الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الخلع
كتاب الخلع
...
كتاب الخلع
فائدة: قال في الكافي معنى الخلع فراق الزوج امرأته بعوض على المذهب وبغيره على اختيار الخرقي بألفاظ مخصوصة.
قوله : "وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدى نفسها منه".
فيباح للزوجة ذلك والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم الحلواني بالاستحباب.
وأما الزوج فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه وعليه الأصحاب.
واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله في وجوب الإجابة إليه.
وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء.
فائدة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله عبارة الخرقي ومن تابعه أجود من عبارة صاحب المحرر ومن تابعه.
فإن صاحب المحرر وغيره قال الخلع لسوء العشرة بين الزوجين جائز.
فإن قولهم: لسوء العشرة بين الزوجين فيه نظر فإن النشوز قد يكون من الرجل فتحتاج هي أن تقابله انتهى.
وعبارة المصنف قريبة من عبارة الخرقي.
فإن الخرقي قال وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه.
قوله : فإن خالعته لغير ذلك ووقع.
يعني إذا خالعته مع استقامة الحال وهذا المذهب وعليه الجمهور.
قال الزركشي والمذهب المنصوص المشهور المعروف حتى إن أبا محمد حكاه عن الأصحاب وقوع الخلع مع الكراهة كالطلاق أو بلا عوض انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال هو المذهب.
وعنه لا يجوز ولا يصح.

(8/282)


وهو احتمال في الهداية وإليه ميل المصنف والشارح.
واختاره أبو عبد الله بن بطة وأنكر جواز الخلع مع استقامة الحال وصنف فيه مصنفا وأطلقهما في البلغة.
واعتبر الشيخ تقي الدين رحمه الله خوف قادر على القيام بالواجب أن لا يقيما حدود الله فلا يجوز انفرادها به.
قوله: "فأما إن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها".
اعلم أن للمختلعة مع زوجها أحد عشر حالا.
أحدها: أن تكون كارهة له مبغضة لخلقه وخلقه أو لغير ذلك من صفاته وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقوقه الواجبة عليها فالخلع في هذا الحال مباح أو مستحب على ما تقدم.
الحال الثاني: كالأول ولكن للرجل ميل إليها ومحبة فهذه أدخلها القاضي في المباح كما تقدم.
ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه ينبغي لها أن لا تختلع منه وأن تصبر.
قال القاضي قول الإمام أحمد ينبغي لها أن تصبر على طريق الاستحباب والاختيار ولم يرد بهذا الكراهة لأنه قد نص على جوازه في غير موضع.
ويحتمل دخول هذه الصورة في كلام المصنف.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكراهة الخلع في حق هذه متوجهة.
الحال الثالث: أن يقع والحال مستقيمة فالمذهب وقوعه مع الكراهة.
وعنه يحرم ولا يقع.
وتقدم ذلك قريبا في كلام المصنف.
الحال الرابع: أن يعضلها أو يظلمها لتفتدي منه فهذا حرام عليه والخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها كما قال المصنف.
الحال الخامس: كالذي قبله لكنها زنت فيجوز ذلك نص عليه وقطع به الأصحاب.
ويأتي في أول كتاب الطلاق هل زني المرأة يفسخ النكاح.
الحال السادس: أن يظلمها أو يعضلها لا لتفتدي فتفتدي فأكثر الأصحاب على صحة الخلع.
وجزم به القاضي في المجرد وهو ظاهر كلام المصنف هنا.

(8/283)


وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يحل له ولا يجوز.
الحال السابع: أن يكرهها فلا يحل له نص عليه.
الحال الثامن: أن يقع حيلة لحل اليمين فلا يقع.
وتأتي المسألة في كلام المصنف في آخر الباب.
الحال التاسع: أن يضربها ويؤذيها لتركها فرضا أو لنشوز فتخالعه لذلك فقال في الكافي يجوز.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعليل القاضي وأبي محمد يعني به المصنف يقتضي أنها لو نشزت عليه جاز له أن يضربها لتفتدي نفسها منه وهذا صحيح.
الحال العاشر: أن يتنافرا أدنى منافرة فذكرها الحاوي في قسم المكروه قال ويحتمل أن لا تصح المخالعة.
الحال الحادي عشر أن يمنعها كمال الاستمتاع لتختلع فذكر أبو البركات أنه يكره على هذا الحال.
تنبيه: قوله: "فأما إن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها إلا أن يكون طلاقا".
فيقع رجعيا فإذا رد العوض وقلنا الخلع طلاق وقع الطلاق بغير عوض فهو رجعي.
وإن قلنا هو فسخ ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء لأن الخلع بغير عوض لا يقع على إحدى الروايتين.
وعلى الرواية الأخرى إنما رضي بالفسخ هنا بالعوض فإذا لم يحصل العوض لم يحصل المعوض.
وقيل: يقع بائنا إن قلنا يصح الخلع بغير عوض وهو تخريج للمصنف والشارح من مذهب الإمام مالك رحمه الله.
تنبيه: آخر قوله: "ويجوز الخلع من كل زوج يصح طلاقه مسلما كان أو ذميا" بلا نزاع.
ويأتي إذا تخالع الذميان على محرم عند تخالع المسلمين عليه.
قوله : "فإن كان محجورا عليه دفع المال إلى وليه وإن كان عبدا دفع إلى سيده".
هذا المذهب اختاره المصنف والشارح.
قال أبو المعالي في النهاية هذا أصح واختاره بن عبدوس في تذكرته.

(8/284)


وجزم به في البلغة وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقال القاضي يصح القبض من كل من يصح خلعه.
فعلى هذا يصح قبض المحجور عليه والعبد وقاله الإمام أحمد في العبد وصححه الناظم.
قال في الفروع ومن صح خلعه قبض عوضه عند القاضي انتهى.
وجزم به في المنور وقدمه في المحرر وتجريد العناية.
ويأتي في أول كتاب الطلاق أحكام طلاقه.
فائدة: في صحة خلع المميز وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: يصح وهو المذهب جزم به في تجريد العناية وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره وهو ظاهر كلام المصنف المتقدم.
والثاني لا يصح جزم به في المنور وغيره وقدمه في المحرر والنظم.
والخلاف هنا مبني على طلاقه على ما يأتي.
وظاهر الهداية والمذهب والرعايتين عدم البناء لأنهم أطلقوا الخلاف هنا وقدموا هناك الوقوع.
قلت لو قيل بالعكس لكان أوجه.
قوله : "وهل للأب خلع زوجة ابنه الصغير أو طلاقها على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
إحداهما: ليس له ذلك وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
ذكره في أول كتاب الطلاق.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: له ذلك.
قال أبو بكر والعمل عندي على جواز ذلك.
وذكر في الترغيب أنها أشهر في المذهب.

(8/285)


وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أنها ظاهر المذهب.
قال في الخلاصة وله ذلك على الأصح.
واختارها بن عبدوس في تذكرته ونصرها القاضي وأصحابه.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
فائدتان:
إحداهما: وكذا الحكم في أبي المجنون وسيد الصغير والمجنون خلافا ومذهبا وصحة خلع أبي المجنون وطلاقه من المفردات.
الثانية: نص الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال طلق بنتي وأنت بريء من مهرها ففعل بانت ولم يبرأ ويرجع على الأب قاله في الفروع.
وحمله القاضي وغيره على جهل الزوج وإلا فخلع بلا عوض.
ولو كان قوله: طلقها إن برئت منه لم تطلق.
وقال في الرعاية ومن قال طلق بنتي وأنت بريء من صداقها فطلق بانت ولم يبرأ نص عليه ولا يرجع هو على الأب.
وعنه يرجع إن غره وهي وجه في الحاوي.
وقيل: إن لم يرجع فطلاقه رجعي.
وإن قال إن أبرأتني أنت منه فهي طالق فأبرأه لم تطلق.
وقيل: بلى إن أراد لفظ الإبراء.
قلت أو صح عفوه عنه لصغرها وبطلاقها قبل الدخول والإذن فيه إن قلنا عقدة النكاح بيده وإن قال قد طلقتها إن أبرأتني منه فأبرأه طلقت نص عليه.
وقيل: إن علم فساد إبرائه فلا انتهى.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أن غير الأب ليس له أن يطلق على الابن الصغير وهو صحيح وهوالمذهب وعليه أكثرالأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه أن يملك طلاقه إن ملك تزويجه قال وهو قول ابن عقيل فيما أظن.
وتقدم هل يزوج الوصي الصغير أم لا وهل لسائر الأولياء غير الأب والوصي تزويجه أم لا في مكانين من باب أركان النكاح.
أحدهما: عند قوله: ووصيه في النكاح بمنزلته.
والثاني: عند قوله: ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها.

(8/286)


قوله : "وليس له خلع ابنته الصغيرة بشيء من مالها".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
فعليه لو فعل كان الضمان عليه نص عليه في رواية محمد بن الحكم.
وقيل: له ذلك وهو رواية في المبهج.
نقل أبو الصقر فيمن زوج ابنه الصغير بصغيرة وندم أبواهما هل ترى في فسخها وطلاقهما عليهما شيئا قال فيه اختلاف وأرجو ولم ير به بأسا.
قال أبو بكر والعمل عندي على جواز ذلك منهما عليهما.
قال المصنف في المغني والشارح ويحتمل أن يملك ذلك إذا رأى لها فيه المصلحة والحظ.
قلت هذا هو الصواب.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة وكذلك أشار إليه ابن عقيل في الفصول.
واختار في الرعاية أن ما صح عفو الأب عنه فهو كخلعه به وما لا فلا.
قوله : "وهل يصح الخلع مع الزوجة".
بلا خلاف ومع الأجنبي.
على الصحيح من المذهب إذا صح بذله.
قال في الفروع والأصح يصح من غير الزوجة واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: لا يصح مع الأجنبي إذا قلنا إنه فسخ.
وقيل: لا يصح مطلقا ذكره في الرعايتين.
فعلى المذهب يقول الأجنبي له اخلع أو خالع زوجتك على ألف أو على سلعتي هذه وكذا إن قال على مهرها أو سلعتها وأنا ضامن أو على ألف في ذمتها وأنا ضامن فيجيبه إليه فيصح منه ويلزم الأجنبي وحده بذل العوض.
فإن لم يضمن حيث سمى العوض منها لم يصح الخلع قاله في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.

(8/287)


قوله : "فإن خالعت الأمة بغير إذن سيدها على شيء معلوم كان في ذمتها تتبع به بعد العتق".
جزم المصنف هنا بصحة خلع الأمة بغير إذن سيدها.
وجزم به الخرقي وصاحب الجامع الصغير والشريف وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والترغيب ومنتخب الآدمي.
قال في القواعد الأصولية وهو مشكل إذ المذهب لا يصح تصرف العبد في ذمته بغير إذن سيده.
وقيل: لا يصح بدون إذن سيدها كما لو منعها فخالعت وهو المذهب صححه في النظم.
قال في تجريد العناية لا يصح في الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر ما جزم به في العمدة فإنه قال ولا يصح بذل العوض إلا ممن يصح تصرفه في المال.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وهذه من جملة ما جزم به المصنف في كتبه الثلاثة وما هو المذهب.
ويتخرج وجه ثالث وهو أنه إن خالعته على شيء في ذمتها صح وإن خالعته على شيء في يدها لم يصح ذكره الزركشي.
فعلى الأول تتبع بالعوض بعد عتقها قاله الخرقي.
وقطع به المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه يتعلق برقبتها وأطلقهما في الفروع.
واختار في الرعاية الكبرى تتبع بمهر المثل.
وقال المصنف والشارح إن وقع على شيء في الذمة تعلق بذمتها وإن وقع على عين فقياس المذهب أنه لا شيء له.
قالا ولأنه إذا علم أنها أمة فقد علم أنها لا تملك العين فيكون راضيا بغير عوض.
قال الزركشي فيلزم من هذا التعليل بطلان الخلع على المشهور لوقوعه بغير عوض.
فائدة: يصح خلع الأمة بإذن سيدها بلا نزاع.
والعوض فيه كدينها بإذن سيدها على ما تقدم في آخر باب الحجر هل يتعلق بذمة السيد أو برقبتها.

(8/288)


قوله : "وإن خالعته المحجور عليها لم يصح الخلع".
هذا المذهب سواء أذن لها الولي أو لا ولأنه لا إذن له في التبرع وصححه في الفروع وغيره.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقيل: يصح إذا أذن لها الولي.
قلت إن كان فيه مصلحة صح بإذنه وإلا فلا.
قوله : "وإن خالعته المحجور عليها لم يصح الخلع ووقع طلاقه رجعيا".
يعني إذا وقع بلفظ الطلاق أو نوى به الطلاق.
فأما إن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولم ينو به الطلاق فهو كالخلع بغير عوض وسيأتي حكمه.
وقال المصنف في المغني والشارح ويحتمل أن لا يقع الخلع هنا لأنه إنما رضي به بعوض ولم يحصل له ولا أمكن الرجوع في بدله.
ومراده بوقوع الطلاق رجعيا إذا كان دون الثلاث وهو واضح.
تنبيه: مراده بالمحجور عليها المحجور عليها للسفه أو الصغر أو الجنون.
أما المحجور عليها للفلس فإنه يصح خلعها ويرجع عليها بالعوض إذا فك عنها الحجر وأيسرت قطع به المصنف والشارح وغيرهما.
قوله : "والخلع طلاق بائن إلا أن يقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولا ينوي به الطلاق فيكون فسخا لا ينقص به عدد الطلاق في إحدى الروايتين".
الصحيح من المذهب أن الخلع فسخ لا ينقص به عدد الطلاق بشرطه الآتي وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذه الرواية هي المشهورة في المذهب واختيار عامة الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم.
قال في الخلاصة فهو فسخ في الأصح.
قال في البلغة هذا المشهور.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.
قال في تجريد العناية هذا الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.

(8/289)


وقدمه في الرعايتين وإدراك الغاية والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية أنه طلاق بائن بكل حال.
وقدمه في المحرر والحاوي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والكافي والهادي والشرح وغيرهم.
تنبيه: من شرط وقوع الخلع فسخا أن لا ينوي به الطلاق كما قال المصنف.
فإن نوى به الطلاق وقع طلاقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه هو فسخ ولو نوى به الطلاق اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ومن شرط وقوع الخلع فسخا أيضا أن لا يوقعه بصريح الطلاق.
فإن أوقعه بصريح الطلاق كان طلاقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: هو فسخ ولو أتى بصريح الطلاق أيضا إذا كان بعوض.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا.
وقال عليه دل كلام الإمام أحمد رحمه الله وقدمه أصحابه.
قال في الفروع ومراده ما قال عبد الله رأيت أبي كان يذهب إلى قول بن عباس رضي الله عنهما وبن عباس صح عنه انه قال ما أجازه المال فليس بطلاق.
وصح عنه أنه قال الخلع تفريق وليس بطلاق.
قال في الفروع والخلع بصريح طلاق أو بنية طلاق بائن.
وعنه مطلقا وقيل: عكسه.
وعنه بصريح خلع فسخ لا ينقص عددا.
وعنه عكسه بنية طلاق انتهى.
فوائد
إحداها: للخلع ألفاظ صريحة في الخلع وألفاظ كناية فيه.
فصريحه لفظ الخلع والمفاداة بلا نزاع.
وكذا الفسخ على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة، والمغني

(8/290)


والكافي والهادي والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل: هو كناية.
وفي الواضح وجه ليس بكناية.
وأما كناياته فالإبابة بلا نزاع نحو ابنتك والتبرئة على الصحيح من المذهب نحو بارأتك وأبرأتك جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح والزركشي والرعايتين وقدمه في الفروع.
زاد في الرعايتين والحاوي وتذكرة بن عبدوس المبارأة.
وقال في الروضة صريحه لفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة أو بارأتك.
الثانية: إذا طلبت الخلع وبذلت العوض فأجابها بصريح الخلع أو كنايته صح الخلع من غير نية لأن دلالة الحال من سؤال الخلع وبذل العوض صارفة إليه فأغنى عن النية.
وإن لم تكن دلالة حال وأتى بصريح الخلع وقع من غير نية سواء قلنا هو فسخ أو طلاق.
وإن أتى بكناية لم يقع إلا بنية ممن تلفظ به منهما ككنايات الطلاق مع صريحه قاله المصنف والشارح وغيرهما.
وقال في الرعاية فإن سألته الخلع بصريح فأجابها بصريح وقع وإلا وقف على نية من أتى منهما بكناية.
الثالثة: يصح ترجمة الخلع بكل لغة من أهلها قاله في الرعاية.
الرابعة: قال الأزجي في نهايته يتفرع على قولنا الخلع فسخ أو طلاق مسألة ما إذا قال خالعت يدك أو رجلك على كذا فقبلت.
فإن قلنا الخلع فسخ لا يصح ذلك وإن قلنا هو طلاق صح كما لو أضاف الطلاق إلى يدها أو رجلها.
الخامسة: نقل الجراحي في حاشيته على الفروع أن بن أبي المجد يوسف نقل عن شيخه الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه قال تصح الإقالة في الخلع وفي عوضه كالبيع وثمنه لأنهما كهما في غالب أحكامهما من عدم تعليقهما واشتراط العوض والمجلس ونحو ذلك.
وقياسه الطلاق بعوض وأنه إن أريد به أن تبطل البينونة أوالطلاق ففيه نظر ظاهر كما أنكره عليه فيه صاحب الفروع في غيره.
وقال له في بعض مناظراته إنك أخطأت في النقل عن شيخنا المذكور.

(8/291)


وإن أريد بقاؤهما دون الفرض وأنه يرجع إلى الزوجة أو تبرأ منه ولا تحل له إلا بعقد جديد فمسلم كعتق على مال وعقد نكاح وصلح عن دم عمد على مال ونحوها ولمن جهل خروج العوض أو البضع.
وعنه الخيار في الأول فقط في الأصح فيهما إذ لا إقالة في الطلاق للخبر فيه وقيس عليه نحوه.
ويقبل قوله: فيه بيمينه إن جهله مثله لأنه مال وإلا فلا فهو حينئذ تبرع لها أو للسائل غيرها بالعوض المذكور أو بنظيره.
قوله : "ولا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجهها به".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب لا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجهها به إلا أن قلنا هو طلقة ويكون بلا عوض ويكون بعد الدخول أيضا وقاله في الرعاية الصغرى.
قوله : "فإن شرط الرجعة في الخلع لم يصح الشرط في أحد الوجهين".
وهو المذهب اختاره بن حامد وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والفروع والرعايتين.
وفي الأخرى يصح الشرط ويبطل العوض فيقع رجعيا.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح وشرح ابن منجا.
فعلى المذهب تستحق المسمى في الخلع على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع وهو احتمال في المغني والشرح.
وقيل: يلغو المسمى ويجب مهر مثلها اختاره القاضي.
وقدمه ابن منجا في شرحه.
فائدة: لو شرط الخيار في الخلع صح الخلع ولغا الشرط.
قوله : "ولا يصح الخلع إلا بعوض في أصح الروايتين".
وكذا قال في المستوعب وصححه في النظم وتجريد العناية وهو المذهب وعليه

(8/292)


جماهير الأصحاب القاضي وعامة أصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب والشيرازي قاله الزركشي.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والأخرى يصح بغير عوض اختاره الخرقي وابن عقيل في التذكرة.
وجعله الشيخ تقي الدين رحمه الله كعقد البيع حتى في الإقالة وأنه لا يجوز إذا كان فسخا بلا عوض إجماعا.
واختلف فيه كلامه في الانتصار.
وظاهر كلام جماعة جوازه قاله في الفروع.
قوله : "فإن خالعها بغير عوض لم يقع إلا أن يكون طلاقا فيقع رجعيا".
يعني إلا أن ينوي بالخلع الطلاق أو نقول الخلع طلاق.
تنبيه: فعلى الرواية الثانية التي هي اختيار الخرقي ومن تابعه لا بد من السؤال وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال ولو خالعها على غير عوض كان خلعا ولا شيء له.
قال الأصفهاني مراده ما إذا سألته فأما إذا لم تسأله وقال لها خالعتك فإنه يكون كناية في الطلاق لا غير انتهى.
قال أبو بكر لا خلاف عن أبي عبد الله أن الخلع ما كان من قبل النساء فإذا كان من قبل الرجال فلا نزاع في أنه طلاق يملك به الرجعة ولا يكون فسخا ويأتي بعد هذا ما يدل عليه.
فائدة: لا يحصل الخلع بمجرد بذل المال وقبوله من غير لفظ الزوج فلا بد من الإيجاب والقبول في المجلس.
قال القاضي هذا الذي عليه شيوخنا البغداديون وقد أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وذهب أبو حفص العكبري وبن شهاب إلى وقوع الفرقة بقبول الزوج للعوض.
وأفتى بذلك بن شهاب بعكبرا.
واعترض عليه أبو الحسين بن هرمز واستفتى عليه من كان ببغداد من أصحابنا قاله القاضي.
قال في الرعايتين والحاوي وقيل: يتم بقبول الزوج وحده إن صح بلا عوض وهو رواية في الفروع.

(8/293)


قوله : "ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها فإن فعل كره وصح".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المنصوص والمختار لعامة الأصحاب وصححه الناظم وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقال أبو بكر لا يجوز ويرد الزيادة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله : "وإن خالعها بمحرم كالخمر والحر فهو كالخلع بغير عوض".
يعني إذا كانا يعلمان تحريم ذلك فإنهما إذا كانا لا يعلمان ذلك فلا شيء له وهو كالخلع بغير عوض على ما مر وهذا هو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب في الهداية.
قال في القواعد هو قول أبي بكر والقاضي والأصحاب.
فإذا صححناه لم يلزم الزوج شيء بخلاف النكاح على ذلك.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله يرجع إلى المهر كالنكاح انتهى.
وقال الزركشي إذا كانا يعلمان انه حر أو مغصوب فإنه لا شيء له.
بلا ريب لكن هل يصح الخلع أو يكون كالخلع بغير عوض فيه طريقان للأصحاب.
الأولى: طريقة القاضي في الجامع الصغير وبن البناء وابن عقيل في التذكرة.
والثانية: طريقة الشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي والشيخين انتهى.
قلت وهذه الطريقة هي المذهب كما تقدم.
والطريقة الأولى قدمها في الرعايتين والحاوي والخلاصة.
فعليها تبين مجانا.
فائدتان
إحداهما: لو جهل التحريم صح وكان له بدله قاله في الرعايتين.
الثانية: إذا تخالع كافران بمحرم يعلمانه ثم أسلما أو أحدهما قبل قبضه فلا شيء له على الصحيح من المذهب اختاره القاضي في الجامع وبن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.

(8/294)


وقيل: له قيمته عند أهله اختاره المصنف وغيره.
وقيل: له مهر المثل اختاره القاضي في المجرد.
قوله : "وإن خالعها على عبد فبان حرا أو مستحقا فله قيمته عليها".
يعني إذا لم يكن مثليا فإن كان مثليا فله مثله ويصح الخلع على الصحيح من المذهب.
قال في الرعايتين يصح الخلع على الأصح وقطع به المصنف في المغني والشارح وصاحب الحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه لا يصح الخلع ذكرها في الرعايتين.
قوله : "وإن بان معيبا فله أرشه أو قيمته ويرده".
فهو بالخيرة في ذلك تغليبا للمعاوضة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم وقدمه الزركشي وعنه لا أرش له مع الإمساك كالرواية التي في البيع والصداق.
تنبيه: قوله : "فبان حرا أو مستحقا".
يحترز عما إذا كانا يعلمان ذلك فإنه لا شيء له.
وهل يصح الخلع أو يكون كالخلع بغير عوض فيه طريقان.
الأول: طريق القاضي في الجامع الصغير وبن البنا وابن عقيل في التذكرة.
والثاني: طريق الشريف وأبي الخطاب والشيرازي والمصنف والمجد وغيرهم.
قوله : "وإن خالعها على رضاع ولده عامين أو سكنى دار صح فإن مات الولد أو خربت الدار رجع بأجرة باقي المدة".
من أجرة الرضاع والدار وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم وتذكرة بن عبدوس والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
قال في المستوعب رجع عليها بأجرة رضاعة أو ما بقي منها.
وقيل: يرجع بأجرة المثل جزم به في المغني والكافي.
قال الشارح فإذا خربت الدار رجع عليها بأجرة باقي المدة وتقدر بأجرة المثل.
وأطلقهما في الفروع فقال يرجع قيل ببقية حقه وقيل: بأجرة المثل.

(8/295)


فعلى المذهب هل يرجع به دفعة واحدة أو يستحقه يوما فيوما فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يرجع يوما بيوم.
قلت وهو أولى وأقرب إلى العدل وذكره القاضي في المجرد.
قال المصنف والشارح وهو الصحيح.
والثاني: يستحقه دفعة واحدة قاله القاضي في الجامع.
فائدتان
إحداهما: موت المرضعة وجفاف لبنها في أثناء المدة كموت المرتضع في الحكم على ما تقدم وكذا كفالة الولد مدة معينة ونفقته.
لكن قال في الرعاية لو مات في الكفالة في أثناء المدة فإنه يرجع بقيمة كفالة مثلها لمثله.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وفي اعتبار ذكر قدر النفقة وصفتها وجهان.
قال في الرعاية الكبرى فإن صح الإطلاق فله نفقة مثله وقطع به في المغني والشرح.
الثانية: لو أراد الزوج أن يقيم بدل الرضيع من ترضعه أو تكفله فأبت أو أرادته هي فأبى لم يلزما وإن أطلق الرضاع فحولان أو بقيتهما.
قوله : "وإن خالع الحامل على نفقة عدتها صح".
وسقطت هذا المذهب نص عليه.
قال في الفروع ويصح بنفقتها في المنصوص.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعلى قول أبي بكر الآتي قريبا الخلع باطل.
وقيل: إن أوجبنا نفقة الزوجة بالعقد صح وفيه روايتان.
وجزم به في الفصول وإلا فهو خلع بمعدوم.
قال في القاعدة الرابعة عشر لو اختلعت الزوجة بنفقتها فهل يصح جعل النفقة عوضا للخلع.
قال الشيرازي إن قلنا النفقة لها صح وإن قلنا للحمل لم يصح لأنها لا تملك.
وقال القاضي والأكثرون يصح على الروايتين انتهى.
ويأتي ذلك أيضا في النفقات.

(8/296)


فائدتان
إحداهما لو خالع حاملا فأبرأته من نفقة حملها فلا نفقة لها ولا للولد حتى تفطمه.
نقل المروذي إذا أبرأته من مهرها ونفقتها ولها ولد فلها النفقة عليه إذا فطمته لأنها قد أبرأته مما يجب لها من النفقة فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم الخرقي.
وقال القاضي إنما صحت المخالعة على نفقة الولد وهي للولد دونها لأنها في حكم المالكة لها وبعد الوضع تأخذ أجرة رضاعها.
فأما النفقة الزائدة على هذا من كسوة الطفل ودهنه ونحوه فلا يصح أن تعاوض به لأنه ليس لها ولا في حكم ما هو لها.
قال الزركشي وكأنه يخصص كلام الخرقي.
الثانية يعتبر في ذلك كله الصيغة فيقول خلعتك أو فسخت.
أو فاديت على كذا فتقول قبلت أو رضيت ويكفي ذلك على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وقيل: وتذكره.
قوله : "ويصح الخلع بالمجهول".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع وغيره هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هو المذهب المعمول به.
وقال أبو بكر لا يصح وقال هو قياس قول الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به أبو محمد الجوزي وأنه كالمهر.
والعمل والتفريع على الأول.
قوله : "فإذا خالعها على ما في يدها من الدراهم أو ما في بيتها من المتاع فله ما فيهما فإن لم يكن فيهما شيء فله ثلاثة دراهم وأقل ما يسمى متاعا".
إن كان في يدها شيء من الدراهم فهي له لا يستحق غيرها.
وظاهر كلامه ولو كان دون ثلاثة دراهم وهو صحيح.
وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والفروع وقدمه الزركشي.
وقيل: يستحق ثلاثة دراهم كاملة.
وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح.
وأما إذا لم يكن في يدها شيء فجزم المصنف هنا بأن له ثلاثة دراهم.

(8/297)


وجزم به غيره ونص عليه.
وقال الزركشي الذي يظهر أن له ما في يدها فإن لم يكن في يدها شيء فله أقل ما يتناوله الاسم انتهى.
ويأتي كلامه في المحرر.
وإذا لم يكن في بيتها متاع فجزم المصنف هنا أنه يلزمها أقل ما يسمى متاعا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وقال القاضي يرجع عليها بصداقها.
وقاله أصحاب القاضي أيضا قاله المصنف والشارح.
وقيل: إذا لم تغره فلا شيء عليها.
قوله : "وإن خالعها على حمل أمتها أو ما تحمل شجرتها فله ذلك فإن لم تحملا فقال الإمام أحمد رحمه الله ترضيه بشيء".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وقال القاضي لا شيء له.
وتأول كلام الإمام أحمد ترضيه بشيء على الاستحباب.
وفرق بين هذه المسألة ومسألة الدراهم والمتاع حيث يرجع هناك إذا لم يجد شيئا وهنا لا يرجع وصححه في النظم وقدمه في تجريد العناية.
وقال ابن عقيل له مهر المثل.
وقال أبو الخطاب له المهر المسمى لها.
وقيل: يبطل الخلع هنا وإن صححناه في التي قبلها.
وقال في المحرر ومن تابعه ما معناه وإن جعلا العوض ما لا يصح مهرا لغرر أو جهالة صح الخلع به إن صححنا الخلع بغير عوض ووجب فيما لا يجهل حالا ومآلا كثوب ودار ونحوهما أدنى ما يتناوله الاسم.
وأما فيما يتبين في المال كخمل أمتها وما تحمل شجرتها وآبق منقطع خبره وما في بيتها من متاع أو ما في يدها من الدراهم فله ما ينكشف ويحصل منه ولا شيء عليها لما يتبين عدمه إلا ما كان بتغريرها كمسألة المتاع والدراهم.

(8/298)


وأما إن قلنا باشتراط العوض في الخلع ففيه خمسة أوجه.
أحدها: وهو ظاهر كلامه صحة الخلع بالمسمى كما سبق لكن يجب أدنى ما يتناوله الاسم لما يتبين عدمه وإن لم تكن غرته كحمل الأمة والشجر.
الثاني: صحته بمهرها فيما يجهل حالا ومآلا وصحته بالمسمى فيما يرجى تبيينه فإن تبين عدمه رجع إلى مهرها.
وقيل: إذا لم تغره فلا شيء عليها.
الثالث: فساد المسمى وصحة الخلع بقدر مهرها.
وقيل: إذا لم تغره فلا شيء عليها.
الرابع: بطلان الخلع قاله أبو بكر.
الخامس: بطلانه بالمعدوم وقت العقد كما يحمل شجرها وصحته مع الموجود يقينا أو ظنا.
ثم هل يجب المسمى أو قدر المهر أو يفرق بين المتبين مآلا وبين غيره مبني على ما سبق انتهى.
قوله: "فإن خالعها على عبد فله أقل ما يسمى عبدا وإن قال إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق طلقت بأي عبد أعطته إياه طلاقا بائنا وملك العبد نص عليه".
إذا خالعها على عبد فله أقل ما يسمى عبدا على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمغني والشرح.
وقيل: يجب مهرها.
وقال القاضي يلزمها عبد وسط.
قال في المحرر والفروع والحاوي وإن خالعها على عبد مطلق فله الوسط إن قلنا به في المهر وإلا فهل له أي عبد اعطته أو قدر مهرها والخلع أباطل ينبني على ما سبق.
وأما إذا قال لها إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق فالصحيح من المذهب أنها تطلق بأي عبد أعطته يصح تمليكه نص عليه وجزم في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي يلزمها عبد وسط فلو أعطته معيبا أو دون الوسط فله رده وأخذ بدله والبينونة بحالها.

(8/299)


فائدتان
إحداهما: لو أعطته عبدا مدبرا أو معلقا عتقه بصفة وقع الطلاق قاله في المغني والشرح وغيرهما.
الثانية: لو بان مغصوبا أو حرا قال في الرعايتين والحاوي وغيرهم أو مكاتبا لم تطلق كتعليقه على هروى فتعطيه مرويا قاله في الفروع.
وجزم به في المحرر.
وجزم به في المغني والشرح في موضع وقدماه في آخر وصححه في النظم وغيره.
وعنه يقع الطلاق وله قيمته قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل: يلزمها قدر مهرها.
وقيل: يبطل الخلع.
قال في الرعاية الكبرى ويحتمل أن تجب قيمة الحر كأنه عبد.
وقال بن عبدوس في تذكرته وغيره إن بان مكاتبا فله قيمته وإن بان حرا أو مغصوبا لم تطلق كقوله: هذا العبد انتهى.
ويأتي نظيرها في كلام المصنف قريبا فيما إذا قال إن أعطيتيني هذا العبد فأنت طالق.
قوله : "وإن قال إن أعطيتيني هذا العبد فأنت طالق فأعطته إياه طلقت وإن خرج معيبا فلا شيء له".
تغليبا للشرط هذا المذهب نص عليه.
واختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل: له الرد وأخذ القيمة بالصفة سليما اختاره القاضي.
وقال في المستوعب بعد أن قدم ما قاله المصنف وذكر الخرقي أنه إذا خالعها على ثوب فخرج معيبا أنه مخير بين أن يأخذ أرش العيب أو قيمة الثوب ويرده فيكون في مسألتنا كذلك انتهى.
وقال في الترغيب في رجوعه بأرشه وجهان وأنه لو بان مستحق الدم فقتل فأرش عيبه وقيل: قيمته نقله في الفروع.

(8/300)


قلت قال في المستوعب فإن خالعته على عبد فوجده مباح الدم بقصاص أو غيره فقتل رجع عليها بأرش العيب ذكره القاضي.
وذكر بن البنا أنه يرجع بقيمته.
قوله : "وإن خرج مغصوبا لم يقع الطلاق".
وكذا لو بان حرا وهذا المذهب.
جزم به الوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقع وله قيمته وكذلك في التي قبلها.
يعني فيما إذا قال إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق فأعطته عبدا مغصوبا.
وجزم بهذه الرواية في الروضة وغيرها فقال لو خالعته على عبد فبان حرا أو مغصوبا أو بعضه صح ورجع بقيمته أو قيمة ما خرج.
قوله : "وإن قال إن أعطيتيني ثوبا هرويا فأنت طالق فأعطته مرويا لم تطلق" بلا نزاع.
قوله : "وإن خالعته على مروي".
بأن قالت اخلعني على هذا الثوب المروي فبان هرويا فله الخيار بين رده وإمساكه هذا أحد الوجهين.
جزم به في الوجيز والرعاية الكبرى.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وعند أبي الخطاب ليس له غيره إن وقع الخلع منجزا على عينه.
اختاره في الهداية وهو المذهب.
بناء على أنه قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وهذا يقتضي حكاية وجهين في كل من الكتب الثلاثة في الخلع المنجز على عوض معين إذا بانت الصفة المعينة مخالفة وأن المقدم منهما في ذلك فيها أنه ليس له غيره وأن المؤخر منها فيها أنه يخير في ذلك بين رده وإمساكه وليس فيها ولا في بعضها حكايتهما في ذلك.

(8/301)


بل في المحرر والنظم في باب الصداق أنه إذا ظهر فيه على عيب أو نقص صفة شرطت فيه أنه يخير بين الأرش يعني مع الإمساك أو الرد وأخذ القيمة كاملة.
ثم حكوا رواية أخرى بأنه لا ارش مع إمساكه ولم يحكيا غيره في الباب المذكور.
ثم ذكرا في باب الخلع مسألة الصداق المعلق على عوض معين وقدما أنه لا شيء له غيره إن بان بخلاف الصفة المعينة.
ثم حكيا قولا بأن له رده وأخذ قيمته بالصفة سليما كما لو نجز الخلع عليه.
ومقتضى هذا أنه لا خلاف عندهما في الخلع المنجز وأنه يخير بين ما ذكر سواء كان بلفظ الخلع أو الطلاق.
وفي الفروع في باب الصداق أنه إن بان عوض الخلع المنجز معيبا أو ناقصا صفة شرطت فيه أن حكمه حكم المبيع واقتصر على ذلك.
ومقتضاه أنه يخير إذا وجده معيبا أو ناقصا كما ذكر بين إمساكه ورده.
ولم يتعرض للمسألة في باب الخلع اكتفاء بما ذكره في باب الصداق.
فهذا هو المجزوم به فيها في الكتب الثلاثة مع الجزم به أيضا في الوجيز والرعاية الكبرى والمقدم من الوجهين المذكورين في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والرعاية الصغرى وغيرها.
والوجه الآخر إنما هو اختيار لأبي الخطاب في الهداية كما حكاه عنه فيها جماعة من الأصحاب.
فتبين بذلك أن المذهب منهما فيها حينئذ هو الوجه الأول الذي جزم به بعض الأصحاب وقدمه بعضهم أيضا منهم المؤلف.
لا أنه هو الوجه الثاني منهما عنده وجزم به في بعض كتبه تبعا لغيره والله أعلم.
قوله : "إذا قال إن أعطيتيني أو إذا أعطيتيني أو متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق كان على التراخي أي وقت أعطته ألفا طلقت".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب لأن الشرط لازم من جهته لا يصح إبطاله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس بلازم من جهته كالكتابة عنده.
ووافق على شرط محض كقوله: إن قدم زيد فأنت طالق.
وقال التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكتابة وقول من قال التعليق لازم

(8/302)


دعوى مجردة انتهى.
ويأتي هذا وغيره في أوائل باب تعليق الطلاق بالشروط.
تنبيه: مراده بقوله: أي وقت أعطته ألفا طلقت بحيث يمكنه قبضه صرح به في المنتخب والمغني والشرح وغيرهم.
ومراده أن تكون الألف وازنة بإحضاره ولو كانت ناقصة بالعدد وازنتها في قبضه وملكه.
وفي الترغيب وجهان في إن أقبضتيني فأحضرته ولم يقبضه فلو قبضه فهل يملكه فيقع الطلاق بائنا أم لا يملكه فيقع رجعيا فيه احتمالان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه يكون بائنا بالشرط المتقدم.
وقيل: يكفي عدد متفق برأسه بلا وزن لحصول المقصود فلا يكفي وازنة ناقصة عددا وهو احتمال في المغني والشرح.
قلت وهذا القول هو المعروف في زمننا وغيره.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله في الزكاة يقويه.
والسبيكة لا تسمى دراهم.
قوله : "وإن قالت اخلعني بألف أو على ألف أو طلقني بألف أو على ألف".
وكذا لو قالت ولك ألف إن طلقتني أو خالعتني أو إن طلقتني فلك على ألف ففعل بانت.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل: يشترط من الزوج أيضا ذكر العوض ويستحق الالف.
يعني من غالب نقد البلد.
فوائد
الأولى: يشترط في ذلك أن يجيبها على الفور على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف لقوله: ففعل وقدمه في الفروع.
وقيده بالمجلس في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى فقال بانت إن كان في المجلس وإلا لم يقع شيء.
وقيل: إن قالت اخلعني بألف فقال في المجلس طلقتك طلقت مجانا انتهى.
وقيده بالمجلس أيضا في الترغيب في قوله: إن طلقتني فلك ألف فقال خالعتك أو طلقتك انتهى.

(8/303)


وقيل: لا تشترط الفورية بل يكون على التراخي وجزم به في المنتخب.
الثانية: لها أن ترجع قبل أن يجيبها قاله في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل: يثبت خيار المجلس فيمتنع من قبض العوض ليقع رجعيا.
وقال في الترغيب في خلعتك أو اخلعني ونحوهما على كذا يعتبر القبول في المجلس إن قلنا الخلع فسخ بعوض وإن قلنا هو فسخ منه مجرد فكالإبراء والإسقاط لا يعتبر فيه قبول ولا عوض فتبين بقوله: فسخت أو خلعت.
الثالثة: لا يصح تعليقه بقوله: إن بذلت لي كذا فقد خلعتك قاله في الفروع.
وقال في باب الشروط في البيع ويصح تعليق الفسخ بشرط ذكره في التعليق والمبهج.
وذكر أبو الخطاب والشيخ لا.
قال في الرعاية فيما إذا أجره كل شهر بدرهم إذا مضى شهر فقد فسخها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ على الأصح انتهى.
قال ابن نصر الله في حواشيه عدم الصحة أظهر لأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضى المتعاقدين فلا يصح تعليقه بشرط كالبيع انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقوله: إن طلقتني فلك كذا أو أنت بريء منه ك إن طلقتني فلك علي ألف وأولى.
وليس فيه النزاع في تعليق البراءة بشرط.
أما لو التزم دينا لا على وجه المعاوضة كإن تزوجت فلك في ذمتي ألف أو جعلت لك في ذمتي ألفا لم يلزمه عند الجمهور.
قال القاضي محب الدين بن نصر الله في حواشي الفروع وقوله: لا يصح تعليقه بقوله: إن بذلت لي كذا قد ذكر المصنف في القسم الثاني من الشروط في البيع ما نصه ويصح تعليق الفسخ بشرط ذكره في التعليق والمبهج.
وذكر أبو الخطاب والشيخ تقي الدين رحمه الله لا يصح.
قال صاحب الرعاية فيما إذا اجره كل شهر بدرهم إذا مضى شهر فقد فسخها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ على الأصح انتهى.
فأقر صاحب الرعاية هناك ولم يتعقبه.
وجزم هنا بعدم الصحة وهو الأظهر كما قاله بن نصر الله وعلله بأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضى المتعاوضين فلم يصح تعليقه بشرط كالبيع.
الرابعة: لو قالت طلقني بألف إلى شهر فطلقها قبله فلا شيء له نص عليه وإن قالت

(8/304)


من الآن إلى شهر فطلقها قبله استحقه على الصحيح من المذهب وذكر القاضي أنه يستحق مهر مثلها.
الخامسة: لو قالت طلقني بألف فقال خلعتك فإن قلنا هو طلاق استحقه وإلا لم يصح هذا هو الصحيح من المذهب.
وقيل: هو خلع بلا عوض.
وتقدم كلامه في الرعاية الكبرى.
وقال في الروضة يصح وله العوض لأن القصد أن تملك نفسها بالطلقة وقد حصل بالخلع.
وعكس المسألة بأن قالت اخلعني بألف فقال طلقتك يستحقها إن قلنا هو طلاق وإلا فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح.
أحدهما: لا يستحق شيئا وهو الصواب وقدمه بن رزين في شرحه.
قال في الرعاية الكبرى وقيل: إن قالت اخلعني بألف فقال في المجلس طلقتك طلقت مجانا كما تقدم.
فإن لم يستحق ففي وقوعه رجعيا احتمالان وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح.
قلت الصواب أنه يقع رجعيا.
وعلى القول الآخر لا يقع بها شيء.
قوله : "وإن قالت طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا استحقها".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل: إن قال أنت طالق ثلاثا بألف استحق ثلث الألف فقط.
وقال بن عبدوس في تذكرته وإن قالت طلقني واحدة بألف أو على ألف فقال أنت طالق ثلاثا بألف أخذها والأقوى إن رضيت أخذها وأن أبت لم تطلق انتهى.
تنبيه: وكذا الحكم لو طلقها اثنتين قاله في الروضة.
فائدة: لو قالت طلقني واحدة بألف فقال أنت طالق وطالق وطالق بانت بالأولى على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته واختاره القاضي في المجرد.

(8/305)


قلت فيعايي بها.
وقيل: تطلق ثلاثا.
قلت هذا موافق لقواعد المذهب والأول مشكل عليه.
قال في القواعد الأصولية لو قالت له زوجته التي لم يدخل بها طلقني بألف فقال أنت طالق وطالق وطالق فقال القاضي في المجرد تطلق هنا واحدة وما قاله في المجرد بعيد على قاعدة المذهب.
وخالفه في الجامع الكبير فقال تطلق هنا ثلاثا بناء على قاعدة المذهب أن الواو لمطلق الجمع.
ثم ناقض فذكر في نظيرتها أنها تطلق واحدة.
ومن الأصحاب من وافقه في بعض الصور وخالفه في بعضها.
ومنهم من قال ما قاله سهو على المذهب ولا فرق عندنا بين قوله: أنت طالق ثلاثا وبين قوله: أنت طالق وطالق وطالق.
وهو طريق صاحب المحرر في تعليقه على الهداية انتهى.
فعلى المذهب لو ذكر الألف عقيب الثانية بانت بها والأولى رجعية ولغت الثالثة.
قوله : "وإن قالت طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة لم يستحق شيئا ووقعت رجعية".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن يستحق ثلث الألف.
وهو لأبي الخطاب وهو رواية في التبصرة وتقع بائنة.
قوله : "وإن لم يكن بقي من طلاقها إلا واحدة ففعل استحق الألف علمت أو لم تعلم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاله المصنف والشارح.
ويحتمل أن لا يستحق إلا ثلثه إذا لم يعلم وهو للمصنف هنا.
قوله : "وإن كان له امرأتان مكلفة" يعني رشيدة "وغير مكلفة".
يعني وكانت مميزة "فقال أنتما طالقتان بألف إن شئتما فقالتا قد شئنا لزم المكلفة نصف الألف وطلقت بائنا".
الصحيح من المذهب أنه يلزمها نصف الألف.

(8/306)


اختاره أبو بكر وبن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والفروع وغيرهم.
وعند بن حامد يقسط الألف على قدر مهريهما.
وذكره المصنف والشارح ظاهر المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
قوله : "ووقع الطلاق بالأخرى رجعيا ولا شيء عليها".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا مشيئة لها.
فعلى هذا لا تطلق واحدة منهما كما لو كانت غير مميزة.
قال المصنف والشارح وغيرهما وكذلك المحجور عليها للسفه حكمها حكم غير المكلفة.
فائدتان
إحداهما: لو قالت له زوجتاه طلقنا بألف فطلق إحداهما بانت بقسطها من الألف.
ولو قالته إحداهما فطلاقه رجعي ولا شيء له صححه في المحرر وقدمه في الكافي.
قال في المغني قياس قول أصحابنا لا يلزم الباذلة هنا شيء.
وقال القاضي هي كالتي قبلها.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به بن رزين في شرحه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع.
الثانية: لو قالت طلقني بألف على أن لا تطلق ضرتي أو على أن تطلقها صح شرطه وعوضه فإن لم يف استحق في الأصح الأقل منه أو المسمى قاله في الفروع وغيره.
قوله : "وإن قال لامرأته أنت طالق وعليك ألف طلقت ولا شيء عليها".
يعني أن ذلك ليس بشرط ولا كالشرط على الصحيح من المذهب لكن إذا قبلت فتارة تقبل في المجلس وتارة لا تقبل.
فإن قبلت في المجلس بانت منه واستحقه وله الرجوع قبل قبولها على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وجعله المصنف رحمه الله في المغني كإن أعطيتيني ألفا فأنت طالق كما تقدم قريبا.

(8/307)


وإن لم تقبل في المجلس فالصحيح من المذهب أنها تطلق مجانا رجعيا ولا شيء عليها نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم ابن عقيل.
وجزم به في الوجيز والمنور والشرح وشرح ابن منجا.
بل قطع به أكثر الأصحاب.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل: لا تطلق حتى تختار ذكره في الرعايتين.
ولم أره في غيرهما والظاهر أنه التخريج.
وقال القاضي لا تطلق.
قال في الفروع وخرج من نظيرتها في العتق عدم الوقوع.
قوله : "وإن قال على ألف أو بألف فكذلك".
يعني أن ذلك ليس بشرط ولا كالشرط على الصحيح من المذهب.
لكن إن قبلت في المجلس بانت منه واستحق الألف وله الرجوع قبل قبولها كالأولى وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وجعله في المغني كإن أعطيتيني ألفا فأنت طالق كما تقدم.
قال في المحرر في الصور الثلاث وقيل: إذا جعلناه رجعيا بلا قبول فكذلك إذا قبل.
وإن لم يقبل فالصحيح من المذهب أنه يقع رجعيا ولا شيء عليها وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتجريد العناية وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وجزم به في القواعد في قوله: بألف.
ويحتمل أن لا تطلق حتى تختار فيلزمها الألف.
وهو قول القاضي في المجرد نقله عنه ابن منجا في شرحه وغيره.
واختاره ابن عقيل نقله عنه في المحرر وغيره.
وقال القاضي في موضع من كلامه لا تطلق إلا إذا قال بألف فلا تطلق حتى تختار ذلك واختاره الشارح.
ونقل المصنف في المغني والشارح وابن منجا عن القاضي أنه قال لا تطلق في قوله: على ألف حتى تختار.

(8/308)


قال في الفروع وخرج عدم الوقوع من نظيرتهن في العتق.
وقال القاضي في موضع من كلامه أيضا إنها لا تطلق إلا في قوله: لها أنت طالق بألف نقله عنه في المحرر وغيره.
وقال ابن عقيل لا تطلق في الصورتين الأولتين وتطلق في الأخيرة.
فائدة: لا ينقلب الطلاق الرجعي بائنا ببذلها الألف في المجلس في الصور الثلاث على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: بل في الصورتين الأخيرتين فقط.
قلت فيعايي بهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله مع أن علي للشرط اتفاقا وقال المصنف في المغني ليست للشرط ولا للمعاوضة لعدم صحة قوله: بعتك ثوبي على دينار.
قوله : "وإن خالعته في مرض موتها فله الأقل من المسمى أو ميراثه منها".
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح وابن منجا والخرقي والزركشي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل: إذا خالعته على مهرها فللورثة منعه ولو كان أقل من ميراثه منها.
قوله : "وإن طلقها في مرض موته وأوصى لها بأكثر من ميراثها لم تستحق أكثر من ميراثها وإن خالعها في مرضه أو حاباها فهو من رأس المال".
قد تقدم في أواخر باب الهبة إذا عاوض المريض بثمن المثل للوارث وغيره وإذا حابى وارثه أو أجنبيا فليعاود.
قوله : "وإذا وكل الزوج في خلع امرأته مطلقا فخالع بمهرها فما زاد صح بلا نزاع وإن نقص من المهر رجع على الوكيل بالنقص" ويصح الخلع.
هذا المذهب وأحد الأقوال اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في الرعايتين وتجريد العناية وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير.

(8/309)


ويحتمل أن يخير بين قبوله ناقصا وبين رده وله الرجعة.
وهذا الاحتمال للقاضي وأبي الخطاب.
وقيل: يجب مهر مثلها وهو احتمال للقاضي أيضا.
وقيل: لا يصح الخلع وقدمه الناظم وصححه وإليه ميل المصنف والشارح وهو ظاهر قول بن حامد والقاضي.
وأطلق الأول والأخير في المحرر والشرح.
وأطلق الأول والثالث والرابع في الفروع والثاني لم يذكره فيه.
فائدة: لو خالع وكيله بلا مال كان الخلع لغوا مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل: يصح إن صح الخلع بلا عوض وإلا وقع رجعيا.
وأما وكيلها فيصح خلعه بلا عوض.
قوله : "وإن عين له العوض فنقص منه لم يصح الخلع عند بن حامد".
وهو المذهب اختاره القاضي وأبو الخطاب والمصنف والشارح.
وصححه في الرعايتين والنظم وقدمه في الخلاصة وجزم به في المنور.
وقال أبو بكر يصح ويرجع على الوكيل بالنقص.
قال في الفائدة العشرين هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن منجا في شرحه هذا أصح وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والحاوي الصغير والفروع.
قوله : "وإن وكلت المرأة في ذلك فخالع بمهرها فما دون أو بما عينته فما دون صح بلا نزاع وإن زاد لم يصح".
هذا أحد الأقوال وجعله ابن منجا في شرحه المذهب وصححه الناظم.
ويحتمل أن يصح وتبطل الزيادة.
يعني أنها لا تلزم الوكيل.
وقيل: لا تصح في المعين وتصح في غيره.
وقيل: تصح وتلزم الوكيل الزيادة وهو المذهب صححه في الرعايتين.
وجزم به في الهداية والمذهب والحاوي الصغير والوجيز.
وقدمه في المغني والكافي والشرح.

(8/310)


وقال القاضي في المجرد عليها مهر مثلها ولا شيء على وكيلها لأنه لم يقبل العقد لها لا مطلقا ولا لنفسه بخلاف الشراء.
وأطلقهن في الفروع إلا الثاني فإنه لم يذكره.
وقال في المستوعب إذا وكلته وأطلقت لا يلزمها إلا مقدار المهر المسمى فإن لم يكن فمهر المثل.
وقال فيما إذا زاد على ما عينت له يلزم الوكيل الزيادة.
وقال بن البنا يلزمها أكثر الأمرين من مهر مثلها أو المسمى.
فائدتان
إحداهما: لو خالف وكيل الزوج أو الزوجة جنسا أو حلولا أو نقد بلد فقيل حكمه حكم غيره فيه الخلاف المتقدم.
قال القاضي القياس أن يلزم الوكيل الذي أذن فيه ويكون له ما خالع به ورده المصنف.
وقيل: لا يصح الخلع مطلقا.
قال المصنف والشارح القياس أنه لا يصح هنا.
قال في الكافي والرعاية لا يصح وأطلقهما في الفروع.
الثانية: لو كان وكيل الزوج والزوجة واحدا وتولى طرفي العقد كان حكمه حكم النكاح قاله في الفروع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ولا يتولى طرفي الخلع وكيل واحد وخرج جوازه.
قوله : "وإن تخالعا تراجعا بما بينهما من الحقوق".
يعني حقوق النكاح وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنها تسقط.
واستثنى الأصحاب منهم المصنف والمجد والشارح وصاحب الفروع وغيرهم نفقة العدة.
زاد في المحرر والفروع وغيرهما وهو مراد غيرهم وبقية ما خولع ببعضه.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "وعنه أنها تسقط" يعني حقوق النكاح.
أما الديون ونحوها فإنها لا تسقط قولا واحدا قاله الأصحاب منهم المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهم.

(8/311)


الثانية: مفهوم قوله: وإن تخالعا أنهما لو تطالقا تراجعا بجميع الحقوق قولا واحدا وهو صحيح صرح به ابن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهما.
قوله : "وإن اختلفا في قدر العوض أو عينه أو تأجيله فالقول قوله: مع يمينها".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وصححه في البلغة وغيره.
ويتخرج أن القول قول الزوج خرجه القاضي وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله حكاها القاضي أيضا.
وقيل: القول قول الزوج إن لم يجاوز مهرها.
ويحتمل أن يتحالفا إن لم يكن بلفظ طلاق ويرجعا إلى المهر المسمى إن كان وإلا إلى مهر المثل إن لم يكن مسمى وهو لأبي الخطاب.
قوله : "وإن علق طلاقها بصفة ثم خالعها أو أبانها بثلاث أو دونها فوجدت الصفة ثم عاد فتزوجها فوجدت الصفة" طلقت نص عليه.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم.
ويتخرج أن لا تطلق بناء على الرواية في العتق واختاره أبو الحسن التميمي.
وجزم في الروضة بالتسوية بين العتق والطلاق.
وقال أبو الخطاب وتبعه في الترغيب الطلاق أولى من العتق.
وحكاه بن الجوزي رواية والشيخ تقي الدين وحكاه أيضا قولا.
وجزم به أبو محمد الجوزي في كتابه الطريق الأقرب في العتق والطلاق.
فائدة: وكذا الحكم إن قال إن بنت منى ثم تزوجتك فأنت طالق فبانت ثم تزوجها قاله في الفروع.

(8/312)


وقال في التعليق احتمالا لا يقع كتعليقه بالملك.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن طلق واحدة ثم قال إن راجعتك فأنت طالق ثلاثا إن كان هذا القول تغليظا عليها في أن لا تعود إليه فمتى عادت إليه في العدة وبعدها طلقت.
قوله : "وإن لم توجد الصفة حال البينونة عادت رواية واحدة".
هكذا قال الجمهور.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله رواية أن الصفة لا تعود مطلقا.
يعني سواء وجدت حال البينونة أو لا.
قلت وهو الصحيح في منهاج الشافعية.
فوائد
الأولى: يحرم الخلع حيلة لإسقاط عين طلاق ولا يقع على الصحيح من المذهب.
جزم به بن بطة في مصنف له في هذه المسألة وذكره عن الآجري وجزم به في عيون المسائل والقاضي في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار وقال هو محرم عند أصحابنا.
وكذا قال المصنف في المغني هذا فعل حيلة على إبطال الطلاق المعلق والحيل خدع لا تحل ما حرم الله.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله خلع الحيلة لا يصح على الأصح كما لا يصح نكاح المحلل لأنه ليس المقصود منه الفرقة وإنما قصد به بقاء المرأة مع زوجها كما في نكاح المحلل والعقد لا يقصد به نقيض مقصوده وقدمه في الفروع.
وقيل: يحرم ويقع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ويحرم الخلع حيلة ويقع في أصح الوجهين.
قال في الفروع وشذ في الرعاية فذكره.
قلت غالب الناس واقع في هذه المسألة وكثيرا ما يستعملونها في هذه الأزمنة ففي هذا القول فرج لهم.
واختاره بن القيم في أعلام الموقعين ونصره من عشرة أوجه.
وقال في الفروع ويتوجه أن هذه المسألة وقصد المحلل التحليل وقصد أحد المتعاقدين قصدا محرما كبيع عصير ممن يتخذه خمرا على حد واحد فيقال في كل منهما ما قيل في الأخرى.
الثانية: لو اعتقد البينونة بذلك ثم فعل ما حلف عليه فحكمه حكم مطلق أجنبية فتبين أنها امرأته على ما يأتي في آخر باب الشك في الطلاق ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.

(8/313)


فلو لقى امرأته فظنها أجنبية فقال لها أنت طالق ففي وقوع الطلاق روايتان وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
إحداهما: لا يقع.
قال ابن عقيل وغيره العمل على أنه لا يصح.
وجزم به في الوجيز واختاره أبو بكر.
والرواية الثانية: يقع جزم به في تذكرة ابن عقيل والمنور وغيرهما.
قال في تذكرة بن عبدوس دين ولم يقبل حكما انتهى.
وقال في القواعد الأصولية قال أبو العباس لو خالع وفعل المحلوف عليه بعد الخلع معتقدا أن الفعل بعد الخلع لم يتناوله يمينه أو فعل المحلوف عليه معتقدا زوال النكاح ولم يكن كذلك فهو كما لو حلف على شيء بظنه فبان بخلافه وفيه روايتان يأتيان في كتاب الأيمان.
وقد جزم المصنف هناك أنه لا يحنث.
قلت ومما يشبه اصل هذا ما قاله الأصحاب في الصوم لو أكل ناسيا واعتقد الفطر به ثم جامع فإنهم قالوا حكمه حكم الناسي.
وقد اختار جماعة من الأصحاب في هذه المسألة أنه لا يكفر منهم بن بطة والآجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق بل قالوا عن غير بن بطة إنه لا يقضي أيضا والله أعلم.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا رحمه الله خلع اليمين هل يقع رجعيا أو لغوا وهو أقوى فيه نزاع لأن قصده ضده كالمحلل.
الثالثة: قال بن نصر الله في حواشيه على الفروع قال في المغني في الكتابة قبل مسألة ما لو قبض من نجوم كتابته شيئا استقبل به حولا.
فقال فصل وإذا دفع إليه مال كتابته ظاهرا فقال له السيد أنت حر أو قال هذا حر ثم بان العوض مستحقا لم يعتق بذلك لأن ظاهره الإخبار عما حصل له بالأداء ولو ادعى المكاتب أن سيده قصد بذلك عتقه وأنكر السيد فالقول قول السيد مع يمينه لأن الظاهر معه وهو أخبر بما نوى انتهى.
الثالثة: لو أشهد على نفسه بطلاق ثلاث ثم استفتى فأفتى بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة مستنده ويقبل قوله: بيمينه أن مستنده في إقراره ذلك مما يجهله مثله.

(8/314)


لأن حلفه على المستند دون الطلاق ولم يسلم ضمنا فهو وسيلة له يغتفر فيه ما لا يغتفر في المقصود لأنه دونه وإن كان سببا له بمعنى توقفه عليه لا أنه مؤثر فيه بنفسه وإلا لكان علة فاعلية لا سببية ووسيلة.
ودليله قصة بانت سعاد حيث أقر بذلك كعب بن زهير رضي الله عنه. لاعتقاده أنها بانت منه بإسلامه دونها فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بأنها لم تبن وأن ذلك لا يضره تغليبا لحق الله تعالى على حقها وهو قريب عهد بالإسلام وذلك قرينة جهله بحكمه في ذلك ولم يقصد به إنشاءه وإلا لما ندم عليه متصلا به وإنما ندم على ما أقر به لتوهمه صحة وقوعه وقياسه الخلع وبقية حقوق الله تعالى المحضة أو الغالب له فيها حق على حق غيره تعالى لأن حقه مبني على المسامحة وحق غيره على المشاححة بدليل مسامحة النبي صلى الله عليه وسلم له بهجره له قبل إسلامه وهو حربي وهو الشاعر الصحابي كعب بن زهير فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله قبله فبلغ ذلك أخاه مالك بن زهير فأتى إليه فأخبره بذلك فأسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسلم معه فامتدحه بالبردة المذكورة في القصة وحقه عليه الصلاة والسلام من حق الله بدليل سهم خمس الخمس والفئ والغنيمة وكسبهما أو أحدهما.
ذكره الشيخ تقي الدين وغيره واقتصر عليه في الفروع.
ذكره في أواخر باب صريح الطلاق وكنايته.
الرابعة: قال بن نصر الله في حاشيته قلت ومما يؤيد ذلك ويقويه ما قاله الشيخ الموفق في المغني والشارح وصاحب الفروع وغيرهم أن السيد إذا أخذ حقه من المكاتب ظاهرا ثم قال هو حر ثم بان مستحقا أنه لا يعتق كما تقدم نقله في باب الكناية.
الخامسة: ذكر ابن عقيل في واضحه أنه يستحب إعلام المستفتي بمذهب غيره إن كان أهلا للرخصة كطالب التخلص من الربا فيدله على من يرى التحيل للخلاص منه والخلع بعدم وقوع الطلاق انتهى.
ونقل القاضي أبو الحسين في فروعه في كتاب الطهارة عن الإمام أحمد رحمه الله أنهم جاءوه بفتوى فلم تكن على مذهبه فقال عليكم بحلقة المدنيين.
ففي هذا دليل على أن المفتي إذا جاءه المستفتي ولم يكن له عنده رخصة فله أن يدله على صاحب مذهب له فيه رخصة.
وذكر في طبقاته قال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله وسئل عن الرجل يسأل عن الشيء في المسائل فهل عليه شيء من ذلك؟
فقال إذا كان الرجل متبعا أرشده إليه فلا بأس.

(8/315)


قيل له فيفتى بقول مالك وهؤلاء قال لا إلا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وما روى عن الصحابة رضي الله عنهم فإن لم يكن فعن التابعين انتهى.
ويأتي التنبيه على ذلك في أواخر كتاب القضاء في أحكام المفتي.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

(8/316)