته
وهي طريقة القاضي في المجرد والخلاف والطريقة
نقله عنه المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين.
قال الشيخ تقي الدين: المعروف عند أصحاب
الإمام أحمد أن النزاع في حالة الجهر لأنه
بالاستماع يحصل مقصود القراءة بخلاف الاستفتاح
والتعوذ وقطع به في المحرر وغيره.
الطريق الثالث: أن الخلاف جار في حال جهر
الإمام وسكوته وهو ظاهر كلام المصنف هنا وأبي
الخطاب وبن الجوزي وغيرهم وهو كالصريح في
الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم لكونهم
حكوا الروايتين مطلقتين ثم حكوا رواية
بالتفرقة.
قلت: وهذه الطريقة هي الصحيحة فإن الناقل مقدم
على غيره والتفريع عليها فإحدى الروايات أنه
يستحب له أن يستفتح ويستعيذ مطلقا جزم به في
الوجيز وقدمه في الرعايتين في صلاة الجماعة
والحاويين.
والرواية الثانية: يكره أن يستفتح ويستعيذ
مطلقا صححه في التصحيح واختاره الشيخ تقي
الدين.
وعنه رواية ثالثة إن سمع الإمام كرها وإلا فلا
جزم به في المنور وقدمه في المحرر وصححه ابن
منجا في شرحه قال في الرعاية الكبرى: في باب
صفة الصلاة ولا يستفتح ولا يتعوذ مع جهر إمامه
على الأصح قال في النكت: هذا هو المشهور.
وعنه رواية رابعة يستحب أن يستفتح ويكره أن
يتعوذ اختاره القاضي في الجامع قال في مجمع
البحرين: وهو الأقوى وأطلقهن في الفروع.
فائدة : قال ابن الجوزي: قراءة المأموم وقت
مخافته إمامه أفضل من استفتاحه وغلطه الشيخ
تقي الدين وقال قول أحمد وأكثر الأصحاب
الاستفتاح أولى لأن استماعه بدل عن قراءته
وقال الآجري أختار أن يبدأ بالحمد أولها "بسم
الله الرحمن الرحيم" وترك الاستفتاح لأنها
فريضة وكذا قال القاضي في الخلاف: فيمن أدركه
في ركوع صلاة العيد لو أدرك القيام رتب
الأذكار فلو لم يتمكن من جميعها بدأ بالقراءة
لأنها فرض انتهى.
(2/165)
قوله : "ومن
ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به
بعده".
اعلم أن ركوع المأموم أو سجوده أو غيرهما قبل
إمامه عمدا محرم على الصحيح من المذهب وعليه
جماهير الأصحاب وقيل مكروه واختاره ابن عقيل.
فعلى المذهب لا تبطل صلاته بمجرد ذلك على
الصحيح من المذهب وعليه الجمهور واختاره
القاضي وغيره قال في الفصول: ذكر أصحابنا فيها
روايتين والصحيح لا تبطل قال في الفروع:
والأشهر لا تبطل إن عاد إلى متابعته حتى أدركه
فيه وعنه تبطل إذا فعله عمدا ذكرها الإمام
أحمد في رسالته وقدمه الشارح فقال وتبطل صلاته
في ظاهر كلام الإمام أحمد فإنه قال: ليس لمن
سبق الإمام صلاة لو كان له صلاة لرجي له
الثواب ولم يخش عليه العقاب قال في الحواشي:
اختاره بعض أصحابنا.
وأما إذا فعل ذلك سهوا أو جهلا فإنها لا تبطل
على الصحيح من المذهب ولو قلنا تبطل بالعمدية
وقيل: تبطل ذكره ابن حامد وغيره.
قوله : "فإن لم يفعل عمدا بطلت صلاته عند
أصحابنا إلا القاضي".
يعني إذا ركع أو سجد قبل إمامه عمدا أو سهوا
ثم ذكر فإن عليه أن.
يرفع ليأتي به بعد إمامه فإن لم يفعل عمدا حتى
أدركه الإمام فيه قال الأصحاب: بطلت صلاته
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في
الفروع: اختاره الأكثر وقدمه هو وغيره وهو من
المفردات.
وقال القاضي: لا تبطل واختاره جماعة من
الأصحاب وصححه ابن الجوزي في المذهب وذكر في
التلخيص أنه المشهور وعلله القاضي وغيره بأن
العادة أن المأموم يسبق الإمام بالقدر اليسير
يعني يعفى عنه كفعله سهوا أو جهلا وقيل تبطل
بالركوع فقط وقال المجد إذا تعمد سبقه إلى
الركن عالما بالنهي وقلنا لا تبطل صلاته لم
يعد ومتى عاد بطلت صلاته على كلا الوجهين قال:
لأنه قد زاد ركوعا أو سجودا عمدا وذلك يبطل
عندنا قولا واحدا انتهى وهي من المفردات أيضا
وجزم به ابن تميم على قول القاضي قال في
الرعاية: وفيه بعد.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف: أنه إذا لم يعد
سهوا أن صلاته لا تبطل وهو صحيح وهو المذهب
وكذا الجاهل ويعتد به وقيل تبطل منهما أيضا.
قوله : "وإن ركع ورفع قبل إمامه عالما عمدا
فهل تبطل صلاته على وجهين".
وأطلقهما في الفروع وبن تميم والشرح والهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا.
أحدهما تبطل وهو الصحيح من المذهب نص عليه
اختاره القاضي وصححه في التصحيح والنظم وجزم
به في الوجيز والمحرر والمنور وقدمه في
الرعايتين والحاويين والفائق.
(2/166)
الوجه الثاني:
لا تبطل وذكر في التلخيص أنه أشهر فعليه يعتد
بتلك الركعة صرح به ابن تميم وهو ظاهر ما قطع
به في الرعاية الكبرى وبنيا هما.
وغيرهما الخلاف في أصل المسألة على قولنا
بالصحة فيما إذا اجتمع معه في الركوع في
المسألة السابقة.
فائدة .
حكى الآمدي والسامري في المستوعب وبن الجوزي
في المذهب وصاحب الفروع وغيرهم الخلاف روايتين
وحكاه في الهداية والخلاصة وبن تميم وغيرهم
وجهين.
قوله : "وإن كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته
بلا نزاع وهل تبطل تلك الركعة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة
والفروع.
إحداهما : تبطل وهو المذهب قال في المذهب: لا
يعتد له بتلك الركعة في أصح الروايتين قال في
الرعايتين والحاويين: ويعيد الركعة على الأصح
وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز
وقدمه في المحرر والمغني والشرح والفائق.
والرواية الثانية: لا تبطل قدمه ابن تميم قال
في الفائق: وخرج منها صحة صلاته عمدا انتهى.
ومحل الخلاف في هذه المسألة إذا لم يأت بها مع
إمامه فأما إن أتى بذلك مع إمامه صحت ركعته
جزم به ابن تميم قال ابن حمدان: يعيدها إن
فاتته مع الإمام.
قوله : "وإن ركع أو رفع قبل ركوعه ثم سجد قبل
رفعه بطلت صلاته إلا الجاهل والناسي تصح
صلاتهما وتبطل تلك الركعة".
لعدم اقتدائه بإمامه فيها قال في الفروع:
وتبطل الركعة ما لم يأت بذلك مع إمامه.
فوائد.
الأولى: مثال ما إذا سبقه بركن واحد كامل أن
يركع ويرفع قبل ركوع إمامه ومثال ما إذا سبقه
بركنين أن يركع ويرفع قبل ركوعه ثم يسجد قبل
رفعه كما قاله المصنف فيهما.
الثانية : الركوع كركن على الصحيح من المذهب
قدمه في الفروع وقيل كركنين وقال في الرعاية
والسجدة وحدها كالركوع فيما قلنا وقيل بل
السجدتان.
الثالثة : ذكر المصنف هنا حكم سبق المأموم
للإمام في الأفعال فأما سبقه له في الأقوال
فلا يضر سوى بتكبيرة الإحرام وبالسلام.
فأما تكبيرة الإحرام فإنه يشترط أن يأتي بها
بعد إمامه فلو أتى بها معه لم يعتد بها على
(2/167)
الصحيح من
المذهب مطلقا وعنه يعتد بها إن كان سهوا.
وأما السلام فإن سلم قبل إمامه عمدا بطلت وإن
كان سهوا لم تبطل ولا يعتد بسلامه وتقدم ذلك
في كلام المصنف في أول سجود السهو.
قال في الرعاية: ولا يعتد بسلامه وجها واحدا
وقال في المستوعب إذا سبق المأموم إمامه في
جميع الأقوال لم يضره إلا تكبيرة الإحرام فإنه
يشترط أن يأتي بها بعده والمستحب أن يتأخر عنه
بما عداها.
الرابعة : الأولى أن يشرع المأموم في أفعال
الصلاة بعد شروع الإمام قاله ابن تميم وغيره
وقال المصنف في المغني والشارح وبن رزين في
شرحه وبن الجوزي في المذهب وغيرهم يستحب أن
يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد فراغ الإمام
مما كان فيه انتهى.
فإن وافقه في غير تكبيرة الإحرام كره ولم تبطل
صلاته على الصحيح من المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وقال في المبهج تبطل وقيل تبطل
بالركوع.
فقط وقيل تبطل بسلامه مع إمامه واختاره في
الرعاية إن سلم عمدا وتقدم سبقه في الأفعال
والأقوال.
الخامسة : قال ابن رجب في شرح البخاري: الأولى
أن يسلم المأموم عقيب فراغ الإمام من
التسليمتين فإن سلم بعد الأولى جاز عند من
يقول إن الثانية غير واجبة ولم يجز عند من يرى
أن الثانية: واجبة لا يخرج من الصلاة بدونها
انتهى.
وظاهره مشكل ولعله أراد أن الأولى سلام
المأموم عقيب فراغ الإمام من كل تسليمة وأنه
إن سلم المأموم الثانية بعد سلام الإمام
الأولى وقبل الثانية ترتب الحكم الذي ذكره.
" السادسة " في تخلف المأموم عن الإمام عكس ما
تقدم قال في الفروع: وغيره وإن تخلف عنه بركن
بلا عذر فكالسبق به على ما تقدم ولعذر يفعله
ويلحقه وفي اعتداده بتلك الركعة الروايتان
المتقدمتان في الجاهل والناسي في قوله: "وهل
تبطل تلك الركعة على روايتين".
وإن تخلف عن إمامه بركنين بطلت صلاته إن كان
لغير عذر وإن كان لعذر كنوم وسهو وزحام إن أمن
فوت الركعة الثانية أتى بما تركه وتبعه وصحت
ركعته وإن لم يأمن فوت الركعة الثانية تبع
إمامه ولغت ركعته والتي تليها عوض لتكميل ركعة
مع إمامه على صفة ما صلاها وهذا الصحيح من
المذهب وعنه يحتسب بالأولى.
قال الإمام أحمد: في مزحوم أدرك الركوع ولم
يسجد مع إمامه حتى فرغ قال: يسجد سجدتين
للركعة الأولى ويقضي ركعة وسجدتين لصحة الأولى
ابتداء فعلى الثاني كركوعين وعنه يتبعه مطلقا
وجوبا وتلغو أولاه وعنه عكسه فيكمل الأولى
وجوبا ويقضي الثانية بعد السلام كمسبوق وعنه
يشتغل بما فاته إلا أن يستوي الإمام قائما في
الثانية فتلغو الأولى قال ابن تميم: إذا تخلف
عن الإمام بركنين فصاعدا بطلت صلاته وإن كان
بركن واحد فثلاثة أوجه الثالث إن كان ركوعا
بطل وإلا فلا.
(2/168)
وعلى المذهب
الأول لو زال عذر من أدرك ركوع الأولى وقد رفع
إمامه من ركوع الثانية تابعه في السجود فتتم
له ركعة ملفقة من ركعتي إمامة يدرك بها
الجمعة.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: لا يعتد له بهذا السجود فيأتي بسجدتين
آخرتين والإمام في تشهده وإلا عند سلامه ثم في
إدراك الجمعة الخلاف.
وإن ظن تحريم متابعة إمامه فسجد جهلا اعتد له
به كسجود من يظن إدراك المتابعة ففاتت وقيل لا
يعتد به لأن فرضه الركوع ولا تبطل لجهله.
فعلى الأولى: إن أدركه في التشهد ففي إدراكه
الجمعة الخلاف وإن أدركه في ركوع الثانية تبعه
فيه وتمت جمعته وإن أدركه بعد رفعه منه تبعه
وقضي كمسبوق يأتي بركعة فتتم له جمعة أو بثلاث
تتم بها رباعية أو يستأنفها على الروايات
المتقدمة.
وعلى الثاني: أنه لا يعتد بسجوده إن أتى به ثم
أدركه في الركوع تبعه وصارت الثانية أولاه
وأدرك بها جمعة وإن أدركه بعد رفعه تبعه في
السجود فيحصل القضاء والمتابعة معا وتتم له
ركعة يدرك بها الجمعة وقيل لا يعتد به لأنه
معتد به للإمام من ركعة فلو اعتد به للمأموم
من غيرها اختل معنى المتابعة فيأتي بسجود آخر
وإمامه في التشهد وإلا بعد سلامه.
ومن ترك متابعة إمامه مع علمه بالتحريم بطلت
صلاته وإن تخلف بركعة فأكثر لعذر تابعه وقضى
كمسبوق وكما في صلاة الخوف وعنه تبطل.
تنبيه : مراده بقوله: "ويستحب للإمام تخفيف
الصلاة مع إتمامها" إذا لم يؤثر المأموم
التطويل فإن آثر المأموم التطويل استحب.
قال في الرعاية: إلا أن يؤثر المأموم وعددهم
محصور.
قوله : "وتطويل الركعة الأولى أكثر من
الثانية".
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه الأصحاب في
الجملة لكن قال في الفروع: ويتوجه هل يعتبر
التفاوت بالآيات أم بالكلمات والحروف يتوجه
كعاجز عن الفاتحة على ما تقدم في باب صفة
الصلاة قال: ولعل المراد لا أثر لتفاوت يسير
ولو في تطويل الثانية على الأولى لأن الغاشية
أطول من سبح وسورة الناس أطول من الفلق وصلى
النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بذلك وإلا
كره.
فائدتان.
إحداهما: لو طول قراءة الثانية على الأولى
فقال أحمد يجزئه وينبغي أن لا يفعل.
الثانية : يكره للإمام سرعة تمنع المأموم من
فعل ما يسن فعله.
وقال الشيخ تقي الدين: يلزمه مراعاة المأموم
إن تضرر بالصلاة أول الوقت أو آخره
(2/169)
ونحوه وقال ليس
له أن يزيد على القدر المشروع وقال ينبغي له
أن يفعل غالبا ما كان عليه أفضل الصلاة
والسلام يفعله غالبا ويزيد وينقص للمصلحة كما
كان عليه أفضل الصلاة والسلام يزيد وينقص
أحيانا.
قوله : "ولا يستحب انتظار داخل وهو في الركوع
في إحدى الروايتين".
وأطلقهما في المذهب ومجمع البحرين والفائق.
إحداهما: يستحب انتظاره بشرطه وهو المذهب جزم
به في الكافي والوجيز والمنور والمنتخب
والإفادات وقدمه في الفروع والهداية والمستوعب
والخلاصة والمحرر وبن تميم والرعايتين
والحاويين والشرح.
وصححه في التصحيح والمجد في شرحه ونصره المصنف
والشارح واختاره القاضي والشريف أبو جعفر وأبو
الخطاب في رؤوس مسائلهما والرعاية.
الثانية : لا يستحب انتظاره فيباح قال في
الفروع: اختاره جماعة منهم القاضي في المجرد
وبن عقيل قال في مجمع البحرين والشيخ: يعني به
المصنف وعنه رواية ثالثة يكره وتحتمله الرواية
الثانية للمصنف هنا وقال في الفروع ويتوجه
ببطلانها تخريج من تشريكه في نية خروجه من
الصلاة وتخريج من الكراهة هنا في تلك.
فعلى المذهب: إنما يستحب الانتظار بشرط أن لا
يشق على المأمومين ذكره جمهور الأصحاب ونص
عليه وقال جماعة من الأصحاب يستحب ما لم يشق
أو يكثر الجمع منهم المجد والمصنف في الكافي
وغيره والشارح وقال جماعة من الأصحاب ما لم
يشق أو يكثر الجمع أو يطول وجزم به في
الرعايتين والحاويين.
تنبيه : قوله: "ولا يستحب انتظار داخل" نكرة
في سياق النفي فيعم أي داخل كان وهو المذهب
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره وقدمه في
الفروع وبن تميم والرعاية الكبرى.
وقيل يشترط أن يكون ذا حرمة قال المصنف
والشارح: إنما ينتظر من كان من أهل العلم
والفضل ونحوه ويحتمل أن يكون من كلام القاضي
فإنه معطوف عليه.
قلت: وهذا القول ضعيف على إطلاقه.
وقال ابن عقيل: لا بأس بانتظار من كان من أهل
الديانات والهيئات في غير مساجد الأسواق وقيل
ينتظر من عادته يصلي جماعة.
قلت: وهو قوي.
وقال القاضي في موضع من كلامه: يكره تطويل
القراءة والركوع انتظارا.
لأحد في مساجد الأسواق وفي غيرها لا بأس بذلك
لمن جرت عادته بالصلاة معه من أهل الفضل ولا
يستحب.
(2/170)
فائدة : حكم
الانتظار في غير الركوع حكمه في الركوع على
الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وصرح
جماعة أن حال القيام كالركوع في هذا منهم
المصنف في الكافي والرعايتين والحاويين وقطع
المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير ومجمع
البحرين بأن التشهد كالركوع على الخلاف لئلا
تفوته صلاة الجماعة بالكلية زاد في مجمع
البحرين والاستحباب هنا أظهر لئلا تفوت الداخل
الجماعة بالكلية ثم قال قلت: ولآنه مظنة عدم
المشقة لجلوسهم وإن كان عدمها شرطا في
الانتظار حيثما جاز لآن الذين معه أعظم حرمة
وأسبق حقا انتهى.
وقال في التلخيص: ومتى أحس بداخل استحب
انتظاره على أحد الوجهين وقال ابن تميم وإن
أحس به في التشهد فوجهان وقال القاضي لا
ينتظره في السجود وقال في الرعاية الكبرى ويسن
للإمام أن ينتظر في قيامه وركوعه وقيل وتشهده
وقيل وغيره ممن دخل مطلقا ليصلي.
قوله : "وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره
منعها وبيتها خير لها".
الصحيح من المذهب: كراهة منعها من الخروج إلى
المسجد ليلا أو نهارا جزم به في الشرح والفائق
وقدمه في الفروع وقال في المغني: ظاهر الخبر
منع الرجل من منعها فظاهر كلامه تحريم المنع.
قال المجد في شرحه: متى خشي فتنة أو ضررا
منعها قال في مجمع البحرين.
ومتى خشي فتنة أو ضررا جاز منعها أو وجب قال
ابن الجوزي: فإن خيف فتنة نهيت عن الخروج قال
القاضي: مما ينكر خروجها على وجه يخاف منه
الفتنة وقال ابن تميم وبن حمدان في الرعاية
الكبرى والحاوي الكبير: يكره منعها إذا لم يخف
فتنة ولا ضررا وقال في النصيحة يمنعن من العيد
أشد المنع مع زينة وطيب ومفتنات وقال منعهن في
هذا الوقت من الخروج انفع لهن وللرجال من
جهات.
ومتى قلنا لا تمنع فبيتها خير لها وتقدم أول
الباب هل يسن لهن حضور الجماعة أم لا.
فائدتان.
إحداهما: ذكر جماعة من الأصحاب كراهة تطيبها
إذا أرادت حضور المسجد وغيره وقال في الفروع:
وتحريمه أظهر لما تقدم وهو ظاهر كلام جماعة.
الثانية : السيد مع أمته كالزوج مع زوجته في
المنع وغيره فأما غيرهما فقال في الفروع:
(2/171)
فإن قلنا بما
جزم به ابن عقيل وغيره إن من بلغ رشيدا له أن
ينفرد بنفسه ذكرا كان أو أنثى فواضح لكن إن
وجد ما يمنع الخروج شرعا فظاهر أيضا.
وعلى المذهب ليس للأنثى أن تنفرد وللأب منعها
منه لأنه لا يؤمن دخول من يفسدها ويلحق العار
بها وبأهلها فهذا ظاهر في أن له منعها من
الخروج وقول أحمد الزوج أملك من الأب يدل على
أن الأب ليس كغيره في هذا فإن لم يكن أب قام
أولياؤها مقامه أطلقه المصنف قال في الفروع:
والمراد المحارم استصحابا للحضانة.
وعلى هذا في الرجال ذوي الأرحام كالخال أو
الحاكم الخلاف في الحضانة.
وقال أيضا في الفروع: ويتوجه إن علم أنه لا
مانع ولا ضرر حرم المنع على ولى أو على غير أب
انتهى.
قوله : "السنة أن يؤم القوم أقرؤهم أي لكتاب
الله ثم أفقههم".
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات
وعنه يقدم الأفقه على الأقرأ إن قرأ ما يجزئ
في الصلاة اختاره ابن عقيل وحكى ابن الزاغوني
عن بعض الأصحاب أنه رأى تقديم الفقيه على
القارئ.
فائدتان.
إحداهما: يقدم الأقرأ الفقيه على الأفقه
القارئ على الصحيح من المذهب قدمه في النظم
وقيل عكسه.
فعلى المذهب: في أصل المسألة يقدم الأجود
قراءة على الأكثر قرآنا على الصحيح من المذهب
قدمه في الفروع والرعاية والفائق وتجريد
العناية والنظم وغيرهم وجزم به في الوجيز
وغيره واختاره المصنف والمجد والشارح وغيرهم.
وقيل: يقدم أكثرهم قرآنا اختاره صاحب روضة
الفقه.
الثانية : من شرط تقديم الأقرأ حيث قلنا به أن
يكون عالما فقه صلاته فقط حافظا للفاتحة وقيل
يشترط مع ذلك أن يعلم أحكام سجود السهو.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره: لو كان
القارئ جاهلا بما يحتاج إليه في الصلاة ولكن
يأتي بها في العادة صحيحة أنه يقدم على الفقيه
قال الزركشي: هو ظاهر كلام الإمام أحمد
والخرقي والأكثرين وهو أحد الوجهين.
والوجه الثاني: أن الأفقه الحافظ من القرآن ما
يجزئه في الصلاة يقدم على ذلك وهو المذهب نص
عليه وهو ظاهر كلامه في الوجيز وجزم به في
المحرر واختاره ابن عقيل وحسنه المجد في شرحه
قال في مجمع البحرين وهو أولى وقدمه في الفروع
والفائق وأطلقهما ابن تميم.
(2/172)
فائدة.
قوله: "ثم أفقههم" يعني إذا استويا في القراءة
قدم الأفقه وكذا لو استويا في الفقه قدم
أقرأهما ولو استويا في جودة القراءة قدم
أكثرهما قرآنا ولو استويا في الكثرة قدم
أجودهما ولو كان أحد الفقيهين أفقه أو أعلم
بأحكام الصلاة قدم ويقدم قارئ لا يعرف أحكام
الصلاة على فقيه أمي.
قوله : "ثم أسنهم".
يعني إذا استووا في القراءة والفقه قدم أسنهم
وهذا المذهب جزم به في الهداية والأيضاح
والمبهج والخرقي والمذهب والمستوعب والخلاصة
والوجيز والمنتخب والمذهب الأحمد وإدراك
الغاية واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه ابن
الجوزي في المذهب ومسبوك المذهب وقدمه في
الفروع والرعايتين والحاويين.
وظاهر كلام الإمام أحمد تقديم الأقدم هجرة على
الأسن جزم به في الإفادات والنظم وتجريد
العناية والمنور وقدمه في الكافي والمحرر
والفائق وصححه الشارح قال الزركشي: اختاره
الشيخان وجزم به في النهاية ونظمها وتجريد
العناية بتقديم الأقدم إسلاما على الأسن وقال
ابن حامد: يقدم الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم
الأسن عكس ما قال المصنف: هنا وأطلقهن ابن
تميم.
قوله : "ثم أقدمهم هجرة ثم أشرفهم".
هذا أحد الوجوه حكاه في التلخيص وجزم به في
المبهج والإيضاح والنظم والإفادات وتجريد
العناية والمنور والمنتخب وقدمه في الفائق
واختاره الشيخ تقي الدين وبن عبدوس في تذكرته.
والوجه الثاني : يقدم الأشرف على الأقدم هجرة
وهو المذهب وجزم به الخرقي والهداية والمذهب
والخلاصة والوجيز والمذهب الأحمد وقدمه في
الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين واختاره
المصنف كما تقدم.
وقيل: يقدم الأتقى على الأشرف ولم يقدم الشيخ
تقي الدين بالنسب ذكره عن أحمد وهو ظاهر كلامه
في الإيضاح.
فائدة : قيل الأقدم هجرة: من هاجر بنفسه جزم
به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن رزين
وقيل السبق بآبائه قال الآمدي: الهجرة منقطعة
في وقتنا وإنما يقدم بها من كان لآبائه سبق
وقيل السبق بكل منهما قطع به في مجمع البحرين
والزركشي وقدمه ابن تميم والرعاية الكبرى
والحاوي الكبير والحواشي وأطلقهن في الفروع.
وأما الأشرف: فقال في الفروع: والمراد به
القرشي وقاله المجد وهو ظاهر ما قدمه في
(2/173)
الرعاية وقدمه
الزركشي قال في مجمع البحرين ومعنى الشرف
الأقرب فالأقرب منه عليه أفضل الصلاة والسلام
فيقدم العرب على غيرهم ثم قريش ثم بنو هاشم
وكذلك أبدا وقال ابن تميم ومعنى الشرف علو
النسب والقدر قاله بعض أصحابنا واقتصر عليه.
قلت: وقطع به المغني والكافي والشرح والفائق
وغيرهم.
فائدة : السبق بالإسلام كالهجرة وقاله في
الفروع وغيره.
قوله : "ثم أتقاهم".
يعني بعد الأسن والأشرف والأقدم هجرة الأتقى
وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والوجيز والإفادات
والرعاية الصغرى والحاويين والمذهب الأحمد
وقدمه في الفروع والمغني والشرح والرعاية
الكبرى وغيرهم وقيل يقدم الأتقى على الأشرف
كما تقدم وهو.
احتمال للمصنف واختاره الشيخ تقي الدين كما
تقدم وهو الصواب.
وقيل: يقدم الأعمر للمسجد على الأتقى والأورع
وجزم به في المبهج والإيضاح والفصول وزاد أو
يفضل على الجماعة المنعقدة قدمه في الرعاية
وقيل بل الأعمر للمسجد الراعي له والمتعاهد
لأموره.
فائدة: ذكر في الهداية والمذهب والمستوعب
وحواشي الفروع والزركشي وغيرهم أن الأتقى
والأورع سواء وقال في الرعاية الكبرى ثم
الأتقى ثم الأورع ثم من قرع وعنه يقسم بينهما.
قوله : "ثم من تقع له القرعة".
يعني بعد الأتقى وهو إحدى الروايتين وهو
المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والخلاصة والمذهب الأحمد والكافي
والتلخيص والبلغة والوجيز والحاوي الكبير
وتجريد العناية والإفادات والمنتخب واختاره
ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين
والقواعد الفقهية وعنه يقدم من اختاره الجماعة
على القرعة قدمه ابن تميم والفائق وجزم به في
المبهج والإيضاح والنظم.
قال في المغني والشرح: فإن استووا في التقوى
أقرع بينهم نص عليه فإن كان أحدهما يقوم
بعمارة المسجد وتعاهده فهو أحق به وكذلك إن
رضي الجيران أحدهما دون الآخر.
قال الزركشي: فإن استووا في التقوى والورع قدم
أعمرهم للمسجد وما رضي به الجيران أو أكثرهم
فإن استووا في القرعة قال في مجمع البحرين: ثم
بعد الأتقى من يختاره الجيران أو أكثرهم لمعنى
مقصود شرعا ككونه أعمر للمسجد أو أنفع لجيرانه
ونحوه مما يعود بصلاح المسجد وأهله ثم القرعة
انتهى وأطلقهما في المستوعب والحاوي الصغير
والفروع.
(2/174)
فعلى الرواية
الثانية: لو اختلفوا في اختيارهم عمل باختيار
الأكثر فإن استووا فقيل يقرع.
قلت: وهو أولى.
وقيل: يختار السلطان الأولى وأطلقهما في
الفروع.
فعلى القول باختيار السلطان لا يتجاوز المختلف
فيهما على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية
الكبرى وقيل للسلطان أن يختار غيرهما ذكره في
الرعاية وهما احتمالان مطلقان في الفروع.
تنبيه : قولي في الرواية الثانية: من اختاره
الجماعة هكذا قال في الفروع: ومختصر ابن تميم
وغيرهما وقال في الرعاية الكبرى: من رضيه
وأراده المصلون وقيل: الجماعة وقيل: الجيران
وقيل أكثرهم.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أن القرعة بعد
الأتقى والأورع أو من تختاره الجماعة على
الرواية الأخرى وهو صحيح وقيل يقدم بحسن خلقه
جزم به في الرعاية في موضع وكذلك ابن تميم
وقيل يقدم أيضا بحسن الخلقة وأطلقهما ابن
تميم.
فائدة : تحرير الصحيح من المذهب في الأولى
بالتقديم في الإمامة فالأولى الأقرأ جودة
العارف فقه صلاته ثم القارئ كذلك ثم الأفقه ثم
الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة والأسبق
بالإسلام ثم الأتقى والأورع ثم من يختاره
الجيران ثم القرعة.
واعلم أن الخلاف إنما هو في الأولوية لا في
اشتراط ذلك ووجوبه على الصحيح من المذهب وعليه
الأكثر وقطعوا به ونص عليه ولكن يكره تقديم
غير الأولى ويأتي بإتم من هذا قريبا.
قوله : "وصاحب البيت وإمام المسجد أحق
بالإمامة".
يعني أنهما أحق بالإمامة من غيرهما ممن تقدم
ذكره إذا كان ممن تصح إمامته قاله في مجمع
البحرين والزركشي وغيرهما قال في الرعاية قلت:
إن صلحا للإمامة بهم مطلقا وإن كان أفضل منهما
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
كثير منهم وقال ابن عقيل هما أحق من غيرهما مع
التساوي ووجه في الفروع أنه يستحب لهما أن
يقدما أفضل منهما.
فائدة : لهما تقديم غيرهما ولا يكره نص عليه
وعنه يكره تقديم أبويهما مطلقا فغيرهما أولى
أن يكره وكذا الخلاف في إذن من استحق التقديم
غيرهما ويأتي قريبا بأعم من هذا.
فائدة : المعير والمستأجر أحق بالإمامة من
المستعير والمؤجر على الصحيح من المذهب وقيل
عكسه وقدم في الرعايتين والحاويين أن المستعير
أولى من المالك قال الزركشي قلت: ويخرج أن
المستعير أولى إن قلنا العارية هبة منفعة
وأطلقهما ابن تميم في المؤجر والمستأجر.
(2/175)
قوله : "إلا أن
يكون بعضهم ذا سلطان".
يعني فيكون أحق بالإمامة من صاحب البيت ومن
إمام المسجد وهو الصحيح من المذهب وعليه
الجمهور نص عليه وقيل هما أحق منه واختاره ابن
حامد في صاحب البيت وأطلقهما في التلخيص في
صاحب البيت والسلطان.
فائدة : لو كان البيت لعبد فسيده أحق منه
بالإمامة قاله في الكافي وغيره وهو واضح لآن
السيد صاحب البيت ولو كان البيت للمكاتب كان
أولى قاله في الرعاية الكبرى وقيل يقدمان في
بيتهما على غير سيدهما.
قوله : "والحر أولى من العبد ومن المكاتب ومن
بعضه حر".
وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وجزم به في
المغني والشرح والمحرر.
والفائق والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
وعنه لا يقدم عليه إلا إذا تساويا وقيل: إذا
لم يكن أحدهما: إماما راتبا ذكره في الرعاية.
فائدتان .
إحداهما : العبد المكلف أولى من الصبي إذا
قلنا تصح إمامته بالبالغين قاله في الرعاية.
الثانية : أفادنا المصنف رحمه الله أن إمامة
العبد صحيحة من حيث الجملة وهو صحيح لا أعلم
فيه خلافا في المذهب إلا ما يأتي في إمامته في
صلاة الجمعة بل ولا يكره بالأحرار نص عليه.
قوله: "والحاضر أولى من المسافر".
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به
في المحرر والوجيز والفائق وشرح ابن منجا
وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع
والرعاية وغيرهم وقال القاضي إن كان فيهم إمام
فهو أحق بالإمامة قال القاضي: وإن كان مسافرا
وجزم به ابن تميم.
فوائد.
الأولى: لو أتم الإمام المسافر الصلاة صحت
صلاة المأموم المقيم على الصحيح من المذهب
وعليه عامة الأصحاب ونص عليه في رواية
الميموني وبن منصور وعند أبي بكر إن أتم
المسافر ففي صحة صلاة المأموم روايتا متنفل
بمفترض وذكرهما القاضي.
وقال ابن عقيل: وغيره ليس بجيد لأنه الأصل
فليس بمتنفل.
قال في مجمع البحرين: أنكر عامة الأصحاب قول
أبي بكر في صحة صلاته خلفه روايتين لأنه في
الأخيرتين متنفل لسقوطهما بالترك لا إلى بدل
ومنعه.
الأصحاب لأن القصر عندنا رخصة فإذا لم يختره
تعين الفرض الأصلي وهو الأربع ونقل صالح
التوقف فيها وقال دعها انتهى.
(2/176)
وقال أبو
الخطاب في الانتصار: يجوز في رواية لصحة بناء
مقيم على نية مسافر وهو الإمام.
الثانية : إذا أتم المسافر كره تقديمه للخروج
من الخلاف وإن قصر لم يكره الاقتداء به قال في
مجمع البحرين: إجماعا.
الثالثة : لو كان المقيم إماما لمسافر ونوى
المسافر القصر صحت صلاته على الصحيح من المذهب
وقال ابن عقيل في الفصول إن نوى المسافر القصر
احتمل أن لا يجزئه وهو أصح لوقوع الأخريين منه
بلا نية ولأن المأموم إذا لزمه حكم المتابعة
لزمه نية المتابعة كنية الجمعة ممن لا تلزمه
خلف من يصليها واحتمل أن يجزئه لأن الإتمام
لزمه حكما.
الرابعة : الحضري أولى من البدوي والمتوضئ
أولى من المتيمم.
قوله : "والبصير أولى من الأعمى في أحد
الوجهين".
وهما روايتان فالخلاف عائد إليهما فقط
وأطلقهما في التلخيص والفائق.
أحدهما : البصير أولى وهو المذهب قال المصنف:
وهو أولى قال في المذهب: هذا أصح الوجهين قال
في البلغة والبصير: أولى منه على الأصح قال في
الهداية والبصير: أولى من الأعمى عندي وجزم به
في الوجيز والإفادات وتجريد العناية والنهاية
ونظمها واختاره الشيرازي وقدمه في الفروع
والمحرر والشرح والخلاصة والنظم والرعايتين
والحاوي وإدراك الغاية.
الوجه الثاني : هما سواء اختاره القاضي وقدمه
في المستوعب وقيل: الأعمى أولى من البصير وهو
رواية عن أحمد في الرعاية وغيرها.
فائدة : لو كان الأعمى أصم صحت إمامته على
الصحيح من المذهب قدمه في الكافي والمغني
وصححه فيهما وقدمه في الشرح وشرح ابن رزين.
وقال: بعض الأصحاب لا يصح وجزم به في الإيضاح
وأطلقهما في الفروع وبن تميم والنظم ومجمع
البحرين والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة : لو أذن الأفضل للمفضول ممن تقدم ذكره
لم تكره إمامته على الصحيح من المذهب نص عليه
وقيل: تكره وهو رواية في صاحب البيت وإمام
المسجد كما تقدم.
وفي رسالة أحمد في الصلاة رواية مهنا لا يجوز
أن يقدموا إلا أعلمهم وأخوفهم وإلا لم يزالوا
في سفال وكذا قال في الغنية.
وقال الشيخ تقي الدين: يجب تقديم من يقدمه
الله ورسوله ولو مع شرط واقف بخلافه انتهى.
فإمامة المفضول بدون إذن الفاضل مكروهة على
الصحيح من المذهب نص عليه وقيل:
(2/177)
الأخوف أولى
وقال في الفروع: وأطلق بعضهم النص ولعل المراد
سوى إمام المسجد وصاحب البيت فإنه يحرم وذكر
بعضهم يكره قال في الفروع: واحتج جماعة منهم
القاضي والمجد على منع إمامة الأمي بالأقرأ
بأمر الشارع بتقديم الأقرأ فإذا قدم الأمي
خولف الأمر ودخل تحت النهي وكذا احتج في
الفصول مع قوله: يستحب للإمام إذا استخلف أن
يرتب كما يرتب الإمام في أصل الصلاة كالإمام
الأول لأنه نوع إمامة.
قوله : "وهل تصح إمامة الفاسق والأقلف على
روايتين".
وأطلقهما في الهداية والخلاصة والتلخيص
والبلغة وبن تميم والفائق.
أما الفاسق ففيه روايتان.
إحداهما : لا تصح وهو المذهب سواء كان فسقه من
جهة الاعتقاد أو من جهة الأفعال من حيث الجملة
وعليه أكثر الأصحاب قال ابن الزاغوني: هي
اختيار المشايخ قال الزركشي: هي المشهورة
واختيار ابن أبي موسى.
والقاضي والشيرازي وجماعة قال في المذهب
ومسبوك الذهب والرعايتين والحاوي الصغير ومجمع
البحرين: لا يصح في أصح الروايتين قال في
الحاوي الكبير: هي الصحيحة من المذهب قال ابن
هبيرة: هي الأشهر قال الناظم: الأولى ونصرها
أبو الخطاب والشريف أبو جعفر واختارها أبو بكر
والآمدي والمجد وغيرهما وجزم به ابن عقيل في
التذكرة وغيره.
قال في الوجيز: ولا تصح إمامة الفاسق وهو
المشهور وقدمه في الفروع والمستوعب وغيرهما
قال الشيخ تقي الدين: لا تصح خلف أهل الأهواء
والبدع والفسقة مع القدرة.
والرواية الثانية: تصح وتكره وعنه تصح في
النفل جزم به جماعة قال ابن تميم: ويصح النفل
خلف الفاسق رواية واحدة قاله بعض أصحابنا
والظاهر أن مراده المجد فإنه قال: ذلك وعنه لا
تصح خلف فاسق بالاعتقاد بحال.
فعلى المذهب: يلزم من صلى خلفه الإعادة سواء
علم بفسقه وقت الصلاة أو بعدها وسواء كان فسقه
ظاهرا أو لا وهذا الصحيح من المذهب قدمه في
الفروع والزركشي وبن تميم ومجمع البحرين ونص
عليه في رواية صالح والأثرم وهو ظاهر كلامه في
الكافي.
وقال ابن عقيل: لا إعادة إذا جهل حاله مطلقا
كالحدث والنجاسة وفرق بينهما في مجمع البحرين
بأن الفاسق يعلم بالمانع في حقه بخلاف المحدث
الناسي إذ لو علم لم تصح خلفه بحال.
وقيل: إن كان فسقه ظاهرا أعاد وإلا فلا للعذر
وصححه المصنف والمجد وجزم به الخرقي والوجيز
وقال في الرعاية: الأصح أن يعيد خلف المعلن
وفي غيره روايتان وقيل إن علم لما سلم فوجهان
وإن علم قبله فروايتان.
قال في المحرر والفائق: وإن ائتم بفاسق من
يعلم فسقه فعلى روايتين وقيل يعيد لفسق
(2/178)
إمامه المجرد
وقيل تقليدا فقط.
فائدة : المعلن بالبدعة هو المظهر لها ضد
الإسرار كالمتكلم بها والداعي إليها والمناظر
عليها وهكذا فسره المصنف والشارح وغيرهما.
وقال القاضي: المعلن بالبدعة من يعتقدها بدليل
وضده من يعتقدها تقليدا وقال المقلد لا يكفر
ولا يفسق.
فوائد .
الأولى : تصح إمامة العدل إذا كان نائبا لفاسق
على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر قال
الزركشي: وغيره هذا الصحيح من الروايتين وقدمه
في الفروع وجزم به في الرعاية الكبرى وعنه لا
تصح لأنه لا يستنيب من لا يباشر وقيل إن كان
المستنيب عدلا وحده فوجهان صححه الإمام أحمد
وخالف القاضي وغيره فعلى المذهب لا يعيد نص
عليه وعنه يعيد.
الثانية : قال في الفروع: وظاهر كلامهم لا يؤم
فاسق فاسقا وقاله القاضي وغيره لأنه يمكنه رفع
ما عليه من النقص.
قلت: وصرح به ابن تميم وبن حمدان فقالا ولا
يؤم فاسق مثله.
الثالثة : حيث قلنا لا تصح الصلاة خلفه فإنه
يصلي معه خوف أذى ويعيد نص عليه وإن نوى
الانفراد ووافقه في أفعالها لم يعدها على
الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وعنه يعيد.
تنبيه : يستثنى من كلام المصنف وغيره صلاة
الجمعة فإنها تصلي خلفه على الصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب.
وقال: كثير منهم يصلي خلفه صلاة الجمعة رواية
واحدة لكن بشرط عدم جمعة أخرى خلف عدل قاله في
مجمع البحرين وغيره وعنه لا يصلي الجمعة أيضا
خلفه وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب.
قال ابن تميم: وسوى الآمدي بين الجمعة وغيرها
في تقديم الفاسق فعلى.
المذهب: لا يلزمه إعادتها على الصحيح من
المذهب قدمه في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى: هي أشهر وعنه من
أعادها فمبتدع مخالف للسنة ليس له من فضل
الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلفه وعنه يعيدها
جزم به في المذهب ومسبوك الذهب وصححه ابن عقيل
وغيره قال الزركشي: فيعاد على المذهب قال في
الحاويين: هذا الصحيح عندي وصححه في مجمع
البحرين قال في الفروع: ذكر غير واحد الإعادة
ظاهر المذهب كغيرها.
قلت: ممن قاله هو في حواشيه.
(2/179)
وقدمه في
الرعايتين نقل ابن الحكم أنه كان يصلي الجمعة
ثم يصلي الظهر أربعا قال: فإن كانت الصلاة
فرضا فلا تضر صلاتي وإن لم تكن كانت تلك
الصلاة ظهرا أربعا.
ونقل أبو طالب أيما أحب إليك أصلي قبل الصلاة
أو بعدها قال: بعد الصلاة ولا أصلي قبل.
قال القاضي في الخلاف: يصلي الظهر بعد الجمعة
ليخرج من الخلاف وأطلق الروايتين وهما الإعادة
وعدمها ابن تميم.
فائدة : ألحق المصنف بالجمعة صلاة العيدين
وتابعه في الشرح والنظم ومجمع البحرين
والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقال في
الرعاية الكبرى ويصلي الجمعة وقيل والعيد.
قال ابن عقيل: لا يقتدى بالفاسق في غير الجمعة
ولم يذكرهما في الفروع.
فوائد .
إحداها : حكم من صلى الجمعة ونحوها في بقعة
غصب للضرورة حكم صلاة الجمعة خلف الفاسق ذكره
في الفروع وقال وذكرهما ابن عقيل وصاحب المحرر
فيمن كفر باعتقاده ويعيد.
وتقدم التنبيه على ذلك في آخر باب اجتناب
النجاسة.
الثانية: تصح الصلاة خلف إمام لا يعرفه على
الصحيح من المذهب وعنه لا تصح وروى عنه أنه لا
يصلى إلا خلف من يعرف قال أبو بكر: وهذا على
الاستحباب.
الثالثة: قال المجد وبن تميم وبن حمدان وصاحب
مجمع البحرين والتلخيص وغيرهم: تصح الصلاة خلف
من خالف في الفروع لدليل أو تقليد نص عليه ما
لم يعلم أنه ترك ركنا أو شرطا على ما يأتي.
قال المجد- لمن قال لا تصح-: هذا خرق لإجماع
من تقدم من الصحابة فمن بعدهم قال في الفروع:
ومراد الأصحاب ما لم يفسق بذلك وذكر ابن أبي
موسى في الصلاة خلف شارب نبيذ معتقدا حله
روايتين وذكر أنه لا يصلى خلف من يقول الماء
من الماء وقيل ولا خلف من يجيز ربا الفضل كبيع
درهم بدرهمين للإجماع الآن على تحريمها.
ويأتي قريبا إذا ترك الإمام ركنا أو شرطا.
وأما الأقلف فأطلق المصنف في صحة إمامته
روايتين وهما روايتان عند الأكثر وقدم في
الرعاية أنهما وجهان وأطلقهما في الهداية
والمذهب والتلخيص والبلغة وبن تميم والرعايتين
والحاوي الكبير والشرح وشرح ابن منجا.
إحداهما : تصح مع الكراهة وهو المذهب جزم به
في الخلاصة والمحرر والإفادات،
(2/180)
والوجيز
والمذهب الأحمد والمنور والمنتخب وقدمه في
الفروع والفائق وبن تميم وصححه في التصحيح
والنظم ومجمع البحرين واختاره ابن عبدوس في
تذكرته.
والرواية الثانية : لا تصح صححه في الحاوي
الصغير وهي من المفردات وقدمه في المستوعب.
وقيل: تصح إمامة الأقلف المفتوق قلفته وخص في
الحاوي الكبير وغيره الخلاف بالأقلف المرتتق
وقيل: إن كثرت إمامته لم تصح وإلا صحت.
فائدتان .
إحداهما : هل المنع من صحة إمامته لترك الختان
الواجب أو لعجزه عن غسل النجاسة فيه وجهان
قاله في الرعاية.
قال ابن تميم: اختلف الأصحاب في مأخذ المنع.
فقال بعضهم: تركه الختان الواجب فعلى هذا إن
قلنا بعدم الوجوب أو سقط القول به لضرر صحت
إمامته.
وقال جماعة آخرون: هو عجزه عن شرط الصلاة وهو
التطهر من النجاسة فعلى هذا لا تصح إمامته إلا
بمثله إن لم يجب الختان انتهى.
قال في مجمع البحرين: إن كان تاركا للختان من
غير خوف ضرر وهو يعتقد وجوبه فسق على الأصح
وفيه الروايتان لفسقه لا لكونه أقلف وإن تركه
تأولا أو خائفا على نفسه التلف لكبر ونحوه صحت
إمامته انتهى.
قلت: الذي قطع به المصنف والشارح وبن منجا
وغيرهم أن المنع لعجزه عن غسل النجاسة.
الثانية: تصح إمامة الأقلف بمثله قدمه في
الرعاية والحواشي قال ابن تميم: تصح إمامته
بمثله إن لم يجب الختان انتهى.
وقيل: لا تصح مطلقا وأطلقهما في الفروع وقيل
تصح في التراويح إذا لم يكن قارئ غيره.
قوله : "وفي إمامة أقطع اليدين وجهان".
وحكاهما الآمدي روايتين وأطلقهما في المذهب
والتلخيص والبلغة والشرح وبن تميم والرعايتين
والحاويين والنظم.
إحداهما : تصح مع الكراهة وهو المذهب صححه في
التصحيح وجزم به في الوجيز والإفادات واختاره
القاضي وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني : لا تصح اختاره أبو بكر.
تنبيه : منشأ الخلاف كون الإمام أحمد سئل عن
ذلك فتوقف.
(2/181)
فائدتان .
إحداهما : حكم أقطع الرجلين أو أحدهما: أو أحد
اليدين حكم أقطع اليدين كما تقدم قاله في
الفروع والحاوي الكبير والإفادات وغيرهم وأطلق
في الرعايتين والحاوي الصغير الخلاف في أقطع
اليدين أو الرجلين ثم قال وقيل: أو إحداهن.
واختار المصنف صحة إمامه أقطع أحد الرجلين دون
أقطعهما وتبعه الشارح وأطلق في الفائق الخلاف
في أقطع يد أو رجل فظاهره أن إمامة أقطعهما لا
تصح قولا واحدا.
وصرح بصحة إمامه أقطع اليد أو الرجل بمثله
وأطلق في المحرر في أقطع اليد أو الرجل
الوجهين.
الثانية : قال ابن عقيل: تكره إمامة من قطع
أنفه ولم يذكره الأكثر وإنما ذكروا الصحة.
قوله : "ولا تصح الصلاة خلف كافر".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم وقيل تصح إن أسر الكفر وعنه لا
يعيد خلف مبتدع كافر ببدعته وحكى ابن الزاغوني
رواية بصحة صلاة الكافر بناء على صحة إسلامه
بها وبنى على صحة صلاته صحة إمامته على
احتمال.
قال الزركشي: وهو بعيد وتقدم ذلك في كتاب
الصلاة عند قوله: "وإذا صلى الكافر حكم
بإسلامه".
فائدتان.
إحداهما: لو قال: بعد سلامه من الصلاة هو كافر
وإنما صلى تهزؤا فنص أحمد يعيد المأموم كمن ظن
كفره أو حدثه فبان بخلافه وقيل لا يعيد كمن
جهل حاله.
الثانية : لو علم من إنسان حال رده وحال إسلام
أو حال إفاقة وحال جنون كره تقديمه فإن صلى
خلفه ولم يعلم على أي الحالين هو أعاد على
الصحيح قدمه في الرعاية الكبرى وقيل لا يعيد
وقيل إن علم قبل الصلاة إسلامه وشك في ردته
فلا إعادة وأطلقهن في مختصر ابن تميم والفروع.
تنبيه : دخل في قوله: "ولا أخرس عدم صحة
إمامته بمثله وبغيره".
أما إمامته بغيره: فلا تصح قولا واحدا عند
الجمهور وقيل تصح إمامة من طرأ عليه الخرس دون
الأصلي ذكره في الرعاية.
وأما إمامته بمثله: فالصحيح من المذهب: أن
إمامته لا تصح وعليه جمهور الأصحاب قال في
مجمع البحرين: اختاره أكثر الأصحاب منهم
القاضي والآمدي وبن عقيل والمصنف في المغني
وجزم به وغيرهم وجزم به في المذهب والمستوعب
والتلخيص وغيرهم وعبارة كثير من الأصحاب
كعبارة المصنف وقدمه في الفروع والرعايتين
وقال القاضي في
(2/182)
الأحكام
السلطانية والمصنف في الكافي يصح أن يؤم مثله
وجزم به في الحاويين قال الشارح: هذا قياس
المذهب وهو أولى كالأمي والعاجز عن القيام يؤم
مثله وأطلقهما في الفائق وبن تميم.
تنبيه : دخل في قوله: "ولا من به سلس البول"
عدم صحة إمامته بمثله.
وبغيره أما بغيره فلا تصح إمامته به وأما بمن
هو مثله فالصحيح من المذهب الصحة جزم به في
الهداية والمذهب والكافي والعمدة والشرح
والحاوي الكبير قال في المستوعب: ولا تصح
إمامة من به سلس البول لمن لا سلس به وهو ظاهر
كلام ابن عبدوس في تذكرته فإنه قال: ولا يؤم
أخرس ولا دائم حدثه وعاجز عن ركن وأنثى
بعكسهم.
وقال في المحرر: ومن عجز عن ركن أو شرط لم تصح
إمامته بقادر عليه وقدمه ابن تميم وقيل تصح
جزم به في الخلاصة والوجيز وصححه الناظم وهو
ظاهر ما جزم به في التلخيص وقدمه في الرعايتين
وأطلقهما في الفروع.
قوله : "ولا عاجز عن الركوع والسجود والقعود".
الواو هنا بمعنى أو وكذلك العاجز عن الشرط
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
المحرر والوجيز والمذهب وغيرهم وقدمه في
الفروع وغيره واختار الشيخ تقي الدين الصحة
قاله في إمامة من عليه نجاسة يعجز عن إزالتها.
فائدة : يصح اقتداؤه بمثله قاله ابن عقيل في
التذكرة وبن الجوزي في المذهب والمستوعب
وغيرهم قال الشارح: وقياس المذهب صحته واقتصر
عليه ومنع ابن عقيل في المفردات الإمامة جالسا
مطلقا.
فائدة : قال في الفروع: ولا خلاف أن المصلي
خلف المضطجع لا يضطجع وتصح بمثله.
قوله : "ولا تصح خلف عاجز عن القيام".
حكم العاجز عن القيام حكم العاجز عن الركوع أو
السجود على ما تقدم.
قوله : "إلا إمام الحي المرجو زوال علته".
الصحيح من المذهب أن إمامة إمام الحي وهو
الإمام الراتب العاجز عن.
القيام لمرض يرجى زواله جالسا صحيحة وعليه
أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في
الفروع وغيره وهو من المفردات وقال القاضي لا
تصح ومنع ابن عقيل في المفردات الإمامة جالسا
مطلقا كما تقدم.
قوله : "ويصلون وراءه جلوسا".
هذا المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب وجزم
به في المحرر والوجيز وغيرهما.
(2/183)
وقدمه في
الفروع وغيره وهو من المفردات قال القاضي: هذا
استحسان والقياس لا يصح وعنه يصلون قياما
ذكرها في الإيضاح واختاره في النصيحة
والتحقيق.
قوله : "فإن صلوا قياما صحت صلاتهم في أحد
الوجهين".
يعني على القول بأنهم يصلون جلوسا وهما
روايتان وأطلقهما في المغني والشرح والفائق
والنظم.
أحدهما : تصح وهو المذهب قال في الفروع: صحت
على الأصح قال في المذهب: ومسبوك الذهب هذا
المشهور في المذهب قال في البلغة: صحت في
الأصح قال في التلخيص والحاويين: صحت في أصح
الوجهين وصححه المجد في شرحه وناظم المفردات
وبن رزين في شرحه قال الزركشي: قطع به القاضي
في التعليق فيما أظن واختاره عمر بن بدر
المغاربي في التصحيح الكبير اختاره في النصيحة
والتحقيق وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر
والهداية والرعايتين.
والوجه الثاني: لا تصح وهو ظاهر كلام الخرقي
قال ابن الزاغوني: اختاره أكثر المشايخ قاله
الزركشي وقيل تصح إذا جهل وجوب الجلوس وإلا لم
تصح وهو احتمال للمصنف.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم كلام المصنف: أن إمام الحي إذا
لم يرج زوال علته أن إمامته لا تصح وهو صحيح
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وفي الإيضاح
والمنتخب إن لم يرج صحت مع إمام الحي قائما.
الثانية : مفهوم كلام المصنف أيضا أنها لا تصح
مع غير إمام الحى وهو صحيح وهو المذهب وعليه
الأصحاب وعنه تصح أيضا وإن لم يرج زوال علته
قال في الفائق: إلا إمام الحي والإمام الكبير.
قوله : "وإن ابتدأ بهم الصلاة قائما ثم اعتدل
فجلس أتموا خلفه قياما".
بلا نزاع ولم يجز الجلوس نص عليه وذكر
الحلواني ولو لم يكن إمام الحي.
فوائد.
الأولى: لو ارتج على المصلي في الفاتحة وعجز
عن إتمامها فهو كالعاجز عن القيام في أثناء
الصلاة يأتي بما يقدر عليه ولا يعيدها ذكره
ابن عقيل في الفصول قال في الفروع: ويؤخذ منه
ولو كان إماما والصحيح من المذهب أنه يستخلف
وعليه جماهير الأصحاب وتقدم ذلك في باب النية
وفي صفة الصلاة فيما إذا ارتج على الإمام
أيضا.
(2/184)
الثانية : إذا
ترك الإمام ركنا أو شرطا عنده وحده وهو عالم
بذلك لزم المأموم الإعادة على الصحيح من
المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب كالإمام قال
في المستوعب: يعيد إن علم في الصلاة وإلا فلا
ورده في الفروع وقال يتوجه مثله في إمام يعلم
حدث نفسه.
وإن كان الركن والشرط المتروك يعتقده المأموم
ركنا وشرطا دون الإمام.
لم يلزمه الإعادة على الصحيح من المذهب قدمه
ابن تميم والشارح ومال إليه واختاره المصنف
والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر: لو فعل
الإمام ما هو محرم عند المأموم دونه مما يسوغ
فيه الاجتهاد صحت صلاته خلفه وهو المشهور عن
أحمد.
وقال في موضع آخر: الروايات المنقولة عن أحمد
لا توجب اختلافا دائما ظواهرها أن كل موضع
يقطع فيه بخطأ المخالف يجب الإعادة وما لا
يقطع فيه بخطأ المخالف لا يوجب الإعادة وهو
الذي عليه السنة والآثار وقياس الأصول انتهى
وعنه يعيد قال في الفروع: اختاره جماعة.
قلت: صححه الناظم وجزم به في الإفادات وقدمه
في المحرر واختاره ابن عقيل وأطلقهما في
الفروع والرعايتين والحاويين.
وقال في المستوعب: إن كان في وجوبه عند
المأموم روايتان ففي صلاته خلفه روايتان قال
في الفروع: كذا قال.
تنبيه : محل الخلاف في هذه المسألة إذا علم
الماموم وهو في الصلاة فأما إذا علم بعد سلامه
فلا إعادة هذا هو الصحيح قال في الفروع: لا
يعيد وهو الأصح وقدمه في الرعاية وقيل يعيد
أيضا.
فائدة : لو ترك المصلي ركنا أو شرطا مختلفا
فيه بلا تأويل ولا تقليد أعاد الصلاة على
الصحيح من المذهب ذكره الآجري إجماعا وعنه لا
يعيد وعنه يعيد اليومين والثلاثة قال في
الفروع: وعنه لا يعيد إن طال.
قوله : "ولا تصح إمامة المرأة للرجل".
هذا المذهب مطلقا قال في المستوعب هذا الصحيح
من المذهب ونصره المصنف واختاره أبو الخطاب
وبن عبدوس في تذكرته وجزم به في الكافي
والمحرر والوجيز والمنور والمنتخب وتجريد
العناية والإفادات وقدمه في.
الفروع والرعايتين والحاويين والنظم ومجمع
البحرين والشرح والفائق وإدراك الغاية وغيرهم
وهو ظاهر كلام الخرقي وعنه تصح في النفل
وأطلقهما ابن تميم وعنه تصح في التراويح نص
عليه وهو الأشهر عند المتقدمين.
قال أبو الخطاب وقال أصحابنا: تصح في التراويح
قال في مجمع البحرين: اختاره أكثر
(2/185)
الأصحاب قال
الزركشي: منصوص أحمد واختيار عامة الأصحاب
يجوز أن يؤمهم في صلاة التراويح انتهى وهو
الذي ذكره ابن هبيرة عن أحمد وجزم به في
الفصول والمذهب والبلغة وقدمه في التلخيص
وغيره وهو من المفردات ويأتي كلامه في الفروع.
قال القاضي في المجرد: ولا يجوز في غير
التراويح.
فعلى هذه الرواية قيل يصح إن كانت قارئة وهم
أميون جزم به في المذهب والفائق وبن تميم
والحاويين.
قال الزركشي: وقدمه ناظم المفردات والرعاية
الكبرى وقيل إن كانت أقرأ من الرجال وقيل إن
كانت أقرأ وذا رحم وجزم به في المستوعب وقيل
إن كانت ذا رحم أو عجوز واختار القاضي يصح إن
كانت عجوزا قال في الفروع: واختار الأكثر صحة
إمامتها في الجملة لخبر أم ورقة العام والخاص
والجواب عن الخاص رواه المروذي بإسناد يمنع
الصحة وإن صح فيتوجه حمله على النفل جمعا بينه
وبين النهي ويتوجه احتمال في الفرض والنهي تصح
مع الكراهة انتهى.
فائدة : حيث قلنا تصح إمامتها بهم فإنها تقف
خلفهم لأنه أستر ويقتدون بها هذا الصحيح قدمه
في الفروع والفائق ومجمع البحرين والزركشي
والرعاية الكبرى وجزم به في المذهب والمستوعب.
قلت: فيعايى بها.
وعنه تقتدى هي بهم في غير القراءة فينوي
الإمامة أحدهم اختاره القاضي.
في الخلاف فقال إنما يجوز إمامتها في القراءة
خاصة دون بقية الصلاة.
قلت: فيعايى بها أيضا.
قوله : "ولا تصح إمامة الخنثى للرجال ولا
للخناثى".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في الفروع وغيره وحكى ابن
الزاغوني احتمالا بصحة إمامته بمثله للتساوي.
قال ابن تميم: وقال بعض أصحابنا: يقتدي الخنثى
بمثله وهو سهو قال في الرعاية: وفيه بعد وقيل
بل هو سهو.
تنبيهان.
أحدهما: يجوز أن يؤم الخنثى الرجال فيما يجوز
للمرأة أن تؤم فيه الرجل على ما تقدم.
الثاني : مفهوم كلام المصنف صحة إمامة الخنثى
بالنساء وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وقيل لا تصح وأطلقهما في التلخيص وقال
أبو حفص العكبري لا تصح صلاته في جماعة قال
القاضي: رأيت لأبي جعفر البرمكي أن الخنثى لا
تصح صلاته في
(2/186)
جماعة لأنه إن
قام مع الرجال احتمل أن يكون امرأة وإن قام مع
النساء أو وحده أو ائتم بامرأة احتمل أن يكون
رجلا وإن أم الرجال احتمل أن يكون امرأة قال
الزركشي قلت: وهذا ظاهر إطلاق الخرقي انتهى.
قلت: وفيه نظر إذ ليس مراد الخرقي بقوله وإن
صلى خلف مشرك أو امرأة أو خنثى مشكل أعاد
العموم قطعا فإن إمامة المرأة بالمرأة صحيحة
كما صرح به بعد بل مراده ولا تصح صلاة من صلى
خلفهم من حيث الجملة.
وأيضا فإنه ليس في كلامه أن الخنثى يكون
مأموما ورد على من يقول لا تصح صلاة جماعة لو
أم امرأة وكانت خلفه فإن صلاتهما صحيحة لأنه
إن.
كان رجلا صحت صلاتهما وإن كانت امرأة صحت
إمامته بها لأن القائل بذلك أدخل في حصره
إمامته بقوله وإن أم الرجال احتمل أن يكون
امرأة لكنه ما ذكر إذا أم امرأة ولكن تسمى
جماعة في ذلك.
قال في الفروع: وإن قلنا: لا تؤم خنثى نساء
وتبطل صلاة امرأة بجنب رجل لم يصل جماعة.
فعلى المذهب: وهو صحة إمامة الخنثى بالمرأة
فالصحيح من المذهب أنها تقف وراءه وقال ابن
عقيل إذا أم الخنثى نساء قام وسطهن.
فائدة: لو صلى رجل خلف من يعلمه خنثى ثم بان
بعد الصلاة رجلا لزمته الإعادة على الصحيح من
المذهب وفيه وجه لا يعيد إذا علمه خنثى أو جهل
إشكاله.
قوله : "ولا إمامة الصبي لبالغ إلا في النفل
على إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الشرح والنظم وبن تميم والفائق
والمحرر.
اعلم أن إمامة الصبي تارة تكون في الفرض وتارة
تكون في النفل فإن كانت في الفروض فالصحيح من
المذهب أنها لا تصح وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم وعنه تصح اختارها الآجري وحكاها
في الفائق تخريجا واختاره وأطلقهما ابن تميم.
وقال ابن عقيل: يخرج في صحة إمامة ابن عشر وجه
بناء على القول بوجوب الصلاة عليه.
وإن كان في النفل فالصحيح من المذهب أنها تصح
قال في المستوعب والحاوي الكبير: صح في أصح
الروايتين قال في الفروع: وتصح على الأصح
اختاره الأكثر وكذا قال المجد ومجمع البحرين:
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والبلغة
وتذكرة ابن عبدوس والحاوي الصغير والمنور.
والمنتخب والإفادات واختاره أبو جعفر وأكثر
الأصحاب قاله في التصحيح الكبير.
والرواية الثانية : لا تصح في النفل أيضا قال
في الوجيز: ولا تصح إمامة صبي ولا امرأة إلا
بمثلهم وأطلقهما في التعليق الكبير وانتصار
أبي الخطاب والكافي والمحرر والنظم.
(2/187)
فائدة : قال في
الفروع والقواعد الأصولية- تبعا لصاحب مجمع
البحرين-: ظاهر المسألة ولو قلنا يلزمه الصلاة
وصرح به ابن البنا في العقود فقال لا تصح وإن
قلنا تجب عليه وبناؤهم المسألة على أن صلاته
نافلة تقتضي صحة إمامته إن لزمته قال: ذلك في
مجمع البحرين من عنده قال في الفروع: وهو متجه
وصرح به غير واحد وجها انتهى.
قلت: قد تقدم أن ابن عقيل خرج وجها بصحة إمامة
ابن عشر إن قلنا بوجوب الصلاة عليه وصرح به
القاضي أيضا فقال لا يجوز أن يؤم في الجمعة
ولا في غيرها ولو قلنا تجب عليه نقله ابن تميم
في الجمعة ويأتي.
وقال بعض الأصحاب: تصح في التراويح إذا لم يكن
غيره قارئا وجها واحدا قال في القواعد
الأصولية: تنبيه: مفهوم قول المصنف لبالغ صحة
إمامته بمثله وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وقال في المنتخب عن ابن الشيرازي لا
تصح إمامته بمثله.
قوله : "ولا تصح إمامة محدث ولا نجس يعلم
ذلك".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقال في الإشارة تصح إمامة المحدث والنجس
إن جهله المأموم وعلمه الإمام وبناه القاضي في
الخلاف أيضا على إمامة الفاسق لفسقه بذلك وقال
الشيخ تقي الدين وتصح إمامة من عليه نجاسة
يعجز عن إزالتها بمن ليس عليه نجاسة.
قوله : "فإن جهل هو والمأموم حتى قضوا الصلاة
صحت صلاة المأموم وحده".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يعيد
المأموم أيضا اختاره أبو الخطاب في الانتصار
قال القاضي: وهو القياس لولا الأثر عن عمر
وابنه وعثمان وعلي.
تنبيه: مفهوم كلامه: أنه لو علم الإمام بذلك
أو المأموم فيها أن صلاته باطلة فيستأنفها وهو
صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يبنى
المأموم نقل بكر بن محمد يبنون جماعة أو فرادى
فيمن صلى بعض الصلاة وشك في وضوئه لم يجزه حتى
يتيقن أنه كان على وضوء ولا تفسد صلاتهم إن
شاؤوا قدموا واحدا وإن شاؤوا صلوا فرادى.
قال القاضي: نص أحمد على أن علمهم بفساد صلاته
لا يوجب عليهم إعادة انتهى وأما الإمام فصلاته
باطلة في المسألتين.
فائدة : لو علم مع الإمام واحد أعاد جميع
المأمومين على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه
أكثر الأصحاب واختار القاضي والمصنف والشارح
وصاحب الحاويين أنه لا يعيد إلا العالم فقط
وكذا نقل أبو طالب إن علمه اثنان وأنكر هو
إعادة الكل واحتج بخبر ذي اليدين.
قوله : "ولا تصح إمامة الأمي".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه تصح وقيل: تصح
صلاة القارئ خلفه في النافلة
(2/188)
وجوز المصنف
وتبعه الشارح اقتداء من يحسن قدر الفاتحة بمن
لا يحسن قرآنا.
قلت: وهو الصواب.
قال ابن تميم: وفيه نظر وقال في الرعاية: ولا
يصح اقتداء العاجز عن النصف الأول من الحمد
بالعاجز عن النصف الآخر ولا عكسه.
قوله : "إلا بمثله".
الصحيح من المذهب صحة إمامة الأمي بمثله وعليه
جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم قال
الزركشي: هو المعروف من مذهبنا وقيل لا تصح
اختاره بعض الأصحاب وقيل تصح إذا لم يمكنه
الصلاة خلف قارئ جزم به في المستوعب وقال في
الرعاية بعد حكاية الأقوال الثلاثة وقيل تكره
إمامتهم وتصح مطلقا وقيل إن كثر ذلك منع الصحة
وإلا فلا وقيل لا تصح مطلقا ويأتي قريبا في
الأرت والألثغ وصحة إمامتهما وعدمها وإن كانا
داخلين في كلام المصنف وتقدم كلام المصنف
والشارح في التي قبلها.
فائدتان.
إحداهما: لو اقتدى قارئ وأمي بأمي فإن كانا عن
يمينه أو الأمي عن يمينه صحت صلاة الإمام
والأمي وبطلت صلاة القارئ على الصحيح.
وإن كانا خلفه أو القارئ عن يمينه والأمي عن
يساره فسدت صلاتهما جزم به في المستوعب وغيره
وفسدت صلاة الإمام أيضا على الصحيح من المذهب
قال الزركشي: فإن كانا خلفه فإن صلاتهما تفسد
وهل تبطل صلاة الإمام فيه احتمالان أشهرهما
البطلان.
وقال في الرعايتين: فإن كانا خلفه بطل فرض
القارئ في الأصح وبقي نفلا وقيل: لا يبقى
فتبطل صلاتهم وقيل إلا الإمام انتهى.
وفي المذهب وجه آخر حكاه ابن الزاغوني أن
الفساد يختص بالقارئ ولا تبطل صلاة الأمي.
قال ابن الزاغوني: واختلف القائلون بهذا الوجه
في تعليله فقال بعضهم لآن القارئ تكون صلاته
نافلة فما خرج من الصلاة فلم يصر الأمي بذلك
فذا.
وقال بعضهم: صلاة القارئ باطلة على الإطلاق
لكن اعتبار معرفة هذا على الناس أمر يشق ولا
يمكن الوقوف عليه فعفى عنه للمشقة انتهى.
قال الزركشي: ويحتمل أن الخرقي اختار هذا
الوجه فيكون كلامه على إطلاقه انتهى.
قال ابن تميم: فإن كان خلفه بطل فرض القارئ
وفي بقائه نفلا وجهان فإن قلنا بصحة صلاة
الجميع صحت وإن قلنا لا تصح بطلت صلاة المأموم
وفي صلاة الإمام وجهان.
(2/189)
وقال في
الفروع: فإن بطل فرض القارئ فهل تبقى نفلا
فتصح صلاتهم أم لا يبقى فتبطل أم تبطل إلا
صلاة الإمام فيه أوجه.
الثانية : الآمي نسبة إلى الأم وقيل المراد
بالأمي الباقي على أصل ولادة أمه لم يقرأ ولم
يكتب وقيل نسبة إلى أمة العرب.
قوله : "وهو من لا يحسن الفاتحة أو يدغم حرفا
لا يدغم أو يبدل حرفا أو يلحن فيها لحنا يحيل
المعنى".
فاللحن الذي يحيل المعنى كضم التاء أو كسرها
من أنعمت أو كسر كاف إياك قال في الرعاية
وقلنا: تجب قراءتها وقيل أو قراءة بدلها انتهى
فلو فتح همزة اهدنا فالصحيح من المذهب أن هذا
لحن يحيل المعنى قال في الفروع: يحيل في الأصح
قال في مختصر ابن تميم: يحيل في أصح الوجهين
وقيل فتحها لا يحيل المعنى.
فائدة: لو قرأ قراءة تحيل المعنى مع القدرة
على إصلاحها متعمدا حرم عليه فإن عجز عن
إصلاحها قرأ من ذلك فرض القراءة وما زاد تبطل
الصلاة بعمده ويكفر إن اعتقد إباحته ولا تبطل
إن كان لجهل أو نسيان أو أنه جعلا له كالمعدوم
فلا يمنع إمامته وهذا الصحيح من المذهب وعليه
أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: هذا اختيار
ابن حامد والقاضي وأبي الخطاب وأكثر أصحابنا
وقدمه في الفروع ومجمع البحرين وغيره.
وقال أبو إسحاق ابن شاقلا: هو ككلام الناس فلا
يقرؤه وتبطل الصلاة به وأطلقهما في الرعاية
وخرج بعض الأصحاب من قول أبي إسحاق عدم جواز
قراءة ما فيه لحن يحيل معناه مع عجزه عن
إصلاحه وكذا إبدال حرف لا يبدل.
فإن سبق لسانه إلى تغيير نظم القرآن بما هو
منه على وجه يحيل معناه كقوله "إن المتقين في
ضلال وسعر" ونحوه لم تبطل صلاته على الصحيح
ونص عليه في رواية محمد بن الحكم وإليه ميله
في مجمع البحرين وقدمه ابن تميم والرعاية ولا
يسجد له وعنه تبطل نقلها الحسن بن محمد وهو
قول في الرعاية ومنها أخذ ابن شاقلا قوله:
قاله بن تميم وأطلقهما في مجمع البحرين.
تنبيه : ظاهر قوله: "أو يبدل حرفا" أنه لو
أبدل ضاد المغضوب عليهم والضالين بظاء مشالة
أن لا تصح إمامته.
وهو أحد الوجوه قال في الكافي: هذا قياس
المذهب واقتصر عليه وجزم به ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: تصح قدمه في المغني والشرح
واختاره القاضي وأطلقهما في الرعايتين
والحاويين وقيل تصح مع الجهل قال في الرعاية
الكبرى قلت: إن علم الفرق بينهما لفظا
(2/190)
ومعنى بطلت
صلاته وإلا فلا وأطلقهن في الفروع.
فائدة : الأرت هو الذي يدغم حرفا لا يدغم أو
حرفا في حرف وقيل من يلحقه دغم في كلامه
والألثغ الذي يبدل حرفا بحرف لا يبدل به
كالعين بالزاي وعكسه أو الجيم بالشين أو اللام
أو نحوه وقيل: من أبدل حرفا بغيره قال ذلك في
الرعاية: وغيره فالصحيح من المذهب لا تصح
إمامة الأرت والألثغ كما تقدم وظاهر كلام ابن
البنا صحة إمامتهما مع الكراهة وقال الآمدي
يسير ذلك لا يمنع الصحة ويمنع كثيره.
قوله : "وتكره إمامة اللحان".
يعني الذي لا يحيل المعنى وهذا المذهب وعليه
الأصحاب ونقل إسماعيل بن إسحاق الثقفي لا يصلي
خلفه.
تنبيهان.
أحدهما: قال في مجمع البحرين: وقول الشيخ
ويكره إمامة اللحان أي الكثير اللحن لا من
يسبق لسانه باليسير فقد لا يخلو من ذلك إمام
أو غيره.
الثاني : أفادنا المصنف بقوله وتكره إمامة
اللحان صحة إمامته مع الكراهة وهو المذهب
مطلقا والمشهور عند الأصحاب وقال ابن منجا في
شرحه فإن تعمد ذلك لم تصح صلاته لآنه مستهزئ
ومتعمد قال في الفروع: وهو ظاهر كلام ابن عقيل
في الفصول: قال: وكلامهم في تحريمه يحتمل
وجهين أولهما يحرم وقال ابن عقيل في الفنون في
التلحين المغير للنظم يكره لقوله يحرم لأنه
أكثر من اللحن قال الشيخ تقي الدين: ولا بأس
بقراءته عجزا قال في الفروع: ومراده غير
المصلى.
قوله: "والفأفاء" الذي يكرر الفاء والتمتام
الذي يكرر التاء ولا يفصح ببعض الحروف تكره
إمامتهم.
وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكى قول لا تصح
إمامتهم حكاه ابن تميم.
قلت: قال في المبهج: والتمتام والفأفاء تصح
إمامتهم بمثلهم ولا تصح بمن هو أكمل منهم قلت:
وهو بعيد.
تنبيه : قوله: "ومن لا يفصح ببعض الحروف"
كالقاف والضاد وتقدم قريبا إذا أبدل الضاد
ظاء.
قوله: "وأن يؤم نساءا أجانب لا رجل معهن".
يعني يكره هذا المذهب مطلقا قدمه في الفروع
وقيل ولا رجل معهن قريب لإحداهن جزم به في
الوجيز وقيل ولا رجل معهن محرما وجزم به في
الإفادات ومجمع البحرين وفسر كلام المصنف بذلك
وقال في الفصول آخر الكسوف يكره للشواب وذوات
(2/191)
الهيئة الخروج
ويصلين في بيوتهن فإن صلى بهم رجل محرم جاز
وإلا لم يجز وصحت الصلاة وعنه يكره في الجهر
فقط مطلقا.
فائدة : قال في الفروع: كذا ذكروا هذه المسألة
وظاهره كراهة تنزيه فيهن هذا في موضع الإجازة
فيه فلا وجه إذن لاعتبار كونه مسببا ومحرما مع
أنهم احتجوا أو بعضهم بالنهي عن الخلوة
بالأجنبية فيلزم منها التحريم والرجل الأجنبي
لا يمنع تحريمها على خلاف يأتي آخر العدد
والآول أظهر للعرف والعادة في إطلاقهم الكراهة
ويكون المراد الجنس فلا تلزم الأحوال ويعلل
بخوف الفتنة وعلى كل حال لا وجه لاعتبار كونه
فيها انتهى.
وقد تقدم كلامه في الفصول قريبا قال الشارح:
ويكره أن يؤم نساء أجانب لا رجل معهن ولا بأس
أن يؤم ذوات محارمه.
قوله : "أو قوما أكثرهم له كارهون".
يعني يكره وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم وجزم به في الوجيز وغيره
وقدمه في الفروع وغيره وجزم بعضهم بأن تركه
أولى وقيل يفسد صلاته نقل أبو طالب لا ينبغي
أن يؤمهم قال الشيخ تقي الدين: أتى بواجب
ونحوه مقاوم صلاته فلم تقبل إذ الصلاة
المقبولة ما يثاب عليها وهذا القول من مفردات
المذهب وقال في الرعاية وقيل: إن تعمده.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم قوله: "أكثرهم له كارهون" أنه
لو كرهه النصف لا يكره.
أن يؤمهم وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وهو ظاهر كلام كثير منهم وقيل يكره
أيضا.
قال المصنف والشارح: فإن استوى الفريقان
فالأولى أن لا يؤمهم إزالة لذلك الاختلاف
وأطلق ابن الجوزي فيما إذا استويا وجهين.
الثاني : ظاهر كلام المصنف: أن الكراهة متعلقة
بالإمام فقط فلا يكره الائتمام به وهو صحيح
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن عقيل
في الفصول يكره له الإمامة ويكره الائتمام به.
فائدتان.
إحداهما: قال الأصحاب: يشترط أن يكونوا
يكرهونه بحق قال في الفروع: قال الأصحاب: يكره
لخلل في دينه أو فضله اقتصر عليه في الفصول
والغنية وغيرهما قال الشيخ تقي الدين: إذا كان
بينهم معاداة من جنس معاداة اهل الأهواء
والمذاهب لم ينبغ أن يؤمهم لآن المقصود
بالصلاة جماعة ائتلافهم بلا خلاف وقال المجد
في شرحه وتبعه في مجمع البحرين يكرهونه لشحناء
بينهم في أمر دنيوي ونحوه وهو ظاهر كلام جماعة
من الأصحاب.
(2/192)
الثانية : لو
كانوا يكرهونه بغير حق كما لو كرهوه لدين أو
سنة لم تكره إمامته على الصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب واستحب القاضي أن لا
يؤمهم صيانة لنفسه.
قوله : "ولا بأس بإمامة ولد زنى".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وعنه لا بأس
بإمامته إذا كان غير راتب وهو قول في الرعاية
وعدم كراهة إمامته من مفردات المذهب.
قوله : "والجندي".
يعني لا بأس بإمامته وهو المذهب وعليه الأصحاب
وعنه أحب إلى أن يصلي خلف غيره.
إحداهما: لا بأس بإمامة اللقيط والمنفي بلعان
والخصي والأعرابي نص عليه والبدوي إن سلم
دينهم وصلحوا لها قال في الفائق: وكذا
الأعرابي في أصح الروايتين وعنه تكره إمامة
البدوي قاله في الرعاية.
الثانية: فائدة غريبة قال أبو البقاء: تصح
الصلاة خلف الخنثى واقتصر عليه في الفائق وقال
في النوادر: تنعقد الجماعة والجمعة بالملائكة
وبمسلمي الجن وهو موجود زمن النبوة قال في
الفروع: كذا قالا والمراد في الجمعة من لزمته
لأن المذهب لا تنعقد الجمعة بآدمي لا تلزمه
كمسافر وصبي فهنا أولى انتهى وقال ابن حامد
الجن كالإنس في العبادات والتكليف قال: ومذهب
العلماء إخراج الملائكة عن التكليف والوعد
والوعيد قال في الفروع: وقد عرف مما سبق من
كلام ابن حامد وأبي البقاء أنه يعتبر لصحة
صلاته ما يعتبر لصحة صلاة الآدمي.
قوله : "ويصح ائتمام من يؤدي الصلاة بمن
يقضيها".
مثل أن يكون عليه ظهر أمس فأراد قضاءها فائتم
به من عليه ظهر اليوم في وقتها وهذا المذهب
وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع: يصح على
الأصح قال في المغني والشرح: أصح الروايتين
الصحة نص عليه في رواية ابن منصور واختاره
الخرقي وهذا هو المذهب عندي رواية واحدة وغلط
من نقل غيرها قال في الرعايتين والحاوي
الكبير: وهو أظهر قال الناظم: هو أصح واختاره
ابن عبدوس في تذكرته وصاحب الفائق وجزم به في
الوجيز والإفادات قال في الفصول: تصح لأنه
اختلاف في الوقت فقط وعنه لا تصح
(2/193)
نقلها صالح
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الكبير
والخلاصة وجزم به في المنور وأطلقهما في
الهداية والمذهب والتلخيص والمذهب الأحمد وبن
تميم والفائق والحاوي الصغير.
فائدتان.
إحداهما: حكم ائتمام من يقضي الصلاة بمن
يؤديها حكم ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها
عكس مسألة المصنف خلافا ومذهبا وهذا هو الصحيح
من المذهب قدمه في الفروع وبن تميم والرعاية
وغيرهم.
وقال ابن عقيل في الفصول: يصح القضاء خلف
الأداء وفي العكس روايتان وكذا في المذهب فإنه
أطلق الخلاف في المسألة الأولى وقطع في هذه
المسألة بالصحة وقال وجها واحدا وقال في
الرعاية وقيل: إن قضى فرضا خلف من يؤديه صح
على الأصح وإن أداه خلف من يقضيه لم يصح على
الأصح.
الثانية : مثل ذلك أيضا ائتمام قاضي ظهر يوم
بقاضي ظهر يوم آخر خلافا ومذهبا على الصحيح من
المذهب قاله في الفروع وغيره وقيل يصح هنا
وجها واحدا قال ابن تميم: كما لو كانا ليوم
واحد.
تنبيه : قوله : "وائتمام المتوضئ بالمتيمم".
هذه المسألة وجدتها في نسخة مقروءة على المصنف
من أولها إلى آخرها وعليها خطه وأكثر النسخ
ليس فيها ذلك والحكم صحيح وصرح به الأصحاب.
فائدة : لا يؤم من عدم الماء والتراب من تطهر
بأحدهما ويأتم المتوضى ء بالماسح على كل حال
قاله في الرعاية وغيرها.
قوله : "ويصح ائتمام المفترض بالمتنفل في إحدى
الروايتين".
اختارها صاحب الفصول والتبصرة والمصنف والشارح
والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
والرواية الأخرى لا يصح وهي المذهب وعليها
جماهير الأصحاب قال في مجمع البحرين: لا يصح
في أقوى الروايتين اختارها أصحابنا قال المصنف
والشارح وصاحب الفروع وغيرهم اختارها أكثر
الأصحاب.
قلت: منهم القاضي والشريف أبو جعفر وأبو
الخطاب وصاحب التلخيص والمحرر وغيرهم وجزم به
في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والكافي وبن تميم وقيل: يصح للحاجة وهي كونه
أحق بالإمامة ذكره الشيخ تقي الدين.
(2/194)
فائدة : عكس
هذه المسألة وهو ائتمام المتنفل بالمفترض يصح
وقطع به أكثر الأصحاب قال المصنف وتبعه
الشارح: لا نعلم في صحتها خلافا قال في
الفروع: يصح على الأصح وعنه لا يصح قال في
الرعاية وقيل: يصح على الأصح.
قوله : "ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر في
إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والكافي والشرح وبن تميم والفائق والحاوي
الصغير.
إحداهما: لا يصح وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب قال في مجمع البحرين: لا يصح في أقوى
الروايتين اختاره أصحابنا قال في الفروع: بعد
قوله: ولا يصح ائتمام مفترض بمتنفل اختاره
الأكثر وعنه يصح والروايتان في ظهر خلف عصر
ونحوها عن بعضهم قال الشارح: بعد ذكره
الروايتين فيمن يصلي الظهر بمن يصلي العصر
وهذا فرع على صحة إمامة المتنفل بالمفترض وقد
مضى ذكرها انتهى وقدمه في المحرر والرعايتين
والحاوي الكبير والنظم.
والرواية الثانية: يصح اختارها ابن عقيل في
الفصول والمصنف وصاحب الفائق والشيخ تقي الدين
وصححه في التصحيح الكبير.
فائدة: عكس هذه المسألة وهو ائتمام من يصلي
العصر بمن يصلي الظهر مثل التي قبلها في الحكم
قاله في المستوعب والتلخيص قال في الفروع:
والروايتان في ظهر خلف عصر ونحوها عن بعضهم
فشمل كلامه ائتمام من يصلي الظهر بمن يصلي
العشاء وعكسه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: عدم صحة صلاة
الجمعة أو الفجر خلف من يصلي رباعية تامة أو
ثلاثية وعدم صحة صلاة المغرب خلف من يصلي
العشاء قولا واحدا وهو أحد الطريقتين قال
الشارح: وغيره لا تصح رواية واحدة واختاره في
المستوعب وغيره وهو معنى ما في الفصول وغيره
وقدمه في الفروع والفائق والرعاية.
والطريقة الثانية: الخلاف أيضا جار هنا
كالخلاف فيما قبله وأطلق الطريقتين ابن تميم
واختار المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين
والفائق والشيخ تقي الدين: الصحة هنا قال
المجد: صح على منصوص أحمد قال الشيخ تقي
الدين: هي أصح الطريقتين وقيل: تصح إلا المغرب
خلف العشاء فإنها لا تصح وحكى الشيخ تقي الدين
في صلاة الفريضة خلف صلاة الجنازة روايتين
واختار الجواز.
فعلى القول بالصحة مفارقة المأموم عند القيام
إلى الثالثة ويتم لنفسه ويسلم قبله وله أن
ينتظره ليسلم معه هذا هو الصحيح من المذهب
قدمه في الفروع.
قال في التلخيص: هذا الأخير في المذهب وقطع به
المجد في شرحه ومجمع البحرين ونصراه قال في
الترغيب: يتم وقيل: أو ينتظره قال في التلخيص:
يحتمل أن يفارقه ويحتمل
(2/195)
أن يتخير بين
انتظار الإمام والمفارقة قال ابن تميم: هل
ينتظره أو يسلم قبله فيه وجهان أحدهما يسلم
قبله والثاني إن شاء سلم وإن شاء انتظر قال في
الرعاية: وهل يتم هو لنفسه ويسلم أو يصبر
ليسلم معه فيه وجهان وفي تخييره بينهما احتمال
وقيل وجه.
قال في الفروع: وكذا يعني على الصحة في أصل
المسألة إن استخلف في الجمعة صبيا أو من أدركه
في التشهد خيروا بينهما أو قدموا من يسلم بهم
حتى يصلي أربعا ذكره أبو المعالي.
وقال القاضي في الخلاف: وغيره إن استخلف في
الجمعة من أدركه في التشهد إن دخل معهم بنية
الجمعة على قول أبي إسحاق صح وإن دخل بنية
الظهر لم يصح لأنه ليس من أهل فرضها ولا أصلا
فيها وخرجه المجد في شرحه ومجمع البحرين
وغيرهم على ظهر مع عصر وأولى لاتحاد وقتهما
انتهى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أيضا: عدم صحة صلاة
المأموم إذا كانت أكثر من صلاة الإمام كمن
يصلي الظهر أو المغرب خلف من يصلي الفجر أو من
يصلي العشاء خلف من يصلي التراويح وهو الصحيح
وهو المذهب جزم به في المستوعب والشرح قال في
الرعاية: لم يصح في الأقوى وقدمه في الفروع
وقيل: يصح فيهما ونص الإمام أحمد على الصحة في
التراويح.
قال في الفائق: وتشرع عشاء الآخرة خلف إمام
التراويح نص عليه ومنعه في المستوعب وهو ضعيف
انتهى.
وقال ابن تميم: وإن صلى الظهر أربعا خلف من
يصلي الفجر فطريقان قطع بعضهم بعدم الصحة
ومنهم من أجراه على الخلاف انتهى.
وأطلق في الكافي الخلاف بصحة الصلاة خلف من
يصلي التراويح.
فعلى القول بالصحة: يتم إذا سلم إمامه كمسبوق
ومقيم خلف قاصر اختاره المصنف واقتصر عليه في
الفروع.
وعلى القول بالصحة أيضا: لا يجوز الاستخلاف
إذا سلم الإمام قاله القاضي وغيره ونقله صالح
في مقيمين خلف قاصر لأن الأول لا يتم بالمسبوق
فكذا بناء بيوم لأن تحريمته اقتضت انفراده
فيما يقضيه وإذا ائتم بغيره بطلت كمنفرد صار
مأموما ولكمال الصلاة جماعة بخلافه في سبق
الحدث وأما صلاة الظهر خلف مصلي الجمعة مثل أن
يدركهم في التشهد فقال المجد في شرحه وصاحب
مجمع البحرين: قياس المذهب أنه ينبني على جواز
بناء الظهر على نية الجمعة فإن قلنا بجوازه صح
الاقتداء وجها واحدا وجزم به ابن تميم وإن
قلنا بعدم البناء خرج الاقتداء على الروايتين
فيمن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر وقال ابن
تميم: وقد
(2/196)
اختار الخرقي
جواز الاقتداء مع منعه من بناء الظهر على
الجمعة فهذا يدل على أن مذهبه جواز ائتمام
المفترض بالمتنفل ومصلى الظهر بمصلى العصر.
قال ابن تميم: واعتذر له بكونه لم يدرك ما
يعتد به فيخرج منه صحة الدخول إذا أدرك ما
يعتد به مع اختلاف الصلاة انتهى.
قوله : "السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام
فإن وقفوا قدامه لم تصح".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به كثير منهم وذكر الشيخ تقي الدين وجها قالوه
وتصح مطلقا قال في الفروع: والمراد وأمكن
الاقتداء وهو متجه انتهى.
وقيل: تصح في الجمعة والعيد والجنازة ونحوها
لعذر اختاره الشيخ تقي الدين وقال من تأخر بلا
عذر فلما أذن جاء فصلى قدامه عذر واختاره في
الفائق وقال قلت وهو مخرج من تأخر المرأة في
الإمامة انتهى.
قلت: وفيه نظر.
تنبيهان.
أحدهما: ظاهر قوله: "فإن وقفوا قدامه لم تصح"
أن عدم الصحة متعلق بالمأموم فقط فلا تبطل
صلاة الإمام وهو صحيح وهو المذهب قدمه في
الرعايتين وقيل تبطل أيضا وأطلقهما في
الحاويين وبن تميم والفروع.
وقال في النكت: الأولى أن يقال إن نوى الإمامة
من يصلي قدامه مع علمه لم تنعقد صلاته كما لو
نوت المرأة الإمامة بالرجال لأنه لا يشترط أن
ينوي الإمامة بمن يصح اقتداؤه به وإن نوى
الإمامة ظنا واعتقادا أنهم يصلون خلفه فصلوا
قدامه انعقدت صلاته عملا بظاهر الحال كما لو
نوى الإمامة من عادته حضور جماعة عنده على ما
تقدم.
الثانية : أطلق المصنف هنا: عدم صحة الصلاة
قدام الإمام ومراده غير حول الكعبة فإنه إذا
استداروا حول الكعبة والإمام منها على ذراعين
والمقابلون له على ذراع صحت صلاتهم نص عليه
قال المجد في شرحه لا أعلم فيه خلافا قال أبو
المعالي وبن منجا صحت إجماعا قال القاضي في
الخلاف: أومأ إليه في رواية أبي طالب انتهى
هذا إذا كان في جهات أما إن كان في جهة فلا
يجوز تقدم المأموم عليه على الصحيح من المذهب
وقيل يجوز وهو من المفردات.
وقال أبو المعالي: إن كان خارج المسجد بينه
وبين الكعبة مسافة فوق بقية جهات المأمومين
فهل يمنع الصحة كالجهة الواحدة أم لا على
وجهين.
ومراده أيضا: صلاة الخوف في شدة الخوف فإنها
تنعقد مع إمكان المتابعة ويعفى عن التقدم على
الإمام نص عليه الأصحاب منهم صاحب الفروع
والرعايتين والحاويين
(2/197)
والمصنف
والشارح وغيرهم.
وقال في الفصول: يحتمل أن يعفى ولو لم يذكره
غيره.
قال ابن حامد: لا تنعقد ورجحه المصنف وتقدم
أول الباب وقال في صلاة الخوف ومراده إذا لم
يكن داخل الكعبة فلو كان داخلها فجعل ظهره إلى
ظهر إمامه صحت إمامته به لأنه لم يعتقد خطأه
وإن جعل ظهره إلى وجه إمامه لم تصح لأنه مقدم
عليه وإن تقابلا منها صحت على الصحيح من
المذهب.
قال في الفروع: صحت في الأصح وجزم به أبو
المعالي وبن منجا وهو من المفردات وقيل لا تصح
وأطلقهما في الفائق والرعايتين والحاويين وبن
تميم ومجمع البحرين والتلخيص.
فائدة : قوله : "وإن كان واحدا وقف عن يمينه".
بلا نزاع لكن لو بان عدم صحة مصافته لم تصح
الصلاة قال في الفروع: والمراد والله أعلم ممن
لم يحضره أحد فيجيء الوجه تصح منفردا ونقل.
أبو طالب في رجل أم رجلا قام عن يساره يعيد
وإن صلى الإمام وحده وظاهره تصح منفردا دون
المأموم قال في الفروع: وإنما يستقيم على
الصلاة بنية الإمام ذكره صاحب المحرر.
قوله : "فإن وقف عن يساره لم تصح".
يعني إذا لم يكن عن يمينه أحد فإن كان عن
يمينه أحد صحت كما جزم به المصنف هنا فإن لم
يكن عن يمينه أحد فالصحيح من المذهب أن صلاته
لا تصح إذا صلى ركعة منفردا نص عليه وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
في الفروع وغيره وهو من المفردات وعنه تصح
اختاره أبو محمد التميمي قال في الفروع: وهو
أظهر قال في المبهج والفائق وقال الشريف: تصح
مع الكراهة قال الشارح: وهو القياس قال في
الفروع: اختاره الشيخ يعني به المصنف ولم أره
في كتبه.
قلت: وهذا القول هو الصواب.
وقيل: تصح إن كان خلفه صف وإلا فلا وهو احتمال
للمصنف وقدمه ابن رزين في شرحه.
فائدة : قال ابن تميم: لو انقطع الصف عن يمينه
أو خلفه فلا بأس وإن كان الانقطاع عن يساره
فقال ابن حامد إن كان بعده مقام ثلاث رجال
بطلت صلاته وجزم به في الرعاية الكبرى وقال في
الفروع ولا بأس بقطع الصف عن يمينه أو خلفه
وكذا إن بعد الصف منه نص عليه انتهى.
تنبيه : ظاهر قوله : "وإن أم امرأة وقفت خلفه"
أنه ليس لها موقف إلا خلف الإمام وهو
(2/198)
صحيح وقال في
الفروع وإن وقفت عن يساره فظاهر كلامهم إن لم
تبطل صلاتها ولا صلاة من يليها أنها كالرجل
وكذا ظاهر كلامهم يصح إن وقفت عن يمينه.
قال في الفروع: ويتوجه الوجه في تقديمها أمام
النساء انتهى.
قال في المستوعب: وإذا كان المأموم رجلا واحدا
فموقفه عن يمين الإمام فإن كان امرأة وحدها
فموقفها خلف الإمام فظاهر كلامه أن صلاتها لا
تصح إذا وقفت عن يمين الإمام لأنه جعل لها
موقفا كما جعل للرجل موقفا.
فوائد .
الأولى: قال القاضي في التعليق: لو كان الإمام
رجلا عريانا والمأموم امرأة فإنها تقف إلى
خلفه.
قلت: فيعايى بها.
الثانية : لو أم رجل خنثى صح على الصحيح من
المذهب وعليه الجمهور قال في مجمع البحرين:
وغيره هذا ظاهر المذهب وقيل لا يصح اختاره أبو
بكر وأبو حفص.
فعلى المذهب قيل يقف عن يمينه قال المجد في
شرحه: والصحيح عندي على أصلنا أنه يقف عن
يمينه لأن وقوف المرأة جنب الرجل غير مبطل
ووقوفه خلفه فيه احتمال كونه رجلا فذا ولا
يختلف المذهب في البطلان به قال: ومن تدبر هذا
منهم علم أن قول القاضي وبن عقيل سهو على
المذهب انتهى.
قال الشارح: فالصحيح أنه يقف عن يمينه وقيل
يقف خلفه اختاره القاضي وبن عقيل وقدمه ابن
تميم والرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع.
قوله : "فإن اجتمع أنواع يقدم الرجال ثم
الصبيان ثم الخناثى ثم النساء".
أي على سبيل الاستحباب وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به
في الشرح والوجيز والرعايتين والحاويين وبن
تميم والمنتخب والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع
والنظم.
وعنه تقدم المرأة على الصبي فالخنثى بطريق
أولى ذكرها ابن الجوزي وجزم به في الإفادات.
فائدة : قال المجد في شرحه وتابعه في مجمع
البحرين: اختيار أكثر الأصحاب في الخناثى جواز
صلاتهم صفا.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قالا فإن بنيناه على أن وقوف الرجل مع المرأة
لا يبطل ولا يكون فذا كما يجيء عن
(2/199)
القاضي فلا
إشكال في صحته وأما إذا أبطلنا صلاة من يليها
كقول أبي بكر أو جعلناه معها فذا كقول ابن
حامد وأبي الخطاب وأكثر الأصحاب بعد القول جدا
بجعل الخناثى صفا لتطرق الفساد إلى بعضهم
بالأمرين أو أحدهما.
والذي يمكن أن يوجه به قولهم كون الفساد هنا
أنها تقع في حق مكلف غير معين وذلك لا يلتفت
إليه كالمني والريح من واحد غير معين فإنا لا
نوجب غسلا ولا وضوءا كذا هنا.
قال المجد في شرحه: والصحيح عندي فساد صلاتهم
صفا لشككنا في انعقاد صلاة كل منهم منفردا
والأصل عدمه وإن نظرنا إليهم مجتمعين فقد
شككنا في الانعقاد في البعض فيلزمهم الإعادة
ولا يمكن إلا بإعادة الجميع فيلزمهم ذلك
ليخرجوا من العهدة بتعين كقوله في الجمعة لغير
حاجة إذا جهلت السابقة انتهيا وتابعهما في
الفروع.
قال في التلخيص: والخناثى يقفون خلف الرجال.
وعندي أن صلاة الخناثى جماعة إنما تصح إذا
قلنا بصحة صلاة من يلي المرأة إذا صلت في صف
الرجال فأما على قول من يبطلها من أصحابنا فلا
تصح للخناثى جماعة لأن كل واحد منهم يحتمل أن
يكون رجلا إلى جنب امرأة.
وإن لم يقفوا صفا باحتمال الذكورية فيكون فذا
فإذا حكمنا بالصحة وقفوا كما قلنا انتهى.
قوله : "وكذلك يفعل في تقديمهم إلى الإمام إذا
اجتمعت جنائزهم".
وهذا المذهب أيضا نقله الجماعة وجزم به في
الوجيز والمنتخب والفائق وغيرهم وقدمه في
الفروع وغيره ولكن يقدم الصبي على العبد
اختارها الخلال وعنه تقدم المرأة على الصبي
اختارها الخرقي وبن عقيل ونصره القاضي وغيره
وهو من مفردات المذهب.
وقيل: تقدم المرأة على الصبي والعبد وهو خلاف
ما ذكره غير واحد إجماعا ويأتي ذلك أيضا في
كتاب الجنائز بأتم من هذا عند قوله: "ويقدم
إلى الإمام أفضلهم".
فائدتان.
إحداهما: السنة أن يتقدم في الصف الأول أولو
الفضل والسن وأن يلي الإمام أكملهم وأفضلهم
قال الإمام أحمد: يلي الإمام الشيوخ وأهل
القرآن ويؤخر الصبيان.
لكن لو سبق مفضول هل يؤخر الفاضل جزم المجد
أنه لا يؤخر وقال في مجمع البحرين قد تقدم في
صفة الصلاة أن أبي بن كعب أخر قيس بن عبادة من
الصف الأول ووقف مكانه وقال في النكت بعد أن
ذكر النقل في المسألة في صلاة الجنازة فظهر من
ذلك أنه هل يؤخر المفضول بحضور الفاضل أو لا
يؤخر أو يفرق بين الجنس والأجناس أو يفرق بين
مسألة الجنائز ومسألة الصلاة فيه أقوال انتهى.
قلت: الذي قطع به العلامة ابن رجب في القاعدة
الخامسة والثمانين: جواز تأخير الصبي
(2/200)
عن الصف الفاضل
وإذا كان في وسط الصف وقال صرح به القاضي وهو
ظاهر كلام الإمام أحمد وعليه حمل فعل أبي بن
كعب بقيس بن عبادة انتهى.
وتقدم التنبيه على ذلك في أول صفة الصلاة
ويأتي بعضه في آخر باب صلاة الجمعة.
الثانية : لو اجتمع رجال أحرار وعبيد قدم
الأحرار على الصحيح من المذهب وعنه يقدم العبد
على الحر إذا كان دونه.
قوله : "ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة أو
محدث يعلم حدثه فهو فذ".
أما إذا لم يقف معه إلا كافر فإنه يكون فذا
بلا خلاف أعلمه وكذا لو وقف معه مجنون.
وأما إذا لم يقف معه إلا امرأة فالصحيح من
المذهب أنه يكون فذا وذكره المجد وصاحب مجمع
البحرين عن أكثر الأصحاب منهم ابن حامد وأبو
الخطاب وبن البنا والمصنف وأبو المعالي وقدمه
في الرعايتين والنظم وهو من المفردات.
وعنه لا يكون فذا اختاره القاضي وبن عقيل
وأطلقهما في المحرر والشرح وبن تميم والفائق
والحاويين قال في الفروع: وإن وقفت مع رجل
فقال جماعة فذ وعنه لا.
فائدتان.
إحداهما: حكم وقوف الخنثى المشكل حكم وقوف
المرأة على ما تقدم.
الثانية : لو وقفت امرأة مع رجل فإنها تبطل
صلاة من يليها ولا تبطل صلاة من خلفها ولا
أمامها على الصحيح من المذهب قدمه في الهداية
والخلاصة والفروع والرعايتين والحاويين والشرح
والفائق والكافي وغيرهم قال في الفروع: ذكره
ابن حامد واختاره وذكر ابن عقيل رواية.
تبطل صلاة من يليها قال في الفصول: هو الأشبه
وأن أحمد توقف وذكره الشيخ تقي الدين في
المنصوص عن أحمد واختاره أبو بكر ذكره في
المحرر والفروع والرعاية وغيرهم.
وقيل: تبطل أيضا صلاة من خلفها واختاره ابن
عقيل في الفصول أيضا قال الشارح وقال أبو بكر:
تبطل صلاة من يليها ومن خلفها قال في الرعاية:
وفيه بعد وأطلق الأول والثالث ابن تميم.
وقيل: تبطل أيضا صلاة من أمامها واختاره ابن
عقيل أيضا في الفصول.
تنبيه : هذا الحكم في صلاتهم فأما صلاتها
فالصحيح من المذهب أنها لا تبطل وعليه أكثر
الأصحاب قال ابن تميم: صحيحة عند أصحابنا
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين
والفروع والفائق وقال ابن الشريف وبن عقيل:
تبطل هذا الأشبه بالمذهب
(2/201)
عندي وهو من
المفردات.
وأما إذا لم يقف معه إلا محدث يعلم حدثه
فالصحيح من المذهب أنه يكون فذا وعليه الأصحاب
وكذا لو وقف معه نجس.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف: أنه إذا لم يعلم
حدثه بل جهله وجهل مصافته أيضا أنه لا يكون
فذا وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وجزم به في
الفائق وبن تميم والشرح وقدمه في الفروع وقال
القاضي وغيره حكمه حكم جهل المأموم حدث الإمام
على ما سبق.
قوله : "وكذلك الصبي إلا في النافلة".
يعني لو وقف مع رجل خلف الإمام كان الرجل فذا
إلا في النافلة فإنه لا يكون فذا وتصح مصافته
وهذا الصحيح من المذهب فيهما وهو من المفردات.
واعلم أن حكم مصافة الصبي حكم إمامته على
الصحيح من المذهب وعليه.
جماهير الأصحاب وقيل تصح مصافته وإن لم تصح
إمامته اختاره ابن عقيل قال في القواعد
الأصولية: وما قاله أصوب.
فعلى هذا القول يقف الرجل والصبي خلفه قال في
الفروع: وهو أظهر.
وعلى المذهب يقفان عن يمينه او من جانبيه نص
عليه.
وقيل: تصح إمامته دون مصافته ذكره في الرعاية.
قوله : "ومن جاء فوجد فرجة وقف فيها".
يعني إذا كانت مقابلته فإن كانت غير مقابلة له
يمشي إليها عرضا كره على الصحيح وعنه لا يكره.
فائدة : لو كان الصف غير مرصوص دخل فيه نص
عليه كما لو كانت فرجة.
قوله : "فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام فإن لم
يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه".
الصحيح من المذهب إذا لم يجد فرجة وكان الصف
مرصوصا أن له أن يخرق الصف ويقف عن يمين
الإمام إذا قدر جزم به ابن تميم وقيل بل يؤخر
واحدا من الصف إليه وقيل: يقف فذا اختاره
الشيخ تقي الدين.
قال في النكت: وهو قوي بناء على أن الأمر
بالمصافة إنما هو مع الإمكان وإذا لم يقدر أن
يقف عن يمين الإمام فله أن ينبه من يقوم معه
بكلام أو نحنحة أو إشارة بلا خلاف أعلمه
ويتبعه ويكره جذبه على الصحيح من المذهب نص
عليه قال في الفروع: ويكره جذبه في المنصوص
قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: اختاره
ابن عقيل وصححه المجد
(2/202)
وغيره ونصره
أبو المعالي وغيره.
وقيل: لا يكره واختاره المصنف ويحتمله كلامه
هنا قال في مجمع.
البحرين: اختاره الشيخ وبعض أصحابنا وجزم به
في الإفادات قال ابن عقيل: جوز أصحابنا جذب
رجل يقوم معه وقيل يحرم وهو من المفردات قال
في الفروع والشرح: اختاره ابن عقيل.
قال: ولو كان عبده أو ابنه لم يجز لأنه لا
يملك التصرف فيه حال العبادة كالأجنبي قال في
الرعاية: وفي جواز جذبه وجهان وقال في الفائق
وإذا لم يجد من يقف معه فهل يخرق الصف ليصلي
عن يمين الإمام أو يؤخر واحدا من الصف أو يقف
فذا على أوجه اختار شيخنا الثالث انتهى ومراده
بشيخنا الشيخ تقي الدين.
وقال الشيخ تقي الدين: لو حضر اثنان وفي الصف
فرجة فأنا أفضل وقوفهما جميعا أو يسد أحدهما
الفرجة وينفرد الآخر رجح أبو العباس الاصطفاف
مع بقاء الفرجة لأن سد الفرجة مستحب والاصطفاف
واجب.
قوله : "وإن صلى ركعة فذا لم تصح".
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير
الأصحاب قال الزركشي: هو المشهور وجزم به في
الشرح والوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع
والمحرر وغيرهما وهو من المفردات وعنه تصح
مطلقا وعنه تصح في النفل فقط وهو احتمال في
تعليق القاضي وبناه في الفصول على من صلى بعض
الصلاة منفردا ثم نوى الائتمام وعنه تبطل إن
علم النهي وإلا فلا ويكون وأنه يصح صلاتهم
تلفيقا قال في الفروع: وذكره بعضهم قولا وهو
معنى قول بعضهم لعذر.
قلت: قال في الرعاية: وقيل: يقف فذا مع ضيق
الموضع أو ارتصاص الصف وكراهة أهله دخوله
انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: وتصح صلاة الفذ لعذر
انتهى.
وقيل: لا تصح إن كان لغير غرض وإلا صحت وقيل
يقف فذا في الجنازة اختاره القاضي في التعليق
وبن عقيل وأبو المعالي وبن منجا قال فإنه أفضل
أن يقف صفا ثالثا وجزم به في الإفادات قال في
الفصول فتكون مسألة معاياة ويأتي قريبا إذا
صلت امرأة واحدة خلف امرأة.
تنبيهان.
أحدهما: حيث قلنا يصح في غير الجنازة فالمراد
مع الكراهة قال في الفروع وقال:
(2/203)
ويتوجه يكره
إلا لعذر وهو ظاهر كلام شيخنا يعني به الشيخ
تقي الدين.
قلت: وهو الصواب.
مفهوم كلام المصنف في قوله: "وإن صلى ركعة فذا
لم تصح" أنه إذا لم تفرغ الركعة حتى دخل معه
آخر أو دخل هو في الصف أنه لا يكون فذا وأن
صلاته صحيحة وهو كذلك وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وقيل تبطل بمجرد إحرامه فذا اختاره في
الروضة وذكره رواية.
فائدة : قال ابن تميم: إذا صلى ركعة من الفرض
فذا بطل اقتداؤه ولم تصح صلاته فرضا وفي
بقائها نفلا وجهان وقال في الفائق: وهل تبطل
الصلاة أو الركعة وحدها على روايتين اختار أبو
حفص البرمكي الثانية.
قوله : "وإن ركع فذا ثم دخل في الصف أو وقف
معه آخر قبل رفع الإمام صحت صلاته.
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قال
الزركشي: هذا المنصوص المشهور المجزوم به وعنه
لا تصح قال في المستوعب: كان القياس أنها
تنعقد الركعة لحديث أبي بكرة وعنه لا تصح إن
علم النهي وإلا صحت وهو.
ظاهر كلام الخرقي قال في مجمع: البحرين وغيره
وقال القاضي في شرحه الصغير: إذا كبر للإحرام
دون الصف طمعا في إدراك الركعة جاز وإلا
فوجهان أصحهما لا يجوز.
قوله : "وإن رفع ولم يسجد صحت".
يعني إذا ركع المأموم فذا ثم دخل في الصف
راكعا والإمام قد رفع رأسه من الركوع ولم يسجد
فالصحة مطلقا إحدى الروايات وهي المذهب جزم به
في الوجيز وشرح ابن رزين قال ابن منجا في
شرحه: هذا المذهب وقدمه في الهداية والمستوعب
والخلاصة والمحرر والنظم والحواشي واختاره
الشيخ تقي الدين.
وقيل: إن علم النهي لم تصح وإلا صحت وهو رواية
عن أحمد نص عليها وجزم به في الإفادات والطوفي
في شرحه وقدمه في المغني ونصره وحمل هو
والشارح كلام الخرقي عليه.
(2/204)
قال الزركشي:
صرف أبو محمد كلام الخرقي عن ظاهره وحمله على
ما بعد الركوع ليوافق المنصوص وجمهور الأصحاب
وأطلقهما في التلخيص والبلغة ومجمع البحرين
والفائق.
وعنه رواية ثالثة لا تصح مطلقا اختارها المجد
في شرحه وقدمها في الرعايتين والحاويين وبن
تميم وإدراك الغاية قال في المذهب: بطلت في
أصح الروايتين والحاويين وأطلقهن في الفروع
والشرح والكافي والزركشي.
تنبيه : مفهوم قوله: "وإن رفع ولم يسجد صحت"
أنه لو رفع وسجد إمامه قبل دخوله في الصف أو
قبل وقوف آخر معه أن صلاته لا تصح وهو صحيح
وهو المذهب وعليه الجمهور.
قال الزركشي: لم تصح تلك الركعة بلا نزاع وهل
يختص البطلان بها حتى لو دخل الصف بعدها أو
انضاف إليه آخر ويصح ما بقي ويقضي تلك الركعة
أم لا تصح الصلاة رأسا وهو المشهور فيه
روايتان منصوصتان حكاهما أبو حفص واختار هو
أنه يعيد ما صلى خلف الصف انتهى.
وقال في المنتخب والموجز: حكمه حكم ما لو رفع
الإمام ولم يسجد قال في الفائق وقال الحلواني:
تصح ولو سجد.
قوله : "وإن فعله لغير عذر لم تصح".
وهو المذهب قال في مجمع البحرين: هذا ظاهر
المذهب قال في الفروع: وإن فعله لغير عذر لم
تصح في الأصح قال في الفائق: ولو فعله لغير
غرض فهو باطل في أصح الوجهين وجزم به في
الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم قال الزركشي:
لا تنعقد الصلاة على المختار من الوجهين لأبي
الخطاب والشيخين.
وقيل: حكمه حكم فعله لعذر قدمه في الكافي
وأطلقهما في التلخيص والشرح وبن تميم
والرعايتين والحاويين والمغني وقال الزركشي
وقيل تنعقد صلاته وتصح إن زالت فذوذيته قبل
الركوع وإلا فلا وأطلق في الفصول فيما إذا كان
لغرض في إدراك الركعة وجهين لخبر أبي بكرة قال
في الفروع: ولعل المراد قبل رفع الإمام.
فائدة : مثال فعل ذلك لغير غرض أن لا يخاف فوت
الركعة قاله في المستوعب وغيره.
فائدة : لو زحم في الركعة الثانية من الجمعة
فأخرج من الصف وبقي فذا فإنه ينوي مفارقة
الإمام لأنها مفارقة لعذر ويتمها جمعة لإدراكه
معه ركعة كالمسبوق فإن أقام على متابعة إمامه
وتابعه فذا صحت معه قدمه في الرعاية وعنه
يلزمه إعادتها ظهرا قدمه ابن تميم وأطلقهما في
الفروع ومجمع البحرين وقيل: بل يكملها بعد
صلاة الإمام جمعة وإن كان قد صلاها معه.
(2/205)
قوله : "وإذا
كان المأموم يرى من وراء الإمام صحت صلاتهم به
إذا اتصلت الصفوف".
عمومه يشمل إذا كانا في المسجد أو كانا خارجين
عنه أو كان المأموم وحده خارجا عن المسجد فإن
كان في المسجد فلا يشترط اتصال الصفوف بلا
خلاف قاله الآمدي وحكاه المجد إجماعا قال في
النكت وغيره وقطع به الأصحاب وإن كان خارجا
عنه أو المأموم وحده فاشترط المصنف هنا اتصال
الصفوف مع رؤية من وراء الإمام وجزم به الخرقي
والكافي والمغني ونهاية أبي المعالي والمذهب
الأحمد والشرح والوجيز والرعاية الصغرى
والحاويين والمنور وغيرهم.
والصحيح من المذهب: أنه لا يشترط اتصال الصفوف
إذا كان يرى الإمام أو من وراءه في بعضها
وأمكن الاقتداء ولو جاوز ثلاثمائة ذراع وجزم
به أبو الحسين وغيره وذكره المجد في شرحه
الصحيح من المذهب.
قال الزركشي: وهو ظاهر كلام غير الخرقي من
الأصحاب.
قال في النكت: قطع به غير واحد وهو ظاهر ما
جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع
والرعاية وبن تميم.
فائدتان.
إحداهما: يرجع في اتصال الصفوف إلى العرف على
الصحيح من المذهب: حيث قلنا باشتراطه جزم به
في الكافي ونهاية أبي المعالي وبن منجا في
شرحه وصاحب الفائق وقدمه في الفروع ومختصر ابن
تميم وقال في التلخيص والبلغة: اتصال الصفوف
أن يكون بينهما ثلاثة أذرع وقيل: متى كان بين
الصفين ما يقوم فيه صف آخر فلا اتصال اختاره
المجد وهو معنى كلام القاضي وغيره للحاجة
للركوع والسجود حيث اعتبر اتصال الصفوف.
وفسر المصنف في المغني اتصال الصفوف ببعد غير
معتاد لا يمنع الاقتداء وفسره الشارح ببعد غير
معتاد بحيث يمنع إمكان الاقتداء لأنه لا نص
فيه ولا إجماع فرجع إلى العرف.
قال في النكت: عن تفسير المصنف والشارح تفسير
اتصال الصفوف بهذا التفسير غريب وإمكان
الاقتداء لا خلاف فيه انتهى وقيل يمنع شباك
ونحوه وحكى رواية في التلخيص وغيره.
وقد يكون الاتصال حسا مع اختلاف البنيان كما
إذا وقف في بيت آخر عن يمين الإمام فلا بد من
اتصال الصف بتواصل المناكب أو وقف على علو عن
يمينه والإمام في سفل فالاتصال بموازاة رأس
أحدهما ركبة الآخر.
تنبيه : قال الزركشي: هذا فيما إذا تواصلت
الصفوف للحاجة كالجمعة ونحوها أما لغير حاجة
بأن وقف قوم في طريق وراء المسجد وبين أيديهم
من المسجد أو غيره ما يمكنهم فيه
(2/206)
الاقتداء لم
تصح صلاتهم على المشهور انتهى.
الثانية : لو كان بين الإمام والمأموم نهر قال
جماعة من الأصحاب: مع القرب الصحيح وكان النهر
تجري فيه السفن أو طريق ولم تتصل فيه الصفوف
إن صحت الصلاة فيه لم تصح الصلاة على الصحيح
من المذهب وعند أكثر الأصحاب قال في الفروع:
اختاره الأكثر.
قال المصنف والشارح: اختار الأصحاب عدم الصحة
وكذا قال في النكت والحواشي: وقطع به أبو
المعالي في النهاية وغيره وقدمه في الفروع
وغيره.
قال الزركشي: أما إن كان بينهما طريق فيشترط
لصحة الاقتداء اتصال الصفوف على المذهب وعنه
يصح الاقتداء به اختاره المصنف وغيره وإليه
ميل الشارح.
قال المجد: هو القياس لكنه ترك للآثار وصححه
الناظم وقدمه ابن تميم.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين وعنه
يصح مع الضرورة اختارها أبو حفص وعنه يصح في
النفل.
ومثال ذلك: إذا كان في سفينة وإمامه في أخرى
مقرونة بها لأن الماء طريق وليست الصفوف متصلة
قاله الأصحاب قال في الفروع: والمراد في غير
صلاة الخوف كما ذكره القاضي وغيره وإن كانت
السفينة غير مقرونة لم تصح نص عليه في رواية
أبي جعفر محمد بن يحيى الطيب وعليه الأصحاب
وخرج الصحة من الطريق وألحق الآمدي النار
والبئر بالنهر قاله أبو المعالي في الشوك
والنار وألحق في المبهج النار والسبع بالنهر.
قال الشارح: وغيره وإن كانت صلاة جمعة أو عيد
أو جنازة لم يؤثر ذلك فيها وتقدم في اجتناب
النجاسة جواز صلاة الجمعة والعيد وغيرهما في
الطريق وغيره للضرورة.
قوله : "وإن لم ير من وراءه لم تصح".
شمل ما إذا كانا في المسجد أو كانا خارجين عنه
أو كان المأموم وحده خارجا عنه فإن كان فيه
لكنه لم يره ولم ير من وراءه ويسمع التكبير
فعموم كلام المصنف هنا يقتضي عدم الصحة وهو
إحدى الروايات.
قال ابن منجا في شرحه: هو ظاهر المغني وصححه
في النهاية والخلاصة وقدمه في الحاويين في غير
الجمعة وقال: نص عليه وقدمه في الهداية وبن
تميم والفائق وعنه تصح إذا سمع التكبير وهي
المذهب اختاره القاضي قال ابن عقيل: الصحيح
الصحة وصححه في الكافي وقدمه في الفروع
والمحرر والنظم والرعايتين وجزم به في
الإفادات وأطلقهما في المذهب ومجمع البحرين
والمذهب الأحمد.
(2/207)
وعنه يصح في
النفل دون الفرض وعنه لا يضر المنبر مطلقا
وعنه لا يضر للجمعة ونحوها نص عليه فمن
الأصحاب من قال: هذا قاله على رواية عدم
اعتبار المشاهدة ومنهم من خص الجمعة ونحوها
فقال: يجوز فيها ذلك على كلا الروايتين نظرا
للحاجة ومنهم من ألحق بذلك البناء إذا كان
لمصلحة المسجد قال في النكت والرعاية وقيل: إن
كان المانع لمصلحة المسجد صح وإلا لم تصح.
قلت: قطع في الرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم
بصحة صلاة الجمعة إذا سمع التكبير مع عدم رؤية
الإمام ومن خلفه وقدمه في الرعاية الكبرى.
قلت: وهو كالإجماع وفعل الناس ذلك مع عدم
الرؤية بالمنبر ونحوه من غير نكير وأما إذا لم
يره ولا من وراءه ولم يسمع التكبير فإنه لا
يصح اقتداؤه قولا واحدا وإن كان ظاهر كلام
المصنف لكن يحمل على سماع التكبير لعدم
الموافق على ذلك.
وإن كانا خارجين عن المسجد أو كان المأموم
خارج المسجد والإمام في المسجد ولم يره ولا من
وراءه ولكن سمع التكبير فالصحيح من المذهب لا
يصح قدمه في الفروع والرعاية الكبرى والمحرر
والفائق وبن تميم وهو ظاهر كلام كثير من
الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وعنه يصح
قال أحمد: في رجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة
وأبواب المسجد مغلقة أرجو أن لا يكون به بأس.
قلت: وهو عين الصواب في الجمعة ونحوها
للضرورة.
وعنه يصح في النفل وعنه يصح في الجمعة خاصة
وعنه وإن كان الحائل حائط المسجد لم يمنع وإلا
منع وأما إن كان يراه من وراءه فقد تقدم في
أول المسألة.
فائدتان.
إحداهما: لو منع الحائل الاستطراق دون الرؤية
كالشباك لم يؤثر على الصحيح من المذهب كما
تقدم وحكى في التبصرة رواية بتأثيره وذكره
الآمدي وجها.
الثانية : تكفي الرؤية في بعض الصلاة صرح به
الأصحاب.
قوله : "ولا يكون الإمام أعلى من المأمومين".
يعني يكره وهذا الصحيح من المذهب مطلقا وعليه
الأكثر منهم القاضي والشريف أبو جعفر والمجد
وصاحب المستوعب وعنه يكره اختاره أبو الخطاب
وعنه لا يكره إن أراد التعليم وإلا كره اختاره
ابن الزاغوني.
قوله : "فإن فعل وكان كثيرا فهل تصح صلاته على
وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وبن
تميم.
(2/208)
إحداهما : تصح
وهو المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس
والإفادات والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع
والمحرر والخلاصة والرعايتين والحاويين
والفائق واختاره القاضي والشريف أبو جعفر وأبو
الخطاب والمجد في شرحه والناظم قال في مجمع
البحرين: لم تبطل في أصح الوجهين.
والوجه الثاني : لا تصح اختاره ابن حامد وقدمه
في التلخيص قال الناظم: وهو بعيد فوائد.
إحداها : لا بأس بالعلو اليسير كدرجة المنبر
ونحوها قاله المصنف والمجد وبن تميم وغيرهم
وأطلق في المذهب والمستوعب وغيرهما الكراهة.
الثانية : مقدار الكثير ذراع على الصحيح قاله
القاضي واقتصر عليه ابن تميم وقدمه في الفروع
والرعاية وقطع المصنف والمجد أن اليسير كدرجة
المنبر ونحوها كما تقدم وقال أبو المعالي في
شرح الهداية: مقداره قدر قامة المأموم وقيل:
ما زاد على علو درجة وهو كقول المصنف والمجد.
الثالثة : لو ساوى الإمام بعض المأمومين صحت
صلاته وصلاتهم على الصحيح.
من المذهب: وفي صحة صلاة النازلين عنهم الخلاف
المتقدم وللمصنف احتمال ببطلان صلاة الجميع.
الرابعة : لا بأس بعلو المأمومين على الإمام
مطلقا على الصحيح من المذهب نص عليه كسطح مسجد
ونحوه وعنه اختصاص الجواز بالضرورة وقيل يباح
مع اتصال الصفوف نص عليه قاله في الرعاية.
قوله : "ويكره للإمام أن يصلي في طاق القبلة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يكره كسجوده
فيه وعنه تستحب الصلاة فيه.
تنبيه : محل الخلاف في الكراهة إذا لم تكن
حاجة فإن كان ثم حاجة كضيق المسجد لم يكره
رواية واحدة كما صرح به المصنف هنا.
ومحل الخلاف أيضا إذا كان المحراب يمنع مشاهدة
الإمام فإن كان لا يمنعه كالخشب ونحوه لم يكره
الوقوف فيه قاله ابن تميم وبن حمدان.
فائدتان.
إحداهما: يباح اتخاذ المحراب على الصحيح من
المذهب ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب وعنه ما
يدل على الكراهة واقتصر عليه ابن البنا وعنه
يستحب اختاره الآجري وبن عقيل وقطع به ابن
الجوزي في المذهب وبن تميم في موضع وقدمه في
الآداب الكبرى.
(2/209)
الثانية : يقف
الإمام عن يمين المحراب إذا كان المسجد واسعا
نص عليه قاله ابن تميم وبن حمدان.
قوله : "وأن يتطوع في موضع المكتوبة إلا من
حاجة".
يعني يكره وهذا المذهب نص عليه وعليه أكثر
الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل تركه
أولى كالمأموم.
قوله: "ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري
إذا قطعت صفوفهم".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات
وعنه لا يكره لهم ذلك كالإمام وكالمنبر.
تنبيه : محل الخلاف إذا لم تكن حاجة فإن كان
ثم حاجة لم يكره الوقوف بينهما.
فائدة : قوله: "إذا قطعت صفوفهم" أطلق ذلك
كغيره وكأنه يرجع إلى العرف قال ابن منجا في
شرحه: شرط بعض أصحابنا أن يكون عرض السارية
ثلاثة أذرع لأن ذلك هو الذي يقطع الصف ونقله
أبو المعالي أيضا وقال في الفروع ويتوجه أكثر
من ثلاثة أو العرف ومثل نظائره.
تنبيه : مفهوم قوله: "ويكره للإمام إطالة
القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة" أن القعود
اليسير لا يكره وهو صحيح وهو المذهب وعنه
يكره.
قوله : "وإذا صلت امرأة بنساء قامت وسطهن".
هذا مما لا نزاع فيه لكن لو صلت أمامهن وهن
خلفها فالصحيح من المذهب أن الصلاة تصح قال في
الفروع: والأشهر يصح تقديمها قال الزركشي: هذا
أشهر الروايتين وقيل يتعين كونها وسطا فإن
خالفت بطلت الصلاة وأطلقهما ابن تميم.
وتقدم موجبه لصاحب الفروع عند قوله: "وإن أم
امرأة".
فائدة : لو أمت امرأة واحدة أو أكثر لم يصح
وقوف واحدة منهن خلفها منفرده على الصحيح من
المذهب: قطع به القاضي في التعليق واقتصر عليه
في مجمع البحرين وقدمه في الفروع وصحح المصنف
في الكافي الصحة.
قلت: فيعايى بها وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "ويعذر في ترك الجمعة والجماعة
المريض".
بلا نزاع ويعذر أيضا في تركهما لخوف حدوث
المرض.
(2/210)
فائدتان.
إحداهما: إذا لم يتضرر بإتيانها راكبا أو
محمولا أو تبرع أحد به أو بأن يقود أعمى لزمته
الجمعة على الصحيح من المذهب: وقيل: لا تلزمه
كالجماعة وأطلقهما ابن تميم ونقل المروذي في
الجمعة يكتري ويركب وحمله القاضي على ضعف عقب
المرض فأما مع المرض فلا يلزمه لبقاء العذر
ونقل أبو داود فيمن يحضر الجمعة فيعجز عن
الجماعة يومين من التعب قال: لا أدري.
الثانية : تجب الجماعة على من هو في المسجد مع
المرض والمطر قاله ابن تميم.
قوله : "أو بحضرة طعام هو محتاج إليه".
بلا نزاع والصحيح من المذهب أن له أن يأكل حتى
يشبع نص عليه وقدمه في الفروع والحواشي
والرعاية الكبرى وعنه يأكل ما يسكن نفسه فقط
وأطلقهما ابن تميم وجزم به جماعة في الجمعة
منهم ابن تميم قال في مجمع البحرين: ويأكل
تبعه في إحدى الروايتين في الجماعة لا الجمعة.
والرواية الثانية: بقدر ما يسكن نفسه ويسد
رمقه كأكل خائف فوات الجمعة.
قلت: هذا إذا رجى إدراكها انتهى.
والذي يظهر أن هذا مراد الأصحاب والإمام أحمد
وإلا فما كان في الخلاف فائدة.
قال ابن حامد: إن بدأ بالطعام ثم أقيمت الصلاة
ابتدر إلى الصلاة قال في الفروع: ولعل مراده
مع عدم الحاجة.
قوله : "والخائف من ضياع ماله".
كشرود دابته وإباق عبده ونحوه أو يخاف عليه من
لص أو سلطان أو نحوه.
قوله : "أو فواته".
كالضائع فدل عليه في مكان أو قدم به من سفر
لكن قال المجد: الأفضل ترك ما يرجو وجوده
ويصلي الجمعة مع الجماعة.
قوله : "أو ضرر فيه".
كاحتراق خبزه أو طبيخه أو أطلق الماء على زرعه
ويخاف إن تركه فسد ونحوه قال المجد: والأفضل
فعل ذلك وترك الجمعة والجماعة وهذا المذهب في
ذلك كله ولو تعمد سبب ضرر المال.
(2/211)
وقال ابن عقيل:
يعذر في ترك الجمعة إذا تعمد السبب قال: كسائر
الحيل لإسقاط العبادات قال في الفروع: كذا
أطلق واستدل وعنه إن خاف ظلما في ماله فليجعله
وقاية لدينه ذكره الخلال.
فائدة: ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة
خوف الضرر في معيشة يحتاجها أو مال استؤجر على
حفظه وكنطارة بستان ونحوه أو تطويل الإمام.
قوله : "أو موت قريبه".
بلا نزاع ونص عليه قال في مجمع البحرين: إذا
لم يكن عنده من يسد مسده في أموره.
فائدة: ويعذر أيضا في تركها لتمريض قريبه ونقل
ابن منصور فيه وليس له من يخدمه وأنه لا يترك
الجمعة وقال في النصيحة: وليس له من يخدمه إلا
أن يتضرر ولم يجد بدا من حضوره ومثله موت
رقيقه أو تمريضه.
تنبيه : قوله : "أو من فوات رفقته".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقيده بعضهم بأن يكون
في سفر مباح إنشاءا واستدامة منهم ابن تميم
وبن حمدان.
قوله: "أو غلبة النعاس".
هذا المذهب فيهما وعليه أكثر الأصحاب وقطع به
كثير منهم وعد في الكافي الأعذار ثمانية ولم
يذكر فيها غلبة النعاس.
تنبيه : يشترط في غلبة النعاس أن يخاف فوت
الصلاة في الوقت وكذا مع الإمام مطلقا على
الصحيح من المذهب: جزم به في الرعاية الصغرى
والحاويين وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى
وقيل ذلك عذر في ترك الجماعة والجمعة قدمه ابن
تميم وجزم به في مجمع البحرين.
وقيل: ليس ذلك عذر فيهما ذكره في الفروع.
وقطع ابن الجوزي في المذهب وصاحب الوجيز أنه
يعذر فيهما بخوفه بطلان وضوئه بانتظارهما.
فائدة : قال المجد وصاحب مجمع البحرين
وغيرهما: الصبر والتجلد على دفع النعاس ويصلي
معهم أفضل.
قوله : "والأذى بالمطر والوحل".
وكذا الثلج والجليد هذا المذهب وعليه الأصحاب
وعنه ذلك عذر في السفر فقط.
(2/212)
قوله : "والريح
الشديدة في الليلة المظلمة الباردة".
اشترط المصنف في الريح أن تكون شديدة باردة
وهو أحد الوجهين وجزم به ابن تميم وبن حمدان
في رعايتيه والحاويين والمذهب.
الوجه الثاني: يكفي كونها باردة فقط وهو
المذهب وقدمه في الفروع وجزم به في الفائق.
واشترط المصنف أيضا أن تكون الليلة مظلمة وهو
المذهب وعليه الجمهور ولم يذكر بعض الأصحاب
مظلمة.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب: أن هذه أعذار
صحيحة في ترك الجمعة والجماعة مطلقا خلا الريح
الشديدة في الليلة المظلمة الباردة وعنه في
السفر لا في الحضر وقال في الفصول يعذر في
الجمعة بمطر وخوف وبرد وفتنة قال في الفروع:
كذا قال.
فوائد .
إحداها : نقل أبو طالب من قدر أن يذهب في
المطر فهو أفضل وذكره أبو المعالي ثم قال: لو
قلنا يسعى مع هذه الأعذار لأذهبت الخشوع وجلبت
السهو فتركه أفضل.
قال في الفروع: ظاهر كلام أبي المعالي أن كل
ما أذهب الخشوع كالحر المزعج عذر ولهذا جعله
أصحابنا كالبرد المؤلم في منع الحكم وإلا فلا.
الثانية : قال ابن عقيل في المفردات: تسقط
الجمعة بأيسر عذر كمن له عروس تجلى عليه قال
في الفروع: في آخر الجمعة كذا قال.
الثالثة : قال أبو المعالي: الزلزلة عذر لأنها
نوع خوف.
الرابعة : من الأعذار من يكون عليه قود إن رجا
العفو عنه على الصحيح من المذهب مطلقا قدمه في
الفروع وهو ظاهر ما جزم به في الرعايتين
والحاويين وقيل ليس بعذر إذا رجاه على مال فقط
وأطلقهما ابن تميم قال في الفروع: ولم يذكر
هذه المسألة جماعة.
وأما من عليه حد الله أو حد قذف فلا يعذر به
قولا واحدا قاله في.
الفروع ويتوجه في حد القذف أنه عذر إن رجا
العفو.
الخامسة : ذكر بعض الأصحاب أن فعل جميع الرخص
أفضل من تركها غير الجمع وتقدم أن المجد وغيره
قال: التجلد على دفع النعاس ويصلي معهم أفضل
وأن الأفضل ترك ما يرجوه لا ما يخاف تلفه
وتقدم كلام أبي المعالي قريبا ونقل أبي طالب.
السادسة : لا يعذر بمنكر في طريقه نص عليه لأن
المقصود لنفسه لا قضاء حق لغيره وقال في
الفصول كما لا يترك الصلاة على الجنازة لأجل
ما يتبعها من نوح وتعداد في أصح الروايتين
وكذا هنا قال في الفروع: كذا قال.
السابعة : لا يعذر أيضا بجهل الطريق إذا وجد
من يهديه.
(2/213)
الثامنة : لا
يعذر أيضا بالعمى إذا وجد من يقوده وقال في
الفنون الإسقاط به هو مقتضى النص وقال في
الفصول: المرض والعمى مع عدم القائد لا يكون
عذرا في حق المجاور في الجامع وللمجاور للجامع
لعدم المشقة وتقدم هل يلزمه إذا تبرع له من
يقوده أول الفصل.
قال القاضي في الخلاف: وغيره ويلزمه إن وجد ما
يقوم مقام القائد كمد الحبل إلى موضع الصلاة.
التاسعة : يكره حضور المسجد لمن أكل ثوما أو
بصلا أو فجلا أو نحوه حتى يذهب ريحه على
الصحيح من المذهب وعنه يحرم وقيل: فيه وجهان.
قال في الفروع: وظاهره ولو خلى المسجد من آدمي
لتأذي الملائكة قال: والمراد حضور الجماعة ولو
لم تكن بمسجد ولو في غير صلاة قال: ولعله مراد
قوله في الرعاية وهو ظاهر الفصول وتكره صلاة
من أكل ذا رائحة كريهة مع بقائها أراد دخول
المسجد أولا.
وقال في المغني: في الأطعمة يكره أكل كل ذي
رائحة كريهة لأجل رائحته أراد دخول المسجد
أولا واحتج بخبر المغيرة أنه لا يحرم لأنه
عليه أفضل الصلاة والسلام لم يخرجه من المسجد
وقال إن لك عذرا قال في الفروع: وظاهره أنه لا
يخرج وأطلق غير واحد أنه يخرج منه مطلقا.
قال في الفروع: لكن إن حرم دخوله وجب إخراجه
وإلا استحب قال: ويتوجه مثله من به رائحة
كريهة ولهذا سأله جعفر بن محمد عن النفط أيسرج
به قال: لم أسمع فيه شيئا ولكن يتأذى برائحته
ذكره ابن البنا في أحكام المساجد
(2/214)
باب صلاة أهل الأعذار.
قوله: "ويصلي المريض كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم لعمران بن حصين صل قائما".
وهذا بلا نزاع مع القدرة عليه وكذا يلزمه لو
أمكنه القيام معتمدا على شيء أو مستندا على
حائط أو غيره وعند ابن عقيل لا يلزمه اكتراء
من يقيمه ويعتمد عليه.
فائدة : لو قدر على قيام في صورة راكع لحدب أو
كبر أو مرض ونحوه لزمه ذلك بقدر ما أمكنه
ويأتي كلام ابن عقيل في الأحدب.
قوله : "فإن لم يستطع فقاعدا".
بلا نزاع وكذا إن كان يلحقه بالقيام ضرر أو
زيادة مرض أو تأخر برء ونحوه فإنه يصلي قاعدا
على الصحيح من المذهب وعنه لا يصلي قاعدا إلا
إذا عجز عن القيام رويناه وأسقط القاضي القيام
بضرر متوهم وأنه لو تحمل الصيام والقيام حتى
زاد مرضه أثم ونقل عبد الله إذا كان قيامه
يوهنه ويضعفه أحب إلي أن يصلي قاعدا.
وقال أبو المعالي: يصلي شيخ كبير قاعدا إن
أمكن معه الصوم.
(2/214)
فائدتان.
إحداهما: لو كان في سفينة أو بيت قصير سقفه
وتعذر القيام والخروج أو خاف عدوا إن انتصب
قائما صلى جالسا على الصحيح من المذهب نص عليه
وقيل يصلي قائما ما أمكنه لأنه إن جلس جلس
منحنيا ثم إذا ركع فقيل يستحب أن يزيد قليلا
وقيل يزيد فإن عجز حني رقبته قال في الفروع:
فظاهره يجب وجزم بالثاني ابن تميم وبن حمدان
وأطلقهما في الفروع.
الثانية : حيث قلنا "يصلي قاعدا" فإنه يتربع
استحبابا على الصحيح من المذهب وعنه يجب
التربع وعنه إن أطال القراءة تربع وإلا افترش
وحيث تربع فإنه يثني رجليه كالمتنفل قاعدا على
ما مر لكن إن قدر أن يرتفع إلى حد الركوع لزمه
ذلك وإلا ركع قاعدا قاله أبو المعالي في
النهاية وصاحب الرعاية.
وقال ابن تميم: ويثني رجليه في سجوده وفي
الركوع روايتان وتقدم الصحيح من المذهب هل
يثني رجليه في ركوعه كسجوده أم لا في باب صلاة
التطوع.
تنبيه : ظاهر قوله: "فإن لم يستطع فعلى جنب"
أنه لو لم يشق القعود عليه أنه لا يصلي على
جنب بل يصلي قاعدا وهو أحد الوجهين.
والصحيح من المذهب: أنه يصلي على جنبه إذا شق
عليه الصلاة قاعدا ولو بتعديه بضرب ساقه ونحوه
وعليه أكثر الأصحاب ويحتمله كلام المصنف.
فائدة : حيث جاز له الصلاة على جنبه فالأفضل
أن يكون على جنبه الأيمن وليس بواجب على
الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: يلزمه الصلاة على جنبه الأيمن.
قوله: "فإن صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة
صحت صلاته في أحد الوجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في المستوعب والرعاية
الكبرى وبن تميم وبن منجا في شرحه.
إحداهما : تصح صلاته وهو المذهب جزم به في
الهداية والمذهب والخلاصة والعمدة والتلخيص
والمحرر والإفادات والوجيز وإدراك الغاية
وتجريد العناية وصححه في مجمع البحرين ونصره
وقدمه في الكافي والفروع والفائق والنظم قال
الزركشي: هذا الأشهر.
والوجه الثاني : لا يصح ونصره المصنف ومال
إليه قال في الشرح: عدم الصحة أظهر وقدمه في
الرعاية الصغرى والحاويين وهو ظاهر ما جزم به
في المنور والمنتخب والمذهب
(2/215)
الأحمد لأنهم
ما أباحوا الصلاة على الظهر إلا مع العجز عن
الصلاة على جنبه وعنه يخير نقل الأثرم وغيره
يصلي كيف شاء كلاهما جائز ونقل صالح وبن منصور
يصلي على ما قدر وتيسر له انتهى.
فعلى المذهب: يكره فعل ذلك قطع به في الفروع
والرعاية وقال في الهداية والمذهب وغيرهما
يكون تاركا للمستحب قال في مجمع البحرين: يكون
تاركا للأولى.
تنبيه : محل الخلاف إذا كان قادرا على الصلاة
على جنبه وصلى على ظهره أما إذا لم يقدر على
الصلاة على جنبه فإن صلاته صحيحة على ظهره بلا
نزاع.
فائدة : قال في مجمع البحرين: فعلى القول
بالصحة صلاته على جنبه الأيسر أفضل من
استلقائه في أصح الوجهين وعكسه ظاهر كلام
القاضي وأبي الخطاب.
قوله : "ويومئ بالركوع والسجود".
يعني مهما أمكنه وهذا المذهب نص عليه وقال أبو
المعالي: أقل ركوعه مقابلة وجهه ما وراء ركبته
من الأرض أدنى مقابلة وتتمتها الكمال.
فائدة : لو سجد قدر ما أمكنه على شيء رفعه كره
وأجزأه نص عليهما وعنه يخير وذكر ابن عقيل
رواية لا يجزئه كيده انتهى.
والصحيح من المذهب: أنه لا بأس بسجوده على
وسادة ونحوها وعنه هو أولى من الإيماء.
قوله : "فإن عجز عنه أومأ بطرفه".
هذا المذهب بلا ريب ويكون ناويا مستحضرا للفعل
والقول إن عجز عنه بقلبه وقال في التبصرة صلى
بقلبه أو طرفه وقال القاضي في الخلاف وتبعه في
المستوعب أومأ بعينيه وحاجبيه أو قلبه وقاس
على الإيماء برأسه وقال في الفروع وظاهر كلام
جماعة لا يلزمه الإيماء بطرفه وهو متجه لعدم
ثبوته انتهى قال في النكت: عن كلام القاضي
وصاحب المستوعب ظاهره الاكتفاء بعمل القلب ولا
يجب الإيماء بالطرف وليس ببعيد ولعل مراده أو
بقلبه إن عجز عن الإيماء بطرفه وقال الشيخ تقي
الدين: لو عجز المريض عن الإيماء برأسه سقطت
عنه الصلاة ولا يلزمه الإيماء بطرفه وهو رواية
عن أحمد.
فائدة : قال ابن عقيل في الفنون: الأحدب يجدد
للركوع نية لكونه لا يقدر عليه كمريض لا يطيق
الحركة يجدد لكل فعل وركن قصدا ك فلك فإنه
يصلح في العربية للواحد والجمع بالنية.
قوله : "ولا تسقط الصلاة".
(2/216)
يعني بحال من
الأحوال وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال في
الكافي كما قال هنا وزاد "ما دام عقله ثابتا"
قال في النكت: فيحتمل أنه إذا عجز عن الإيماء
بطرفه سقطت الصلاة ويكون قوله: "ولا تسقط
الصلاة ما دام عقله".
ثابتا على الوجه المذكور وهو قدرته على
الإيماء بطرفه ويدل عليه أن الظاهر أنه ينوي
بقلبه مع الإيماء بطرفه انتهى.
وعنه تسقط الصلاة والحالة هذه اختارها الشيخ
تقي الدين وضعفها الخلال.
قوله : "فإن قدر على القيام أو القعود في
أثنائها انتقل إليه وأتمها".
وهذا بلا نزاع لكن إن كان لم يقرأ قام فقرأ
وإن كان قد قرأ قام وركع بلا قراءة ويبني على
إيمائه ويبني عاجز فيهما.
ولو طرأ عجز فأتم الفاتحة في انحطاطه أجزأ إلا
من بريء فأتمها في ارتفاعه فإنه لايجزئه قطع
به أكثر الأصحاب قال في الفروع: ويتوجه من عدم
الإجزاء بالتحريمة منحطا لا تجزئه وقال المجد
لا تجزئه التحريمة.
فوائد.
إحداها: لو قدر على الصلاة قائما منفردا
وجالسا في الجماعة خير بينهما على الصحيح من
المذهب: قطع به في الكافي والمجد في شرحه
ومجمع البحرين والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
وغيرهم وقدمه في الفروع والنكت وبن تميم
والرعاية الكبرى وغيرهم قال في النكت: قدمه
غير واحد وقيل صلاته في الجماعة أولى وقيل
تلزمه الصلاة قائما.
قلت: وهو الصواب لأن القيام ركن لا تصح الصلاة
إلا به مع القدرة عليه وهذا قادر والجماعة
واجبة تصح الصلاة بدونها وقعودهم خلف إمام
الحي لدليل خاص ثم وجدت أبا المعالي قدم هذا.
وتقدم لو كان به ريح ونحوه ويقدر على حبسه حال
القيام ولا يقدر على حبسه حال الركوع والسجود
فهل يركع ويسجد أو يومئ في باب الحيض عند
قوله: "وكذلك من به سلس البول".
الثانية : لو قال: إن أفطرت في رمضان قدرت على
الصلاة قائما وإن صمت صليت قاعدا أو قال: إن
صليت قائما لحقني سلس البول أو امتنعت علي
القراءة وإن صليت قاعدا امتنع السلس فقال أبو
المعالي: يصلي قاعدا فيهما لما فيه من الجمع
بينهما في الأولى ولسقوط القيام في النفل ولا
صحة مع ترك القراءة والحدث.
وقال في النكت: ومقتضى إطلاق كلام المجد أنه
يصلي قائما.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
الثالثة : لو عجز المريض عن وضع جبهته على
الأرض وقدر على وضع بقية أعضاء
(2/217)
السجود لم
يلزمه وضع ذلك على الصحيح من المذهب لأنه إنما
وجب تبعا وقيل يلزمه قاله في القاعدة الثامنة.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإذا قال ثقات من العلماء
بالطب للمريض إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك
فله ذلك" إلا أنه لا يقبل إلا قول ثلاثة
فصاعدا قال في الفائق" له الصلاة كذلك إذا
قال: أهل الخبرة إنه ينفعه.
قال في المحرر: ويجوز لمن به رمد أن يصلي
مستلقيا إذا قال: ثقات الطب إنه ينفعه وكذا
قال ابن تميم: وغيره قال ابن مفلح في حواشيه:
ظاهر كلام الشيخ وجماعة أنه لا يقبل إلا قول
ثلاثة وقال ابن منجا في شرحه وليس بمراد
انتهى.
قلت: الذي يظهر أن مراد المصنف الجنس مع الصفة
وليس مراده العدد إذ لم يقل باشتراط الجمع في
ذلك أحد من الأصحاب فيما وقفت عليه من كلامهم
وأيضا فإن ظاهر كلام المصنف متفق عليه وإنما
مفهومه عدم القبول في غير الجمع وليس بمراد.
واعلم أن الصحيح من المذهب جواز فعل ذلك بقول
مسلم ثقة إذا كان طبيبا حاذقا فطنا وعليه أكثر
الأصحاب وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس
والإفادات والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع
والرعايتين والحاويين وغيرهم وقيل يشترط اثنان
وتقدم ظاهر كلام المصنف وغيره.
فوائد.
إحداها: حيث قبلنا قول الطبيب فإنه يكفي فيه
غلبة الظن على الصحيح من المذهب وقيل يشترط
لقبول خبره أن يكون عن يقين.
قلت: وهو بعيد جدا.
الثانية : قوله: "ولا تجوز الصلاة في السفينة
قاعدا لقادر على القيام".
بلا نزاع ولو كانت سائرة ويجوز إقامة الجماعة
فيها على الصحيح من المذهب: وعنه لا تقام إن
صلوا جلوسا نص عليه حكاه ابن أبي موسى.
الثالثة : لو كان في السفينة ولا يقدر على
الخروج منها صلى على حسب حاله فيها وأتى بما
يقدر عليه من القيام وغيره على ما تقدم وكلما
دارت انحرف إلى القبلة في الفرض على الصحيح من
المذهب: وقيل: لا تجب كالنفل على الأصح فيه.
قلت: فيعايى بها على هذا القول وعلى القول
الثاني في النافلة.
[وتقدم هذا في باب استقبال القبلة.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف صحة الصلاة في
السفينة مع القدرة على الخروج منها وهو الصحيح
من المذهب وعنه لا تصح].
(2/218)
قوله : "وتجوز
صلاة الفرض على الراحلة خشية التأذي بالوحل".
وكذا بالمطر وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقطع به كثير منهم وعنه لا تصح واختاره في
الإرشاد.
قوله : "وهل يجوز ذلك للمريض على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والخلاصة وبن تميم
والإرشاد.
إحداهما : لا يجوز وهو المذهب نقله الأكثر
واختاره أيضا أكثر الأصحاب قال المجد وصاحب
الفروع ومجمع البحرين: اختاره أكثر الأصحاب
وصححه في الرعايتين وصححه في النظم إذا لم
يتضرر وقدمه في الفروع والمستوعب ومجمع
البحرين وغيرهم.
والرواية الثانية : يجوز صححه في التصحيح
واختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن
عبدوس وقدمه في المحرر والفائق والحواشي.
قلت: وهو الصواب.
وعنه يجوز إذا لم يستطع النزول نص عليها في
رواية إسحاق بن إبراهيم قال في الفروع: ولم
يصرح بخلافه وجزم به في الفصول وغيره.
وقيل: إن زاد تضرره جاز وإلا فلا وجزم به في
الشرح وقدمه في النظم.
قال المجد: والصحيح عندي أنه متى تضرر بالنزول
أو لم يكن له من يساعده على نزوله وركوبه صلى
عليها وإن لم يتضرر به كان كالصحيح انتهى.
وقال في المذهب: إن كانت صلاته عليها كصلاته
على الأرض لم يلزمه النزول فإن كان إذا نزل
أمكنه أن يأتي بالأركان أو بعضها أو لم يكن
ذلك ممكنا على الراحلة لزمه النزول إذا كان لا
يشق عليه مشقة شديدة فإن كانت المشقة متوسطة
فعلى روايتين.
وتقدم في باب استقبال القبلة صفة الصلاة على
الراحلة في الفرض وغيره.
فوائد.
إحداها: أجرة من ينزله للصلاة كماء الوضوء على
ما تقدم ذكره أبو المعالي.
الثانية : لو خاف المريض بالنزول أن ينقطع عن
رفقته إذا نزل أو يعجز عن ركوبه إذا نزل صلى
عليها كالخائف على نفسه بنزوله من عدو ونحوه.
الثالثة : وكذا حكم غير المريض ذكره جماعة من
الأصحاب منهم القاضي.
وبن عقيل ونقل معناه ابن هانئ ولا إعادة عليه
ولو كان عذرا نادرا.
وذكر ابن أبي موسى إن لم يستقبل لم يصح إلا في
حال المسايفة.
قال في الفروع ومقتضى كلام الشيخ يعني به
المصنف جوازه لخائف ومريض.
(2/219)
الرابعة : لو
كان في ماء وطين أومأ كمصلوب ومربوط على
الصحيح من المذهب وعنه يسجد على متن الماء
كالغريق على الصحيح من المذهب فيه وقيل في
الغريق يومئ والصحيح من المذهب أنه لا إعادة
على واحد من هؤلاء وعنه يعيد الكل.
الخامسة : لو أتى بالمأمور الذي عليه وصلى على
الراحلة بلا عذر قائما أو صلى في السفينة من
أمكنة الخروج منها وهي واقفة أوسائرة صح على
الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وعنه لا تصح
وقطع به في المستوعب والمغني وغيرهما في
الراحلة وقدمه أبو المعالي وغيره.
وقال في الفصول: في السفينة هل تصح كما لو
كانت واقفة أم لا كالراحلة فيه روايتان انتهى.
وحكم العجلة والمحفة ونحوهما في الصلاة فيها
حكم الراحلة والسفينة على ما تقدم على الصحيح
من المذهب قدمه في الفروع ومجمع البحرين.
قال ابن تميم: وفي الصلاة على العجلة من غير
عذر وجهان أصحهما الصحة قال في الفروع: وقطع
جماعة لا تصح هنا كمعلق في الهواء من غير
ضرورة.
قال في مجمع البحرين: المنع هنا أوجه من المنع
هناك قال ابن عقيل: لا تصح في العجلة لأنها
غير مستقرة كالأرجوحة مع أنه اختار الصحة على
الراحلة والسفينة كما تقدم قال في مجمع
البحرين: وما قاله بعيد جدا لكون السفينة فوق
الماء وظهر الحيوان أقرب إلى التزلزل وعدم
القرار من جماد معظمه على الأرض فهي أولى
بالصحة انتهى.
قال في الفروع: فظاهر ما جزم به أبو المعالي
وغيره أنها تصح في الواقفة وجزم أبو المعالي
وغيره أنه لا يصح السجود وأنها لا تصح في
أرجوحة لعدم تمكنه عرفا قال ابن عقيل وبن
شهاب: ومثلها زورق صغير.
وجزم المجد في شرحه أنها لا تصح في أرجوحة ولا
من معلق في الهواء وساجد على هواء أو ماء
قدامه أو على حشيش أو قطن أو ثلج ولم يجد حجمه
ونحو ذلك لعدم إمكان المستقر عليه انتهى.
فعلى رواية عدم الصحة في السفينة يلزمه الخروج
منها للصلاة زاد ابن حمدان وغيره إلا أن يشق
على أصحابه نص عليه.
السادسة : لا يشترط كون ما يحاذي الصدر مقرى
فلو حاذاه روزنة ونحوها صحت بخلاف ما تحت
الأعضاء فلو وضع جبهته على قطن منتفش لم تصح.
(2/220)
قصر الصلاة في السفر.
تنبيه : اشتمل قول المصنف في قصر الصلاة ومن
سافر سفرا مباحا على منطوق ومفهوم والمفهوم
ينقسم إلى قسمين مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة.
(2/220)
فالمنطوق جواز
القصر في السفر المباح مطلقا وهو صحيح وهو
المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يشترط أن
يكون مباحا غير نزهة ولا فرجة اختاره أبو
المعالي لأنه لهو بلا مصلحة ولا حاجة وأطلقهما
في الرعايتين والحاويين والمذهب.
ونقل محمد بن العباس يشترط أن يكون سفر طاعة
وهو ظاهر كلام بن حامد.
وقال في المبهج: إذا سافر للتجارة مكاثرا في
الدنيا فهو سفر معصية.
قال في الرعاية وحواشي ابن مفلح: وفيه نظر.
فعلى المذهب: إن كان أكثر قصده في سفره مباحا
جاز القصر على الصحيح من المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وجزم به المجد ومجمع البحرين وغيرهما
قال في الفروع: هو الأصح وقيل لا يجوز ولو
تساويا في قصده أو غلب الحظر لم يقصر قولا
واحدا.
فوائد .
إحداها : لو نقل سفره المباح إلى محرم امتنع
القصر على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
وغيره واختاره المجد وغيره وصححه في مجمع
البحرين والنظم وغيرهما قال القاضي في
التعليق: هو ظاهر كلام أحمد وقيل له القصر
وأطلقهما الزركشي.
ولو نقل سفره المحرم إلى مباح كما لو تاب وقد
بقي مسافة قصر فله القصر على الصحيح من المذهب
وعليه الأكثر وقيل لا يقصر وقيل يقصر ولو بقي
أقل من مسافة القصر وقطع به ابن الجوزي في
المذهب ومسبوك الذهب.
الثانية : يجوز الترخص للزاني إذا غرب ولقاطع
الطريق إذا شرد ونحوهما على الصحيح من المذهب
قال ابن تميم: جاز في أصح الوجهين وقدمه المجد
في شرحه ومجمع البحرين وحواشي ابن مفلح
والفروع وكلامه فيه بعض تعقيد وقيل لا يجوز
لهم الترخص وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
الثالثة : يجوز القصر والترخص للمسافر مكرها
على الصحيح من المذهب كالأسير وعنه لا يقصر
المكره وقال الخلال إن أكره على سفر في دار
الإسلام قصر وفي دار الحرب لا يقصر ومتى صار
الأسير في بلد الكفار أتم نص عليه وفيه وجه
يقصر.
الرابعة : تقصر الزوجة والعبد تبعا للزوج
والسيد في نيته وسفره على الصحيح من المذهب.
قلت: فيعايى بها.
وفيها وجه في النوادر لا قصر وقدمه في الرعاية
الكبرى لكن قال الآول أقيس وأشهر وذكر أبو
المعالي تعتبر نية من لها أن تمتنع قال:
والجيش مع الأمير والجندي مع أميره إن
(2/221)
كان رزقهم من
مال أنفسهم ففي أيهما تعتبر نيته فيه وجهان
وإن لم يكن رزقهم في مالهم كالأجير والعبد
لشريكين ترجح نية إقامة أحدهما.
الخامسة : يقصر من حبس ظلما أو حبسه مرض او
مطر ونحوه على الصحيح من المذهب بخلاف الأسير
قال في الفروع: ويحتمل أن يبطل حكم سفره لوجود
صورة الإقامة.
قال أبو المعالي: كقصره لوجود صورة السفر في
التي قبلها.
وأما المفهوم فمفهوم الموافقة وهو ما إذا كان
سفره مستحبا أو واجبا كسفر الحج والجهاد
والهجرة وزيارة الإخوان وعيادة المرضى وزيارة
أحد المسجدين والوالدين ونحوه فيجوز القصر فيه
بلا نزاع.
ومفهوم المخالفة يشمل قسمين.
القسم الأول: سفر المعصية فلا يجوز القصر فيه
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم واختار الشيخ تقي الدين
جواز القصر فيه ورجحه ابن عقيل في بعض المواضع
وقاله بعض المتأخرين.
فعلى المذهب: لا يجوز له القصر ولا أكل الميتة
إذا اضطر إليه على الصحيح من المذهب ونص عليه
قال في التلخيص: وعليه الأصحاب.
وقيل: يجوز له أكل الميتة ولا يمنع منه اختاره
في التلخيص وحكاه في الفروع رواية وقال هي
أظهر.
فعلى المذهب: إن خاف على نفسه قيل له تب وكل.
ويأتي في أول الحجر إذا سافر وعليه دين يحل في
سفره أو هو حال هل له الترخص أم لا.
فائدة : قال في الرعاية الكبرى: لا يترخص من
قصد مشهدا أو مسجدا غير المساجد الثلاثة أو
قصد قبرا غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت: أو نبي غيره وجزم بهذا في الرعاية
الصغرى.
قال في التلخيص: قاصد المشاهد وزيارتها لا
يترخص انتهى وجزم به في النظم والصحيح من
المذهب جواز الترخص قاله في المغني وغيره.
(2/222)
القسم الثاني:
السفر المكروه فلا يجوز القصر فيه صرح به ابن
منجا في شرحه وقاله ابن عقيل في السفر إلى
المشاهد قال في الفروع: وهو ظاهر كلام
الأصحاب.
قلت: قال في الهداية: إذا سافر سفرا في غير
معصية فله أن يقصر وكذا في الخلاصة.
فظاهرهما جوز المسح في السفر المكروه قال: في
تذكرة ابن عبدوس ويسن لمسافر لغير معصية انتهى
ومن يجيز القصر في سفر المعصية فهنا بطريق
أولى.
قوله : "يبلغ ستة عشر فرسخا".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط في جواز القصر أن
تكون مسافة السفر ستة عشر فرسخا برا أو بحرا
وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه
يشترط أن يكون عشرين فرسخا حكاها ابن أبي موسى
فمن بعده.
واختار الشيخ تقي الدين جواز القصر في مسافة
فرسخ وقال أيضا إن حد فتحديده ببريد أجود.
وقال المصنف والشيخ تقي الدين: أيضا لا حجة
للتحديد بل الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر
إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه.
فوائد.
إحداها: الصحيح من المذهب: أن مقدار المسافة
تقريب لا تحديد قال في الفروع: وظاهر كلامهم
تقريبا وهو أولى.
قلت: هذا مما لا يشك فيه.
وقال أبو المعالي: المسافة تحديد قال ابن رجب
في شرح البخاري: الأميال تحديد نص عليه الإمام
أحمد.
الثانية : الستة عشر فرسخا يومان قاصدان وذلك
أربعة برد والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة
أميال هاشمية وبأميال بني أمية ميلان ونصف
والميل اثنا عشر ألف قدم قاله القاضي وغيره
وقطع به في الفروع وغيره وذلك ستة آلاف ذراع
والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة قطع
به في الفروع وغيره وقال أبو الفرج ابن أبي
الفهم الميل أربعة آلاف ذراع بالواسطي انتهى.
وقيل: هو ألف خطوة بخطى الجمل.
وقدم في الرعاية أنه ألفا خطوة ثم قال: قلت:
يحتمل أن يكون الخلاف باختلاف خطوتيه ثم قال
وقيل: الميل ألف باع كل باع أربعة أذرع فقط كل
ذراع أربعة وعشرون إصبعا كل إصبع ست حبات شعير
بطون بعضها إلى بطون بعض عرض كل شعيرة ست
شعرات برذون انتهى.
(2/223)
وقال الحافظ
العلامة ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح
البخاري: وقيل: الميل ثلاثة آلاف ذراع نقله
صاحب البيان وقيل: ثلاثة آلاف وخمسمائة وصححه
ابن عبد البر ثم قال: الذراع الذي ذكر: قد حرر
بذراع الحديد المستعمل الآن في مصر والحجاز في
هذه الأعصار ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن
فعلى هذا فالميل بذراع الحديد على القول
المشهور خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعا
قال: وهذه فائدة نفيسة قل من تنبه إليها
انتهى.
الثالثة : قال الجوهري: الميل من الأرض منتهى
مد البصر وقيل حده أن ينظر إلى الشخص في أرض
مسطحة فلا يدرى هو رجل أو امرأة أهو ذاهب أم
هو آت.
الرابعة : المعتبر نية المسافة لا حقيقتها فلو
رجع قبل استكمالها فلا إعادة عليه على الصحيح
من المذهب: وعنه يعيد من لم يبلغ المسافة
حكاها القاضي في شرحه قال: وهي أصح وهي من
المفردات.
ولو شك في قدر المسافة لم يقصر فلو خرج لطلب
آبق ونحوه على أنه متى وجده رجع لم يقصر ولو
بلغ مسافة القصر على الصحيح من المذهب نص عليه
واختار ابن أبي موسى وبن عقيل القصر ببلوغ
المسافة وإن لم ينوها وجزم به في المستوعب
كنية بلد بعينه يجهل مسافته ثم علمها فإنه
يقصر بعد علمه كجاهل بجواز القصر ابتداء.
ويأتي إذا سافر غير مكلف سفرا طويلا ثم كلف في
أثنائه بعد قوله: "وإذا أقام لقضاء حاجته".
الخامسة : لا يقصر سائح ولا هائم لا يقصد
مكانا معينا جزم به في الرعاية الصغرى قال في
الكبرى: لا يترخص في الأصح وقال كذا لا يترخص
تائه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أن أهل مكة ومن
حولهم كغيرهم إذا ذهبوا إلى عرفة ومزدلفة ومنى
وهو صحيح فلا يجوز لهم القصر ولا الجمع على
الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع
وقال اختاره الأكثر وقدمه في الفائق وقال لا
يجمعون ولا يقصرون عند جمهور أصحابنا واختار
أبو الخطاب في العبادات الخمس والشيخ تقي
الدين جواز القصر والجمع لهم فيعايى بها
واختار المصنف جواز الجمع فقط قال في الفروع:
وهو الأشهر عن أحمد فيعايى بها.
تنبيهات.
أحدها: ظاهر قوله: إذا فارق بيوت قريته أنه لا
بد أن يفارق البيوت العامرة والخربة وهو وجه
اختاره القاضي والصحيح من المذهب وعليه أكثر
الأصحاب أنه لا يشترط أن يفارق
(2/224)
البيوت الخربة
بل له القصر إذا فارق البيوت العامرة سواء
وليها بيوت خربة أو البرية ويحتمله كلام
المصنف هنا.
أما إن ولي البيوت الخربة بيوت عامرة فلا بد
من مفارقة البيوت الخربة والعامرة التي تليها
قال أبو المعالي: وكذا لو جعل الخراب مزارع
وبساتين يسكنه أهله ولو في فصل النزهة.
الثاني : مفهوم كلامه أنه لا يقصر إلا إذا
فارق البيوت سواء كانت داخل السور أو خارجه
وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل: له القصر إذا فارق سور بلده ولو لم
يفارق البيوت قدمه في الفائق.
الثالث : ظاهر كلامه أيضا وكثير من الأصحاب
جواز القصر إذا فارق بيوت قريته سواء اتصل به
بلد آخر أولا واعتبر أبو المعالي انفصاله ولو
بذراع موجود في كلام المجد وغيره لا يتصل وقال
في الرعاية الكبرى: وإذا تقاربت قريتان أو
حلتان فهما كواحدة وإن تباعدتا فلا.
فائدتان.
إحداهما: قال أبو المعالي: لو برزوا بمكان
لقصد الاجتماع ثم بعد اجتماعهم ينشئون السفر
من ذلك المكان فلا قصر حتى يفارقوه قال في
الفروع: وظاهر كلامهم يقصرون وهو متجه انتهى.
الثانية: يعتبر في سكان القصور والبساتين
مفارقة ما نسبوا إليه عرفا واعتبر أبو المعالي
وأبو الوفاء مفارقة من صعد جبلا المكان
المحاذي لرءوس الحيطان ومفارقة من هبط لأساسها
لأنه لما اعتبر مفارقة البيوت إذا كانت محاذية
اعتبر هنا مفارقة سمتها.
قوله : "وهو أفضل من الإتمام".
وهذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير
الأصحاب وقيل الإتمام أفضل.
قوله : "وإن أتم جاز".
يعني من غير كراهة وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب ونص عليه وقيل لا يجوز الإتمام قال في
الفائق: وعنه التوقف وعنه لا يعجبني الاتمام
وقيل يكره الاتمام اختاره الشيخ تقي الدين قال
في الفروع: وهو أظهر.
قلت: ويحتمله كلام المصنف.
قال في القاعدة الثالثة: وعن أبي بكر أن
الركعتين الأخيرتين تنفل، لا يصح اقتداء
المفترض به فيهما وهو متمش على أصله وهو عدم
اعتبار نية القصر ويأتي عنه اشتراط النية هل
الأصل في صلاة المسافر أربع أو ركعتان؟.
فائدة : يوتر في السفر ويصلى سنة الفجر أيضا
ويخير في غيرها هذا المذهب.
(2/225)
وقال الشيخ تقي
الدين: يسن ترك التطوع بغير الوتر وسنة الفجر
قيل للإمام أحمد التطوع في السفر قال: أرجو
أنه لا بأس به وأطلق أبو المعالي التخيير في
النوافل والسنن الراتبة.
قلت: هو فعل كثير من السلف.
ونقل ابن هانئ يتطوع أفضل وجزم به في الفصول
والمستوعب والرعاية وغيرهم واختاره الشيخ تقي
الدين في غير الرواتب ونقله بعضهم إجماعا قال
في الفائق: لا بأس بتنفل المسافر نص عليه.
قوله : "فإن أحرم في الحضر ثم سافر أو في
السفر ثم أقام لزمه أن يتم".
هذا المذهب بلا ريب فيهما قال في الفروع: ومن
أوقع بعض صلاته مقيما كراكب سفينة أتم وجعلها
القاضي وغيره أصلا لمن ذكر صلاة سفر في حضر.
وقيل: إن نوى القصر مع علمه بإقامته في
اثنائها صح.
فعلى المذهب: لو كان مسح فوق يوم وليلة بطلت
في الأشهر لبطلان الطهارة ببطلان المسح.
فائدتان.
إحداهما: لو دخل وقت الصلاة على مقيم ثم سافر
أتمها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير
الأصحاب قال في الحواشي: هو قول أصحابنا وهو
من المفردات وعنه يقصر اختاره في الفائق وحكاه
ابن المنذر إجماعا كقضاء المريض ما تركه في
الصحة ناقصا وكوجوب الجمعة على العبد الذي عتق
بعد.
الزوال وكالمسح على الخفين وقيل إن ضاق الوقت
لم يقصر وعنه إن فعلها في وقتها قصر اختارها
ابن أبي موسى.
الثانية : لو قصر الصلاتين في السفر في وقت
أولاهما ثم قدم قبل دخول وقت الثانية أجزأه
على الصحيح من المذهب: وقيل لا يجزئه ومثله لو
جمع بين الصلاتين في وقت أولاهما بتيمم ثم دخل
وقت الثانية: وهو واجد للماء.
قوله : "وإذا ذكر صلاة حضر في سفر أو صلاة سفر
في حضر لزمه أن يتم".
هذا المذهب فيهما نص عليه وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يقصر فيما إذا ذكر صلاة سفر في حضر.
وحكى وجه يقصر أيضا في عكسها اعتبارا بحالة
أدائها كصلاة صحة في مرض وهو خلاف ما حكاه
الإمام أحمد وبن المنذر إجماعا.
(2/226)
قوله : "أو
أئتم بمقيم أو بمن يشك فيه لزمه أن يتم".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يلزمه الإتمام إلا إذا أدرك معه ركعة
فأكثر اختارها في الفائق فعليها يقصر من ادرك
التشهد في الجمعة.
وعلى المذهب يتم نص عليه قال في الفروع:
ويتوجه تخريج من صلاة الخوف يقصر مطلقا كما
خرج بعضهم إيقاعها مرتين على صحة اقتداء مفترض
بمتنفل.
فائدة : لو نوى المسافر القصر حيث يحرم عليه
عالما به كمن نوى القصر خلف مقيم عالما
فالصحيح من المذهب: أن صلاته لا تنعقد لنيته
ترك المتابعة ابتداء كنية مقيم القصر ونية
مسافر وعقد الظهر خلف إمام جمعة نص عليه.
وقيل: تنعقد لآنه لا يعتبر للإتمام تعيينه
بنية فيتم تبعا كما لو كان غير.
عالم وإن صح القصر بلا نية قصر قال في الرعاية
وتابعه في الفروع: وغيره وتتخرج الصحة في
العبد إن لم تجب عليه الجمعة وإن صلى المسافر
خلف من يصلي الجمعة ونوى القصر لزمه الإتمام
على الصحيح من المذهب.
وقال أبو المعالي: يتجه أن تجزئه إن قلنا
الجمعة ظهر مقصورة قال أبو المعالي: وغيره وإن
ائتم من يقصر الظهر بمسافر أو مقيم يصلي الصبح
أتم.
قوله : "أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت
وأعادها لزمه أن يتم".
إذا أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت إن كان
فسادها عن غير حدث الإمام لزمه إتمامها قولا
واحدا وإن كان فسادها لكون الإمام بان محدثا
بعد السلام لزمه الإتمام أيضا وإن بان محدثا
قبل السلام ففي لزوم الإتمام وجهان وأطلقهما
في التلخيص والفروع وبن تميم والرعايتين
والحاويين وقال في الرعاية الكبرى في موضع
اخر: فله القصر في الأصح.
قال ابو المعالي: إن بان محدثا مقيما معا قصر
وكذا إن بان حدثه أولا لا عكسه.
فائدتان.
إحداهما: لو صلى مسافر خائف بالطائفة الاولى:
ركعة ثم أحدث واستخلف مقيما لزم الطائفة
الثانية الإتمام لائتمامهم بمقيم وأما الطائفة
الاولى فإن نووا مفارقة الأول قصروا وإن لم
ينووا مفارقته أتموا لائتمامهم بمقيم قاله في
مجمع البحرين والفروع وغيرهما.
الثانية : لو ائتم من له القصر جاهلا حدث نفسه
بمقيم ثم علم حدث نفسه فله القصر لأنه باطل لا
حكم له.
(2/227)
قوله : "أو لم
ينو القصر يعنى عند الإحرام لزمه أن يتم".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط في جواز القصر أن
ينويه عند الإحرام وعليه جماهير الأصحاب وقال
أبو بكر: لا يحتاج القصر والجمع إلى نية
واختاره الشيخ تقي الدين واختاره جماعة من
الأصحاب في القصر.
قال ابن رزين في شرحه: والنصوص صريحة في أن
القصر أصل فلا حاجة إلى نيته قال في الفروع:
والأشهر ولو نوى الإتمام ابتداء لأنه رخصة
فيتخير مطلقا كالصوم.
قال الزركشي قلت: قد ينبني على ذلك فعل الأصل
في صلاة المسافر الأربع وجوز له ترك ركعتين
فإذا لم ينو القصر لزمه الأصل ووقعت الأربع
فرضا أو أن الأصل في حقه ركعتان وجوز له أن
يزيد ركعتين تطوعا فإذا لم ينو القصر فله فعل
الأصل وهو ركعتان فيه روايتان المشهور منهما
الأول والثاني: أظنه اختيار أبي بكر.
وينبني على ذلك إذا ائتم به مقيم هل يصح بلا
خلاف أو هو كالمفترض خلف المتنفل.
ويشترط أيضا أن يعلم أن إمامه إذن مسافر ولو
بأمارة وعلامة كهيئة لباس لأن إمامه نوى القصر
عملا بالظن لأنه يتعذر العلم ولو قال: إن قصر
قصرت وإن أتم أتممت لم يضر.
ثم في قصره إن سبق إمامه الحدث قبل علمه بحاله
وجهان لتعارض الأصل والظاهر وأطلقهما في
الفروع ومختصر ابن تميم قال في الرعاية: وله
القصر في الأصح وقدمه في المغني والشرح.
فائدة: لو استخلف الإمام المسافر مقيما لزم
المأمومون الإتمام لأنهم باقتدائهم التزموا
حكم تحريمته ولأن قدوم السفينة بلده يوجب
الإتمام وإن لم يلتزمه.
وتقدم إذا استخلف مسافر مقيما في الخوف وإذا
استخلف مقيم مسافرا لم يكن معه قصر.
فوائد.
منها: لو شك في الصلاة هل نوى القصر أم لا
لزمه الإتمام وإن ذكر فيما بعد أنه كان نوى
لوجود ما يوجب الإتمام في بعضها فكذا في
جميعها قاله الأصحاب وقال المجد ينبغي عندي أن
يقال فيه من التفصيل ما يقال فيمن شك هل أحرم
بفرض أو نفل.
ومنها : لو ذكر من قام إلى ثالثة سهوا قطع فلو
نوى الإتمام أتم وأتى له بركعتين سوى ما سها
به فإنه يلغو ولو كان من سها إماما بمسافر
تابعه إلا أن يعلم سهوه فتبطل صلاته بمتابعته
ويتخرج لا تبطل.
ومنها : لو نوى القصر فأتم سهوا ففرضه
الركعتان والزيادة سهو يسجد لها على الصحيح من
المذهب وقيل: لا.
قلت: فيعايى بها.
(2/228)
ومنها: لو نوى
القصر ثم رفضه ونوى الإتمام جاز قال ابن عقيل:
وتكون الأوليان فرضا وإن فعل ذلك عمدا مع بقاء
نية القصر بطلت صلاته في أحد الوجهين وأطلقهما
في مختصر ابن تميم والفروع والرعاية الكبرى.
قلت: الصواب الجواز وفعله دليل بطلان نية
القصد.
قوله : "من له طريقان طريق بعيد وطريق قريب
فسلك البعيد فله القصر".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقيل لا يقصر إلا لغرض لا في سلوكه سوى
القصر وخرجه ابن عقيل وغيره على سفر النزهة
ورده في الفروع قال في الرعاية: وقيل: لا يقصر
إن سلكه ليقصر فقط ثم قال وقلت: ومثله بقية
رخص السفر.
قوله : "أو ذكر صلاة سفر في آخر فله القصر".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه.
في الفروع والمغني والشرح وغيرهم وصححه
الزركشي وغيره ونصره المجد وغيره وقيل: يلزمه
الإتمام وهو احتمال في المغني وغيره وصححه في
الرعاية الكبرى ونظم نهاية ابن رزين وأطلقهما
ابن تميم والمحرر والفائق والرعاية الصغرى
والحاويين.
فائدة : قال في الفروع: لو ذكرها في إقامة
متخللة أتم وقيل يقصر لأنه لم يوجد ابتداء
وجوبها فيه انتهى.
والذي يظهر: أن مراده بالإقامة المتخللة التي
يتم فيها الصلاة في أثناء سفره ومراده أيضا
إذا كان سفرا واحدا بدليل قوله: قبل ذلك "ومن
ذكر صلاة حضر في سفر أو عكسه" وقال في
الرعاية: وإن نسيها في سفر ثم ذكرها في حضر ثم
قضاها في سفر آخر أتمها.
فيحتمل أن صاحب الفروع أراد هذا ويكون قوله:
"ومن ذكر صلاة سفر في حضر وأراد قضاءها في
الحضر".
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم كلام المصنف- وهو من مفهوم
الموافقة أنه لو ذكر الصلاة في ذلك السفر: أنه
يقصر بطريق أولى وهو صحيح وهو المذهب وعليه
أكثر الأصحاب وقيل يلزمه الإتمام لأنه مختص
بالأداء كالجمعة ونقل المروذي ما يدل عليه
قاله المجد وهو من المفردات.
الثاني : ظاهر قوله: "أو ذكر صلاة سفر" أنه لو
تعمد المسافر ترك الصلاة حتى خرج وقتها أو ضاق
عنها أنه لا يقصر وجزم به في المحرر والرعاية
الصغرى والحاويين والمنور ونظم المفردات قدمه
في الرعاية الكبرى وبن تميم والفائق وقاله
المجد في شرحه ومجمع البحرين.
(2/229)
قال في الفروع:
وأخذ صاحب المحرر من تقييد المسألة يعني التي
قبل هذه.
بالناسي ومما ذكره ابن أبي موسى في التي قبلها
يعني إذا سافر بعد وجوبها عليه على ما تقدم
أنه يتم من تعمد تأخيرها بلا عذر حتى ضاق
وقتها عنها وقاسه على السفر المحرم وقاله
الحلواني فإنه اعتبر أن تفعل في وقتها.
وقال القاضي في التعليق: في وجوب الصلاة بأول
الوقت إن سافر بعد خروج وقتها لم يقصرها لأنه
مفرط ولا تثبت الرخصة مع التفريط في المرخص
فيه انتهى.
قال شيخنا في حواشي الفروع: لا يصلح أن يكون
ما ذكره الحلواني مأخذا لمسألة المحرر لأنه
جزم بعدم قصرها وجزم بأنه إذا نسي صلاة في سفر
فذكرها أنه يقصرها فعلم أنه لا يشترط للقصر
كونها مؤداة لأنه لو اعتبره لم يصح قصرالمنسية
انتهى.
قلت: في قول شيخنا نظر لأنه إنما استدل على
صاحب الفروع بما إذا نسيها وصاحب الفروع إنما
قال: إذا تركها عمدا وأنه مقاس على السفر
المحرم وأن الحلواني قال: ذلك ولا يلزم من
تجويز الحلواني قصرها إذا نسيها أن يقصرها إذا
تركها عمدا.
قال ابن رجب: ولا يعرف في هذه المسألة كلام
للأصحاب إلا أن بعض الأئمة المتأخرين ذكر أنه
لا يجوز القصر واستشهد على ذلك بكلام جماعة من
الأصحاب في مسائل وليس فيما ذكره حجة انتهى
وأراد بذلك المجد.
قال في النكت: ولم أجد أحدا ذكرها قبل صاحب
المحرر انتهى.
وقيل: له القصر ولو تعمد التأخير وهو احتمال
في ابن تميم وقال وهو ظاهر كلام الشيخ يعني به
المصنف واختاره في الفائق وإليه ميل ابن رجب
ونصره في النكت ورد ما استدل به المجد قال ابن
البنا في شرح المجد: من أخر الصلاة عمدا في
السفر وقضاها في السفر فله القصر كالناسي قال:
فلم يفرق أصحابنا بينهما وإنما يختلفان في
المأثم انتهى.
قال ابن رجب: وهو غريب جدا وذكر القاضي أبو
يعلى الصغير في شرح المذهب نحوه وقال في
النكت: وعموم كلام الأصحاب يدل على جواز القصر
في هذه المسألة وصرح به بعضهم وذكره في
الرعاية وجها وهو ظاهر اختياره في المغني وذكر
عنه ما يدل على ذلك وجعل ناظم المفردات إتمام
الصلاة إذا تركها عمدا حتى يخرج وقتها من
المفردات فقال:
وهكذا في الحكم من إذا ترك ... صلاته حتى إذا
الوقت انفرك
وكان عمدا فرضه الإتمام ... وليس كالناسي يا
غلام
وهو قد قال هيأتها على الصحيح الأشهر ...
وكأنه اعتمد على ما في المحرر
قوله : "إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من إحدى
وعشرين صلاة أتم وإلا قصر".
هذا إحدى الروايات عن أحمد اختارها الخرقي
وأبو بكر والمصنف قال في الكافي:
(2/230)
هي المذهب قال
في المغني: هذا المشهور عن أحمد ونصرها في
مجمع البحرين قال ابن رجب في شرح البخاري: هذا
مذهب أحمد المشهور عنه واختيار أصحابه وجعله
أبو حفص البرمكي مذهب أحمد من غير خلاف عنه
وتأول كل ما خالفه مما روى عنه وجزم به في
العمدة وناظم المفردات وهو منها وقدمه الناظم.
وعنه إن نوى الإقامة أكثر من عشرين صلاة أتم
وإلا قصر وهذه الرواية هي المذهب قال ابن
عقيل: هذه المذهب قال في عمدة الأدلة والقاضي
في خلافه: هذه أصح الروايتين واختاره ابن
عبدوس في تذكرته وجزم به في الإيضاح والإفادات
والوجيز والمنور ونهاية ابن رزين ونظمها
ومنتخب الأدمى وقدمه في الفروع والهداية
والمستوعب والخلاصة والتلخيص وبن تميم
والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وأطلقهما
في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر.
وعنه إن نوى الإقامة أكثر من تسعة عشر صلاة
أتم وإلا قصر قدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهن
في مجمع البحرين.
وقال في النصيحة: إن نوى الإقامة فوق ثلاثة
أيام أتم وإلا قصر.
فائدتان.
إحداهما: يحسب يوم الدخول والخروج من المدة
على الصحيح من المذهب وعنه لا يحسبان منها.
الثانية : لو نوى المسافر إقامة مطلقة أو أقام
ببادية لا يقام بها أو كانت لا تقام فيها
الصلاة لزمه الإتمام على الصحيح من المذهب جزم
به في الفائق وغيره وقدمه في الفروع وبن تميم
والرعاية وغيرهم.
وقيل: لا يلزمه الإتمام إلا أن يكون بموضع
تقام فيه الجمعة وقيل أو غيرها ذكره أبو
المعالي وقال في التلخيص والبلغة: إقامة الجيش
للغزو لا تمنع الترخص وإن طالت لفعله عليه
أفضل الصلاة والسلام.
قال في النكت: يشترط في الإقامة التي لا تقطع
السفر إذا نواها الإمكان بأن يكون موضع لبث
وقرار في العادة فعلى هذا لو نوى الإقامة
بموضع لا يمكن لم يقصر لأن المانع نية الإقامة
في بلده ولم توجد وقال أبو المعالي في شرح
الهداية: فإن كان لا يتصور الإقامة فيها أصلا
كالمفازة ففيه وجهان انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين: وغيره إن له القصر
والفطر وإنه مسافر ما لم يجمع على إقامة
ويستوطن.
(2/231)
قوله : "وإذا
أقام لقضاء حاجة".
قصر أبدا يعني إذا لم ينو الإقامة ولا يعلم
فراغ الحاجة قبل فراغ مدة القصر وهذه الصورة
يجوز فيها القصر بلا خلاف وإن ظن أن الحاجة لا
تنقضي إلا بعد مضي مدة القصر فالصحيح من
المذهب أنه لا يجوز له.
القصر قدمه في الفروع والرعاية وقيل له ذلك
جزم به في الكافي ومختصر ابن تميم قال في
الحواشي: وهو الذي ذكره ابن تميم وغيره.
فوائد.
إحداها: لو نوى إقامة بشرط مثل أن يقول إن
لقيت فلانا في هذا البلد أقمت فيه وإلا فلا لم
يصر مقيما بذلك ثم إن لم يلقه فلا كلام وإن
لقيه صار مقيما إذا لم يفسخ نيته الأولى فإن
فسخها قبل لقائه أو حال لقائه فهو مسافر فيقصر
بلا نزاع وإن فسخها بعد لقائه فهو كمن نوى
الإقامة المانعة من القصر ثم نوى السفر قبل
تمام الإقامة هل له القصر قبل شروعه في السفر
على وجهين قاله ابن تميم والرعاية وقدمه في
مجمع البحرين.
والصحيح من المذهب: أنه لا يجوز له القصر حتى
يشرع في السفر ويكون كالمبتدئ له كما لو تمت
مدة الإقامة وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد
ومجمع البحرين.
قال في الفروع: واختار الأكثر يقصر إذا سافر
كما لو تمت مدة الإقامة.
والوجه الثاني: ونقله صالح أنه يقصر من حين
نوى السفر فأبطل النية الأولى بمجرد النية
لأنها تثبت بها وأطلقهما في الفروع.
الثانية : لو مر بوطنه أتم مطلقا على الصحيح
من المذهب ونص عليه وعنه يقصر إذا لم يكن له
حاجة سوى المرور.
ولو مر ببلد له فيه امرأة أو تزوج فيه أتم على
الصحيح من المذهب نص عليه وعنه يتم أيضا إذا
مر ببلد له فيه أهل أو ماشية وهي من المفردات.
وقيل: أو مال.
وقال في عمد الأدلة: لا مال منقول وقيل إن كان
له به ولد أو والد أو دار قصر وفي أهل غيرهما
أو مال وجهان.
الثالثة : لو فارق وطنه بنية رجوعه بقرب لحاجة
لم يترخص حتى يرجع ويفارقه نص عليه وكذا إن
رجع عليه لغرض الاجتياز به فقط لكونه في طريق
مقصده على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
وغيره قال المجد ومجمع البحرين: هذا ظاهر
مذهبنا.
وأما على قولنا "يقصر المجتاز على وطنه" فيقصر
هنا في خروجه منه أولا وعوده إليه واجتيازه
به.
قال في مجمع البحرين قلت: وهو ظاهر عبارة
الكافي انتهى.
(2/232)
وإذا فارق أولا
وطنه بنية المضي بلا عود ثم بدا له العود
لحاجة فترخصه قبل نية عوده جائز وبعدها غير
جائز لا في عوده ولا في بلده حتى يفارقه على
الصحيح من المذهب: قدمه في مجمع البحرين وقال:
ذكره القاضي وقدمه في الفروع.
وعنه يترخص في عوده إليه لا فيه كنية طارئة
للإقامة بقرية قريبة منه.
قال المجد: ويقوى عندي أنه لا يقصر إذا دخل
وطنه ولكن يقصر في عوده إليه.
الرابعة : لا ينتهي حكم السفر ببلوغ البلد
الذي يقصده إلا إذا لم ينو الإقامة هذا الصحيح
من المذهب: نص عليه قال في مجمع البحرين:
اختاره أكثر الأصحاب قال الزركشي: هو المنصوص
والمختار للأكثر وقيل بلى.
الخامسة : لو سافر من ليس بمكلف من كافر وحائض
سفرا طويلا ثم كلف بالصلاة في أثنائه فله
القصر مطلقا فيما بقي وقيل يقصر إن بقي مسافة
القصر وإلا فلا واختاره في الرعايتين.
السادسة : لو رجع إلى بلد أقام به إقامة مانعة
ترخص مطلقا حتى فيه نص عليه لزوال نية إقامته
كعوده مختارا على الصحيح من المذهب وقيل
كوطنه.
فائدة : كل من جاز له القصر جاز له الفطر ولا
عكس لأن المريض ونحوه لا مشقة عليه في الصلاة
بخلاف الصوم وقد ينوي المسافر مسيرة يومين
ويقطعهما من الفجر إلى الزوال مثلا فيفطر وإن
لم يقصر أشار إليه ابن عقيل لكنه لم يذكر
الفطر قال في الفروع: فقد يعايى بها وقال أيضا
ولعل ظاهر ما سبق أن من قصر جمع لكونه في حكم
المسافر قال: وظاهر ما ذكروه في باب الجمع لا
يجمع.
وقال القاضي في الخلاف: في بحث المسألة إذا
نوى إقامة أربعة أيام له الجمع لا ما زاد وقيل
للقاضي: إذا لم يجمع إقامة لا يقصر لأنه لا
يجمع فقال لا يسلم هذا بل له الجمع انتهى.
وقال في الفروع: وهل يمسح مسح مسافر من قصر
قال الأصحاب: كالقاضي وغيره هو مسافر ما لم
يفسخ أو ينوي الإقامة أو يتزوج أو يقدر على
أهل.
وقال الأصحاب: منهم ابن عقيل الأحكام المتعلقة
بالسفر الطويل أربعة القصر والجمع والمسح
ثلاثا والفطر قال ابن عقيل: فإن نوى إقامة
تزيد على أربعة أيام صار مقيما وخرج عن رخصة
السفر ويستبيح الرخص ولا يخرج عن حكم السفر
إذا نوى ما دونها.
تنبيه : مفهوم قوله: "والملاح الذي معه أهله
وليس له نية الإقامة ببلد ليس له الترخص" أنه
إذا لم يكن معه أهله له الترخص وهو المذهب وهو
صحيح وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم
ولم يعتبر القاضي في موضع من كلامه في الملاح
ومن في حكمه كون أهله معه فلا يترخص وحده قال
في الفروع: وهو خلاف نصوصه.
(2/233)
فعلى قول
القاضي وعلى المذهب أيضا فيما إذا كان معه
أهله مع عدم الترخص من المفردات قال الأصحاب:
لتفويت رمضان بلا فائدة لأنه يقضيه في السفر
وكما تقعد امرأته مكانها كمقيم.
فائدة : قال في الرعاية: ومثل الملاح من لا
أهل له ولا وطن ولا منزل يقصده ولا يقيم بمكان
ولا يأوي إليه انتهى.
وتقدم أن الهائم والسائح والتائه لا يترخصون.
فائدتان .
إحداهما : المكاري والراعي والفيج والبريد
ونحوهم كالملاح لا يترخصون على الصحيح من
المذهب: ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو من
المفردات وقيل عنه يترخصون وإن لم يترخص
الملاح اختاره المصنف وقال سواء كان معه أهله
أو لا لأنه مسافر مشقوق عليه بخلاف الملاح
واختاره أيضا الشارح وأبو المعالي وبن منجا
وإليه ميل صاحب مجمع البحرين وأطلقهما في
الرعايتين والحاويين.
الثانية : الفيج بالفاء المفتوحة والياء
المثناة من تحت الساكنة والجيم رسول السلطان
مطلقا وقيل: رسول السلطان إذا كان راجلا وقيل:
هو الساعي قاله أبو المعالي وقيل: هو البريد.
قوله : "فصل في الجمع ويجوز الجمع بين الظهر
والعصر والعشاءين في وقت إحداهما لثلاثة أمور
السفر الطويل".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط لجواز الجمع في
السفر أن تكون مدته مثل مدة القصر وعليه
الأصحاب وقيل ويجوز أيضا الجمع في السفر
القصير ذكره في المبهج وأطلقهما.
تنبيه : يؤخذ من قول المصنف ويجوز الجمع أنه
ليس بمستحب وهو كذلك بل تركه أفضل على الصحيح
من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد
وصاحب مجمع البحرين ونص عليه وقدمه في الفروع
وغيره وعنه الجمع أفضل اختاره أبو محمد الجوزي
وغيره كجمعي عرفة ومزدلفة وعنه التوقف.
قوله : "في وقت إحداهما".
الصحيح من المذهب: جواز الجمع في وقت الأولى
كالثانية وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي:
هو المشهور المعمول به في المذهب قال في مجمع
البحرين: هذا المشهور عن أحمد وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
(2/234)
وقيل: لا يجوز
الجمع للمسافر إلا في وقت الثانية إذا كان
سائرا في وقت الأولى اختاره الخرقي وحكاه ابن
تميم وغيره رواية وحمله بعض الأصحاب على
الاستحباب قاله في الحواشي.
وقيل: لا يجوز الجمع إلا لسائر مطلقا وقال ابن
أبي موسى الأظهر من مذهبه أن صفة الجمع فعل
الأولى آخر وقتها وفعل الثانية أول وقتها.
وقال الشيخ تقي الدين: الجمع بين الصلاتين في
السفر يختص بمحل الحاجة لا أنه من رخص السفر
المطلقة كالقصر.
وقال: أيضا في جواز الجمع للمطر في وقت
الثانية وجهان لأنا لا نثق بدوام المطر إلى
وقتها.
وقيل: لا يصح جمع المستحاضة إلا في وقت
الثانية فقط قاله في الرعاية.
تنبيه : ظاهر قوله: "السفر الطويل" أنه لا
يجوز الجمع للمكي ومن قاربه بعرفة ومزدلفة
ومنى وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب
ونص عليه واختار أبو الخطاب في العبادات الخمس
والمصنف والشيخ تقي الدين جواز الجمع لهم
وتقدم ذلك قريبا أول الباب في القصر.
قوله : "والمرض الذي يلحقه بترك الجمع فيه
مشقة وضعف".
الصحيح من المذهب: أنه يجوز الجمع للمرض بشرطه
وعليه الأصحاب وعنه لا يجوز له الجمع ذكرها
أبو الحسين في تمامه وبن عقيل.
وقال: بعضهم إن جاز له ترك القيام جاز له
الجمع وإلا فلا.
فوائد .
منها : يجوز الجمع للمرض للمشقة بكثرة النجاسة
على الصحيح من المذهب نص عليه وذكر في الوسيلة
رواية لا يجوز وهو ظاهر كلام المصنف وغيره
وقال أبو المعالي هو كمريض.
ومنها : يجوز الجمع أيضا لعاجز عن الطهارة
والتيمم لكل صلاة جزم به في الرعاية والفروع.
ومنها : يجوز الجمع للمستحاضة ومن في معناها
على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل لا يجوز
وعنه إن اغتسلت لذلك جاز وإلا فلا.
وتقدم وجه أنه لا يجوز لها الجمع إلا في وقت
الثانية.
ومنها : يجوز الجمع أيضا للعاجز عن معرفة
الوقت كالأعمى ونحوه قال في الرعاية: أومأ
إليه.
(2/235)
ومنها : ما
قاله في الرعاية وغيرها يجوز الجمع لمن له شغل
أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة كخوفه على
نفسه أو حرمه أو ماله أو غير ذلك انتهى.
وقد قال أحمد: في رواية محمد بن مشيش الجمع في
الحضر إذا كان عن ضرورة مثل مرض أو شغل قال
القاضي: أراد بالشغل ما يجوز معه ترك الجمعة
والجماعة من الخوف على نفسه أو ماله.
قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين:
وهذا من القاضي يدل على أن أعذار الجمعة
والجماعة كلها تبيح الجمع.
وقالا أيضا: الخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام
الإمام أحمد كالمرض ونحوه وأولى للخوف على
ذهاب النفس والمال من العدو قال في الفروع
وشرحه: ويتوجه أن مراد القاضي غير غلبة
النعاس.
قلت: صرح بذلك في الوجيز فقال ويجوز الجمع لمن
له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة عدا
نعاس ونحوه.
وقال في الفائق: بعد كلام القاضي قلت إلا
النعاس وجزم في التسهيل بالجواز في كل ما يبيح
ترك الجمعة.
واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع للطباخ
والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله ومال غيره
بترك الجمع.
قوله : "والمطر الذي يبل الثياب".
ومثله الثلج والبرد والجليد.
واعلم أن الصحيح من المذهب: جواز الجمع لذلك
من حيث الجملة بشرطه نص عليه وعليه الأصحاب
وقيل لا يجوز الجمع وهو رواية عن أحمد.
تنبيه : مراده بقوله الذي يبل الثياب أن يوجد
معه مشقة قاله الأصحاب.
ومفهوم كلامه أنه إذا لم يبل الثياب لا يجوز
الجمع وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور
الأصحاب وقيل: يجوز الجمع للطل.
قلت: وهو بعيد وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "إلا أن جمع المطر يختص العشاءين في
أصح الوجهين".
وهما روايتان وهذا المذهب بلا ريب نص عليه في
رواية الأثرم وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو
الخطاب في رؤوس المسائل فإنه جزم به فيها.
والوجه الآخر يجوز الجمع كالعشاءين اختاره
القاضي وأبو الخطاب في الهداية،
(2/236)
والشيخ تقي
الدين وغيرهم ولم يذكر ابن هبيرة عن أحمد غيره
وجزم به في نهاية ابن رزين ونظمها والتسهيل
وصححه في المذهب وقدمه في الخلاصة وإدراك
الغاية وأطلقهما في مسبوك الذهب والمستوعب
والتلخيص والبلغة وخصال ابن البنا والطوفي في
شرح الخرقي والحاويين.
فعلى الثاني: لا يجمع الجمعة مع العصر في محل
يبيح الجمع قال القاضي أبو يعلى الصغير وغيره:
ذكروه في الجمعة ويأتي هناك.
قوله : "وهل يجوز لأجل الوحل".
على وجهين عند الأكثر وهما روايتان عند
الحلواني وأطلقهما في الهداية والخلاصة
والبلغة وشرح ابن منجا والرعايتين والحاويين
والفائق والمحرر والشرح.
أحدهما : يجوز وهو المذهب قال القاضي قال
أصحابنا: الوحل عذر يبيح الجمع قال في مجمع
البحرين: هذا ظاهر المذهب قال ابن رزين: هذا
أظهر وأقيس وصححه ابن الجوزي في المذهب ومسبوك
الذهب والمصنف في المغني وصاحب التلخيص وشرح
المجد والنظم وبن تميم والتصحيح وغيرهم وجزم
به الشريف وأبو الخطاب في رؤوس مسائلهما
والمبهج وتذكرة ابن عبدوس والإفادات والتسهيل
وغيرهم وقدمه في الفروع والكافي ومجمع البحرين
وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني: لا يجوز وجزم به في الوجيز وهو
ظاهر كلامه في العمدة فإنه قال: ويجوز الجمع
في المطر بين العشاءين خاصة وقيل يجوز إذا كان
معه ظلمة وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى.
فائدتان .
إحداهما : لم يقيد الجمهور الوحل بالبلل وذكر
الشريف وأبو الخطاب في رؤوس مسائلهما وغيرهما
أن الجواز مختص بالبلل.
الثانية : إذا قلنا يجوز للوحل فمحله بين
المغرب والعشاء فلا يجوز بين الظهر والعصر وإن
جوزناه للمطر على الصحيح قدمه في الفروع وأطلق
بعضهم الجواز.
قوله : "وهل يجوز لأجل الريح الشديدة
الباردة".
على وجهين عند الأكثر وهما روايتان عند
الحلواني.
واعلم أن الحكم هنا كالحكم في الوحل خلافا
ومذهبا فلا حاجة إلى إعادته.
فائدة : الصحيح أن ذلك مختص بالعشاءين ذكره
غير واحد زاد في المذهب والمستوعب والكافي مع
ظلمة وأطلق الخلاف كالمصنف في التلخيص
والمحرر.
(2/237)
قوله : "وهل
يجوز لمن يصلي في بيته أو في مسجد طريقه تحت
ساباط على وجهين".
وكذا لو ناله شيء يسير وأطلقهما في الهداية
والمستوعب والكافي والمغني والخلاصة والتلخيص
والبلغة وشرح ابن منجا والمحرر والشرح وبن
تميم والرعايتين والحاويين والحواشي والفائق
وتجريد العناية.
أحدهما : يجوز وهو المذهب قال القاضي: هذا
ظاهر كلام أحمد وصححه في التصحيح ونصره في
مجمع البحرين.
قال في المنور: ويجوز لمطر يبل الثياب ليلا
وجزم به في النظم ونهاية ابن رزين وإدراك
الغاية وقدمه في الفروع والنظم وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني : لا يجوز اختاره ابن عقيل وجزم
به في الوجيز وصححه في المذهب ومسبوك الذهب
وهو ظاهر كلامه في العمدة كما تقدم.
وقيل: يجوز الجمع هنا لمن خاف فوت مسجد أو
جماعة جمع.
قال المجد: هذا أصح وجزم به في الإفادات
والحاويين وقدمه في الرعايتين مع أنهم أطلقوا
الخلاف في غير هذه الصورة كما تقدم.
وقدم أبو المعالي يجمع الإمام واحتج بفعله
عليه أفضل الصلاة والسلام.
فائدة : لا يجوز الجمع لعذر من الأعذار سوى ما
تقدم على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع لتحصيل
الجماعة وللصلاة في حمام مع جوازها فيه خوف
فوت الوقت ولخوف يخرج في تركه أي مشقة.
قوله : "ويفعل الأرفق به من تأخير الأولى إلى
وقت الثانية أو تقديم الثانية إليها".
هذا أحد الأقوال مطلقا اختاره الشيخ تقي الدين
وقال هو ظاهر المذهب المنصوص عن أحمد وجزم به
في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وشرح ابن منجا.
وقيل: يفعل المريض الأرفق به من التقديم
والتأخير وهو أفضل ذكره ابن تميم وصاحب الفائق
والمصنف وغيرهم زاد المصنف فإن استويا عنده
فالأفضل التأخير.
وقال ابن رزين: ويفعل الأرفق إلا في جمع المطر
فإن التقديم أفضل.
وعنه جمع التأخير أفضل جزم به في المحرر
والإفادات ومجمع البحرين والمنور وتجريد
العناية وقدمه في المستوعب والنظم والحواشي
وقال ذكره جماعة قال الشارح:
(2/238)
لأنه أحوط وفيه
خروج من الخلاف وعملا بالأحاديث كلها.
قال الزركشي: المنصوص وعليه الأصحاب أن جمع
التأخير أفضل ذكره في جمع السفر.
وقال في روضة الفقه: الأفضل في جمع المطر
التأخير وقيل جمع التأخير أفضل في السفر دون
الحضر جزم به في الهداية والخلاصة وقدمه ابن
تميم في حق المسافر وقال نص عليه.
وقال الآمدي: إن كان سائرا فالأفضل التأخير
وإن كان في المنزل فالأفضل التقديم وقال في
المذهب: الأفضل في حق من يريد الارتحال في وقت
الأولى ولا يغلب على ظنه النزول في وقت
الثانية أن يقدم الثانية: وفي غير هذه الحالة
الأفضل تأخير الأولى إلى دخول وقت الثانية
انتهى.
وقيل: جمع التقديم أفضل مطلقا وقيل جمع
التقديم أفضل في جمع المطر نقله الأثرم وجمع
التأخير أفضل في غيره وجزم به في الكافي
والحاويين وقدمه ابن تميم والرعايتين.
وقال الشيخ تقي الدين: في جواز الجمع للمطر في
وقت الثانية وجهان لأنا لا نثق بدوامه كما
تقدم عنه.
قلت: ذكر في المبهج وجها بأنه لا يجمع مؤخرا
بعذر المطر نقله ابن تميم وقال هو ظاهر كلام
الإمام أحمد وظاهر الفروع إطلاق هذه الأقوال.
فعلى القول بأنه يفعل الأرفق به عنده فلو
استويا فقال في الكافي وبن منجا في شرحه
الأفضل التأخير في المرض وفي المطر التقديم
وتقدم كلام المصنف في المرض.
قوله : "وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط نية
الجمع".
يعني أحدها نية الجمع وهذا المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وقيل: لا تشترط النية للجمع اختاره
أبو بكر كما تقدم في كلام المصنف والشيخ تقي
الدين وقدمه ابن رزين وأطلقهما ابن تميم
والمستوعب وتقدم ذلك.
قوله : "عند إحرامها".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط أن يأتي بالنية
عند إحرام الصلاة الأولى وعليه أكثر الأصحاب.
ويحتمل أن تجزئه النية قبل سلامها.
وهو وجه اختاره بعض الأصحاب قال في المذهب:
وفي وقت نية الجمع هذه وجهان أصحهما أنه ينوي
الجمع في أي جزء كان من الصلاة الأولى من حين
تكبيرة الإحرام إلى أن
(2/239)
يسلم وأطلقهما
في المستوعب.
وقيل: تجزئه النية بعد السلام منها وقبل إحرام
الثانية ذكره ابن تميم عن أبي الحسين وقيل
تجزئه النية عند إحرام الثانية اختاره في
الفائق وقيل محل النية إحرام الثانية لا قبله
ولا بعده ذكره ابن عقيل وجزم في الترغيب
باشتراط النية عند إحرام الأولى وإحرام
الثانية أيضا قال ابن تميم: ومتى قلنا.
محل النية الأولى فهل تجب في الثانية على
وجهين وقال في الحواشي ومتى قلنا محل النية
الأولى لم تجب في الثانية وقيل: تجب.
قوله : "وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة
والوضوء".
اعلم أن الصحيح من المذهب: وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به أكثرهم أنه تشترط الموالاة في
الجمع في وقت الأولى واختار الشيخ تقي الدين
عدم اشتراط الموالاة وأخذه من رواية أبي طالب
والمروذي للمسافر أن يصلي العشاء قبل مغيب
الشفق وعلله الإمام أحمد بأنه يجوز له الجمع.
وأخذه أيضا من نصه في جمع المطر إذا صلى
أحداهما في بيته والصلاة الأخرى في المسجد فلا
بأس.
تنبيه: قوله: "وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر
الإقامة والوضوء" هكذا قال" كثير من الأصحاب
منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر
والنظم ومجمع البحرين والرعاية الصغرى
والحاويين والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع
وغيره زاد جماعة فقالوا: لا يفرق بينهما إلا
بقدر الإقامة والوضوء إذا أحدث والتكبير في
أيام العيد أو ذكر يسير منهم صاحب التلخيص
والبلغة فيها وهو قول في الرعاية.
وقال المصنف في المغني والشارح: المرجع في
اليسير والكثير إلى العرف لا حد له سوى ذلك
قال: وقدره بعض أصحابنا بقدر الإقامة والوضوء
والصحيح أنه لا حد له وقدم ما قاله المصنف في
المغني وبن تميم وحواشي ابن مفلح.
قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين:
والمرجع في طوله إلى العرف وإنما قرب تحديده
بالإقامة والوضوء لأن هذا هو محل الإقامة وقد
يحتاج إلى الوضوء فيه وهما من مصالح الصلاة
ولا تدعو الحاجة غالبا إلى غير ذلك.
ولا إلى أكثر من زمنه انتهيا وجزم به في
الوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
قال ابن رزين في شرحه: وهو أقيس وقال في
الرعاية الكبرى: وإن فرق بينهما عرفا أو أزيد
من قدر وضوء معتاد أو إقامة صلاة بطل.
واعتبر ابن عقيل في الفصول الموالاة وقال
معناها أن لا يفصل بينهما بصلاة ولا كلام لئلا
يزول معنى الاسم وهو الجمع.
(2/240)
وقال أيضا: إن
سبقه الحدث في الثانية وقلنا تبطل به فتوضأ أو
اغتسل ولم يطل ففي بطلان جمعه احتمالان.
وحكى القاضي في شرحه الصغير وجها أن الجمع
يبطله التفريق اليسير.
فعلى الأول قال في النكت: هذا إذا كان الوضوء
خفيفا فأما من طال وضوءه بأن يكون الماء منه
على بعد بحيث يطول الزمان فإنه يبطل جمعه
انتهى وفي كلام الرعاية المتقدم إيماء إليه
وقطع به الزركشي وغيره.
قوله : "فإن صلى السنة بينهما بطل الجمع في
إحدى الروايتين".
وهي المذهب صححه في التصحيح والخلاصة والنظم
ومجمع البحرين والفائق والزركشي وجزم به في
الوجيز والإفادات والمنور وقدمه في الفروع
والمغني والمحرر والشرح وحواشي ابن مفلح وشرح
ابن رزين.
والرواية الثانية: لا تبطل كما لو تيمم قال
الطوفي في شرح الخرقي: أظهر القول دليلا على
عدم البطلان إلحاقا للسنة الراتبة بجزء من
الصلاة لتأكدها.
وأما صلاة غير الراتبة: فيبطل الجمع عند
الأكثر وقطعوا به.
وقال في الانتصار: يجوز التنفل أيضا بينهما.
ونقل أبو طالب لا بأس أن يتطوع بينهما قال
القاضي في الخلاف: رواية أبي طالب تدل على صحة
الجمع وإن لم تحصل الموالاة.
وتقدم أن الشيخ تقي الدين لا يشترط الموالاة
في الجمع.
وأطلق الروايتين في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة وبن
تميم والرعايتين والحاويين.
تنبيه : محل الخلاف إذا لم يطل الصلاة فإن
أطالها بطل الجمع رواية واحدة قاله الزركشي
وغيره وتقدم نظيره في الوضوء.
فائدة : يصلي سنة الظهر بعد صلاة العصر من غير
كراهة قاله أكثر الأصحاب.
وقيل: لا يجوز وقيل إن جمع في وقت العصر لم
يجز وإلا جاز لبقاء الوقت إذن ويصلى في جمع
ولتقديم سنة العشاء بعد سنة المغرب على الصحيح
وقال ابن عقيل الأشبه عندي أن يؤخرها إلى دخول
وقت العشاء وذكر الأول احتمالا.
قوله : "وأن يكون العذر موجودا عند افتتاح
الصلاتين وسلام الأولى".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في
الهداية والمذهب والمستوعب
(2/241)
والكافي
والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والإفادات
والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس والفائق
والشرح وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين
وشرح المجد ومجمع البحرين وحواشي ابن مفلح
وغيرهم قال ابن تميم: وسواء قلنا باعتبار نية
الجمع أم لا.
وقيل: لا يشترط وجود العذر عند سلام الأولى
قال ابن عقيل: لا أثر لانقطاعه عند سلام
الأولى إذا عاد قبل طول الفصل وأطلقهما ابن
تميم وقيل يشترط وجود العذر في جميع الصلاة
الأولى اختاره صاحب التبصرة.
فوائد .
منها : لو أحرم بالأولى مع قيام المطر ثم
انقطع ولم يعد فإن لم يحصل منه وحل بطل الجمع
وإلا إن حصل منه وحل وقلنا يجوز الجمع لأجله
لم.
تبطل جزم به ابن تميم وبن مفلح في حواشيه وقال
في الرعاية الكبرى وإن حصل به وحل فوجهان
انتهى.
ولو شرع في الجمع مسافر لأجل السفر فزال سفره
ووجد وحل أو مرض أو مطر بطل الجمع.
ومنها : يعتبر بقاء السفر والمرض حتى يفرغ من
الثانية فلو قدم في أثنائها أو صح أو أقام بطل
الجمع على الصحيح من المذهب: كالقصر وجزم به
في العمدة فقال واستمرار العذر حتى يشرع في
الثانية فيتمها نفلا وقيل تبطل وقيل لا يبطل
الجمع كانقطاع المطر في الأشهر.
والفرق أن نتيجة المطر وحل فتبعه وهما في
المعنى سواء قاله في الفروع.
وقال في الحواشي: والفرق أنه لا يتحقق انقطاع
المطر لاحتمال عوده في أثناء الصلاة وقد يخلفه
عذر مبيح وهو الوحل بخلاف مسألتنا انتهى.
ومنها : ذكر المصنف ثلاث شروط وبقي شرط رابع
وهو الترتيب لكن تركه لوضوحه.
قوله : "وإن جمع في وقت الثانية كفاه نية
الجمع في وقت الأولى ما لم يضق عن فعلها".
هذا المذهب وعليه الأكثر قاله في الفروع قال
في مجمع البحرين: هذا ظاهر المذهب قال الشارح:
متى جمع في وقت الثانية فلا بد من نية الجمع
في وقت الأولى وموضعها في وقت الأولى من أوله
إلى أن يبقى منه قدر ما يصليها هكذا ذكره
أصحابنا انتهى.
وقال المجد: وإن جمع في وقت الثانية اشترطت
نية الجمع قبل أن يبقى من وقت الأولى بقدرها
لفوات فائدة: الجمع وهو التخفيف بالمقارنة
بينهما وقاله غيره وقدمه في الفروع وبن تميم.
وقيل: يصح ولو بقي قدر تكبيرة من وقتها أو
ركعة قال ابن البنا في.
العقود: وقت النية إذا
(2/242)
أخر من زوال
الشمس أو غروبها إلى أن يبقى من وقت الأولى
قدر ما ينويها فيه لأنه به يكون مدركا لها
أداء.
قوله : "واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية
منهما".
لا أعلم فيه خلافا.
قوله : "ولا يشترط غير ذلك".
مراده غير الترتيب فإنه يشترط بينهما مطلقا
على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وجعله في الكافي والمغني ونهاية أبي المعالي
أصلا لمن قال: بعدم سقوط الترتيب بالنسيان في
قضاء الفوائت.
قال في النكت: فدل على أن المذهب لا يسقط
بالنسيان.
وقيل: يسقط الترتيب بالنسيان لأن إحداهما هنا
تبع لاستقرارهما كالفوائت وقدمه ابن تميم
والفائق قال المجد في شرحه وتبعه الزركشي-:
الترتيب معتبر هنا لكن بشرط الذكر كترتيب
الفوائت.
ووجه في الفروع منها تخريجا بالسقوط مطلقا.
وقيل: ويسقط الترتيب أيضا بضيق وقت الثانية
كفائتة مع مؤداة وإن كان الوقت لها أداء قاله
القاضي في المجرد.
تنبيه : أخرج بقوله ولا يشترط غير ذلك
الموالاة فلا تشترط على الصحيح من المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وقيل تشترط فيأثم بالتأخير
عمدا وتكون الأولى قضاء ولا يقصرها المسافر.
وقدم أبو المعالي أنه لا يأثم به وأما الصلاة
فصحيحة بكل حال كما لو صلى الأولى في وقتها مع
نية الجمع ثم تركه.
فعلى المذهب: لا بأس بالتطوع بينهما نص عليه
وعنه منعه.
فائدة : لا يشترط اتخاذ الإمام ولا المأموم في
صحة الجمع على الصحيح من.
المذهب: فلو صلى الأولى وحده ثم صلى الثانية
إماما أو مأموما أو تعدد الإمام بأن صلى بهم
الأولى وصلى الثانية إمام آخر أو بعدد المأموم
في الجمع بأن صلى معه مأموم في الأولى وصلى في
الأخرى مأموم آخر أو نوى الجمع المعذور من
الإمام والمأموم كمن نوى الجمع خلف من لا يجمع
أو بمن لا يجمع صح على الصحيح من المذهب: قال
في الفروع: صح في الأشهر قال الإمام أحمد: إذا
صلى إحدى صلاتي الجمع في بيته والأخرى مع
الإمام فلا بأس [وصححه
(2/243)
ابن تميم وقدم
في الرعاية عدم اتخاذه الإمام وقال ابن عقيل
يعتبر اتخاذه المأموم] قال في الرعاية: يعتبر
في الأصح وقيل: يعتبر اتخاذ الإمام والمأموم
أيضا ذكره في الرعاية.
قوله : "فصل في صلاة الخوف قال الإمام أبو عبد
الله صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة
الخوف من خمسة أوجه أو ستة كل ذلك جائز لمن
فعله".
وفي رواية عن الإمام أحمد من ستة أوجه أو سبعة
قال الزركشي: وقيل: أكثر من ذلك.
فمن ذلك إذا كان العدو في جهة القبلة صف
الإمام المسلمين خلفه صفين.
يعني فأكثر فهذه صفة ما صلى عليه أفضل الصلاة
والسلام في عسفان.
فيصلي بهم جميعا إلى أن يسجد فيسجد معه الصف
الذي يليه ويحرس الآخر حتى يقوم الإمام إلى
الثانية: فيسجد ويلحقه.
الصحيح من المذهب: أن الأولى أن الصف المؤخر
هو الذي يحرس أولا كما قال المصنف قال في
النكت: هو الصواب واختاره المجد في شرحه.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا
والوجيز والنظم وتذكره ابن عبدوس والتسهيل
وحواشي ابن مفلح وبن تميم وغيرهم وقدمه في
الفروع ومجمع البحرين وتجريد العناية.
وقال القاضي وأصحابه: يحرس الصف الأول أولا
لأنه أحوط قال في مجمع البحرين: ذكره أكثر
الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة
والمحرر والرعايتين والإفادات والحاويين
وإدراك الغاية والفائق وغيرهم قال ابن تميم
وبن حمدان وغيرهما: وإن صف في نوبة غيره فلا
بأس.
فوائد.
إحداها: قال في الرعاية الكبرى: يكون كل صف
ثلاثة أو أكثر وقيل: أو أقل ولم أره لغيره.
الثانية : لو تأخر الصف المقدم وتقدم الصف
المؤخر كان أولى للتسوية في فضيلة الموقف وجزم
به في المغني والشرح والوجيز وتذكرة ابن عبدوس
وبن تميم وقيل يجوز من غير أفضلية جزم به في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص
والبلغة والرعايتين والحاويين وأطلقهما في
الفروع.
الثالثة : لو حرس بعض الصف أو جعلهم الإمام
صفا واحدا جاز.
الرابعة : لا يجوز أن يحرس صف واحد في
الركعتين.
الخامسة : يشترط في صلاة هذه الصفة أن لا
يخافوا كمينا وأن يكون قتالهم مباحا سواء كان
حضرا أو سفرا وأن يكون المسلمون يرون الكفار
لخوف هجومهم.
(2/244)
قوله : "الوجه
الثاني إذا كان العدو في غير جهة القبلة جعل
طائفة حذاء العدو".
بلا نزاع لكن يشترط في الطائفة أن تكفي العدو
زاد أبو المعالي بحيث يحرم فرارها فلا يشترط
في الطائفة عدد على كلا القولين وهذا المذهب
وهو ظاهر ما جزم به في الخرقي والمبهج
والإيضاح والعقود لابن البنا والمحرر
والإفادات والوجيز والنظم وتجريد العناية
والمنور والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم
لإطلاقهم الطائفة.
قال في مجمع البحرين: هذا القياس وصححه في
الفائق وبن تميم.
قال المصنف: والأولى أن لا يشترط عدد وقدمه في
الفروع والرعاية الكبرى وقيل يشترط كون كل
طائفة ثلاثة فأكثر قال في الرعاية الكبرى: وهو
أشهر وجزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة
والتلخيص والبلغة وقدمه في مجمع البحرين وقيل
يكره أن تكون الطائفة أقل من ثلاثة اختاره
القاضي والمجد في شرحه وجزم به في المذهب
ومسبوك الذهب.
ويأتي في أوائل كتاب الحدود مقدار الطائفة.
فائدة : لو فرط الإمام في ذلك أو فيما فيه حظ
للمسلمين أثم ويكون قد أتى صغيره هذا الصحيح
من المذهب: قدمه في الفروع تبعا لصاحب الفصول
ولا يقدح في الصلاة إن قارنها على الأشبه قال
في الفصول وتبعه في الفروع.
وقيل: يفسق بذلك وإن لم يتكرر منه كالمودع
والوصي والأمين إذا فرط في الأمانة ذكره ابن
عقيل وقال: وتكون الصلاة معه مبنية على إمامة
الفاسق وأطلقهما ابن تميم.
قلت: إن تعمد ذلك فسق قطعا وإلا فلا.
قال في الفروع: ويتوجه في المودع والوصي
والأمين إذا فرط هذا الخلاف وأطلقهما في
الرعاية.
قوله : "فإذا قاموا إلى الثانية ثبت قائما
وأتمت لأنفسها أخرى وسلمت ومضت إلى العدو".
الركعة الثانية" التي تتمها لنفسها تقرأ فيها
بالحمد وسورة وتنوي المفارقة لأن من ترك
المتابعة ولم ينو المفارقة تبطل صلاته ويلزمها
أيضا أن تسجد لسهو إمامها الذي وقع منه قبل
المفارقة عند فراغها.
قلت: فيعايى بها.
والصحيح من المذهب: أنها بعد المفارقة منفردة
قدمه في الفروع وبن تميم وقال ابن حامد هي
منوية وأما الطائفة الثانية: فهي منوية في كل
صلاته فيسجدون لسهوه فيما أدركوه
(2/245)
وفيما فاتهم
كالمسبوق ولا يسجدون لسهوهم ومنع أبو المعالي
انفراده فإن من فارق إمامه فأدركه مأموم بقي
على حكم إمامته.
تنبيه : قوله : "ثبت قائما يعني يطيل القراءة
حتى تحضر الطائفة الأخرى".
قوله : "وجاءت الطائفة الأخرى فصلت معه الركعة
الثانية".
فيقرأ الإمام إذا جاؤوا الفاتحة وسورة إن لم
يكن قرأ وإن كان قرأ قرأ بقدر الفاتحة وسورة
ولا يؤخر القراءة إلى مجيئها قال ابن عقيل:
لأنه لا يجوز السكوت ولا التسبيح ولا الدعاء
ولا القراءة بغير الفاتحة لم يبق إلا القراءة
بالفاتحة وسورة طويلة قال في الفروع: كذا قال:
لا يجوز أي يكره.
فائدة : يكفي إدراكها لركوعها ويكون ترك
الإمام المستحب وفي الفصول فعل مكروها.
قوله : "فإذا جلس للتشهد أتمت لأنفسها أخرى
وتشهدت وسلم بهم".
هذا المذهب أعني أنها تتم صلاتها إذا جلس
الإمام للتشهد ينتظرهم حتى.
يسلم بهم وعليه جماهير الأصحاب وجزم به الخرقي
والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع
والرعاية وبن تميم وغيرهم.
وقيل: له أن يسلم قبلهم وجزم به الناظم قال
ابن أبي موسى: لو أتمت بعد سلامه جاز وقيل:
تقضي الطائفة بعد سلامه وهو ظاهر كلام أبي بكر
في التنبيه.
فوائد.
الأولى: تسجد الطائفة الثانية معه لسهوه ولا
تعيده لأنها تنفرد عنه وهذا المذهب وجعلها
القاضي وبن عقيل كمسبوق وقيل إن سها في حال
انتظارها أو سهت بعد مفارقته فهل يثبت حكم
القدوة وإذا لحقوه في التشهد هل يعتبر تجديد
نية الاقتداء فيه خلاف مأخوذ ممن زحم عن سجود
إذا سها فيما يأتي به أو سها إمامه قبل لحوقه
أو سها المنفرد ثم دخل في جماعة وفيه وجهان
قاله أبو المعالي وأوجب أبو الخطاب سجود السهو
على المزحوم لانفراده بفعله وقياس قوله في
الباقي كذلك.
قال المجد: وانفراد أبو الخطاب عن أكثر
أصحابنا وعامة العلماء أن انفراد المأموم بما
لا يقطع قدوته متى سهى فيه أو به حمله عنه
الإمام ونص عليه أحمد في مواضع لبقاء حكم
القدوة.
وأما الطائفة الأولى: فهي في حكم الائتمام قبل
مفارقته إن سها لزمهم حكم سهوه وسجدوا له وإن
سهوا لم يلحقهم حكم سهوهم وإذا فارقوه صاروا
منفردين لا يلحقهم سهوه وإن سهوا سجدوا قاله
في الكافي وهو مشكل بما تقدم في آخر باب السهو
أن المسبوق لو سهى مع الإمام أنه يسجد.
(2/246)
الثانية : هذه
الصلاة بهذه الصفة اختارها الإمام أحمد
وأصحابه حتى قطع بها كثير منهم وقدموها على
الوجه الثالث : الآتي بعد وفضلوها عليه وفعلها
عليه أفضل الصلاة والسلام بذات الرقاع.
الثالثة : هذه الصفة تفعل وإن كان العدو في
جهة القبلة على الصحيح من المذهب نص عليه
وقدمه في الفروع والفائق وبن تميم وقال القاضي
وأبو الخطاب وجماعة من شروط هذه الصلاة بهذه
الصفة كون العدو في غير جهة القبلة وجزم به في
المستوعب قال المجد: نص أحمد محمول على ما إذا
لم تكن صلاة عسفان لاستئثار العدو وقول القاضي
محمول على ما إذا كانت صلاة عسفان.
قوله : "وإن كانت الصلاة مغربا صلى بالأولى
ركعتين وبالثانية ركعة".
بلا نزاع ونص عليه ولو صلى بالأولى ركعة
وبالثانية ركعتين عكس الصفة الأولى صحت على
الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ونص عليه وفي
الفروع تخريج بفسادها من بطلانها إذا فرقهم
أربع فرق.
قوله : "وإن كانت رباعية غير مقصورة صلى بكل
طائفة ركعتين".
بلا نزاع ولو صلى بطائفة ركعة وبالأخرى ثلاثا
صح ولم يخرج فيها في الفروع وخرج ابن تميم
البطلان وهو احتمال في الرعاية.
قوله : "وهل تفارقه الأولى في التشهد أو في
الثالثة على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والحاويين والفائق والزركشي والشرح.
أحدهما : تفارقه عند فراغ التشهد وهو المذهب
جزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والخلاصة وبن
تميم والرعايتين وغيرهم وصححه في التصحيح
وتجريد العناية.
والوجه الثاني: تفارقه في الثالثة قال في مجمع
البحرين: هذا أصح الوجهين.
فعلى المذهب: ينتظر الإمام الطائفة الثانية
جالسا يكرر التشهد فإذا أتت قام زاد أبو
المعالي تحرم معه ثم ينهض بهم.
وعلى الوجه الثاني: يكون الانتظار في الثالثة
فيقرأ سورة مع الفاتحة على الصحيح من المذهب.
قلت: فيعايى بها.
وفيها احتمال لابن عقيل في الفنون: يكرر
الفاتحة.
(2/247)
فائدة : لا
تتشهد الطائفة الثانية بعد ثالثة المغرب على
الصحيح من المذهب لأنه ليس محل تشهدها وقيل:
تتشهد معه إن قلنا تقضي ركعتين متواليتين لئلا
تصلي المغرب بتشهد واحد.
قلت: فعلى الأول إن قلنا تقضي ركعتين
متواليتين يعايى بها لكن يظهر بعد هذا أن يقال
لا تتشهد بعد الثالثة: وإذا قضت تقضي ركعتين
متواليتين ويتصور في المغرب أيضا ست تشهدات
بأن يدرك المأموم الإمام في التشهد الأول
فيتشهد معه ويكون على الإمام سجود سهو محله
بعد السلام فيتشهد معه ثلاث تشهدات ثم يقضي
فيتشهد عقيب ركعة وفي آخر صلاته ولسهو لما يجب
سجوده بعد السلام بأن يسلم قبل إتمام صلاته
فيعايى بها.
قوله : "وإن فرقهم أربع فرق فصلى بكل طائفة
ركعة صحت صلاة الأوليين".
لمفارقتهما قبل الانتظار الثالث وهو المبطل
ذكر هذا التعليل ابن حامد وغيره قال ابن عقيل:
وغيره سواء احتاج إلى هذا التفريق أو لا.
قوله : "وبطلت صلاة الإمام والأخريين إن علمتا
بطلان صلاته".
وهذا المذهب في المسألتين وعليه أكثر الأصحاب
وقال المجد في شرحه والصحيح عندي على أصلنا إن
كان هذا الفعل لحاجة صحت صلاة الكل كحاجتهم.
إلى ثلاثمائة بإزاء العدو والجيش أربعمائة
لجواز الانفراد لعذر والانتظار إنما هو تطويل
قيام وقراءة وذكر وإن كان لغير حاجة صحت صلاة
الأولى لجواز مفارقتها بدليل جواز صلاته
بالثانية الركعات الثلاث وبطلت صلاة الإمام
والثانية لانفرادها بلا عذر وهو مبطل على
الأشهر وبطلت صلاة الثالثة والرابعة لدخولهما
في صلاة باطلة قال ابن تميم: وهو أحسن.
وقيل: تبطل صلاة الكل بنية صلاة محرم
ابتداؤها.
وقيل: تصح صلاة الإمام فقط وجزم به القاضي في
الخلاف ووجه في الفروع بطلان صلاة الأولى
والثانية: لانصرافهما في غير محله.
تنبيه : مفهوم قوله: وبطلت صلاة الإمام
والأخريين إن علمتا بطلان صلاته أنهما إذا
جهلتا بطلان صلاته تصح صلاتهما وهو صحيح وهو
المذهب بشرط أن يجهل الإمام أيضا بطلان صلاته
اختاره ابن حامد وغيره وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال ابن تميم:
وينبغي أن يعتبر جهل الإمام أيضا وقيل لا تبطل
ولو لم يجهل الإمام بطلان صلاته.
قال في الفروع: وفيه نظر ولهذا قيل لا تصح
كحدثه.
وقيل: لا تصح صلاتهم ولو جهلوا للعلم بالمفسد.
قال المجد: وهو أقيس على أصلنا والجهل بالحكم
لا تأثير له كالحدث قال في مجمع البحرين: قلت
ولو قال: قائل ببطلان صلاة الجميع إذا لم يكن
التفريق لحاجة ولم يعذر
(2/248)
المأمومون
لجهلهم لم يبعد.
قوله : "الوجه الثالث أن يصلى بطائفة ركعة ثم
تمضي إلى العدو وتأتي الأخرى فيصلي بها ركعة
ويسلم وحده وتمضي هي ثم تأتي الأولى فتتم
صلاتها ثم تأتي الأخرى فتتم صلاتها".
وهذا بلا نزاع لكن إذا أتمتها الطائفة الأولى
تلزمها القراءة فيما تقضيه.
على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع ومجمع
البحرين وبن تميم.
وقال القاضي في جامعه الصغير: لا قراءة عليها
بل إن شاءت قرأت وإن شاءت لم تقرأ لأنها مؤتمة
بالإمام حكما انتهى.
ولو زحم المأموم أو نام حتى سلم إمامه قرأ
فيما يقضيه نص عليه وعلى قول القاضي لا يحتاج
إلى قراءة قاله ابن تميم وصاحب الفروع.
قلت: فيعايى بها على قول فيهما.
وأما الطائفة الأخرى: فتلزمها القراءة فيما
تقضيه وجها واحدا.
فائدتان.
إحداهما: هذه الصلاة بهذه الصفة وردت في حديث
ابن عمر رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد وأبو
داود وغيرهم وليست مختارة عند الإمام أحمد
والأصحاب بل المختار عندهم الوجه الثاني كما
تقدم.
الثانية : لو قضت الطائفة الأخرى ركعتها حين
تفارق الإمام وسلمت ثم مضت وأتت الأولى فأتمت
كخبر ابن مسعود صح وهذه الصفة أولى عند بعض
الأصحاب قاله في الفروع واقتصر عليه قال ابن
تميم وهو أحسن.
قوله : "الوجه الرابع أن يصلى بكل طائفة صلاة
ويسلم بها".
تصح الصلاة بهذه الصفة على الصحيح من المذهب
وإن منعنا اقتداء المفترض بالمتنفل نص عليه
وقدمه في الفروع والرعاية وبن تميم والفائق
وقال هو أصح وغيرهم وبناه القاضي وغيره على
اقتداء المفترض بالمتنفل.
وهذه الصفة فعلها عليه أفضل الصلاة والسلام
رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث
أبي بكرة.
قوله : "الوجه الخامس أن يصلى الرباعية
المقصورة تامة وتصلى.
معه كل طائفة ركعتين ولا يقضي شيئا فتكون له
تامة ولهم مقصورة".
(2/249)
الصحيح من
المذهب: أن الصلاة بهذه الصفة صحيحة نص عليه
وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره
وقدمه في الفروع وغيره وقال المجد لا تصح
لاحتمال سلامه من كل ركعتين فتكون الصفة التي
قبلها قال وتبعه في مجمع البحرين: فلا يجوز
إثبات هذه الصفة مع الشك والاحتمال ونصراه
وهذه الصفة فعلها عليه أفضل الصلاة والسلام في
ذات الرقاع رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم.
قلت: فعلى المذهب يعايى بها.
فائدتان.
إحداهما: لو قصر الصلاة الجائز قصرها وصلى بكل
طائفة ركعة بلا قضاء صح في ظاهر كلامه قدمه في
الفروع والرعاية ومجمع البحرين وبن تميم
والفائق وقال وهو المختار واختاره المصنف وهو
من المفردات.
قال في الفروع: ومنع الأكثر صحة هذه الصفة قال
الشارح: وهذا قول أصحابنا ومال إليه قال
الزركشي: هذا المشهور.
قال القاضي: الخوف لا يؤثر في نقص الركعات.
قال في الكافي: كلام أحمد يقتضي أن يكون من
الوجوه الجائزة إلا أن أصحابه قالوا لا تأثير
للخوف في عدد الركعات وحملوا هذه الصفة على
شدة الخوف انتهى.
وهذا هو الوجه السادس.
قال الشارح: وذكر شيخنا.
"الوجه السادس : أن يصلى بكل طائفة ركعة ولا
يقضى شيئا".
وكذا قال ابن منجا في شرحه: وكان بعض مشايخنا
يقول: الوجه السادس.
إذا اشتد الخوف وهذه الصفة صلاها عليه أفضل
الصلاة والسلام بذي قرد رواه النسائي والأثرم
من حديث ابن عباس وحذيفة وزيد بن ثابت وغيرهم.
الثانية : تصح صلاة الجمعة في الخوف فيصلي
بطائفة ركعة بعد حضورها الخطبة فيشترط لصحتها
حضور الطائفة الأولى لها وقيل أو الثانية قاله
في الفروع والرعاية وإن أحرم بالتي لم تحضرها
لم تصح حتى يخطب لها ويعتبر أن تكون كل طائفة
أربعين بناء على اشتراطه في الجمعة وتقضي كل
طائفة ركعة بلا جهر.
قال في الفروع: ويتوجه أن تبطل إن بقي منفردا
بعد ذهاب الطائفة كما لو نقص العدد وقيل يجوز
هنا للعذر لأنه مترقب للطائفة الثانية.
قال أبو المعالي: وإن صلاها كخبر ابن عمر جاز.
وأما صلاة الاستسقاء: فقال أبو المعالي-
واقتصر عليه في الفروع- تصلى ضرورة
(2/250)
كالمكتوبة وكذا
الكسوف والعيد إلا أنه آكد من الاستسقاء.
قوله : "ويستحب أن يحمل معه في الصلاة من
السلاح ما يدفع به عن نفسه ولا يثقله كالسيف
والسكين".
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ويحتمل أن يجب
وهو وجه اختاره صاحب الفائق ونصره المصنف
وحكاه أبو حكيم النهرواني عن أبي الخطاب.
قال الشارح: هذا القول أظهر وقال في مجمع
البحرين قلت أما على بعض الوجوه فيما إذا حرست
إحدى الطائفتين: وهي في حكم الصلاة فينبغي أن
يجب قولا واحدا لوجوب الدفع عن المسلمين وأما
في غير ذلك فإن قلنا يجب الدفع عن النفس فكذلك
وإلا كان مستحبا انتهى.
وقال في المنتخب: هل يستحب فيه روايتان نقل
ابن هانئ لا بأس وقيل يجب مع عدم أذى مطر أو
مرض ولو كان السلاح مذهبا ولا يشترط حمله قولا
واحدا وقال في الفروع ويتوجه فيه تخريج
واحتمال.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم قوله: "ولا يثقله" أنه إذا
أثقله لا يستحب حمله في الصلاة كالجوشن وهو
صحيح بل يكره قاله الأصحاب.
الثاني : يستثنى من كلام المصنف ما لا يثقله
ولكن يمنعه من إكمال الصلاة كالمغفر أو يؤذي
غيره كالرمح إذا كان متوسطا فإن حمل ذلك لا
يستحب بل يكره على الصحيح من المذهب إلا من
حاجة وقد جزم المصنف والشارح وغيرهما بأنه لا
يستحب.
وقال ابن عقيل في الفصول: يكره ما يمنعه من
استيفاء الأركان قال في الفروع: ومراده
استيفاؤها على الكمال وقال في الفصول في مكان
آخر إلا في حرب مباح قال في الفروع كذا قال:
ولم يستثن في مكان آخر.
فائدتان.
إحداهما: يجوز حمل النجس في هذه الحال للحاجة
جزم به في الفروع قال المصنف والشارح: ولا
يجوز حمل نجس إلا عند الضرورة كمن يخاف وقوع
الحجارة والسهام وقال في الرعاية ويسن حمل كذا
وقيل: يجب مع عدم أذى وإن كان السلاح مذهبا
وقيل أو نجسا من عظم أو جلد أو عصب وريش وشعر
ونحو ذلك.
(2/251)
وقال في
المستوعب: ولا يجوز أن يحمل في الصلاة سلاحا
فيه نجاسة فلعله أراد مع عدم الحاجة جمعا بين
الأقوال لكن ظاهر الرعاية أن في المسألة
خلافا.
وحيث حمل ذلك وصلى ففي الإعادة روايتان ذكرهما
في الفروع وأطلقهما وقال في الرعاية من عنده
يحتمل الإعادة وعدمها وجهين.
قلت: يعطى لهذه المسألة حكم نظائرها مثل ما لو
تيمم خوفا من البرد وصلى على ما تقدم.
الثانية : قال ابن عقيل: حمل السلاح في غير
الخوف في الصلاة محظور وقاله القاضي وقال
القاضي أيضا: من رفع الجناح عنهم رفع الكراهة
عنهم لأنه مكروه في غير العذر قال في الفروع:
وظاهر كلام الأكثر ولا يكره في غير العذر وهو
أظهر انتهى.
قوله : "وإذا اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا
إلى القبلة وغيرها يومئون إيماء على الطاقة".
فأفادنا المصنف رحمه الله: أن الصلاة لا تؤخر
في شدة الخوف وهو صحيح وهو المذهب وعليه
الأصحاب وعنه له التأخير إذا احتاج إلى عمل
كثير.
قال في الفائق: وفي جواز تأخير الصلاة عن
وقتها لقتال روايتان قال في الرعاية: رجع أحمد
عن جواز تأخيرها حال الحرب قال في التلخيص:
والصحيح الرجوع قال في مجمع البحرين: فعلى
المذهب فالحكم في صلاة تجمع مع ما بعدها فإن
كانت أولى المجموعتين فالأولى تأخيرها والخوف
يبيح الجمع في ظاهر كلام أحمد كالمرض ونحوه.
قوله : "فإن أمكنهم افتتاح الصلاة إلى القبلة
فهل يلزمهم ذلك على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمغني والشرح والفائق وبن تميم.
إحداهما : لا يلزمهم وهي المذهب صححه في
التصحيح قال في المستوعب: أصحهما لا يجب قال
في الخلاصة والبلغة: ولا يجب على الأصح قال في
التلخيص وتجريد العناية: ولا يلزم على الأظهر.
قال ابن منجا في شرحه: والصحيح لا يجب وقدمه
في الفروع والمحرر والرعايتين وغيرهم واختاره
أبو بكر.
والرواية الثانية : يلزمهم قال الزركشي: هذا
المشهور وجزم به الخرقي وفي الوجيز.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم كلام المصنف أنه إذا لم يمكنه
افتتاح الصلاة متوجها إليها أنه لا يلزمه.
(2/252)
وهو صحيح وهو
المذهب رواية واحدة عن أكثر الأصحاب وحكى أبو
بكر في الشافي وبن عقيل رواية باللزوم والحالة
هذه وهو بعيد وكيف يلزم شيء لا يمكن فعله وقدم
هذه الطريقة في الرعاية ويحتمله كلام الخرقي.
قال ابن تميم: وفي وجوب افتتاح الصلاة إلى
القبلة روايتان قال بعض أصحابنا: ذلك مع
القدرة ولا يجب ذلك مع العجز رواية واحدة.
وقال عبد العزيز في الشافي: يجب ذلك مع القدرة
ومع عدم الإمكان روايتان وذكر ابن عقيل ذلك
انتهى.
الثاني : ظاهر كلام المصنف أن صلاة الجماعة
والحالة هذه تنعقد وهو صحيح وهو المذهب وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به في الهادي ونص عليه في
رواية حرب قال المصنف والشارح: قاله الأصحاب
قال في الفروع: تنعقد نص عليه في المنصوص فدل
على أنها تجب وهو ظاهر ما احتجوا به انتهى
واختار ابن حامد والمصنف أنها لا تنعقد.
وقيل: تنعقد ولا تجب قال في مجمع البحرين:
وليس ببعيد قال: وهو ظاهر كلام الأصحاب من
قولهم ويجوز أن يصلوا جماعة فعلى المذهب يعفى
عن تقدم الإمام وعن العمل الكثير بشرط إمكان
المتابعة ويكون سجوده أخفض من ركوعه ولا يجب
سجوده على دابته وله الكر والفر والضرب والطعن
ونحو ذلك للمصلحة ولا يزول الخوف إلا بانهزام
الكل.
قوله : "ومن هرب من عدو هربا مباحا أو من سيل
أو من سبع كالنار فله أن يصلى كذلك".
وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقيل: إن كثر
دفع العدو من سيل وسبع وسقوط جدار ونحوه أبطل
الصلاة.
فائدة : مثل السيل والسبع خوفه على نفسه أو
أهله أو ماله أو ذبه عنه على الصحيح من
المذهب: أو خوفه على غيره.
وعنه لا يصلى كذلك لخوفه على غيره والصحيح من
المذهب أنه لا يصلي كذلك لخوفه على مال غيره
وعنه بلى.
قوله : "وهل لطالب العدو الخائف فوته الصلاة
كذلك على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص والبلغة
والشرح وبن تميم والحاويين.
إحداهما : تجوز له الصلاة كذلك وهو المذهب
وصححه في التصحيح قال في النظم: يجوز في
الأولى ونصره في مجمع البحرين قال في تجريد
العناية: يجوز على الأظهر وجزم به في الوجيز
وتذكرة ابن عبدوس والمنور والمنتخب وقدمه
الخرقي في المستوعب
(2/253)
والفروع
والمحرر والرعايتين والفائق وغيرهم وهو من
المفردات.
والرواية الثانية : لا يجوز اختارها القاضي
وصححها ابن عقيل قال في الخلاصة: ولا يصليها
إلا إذا كان طالبا للعدو على الأصح وقيل إن
خاف عوده عليه صلى كخائف وإلا فكآمن قاله ابن
أبي موسى وجزم به الشارح ونقل أبو داود في
القوم يخافون فوت الغارة فيؤخرون الصلاة حتى
تطلع الشمس أو يصلون على دوابهم قال: كل أرجو.
فوائد .
إحداها : من خاف كمينا أو مكيدة أو مكروها إن
تركها صلى صلاة خوف قال ابن تميم وبن حمدان
وغيرهما: رواية واحدة ولا يعيد على الصحيح
قدمه في الرعاية وبن تميم وعنه تلزمه الإعادة.
الثانية : يجوز التيمم مع وجود الماء للخائف
فوت عدوه كالصلاة على الصحيح من المذهب قدمه
في الفروع هنا فيعايى بها.
وعنه لا يجوز وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقال
في الفروع في باب التيمم وفي فوت مطلوبه
روايتان.
الثالثة : يجوز للخائف فوت وقت الوقوف بعرفة
صلاة الخوف على الصحيح من المذهب قدمه في
الفروع واختاره الشيخ تقي الدين وهو الصواب
وهو احتمال وجه في الرعاية قال ابن أبي المجد:
في مصنفه صلى ماشيا في الأصح.
الرابعة : لو رأى سوادا فظنه عدوا أو سبعا
فتيمم وصلى ثم بان بخلافه ففي الإعادة وجهان
ذكرهما المجد وغيره وصحح عدم الإعادة لكثرة
البلوى بذلك في الأسفار بخلاف صلاة الخوف
فإنها نادرة في نفسها.
وقيل: يقدم الصلاة ولا يصلي صلاة خائف وهو
احتمال وجه في الرعاية أيضا.
وقيل: يؤخر الصلاة إلى أمنه وهو احتمال أيضا
في مختصر ابن تميم وأطلقهن في الفروع وبن تميم
وهن أوجه في الفروع.
قوله : "ومن صلى صلاة الخوف لسواد ظنه عدوا
فبان أنه ليس بعدو فعليه الإعادة".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل
لا إعادة عليه.
وذكره ابن هبيرة رواية وقال في التبصرة إذا
ظنوا سوادا عدوا لم يجز أن يصلوا صلاة الخوف.
فائدة : لو ظهر أنه عدو ولكنه يقصد غيره
فالصحيح من المذهب أنه لا إعادة عليه لوجود
سبب الخوف بوجود عدو يخاف هجومه كما لا يعيد
من خاف عدوا في تخلفه عن رفيقه فصلاها ثم بان
أمن الطريق وقيل عليه الإعادة.
(2/254)
قوله : "أو
بينه وبينه ما يمنعه فعليه الإعادة".
وهو المذهب أيضا وعليه أكثر الأصحاب وقيل لا
إعادة عليه وقيل لا إعادة إن خفي المانع وإلا
أعاد.
فائدتان .
إحداهما : لو خاف هدم سور أو طم خندق إن صلى
آمنا صلى صلاة خائف ما لم يعلم خلافه على
الصحيح من المذهب: وقال ابن عقيل: يصلي آمنا
ما لم يظن ذلك.
الثانية : صلاة النفل منفردا يجوز فعلها
كالفرض وتقدم في أول باب سجود السهو هل يسجد
للسهو في اشتداد الخوف.
(2/255)
باب صلاة الجمعة.
فائدتان.
إحداهما: سميت جمعة لجمعها الخلق الكثير قدمه
المجد وبن رزين وغيرهما.
وقال ابن عقيل في الفصول: إنما سميت جمعة
لجمعها الجماعات قدمه في المستوعب ومجمع
البحرين والحاويين وهو قريب من الأول.
وقيل: لجمع طين آدم فيها قال في مجمع البحرين:
وهو أولى وقيل لأن آدم جمع فيها خلقه رواه
أحمد وغيره مرفوعا.
قال الزركشي: واشتقاقها قيل: من اجتماع الناس
للصلاة قاله ابن دريد وقيل بل لاجتماع الخليقة
فيه وكمالها ويروى عنه عليه أفضل الصلاة
والسلام أنها سميت بذلك لاجتماع آدم فيه مع
حواء في الأرض.
الثانية : الجمعة أفضل من الظهر بلا نزاع وهي
صلاة مستقلة على الصحيح من المذهب لعدم
انعقادها بنية الظهر ممن لا تجب عليه ولجوازها
قبل الزوال لا أكثر من ركعتين قال أبو يعلى
الصغير وغيره فلا يجمع في محل يبيح الجمع وليس
لمن قلدها أن يؤم في الصلوات الخمس ذكره في
الأحكام السلطانية وقدمه في الفروع والفائق
وغيرهما وجزم به في مجمع البحرين.
وعنه هي ظهر مقصورة وأطلقهما في التلخيص
والرعاية.
قال في الانتصار والواضح وغيرهما: الجمعة هي
الأصل والظهر بدل زاد بعض الأصحاب رخصة في حق
من فاتته وذكر أبو إسحاق وجهين هل هي فرض
الوقت أو الظهر فرض الوقت لقدرته على الظهر
بنفسه بلا شرط ولهذا يقضي من فاتته ظهرا وقطع
القاضي في الخلاف وغيره بأنها فرض الوقت عند
أحمد لأنها المخاطب بها والظهر بدل وذكر كلام
أبي
(2/255)
إسحاق ويبدأ
بالجمعة خوف فوتها ويترك فجرا فائتة نص عليه.
وقال في القصر: قد قيل إن الجمعة تقضى ظهرا
ويدل عليه أنها قبل فواتها لا يجوز الظهر وإذا
فاتت الجمعة لزمت الظهر قال: فدل أنها قضاء
للجمعة.
تنبيهان.
أحدهما: مفهوم قوله: "وهي واجبة على كل مسلم
مكلف".
أنها لا تجب على غير المكلف فلا تجب على
المجنون بلا نزاع ولا على الصبي لكن إن لزمته
المكتوبة لزمته الجمعة على الصحيح من المذهب
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في
الفروع وقيل لا تجب عليه وإن وجبت عليه
المكتوبة اختاره المجد وقال: هو كالإجماع
وصححه ابن تميم وصاحب مجمع البحرين والقواعد
الأصولية والزركشي وتقدم هذا في كتاب الصلاة.
الثاني : مفهوم قوله: "مستوطن ببناء" أنها لا
تجب على غير مستوطن ولا على مستوطن بغير بناء
كبيوت الشعر والحراكى والخيام ونحوها وهو صحيح
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدم الأزجي
صحتها ووجوبها على المستوطنين بعمود أو خيام
واختاره الشيخ تقي الدين قال في الفروع: وهو
متجه وهو من مفردات المذهب واشترط الشيخ تقي
الدين في موضع آخر من كلامه أن يكونوا يزرعون
كما يزرع أهل القرية ويأتي ذلك في كلام المصنف
صريحا.
قوله : "ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من
فرسخ".
هذا المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والخرقي
وبن رزين في شرحه وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في
المغني والشرح والفروع والرعاية الصغرى.
وعنه المعتبر إمكان سماع النداء قدمه في
المذهب ومسبوك الذهب.
والرعاية الكبرى وبن تميم وزاد فقال: المعتبر
إمكان سماع النداء غالبا انتهى وعنه بل
المعتبر سماع النداء لإمكانه وهو ظاهر ما جزم
به ابن رزين وصاحب تجريد العناية.
وقال في الهداية: إذا كان مستوطنا يسمع النداء
أو بينه وبين موضع ما تقام فيه الجمعة فرسخ
وتابعه على ذلك في الخلاصة والمحرر والنظم
والإفادات والحاويين والمنور وإدراك الغاية
وغيرهم.
وعنه إن فعلوها ثم رجعوا لبيوتهم لزمتهم وإلا
فلا وأطلق الأولى والثالثة في التلخيص والبلغة
وأطلق الأولى والثانية والرابعة في المستوعب.
تنبيهان.
أحدهما: أطلق أكثر الأصحاب ذكر الفرسخ وقال
بعضهم: فرسخ تقريبا وهو الصواب.
(2/256)
الثاني : أكثر
الأصحاب يحكي الروايتين الأوليين كما تقدم.
وقال في الفائق: والمعتبر إمكان السماع فيحد
بفرسخ وعنه بحقيقته.
وقال ابن تميم: بعد أن قدم الرواية الثانية
وعنه تحديده بالفرسخ فما دون فمن الأصحاب من
حكى ذلك رواية ثانية ومنهم من قال: هما سواء
الصوت قد يسمع عن فرسخ.
فائدة : فعلى رواية أن المعتبر إمكان سماع
النداء فمحله إذا كان المؤذن صيتا والأصوات
هادئة والرياح ساكنة والموانع منتفية.
تنبيهان.
أحدهما: قوله: ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر
من فرسخ إذا حددنا بالفرسخ أو باعتبار إمكان
السماع فالصحيح من المذهب: أن ابتداءه من موضع
الجمعة قدمه في الفروع والحواشي.
وعنه ابتداؤه من أطراف البلد صححه المجد في
شرحه وصاحب مجمع البحرين والنظم وجزم به في
التلخيص والبلغة والوجيز وقدمه في الرعاية
الكبرى والزركشي وأطلقهما ابن تميم والفائق
ويكون إذا قلنا من مكان الجمعة من المنارة
ونحوها نص عليه وقال أبو الخطاب: المعتبر من
أيهما وجد من مكان الجمعة أو من أطراف البلد.
الثاني : محل الخلاف في التقدير بالفرسخ أو
إمكان سماع النداء أو سماعه أو ذهابهم ورجوعهم
في يومهم إنما هو في المقيم بقرية لا يبلغ
عددهم ما يشترط في الجمعة أو فيمن كان مقيما
في الخيام ونحوها أو فيمن كان مسافرا دون
مسافة قصر فمحل الخلاف في هؤلاء وشبههم أما من
هو في البلد التي تقام فيها الجمعة فإنها
تلزمه ولو كان بينه وبين موضع الجمعة فراسخ
سواء سمع النداء أو لم يسمعه وسواء كان بنيانه
متصلا أو متفرقا إذا شمله اسم واحد.
فوائد.
الأولى: حيث قلنا تلزم من تقدم ذكره وسعى
إليها أو كان في موضع الجمعة من غير أهلها
وإنما هو فيها لتعلم العلم أو شغل غيره غير
مستوطن أو كان مسافرا سفرا لا قصر معه فإنما
يلزمهم بغيرهم لا بأنفسهم على ما يأتي في
بعضها من الخلاف ولا تنعقد بهم لئلا يصير
التابع أصلا وفي صحة إمامتهم وجهان ووجههما
كونها واجبة عليهم وكونها لا تنعقد بهم
وأطلقهما في الفروع والمحرر والرعايتين
والحاويين والفائق والحواشي وأطلقهما في مجمع
البحرين في المقيم غير المستوطن.
أحدهما : لا تصح إمامتهم وهو الصحيح وهو ظاهر
كلام القاضي وصححه في النظم وجزم به في
الإفادات.
والثاني : تصح إمامتهم وهو ظاهر كلام الإمام
أحمد وأبي بكر لأنهما عللا منع إمامة
(2/257)
المسافر فيها
بأنها لا تجب عليه قاله في مجمع البحرين.
الثانية : لو سمع النداء أهل قرية صغيرة من
فوق فرسخ لعلو مكانها أو لم يسمعه من دونه
لجبل حائل أو انخفاضها فعلى الخلاف المتقدم
قاله في الفروع وقدم ابن تميم في المسألة
الأولى الوجوب وقدم في الرعاية الكبرى في
المسألتين الأخيرتين عدم الوجوب.
فإن قلنا: الاعتبار به في المنخفضة أو من كان
بينهم حائل لزمهم قصد الجمعة.
وإن قلنا: الاعتبار بالسماع فيها فقال القاضي
تجعل كأنها على مستوى من الأرض ولا مانع فإن
أمكن سماع النداء وجبت عليه وإلا فلا وقيل لا
تجب عليه بحال.
الثالثة : لو وجد قريتان متقاربتان ليس في كل
واحدة العدد المعتبر لم يتمم العدد منهما لعدم
استيطان المتمم.
ولا يجوز تجميع أهل بلد كامل في ناقص على
الصحيح من المذهب واختار المجد الجواز إذا كان
بينهما كما بين البنيان ومصلى العيد لعدم
خروجهم عن حكم بعضهم وجزم به في مجمع البحرين
تبعا للمجد.
الرابعة : لو وجد العدد في كل واحدة من
البلدتين فالأولى تجميع كل قوم في بلدهم وقيل
يلزم القوم قصد مصر بينها وبينهما فرسخ فأقل
ولو كان فيهما العدد المعتبر وحكى رواية.
قوله : "ولا تجب على مسافر".
يحتمل أن مراده المسافر السفر الطويل فإن كان
ذلك مراده وهو الظاهر فالصحيح من المذهب كما
قال: وعليه الأصحاب ولم يجز أن يؤم فيها وهو
من المفردات.
وقال الشيخ تقي الدين: يحتمل أن تلزمه تبعا
للمقيمين قال في الفروع.
وهو متجه وهو من المفردات وذكر بعض أصحابنا
وجها وحكى رواية تلزمه بحضورها في وقتها ما لم
يتضرر بالانتظار وتنعقد به ويؤم فيها وهو من
المفردات أيضا.
فعلى المذهب: لو أقام مدة تمنع القصر ولم ينو
استيطانا فالصحيح من المذهب أن الجمعة تلزمه
بغيره قدمه في الفروع وقال إنه الأشهر وجزم به
في المستوعب والمحرر والزركشي في موضع وغيرهم.
وعنه لا تلزمه جزم به في التلخيص وغيره وهو
ظاهر ما في الكافي وهو من المفردات وأطلقهما
ابن تميم والفائق.
ويحتمل أن يكون مراد المصنف ما هو أعم من ذلك
فيشمل المسافر سفرا قصيرا فوق فرسخ.
والصحيح من المذهب: أنها لا تجب عليه ولا
تلزمه وجزم به في الفروع.
(2/258)
وقيل: تلزمه
بغيره وجزم به في المستوعب والمحرر والزركشي
وأطلقهما ابن تميم والفائق.
قوله : "ولا عبد".
يعني لا تجب عليه وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب قال الزركشي: هذا أشهر الروايات
وأصحها عند الأصحاب.
وعنه تجب عليه اختارها أبو بكر وهي من
المفردات وأطلقهما في المستوعب.
فعليها يستحب أن يستأذن سيده ويحرم على سيده
منعه فلو منعه خالفه وذهب إليها وقال ابن تميم
وحكى الشيخ رواية الوجوب وقال لا يذهب بغير
إذنه.
وعنه تجب عليه بإذن سيده وهي من المفردات
أيضا.
وعلى المذهب: لا يجوز أن يؤم فيها على الصحيح
وهو من المفردات قاله ناظمها وعنه يجوز أن يؤم
فيها.
فائدة : المدبر والمكاتب والمعلق عتقه بصفة
كالقن في ذلك وأما المعتق بعضه فظاهر قول:
"المصنف ولا تجب على عبد" وجوبها عليه لأنه
ليس بعبد وظاهر قوله في أول الباب حرا أنها لا
تجب عليه لأنه ليس بحر وفيه خلاف والصحيح من
المذهب أنها لا تجب عليه مطلقا وقيل تلزمه إذا
كان بينه وبين سيده مهايأة وكانت الجمعة في
نوبته وأطلقهما ابن تميم.
وأما إذا قلنا: بوجوبها على القن فالمعتق بعضه
بطريق أولى.
قوله: "ولا امرأة".
يعني لا تجب عليها وهو المذهب وعليه الأصحاب
وقطع به كثير منهم وحكى الأزجي في نهايته
رواية بوجوبها على المرأة.
قلت: وهذه من أبعد ما يكون وما أظنها إلا غلطا
وهو قول لا يعول عليه ولعل الإجماع على خلافه
في كل عصر ومصر ثم وجدت ابن المنذر حكاه
إجماعا [ووجدت ابن رجب في شرح البخاري غلط من
قاله] ولعله أراد إذا حضرتها والخنثى كالمرأة.
قوله : "ومن حضرها منهم أجزأته".
بلا نزاع ولم تنعقد به ولم يجز أن يؤم فيها
وهذا مبني على عدم وجوبها عليهم أما المرأة
فلا نزاع فيها وتقدم حكم المسافر.
وأما العبد: إذا قلنا: لا تجب عليه فالصحيح من
المذهب كما قال المصنف: أنها لا
(2/259)
تنعقد به ولم
يجز أن يؤم فيها وعنه تنعقد به ويجوز أن يؤم
فيها والحالة هذه وتقدم إذا قلنا تجب عليه.
وكذلك الصبي المميز قال في الفروع: ومميز كعبد
وهو من المفردات فإن قلنا تجب عليه انعقدت به
وأم فيها وإلا فلا هذا الصحيح وقال القاضي لا
تنعقد بالصبي ولا يجوز أن يؤم فيها وإن قلنا
تجب عليه قال: وكذا لا يجوز أن يؤم في غيرها
وإن قلنا تجب عليه قاله ابن تميم.
فائدتان.
إحداهما: كل من لم تجب عليه الجمعة لمرض أو
سفر أو اختلف في وجوبها عليه كالعبد ونحوه
فصلاة الجمعة أفضل في حقه ذكره ابن عقيل وغيره
واقتصر عليه في الفروع.
قلت: لو قيل إن كان المريض يحصل له ضرر بذهابه
إلى الجمعة أن تركها أولى لكان أولى.
الثانية : قوله : "ومن سقطت عنه لعذر إذا
حضرها وجبت عليه وانعقدت به".
قال في مجمع البحرين: نحو المرض والمطر
ومدافعة الأخبثين والخوف على نفسه أو ماله
ونحو ذلك فلو حضرها إلى آخرها ولم يصلها أو
انصرف لشغل غير دفع ضرره كان عاصيا أما لو
اتصل ضرره بعد حضوره فأراد الانصراف لدفع ضرره
جاز عندنا لوجود المسقط كالمسافر سواء.
لكن كلام الشيخ هنا عام يدخل فيه المسافر ومن
دام ضرره بمطر ونحوه فإنه لا تجب عليه ويجوز
له الانصراف على ما حكاه الأصحاب فيكون مراده
التخصيص وهو ما إذا لم يذهبوا حتى جمعوا فإنه
يوجد المسقط في حقهم وهو اشتغالهم بدفع ضررهم
فبقي الوجوب بحاله فيخرج المسافر فإن سفره هو
المسقط وهو باق ذكره المجد.
قلت: وهو ضعيف لأنه يقتضي أن الموجب هو حضورهم
وتجميعهم فيكون علة نفسه انتهى كلام صاحب مجمع
البحرين.
وقال في موضع آخر: مراده الخاص إن أراد
بالحضور حضور مكانها وإن أراد فعلها فخلاف
الظاهر انتهى.
قوله : "ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة
قبل صلاة الإمام لم تصح صلاته".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب فإن ظن
أنه يدركها لزمه السعي إليها وإن ظن أنه لا
يدركها انتظر حتى يتيقن أن الإمام قد صلى وفرغ
ثم يصلي وفي مختصر ابن تميم احتمال أنه متى
ضاق الوقت عن إدراك الجمعة فله الدخول في صلاة
الظهر وهو قول في
(2/260)
الفروع وقال
وسبق وجه أن فرض الوقت الظهر فعليه تصح مطلقا.
وقيل: إن أخر الإمام الجمعة تأخيرا منكرا
فللغير أن يصلي ظهرا وتجزئه عن فرضه جزم به
المجد في شرحه وقال: هو ظاهر كلام أحمد لخبر
تأخير الأمراء الصلاة عن وقتها وتبعه ابن تميم
وقيده ابن أبي موسى بالتأخير إلى أن يخرج أول
الوقت.
فائدة : وكذا الحكم لو صلى الظهر أهل بلد مع
بقاء وقت الجمعة فلا تصح على الصحيح من المذهب
وقيل تصح.
قوله : "والأفضل لمن لا تجب عليه الجمعة أن لا
يصلى الظهر حتى يصلي الإمام".
وهذا بلا نزاع وأفادنا أنهم لو صلوا قبل صلاة
الإمام أن صلاتهم صحيحة وظاهره سواء زال عذرهم
أو لا وهو كذلك وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب
في غير الصبي إذا بلغ وعنه لا تصح مطلقا قبل
صلاة الإمام اختارها أبو بكر في التنبيه وفي
الإمامة في الشافي واختاره ابن عقيل في
المريض.
وقيل: لا تصح إن زال العذر قبل صلاة الإمام
وإلا صحت وهو رواية في الترغيب وقال ابن عقيل:
من لزمته الجمعة بحضوره لم تصح صلاته قبل صلاة
الإمام انتهى وقال القاضي في موضع: من تعليقه
نقله ابن تميم.
فعلى المذهب: لو حضر الجمعة فصلاها كانت نفلا
في حقه على الصحيح.
وقيل: فرضا وقال في الرعاية قلت فتكون الظهر
إذن نفلا.
وأما الصبي: إذا بلغ قبل صلاة الإمام فالصحيح
من المذهب أن صلاته لا تصح قال في الفروع: لا
تصح في الأشهر وقيل تصح كغيره وهو ظاهر كلام
المصنف وقال في الفروع والأصح فيمن دام عذره
كامرأة تصح صلاته قولا واحدا.
وقيل: الأفضل له التقديم قال: ولعله مراد من
أطلق انتهى.
فائدة : لا يكره لمن فاتته الجمعة أو لمن لم
يكن من أهل وجوبها صلاة الظهر في جماعه على
الصحيح من المذهب: وجزم به في مجمع البحرين
وغيره وقال في الفروع ولا يكره لمن فاتته أو
لمعذور الصلاة جماعة في المصر وفي مكانها
وجهان وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان ولم يكرهه
أحمد ذكره القاضي قال وما كان يكره إظهارها.
ونقل الأثرم وغيره لا يصلي فوق ثلاثة جماعة
ذكره القاضي وبن عقيل وغيرهما وقال ابن عقيل
وكره قوم التجميع للظهر في حق أهل العذر لئلا
يضاهي بها جمعة أخرى احتراما
(2/261)
للجمعة
المشروعة في يومها كامرأة وهو من المفردات.
قوله : "ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في
يومها بعد الزوال".
مراده إذا لم يخف فوت رفقته فإن خاف فوتهم جاز
قاله المصنف والشارح والمجد وأبو الخطاب
وغيرهم من الأصحاب وقد تقدم ما يعذر فيه في
ترك الجمعة والجماعة.
فإذا لم يكن عذر لم يجز السفر بعد الزوال حتى
يصلي على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب بناء
على استقرارها بأول وقت وجوبها.
قال في الفروع: فلهذا خرج الجواز مع الكراهة
ما لم يحرم لعدم الاستقرار.
قوله : "ويجوز قبله".
يعني وبعد الفجر لأنه ليس بوقت للزوم على
الصحيح على ما يأتي وهذا المذهب قال ابن منجا
في شرحه: هذا المذهب قال في مجمع البحرين: هذا
أصح الروايات واختاره المصنف وبن عبدوس في
تذكرته وقدمه في المستوعب والفائق والنظم.
وعنه لا يجوز جزم به في الوجيز والمنور وقدمه
في المحرر والرعايتين وشرح ابن رزين وإدراك
الغاية وصححه ابن عقيل.
وعنه يجوز للجهاد خاصة جزم به في الإفادات
والكافي وقدمه في الشرح.
قال في المغني: وهو الذي ذكره القاضي وهذا
يكون المذهب على ما أسلفناه في الخطبة وأطلقهن
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والتلخيص والبلغة وبن تميم والحاويين وشرح
الطوفي والفروع.
وأطلق في الكافي في غير الجهاد الروايتين.
وقال الطوفي في شرحه قلت: ينبغي أن يقال لا
يجوز له السفر بعد الزوال أو حين يشرع في
الأذان لها لجواز أن يشرع في ذلك في وقت صلاة
العيد على الصحيح من المذهب ولا نزاع في تحريم
السفر حينئذ لتعلق حق الله بالإقامة وليس ذلك
بعد الزوال انتهى.
تنبيهات.
الأول: هذا الذي قلنا من ذكر الروايات هو أصح
الطريقتين أعني أن محل الروايات فيما إذا سافر
قبل الزوال وبعد طلوع الفجر وعليه أكثر.
الأصحاب وهو ظاهر ما قطع به المصنف هنا لأنه
ليس وقت وجوبها على ما يأتي قريبا قال المجد
الروايات الثلاث: مبنية على أن الجمعة تجب
بالزوال وما قبله وقت رخصة وجواز لا وقت وجوب
وهو أصح الروايتين.
وعنه تجب بدخول وقت جوازها فلا يجوز السفر فيه
قولا واحدا انتهى.
(2/262)
وقدمه في
الفروع وابن تميم وقال: وذكر القاضي في موضع
منع السفر بدخول وقت فعل الجمعة وجعل الاختلاف
فيما قبل ذلك انتهى.
الثاني : محل الخلاف في أصل المسألة إذا لم
يأت بها في طريقه فأما إن أتى بها في طريقه
فإنه يجوز له السفر من غير كراهة.
الثالث : إذا قلنا برواية الجواز فالصحيح أنه
يكره قدمه في الفروع وغيره قال بعض الأصحاب:
يكره رواية واحدة قال الإمام أحمد: قل من
يفعله إلا رأى ما يكره وقال في الفروع: وظاهر
كلام جماعة لا يكره.
قوله : "ويشترط لصحة الجمعة أربعة شروط أحدها
الوقت وأوله أول وقت صلاة العيد".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه قال
في الفروع: اختاره الأكثر قال الزركشي: اختاره
عامة الأصحاب.
قلت: منهم القاضي وأصحابه.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين
والحاويين وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وهو
من المفردات.
وقال الخرقي: يجوز فعلها في الساعة السادسة
وهو رواية عن أحمد اختارها أبو بكر وبن شاقلا
والمصنف وهو من المفردات أيضا.
واختار ابن أبي موسى يجوز فعلها في الساعة
الخامسة وجزم به في الإفادات.
وهو في نسخة من نسخ الخرقي وجزم بها عنه في
الهداية والمذهب والمستوعب والحاويين وأبو
إسحاق ابن شاقلا وغيرهم وهو من المفردات.
وذكر ابن عقيل في عمد الأدلة والمفردات عن قوم
من أصحابنا يجوز فعلها بعد طلوع الفجر وقبل
طلوع الشمس وهو من المفردات.
وقال في الفائق: وقال ابن أبي موسى بعد صلاة
الفجر وهو من المفردات.
وتلخيصه أن كل قول قبل الزوال فهو من
المفردات.
وعنه أول وقتها بعد الزوال اختارها الآجري وهو
الأفضل.
فائدة : الصحيح من المذهب: أنها تلزم بالزوال
وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي: اختاره
الأصحاب.
وعنه تلزم بوقت العيد اختارها القاضي قال في
مجمع البحرين: اختارها القاضي وأبو حفص
المغازلي وأطلقهما ابن تميم.
وتقدم أن صاحب الفروع ذكر: هل تستقر بأول وقت
وجوبها أو لا تستقر حتى يحرم بها؟.
(2/263)
قوله : "وإن
خرج وقد صلوا ركعة: أتموها جمعة".
وهذا المذهب. وعليه الأصحاب. وعنه يعتبر الوقت
فيها كلها إلا السلام.
قوله : "وإن خرج قبل ركعة فهل يتمونها ظهرا أو
يستأنفونها؟ على وجهين".
وأطلقهما في الكافي والمحرر والفروع وابن تميم
وشرح ابن منجا والزركشي ومجمع البحرين والفائق
والحواشي والحاويين وشرح المجد.
أحدهما : يتمونها ظهرا وهو الصحيح من المذهب
صححه في التصحيح وجزم به في المذهب والوجيز
وقدمه في النظم والرعايتين.
والوجه الثاني : يستأنفونها ظهرا قال في
المغني: قياس قول الخرقي تستأنف ظهرا. ولم يحك
خلافا.
قال الطوفي في شرحه: الوجهان مبنيان على قول
أبي إسحاق والخرقي الآتيان.
قال الشارح: فعلى قياس قول الخرقي تفسد صلاته
ويستأنفها ظهرا. وعلى قياس قول أبي إسحاق:
يتمها ظهرا.
تنبيه : في كلام المصنف إشعار أن الوقت إذا
خرج قبل ركعة لا يجوز إتمامها جمعة وهو رواية
عن أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب الوجيز
وغيرهما وقدمه ابن رزين في شرحه واختاره
المصنف قال ابن منجا في شرحه: هو قول أكثر
أصحابنا وليس كما قال.
وعنه يتمونها جمعة وهو المذهب نص عليه قاله
ابن تميم وابن حمدان قال في الفروع: هو ظاهر
المذهب.
قال القاضي وغيره: من تلبس بها في وقتها أتمها
جمعة قياسا على سائر الصلوات وقالوا: هو
المذهب واختاره أبو بكر وابن حامد وابن أبي
موسى والقاضي وأصحابه قال في المذهب: أتمها
جمعة على الصحيح من المذهب.
قال المجد: اختاره الأصحاب إلا الخرقي وتبعه
في مجمع البحرين وسبقهما الفخر في التلخيص
وقدمه في المحرر والنظم وبن تميم والرعايتين
والفروع والفائق وناظم المفردات وهو منها.
فعلى المذهب لو بقي من الوقت قدر الخطبة
والتحريمة لزمهم فعلها وإلا لم يجز وكذا
يلزمهم إن شكوا في خروجه عملا بالأصل.
وعليه لو دخل وقت المغرب وهو فيها فهو كدخول
وقت العصر قدمه في الرعاية الكبرى وقيل يبطل
وجها واحدا وأطلقهما في الفروع وبن تميم
والظاهر أن مرادهم إذا جوزنا الجمع بين الجمعة
والعصر وجمع جمع تأخير.
(2/264)
قوله :
"الثاني: أن يكون بقرية يستوطنها أربعون من
أهل وجوبها فلا يجوز إقامتها في غير ذلك".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقدم الأزجي صحتها ووجوبها على
المستوطنين بعمود أو خيام واختاره الشيخ تقي
الدين قال في الفروع: وهو متجه واشترط الشيخ
تقي الدين في موضع من كلامه أن يكونوا يزرعون
كما يزرع أهل القرية وهو من المفردات وقد تقدم
ذلك عند قوله: "مستوطنين".
قوله: "ويجوز إقامتها في الأبنية المتفرقة إذا
شملها اسم واحد وفيما قارب البنيان من
الصحراء".
وهو المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وقطع به
كثير منهم وقيل لا يجوز إقامتها إلا في الجامع
قال ابن حامد: هي في غير مسجد لغير عذر باطلة
وقال القاضي في الخلاف: كلام أحمد يحتمل
الجواز ولو بعد وأن الأشبه بتأويله المنع
كالعيد يجوز فيما قرب لا فيما بعد قال ابن
عقيل: إذا أقيمت في صحراء استخلف من يصلي
بالضعفة.
قوله : "الثالث: حضور أربعين من أهل القرية في
ظاهر المذهب".
وكذا قال في الفروع والشرح والفائق وغيرهم وهو
المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب ونصروه قال
ابن الزاغوني: اختاره عامة المشايخ.
وعنه تنعقد بثلاثة اختارها الشيخ تقي الدين.
وعنه تنعقد في القرى بثلاثة وبأربعين في أهل
الأمصار نقلها ابن عقيل قال في الحاويين: وهو
الأصح عندي.
وعنه تنعقد بحضور سبعة نقلها ابن حامد وأبو
الحسين في رؤوس مسائله.
وعنه تنعقد بخمسة وعنه تنعقد بأربعة وعنه لا
تنعقد إلا بحضور خمسين.
تنبيه : حيث اشترطنا عددا من هذه الأعداد فيعد
الإمام منهم على الصحيح من المذهب نص عليه
وجزم به في المذهب وغيره وقدمه في الفروع وبن
تميم والرعايتين والتلخيص وغيرهم قال في مجمع
البحرين والزركشي: هذا أصح الروايتين.
وعنه يشترط أن يكون زائدا عن العدد وهو من
المفردات قال في الحاويين: وهل يشترط كون
الإمام من جملة العدد على كل رواية فيه
روايتان أصحهما لا يشترط حكاه أبو الحسين في
رؤوس المسائل وأطلقهما في الفائق.
فعلى الرواية الثانية: لو بان الإمام محدثا
ناسيا له لم يجزهم إلا أن يكونوا بدونه العدد
المعتبر قال في الفروع ويتخرج لا يجزيهم مطلقا
قال المجد بناء على رواية أن صلاة المؤتم بناس
حدثه يفيد إلا أن يكون قرأ خلفه بقدر الصلاة
صلاة انفراد.
(2/265)
فوائد .
لو رأى الإمام اشتراط عدد دون المأمومين فنقص
عن ذلك لم يجز أن يؤمهم ولزمه استخلاف أحدهم
ولو رآه المأمومون دون الإمام لم يلزم واحدا
منهما ولو أمر السلطان أن لا يصلي إلا بأربعين
لم يجز بأقل من ذلك العدد ولا أن يستخلف لقصر
ولايته ويحتمل أن يستخلف أحدهم.
قوله : "فإن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا
ظهرا".
هذا المذهب نص عليه جزم به في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والوجيز
وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين
والحاويين والفائق ومجمع البحرين وغيرهم قال
الشارح: المشهور في المذهب أنه يشترط كمال
العدد في جميع الصلاة قال أبو بكر: لا أعلم
خلافا عن أحمد إن لم يتم العدد في الصلاة
والخطبة أنهم يعيدون الصلاة انتهى.
وقيل: يتمونها ظهرا اختاره القاضي وقيل
يتمونها جمعة وقيل يتمونها جمعة إن بقي معه
اثني عشر.
ويحتمل أنهم إن نقصوا قبل ركعة أتموا ظهرا وإن
نقصوا بعد ركعة أتموا جمعة. واختاره المصنف.
وقال: هو قياس المذهب كمسبوق. قال بعضهم: وهو
قياس قول الخرقي. وقال في مجمع البحرين:
احتمال المصنف إنما هو على قول ابن شاقلا في
المسبوق. لأنه لم يذكر النية كقول الخرقي.
انتهى.
وفرق ابن منجا بينهما بأن المسبوق أدرك ركعة
من جمعة تمت شرائطها وصحت. فجاز البناء عليها
بخلاف هذه.
قال في الفروع: وفرق غير المصنف بأنها صحت من
المسبوق تبعا كصحتها ممن لم يحضر الخطبة تبعا.
انتهى.
فائدة : لو نقصوا ولكن بقي العدد المعتبر
أتموا جمعة. قال أبو المعالي: سواء كانوا
سمعوا الخطبة أو لحقوهم قبل نقصهم. بلا خلاف
كبقائه مع السامعين. وجزم به غير واحد. قال في
الرعاية وابن تميم وغيرهما: لو أحرم بثمانين
رجلا قد حضر الخطبة منهم أربعون ثم انفضوا
وبقي معه من لم يحضرها: أتموا جمعة قال في
الفروع وظاهر كلام بعضهم خلافه.
قوله : "ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها
جمعة".
بلا خلاف أعلمه وإن أدرك أقل من ذلك أتمها
ظهرا إذا كان قد نوى الظهر في قول الخرقي وهو
المذهب وروى عن أحمد حكاه ابن عقيل وجزم به في
الوجيز وقدمه في المحرر والفروع والنظم
والمستوعب والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين
والفائق,
(2/266)
وإدراك الغاية
وغيرهم وصححه الحلواني قال ابن تميم وبن مفلح
في حواشيه: هذا أظهر الوجهين.
وقال أبو إسحاق ابن شاقلا: ينوي جمعة ويتمها
ظهرا. وذكره ابن عقيل رواية عن أحمد. وهي من
المفردات. قال القاضي في موضع من التعليق: هذا
المذهب وهو ظاهر العمدة فإنه قال فمن أدرك
منها ركعة أتمها جمعة وإلا أتمها ظهرا انتهى.
قال المجد في شرحه وهو ضعيف: فإنه فر من
اختلاف النية ثم التزمه في البناء والواجب
العكس أو التسوية ولم يقل أحد من العلماء
بالبناء مع اختلاف يمنع الاقتداء. انتهى.
قال في مجمع البحرين: قوله بعيد جدا ينقض بعضه
بعضا وأطلقهما في الكافي والهداية قال
الزركشي: وقيل إن مبني الوجهين أن الجمعة هل
هي ظهر مقصورة أو صلاة مستقلة؟ فيه وجهان على
ما تقدم أول الباب.
وقيل: لا يجوز إتمامها ولا يصح لاختلاف النية.
قال ابن منجا وغيره: وقال بعض أصحابنا: لا
يصليها مع الإمام لأنه إن نوى الظهر خالف نية
إمامه وإن نوى الجمعة وأتمها ظهرا فقد صحت له
الظهر من غير نيتها.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة أو الفنون: لا
يجوز أن يصليها ولا ينويها ظهرا لأن الوقت لا
يصلح فإن دخل نوى جمعة وصلى ركعتين ولا يعتد
بها.
تنبيهان.
أحدهما: قال ابن رجب في شرح الترمذي: إنما قال
أبو إسحاق: ينوي جمعة ويتمها أربعا وهي جمعة
لا ظهر لكن لما قال: "يتمها أربعا" ظن الأصحاب
أنها تكون ظهرا وإنما هي جمعة قال ابن رجب:
وأنا وجدت له مصنفا في ذلك لأن صلاة الجمعة
كصلاة العيد فصلاة العيد إذا فاتته صلاها
أربعا. انتهى.
الثاني : ظاهر قوله : "وإن أدرك أقل من ذلك
أتمها ظهرا" أنه لا يصح إتمامها جمعة وهو صحيح
وهو المذهب وعليه الأصحاب قال ابن عقيل: لا
يختلف الأصحاب فيه قال في النكت: قطع به أكثر
الأصحاب.
وعنه يتمها جمعة ذكرها أبو بكر وأبو حكيم في
شرحه قياسا على غيرها من الصلوات ولأن من لزمه
أن يبنى على صلاة الإمام بإدراك ركعة لزمه
بإدراك أقل منها كالمسافر يدرك المقيم.
وأجيب بان المسافر إدراكه إدراك إلزام وهذا
إدراك إسقاط للعدد فافترقا وبأن الظهر ليس من
شرطها الجماعة بخلاف مسألتنا.
فائدة : إن كان الإمام صلى الجمعة قبل الزوال
لم يصح دخول من فاتته معه على الصحيح من
الوجهين جزم به في الشرح والتلخيص وغيرهما
لأنها في حقه ظهرا ولا يجوز
(2/267)
قبل الزوال فإن
دخل انعقدت نفلا.
والوجه الثاني: يصح أن يدخل بنية الجمعة ثم
يبنى عليها ظهرا حكاه القاضي في الروايتين
والآمدي عن ابن شاقلا ويجب أن يصادف ابتداء
صلاته زوال الشمس على هذا.
قوله : "ومن أحرم مع الإمام ثم زحم عن السجود
سجد على ظهر إنسان أو رجله".
هذا المذهب يعني أنه يلزمه ذلك إن أمكنه نص
عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية
والمستوعب والكافي والمغني والشرح والوجيز
وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين
وصححوه ومجمع البحرين وبن تميم وابن منجا في
شرحه وغيرهم. وقال ابن عقيل: لا يسجد على ظهر
أحد ولا على رجله ويومئ غاية الإمكان.
وعنه إن شاء سجد على ظهره وإن شاء انتظر زوال
الزحام والأفضل السجود ويحتمله كلام المصنف
وغيره.
فائدتان.
إحداهما : لو احتاج إلى موضع يديه وركبتيه
أيضا فهل يجوز وضعهما- إذا قلنا بجوازه في
الجبهة-؟ فيه وجهان.
أحدهما : لا يجوز قال المجد في شرحه: هذا
الأقوى عندي وهو قول إسحاق بن راهويه.
والوجه الثاني : يجوز وهو ظاهر كلام الإمام
أحمد. وقدمه في مجمع البحرين وأطلقهما في
الفروع وابن تميم والرعاية الكبرى قال ابن
تميم: والتفريع على الجواز قال أبو المعالي:
وإن لم يمكنه السجود إلا على متاع غيره صحت
كهذه المسألة وجعل طرف المصلي وذيل الثوب أصلا
للجواز.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن التخلف عن
السجود مع الإمام لمرض أو غفلة بنوم أو غيره
أو سهو ونحوه كالمتخلف بالزحام واختار بعض
الأصحاب الفرق بينهما فيسجد المزحوم إذا أمن
فوات الثانية ولا يسجد الساهي بحال بل تلغى
ركعته.
قوله : "فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام".
بلا نزاع بشرطه.
قوله : "إلا أن يخاف فوت الثانية فيتابع
الإمام فيها وتصير أولاه فتلغو الأولى ويتمها
جمعة".
(2/268)
هذا المذهب
والصحيح من الروايات جزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والكافي والمغني والتلخيص
والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وابن منجا في
شرحه وابن تميم وقال: هذا أصح قال الشارح: هذا
قياس المذهب واقتصر عليه.
وعنه لا يتابعه بل يشتغل بسجود الأولى وعنه:
رواية ثالثة تلغو الأولى ويتابع الإمام وإن لم
يخف فوت الثانية ولا يشتغل بسجود.
فوائد .
ولو أدرك مع الإمام ما تنعقد به فأحرم ثم زحم
عن السجود أو نسيه وأدرك القيام وزحم عن
الركوع والسجود حتى سلم أو توضأ لحدث وقلنا:
يبني ونحو ذلك استأنف ظهرا على الصحيح من
المذهب نص عليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وبن
أبي موسى والخرقي والقاضي قاله الزركشي وعنه
يتمها ظهرا وعنه جمعة واختاره الخلال في
المسألة الأولى.
وعنه يتم جمعة من زحم عن سجود أو نسيه لإدراكه
الركوع كمن أتى بالسجود قبل سلام إمامه على
الصحيح من الروايتين لأنه أتى به في جماعة
والإدراك الحكمي كالحقيقي كحمل الإمام السهو
عنه وإن أحرم فزحم وصلى فذا لم تصح.
وإن أخرج في الثانية: فإن نوى مفارقته أتم
جمعة وإلا فعنه يتم جمعة وعنه يعيد لأنه فذ في
ركعة وأطلقهما في الفروع والرعاية والمغني
والشرح.
تنبيه : قوله : "إلا أن يخاف فوت الثانية".
الاعتبار في فوت الثانية بغلبة الظن فمن غلب
على ظنه الفوت فتابع إمامه فيها ثم طول لم
يضره ذلك وإن غلب على ظنه عدم الفوت فبادر
الإمام فركع لم يضره الإمام قاله ابن تميم
وغيره.
فعلى المذهب من أصل المسألة: لو زال عذر من
أدرك ركوع الأولى وقد رفع إمامه من ركوع
الثانية تابعه في السجود فتتم له ركعة ملفقة
من ركعتي إمامه يدرك بها الجمعة على الصحيح من
المذهب فيعايى بها.
ولو لم نقل بالتلفيق فيمن نسي أربع سجدات من
أربع ركعات لتحصيل الموالاة بين ركوع وسجود
معتبر.
وقيل: لا يعتد له بهذا السجود وهو ظاهر كلام
القاضي في المجرد فيأتي بسجدتين أخريين
والإمام في تشهده وإلا عند سلامه ثم في إدراكه
الجمعة الخلاف وتقدم ذلك في صلاة الجماعة بعد
قوله: "إذا ركع ورفع قبل ركوعه".
فائدتان.
إحداهما: لو زحم عن الركوع والسجود فهو
كالمزحوم عن السجود فيشتغل بقضاء
(2/269)
ذلك ما لم يخف
فوت الثانية على ما تقدم.
وفيه وجه تلغو ركعته بكل حال وعلى هذا الوجه:
إن زحم عن الركوع وحده فوجهان.
أحدهما : يأتي به ويلحقه اختاره القاضي.
والثاني : تلغو ركعته وأطلقهما ابن تميم.
الثانية : لو زحم عن الجلوس للتشهد فقال ابن
حامد: يأتي به قائما ويجزيه وقال ابن تميم:
الأولى انتظار زوال الزحام وقدمه في الرعاية.
قوله : "فإن لم يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت
صلاته".
بلا نزاع "وإن جهل تحريمه فسجد ثم أدرك الإمام
في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه وصحت
جمعته".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يتمها
ظهرا وأطلقهما ابن تميم.
فعلى القول بأنه يتمها ظهرا: فهل يستأنف أو
يبني؟ على وجهين وأطلقهما ابن تميم قدم في
الرعاية أنه يبني.
تنبيه : أفادنا المصنف رحمه الله الاعتداد
بسجوده وهو صحيح وهو المذهب كسجوده يظن إدراك
المتابعة ففاتت واختاره أبو الخطاب وغيره
وقيل: لا يعتد به اختاره القاضي لأن فرضه
الركوع ولم يبطل لجهله.
فعلى هذا القول: لو أتى بالسجود ثم أدركه في
ركوع الثانية تبعه فصارت الثانية أولاه وأدرك
بها الجمعة.
فوائد.
إحداها : لو سجد جاهلا تحريم المتابعة ثم
أدركه في ركوع الثانية: تبعه فيه وتمت جمعته
وإن أدركه بعد رفعه تبعه وقضى كمسبوق يأتي
بركعة فتتم له جمعة قاله في الفروع. وقال ابن
تميم: إن أدرك معه السجود فيها فهل تكمل به
الأولى؟ على وجهين. فإن قلنا: تكمل حصل له
ركعة ويقضى أخرى بعد سلام الإمام. وتصح جمعته.
انتهى.
الثانية : قال أبو الخطاب وجماعة يسجد للسهو
كذلك. وقال المصنف وغيره: لا يسجد. قال ابن
أبي تميم: وهو أظهر قال في مجمع البحرين: خالف
أبو الخطاب أكثر الأصحاب.
الثالثة : قال في الفروع: فإن أدركه بعد رفعه
وتبعه في السجود فيحصل القضاء والمتابعة معا
وتتم له ركعة يدرك بها الجمعة.
وقيل: لا يعتد اختاره القاضي في المجرد لأنه
معتد به للإمام من ركعة فلو اعتد به المأموم
من غيرها احتمل معنى المتابعة فيأتي بسجود آخر
وإمامه في التشهد وإلا بعد سلامه انتهى.
(2/270)
وتقدم ذلك كله
بأبسط من هذا في باب صلاة الجماعة.
قوله : "الرابع أن يتقدمها خطبتان".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يجزئه خطبة
واحدة.
فائدتان.
إحداهما: هاتان الخطبتان بدل عن ركعتين على
الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأكثر قال في
الرعاية الكبرى: قلت هذا إن قلنا: إنها ظهر
مقصورة وإن قلنا إنها صلاة تامة فلا. انتهى.
وقيل ليستا بدلا عنهما.
الثانية : لا تصح الخطبة بغير العربية مع
القدرة على الصحيح من المذهب. وقيل: تصح. وتصح
مع العجز قولا واحدا ولا تعبر عن القراءة بكل
حال.
قوله : "من شرط صحتهما: حمد الله".
بلا نزاع فيقول: "الحمد لله" بهذا اللفظ قطع
به الأصحاب منهم المجد في شرحه وابن تميم وابن
حمدان وغيرهم قال في النكت: لم أجد فيه خلافا.
قوله : "والصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب واختار المجد:
يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أو يشهد
أنه عبد الله ورسوله فالواجب عنده ذكر الرسول
لا لفظ الصلاة واختار الشيخ تقي الدين: أن
الصلاة عليه عليه أفضل الصلاة والسلام واجبة
لا شرط وأوجب في مكان آخر الشهادتين وأوجب
أيضا الصلاة عليه مع الدعاء الواجب وتقديمها
عليه لوجوب تقديمه عليه أفضل الصلاة والسلام
على النفس والسلام عليه في التشهد وقيل: لا
يشترط ذكره.
فائدتان.
إحداهما : ظاهر كلام المصنف: عدم وجوب السلام
عليه مع الصلاة وهو صحيح وهو المذهب وعليه
الأصحاب. وظاهر رواية أبي طالب: وجوب الصلاة
والسلام.
الثانية : يشترط في الخطبتين أيضا دخول وقت
الجمعة ولم يذكره بعضهم منهم المصنف والمجد في
محرره.
قوله : "وقراءة آية".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط لصحة الخطبتين
قراءة آية مطلقا في كل خطبة نص عليه وعليه
أكثر الأصحاب لأنها بدل من ركعتين.
(2/271)
وعنه لا تجب
قراءة اختاره المصنف وصححه ابن رزين في شرحه.
وقيل: لا تجب قراءة في الثانية ذكره في
التلخيص واختاره الشيخ صدقة بن الحسن البغدادي
الحنبلي في كتابه نقله عنه في مجمع البحرين.
وعنه يجزئ بعض آية وهو ظاهر كلام الخرقي وهو
تخريج ابن عقيل من صحة خطبة الجنب.
وقيل: يجزئ بعضها في الخطبة الأولى.
وقيل: يجزئ بعضها في الخطبة الثانية.
وللمجد احتمال يجزئ بعض آية تفيد مقصود الخطبة
كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمُ} وقاله القاضي في موضع من كلامه
ذكره عنه ابن تميم قال في تجريد العناية: وهو
الأظهر عندي وقال أبو المعالي: لو قرأ آية لا
تستقل بمعنى أو حكم كقوله {ثُمَّ نَظَرَ} أو
{مُدْهَامَّتَانِ} لم يكف ذلك وهو احتمال
المجد أيضا وقاله القاضي أيضا في موضع من
كلامه ومثله بقوله {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ}
ذكره عنه ابن تميم أيضا قال في تجريد العناية
أيضا وهو الأظهر عندي.
فائدة: لو قرأ ما يتضمن الحمد والموعظة ثم صلى
على النبي صلى الله عليه وسلم كفى على الصحيح
وقال أبو المعالي: فيه نظر لقول أحمد "لا بد
من خطبة" ونقل ابن الحكم: لا تكون خطبة إلا
كما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أو خطبة
تامة.
قوله : "والوصية بتقوى الله".
يعني يشترط في الخطبتين الوصية بتقوى الله وهو
المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يشترط ذلك في الثانية فقط وهو ظاهر كلام
الخرقي فإنه قال في الثانية "وقرأ ووعظ" ولم
يقل: في الأول "ووعظ" وقدم ابن رزين في شرحه
والمصنف احتمال لا يجب إلا حمد الله تعالى
والموعظة فقط.
وذكر أبو المعالي والشيخ تقي الدين: أنه لا
يكفي ذم الدنيا وذكر الموت زاد أبو المعالي:
الحكم المعقولة التي لا تتحرك لها القلوب ولا
تنبعث بها إلى الخير.
فلو اقتصر على قوله: "أطيعوا الله واجتنبوا
معاصيه" فالأظهر لا يكفي ذلك وإن كان فيه
توصية لأنه لا بد من اسم "الخطبة" عرفا ولا
تحصل باختصار يفوت به المقصود.
فوائد.
منها: أوجب الخرقي وبن عقيل الثناء على الله
تعالى واختاره صدقة بن الحسن البغدادي في
كتابه وجعله شرطا نقله عنه في مجمع البحرين
والمذهب خلافه.
(2/272)
ومنها : يستحب
أن يبدأ بالحمد ويثني بالصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم ويثلث بالموعظة ويربع بقراءة
آية على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي
وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يجب ترتيب ذلك وأطلقهما الزركشي وابن
تميم والرعاية والتلخيص والبلغة لكن حكاهما
احتمالين فيهما.
ومنها : يشترط أيضا الموالاة بين أجزاء
الخطبتين وبينهما وبين الصلاة على الصحيح من
المذهب قطع به المجد وغيره وقدمه في الفروع
وغيره وقيل: لا يشترط.
ومنها : يشترط تقدمهما على الصلاة بلا نزاع.
ومنها : يشترط أيضا الموالاة بين أجزاء الخطبة
قولا واحدا وحكى بعضهم قولا.
ومنها : يشترط أيضا النية ذكره في الفنون وهو
ظاهر كلام غيره قاله في الفروع.
ومنها : تبطل الخطبة بكلام يسير محرم على
الصحيح من المذهب.
وقيل: لا تبطل كالأذان وأولى وأطلقهما في
الفروع وإن حرم الكلام لأجل الخطبة وتكلم فيها
لم تبطل به قولا واحدا.
ومنها : الخطبة بغير العربية كالقراءة وهل يجب
إبدال عاجز عن القراءة بذكر أم لا؟ لحصول
معناها من بقية الأركان فيه وجهان وأطلقهما في
الفروع وابن تميم وابن حمدان وهما احتمالان
مطلقان في شرح الزركشي.
قلت: الصواب الوجوب.
قوله : "وحضور العدد المشترط".
يعني في القدر الواجب من الخطبة وكذا سائر
شروط الجمعة.
فوائد.
منها: يعتبر للخطيب رفع الصوت بها بحيث يسمع
العدد المعتبر فإن لم يحصل سماع لعارض من نوم
أو غفلة أو مطر أو نحوه صحت وتقدم أنها لا تصح
بغير العربية مع القدرة على الصحيح وإن كان
لبعد أو خفض صوته لم تصح ولو كانوا طرشا أو
عجما وكان عربيا سميعا صحت وإن كانوا كلهم صما
فذكر المجد تصح وجزم به ابن تميم وقال غير
المجد لا تصح وجزم به في الرعاية وظاهر الفروع
الإطلاق.
وإن كان فيهم صم وفيهم من يسمع ولكن الأصم
قريب ومن يسمع بعيد فقيل: لا تصح لفوات
المقصود [وهو أولى وهو ظاهر كلامه في الرعاية
الصغرى والحاويين وغيرهما وهو ظاهر] قدمه في
الرعاية وهو أولى في موضع وذكر بعد ذلك ما يدل
على إطلاق الخلاف.
وقيل: تصح وأطلقهما في التلخيص وبن تميم
والفروع والنكت والزركشي.
(2/273)
وإن كانوا كلهم
خرسا مع الخطيب فالصحيح من المذهب أنهم يصلون
ظهرا لفوات الخطبة صورة ومعنى.
قلت: فيعايى بها.
وفيه وجه يصلون جمعة ويخطب أحدهم بالإشارة
فيصح كما تصح جميع عباداته من صلاته وإمامته
وظهاره ولعانه ويمينه وتلبيته وشهادته وإسلامه
وردته ونحو ذلك.
قلت: فيعايى بها أيضا.
فائدة : لو انفضوا عن الخطيب وعادوا وكثر
التفرق عرفا فقيل يبني على ما تقدم من الخطبة
وقيل: يستأنفها وهذا الوجه ظاهر كلام أكثر
الأصحاب لاشتراطهم سماع العدد المعتبر للخطبة
وقد انتفى.
قال في المذهب: فإن انفضوا ثم عادوا قبل أن
يتطاول الفصل صلاها جمعة.
فمفهومه أنه إذا تطاول الفصل لا يصلي جمعة ما
لم يستأنف الخطبة وجزم به في النظم والمغني
والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وصححه في التلخيص
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين.
وقال ابن عقيل في الفصول: إن انفضوا لفتنة أو
عدو ابتدأها كالصلاة ويحتمل أن لا تبطل كالوقت
يخرج فيها ويحتمل أن يفرق بينهما بأن الوقت
يتقدم ويتأخر للعذر وهو الجمع.
قوله : "وهل يشترط لهما الطهارة وأن يتولاهما
من يتولى الصلاة على روايتين".
أطلق المصنف في اشتراط الطهارة للخطبتين أعني
الكبرى والصغرى الروايتين وأطلقهما في المذهب
والشرح.
إحداهما: لا يشترطان وهو المذهب نص عليه وعليه
أكثر الأصحاب.
قاله في الفروع اختاره الأكثر قال في مجمع
البحرين: لا يشترط لهما الطهارتان في أصح
الروايتين اختاره أكثرنا.
قال في تجريد العناية: وخطبتين ولو من جنب نصا
وصححه في التصحيح والنظم واختاره الآمدي وأبو
الخطاب وبن عقيل وبن البنا والمجد وغيرهم وجزم
به في الوجيز والإفادات وتذكرة ابن عبدوس
وغيرهم وقدمه في الهداية والخلاصة والكافي
والمغني والتلخيص والمحرر وبن تميم وبن رزين
في شرحه والرعايتين والحاويين والفروع والفائق
والزركشي وقال جزم الأكثر بعدم اشتراط الطهارة
الصغرى القاضي والشريف وأبو الخطاب في
خلافيهما والشيرازي والمجد وغيرهم.
والرواية الثانية: يشترط لهما الطهارة قدمه في
المستوعب قال في الحواشي: قدمه في المستوعب
وغيره.
(2/274)
وعنه رواية
ثالثة: يشترط لهما الطهارة الكبرى دون الصغرى
قال في الفروع: اختاره جماعة قال المصنف:
الأشبه بأصول المذهب اشتراط الطهارة الكبرى
قال في التلخيص والبلغة: والصحيح عندي أن
الطهارة من الجنابة تشترط لهما قال الشريف: هو
قياس قول الخرقي قال الزركشي: وكأنه أخذه من
عدم اعتداده بأذان الجنب وقال في البلغة قال
جماعة: من الأصحاب فلو خطب جنبا جاز بشرط أن
يكون خارج المسجد.
قلت: قاله القاضي في جامعه وتعليقه وقدمه في
التلخيص وجزم به في المذهب والمستوعب وقال:
يتوضأ ويخطب في المسجد.
فعلى المذهب: تجزئ خطبة الجنب على الصحيح من
المذهب ونص عليه وهو عاص بقراءة الآية لأن
لبثه لا تعلق له بواجب العبادة كصلاة من معه
درهم غصب.
وقيل: لا تجزئ وهو تخريج في المحرر كتحريم
لبثه وإن عصى بتحريم.
القراءة فهو متعلق بفرض لها فهو كصلاته بمكان
غصب قاله في الفروع.
وقال في الفصول: نص أحمد أن الآية لا تشترط
وهو أشبه أو جواز قراءة الآية للجنب وإلا فلا
وجه له.
وقال في الفنون: أو عمد الأدلة يحمل على
الناسي إذا ذكر اعتد بخطبته بخلاف الصلاة وستر
العورة وإزالة النجاسة كطهارة صغرى.
وقال في مجمع البحرين: فعلى المذهب: لا يجوز
له أن يخطب في المسجد عالما بحدث نفسه إلا أن
يكون متوضأ فإذا وصل القراءة اغتسل وقرأ إن لم
يطل أو استناب من يقرأ ذكره ابن عقيل وبن
الجوزي وغيرهما.
فإن قرأ جنبا أو خطب في المسجد عالما من غير
وضوء صح مع التحريم.
وقال المجد في شرحه: والتحقيق صحة خطبة الجنب
في المسجد إذا توضأ ثم اغتسل قبل القراءة وكان
ناسيا للجنابة وإن عدم ذلك كله خرج على الصلاة
في الموضع الغصب قال ابن تميم: وهذا بناء على
منع الجنب من قراءة آية أو بعضها وعدم الإجزاء
في الخطبة بالبعض ومتى قلنا: يجزئ بعض آية أو
تعيين الآية ولا يمنع الجنب من ذلك أو لا تجب
القراءة في الخطبة خرج في خطبته وجهان قياسا
على أذانه.
فائدة: حكم ستر العورة وإزالة النجاسة حكم
الطهارة الصغرى في الإجزاء وعدمه قاله في
الفروع وأبو المعالي وبن منجا.
وقال القاضي: يشترط ذلك واقتصر عليه ابن تميم
وأطلق المصنف الروايتين في اشتراط تولي الصلاة
من تولى الخطبة وأطلقهما في المذهب والمستوعب.
إحداهما : لا يشترط ذلك وهو المذهب جزم به في
الوجيز وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر وبن
تميم وبن رزين في شرحه والرعاية الصغرى
والحاويين
(2/275)
والفروع
والفائق.
قال في مجمع البحرين: صحت أو جاز في أصح
الروايتين.
قال في التلخيص: من سننهما أن يتولاهما من
يتولى الصلاة على المشهور.
قال في البلغة: سنة على الأصح وصححه في
التصحيح.
فعليهما لو خطب مميز ونحوه وقلنا لا تصح
إمامته فيها ففي صحة الخطبة وجهان وأطلقهما في
الفروع والرعاية ومختصر ابن تميم وبينا الخلاف
على القول بصحة أذانه.
قلت: الصواب عدم الصحة لأن المذهب المنصوص
أنها بدل عن ركعتين كما تقدم.
والرواية الثانية: يشترط قدمه في الرعاية
الكبرى ونسب الزركشي إلى صاحب التلخيص أنه
قال: هذا الأشهر وليس كما قال: وقد تقدم لفظه.
قال ابن أبي موسى: لا تختلف الرواية أن ذلك
شرط مع عدم العذر فأما مع العذر فعلى روايتين
وفي المغني احتمالان مطلقان مع عدم العذر.
وعنه رواية ثالثة أن ذلك شرط إن لم يكن عذر
جزم به في الإفادات وقدمه في المغني والكافي
قال في الفصول: هذا ظاهر المذهب قال في الشرح:
هذا المذهب وأطلقهن في تجريد العناية.
فائدة : وكذا الحكم والخلاف إذا تولى الخطبتين
أو إحداهما اثنان على الصحيح وقيل: إن جاز في
التي قبلها فهنا وجهان وهي طريقة ابن تميم وبن
حمدان وقطع ابن عقيل والمجد في شرحه بالجواز
قال في النكت: يعايى بها فيقال: عبادة واحدة
بدعة محضة تصح من اثنين فعلى المذهب لو قلنا
تصح لعذر لا يشترط حضور النائب الخطبة
كالمأموم لتعينها عليه على الصحيح من المذهب:
وعنه يشترط حضوره لأنه لا تصح جمعة من لا يشهد
الخطبة إلا تبعا كالمسافر وأطلقهن في الفائق
والكافي والمغني.
فائدة : لو أحدث الخطيب في الصلاة واستخلف من
لم يحضر الخطبة صح.
في أشهر الوجهين قاله في الفروع ولو لم يكن
صلى معه على أصح الروايتين إن أدرك معه ما تتم
به جمعته وكونه يصح ولو لم يكن صلى معه من
المفردات.
وإن أدركه في التشهد فسبق في ظهر مع عصر.
وإن منعنا الاستخلاف أتموا فرادى قيل ظهرا لأن
الجماعة شرط كما لو نقص العدد وقيل جمعة بركعة
معه كمسبوق قدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل: جمعة مطلقا لبقاء حكم الجماعة لمنع
الاستخلاف وأطلقهن في الفروع وبن تميم.
وإن جاز الاستخلاف فأتموا فرادى لم تصح جمعتهم
ولو كان في الثانية كما لو نقص العدد.
(2/276)
وإن جاز أن
يتولى الخطبة غير الإمام اعتبرت عدالته على
الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وقال ابن
عقيل: يحتمل أن يتخرج روايتان.
فوائد .
إحداها : قوله: "ومن سننها أن يخطب على منبر
أو موضع عال".
بلا نزاع لكن يكون المنبر عن يمين مستقبلي
القبلة كذا كان منبره عليه أفضل الصلاة
والسلام وكان ثلاث درج وكان يقف على الثالثة
التي تلي مكان الاستراحة ثم وقف أبو بكر على
الثانية: ثم عمر على الأولى تأدبا ثم وقف
عثمان مكان أبي بكر ثم وقف على موقف النبي صلى
الله عليه وسلم ثم في زمن معاوية قلعة مروان
وزاد فيه ست درج فكان الخلفاء يرتقون ست درج
ويقفون مكان عمر.
وأما إذا وقف الخطيب على الأرض فإنه يقف عن
يسار مستقبلي القبلة بخلاف المنبر قاله أبو
المعالي.
الثانية : قوله: "ويسلم على المأمومين إذا
أقبل عليهم".
بلا نزاع ويسلم أيضا على من عنده إذا خرج.
الثالثة : رد هذا السلام وكل سلام مشروع فرض
كفاية على الجماعة المسلم عليهم على الصحيح من
المذهب: وقيل: سنة وهو من المفردات كابتدائه
وفيه وجه غريب ذكره الشيخ تقي الدين يجب.
الرابعة : لو استدبر الخطيب السامعين صحت
الخطبة على الصحيح من المذهب: وقيل: لا تصح
وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان.
الخامسة : يستحب أن ينحرف المأمومون إلى
الخطبة لسماعها وقال أبو بكر: ينحرفون إليه
إذا خرج ويتربعون فيها ولا تكره الحبوة على
الصحيح من المذهب نص عليه وكرههما المصنف
والمجد.
السادسة : قوله: "ثم يجلس إلى فراغ الأذان".
الصحيح من المذهب: أن الأذان الأول مستحب وقال
ابن أبي موسى الأذان المحرم للبيع واجب ذكره
بعضهم رواية.
وقال بعض الأصحاب: يسقط الفرض يوم الجمعة بأول
أذان.
وقال ابن البنا في العقود: يباح الأذان الأول
ولا يستحب.
وقال المصنف: ومن سنن الخطبة الأذان لها إذا
جلس الإمام على المنبر قال في مجمع البحرين:
إن أراد مشروع من حيث الجملة أو في هذا الموضع
فلا كلام وإن أراد به سنة يجوز تركه فليس كذلك
بغير خلاف.
(2/277)
ثم قال: قلت:
فإن صليناها قبل الزوال فلم أجد لأصحابنا في
الأذان الأول كلاما فيحتمل أن لا يشرع ويحتمل
أن يشرع كالثاني انتهى.
وأما وجوب السعي إليها: فيأتي حكمه والخلاف
فيه عند قوله: "ويبكر إليها ماشيا".
قوله : :ويجلس بين الخطبتين".
الصحيح من المذهب: أن جلوسه بين الخطبتين سنة
وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه
أنه شرط جزم به في النصيحة وقاله أبو بكر
النجاد.
فائدتان .
إحداهما : حيث جوزنا الخطبة جالسا على ما يأتي
بعد ذلك فالمستحب أن يجعل بين الخطبتين سكتة
بدل الجلسة قاله الأصحاب.
الثانية : تكون الجلسة خفيفة جدا قال جماعة:
بقدر سورة الإخلاص وحكاه في الرعاية قولا وجزم
به في التلخيص فلو أبى الجلوس فصل بينهما
بسكتة.
قوله : "ويخطب قائما".
الصحيح من المذهب: أن الخطبة قائما سنة نص
عليه وعليه جمهور الأصحاب قاله في الحواشي
وغيره قال الزركشي: هذا المشهور عند الأصحاب
وقدمه في الفروع وغيره وعنه شرط جزم به في
النصيحة وقدمه في الفائق.
فوائد .
منها : قوله: "ويعتمد على سيف أو قوس أو عصى".
بلا نزاع وهو مخير بين أن يكون ذلك في يمناه
أو يسراه ووجه في الفروع توجيها يكون في يسراه
وأما اليد الأخرى فيعتمد بها على حرف المنبر
أو يرسلها وإذا لم يعتمد على شيء أمسك يمينه
بشماله أو أرسلهما.
ومنها : قوله: "ويقصر الخطبة" هذا بلا نزاع
لكي تكون الخطبة الثانية أقصر قاله القاضي في
التعليق والواقع كذلك.
ومنها : يرفع صوته حسب طاقته.
ومنها : قوله: "ويدعو للمسلمين" يعني عموما
وهذا بلا نزاع ويجوز لمعين مطلقا على الصحيح
من المذهب.
وقيل: يستحب للسلطان وما هو ببعيد والدعاء له
مستحب في الجملة حتى قال الإمام احمد وغيره:
لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها لإمام
عادل لأن في صلاحه صلاح للمسلمين قال في
المغني وغيره: وإن دعا لسلطان المسلمين فحسن
وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان.
(2/278)
ومنها : لا
يرفع يديه في الدعاء والحالة هذه على الصحيح
من المذهب.
قال الشيخ تقي الدين: هذا أصح الوجهين
لأصحابنا وقيل يرفعهما وجزم به في الفصول وهو
من المفردات وقيل لا يستحب قال المجد: هو
بدعة.
قوله : "ولا يشترط إذن الإمام".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يشترط وعنه
يشترط إن قدر على إذنه وإلا فلا قال في
الإفادات: تصح بلا إذن الإمام مع العجز عنه
وعنه يشترط لوجوبها لا لجوازها ونقل أبو
الحارث والشالنجي إذا كان بينه وبين المصر قدر
ما يقصر فيه الصلاة جمعوا ولو بلا إذن.
تنبيه : حيث قلنا: يشترط إذنه فلو مات ولم
يعلم بموته إلا بعد الصلاة لم تلزم الإعادة
على أصح الروايتين للمشقة.
قال ابن تميم: هذا أصح الروايتين وصححهما في
الحواشي.
وعنه عليهم الإعادة لبيان عدم الشرط اختاره
أبو بكر.
قال في التلخيص: ومع اعتباره فلا تقام إذا مات
حتى يبايع عوضه وأطلقهما في الفروع قال في
الرعاية: وإن علم موته بعد الصلاة ففي الإعادة
روايتان وقيل: مع اعتبار الإذن وقيل: إن
اعتبرنا الإذن أعادوا وإلا فلا وقيل إن اعتبر
إذنه فمات لم تقم حتى يبايع عوضه.
فائدتان.
إحداهما: لو غلب الخوارج على بلد فأقاموا فيه
الجمعة فنص أحمد على جواز.
اتباعهم قاله ابن عقيل قال القاضي: ولو قلنا
من شرطها الإمام إذا كان خروجهم بتأويل سائغ
وقال ابن أبي موسى: إذا غلب الخارجي على بلد
وصلى فيه الجمعة أعيدت ظهرا.
الثانية : إذا فرغ من الخطبة نزل وهل ينزل عند
لفظة الإقامة أو إذا فرغ بحيث يصل إلى المحراب
عند قولها يحتمل وجهين قاله في التلخيص وتبعه
في الفروع وبن تميم في أول صفة الصلاة.
أحدهما : ينزل عند لفظ الإقامة قدمه في
الرعايتين والحاويين.
والثاني : ينزل عند فراغه.
قوله : "ويستحب أن يقرأ في الأولى بسورة
الجمعة وفي الثانية بالمنافقين".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في
النظم وتذكرة ابن عبدوس والمنور والمنتخب
والتسهيل وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة
والمحرر وبن تميم والرعايتين والحاويين
والفروع وشرح ابن رزين والفائق ومجمع البحرين
وغيرهم.
وعنه: يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي
الثانية بسورة "سبح" اختاره أبو بكر في
التنبيه
(2/279)
وأطلقهما في
المذهب والتلخيص.
وعنه يقرأ في الأولى بسبح وفي الثانية
"بالغاشية" قدمه في تجريد العناية قال المصنف
والشارح وبن تميم وبن رزين في شرحه وغيرهم:
وإن قرأ في الأولى "بسبح" وفي الثانية
"بالغاشية" فحسن وقال الخرقي: يقرأ بالحمد
وسورة وقال في الوجيز: يصليها ركعتين جهرا.
فوائد .
يستحب أن يقرأ في فجر يوم الجمعة في الركعة
الأولى "الم السجدة" وفي الثانية {هَلْ أَتَى
عَلَى الْأِنْسَانِ} قال الشيخ تقي الدين:
لتضمنهما ابتداء خلق.
السماوات والأرض وخلق الإنسان إلى أن يدخل
الجنة أو النار انتهى وتكره المداومة عليهما
على الصحيح من المذهب: نص عليه.
قال الإمام أحمد: لئلا يظن أنها مفضلة بسجدة
وقال جماعة من الأصحاب: لئلا يظن وجوبها وقيل:
تستحب المداومة عليهما قال ابن رجب في شرح
البخاري: ورجحه بعض الأصحاب وهو أظهر انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: ويكره تحريه قراءة سجدة
غيرها قال ابن رجب: وقد زعم بعض المتأخرين من
أصحابنا أن تعمد قراءة سورة سجدة غير {الم
تَنْزِيلُ} في يوم الجمعة بدعة قال: وقد ثبت
أن الأمر بخلاف ذلك.
فائدة : الصحيح من المذهب: أنه يكره قراءة
سورة الجمعة في ليلة الجمعة زاد في الرعاية
والمنافقين وعنه لا يكره.
تنبيه : قد يقال: إن مفهوم قول المصنف "وتجوز
إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة" لا
يجوز إقامتها في أكثر من موضعين ولو كان هناك
حاجة وهو قول لبعض الأصحاب وذكره القاضي في
كتاب التخريج وهو بعيد جدا والصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب جواز إقامتها في أكثر من
موضعين للحاجة قال في النكت: هذا المذهب عند
الأصحاب وهو المنصور في كتب الخلاف انتهى
ويحتمله كلام المصنف هنا قال الزركشي: هو
المشهور ومختار الأصحاب وأطلقهما في الفائق
وعنه لا يجوز إقامتها في أكثر من موضع واحد
وأطلقهما في المحرر.
قوله : "ولا يجوز مع عدمها".
يعني لا يجوز إقامتها في أكثر من موضع واحد
إذا لم يكن حاجة وهذا المذهب وعليه الأصحاب
قال في النكت: هذا هو المعروف في المذهب.
وعنه يجوز مطلقا وهو من المفردات وحمله القاضي
على الحاجة.
فائدتان.
إحداهما: الحاجة هنا الضيق أو الخوف من فتنة
أو بعد وقال ابن عقيل في الفصول إن
(2/280)
كان البلد
قسمين بينهما نائرة كان عذرا أبلغ من مشقة
الازدحام.
الثانية : الحكم في العيد في جواز صلاته في
موضعين فأكثر والاقتصار على موضع مع عدم
الحاجة كالجمعة قاله ابن عقيل واقتصر عليه في
الفروع.
قوله : "فإن فعلوا فجمعة الإمام هي الصحيحة".
يعني إذا أقاموها في أكثر من موضع لغير حاجة
وقلنا لا يجوز فتكون جمعة الإمام هي الصحيحة.
واعلم أنه إذا كانت الجمعة التي أذن فيها
الإمام هي السابقة والحالة هذه فهي الصحيحة
بلا نزاع وإن كانت مسبوقة فهي الصحيحة أيضا
على الصحيح من المذهب: جزم به في الإفادات
والوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع
والمغني والشرح وصححاه وغيرهم قال في مجمع
البحرين: اختاره الشيخ وأكثر الأصحاب قال في
الرعاية الكبرى: وهو أولى.
وقيل: السابقة هي الصحيحة جزم به في التسهيل
ونهاية ابن رزين ونظمها وصححه في النظم وقدمه
في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في التلخيص
والفائق.
وقال ابن تميم: فإن كانت إحداهما بإذن الإمام
وقلنا إذنه شرط فهي الصحيحة فقط وإن قلنا ليس
إذنه بشرط فوجهان أحدهما صحة ما أذن فيها وإن
تأخرت والثاني صحت السابقة.
فوائد.
إحداها : لو استويا في الإذن أو عدمه لكن
إحداهما في المسجد الأعظم والأخرى في مكان لا
يسع الناس أو لا يقدرون عليه لاختصاص السلطان
وجنده به أو كانت إحداهما في قصبة البلد
والأخرى في أقصى المدينة فالصحيح من المذهب أن
السابقة هي الصحيحة قدمه في الفروع والرعاية.
وقيل: صلاة من في المسجد الأعظم ومن في قصبة
البلد هي الصحيحة مطلقا صححه ابن تميم وصاحب
مجمع البحرين والحواشي وقدمه في المغني
والشرح.
الثانية : السبق يكون بتكبيرة الإحرام على
الصحيح من المذهب وجزم به في المغني والشرح
وبن منجا في شرحه والإفادات والرعاية الصغرى
والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية
الكبرى والتلخيص ومجمع البحرين وبن تميم
والفائق وغيرهم.
وقيل: بالشروع في الخطبة وقال في الرعاية
الكبرى وقلت أو بالسلام.
الثالثة : حيث صححنا واحدة منهما أو منها
فغيرها باطلة ولو قلنا يصح بناء الظهر على
تحريم الجمعة لعدم انعقادها لفوتها هذا هو
الصحيح من المذهب.
(2/281)
وقيل: يتمون
ظهرا كالمسافر ينوي القصر فيتبين أن إمامه
مقيم.
قوله : "وإن وقعتا معا بطلتا معا".
بلا نزاع ويصلون جمعة إن أمكن بلا نزاع.
قوله : "فيما إذا استويا في إذن الإمام أو
عدمه أو جهلت الأولى بطلتا معا".
بلا نزاع أيضا ويصلون ظهرا على الصحيح من
المذهب قال في القواعد الفقهية ومجمع البحرين:
هذا أصح واختاره المصنف وقدمه في الفروع
والفائق والمغني والشرح وصححه.
وقيل: يصلون جمعة اختاره ابن عقيل قال في مجمع
البحرين: وهذا ظاهر عبارة أبي الخطاب.
قال القاضي: يحتمل أن لهم إقامة الجمعة لأنا
حكمنا بفسادهما معا فكأن المصر ما صليت فيه
جمعة صحيحة وقدمه في الرعاية وأطلقهما ابن
تميم.
فوائد.
إحداها: لو جهل هل وقعتا معا أو وقعت إحداهما
قبل الأخرى بطلتا معا فإن قلنا: تعاد في التي
قبلها جمعة فهنا أولى وإن قلنا تعاد ظهرا
أعيدت هنا ظهرا على الصحيح من المذهب قدمه في
الفروع والمغني والشرح وقال هو أولى وقيل تعاد
هنا جمعة قال ابن تميم: وهو الأشبه وهو احتمال
القاضي وقدمه في الرعاية.
الثانية : لو علم سبق إحداهما وجهلت السابقة
منهما صلوا ظهرا على أصح الوجهين قاله في
الرعاية.
الثالثة : لو علم سبق إحداهما وعلمت السابقة
في وقت ثم نسيت صلوا ظهرا جزم به في الرعاية.
الرابعة : لو علم أنه سبقه غيره أتمها ظهرا
وقيل يستأنف ظهرا.
وقيل: إن علم قبل السلام أن غيرها سبقت أو
فرغت فإن قلنا لا ينبني الظهر على نية الجمعة
استأنفوا ظهرا وإن قلنا ينبني فوجهان في
البناء والابتداء.
قوله : "وإذا وقع العيد يوم الجمعة فاجتزأ
بالعيد وصلى ظهرا جاز".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وهو من
المفردات.
وعنه لا يجوز ولا بد من صلاة الجمعة.
فعلى المذهب: إنما تسقط الجمعة عنهم إسقاط
حضور لا وجوب فيكون بمنزلة المريض
(2/282)
لا المسافر
والعبد فلو حضر الجامع لزمته كالمريض وتصح
إمامته فيها وتنعقد به حتى لو صلى العيد أهل
بلد كافة كان له التجميع بلا خلاف وأما من لم
يصل العيد فيلزمه السعي إلى الجمعة بكل حال
سواء بلغوا العدد المعتبر أو لم يبلغوا ثم إن
بلغوا بأنفسهم أو حضر معهم تمام العدد لزمتهم
الجمعة وإن لم يحضر معهم تمامه فقد تحقق عندهم
قال في مجمع البحرين: قلت: وقال بعض.
أصحابنا: إن تتميم العدد وإقامة الجمعة إن
قلنا تجب على الإمام حينئذ يكون فرض كفاية
قال: وليس ببعيد.
قوله : "إلا للإمام".
يعني أنه لا يجوز له تركها ولا تسقط عنه
الجمعة وهذا المذهب وهو ظاهر ما جزم به في
الخلاصة والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في
الفروع والمحرر والرعايتين واختاره المصنف
وغيره قال في التلخيص: وليس للإمام ذلك في أصح
الروايتين قال في تجريد العناية: هذا الأظهر
وصححه ناظم المفردات.
وعنه يجوز للإمام أيضا وتسقط عنه لعظم المشقة
عليه فهو أولى بالرخصة واختاره جماعة منهم
المجد في شرحه وقدمه في الفائق وابن تميم.
وعنه لا تسقط عن العدد المعتبر قال في
التلخيص: وعندي أن الجمعة لا تسقط عن أحد من
أهل المصر بحضور العيد ما لم يحضر العدد
المعتبر وتقام انتهى.
قال ابن رجب في القواعد: على رواية عدم السقوط
عن الإمام يجب أن يحضر معه من تنعقد به تلك
الصلاة ذكره صاحب التلخيص وغيره فتصير الجمعة
فرض كفاية تسقط بحضور أربعين انتهى.
وأما صاحب الفروع وبن تميم وغيرهما: فحكوا ذلك
رواية كما تقدم وهو ظاهر كلام المصنف هنا
وغيره فيكون الوجوب عند هؤلاء مختصا بالإمام
لا غير وهو الصحيح وصرح به ابن تميم.
فعلى هذا إن اجتمع العدد المعتبر للجمعة معه
أقامها الإمام وإلا صلوا ظهرا وصرح بذلك ابن
تميم وغيره وجزم ابن عقيل وغيره بأن للإمام
الاستنابة وقال الجمعة تسقط بأيسر عذر كمن له
عروس تجلى عليه فكذا المسرة بالعيد.
قال في الفروع: كذا قال وقال المجد: لا وجه
لعدم سقوطها مع إمكان الاستنابة.
فائدة : الصحيح من المذهب: سقوط صلاة العيد
بصلاة الجمعة وسواء فعلتا.
قبل الزوال أو بعده وجزم به في الوجيز والفائق
وتجريد العناية والمنور وغيرهم قال في الفروع:
تسقط في الأصح العيد بالجمعة كإسقاط الجمعة
بالعيد وأولى وصححه المجد وصاحب الحاوي
والرعاية الصغرى وغيرهم وقدمه ابن تميم ومجمع
البحرين والرعاية الكبرى وغيرهم وهو من
المفردات.
(2/283)
وقيل: لا تسقط
وأطلقهما في التلخيص وقال أبو الخطاب والمصنف
ومن تابعهما: تسقط إن فعلها وقت العيد وإلا
فلا.
وفي مفردات ابن عقيل احتمال يسقط الجمع ويصلى
فرادى.
فعلى المذهب: يعتبر العزم على فعل الجمعة قاله
في الفروع وقال ابن تميم: إن فعلت بعد الزوال
اعتبر العزم على الجمعة لترك صلاة العيد.
قوله : "وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان وأكثرها
ست ركعات".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم
به في الهداية والمذهب والمستوعب والهادي
والتلخيص والمحرر والنظم والرعايتين وبن تميم
والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والحاويين والفائق
وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: أكثرها أربع اختاره المصنف قال في
الإفادات: والأربع أشهر قال في الرعايتين
والحاويين وبن تميم وغيرهم: وإن شاء صلى أربعا
بسلام أو سلامين.
وقال في التبصرة قال شيخنا أدنى الكمال ست
وحكى عنه لا سنة لها بعدها قال في الفائق
وغيره: وعنه ليس لها بعدها سنة قال في الفروع:
وإنما قال أحمد: لا بأس بتركها فعله عمران.
فائدة : الأفضل أن يصلي السنة مكانه في المسجد
نص عليه وعنه بل في بيته أفضل والسنة أن يفصل
بينها وبين الصلاة بكلام أو انتقال ونحوه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: أنه لا سنة لها
قبلها راتبة وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب ونص عليه وجزم به في المحرر وغيره
وقدمه في الفروع والفائق والرعاية وبن تميم
وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين: هو مذهب الشافعي وأكثر
أصحابه وعليه جماهير الأئمة لأنها وإن كانت
ظهرا مقصورة فتفارقها في أحكام كما أن ترك
المسافر السنة أفضل لكون ظهره مقصورة.
وعنه لها ركعتان اختاره ابن عقيل.
قال الشيخ تقي الدين: هو قول طائفة من أصحاب
الإمام أحمد.
قلت: اختاره القاضي مصرحا به في شرح المذهب
قاله ابن رجب في كتاب نفي البدعة عن الصلاة
قبل الجمعة.
وعنه أربع بسلام أو سلامين قاله في الرعاية
أيضا.
قال الشيخ تقي الدين: هو قول طائفة من أصحابنا
أيضا.
قال عبد الله: رأيت أبي يصلي في المسجد إذا
أذن المؤذن يوم الجمعة ركعات وقال: رأيته
(2/284)
يصلي ركعات قبل
الخطبة فإذا قرب الأذان أو الخطبة: تربع ونكس
رأسه.
وقال ابن هانئ: رأيته إذا أخذ في الأذان قام
فصلى ركعتين أو أربعا قال وقال: أختار قبلها
ركعتين وبعدها ستا وصلاة أحمد تدل على
الاستحباب.
قلت: قطع ابن تميم وغيره باستحباب صلاة أربع
قبلها وليست راتبة عندهم.
وقال في تجريد العناية: وأقل سنة قبلها ركعتان
وليست راتبة على الأظهر قلت: وفيه نظر.
قال الشيخ تقي الدين: الصلاة قبلها جائزة حسنة
وليست راتبة فمن فعل لم ينكر عليه ومن ترك لم
ينكر عليه قال: وهذا أعدل الأقوال وكلام أحمد
يدل عليه وحينئذ فقد يكون تركها أفضل إذا كان
الجهال يعتقدون أنها سنة.
راتبة أو أنها واجبة فتترك حتى يعرف الناس
أنها ليست سنة راتبة ولا واجبة لا سيما إذا
داوم الناس عليها فينبغي تركها أحيانا انتهى.
ولم يرتضه ابن رجب في كتابه بل مال إلى
الاستحباب مطلقا.
قوله : "ويستحب أن يغتسل للجمعة في يومها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه
وعنه يجب على من تلزمه الجمعة اختاره أبو بكر
وهو من المفردات لكن لا يشترط لصحة الصلاة
اتفاقا وأوجبه الشيخ تقي الدين على من له عرق
أو ريح يتأذى به الناس وهو من المفردات أيضا.
وتقدم ذلك مستوفى في الأغسال المستحبة في باب
الغسل.
فائدتان.
إحداهما : يستحب أن يكون الغسل عن جماع نص
عليه.
الثانية : غسل يوم الجمعة آكد من سائر الأغسال
سوى الغسل من غسل الميت فإنه آكد من غسل
الجمعة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: غسل الجمعة آكد صححه في الرعاية.
قلت: وهو الصواب وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "في يومها".
اعلم أن الصحيح من المذهب: أن أول وقت الغسل
بعد الفجر وقطع به أكثر الأصحاب وقال ابن
تميم: وعنه ما يدل على صحته سحرا.
وقيل: أوله بعد طلوع الشمس وآخر وقته إلى
الرواح إليها جزم به في المذهب وغيره.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب: أن أفضله كما
قال المصنف "والأفضل فعله عند مضيه إليها"
وقيل: الأفضل من أول الوقت.
(2/285)
قوله : "ويتنظف
ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه".
بلا نزاع قال في الرعاية: وأفضلها البياض.
وقد تقدم في آخر ستر العورة أنه يسن لبس
البياض مطلقا.
قوله : "ويبكر إليها ماشيا".
المستحب أن يكون بعد طلوع الفجر وقال أبو
المعالي: لا يستحب للإمام التبكير إليها.
فائدة : يجب السعي إليها بالنداء الثاني وهو
الذي بين يدي المنبر على الصحيح من المذهب
وعنه يجب بالنداء الأول قال بعضهم: لسقوط
الفرض.
وقيل: لأن عثمان سنه وعملت به الأمة وخرج
رواية تجب بالزوال.
تنبيه : محل الخلاف فيمن منزله قريب أما من
منزله بعيد فيلزمه السعي في وقت يدركها كلها
إذا علم حضور العدد ويكون السعي بعد طلوع
الفجر لا قبله قال القاضي في الخلاف: وغيره
إنه ليس بوقت السعي إليها أيضا.
قوله : "ويدنو من الإمام ويشتغل بالقراءة
والذكر".
وكذا الصلاة نفلا ويقطع التطوع بجلوس الإمام
على المنبر قاله المصنف وغيره.
قوله : "ويقرأ سورة الكهف في يومها".
هكذا قال جمهور الأصحاب: ونص عليه الإمام
أحمد.
وقال أبو المعالي يقرأ سورة الكهف في يومها
وليلتها للخبر قال في الوجيز.
ويقرأ سورة الكهف في يومها أو ليلتها وقال في
الرعاية ويسن أن يقرأ في يومها سورة الكهف
وغيرها.
قوله : "ويكثر الدعاء".
يعني في يومها وأفضله بعد العصر لساعة الإجابة
قال الإمام أحمد: "أكثر الأحاديث أنها في
الساعة التي ترجى فيها الإجابة بعد العصر"
وترجى بعد زوال الشمس.
(2/286)
قلت: ذكر
الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في
شرح البخاري فيها ثلاثة واربعين قولا وذكر
القائل بكل قول ودليله فأحببت أن أذكرها ملخصة
فأقول قيل: رفعت موجودة في جمعة واحدة في كل
سنة مخفية في جميع اليوم تنتقل في يومها ولا
تلزم ساعة معينة لا ظاهرة ولا مخيفة إذا أذن
لصلاة الغداة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
مثله وزاد من العصر إلى الغروب مثله وزاد ما
بين أن ينزل الإمام من المنبر إلى أن يكبر أول
ساعة بعد طلوع الشمس عند طلوعها في آخر الساعة
الثالثة من النهار من الزوال إلى أن يصير الظل
نصف ذراع مثله إلى أن يصير الظل ذراعا بعد
الزوال بشبر إلى ذراع إذا زالت الشمس إذا أذن
المؤذن لصلاة الجمعة من الزوال إلى أن يدخل في
الصلاة من الزوال إلى خروج الإمام ما بين خروج
الإمام إلى أن تقام الصلاة ما بين خروجه إلى
أن تنقضي الصلاة ما بين تحريم البيع إلى حله
ما بين الأذان إلى انقضاء الصلاة ما بين أن
يجلس على المنبر إلى انقضاء الصلاة عند خروج
الإمام عند التأذين والإقامة وتكبير الإمام
مثله لكن قال: إذا أذن وإذا رقى المنبر وإذا
أقيمت الصلاة من حين يفتتح الخطبة حتى يفرغ
منها إذا بلغ الخطيب المنبر وأخذ في الخطبة
عند الجلوس بين الخطبتين عند نزوله من المنبر
حين تقام حين يقوم الإمام في مقامه من إقامة
الصلاة إلى تمام الصلاة وقت قراءة الإمام
الفاتحة إلى أن يقول آمين من الزوال إلى
الغروب من صلاة العصر إلى غروبها في صلاة
العصر بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار بعد
العصر مطلقا من وسط النهار إلى قرب آخر النهار
من اصفرارها إلى أن تغيب آخر ساعة بعد العصر
من حين يغيب نصف قرصها أو من حين تتدلى للغروب
إلى أن يتكامل غروبها هي الساعة التي كان عليه
أفضل الصلاة والسلام يصلي فيها.
قال: وليست كلها متغايرة من كل وجه بل كثير
منها يمكن أن يتحد مع غيره وليس المراد من
أكثرها أنها تستوعب جميع الوقت الذي عين بل
المعنى أنها تكون في أثنائه انتهى.
قوله : "ولا يتخطى رقاب الناس إلا أن يكون
إماما أو يرى فرجة فيتخطى إليها".
أما إذا كان إماما: فإنه يتخطى من غير كراهة
إن كان محتاجا للتخطي هذا المذهب جزم به المجد
في شرحه ومجمع البحرين وحواشي ابن مفلح.
قال ابن تميم: يكره تخطي رقاب الناس لغير
حاجة.
وقال في الكافي: إذا أتى المسجد كره أن يتخطى
الناس إلا أن يكون إماما ولا يجد طريقا فلا
بأس بالتخطي انتهى.
وقيل: يتخطى الإمام مطلقا وهو ظاهر كلام
المصنف هنا وبن منجا في شرحه وهو ظاهر ما جزم
به أبو الخطاب وأبو المعالي وصاحب التلخيص
والوجيز والغنية وزاد والمؤذن أيضا.
(2/287)
وأما غير
الإمام: فإن وجد فرجة فإن كان لا يصل إليها
إلا بالتخطي فله ذلك من غير كراهة وإن كان يصل
إليها بدون التخطي كره له ذلك على الصحيح من
المذهب: فيهما قدمه في الفروع فيهما.
قال ابن تميم: ويكره تخطي رقاب الناس لغير
حاجة فإن رأى فرجة لم يكره التخطي إليها انتهى
ويأتي كلام المجد وغيره.
وعنه لا يكره التخطي في المسألتين وهو ظاهر ما
جزم به المصنف هنا والخلاصة والإفادات والوجيز
وصححه في البلغة والنظم وقدمه ابن رزين في
شرحه.
قال الشيخ تقي الدين: ليس لأحد أن يتخطى رقاب
الناس ليدخل في الصف إذا لم يكن بين يديه فرجة
لا يوم الجمعة ولا غيره.
وعنه يكره التخطي فيها قدمه في الرعاية الصغرى
والحاويين والفائق والمحرر.
وعنه يكره أن يتخطى ثلاث صفوف فأكثر وإلا فلا
وجزم به في المغني.
قال في الكافي: فإن كان لا يصل إليها إلا
بتخطي الرجل والرجلين فلا بأس وإن تركوا أول
المسجد فارغا وجلسوا دونه فلا بأس بتخطيهم
انتهى.
وعنه يكره أن تخطى أربع صفوف فأكثر وإلا فلا.
وقيل: إن كانت الفرجة أمامه لم يكره وإلا كره.
وأطلق في التلخيص روايتين في كراهة التخطي إذا
كانت الفرجة أمامه.
وقطع المجد أنه لا يكره التخطي للحاجة مطلقا
وبن تميم وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن
رزين وتجريد العناية وغيرهم.
وإن لم يجد غير الإمام فرجة فالصحيح من
المذهب: أنه يكره له التخطي وإن كان واحدا
وعليه جماهير الأصحاب وقطع به الأكثر وقدمه في
الفروع.
وقال أبو المعالي وصاحب النصيحة والمنتخب
والشيخ تقي الدين رحمه الله: يحرم التخطي.
وفي كلام المصنف في مسألة التبكير إلى الجمعة:
أن التخطي مذموم والظاهر أن الذم إنما يتوجه
على فعل محرم.
قوله : "ولا يقيم غيره فيجلس مكانه".
هكذا عبارة غالب الأصحاب فيحتمل التحريم وهو
المذهب صرح به في المذهب والمستوعب والنظم
وغيرهم وجزموا به.
قال في الهداية والكافي والمغني والشرح
وغيرهم: ليس له ذلك وقدمه في الفروع.
وقال في الرعاية الكبرى: يكره ذلك وقال في
مجمع البحرين: قلت: القياس جواز إقامة
(2/288)
الصبيان لأنه
غير موضعهم.
وتقدم في أول صفة الصلاة وفي الموقف في صلاة
الجماعة هل يؤخر المفضول من الصف الأول
للفاضل.
تنبيه : شمل قوله: "ولا يقيم غير عبده وولده"
وهو صحيح حتى ولو كانت عادته الصلاة فيه حتى
المعلم ونحوه قاله الأصحاب.
فعلى المذهب: وهو القول بالتحريم لو أقامه
قهرا ففي صحة صلاته وجهان وأطلقهما في الفائق
وبن تميم ذكره في باب إزالة النجاسة.
قلت: الذي تقتضيه قواعد المذهب عدم الصحة
لارتكاب النهي.
قوله : "إلا من قدم صاحبا له فجلس في موضع
يحفظه له".
قاله الأصحاب وقال أكثرهم سواء حفظه بإذنه او
بدون إذنه ولم يذكر جماعة الحفظ بدون إذنه
منهم المصنف والناظم قال في مجمع البحرين قلت:
القياس كراهته للوكيل لأنه إيثار بأمر ديني
وهو الصواب.
تنبيه : اختلف الأصحاب في العلة في جواز
الجلوس فقيل: لأنه يقوم باختياره جزم به في
التلخيص وبه علل الشارح والمصنف في المغني
وقيل: لأنه جلس لحفظه له ولا يحصل ذلك إلا
بإقامته.
فائدتان .
إحداهما : لو آثر بمكانه وجلس في مكان دونه في
الفضل كره له ذلك على الصحيح من المذهب: جزم
به في الفصول والمذهب والكافي والتلخيص
والمستوعب والرعاية الصغرى والنظم والحاويين
وغيرهم وقدمه في المغني والشرح وبن تميم ومجمع
البحرين وشرح ابن رزين والحواشي والرعاية
الكبرى وغيرهم قال في النكت: هذا المشهور.
وقيل: يباح وهو احتمال للمجد في شرحه كما لو
جلس في مثله أو أفضل منه وقال ابن عقيل في
الفصول: لا يجوز الإيثار.
وقيل: يجوز إن آثر من هو أفضل منه وهو احتمال
في المغنى وغيره.
وقال في الفنون: إن آثر ذا هيئة بعلم ودين جاز
وليس إيثارا حقيقة بل اتباعا للسنة وأطلقهن في
الفروع وقال: ويؤخذ من كلامهم: تخريج سؤال ذلك
عليها قال: وهو متجه.
وصرح في الهدى فيها بالإباحة ويأتي آخر
الجنائز إهداء التربة للميت.
فعلى المذهب: لا يكره قبوله على الصحيح وعليه
الأصحاب قاله في مجمع البحرين وجزم به في
التلخيص وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
(2/289)
وقيل: يكره وهو
احتمال للمجد في شرحه لأنه إعانة لصاحبه على
مكروه وإقراره عليه.
قال سندي: رأيت الإمام أحمد قام له رجل من
موضعه فأبى أن يجلس فيه وقال له ارجع إلى
موضعك فرجع إليه وأطلقهما ابن تميم.
الثانية : لو آثر شخصا بمكانه فسبقه غيره إليه
جاز ذكره ابن عقيل وصححه الناظم وقدمه في
المستوعب وبن تميم ومجمع البحرين والحواشي
وصححه الناظم.
وقيل: بالمنع مطلقا وهو الصحيح قدمه في المغني
والشرح وصححاه وصححه ابن حمدان في الرعاية
الكبرى وقدمه ابن رزين وأطلقهما في الفروع
ويأتي نظيرها في إحياء الموات.
قوله : "وإن وجد مصلى مفروشا فهل له رفعه على
وجهين".
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والمغني والكافي والتلخيص والبلغة والشرح وشرح
ابن منجا والرعايتين والحاويين والنظم والفروع
ومجمع البحرين وبن تميم وتجريد العناية وشرح
الخرقي للطوفي.
أحدهما : ليس له رفعه وهو المذهب صححه في
التصحيح وجزم به في المنور والمنتخب وقدمه في
المحرر والهداية والخلاصة والفائق وإدراك
الغاية وغيرهم.
الثاني : له رفعه جزم به في الوجيز وقدمه ابن
رزين في شرحه.
قال الشيخ تقي الدين: لغيره رفعه في أظهر قولي
العلماء.
وقال في الفائق قلت: فلو حضرت الصلاة ولم يحضر
رفع انتهى.
قلت: هذا الصواب.
وقيل: إن وصل إليه صاحبه من غير تخطي أحد فهو
أحق به وإلا جاز رفعه.
فائدة : تحرم الصلاة على المصلى المفروش لغيره
جزم به المجد وغيره وقدم في الفروع بأنه لا
يصلى عليه.
وقيل: يكره جلوسه عليه قدمه في الرعاية الكبرى
وقال في الفروع ويتوجه إن حرم رفعه فله فرشه
وإلا كره.
وأطلق الشيخ تقي الدين ليس له فرشه.
وأما صحة الصلاة عليه: فقال في الفروع في باب
ستر العورة ولو صلى على أرضه أو مصلاه بلا غصب
صح في الأصح.
وقيل: حملهما على الكراهة أولى.
قوله : "ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد
إليه فهو أحق به".
(2/290)
هذا المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وبن
تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين
والقواعد الفقهية وغيرهم.
قال في الفروع فهو أحق به في الأصح وقيل ليس
هو أحق به من غيره.
فعلى المذهب: يستثنى من ذلك الصبي إذا قام من
صف فاضل أو في وسط الصف فإنه يجوز نقله عنه
صرح به القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قاله
في القاعدة الخامسة والثمانين وتقدم ذلك في
صلاة الجماعة في الموقف بأتم من هذا فليعاود.
فائدتان .
إحداهما : أطلق كثير من الأصحاب المسألة وشرط
بعضهم أن يكون عوده قريبا.
قلت: فلعله مراد من أطلق.
قال في الوجيز: ثم عاد ولم يتشاغل بغيرها.
الثانية : إذا لم يصل إلى موضعه إلا بالتخطي
فعلى الخلاف المتقدم على الصحيح من المذهب
وجوز أبو المعالي التخطي هنا وإن منعناه هناك
وقطع به في الخلاصة.
قوله : "ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى
يركع ركعتين يوجز فيهما".
هذا المذهب مطلقا أطلقه الإمام أحمد وأكثر
الأصحاب قاله في الفروع.
وقال المصنف في المغني والشارح وصاحب التلخيص
والمجد في شرحه وصاحب الفائق والرعاية وبن
تميم وغيرهم: يصلي ركعتين إن لم يفته مع
الإمام تكبيرة الإحرام.
فوائد .
لو جلس قبل صلاتهما قام فأتى بهما قاله
الأصحاب وأطلقوا وذكر المجد في شرحه وغيره في
سجود التلاوة في فصل إذا قرأ السجدة محدثا أن
التحية تسقط بطول الفصل ووجه في الفروع
احتمالا بسقوطهما من عالم ومن جاهل لم يعلم عن
قرب ولا تستحب التحية للإمام لأنه لم ينقل
ذكره أبو المعالي وغيره.
فعلى هذا يعايى بها.
ولا تجوز الزيادة على ركعتين ذكره الأصحاب.
وإن صلى فائتة كانت عليه أجزأ عنهما على
الصحيح من المذهب.
وقيل: لا تجزئ للخبر وكالفرض عن السنة.
(2/291)
فعلى المذهب:
قال في الفروع: ظاهره حصول ثوابها.
وإن كانت الجمعة في غير مسجد لم يصل شيئا قاله
ابن تميم وبن حمدان والناظم وغيرهم قال
الزركشي: هو ظاهر كلام الأصحاب.
قلت: فيعايى بها.
وتقدم في أواخر باب الأذان الصحيح من
الروايتين لا يصلي التحية قبل فراغ المؤذن
ويأتي قريبا ابتداء النافلة حال الخطبة.
قوله : "ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا له
أو لمن كلمه".
الكلام تارة يكون بين الإمام وبين من يكلمه
وتارة يكون بين غيرهما فإن كان بين الإمام
وغيره فالصحيح من المذهب: إباحة ذلك إذا كان
لمصلحة وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يكره لهما مطلقا وعنه يباح لهما مطلقا
وهو ظاهر كلام المصنف وجماعة من الأصحاب وجزم
به في الوجيز.
وإن كان الكلام من غيرهما: فقدم المصنف
التحريم مطلقا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب
قال في التلخيص ومجمع البحرين: لا يجوز في أصح
الروايتين جزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة
وبن تميم في الرعايتين والحاويين والفروع
والفائق وغيرهم.
وعنه: يحرم على من يسمع دون غيره اختاره جماعة
منهم القاضي وجزم به في الإفادات وعنه يكره
مطلقا وعنه يجوز.
فائدة: قال في النكت: ورواية عدم التحريم على
ظاهرها عند أكثر الأصحاب وقال أبو المعالي
وهذا محمول على الكلمة والكلمتين لأنه لا يخل
بسماع الخطبة ولا يمكنه التحرز من ذلك غالبا
لا سيما إذا لم يفته سماع أركانها.
تنبيه : ظاهر قوله: "والإمام يخطب" أن الكلام
يجوز بين الخطبتين إذا سكت والصحيح: أن الكلام
بينهما يباح وهو أحد الوجوه قال المجد: هذا
عندي أصح وأقيس وقدم ابن رزين الجواز قال:
لأنه ليس بخاطب وقيل: يكره وقيل: يحرم وهو
ظاهر كلام القاضي قاله في مجمع البحرين
وأطلقهن في الفروع والحواشي وأطلق الثاني
والثالث في الفائق قال في الرعايتين: في
كراهته بين الخطبتين وجهان قال في الحاويين:
وفي الكلام بين الخطبتين وجهان وفي إباحته في
الجلوس بين الخطبتين وجهان.
فوائد.
الأولى : لو تنفس الإمام فهو في حكم الخطبة
ووجه في الفروع احتمالا بالجواز حالة التنفس.
الثانية : لا يحرم الكلام إذا شرع الخطيب في
الدعاء مطلقا على الصحيح من المذهب.
(2/292)
وقد يحرم مطلقا
وأطلقهما في الكافي والرعايتين والحاويين
والنظم وقيل: يحرم في الدعاء المشروع دون غيره
وأطلقهن ابن تميم والفائق.
الثالثة : يستثنى من كلام المصنف وغيره: ممن
أطلق ما إذا احتاج إلى الكلام كتحذير ضرير أو
غافل عن بئر أو هلكة ونحوه فإنه يجوز الكلام
بل يجب كما يجوز قطع الصلاة.
الرابعة : تجوز الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم إذا سمعها نص عليه وقال القاضي في
كتاب التخريج: يكون ذلك في نفسه.
الخامسة : يجوز تأمينه على الدعاء وحمده خفية
إذا عطس نص عليه.
السادسة : يجوز رد السلام وتشميت العاطس نطقا
مطلقا على الصحيح من المذهب قال في مجمع
البحرين: يجوز ذلك في أصح الروايتين اختاره
المجد وجماعة وقدمه في الفروع وعنه يجوز لمن
لم يسمع وهو قول في الرعاية وأطلقهما في
الكافي وبن تميم والناظم والحواشي قال في
الفروع: ويتوجه يجوز إن سمع ولم يفهمه.
وعنه يحرم مطلقا وهو ظاهر ما جزم به في
التلخيص وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلق
في رد السلام الروايتين في الفائق.
السابعة : إشارة الأخرس المفهومة كالكلام وفي
كلام المجد له تسكيت المتكلم بالإشارة وقال في
المستوعب: وغيره يستحب.
قوله: "ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها".
يعني من غير كراهة وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب ونص عليه وقيل يكره.
فوائد .
منها : يحرم ابتداء النافلة على الصحيح من
المذهب وقال ابن عقيل لا يحرم على من لم
يسمعها وجزم به في المذهب وغيره وقيل: يكره.
فعلى المذهب: قال في الفروع: في كلام بعض
الأصحاب: يتعلق التحريم بجلوسه على المنبر.
قلت: جزم به في الكافي والنظم ومجمع البحرين
والزركشي وبن حمدان وبن تميم.
وفي كلام بعضهم: يتعلق بخروجه وقطع به أبو
المعالي قاله في الفروع وهو الأشهر في الأخبار
ولو لم يشرع في الخطبة وظاهر كلام بعضهم وفي
الخلاف للقاضي وغيره يكره ابتداء التطوع
بخروجه قال في الفروع: وظاهر كلامهم لا تحريم
إن لم يحرم الكلام فيها قال: وهو متجه فلو كان
في الصلاة وخرج الإمام خففها فلو نوى أربعا
صلى ركعتين قال المجد:
(2/293)
يتعين ذلك
بخلاف السنة.
ومنها : يجوز لمن بعد عن الخطيب ولم يسمعه
الاشتغال بالقراءة والذكر خفية وفعله أفضل نص
عليه فيسجد للتلاوة وقال ابن عقيل في الفصول:
إن بعدوا فلم يسمعوا صوته جاز لهم إقراء
القرآن والمذاكرة في العلم وقيل: لا.
ومنها : يكره العبث حالة الخطبة وكذا شرب
الماء إن سمعها وقال المجد يكره ما لم يشتد
عطشه وجزم أبو المعالي بأن شربه إذا اشتد عطشه
أولى وقال في النصيحة إن عطش فشرب فلا بأس قال
في الفصول: وكره جماعة من العلماء شربه بقطعة
بعد الأذان لأنه بيع منهي عنه وأكل مال
بالباطل. قال وكذا شربه على أن يعطيه الثمن
بعد الصلاة لأنه بيع قال في الفروع: فأطلق
قال: ويتوجه يجوز للحاجة دفعا للضرورة وتحصيلا
لاستماع الخطبة انتهى وقال ابن تميم: ولا بأس
بشراء ماء الطهارة بعد أذان الجمعة وقاله في
الرعاية وغيره وزاد وكذا شراء السترة ويأتي
أحكام البيع بعد النداء في كتاب البيع إن شاء
الله تعالى.
(2/294)
باب صلاة العيدين.
قوله : "وهي فرض على الكفاية".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال ابن تميم:
فرض كفاية على الأصح قال في مجمع البحرين: فرض
كفاية في أظهر الروايتين قال في الحواشي: هذا
ظاهر المذهب قال الزركشي: هذا المذهب وجزم به
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي
والخلاصة والتلخيص والبلغة والإفادات والوجيز
وغيرهم وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين
والحاويين والنظم والفائق وشرح ابن رزين
وغيرهم.
وعنه هي فرض عين اختارها الشيخ تقي الدين وقال
قد يقال بوجوبها على النساء وغيرهن.
وعنه هي سنة مؤكدة جزم به في التبصرة.
فعلى المذهب: يقاتلون على تركها وعلى أنها سنة
لا يقاتلون على الصحيح من المذهب: كالأذان
والتراويح وقال أبو المعالي في النهاية
يقاتلون أيضا.
فوائد .
منها : قوله: "فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد
الزوال خرج من الغد فصلى بهم".
هذا بلا نزاع ولكن تكون قضاء مطلقا على الصحيح
من المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو المعالي في
النهاية: تكون أداء مع عدم العلم للعذر انتهى.
ومنها : أنها تصلي ولو مضى أيام وعليه الأكثر.
(2/294)
قال في النكت:
قطع به جماعة قال ابن حمدان: وفيه نظر وقال
القاضي لا يصلون وقال في التعليق: إن علموا
بعد الزوال فلم يصلوا من الغد لم يصلوها ويأتي
في كلام المصنف آخر الباب استحباب قضائها إذا
فاتته وأنه يجوز قبل الزوال وبعده على الصحيح.
ومنها: قوله: :ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر
بحيث يوافق أهل منى في ذبحهم" نص عليه.
قوله : "والأكل في الفطر قبل الصلاة".
يعني قبل الخروج إلى الصلاة والمستحب أن يكون
تمرات وأن يكون وترا قال المجد وتبعه في مجمع
البحرين: هو آكد من إمساكه في الأضحى.
قوله : "والإمساك في الأضحى حتى يصلي".
وذلك ليأكل من أضحيته فلو لم يكن له أضحية أكل
إن شاء قبل خروجه نص عليه الإمام أحمد وقاله
الأصحاب.
قوله: "والغسل".
تقدم الكلام عليه في باب الغسل في الأغسال
المستحبة.
قوله : "والتبكير إليها بعد الصبح".
هكذا قيده جماعة من الأصحاب بقولهم بعد الصبح
يعني بعد صلاة الصبح منهم المصنف هنا وفي
المغني والشرح والوجيز وبن تميم ومجمع البحرين
والرعايتين والحاويين وغيرهم وأطلق الأكثر.
قوله : "ماشيا".
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وقطع به
كثير منهم وقال أبو المعالي إن كان البلد ثغرا
استحب الركوب وإظهار السلاح وقال الشارح وغيره
وإن كان بعيدا فلا بأس أن يركب نص عليه وزاد
ابن رزين وغيره أو لعذر وهو مراد قطعا.
فائدة : لا بأس بالركوب في الرجوع وكذا من
صلاة الجمعة.
قوله : "على أحسن هيئة إلا المعتكف يخرج في
ثياب اعتكافه".
الذاهب إلى العيد لا يخلو إما أن يكون معتكفا
أو غير معتكف فإن كان معتكفا فلا يخلو إما أن
يكون الإمام أو غيره.
فإن كان الإمام فالصحيح من المذهب: أنه يخرج
في ثياب اعتكافه وهو ظاهر كلام
(2/295)
المصنف وغيره
وقدمه في الفروع والفائق وقيل: يستحب له
التجمل والتنظف جزم به في مجمع البحرين ومختصر
ابن تميم.
قال الشيخ تقي الدين: يسن التزين للإمام
الأعظم وإن خرج من المعتكف نقله عنه في الفائق
قال في الفروع: يخرج في ثياب اعتكافه قال
جماعة: إلا الإمام.
وإن كان غير الإمام فالصحيح من المذهب أنه
يخرج في ثياب اعتكافه وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم وقال القاضي في موضع من
كلامه المعتكف كغيره في الزينة والطيب
ونحوهما.
وإن كان غير معتكف فالصحيح من المذهب في حقه
أن يأتي إليها على أحسن هيئة وعليه الأصحاب
وعنه الثياب الجيدة والرثة في الفضل سواء
وسواء كان معتكفا أو غيره.
فائدة : إن كان المعتكف فرغ من اعتكافه قبل
ليلة العيد استحب له المبيت.
ليلة العيد في المسجد والخروج منه إلى المصلى
وإن كان اعتكافه ما انقضى فظاهر كلام المصنف
هنا جواز الخروج وهو صحيح وصرح به المجد في
شرحه وبن تميم ومجمع البحرين وغيرهم.
قال المجد: يجوز له الخروج ولزومه معتكفه أولى
وتابعه ابن تميم وبن حمدان وغيرهم.
قوله : "وإذا غدا من طريق رجع في أخرى".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم.
وقيل: يرجع في الطريق الأقرب إلى منزله ويذهب
في الطريق الأبعد.
فائدة : ذهابه في طريق ورجوعه في أخرى فعله
النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ومسلم.
فقيل: فعل ذلك ليشهد له الطريقان وقيل ليشهد
له سكان الطريقين من الجن والإنس وقيل ليتصدق
على أهل الطريقين وقيل ليساوي بينهما في
التبرك به وفي المسرة بمشاهدته والانتفاع
بمسألته وقيل ليغيظ المنافقين أو اليهود وقيل
لأن الطريق الذي يغدو منه كان أطول فيحصل كثرة
الثواب بكثرة الخطى إلى الطاعة وقيل لأن طريقه
إلى المصلى كانت على اليمين فلو رجع لرجع إلى
جهة الشمال وقيل لإظهار شعار الإسلام فيهما
وقيل لإظهار ذكر الله وقيل ليرهب المنافقين
واليهود بكثرة من معه ورجحه ابن بطال وقيل
حذرا من كيد الطائفتين أو إحداهما وقيل: ليزور
أقاربه الأحياء والأموات وقيل ليصل رحمه وقيل
ليتفاءل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا وقيل
كان في ذهابه يتصدق فإذا رجع لم يبق معه شيء
فيرجع في طريق أخرى لئلا يرد من يسأله.
قال الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر: وهو ضعيف
جدا.
وقيل: فعل ذلك لتخفيف الزحام وقيل: لأن
الملائكة تقف على الطرقات فأراد أن يشهد
(2/296)
له فريقان
منهم.
وقال ابن أبي جمرة: هو في معنى قول يعقوب
لبنيه {لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ}
فأشار إلى أنه فعل ذلك حذرا من إصابة العين.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: إنه فعل
ذلك لجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة
انتهى.
قلت: فعلى الأقوال الثلاثة الأول: يخرج لنا
فعل ذلك في جميع الصلوات الخمس وقد نص الإمام
أحمد رحمه الله على استحباب ذلك في الجمعة وهو
الصحيح من المذهب وقيل لا يستحب.
قوله : "وهل من شرطها الاستيطان وإذن الإمام
والعدد المشترط للجمعة على روايتين".
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والحاوي
والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين
والحواشي وشرح المجد.
أما الاستيطان والعدد: فالصحيح من المذهب:
أنهما يشترطان كالجمعة وعليه جماهير الأصحاب
قال في الفروع: اختاره الأكثر قال في مجمع
البحرين: اختاره القاضي والآمدي وأكثرنا قال
في الخلاصة: يشترطان على الأصح قال في
الوسيلة: هذا أصح الروايتين وصححه في التصحيح
ونصره الشريف وأبو الخطاب وجزم به في تذكرة
ابن عقيل والمنور وقدمه في الفروع والهداية
والمستوعب والمغني والشرح والفائق ومختصر ابن
تميم.
والرواية الثانية : لا يشترطان قال في الفروع:
اختاره جماعة.
قلت: منهم المجد وصاحب مجمع البحرين ونظمه.
وجزم به في الوجيز والإفادات ونظم الوجيز
وصححه في تصحيح المحرر وقدمه في الكافي وبن
تميم وأطلقهما في المحرر وأوجب في المنتخب
صلاة العيد بدون العدد المشترط للجمعة.
وقال ابن الزاغوني: يشترط الاستيطان في أصح
الروايتين.
وقال ابن عقيل: يشترط الاستيطان رواية واحدة
وذكر في اشتراط العدد الروايتين وقال ابن
عقيل: يكتفى باستيطان أهل البادية إذا لم
نعتبر العدد وقاله ابن تميم وبن حمدان.
وقال ابن عقيل: أيضا إذا قلنا باعتبار العدد
وكان في القرية أقل منه وإلى جنبه مصر أو قرية
يقام فيها العيد لزمهم السعي إليه قربوا أو
بعدوا لأن العيد لا يتكرر فلا يشق إتيانه
بخلاف الجمعة قال ابن تميم: وفيه نظر وقال
المجد: ليست بدون استيطان وعدد سنة مؤكدة
إجماعا.
(2/297)
وأما إذن
الإمام: فالصحيح من المذهب: والروايتين أنه لا
يشترط وعليه أكثر الأصحاب كالجمعة.
والرواية الثانية: يشترط إذنه قال في الخلاصة:
يشترط على الأصح وقدمه في الهداية هنا
والمستوعب والفائق والقاضي أبو الحسين وذكر في
الوسيلة أنه أصح الروايتين ونصره الشريف وأبو
الخطاب مع أن في الهداية والفائق قدما في كتاب
الجمعة عدم اشتراط إذن الإمام في صلاة العيد
وقدما في هذا الباب اشتراط إذنه فناقضا وأطلق
في الرعايتين والحاويين هنا في إذنه الروايتين
مع أنهما قدما في الجمعة عدم الاشتراط فيكون
الخلاف هنا أقوى عندهم في الاشتراط يؤيده أنه
قدم في المستوعب والخلاصة هناك عدم الاشتراط
وقدما هنا الاشتراط.
قلت: وهو ضعيف.
والظاهر: أن مراد صاحب الرعايتين والحاويين:
ذكر الخلاف لا إطلاقه لقوته وجعلها في الفروع
وغيره في الشروط كالجمعة.
قال في مجمع البحرين: وروايتا إذن الإمام هنا
فرع على روايتي الجمعة.
وتحرير المذهب في ذلك أنه يعتبر في الجمعة
فهنا أولى وإن لم نعتبرها ثم فأصح الروايتين
هنا لا يعتبر أيضا كالعدد والاستيطان انتهى.
قلت: الذي يظهر أن القول باشتراطهما في الجمعة
أولى من القول بالاشتراط في العيد فعلى المذهب
يفعلها المسافر والعبد والمرأة والمنفرد
ونحوهم تبعا.
ويستحب أن يقضيها من فاتته كما يأتي واختار
الشيخ تقي الدين لا يستحب وعلى الرواية
الثانية: يفعلونها أصالة.
قوله : "وتسن في الصحراء".
وهذا بلا منازع إلا ما استثني على ما يأتي.
"وتكره في الجامع إلا من عذر".
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل: لا تكره فيه مطلقا.
تنبيه : يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق
مكة فإن المسجد فيها أفضل من الصحراء قطعا
ذكره في مجمع البحرين محل وفاق وقاله في
الفروع والفائق وغيرهما فيعايى بها.
فائدة : يجوز الاستخلاف للضعفة من يصلي بهم في
المسجد قاله في الفروع وقال ابن تميم وبن
حمدان وصاحب الفائق: يستحب نص عليه وقاله
المصنف والشارح وصاحب مجمع البحرين وغيرهم:
ويخطب بهم إن شاء وإن تركوها فلا بأس لكن
المستحب أن يخطب.
(2/298)
ولهم فعلها قبل
الإمام وبعده والأولى أن يكون بعد صلاة الإمام
فإن خالفوا وفعلوا سقط الفرض وجازت التضحية
ذكره القاضي وبن عقيل وقدمه في الفروع
والرعاية وبن تميم وغيرهم: وقال بعض الأصحاب:
إن صلاها أربعا لم يصلها قبل مستخلفه لأن
تقييده يظهر شعار اليوم وينويها كمسبوقة نفلا
قدمه في الفروع والرعاية وقال فإن نووه فرض
كفاية أو عين وصلوا السبق فنووه فرضا أو سنة
فوجهان انتهى.
ويصلى بهم ركعتين كصلاة الخليفة قدمه في
الفائق وعنه أربعا قدمه في الرعاية ومجمع
البحرين وأطلقهما في المغني والشرح وابن تميم.
قال في الفروع: وفي صفة صلاة الخليفة الخلاف
لاختلاف الرواية في صفة صلاة علي وأبي مسعود
البدري رضي الله عنهما وعنه ركعتين إن خطب وإن
لم يخطب فأربع.
فائدة : يباح للنساء حضورها على الصحيح من
المذهب وعنه يستحب اختاره ابن حامد والمجد في
غير المستحسنة وجزم بالاستحباب في التلخيص
وعنه يكره وعنه يكره للشابة دون غيرها قال
الناظم: وأكره لخرد بأوكد وعنه لا يعجبني وقال
الشيخ تقي الدين قد يقال بوجوبها على النساء.
قوله: "فيصلي ركعتين يكبر في الأولى أربعا بعد
الاستفتاح وقبل التعوذ ستا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يكبر سبعا وعنه
يكبر خمسا وفي الثانية أربعا كما يأتي.
وقوله : "بعد الاستفتاح" هو المذهب وعليه
الأكثر وعنه يستفتح بعد التكبيرات الزوائد
اختاره أبو بكر الخلال وصاحبه أبو بكر عبد
العزيز وأطلقهما في المستوعب وعنه يخير بين
ذلك.
قوله : "وفي الثانية بعد القيام من السجود
خمسا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم رواية أنه يكبر في الأولى خمسا وفي
الثانية أربعا.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أن أهل القرى
والأمصار في هذه الصفة على حد.
سواء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه
يصلي أهل القرى بلا تكبير ونقل جعفر يصلي أهل
القرى أربعا إلا أن يخطب رجل فيصلي ركعتين.
(2/299)
قوله : "ويقول
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله
بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله
وسلم تسليما وإن أحب قال غير ذلك".
هكذا قال كثير من الأصحاب.
واعلم أن الذكر بين التكبير غير مخصوص بذكر
نقله حرب عنه وروى عنه أنه "يحمد ويكبر ويصلي
على النبي صلى الله عليه وسلم وعنه يقول ذلك
ويدعو وعنه يسبح ويهلل" وعنه يذكر ويصلي على
النبي صلى الله عليه وسلم وعنه يدعو ويصلى على
النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك قد ورد عنه
فلذلك قال المصنف: وإن أحب قال غير ذلك.
فائدة : يأتي بالذكر أيضا بعد التكبيرة
الأخيرة على الصحيح من الوجهين قال المجد: وهو
أصح الوجهين قال الزركشي: وهو ظاهر كلام أبي
الخطاب.
والوجه الثاني: لا يأتي به قاله القاضي وابنه
أبو الحسين وجزم به في الوجيز وقدمه في الفائق
قال في الرعاية الصغرى والحاويين: وبقوله في
وجه وهو ظاهر كلامه في المغني وغيره لآنهم
قالوا: يأتي بالذكر بين كل تكبيرتين وأطلقهما
في الفروع والرعاية الكبرى ومجمع البحرين وبن
تميم.
قوله : "ثم يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسبح
وفي الثانية بالغاشية".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يقرأ في
الأولى بق وفي الثانية باقتربت اختارها الآجري
وعنه يقرأ في الثانية بالفجر وعنه لا توقيت
اختارها الخرقي.
قوله : "وتكون بعد التكبير".
يعني القراءة تكون بعد التكبير في الركعتين
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونصروه وعنه
يوالي بين القراءتين اختاره أبو بكر فتكون
القراءة في الركعة الثانية عقب القيام وعنه
يخير قاله الزركشي وغيره.
تنبيه : قوله: "فإذا سلم خطب خطبتين يجلس
بينهما" صرح بأن الخطبة بعد الصلاة وهو كذلك
فلو خطب قبلها لم يعتد بها على الصحيح من
المذهب وذكره المجد قول أكثر العلماء وذكر أبو
المعالي وجهين.
فائدة : خطبة العيدين في أحكامها كخطبة الجمعة
في أحكامها غير التكبير مع الخطيب وهذا المذهب
نص عليه قال في الفروع والرعايتين: على الأصح
زاد في الرعاية وقدمه في الفائق حتى في أحكام
الكلام على الأصح حتى قال الإمام أحمد: إذا لم
يسمع الخطيب في العيد إن شاء رد السلام وشمت
العاطس وإن شاء لم يفعل وقدمه في الحاويين إلا
في الكلام قال ابن تميم: وهي في الإنصات
والمنع من الكلام كخطبة الجمعة نص عليه وعنه
لا بأس بالكلام فيهما بخلاف الجمعة وأطلقهما
في الحاويين قال في الفروع: في تحريم الكلام
(2/300)
روايتان إما
كالجمعة أو لأن خطبتها مقام ركعتين بخلاف
العيد.
واستثنى جماعة من الأصحاب أنها تفارق الجمعة
في الطهارة واتحاد الإمام والقيام والجلسة بين
الخطبتين والعدد لكونها سنة لا شرط للصلاة في
أصح الوجهين.
قال في مجمع البحرين: وتفارق خطبة العيد خطبة
الجمعة في ستة أشياء فلا تجب هنا الطهارة ولا
اتحاد الإمام ولا القيام ولا الجلسة هنا قولا
واحدا بخلاف الجمعة في وجه ولا يعتبر لها
العدد وإن اعتبرناه للصلاة بخلاف الجمعة ولا
يجلس عقيب صعوده للخطبة في أحد الوجهين لعدم
انتظار فراغ الأذان هنا انتهى.
واستثنى ابن تميم والناظم وصاحب الفائق
والحواشي الأربعة الأول وأطلق ابن تميم وبن
حمدان في الكبرى وجهين في اعتبار العدد للخطبة
إن اعتبرناه في الصلاة.
والصحيح من المذهب: أنه يجلس إذا صعد المنبر
ليستريح نص عليه وقدمه في الكافي [والمغني
والشرح] والفائق والرعايتين وشرح ابن رزين
وغيرهم قال ابن تميم: المنصوص أنه يجلس صححه
في الفصول.
قال المجد: الأظهر أنه يجلس ليستريح ويتراد
نفسه إليه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد واختاره
المصنف.
وقيل" لا يجلس وأطلقهما في الحاويين قاله
الزركشي.
وقال المجد أيضا: ويفارقها أيضا في تأخيرها عن
الصلاة واستفتاحها بالتكبير وبيان الفطرة
والأضحية وأنه لا يجب الإنصات لها بل يستحب.
وقال في النصيحة: إذا استقبلهم سلم وأومأ
بيده.
قوله : "يستفتح الأولى بتسع تكبيرات".
الصحيح من المذهب: أن افتتاحها يكون بالتكبير
وتكون التكبيرات متوالية نسقا على الصحيح من
المذهب وقال القاضي: إن هلل بينهما أو ذكر
فحسن والنسق أولى وقال في الرعاية جاز قال في
الفروع: وظاهر كلام أحمد: تكون التكبيرات وهو
جالس وهو أحد الوجهين وهو ظاهر ما قدمه في
الفروع.
والوجه الثاني : يقولها وهو قائم.
قلت: وهو الصواب والعمل عليه وهو ظاهر كلام
المصنف هنا وغيره حيث جعل التكبير من الخطبة.
قال في الفروع: بعد ذكر هذا الوجه فلا جلسة
ليستريح إذا صعد لعدم الأذان هنا بخلاف الجمعة
وأطلقهما في الرعاية والفائق ومجمع البحرين
وبن تميم.
واختار الشيخ تقي الدين افتتاح خطبة العيد
بالحمد قال: لأنه لم ينقل عن النبي.
صلى الله عليه وسلم أنه
(2/301)
افتتح خطبة
بغيره وقال صلى الله عليه وسلم:
كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو
أجذم انتهى.
قوله : "والثانية بتسع".
الصحيح من المذهب: أن محل التكبير في الخطبة
الثانية في أولها وعليه جمهور الأصحاب وعنه
محله في آخرها اختاره القاضي.
فائدة : هذه التكبيرات التي في الخطبة الأولى
والثانية سنة على الصحيح من المذهب: وقيل:
شرط.
قوله : "والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما
سنة".
يعني تكبيرات الصلاة وهذا المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وعنه هما شرط اختاره الشيخ أبو الفرج
الشيرازي قال في الرعاية: وهو بعيد وقال في
الروضة: إن ترك التكبيرات الزوائد عامدا أثم
ولم تبطل وساهيا لا يلزمه سجود لأنه هيئة قال
في الفروع: كذا قال وقال ابن تميم وغيره: وعلى
الأولى إن تركه سهوا فهل يشرع له السجود على
روايتين.
قوله : "والخطبتان سنة".
هذا المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب وقيل:
هما شرط ذكره القاضي وغيره قال ابن عقيل في
التذكرة: هما من شرائط صلاة العيد.
قوله: "ولا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها في
موضعها".
الصحيح من المذهب: كراهة التنفل قبل صلاة
العيد وبعدها في موضعها قال في الفروع وغيره:
هذا المذهب وكذا قال في النكت: وقال: هذا معنى
كلام أكثر الأصحاب انتهى وقدمه ابن تميم وغيره
ونص عليه ونقل الجماعة عن الإمام أحمد لا يصلي
وقال في الموجز: لا يجوز وقال صاحب المستوعب.
وبن رزين وغيرهما لا يسن وقال في النصيحة لا
ينبغي وقدم في الفروع أن تركه أولى.
وقيل: يصلي تحية المسجد اختاره أبو الفرج وجزم
به في الغنية قال في الفروع: وهو أظهر ورجحه
في النكت ونصه لا يصليها وقيل: تجوز التحية
قبل صلاة العيد لا بعدها وهو احتمال لابن
الجوزي قال في تجريد العناية: الأظهر عندي
يأتي بتحية المسجد قبلها قال في الفائق: فلو
أدرك الإمام يخطب وهو في المسجد لم يصل التحية
عند القاضي وخالفه الشيخ يعني به المصنف.
قلت: وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في
الشرح وبن حمدان وقال في المحرر ولا سنة لصلاة
العيد قبلها ولا بعدها قال في الفروع: كذا
قال.
تنبيه : ظاهر قوله: "في موضعها" جواز فعلها في
غير موضعها من غير كراهة. وهو
(2/302)
صحيح وهو
المذهب وعليه الجمهور وقال في النصيحة لا
ينبغي أن يصلي قبلها ولا بعدها حتى تزول الشمس
لا في بيته ولا في طريقه اتباعا للسنة
والجماعة من الصحابة وهو قول أحمد قال في
الفروع: كذا قال.
فائدة : كره الإمام أحمد قضاء الفائتة في موضع
صلاة العيد في هذا الوقت لئلا يقتدى به.
قوله : "ومن كبر قبل سلام الإمام صلى ما فاته
على صفته".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال
القاضي: هو كمن فاتته الجمعة لا فرق في
التحقيق قال الزركشي: وقد نص أحمد على الفرق
في رواية حنبل فيمتنع الإلحاق وقال القاضي
أيضا: يصلي أربعا إذا قلنا يقضي من فاتته
الصلاة أربعا.
فوائد .
إحداها : يكبر المسبوق في القضاء بمذهبه على
الصحيح من المذهب وقيل: بمذهب إمامه.
الثانية : لو أدرك الإمام قائما بعد فراغه من
التكبيرات أو بعضها أو ذكرها قبل الركوع لم
يأت بها مطلقا على الصحيح من المذهب ونص عليه
في المسبوق وكما لو أدركه راكعا نص عليه قال
جماعة: كالقراءة وأولى لأنها ركن قال الأصحاب:
أو ذكره فيه.
وقيل: يأتي به واختاره ابن عقيل وعن أحمد إن
سمع قراءة الإمام لم يكبر وإلا كبر قال ابن
تميم: واختاره بعض الأصحاب.
الثالثة : لو نسي التكبير حتى ركع سقط ولا
يأتي به في ركوعه وإن ذكره قبل الركوع في
القراءة أو بعدها لم يأت به على أصح الوجهين
كما تقدم فإن كان قد فرغ من القراءة لم يعدها
وإن كان فيها أتى به ثم استأنف القراءة على
الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وبن تميم
وقيل: لا يستأنف إن كان يسيرا وأطلقه القاضي
وغيره.
قوله : "وإن فاتته الصلاة استحب له أن
يقضيها".
يعني متى شاء قبل الزوال وبعده وهذا المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن عقيل: يقضيها قبل
الزوال وإلا قضاها من الغد.
قوله : "على صفتها".
هذا المذهب اختاره الجوزجاني وأبو بكر ابن
عبدوس في تذكرته وغيرهم وجزم به في الوجيز
والمنور والمغني والمنتخب وقدمه في الفروع
والمحرر والمستوعب والخلاصة والبلغة والشرح
والرعايتين والحاويين والنظم والفائق والنهاية
وإدراك الغاية وغيرهم قال ابن رزين في شرحه:
هذا أقيس قال في مجمع البحرين: هذا أشهر
الروايات.
(2/303)
وعنه يقضيها
أربعا بلا تكبير ويكون بسلام قال في التلخيص
والبلغة: كالظهر.
وعنه يقضيها اربعا بلا تكبير ايضا بسلام أو
سلامين قال الزركشي: هذه المشهورة من الروايات
اختارها الخرقي والقاضي والشريف وأبو الخطاب
في خلافتهم وأبو بكر فيما حكاه عنه القاضي
والشريف وقدمه ابن رزين في شرحه وجزم به ابن
البنا في العقود.
وعنه يخير بين ركعتين وأربع وعنه يخير في
الركعتين بين التكبير وتركه قال في الرعاية:
وعنه يخير بين ركعتين بتكبير وغيره وقيل بل
كالفجر وبين أربع بسلام أو سلامين وبين
التكبير الزائد.
وعنه لا يكبر المنفرد وعنه ولا غيره بل يصلي
ركعتين كالنافلة.
وخيره في المغني بين الصلاة أربعا إما بسلام
واحد وإما بسلامين وبين الصلاة ركعتين كصلاة
التطوع وبين الصلاة على صفتها.
وقال في العمدة: فإن أحب صلاها تطوعا إن شاء
ركعتين وإن شاء أربعا وإن شاء صلاها على
صفتها.
وقال في الإفادات: قضاها على صفتها أو أربعا
سردا أو بسلامين.
وأطلق رواية القضاء على صفتها أو أربعا أو
التخيير بين أربع وركعتين في الجامع الصغير
والهداية والمبهج والإيضاح والفصول وتذكرة ابن
عقيل والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والتلخيص
وبن تميم وغيرهم.
فائدة : لو خرج وقتها ولم يصلها فحكمها حكم
السنن الرواتب في القضاء قاله الأصحاب قال في
الفصول وغيره: يستحب أن يجمع أهله ويصليها
جماعة فعله أنس.
قوله : "ويسن التكبير في ليلتي العيدين".
أما ليلة عيد الفطر: فيسن التكبير فيها بلا
نزاع أعلمه ونص عليه ويستحب أيضا أن يكبر من
الخروج إليها إلى فراغ الخطبة على الصحيح من
المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي
وأصحابه وهو من المفردات.
وعنه إلى خروج الإمام إلى صلاة العيد وقيل إلى
سلامه.
وعنه إلى وصول المصلي إلى المصلى وإن لم يخرج
الإمام.
فائدتان.
إحداهما : لا يسن التكبير عقيب المكتوبات
الثلاث في ليلة عيد الفطر على الصحيح من
المذهب. قال في الفروع: ولا يكبر عقيب
المكتوبة في الأشهر وقدمه ابن تميم وغيره
واختاره القاضي وغيره وقيل يكبر عقيبها وهو
وجه ذكره ابن حامد وغيره وجزم به في المذهب
ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والإفادات
والحاويين وقدمه في الرعاية الصغرى قال
(2/304)
في المذهب:
ومسبوك الذهب وهو عقيب الفرائض أشد استحبابا
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
الثانية : يجهر بالتكبير في الخروج إلى المصلى
في عيد الفطر خاصة وقدمه ابن تميم وبن حمدان
وعنه يظهره في الأضحى أيضا جزم به في النظم
وقدمه في مجمع البحرين ونصره.
وأما صاحب الفروع فقال فيه: ويكبر في خروجه
إلى المصلى.
وأما التكبير في ليلة عيد الأضحى: فيسن فيها
التكبير المطلق بلا نزاع وفي العشر كله لا غير
على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: يسن المطلق من أول العشر إلى آخر أيام
التشريق جزم به في الغنية والكافي وغيرهما.
فائدتان .
إحداهما : قال الإمام أحمد: يرفع صوته
بالتكبير.
الثانية : التكبير في ليلة الفطر آكد من
التكبير في ليلة الأضحى على الصحيح من المذهب
نص عليه وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية:
أن التكبير في عيد الأضحى آكد ونصره بأدلة
كثيرة.
وقال في النكت: التكبير ليلة الفطر آكد من جهة
امر الله به والتكبير في عيد النحر آكد من جهة
أنه يشرع أدبار الصلوات وأنه متفق عليه.
قوله : "وفي الأضحى يكبر عقيب كل فريضة في
جماعة".
هذا المذهب يعني أنه لا يكبر إلا إذا كان في
جماعة جزم به في الوجيز والمنور وقدمه الخرقي
والفروع والنظم والحواشي وبن تميم وبن رزين
ونصره المصنف والشارح وقال هو المشهور عن أحمد
قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين قال
في تجريد العناية: على الأظهر قال الزركشي:
المشهور أنه لا يكبر وحده وهي اختيار أبي حفص
والقاضي وعامة أصحابه انتهى.
وعنه أنه يكبر وإن كان وحده قال في الإفادات:
ويكبر بعد الفرض وهو ظاهر كلامه في البلغة
وظاهر كلام ابن أبي موسى وصححه ابن عقيل وقدمه
في الهداية والخلاصة والتلخيص والرعايتين
والحاويين والفائق وإدراك الغاية وأطلقهما في
المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي
والمحرر والمجد في شرحه.
تنبيه : مفهوم قوله: "عقيب كل فريضة" أنه لا
يكبر عقيب النوافل وهو صحيح وهو المذهب وعليه
جماهير الأصحاب قال في المستوعب: وغيره لا
يكبر رواية واحدة وقال الآجري من أئمة
أصحابنا: يكبر عقيبها.
(2/305)
قوله : "من
صلاة الفجر يوم عرفة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه هو كالمحرم على ما يأتي وعنه يكبر من
صلاة الفجر يوم النحر.
قوله : "إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر
يوم النحر".
وآخره كالمحل وهو إلى العصر من آخر أيام
التشريق وهذا المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات.
وعنه ينتهي تكبير المحرم صبح آخر أيام التشريق
اختاره الآجري.
وأما المحل: فلا أعلم فيه نزاعا أن آخره إلى
العصر من آخر أيام التشريق.
تنبيه : قال الزركشي: لو رمى جمرة العقبة قبل
الفجر فمفهوم كلام اصحابنا يقتضي أنه لا فرق
حملا على الغالب والمنصوص في رواية عبد الله
أنه يبدأ بالتكبير ثم يلبي إذ التلبية قد خرج
وقتها المستحب وهو الرمي ضحى فلذلك قدم
التكبير عليها انتهى.
قلت: فيعايى بها.
فوائد.
الأولى: يكبر الإمام إذا سلم من الصلاة وهو
مستقبل القبلة على ظاهر ما نقل ابن القاسم عنه
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى والفائق
وتجريد العناية وبن رزين في شرحه واختاره أبو
بكر والمصنف والشارح قال في الفروع: والأشهر
في المذهب أنه يكبر مستقبل الناس قال في تجريد
العناية: هو الأظهر وجزم به في مجمع البحرين
وقدمه ابن تميم والحواشي.
وقيل: يخير بينهما وهو احتمال في الشرح.
وقيل: يكبر مستقبل القبلة ويكبر أيضا مستقبل
الناس.
الثانية : لو قضى صلاة مكتوبة في أيام التكبير
والمقضية من غير أيام التكبير كبر لها على
الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وبن
رزين في شرحه وعنه لا يكبر قال المجد: الأقوى
عندي أنه لا يكبر وقدمه في الرعاية الكبرى
وجزم به في الصغرى والحاويين قلت: والنفس تميل
إليه وأطلقهما في الفروع.
ولو قضاها في أيام التكبير والمقضية من أيام
التكبير أيضا كبر لها على.
الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والمغني
والشرح ومجمع البحرين وبن رزين وبن تميم وقيده
بأن يقضيها في تلك السنة وكذا في الفروع وغيره
وقدمه في الرعاية الكبرى وقال: وقيل: ما فاتته
صلاة من أيام التشريق فقضاها فيها فهي
كالمؤداة في أيام التشريق في التكبير وعدمه.
وقال [في المغني والشرح: حكمها حكم المؤداة في
التكبير لأنها صلاة في أيام التشريق.
(2/306)
وقال] في
الفروع: يكبر وقيل: في حكم المقضي كالصلاة
وقيل لا لأنه تعظيم للزمان انتهى.
ولو قضاها بعد ايام التكبير لم يكبر لها على
الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر لأنها سنة
فات محلها.
وقال ابن عقيل: هذا التعليل باطل بالسنن
الرواتب فإنها تقضى مع الفرائض أشبه التلبية
وقال ابن تميم: وإن قضاها في غيرها فهل يكبر
على وجهين.
الثالثة : تكبر المرأة كالرجل على الصحيح من
المذهب مع الرجال ومنفردة لكن لا تجهر به
وتأتي به كالذكر عقيب الصلاة.
وعنه لا تكبر كالأذان وأطلقهما في التلخيص
والبلغة والرعاية الصغرى والحاويين.
وعنه تكبر تبعا للرجال فقط وقطع به كثير من
الأصحاب قال في النكت: هذا المشهور وفي
تكبيرها إذا لم تصل معهم روايتان وأطلقهما في
المغني والشرح وبن تميم وقال في الترغيب: هل
يسن لها التكبير فيه روايتان.
الرابعة : المسافر كالمقيم فيما ذكرنا.
قوله : "وإن نسي التكبير قضاه".
وهذا بلا نزاع من حيث الجملة فيقضيه في المكان
الذي صلى فيه فإن قام منه أو ذهب عاد وجلس
وقضاه على الصحيح من المذهب قال في الرعاية:
جلس جلسة التشهد وقيل: له قضاؤه ماشيا وجزم به
في الرعاية.
قوله : "ما لم يحدث أو يخرج من المسجد فإذا
أحدث أو خرج من المسجد لم يكبر".
على الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما جزم به في
التلخيص والمحرر والرعاية الصغرى والحاويين
والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وقدمه في
الرعاية الكبرى والمغني.
وقيل: يكبر قال المجد في شرحه: وهو الصحيح
وأطلقهما في الفروع وبن تميم وتجريد العناية
وقال في الكافي: فإن أحدث قبل التكبير لم يكبر
وإن نسي التكبير استقبل القبلة وكبر ما لم
يخرج من المسجد انتهى.
وقيل: إن نسيه حتى خرج من المسجد كبر وهو
احتمال في الرعاية وزاد وإن بعد.
تنبيهان .
أحدهما : ظاهر كلام المصنف: أنه يكبر إذا لم
يحدث ولم يخرج من المسجد ولو تكلم وهو صحيح
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
(2/307)
وقيل: لا يكبر
إذا تكلم اختاره ابن عقيل وأطلقهما في تجريد
العناية.
الثاني : ظاهر كلامه أيضا أنه يكبر إذا لم
يحدث ولم يخرج من المسجد ولو طال الفصل وهو
ظاهر كلام جماعة من الأصحاب قاله في الفروع
وجعل القول به توجيه احتمال وتخريج من عنده.
قلت: هذه المسألة تشبه ما إذا نسي سجود السهو
قبل السلام فإن لنا قولا يقضيه ولو طال الفصل
وخرج من المسجد واختاره الشيخ تقي الدين كما
تقدم والصحيح من المذهب أنه لا يقضيه إذا طال
الفصل سواء خرج من المسجد أو لا وقطع به أكثر
الأصحاب.
فائدة : يكبر المأموم إذا نسيه الإمام ويكبر
المسبوق إذا كمل وسلم نص.
عليه ويكبر من لم يرم جمرة العقبة ثم يلبي نص
عليه.
قوله : "وفي التكبير عقيب صلاة العيدين
وجهان".
وكذا في المحرر والنظم والشرح وغيرهم وحكى
كثير من الأصحاب الخلاف روايتين قال في
الرعاية الكبرى: وفي التكبير بعد صلاة العيدين
روايتان وقيل فيه بعد صلاة الأضحى وجهان وقال
ابن تميم والزركشي: وفي التكبير عقيب صلاة
الأضحى وجهان وحكى في التلخيص في التكبير عقيب
صلاة العيد روايتين وقال في النكت عن كلام
المحرر سياق كلامه في عيد الأضحى وهو صحيح لأن
عيد الفطر ليس فيه تكبير مقيد وكذا قطع المجد
في شرحه.
ولنا وجه: أن في عيد الفطر تكبير مقيد فعليه
يخرج في التكبير عقيب عيد الفطر وجهان كالأضحى
انتهى.
وأطلق الخلاف في الكافي والمحرر والشرح
والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والنظم
والزركشي وبن منجا في شرحه قال أبو الخطاب:
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.
أحدهما : لا يكبر وهو المذهب قدمه في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
والفروع ومجمع البحرين وإدراك الغاية وغيرهم.
والوجه الثاني: يكبر عقبها اختاره أبو بكر وبن
عقيل وقال هو أشبه بالمذهب وأحق.
قال الزركشي: هو ظاهر كلام الخرقي قال في
الفائق: يكبر عقيب صلاة العيد في أصح
الروايتين.
قال في الفروع: اختاره جماعة وجزم به في
الوجيز والإفادات وقدمه ابن رزين في شرحه
واختاره في المغني والشرح وصححه في تصحيح
المحرر.
(2/308)
قوله : "وصفة
التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا
الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
كثير منهم واستحب ابن هبيرة تثليث التكبير
أولا وآخرا.
فائدتان .
إحداهما : لا بأس بقوله لغيره بعد الفراغ من
الخطبة تقبل الله منا ومنك نقله الجماعة عن
الإمام أحمد كالجواب.
وقال الإمام أحمد أيضا "لا أبدأ به" وعنه الكل
حسن وعنه يكره قيل له في رواية حنبل ترى أن
تبدأ به قال: لا ونقل علي بن سعيد ما أحسنه
إلا أن يخاف الشهرة.
وقال في النصيحة: هو فعل الصحابة وقول
العلماء.
الثانية : لا بأس بالتعريف بالأمصار عشية عرفة
نص عليه وقال: إنما هو دعاء وذكر وقيل له
تفعله أنت قال: لا وعنه يستحب ذكرها الشيخ تقي
الدين وهي من المفردات ولم ير الشيخ تقي الدين
التعريف بغير عرفة وأنه لا نزاع فيه بين
العلماء وأنه منكر وفاعله ضال.
(2/309)
باب صلاة الكسوف.
فائدة : الكسوف والخسوف بمعنى واحد وهو ذهاب
ضوء شيء كالوجه واللون والقمر والشمس وقيل:
الخسوف الغيبوبة ومنه {فَخَسَفْنَا بِهِ
وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} وقيل: الكسوف ذهاب
بعضها والخسوف ذهاب كلها وقيل الكسوف للشمس
والخسوف للقمر يقال كسفت.
بفتح الكاف وضمها ومثله خسفت وقيل: الكسوف
تغيرهما والخسوف تغيبهما في السواد.
قوله : "وإذا كسفت الشمس أو القمر فزع الناس
إلى الصلاة جماعة وفرادى".
تجوز صلاة الكسوف مع الجماعة وتجوز صلاتها
منفردا في الجامع وغيره لكن فعلها مع الجماعة
أفضل وفي الجامع على الصحيح من المذهب وعليه
الأصحاب وعنه تفعل في المصلى.
قوله : "بإذن الإمام وغير إذنه".
لا يشترط إذن الإمام في فعلها على الصحيح من
المذهب وعليه الأصحاب وعنه يشترط
(2/309)
ذكرها أبو بكر
وأطلقهما في الفائق قال في الرعاية: وفي
اعتبار إذن الإمام فيها للجماعة روايتان وقيل
النص عدمه انتهى.
قوله : "وينادي لها الصلاة جامعة".
الصحيح من المذهب: أنه ينادي لها ويجزئ قوله:
"الصلاة" فقط وعنه لا ينادى لها وهو قول في
الفروع وغيره وتقدم ذلك آخر الأذان.
فائدة : النداء لها سنة على الصحيح من المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وقال القاضي وبن الزاغوني:
هو فرض كفاية كالأذان.
فائدة : قوله : "ثم يصلي ركعتين يقرأ في
الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة".
قال الأصحاب: البقرة أو قدرها.
قلت: الذي يظهر أن مرادهم إذا امتد الكسوف أما
إذا كان الكسوف يسيرا: فإنه يقرأ على قدره
ويؤيده قول المصنف وغيره "فإن تجلى الكسوف
أتمها خفيفة".
فائدة : الصحيح من المذهب: أن صلاة الكسوف سنة
وعليه أكثر الأصحاب وقطع به أكثرهم وقال أبو
بكر في الشافي: هي واجبة على الإمام والناس
وأنها ليست بفرض قال ابن رجب: ولعله أراد أنها
فرض كفاية.
قوله : "ويجهر بالقراءة".
هذا المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب والجهر
في كسوف الشمس من المفردات وعنه لا يجهر فيها
بالقراءة اختاره الجوزجاني وعنه لا بأس
بالجهر.
قوله : "ثم يركع ركوعا طويلا".
هكذا قال كثير من الأصحاب: وأطلقوا وقدمه في
الفروع والفائق ومجمع البحرين والزركشي وغيرهم
وقطع به الخرقي وإدراك الغاية وتذكرة ابن
عبدوس والمنتخب وغيرهم وقال جماعة من الأصحاب
يكون ركوعه قدر قراءة مائة آية منهم القاضي
وأبو الخطاب وتبعهم صاحب المذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والتلخيص والبلغة
والشرح والمحرر والمنور والإفادات والرعاية
الصغرى والنظم والوجيز والحاويين وغيرهم وقدمه
في الرعاية الكبرى.
قلت: والأولى أولى وأن الطول والقصر يرجع إلى
طول الكسوف وقصره كما قلنا في القراءة.
وقيل: يكون ركوعه قدر معظم القراءة واختاره
ابن أبي موسى والمجد وقيل: يكون قدر نصف
القراءة وقال في المبهج يسبح في الركوع بقدر
ما قرأ.
(2/310)
فائدة : ظاهر
كلامه في الفروع ومجمع البحرين والفائق
والزركشي أن الأقوال التي حكوها في قدر الركوع
متنافية لقولهم: "ثم يركع فيطيل" وقال فلان:
بقدر كذا بالواو والذي يظهر قول من قال: يركع
ركوعا طويلا لا ينافي ما حكى من الأقوال بل
اختلافهم في تفسير الطويل ولذلك قال ابن تميم.
ثم يركع فيطيل قال القاضي: بقدر مائة آية وقال
ابن أبي موسى بقدر معظم القراءة ففسر قدر
الإطالة وقال في الرعاية: ثم يركع ويسبح قدر
مائة آية وقيل بل قدر معظم القراءة وقيل: قدر
نصفها.
فلم يحك خلافا في الإطالة وإنما حكى الخلاف في
قدرها.
قوله : "ثم يرفع فيسمع ويحمد ثم يقرأ الفاتحة
وسورة ويطيل وهو دون القيام الأول".
قال في المذهب والمستوعب والرعاية وغيرهم:
يقرأ آل عمران أو قدرها قال ابن رجب في شرح
البخاري، وقال بعض الأصحاب: تكون كمعظم
القراءة الأولى وقيل: تكون قراءة الثانية: قدر
ثلثي قراءة الأولة وقراءة الثالثة نصف قراءة
الأولة وقراءة الرابعة بقدر ثلثي قراءة
الثالثة. واختاره ابن أبي موسى ذكره في
المستوعب.
قوله : "ثم يركع فيطيل وهو دون الركوع الأول".
فتكون نسبته إلى القراءة كنسبة الركوع الأول
من القراءة الأولى كما تقدم ثم يركع بقدر ثلثي
ركوعه الأول قال في الرعاية وقيل: يكون كل
ركوع بقدر ثلثي القراءة التي قبله.
قوله : "ثم يرفع ثم يسجد".
لكن لا يطيل القيام من رفعه الذي يسجد بعده
جزم به في الفروع قال ابن تميم والزركشي: وهو
ظاهر كلام أكثر أصحابنا وصرح به ابن عقيل قلت
وحكاه القاضي عياض إجماعا.
قوله : "سجدتين طويلتين".
هذا المذهب جزم به الخرقي والمذهب والمغني
والشرح والوجيز وإدراك الغاية قال في الفروع:
ويطيلهما في الأصح وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل: يطيلهما كإطالة الركوع جزم به في
التذكرة لابن عقيل والخلاصة والتلخيص والبلغة
والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاويين
والمنور.
وقيل: لا يطيلهما وهو ظاهر كلام ابن حامد وبن
أبي موسى وأبي الخطاب في الهداية.
(2/311)
تنبيه : ظاهر
كلام المصنف وكثير من الأصحاب أنه لا يطيل
الجلسة بين السجدتين لعدم ذكره وهو صحيح وهو
المذهب قال المجد: هو أصح وقدمه في الفروع قال
الزركشي: هو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقيل: يطيله اختاره الآمدي قال في التلخيص
والبلغة: ويطيل الجلوس بين السجدتين كالركوع
وجزم به فيهما أيضا في الرعاية الصغرى
والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما
في الفائق.
قوله : "ثم يقوم إلى الثانية فيفعل مثل ذلك".
يعني في الركوعين وغيرهما لكن يكون دون الأولى
قياما وقراءة وركوعا وسجودا وتسبيحا واستغفارا
قال القاضي وبن عقيل والمجد وغيرهم: القراءة
في كل قيام أقصر مما قبله وكذلك التسبيح.
قال في المستوعب: يقرأ في الثانية في القيام
الأول بعد الفاتحة سورة النساء أو قدرها وفي
الثاني بعد الفاتحة سورة المائدة أو قدرها
وذكر أبو الخطاب وغيره القيام الثالث أطول من
الثاني وقيل: بقدر النصف مما قرأ أو سبح في
ركوع الأولة وقيامها.
قوله : "فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة".
يعني على صفتها وهو المذهب مطلقا وعليه جمهور
الأصحاب.
وقيل: يتمها كالنافلة إن تجلى قبل الركوع
الأول أو فيه وإلا أتمها على صفتها لتأكدها
بخصائصها وقال أبو المعالي من جوز الزيادة عند
حدوث الامتداد على القدر المنقول جوز النقصان
عند التجلي ومن منع منع النقص لآنه التزم ركنا
بالشروع فتبطل بتركه وقيل: لا تشرع الزيادة
لحاجة زالت قال في الفروع: كذا قال.
قوله : "وإن تجلى قبلها أو غابت الشمس كاسفة
أو طلعت والقمر خاسف لم يصل".
بلا خلاف أعلمه لكن إذا غاب القمر خاسفا ليلا
فالأشهر في المذهب أنه يصلي له قاله في
الفروع.
قال في النكت: هذا المشهور قال: وقطع به جماعة
كالقاضي وأبي المعالي.
وقيل: لا يصلى له جزم به في المحرر والنظم
والرعاية الصغرى والحاويين والوجيز وتذكرة ابن
عبدوس وإدراك الغاية والمنور وقدمه في الفروع
والرعاية الكبرى وبن رزين في شرحه وأطلقهما في
الفائق ومجمع البحرين وتجريد العناية وبن
تميم.
(2/312)
فوائد .
إحداها : إذا طلع الفجر والقمر خاسف لم يمنع
من الصلاة إذا قلنا إنها تفعل في وقت نهى
اختاره المجد في شرحه قال في مجمع البحرين: لم
يمنع في أظهر الوجهين قال: وهو ظاهر كلام أبي
الخطاب وقيل: يمنع اختاره المصنف قاله في مجمع
البحرين وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى
وبن تميم وتجريد العناية قال الشارح: فيه
احتمالان ذكرهما القاضي.
الثانية : لا تقضى صلاة الكسوف كصلاة
الاستسقاء وتحية المسجد وسجود الشكر.
الثالثة : لا تعاد إذا فرغ منها ولم ينقض
الكسوف على الصحيح من المذهب وجزم به كثير من
الأصحاب.
وقيل: تعاد ركعتين وأطلق أبو المعالي في جوازه
وجهين.
فعلى المذهب: وحيث قلنا لا تصلى فإنه يذكر
الله تعالى ويدعوه ويستغفره حتى تنجلي.
قوله : "وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو
أربع فلا بأس".
يعني أن ذلك جائز من غير فضيلة بل الأفضل
ركوعان في كل ركعة على الصحيح من المذهب قدمه
في الفروع والفائق وعنه أربع ركوعات في كل
ركعة أفضل.
تنبيه : ظاهر قوله: "فلا بأس" أنه لا يزاد على
أربع ركوعات ولا يجوز وهو أحد الوجهين اختاره
المصنف وقدمه في الفائق.
والعذر لمن قال: ذلك أنه لم يطلع على الوارد
فيه قال المصنف: لا يجاوز أربع ركوعات في كل
ركعة لأنه لم يأتنا عن النبي صلى الله عليه
وسلم أكثر من ذلك انتهى.
والوجه الثاني : يجوز فعلها بكل صفة وردت فمنه
حديث كعب خمس ركوعات في كل ركعة رواه أبو داود
وهذا المذهب قدمه في الفروع وبن تميم واختاره
الشارح وجزم به الزركشي وتجريد العناية.
ومنه: أنه يأتي بها كالنافلة وقد ورد ذلك في
السنن وهذا المذهب أيضا وعليه جماهير الأصحاب
لأن الثاني سنة وقدمه في الفروع لكن الأفضل
ركوعين في كل ركعة كما تقدم وظاهر ما قدمه في
الرعايتين والحاويين أنه لا يزيد على ركوعين
في كل ركعة فإنهما بعد ما ذكرا ركوعين في كل
ركعة قالا أربع ركوعات قال في الرعاية الصغرى
وقيل: أو ثلاث.
قال في الكبرى: وعنه تكون كل ركعة بما شاء من
ركوع أو اثنين أو ثلاث أو أربع أو خمس.
فائدة : الركوع الثاني وما بعده سنة بلا نزاع
وتدرك به الركعة في أحد الوجوه قدمه في
الرعايتين والحاويين.
(2/313)
والوجه الثاني:
لا تدرك به الركعة مطلقا اختاره القاضي وجزم
به في الإفادات وأطلقهما في الفروع وبن تميم
ومجمع البحرين والحواشي وهما احتمالان مطلقان
في المغني والشرح.
والوجه الثالث : تدرك به الركعة إن صلاها
بثلاث ركوعات أو أربع لإدراكه معظم الركعة
اختاره ابن عقيل وقدمه في الشرح.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه لا يخطب لها وهو
صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح قال أصحابنا: لا خطبة
لصلاة الكسوف قال الزركشي: عليه الأصحاب قال
ابن رجب في شرح البخاري: هذا ظاهر المذهب
انتهى.
وعنه يشرع بعد صلاتها خطبتان سواء تجلى الكسوف
أو لا اختارها ابن حامد والقاضي في شرح المذهب
وحكاه عن الأصحاب وقدمه ابن رجب في شرح
البخاري وأطلقهما ابن تميم.
وقال في النصيحة: أحب أن يخطب بعدها.
وقيل: يخطب خطبة واحدة من غير جلوس وأطلق
جماعة من الأصحاب في استحباب الخطبة روايتين
ولم يذكر القاضي وغيره نصا عن أحمد أنه لا
يخطب إنما أخذوه من نصه لا خطبة في الاستسقاء
وقال ايضا لم يذكر لها أحمد خطبة.
قوله : "ولا يصلي لشيء من سائر الآيات".
هذا المذهب إلا ما استثنى وعليه أكثر الأصحاب
بل جماهيرهم.
وعنه يصلي لكل آية وذكر الشيخ تقي الدين أن
هذا قول محققي أصحابنا وغيرهم كما دلت عليه
السنن والآثار ولولا أن ذلك قد يكون سببا لشر
وعذاب لم يصح التخويف به.
قلت: واختاره ابن أبي موسى والآمدي.
قال ابن رزين في شرحه: وهو أظهر وحكى ما وقع
له في ذلك.
وقال في النصيحة: يصلون لكل آية ما أحبوا
ركعتين أو أكثر كسائر الصلوات ويخطب وأطلقهما
في التلخيص وغيره.
وقيل: يجوز ولا يكره ذكره في الرعاية قال ابن
تميم: وقاله ابن عقيل في تذكرته ولم أره فيها.
وقال في الرعاية وقيل: يصلي للرجفة وفي
الصاعقة والريح الشديدة وانتثار النجوم ورمي
الكواكب وظلمة النهار وضوء الليل وجهان انتهى.
(2/314)
قوله : "إلا
الزلزلة الدائمة".
الصحيح من المذهب: أنه يصلى لها على صفة صلاة
الكسوف نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال المصنف
والشارح وغيرهما: قال الأصحاب: يصلى لها وقيل:
لا يصلى لها ذكره في التبصرة.
وذكر أبو الحسين: أنه يصلي للزلزلة والريح
العاصف وكثرة المطر ثمان ركوعات وأربع سجدات
وذكره ابن الجوزي في الزلزلة.
فوائد .
لو اجتمع جنازة وكسوف قدمت الجنازة ولو اجتمع
مع الكسوف جمعة قدم الكسوف إن أمن فوتها أو لم
يشرع في خطبتها ولو اجتمع مع الكسوف عيد أو
مكتوبة قدم عليها إن أمن الفوت على الصحيح من.
المذهب وقيل: يقدمان عليه واختاره المصنف وهو
من المفردات ولو اجتمع كسوف ووتر وضاق وقته
قدم الكسوف على الصحيح من المذهب وقال المجد
هذا أصح قال في المذهب: بدأ بالكسوف في أصح
الوجهين وقدمه في الخلاصة والهداية والمحرر
والمستوعب وبن تميم والرعايتين والحاويين وشرح
ابن رزين وصححه في النظم وجزم به في المغني
والشرح والمنور والمنتخب للأدمي.
والوجه الثاني : يقدم الوتر وأطلقهما في
الفروع ومجمع البحرين والفائق ولو اجتمع كسوف
وتراويح وتعذر فعلهما في ذلك الوقت قدمت
التراويح في أحد الوجهين قدمه ابن تميم.
والوجه الثاني : يقدم الكسوف قدمه ابن رزين في
شرحه.
قلت: وهو الصواب لأنه اكد منها.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع ومجمع
البحرين والرعاية الكبرى والفائق.
وقيل: إن صليت التراويح جماعة قدمت لمشقة
الأنتظار.
ولو اجتمع جنازة وعيد أو جمعة قدمت الجنازة إن
أمن فوتها قال في الفروع في الجنائز: تقدم أن
الجنازة تقدم على الكسوف فدل على أنها تقدم
على ما يقدم الكسوف عليه وصرحوا منه بالعيد
والجمعة وصرح ابن الجوزي أيضا بالمكتوبات.
ونقل الجماعة: تقديم الجنازة على فجر وعصر فقط
وجزم به جماعة منهم ابن عقيل وفي المستوعب
يقدم المغرب عليها لا الفجر.
ولو حصل كسوف بعرفة صلى له ثم دفع.
تنبيه : قولنا: "ولو اجتمع مع الكسوف صلاة
عيد" هو قول أكثر العلماء.
من أهل السنة والحديث: انهما قد يجتمعان سواء
كان أضحى أو فطرا ولا عبرة بقول المنجمين في
ذلك.
(2/315)
وقيل: إنه لا
يتصور كسوف الشمس إلا في الثامن والعشرين
والتاسع والعشرين ولا خسوف القمر إلا في
إبداره واختاره الشيخ تقي الدين.
قال العلماء: ورد هذا القول بوقوعه في غير
الوقت الذي قالوه فذكر أبو شامة في تاريخه: أن
القمر خسف ليلة السادس عشر من جمادى الآخرة
سنة أربع وخمسين وستمائة وكسفت الشمس في غده
والله على كل شيء قدير انتهى وكسفت الشمس يوم
مات إبراهيم وهو يوم عاشر من ربيع الأول ذكره
القاضي والآمدي والفخر في تلخيصه اتفاقا عن
أهل السير قال في الفصول: لا يختلف النقل في
ذلك نقله الواقدي والزبير بن بكار وأن الفقهاء
فرعوا وبنوا على ذلك: لو اتفق عيد وكسوف وقال
في مجمع البحرين وغيره: لا سيما إذا اقتربت
الساعة.
فائدة : يستحب العتق في كسوف الشمس نص عليه
لأمره عليه أفضل الصلاة والسلام بذلك في
الصحيحين قال في المستوعب: وغيره يستحب لقادر.
(2/316)
باب صلاة الاستسقاء.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإذا أجدبت الأرض فزع
الناس إلى الصلاة" أنه إذا خيف من جدبها لا
يصلى وهو صحيح وهو المذهب وقيل يصلي.
قوله : "وقحط المطر أي احتبس القطر".
واعلم أنه إذا احتبس عن قوم صلوا بلا نزاع وإن
احتبس عن آخرين فالصحيح من المذهب: أنه يصلى
لهم غير من لم يحبس عنهم قطع به ابن عقيل
وصاحب التلخيص والنظم ومجمع البحرين والإفادات
والفائق وغيرهم قال ابن تميم: لا يختص بأهل
الجدب قال في الرعايتين: إن استسقى مخصب.
لمجدب جاز وقيل: يستحب قال المجد في شرحه:
يستحب ذلك وقيل: لا يصلى لهم غيرهم وأطلقهما
في الفروع.
فائدة : لو غار ماء العيون أو الأنهار وضر ذلك
استحب إن يصلوا صلاة الاستسقاء جزم به في
المستوعب والإفادات والنظم والحاويين قال في
الرعايتين: استسقوا على الأقيس واختاره القاضي
وبن عقيل.
وعنه لا يصلون قال ابن عقيل وتبعه الشارح: قال
أصحابنا: لا يصلون وقدمه في الفائق وأطلقهما
في الفروع والمذهب والتلخيص وبن تميم ومجمع
البحرين وهما وجهان في شرح المجد.
قوله : "وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة
العيد".
هذا المذهب والصحيح من الروايتين وعليه أكثر
الأصحاب.
وعنه يصلى بلا تكبيرات زوائد ولا جهر وهو ظاهر
كلام الخرقي.
(2/316)
قال أبو إسحاق
البرمكي: يحتمل إن هذه الرواية قول قديم رجع
عنه وأطلقهما في الكافي ومختصر ابن تميم وقال
في النصيحة: يقرأ في الأولى {إِنَّا
أَرْسَلْنَا نُوحاً} وفي الثانية ما أحب وجزم
به في تجريد العناية.
وقال ابن رجب في شرح البخاري: وإن قرأ بذلك
كان حسنا.
واختار أبو بكر: أن يقرأ بالشمس وضحاها والليل
إذا يغشى انتهى.
والصحيح من المذهب: أن يقرأ بعد الفاتحة بما
يقرأ به في صلاة العيد.
فائدتان .
إحداهما : لا يصلى الاستسقاء وقت نهي على
الصحيح من المذهب قال المصنف والمجد وصاحب
مجمع البحرين وغيرهم: بلا خلاف قال ابن رزين:
إجماعا وأطلق في الهداية والمذهب والمستوعب
والتلخيص والبلغة ومجمع البحرين وغيرهم
روايتين وصححوا جواز الفعل.
قلت: وهو بعيد والعجب من صاحب مجمع البحرين
كونه قطع هنا بأنها لا تصلي وقال: بلا خلاف
وذكر في أوقات النهي روايتين وصحح أنها تصلى
وهو ذهول منه وتقدم ذلك في أوقات النهي.
الثانية : وقت صلاتها وقت صلاة العيد على
الصحيح من المذهب وقيل بعد الزوال.
قوله : "أمرهم بالتوبة من المعاصي والخروج من
المظالم والصيام والصدقة".
والتوبة في كل وقت مطلوبة شرعا وكذا الخروج من
المظالم لكن هنا يتأكد ذلك.
وأما الصيام والصدقة: فيأمرهم بهما الإمام من
غير عدد في الصوم كما هو ظاهر كلام المصنف هنا
وقاله جماعة كثيرة من الأصحاب وهو ظاهر كلامه
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي
والمغني والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعاية
الصغرى والحاويين والإفادات وشرح ابن رزين
والتسهيل وغيرهم.
وقال ابن حامد: ويستحب الخروج صائما وتبعه
جماعة قال جماعة من الأصحاب: يكون الصوم ثلاثة
أيام منهم صاحب المستوعب والرعاية الكبرى
والفائق.
ولم يذكر جماعة الصوم والصدقة منهم صاحب
المحرر والنظم وإدراك الغاية وتذكرة ابن عبدوس
وغيرهم.
وذكر ابن تميم: الصدقة ولم يذكر الصوم.
وذكر ابن البنا في العقود: الصوم ولم يذكر
الصدقة.
فائدة : هل يلزم الصوم بأمر الإمام قال في
الفروع: ظاهر كلام الأصحاب لا يلزم وقال في
المستوعب وغيره: تجب طاعته في غير المعصية
وذكره بعضهم إجماعا ثم قال صاحب
(2/317)
الفروع: ولعل
المراد في السياسة والتدبير والأمور المجتهد
فيها لا مطلقا ولهذا جزم بعضهم تجب الطاعة في
الواجب وتسن في المسنون وتكره في المكروه وقال
في الفائق: قلت: ويأمرهم بصيام ثلاثة أيام
فيجب.
وذكر ابن عقيل وأبو المعالي: لو نذر الإمام
الاستسقاء من الجدب وحده أو هو والناس لزمه في
نفسه وليس له أن يلزم غيره بالخروج معه وإن
نذر غير الإمام انعقد أيضا.
قوله : "ويتنظف لها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم وقيل لا يتنظف كما أنه لا يتطيب.
قوله : "ويجوز خروج الصبيان".
يعني أنه لا يستحب فإن كان غير مميز جاز خروجه
بلا خلاف وكذلك الطفل من غير استحباب بلا خلاف
فيهما.
وإن كان مميزا: فقدم المصنف جواز خروجه من غير
استحباب وهو أحد الوجهين وقدمه في الهداية
والتلخيص والمحرر والنظم والرعايتين
والحاويين.
وقال ابن حامد: يستحب وهو المذهب اختاره
المصنف في الكافي والمجد في شرحه والآمدي
والقاضي وغيرهم قال القاضي وبن عقيل في
الفصول: نحن لخروج الصبيان والشيوخ أشد
استحبابا.
قال في مجمع البحرين: هذا أصح الوجهين وجزم به
في المستوعب وقدمه في الفروع وأطلقهما في
المذهب والفائق وبن تميم.
فوائد.
منها: يجوز خروج العجائز من غير استحباب على
الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وغيره: وقيل: لا يجوز وجعله
ابن عقيل ظاهر كلام الإمام أحمد.
وقيل: يستحب خروجهن اختاره ابن حامد: قاله في
المستوعب واختاره أبو الخطاب والمجد في شرحه.
ومنها : لا تخرج امرأة ذات هيئة ولا شابة لأن
القصد إجابة الدعاء وضررها أكثر قال المجد:
يكره.
ومنها : يجوز إخراج البهائم من غير كراهة على
الصحيح من المذهب وقيل يكره قال المصنف
والشارح: لا يستحب إخراجها ونصراه.
ومنها : ما قاله ابن عقيل والآمدي إنه يؤمر
سادة العبيد بإخراج عبيدهم وإمائهم ولا
(2/318)
يجب قال في
الفروع: ومراده مع أمن الفتنة.
قوله : "وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا ولم
يختلطوا بالمسلمين".
وهذا بلا نزاع من حيث الجملة وظاهر كلام
المصنف أنهم لا يفردون بيوم وهو الصحيح من
المذهب ونصره المجد وصاحب مجمع البحرين قال في
تجريد العناية: لا يفرد أهل الذمة بيوم في
الأظهر وجزم به في المغني والشرح والنظم
والإفادات واختاره المجد وغيره وقدمه في
الرعاية الصغرى والحاويين والفائق وبن تميم
والحواشي والزركشي.
قال في البلغة: فإن خرج أهل الذمة فلينفردوا
قال في الوجيز: وينفرد أهل الذمة إن خرجوا قال
في المستوعب: فإن خرجوا لم يمنعوا وأمروا
بالانفراد عن المسلمين قال الخرقي: لم يمنعوا
وأمروا أن يكونوا منفردين عن المسلمين.
فكلام هؤلاء يحتمل أن يكون مرادهم بالانفراد
عدم الاختلاط وهو الذي يظهر ويحتمل أن يكون
مرادهم بالانفراد الانفراد بيوم.
وقيل: الأولى خروجهم منفردين بيوم اختاره ابن
أبي موسى وجزم به في التلخيص فقال وخروجهم في
يوم آخر أولى وأطلقهما في الفروع والرعاية
الكبرى.
وقال في مجمع البحرين: لو قال قائل: إنه لا
يجوز خروجهم في وقت مفرد لم يبعد لأنهم قد
يسقون فتخشى الفتنة على ضعفة المسلمين.
فوائد.
منها: يكره إخراج أهل الذمة على الصحيح من
المذهب وعليه جماهير الأصحاب وغيرهم من
العلماء وظاهر كلام أبي بكر في التنبيه أنه لا
يكره وهو قول في الفروع وأطلقهما في الرعاية
ونقل الميموني: يخرجون معهم فأما خروجهم من
تلقاء أنفسهم فلا يكره قولا واحدا.
ومنها : حكم نسائهم ورقيقهم وصبيانهم حكمهم
ذكره الآمدي وقال في الفروع: وفي خروج عجائزهم
الخلاف وقال ولا تخرج شابة منهم بلا خلاف في
المذهب ذكره في الفصول وجعل كأهل الذمة كل من
خالف دين الإسلام في الجملة.
ومنها : يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح
من المذهب وقيل: يستحب.
قال الإمام أحمد للمروذي: يتوسل بالنبي صلى
الله عليه وسلم في دعائه وجزم به في المستوعب
وغيره وجعله الشيخ تقي الدين كمسألة اليمين به
قال: والتوسل بالإيمان به وطاعته ومحبته
والصلاة
(2/319)
والسلام عليه
وبدعائه وشفاعته ونحوه مما هو من فعله أو
أفعال العباد المأمور بها في حقه مشروع إجماعا
وهو من الوسيلة المأمور بها في قوله: تعالى
{اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ} وقال الإمام أحمد وغيره من
العلماء في قوله: عليه أفضل الصلاة والسلام.
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق
الاستعاذة لا تكون بمخلوق.
قوله : "ثم يخطب خطبة واحدة".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب
ونص عليه قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي
وعنه يخطب خطبتين قال ابن هبيرة في الإفصاح:
اختارها الخرقي وأبو بكر وبن حامد.
قلت: الخرقي قال ثم يخطب فكلامه محتمل.
فائدة : الصحيح من المذهب: أنه إذا صعد المنبر
واستقبل الناس يجلس جلسة الاستراحة جزم به في
الهداية والمستوعب والرعاية الصغرى والحاويين
قال في الرعاية الكبرى يجلس في الأصح وهو ظاهر
كلامه ثم يقوم يخطب انتهى وقيل لا يجلس
وأطلقهما ابن تميم.
تنبيه : ظاهر قوله: "فيصلي بهم ثم يخطب" أن
الخطبة تكون بعد الصلاة وهو صحيح وهو المذهب
وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي في روايتيه
والمصنف والشارح وغيرهم قال الزركشي: هذا
المشهور.
وعنه يخير اختارها جماعة منهم أبو بكر وبن أبي
موسى والمجد وأطلقهن في المستوعب.
تنبيه : أفادنا المصنف رحمه الله بقوله ثم
يخطب أنه يخطب للاستسقاء وهو صحيح وهو المذهب
وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي في
الروايتين والمجد وغيرهم.
قال المصنف: هذا المشهور وقاله الخرقي وغيره.
قال الزركشي، وقال القاضي: فحمل الرواية
الأولى وقول الخرقي على الدعاء.
وعنه يدعو من غير خطبة نصره القاضي في الخلاف
وغيره قال ابن عقيل في الفصول: وهو الظاهر من
مذهبه وذكر أيضا أنه أصح الروايتين قال ابن
هبيرة وصاحب الوسيلة: هي المنصوص عليها قال
الزركشي: هي الأشهر عن أحمد وأطلقهما في
المستوعب والكافي.
قوله : "يفتتحها بالتكبير".
هذا المذهب وعليه معظم الأصحاب وهو من
المفردات.
وقيل: يفتتحها بالاستغفار وقاله أبو بكر في
الشافي.
وعنه يفتتحها بالحمد قاله القاضي في الخصال
واختاره في الفائق وهو ظاهر ما اختاره الشيخ
تقي الدين: كما تقدم عنه في خطبة العيد قال
ابن رجب في شرح البخاري: وهو الأظهر.
(2/320)
فائدة : قوله :
"ويرفع يديه فيدعو".
وهذا بلا نزاع لكن يكون ظهور يديه نحو السماء
لأنه دعاء رهبة ذكره جماعة من الأصحاب وقدمه
في الفروع.
قال ابن عقيل: وجماعة دعاء الرهبة بظهور الأكف
وذكر بعض الأصحاب وجها أن دعاء الاستسقاء
كغيره في كونه يجعل بطون أصابعه نحو السماء
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قلت: قدمه في الرعاية الكبرى وزاد ويقيم
إبهامهما فيدعو بهما وقدمه في الحواشي واختاره
الشيخ تقي الدين: وقال: صار كفها نحو السماء
لشدة الرفع لا قصدا له وإنما كان يوجه بطونهما
مع القصد وأنه لو كان قصده فغيره أولى وأشهر
قال: ولم يقل أحد ممن يرى رفعهما في القنوت
إنه يرفع ظهورهما بل بطونهما.
قوله : "ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي
والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين والوجيز
وبن تميم والشرح وغيرهم.
وقيل: لا يستقبل القبلة إلا بعد فراغه من
الخطبة قال في المحرر والفائق.
وغيرهما ويستقبل القبلة في أثناء دعائه وقال
في الفروع ويستقبل القبلة في أثناء كلامه قيل
بعد خطبته وقيل فيها.
فائدة : قوله: "ويحول رداءه".
محل التحويل بعد استقبال القبلة.
قوله : "وإن سقوا قبل خروجهم شكروا الله
تعالى".
وتحرير المذهب في ذلك أنهم إن كانوا لم
يتأهبوا للخروج لم يصلوا وإن كانوا تأهبوا
للخروج خرجوا وصلوا شكرا لله وسألوه المزيد من
فضله وهذا الصحيح من المذهب اختاره القاضي وبن
عقيل وغيرهما وجزم به في المستوعب والتلخيص
وغيرهما وقدمه في الفروع.
وقيل: يخرجون ويدعون ولا يصلون وهو ظاهر كلام
الآمدي.
وقيل: يصلون ولا يخرجون وهو ظاهر ما في المذهب
والمحرر فإنهما قالا يصلون ولم يتعرضا للخروج.
وقيل: لا يخرجون ولا يصلون اختاره المصنف
وغيره قال في الرعاية الكبرى: فإن سقوا قبل
خروجهم صلوا في الأصح وشكروا الله وسألوه
المزيد من فضله وقيل في خروجهم إلى الصلاة
والدعاء أو الدعاء وحده وجهان.
(2/321)
وقيل: شكرهم له
بإدمان الصوم والصلاة والصدقة انتهى.
وإن كانوا تأهبوا للخروج وخرجوا وسقوا بعد
خروجهم وقبل صلاتهم صلوا بلا خلاف أعلمه.
قوله : "وينادى لها الصلاة جامعة".
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: لا ينادى لها وهو ظاهر ما قدمه ابن رزين
فإنه قال وقيل: ينادى لها الصلاة جامعة ولا نص
فيه انتهى.
قوله : "وهل من شرطها إذن الإمام على
روايتين".
وأطلقهما في الهداية وعقود ابن البنا
والمستوعب ومجمع البحرين والنظم والرعاية
والشرح وغيرهم.
إحداهما : لا يشترط وهي المذهب قال في الفائق:
ولا يشترط إذن الإمام في أصح الروايتين وقدمه
في الفروع وبن تميم.
والرواية الثانية: يشترط جزم به في الوجيز
وعنه يشترط إذنه في الصلاة والخطبة دون الخروج
لها والدعاء نقلها البزراطي.
وقيل: وإن خرجوا بلا إذنه صلوا ودعوا بلا خطبة
اختاره أبو بكر.
تنبيه : محل الخلاف في اشتراط إذن الإمام إذا
صلوا جماعة فأما إن صلوا فرادى فلا يشترط إذنه
بلا نزاع.
فائدتان .
إحداهما : قال القاضي وتبعه في المغني والشرح:
والاستسقاء ثلاثة أضرب أحدها الخروج والصلاة
كما وصفنا الثاني استسقاء الإمام يوم الجمعة
على المنبر الثالث أن يدعو الله عقيب صلواتهم
وفي خلواتهم قال في المستوعب: وغيره الاستسقاء
على ثلاثة أضرب أكملها الاستسقاء على ما وصفنا
الثاني بل الأولى في الاستحباب وهو أن يستسقوا
عقيب صلواتهم وفي خطبة الجمعة فإذا فرغ صلى
الجمعة الثالث وهو أقربها أن يخرج ويدعو بغير
صلاة.
الثانية : قوله: "ويستحب أن يقف في أول المطر
ويخرج رحله وثيابه ليصيبها".
قال الأصحاب: ويتوضأ منه ويغتسل وذكر الشارح
وغيره الوضوء فقط.
(2/322)
قوله : "وإن
زادت المياه فخيف منها استحب أن يقول كذا إلى
آخره".
الصحيح من المذهب: أن المياه إذا زادت وخيف
منها يستحب أن يقول ذلك حسب وعليه جماهير
الأصحاب وقطعوا به وقيل يستحب مع ذلك صلاة
الكسوف لأنه مما يخوف الله به عباده فاستحب
لهم صلاة الكسوف كالزلزلة وهذا الوجه اختيار
الآمدي.
فائدة : يحرم أن يقول مطرنا بنوء كذا لما ورد
في الصحيحين ولا يكره أن يقول مطرنا في نوء
كذا على الصحيح من المذهب وقال الآمدي: يكره
إلا أن يقول مع ذلك برحمة الله سبحانه وتعالى
(2/323)
|