الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل كتاب الحدود
مدخل
...
كتاب الحدود
فائدة : الحدود جمع حد وهو في الأصل المنع وهو
في الشرع عقوبة تمنع من الوقوع في مثله.
قوله : "لا يجب الحد إلا على بالغ عاقل عالم
بالتحريم".
هكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في الوجيز تبعا للرعاية الكبرى ملتزم
ليدخل الذمي دون الحربي.
قلت هذا الحكم لا خلاف فيه.
قوله : "ولا يجوز أن يقيم الحد إلا الإمام أو
نائبه".
هذا المذهب بلا ريب من حيث الجملة وعليه
الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يجوز
إلا لقرينة كتطلب الإمام له ليقتله فيجوز لغير
الإمام ونائبه قتله.
وقيل يقيم الحد ولي المرأة.
فعلى المذهب لو خالف وفعل لم يضمنه نص عليه.
قوله : "إلا السيد" يعني المكلف "فإن له إقامة
الحد بالجلد خاصة على رقيقه القن" وهو المذهب.
قال في المحرر هذا المذهب.
قال في الفروع ولسيد إقامته على الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والهادي والمغني والشرح والوجيز
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
وعنه ليس له ذلك.
وقيل ليس له إقامة الحد على أمته المرهونة
والمستأجرة.
(10/114)
وقال الشيخ تقي
الدين رحمه الله إن عصى الرقيق علانية أقام
السيد عليه الحد وإن عصى سرا فينبغي أن لا يجب
عليه إقامته بل يخير بين ستره واستتابته بحسب
المصلحة في ذلك.
تنبيهان
أحدهما: قد يقال إن ظاهر قوله "رقيقه القن"
أنه لو كان رقيقا مشتركا لا يقيمه إلا الإمام
أو نائبه وهو صحيح صرح به بن حمدان في رعايته
الكبرى.
الثاني: مفهوم كلامه أنه ليس لغير السيد إقامة
الحد وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل للوصي إقامته على رقيق موليه.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
قوله : "وهل له القتل في الردة والقطع في
السرقة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
إحداهما: ليس له ذلك وهو المذهب.
صححه المصنف والشارح والناظم ونصروه.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
وقدمه في الكافي.
والرواية الثانية: له ذلك صححه في التصحيح
وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز.
قوله : "ولا يملك إقامته على مكاتبه".
هذا أحد الوجهين واختاره المصنف وبن عبدوس في
تذكرته.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ونهاية بن
رزين وشرح ابن منجا .
وقدمه في الشرح.
والوجه الثاني: له إقامته عليه وهو المذهب.
قدمه في الفروع.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير.
(10/115)
وجزم في
الرعاية الكبرى إنه لا يقيم الحد على مكاتبته.
قوله : "ولا أمته المزوجة".
يعني لا يملك إقامة الحد عليها وهو المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز
والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل له إقامته عليها صححه الحلواني.
ونقل مهنا إن كانت ثيبا.
ونقل ابن منصور إن كانت محصنة فالسلطان وأنه
لا يبيعها حتى تحد.
قوله : "وإن كان السيد فاسقا أو امرأة فله
إقامته في ظاهر كلامه".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والفروع.
ويحتمل أن لا يملكه وهو للقاضي.
وصححه في النظم.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي
الصغير.
وقيل يقيم ولي المرأة.
قوله : "ولا يملكه المكاتب".
هذا المذهب صححه في الهداية والفروع.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز في باب المكاتب.
وقدمه في المغني والكافي في الكتابة والشرح
وشرح ابن رزين .
(10/116)
وهو ظاهر ما
جزم به الآدمي في منتخبه.
ويحتمل أن يملكه وهو وجه ورواية في الخلاصة.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والهادي والكافي هنا والمحرر والرعايتين
والحاوي الصغير.
قوله : "وسواء ثبت ببينة أو إقرار".
حيث قلنا للسيد إقامته فله إقامته بالإقرار
بلا نزاع إذا علم شروطه.
وأما البينة فإن لم يعلم شروطها فليس له
إقامته قولا واحدا.
وإن علم شروط سماعها فله إقامته وهو أحد
الوجهين جزم به المصنف هنا.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والرعاية الكبرى.
واختاره القاضي يعقوب.
وقيل لا يجوز له ذلك.
قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين .
وأطلقهما في الفروع.
فائدة : قال في الرعاية الكبرى قلت ومن أقام
على نفسه ما يلزمه من حد زنا أو قذف بإذن
الإمام أو نائبه لم يسقط بخلاف قطع سرقة.
ويأتي استيفاؤه حد قذف من نفسه في بابه بأتم
من هذا.
وتقدم في باب استيفاء القصاص لو اقتص الجاني
من نفسه برضى الولي هل يجوز أو لا.
قوله : "وإن ثبت بعلمه فله إقامته نص عليه".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير
والنظم وغيرهم.
ويحتمل أن لا يملكه كالإمام.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله اختارها
القاضي.
(10/117)
وصححه في
الخلاصة.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
قوله : "ولا يقيم الإمام الحد بعلمه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ووجه في الفروع تخريجا من كلام الشيخ تقي
الدين رحمه الله جواز إقامته بعلمه.
قوله : "ولا تقام الحدود في المساجد".
يحتمل أنه أراد التحريم.
قلت وهو الصواب.
وجزم به بن تميم وغيره.
وقاله ابن عقيل في الفصول وغيره.
وقيل لا يحرم بل يكره قطع به في الرعايتين في
باب مواضع الصلاة.
وأطلقهما في الفروع في آخر الوقف.
قوله : "ويضرب الرجل في الحد قائما".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه قاعدا.
فعليها يضرب الظهر وما قاربه.
قوله : "بسوط لا جديد ولا خلق".
هذا المذهب مطلقا نص عليه.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز
وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعند الخرقي سوط العبد دون سوط الحر.
وقدمه في المغني والشرح والزركشي.
وجعلوا الأول احتمالا.
ونسبه الزركشي إلى المصنف فقط.
قال في البلغة ولتكن الحجارة متوسطة كالكفية.
(10/118)
وقال في
الرعاية من عنده حجم السوط بين القضيب والعصي
أو بقضيب بين اليابس والرطب.
قوله : "ولا يمد ولا يربط ولا يجرد بل يكون
عليه القميص والقميصان".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجوز تجريده نقله عبد الله والميموني.
قوله : "ويفرق الضرب على أعضائه إلا الرأس
والوجه والفرج وموضع المقتل".
تفريق الضرب مستحب غير واجب على الصحيح من
المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم.
وقدمه في الفروع.
وقال القاضي يجب.
فائدتان :
إحداهما: لا تعتبر الموالاة في الحدود على
الصحيح من المذهب ذكره القاضي وغيره في موالاة
الوضوء لزيادة العقوبة ولسقوطه بالشبهة.
وقدمه في الفروع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وفيه نظر.
قال صاحب الفروع وما قاله شيخنا أظهر.
الثانية: يعتبر للجلد النية فلو جلده للتشفي
أثم ويعيده ذكره في المنثور عن القاضي.
قال في الفروع وظاهر كلامه لا يعتبر وهو أظهر.
قال ولم يعتبروا نية من يقيمه أنه حد مع أن
ظاهر كلامهم يقيمه الإمام أو نائبه لا يعتبر.
وفي الفصول قبيل فصول التعزير يحتاج عند
إقامته إلى نية الإمام أنه يضرب لله ولما وضع
الله ذلك وكذلك الحداد إلا أن الإمام إذا تولى
وأمر عبدا أعجميا يضرب لا علم له بالنية أجزأت
نيته والعبد كالآلة.
قال ويحتمل أن تعتبر نيتهما كما نقول في غسل
الميت تعتبر نية غاسله.
واحتج في منتهى الغاية لاعتبار نية الزكاة بأن
الصرف إلى الفقير له جهات فلا بد من نية
التمييز كالجلد في الحدود قال ذلك في الفروع.
قوله : "والمرأة كذلك إلا أنها تضرب جالسة
وتشد عليها ثيابها" نص عليه.
"وتمسك يداها لئلا تنكشف".
(10/119)
وقال في الواضح
أسواطها كذلك.
قوله : "والجلد في الزنى أشد الجلد ثم جلد
القذف ثم الشرب ثم التعزير".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع
به أكثرهم.
وقيل أخفها حد الشرب إن قلنا هو أربعون جلدة
ثم حد القذف.
وإن قلنا حده ثمانون بدئ بحد القذف ثم بحد
الشرب ثم بحد الزنى ثم بحد السرقة.
قوله : "وإن رأى الإمام الضرب في حد الخمر
بالجريد والنعال فله ذلك".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والشرح وشرح ابن منجا
وغيرهم.
وزاد في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي
والبلغة وغيرهم وبالأيدي أيضا وهو مذكور في
الحديث.
وكذلك استدل الشراح بذلك.
وقال في التبصرة لا يجزئ بطرف ثوب ونعل.
وفي الموجز لا يجزئ بيد وطرف ثوب.
وقال في الوسيلة يستوفى بالسوط في ظاهر كلام
الإمام أحمد رحمه الله والخرقي.
وقدمه في المغني ونصره.
وهو ظاهر كلامه في الكافي وكلام القاضي في
الجامع والشريف أبي جعفر والشيرازي وابن عقيل
وغيرهم حيث قالوا يضرب بسوط.
فائدة : يحرم حبسه بعد الحد على الصحيح من
المذهب نقله حنبل.
وقدمه في الفروع.
وقال القاضي في الأحكام السلطانية من لم ينزجر
بالحد وضرب الناس فللوالي لا القاضي حبسه حتى
يتوب.
وفي بعض النسخ حتى يموت.
قوله : "قال أصحابنا ولا يؤخر الحد للمرض".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب كما قال
المصنف.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن يؤخر في المرض المرجو زواله.
(10/120)
يعني إذا كان
جلدا.
فأما الرجم فلا يؤخر فلو خالف على هذا
الاحتمال وفعل ضمن وإليه ميل الشارح.
واختاره المصنف وجزم به في العمدة.
قال القاضي ظاهر قول الخرقي تأخيره لقوله من
يجب عليه الحد وهو صحيح عاقل.
قوله : فإن كان جلدا وخشي عليه من السوط أقيم
بأطراف الثياب والعثكول هذا المذهب.
قال في الفروع وإن خيف من السوط لم يتعين على
الأصح.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة وغيرهم من الأصحاب.
وعنه يتعين الجلد بالسوط.
وقيل يضرب بمائة شمراخ قاله في الفروع.
وقال في الرعايتين فإن خيف عليه بالسوط جلده
بطرف ثوب أو عثكول نخل فيه مائة شمراخ يضربه
به ضربة واحدة.
فائدة : يؤخر شارب الخمر حتى يصحو نص عليه
وقاله الأصحاب.
لكن لو وجد في حال سكره فقال بن نصر الله في
حواشي الفروع الظاهر أنه يجزئ ويسقط الحد
انتهى.
قلت الصواب أنه إن حصل به ألم يوجب الزجر سقط
وإلا فلا انتهى.
وقال أيضا الأشبه أنه لو تلف والحالة هذه لا
يضمنه.
قلت الصواب أنه يضمنه إذا قلنا لا يسقط به.
ويؤخر قطع السارق خوف التلف.
تنبيه: قوله : "وإذا مات المحدود في الجلد
فالحق قتله".
وكذا في التعزير.
وقال في الرعاية وإن جلده الإمام في حر أو برد
أو مرض وتلف فهدر في الأصح.
ومراد المصنف وغيره إذا لم يلزم التأخير.
فأما إذا قلنا يلزمه التأخير وجلده فمات ضمنه
كما تقدم.
(10/121)
قوله : "وإن
زاد سوطا أو أكثر فتلف ضمنه وهل يضمن جميعه أو
نصف الدية على وجهين".
وهما روايتان.
أحدهما: يضمن جميع الدية وهو المذهب.
قال في القاعدة الثامنة والعشرين هذا المشهور
وعليه القاضي وأصحابه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: يضمن نصف الدية.
وقيل توزع الدية على الأسواط إن زاد على
الأربعين.
وفي واضح ابن عقيل إن وضع في سفينة كرا فلم
تغرق ثم وضع قفيزا فغرقت فغرقها بهما في أقوى
الوجهين.
والثاني: بالقفيز.
وكذلك الشبع والري والسير بالدابة فرسخ والسكر
بالقدح والأقداح.
وذكره عن المحققين كما تنشأ الغضبة بكلمة بعد
كلمة ويمتلئ الإناء بقطرة بعد قطرة ويحصل
العلم بواحد بعد واحد.
وجزم أيضا في السفينة أن القفيز هو المغرق
لها.
وتقدم ذلك في آخر الغصب.
وتقدم نظيرتها في الإجارة.
فائدتان :
إحداهما: لو أمر بزيادة في الحد فزاد جاهلا
ضمنه الآمر وإن كان عالما ففيه وجهان وأطلقهما
في الفروع.
أحدهما: يضمن الآمر.
قدمه في الرعايتين والحاوي.
والثاني: يضمن الضارب.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
الثانية : لو تعمد العاد الزيادة دون الضارب
أو أخطأ وادعى ضارب الجهل ضمنه العاد وتعمد
الإمام الزيادة يلزمه في الأقيس لأنه شبه عمد.
وقيل كخطأ فيه الروايتان.
(10/122)
قدمه المصنف
وغيره نقله صاحب الفروع.
قوله : "وإن كان الحد رجما لم يحفر له رجلا
كان أو امرأة في أحد الوجهين".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وصححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره القاضي في الخلاف.
وفي الآخر إن ثبت على المرأة بإقرارها لم يحفر
لها وإن ثبت ببينة حفر لها إلى الصدر.
اختاره القاضي في المجرد وأبو الخطاب في
الهداية وابن عقيل في الفصول وصاحب التبصرة.
وأطلقهما في المذهب والخلاصة.
وحكاهما في الخلاصة روايتين.
وأطلق في عيون المسائل وابن رزين وصاحب
الخلاصة الحفر لها يعنون سواء ثبت بإقرارها أو
ببينة لأنها عورة فهو أستر لها بخلاف الرجل.
قوله : "وإن ثبت بالإقرار استحب أن يبدأ
الإمام".
بلا نزاع ويجب حضوره هو أو من يقيمه مقامه على
الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال أبو بكر لا يجب.
وجزم به في المغني والكافي والشرح وأبطلا
غيره.
ونقل أبو داود يجيء الناس صفوفا لا يختلطون ثم
يمضون صفا صفا.
فائدة : يجب حضور طائفة في حد الزنى والطائفة
واحد فأكثر على الصحيح من المذهب.
قال في المغني والشرح هذا قول أصحابنا.
وقدمه في الرعايتين والفروع والحاوي الصغير
وغيرهم.
قال المصنف والشارح والظاهر أنهم أرادوا واحدا
مع الذي يقيم الحد لأن الذي يقيم الحد حاصل
ضرورة فتعين صرف الأمر إلى غيره.
قال في الكافي وقال أصحابنا أقل ذلك واحد مع
الذي يقيم الحد.
واختار في البلغة اثنان فما فوقهما لأن
الطائفة الجماعة وأقلها اثنان.
قال القاضي الطائفة اسم الجماعة لقوله تعالى:
{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ
يُصَلُّوا}
(10/123)
[النساء: 102]
ولو كانت الطائفة واحدا لم يقل فليصلوا.
وهذا معنى كلام أبي الخطاب.
وقال في الفصول في صلاة الخوف الطائفة اسم
جماعة وأقل اسم الجماعة من العدد ثلاثة ولو
قال جماعة لكان كذلك فكذا إذا قال طائفة.
وسبق في الوقف أن الجماعة ثلاثة.
قلت كلام القاضي في استدلاله بقوله تعالى:
{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا
فَلْيُصَلُّوا} [النساء: 102] غير قوي لأن
القائل بالأول يقول بهذا أيضا ولا يمنعه لأن
الطائفة عنده تشمل الجماعة وتشمل الواحد فهذه
الآية شملت الجماعة لكن ما نفت أنها تشمل
الواحد.
وذكر أبو المعالي أن الطائفة تطلق على الأربعة
في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا
طَائِفَةٌ} [النور: 2] لأنه أول شهود الزنى.
قوله : "ومتى رجع المقر بالحد عن إقراره قبل
منه وإن رجع في أثناء الحد لم يتمم".
هذا المذهب في جميع الحدود أعني حد الزنى
والسرقة والشرب وعليه الجمهور وقطع به كثير
منهم.
وقال في عيون المسائل يقبل رجوعه في الزنى
فقط.
وقال في الانتصار في الزنى يسقط برجوعه بكناية
نحو مزحت أو ما عرفت ما قلت أو كنت ناعسا.
وقال في الانتصار أيضا في سارق بارية المسجد
ونحوها لا يقبل رجوعه.
فعلى المذهب إن تمم الحد إذن ضمن الراجع لا
الهارب فقط بالمال ولا قود قاله في الفروع.
وقطع به في المغني والشرح والرعاية والنظم
والمحرر وشرح ابن رزين وغيرهم.
قوله : "وإن رجم ببينة فهرب لم يترك" بلا
نزاع.
وجزم به في المغني والشرح والرعايتين والفروع
وغيرهم.
قوله : "وإن كان بإقرار ترك".
يعني إذا رجم بإقرار فهرب وهذا المذهب نص عليه
وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وقيل لا يترك فلا يسقط عنه الحد بالهرب.
(10/124)
فعلى المذهب لو
تمم الحد بعد الهرب لم يضمنه على الصحيح من
المذهب نص عليه.
وقطع به في المغني والشرح والنظم والرعاية
وشرح ابن رزين .
وقيل يضمن.
فائدة : لو أقر ثم رجع ثم أقر حد.
ولو أنكره بعد الشهادة على إقراره فقد رجع على
أصح الروايتين.
قاله في الرعاية وقدمه في الفروع.
وعنه لا يترك فيحد.
وقيل يقبل رجوع مقر بمال قاله في الفروع.
قوله : "وإذا اجتمعت حدود لله فيها قتل استوفي
وسقط سائرها" بلا خلاف أعلمه.
وقوله : "وإن لم يكن فيها قتل فإن كانت من جنس
مثل أن زنى أو سرق أو شرب مرارا أجزأ حد
واحد".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وذكر ابن عقيل أنه لا تداخل في السرقة.
قال في البلغة فقطع واحد على الأصح.
وذكر في المستوعب رواية إن طالبوا متفرقين قطع
لكل واحد.
قال أبو بكر هذه رواية صالح والعمل على
خلافها.
قوله : "وإن كانت من أجناس استوفيت كلها ويبدأ
بالأخف فالأخف".
وهذا على سبيل الوجوب على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال المصنف والشارح هذا على سبيل الاستحباب
فلو بدأ بغير الأخف جاز وقطعا به.
قوله : "وأما حقوق الآدميين فتستوفى كلها سواء
كان فيها قتل أو لم يكن ويبدأ بغير القتل وإن
اجتمعت مع حدود الله بدأ بها".
وبالأخف وجوبا.
قدمه في الفروع.
وفي المغني إن بدأ بغيره جاز.
(10/125)
فإذا زنى وشرب
وقذف وقطع يدا قطعت يده أولا ثم حد للقذف ثم
للشرب ثم للزنى.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يؤخر القطع.
ويؤخر حد الشرب عن حد القذف إن قيل هو أربعون
اختاره القاضي.
قوله : "ولا يستوفى حد حتى يبرأ من الذي
قبله".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب مطلقا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل إن طلب صاحب قتل جلده قبل برئه من قطع
فوجهان.
فائدة : لو قتل وارتد أو سرق وقطع يدا قتل
وقطع لهما على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقيل يقتل ويقطع للقود فقط.
جزم به في الفصول والمذهب والمغني.
قال في الفروع ويتوجه أن يظهر لهذا الخلاف
فائدة: في جواز الخلاف في استيفائه بغير حضرة
ولي الأمر وأن على المنع هل يعزر أم لا.
وأن الأجرة منه أو من المقتول.
وأنه هل يستقل بالاستيفاء أو يكون كمن قتل
جماعة فيقرع أو يعين الإمام.
وأنه هل يأخذ نصف الدية كما قيل فيمن قتل
الرجلين وغير ذلك انتهى.
وقال الشارح إذا اتفق الحقان في محل واحد
كالقتل والقطع قصاصا صار حدا.
فأما القتل فإن كان فيه ما هو خالص لحق الله
كالرجم في الزنى وما هو حق لآدمي كالقصاص قدم
القصاص لتأكد حق الآدمي.
وإن اجتمع القتل كالقتل في المحاربة والقصاص
بدأ بأسبقهما لأن القتل في المحاربة فيه حق
لآدمي.
وإن سبق القتل في المحاربة استوفى ووجب لولي
المقتول الآخر ديته من مال الجاني.
وإن سبق القصاص قتل قصاصا ولم يصلب ووجب لولي
المقتول في المحاربة ديته.
وكذا لو مات القاتل في المحاربة.
ولو كان القصاص سابقا وعفا ولي المقتول استوفى
القتل للمحاربة سواء عفا مطلقا أو إلى الدية.
وإن اجتمع وجوب القطع في يد أو رجل قصاصا وحدا
قدم القصاص على الحد المتمحض لله.
(10/126)
وإن عفا ولي
الجناية استوفى الحد.
فإذا قطع يدا وأخذ المال في المحاربة قطعت يده
قصاصا وينتظر برؤه فإذا برأ قطعت رجله
للمحاربة انتهى.
قال في الفروع لو أخذ الدية استوفى الحد.
وذكر بن البناء من قتل بسحر قتل حدا وللمسحور
من ماله ديته فيقدم حق الله.
قوله : "ومن قتل أو أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ
إليه لم يستوف منه فيه".
وكذلك لو لجأ إليه حربي أو مرتد.
وهذا المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب كحيوان
صائل مأكول ذكره المصنف.
وهو من مفردات المذهب في الحدود.
ووافق أبو حنيفة في القتل.
ونقل حنبل يؤخذ بدون القتل.
هكذا قال في الفروع.
وقال في الرعاية فيمن لجأ إلى الحرم من قاتل
وآت حدا لا يستوفى منه.
وعنه يستوفى فيه كل حد وقود مطلقا غير القتل.
قال وكذا الخلاف في الحربي الملتجئ إليه
والمرتد ولو ارتد فيه.
قال في الفروع وظاهر كلامهم لا يعني أن المرتد
فيه يقتل فيه.
تنبيهان
الأول : ظاهر قوله : "ولكن لا يبايع ولا
يشارى".
أنه لا يكلم ولا يواكل ولا يشارب وهو ظاهر
كلام جماعة.
وقال في المستوعب والرعاية ولا يكلم أيضا
ونقله أبو طالب.
وزاد في الروضة لا يواكل ولا يشارب.
الثاني: الألف واللام في الحرم للعهد وهو حرم
مكة.
فأما حرم المدينة فليس كذلك على الصحيح من
المذهب.
وذكر في التعليق وجها أن حرمها كحرم مكة.
قوله : "وإن فعل ذلك في الحرم استوفي منه
فيه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم.
وذكر جماعة فيمن لجأ إلى داره حكمه حكم من لجأ
إلى الحرم من خارجه.
فوائد
إحداها: الأشهر الحرم لا تعصم من شيء من
الحدود والجنايات على الصحيح من
(10/127)
المذهب وعليه
الأصحاب.
وتردد الشيخ تقي الدين رحمه الله في ذلك.
قال في الفروع ويتوجه احتمال تعصم.
واختاره بن القيم رحمه الله في الهدى.
الثانية: لو قوتلوا في الحرم دفعوا عن أنفسهم
فقط.
وقدمه في الفروع.
وقال هذا ظاهر ما ذكروه في بحث المسألة.
وصححه ابن الجوزي.
وقال بن القيم رحمه الله في الهدى الطائفة
الممتنعة بالحرم من مبايعة الإمام لا تقاتل لا
سيما إن كان لها تأويل.
وفي الأحكام السلطانية يقاتل البغاة إذا لم
يندفع بغيهم إلا به.
وفي الخلاف وعيون المسائل وغيرهما اتفق الجميع
على جواز القتال فيها متى عرضت تلك الحال.
ورده في الفروع.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن تعدى أهل
مكة أو غيرهم على الركب دفع الركب كما يدفع
الصائل وللإنسان أن يدفع مع الركب بل قد يجب
أن احتيج إليه.
الثالثة : قوله : "ومن أتى حدا في الغزو لم
يستوف منه في أرض العدو حتى يرجع إلى دار
الإسلام فتقام عليه".
وهو صحيح وهو من مفردات المذهب.
وكذلك لو أتى بما يوجب قصاصا قاله المصنف
وغيره.
وظاهر كلامهم أنه لو أتى بشيء من ذلك في
الثغور أنه يقام عليه فيه وهو صحيح صرح به
الأصحاب.
الرابعة: لو أتى حدا في دار الإسلام ثم دخل
دار الحرب أو أسر يقام عليه الحد إذا خرج.
ونقل ابن منصور إذا قتل وزنى ودخل دار الحرب
فقتل أو زنى أو سرق لا يعجبني أن يقام عليه ما
أصاب هناك.
ونقل صالح وابن منصور إن زنى الأسير أو قتل
مسلما ما أعلمه إلا أن يقام عليه الحد إذا
خرج.
ونقل أبو طالب لا يقتل إذا قتل في غير دار
الإسلام لم يجب عليه هناك حكم.
(10/128)
باب حد الزنا
...
باب حد الزنى
قوله : "وإذا زنى الحر المحصن فحده الرجم حتى
يموت وهل يجلد قبل الرجم على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والفصول والإيضاح والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي
والكافي والمغني والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم.
وهو ظاهر الفروع.
إحداهما: لا يجلد وهو المذهب نص عليه.
قال في الفروع نقله الأكثر.
قال الزركشي هي أشهر الروايتين.
وصححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في العمدة والمنور ومنتخب الآدمي
والتسهيل وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وإدراك الغاية والفروع وغيرهم.
قال في الفروع اختاره الأثرم والجوزجاني وبن
حامد وأبو الخطاب وبن شهاب انتهى.
واختاره أيضا بن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية: يجلد قبل الرجم.
اختاره الخرقي وأبو بكر عبد العزيز والقاضي.
ونصرها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
وصححهما الشيرازي.
قال أبو يعلى الصغير اختارها شيوخ المذهب.
قال بن شهاب اختارها الأكثر.
وجزم به ابن عقيل في التذكرة وصاحب الوجيز
ونظم المفردات وهو منها.
وقدمه في تجريد العناية وشرح ابن رزين
ونهايته.
قوله : "والمحصن من وطى ء امرأته في قبلها في
نكاح صحيح".
ويكفي تغييب الحشفة أو قدرها.
"وهما بالغان عاقلان حران".
(10/129)
هذا المذهب
بهذه الشروط.
قال الزركشي هذا الصحيح المعروف.
وجزم به في الوجيز والخرقي والهداية والمذهب
والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
وذكر القاضي أن الإمام أحمد رحمه الله نص على
أنه لا يحصل الإحصان بالوطء في الحيض والصوم
والإحرام ونحوه.
وذكر في الإرشاد أن المراهق يحصن غيره.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله رواية.
قال في المحرر ومتى اختل شيء مما ذكرنا فلا
إحصان لواحد منهما إلا في تحصين البالغ بوطء
المراهقة وتحصين البالغة بوطء المراهق فإنهما
على وجهين.
وكذا قال في الرعاية الصغرى والحاوي.
وقال في الترغيب إن كان أحدهما صبيا أو مجنونا
أو رقيقا فلا إحصان لواحد منهما على الأصح
ونقله الجماعة.
تنبيه: مفهوم قوله : "في نكاح صحيح" أنه لا
يحصن النكاح الفاسد وهو صحيح صرح به الأصحاب.
فائدة : جزم في الروضة أنه إذا زنى بن عشر أو
بنت تسع لا بأس بالتعزير ذكره عنه في الفروع
في أثناء باب المرتد.
ويأتي في باب التعزير.
قوله : "ويثبت الإحصان للذميين".
وكذا للمستأمنين.
فلو زنى أحدهما وجب الحد بلا نزاع بين الأصحاب
ويلزم الإمام إقامته على الصحيح من المذهب.
وعنه إن شاء لم يقم حد بعضهم ببعض.
اختاره بن حامد.
ومثله القطع بسرقة بعضهم من بعض.
ولا يسقط بإسلامه.
قال في المحرر نص عليه.
تنبيه: شمل كلامه كل ذمي فدخل المجوسي في ذلك.
(10/130)
وتبعه المجد
وغيره على ذلك.
وقال في الرعاية لا يصير المجوسي محصنا بنكاح
ذي رحم محرم.
قوله : "وهل تحصن الذمية مسلما على روايتين".
وأطلقهما في الخلاصة.
إحداهما تحصنه وهو المذهب.
صححه في الهداية والمذهب والتصحيح وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
والرواية الثانية: لا تحصنه.
فائدة : لو زنى محصن ببكر فعلى كل واحد منهما
حده نص عليه.
قوله : "ولو كان لرجل ولد من امرأته فقال ما
وطئتها لم يثبت إحصانه" بمجرد ذلك بلا نزاع.
ويثبت إحصانه بقوله وطئتها أو جامعتها وبقوله
أيضا دخلت بها على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يثبت بذلك.
وأطلقهما في الرعايتين والمحرر.
قوله : "وإن زنى الحر غير المحصن جلد مائة
جلدة وغرب عاما إلى مسافة القصر".
وهذا المذهب سواء كان المغرب رجلا أو امرأة.
قال في الفروع هذا المذهب.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الرعايتين والهداية والمذهب
والمستوعب وغيرهم.
وعنه أن المرأة تنفى إلى دون مسافة القصر.
جزم به في الوجيز.
(10/131)
وقدمه في
المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وعنه تغرب المرأة مع محرمها لمسافة القصر ومع
تعذره لدونها.
وعنه يغربان أقل من مسافة القصر.
وعنه لا يجب غير الجلد.
نقله أبو الحارث والميموني قاله في الانتصار.
وقدمه في الفروع.
وقال في عيون المسائل عن الإمام أحمد رحمه
الله لا يجمع بينهما إلا أن يراه الإمام
تعزيرا.
قال الزركشي تنفى المرأة إلى مسافة القصر مع
وجود المحرم ومع تعذره هل تنفى كذلك أو إلى ما
دونها فيه روايتان.
هذه طريقة القاضي وأبي محمد في المغني.
وجعل أبو الخطاب في الهداية الروايتين فيها
مطلقا.
وتبعه أبو محمد في الكافي والمقنع.
وعكس المجد طريقة المغني فجعل الروايتين فيما
إذا نفيت مع محرمها أما بدونه فإلى ما دونها
قولا واحدا كما اقتضاه كلامه انتهى.
فائدة : لو زنى حال التغريب غرب من بلد الزنى.
فإن عاد إليه قبل الحول منع.
وإن زنى في الآخر غرب إلى غيره.
قوله : "ويخرج معها محرمها".
لا تغرب المرأة إلا مع محرم إن تيسر على
الصحيح من المذهب اختاره أكثر الأصحاب.
وتقدم رواية أنها تغرب بدون محرم إلى دون
مسافة القصر.
قوله : "فإن أراد أجرة بذلت من مالها فإن تعذر
فمن بيت المال".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قاله المصنف والشارح.
وقدمه في الفروع.
وقيل من بيت المال مطلقا.
وهو احتمال للمصنف ومال إليه وصححه في النظم.
(10/132)
قوله : "فإن
أبى الخروج معها استؤجرت امرأة ثقة".
اختاره جماعة من الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والشرح وغيرهم.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه تغرب بلا امرأة.
وهو احتمال في المغني والشرح والرعايتين
وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الفروع.
وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
وقال في الترغيب وغيره تغرب بلا امرأة مع
الأمن.
وعنه تغرب بلا محرم تعذر أو لم يتعذر لأنه
عقوبة لها ذكره بن شهاب في الحج بمحرم.
قلت وهذه الرواية بعيدة جدا وقد يخاف عليها
أكثر من قعودها.
قوله : "فإن تعذر نفيت بغير محرم" وهو المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله تنفى بغير محرم.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي
الصغير.
ويحتمل أن يسقط النفي.
قلت وهو قوي.
قوله : "وإن كان الزاني رقيقا فحده خمسون جلدة
بكل حال". بلا نزاع "ولا يغرب".
هذا المذهب جزم به الأصحاب.
وأبدى بعض المتأخرين احتمالا بنفيه لأن عمر
رضي الله عنه نفاه.
وأوله ابن الجوزي على إبعاده.
قوله : "وإن كان نصفه حرا فحده خمس وسبعون
جلدة بلا نزاع وتغريب نصف عام".
(10/133)
وهو المذهب نص
عليه.
قال في الفروع ويغرب في المنصوص بحسابه نص
عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح.
ويحتمل أن لا يغرب وهو وجه.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
والهداية.
قوله : "وحد اللوطي".
يعنى الفاعل والمفعول به قاله في الفروع
والمذهب كحد الزاني سواء.
هذا المذهب.
جزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب
الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والهادي والكافي والبلغة والمحرر والنظم
والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه حده الرجم بكل حال.
اختاره الشريف أبو جعفر وبن القيم رحمه الله
في كتاب الداء والدواء وغيره.
وقدمه الخرقي.
قال بن رجب في كلام له على ما إذا زنى عبده
بابنته الصحيح قتل اللوطي سواء كان محصنا أو
غير محصن.
وأطلقهما في الفروع.
وقال أبو بكر لو قتل بلا استتابة لم أر به
بأسا.
ونقل بن القيم رحمه الله في السياسة الشرعية
أن الأصحاب قالوا لو رأى الإمام تحريق اللوطي
فله ذلك وهو مروي عن أبي بكر الصديق وجماعة من
الصحابة رضي الله عنهم.
فوائد
إحداها: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في رده
على الرافضي إذا قتل الفاعل كزان فقيل يقتل
المفعول به مطلقا.
وقيل لا يقتل وقيل بالفرق كفاعل.
الثانية: قال في التبصرة والترغيب دبر
الأجنبية كاللواط وقيل كالزنا وأنه لا حد بدبر
أمته ولو كانت محرمة برضاع.
قلت قد يستأنس له بما في المحرر في قوله
والزاني من غيب الحشفة في قبل أو دبر حراما
محصنا فسمى الواطئ في الدبر زانيا.
(10/134)
الثالثة:
الزاني بذات محرمة كاللواط على الصحيح من
المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم ناظم المفردات أن حده الرجم مطلقا حتما
وهو منها.
ونقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله ويؤخذ
ماله أيضا لخبر البراء بن عازب رضي الله عنه.
وأوله الأكثر على عدم وارث.
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله يقتل ويؤخذ
ماله على خبر البراء رضي الله عنه إلا رجلا
يراه مباحا فيجار.
قلت فالمرأة؟ قال كلاهما في معنى واحد.
وعند أبي بكر أن خبر البراء عند الإمام أحمد
رحمه الله على المستحل وأن غير المستحل كزان.
نقل صالح وعبد الله أنه على المستحل.
قوله : "ومن أتى بهيمة فعليه حد اللوطي عند
القاضي".
وهو رواية منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين ونظم
المفردات وهو منها.
واختاره الشيرازي والشريف أبو جعفر وأبو
الخطاب في خلافيهما.
واختار الخرقي وأبو بكر أنه يعزر.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير
والفروع وغيرهم.
وأطلقهما في تذكرة ابن عقيل والمذهب والشرح.
قال في عيون المسائل يجب الحد في رواية وإن
سلمنا في رواية فلأنه لا يجب بمجرد الإيلاج
فيه غسل ولا فطر ولا كفارة بخلاف اللواط.
قال في الفروع كذا قال قال وظاهره لا يجب ذلك
ولو وجب الحد مع أنه احتج لوجوب الحد باللواط
بوجوب ذلك به.
وظاهره يجب ذلك وإن لم يجب الحد.
(10/135)
قال في الفروع
وهذا هو المشهور والتسوية أولى مع أن ما ذكره
من عدم وجوب ذلك غريب انتهى.
قوله : "وتقتل البهيمة".
هذا الصحيح من المذهب.
قال في الفروع وتقتل البهيمة على الأصح.
وقطع به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والوجيز
وغيرهم.
واختاره الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في
خلافيهما.
وقدمه في المغني والشرح والنظم وغيرهم.
قال أبو بكر الاختيار قتلها فإن تركت فلا بأس
انتهى.
وعنه لا تقتل.
قدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الرعايتين.
وقيل إن كانت تؤكل ذبحت وإلا فلا.
تنبيه: محل الخلاف عند صاحب المحرر والنظم
والرعايتين والحاوي وغيرهم إذا قلنا إنه يعزر.
فأما إن قلنا إن حده كحد اللوطي فإنها تقتل
قولا واحدا واقتصر عليه الزركشي.
وظاهر كلام الشارح وجماعة أن الخلاف جار سواء
قلنا إنه يعزر أو حده كحد اللوطي.
فائدتان :
إحداهما: لا تقتل البهيمة إلا بالشهادة على
فعله بها أو بإقراره إن كانت ملكه.
الثانية: قيل في تعليل قتل البهيمة لئلا يعير
فاعلها لذكره برؤيتها.
وروى بن بطة أن رسول الله عليه أفضل الصلاة
والسلام قال: " من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه
واقتلوا البهيمة قالوا يا رسول الله: ما بال
البهيمة؟ قال: لئلا يقال هذه هذه ".
وقيل في التعليل لئلا تلد خلقا مشوها.
وبه علل ابن عقيل في التذكرة.
وقيل لئلا تؤكل أشار إليه بن عباس رضي الله
عنهما في تعليله.
قوله : "وكره الإمام أحمد رحمه الله أكل لحمها
وهل يحرم؟ على وجهين".
(10/136)
وهما روايتان
في الخلاصة.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن
منجا والزركشي.
أحدهما: يحرم أكلها وهو المذهب وعليه أكثر
الأصحاب.
منهم القاضي في الجامع والشريف وأبو الخطاب في
خلافيهما والشيرازي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع
وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وقيل يكره ولا يحرم فيضمن النقص.
قدمه في الرعايتين.
قال في المحرر وقيل إن كانت مما يؤكل ذبحت
وحلت مع الكراهة.
فعلى المذهب يضمنها لصاحبها على الصحيح من
المذهب.
وذكر في الانتصار احتمالا أنها لا تضمن.
وعلى الوجه الثاني يضمن النقص كما تقدم.
قوله : "فصل ولا يجب الحد إلا بثلاثة شروط
أحدها أن يطأ في الفرج سواء كان قبلا أو دبرا
وأقل ذلك تغييب الحشفة في الفرج".
مراده بالحشفة الحشفة الأصلية من فحل أو خصي
أو قدرها عند العدم.
ومراده بالفرج الفرج الأصلي.
قوله : "فإن وطى ء دون الفرج أو أتت المرأة
المرأة" أي تساحقتا "فلا حد عليهما".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال ابن عقيل في إتيان المرأة المرأة يحتمل
وجوب الحد للخبر.
قوله : "فصل الثاني انتفاء الشبهة فإن وطى ء
جارية ولده" فلا حد عليه.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه عليه الحد.
قال جماعة من الأصحاب ما لم ينو تملكها.
(10/137)
تنبيه: محل هذا
إذا لم يكن الابن يطؤها.
فإن كان الابن يطؤها ففي وجوب الحد روايتان
منصوصتان تقدمتا في باب الهبة فليعاود.
فائدة : قوله : "أو وطى ء جارية له فيها شرك
أو لولده أو وجد امرأة على فراشه ظنها امرأته
أو جاريته أو دعا الضرير امرأته أو جاريته
فأجابه غيرها فوطئها أو وطى ء امرأته في دبرها
أو حيضها أو نفاسها أو لم يعلم بالتحريم
لحداثة عهده بالإسلام أو نشوئه ببادية بعيدة
فلا حد عليه" بلا نزاع في ذلك.
وقوله : "أو وطى ء في نكاح مختلف في صحته".
فلا حد عليه كنكاح متعة ونكاح بلا ولي.
وهذا المذهب سواء اعتقد تحريمه أو لا وعليه
جماهير الأصحاب.
وعنه عليه الحد إذا اعتقد تحريمه اختاره بن
حامد.
ويفرق بينهما في هذا النكاح.
قال في الفروع فلو حكم بصحته حاكم توجه
الخلاف.
قال وظاهر كلامهم مختلف انتهى.
ويأتي قريبا إذا وطى ء في نكاح مجمع على
بطلانه عالما أو ادعى الجهل أو وطى ء في ملك
مختلف فيه.
تنبيه: ظاهر قوله أو وطى ء جارية ولده فلا حد
عليه أنه لو وطى ء جارية والده أن عليه الحد
وهو صحيح.
فلو وطى ء جارية أحد أبويه كان عليه الحد على
الصحيح من المذهب.
وقيل لا يحد بل يعزر بمائة جلدة.
قوله : "أو أكره على الزنى فلا حد عليه".
هذا إحدى الروايتين مطلقا عن الإمام أحمد رحمه
الله.
اختاره المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
وقال أصحابنا إن أكره الرجل فزنى حد.
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
(10/138)
وهو من مفردات
المذهب.
فائدة : لو أكرهت المرأة أو الغلام على الزنى
بإلجاء أو تهديد أو منع طعام مع الاضطرار إليه
ونحوه فلا حد عليهما مطلقا على الصحيح من
المذهب.
نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه تحد المرأة ذكرها في القواعد الأصولية.
وعنه فيها لا حد بتهديد ونحوه.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال بناء على
أنه لا يباح الفعل بالإكراه بل القول.
قال القاضي وغيره وإن خافت على نفسها القتل
سقط عنها الدفع كسقوط الأمر بالمعروف بالخوف.
قوله : "وإن وطى ء ميتة أو ملك أمة أو أخته من
الرضاع فوطئها فهل يحد أو يعزر على وجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في المحرر إذا وطى ء
ميتة فلا حد عليه على الصحيح من المذهب.
اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
والوجه الثاني: يجب عليه الحد.
اختاره أبو بكر والناظم.
وقدمه في الرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر
والفروع وغيرهم.
ونقل عبد الله بعض الناس يقول عليه حدان
فظننته يعني نفسه.
قال أبو بكر هو قول الأوزاعي.
وأظن أبا عبد الله أشار إليه.
وأثبت بن الصيرفي فيه رواية فيمن وطى ء ميتة
أن عليه حدين.
قال في الرعاية الكبرى وقيل بل يحد حدين للزنى
وللموت.
وأما إذا ملك أمه أو أخته من الرضاع ووطئها
فالصحيح من المذهب أنه لا حد عليه.
اختاره بن عبدوس في تذكرته.
(10/139)
وصححه في
التصحيح.
وقدمه في الفروع وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: عليه الحد.
قال القاضي قال أصحابنا عليه الحد.
قال في الفروع وهو أظهر.
واختاره جماعة منهم الناظم.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وناظم
المفردات وهو منها.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والكافي وإدراك الغاية.
وقدم في الرعايتين أنه يحد ولا يرجم.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
فعلى المذهب يعزر.
ومقداره يأتي الخلاف فيه في باب التعزير.
فائدة : لو وطى ء أمته المزوجة لم يحد على
الصحيح من المذهب بل يعزر.
قال في الفروع قال أكثر أصحابنا يعزر.
قال في الترغيب وغيره يعزر ولا يرجم.
ونقل ابن منصور وحرب يحد ولا يرجم.
ويأتي في باب التعزير مقدار ما يعزر به في ذلك
والخلاف فيه.
وقيل حكمه حكم وطئه لأمته المحرمة أبدا برضاع
وغيره وعلمه على ما تقدم.
وقدمه في الفروع.
وجزم به في المحرر والحاوي والرعايتين.
وقدم أنه يحد ولا يرجم في التي قبلها فكذا في
هذه.
وكذلك الحكم في أمته المعتدة إذا وطئها.
فإن كانت مرتدة أو مجوسية فلا حد.
تنبيهان
أحدهما: يأتي في التعزير إذا وطى ء أمة امرأته
بإباحتها له.
الثاني: قوله : "أو وطى ء في نكاح مجمع على
بطلانه".
بلا نزاع إذا كان عالما.
(10/140)
وأما إذا كان
جاهلا تحريم ذلك فقال جماعة من الأصحاب إن كان
يجهله مثله فلا حد عليه.
وأطلق جماعة يعني أنه حيث ادعى الجهل بتحريم
ذلك فلا حد عليه.
وقاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقدمه في المغني.
وجزم به في الشرح.
وقال أبو يعلى الصغير أو ادعى أنه عقد عليها
فلا حد.
نقل مهنا لا حد ولا مهر بقوله إنها امرأته
وأنكرت هي وقد أقرت على نفسها بالزنى فلا تحد
حتى تقر أربعا.
فائدة : لو وطى ء في ملك مختلف في صحته كوطء
البائع بشرط الخيار في مدته فعليه الحد بشرطه
على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر
الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وقال المصنف في باب الخيار في البيع قاله
أصحابنا.
وعنه لا حد عليه.
اختاره المصنف والشارح والمجد والناظم وصاحب
الحاوي.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في خيار الشرط
مستوفى فليعاود.
ولو وطى ء أيضا في ملك مختلف فيه كشراء فاسد
بعد قبضه فلا حد عليه على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه عليه الحد.
وإن كان قبل القبض فعليه الحد على الصحيح من
المذهب.
وقيل لا يحد بحال.
وكذا الحكم في حد من وطى ء في عقد فضولي.
وعنه يحد إن وطى ء قبل الإجازة.
واختار المجد أنه يحد قبل الإجازة إن اعتقد
أنه لا ينفذ بها.
وحكى رواية.
فائدة : لو وطى ء حال سكره لم يحد.
(10/141)
قال الناظم لم
يحد في الأقوى مطلقا مثل الراقد.
وقيل يحد وهو الصحيح من المذهب.
وتقدم في أول كتاب الطلاق أحكام أقوال السكران
وأفعاله.
قوله: "أو زنى بامرأة له عليها القصاص".
فعليه الحد هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به أكثرهم منهم المصنف والمجد وصاحب
الوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا حد عليه بل يعزر.
قوله: "أو زنى بصغيرة".
إن كان يوطأ مثلها فعليه الحد بلا نزاع.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وإن كان لا يوطأ مثلها فظاهر كلامه هنا أنه
يحد وهو أحد الوجوه.
وقيل لا يحد وهو المذهب.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع.
وأطلقهما في المغني والشرح.
وقال القاضي لا حد على من وطى ء صغيرة لم تبلغ
تسعا.
وكذلك لو استدخلت المرأة ذكر صبي لم يبلغ عشرا
فلا حد عليها.
قال المصنف والصحيح أنه متى وطى ء من أمكن
وطؤها أو أمكنت المرأة من يمكنه الوطء فوطئها
أن الحد يجب على المكلف منهما ولا يصح تحديد
ذلك بتسع ولا بعشر لأن التحديد إنما يكون
بالتوقيف ولا توقيف في هذا وكون التسع وقتا
لإمكان الاستمتاع غالبا لا يمنع وجوده قبله
كما أن البلوغ يوجد في خمسة عشر عاما غالبا
ولا يمنع من وجوده قبله انتهى.
قوله : "أو أمكنت العاقلة من نفسها مجنونا أو
صغيرا فوطئها فعليها الحد".
تحد العاقلة بتمكينها المجنون من وطئها بلا
نزاع.
وإن مكنت صغيرا بحيث لا يحد لعدم تكليفه
فعليها الحد على الصحيح.
قدمه في الفروع واختاره المصنف.
(10/142)
وقيل إن كان بن
عشر حدت وإلا فلا اختاره القاضي.
وجزم به في المحرر والوجيز والرعايتين والحاوي
الصغير.
وتقدم ما اختاره المصنف أيضا.
فائدة : لو مكنت من لا يحد لجهله أو مكنت
حربيا مستأمنا أو استدخلت ذكر نائم فعليها
الحد.
قوله: "ولا يثبت إلا بشيئين" أي بأحد شيئين.
أحدهما: أن يقر به أربع مرات في مجلس أو
مجالس.
هذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والحاوي والكافي والبلغة
والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير
والوجيز وإدراك الغاية وتجريد العناية والمنور
ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وفي مختصر ابن رزين يقر بمجلس واحد.
وسأله الأثرم بمجلس أو مجالس قال الأحاديث
ليست تدل إلا على مجلس إلا عن ذلك الشيخ بشير
بن المهاجر عن بن بريدة عن أبيه وذلك منكر
الحديث.
قوله : "وهو بالغ عاقل".
فلا يصح إقرار الصبي والمجنون.
وفي معناهما من زال عقله بنوم أو إغماء أو شرب
دواء وكذا مسكر.
قطع به المصنف والشارح وغيرهما.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
ومقتضى كلام المجد وغيره جريان الخلاف فيه.
ويأتي حكم إقراره بما هو أعم من ذلك في كتاب
الإقرار.
ويلحق أيضا بهما الأخرس في الجملة.
فإن لم تفهم إشارته لم يصح إقراره.
وإن فهمت إشارته فقطع القاضي بالصحة.
وجزم به في الرعايتين والحاوي.
وذكر المصنف احتمالا بعدمها.
(10/143)
ويلحق أيضا
بهما المكره فلا يصح إقراره قولا واحدا.
تنبيه: ظاهر قوله : "ويصرح بذكر حقيقة الوطء".
أنه لا يشترط ذكر من زنى بها وهو ظاهر كلام
غيره وهو المذهب.
قدمه في الفروع.
وجزم به في المغني والشرح والزركشي.
وعنه يشترط أن يذكر من زنى بها.
قال في الرعاية الكبرى وهي أظهر.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وأطلق في الترغيب وغيره روايتين قاله في
الفروع.
وصاحب الرعايتين والحاوي إنما حكيا الخلاف
فيما إذا شهد على إقراره أربعة رجال هل يشترط
أن يعين من زنى بها أم لا.
وصاحب الفروع حكى كما ذكرته أولا.
فائدة : لو شهد أربعة على إقراره أربعا بالزنى
ثبت الزنى بلا نزاع.
ولا يثبت بدون أربعة على الصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب.
وعنه يثبت باثنين.
ويأتي هذا في أقسام المشهود به.
ولو شهد أربعة على إقراره أربعا فأنكر أو
صدقهم مرة فلا حد عليه على الصحيح من المذهب
وهو رجوع.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
وعنه يحد.
وقال في الترغيب لو صدقهم لم يقبل رجوعه.
وأطلقهما في الفروع.
تنبيه: قولي وصدقهم مرة هكذا قال في المحرر
والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال الناظم إذا صدقهم دون أربع مرات وهو مراد
غيره ولذلك قالوا لو صدقهم أربعا حد.
فعلى المذهب لا يحد الشهود على الصحيح من
المذهب.
جزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
(10/144)
وقدمه في
الفروع.
وذكر في الترغيب روايتين إن أنكروا أنه لو
صدقهم لم يقبل رجوعه.
قوله : "الثاني أن يشهد عليه أربعة رجال أحرار
عدول".
هذا بناء منه على أن شهادة العبيد لا تقبل في
الحدود وهو المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره المصنف وغيره.
وعنه تقبل وهو المذهب على ما يأتي في باب شروط
من تقبل شهادته محررا مستوفى.
قوله : "ويصفون الزنى".
يقولون رأيناه غيب ذكره أو حشفته أو قدرها في
فرجها ولا يعتبر مع ذلك أن يذكروا المكان ولا
المزني بها على الصحيح من المذهب.
اختاره بن حامد وغيره.
ومال إليه المصنف والشارح وغيرهما.
وقيل يعتبر ذلك اختاره القاضي.
وأطلقهما الزركشي.
ولا يشترط ذكر الزمان قولا واحدا عند المصنف
والشارح وغيرهما.
وقال الزركشي وأجرى المجد الخلاف في الزمان
أيضا.
قوله : "ويجيئون في مجلس واحد سواء جاؤوا
متفرقين أو مجتمعين".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم سواء
صدقهم أو لا نص عليه.
وعنه لا يشترط أن يجيئوا في مجلس واحد.
قوله : "فإن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم أو
شهد ثلاثة وامتنع الرابع من الشهادة أو لم
يكملها فهم قذفة وعليهم الحد".
الصحيح من المذهب أنه إذا جاء بعضهم بعد أن
قام الحاكم وشهد في مجلس آخر حتى كمل النصاب
به أنهم قذفة.
قدمه في المغني والمحرر والشرح.
وقدمه وصححه في النظم.
(10/145)
وعنه لا يحدون
لكونهم أربعة ذكرها أبو الخطاب ومن بعده.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله : "فإن كانوا فساقا أو عميانا أو بعضهم
فعليهم الحد".
هذا المذهب.
قال القاضي هذا الصحيح.
قال في الكافي هذا أصح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه لا حد عليهم كمستور الحال ذكره المصنف
والشارح وكموت أحد الأربعة قبل وصفه الزنى.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه يحد العميان خاصة.
وأطلقهن الشارح.
ونقل مهنا إن شهد أربعة على رجل بالزنى أحدهم
فاسق فصدقهم أقيم عليه الحد.
تنبيه قوله : "وإن كان أحدهم زوجا حد الثلاثة
ولاعن الزوج إن شاء".
هذا مبني على المذهب في المسألة التي قبلها.
فأما على الرواية الأخرى فلا حد ولا لعان
بحال.
فائدة : لو شهد أربعة وإذا المشهود عليه مجبوب
أو رتقاء حدوا للقذف على الصحيح من المذهب.
جزم به في الرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره ونص عليه.
ونقل أبو النضر الشهود قذفة وقد أحرزوا
ظهورهم.
وإن شهدوا عليها فثبت أنها عذراء لم تحد هي
ولا هم ولا الرجل على الصحيح من المذهب نص
عليه.
جزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
وقال في الواضح تزول حصانتها بهذه الشهادة.
وأطلق ابن رزين في مجبوب ونحوه قولين بخلاف
العذراء.
(10/146)
قوله : "وإن
شهد اثنان أنه زنى بها في بيت أو بلد أو يوم
وشهد اثنان أنه زنى بها في بيت أو بلد أو يوم
آخر فهم قذفة وعليهم الحد" هذا المذهب.
قال في الفروع حدوا للقذف على الأصح.
وصححه الناظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
واختاره الخرقي وغيره.
وقدمه في الخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
وعنه لا يحدون اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في المحرر وغيره.
قال المجد ونقل مهنا عن الإمام أحمد رحمه الله
الرواية التي اختارها أبو بكر.
واستبعدها القاضي ثم تأولها تأويلا حسنا فقال
هذا محمول عندي على أن الأربعة اتفقوا على
أنهم شاهدوا زناه بهذه المرأة مرة واحدة وهم
مجتمعون ولم يشاهدوا غيرها ثم اختلفوا في
الزمان والمكان فهذا لا يقدح في أصل الشهادة
بالفعل ويكون حصل في التأويل سهو أو غلط في
الصفة.
وهذا التأويل ليس في كلام الإمام أحمد رحمه
الله ما يمنعه.
لكن في كلام أبي بكر ما يمنعه.
وبالجملة فهو قول جيد في نهاية الحسن وهو عندي
يشبه قول البينتين المتعارضتين في استعمالهما
في الجملة فيما اتفقا عليه دون ما اختلفا فيه
انتهى.
تنبيه: قال الزركشي محل الخلاف إذا شهدوا بزنى
واحد فأما إن شهدوا بزناءين لم تكمل وهم قذفة
حققه أبو البركات.
ومقتضى كلام أبي محمد جريان الخلاف وليس بشيء.
قلت وجزم بما قال المجد كثير من الأصحاب وقاله
في الفروع.
وقال في التبصرة والمستوعب وغيرهما ظاهر
الرواية الثانية الاكتفاء بشهادتهم بكونها
زانية وأنه لا اعتبار بالفعل الواحد.
وأما المشهود عليه فلا يحد على الصحيح من
المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يحد واختاره أبو بكر.
(10/147)
قال المصنف وهو
بعيد.
قال في الهداية والرواية الأخرى يلزم المشهود
عليهما الحد وهي اختيار أبي بكر.
قال وظاهر هذه الرواية أنه لا تعتبر شهادة
الأربعة على فعل واحد وإنما يعتبر عدد الشهود
في كونها زانية وفيها بعد انتهى.
قال في التبصرة والمستوعب وغيرهما ظاهر هذه
الرواية الاكتفاء بشهادتهم بكونها زانية وأنه
لا اعتبار بالفعل الواحد.
قوله : "وإن شهدا أنه زنى بها في زاوية بيت
وشهد الآخران أنه زنى بها في زاويته الأخرى أو
شهد أنه زنى بها في قميص أبيض وشهد الآخران
أنه زنى بها في قميص أحمر كملت شهادتهم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر
والقاضي.
وجزم به في المغني والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر
والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير
والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا تكمل كالتي قبلها.
وهو تخريج في الهداية وهو وجه لبعضهم.
فعليه هل يحدون للقذف على وجهين.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
وظاهر كلامه في الفروع أنهم يحدون على الصحيح
فإنه قال وقيل هي كالتي قبلها وهو ظاهر كلام
المصنف.
تنبيه: مراده بالبيت هنا البيت الصغير عرفا.
فأما إن كان كبيرا كان كالبيتين على ما تقدم.
قوله : "وإن شهدا أنه زنى بها مطاوعة وشهد
آخران أنه زنى بها مكرهة لم تكمل شهادتهم ولم
تقبل".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح اختاره أبو بكر والقاضي
وأكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة, والكافي
(10/148)
والهادي
والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير
والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب في الهداية ويقوى عندي أنه
يحد الرجل المشهود عليه ولا حد للمرأة والشهود
واختاره في التبصرة.
وذكر في الترغيب أنها لا تحد وفي الزاني
وجهان.
وقال في الواضح لا يحد واحد منهم.
أما الشهود فلأنه كمل عددهم على الفعل كما لو
اجتمعوا على وصف الوطء والمشهود عليه لم تكمل
شهادة الزنى في حقه كدون أربعة.
قوله : "وهل يحد الجميع أو شاهدا المطاوعة على
وجهين".
يعني على القول بعدم تكميل شهادتهم وعدم
قبولها وهو المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمغني ومسبوك
الذهب والشرح وغيرهم.
أما شاهدا المطاوعة فإنهما يحدان لقذف المرأة
بلا نزاع بين الأصحاب على القول بعدم القبول
والتكميل.
أحدهما: يحد شاهدا المطاوعة فقط لقذفها وهو
المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور.
وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني: يحد الجميع لقذف الرجل.
وجزم به في المنور أيضا ومنتخب الآدمي.
وقدم في الخلاصة أن الجميع يحدون لقذف الرجل
وصححه في التصحيح.
وأطلق في المحرر والفروع في وجوب الحد في قذف
الرجل الوجهين.
وهل يحد الجميع لقذف الرجل أو لا يحدون فيه
وجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
والفروع وغيرهم.
أحدهما: لا يحدون صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
والثاني: يحدون.
جزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
(10/149)
وقدمه في
الخلاصة وإدراك الغاية.
قلت وهو الصواب.
وتقدم قول أبي الخطاب وصاحب التبصرة والواضح.
تنبيه: تابع المصنف في عبارته أبا الخطاب في
الهداية.
فيكون تقدير الكلام فهل يحد الجميع لقذف الرجل
أو لا يحدون له أو يحد شاهدا المطاوعة لقذف
المرأة فقط فيه وجهان وفي العبارة نوع قلق.
قوله : "وإن شهد أربعة فرجع أحدهم قبل الحد
فلا شيء على الراجع ويحد الثلاثة".
فقط هذا إحدى الروايتين اختاره أبو بكر وبن
حامد.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في إدراك الغاية.
والرواية الثانية: يحد الراجع معهم أيضا.
قدمه في المحرر والنظم والكافي.
قال ابن رزين في شرحه حد الأربعة في الأظهر
وصححه في المغني.
قلت هذا المذهب لاتفاق الشيخين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين
والحاوي والفروع.
وخرجوا لا يحد سوى الراجع إذا رجع بعد الحكم
وقبل الحد وهو قول في النظم.
قال في الفروع واختار في الترغيب يحد الراجع
بعد الحكم وحده لأنه لا يمكن التحرز منه.
وظاهر المنتخب لا يحد أحد لتمامها بالحد.
فائدة : قال في الرعاية الكبرى وإن رجع
الأربعة حدوا في الأظهر كما لو اختلفوا في
زمان أو مكان أو مجلس أو صفة الزنى.
قوله : "وإن كان رجوعه بعد الحد فلا حد على
الثلاثة ويغرم الراجع ربع ما أتلفوه ويحد
وحده".
ويحد وحده يعني إن ورث حد القذف.
الصحيح من المذهب أن الراجع يحد إن قلنا يورث
حد القذف على ما تقدم في آخر خيار الشرط في
البيع.
(10/150)
وقطع به
أكثرهم.
وقدمه في الفروع.
ونقل أبو النضر عن الإمام أحمد رحمه الله لا
يحد لأنه ثابت.
قوله : "وإن شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة
فشهد أربعة آخرون على الشهود أنهم هم الزناة
بها لم يحد المشهود عليه وهل يحد الشهود
الأولون حد الزنى على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا
والمحرر والفروع.
إحداهما: يحد الشهود الأولون للزنى وهو الصحيح
من المذهب.
قال الناظم هذا الأشهر.
واختاره أبو بكر.
وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في المستوعب.
والرواية الثانية: لا يحدون للزنى.
اختاره أبو الخطاب وغيره.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني وشرح ابن رزين .
وعلى كلا الروايتين يحدون للقذف على إحدى
الروايتين.
وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية لا يحدون للقذف وهو ظاهر
كلام المصنف.
قدمه ابن رزين في شرحه.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع.
قوله : "وإن حملت من لا زوج لها ولا سيد لم
تحد بذلك بمجرده" هذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة
والمستوعب والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه تحد إذا لم تدع شبهة.
(10/151)
اختاره الشيخ
تقي الدين رحمه الله.
وهو ظاهر قصة عمر رضي الله عنه.
وذكر في الوسيلة والمجموع رواية أنها تحد ولو
ادعت شبهة.
(10/152)
باب القذف
تنبيه: ظاهر قوله ومن قذف محصنا فعليه جلد
ثمانين جلدة إن كان القاذف حرا وأربعين إن كان
عبدا.
أن هذا الحكم جار ولو عتق قبل الحد وهو صحيح
وهو المذهب ولا أعلم فيه خلافا.
تنبيه: ثان يشترط في صحة قذف القاذف أن يكون
مكلفا وهو العاقل البالغ فلا حد على مجنون ولا
مبرسم ولا نائم ولا صبي.
وتقدم حكم قذف السكران في أول كتاب الطلاق.
ويصح قذف الأخرس إذا فهمت إشارته.
جزم به في الرعاية.
وفي اللعان ما يدل على ذلك.
فائدة : لو كان القاذف معتقا بعضه حد بحسابه
على الصحيح من المذهب.
وقيل هو كعبد.
قال الزركشي لو قيل بالعكس لاتجه يعني أنه
كالحر انتهى.
قلت وهو ضعيف لأن الحد يدرأ بالشبهة.
قوله : "وهل حد القذف حق لله أو للآدمي على
روايتين".
وهذه المسألة من جملة ما زيد في الكتاب.
إحداهما: هو حق للآدمي وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والكافي وغيرهما.
وصححه في النظم وغيره.
(10/152)
قال الزركشي هو
المنصوص المختار للأصحاب.
وقال هو مقتضى ما جزم به المجد وهو الصواب
انتهى.
الثانية: هو حق لله.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى المذهب يسقط الحد بعفوه عنه بعد طلبه.
وقال القاضي وأصحابه يسقط بعفوه عنه لا عن
بعضه.
وعلى الثانية لا يسقط.
وعليهما لا يحد ولا يجوز أن يعرض له إلا بطلب.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله إجماعا.
قال في الفروع ويتوجه على الثانية وبدونه.
ولو قال اقذفني فقذفه عزر على المذهب ويحد على
الثانية.
وصحح في الترغيب وعلى الأولة أيضا.
ويأتي ذلك في كلام المصنف.
فائدة : ليس للمقذوف استيفاؤه بنفسه على
الصحيح من المذهب.
وذكره ابن عقيل إجماعا وأنه لو فعل لم يعتد
به.
وعلله القاضي بأنه يعتبر نية الإمام أنه حد.
وقال أبو الخطاب له استيفاؤه بنفسه.
وقال في البلغة لا يستوفيه بدون الإمام فإن
فعل فوجهان.
وقال هذا في القذف الصريح وأن غيره يبرأ به
سرا على خلاف في المذهب.
وذكر جماعة على الرواية الثانية لا يستوفيه
إلا الإمام.
وتقدم في كتاب الحدود هل يستوفى حد الزنى من
نفسه.
قوله : "وقذف غير المحصن يوجب التعزير".
هذا المذهب مطلقا.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر
والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وعنه يحد قاذف أم الولد كالملاعنة.
(10/153)
وعنه يحد قاذف
أمة أو ذمية لها ولد أو زوج مسلمان.
وقال ابن عقيل إن قذف كافرا لا ولد له مسلم لم
يحد على الأصح.
فائدتان :
إحداهما: لا يحد والد لولده على الصحيح من
المذهب.
قاله في المحرر وغيره.
وجزم به بن البنا والمصنف في المغني والكافي
والشارح ونصراه.
وقدمه الزركشي.
ونص عليه في الولد في رواية ابن منصور وأبي
طالب.
وقال في الترغيب والرعايتين والحاوي وغيرهم لا
يحد أب وفي أم وجهان انتهوا.
والجد والجدة وإن علوا كالأبوين ذكره بن
البنا.
ويحد الابن بقذف كل واحد منهم على الصحيح من
المذهب.
وقيل لا يحد بقذفه أباه أو أخاه.
الثانية: يحد بقذف على وجه الغيرة بفتح الغين
المعجمة على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويتوجه احتمال لا يحد وفاقا
لمالك رحمه الله وأنها عذر في غيبة ونحوها.
وتقدم كلام ابن عقيل والشيخ تقي الدين رحمهما
الله.
قوله : "والمحصن هو الحر المسلم العاقل العفيف
الذي يجامع مثله".
زاد في الرعاية والوجيز الملتزم وهذا المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز
وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع
وغيرهم.
وقال في المبهج لا مبتدع.
وقال في الإيضاح لا مبتدع ولا فاسق ظهر فسقه.
وقال في الانتصار لا يحد بقذف فاسق.
تنبيهات
أحدها: مفهوم قوله المحصن هو الحر المسلم أن
الرقيق والكافر غير محصن فلا يحد بقذفه وهو
صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة عندي يحد بقذف
العبد وهو أشبه بالمذهب لعدالته فهو
(10/154)
أحسن حالا من
الفاسق بغير الزنى انتهى.
وعنه يحد بقذف أم الولد قطع به الشيرازي.
وعنه يحد بقذف أمة وذمية لها ولد أو زوج مسلم
كما تقدم قريبا.
وقيل يحد العبد بقذف العبد ولا عمل عليه.
فعلى المذهب يعزر القاذف على المذهب مطلقا.
وعنه لا يعزر لقذف كافر.
الثاني: شمل كلامه الخصي والمجبوب وهو صحيح.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
الثالث: مراده بالعفيف هنا العفيف عن الزنى
ظاهرا على الصحيح من المذهب.
قال ناظم المفردات:
وقاذف المحصن فيما يبدو، وإن زنى فقاذف يحد.
وقيل هو العفيف عن الزنى ووطء لا يحد به لملك
أو شبهة.
وأطلقهما الزركشي.
وقال ولعله مبني على أن وطء الشبهة هل يوصف
بالتحريم أم لا.
قلت تقدم الخلاف في ذلك في باب المحرمات في
النكاح.
وقيل يجب البحث عن باطن عفة.
فائدة : لا يختل إحصانه بوطئه في حيض وصوم
وإحرام قاله في الترغيب.
قوله : "وهل يشترط البلوغ على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي وشرح ابن منجا
والزركشي والمحرر والفروع وغيرهم.
إحداهما: لا يشترط بلوغه بل يكون مثله يطأ أو
يوطأ وهو المذهب.
قال أبو بكر لا يختلف قول أبي عبد الله رحمه
الله أنه يحد قاذفه إذا كان بن عشرة أو اثنتي
عشرة سنة.
قال في الترغيب هذه أشهرهما.
قال في القواعد الأصولية أشهرهما يجب الحد.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ونظم المفردات والقاضي
والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم والشيرازي
وابن البنا وابن عقيل في التذكرة.
(10/155)
وهو مقتضى كلام
الخرقي.
وقدمه في الهادي والنظم والرعايتين وإدراك
الغاية والحاوي الصغير.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية: يشترط البلوغ.
قال في العمدة والمنور ومنتخب الآدمي ونهاية
ابن رزين والمحصن هو الحر المسلم البالغ
العفيف.
وقيل إن هذه الرواية مخرجة لا منصوصة.
فعلى المذهب لا يقام الحد على القاذف حتى يبلغ
المقذوف ويطالب به بعده.
وعلى المذهب أيضا يشترط أن يكون الغلام بن عشر
والجارية بنت تسع كما قاله المصنف بعد ذلك
وقاله الأصحاب.
فائدة : لو قذف عاقلا فجن أو أغمي عليه قبل
الطلب لم يقم عليه الحد حتى يفيق ويطالب فإن
كان قد طالب ثم جن أو أغمي عليه جازت إقامته.
ولو قذف غائبا اعتبر قدومه وطلبه إلا أن يثبت
أنه طالب به في غيبته فيقام على المذهب.
وقيل لا يقام لاحتمال عفوه قاله الزركشي.
قوله: "وإن قال زنيت وأنت صغيرة وفسره بصغر عن
تسع سنين".
لم يحد ولكن يعزر.
زاد المصنف إذا رآه الإمام وأنه لا يحتاج إلى
طلب لأنه لتأديبه.
فائدة : لو أنكر المقذوف الصغر حال القذف فقال
القاضي يقبل قول القاذف.
فإن أقاما بينتين وكانتا مطلقتين أو مؤرختين
تاريخين مختلفين فهما قذفان موجب أحدهما
التعزير والآخر الحد.
وإن بينا تاريخا واحدا وقالت إحداهما وهو صغير
وقالت الأخرى وهو كبير تعارضتا وسقطتا.
وكذلك لو كان تاريخ بينة المقذوف قبل تاريخ
بينة القاذف قاله المصنف والشارح وغيرهما.
قوله : "وإلا خرج على الروايتين".
يعني المتقدمتين في اشتراط البلوغ وعدمه.
(10/156)
قوله : "وإن
قال لحرة مسلمة زنيت وأنت نصرانية أو أمة ولم
تكن كذلك فعليه الحد".
وإن لم يثبت وأمكن فروايتان.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم
والفروع.
إحداهما: يحد وهو الصحيح.
قال في الرعايتين حد على الأصح.
وقدمه في الحاوي الصغير.
وجزم به في المستوعب.
والرواية الثانية: لا يحد.
تنبيه: مفهوم قوله وإن لم يثبت وأمكن أنه إذا
ثبت لا يحد وهو صحيح.
قال في الرعايتين وإن لم يثبتا لم يحد على
الأصح.
وكذا قال في الحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع.
وعنه يحد.
فوائد
إحداها: وكذا الحكم لو قذف مجهولة النسب وادعى
رقها وأنكرته ولا بينة خلافا ومذهبا.
قاله المجد والناظم وبن حمدان وغيرهم.
وقدم المصنف والشارح هنا أنه يحد.
وصححه في الرعايتين وقدمه في الحاوي وهو
المذهب.
واختار أبو بكر أنه لا يحد.
الثانية: لو قال زنيت وأنت مشركة فقالت أردت
قذفي بالزنى والشرك معا فقال بل أردت قذفك
بالزنى إذ كنت مشركة فالقول قول القاذف على
الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب وغيره.
قال الزركشي هذا أصح الروايتين وأنصهما.
وعنه يحد.
اختاره القاضي وقدمه في الخلاصة.
وأطلقهما في الشرح والنظم.
الثالثة: لو قال لها يا زانية ثم ثبت زناها في
حال كفرها لم تحد على الصحيح من
(10/157)
المذهب كثبوته
في إسلام.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المبهج: إن قذفه بما أتى في الكفر حد
لحرمة الإسلام.
وسأله ابن منصور رجل رمى امرأة بما فعلت في
الجاهلية قال يحد.
قوله : "وإن كانت كذلك وقالت أردت قذفي في
الحال فأنكرها فعلى وجهين".
وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع والزركشي
والمستوعب.
أحدهما: لا يحد.
اختاره أبو الخطاب في الهداية وابن البناء.
وصححه في التصحيح وابن منجا في شرحه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني وغيره.
والوجه الثاني: يحد اختاره القاضي.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في المستوعب اختاره الخرقي.
وقال في الفروع ويتوجه مثله إن أضافه إلى
جنون.
وقال في الترغيب إن كان ممن يجن لم يحد بقذفه.
وقال في المغني والشرح إن ادعى أنه كان مجنونا
حين قذفه فأنكر وعرف له حالة جنون وإفاقة
فوجهان.
فائدة: لو قذف بن الملاعنة حد نص عليه.
وكذا لو قذف الملاعنة نفسها وولد الزنى قاله
الأصحاب.
قوله : "ومن قذف محصنا فزال إحصانه قبل إقامة
الحد لم يسقط الحد عن القاذف".
نص عليه وعليه الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
حكم حاكم بوجوبه أو لا قاله الأصحاب.
وهو من المفردات أيضا.
(10/158)
قوله : "والقذف
محرم إلا في موضعين.
أحدهما: أن يرى امرأته تزني في طهر لم يصبها
فيه".
زاد في الترغيب ولو دون الفرج.
وقال في المغني وغيره أو تقر به فيصدقها.
قوله : "فيعتزلها وتأتي بولد يمكن أن يكون من
الزاني فيجب عليه قذفها ونفي ولدها". بلا
نزاع.
وقال في المحرر وغيره وكذا لو وطئها في طهر
زنت فيه وظن الولد من الزاني.
وقال في الترغيب نفيه محرم مع التردد فإن ترجح
النفي بأن استبرأ بحيضة فوجهان واختار جوازه
مع أمارة الزنى ولا وجوب.
ولو رآها تزني واحتمل أن يكون من الزنى حرم
نفيه ولو نفاه ولاعن انتفيا.
قوله : "والثاني أن لا تأتي بولد يجب نفيه".
يعني يراها تزني ولا تأتي بولد يجب نفيه.
"أو استفاض زناها في الناس أو أخبره به ثقة أو
رأى رجلا يعرف بالفجور يدخل إليها".
زاد في الترغيب فقال: "يدخل إليها خلوة".
واعتبر في المغني والشرح هنا استفاضة زناها
وقدما أنه لا يكفي استفاضة بلا قرينة.
وقوله: "فيباح قذفها ولا يجب".
قال الأصحاب فراقها أولى من قذفها.
واختار أبو محمد الجوزي أن القذف المباح أن
يراها تزني أو يظنه ولا ولد.
وتقدم في أول "كتاب الطلاق" من يستحب طلاقها
ومن يكره ومن يباح.
قوله : "وإن أتت بولد يخالف لونه لونهما لم
يبح نفيه بذلك".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال أبو الخطاب ظاهر كلامه إباحته.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يكن ثم قرينة فإن
كان ثم قرينة فإنه يباح نفيه.
قوله : "فصل وألفاظ القذف تنقسم إلى صريح
وكناية فالصريح قوله يا زاني يا عاهر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب ولا يقبل قوله أردت
يا زاني العين ولا يا عاهر اليد.
(10/159)
وقال في
التبصرة لم يقبل مع سبقه ما يدل على قذف صريح
وإلا قبل.
قوله : "وإن قال يا لوطي أو يا معفوج فهو
صريح".
إذا قال له "يا لوطي" فهو صريح على الصحيح من
المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه جماهير
الأصحاب.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال الزركشي عليه عامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه المصنف وغيره.
وعنه صريح مع الغضب ونحوه دون غيره.
وقال الخرقي إذا قال أردت أنك من قوم لوط فلا
حد عليه.
قال المصنف وهو بعيد.
قال في الهداية إذا قال: "أردت أنك من قوم
لوط" هذا لا يعرف انتهى.
وكذا لو قال نويت أن دينه دين قوم لوط وهو
رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وإذا قال يا معفوج فهو صريح أيضا على الصحيح
من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الإمام أحمد رحمه الله يحد به.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل إنه كناية ويحتمله كلام الخرقي.
وعليه جرى المصنف والمجد.
قوله : "وإن قال أردت أنك تعمل عمل قوم لوط
غير إتيان الرجال احتمل وجهين".
بناء على الروايتين المنصوصتين المتقدمتين قبل
ذلك.
فإن قلنا هو هناك صريح لم يقبل قوله في تفسيره
هنا وإلا قبل.
وهذه طريقة المصنف والشارح.
وقيل الوجهان على غير قول الخرقي.
أما على قول الخرقي فيقبل منه بطريق أولى.
(10/160)
قال الزركشي
هذا هو التحقيق تبعا لأبي البركات يعني المجد
في المحرر.
فائدة : ومن الألفاظ الصريحة قوله يا منيوك أو
يا منيوكة لكن لو فسر قوله يا منيوكة بفعل
الزوج لم يكن قذفا ذكره في التبصرة
والرعايتين.
واقتصر عليه في الفروع.
قلت لو قيل إنه قذف بقرينة غضب وخصومة ونحوهما
لكان متجها.
قوله وإن قال لست بولد فلان فقد قذف أمه.
إلا أن يكون منفيا بلعان لم يستلحقه أبوه ولم
يفسره بزنى أمه وهذا المذهب.
قدمه في المغني والشرح والفروع.
وقيل ليس بقذف لأمه.
فائدتان
إحداهما: وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو نفاه من
قبيلته.
وقال المصنف القياس يقتضي أنه لا يجب الحد
بنفي الرجل عن قبيلته.
الثانية: لو قذف بن الملاعنة حد نص عليه.
وتقدم ذلك قريبا.
قوله : "وإن قال لست بولدي فعلى وجهين".
وأطلقهما في المغني والشرح.
أحدهما : ليس بقذف إذا فسره بما يحتمله فيكون
كناية وهو الصحيح من المذهب نص عليه.
اختاره القاضي وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع
وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
والوجه الثاني : هو قذف بكل حال فيكون صريحا.
قوله : "وإن قال أنت أزنى الناس أو أزنى من
فلانة أو قال لرجل يا زانية أو لامرأة يا زاني
أو قال زنت يداك أو رجلاك فهو صريح في القذف
في قول أبي بكر".
إذا قال أنت أزنى الناس أو من فلانة أو قال له
يا زانية أو لها يا زاني فهو صريح
(10/161)
في القذف على
الصحيح من المذهب.
اختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وليس بصريح عند ابن حامد.
فعلى الأول: في قذف فلانة وجهان وأطلقهما في
الفروع.
أحدهما : ليس بقاذف لها قدمه في الكافي.
قال في الرعاية وهو أقيس.
والثاني : هو قذف أيضا لها قدمه في الرعاية.
وإذا قال زنت يداك أو رجلاك فهو صريح في القذف
في قول أبي بكر.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين.
وليس بصريح عند ابن حامد وهو المذهب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب واختاراه.
قال في الخلاصة لم يكن قذفا في الأصح.
وأطلقهما في الفروع وبناهما على أن قوله للرجل
يا زانية وللمرأة يا زاني صريح.
فائدة : وكذا الحكم لو قال زنت يدك أو رجلك
وكذا قوله زنى بدنك قاله في الرعاية.
وكذا قوله زنت عينك قاله في الترغيب.
وقال في المغني وغيره لا شيء عليه بقوله زنت
عينك وهو صحيح من المذهب والصواب.
قوله : "وإن قال زنأت في الجبل مهموزا فهو
صريح عند أبي بكر" وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الفروع.
وقال ابن حامد إن كان يعرف العربية لم يكن
صريحا.
ويقبل منه قوله أردت صعود الجبل.
(10/162)
قال في الهداية
وهو قياس قول إمامنا إذا قال لزوجته بهشتم إن
كان لا يعرف أنه طلاق لم يلزمه الطلاق.
قوله : "وإن لم يقل في الجبل فهل هو صريح أو
كالتي قبلها على وجهين".
يعني على قول ابن حامد.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر والنظم
والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما: هو صريح وهو المذهب.
صححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: حكمها حكم التي قبلها.
وقيل لا قذف هنا.
قال في الفروع ويتوجه مثلها لفظة علق ذكرها
الشيخ تقي الدين رحمه الله صريحة.
ومعناه قول ابن رزين كل ما يدل عليه عرفا.
قوله : "والكناية نحو قوله لامرأته قد فضحتيه
وغطيت أو نكست رأسه وجعلت له قرونا أو علقت
عليه أولادا من غيره وأفسدت فراشه أو يقول لمن
يخاصمه يا حلال بن الحلال ما يعرفك الناس
بالزنى يا عفيف أو يا فاجرة يا قحبة يا
خبيثة".
وكذا قوله يا نظيف يا خنيث بالنون وذكره بعضهم
بالباء ذكره في الفروع.
أو يقول لعربي يا نبطي يا فارسي يا رومي.
أو يقول لأحدهم يا عربي أو ما أنا بزان أو ما
أمي بزانية.
أو يسمع رجلا يقذف رجلا فيقول صدقت أو أخبرني
فلان أنك زنيت.
أو أشهدني فلان أنك زنيت وكذبه الآخر.
فهذا كناية إن فسره بما يحتمله غير القذف قبل
قوله في أحد الوجهين وهما روايتان وهو المذهب.
صححه في المغني والشرح والتصحيح.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
واختاره أبو بكر.
(10/163)
وجزم به في
الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع.
وعنه يقبل قوله بقرينة ظاهرة.
وفي الآخر جميعه صريح.
اختاره القاضي وجماعة كثيرة من أصحابه.
وذكره في التبصرة عن الخرقي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب.
وعنه لا يحد إلا بنيته.
اختاره أبو بكر وغيره.
وذكر في الانتصار رواية أنه لا يحد إلا
بالصريح.
واختار ابن عقيل أن ألفاظ الكنايات مع دلالة
الحال صرائح.
فوائد
الأولى وكذا الحكم والخلاف لو سمع رجلا يقذف
فقال صدقت كما تقدم.
لكن لو زاد على ذلك فقال صدقت فيما قلت فقيل
حكمه حكم الأول.
قدمه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي
الصغير.
وقيل يحد بكل حال.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما في الفروع.
الثانية القرينة هنا ككناية الطلاق.
قال في الفروع ذكره جماعة.
وقال في الترغيب هو قذف بنية ولا يحلف منكرها.
وفي قيام قرينة مقام النية ما تقدم فيلزمه
الحد باطنا بالنية وفي لزوم إظهارها وجهان وأن
على القول بأنه صريح يقبل تأويله.
وقال في الانتصار لو قال أحدكما زان فقال
أحدهما أنا فقال لا أنه قذف للآخر.
وذكره في المفردات أيضا.
الثالثة لو قال لامرأته في غضب اعتدى وظهرت
منه قرائن تدل على إرادته التعريض بالقذف أو
فسره به وقع الطلاق وهل يحد ذكر ابن عقيل في
المفردات وجهين.
وجزم في عمد الأدلة أنه يحد.
(10/164)
ذكره في
القاعدة الخامسة عشر.
الرابعة حيث قلنا لا يحد بالتعريض فإنه يعزر
نقله حنبل.
وذكره جماعة منهم أبو الخطاب وأبو يعلى.
الخامسة يعزر بقوله يا كافر يا فاجر يا حمار
يا تيس يا رافضي يا خبيث البطن أو الفرج يا
عدو الله يا ظالم يا كذاب يا خائن يا شارب
الخمر يا مخنث.
نص على ذلك.
وقيل يا فاسق كناية ويا مخنث تعريض.
ويعزر أيضا بقوله يا قرنان يا قواد ونحوها.
وسأله حرب عن ديوث فقال يعزر قلت هذا عند
الناس أقبح من الفرية فسكت.
وقال في المبهج يا ديوث قذف لامرأته.
قال إبراهيم الحربي الديوث هو الذي يدخل
الرجال على امرأته.
ومثله كشحان وقرطبان.
قال في الفروع ويتوجه في مأبون كمخنث.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله إن قوله يا
علق تعريض.
وتقدم أنه قال إنها صريحة.
وقال في الرعاية قوله لم أجدك عذراء كناية.
تنبيه : قوله : "وإن قذف أهل بلده أو جماعة لا
يتصور الزنى من جميعهم عزر ولم يحد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
قال أبو محمد الجوزي ليس ذلك بقذف لأنهم لا
عار عليهم بذلك ويعزر كسبهم بغيره.
قال في الفروع وظاهره ولو لم يطلبه أحد.
يؤيده أن في المغني جعل هذه المسألة أصلا لقذف
الصغيرة مع أنه قال لا يحتاج في التعزير إلى
مطالبة.
وفي مختصر ابن رزين ويعزر حيث لا حد.
قوله : "وإن قال لرجل اقذفني فقذفه فهل يحد
على وجهين".
مبنيين على الخلاف في حد القذف هل هو حق لله
أو للآدمي؟
(10/165)
وقد تقدم
المذهب في ذلك.
فإن قلنا هو حق للآدمي لم يحد ها هنا.
وإن قلنا هو حق لله حد.
وصحح في الترغيب أنه يحد أيضا على قولنا إنه
حق للآدمي.
قوله : "وإن قال لامرأته يا زانية فقالت بك
زنيت لم تكن قاذفة ويسقط عنه الحد بتصديقها".
نص عليه ولو قال زنى بك فلان كان قذفا لهما نص
عليه فيهما وهذا المذهب فيهما.
وخرج في كل واحد منهما حكم الأخرى.
وقال ابن منجا في شرحه وقال أبو الخطاب في
هدايته يكون الرجل قاذفا.
لها في المسألة الأولى لأنه نسبها إلى الزنى
وتصديقها لم ترد به حقيقة الفعل بدليل أنه لو
أريد به ذلك لوجب كونها قاذفة انتهى.
والذي قاله في الهداية أن المرأة لا تكون
قاذفة واقتصر عليه فلعله قال أبو الخطاب في
غير هدايته فسقط لفظة غير.
قوله : "وإذا قذفت المرأة لم يكن لولدها
المطالبة إذا كانت الأم في الحياة".
جزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا .
وقوله : "وإن قذفت وهي ميتة مسلمة كانت أو
كافرة حرة أو أمة حد القاذف إذا طالب الابن
وكان مسلما حرا ذكره الخرقي".
وهو المذهب وصححه في المحرر.
ونصره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والزركشي.
وقدمه في الشرح والفروع ونظم المفردات.
وقال أبو بكر لا يجب الحد بقذف ميتة.
وذكره المصنف ظاهر المذهب في غير أمهاته.
وقطع به في المبهج.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لو قذف أمه بعد موتها
والابن مشرك أو عبد أنه لا حد على قاذفها وهو
صحيح وهو ظاهر كلام الخرقي.
(10/166)
وقطع به المصنف
والشارح ونصراه.
فائدتان :
إحداهما لو قذف جدته وهي ميتة فقياس قول
الخرقي أنه كقذف أمه في الحياة والموت.
قاله المصنف والشارح واقتصرا عليه.
الثانية لو قذف أباه أو جده أو كان واحدا من
أقاربه غير أمهاته بعد موته لم يحد بقذفه في
ظاهر الخرقي والمصنف وغيرهما.
واقتصر عليه في المغني والشرح وهو قول أبي
بكر.
وظاهر كلامه في المحرر أن حد قذف الميت لجميع
الورثة حتى الزوجين وقال نص عليه.
والصحيح أن النص إنما هو في القذف الموروث لا
غير.
قوله : "وإن مات المقذوف سقط الحد".
إذا قذف قبل موته ثم مات فلا يخلو إما أن يكون
قد طالب أو لا.
فإن مات ولم يطالب سقط الحد بلا إشكال وعليه
الأصحاب ونص عليه.
وخرج أبو الخطاب وجها بالإرث والمطالبة.
وإن كان طالب به فالصحيح من المذهب أنه لا
يسقط وللورثة طلبه نص عليه وعليه الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في المحرر ومن قذف له موروث حي لم يكن له
أن يطالب في حياته بموجب قذفه فإن مات وقد ورث
أو قلنا يورث مطلقا صار للوارث بصفة ما كان
للموروث اعتبارا بإحصانه انتهى.
وقال في القواعد ويستوفيه الورثة بحكم الإرث
عند القاضي.
وقال ابن عقيل فيما قرأته بخطه إنما يستوفى
للميت بمطالبته منه ولا ينتقل وكذا الشفعة فيه
فإن ملك الوارث وإن كان طارئا على البيع إلا
أنه مبني على ملك موروثه انتهى.
وذكر في الانتصار رواية أنه لا يورث حد قذف
ولو طلبه مقذوف كحد الزنى.
وتقدم ذلك آخر خيار الشرط.
(10/167)
فائدتان
إحداهما حق القذف لجميع الورثه حتى أحد
الزوجين على الصحيح من المذهب ونص عليه الإمام
أحمد رحمه الله.
وقيل لهم سوى الزوجين وهو قول القاضي في موضع
من كلامه.
وقال في المغني هو للعصبة.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة يرثه الإمام أيضا
في قياس المذهب عند عدم الوارث.
وتقدم نظيره فيمن مات وعليه صوم أو غيره في
باب ما يكره وما يستحب وحكم القضاء.
الثانية لو عفا بعضهم حد للباقي كاملا على
الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
وقيل يسقط قاله في الفروع ولم أره لغيره.
وقال بن نصر الله في حواشي الفروع لعله وقيل
بقسطه انتهى.
قلت ويدل ما يأتي قريبا عليه.
وقال في الروضة إن مات بعد طلبه ملكه وارثه
فإن عفا بعضهم حد لمن طلب بقسطه وسقط قسط من
عفا بخلاف القذف إذا عفا بعض الورثة لأن القذف
لا يتبعض وهذا يتبعض.
قوله ومن قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم قتل
مسلما كان أو كافرا
هذا المذهب مطلقا.
يكفر المسلم بذلك وعليه الأصحاب.
وعنه إن تاب لم يقتل.
وعنه لا يقتل الكافر إذا أسلم.
وهي مخرجة من نصه في التفرقة بين الساحر
المسلم والساحر الذمي على ما يأتي.
قال في المنثور وهذا كافر قتل من سبه فيعايى
بها.
وأطلقهما في الرعاية.
فائدتان
إحداهما قذف رسول الله عليه أفضل الصلاة
والسلام كقذف أمه ويسقط سبه بالإسلام كسب الله
تعالى وفيه خلاف في المرتد.
(10/168)
قاله المصنف
وغيره.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا من سب
نساءه لقدحه في دينه وإنما لم يقتلهم لأنهم
تكلموا قبل علمه ببراءتها وأنها من أمهات
المؤمنين رضي الله تعالى عنهن لإمكان المفارقة
فتخرج بالمفارقة من أمهات المؤمنين وتحل لغيره
في وجه.
وقيل لا وقيل في غير مدخول بها.
الثانية اختار بن عبدوس في تذكرته كفر من سب
أم نبي من الأنبياء أيضا غير نبينا صلوات الله
وسلامه عليهم أجمعين كأم نبينا سواء عنده.
قلت وهو عين الصواب الذي لا شك فيه ولعله
مرادهم وتعليلهم يدل عليه ولم يذكروا ما
ينافيه.
قوله: "وإن قذف الجماعة بكلمة واحدة فحد واحد
إذا طالبوا أو واحد منهم".
فيحد لمن طلب ثم لا حد بعده على الصحيح من
المذهب.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
والفروع وغيرهم.
وعنه إن طالبوا متفرقين حد لكل واحد حدا وإلا
حد واحد.
وعنه يحد لكل واحد حدا مطلقا.
وعنه إن قذف امرأته وأجنبية تعدد الواجب هنا.
اختاره القاضي وغيره كما لو لاعن امرأته.
قوله: "وإن قذفهم بكلمات حد لكل واحد حدا".
هذا المذهب مطلقا.
قال في الفروع تعدد الحد على الأصح.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والمنور
ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
(10/169)
وعنه حد واحد.
وعنه إن تعدد الطلب تعدد الحد وإلا فلا.
تنبيه: محل ذلك إذا كانوا جماعة يتصور منهم
الزنى أما إن كان لا يتصور من جميعهم فقد تقدم
ذلك.
قوله وإن حد للقذف فأعاده لم يعد عليه الحد.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ولو بعد
لعانه زوجته.
وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يتعدد مطلقا.
وقيل يحد إن كان حدا أو لاعن.
نقله حنبل واختاره أبو بكر.
فوائد
الأولى متى قلنا لا يحد هنا فإنه يعزر وعلى
كلا الروايتين لا لعان على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الترغيب يلاعن إلا أن يقذفها بزنى
لاعن عليه مرة واعترف أو قامت البينة.
وقال ابن عقيل يلاعن لنفي التعزير.
الثانية لو قذفه بزنى آخر بعد حده فعنه يحد
وعنه لا يحد.
وعنه يحد مع طول الزمن.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن
رزين والنظم وقال يحد مع قرب الزمان في
الأولى.
وأطلق الأخيرتين في المغني والكافي والشرح
والرعاية.
وأطلقهن في الفروع.
وقال في الرعاية وإن قذفه بزنى آخر عقب هذا
فروايتان.
إحداهما يجب حدان.
(10/170)
والثانية حد
وتعزير.
وإن قذفه بعد مدة حد على الأصح.
قال ابن عقيل إن قذف أجنبية ثم نكحها قبل حده
فقذفها فإن طالبت بأولهما فحد ففي الثاني
روايتان.
وإن طالبت بالثاني فثبت ببينة أو لاعن لم يحد
للأول.
الثالثة من تاب من الزنى ثم قذف حد قاذفه على
الصحيح من المذهب.
وقيل يعزر فقط.
واختار في الترغيب يحد بقذفه بزنى جديد لكذبه
يقينا.
الرابعة لو قذف من أقرت بالزنى مرة وفي المبهج
أربعا أو شهد به اثنان أو شهد أربعة بالزنى
فلا لعان ويعزر على الصحيح من المذهب.
وقال في المستوعب لا يعزر.
الخامسة لا يشترط لصحة توبة من قذف وغيبته
ونحوهما إعلامه والتحلل منه على الصحيح من
المذهب.
وقال القاضي والشيخ عبد القادر يحرم إعلامه.
ونقل مهنا لا ينبغي أن يعلمه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله والأشبه أنه
يختلف.
وعنه يشترط لصحتها إعلامه.
قلت وهي بعيدة على إطلاقها.
وقيل إن علم به المظلوم وإلا دعا له واستغفر
ولم يعلمه.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله عن أكثر
العلماء قال وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب
الاعتراف لو سأله فيعرض ولو مع استحلافه لأنه
مظلوم لصحة توبته ومن جوز التصريح في الكذب
المباح فهنا فيه نظر ومع عدم التوبة والإحسان
تعريضه كذب ويمينه غموس.
قال واختيار أصحابنا لا يعلمه بل يدعو له في
مقابلة مظلمته.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا وزناه
بزوجة غيره كالغيبة.
قلت بل أولى بكثير.
والذي لا شك فيه أنه يتعين عليه أن لا يعلمه
وإن أعلمه بالغيبة فإن ذلك يفضي في الغالب إلى
أمر عظيم وربما أفضى إلى القتل.
وذكر الشيخ عبدالقادر في الغنية إن تأذى
بمعرفته كزناه بجاريته وأهله وغيبته بعيب خفي
(10/171)
يعظم أذاه به
فهنا لا طريق إلا أن يستحله ويبقى عليه مظلمة
ما فيجبره بالحسنات كما تجبر مظلمه الميت
والغائب انتهى.
وذكر ابن عقيل في زناه بزوجة غيره احتمالا
لبعضهم لا يصح إحلاله منه لأنه مما لا يستباح
بإباحته ابتداء.
قلت وعندي أنه يبرأ وإن لم يملك إباحتها
ابتداء كالذم والقذف.
قال وينبغي استحلاله فإنه حق آدمي.
قال في الفروع فدل كلامه أنه لو أصبح فتصدق
بعرضه على الناس لم يملكه ولم يبح وإسقاط الحق
قبل وجود سببه لا يصح وإذنه في عرضه كإذنه في
قذفه هي كإذنه في دمه وماله.وفي طريقة بعض
أصحابنا ليس له إباحة المحرم ولهذا لو رضي بأن
يشتم أو يغتاب لم يبح ذلك انتهى.
فإن أعلمه بما فعل ولم يبينه فحلله فهو كإبراء
من مجهول على الصحيح من المذهب.
وقال في الغنية لا يكفي الاستحلال المبهم
لجواز أنه لو عرف قدر ظلمه لم تطب نفسه
بالإحلال إلى أن قال فإن تعذر فيكثر الحسنات
فإن الله يحكم عليه ويلزمه قبول حسناته مقابلة
لجنايته عليه كمن أتلف مالا فجاء بمثله وأبى
قبوله وأبرأه حكم الحاكم عليه بقبضه.
(10/172)
باب حد المسكر.
قوله: "كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام من أي
شيء كان ويسمى خمرا".
هذا المذهب مطلقا نص عليه في رواية الجماعة
وعليه الأصحاب.
وأباح إبراهيم الحربي من نقيع التمر إذا طبخ
ما دون السكر.
قال الخلال فتياه على قول أبي حنيفة.
وذكر أبو الخطاب في ضمن مسألة جواز التعبد
بالقياس أن الخمر إذا طبخ لم يسم خمرا ويحرم
إذا حدثت فيه الشدة المطربة.
ثم صرح في منع ثبوت الأسماء بالقياس أن الخمر
إنما سمي خمرا لأنه عصير العنب المشتد ولهذا
يقول القائل أمعك نبيذ أم خمر.
قال وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: " الخمر
من هاتين الشجرتين ", وقول عمر رضي الله عنه
الخمر ما خامر العقل مجاز لأنه يعمل عملها من
وجه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن قصد بذلك
نفي الاسم في الحقيقة اللغوية دون الشرعية فله
مساغ فإن مقصودنا يحصل بأن يكون اسم الخمر في
الشرع: يعم الأشربة
(10/172)
المسكرة وإن
كانت في اللغة أخص.
وإن ادعى أن الاسم الحقيقي مسلوب مطلقا فهذا
مع مخالفته لنص الإمام أحمد رحمه الله خلاف
الكتاب والسنة وهو تأسيس لمذهب الكوفيين
ويترتب عليه إذا حلف أن لا يشرب خمرا انتهى.
وعنه لا يحد باليسير المختلف فيه.
ذكرها بن الزاغوني في الواضح.
نقلها بن أبي المجد في مصنفه عنه.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وجوب الحد
بأكل الحشيشة القنبية.
وقال هي حرام سواء سكر منها أو لم يسكر والسكر
منها حرام باتفاق المسلمين وضررها من بعض
الوجوه أعظم من ضرر الخمر.
قال ولهذا أوجب الفقهاء بها الحد كالخمر.
وتوقف بعض المتأخرين في الحد بها وإن أكلها
يوجب التعزير بما دون الحد فيه نظر إذ هي
داخلة في عموم ما حرم الله وأكلتها ينتشون
عنها ويشتهونها كشراب الخمر وأكثر وتصدهم عن
ذكر الله.
وإنما لم يتكلم المتقدمون في خصوصها لأن أكلها
إنما حدث في أواخر المائة السادسة أو قريبا من
ذلك فكان ظهورها مع ظهور سيف جنكيزخان انتهى.
قوله: "ولا يحل شربه للذة ولا للتداوي ولا
لعطش ولا غيره إلا أن يضطر إليه لدفع لقمة غص
بها فيجوز".
يعني إذا لم يجد غيره بدليل قوله إلا أن يضطر
إليه.
قال في الفروع وخاف تلفا.
فائدة : لو وجد بولا والحالة هذه قدم على
الخمر لوجوب الحد بشربه دون البول فهو أخف
تحريما.
وقطع به صاحب المستوعب والفروع وغيرهما.
ولو وجد ماء نجسا قدم عليهما.
قوله: "ومن شربه مختارا عالما أن كثيره يسكر
قليلا كان أو كثيرا فعليه الحد ثمانون جلدة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به الخرقي وابن عقيل في التذكرة
والشيرازي وصاحب الوجيز والمنور,
(10/173)
ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والخلاصة والنظم والرعايتين
والحاوي الصغير والفروع وإدراك الغاية ونهاية
ابن رزين وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه أربعون.
اختاره أبو بكر والمصنف والشارح.
وجزم به في العمدة والتسهيل.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والهادي والكافي والمذهب الأحمد.
وجوز الشيخ تقي الدين رحمه الله الثمانين
للمصلحة وقال هي الرواية الثانية.
فالزيادة عنده على الأربعين إلى الثمانين ليست
واجبة على الإطلاق ولا محرمة على الإطلاق بل
يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام كما جوزنا له
الاجتهاد في صفة الضرب فيه بالجريد والنعال
وأطراف الثياب بخلاف بقية الحدود انتهى.
قال الزركشي قلت وهذا القول هو الذي يقوم عليه
الدليل.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا يقتل
شارب الخمر في الرابعة عند الحاجة إلى قتله
إذا لم ينته الناس بدونه انتهى.
وتقدم في كتاب الحدود أنه لا يحد حتى يصحو.
تنبيه: مفهوم قوله مختارا أن غير المختار
لشربها لا يحد وهو المكره وهو صحيح وهو المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر كلام كثير منهم.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وصححه الناظم وغيره.
وقدمه الزركشي وغيره.
وعنه عليه الحد.
اختاره أبو بكر في التنبيه.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي
الصغير.
وظاهر كلامه في الفروع أن محل الخلاف إذا قلنا
يحرم شربها.
فوائد .
الأولى إذا أكره على شربها حل شربها على
الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وعنه لا يحل.
(10/174)
اختاره أبو
بكر.
ذكرهما القاضي في التعليق وقال كما لا يباح
لمضطر.
الثانية الصبر على الأذى أفضل من شربها نص
عليه.
وكذا كل ما جاز فعله للمكره.
ذكره القاضي وغيره.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله رخص أكثر
العلماء فيما يكره عليه من المحرمات لحق الله
كأكل الميتة وشرب الخمر.
وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
الثالثة قوله عالما بلا نزاع.
لكن لو ادعى أنه جاهل بالتحريم مع نشوئه بين
المسلمين لم يقبل وإلا قبل.
ولا تقبل دعوى الجهل بالحد قاله بن حمدان.
الرابعة لو سكر في شهر رمضان جلد ثمانين حدا
وعشرين تعزيرا نقله صالح.
ونقل حنبل يغلظ عليه كمن قتل في الحرم.
واختاره بعض الأصحاب ذكره الزركشي.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير إذا سكر في
رمضان غلظ حده.
واختار أبو بكر يعزر بعشرة فأقل.
وقال المصنف في المغني عزر بعشرين لفطره.
الخامسة يحد من احتقن بها على الصحيح من
المذهب نص عليه كما لو استعط بها أو عجن بها
دقيقا فأكله وقيل لا يحد من احتقن بها.
وقدمه في المغني والشرح واختاراه.
واختار أيضا أنه لا يحد إذا عجن به دقيقا
وأكله.
وقال في القاعدة الثانية والعشرين لو خلط خمرا
بماء واستهلك فيه ثم شربه لم يحد على المشهور
وسواء قيل بنجاسة الماء أو لا.
وفي التنبيه لأبي بكر من لت بالخمر سويقا أو
صبها في لبن أو ماء حار ثم شربها فعليه الحد.
ولم يفرق بين الاستهلاك وعدمه انتهى.
وأما إذا خبز العجين فإنه لا يحد بأكل الخبز
لأن النار أكلت أجزاء الخمر.
(10/175)
قاله الزركشي
وغيره.
ونقل حنبل يحد إن تمضمض به.
وكذا رواه بكر بن محمد عن أبيه في الرجل يستعط
بالخمر أو يحتقن به أو يتمضمض به أرى عليه
الحد ذكره القاضي في التعليق.
قاله الزركشي وهو محمول على أن المضمضة وصلت
إلى حلقه.
وذكر ما نقله حنبل في الرعاية قولا ثم قال وهو
بعيد.
وقال في المستوعب إن وصل جوفه حد.
قوله: "إلا الذمي فإنه لا يحد به بشربه في
الصحيح من المذهب".
وكذا قال في الهداية.
وكذا الحربي المستأمن.
وهذا المذهب كما قال وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع وغيره المذهب لا يحد.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في المذهب والخلاصة والمصنف وغيرهم.
قال في البلغة ولو رضي بحكمنا لأنه لم يلتزم
الانقياد في مخالفة دينه.
وعنه يحد الذمي دون الحربي.
وعنه يحد إن سكر اختاره في المحرر.
وقال في القواعد الأصولية وكلام طائفة من
الأصحاب يشعر ببناء هذه المسألة على أن الكفار
هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أم لا.
فقال الزركشي وقد تبنى الروايتان على تكليفهم
بالفروع لكن المذهب ثم قطعا تكليفهم بها.
قوله: "وهل يحد بوجود الرائحة على روايتين".
وأطلقهما في مسبوك الذهب وتجريد العناية
ونهاية بن رزين.
إحداهما لا يحد وهو المذهب صححه المصنف
والشارح وابن منجا في شرحه وصاحب الخلاصة
والتصحيح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الفصول والهداية والمذهب والكافي
والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وإدراك الغاية والفروع وغيرهم.
(10/176)
والرواية
الثانية يحد إذا لم يدع شبهة.
قال بن أبي موسى في الإرشاد هذه أظهر عن
الإمام أحمد رحمه الله.
واختارها بن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين
رحمه الله.
وقدمها في المستوعب.
وعنه يحد وإن ادعى شبهة.
ذكرها في الفروع.
وذكر هذه المسألة في آخر باب حد الزنى.
وأطلقهن في تجريد العناية.
ونقل الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله يؤدب
برائحته.
واختاره الخلال كالحاضر مع من يشربه نقله أبو
طالب.
فائدتان :
إحداهما لو وجد سكران وقد تقيأ الخمر فقيل
حكمه حكم الرائحة.
قدمه في الفصول.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
وقيل يحد هنا وإن لم نحده بالرائحة.
واختاره المصنف والشارح.
وهو ظاهر كلامه في الإرشاد.
وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
وأطلقهما في الفروع.
الثانية يثبت شربه للخمر بإقراره مرة على
الصحيح من المذهب كحد القذف.
جزم به في الفصول والمذهب والحاوي الصغير
والمغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
وعنه مرتين.
اختاره القاضي وأصحابه وصححه الناظم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين.
وجزم به في المنور وغيره.
(10/177)
وجعل أبو
الخطاب أن بقية الحدود لا تثبت إلا بإقراره
مرتين.
وقال في عيون المسائل في حد الخمر بمرتين وإن
سلمناه فلأنه لا يتضمن إتلافا بخلاف حد
السرقة.
قال في الفروع ولم يفرقوا بين حد القذف وغيره
إلا بأنه حق آدمي كالقود.
فدل على رواية فيه قال وهذا متجه.
ويثبت أيضا شربها بشهادة عدلين مطلقا على
الصحيح من المذهب.
وقيل ويعتبر قولهما عالما بتحريمه مختارا.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
قوله: "والعصير إذا أتت عليه ثلاثة أيام حرم".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وبين ذلك في المحرر والوجيز وغيرهما فقالوا
بلياليهن.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يحرم ما لم يغل.
اختاره أبو الخطاب.
وحمل كلام الإمام أحمد رحمه الله على ذلك.
فقال في الهداية وعندي أن كلام الإمام أحمد
رحمه الله محمول على عصير يتخمر في ثلاث
غالبا.
فائدة : لو طبخ قبل التحريم حل إن ذهب ثلثاه
وبقي ثلثه وهذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام
أحمد رحمه الله وقطع به الأكثر.
قال أبو بكر هو إجماع من المسلمين.
وقدمه في الفروع.
وقال في المغني والشارح وغيرهما الاعتبار في
حله عدم الإسكار سواء ذهب بطبخه ثلثاه أو أقل
أو أكثر أو لم يسكر.
قوله: "إلا أن يغلي قبل ذلك فيحرم".
نص عليه وهو المذهب.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وغيره.
(10/178)
وقدمه في
الفروع وغيره.
وعنه إذا غلى أكرهه وإن لم يسكر فإذا أسكر
فحرام.
وعنه الوقف فيما نش.
قوله: "ولا يكره أن يترك في الماء تمرا أو
زبيبا ونحوه ليأخذ ملوحته ما لم يشتد أو يأتي
عليه ثلاث".
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
ونقل بن الحكم إذا نقع زبيبا أو تمر هندي أو
عنابا ونحوه لدواء غدوة ويشربه عشية أو عشية
ويشربه غدوة هذا نبيذ أكرهه ولكن يطبخه ويشربه
على المكان فهذا ليس بنبيذ.
فائدة : لو غلى العنب وهو عنب على حاله فلا
بأس به نقله أبو داود واقتصر عليه في الفروع.
قوله: "ولا يكره الانتباذ في الدباء والحنتم
والنقير والمزفت".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
وصححه في الهداية والخلاصة والنظم وتجريد
العناية وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين
والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يكره.
قال الخلال عليه العمل.
وذكر بن القيم رحمه الله في الهدى رواية أنه
يحرم.
وعنه يكره في هذه الأوعية وفي غيرها إلا سقاء
يوكى حيث بلغ الشراب ولا يتركه يتنفس.
نقله جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
ونقل أبو داود ولا يعجبني إلا هو.
ونقل جماعة أنه كره السقاء الغليظ.
قوله: "ويكره الخليطان وهو أن ينتبذ شيئين
كالتمر والزبيب".
وكذا البسر والتمر ونحوه وهذا المذهب بلا ريب
وعليه جماهير الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وغيره.
(10/179)
وقدمه في
الفروع والمحرر والنظم والمغني والشرح وغيرهم.
وعنه يحرم اختاره أبو بكر في التنبيه.
قال الإمام أحمد رحمه الله الخليطان حرام.
قال القاضي يعني أحمد رحمه الله بقوله حرام
إذا اشتد وأسكر وإذا لم يسكر لم يحرم.
قال المصنف والشارح وغيرهما وهذا هو الصحيح.
وعنه لا يكره اختاره في الترغيب.
قال في المغني والشرح لا يكره ما كان في المدة
اليسيرة ويكره ما كان في مدة يحتمل إفضاؤه
فيها إلى الإسكار.
ولا يثبت التحريم ما لم يغل أو تمض عليه ثلاثة
أيام.
فائدة : يكره انتباذ المذنب وحده.
قاله في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
قوله: "ولا بأس بالفقاع".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب لأنه لا يسكر
ويفسد إذا بقي.
وعنه يكره.
وعنه يحرم ذكرها في الوسيلة.
قال في تجريد العناية وشذ من نقل تحريمه.
فائدة : جعل الإمام أحمد رحمه الله وضع زبيب
في خردل كعصير وأنه إن صب فيه خل أكل.
(10/180)
باب التعزير.
قوله: "وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا
كفارة كالاستمتاع الذي لا يوجب الحد وإتيان
المرأة المرأة وسرقة مالا يوجب القطع والجناية
على الناس بما لا قصاص فيه والقذف بغير الزنى
ونحوه".
إذا كانت المعصية لا حد فيها ولا كفارة كما
مثل المصنف وفعلها فإنه يعزر.
وقد يفعل معصية لا كفارة فيها ولا حد ولا
تعزير أيضا كما لو شتم نفسه أو سبها قاله
القاضي.
ومال الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى وجوب
التعزير
(10/180)
قلت وهو ظاهر
كلام المصنف وغيره.
وإن كان فيها حد فقد يعزر معه.
وقد تقدم بعض ذلك في مسائل متفرقة.
منها الزيادة على الحد إذا شرب الخمر في
رمضان.
قال الزركشي ولا يشرع التعزير فيما فيه حد إلا
على ما قاله أبو العباس بن تيمية رحمه الله في
شارب الخمر يعني في جواز قتله وفيما إذا أتى
حدا في الحرم فإن بعض الأصحاب قال يغلظ وهو
نظير تغليظ الدية بالقتل في ذلك انتهى.
وإن كانت المعصية فيها كفارة كالظهار وقتل شبه
العمد ونحوه كالفطر في رمضان بالجماع فهذا لا
تعزير فيه مع الكفارة على الصحيح من المذهب.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا وصاحب الوجيز
والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
قال في الفروع وهو الأشهر.
واختاره القاضي ذكره عنه في النكت.
وقيل يعزر أيضا.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع والزركشي.
قال في الفروع وقولنا لا كفارة فائدته في
الظهار وشبه العمد ونحوهما لا في اليمين
الغموس إن وجبت الكفارة لاختلاف سببها وسبب
التعزير فيجب التعزير مع الكفارة فيها.
قوله: "وهو واجب".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
ونص عليه في سب الصحابي كحد وكحق آدمي طلبه.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه مندوب نص عليه في تعزير رقيقه على معصية
وشاهد زور.
وفي الواضح في وجوب التعزير روايتان.
وفي الأحكام السلطانية إن تشاتم والد وولده لم
يعزر الوالد لحق ولده ويعزر الولد لحق والده
ولا يجوز تعزيره إلا بمطالبة الوالد.
وفي المغني والشرح في قذف الصغير لا يحتاج في
التعزير إلى مطالبة لأنه مشروع لتأديبه
فللإمام تعزيره إذا رآه.
(10/181)
قال في الفروع
يؤيده نص الإمام أحمد رحمه الله فيمن سب
صحابيا يجب على السلطان تأديبه.
ولم يقيده بطلب وارث مع أن أكثرهم أو كثيرا
منهم له وارث.
وقد نص في مواضع على التعزير ولم يقيده.
وهو ظاهر كلام الأصحاب إلا ما تقدم في الأحكام
السلطانية.
ويأتي في أول باب أدب القاضي إذا افتات خصم
على الحاكم له تعزيره.
مع أنه لا يحكم لنفسه إجماعا فدل أنه ليس كحق
آدمي المفتقر جواز إقامته إلى طلب.
وقال المصنف والشارح إن كان التعزير منصوصا
عليه كوطء جارية امرأته أو المشتركة وجب وإن
كان غير منصوص عليه وجب إذا رأى المصلحة فيه
أو علم أنه لا ينزجر إلا به وإن رأى العفو عنه
جاز.
ويجب إذا طالب الآدمي بحقه.
وقال في الكافي يجب في موضعين فيهما الخبر إلا
إن جاء تائبا فله تركه.
قال المجد فإن جاء من يستوجب التعزير تائبا لم
يعزر عندي انتهى.
وإن لم يجئ تائبا وجب.
وهو معنى كلامه في الرعاية مع أن فيها له
العفو عن حق الله.
وقال إن تشاتم اثنان عزرا ويحتمل عدمه.
وفي الأحكام السلطانية يسقط بعفو آدمي حقه وحق
السلطنة.
وفيه احتمال لا يسقط للتهديد والتقويم.
وقال في الانتصار ولو قذف مسلم كافرا التعزير
لله فلا يسقط بإسقاطه.
نقل الميموني فيمن زنى صغيرا لم نر عليه شيئا.
ونقل ابن منصور في صبي قال لرجل يا زاني ليس
قوله شيئا.
وكذا في التبصرة أنه لا يعزر.
وكذا في المغني وزاد ولا لعان وأنه قول الأئمة
الثلاثة رحمهم الله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الرد على
الرافضي لا نزاع بين العلماء أن غير المكلف
كالصبي المميز يعاقب على الفاحشة تعزيرا بليغا
وكذا المجنون يضرب على ما فعل لينزجر لكن لا
عقوبة بقتل أو قطع.
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وما
أوجب حدا على مكلف عزر به المميز كالقذف.
(10/182)
قال في الواضح
من شرع في عشر صلح تأديبه في تعزير على طهارة
وصلاة فكذا مثله زنى.
وهو معنى كلام القاضي.
وذكر ما نقله الشالنجي في الغلمان يتمردون لا
بأس بضربهم.
قال في الفروع وظاهر ما ذكره الشيخ وغيره عن
القاضي يجب ضربه على صلاة.
وظاهر كلامهم في تأديبه في الإجارة والديات
أنه جائز.
وأما القصاص مثل أن يظلم صبي صبيا أو مجنون
مجنونا أو بهيمة بهيمة فيقتص المظلوم من
الظالم وإن لم يكن في ذلك زجر لكن لاستيفاء
المظلوم وأخذ حقه.
وجزم في الروضة إذا زنى بن عشر أو بنت تسع لا
بأس بالتعزير ذكره في الفروع في أثناء باب
المرتد.
فائدة : في جواز عفو ولي الأمر عن التعزير
الروايتان المتقدمتان في وجوب التعزير وندبه.
تنبيه: قوله: "كالاستمتاع الذي لا يوجب الحد".
قال الأصحاب يعزر على ذلك.
وقال في الرعاية هل حد القذف حق لله أو لآدمي
وأن التعزير لما دون الفرج مثله.
قوله: ":ومن وطى ء أمة امرأته فعليه الحد بلا
نزاع في الجملة إلا أن تكون أحلتها له فيجلد
مائة".
هذا المذهب جزم به في المغني والعمدة والشرح
والوجيز ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين
والحاوي الصغير والفروع والقواعد الفقهية
وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يجلد مائة إلا سوطا.
وعنه يضرب عشرة أسواط.
وهما من المفردات أيضا.
قوله: "وهل يلحقه نسب ولدها على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والكافي
والمحرر والشرح والحاوي الصغير والرعاية
الكبرى والفروع.
(10/183)
إحداهما يلحقه
نسبه صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية لا يلحقه نسبه وهو المذهب.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وصححه
في النظم.
قال أبو بكر عليه العمل.
قال الإمام أحمد رحمه الله لما لزمه من الجلد
أو الرجم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن ظن جوازه
لحقه وإلا فروايتان فيه وفي حده.
وعنه يحد فلا يلحقه نسبه كما لو لم نحلها له
ولو مع ظن حلها نقله مهنا.
وعنه فيمن وطء أمة امرأته إن أكرهها عتقت وغرم
مثلها وإلا ملكها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وليس ببعيد من
الأصول.
وهذه الرواية ذكرها الشيخ تقي الدين رحمه
الله.
قوله: "ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات في
غير هذا الموضع".
هذا إحدى الروايات نقله بن منصور.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع إلا في وطء الجارية المشتركة
على ما يأتي.
قال القاضي في كتاب الروايتين المذهب عندي أنه
لا يزاد على عشر جلدات إلا في وطء الجارية
المشتركة وجارية زوجته إذا أحلتها له انتهى.
قال الشارح وهو حسن.
وعنه لا يزاد على تسع جلدات.
نقلها أبو الخطاب ومن بعده.
قال الزركشي ولا يظهر لي وجهها.
وذكر بن الصيرفي في عقوبة أصحاب الجرائم أن من
صلى في الأوقات المنهي عنها ضرب ثلاث ضربات
منقول عن الصحابة رضي الله عنهم.
وذكر بن بطة في كتاب الحمام أن عقوبة من دخلها
بغير مئزر يجلد خمس عشرة جلدة انتهى.
وعنه ما كان سببه الوطء كوطء جاريته المشتركة
والمزوجة ونحوه ضرب مائة ويسقط عنه النفي.
(10/184)
وهي الرواية
التي ذكرها المصنف هنا.
قال وكذلك تخرج فيمن أتى بهيمة.
يعني إذا قلنا إنه لا يحد.
وهذا التخريج لأبي الخطاب.
اعلم أنه إذا وطى ء جاريته المشتركة يعزر بضرب
مائة إلا سوطا.
على الصحيح من المذهب ونص عليه في رواية
الجماعة.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر
والنظم والفروع.
وعنه يضرب مائة ويسقط عنه النفي وله نقصه.
وقدم في الرعايتين والحاوي والقواعد الفقهية
أنه يجلد مائة.
قال في الخلاصة فما كان سببه الوطء يضرب فيه
مائة ويسقط النفي.
وقيل عشر جلدات انتهى.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
وعنه لا يزاد على عشر جلدات.
وهو الذي قدمه المصنف هنا.
وأما إذا وطى ء جاريته المزوجة أو المحرمة
برضاع إذا قلنا لا يحد بذلك على ما تقدم في
باب حد الزنى فعنه أن حكمه حكم وطء الجارية
المشتركة على ما تقدم.
قال في الفروع وهي أشهر عند جماعة.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمصنف
هنا والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم.
وعنه لا يزاد على عشرة أسواط وإن زدنا عليها
في وطء الجارية المشتركة.
وهو المذهب على ما اصطلحناه.
قدمه في الفروع.
قال القاضي هذا المذهب كما تقدم عنه.
وأما إذا وطى ء فيما دون الفرج فنقل يعقوب أن
حكمه حكم الوطء في الفرج على ما تقدم.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر
والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم على ما
قدموه.
وعنه لا يزاد فيه على عشرة أسواط وإن زدنا في
الوطء في الفرج.
(10/185)
قال القاضي هذا
المذهب.
وقدمه في الفروع.
وهو المذهب على المصطلح كما تقدم.
فائدة : لو وطى ء ميتة وقلنا لا يحد على ما
تقدم عزر بمائة جلدة.
وإن وطى ء جارية ولده عزر على الصحيح من
المذهب ويكون مائة.
وقيل لا يعزر.
وقيل إن حملت منه ملكها وإلا عزر.
وإن وطى ء أمة أحد أبويه عالما بتحريمه وقلنا
لا يحد عزر بمائة سوط.
وكذا لو وجد مع امرأته رجلا فإنه يعزر بمائة
جلدة.
قال ذلك في الرعايتين وغيره.
ويأتي فيه من الخلاف ما في نظائره.
وأما العبد على القول بأن الحر يعزر بمائة أو
بمائة إلا سوطا فإنه يجلد خمسين إلا سوطا على
الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقيل خمسون.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقول المصنف وغير الوطء لا يبلغ به أدنى
الحدود من تتمة الرواية أو رواية برأسها.
وجزم بهذا الخرقي وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمحرر والنظم
وغيرهم إلا ما استثنوه مما سببه الوطء.
فعلى هذه الرواية وهي اختيار الخرقي لا يبلغ
به أدنى الحدود.
قال الزركشي كذا فهم عنه القاضي وغيره وقاله
في الفصول.
وقال في الفروع فعلى قول الخرقي روى عنه أدنى
حد عليه وهو أشهر.
ونصره أبو الخطاب وجماعة.
وجزم به في المحرر وغيره.
قال الزركشي وهو قول أكثر الأصحاب.
فعلى هذا لا يبلغ بالحر أدنى حده وهو الأربعون
أو الثمانون ولا بالعبد أدنى حده وهو العشرون
أو الأربعون.
(10/186)
وقال المصنف
والشارح وصاحب الفروع ويحتمل كلام الإمام أحمد
والخرقي رحمهما الله أن لا يبلغ جناية حدا
مشروعا من جنسها ويجوز أن يزيد على حد من غير
جنسها.
فعلى هذا ما كان سببه الوطء يجوز أن يجلد مائة
إلا سوطا لينقص عن حد الزنى وما كان سببه غير
الوطء لم يبلغ به أدنى الحدود.
وإليه ميل الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال الزركشي وهو أقعد من جهة الدليل.
زاد في الفروع فقال ويكون ما لم يرد به نص
بحبس وتوبيخ.
وقيل في حق الله الحبس والتوبيخ.
فائدتان :
إحداهما إذا عزره الحاكم أشهره لمصلحة نقله
عبد الله في شاهد الزور.
ويأتي ذلك في آخر باب الشهادة على الشهادة.
الثانية يحرم التعزير بحلق لحيته.
وفي تسويد وجهه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الجواز.
وقد توقف الإمام أحمد رحمه الله في تسويد
الوجه.
وسئل الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا عن
تسويد الوجه قال مهنا فرأيت كأنه كره تسويد
الوجه.
قاله في النكت في شهادة الزور.
وذكر في الإرشاد والترغيب أن عمر رضي الله عنه
حلق رأس شاهد الزور.
وذكر ابن عقيل عن أصحابنا لا يركب ولا يحلق
رأسه ولا يمثل به ثم جوزه هو لمن تكرر منه
للردع.
قال الإمام أحمد رحمه الله ورد فيه عن عمر رضي
الله عنه يضرب ظهره ويحلق رأسه ويسخم وجهه
ويطاف به ويطال حبسه.
وقال في الأحكام السلطانية له التعزير بحلق
شعره لا لحيته وبصلبه حيا ولا يمنع من أكل
ووضوء ويصلي بالإيماء ولا يعيد.
قال في الفروع كذا قال قال ويتوجه لا يمنع من
صلاة.
قلت وهو الصواب.
(10/187)
وقال القاضي
أيضا هل يجرد في التعزير من ثيابه إلا ما يستر
عورته اختلفت الرواية عنه في الحد.
قال ويجوز أن ينادى عليه بذنبه إذا تكرر منه
ولم يقلع.
ثم ذكر كلام الإمام أحمد رحمه الله في شاهد
الزور وقال فنص أنه ينادى عليه بذنبه ويطاف به
ويضرب مع ذلك.
قال في الفصول يعزر بقدر رتبة المرمي فإن
المعيرة تلحق بقدر مرتبته.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يعزره بما
يردعه كعزل متول.
وقال لا يتقدر لكن ما فيه مقدر لا يبلغه فلا
يقطع بسرقة دون نصاب ولا يحد حد الشرب بمضمضة
خمر ونحوه.
وقال هو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله
واختيار طائفة من أصحابه وقد يقال بقتله
للحاجة.
وقال يقتل مبتدع داعية.
وذكره وجها وفاقا لمالك رحمه الله.
ونقله إبراهيم بن سعيد الأطروش عن الإمام أحمد
رحمه الله في الدعاة من الجهمية.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الخلوة
بأجنبية واتخاذ الطواف بالصخرة دينا وفي قول
الشيخ انذروا لي واستعينوا بي إن أصر ولم يتب
قتل وكذا من تكرر شربه للخمر ما لم ينته بدونه
للإخبار فيه.
ونص الإمام أحمد رحمه الله في المبتدع الداعية
يحبس حتى يكف عنها.
وقال في الرعاية من عرف بأذى الناس ومالهم حتى
بعينه ولم يكف حبس حتى يموت.
وقال في الأحكام السلطانية للوالي فعله لا
للقاضي.
ونفقته من بيت المال لدفع ضرره.
وقال في الترغيب للإمام حبس العائن.
وتقدم في أوائل كتاب الجنايات إذا قتل العائن
ماذا يجب عليه.
قال في الفروع ويتوجه إن كثر مجزومون ونحوهم
لزمهم التنحي ناحية.
وظاهر كلامهم لا يلزمهم فللإمام فعله.
وجوز ابن عقيل قتل مسلم جاسوس للكفار.
وزاد ابن الجوزي إن خيف دوامه.
وتوقف فيه الإمام أحمد رحمه الله.
(10/188)
وقال ابن
الجوزي في كشف المشكل دل حديث حاطب بن أبي
بلتعة رضي الله عنه على أن الجاسوس المسلم لا
يقتل.
ورده في الفروع وهو كما قال.
وعند القاضي يعنف ذو الهيئة وغيره يعزر.
وقال الأصحاب ولا يجوز قطع شيء منه ولا جرحه
ولا أخذ شيء من ماله.
قال في الفروع فيتوجه أن إتلافه أولى مع أن
ظاهر كلامهم لا يجوز.
وجوز الشيخ تقي الدين رحمه الله التعزير بقطع
الخبز والعزل عن الولايات.
ونقل ابن منصور لا نفي إلا للزاني والمخنث.
وقال القاضي نفيه دون سنة.
واحتج به الشيخ تقي الدين رحمه الله وبنفي عمر
رضي الله عنه نصر بن حجاج.
وقال في الفنون للسلطان سلوك السياسة وهو
الحزم عندنا ولا تقف السياسة على ما نطق به
الشرع.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقوله الله
أكبر عليك كالدعاء عليه وشتمه بغير فرية نحو
يا كلب فله قوله له أو تعزيره.
ولو لعنه فهل له أن يلعنه ينبني على جواز لعنة
المعين.
ومن لعن نصرانيا أدب أدبا خفيفا إلا أن يكون
قد صدر من النصراني ما يقتضي ذلك.
وقال أيضا ومن دعي عليه ظلما فله أن يدعو على
ظالمه بمثل ما دعا به عليه نحو أخزاك الله أو
لعنك الله أو يشتمه بغير فرية نحو يا كلب يا
خنزير فله أن يقول له مثل ذلك.
وقال الإمام أحمد رحمه الله الدعاء قصاص ومن
دعا على ظالمه فما صبر انتهى.
قوله: "ومن استمنى بيده لغير حاجة عزر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب لفعله محرما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يكره.
نقل ابن منصور لا يعجبني بلا ضرورة.
قوله: "وإن فعله خوفا من الزنى فلا شيء عليه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب لإباحته إذن.
(10/189)
قال في الوجيز
وإن فعله خوفا من الزنى ولم يجد طولا لحرة ولا
ثمن أمة فلا شيء عليه.
وجزم بأنه لا شيء عليه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني
والمحرر والشرح والنظم ونظم المفردات وتذكرة
بن عبدوس وإدراك الغاية والمنور والمنتخب
وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع
وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
قلت لو قيل بوجوبه في هذه الحالة لكان له وجه
كالمضطر بل أولى لأنه أخف.
ثم وجدت بن نصر الله في حواشي الفروع ذكر ذلك.
وعنه يكره.
وعنه يحرم ولو خاف الزنى ذكرها في الفنون وأن
حنبليا نصرها لأن الفرج مع إباحته بالعقد لم
يبح بالضرورة فهنا أولى وقد جعل الشارع الصوم
بدلا من النكاح والاحتلام مزيل لشدة الشبق
مفتر للشهوة.
فائدتان :
إحداهما لا يباح الاستمناء إلا عند الضرورة
ولا يباح نكاح الإماء إلا عند الضرورة.
فإذا حصلت الضرورة قدم نكاح الإماء ولا يحل
الاستمناء كما قطع به في الوجيز وغيره.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في القاعدة الثانية عشر بعد المائة.
وقال ابن عقيل في مفرداته الاستمناء أحب إلي
من نكاح الأمة.
قال في القاعدة وفيه نظر وهو كما قال.
الثانية حكم المرأة في ذلك حكم الرجل فتستعمل
شيئا مثل الذكر عند الخوف من الزنى وهذا
الصحيح.
قدمه في الفروع.
وقال ابن عقيل ويحتمل المنع وعدم القياس.
وقال القاضي في ضمن المسألة لما ذكر المرأة
قال بعض أصحابنا لا بأس به إذا قصدت به إطفاء
الشهوة والتعفف عن الزنى.
قال والصحيح عندي أنه لا يباح.
(10/190)
باب القطع في السرقة.
فائدة : قوله: "ولا يجب إلا بسبعة أشياء أحدها
السرقة وهي أخذ المال على وجه الاختفاء.
يشترط في السارق أن يكون مكلفا بلا نزاع.
وأن يكون مختارا على الصحيح من المذهب وعليه
الأصحاب.
وعنه أو مكره.
وعنه أو سكران قاله في الرعاية.
قلت تقدمت أحكام السكران في أول كتاب الطلاق.
قوله: "فلا قطع على منتهب ولا مختلس ولا غاصب
ولا خائن ولا جاحد وديعة.
بلا نزاع أعلمه.
وقوله: "ولا عارية.
هذا إحدى الروايتين.
اختاره الخرقي وبن شاقلا وأبو الخطاب والمصنف
والشارح وابن منجا في شرحه.
وعنه يقطع جاحد العارية وهو المذهب.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع نقله واختاره الجماعة.
قال في المحرر والحاوي والزركشي هذا الأشهر.
وجزم به القاضي في الجامع الصغير وأبو الخطاب
والشريف في خلافيهما وابن عقيل في المفردات
وابن البناء وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المذهب والمحرر والفروع ونظم
المفردات وغيرهم.
واختاره الناظم.
وهو من مفردات المذهب.
وأطلقهما في الخلاصة والرعايتين.
قوله: "ويقطع الطرار وهو الذي يبط الجيب وغيره
ويأخذ منه هذا المذهب.
قال في الفروع ويقطع الطرار على الأصح.
(10/191)
وجزم به في
الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والهادي والمحرر والحاوي الصغير وغيرهم.
وصححه في النظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
ومال إليه المصنف والشارح.
وعنه لا يقطع.
وأطلقهما في الرعايتين.
وبنى القاضي في كتابه الروايتين الخلاف على أن
الجيب والكم هل هما حرز مطلقا بشرط أن يقبض
على كمه ويزر جيبه ونحو ذلك أم لا.
فائدة : يقطع على الأصح من المذهب والروايتين
إذا أخذه بعد سقوطه وكان نصابا مع أن ذلك حرز.
وقال ابن عقيل حرز على الأصح.
وبنى في الترغيب القطع على الروايتين في كونه
حرزا.
تنبيه: دخل في قوله الثاني أن يكون المسروق
مالا محترما.
الملح وهو صحيح فلو سرق من الملح ما قيمته
نصاب قطع على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يقطع.
اختاره أبو بكر وغيره.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين
والحاوي.
وهل يقطع بسرقة تراب وكلأ وسرجين طاهر على
وجهين.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
وأطلق في المذهب والنظم في الكلأ الوجهين.
أحدهما: يقطع بذلك وهو المذهب.
وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب.
وقدمه في الرعايتين.
واختاره أبو إسحاق وابن عقيل.
والوجه الثاني: لا يقطع به.
(10/192)
اختاره الناظم
في السرجين, والتراب.
قال أبو بكر لا قطع بسرقة كلأ.
وجزم به في المغني والكافي في السرجين الطاهر.
وقال في التراب الذمي له قيمة كالأرمني والذي
يعد للغسل به يحتمل وجهين.
وتبعه الشارح في ذلك كله وابن رزين في شرحه.
وأما السرجين النجس فالصحيح من المذهب أنه لا
يقطع به.
وقدمه في المذهب وغيره.
وجزم به في المغني والكافي والشرح وشرح ابن
رزين وغيرهم.
وقيل يقطع به اختاره ابن عقيل.
وقال في الفروع والأشهر في الثلج وجهان انتهى.
وظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى أنه يقطع
به فإنه قال وما أصله الإباحة كغيره.
واختار القاضي عدم القطع بسرقته.
وقال المصنف في المغني الأشبه أنه كالملح.
ولا يقطع بسرقة الماء على الصحيح من المذهب.
قطع به في المغني والشرح وقالا لا نعلم فيه
خلافا.
وقدمه في المذهب والفروع.
واختاره الناظم وأبو بكر وبن شاقلا.
وقال ابن عقيل يقطع.
وقدمه في الرعايتين.
وجزم به بن هبيرة.
قاله في تصحيح المحرر.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
وقال في الروضة إن لم يتمول عادة كماء وكلأ
محرز فلا قطع في إحدى الروايتين انتهى.
ويقطع بسرقة الصيد على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمذهب والمغني والشرح
والرعايتين وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
(10/193)
وفي الواضح في
صيد مملوك محرز روايتان.
نقل ابن منصور لا قطع في طير لإباحته أصلا.
ويأتي إذا سرق الذمي أو المستأمن أو سرق
منهما.
قوله: "ويقطع بسرقه العبد الصغير.
هذا المذهب مطلقا.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وشرح ابن
منجا والمحرر والنظم والوجيز والحاوي الصغير
والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقال المصنف في المغني والشارح وصاحب الترغيب
وغيرهم لا قطع بسرقة عبد مميز.
قال ابن منجا في شرحه وهو مراد المصنف هنا.
يعني أن مراده غير المميز.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه لا قطع بسرقة
عبد كبير وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام
أكثر الأصحاب.
وقال في الكافي لا قطع بسرقة عبد كبير أكرهه.
وقال في الترغيب في العبد الكبير وجهان.
فائدتان :
إحداهما: يقطع بسرقة العبد المجنون والنائم
والأعجمي الذي لا يميز على الصحيح من المذهب
وعليه أكثر الأصحاب.
وقال في الترغيب في سرقة نائم وسكران وجهان.
الثانية: لا يقطع بسرقة مكاتب ولا بسرقة أم
الولد على الصحيح من المذهب.
وقطع به في المغني والشرح في المكاتب.
وقدمه ابن رزين في المكاتب وأم الولد.
وقال في المكاتب ينبغي أن يقطع إن قلنا بجواز
بيعه.
وقيل يقطع إذا كانا نائمين أو مجنونين.
وأطلقهما في الفروع.
وقال في الرعاية وإن سرق أم ولد مجنونة أو
نائمة قطع وإن سرقها كرها فوجهان.
(10/194)
وأطلقهما في
الكافي والمغني والشرح في أم الولد.
قوله: "ولا يقطع بسرقه حر وإن كان صغيرا.
هذا المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والفروع وغيرهما.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وعنه يقطع بسرقة الحر الصغير والمجنون الكبير.
وجزم به في المنور.
وقدمه في الرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمحرر والحاوي الصغير وغيرهم.
قوله: "فإن قلنا لا يقطع فسرقه وعليه حلي فهل
يقطع على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والكافي والمستوعب
والخلاصة والهادي والمحرر والنظم وشرح ابن
منجا والرعايتين والحاوي الصغير والفروع
وغيرهم.
أحدهما: لا يقطع وهو الصحيح.
اختاره المصنف والشارح وقدماه.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
وقطع به في الفصول.
والوجه الثاني: يقطع.
قال في المذهب قطع في أصح الوجهين.
وصححه في التصحيح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وأبو الخطاب في
رؤوس المسائل.
وجزم به في الوجيز.
وصححه في تصحيح المحرر.
تنبيه: أطلق أكثر الأصحاب المسألة.
وقيدها جماعة بعدم العلم بالحلى منهم بن عبدوس
في تذكرته.
(10/195)
قوله: "ولا
يقطع بسرقة مصحف.
هذا أحد الوجهين.
جزم به بن هبيرة في الإفصاح والقاضي أبو
الحسين في فروعه وصاحب المنور والمنتخب.
قال الناظم وهو الأقوى.
واختاره أبو بكر والقاضي وبن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الهادي وشرح ابن رزين .
وعند أبي الخطاب يقطع.
وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الخلاصة والرعاية الكبرى.
وهو ظاهر ما قدمه في المستوعب.
وصححه في تصحيح المحرر.
واختاره في الفصول ورد قول أبي بكر.
وأطلقهما في المذهب والكافي والبلغة والمحرر
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وتجريد
العناية.
وقال في الفروع في كتاب البيع إن حرم بيعه قطع
بسرقته.
قال بن معلى الحموي في حاشية له على هذا
المكان هذا عندي سهو وصوابه إن جاز بيعه قطع
بسرقته وإلا فلا انتهى وهو كما قال.
فعلى الأول وهو عدم القطع لو كان عليه حلية
قطع في أحد الوجهين صححه الناظم.
قال في الفصول هو قول أصحابنا.
والوجه الثاني: لا يقطع.
واختاره أبو بكر والقاضي قاله في المستوعب.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين .
وقال في البلغة هل يقطع بسرقة المصحف فيه
وجهان وسواء كان عليه حلية أو لا انتهى.
قلت هذه المسألة تشبه سرقة الحر الصغير إذا
كان عليه حلية كما تقدم.
ثم وجدته في تصحيح المحرر نقل مثل ذلك عن
القاضي.
(10/196)
قوله: "ولا
يقطع بسرقة آلة لهو ولا محرم كالخمر.
وكذا كتب بدع وتصاوير وهذا المذهب وعليه
الأصحاب.
وقال في الفروع ولا يقطع بذلك.
وعنه ولم يقصد سرقة.
وقال في المذهب ولا يقطع بسرقة آلة لهو فإن
كان عليها حلية قطع.
وقال ابن عقيل لا يقطع.
قلت وهو الصواب.
وقال في الترغيب ومثله في إناء نقد.
وفي الفصول في قضبان الخيزران ومخاد الجلود
المعدة لتغبير الصوفية يحتمل أنها كآلة لهو
ويحتمل القطع وضمانها.
قوله: "وإن سرق آنية فيها الخمر أو صليبا أو
صنم ذهب لم يقطع.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
منهم القاضي وبن عبدوس في تذكرته.
قال الناظم هذا أظهر الوجهين.
قال في الخلاصة لم يقطع في الأظهر إذا سرق
آنية فيها خمر.
قال الشارح إذا سرق إناء فيه خمر لم يقطع عند
غير أبي الخطاب من أصحابنا وإن سرق صليبا أو
صنما من ذهب أو فضة فقال القاضي لا قطع فيه.
وكذا قال المصنف وابن منجا في شرحه.
وجزم بعدم القطع في الكل في الوجيز والمنور
ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعند أبي الخطاب يقطع.
قال في المذهب إذا سرق صليب ذهب قطع في أصح
الوجهين.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي
الصغير.
وأطلقهما في الخلاصة فيما إذا سرق صليبا أو
صنم ذهب.
فائدة : يقطع بسرقة إناء نقد أو دراهم فيها
تماثيل على الصحيح من المذهب.
وقيل يقطع إذا لم يقصد إنكارا فإن قصد الإنكار
لم يقطع.
(10/197)
قوله: "الثالث
أن يسرق نصابا وهو ثلاثة دراهم أو قيمة ذلك من
الذهب والعروض.
هذا إحدى الروايات.
أعني أن الأصل هو الدراهم لا غير والذهب
والعروض تقومان بها.
قال في المبهج هذا الصحيح من المذهب.
قال في الفروع اختاره الأكثر الخرقي والقاضي
وأصحابه.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار
أكثر أصحاب القاضي والشيرازي والشريف وأبو
الخطاب في خلافيهما وبن البنا.
وقدمه في إدراك الغاية.
وعنه أنه ثلاثة درهم أو ربع دينار أو ما يبلغ
قيمة أحدهما من غيرهما.
يعني أن كلا من الذهب والفضة أصل بنفسه.
وهذه الرواية هي المذهب.
قال في الكافي هذا أولى.
وجزم به في تذكرة ابن عقيل وعمدة المصنف
والمذهب الأحمد والطريق الأقرب والوجيز
والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والبلغة والمحرر والنظم
والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المذهب.
وأطلقهما في المذهب.
وعنه لا تقوم العروض إلا بالدراهم فتكون
الدراهم أصلا للعروض ويكون الذهب أصلا بنفسه
لنفسه لا غير.
وأطلقهن في الهداية والمستوعب والكافي وغيرهم.
إذا علمت ذلك فلو سرق ثلاثة دراهم لا تساوي
ربع دينار قطع على الروايات الثلاث.
ولو سرق دون ربع مثقال يساوي ثلاثة دراهم قطع
على الرواية الأولى.
فوائد .
إحداها يكمل النصاب بضم أحد النقدين إلى الآخر
إن جعلا أصلين في أحد الوجهين.
قدمه في الرعايتين.
(10/198)
وصححه في تصحيح
المحرر.
قال شارح المحرر أصل الخلاف الخلاف في الضم في
الزكاة انتهى.
والوجه الثاني لا يكمل.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير
والفروع.
الثانية يكفي وزن التبر الخالص على الصحيح من
المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والنظم
والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يكفي بل تعتبر قيمته بالمضروب وهو
احتمال للقاضي.
الثالثة لو أخرج بعض النصاب ثم أخرج باقيه ولم
يطل الفصل قطع وإن طال الفصل ففيه وجهان
ذكرهما القاضي.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
والقواعد وغيرهم.
أحدهما لا يقطع وهو المذهب.
قدمه في الفروع وصححه في النظم.
الثاني يقطع قدمه في الترغيب.
وقال اختاره بعض شيوخي.
وقال أيضا وإن علم المالك به وأهمله فلا قطع
انتهى.
قال القاضي قياس قول أصحابنا يبني على فعله
كما يبني على فعل غيره.
واختاره في الانتصار إن عاد غدا ولم يكن رد
الحرز فأخذ بقيته وسلمه القاضي لكون سرقته
الثانية من غير حرز.
قال في الرعاية الكبرى بعد أن ذكر الوجهين
وقيل إن كان في ليلة قطع.
قوله: "وإن سرق نصابا ثم نقصت قيمته أو ملكه
ببيع أو هبة أو غيرهما لم يسقط القطع.
إذا سرق نصابا ثم نقصت قيمته عن النصاب فلا
يخلو.
إما أن يكون نقصها قبل إخراجه من الحرز أو بعد
إخراجه.
فإن نقصت بعد إخراجه وهو مراد المصنف قطع بلا
نزاع أعلمه وإن نقصت قبل إخراجه من الحرز كما
مثل المصنف بعد ذلك إذا دخل الحرز فذبح شاة
قيمتها نصاب فنقصت أو قلنا هي ميتة ثم أخرجها
أو دخل الحرز فأتلفها فيه بأكل أو غيره لم
يقطع بلا نزاع أعلمه.
(10/199)
واعلم أن
السارق إذا ذبح المسروق يحل على الصحيح من
المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وحكى رواية أنه ميتة لا يحل أكله مطلقا.
واختاره أبو بكر.
وتقدم مثل ذلك في الغصب.
ويأتي أيضا في الذكاة وهو محلها.
وأما إذا ملكه السارق ببيع أو هبة أو غيرهما
فلا يخلو إما أن يكون ذلك بعد الترافع إلى
الحاكم أو قبله.
فإن كان بعد الترافع إلى الحاكم لم يسقط القطع
قولا واحدا وليس له العفو عنه نص عليه وعليه
الأصحاب.
لكن ظاهر كلامه في الواضح وغيره للمسروق منه
العفو عنه قبل الحكم.
وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه.
أعني على ما بعد الترافع إلى الحاكم.
وقال في كلامه ما يشعر بالرفع لأنه قال لم
يسقط والسقوط يستدعي وجوب القطع ومن شرط وجوب
القطع مطالبة المالك وذلك يعتمد الرفع إلى
الحاكم انتهى.
وعبارته في الهداية والكافي والمحرر والوجيز
وغيرهم مثل عبارة المصنف.
وإن كان قبل الترافع إلى الحاكم لم يسقط القطع
أيضا على الصحيح من المذهب وجزم به جماعة.
وذكره بن هبيرة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهو ظاهر كلامه في البلغة والرعاية الصغرى
وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
واختاره أبو بكر وغيره.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وقال المصنف في المغني والشارح يسقط قبل
الترافع إلى الحاكم والمطالبة بها عنده.
وقالا لا نعلم فيه خلافا.
وهو ظاهر كلام ابن منجا في شرحه.
قلت وهو ظاهر كلامه في الهداية والكافي
والمحرر والمصنف هنا وغيرهم.
واختاره ابن عقيل.
وجزم به في الإيضاح والعمدة والنظم.
(10/200)
فيعايى بها.
قال في الفروع وفي الخرقي والإيضاح والمغني
يسقط قبل الترافع.
قال الإمام أحمد رحمه الله تدرأ الحدود
بالشبهات انتهى.
قلت ليس كما قال عن الخرقي فإن كلامه محتمل
لغيره.
فإنه قال ويقطع السارق وإن وهبت له السرقة بعد
إخراجه.
بل ظاهر كلامه القطع سواء كان قبل الترافع أو
بعده.
فائدة : قوله: "وإن سرق فرد خف قيمته منفردا
درهمان وقيمته وحده مع الآخر أربعة لم يقطع
بلا خلاف.
لكن لو أتلفه لزمه أربعة على الصحيح من المذهب
قيمة المتلف ونقص التفرقة.
قدمه في الفروع وغيره وعليه أكثر الأصحاب.
فيعايى بها.
وقيل يلزمه درهمان.
وكذلك الحكم لو سرق جزءا من كتاب ذكره في
التبصرة ونظائره.
قال في الفروع وضمان ما في وثيقة أتلفها إن
تعذر يتوجه تخريجه على هذين الوجهين.
وتقدم ذلك في باب الغصب بعد قوله ومن أتلف
مالا محترما لغيره ضمنه بأتم من هذا.
وذكرنا كلام صاحب الفائق في هذه المسألة.
قوله: "وإن اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا
سواء أخرجوه جملة أو أخرج كل واحد جزءا.
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا قول أصحابنا.
وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يقطع من أخرج منهم نصابا منه وإلا فلا.
اختاره المصنف وإليه ميل الزركشي.
(10/201)
فائدتان :
إحداهما لو اشترك جماعة في سرقة نصاب لم يقطع
بعضهم بشبهة أو غيرها كما لو كان أحد الشريكين
لا قطع عليه كأبي المسروق منه فهل يقطع الباقي
أم لا فيه قولان.
أحدهما يقطع وهو المذهب.
قدمه في الفروع والكافي.
قال في الرعاية الكبرى قطع في الأصح.
وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي
الصغير والمنور.
وقيل لا يقطع.
قال الشارح وهو أصح.
واختاره المصنف والناظم.
قلت وهي شبيهة بمسألة ما إذا اشترك في القتل
اثنان لا يجب القصاص على أحدهما على ما تقدم
في أواخر كتاب الجنايات.
الثانية لو سرق لجماعة نصابا قطع على الصحيح
من المذهب.
وقيل لا يقطع.
قوله: "وإن رماه الداخل إلى خارج فأخذه الآخر
فالقطع على الداخل وحده.
وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وذكر في الترغيب وجها بأنهما يقطعان.
قوله: "وإن نقب أحدهما ودخل الآخر فأخرجه فلا
قطع عليهما.
إذا لم يتواطئا فلا قطع على واحد منهما.
وصرح به المصنف بعد ذلك بقوله: "إلا أن ينقب
أحدهما ويذهب فيأتي الآخر من غير علم فيسرق
فلا قطع عليه وإن تواطئا على ذلك.
فقدم المصنف هنا أنه لا قطع عليهما.
وهو أحد الوجهين والمذهب منهما.
قال ابن منجا هذا المذهب.
(10/202)
وقدمه في
الكافي والشرح والرعايتين والحاوي الصغير
والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
ويحتمل أن يقطعا.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
وهو الوجه الثاني.
جزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر وصححه الناظم.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في الفروع.
قوله: "وإن ابتلع جوهرة أو ذهبا وخرج به فعليه
القطع.
هذا أحد الوجهين والمذهب منهما.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
والوجه الثاني لا قطع عليه مطلقا.
وأطلقهما في المغني والشرح.
وقيل يقطع إن خرجت وإلا فلا لأنه أتلفه في
الحرز.
اختاره المصنف والشارح وبن عبدوس في تذكرته.
قلت إتلافه في الحرز غير محقق بل فعل فيه ما
هو سبب في الإتلاف إن وجد.
وأطلقهن في الفروع والزركشي.
قال المصنف والشارح فإن لم يخرج فلا قطع عليه
وإن خرج ففيه وجهان.
قوله: "أو نقب ودخل فترك المتاع على بهيمة
الأنعام فخرجت به فعليه القطع.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا قطع عليه إلا إذا ساقها.
(10/203)
وأطلقهما في
المغني والشرح.
تنبيه: ظاهر قوله: "أو تركه في ماء جار
فأخرجه.
أنه لو تركه في ماء راكد ثم انفتح بعد ذلك أنه
لا يقطع وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل يقطع أيضا.
فائدة : لو علم قردا السرقة فسرق لم يقطع
المعلم لكن يضمنه.
ذكره أبو الوفا ابن عقيل وبن الزاغوني.
قوله: "وحرز المال ما جرت العادة بحفظه فيه
ويختلف باختلاف الأموال والبلدان وعدل السلطان
وجوره وقوته وضعفه.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني
والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر ما كان حرزا لمال فهو حرز لمال
آخر.
ورده الناظم وحمله أبو الخطاب على معنيين.
فقال في الهداية وعندي أن قولهما يرجع إلى
اختلاف حالين.
فما قاله أبو بكر يرجع إلى قوة السلطان وعدله
وبسط الأمن.
وما قاله ابن حامد يرجع إلى ضعف السلطان وعادة
البلد مع الدعار فيه انتهى.
والتفريع على الأول.
قوله: "فحرز الأثمان والجواهر والقماش في
الدور والدكاكين في العمران وراء الأبواب
والأغلاق الوثيقة.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في الترغيب وغيره في قماش غليظ وراء غلق.
وقال ابن الجوزي في تفسيره ما جعل للسكنى وحفظ
المتاع كالدور والخيام حرز سواء سرق من ذلك
وهو مفتوح الباب أو لا باب له إلا أنه له حارس
محجر بالبناء.
فائدة : الصندوق في السوق حرز إذا كان له حارس
على الصحيح من المذهب.
(10/204)
وقيل أو لم يكن
له حارس.
قوله: "وحرز الخشب والحطب الحظائر.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في التبصرة حرز الحطب تعبئته وربطه
بالحبال.
وكذا ذكره أبو محمد الجوزي.
وقال في الرعاية وحرز الخشب والحطب تعبئته
وربطه في حظيرة أو فندق مغلق أو فيه حافظ
يقظان.
تنبيه: قوله: "وحرزها في المرعى بالراعي ونظره
إليها.
يعني إذا كان يراها في الغالب.
قوله: "وحرز حمولة الإبل بتقطيرها وسائقها
وقائدها إذا كان يراها.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب حرزها بقائد يكثر الالتفات
إليها ويراها إذن إلا الأول محرز بقوده
والحافظ الراكب فيما وراءه كقائد.
قوله: "وحرز الثياب في الحمام بالحافظ.
فيقطع من سرق منه مع وجود الحافظ وهذا المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز
وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الرعايتين حرز الثياب في الحمام بحافظ
على الأصح.
وعنه لا يقطع سارقها.
اختاره المصنف والناظم.
ومال إليه والشارح وقدمه.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
وقيل ليس الحمامي حافظا بجلوسه ولا الذي يدخل
الطاسات.
فائدة : مثل ذلك خلافا ومذهبا الثياب في
الأعدال والغزل في السوق والخان إذا كان
مشتركا في الدخول إليه بالحافظ على ما يأتي في
كلام المصنف.
(10/205)
قوله: "وحرز
الكفن في القبر على الميت فلو نبش قبرا وأخذ
الكفن قطع.
يعني إذا كان كفنا مشروعا وهذا المذهب وعليه
الأصحاب.
قال في الرعايتين والحاوي والفروع قطع على
الأصح.
وجزم به في الخرقي وصاحب الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي
والمغني والشرح وابن منجا في شرحه والزركشي
والوجيز وقال بعد تسوية القبر وغيرهم.
وعنه لا يقطع.
وقال في الواضح إذا أخذه من مقبرة مصونة بقرب
البلد.
ولم يقل في التبصرة مصونة.
قال في الرعاية الصغرى وحرز كفن الميت قبره
قريب العمران.
قال في الكبرى قلت قريب العمران.
وقيل مطلقا انتهى.
قلت جمهور الأصحاب أطلقوا أن حرز كفن الميت
القبر وهو المذهب.
فائدة : الكفن ملك الميت على الصحيح.
جزم به في المغني والشرح والفائق في الجنائز
فقال لو كفن فعدم الميت فالكفن باق على ملكه
يقضي منه ديونه.
وقيل ملك الورثة.
قال في الرعاية الكبرى وإن أكله ضبع فكفنه
إرث.
وقاله بن تميم.
وأطلقهما في الفروع.
قلت فيعايى بها على كل من الوجهين.
وعلى كلا الوجهين الخصم في ذلك الورثة على
الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
وقيل نائب الإمام كما لو عدموا.
ولو كفنه أجنبي فكذلك.
وقيل هو له.
وجزم به في الحاوي الصغير في كتاب الفرائض
وابن تميم.
(10/206)
وتقدم التنبيه
على بعض ذلك في أحكام الكفن من كتاب الجنائز.
قال المصنف والشارح وهل يفتقر في قطع النباش
إلى المطالبة يحتمل وجهين.
أحدهما يفتقر إلى ذلك فيكون المطالب الوارث.
والثاني لا يفتقر.
قال الزركشي هذا أظهر.
وقال أبو المعالي وقيل لما لم يكن الميت أهلا
للملك ووارثه لا يملك إبداله والتصرف فيه إذا
لم يخلف غيره أو عينه بوصية تعين كونه حقا لله
انتهى.
وهو الصواب.
وقال في الانتصار وثوب رابع وخامس مثله كطيب
قاله في الترغيب.
وفي الطيب والثوب الرابع والخامس وجهان.
قوله: "وحرز الباب تركيبه في موضعه فلو سرق
رتاج الكعبة وهو الباب الكبير أو باب مسجد أو
تأزيره قطع.
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز
وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وقيل لا يقطع مسلم بسرقة باب المسجد.
وأطلقهما في المغني والشرح والحاوي الصغير.
قوله: "ولا يقطع بسرقة ستائرها.
إذا لم تكن ستائرها مخيطة عليها لم يقطع.
وإن كانت مخيطة عليها فقدم المصنف أنه لا يقطع
وهو إحدى الروايتين وهو المذهب.
قال في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الكافي والمغني والمحرر والنظم.
وقال القاضي يقطع بسرقة المخيطة عليها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في المنور.
(10/207)
وقدمه في
الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الخلاصة والفروع.
قوله: "وإن سرق قناديل المسجد أو حصره فعلى
وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا يقطع وهو المذهب.
قال في الفروع لا يقطع في الأصح.
وصححه في الشرح والنظم والتصحيح.
وجزم به في المغني والوجيز.
والوجه الثاني: يقطع قدمه في المحرر.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان السارق مسلما فإن
كان كافرا قطع.
قال في المحرر قولا واحدا.
وظاهر كلامه في الرعاية الكبرى إجراء الخلاف
فيه فإنه قال وفي قناديله التي تنفع المصلين
وبواريه وحصره وبسطه وجهان.
وقيل لا يقطع المسلم انتهى.
قوله وإن نام إنسان على ردائه في المسجد فسرقه
سارق قطع.
وكذا إن نام على مجر فرسه ولم يزل عنه أو نعله
في رجله وهذا المذهب في ذلك كله وعليه
الأصحاب.
وقال في الترغيب لو سرق مركوبه من تحته فلا
قطع.
وقال في الرعاية ويحتمل القطع.
قوله: وإن سرق من السوق غزلا وثم حافظ قطع
وإلا فلا.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز
وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في الرعايتين.
وعنه لا يقطع.
اختاره المصنف والناظم وإليه ميل الشارح.
(10/208)
وأطلقهما في
المحرر والحاوي الصغير.
وحكم هذه المسألة حكم الثياب في الحمام
بالحافظ.
وقد تقدم التنبيه على ذلك هناك.
فائدة : قوله: "ومن سرق من النخل أو الشجر من
غير حرز فلا قطع عليه ويضمن عوضها مرتين بلا
نزاع.
وهو من مفردات المذهب.
وكذا على الصحيح من المذهب لو سرق ماشية من
غير حرز.
قال المصنف والشارح قاله أصحابنا.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يضمن عوضها مرتين بل مرة واحدة.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وأما غير الشجر والنخل والماشية إذا سرقه من
غير حرز فلا يضمن عوضها إلا مرة واحدة على
الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح هذا قول أصحابنا إلا أبا
بكر.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع
والرعاية.
وعنه أن ذلك كالثمر والماشية.
اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين رحمه الله.
وجزم به في الحاوي الصغير.
وقدمه في المحرر والنظم والقواعد الفقهية
وقالوا نص عليه.
وهو من مفردات المذهب أيضا.
وجزم به ناظمها في الزرع وهو منها.
وقال في الأحكام السلطانية وكذا لو سرق دون
نصاب من حرز.
يعني أنها تضعف قيمتها.
قال الزركشي وهو أظهر.
فائدة : أطلق الإمام أحمد رحمه الله أنه لا
قطع على سارق في عام مجاعة وأنه يروى عن
(10/209)
عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه.
وقال جماعة من الأصحاب ما لم يبذله له ولو
بثمن غال.
وقال في الترغيب ما يحيى به نفسه.
قال المصنف والشارح عن كلام الإمام أحمد رحمه
الله يعني أن المحتاج إذا سرق ما يأكله لا قطع
عليه لأنه كالمضطر.
قالا وهو محمول على من لا يجد ما يشتريه أو لا
يجد ما يشتري به فأما الواجد لما يأكله أو لما
يشتريه وما يشترى به فعليه القطع وإن كان
بالثمن الغالي ذكره القاضي واقتصر عليه.
قوله: "الخامس انتفاء الشبهة فلا يقطع بالسرقة
من مال ابنه وإن سفل ولا الولد من مال أبيه
وإن علا والأب والأم في هذا سواء.
وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به القاضي والمصنف والشيرازي وابن عقيل
وابن البناء وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر
والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يختص عدم القطع بالأبوين وإن علوا.
وهو ظاهر ما قطع به الخرقي.
وقال الزركشي وهو مقتضى ظواهر النصوص.
وظاهر كلامه في الواضح قطع الكل غير الأب.
فائدة : قوله: "ولا العبد بالسرقة من مال
سيده.
وكذا لا يقطع السيد بالسرقة من مال عبده ولو
كان مكاتبا.
قال في الفروع فإن ملك وفاء فيتوجه الخلاف.
وقال في الانتصار فيمن وارثه حر يقطع ولا يقتل
به.
قوله: "ولا مسلم بالسرقة من بيت المال ولا من
مال له فيه شركة أو لأحد ممن لا يقطع بالسرقة
منه.
لا خلاف في ذلك إذا كان حرا.
(10/210)
وأما إذا سرق
العبد المسلم من بيت المال فظاهر كلام المصنف
هنا أنه لا يقطع وهو ظاهر كلامه في الشرح.
وظاهر كلام المصنف قبل ذلك وهو قوله ولا العبد
بالسرقة من مال سيده أنه يقطع بالسرقة من غير
مال سيده فدخل فيه بيت المال.
أو يقال للسيد شبهة في بيت المال وهذا عبده.
وقد قال في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
يقطع عبد مسلم بسرقته من بيت المال نص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في القواعد الأصولية.
وقال ابن عقيل في الفنون عبد مسلم سرق من بيت
المال ينبغي أن لا يجب عليه القطع لأن عبد
المسلم له شبهة وهو أن سيده لو افتقر عن نفقته
ولم يكن للعبد كسب في نفسه كانت نفقته في بيت
المال انتهى.
وجعل في المحرر ومن تبعه سرقة عبد الوالد
والولد ونحوهما مثل سرقة العبد من بيت المال
في وجوب القطع.
قال في القواعد الأصولية وكلام غيره مخالف.
تنبيه: دخل في كلامه لو سرق من مال وقف له فيه
استحقاق وهو صحيح فلا قطع بذلك بلا نزاع.
ولو سرق من غلة وقف ليس له فيه استحقاق قطع
على الصحيح من المذهب.
وقيل لا قطع عليه بذلك.
قوله: وهل يقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال
الآخر المحرز عنه على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح
والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما لا يقطع.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر
وغيره.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وصححه في التصحيح والنظم وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
(10/211)
وقدمه في
الفروع وغيره.
والرواية الثانية: يقطع.
فائدة : لو منعها نفقتها أو نفقة ولدها
فأخذتها لم تقطع قولا واحدا قاله في الترغيب
وغيره.
وقال في المغني وغيره وكذا لو أخذت أكثر منها.
وأما إذا سرق أحدهما من حرز مفرد فإنه يقطع
قاله في التبصرة.
قوله: "ويقطع سائر الأقارب بالسرقة من مال
أقاربهم".
هذا المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع
والزركشي وغيرهم.
وعنه لا يقطع ذو الرحم المحرم.
قوله: "ويقطع المسلم بالسرقة من مال الذمي
والمستأمن ويقطعان بسرقة ماله".
هذا المذهب كقود وحد قذف نص عليهما.
وضمان متلف وعليه أكثر الأصحاب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع
والزركشي وغيرهم.
وقيل لا يقطع مستأمن.
اختاره ابن حامد كحد خمر وزنا نص عليه بغير
مسلمة.
وقال في المنتخب للشيرازي لا يقطعان بسرقة مال
مسلم.
قوله: "ومن سرق عينا وادعى أنها ملكه لم
يقطع".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الكافي والشرح هذا أولى.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في منتخب الآدمي وغيره.
(10/212)
وقدمه في
الفروع وغيره.
وعنه يقطع بحلف المسروق منه.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
وعنه لا يقطع إلا أن يكون معروفا بالسرقة.
اختاره في الترغيب.
وأطلقهما في الهداية والخلاصة.
وأطلقهن في القواعد الفقهية.
فائدة : مثل ذلك خلافا ومذهبا لو ادعى أنه أذن
له في دخوله.
وقطع في المحرر هنا بالقطع.
نقل ابن منصور لو شهد عليه فقال أمرني رب
الدار أن أخرجه لم يقبل منه.
قال في الفروع ويتوجه مثله حد الزنى.
وذكر القاضي وغيره لا يحد.
قوله: "وإذا سرق المسروق منه مال السارق أو
المغصوب منه مال الغاصب من الحرز الذي فيه
العين المسروقة أو المغصوبة لم يقطع".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل يقطع إن تميز المسروق.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمغني والشرح.
قوله: "وإن سرق من غير ذلك الحرز أو سرق من
مال من له عليه دين قطع إلا أن يعجز عن أخذه
منه فيسرق قدر حقه فلا يقطع".
هذا الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب في الهداية.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه أيضا في الفروع.
وصححه في تصحيح المحرر.
وقال القاضي يقطع مطلقا بناء على أنه ليس له
أخذ قدر دينه إذا عجز عن أخذه.
(10/213)
وجزم به في
الوجيز.
وقدمه في الخلاصة.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم.
فائدة : لو سرق المال المسروق أو المغصوب
أجنبي لم يقطع على الصحيح من المذهب.
وقيل يقطع.
قوله: "ومن أجر داره أو أعارها ثم سرق منها
مال المستعير أو المستأجر قطع".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب احتمال إن قصد بدخوله الرجوع في
العارية لم يقطع.
وفي الفنون له الرجوع بقوله لا بسرقته.
على أنه يبطل بما إذا أعاره ثوبا وسرق ضمنه
شيئا ولا فرق.
قوله: "السادس ثبوت السرقة بشهادة عدلين بلا
نزاع".
لكن من شرط قبول شهادتهما أن يصفا السرقة.
والصحيح من المذهب أنه لا تسمع البينة قبل
الدعوى.
قال في الفروع والأصح لا تسمع قبل الدعوى.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير ولا تسمع
البينة قبل الدعوى في الأصح.
وقيل تسمع.
تنبيه: اشتراط شهادة العدلين لأجل القطع.
أما ثبوت المال فإنه يثبت بشاهد ويمين
وبإقراره مرة على ما يأتي.
قوله: "أو إقراره مرتين".
ووصف السرقة بخلاف إقراره بالزنى فإن في
اعتبار التفصيل وجهين قاله في الترغيب بخلاف
القذف لحصول التعيير وهذا المذهب.
أعني أنه يشترط إقراره مرتين ويكتفي بذلك
وعليه الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
(10/214)
وعنه في إقرار
عبد أربع مرات نقله مهنا لا يكون المتاع عنده
نص عليه.
قوله: "ولا ينزع عن إقراره حتى يقطع.
فإن رجع قبل بلا نزاع كحد الزنى.
بخلاف ما لو ثبت ببينة فإن رجوعه لا يقبل.
أما لو شهدت على إقراره بالسرقة ثم جحد فقامت
البينة بذلك فهل يقطع نظرا للبينة أو لا يقطع
نظرا للإقرار على روايتين.
حكاهما الشيرازي.
واقتصر عليهما الزركشي.
قلت الصواب أنه لا يقطع لأن الإقرار أقوى من
البينة عليه ومع هذا يقبل إقراره عليه.
قوله: "السابع مطالبة المسروق منه بماله.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي
وغيره.
قال الزركشي هذا المذهب المختار للخرقي
والقاضي وأصحابه.
قال في الرعايتين وطلب ربه أو وكيله شرط في
الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والحاوي الصغير
وغيرهم.
وقال أبو بكر في الخلاف ليس ذلك بشرط.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
واختارها الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال الزركشي وهو قوي عملا بإطلاق الآية
الكريمة والأحاديث.
وقال في الرعايتين بعد حكاية الخلاف وإن قطع
دون المطالبة أجزأ.
وتقدم في كتاب الحدود ولو قطع يد نفسه بإذن
المسروق منه.
فائدة : وكيل المسروق منه كهو وكذا وليه.
وتقدم قريبا حكم سرقة الكفن.
قوله: "وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من
مفصل الكف وحسمت.
الصحيح من المذهب أن الحسم واجب.
قدمه في الفروع.
(10/215)
واختار المصنف
والشارح أن الحسم مستحب.
ويأتي في كلام المصنف قريبا هل الزيت من بيت
المال أو من مال السارق.
فائدة : يستحب تعليق يده في عنقه.
زاد في البلغة والرعايتين والحاوي ثلاثة أيام
إن رآه الإمام.
قوله: "فإن عاد حبس ولم يقطع.
يعني بعد قطع يده اليمنى ورجله اليسرى وهذا
المذهب بلا ريب.
قال في الفروع هذا المذهب.
واختاره أبو بكر والخرقي وأبو الخطاب في خلافه
وابن عقيل والشيرازي والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والمغني والشرح والمحرر
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه تقطع يده اليسرى في الثالثة والرجل
اليمنى في الرابعة.
قال الزركشي والذي يظهر الرواية الثانية إن
ثبتت الأحاديث ولا تفريع عليها.
وقال في الفروع وقياس قول شيخنا يعني به الشيخ
تقي الدين بن تيمية رحمه الله أن السارق
كالشارب في الرابعة يقتل عنده إذا لم يتب
بدونه انتهى.
قلت بل هذا أولى عنده وضرره أعم.
فعلى المذهب يجلس في الثالثة حتى يتوب كالمرة
الخامسة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وأطلق المصنف وجماعة الحبس ومرادهم الأول.
وقال في الإيضاح يحبس ويعذب.
وقال في التبصرة يحبس أو يغرب.
قلت التغريب بعيد.
وقال في البلغة والرعاية يعزر ويحبس حتى يتوب.
فائدة : قوله: "ومن سرق وليس له يد يمنى قطعت
رجله اليسرى بلا نزاع.
وكذا لو سرق وله يمنى لكن لا رجل له يسرى فإن
يده اليمنى تقطع بلا نزاع بخلاف ما لو كان
الذاهب يده اليسرى ورجله اليمنى فإنه لا يقطع
لتعطيل منفعة الجنس وذهاب عضوين من شق.
ولو كان الذاهب يده اليسرى فقط أو يديه ففي
قطع رجله اليسرى وجهان.
(10/216)
قال في الفروع
بناء على العلتين.
قال في المغني أصحهما لا يجب القطع.
ولو كان الذاهب رجليه أو يمناهما قطعت يمنى
يديه على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع قطعت في الأصح.
وقيل لا تقطع.
تنبيه: قوله: "وإن سرق وله يمنى فذهبت سقط
القطع وإن ذهبت يده اليسرى لم تقطع يده اليمنى
على الرواية الأولى وتقطع على الأخرى.
قال في الفروع تفريعا على الأولى ومن سرق وله
يد يمنى فذهبت هي أو يسرى يديه فقط أو مع
رجليه أو إحداهما فلا قطع لتعلق القطع بها
لوجودها كجناية تعلقت برقبته فمات.
وإن ذهبت رجلاه أو يمناهما فقيل يقطع كذهاب
يسراهما.
وقيل لا لذهاب منفعة المشي.
وأطلقهما في الفروع.
وقال في الرعاية وإن كان أقطع الرجلين أو
يمناهما فقط قطعت يمنى يديه عليهما.
يعني على الروايتين.
وقيل بل على الثانية.
قوله: "وإن وجب قطع يمناه فقطع القاطع يسراه
عمدا فعليه القود.
وإن قطعها خطأ فعليه ديتها.
وفي قطع يمين السارق وجهان وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والمحرر
والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما يقطع.
جزم به في الوجيز.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
والثاني لا يقطع صححه في التصحيح والنظم.
قلت قال في الهداية والمذهب إذا قطع القاطع
يسراه عمدا أقيد من القاطع
وهل تقطع يمينه أم لا على وجهين أصله هل يقطع
أربعته أم لا؟ على روايتين.
(10/217)
فإن قطعها خطأ
أخذ من القاطع الدية.
وهل تقطع يمينه على وجهين انتهيا.
فظاهر هذا أن الصحيح من المذهب أنها لا تقطع
لأن الصحيح من المذهب أنه لو سرق مرة ثالثة أن
يسرى يديه لا تقطع كما تقدم.
وقال في الرعايتين وقيل إن قطعها مع دهشة أو
ظن أنها تجزئ كفت.
وجزم به في الحاوي الصغير إلا أن يكون فيه
سقط.
واختار المصنف والشارح أن القطع يجزئ ولا
ضمان.
وهو احتمال في الانتصار وأنه يحتمل تضمينه نصف
دية.
قوله: "ويجتمع القطع والضمان فترد العين
المسروقة إلى مالكها وإن كانت تالفة غرم
قيمتها وقطع.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وفي الانتصار لا غرم لهتك حرز وتخريبه.
قوله: "وهل يجب الزيت الذي يحسم به وكذا أجرة
القطع من بيت المال أو من مال السارق على
وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر والشرح.
أحدهما يجب من مال السارق وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال في الرعايتين يجب من مال السارق إن قلنا
هو احتياط له.
والوجه الثاني يجب من بيت المال.
قدمه في الخلاصة.
قال في الرعايتين وجزم في المغني والكافي أن
الزيت من بيت المال وقيل من بيت المال إن قلنا
هو من تتمة الحد.
فائدة : لو كانت اليد التي وجب قطعها شلاء فهي
كالمعدومة على ما تقدم على إحدى الروايتين
فينتقل.
(10/218)
قدمه الناظم
والكافي وقال نص عليه وابن رزين في شرحه.
وعنه يجزئ مع أمن تلفه بقطعها.
صححه في الرعايتين.
وجزم به في المنور.
وأطلقهما في المغني والشرح والحاوي والمحرر
والفروع.
وكذا الحكم لو ذهب معظم نفع اليد كقطع الأصابع
كلها أو أربع منها.
فإن ذهبت الخنصر والبنصر أو واحدة غيرهما
أجزأت على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح.
وصححه الناظم.
وقيل لا تجزئ.
وأطلقهما في الفروع.
وقيل لا تجزئ إذا قطع الإبهام وتجزئ إذا قطعت
السبابة والوسطى فإن بقي إصبعان فالصحيح من
المذهب أنه يجزئ قطعهما.
صححه في المغني والشرح والنظم.
وقيل لا يجزئ.
(10/219)
باب حد المحاربين.
تنبيه: يحتمل قوله وهم الذين يعرضون للناس
بالسلاح في الصحراء فيغصبونهم المال مجاهرة.
ولو كان سلاحهم العصي والحجارة وهو صحيح وهو
المذهب.
قال في الفروع والأصح وعصا وحجر.
قال في تجريد العناية وهو الأظهر.
وقطع به المصنف والشارح والزركشي.
وقيل لا يعطون حكم قطاع الطريق.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال في الرعاية الكبرى والأيدي والعصي
والأحجار كالسلاح في وجه.
وقال في البلغة وغيرها لو غصبوهم بأيديهم من
غير سلاح كانوا من قطاع الطريق.
فائدة : من شرطه أن يكون مكلفا ملتزما ليخرج
الحربي.
(10/219)
تنبيه: قوله:
"في الصحراء".
كذا قال الأكثر.
وقال في الرعايتين في صحراء بعيدة.
قوله: "وإن فعلوا ذلك في البنيان لم يكونوا
محاربين في قول الخرقي".
وهو ظاهر كلامه.
قال في تجريد العناية هو الأشهر.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
وقال أبو بكر حكمهم في المصر والصحراء واحد.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف والشارح وهو قول أبي بكر وكثير من
أصحابنا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هو قول
الأكثرين.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قلت منهم أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب
في خلافيهما والشيرازي.
وصححه في الخلاصة.
وقدمه في الفروع.
وقيل حكم المصر حكم الصحراء إن لم يغث.
وقاله القاضي في المجرد والشرح الصغير.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وهو ظاهر تعليل الشريف أبي جعفر ذكره في
الطبقات.
تنبيه: منشأ الخلاف أن الإمام أحمد رحمه الله
سئل عن ذلك فتوقف فيهم.
قوله: "وإذا قدر عليهم فمن كان منهم قد قتل من
يكافئه وأخذ المال قتل حتما بلا نزاع".
ولا يزاد على القتل على الصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الكافي والوجيز وغيرهما.
قال الزركشي هذا المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
(10/220)
وعنه أنه يقطع
مع ذلك أولا.
اختاره أبو محمد الجوزي.
وقيل ويصلبون بحيث لا يموتون.
قوله: "وصلب حتى يشتهر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
منهم القاضي في جامعه وأبو الخطاب والمصنف
وغيرهم.
وجزم به في الكافي والوجيز ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المذهب.
وقال أبو بكر يصلب قدر ما يقع عليه اسم الصلب.
وقال في التبصرة يصلب قدر ما يتمثل به ويعتبر.
قلت وهو أولى وهو قريب من المذهب.
وعند ابن رزين يصلب ثلاثة أيام.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن الصلب بعد قتله
وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب.
وقيل يصلب أولا.
وتقدم في كتاب الجنائز عند قوله ولا يصلي
الإمام على الغال أنه هل يقتل أولا ثم يغسل
ويصلى عليه ثم يصلب أو يصلب عقب القتل.
فائدة : لو مات أو قتل قبل قتله للمحاربة لم
يصلب على الصحيح من المذهب.
وقيل يصلب.
قوله: "وإن قتل من لا يكافئه".
يعني كولده والعبد والذمي.
فهل يقتل على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والشرح
والفروع والزركشي.
إحداهما يقتل وهو المذهب.
صححه في التصحيح.
(10/221)
قال في تجريد
العناية يقتل على الأظهر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
والرواية الثانية لا يقتل.
قال الزركشي هذا أمشى على قاعدة المذهب.
واختارها الشريف وأبو الخطاب والشيرازي.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
قوله: "وإن جنى جناية توجب القصاص فيما دون
النفس فهل يتحتم استيفاؤه على روايتين".
وأطلقهما في البلغة والمحرر والفروع والكافي
والهداية والخلاصة.
إحداهما لا يتحتم استيفاؤه وهو المذهب.
صححه المصنف والشارح والناظم وصاحب التصحيح
وغيرهم.
وجزم به في المنور.
وقدمه في تجريد العناية.
والرواية الثانية يتحتم.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وصححه في تصحيح المحرر.
وهما وجهان في الكافي والبلغة.
فائدتان :
إحداهما لا يسقط تحتم القتل على كلا الروايتين
ولا يسقط تحتم القود في الطرف إذا كان قد قتل
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في المحرر ويحتمل عندي أن يسقط تحتم قود
طرف يتحتم قتله.
قال في الفروع وذكر بعضهم هذا الاحتمال فقال
يحتمل أن تسقط الجناية إن قلنا يتحتم
استيفاؤها.
وذكره بعضهم فقال يحتمل أن يسقط تحتم القتل إن
قلنا يتحتم في الطرف وهذا وهم وهو كما قال.
(10/222)
الثانية: قوله:
"وحكم الردء حكم المباشر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع وكذلك الطليع.
وذكر أبو الفرج السرقة كذلك فردء غير مكلف
كهو.
وقيل يضمن المال آخذه.
وقيل قراره عليه.
وقال في الإرشاد من قاتل اللصوص وقتل قتل
القاتل فقط.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله يقتل الآمر
كردء وأنه في السرقة كذلك.
وفي السرقة في الانتصار الشركة تلحق غير
الفاعل به كردء مع مباشر.
وقال في المفردات إنما قطع جماعة بسرقة نصاب
للسعي بالفساد والغالب من السعاة قطع الطريق
والتلصص بالليل والمشاركة بأعوان بعضهم يقاتل
أو يحمل أو يكثر أو ينقل فقتلنا الكل أو
قطعناهم حسما للفساد انتهى.
قوله: "ومن قتل ولم يأخذ المال قتل".
يعني حتما مطلقا وهذا المذهب بلا ريب.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل يقتل حتما إن قتله لقصد ماله وإلا فلا.
وقيل في غير مكافئ.
فعلى المذهب لا أثر لعفو ولي.
فيعايى بها.
قوله: "وهل يصلب على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والبلغة.
إحداهما لا يصلب وهو المذهب.
صححه المصنف والشارح والناظم وصاحب التصحيح
وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم.
قال الزركشي هذا المذهب.
(10/223)
والرواية
الثانية يصلب.
تنبيه: قوله: "ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت
يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمتا
وخلي".
يعني يكون ذلك حتما.
قال بن شهاب وغيره يجب أن يكون ذلك مرتبا بأن
يقطع يده اليمنى أولا ثم رجله اليسرى.
وجوزه أبو الخطاب ثم أوجبه لكن لا يمكن
تداركه.
قوله: "ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يقطع
السارق في مثله".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وخرج عدم القطع من عدم اعتبار المكافأة.
فائدة : من شرط قطعه أن يأخذ من حرز.
فإن أخذ من منفرد عن القافلة ونحوه لم يقطع.
ومن شرطه أيضا انتفاء الشبهة في المال
المأخوذ.
قوله: "فإن كانت يمينه مقطوعة أو مستحقة في
قصاص أو شلاء قطعت رجله اليسرى وهل تقطع يسرى
يديه يبنى على الروايتين في قطع يسرى السارق
في المرة الثالثة".
وهو بناء صحيح فالمذهب هناك عدم القطع فكذا
هنا هذا هو الصحيح من المذهب.
قال في الفروع هنا بعد أن قدم أنه لا يقطع
وقيل يقطع الموجود مع يده اليسرى.
وقال في البلغة وغيره إن قطعت يمينه قودا
واكتفي برجله اليسرى ففي إمهاله وجهان انتهى.
فائدتان :
إحداهما لو قطعت يسراه قودا وقلنا تقطع يمناه
كسرقة أمهل.
وإن عدم يسرى يديه قطعت يسرى رجليه.
ويتخرج لا تقطع كيمنى يديه في الأصح من
الوجهين.
الثانية لو حارب مرة ثانية لم تقطع أربعته على
الصحيح من المذهب.
وقيل بلى.
وأطلقهما في المحرر.
وهذا الخلاف مبني على الخلاف في السارق إذا
سرق مرة ثالثة على ما تقدم.
(10/224)
قوله: "ومن لم
يقتل ولا أخذ المال نفي وشرد فلا يترك يأتي
إلى بلد".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند القاضي
وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والمحرر
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع
وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه أن نفيه تعزيره بما يردعه.
وقال في التبصرة يعزر ثم ينفى ويشرد.
وعنه أن نفيه حبسه.
وفي الواضح وغيره رواية نفيه طلبه.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب
دخول العبد في ذلك وأنه ينفى.
وقد قال القاضي في التعليق لا تعرف الرواية عن
أصحابنا في ذلك.
وإن سلمناه فالقصد من ذلك كفه عن الفساد وهذا
يشترك فيه الحر والعبد انتهى.
فائدتان :
إحداهما تنفى الجماعة متفرقين على الصحيح من
المذهب خلافا لصاحب التبصرة.
الثانية لا يزال منفيا حتى تظهر توبته على
الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وغيره.
وقيل ينفى عاما.
وذكرهما المصنف والشارح احتمالين وقالا لم
يذكر أصحابنا قدر مدة نفيهم.
قوله: "ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقطت عنه
حدود الله من الصلب والقطع والنفي وانحتام
القتل".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وأطلق في المبهج في حق الله روايتين في أول
الباب وقطع في آخره بالقبول.
قوله: "وأخذ بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح
والأموال إلا أن يعفى له عنها.
قال في الفروع بعد أن ذكر حقوق الآدميين وحقوق
الله فيمن تاب قبل القدرة عليه هذا فيمن تحت
حكمنا.
(10/225)
ثم قال وفي
خارجي وباغ ومرتد ومحارب الخلاف في ظاهر
كلامه.
قاله شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين رحمه
الله.
وقيل تقبل توبته ببينة.
وقيل وقرينة.
وأما الحربي الكافر فلا يؤخذ بشيء في كفره
إجماعا.
قوله: "ومن وجب عليه حد لله سوى ذلك مثل الشرب
والزنا والسرقة ونحوها فتاب قبل إقامته لم
يسقط".
هذا إحدى الروايتين.
وذكره أبو بكر في المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
وعنه أنه يسقط بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الوجيز والمنور ونظم المفردات
وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع.
وصححه في النظم وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي
والشرح والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم.
وعنه إن ثبت الحد ببينة لم يسقط بالتوبة.
ذكرها ابن حامد وبن الزاغوني وغيرهما.
وجزم به في المحرر ولكن أطلق الثبوت.
ويأتي في أواخر باب الشهادة على الشهادة إذا
تاب شاهد الزور قبل التعزير هل يسقط عنه أم
لا.
فعلى هذه الرواية والرواية الأولى يسقط في حق
محارب تاب قبل القدرة.
قال في الفروع ويحتمل أن لا يسقط كما قبل
المحاربة.
(10/226)
وقال في المحرر
لا يسقط بإسلام ذمي ومستأمن نص عليه.
وذكره بن أبي موسى في الذمي.
ونقل فيه أبو داود عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة أن فيه
الخلاف.
ونقل أبو الحارث إن أكره ذمي مسلمة فوطئها قتل
ليس على هذا صولحوا ولو أسلم هذا حد وجب عليه.
فدل أنه لو سقط بالتوبة سقط بالإسلام لأن
التائب وجب عليه أيضا.
وأنه أوجبه بناء على أنه لا يسقط بالتوبة فإنه
لم يصرح بتفرقة بين إسلام وتوبة.
ويتوجه رواية مخرجة من قذف أم النبي صلى الله
عليه وسلم لأنه حد سقط بالإسلام.
واختار صاحب الرعاية يسقط.
وقال في عيون المسائل في سقوط الجزية بالإسلام
إذا أسلم سقطت عنه العقوبات الواجبة بالكفر
كالقتل وغيره من الحدود.
وفي المبهج احتمال يسقط حد زنا ذمي ويستوفى حد
قذف قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وفي الرعاية الخلاف.
وهو معنى ما أخذه القاضي وأبو الخطاب وغيرهما
من عدم إعلامه وصحة توبته أنه حق لله.
وقال في التبصرة يسقط حق آدمي لا يوجب مالا
وإلا سقط إلى مال.
وقال في البلغة في إسقاط التوبة في غير
المحاربة قبل القدرة وبعدها روايتان.
قوله في الرواية الثانية التي هي المذهب وعنه
أنه يسقط بمجرد التوبة قبل.
إصلاح العمل فلا يشترط إصلاح العمل مع التوبة
بل يسقط بمجرد التوبة وهذا الصحيح على هذه
الرواية.
قال الشارح هذا ظاهر قول أصحابنا.
قال في الكافي قال أصحابنا ولا يعتبر إصلاح
العمل مع التوبة في إسقاط الحد.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر
والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل ويعتبر أيضا صلاح عمله مدة.
وعلى المذهب أيضا وهو سقوط الحد بالتوبة فقيل
يسقط بها قبل توبته.
(10/227)
جزم به في
المحرر والوجيز.
وقيل قبل القدرة.
وقيل قبل إقامته.
وأطلقهن في الفروع.
وقال في الكافي والرعاية الكبرى ويحتمل أن
يعتبر إصلاح العمل مدة يتبين فيها صحة توبته.
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي في سقوط حد
الزاني والشارب والسارق والقاذف بالتوبة قبل
إقامة الحد وقيل قبل توبته روايتان.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة
والكافي والهادي والمصنف هنا وغيرهم.
بل هو ظاهر كلام الأصحاب كما قال في المغني.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وأطلقهما في الفروع.
وفي بحث القاضي التفرقة بين علم الإمام بهم
أولا.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله تقبل ولو في
الحد فلا يكمل وأن هربه فيه توبة.
قوله: "ومن أريدت نفسه أو حرمته أو ماله فله
الدفع عن ذلك بأسهل ما يعلم دفعه به".
هذا أحد الوجهين.
واختاره صاحب المستوعب والمصنف والشارح.
وجزم به الزركشي.
وقيل له الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه
أنه يندفع به وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والوجيز وغيرهما.
وقاله في الترغيب وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
(10/228)
وقيل ليس له
ذلك إذا أمكنه هرب أو احتماء ونحوه.
جزم به في المستوعب.
وقيل له المناشدة.
وذكر جماعة منهم المصنف له دفعه بغير الأسهل
ابتداء إن خاف أن يبدده.
قلت وهو الصواب.
قال بعضهم أو يجهله.
قوله: "فإن لم يحصل إلا بالقتل فله ذلك ولا
شيء عليه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج الحارثي قولا بالضمان من ضمان الصائل في
الإحرام على قول أبي بكر.
وفي عيون المسائل في الغصب لو قتل دفعا عن
ماله قتل ولو قتل دفعا عن نفسه لم يقتل نقله
عنه في الفروع.
وفي الفصول يضمن من قتل دفعا عن نفس غيره ومال
غيره.
قوله: "وهل يجب عليه الدفع عن نفسه على
روايتين".
وأطلقهما في المحرر والهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والنظم.
الدفع عن نفسه لا يخلو إما أن يكون في فتنة أو
في غيرها فإن كان في غير فتنة ففيه روايتان.
إحداهما: يلزمه الدفع عن نفسه وهو المذهب.
قال في الفروع ويلزمه الدفع عن نفسه على
الأصح.
قال في التبصرة يلزمه في الأصح.
وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: لا يلزمه الدفع.
قدمه في الشرح ونهاية المبتدئ والرعايتين
والحاوي الصغير.
وإن كان في فتنة فالصحيح من المذهب أنه لا
يلزمه الدفع عنها.
اختاره المصنف والشارح.
وقدمه في الفروع.
وعنه يلزمه.
وعنه يلزمه إن دخل عليه منزلة.
وعنه يحرم والحالة هذه.
(10/229)
فوائد.
منها يلزمه الدفع عن حرمته على الصحيح من
المذهب نص عليه.
واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والنظم.
وقدمه في الفروع.
وقيل لا يلزمه.
قدمه في نهاية المبتدى والرعايتين والحاوي
الصغير.
ومنها لا يلزمه الدفع عن ماله على الصحيح من
المذهب.
قال في الفروع ولا يلزمه عن ماله في الأصح.
واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والنظم.
وقدمه في نهاية المبتدى والرعايتين والحاوي
الصغير.
وعنه يلزمه.
قال في التبصرة يلزمه في الأصح.
ومنها لا يلزمه حفظ ماله عن الضياع والهلاك
على الصحيح من المذهب ذكره القاضي وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في التبصرة يلزمه على الأصح.
وقال في نهاية المبتدئ يجوز دفعه عن نفسه
وحرمته وماله وعرضه.
وقيل يجب.
ومنها له بذل المال.
وذكر القاضي أنه أفضل وأن حنبلا نقله.
وقال في الترغيب المنصوص عنه أن ترك قتاله عنه
أفضل.
وأطلق روايتي الوجوب في الكل ثم قال عندي
ينتقض عهد الذمي.
قال في الفروع وما قاله في الذمي مراد غيره.
ونقل حنبل فيمن يريد المال أرى دفعه إليه ولا
يأتي على نفسه لأنها لا عوض لها.
ونقل أبو الحارث لا بأس.
ومنها أنه يلزمه الدفع عن نفس غيره على الصحيح
من المذهب.
(10/230)
ذكره القاضي
وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وكإحيائه ببذل طعامه.
ذكره القاضي وغيره أيضا.
واختار صاحب الرعاية يلزمه مع ظن سلامة الدافع
وكذا ماله مع ظن سلامتهما.
وذكر جماعة يجوز مع ظن سلامتهما وإلا حرم.
وقيل في جوازه عنهما وعن حرمته روايتان.
نقل حرب الوقف في مال غيره.
ونقل أحمد الترمذي وغيره لا يقاتله لأنه لم
يبح له قتله لمال غيره.
وأطلق صاحب التبصرة والشيخ تقي الدين لزومه عن
مال غيره.
قال في التبصرة فإن أبى أعلم مالكه فإن عجز
لزمته إعانته.
وتقدم كلامه في الفصول.
وجزم أبو المعالي بلزوم دفع حربي وذمي عن نفسه
وبإباحته عن ماله وحرمته وعبد غيره وحرمته.
وأن في إباحته عن مال غيره وصلاة خوف لأجله
روايتين ذكرهما ابن عقيل.
وقال في المذهب وهل يجوز لغير المطلوب أن يدفع
عنه من أراد نفسه أو يجب على وجهين.
أما دفع الإنسان عن مال غيره فيجوز ما لم يفض
إلى الجناية على نفس الطالب أو شيء من أعضائه
انتهى.
ومنها لو ظلم ظالم فنقل بن أبي حرب لا يعينه
حتى يرجع عن ظلمه.
ونقل الأثرم لا يعجبني أن يعينوه أخشى أن
يجترئ يدعوه حتى ينكسر.
واقتصر عليهما الخلال وصاحبه.
وسأله صالح فيمن يستغيث به جاره قال يكره أن
يخرج إلى صيحة بالليل لأنه لا يدرى ما يكون.
قال في الفروع وظاهر كلام الأصحاب فيهما خلافه
وهو أظهر في الثانية انتهى.
قوله: "وسواء كان الصائل آدميا أو بهيمة وهذا
المذهب".
قال المصنف والشارح الأولى من الروايتين في
البهيمة وجوب الدفع إذا أمكنه كما لو خاف من
سيل أو نار وأمكنه أن يتنحى عن ذلك وإن أمكنه
الهرب فالأولى يلزمه.
(10/231)
وقال في
الترغيب البهيمة لا حرمة لها فيجب.
قال في الفروع وما قاله في البهيمة متجه.
فائدة : لو قتل البهيمة حيث قلنا له قتلها فلا
ضمان عليه على الصحيح من المذهب وعليه
الأصحاب.
وتقدم ذلك في أواخر الغصب في كلام المصنف.
قال في القواعد الأصولية هكذا جزم به الأصحاب
في باب الصائل فيما وقفت عليه من كتبهم.
وقال أبو بكر عبد العزيز في التنبيه إذا قتل
صيدا صائلا عليه فعليه الجزاء.
وذكر صاحب الترغيب فرعين.
أحدهما: لو حال بين المضطر وبين الطعام بهيمة
لا تندفع إلا بالقتل جاز له قتلها وهل يضمنها
على وجهين.
الفرع الثاني: لو تدحرج إناء من علو على رأس
إنسان فكسره دفعا عن نفسه بشيء التقاه به فهل
يضمنه على وجهين مع جواز دفعه.
وذكر في الترغيب في باب الأطعمة أن المضطر إلى
طعام الغير وصاحبه مستغن عنه إذا قتله المضطر
فلا ضمان عليه إذا قلنا بجواز مقاتلته.
ويأتي في كلام المصنف في آخر باب الأطعمة جواز
قتاله.
وخرج الحارثي في كتاب الغصب ضمان الصائل على
قول أبي بكر في ضمان الصيد الصائل على المحرم.
قوله: "فإذا دخل رجل منزله متلصصا أو صائلا
فحكمه حكم ما ذكرنا فيما تقدم".
قوله: "وإن عض إنسان إنسانا فانتزع يده من فيه
فسقطت ثناياه ذهبت هدرا".
وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال جماعة من الأصحاب ينتزعها بالأسهل
فالأسهل كالصائل.
تنبيه: محل ذلك إذا كان العض محرما.
(10/232)
قوله: "وإن نظر
في بيته من خصاص الباب أو نحوه فحذف عينه
ففقأها فلا شيء عليه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم.
وقال ابن حامد يدفعه بالأسهل فالأسهل كالصائل
فينذره أولا كمن استرق السمع لا يقصد أذنه بلا
إنذار قاله في الترغيب.
تنبيهان .
الأول: ظاهر كلامه أنه سواء تعمد الناظر أو لا
وهو صحيح إذا ظنه صاحب البيت متعمدا.
وقال في الترغيب أو صادف الناظر عورة من
محارمه.
وقال في المغني في هذه الصورة ولو خلت من
نساء.
الثاني: مفهوم كلامه أن الباب لو كان مفتوحا
ونظر إلى من فيه ليس له رميه وهو صحيح وهو
المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقاله في القواعد الأصولية.
وقدمه في الفروع.
وقيل هو كالنظر من خصاص الباب جزم به بعضهم.
فائدة : لو تسمع الأعمى على من في البيت لم
يجز طعن أذنه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر
الأصحاب.
وقدمه في القواعد الأصولية.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
واختار ابن عقيل طعن أذنه وقال لا ضمان عليه.
تنبيه: قال في القواعد الأصولية هكذا ذكره
الأصحاب الأعمى إذا تسمع وحكوا فيه القولين.
قال والذي يظهر أن تسمع البصير يلحق بالأعمى
على قول ابن عقيل سواء كان أعمى أو بصيرا
انتهى.
قلت وهو الصواب والذي يظهر أنه مرادهم.
وإنما لم يذكروه حملا على الغالب لأن الغالب
من البصير لا يتسمع والعلة جامعة لهما والله
أعلم.
(10/233)
باب قتال أهل البغي.
فائدتان :
إحداهما: نصب الإمام فرض كفاية.
قال في الفروع فرض كفاية على الأصح.
فمن ثبتت إمامته بإجماع أو بنص أو باجتهاد أو
بنص من قبله عليه وبخبر متعين لها حرم قتاله.
وكذا لو قهر الناس بسيفه حتى أذعنوا له ودعوه
إماما.
قاله في الكافي وغيره.
وذكره في الرعاية رواية وقدم أنه لا يكون
إماما بذلك.
وقدم روايتان في الأحكام السلطانية.
فإن بويع لاثنين فالإمام الأول.
قاله في نهاية ابن رزين وتجريد العناية
وغيرهما.
ويعتبر كونه قرشيا حرا ذكرا عدلا عالما كافيا
ابتداء ودواما.
قاله في نهاية ابن رزين وغيره.
ولو تنازعها اثنان متكافئكان في صفات الترجيح
قدم أحدهما بالقرعة.
قال القاضي هذا قياس المذهب كالأذان.
الثانية: هل تصرف الإمام عن الناس بطريق
الوكالة لهم أم بطريق الولاية فيه وجهان.
وخرج الآمدي روايتين بناء على أن خطأه هل هو
في بيت المال أو على عاقلته.
واختار القاضي في خلافه أنه متصرف بالوكالة
لعمومهم.
وذكر في الأحكام السلطانية روايتين في انعقاد
إمامته بمجرد القهر.
قال في القاعدة الحادية والستين وهذا يحسن أن
يكون أصلا للخلاف في الولاية والوكالة أيضا.
وينبني على هذا الخلاف انعزاله بالعزل.
ذكره الآمدي.
فإن قلنا هو وكيل فله عزل نفسه.
وإن قلنا هو وال لم ينعزل بالعزل ولا ينعزل
بموت من تابعه.
وهل لهم عزله إن كان بسؤاله فحكمه حكم من عزل
نفسه وإن كان بغير سؤاله لم يجز بغير خلاف
ذكره القاضي وغيره.
(10/234)
تنبيهات .
أحدها: ظاهر قوله وهم الذين يخرجون على الإمام
بتأويل سائغ.
أنه سواء كان الإمام عادلا أو لا وهو المذهب
وعليه جماهير الأصحاب.
وجوز ابن عقيل وابن الجوزي الخروج على إمام
غير عادل وذكرا خروج الحسين على يزيد لإقامة
الحق.
وهو ظاهر كلام ابن رزين على ما تقدم.
قال في الفروع ونصوص الإمام أحمد رحمه الله أن
ذلك لا يحل وأنه بدعة مخالف للسنة وآمره
بالصبر وأن السيف إذا وقع عمت الفتنة وانقطعت
السبل فتسفك الدماء وتستباح الأموال وتنتهك
المحارم.
الثاني: مفهوم قوله ولهم منعة وشوكة.
أنهم لو كانوا جمعا يسيرا أنهم لا يعطون حكم
البغاة وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
بل حكمهم حكم قطاع الطريق.
وقال أبو بكر هم بغاة أيضا.
وهو رواية ذكرها أبو الخطاب.
الثالث: ظاهر كلام المصنف أيضا أنه سواء كان
فيهم واحد مطاع أولا وأنهم سواء كانوا في طرف
ولايته أو وسطها وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر
كلام الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تتم شوكتهم إلا وفيهم واحد
مطاع وأنه يعتبر كونهم في طرف ولايته.
وقال في عيون المسائل تدعو إلى نفسها أو إلى
إمام غيره.
قوله: "وعلى الإمام أن يراسلهم ويسألهم ما
ينقمون منه ويزيل ما يذكرونه من مظلمة ويكشف
ما يدعونه من شبهة" بلا نزاع.
قوله: "فإن فاءوا وإلا قاتلهم".
يعني إذا كان يقدر على قتالهم وهذا المذهب
وعليه الأصحاب.
(10/235)
وقال المصنف
والشيخ تقي الدين رحمهما الله له قتل الخوارج
ابتداء وتتمة الجريح.
قال في الفروع وهو خلاف ظاهر رواية عبدوس بن
مالك.
وقال المصنف في المغني والشارح في الخوارج
ظاهر قول المتأخرين من أصحابنا أنهم بغاة لهم
حكمهم وأنه قول جمهور العلماء.
قال في الفروع كذا قال وليس بمرادهم لذكرهم
كفرهم وفسقهم بخلاف البغاة.
قال في الكافي ذهب فقهاء أصحابنا إلى أن حكم
الخوارج حكم البغاة.
وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار
حكمهم حكم المرتدين انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يفرق جمهور
العلماء بين الخوارج والبغاة المتأولين وهو
المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم وعليه عامة
أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين ونصوص أكثر
الأئمة وأتباعهم.
قال في الفروع واختيار شيخنا يخرج على وجه من
صوب غير معين أو وقف لأن عليا رضي الله عنه هو
المصيب وهي أقوال في مذهبنا.
وقال في الرعاية الكبرى الخوارج بغاة مبتدعة
يكفرون من أتى كبيرة ولذلك طعنوا على الأئمة
وفارقوا الجماعة وتركوا الجمعة ومنهم من كفر
الصحابة رضي الله عنهم وسائر أهل الحق واستحل
دماء المسلمين وأموالهم وقيل هؤلاء كفار
كالمرتدين فيجوز قتلهم ابتداء وقتل أسيرهم
واتباع مدبرهم ومن قدر عليه منهم استتيب فإن
تاب وإلا قتل وهو أولى انتهى.
قلت وهو الصواب.
قال الزركشي الخوارج الذين يكفرون بالذنب
ويكفرون عثمان وعليا وطلحة والزبير رضي الله
عنهم ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم فيهم
روايتان حكاهما القاضي في تعليقه.
إحداهما هم كفار.
والثانية لا يحكم بكفرهم.
تنبيه: قوله: "فإن فاءوا وإلا قاتلهم الإمام".
يعني وجوبا.
جزم به في المغني والشرح والقاضي وغيرهم.
قال الزركشي ظاهر قصة الحسين بن علي رضي الله
عنهما وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: "
ستكون فتنة" يقتضي أن القتال لا يجب ومال
إليه.
(10/236)
قوله: "وهل
يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم على
وجهين".
يعني بسلاح البغاة وكراعهم صرح به الأصحاب
وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والمغني والمحرر والشرح وشرح ابن
منجا والحاوي.
أحدهما: لا يجوز إلا عند الضرورة وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم والرعايتين.
وقدمه في الفروع.
والثاني: يجوز مطلقا جزم به في الوجيز.
فائدة : المراهق منهم والعبد كالخيل قاله في
الترغيب.
قوله: "ولا يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريح".
اعلم أنه يحرم قتل مدبرهم وجريحهم بلا نزاع.
ولا يتبع مدبرهم على الصحيح من المذهب مطلقا.
وقيل في آخر القتال ذكره في الرعايتين.
قلت يتوجه أن يقال إن خيف من اجتماعهم ورجوعهم
تبعهم.
فعلى المذهب إن فعل ففي القود وجهان.
وأطلقهما في المغني والكافي والشرح والرعاية
الكبرى والفروع.
أحدهما: يقاد به وهو ظاهر كلام المصنف والشارح
الآتي.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
والثاني: لا يقاد به.
قلت وهو الصواب لاختلاف العلماء في ذلك فأنتج
شبهة.
فائدة : قال في المستوعب المدبر من انكسرت
شوكته لا المتحرف إلى موضع.
وقال في المغني والشرح يحرم قتل من ترك
القتال.
قوله: "ومن أسر من رجالهم حبس حتى تنقضي الحرب
ثم يرسل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والمحرر
والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهما.
(10/237)
وقيل يخلى إن
أمن عوده.
وقال في الترغيب لا يرسل مع بقاء شوكتهم.
قلت وهو الصواب.
ولعله مراد من أطلق.
فعلى هذا لو بطلت شوكتهم ولكن يتوقع اجتماعهم
في الحال ففي إرساله وجهان.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير
والفروع.
قلت الصواب عدم إرساله.
وقيل يجوز حبسه ليخلي أسيرنا.
قوله: "فإن أسر صبي أو امرأة فهل يفعل به ذلك
أو يخلى في الحال يحتمل وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا .
أحدهما: يفعل به كما يفعل بالرجل وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: يخلى في الحال.
صححه المصنف والشارح.
قلت الصواب النظر إلى ما هو أصلح من الإمساك
والإرسال.
ولعل الوجهين مبنيان على ذلك.
قوله: "ولا يضمن أهل العدل ما أتلفوه عليهم
حال الحرب من نفس أو مال بلا نزاع".
وتقدم في كفارة القتل هل يجب على القاتل كفارة
أم لا.
وقوله: "وهل يضمن البغاة ما أتلفوه على أهل
العدل في الحرب على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والهادي والمحرر والرعايتين والحاوي
الصغير.
إحداهما لا يضمنون وهو المذهب.
صححه في المغني والشرح والنظم.
(10/238)
قال الزركشي
هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور والمنتخب وغيرهما.
وقدمه في الكافي والفروع وغيرهما.
قلت فيعايى بها.
والرواية الثانية: يضمنون.
صححه في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز.
فعلى الرواية الثانية في القود وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى قلت إن ضمن المال احتمل
القود وجهين انتهى.
قلت الصواب وجوب القود.
والوجهان أيضا في تحتم القتل بعدها قاله في
الفروع.
فائدة : قوله: "وما أخذوا في حال امتناعهم من
زكاة أو خراج أو جزية لم يعد عليهم ولا على
صاحبه".
الصحيح من المذهب أنه يجزئ دفع الزكاة إلى
الخوارج والبغاة.
نص عليه في الخوارج إذا غلبوا على بلد وأخذوا
منه العشر وقع موقعه.
قال القاضي في الشرح هذا محمول على أنهم خرجوا
بتأويل.
وقال في موضع إنما يجزئ أخذهم إذا نصبوا لهم
إماما.
قال في الفروع وظاهر كلامه في موضع من الأحكام
السلطانية أنه لا يجزئ الدفع إليهم اختيارا.
وعن الإمام أحمد رحمه الله التوقف فيما أخذه
الخوارج من الزكاة.
وقال القاضي وقد قيل تجوز الصلاة خلف الأئمة
الفساق ولا يجوز دفع الأعشار والصدقات إليهم
ولا إقامة الحدود.
وعن الإمام أحمد رحمه الله نحوه.
(10/239)
قوله: "وإن
ادعى ذمي دفع جزيته إليهم لم تقبل إلا ببينة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفيه احتمال تقبل بلا بينة إذا كان بعد الحول.
قوله: "وإن ادعى إنسان دفع خراجه إليهم فهل
تقبل بغير بينة على وجهين".
عبارته في الهداية والمذهب والخلاصة كذلك.
فقد يقال شمل كلامه مسألتين.
إحداهما: إذا كان مسلما وادعى ذلك فأطلق في
قبول قوله بلا بينة وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمغني والكافي والشرح والفروع
والزركشي.
أحدهما: لا يقبل إلا ببينة صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يقبل مع يمينه صححه في النظم.
وجزم به في المنور.
والمسألة الثانية: إذا كان ذميا وأطلق في قبول
قوله بلا بينة وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الكبرى.
أحدهما لا يقبل وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي
الصغير والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والزركشي وغيرهما.
والوجه الثاني: يقبل قوله مع يمينه جزم به في
المنور.
وهو ظاهر ما صححه في النظم.
قال الزركشي وغيره وقيل يقبل بعد مضي الحول.
قوله: "وتجوز شهادتهم ولا ينقض من حكم حاكمهم
إلا ما ينقض من حكم غيره".
هذا المذهب فيهما وعليه جماهير الأصحاب.
(10/240)
وجزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز والحاوي
الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وقال ابن عقيل تقبل شهادتهم ويؤخذ عنهم العلم
ما لم يكونوا دعاة.
ذكره أبو بكر.
وذكر في المغني والترغيب والشرح أن الأولى رد
كتابه قبل الحكم به.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أن ابن عقيل
وغيره فسقوا البغاة.
فائدة : لو ولي الخوارج قاضيا لم يجز قضاؤه
عند الأصحاب.
وفي المغني والشرح احتمال بصحة قضاء الخارجي
دفعا للضرر كما لو أقام الحد أو أخذ جزية
وخراجا وزكاة.
قوله: "وإن استعانوا بأهل الذمة فأعانوهم
انتقض عهدهم إلا أن يدعوا أنهم ظنوا أنه يجب
عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو
ذلك فلا ينتقض عهدهم".
إذا قاتل أهل الذمة مع البغاة فلا يخلو إما أن
يدعوا شبهة أو لا.
فإن لم يدعوا شبهة كما ذكره المصنف وغيره
انتقض عهدهم على الصحيح من المذهب وعليه
جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة.
والهادي والبلغة والمحرر والرعاية الصغرى
والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل لا ينتقض.
فعلى المذهب يصيرون كأهل الحرب.
وعلى الثاني يكون حكمهم حكم البغاة.
وعلى الثاني أيضا في أهل عدل وجهان.
قال في الفروع وقيل لا ينتقض عهدهم ففي أهل
عدل وجهان انتهى.
قلت الذي يظهر أن العكس أولى وهو أنهم إذا
قاتلوا مع البغاة وقلنا ينتقض عهدهم فهل ينتقض
عهدهم إذا قاتلوا مع أهل العدل هذا ما يظهر.
وإن ادعوا شبهة كظنهم وجوبه عليهم ونحوه لم
ينتقض عهدهم على الصحيح من المذهب وعليه
الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب في نقض عهدهم وجهان.
(10/241)
قوله: "ويغرمون
ما أتلفوه من نفس ومال".
يعني أهل الذمة إذا قاتلوا وهذا المذهب وعليه
جماهير الأصحاب.
وقطع به أكثرهم منهم صاحب الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني
والشرح والمحرر والنظم والرعاية الصغرى
والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقال في الفروع ويضمنون ما أتلفوه في الأصح.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا يضمنون.
وقال في الرعاية الكبرى قلت وإن انتقض عهدهم
فلا يضمن.
تنبيه: قوله: "وإن استعانوا بأهل الحرب
وأمنوهم لم يصح أمانهم وأبيح قتلهم".
يعني لغير الذين أمنوهم فأما الذين أمنوهم فلا
يباح لهم ذلك وهو ظاهر.
قوله: "وإن أظهر قوم رأي الخوارج ولم يجتمعوا
لحرب لم يتعرض لهم".
بل تجري الأحكام عليهم كأهل العدل.
قال في الفروع ذكره جماعة.
قلت منهم أبو بكر وصاحب الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي
والكافي والمغني والشرح والبلغة والمحرر
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز
وإدراك الغاية والمنور والمنتخب وتجريد
العناية ونهاية ابن رزين وغيرهم.
وسأله المروزي عن قوم من أهل البدع يتعرضون
ويكفرون قال لا تعرضوا لهم.
قلت وأي شيء تكره أن يحبسوا قال لهم والدات
وأخوات.
وقال في رواية ابن منصور الحرورية إذا دعوا
إلى ما هم عليه إلى دينهم فقاتلهم وإلا فلا
يقاتلون.
وسأله إبراهيم الأطروش عن قتل الجهمي قال أرى
قتل الدعاة منهم.
ونقل بن الحكم أن مالكا رحمه الله قال عمرو بن
عبيد يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
قال الإمام أحمد رحمه الله أرى ذلك إذا جحد
العلم.
وذكر له المروذي عمرو بن عبيد قال كان لا يقر
بالعلم وهذا كافر.
(10/242)
وقال له
المروذي الكرابيسي يقول من لم يقل لفظه
بالقرآن مخلوق فهو كافر فقال هو الكافر.
فوائد:
الأولى: قوله : "فإن سبوا الإمام عزرهم".
وكذا لو سبوا عدلا فلو عرضوا للإمام أو للعدل
بالسب ففي تعزيرهم وجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع والمغني والشرح والكافي.
أحدهما: يعزر.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في المنور.
والوجه الثاني: لا يعزر.
قال في المذهب فإن صرحوا بسب الإمام عزرهم.
الثانية: قال الإمام أحمد رحمه الله في مبتدع
داعية له دعاة أرى حبسه.
وكذا قال في التبصرة على الإمام منعهم وردعهم
ولا يقاتلهم إلا أن يجتمعوا لحربه فكبغاة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله أيضا في الحرورية
الداعية يقاتل كبغاة.
ونقل ابن منصور يقاتل من منع الزكاة وكل من
منع فريضة فعلى المسلمين قتاله حتى يأخذوها
منه.
واختاره أبو الفرج والشيخ تقي الدين رحمه الله
وقال أجمعوا أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة
متواترة من شرائع الإسلام يجب قتالها حتى يكون
الدين كله لله كالمحاربين وأولى.
وقال في الرافضة شر من الخوارج اتفاقا.
قال وفي قتل الواحد منهما ونحوهما وكفره
روايتان والصحيح جواز قتله كالداعية ونحوه.
الثالثة: من كفر أهل الحق والصحابة رضي الله
عنهم واستحل دماء المسلمين بتأويل فهم خوارج
بغاة فسقة قدمه في الفروع.
وعنه هم كفار.
قلت وهو الصواب والذي ندين الله به.
قال في الترغيب والرعاية وهي أشهر.
وذكر ابن حامد أنه لا خلاف فيه.
وذكر ابن عقيل في الإرشاد عن أصحابنا تكفير من
خالف في أصل كخوارج وروافض ومرجئة.
(10/243)
وذكر غيره
روايتين فيمن قال لم يخلق الله المعاصي أو وقف
فيمن حكمنا بكفره وفيمن سب صحابيا غير مستحل
وأن مستحله كافر.
وقال في المغني يخرج في كل محرم استحل بتأويل
كالخوارج ومن كفرهم فحكمهم عنده كمرتدين.
قال في المغني هذا مقتضى قوله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله نصوصه صريحة
على عدم كفر الخوارج والقدرية والمرجئة وغيرهم
وإنما كفر الجهمية لا أعيانهم.
قال وطائفة تحكي عنه روايتين في تكفير أهل
البدع مطلقا حتى المرجئة والشيعة المفضلة لعلي
رضي الله عنه.
قال ومذاهب الأئمة الإمام أحمد وغيره رحمهم
الله مبنية على التفضيل بين النوع والعين.
ونقل محمد بن عوف الحمصي من أهل البدع الذين
أخرجهم النبي عليه الصلاة والسلام من الإسلام
القدرية والمرجئة والرافضة والجهمية فقال لا
تصلوا معهم ولا تصلوا عليهم.
ونقل محمد ابن منصور الطوسي من زعم أن في
الصحابة خيرا من أبي بكر رضي الله عنه فولاه
النبي صلى الله عليه وسلم فقد افترى عليه وكفر
فإن زعم بأن الله يقر المنكر بين أنبيائه في
الناس فيكون ذلك سبب ضلالتهم.
ونقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله من قال
علم الله مخلوق كفر.
ونقل المروذي القدري لا نخرجه عن الإسلام.
وقال في نهاية المبتدئ من سب صحابيا مستحلا
كفر وإلا فسق.
وقيل وعنه يكفر.
نقل عبد الله فيمن شتم صحابيا القتل أجبن عنه
ويضرب ما أراه على الإسلام.
وذكر ابن حامد في أصوله كفر الخوارج والرافضة
والقدرية والمرجئة.
وقال من لم يكفر من كفرناه فسق وهجر وفي كفره
وجهان.
والذي ذكره هو وغيره من رواية المروذي وأبي
طالب ويعقوب وغيرهم أنه لا يكفر.
وقال من رد موجبات القرآن كفر ومن رد ما تعلق
بالأخبار والآحاد الثابتة فوجهان وأن غالب
أصحابنا على كفره فيما يتعلق بالصفات.
(10/244)
وذكر ابن حامد
في مكان آخر إن جحد أخبار الآحاد كفر
كالمتواتر عندنا يوجب العلم والعمل فأما من
جحد العلم بها فالأشبه لا يكفر ويكفر في نحو
الإسراء والنزول ونحوه من الصفات.
وقال في إنكار المعتزل استخراج قلبه صلى الله
عليه وسلم ليلة الإسراء وإعادته في كفرهم به
وجهان بناء على أصله في القدرية الذين ينكرون
علم الله وأنه صفة له وعلى من قال لا أكفر من
لا يكفر الجهمية.
الرابعة قوله وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو
طلب رئاسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما
أتلفت على الأخرى.
وهذا بلا خلاف أعلمه.
لكن قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن جهل قدر
ما نهبته كل طائفة من الأخرى تساوتا كمن جهل
قدر المحرم من ماله أخرج نصفه والباقي له.
وقال أيضا أوجب الأصحاب الضمان على مجموع
الطائفة وإن لم يعلم عين المتلف.
وقال أيضا وإن تقاتلا تقاصا لأن المباشر
والمعين سواء عند الجمهور.
الخامسة لو دخل أحد فيهما ليصلح بينهما فقتل
وجهل قاتله ضمنته الطائفتان.
(10/245)
باب حكم المرتد.
فائدتان :
إحداهما: قوله "فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته
أو وحدانيته أو صفة من صفاته".
قال ابن عقيل في الفصول أو جحد صفة من صفاته
المتفق على إثباتها.
الثانية: قوله: "أو سب الله تعالى أو رسوله
صلى الله عليه وسلم كفر".
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا لو كان
مبغضا لرسوله صلى الله عليه وسلم أو لما جاء
به اتفاقا.
تنبيه: قوله: "فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته
أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو اتخذ لله
صاحبة أو ولدا أو جحد نبيا أو كتابا من كتب
الله أو شيئا منه أو سب الله أو رسوله كفر بلا
نزاع في الجملة".
ومراده إذا أتى بذلك طوعا ولو هازلا وكان ذلك
بعد أن أسلم طوعا.
وقيل وكرها.
قلت ظاهر كلام الأصحاب أن هذه الأحكام مترتبة
عليه حيث حكمنا بإسلامه طوعا أو كرها.
(10/245)
وأطلقهما في
الفروع.
وقال والأصح بحق يعني إذا أكره على الإسلام لا
بد أن يكون بحق على الأصح.
فائدة : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا
الحكم لو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل
عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا.
قال جماعة من الأصحاب أو سجد لشمس أو قمر.
قال في الترغيب أو أتى بقول أو فعل صريح في
الاستهزاء بالدين.
وقيل أو كذب على نبي أو أصر في دارنا على خمر
أو خنزير غير مستحل.
وقال القاضي رأيت بعض أصحابنا يكفر جاحد تحريم
النبيذ والمسكر كله كالخمر ولا يكفر بجحد قياس
اتفاقا للخلاف بل سنة ثابتة.
قال ومن أظهر الإسلام وأسر الكفر فمنافق وإن
أظهر أنه قائم بالواجب وفي قلبه أن لا يفعل
فنفاق وهل يكفر على وجهين.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب لا
يكفر إلا منافق أسر الكفر.
قال ومن أصحابنا من أخرج الحجاج بن يوسف عن
الإسلام لأنه أخاف أهل المدينة وانتهك حرم
الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال في الفروع فيتوجه عليه يزيد بن معاوية
ونحوه.
ونص الإمام أحمد رحمه الله بخلاف ذلك وعليه
الأصحاب وأنه لا يجوز التخصيص باللعنة خلافا
لأبي الحسين وابن الجوزي وغيرهما.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر كلامه
الكراهة.
قوله: "وإن ترك شيئا من العبادات الخمس تهاونا
لم يكفر".
يعني إذا عزم على أن لا يفعله أبدا استتيب
وجوبا كالمرتد فإن أصر لم يكفر ويقتل حدا.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه يكفر إلا بالحج لا يكفر بتأخيره بحال.
وعنه يكفر بالجميع نقلها أبو بكر.
واختارها هو وبن عبدوس في تذكرته.
وعنه يختص الكفر بالصلاة وهو الصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب.
(10/246)
قال ابن شهاب
هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في الفروع.
وقال اختاره الأكثر.
وعنه يختص الكفر بالصلاة والزكاة.
وعنه يختص بالصلاة والزكاة إذا قاتل عليهما
الإمام.
وجزم به بعض الأصحاب.
وعنه لا يكفر ولا يقتل بترك الصوم والحج خاصة.
وتقدم ذلك في أول كتاب الصلاة وباب إخراج
الزكاة مستوفى بأتم من هذا.
قوله: "فمن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء
وهو بالغ عاقل مختار أيضا دعي إليه ثلاثة أيام
يعني وجوبا وضيق عليه فإن لم يتب قتل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال في النظم هذا أشهر الروايتين.
قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب.
وعنه لا تجب الاستتابة بل تستحب ويجوز قتله في
الحال.
قال في الفروع وعنه لا تجب استتابته.
وعنه ولا تأجيله.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر.
تنبيه: يستثنى من ذلك رسول الكفار إذا كان
مرتدا بدليل رسولي مسيلمة.
ذكره بن القيم رحمه الله في الهدى.
قلت فيعايى بها.
فائدة : قال ابن عقيل في الفنون فيمن ولد
برأسين فلما بلغ نطق أحد الرأسين بالكفر
والآخر بالإسلام إن نطقا معا ففي أيهما يغلب
احتمالان.
قال والصحيح إن تقدم الإسلام فمرتد.
(10/247)
قوله: "وإن عقل
الصبي الإسلام صح إسلامه وردته".
يعني إذا كان مميزا.
وهذا المذهب كما قال المصنف هنا.
وقاله الشارح وصاحب التلخيص في باب اللقطة
والفروع وغيرهم.
قال في القواعد الأصولية هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في المنور وغيره.
وقد أسلم الزبير بن العوام رضي الله عنه وهو
بن ثمان سنين وكذلك علي بن أبي طالب رضي الله
عنه.
حكاه في التلخيص في باب اللقطة وقاله عروة.
وعنه يصح إسلامه دون ردته.
قال في الفروع وهي أظهر.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وعنه لا يصح شيء منهما حتى يبلغ.
وعنه يصح ممن بلغ عشرا.
وجزم به في الوجيز.
واختاره الخرقي والقاضي في المجرد في صحة
إسلامه.
قال الزركشي هو المذهب المعروف والمختار لعامة
الأصحاب حتى إن جماعة منهم أبو محمد في المغني
والكافي جزموا بذلك انتهى.
وقدمه في المحرر.
وعنه يصح ممن بلغ سبعا.
فعلى هذه الروايات كلها يحال بينه وبين
الكفار.
قال في الانتصار ويتولاه المسلمون ويدفن في
مقابرهم وأن فريضته مترتبة على صحته كصحته
تبعا وكصوم مريض ومسافر رمضان.
قوله: "وإن أسلم".
يعني الكافر صغيرا كان أو كبيرا وإن كان ظاهره
في الصغير.
ثم قال لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله وأجبر
على الإسلام.
وهذا المذهب قال أبو بكر والعمل عليه.
(10/248)
وجزم به ابن
منجا في شرحه.
وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وعنه يقبل منه.
وعنه يقبل منه إن ظهر صدقه وإلا فلا.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يقبل من
الصبي ولا يجبر على الإسلام.
قال أبو بكر هذا قول محتمل لأن الصبي في مظنة
النقص فيجوز أن يكون صادقا قال والعمل على
الأول.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال لكافر
أسلم وخذ ألفا فأسلم ولم يعطه فأبى الإسلام
يقتل وينبغي أن يفي.
قال وإن أسلم على صلاتين قبل منه وأمر بالخمس.
قوله: "ولا يقتل حتى يبلغ ويجاوز ثلاثة أيام
من وقت بلوغه".
وهذا المذهب وعليه عامة الأصحاب وقطع به
أكثرهم.
وقال في الروضة تصح ردة مميز فيستتاب فإن تاب
وإلا قتل وتجري عليه أحكام البلغ وغير المميز
ينتظر بلوغه فإن بلغ مرتدا قتل بعد الاستتابة.
وقيل لا يقتل حتى يبلغ مكلفا انتهى.
قوله: "ومن ارتد وهو سكران لم يقتل حتى يصحو
ويتم له ثلاثة أيام من وقت ردته".
تصح ردة السكران على الصحيح من المذهب.
قال أبو الخطاب في الهداية هذا أظهر الروايتين
واختاره عامة شيوخنا.
قال الناظم هذا أظهر قولي الإمام أحمد رحمه
الله.
قال الزركشي هذا المشهور.
وصححه في تجريد العناية.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع في كتاب الطلاق.
وعنه لا تصح ردته.
اختاره الناظم في كتاب الطلاق.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الطلاق.
(10/249)
وأطلقهما في
المذهب والخلاصة والشرح.
قوله: "لم يقتل حتى يصحو وتتم له ثلاثة أيام
من وقت ردته".
وهو أحد القولين اختاره الخرقي.
وجزم به في الشرح وشرح ابن منجا وغيرهم.
والصحيح من المذهب أن ابتداء الأيام الثلاثة
من حين صحوه.
وجزم به في الوجيز وتجريد العناية.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم.
قوله : "وهل تقبل توبة الزنديق ومن تكررت ردته
أو من سب الله أو رسوله والساحر".
يعني الذي يكفر بسحره على روايتين.
وأطلقهما الزركشي.
إحداهما: لا تقبل توبته ويقتل بكل حال.
وهو المذهب صححه في التصحيح وإدراك الغاية.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين وغيرهم.
وهو اختيار أبي بكر والشريف وأبي الخطاب وابن
البنا والشيرازي في الزنديق.
قال القاضي في التعليق هذا الذي نصره الأصحاب.
وهو اختيار أبي الخطاب في خلافه في الساحر.
وقطع به القاضي في تعليقه والشيرازي في ساب
الرسول صلى الله عليه وسلم والخرقي في قوله من
قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم قتل.
والأخرى تقبل توبته كغيره.
وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى والحاوي
الصغير.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وهو اختيار الخلال في الساحر ومن تكررت ردته
والزنديق وآخر قولي الإمام أحمد رحمه الله.
وهو اختيار القاضي في روايتيه فيمن تكررت
ردته.
وظاهر كلامه في تعليقه في ساب الله تعالى.
وعنه لا تقبل إن تكررت ردته ثلاثا فأكثر وإلا
قبلت.
(10/250)
وقال في الفصول
عن أصحابنا لا تقبل توبته إن سب النبي صلى
الله عليه وسلم لأنه حق آدمي لا يعلم إسقاطه
وأنها تقبل إن سب الله تعالى لأنه يقبل التوبة
في خالص حقه.
وجزم به في عيون المسائل وغيرها لأن الخالق
منزه عن النقائص فلا يلحق به بخلاف المخلوق
فإنه محل لها ولهذا افترقا.
وعنه مثلهم فيمن ولد على الفطرة ثم ارتد ذكره
الشيخ تقي الدين رحمه الله.
تنبيه: محل الخلاف في الساحر حيث يحكم بقتله
بذلك على ما يأتي في آخر الباب.
فوائد .
الأولى: حكم من تنقص النبي صلى الله عليه وسلم
حكم من سبه صلوات الله وسلامه عليه على الصحيح
من المذهب ونقله حنبل.
وقدمه في الفروع.
وقيل ولو تعريضا.
نقل حنبل من عرض بشيء من ذكر الرب فعليه القتل
مسلما كان أو كافرا وأنه مذهب أهل المدينة.
وسأله ابن منصور ما الشتيمة التي يقتل بها قال
نحن نرى في التعريض الحد.
قال فكان مذهبه فيما يجب فيه الحد من الشتيمة
التعريض.
الثانية: محل الخلاف المتقدم في عدم قبول
توبتهم وقبولها في أحكام الدنيا من ترك قتلهم
وثبوت أحكام الإسلام.
فأما في الآخرة فإن صدقت توبته قبلت بلا خلاف.
ذكره ابن عقيل والمصنف والشارح وجماعة.
وقدمه في الفروع.
وفي إرشاد ابن عقيل رواية لا تقبل توبة
الزنديق باطنا وضعفها وقال كمن تظاهر بالصلاح
إذا أتى معصية وتاب منها.
وذكر القاضي وأصحابه رواية لا تقبل توبة داعية
إلى بدعة مضلة اختارها أبو إسحاق بن شاقلا.
وقال ابن عقيل في إرشاده نحن لا نمنع أن يكون
مطالبا بمن أضل.
قال في الفروع وظاهر كلام غيره لا مطالبة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد بين الله
أنه يتوب على أئمة الكفر الذين هم أعظم من
أئمة البدع.
(10/251)
وقال في
الرعاية من كفر ببدعة قبلت توبته على الأصح.
وقيل إن اعترف بها.
وقيل لا تقبل من داعية.
الثالثة: الزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويخفي
الكفر ويسمى منافقا في الصدر الأول.
وأما من أظهر الخير وأبطن الفسق فكالزنديق في
توبته في قياس المذهب قاله في الفروع.
وذكره ابن عقيل وحمل رواية قبول توبة الساحر
على المتظاهر وعكسه بعكسه.
قال في الفروع يؤيده تعليلهم للرواية المشهورة
بأنه لم يوجد بالتوبة سوى ما يظهره.
قال وظاهر كلام غيره تقبل وهو أولى في الكل
انتهى.
الرابعة: تقبل توبة القاتل على الصحيح من
المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وذكر القاضي وأصحابه رواية لا تقبل توبته.
فعلى المذهب لو اقتص من القاتل أو عفي عنه هل
يطالبه المقتول في الآخرة فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال الإمام بن القيم رحمه الله في الداء
والدواء وغيره بعد ذكر الروايتين والتحقيق في
المسألة أن القتل يتعلق به ثلاث حقوق حق لله
وحق للمقتول وحق للولي فإذا أسلم القاتل نفسه
طوعا واختيارا إلى الولي ندما على ما فعل
وخوفا من الله وتوبة نصوحا سقط حق الله
بالتوبة وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح أو
العفو وبقي حق المقتول يعوضه الله تعالى عنه
يوم القيامة عن عبده التائب المحسن ويصلح بينه
وبينه فلا يذهب حق هذا ولا تبطل توبة هذا
انتهى وهو الصواب.
قوله: "وتوبة المرتد إسلامه وهو أن يشهد أن لا
إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا أن
تكون ردته بإنكار فرض أو إحلال محرم أو جحد
نبي أو كتاب أو انتقل إلى دين من يعتقد أن
محمدا بعث إلى العرب خاصة فلا يصح إسلامه حتى
يقر بما جحده ويشهد أن محمدا بعث إلى العالمين
أو يقول أنا بريء من كل دين يخالف دين
الإسلام".
يعني يأتي بذلك مع الإتيان بالشهادتين إذا كان
ارتداده بهذه الصفة وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع.
وعنه يغني قوله محمد رسول الله عن كلمة
التوحيد.
(10/252)
وعنه يغني ذلك
عن مقر بالتوحيد اختاره المصنف.
قال في الفروع ويتوجه احتمال يكفي التوحيد ممن
لا يقر به كالوثني لظاهر الأخبار ولخبر أسامة
بن زيد رضي الله عنهما وقتله الكافر الحربي
بعد قوله لا إله إلا الله لأنه مصحوب بما
يتوقف على الإسلام ومستلزم له.
وذكر بن هبيرة في الإفصاح يكفي التوحيد مطلقا
ذكره في حديث جندب وأسامة قال فيه إن الإنسان
إذا قال لا إله إلا الله عصم بها دمه ولو ظن
السامع أنه قالها فرقا من السيف بعد أن يكون
مطلقا.
فوائد .
الأولى: نقل أبو طالب في اليهودي إذا قال قد
أسلمت وأنا مسلم وكذا قوله أنا مؤمن يجبر على
الإسلام قد علم ما يراد منه.
وقاله القاضي أبو يعلى وابن البنا وغيرهما من
الأصحاب.
وذكر في المغني احتمالا أن هذا في الكافر
الأصلي ومن جحد الوحدانية أما من كفر بجحد نبي
أو كتاب أو فريضة أو نحو هذا فإنه لا يضر
مسلما بذلك.
وفي مفردات أبي يعلى الصغير لا خلاف أن الكافر
لو قال أنا مسلم ولا أنطق بالشهادة يقبل منه
ولا يحكم بإسلامه.
الثانية: لو أكره ذمي على إقراره به لم يصح
لأنه ظلم.
وفي الانتصار احتمال يصح.
وفيه أيضا يصير مسلما بكتابة الشهادة.
الثالثة: لا يعتبر في أصح الوجهين إقرار مرتد
بما جحده لصحة الشهادتين من مسلم ومنه بخلاف
التوبة من البدعة ذكره فيها جماعة.
ونقل المروذي في الرجل يشهد عليه بالبدعة
فيجحد ليست له توبة إنما التوبة لمن اعترف
فأما من جحد فلا.
الرابعة: يكفي جحده لردته بعد إقراره بها على
الصحيح من المذهب كرجوعه عن حد لا بعد بينة بل
يجدد إسلامه.
قال جماعة يأتي بالشهادتين.
وفي المنتخب الخلاف.
نقل بن الحكم فيمن أسلم ثم تهود أو تنصر فشهد
عليه عدول فقال لم أفعل وأنا مسلم قبل قوله هو
أبر عندي من الشهود.
(10/253)
قوله: "وإن مات
المرتد فأقام وارثه بينة أنه صلى بعد الردة
حكم بإسلامه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة.
قوله: "ولا يبطل إحصان المسلم بردته".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع ويؤخذ بحد فعله في ردته نص عليه
كقبل ردته.
وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم.
وظاهر ما نقله مهنا واختاره جماعة أنه إن أسلم
لا يؤخذ به كعبادته.
وعنه الوقف.
وقال في الفروع أيضا ولا يبطل إحصان قذف ورجم
بردة فإذا أتى بهما بعد إسلامه حد خلافا لكتاب
ابن رزين في إحصان رجم.
قوله: "ولا عباداته التي فعلها في إسلامه يعني
لا تبطل إذا عاد إلى الإسلام".
العبادات التي فعلها قبل ردته لا تخلو إما أن
تكون حجا أو صلاة في وقتها أو غير ذلك.
فإن كانت حجا فالصحيح من المذهب أنه لا يلزمه
قضاؤه بل يجزئ الحج الذي فعله قبل ردته نص
عليه.
قال المجد في شرحه هذا الصحيح من المذهب.
وقدمه الإمام بن القيم وبن عبيدان وصاحب
الحاوي الكبير وغيرهم.
وجزم به الشارح هنا.
وعنه يلزمه اختاره القاضي.
وجزم به ابن عقيل في الفصول في كتاب الحج.
وجزم به في الإفادات لابن حمدان.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وذكره في الحج.
وأطلقهما في المحرر والرعاية الكبرى.
وأما الصلاة إذا أسلم بعدها في وقتها فحكمها
حكم الحج على الصحيح من المذهب خلافا ومذهبا.
وقال القاضي لا يعيد الصلاة وإن أعاد الحج
لفعلها في إسلامه الثاني.
(10/254)
وأما غيرهما من
العبادات فقال الأصحاب لا تبطل عبادة فعلها في
الإسلام.
إذا عاد إلى الإسلام ولا قضاء عليه إلا ما
تقدم من الحج والصلاة.
قال في الرعاية إن صام قبل الردة ففي القضاء
وجهان.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة فليعاود.
قوله: "ومن ارتد عن الإسلام لم يزل ملكه بل
يكون موقوفا وتصرفاته موقوفة فإن أسلم ثبت
ملكه وتصرفاته وإلا بطلت".
الظاهر أن هذا بناء منه على ما قدمه في باب
ميراث أهل الملل من أن ميراث المرتد فيء.
واعلم أن مال المرتد إذا مات مرتدا لا يخلو
إما أن نقول يرثه ورثته من المسلمين أو ورثته
من دينه الذي اختاره أو يكون فيئا على ما تقدم
في باب ميراث أهل الملل.
فإن قلنا يرثه ورثته من المسلمين أو من الدين
الذي اختاره فإن تصرفه في ملكه في حال ردته
كالمسلم ويقر بيده وهذا المذهب وعليه أكثر
الأصحاب.
وقال أبو الخطاب في الانتصار لا قطع بسرقة مال
مرتد لعدم عصمته.
وإن قلنا يكون فيئا ففي وقت مصيره فيئا ثلاث
روايات.
إحداهن: يكون فيئا حين موته مرتدا وهذا الصحيح
من المذهب.
قاله في الفروع وقدمه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وهو ظاهر ما قدمه المصنف في باب ميراث أهل
الملل.
والرواية الثانية: يصير فيئا بمجرد ردته.
اختارها أبو بكر وأبو إسحاق وبن أبي موسى
وصاحب التبصرة والطريق الأقرب وهو قول المصنف.
وقال أبو بكر يزول ملكه بردته ولا يصح تصرفه
فإن أسلم رد إليه تمليكا مستأنفا.
والرواية الثالثة: يتبين بموته مرتدا كونه
فيئا من حين الردة.
فعلى الصحيح من المذهب يمنع من التصرف فيه
قاله القاضي وأصحابه منهم أبو الخطاب وأبو
الحسين وأبو الفرج.
قال في الوسيلة نص عليه.
وقدمه في الفروع.
(10/255)
ونقل بن هانئ
يمنع منه.
فإذا قتل مرتدا صار ماله في بيت المال.
واختار المصنف والشارح وغيرهما على هذه
الرواية أن تصرفه يوقف ويترك عند ثقة كالرواية
الثالثة.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال ابن منجا وغيره المذهب لا يزول ملكه بردته
ويكون ملكه موقوفا وكذلك تصرفاته على المذهب
انتهى.
قال في الفروع وجعل في الترغيب كلام القاضي
وأصحابه وكلام المصنف واحدا.
وكذا ذكره القاضي في الخلاف.
وتبعه ابن البنا وغيره على ذلك.
وذكر أن الإمام أحمد رحمه الله نص عليه.
لكن لم يقولوا إنه يترك عند ثقة بل قالوا يمنع
منه.
وهذا معنى كلام ابن الجوزي.
فإنه ذكر أنه يوقف تصرفه فإن أسلم بعد ذلك
وإلا بطل وأن الحاكم يحفظ بقية ماله.
قالوا فإن مات بطلت تصرفاته تغليظا عليه بقطع
ثوابه بخلاف المريض.
وقيل إن لم يبلغ تصرفه الثلث صح.
وقال في المحرر ومن تبعه على الرواية الأولى
التي قدمها وهي المذهب يقر بيده وتنفذ فيه
معاوضاته وتوقف تبرعاته وترد بموته مرتدا لأن
حكم الردة حكم المرض المخوف.
وإنما لم ينفذ من ثلثه لأن ماله يصير فيئا
بموته مرتدا ولو كان قد باع شقصا أخذ بالشفعة.
وقيل يصح تبرعه المنجز وبيع الشقص المشفوع.
واختاره في الرعايتين.
زاد في الكبرى فإن أسلم اعتبر من الثلث.
وعلى الثانية يجعل في بيت المال ولا يصح تصرفه
فيه.
لكن إن أسلم رد إليه ملكا جديدا.
وعليها أيضا لا نفقة لأحد في الردة ولا يقضى
دين تجدد فيها فإن أسلم ملكه إذن وإلا بقي
فيئا.
وعلى الثالثة يحفظه الحاكم وتوقف تصرفاته
كلها.
(10/256)
ويحتمله كلام
المصنف أيضا.
فإن أسلم أمضيت وإلا تبينا فسادها.
وعلى الأولى والثالثة ينفق منه على من تلزمه
نفقته وتقضى ديونه فإن أسلم أخذه أو بقيته
ونفذ تصرفه وإلا بطل.
قال في الرعاية الكبرى وعلى الروايات الثلاث
يقضى منه ما لزمه قبل ردته من دين ونحوه وينفق
عليه منه مدة الردة وقاله غيره.
فائدة : إنما يبطل تصرفه لنفسه فلو تصرف لغيره
بالوكالة صح ذكره القاضي وابن عقيل.
قوله: "وتقضى ديونه وأروش جناياته وينفق على
من يلزمه مؤنته".
قد تقدم ذلك بناء على بعض الروايات دون بعض.
قوله: "وما أتلف من شيء ضمنه".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم
والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويتخرج في الجماعة الممتنعة المرتدة أن لا
تضمن ما أتلفته.
وهو احتمال في الهداية.
وعنه إن فعله في دار الحرب أو في جماعة مرتدة
ممتنعة لا يضمن.
اختاره الخلال وصاحبه أبو بكر والمصنف والشيخ
تقي الدين رحمه الله وغيرهم.
قوله: "وإذا أسلم فهل يلزمه قضاء ما ترك من
العبادات في ردته على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والشرح
وشرح ابن منجا .
إحداهما: لا يلزمه وهو المذهب قاله القاضي
وابن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهم.
قال في التلخيص والبلغة هذا أصح الروايتين.
وجزم به الآدمي في منتخبه وغيره.
وقدمه في الرعاية الصغرى وابن تميم والحاوي.
(10/257)
والرواية
الثانية: يلزمه صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وجزم به في الإفادات في الصلاة والزكاة والصوم
والحج.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
لكن قال المذهب عدم اللزوم.
فعلى هذه لو جن بعد ردته لزمه قضاء العبادة
زمن جنونه على الصحيح من المذهب قلت فيعايى
بها.
وقيل لا يلزمه.
وأما إذا حاضت المرتدة فإن الوجوب يسقط عنها
قولا واحدا.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة عند قوله ولا
تجب على كافر.
تنبيه: مفهوم كلامه أنه يلزمه قضاء ما ترك من
العبادات قبل ردته وهو صحيح وهو المذهب قاله
في الفروع.
وجزم به في الإفادات في كتاب الصلاة.
وقدمه بن حمدان في رعايته الكبرى وابن تميم.
وعنه لا يلزمه اختاره في الفائق.
قال في التلخيص والبلغة هذا أصح الروايتين.
وقدمه في الرعاية الصغرى.
وتقدم ذلك مستوفى في كتاب الصلاة ونقض الوضوء.
تقدم في باب نواقض الوضوء.
قوله: "وإذا ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب ثم
قدر عليهما لم يجز استرقاقهما ولا استرقاق
أولادهما الذين ولدوا في دار الإسلام". بلا
نزاع ومن لم يسلم منهم قتل بلا نزاع.
فائدة : لو لحق مرتد بدار الحرب فهو وما معه
كحربي.
والمذهب المنصوص لا يتنجز جعل ما بدارنا فيئا
إن لم يصر فيئا بردته.
وقيل يتنجز.
قوله: "ويجوز استرقاق من ولد بعد الردة".
وهذا المذهب سواء ولد في دار الإسلام أو دار
الحرب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
(10/258)
وهو ظاهر كلام
الخرقي.
واختاره أبو بكر في الخلاف والقاضي وأبو
الخطاب والشريف وابن البنا والشيرازي وبن
عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز
وتجريد العناية وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم
والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية
وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يجوز استرقاقهم.
وهو احتمال في المغني وغيره.
وذكره ابن عقيل رواية.
واختاره ابن حامد.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لو كان قبل الردة
حملا أن حكمه حكم ما لو حملت به بعد الردة.
وهو أحد الوجهين وظاهر كلام الخرقي.
واختاره المصنف في المغني والشارح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والصحيح من المذهب أنه لا يسترق وإن استرق من
حملت به بعد الردة قدمه في الفروع.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر.
فإنه قال ومن لم يسلم منهم قتل إلا من علقت به
أمة في الردة فيجوز أن يسترق.
وجزم به في الكافي.
فوائد .
الأولى: لو مات أبو الطفل أو الحمل أو أبو
المميز أو مات أحدهما في دارنا فهو مسلم على
الصحيح من المذهب نص عليه في رواية الجماعة.
وقطع به الأصحاب إلا صاحب المحرر ومن تبعه.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يحكم بإسلامه.
(10/259)
قال ابن القيم
رحمه الله في أحكام الذمة وهو قول الجمهور
وربما ادعى فيه إجماع معلوم متيقن.
واختاره شيخنا تقي الدين رحمه الله انتهى.
وذكر في الموجز والتبصرة رواية لا يحكم
بإسلامه بموت أحدهما.
نقل أبو طالب في يهودي أو نصراني مات وله ولد
صغير فهو مسلم إذا مات أبوه ويرثه أبواه ويرث
أبويه.
ونقل جماعة إن كفله المسلمون فمسلم ويرث الولد
الميت لعدم تقدم الإسلام واختلاف الدين ليس من
جهته.
وقيل لا يحكم بإسلامه إذا كان مميزا والمنصوص
خلافه.
الثانية: مثل ذلك في الحكم لو عدم الأبوان أو
أحدهما بلا موت كزنا ذمية ولو بكافر أو اشتباه
ولد مسلم بولد كافر نص عليهما وهذا المذهب.
وقال القاضي أو وجد بدار حرب.
قلت يعايى بذلك.
وقيل للإمام أحمد رحمه الله في مسألة الاشتباه
تكون القافة في هذا قال ما أحسنه.
وإن لم يكفرا ولدهما ومات طفلا دفن في مقابرنا
نص عليه واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم
"فأبواه يهودانه".
قال الناظم كلقيط.
قال في الفروع ويتوجه كالتي قبلها ورد الأول.
وقال ابن عقيل المراد به يحكم بإسلامه ما لم
يعلم له أبوان كافران ولا يتناول من ولد بين
كافرين لأنه انعقد كافرا.
قال في الفروع كذا قال.
قال ويدل على خلاف النص الحديث.
وفسر الإمام أحمد رحمه الله الفطرة فقال التي
فطر الله الناس عليها شقي أو سعيد.
قال القاضي المراد به الدين من كفر أو إسلام.
قال وقد فسر الإمام أحمد رحمه الله هذا في غير
موضع.
وذكر الأثرم معناه على الإقرار بالوحدانية حين
أخذهم من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم وبأن له
صانعا ومدبرا وإن عبد شيئا غيره وسماه بغير.
اسمه وأنه ليس المراد على الإسلام لأن اليهودي
يرثه ولده الطفل إجماعا.
ونقل يوسف الفطرة التي فطر الله العباد عليها.
(10/260)
وقيل له في
رواية الميموني هي التي فطر الله الناس عليها
الفطرة الأولى قال نعم.
وأما إذا مات أبو واحد ممن تقدم في دار الحرب
فإنا لا نحكم بإسلامه على الصحيح من المذهب.
وقيل حكمه حكم دارنا.
قال في المحرر وفيه بعد.
الثالثة: لو أسلم أبوا من تقدم أو أحدهما لا
جده ولا جدته حكمنا بإسلامه أيضا.
وتقدم إذا سبي الطفل منفردا أو مع أحد أبويه
أو معهما في كلام المصنف في أثناء كتاب الجهاد
فليعاود.
قوله: "وهل يقرون على كفرهم على روايتين".
يعني من ولد بعد الردة.
قال في الفروع وهل يقرون بجزية أم الإسلام
ويرق أم القتل فيه روايتان.
وأطلقهما في المحرر والشرح والنظم والرعايتين
والزركشي والحاوي وشرح ابن منجا وغيرهم.
إحداهما: يقرون وهو المذهب.
جزم به في الوجيز.
واختاره القاضي في روايتيه.
وصححه في التصحيح.
والرواية الثانية: لا يقرون فلا يقبل منهم إلا
الإسلام أو السيف اختاره أبو بكر.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والكافي
لاقتصارهما على حكاية هذه الرواية وهي رواية
الفضل بن زياد.
وجزم به في المذهب والخلاصة.
وقال في المغني وتبعه في الشرح مع حكاية
الروايتين إذا وقع أبو الولد في الأسر بعد
لحوقه بدار الحرب فحكمه حكم أهل الحرب وإن بذل
الجزية وهو في دار الحرب أو وهو في دار
الإسلام لم نقرها لانتقاله إلى الكفر بعد نزول
القرآن انتهيا.
قال الزركشي وهذه طريقة لم نرها لغيره.
فائدتان :
إحداهما: أطفال الكفار في النار.
على الصحيح من المذهب نص عليه مرارا.
(10/261)
وقدمه في
الفروع.
واختاره القاضي وغيره.
وعنه الوقف.
واختار ابن عقيل وابن الجوزي أنهم في الجنة
كأطفال المسلمين ومن بلغ منهم مجنونا نقل ذلك
في الفروع.
وقال بن حمدان في نهاية المبتدئين وعنه الوقف.
اختاره ابن عقيل وابن الجوزي وأبو محمد
المقدسي انتهى.
قلت الذي ذكره في المغني أنه نقل رواية الوقف
واقتصر عليها.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله تكليفهم في
القيامة للأخبار.
ومثلهم من بلغ منهم مجنونا فإن جن بعد بلوغه
فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال وظاهره يتبع أبويه بالإسلام كصغير فيعايى
بها.
نقل ابن منصور فيمن ولد أعمى أبكم أصم وصار
رجلا هو بمنزلة الميت هو مع أبويه وإن كانا
مشركين ثم أسلما بعد ما صار رجلا قال هو
معهما.
قال في الفروع ويتوجه مثلهما من لم تبلغه
الدعوة وقاله شيخنا.
وذكر في الفنون عن أصحابنا لا يعاقب.
وفي نهاية المبتدى لا يعاقب.
وقيل بلى إن قيل بحظر الأفعال قبل الشرع.
وقال ابن حامد يعاقب مطلقا ورده في الفروع.
الثانية: لو ارتد أهل بلد وجرى فيه حكمهم فهي
دار حرب فيغنم مالهم وأولادهم الذين حدثوا بعد
الردة.
قوله: "والساحر الذي يركب المكنسة فتسير به في
الهواء ونحوه".
كالذي يدعي أن الكواكب تخاطبه.
يكفر ويقتل.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح قاله أصحابنا.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والهادي
والمحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
(10/262)
وقدمه في
الفروع وغيره.
وعنه لا يكفر اختاره ابن عقيل.
وجزم به في التبصرة.
وكفره أبو بكر بعمله.
قال في الترغيب عمله أشد تحريما.
وحمل ابن عقيل كلام الإمام أحمد رحمه الله في
كفره على معتقده وأن فاعله يفسق ويقتل حدا.
فائدة : من اعتقد أن السحر حلال كفر قولا
واحدا.
قوله: "فأما الذي يسحر بالأدوية والتدخين وسقي
شيء يضر فلا يكفر ولا يقتل ولكن يعزر هذا
المذهب".
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني
والمحرر والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال القاضي والحلواني إن قال سحري ينفع وأقدر
على القتل به قتل ولو لم يقتل به.
فعلى المذهب يعزر تعزيرا بليغا بحيث لا يبلغ
به القتل على الصحيح من المذهب.
وقيل له تعزيره بالقتل.
قوله: "ويقتص منه إن فعل ما يوجب القصاص".
وكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في الفروع ويقاد منه إن قتل غالبا وإلا
الدية.
وكذا قال المصنف وغيره في كتاب الجنايات.
وتقدم ذلك محررا هناك في القسم الثامن.
قوله: "فأما الذي يعزم على الجن ويزعم أنه
يجمعها فتطيعه فلا يكفر ولا يقتل ولكن يعزر
وهذا المذهب".
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الشرح وشرح ابن رزين .
وذكر ابن منجا أنه قول غير أبي الخطاب.
(10/263)
وذكره أبو
الخطاب في السحرة الذين يقتلون.
وكذلك القاضي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين.
وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع.
فعلى المذهب يعزر تعزيرا بليغا لا يبلغ به
القتل على الصحيح من المذهب.
وقيل يبلغ بتعزيره القتل.
فوائد .
الأولى: حكم الكاهن والعراف كذلك خلافا ومذهبا
قاله في الفروع.
وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
فالكاهن هو الذي له رئي من الجن يأتيه
بالأخبار.
والعراف هو الذي يحدس ويتخرص.
وقال في الترغيب الكاهن والمنجم كالساحر عند
أصحابنا وأن ابن عقيل فسقه فقط إن قال أصبت
بحدسي وفراهتي.
الثانية: لو أوهم قوما بطريقته أنه يعلم الغيب
فللإمام قتله لسعيه بالفساد.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله التنجيم
كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث
الأرضية من السحر.
قال ويحرم إجماعا وأقر أولهم وآخرهم أن الله
يدفع عن أهل العبادة والدعاء ببركته ما زعموا
أن الأفلاك توجبه وأن لهم من ثواب الدارين ما
لا تقوى الأفلاك على أن تجلبه.
الثالثة المشعبذ الظاهر أنه هو والقائل بزجر
الطير والضارب بحصى وشعير وقداح زاد في
الرعاية والنظر في ألواح الأكتاف إن لم يكن
يعتقد إباحته وأنه يعلم به يعزر ويكف عنه وإلا
كفر.
الرابعة: يحرم طلسم ورقية بغير عربي.
وقيل يكفر.
وقال في الرعايتين والحاوي ويحرم الرقى
والتعويذ بطلسم وعزيمة واسم كوكب وخرز وما وضع
على نجم من صورة أو غيرها.
الخامسة: توقف الإمام أحمد رحمه الله في حل
المسحور بسحر وفيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
(10/264)
قال المصنف في
المغني توقف الإمام أحمد رحمه الله في الحل
وهو إلى الجواز أميل.
وسأله مهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها قال
لا بأس.
قال الخلال إنما كره فعاله ولا يرى به بأسا
كما بينه مهنا.
وهذا من الضرورة التي تبيح فعلها.
وقال في الرعايتين والحاوي ويحرم العطف والربط
وكذا الحل بسحر.
وقيل يكره الحل.
وقيل يباح بكلام مباح.
السادسة: قال في عيون المسائل ومن السحر السعي
بالنميمة والإفساد بين الناس وذلك شائع عام في
الناس.
وذكر في ذلك حكايات حصل بها القتل.
قال في الفروع وما قاله غريب ووجهه أنه يقصد
الأذى بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة
فأشبه السحر ولهذا يعلم بالعادة والعرف أنه
يؤثر وينتج ما يعمله السحر أو أكثر فيعطي حكمه
تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين لا سيما
إن قلنا يقتل الآمر بالقتل على رواية سبقت
فهنا أولى أو الممسك لمن يقتل فهذا مثله
انتهى.
السابعة: هذه الأحكام كلها في الساحر المسلم.
فأما الساحر الكتابي فلا يقتل على الصحيح من
المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الهداية قال أصحابنا لا يقتل نص عليه.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني
والبلغة والشرح والمحرر والنظم والرعايتين
والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه يقتل.
قال في المحرر وعنه ما يدل على قتله.
قال في الهداية ويتخرج من عموم قوله في رواية
يعقوب بن بختان الزنديق والساحر كيف تقبل
توبتهما أن يقتلا.
وقال في الرعايتين وقيل لا يقتل الذمي.
وقال في الكبرى وقيل يقتل لنقضه العهد.
(10/265)
|