الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

المجلد الحادي عشر
كتاب الأيمان
باب الأيمان
...
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الأيمان
فائدة: الحلف على المستقبل إرادة تحقيق خبر في المستقبل ممكن بقول يقصد به الحث على فعل الممكن أو تركه.
والحلف على الماضي اما بر وهو الصادق أو غموس وهو الكاذب أو لغو..
قال صاحب الرعاية وهو مالا اجر له فيه ولا اثم عليه ولا كفارة.
وقيل اليمين جمله خبرية تؤكد بها أخرى خبرية وهما كشرط وجزاء.
وياتي ذلك في الفصل الثاني.
قوله: "واليمين التي تجب بها الكفارة هي اليمين بالله تعالى أو صفه من صفاته".
كوجه الله نص عليه وعظمته وعزته، وإرادته، وقدرته، وعلمه فتنعقد بذلك اليمين
وتجب الكفارة ولو نوى مقدوره أو معلومة أو مراده على الصحيح من المذهب المنصوص عنه.
وقيل: لا تجب الكفارة إذا نوى بقدرة الله مقدورة وبعلم الله معلومة وبإرادة الله مراده.
وياتي أيضا ذلك قريبا.
قوله: "الثاني ما يسمى به غيره واطلاقه ينصرف إليه سبحانه كالرحمن والرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرازق ونحوه فهذا إن نوى بالقسم به اسم الله تعالى أو أطلق فهو يمين وان نوى غيره فليس بيمين".
هذا الذي ذكره في الرحمن من انه يسمى به غيره وانه ان نوى به غيره ليس بيمين اختاره ابن عبدوس في تذكرته.

(11/5)


وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
والصحيح من المذهب أن الرحمن من أسماء الله الخاصة به التي لا يسمى بها غيره.
قال المصنف والشارح: هذا أولى.
قال في الفروع والرحمن يمين مطلقا على الأصح.
قال الزركشي هذا الصحيح.
وجزم به في البلغة والمحرر والنظم والوجيز.
وأما الرب والخالق والرازق فالصحيح من المذهب ما قاله المصنف من أنها من الأسماء المشتركة وأنه إذا نوى بها القسم وأطلق انعقدت به اليمين وإن نوى غيره فليس بيمين.
جزم به في الشرح وشرح ابن منجا.
وجزم به في الهداية والوجيز والحاوى في الرب والرازق.
وجزم به في المذهب والخلاصة في الرب.
وقدمه في الرعايتين في "الرب" "والرازق".
وقدمه في الفروع في الجميع.
وخرجها في التعليق على رواية "أقسم".
وقال طلحة العاقولى إن أتى بذلك معرفا نحو والخالق والرازق كان يمينا مطلقا لأنه لا يستعمل في التعريف إلا في اسم الله تعالى.
وقيل يمين مطلقا.
قال في الرعاية الكبرى وقيل والخالق والرازق يمين بكل حال.
قوله: "فأما ما لا يعد من أسمائه كالشيء والموجود".
وكذا الحى والواحد والكريم.
"فإن لم ينو به الله تعالى" فليس بيمين "وان نواه كان يمينا".
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والشرح والنظم والفروع والزركشي وغيرهم.
وقال القاضي وابن البنا لا يكون يمينا أيضا.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.

(11/6)


قوله: "وإن قال وحق الله وعهد الله وإيم الله وأمانة الله وميثاقه وقدرته وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته ونحوه".
كإرادته وعلمه وجبروته فهي يمين وهذا المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والوجيز وغيرهم في "ايم الله".
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافى والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وقطع به جميع الأصحاب في غير "إيم الله" و"قدرته" وجمهورهم قطع به في غير "إيم الله".
وعنه لا يكون إيم الله يمينا إلا بالنية.
وقيل إن نوى بقدرته مقدوره وبعلمه معلومة وبارادته مراده لم يكن يمينا كما تقدم.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
والمنصوص خلافه.
وذكر ابن عقيل الروايتين في قوله "على عهد الله وميثاقه".
والمذهب أنه يمين مطلقا.
فائدة: يكره الحلف بالأمانة.
جزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وفيه حديث مرفوع رواه أبو داود.
قال الزركشي قلت وظاهر رواية الأثر والحديث التحريم.
قوله: "وإن قال والعهد والميثاق وسائر ذلك".
كالأمانة والقدرة والعظمة والكبرياء والجلال والعزة.
"ولم يضفه إلى الله تعالى لم يكن يمينا إلا أن ينوي صفة الله تعالى".
إذا نوى بذلك صفته تعالى كان يمينا قولا واحدا.
وإن أطلق لم يكن يمينا على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.

(11/7)


وهو ظاهر كلام الخرقى.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وصححه في النظم وغيره.
واختاره ابن عبدوس وغيره.
وعنه لا يكون يمينا إلا إذا نوى.
اختاره أبو بكر قاله في الهداية.
وأطلقهما في الشرح والرعايتين والحاوى الصغير والزركشي وغيرهم.
قوله: "وإن قال لعمرو الله كان يمينا".
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافى والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب.
قوله: "وقال أبو بكر لا يكون يمينا إلا أن ينوي".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله: "وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة".
وكذا لو حلف بسورة منه أو آية هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف هذا قياس المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عليه بكل آية كفارة.
وهو الذي ذكره الخرقى.
قال في الفروع ومنصوصه بكل آية كفارة إن قدر.

(11/8)


قال الزركشي: نص عليه في رواية حرب وغيره.
وحمله المصنف على الاستحباب.
قال الزركشي وقول الإمام أحمد للوجوب أقرب لأن أحمد رحمه الله إنما نقله لكفارة واحدة عند العجز انتهى..
وعنه عليه بكل آية كفارة وإن لم يقدر.
وذكر في الفصول وجها عليه بكل حرف كفارة..
وقال في الروضة أما إذا حلف بالمصحف فعليه كفارة واحدة رواية واحدة.
فائدة: قال ابن نصر الله في حواشيه: لو حلف بالتوراة والانجيل ونحوهما من كتب الله فلا نقل فيها والظاهر أنها يمين انتهى.
قوله: "وإن قال أحلف بالله أو أشهد بالله أو أقسم بالله كان يمينا".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والكافى والمغنى والشرح والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوى الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وعنه لا يكون يمينا إلا بالنية واختاره أبو بكر.
فائدة: لو قال حلفت بالله أو أقسمت بالله أو آليت بالله أوشهدت بالله فهو كقوله أحلف بالله أو أقسم بالله أو أشهد بالله خلافا ومذهبا.
لكن لو قال: نويت ب "أقسمت بالله" الخبر عن قسم ماض أو ب "أقسم" الخير عن قسم يأتي دين ويقبل في الحكم في أحد الوجهين.
اختاره المصنف والشارح وهو الصحيح.
والوجه الثاني: لا يقبل.
اختاره القاضي.
وأطلقهما الزركشي.
قوله: وإن قال أعزم بالله كان يمينا.
وهو أحد الوجهين.
قال في الفروع قال جماعة والعزم وهو المذهب.
ومال إليه الشارح.

(11/9)


وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وتذكره ابن عبدوس والمنور وغيرهم.
قال الزركشي: هو قول الجمهور.
وقال المصنف والشارح وذكر أبو بكر في قوله أعزم بالله ليس بيمين مع الإطلاق لأنه لم يثبت له عرف الشرع ولا الاستعمال.
فظاهره: أنه غير يمين لأن معناه اقصد بالله لأفعلن.
قوله: "وإن لم يذكر اسم الله".
يعنى: فيما تقدم كقوله "أحلف" أو "أشهد" أو "أقسم" أو "حلفت" أو "أقسمت" أو "شهدت" لم يكن يمينا إلا إذا لم يذكر اسم الله ونوى به اليمين كان يمينا بلا نزاع.
وإن لم ينو فقدم المصنف أنه لا يكون يمينا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
واختاره أبو بكر قاله الزركشي.
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب.
وعنه: يكون يمينا.
نصره القاضي وغيره.
واختاره الخرقى وأبو بكر قاله في الهداية.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب الشريف وابو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل والشيرازي وغيرهم.
وصححه في الخلاصة والنظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافى والرعايتين والحاوى الصغير.
وقال المصنف والشارح عزمت وأعزم ليس يمينا ولو نوى لأنه لا شرع ولا لغة ولا فيه دلالة عليه ولو نوى.
قال ابن عقيل رواية واحدة.
قلت ظاهر كلام المصنف هنا أن فيها الروايتين لكن أكثرهم لم يذكر ذلك.
فائدتان:
إحداهما: لو قال "قسما بالله لأفعلن" كان يمينا وتقديره أقسمت قسما بالله وكذا قوله ألية بالله بلا نزاع في ذلك.

(11/10)


ويأتي في كلام المصنف إذا قال علي يمين أو نذر هل يلزمه الكفارة أم لا.
الثانية لو قال "آليت بالله" أو "آلى بالله" أو "الية بالله" أو "حلفا بالله" أو قسما بالله فهو حلف سواء نوى به اليمين أو أطلق كما لو قال "اقسم بالله" وحكمه حكم ذلك في تفصيله..
قاله المصنف والشارح.
قوله: "وحروف القسم الباء والواو والتاء".
فالباء يليها مظهر ومضمر والواو يليها مظهر فقط والتاء في الله خاصة على ما ياتي.
وظاهر كلام المصنف أن هذه حروف القسم لا غير وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال في المستوعب ها الله حرف قسم.
والصحيح من المذهب أنها يمين بالنية.
قوله: "والتاء في اسم الله تعالى خاصة".
بلا نزاع وهو يمين مطلقا وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وفي المغنى احتمال في "تالله لأقومن" يقبل قوله بنية أن قيامه بمعونة الله.
وقال في الترغيب: إن نوى بالله أثق ثم ابتدأ "لأفعلن" احتمل وجهين باطنا.
قال في الفروع وهو كطلاق.
قوله: "ويجوز أن يكون القسم بغير حروف القسم فيقول الله لافعلن بالجر والنصب" بلا نزاع..
"فإن قال الله لأفعلن مرفوعا كان يمينا إلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوى به اليمين".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع فإن نصبه بواو أو رفعه معها أو دونها فيمين إلا أن يريدها عربى.
وقيل أو عامي.
وجزم به في الترغيب مع رفعه.
وقال القاضي في القسامة ولو تعمده لم يضر لأنه لا يحيل المعنى.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله: الأحكام تتعلق بما اراده الناس بالالفاظ الملحونة كقوله "حلفت بالله" رفعا أو نصبا "والله بأصوم وبأصلى" ونحوه وكقول الكافر "أشهد أن محمد رسول.

(11/11)


الله برفع الأول ونصب الثاني وأوصيت لزيدا بمائة وأعتقت سالم ونحو ذلك وهو الصواب.
وقال أيضا من رام جعل جميع الناس في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصلح شرعا.
فائدة: يجاب فى الإيجاب بإن خفيفة وثقيلة وباللام وبنونى التوكيد المخففة والمثقلة وبقد والنفى بما وإن في معناها وبلا وتحذف لا لفظا ونحو والله أفعل.
وغالب الجوابات وردت في الكتاب العزيز.
قوله: ويكره الحلف بغير الله تعالى.
هذا أحد الوجهين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به أبو علي وابن البنا وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوى الصغير.
ويحتمل أن يكون محرما وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
ونصره المصنف والشارح.
وعنه يجوز.
ذكرها في المحرر والرعايتين والحاوى والفروع وغيرهم.
وذكرها في الشرح قولا.
فائدة: تنقسم الأيمان إلى خمسة أقسام وهي أحكام التكليف كالطلاق على ما تقدم.
أحدها: واجب كالذي ينجى بها انسانا معصوما من هلكه وكذا إنجاء نفسه مثل الذي تتوجه عليه أيمان القسامة في دعوى القتل عليه وهو بريء ونحوه.
الثاني: مندوب وهو الذي تتعلق به مصلحه من الإصلاح بين المتخاصمين أو إزاله حقد من قلب مسلم عن الحالف أو غيره أو دفع شر.
فإن حلف على فعل طاعه أو ترك معصية: فوجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع وشارح الوجيز.
أحدهما: ليس بمندوب صححه في النظم.

(11/12)


قلت وهو الصواب.
وإليه ميل شارح الوجيز.
والوجه الثاني: مندوب.
اختاره بعض الأصحاب.
وقدمه بن رزين في شرحه.
الثالث: مباح كالحلف على فعل مباح أو ترك مباح والحلف على الخبر بشيء هو صادق فيه أو يظن أنه صادق.
الرابع: مكروه وهو الحلف على مكروة أو ترك مندوب.
ويأتي حلفه عند الحاكم.
الخامس: محرم وهو الحلف كاذبا عالما.
ومنه الحلف على فعل معصية أو ترك واجب.
قوله: "ولا تجب الكفارة باليمين به سواء أضافه إلى الله مثل قوله ومعلوم الله وخلقه ورزقه وبيته أو لم يضفه مثل والكعبة وأبي".
اعلم أن الصحيح من المذهب أن الكفارة لا تجب بالحلف بغير الله تعالى إذا كانت بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل الحلف بخلق الله ورزقه يمين فنية مخلوقه ومرزوقه كمقدورة على ما تقدم.
والتزم ابن عقيل أن معلوم الله يمين لدخول صفاته.
وأما الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم المصنف هنا: عدم وجوب الكفارة وهو اختياره.
واختاره أيضا الشارح وابن منجا في شرحه والشيخ تقى الدين رحمه الله.
وجزم به في الوجيز.
وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر وقدمه.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله مثله.
وهو من مفردات المذهب.
وحمل المصنف ما روى عن الإمام أحمد رحمه الله على الاستحباب.

(11/13)


تنبيه: ظاهر قوله خاصة إن الحلف بغيره من الأنبياء لا تجب به الكفارة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
والتزم ابن عقيل وجوب الكفارة بكل نبى.
قلت وهو قوي في الإلحاق.
فائدة: نص الإمام أحمد رحمه الله على كراهة الحلف بالعتق والطلاق.
وفي تحريمه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يحرم.
اختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وقال ويعزر وفاقا لمالك.
والوجه الثاني لا يحرم.
واختاره الشيخ تقي الدين أيضا في موضع آخر بل ولا يكره.
قال وهو قول غير واحد من أصحابنا.
قوله: "ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط.
أحدها أن تكون اليمين منعقدة وهي اليمين التي يمكن فيها البر والحنث وذلك الحلف على مستقبل ممكن".
بلا نزاع في ذلك في الجملة.
فائدة: لا تنعقد يمين النائم والطفل والمجنون ونحوهم.
وفي معناهم السكران وحكى المصنف فيه قولين.
ولا تنعقد يمين الصبي قبل البلوغ على الصحيح من المذهب.
جزم به الزركشي والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قلت ويتخرج انعقادها من مميز.
ويأتي حكم المكره.
وأما الكافر: فتنعقد يمينه وتلزمه الكفارة وإن حنث في كفره.
قوله: فأما اليمين على الماضى فليست منعقدة وهي نوعان يمين الغموس وهى التى يحلف بها كاذبا عالما بكذبه".
يمين الغموس لا تنعقد على الصحيح من المذهب.

(11/14)


نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح ظاهر المذهب لا كفارة فيها.
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب.
قال الزركشى: وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه فيها الكفارة ويأثم كما يلزمه عتق وطلاق وظهار وحرام ونذر قاله الأصحاب فيكفر كاذب في لعانه.
ذكره في الانتصار.
وأطلقهما في الهداية.
قوله: "ومثله الحلف على مستحيل كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه".
اعلم انه إذا علق اليمين على مستحيل فلا يخلوا اما ان يعلقها بفعله أو يعلقها بعدم فعله.
فإن علقها بفعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة مثل ان يقول والله ان طرت أو لا طرت أو صعدت السماء أو شاء الميت أو قلبت الحجر ذهبا أو جمعت بين الضدين أو رددت امس أو شربت ماء الكوز ولا ماء فيه ونحوه.
فقال في الفروع هذا لغو وقطع به.
ذكره في الطلاق فى الماضى والمستقبل.
وجزم به في المحرر في تعليق الطلاق بالشروط.
وان علق يمينه على عدم فعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة نحو والله لاصعدن السماء أو ان لم اصعد أو لا شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو ان لم اشربه أو لاقتلنه ف إذا هو ميت علمه أو لم يعلم ونحو ذلك ففيه طريقان.
أحدهما: فيه ثلاثة اوجه كالحلف بالطلاق على ذلك.
احدها وهو الصحيح منها تنعقد وعليه الكفارة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوى.
ذكروه في تعليق الطلاق بالشروط.
والثاني لا تنعقد ولا كفارة عليه.

(11/15)


والثالث: لا تنعقد في المستحيل لذاته ولا كفارة عليه فيه وتنعقد في المستحيل عادة في آخر حياته.
وقيل ان وقته ففي آخر وقته ذكره ابو الخطاب اتفاقا في الطلاق.
والطريق الثاني: لا كفارة عليه بذلك مطلقا.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وأطلق الطريقين في الفروع في باب الطلاق في الماضي والمستقبل.
والذي قدمه في المحرر والرعايتين والحاوى ان حكم اليمين بذلك حكم اليمين بالطلاق على ما تقدم في باب الطلاق في الماضي والمستقبل.
وقال المصنف والشارح في المستحيل عقلا كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه.
قال أبو الخطاب لا تنعقد يمينه ولا تجب بها كفارة.
وقال القاضي تنعقد موجبة للكفارة في الحال.
وقال المصنف والشارح في المستحيل عادة كصعود السماء والطيران وقطع المسافة البعيدة في المدة القليلة إذا حلف على فعله انعقدت يمينه ووجبت الكفارة.
ذكره القاضي وابو الخطاب واقتصرا عليه انتهيا.
قوله: "والثاني لغو اليمين وهو ان يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه فلا كفارة فيها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه فيه الكفارة وليس من لغو اليمين على ما يأتي.
فائدة: قال في المحرر والحاوى الصغير والفروع وغيرهم وان عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه فهو كمن حلف على مستقبل وفعله ناسيا.
قال في القواعد الأصولية قال جماعة من اصحابنا محل الروايتين في غير الطلاق والعتاق اما الطلاق والعتاق فيحنث جزما.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله: الخلاف في مذهب الإمام أحمد رحمه الله في الجميع.
وقال في الفروع وغيره وقطع جماعة فيما إذا عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه بحنثه.

(11/16)


وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله هذا ذهول لأن ابا حنيفة ومالكا رحمهما الله يحنثان الناسى ولا يحنثان هذا لأن تلك اليمين انعقدت وهذه لم تنعقد.
وهذا الصحيح من المذهب.
فيدخل في ذلك الطلاق والعتاق واليمين المكفرة.
وتقدم ذلك في آخر تعليق الطلاق بالشروط فيما إذا حلف على شيء وفعله ناسيا ان المذهب الحنث في الطلاق والعتاق وعدمه في غيرهما فكذا هنا الصحيح من المذهب انه إذا حلف يظن صدق نفسه فبان بخلافه يحنث في طلاق وعتاق ولا يحنث في غيرهما.
وقال في الفروع وغيره وقطع جماعة بحنثه هنا في طلاق وعتق.
زاد في التبصرة مثله في المسألة بعدها وكل يمين مكفرة كاليمين بالله تعالى.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله حتى عتق وطلاق وهل فيهما لغو على قولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع ومراده ما سبق.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله عن قول من قطع بحنثه في الطلاق.
والعتاق هنا هو ذهول بل فيه الروايتان.
تنبيه محل ذلك إذا عقد اليمين في زمن ماض على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله وكذا لو عقدها في زمن مستقبل ظانا صدقه فلم يكن كمن حلف على غيره يظن انه يطيعه فلم يفعل أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك.
وقال إن المسألة على روايتين كمن ظن امرأة أجنبية فطلقها فبانت امرأته ونحوها مما يتعارض فيه التعيين الظاهر والقصد.
فلو كانت يمينه بطلاق ثلاث ثم قال أنت طالق مقرى بها أو مؤكدا له لم يقع وان كان منشئا فقد اوقعه بمن يظنها اجنبية ففيها الخلاف انتهى.
ومثله في المستوعب وغيره بحلفه ان المستقبل زيدا وما كان كذا وكان كذا فكمن فعل مستقبلا ناسيا.
قوله: "الثاني ان يحلف مختارا فان حلف مكرها لم تنعقد يمينه وهو المذهب".

(11/17)


جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الآدمي.
قال الناظم: هذا المنصور.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
وعنه تنعقد.
ذكرها ابو الخطاب نقله عنه الشارح.
وقال في القاعدة السابعة والعشرين لو اكره على الحلف بيمين لحق نفسه فحلف دفعا للظلم عنه لم تنعقد يمينه ولو اكره على الحلف لدفع الظلم عن غيره فحلف انعقدت يمينه.
ذكره القاضي في شرح المذهب.
وفي الفتاوى الرجبيات عند ابى الخطاب لا تنعقد وهو الأظهر انتهى.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره.
قوله: "وإن سبقت اليمين على لسانه من غير قصد اليها كقوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه فلا كفارة عليه".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع فلا كفارة على الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في الشرح والنظم.
قال في الرعاية الكبرى فلا كفارة في الأشهر.
وعنه عليه الكفارة مطلقا.
وعنه لا كفارة في الماضي.
وجزم به في المحرر والحاوى الصغير والزركشي.
وقال في الرعاية الصغرى فلا كفارة في الأشهر وفي المستقبل روايتان.
وقال في المحرر والحاوى الصغير والزركشي لا كفارة فيه إن كان في الماضي وإن كان في المستقبل: فروايتان.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف ان هذا ليس من لغو اليمين بل لغو اليمين ان يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه كما قاله قبل ذلك.
وهو احدى الروايتين.
وقدمه في الرعايتين.

(11/18)


والرواية الثانية: ان هذا لغو اليمين فقط.
وهو الصحيح من المذهب.
وجزم به في المحرر والحاوى الصغير والوجيز والعمدة مع ان كلامه يحتمل ان يشمل الشيئين.
واطلقهما في الفروع والهداية والمذهب.
وقيل كلاهما لغو اليمين.
وقطع الشارح ان قوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه من غير قصد من لغو اليمين.
وقدم فيما إذا حلف على شيء يظنه فتبين خلافه أنه من لغو اليمين أيضا.
قال الزركشي الخرقى يجعل لغو اليمين شيئين.
أحدهما: أن لا يقصد عقد اليمين كقوله لا والله وبلى والله وسواء كان في الماضي أو المستقبل.
والثاني: أن يحلف على شيء فيبين بخلافه.
وهي طريقة بن أبى موسى وغيره.
وهي في الجملة ظاهر المذهب.
والقاضي يجعل الماضي لغوا قولا واحدا وفي سبق اللسان في المستقبل روايتين.
وأبو محمد عكسه فجعل سبق اللسان لغوا قولا واحدا وفي الماضي روايتان.
ومن الأصحاب من يحكي روايتين في الصورتين ويجعل اللغو في إحدى الروايتين هذا دون هذا وفي الأخرى عكسه.
وجمع أبو البركات بين طريقتي القاضي وأبى محمد.
فحكى في المسألة ثلاث روايات.
فإذا سبق على لسانه في الماضي "لا والله" و"بلى والله" في اليمين معتقدا أن الأمر كما حلف عليه فهو لغو اتفاقا.
وإن سبق على لسانه اليمين في المستقبل أو تعمد اليمين على أمر يظنه كما حلف عليه فتبين بخلافه فثلاث روايات كلاهما لغو وهو المذهب الحنث في الماضي دون ما سبق على لسانه وعكسه.
وقد تلخص في المسألة خمس طرق.
والمذهب منهما في الجملة قول الخرقى انتهى.

(11/19)


تنبيه: شمل قوله: "الثالث الحنث في يمينه بان يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله مختارا ذاكرا".
ما لو كان فعله معصية أو غيرها.
فلو حلف على فعل معصية فلم يفعلها فعليه الكفارة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشى هذا قول العامة.
وقيل لا كفارة في ذلك.
ويأتي عند قوله وإن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها تحريم فعله وانه لا كفارة مع فعله على الصحيح وفروع أخر.
قوله: "وإن فعله مكرها أو ناسيا فلا كفارة عليه".
إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها فلا كفارة عليه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
لعدم إضافة الفعل إليه بخلاف الناسى.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
قال الناظم هذا المنصور.
وعنه عليه الكفارة.
وقيل هو كالناسى.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال في المحرر ويتخرج أن لا يحنث إلا في الطلاق والعتق.
وقال الشارح والمكره على الفعل ينقسم قسمين.
أحدهما: أن يلجأ إليه مثل من حلف لا يدخل دارا فحمل فأدخلها.
أو لا يخرج منها فأخرج محمولا ولم يمكنه الامتناع فلا يحنث.
الثاني: أن يكره بالضرب والتهديد والقتل ونحوه.
فقال أبو الخطاب فيه روايتان كالناسى انتهى.
قال الزركشي في المكره بغير الالجاء روايتان.

(11/20)


والذي نصره أبو محمد عدم الحنث.
وإن كان الإكراه بالإلجاء لم يحنث إذا لم يقدر على الامتناع وإن قدر فوجهان الحنث وعدمه.
وأما إذا فعله ناسيا فالصحيح من المذهب أنه لا كفارة عليه وعليه جماهير الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الهداية اختاره أكثر شيوخنا.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
واختاره الخلال وصاحبه.
قال في الفروع اختاره الأكثر وذكره المذهب.
قال الزركشي وصاحب القواعد الأصولية وهو المذهب عند الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه عليه الكفارة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا حنث بفعله ناسيا ويمينه باقية.
قال في الفروع وهذا أظهر.
وقدمه في الخلاصة.
وهو في الإرشاد عن بعض أصحابنا.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته ذكره في أول "كتاب الأيمان".
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله وقال إن رواتها بقدر رواية التفرق وإن هذا يدل على أن الإمام أحمد رحمه الله جعله حالفا لا معلقا والحنث لا يوجب وقوع المحلوف به.
قال في القواعد الأصولية على هذه الرواية قال الأصحاب يمينه باقية بحالها.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط في فصل مسائل متفرقة.
فائدة: حكم الجاهل المحلوف عليه حكم الناسى على ما تقدم.
والفاعل في حال الجنون قيل كالناسى والمذهب عدم حنثه مطلقا.
قال الزركشى وهو الأصح.

(11/21)


قوله: "وإن حلف فقال ان شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلا باليمين".
يعنى بذلك في اليمين المكفرة كاليمين بالله والنذر والظهار ونحوه لا غير وهذا المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف ويحتمله كلام الخرقى.
وجزم به في المحرر والوجيز.
وقدمه في الشرح والفروع والنظم وأصول بن مفلح.
وقال عند الأئمة الأربعة.
وقال ويشترط الاتصال لفظا أو حكما كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه.
وعنه لا يحنث إذا قال إن شاء الله مع فصل يسير ولم يتكلم.
وجزم به في عيون المسائل.
وهو ظاهر كلام الخرقى.
وعنه لا يحنث إذا استثنى في المجلس.
وهو في الإرشاد عند بعض أصحابنا.
قال في المبهج ولو تكلم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير ومن حلف قائلا إن شاء الله قصدا فخالف لم يحنث وإن قالها في المجلس فروايتان.
وقال في الرعاية الكبرى ومن حلف بيمين وقال معها إن شاء الله مع قصده له في الأصح ولم يفصل بينهما بكلام اخر أو سكوت يمكنه الكلام فيه فخالف لم يحنث وإن قالها في المجلس فروايتان.
وعنه يقبل إلحاقه بها قبل طول الفصل انتهى.
فائدتان
إحداهما: قال في الفروع وكلام الأصحاب يقتضي إن رده إلى يمينه لم ينفعه لوقوعها وتبين مشيئة الله.
واحتج به الموقع في أنت طالق إن شاء الله.
قال أبو يعلى الصغير في اليمين بالله ومشيئة الله تحقيق مذهبنا أنه يقف على ايجاد فعل أو تركه فالمشيئة متعلقة على الفعل ف إذا وجد تبينا أنه شاءه وإلا فلا وفي الطلاق المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع له وهو الوقوع.
الثانية: يعتبر نطقه بالاستثناء إلا من خائف نص عليه الإمام أحمد رحمه الله.

(11/22)


ولم يقل في المستوعب خائف.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يعتبر قصد الاستثناء وهو ظاهر كلام الخرقى وصاحب المحرر وجماعة وهو احد الوجهين.
ذكره ابن البناوبناه على أن لغو اليمين عندنا صحيح وهو ما كان على الماضى وإن لم يقصده.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
ولو أراد تحقيقا لارادته ونحوه لعموم المشيئة.
والوجه الثاني يعتبر قصد الاستثناء اختاره القاضي.
وجزم به في البلغة والوجيز والنظم.
وصححه في الرعاية الكبرى.
وتقدم لفظه في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير.
قال الزركشي واشترط القاضي وأبو البركات وغيرهما مع فصل الاتصال أن ينوى الاستثناء قبل تمام المستثنى منه.
وظاهر بحث أبى محمد أن المشترط قصد الاستثناء فقط حتى لو نوى عند تمام يمينه صح استثناؤه قال وفيه نظر.
واطلقهما في الفروع.
وذكر في الترغيب وجها اعتبار قصد الاستثناء أول الكلام.
فائدتان:
أحداهما: مثل ذلك في الحكم لو حلف وقال إن أراد الله وقصد بالارادة المشيئة لا إن أراد محبته.
ذكره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
الثانية لو شك في الاستثناء فالأصل عدمه مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله الأصل عدمه ممن عادته الاستثناء واحتج بالمستحاضة تعمل بالعادة والتمييز ولم تجلس أقل الحيض والأصل وجوب العبادة.
قوله: و إذا حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها استحب له الحنث والتكفير.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدم في الترغيب أن بره وإقامته على يمينه أولى.

(11/23)


قلت وهو ضعيف مصادم للأحاديث والآثار الواردة في ذلك.
فائدة: يحرم الحنث إن كان معصية بلا نزاع.
وإن حلف ليفعلن شيئا حراما أو محرما وجب أن يحنث ويكفر على ما تقدم قريبا.
وإن فعله أثم بلا كفارة.
قدمه في الرعايتين والحاوى.
وقيل بلى.
ولا يجوز تكفيره قبل حنثه المحرم على ما ياتي قدمه في الرعاية.
وقيل بلى.
والبر في الندب أولى وكذا الحنث في المكروه مع الكفارة.
يتخير في المباح قبلها وحفظ اليمين أولى.
قاله في الرعايتين والحاوى.
قال الناظم:
ولا ندب في الايلا ليفعل طاعة.
ولا ترك عصيان على المتجود.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله ولو حلف لا يغدر كفر للقسم لا لغدره مع أن الكفارة لا ترفع إثمه.
قوله: ولا يستحب تكرار الحلف.
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الفروع ولا يستحب تكرار حلفه فقيل يكره.
ونقل حنبل لا يكثر الحلف فانه مكروه.
لكن يشترط فيه أن لا يبلغ حد الافراط فان بلغ ذلك كره قطعا.
قوله: و إذا دعى إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فان حلف فلا باس هذا المذهب.
قال في الفروع فالأولى افتداء يمينه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافى والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
وقيل يكره حلفه.
ذكره في الفروع.

(11/24)


قال المصنف والشارح قال اصحابنا تركه أولى فيكون مكروها انتهى.
وقيل يباح.
ونقله حنبل كعند غير الحاكم.
واطلقهما شارح الوجيز.
قال في الفروع ويتوجه فيه يستحب لمصلحة كزيادة طمأنينة وتوكيد الامر وغيره.
ومنه قوله عليه افضل الصلاة والسلام لعمر عن صلاة العصر والله ما صليتها تطييبا منه لقلبه.
وقال بن القيم رحمه الله في الهدى عن قصة الحديبية فيها جواز الحلف.
بل استحبابه على الخبر الديني الذي يريد تاكيده وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعا وأمره الله بالحلف على تصديق ما أخبر به في ثلاث مواضع من القران في سورة يونس وسبأ والتغابن.
قوله: "وان حرم امته أو شيئا من الحلال غير زوجته كالطعام واللباس وغيرهما أو قال ما أحل الله على حرام أو لا زوجة له لم تحرم وعليه كفارة يمين إن فعله".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والكافى والمغنى والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
ويحتمل أن يحرم تحريما تزيله الكفارة.
وهو لابي الخطاب في الهداية.
وتقدم إذا حرم زوجته في باب صريح الطلاق وكنايته فليعاود.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك في الحكم لو علقه بشرط نحو إن أكلته فهو على حرام.
جزم به في الرعاية وغيره ونقله أبو طالب.
قال في الإنتصار وكذا طعامى على كالميته والدم.
قال المصنف والشارح وإن قال هذا الطعام على حرام فهو كالحلف على تركه.

(11/25)


الثانية: لا يغير اليمين حكم المحلوف على الصحيح من المذهب.
وقال في الانتصار يحرم حنثه وقصده لا المحلوف في نفسه ولا ما رآه خيرا.
وقال في الإفصاح يلزم الوفاء بالطاعة وأنه عند الإمام أحمد رحمه الله لا يجوز عدول القادر إلى الكفارة.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله لم يقل أحد إنها توجب إيجابا أو تحرم تحريما لا ترفعه الكفارة.
قال والعقود والعهود متقاربة المعنى أو متفقة ف إذا قال أعاهد الله أني أحج العام فهو نذر وعهد ويمين ولو قال أعاهد الله أن لا أكلم زيدا فيمين وعهد لا نذر فالأيمان إن تضمنت معنى النذر وهو أن يلتزم لله قربه لزمه الوفاء وهي عقد وعهد ومعاهدة لله لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه.
وإن تضمنت معنى العقود التي بين الناس وهو أن يلتزم كل من المتعاقدين للآخر ما اتفقا عليه فمعاقدة ومعاهدة يلزم الوفاء بها.
ثم إن كان العقد لازما لم يجز نقضه وإن لم يكن لازما خير ولا كفارة في ذلك لعظمه.
ولو حلف لا يغدر كفر للقسم لا لغدره مع أن الكفارة لا ترفع إثمه بل يتقرب بالطاعات انتهى.
قوله: فان قال هو يهودي أو كافر أو مجوسى أو هو يعبد الصليب أو يعبد غير الله أو بريء من الله تعالى أو من الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم إن فعل ذلك فقد فعل محرما بلا نزاع وعليه كفارة إن فعل في إحدى الروايتين.
وهو المذهب سواء كان منجزا أو معلقا صححه في التصحيح.
قال الزركشي هذا أشهر الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار جمهور الأصحاب والقاضى والشريف وأبى الخطاب والشيرازي وابن عقيل وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
والآخر لا كفارة عليه.
اختاره المصنف والناظم.
وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح وشرح ابن منجا.

(11/26)


ونقل حرب التوقف.
فائدة: مثل ذلك في الحكم خلافا ومذهبا لو قال اكفر بالله أو لا يراه الله في موضع كذا إن فعل كذا ففعله ونحو ذلك.
واختار المصنف والشارح أنه لا كفارة عليه بقوله لا يراه الله في موضع كذا.
وقال القاضي والمجد وغيرهما عليه الكفارة وهو المذهب نص عليه.
وحكى الشيخ تقى الدين رحمه الله عن جده المجد أنه كان يقول إذا حلف بالالزامات كالكفر اليمين بالحج والصيام ونحو ذلك من الإلزامات كانت يمينه غموسا ويلزمه الحلف عليه ذكره في طبقات بن رجب.
وقال في الانتصار وكذا الحكم لو قال والطاغوت لأفعلنه لتعظيمه له معناه عظمته إن فعلته وفعله لم يكفر ويلزمه كفارة بخلاف هو فاسق إن فعله لاباحته في حال.
قوله: "وإن قال أنا استحل الزنى أو نحوه".
كقوله أنا استحل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير واستحل ترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام فعلى وجهين بناء على الروايتين في التي قبلها.
وقد علمت المذهب منهما.
وأجرى في الفروع وغيره الروايتين في ذلك وهما مخرجتان.
قوله: "وإن قال عصيت الله أو أنا أعصى الله في كل ما أمرني به أو محوت المصحف إن فعلت فلا كفارة فيه".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم وأجرى ابن عقيل الروايتين في قوله محوت المصحف لإسقاطه حرمته وعصيت الله في كل ما أمرني به.
واختار وجوب الكفارة في قوله "محوت المصحف".
واختار في المحرر في قوله "محوت المصحف" وعصيت الله في كل ما أمرني به أنه يمين يلزمه فيه الكفارة إن حنث لدخول التوحيد فيه.
فوائد:
إحداهما: لو قال "لعمرى لأفعلن" أو لا فعلت أو قطع الله يديه ورجليه أو أدخله الله النار فهو لغو نص عليه.

(11/27)


الثانية: لا يلزمه ابرار القسم على الصحيح من المذهب كاجابة سؤال بالله تعالى.
وقيل يلزمه.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله انما تجب على معين فلا تجب إجابة سائل يقسم على الناس انتهى.
الثالثة: لو قال بالله لتفعلن كذا فيمين على الصحيح من المذهب.
وقال في المغنى والشرح هي يمين إلا أن ينوى.
وأسألك بالله لتفعلن يعمل بنيته.
قال في الفروع ويتوجه في إطلاقه وجهان انتهى.
والكفارة على الحالف على الصحيح من المذهب.
وحكى عنه أنها تجب على الذي حنثه حكاه سليم الشافعي.
قال في الفروع وروي عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على إجابة من سأل بالله وذكره.
قوله: "وإن قال عبد فلان حر لأفعلن فليس بشيء".
وكذا قوله مال فلان صدقة ونحوه لأفعلن وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وعنه عليه كفارة ان حنث كنذر المعصية.
وأطلقهما في المغنى والشرح.
قوله: "وإن قال أيمان البيعة تلزمني فهي يمين رتبها الحجاج".
قال بن بطة ورتبها أيضا المعتمد على الله من الخلفاء العباسيين لأخيه الموفق بالله لما جعله ولى عهده.
"تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال".
لا تشمل إيمان البيعة إلا ما ذكره المصنف على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمغنى والشرح والمحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل وتشتمل أيضا على الحج.

(11/28)


وجزم به في المستوعب والكافي والنظم.
قوله: "فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها وإلا فلا شيء عليه".
إذا كان يعرفها الحالف ونواها انعقدت يمينه بما فيها على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والخلاصة.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن لا تنعقد بحال إلا في الطلاق والعتاق.
وقال في الترغيب إن علمها لزمه عتق وطلاق.
وقيل تنعقد في الطلاق والعتاق والصدقة ولا تنعقد اليمين.
وجزم به في الوجيز.
قوله: "وإلا فلا شيء عليه".
يعني إذا لم يعرفها بأن كان يجهلها ولم ينوها وهذا المذهب.
أومأ إليه الخرقي وذكره القاضي وغيره.
وجزم به في الخلاصة والكافي والوجيز والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والفروع وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وفيه وجه يلزمه موجبها نواها أو لم ينوها.
وهو ظاهر كلام القاضي في خلافه.
وصرح به القاضي في بعض تعاليقه وقال لأن من أصلنا وقوع الطلاق والعتاق بالكتابة بالخط وإن لم ينوه.
نقله في القاعدة الرابعة بعد المائة.
وإن نواها وجهلها فلا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقيل ينعقد بما فيها إذا نواها جاهلا لها.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.

(11/29)


فوائد:
الأولى: قال في المستوعب وقد توقف شيوخنا القدماء عن الجواب في هذه المسألة.
فقال بن بطة كنت عند الخرقى وسأله رجل عمن قال "أيمان البيعة تلزمني" فقال لست أفتي فيها بشيء ولا رأيت أحدا من شيوخنا أفتى في هذه اليمين وكان أبي يعني الحسين الخرقي يهاب الكلام فيها.
ثم قال أبو القاسم إلا أن يلتزم الحالف بها بجميع ما فيها من الأيمان.
فقال له السائل عرفها أو لم يعرفها قال نعم عرفها أو لم يعرفها انتهى.
وقال القاضي إذا قال أيمان البيعة تلزمني إن لم يلزمه في الأيمان المترتبه المذكورة كان لاغيا ولا شيء عليه وإن نوى بذلك الأيمان انعقدت.
الثانية: لو قال أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت ذلك وفعله لزمته يمين الظهار والطلاق والعتاق والنذر إذا نوى ذلك على الصحيح من المذهب.
ويلزمه حكم اليمين بالله تعالى أيضا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
قال المجد: وقياس المشهور عن أصحابنا في يمين البيعة أنه لا يلزمه شيء حتى ينويه ويلتزمه أو لا يلزمه شيء بالكلية حتى يعلمه.
والفرق بين اليمين بالله وغيرها ذكره في القاعدة الرابعة بعد المائة.
وألزم القاضي في الخلاف الحالف بكل ذلك ولو لم ينوه.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر ما جزم به في تذكرة ابن عبدوس.
وصححه في النظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا تشمل اليمين بالله تعالى وإن نوى.
قال المجد ذكر القاضي اليمين بالله تعالى والنذر مبني على قولنا بعدم تداخل كفارتهما.
فأما على قولنا بالتداخل فيجزئه لهما كفارة يمين.
ذكره عنه في القواعد.
الثالثة: لو حلف بشيء من هذه الخمسة فقال له آخر يميني مع يمينك أو أنا على مثل يمينك يريد التزام مثل يمينه لزمه ذلك إلا في اليمين بالله تعالى فإنه على وجهين وأطلقهما في المحرر والفروع.

(11/30)


أحدهما: لا يلزمه حكمها.
قاله القاضي واقتصر عليه في الفروع.
وجزم به في الكافي.
والثاني: يلزمه حكمها.
صححه في النظم وتصحيح المحرر.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يلزمه حكم كل يمين مكفرة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا قوله أنا معك ينوي في يمينه انتهى.
وإن لم ينو شيئا لم تنعقد يمينه.
جزم به المصنف والشارح.
قوله: "وإن قال علي نذر أو يمين إن فعلت كذا وفعله".
فقال أصحابنا عليه كفارة يمين.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والشرح والنظم والوجيز والحاوي وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقيل في قوله علي يمين يكون يمينا بالنية.
جزم به في الرعاية الصغرى.
وقدمه في الكبرى.
واختار المصنف أنه لا يكون يمينا مطلقا.
فقال في المغني والكافي وإن قال علي يمين ونوى الخبر فليس بيمين على أصح الروايتين.
وإن نوى القسم فقال أبو الخطاب هي يمين.
وقال الشافعي رحمه الله ليس بيمين وهذا أصح.
وجزم بهذا الأخير في الكافي.
وأطلقهن في الفروع.
وقال ويتوجه على القولين تخريج إن أراد إن فعلت كذا وفعله وتخريج لأفعلن.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله وهذه لام القسم فلا تذكر إلا معه مظهرا أو مقدرا وتقدم إذا قال قسما بالله أو "أليه بالله".

(11/31)


فائدتان:
إحداهما: إذا قال حلفت ولم يكن حلف فقال الإمام أحمد رحمه الله هي كذبه ليس عليه يمين.
قال المصنف في المغنى والكافي والشارح هذا المذهب.
وقدمه في الكافي والمغنى والشرح والرعايتين وغيرهم.
واختاره أبو بكر وغيره.
وعنه عليه كفارة لأنه أقر على نفسه.
وتقدم نظير ذلك في الطلاق في باب صريح الطلاق وكنايته.
الثانية: تقدم انعقاد يمين الكافر.
وياتي اخر الباب بما يكفر به.
قوله: "فصل في كفارة اليمين وهي تجمع تخييرا وترتيبا فيخير فيها بين ثلاثة أشياء إطعام عشرة مساكين".
وسواء كان جنسا أو أكثر.
"أو كسوتهم".
ويجوز أن يطعم بعضا ويكسو بعضا على الصحيح من المذهب نص عليه.
وفيه قول قاله أبو المعالي لا يجوز ذلك كبقيه الكفارات من جنسين وكعتق مع غيرة أو إطعام وصوم.
قال في القاعدة الحادية بعد المائة وفيه وجه لا يجزئ.
ذكرة المجد في شرح الهداية في باب زكاة الفطر.
قوله: "والكسوة للرجل ثوب يجزئه ان يصلي فيه وللمرأة درع وخمار".
الصحيح من المذهب انه يلزمه من الكسوة ما يجزئ صلاة الأخذ فيه مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وقال في التبصرة: ما يجزئ صلاة الفرض فيه.
وكذا نقل حرب يجوز فيه الفرض.
تنبيه ظاهر كلام المصنف اجزاء ما يسمى كسوة ولو كان عتيقا وهو صحيح إذا لم تذهب قوته.

(11/32)


جزم به في الفروع وغيره.
وقال في المغنى والشرح يجزئ الحرير.
وقال في الترغيب يجزئ ما يجوز للأخذ لبسه.
فائدة: لو أطعم خمسة وكسا خمسة أجزأه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج عدم الإجزاء كإعطائه في الجبران شاة وعشرة دراهم.
وتقدم ذلك قريبا.
ولو أطعمه بعض الطعام وكساه بعض الكسوة لم يجزئه.
وإن اعتق نصف عبد وأطعم خمسة مساكين أو كساهم لم يجزئه.
ولو أتى ببعض واحد من الثلاثه ثم عجز عن تمامه فقال المصنف وجماعه ليس له التتميم بالصوم.
قال الزركشي وقد يقال بذلك كما في الغسل والوضوء مع التيمم.
وأجاب عنه المصنف.
ورده الزركشي.
وتقدم في الظهار إذا اعتق نصفي عبدين.
قوله: "فمن لم يجد فصيام ثلاثه أيام".
لا ينتقل إلى الصوم إلا إذا عجز عجزا كعجزة عن زكاة الفطر على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم به الخرقى والزركشي وغيرهما.
وقيل كعجزة عن الرقبه في الظهار على ما تقدم في كتاب الظهار.
وهو ظاهر كلامه في الشرح.
وتقدم هناك أيضا هل الاعتبار في الكفارة بحاله الوجوب أو بأغلظ الاحوال؟ في كلام المصنف.
قوله: "متتابعة".
على الصحيح من المذهب.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وجوب التتابع في الصيام إذا لم يكن عذر.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب.

(11/33)


قال الزركشى هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه له تفريقها.
فائدة: لو كان له مال غائبا ويقدر على الشراء بنسيئه لم يجزئه الصوم على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر.
قال الزركشى بلا نزاع أعلمه.
وقيل يجزئه فعل الصوم.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في الظهار.
وإن لم يقدر على الشراء مع غيبة ماله أجزأة الصوم على الصحيح من المذهب.
صححه في الرعايتين.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يجزئه الصوم.
قدمه الزركشى وقال هو مقتضى كلام الخرقى ومختار عامة الأصحاب حتى إن أبا محمد وأبا الخطاب والشيرازي وغيرهم جزموا بذلك.
وتقدم ذلك وغيرة مستوفى في كفارة الظهار.
وتقدم هناك إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق هل يلزمه الانتقال أم لا؟.
قوله: إن شاء قبل الحنث وإن شاء بعده.
هذا المذهب بلا ريب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادى والمحرر والوجيز وغيرهم من الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الواضح على رواية حنثه بعزمه على مخالفه يمينه بنيته لا يجوز بل لا يصح.
وفيه رواية لا يجوز التكفير قبل الحنث بالصوم لأنه تقديم عبادة كالصلاة.
واختار بن الجوزى في التحقيق أنه لا يجوز كحنث محرم في وجه.
وأما الظهار وما في حكمه فلا يجوز له فعل ذلك إلا بعد الكفارة على ما مضى في بابه.

(11/34)


فوائد:
إحداها: حيث قلنا بالجواز فالتقديم والتأخير سواء في الفضيلة على الصحيح من المذهب.
قال في القواعد الأصولية وغيره هذا المذهب.
اختاره المصنف وغيره.
وعنه التكفير بعد الحنث أفضل.
وقاله بن أبى موسى.
قلت وهو الصواب للخروج من الخلاف.
وعورض بتعجيل النفع للفقراء.
ونقل بن هانئ قبله أفضل.
ونقل بن منصور تقدم الكفارة واجبه فله أن يقدمها قبل الحنث لا تكون أكثر من الزكاة.
الثانية: ظاهر كلام المصنف أن التخيير جار إن كان الحنث حراما.
وهو ظاهر كلام الخرقى وكثير من الأصحاب وهو أحد الوجهين.
والوجه الثاني: لا يجزئه التكفير قبل الحنث.
قدمه في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما الزركشي وتقدم قريبا.
الثالثة: الكفارة قبل الحنث محللة لليمين للنص.
الرابعة: لو كفر بالصوم قبل الحنث لفقره ثم حنث وهو موسر فقال المصنف في المغنى والشارح وغيرهما لا يجزئه لأنا تبينا أن الواجب غير ما أتى به.
قال في القاعدة الخامسة وإطلاق الأكثر مخالف لذلك لأنه كان فرضه في الظاهر.
الخامسة: نص الإمام أحمد رحمه الله على وجوب كفارة اليمين والنذر على الفور إذا حنث وهو الصحيح من المذهب.
وقيل لا يجبان على الفور.
قال ذلك بن تميم والقواعد الأصولية وغيرهما.
وتقدم ذلك في أول باب إخراج الزكاة.
قوله: "ومن كرر إيمانا قبل التكفير فعليه كفارة واحدة".
يعنى إذا كان موجبها واحدا.

(11/35)


وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي.
وذكر أبو بكر أن الإمام أحمد رحمه الله رجع عن غيره.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
قال ناظم المفردات هذا الأشهر.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لكل يمين كفارة كما لو اختلف موجبها.
ومحل الخلاف إذا لم يكفر.
أما إن كفر بحنثه في أحدها ثم حنث في غيرها فعليه كفارة ثانية بلا ريب.
قوله: "والظاهر أنها إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة وإن كانت على أفعال فعليه لكل يمين كفارة".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
حكاها في الفروع وغيره.
فالذي على فعل واحد نحو والله لا قمت والله لا قمت وما أشبهه.
والذي على أفعال نحو والله لا قمت والله لا قعدت وما أشبهه.
واختاره في العمدة.
ونقل عبد الله أعجب إلى أن يغلظ على نفسه إذا كرر الأيمان أن يعتق رقبة فان لم يمكنه أطعم.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك في الحكم الحلف بنذور مكررة أو بطلاق مكفر قاله الشيخ تقى الدين رحمه الله.
نقل بن منصور فيمن حلف نذورا كثيرة مسماة إلى بيت الله ان لا يكلم اباه أو اخاه فعليه كفارة يمين.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله فيمن قال الطلاق يلزمه لأفعل كذا وكرره لم يقع أكثر من طلقة إذا لم ينو انتهى.

(11/36)


الثانية: لو حلف يمينا على اجناس مختلفة فعليه كفارة واحدة حنث في الجميع أو في واحد وتنحل يمينه في البقية.
قوله: "وان كانت الأيمان مختلفة الكفارة كالظهار واليمين بالله تعالى فلكل يمين كفارتها".
بلا نزاع لانتفاء التداخل لعدم الاتحاد.
قوله: "وكفارة العبد الصيام وليس لسيده منعه منه".
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وقيل إن حلف باذنه فليس له منعه وإلا كان له منعه.
وكذا الحكم في نذره.
قاله في الفروع وغيره.
فائدة: اعلم أن تكفير العبد بالمال في الحج والظهار والأيمان ونحوها للأصحاب فيها طرق.
أحدها: البناء على ملكه وعدمه.
فان قلنا يملك فله التكفير بالمال في الجملة وإلا فلا.
وهي طريقة القاضي وأبى الخطاب وابن عقيل وأكثر المتأخرين
لأن التكفير بالمال يستدعي ملك المال ف إذا كان هذا غير قابل للملك بالكلية ففرضه الصيام خاصة.
وعلى القول بالملك فانه يكفر بالإطعام.
وهل يكفر بالعتق على روايتين.
وهل يلزمه التكفير بالمال أو يجوز له مع اجزاء الصيام.؟
قال بن رجب في الفوائد المتوجه ان كان في ملكه مال فأذن له السيد.بالتكفير منه لزمه ذلك وإن لم يكن في ملكه بل اراد السيد ان يملكه ليكفر لم يلزمه كالحر المعسر إذا بذل له مال.
قال وعلى هذا يتنزل ماذكره صاحب المغنى من لزوم التكفير بالمال في الحج ونفى اللزوم في الظهار.
الطريقه الثانية: في تكفيرة بالمال باذن السيد روايتان مطلقتان سواء قلنا يملك أو لا يملك.
حكاها القاضي في المجرد عن شيخه بن حامد وغيرة من الأصحاب.
وهي طريقة أبي بكر.

(11/37)


فوجه عدم تكفيرة بالمال مع القول بالملك أن تملكه ضعيف لا يحتمل المواساة.
ووجه تكفيرة بالمال مع القول بانتفاء ملكه له مأخذان.
أحدهما: أن تكفيره بالمال إنما هو تبرع له من السيد وإباحه والتكفير عن الغير لا يشترط دخوله في ملك المكفر عنه كما نقول في رواية في كفارة المجامع في رمضان إذا عجز عنها وقلنا لا يسقط تكفير غيرة عنه الا باذنه جاز ان يدفعها إليه وكذلك في سائر الكفارات على إحدى الروايتين
ولو كانت قد دخلت في ملكه لم يجز ان يأخذها هو لأنه لا يكون حينئذ اخراجا للكفارة.
والمأخذ الثاني: أن العبد ثبت له ملك قاصر بحسب حاجته إليه وإن لم يثبت له الملك المطلق التام فيجوز أن يثبت له في المال المكفر به ملك يبيح له التكفير بالمال دون بيعه وهبته كما أثبتنا له في الأمة ملكا قاصرا أبيح له به التسري بها دون بيعها وهبتها.
وهذا اختيار الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وقال الزركشي في باب الفدية ذهب كثير من متقدمي الأصحاب إلى ان له التكفير باذن السيد وإن لم نقل بملكه بناء على أحد القولين من أن الكفارة لا يشترط دخولها في ملك المكفر عنه وأنه يثبت له ملك خاص بقدر ما يكفر انتهى.
وقال في "كتاب الظهار" ظاهر كلام أبى بكر وطائفة من متقدمي الأصحاب وإليه ميل أبى محمد جواز تكفيره بالمال بإذن السيد وإن لم نقل إنه يملك ولهم مدركان.
أحدهما: أنه يملك القدر المكفر به ملكا خاصا.
والثاني: ان الكفارة لا يلزم أن تدخل في ملك المكفر انتهى.
ووجه التفريق بين العتق والاطعام أن التكفير بالعتق يحتاج إلى ملك بخلاف الإطعام ذكره بن أبى موسى.
ولهذا لو أمر من عليه الكفارة رجلا أن يطعم عنه ففعل أجزأ.
ولو أمره أن يعتق عنه ففي إجزائه عنه روايتان.
ولو تبرع الوارث بالإطعام الواجب عن مورثه صح.
ولو تبرع عنه بالعتق لم يصح.
ولو أعتق الأجنبي عن الموروث لم يصح ولو أطعم عنه فوجهان.
وقال في الفروع ويكفر العبد بالإطعام بإذنه.
وقيل ولو لم يملك وفيه بعتق روايتان.
اختار أبو بكر ومال إليه المصنف وغيره جواز تكفيره بالعتق.

(11/38)


قال في الفروع فان جاز وأطلق ففي عتقه نفسه وجهان انتهى.
وأطلقهما في المغنى والشرح والقواعد الأصولية.
قلت الصواب الجواز والأجزاء.
قال الزركشى جاز ذلك على مقتضى قول أبي بكر.
تنبيه: حيث جاز له التكفير باذن السيد فقال القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم يلزمه التكفير وقال المصنف في الكفارات لا يلزمه على كلا الروايتين وإن أذن له سيده.
وقال الزركشى في الظهار تردد الأصحاب في الوجوب والجواز وتقدم معناه قريبا.
الطريقه الثالثة: أنه لا يجزئ التكفير بغير الصيام بحال على كلا الطريقتين
وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في كتاب الظهار وصاحب التلخيص وغيرهما لأنه وإن قلنا يملك فملكه ضعيف فلا يكون مخاطبا بالتكفير بالمال بالكليه فلا يكون فرضه غير الصيام بالأصالة بخلاف الحر العاجز فإنه قابل للتمليك التام.
قال بن رجب ومن هنا والله أعلم قال الخرقى في العبد إذا حنث ثم عتق لا يجزئه التكفير بغير الصوم بخلاف الحر المعسر إذا حنث ثم أيس.
وقال أيضا في العبد إذا فاته الحج يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوما.
وقال في الحر المعسر يصوم في الإحصار صيام المتمتع.
قوله: "ومن نصفه حر فحكمه في الكفارة حكم الأحرار".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح ونصراه والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يكفر بالمال.
فائدة: يكفر الكافر ولو كان مرتدا بغير الصوم لأن يمينه تنعقد كالمسلم كما تقدم.

(11/39)


باب جامع الأيمان:
قوله: يرجع في الأيمان إلى النية.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال القاضي يقدم عموم لفظه على النية احتياطا.

(11/39)


تنبيه: قوله يرجع في الأيمان إلى النية مقيد بأن يكون الحالف بها غير ظالم نص عليه على ما تقدم وأن يحتملها لفظه مطلقا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين.
وجزم به أبو محمد الجوزي.
وصححه في تصحيح المحرر.
وقال في المحرر وجماعة ويقبل منه في الحكم إذا قرب الإحتمال وإن قوى بعده منه لم يقبل وإن توسط فروايتان.
وأطلقهما في الفروع.
وتقدم ذلك في أول باب التأويل في الحلف.
وتقدم تصوير بعض مسائل من ذلك وذكر الخروج من مضايق الأيمان مستوفى في باب التأويل في الحلف في أوله وأخره فليراجع.
قوله: فإن لم يكن له نية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به الخرقى والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الفروع وقدم السبب على النية الخرقى والإرشاد والمبهج.
وحكى رواية.
وقدمه القاضي بموافقته للوضع.
وعنه يقدم عموم لفظه على سبب اليمين احتياطا.
وذكر القاضي وعلى النية أيضا انتهى.
وقال الزركشي اعتمد عامة الأصحاب تقديم النية على السبب.
وعكس ذلك الشيرازي فقدم السبب على النية انتهى.
قلت وقطع به في الإرشاد.
وقول صاحب الفروع وقدم الخرقى السبب على النية غير مسلم.
وقال الزركشي أيضا لما تكلم على كلام الخرقى إذا لم ينو شيئا لا ظاهر اللفظ ولا غير ظاهره رجع إلى سبب اليمين وما هيجها أي أثارها.
فإذا حلف لا يأوى مع امرأته في هذه الدار وكان سبب يمينه غيظا من جهة الدار لضرر لحقه من جيرانها أو منة حصلت عليه بها ونحو ذلك اختصت يمينه بها كما هو مقتضى اللفظ.

(11/40)


وإن كان لغيظ من المرأة يقتضى جفاءها ولا أثر للدار فيه تعدى ذلك إلى كل دار للمحلوف عليها بالنص وما عداها بعلة الجفاء التي اقتضاها السبب.
وكذلك إذا حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ولا يكلم زيدا لشربه الخمر فزال الظلم وترك زيد شرب الخمر جاز له الدخول والكلام لزوال العلة المقتضية لليمين.
وكلام الخرقى يشمل ما إذا كان اللفظ خاصا والسبب يقتضي التعميم كما مثلناه أولا أو كان اللفظ عاما والسبب يقتضي التخصيص كما مثلناه ثانيا.
ولا نزاع بين الأصحاب فيما علمت في الرجوع إلى السبب المقتضى للتعميم واختلف في عكسه.
فقيل فيه وجهان.
وقيل روايتان.
وبالجملة فيه قولان أو ثلاثة.
أحدها: وهو المعروف عن القاضي في التعليق وفي غيره واختيار عامة أصحابه الشريف وأبى الخطاب في خلافيهما يؤخذ بعموم اللفظ وهو مقتضى نص الإمام أحمد رحمه الله وذكره.
والقول الثاني: وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي محمد وحكى عن القاضي في موضع يحمل اللفظ العام على السبب ويكون ذلك السبب مبنيا على أن العام أريد به خاص.
والقول الثالث: لا يقتضي التخصيص فيما إذا حلف لا يدخل البلد لظلم راه فيه ويقتضي التخصيص فيما إذا دعى إلى غداء فحلف لا يتغدى أو حلف لا يخرج عبده ولا زوجته إلا بإذنه والحال يقتضى ما داما كذلك.
وقد أشار القاضي إلى هذا التعليق انتهى كلام الزركشى.
وقال في القاعده الرابعه والعشرين بعد المائه وتبعه في القواعد الأصوليه هل يخص اللفظ العام بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضى له أم يقضى بعموم اللفظ فيه وجهان.
أحدهما: العبرة بعموم اللفظ.
اختاره القاضي في الخلاف والآمدي وأبو الفتح الحلواني وأبو الخطاب وغيرهم.
وأخذوه من نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية علي بن سعيد فيمن حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه ثم زال الظلم.
قال الإمام أحمد رحمه الله النذر يوفي به.
والوجه الثاني: العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.

(11/41)


وهو الصحيح عند صاحب المغنى والبلغة والمحرر.
لكن المجد استثنى صورة النهر وما أشبهها كمن حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ثم زال الظلم.
فجعل العبرة في ذلك بعموم اللفظ.
وعدى المصنف الخلاف إليها.
ورجحه ابن عقيل في عمد الأدلة وقال هو قياس المذهب.
وجزم به القاضي في موضع من المجرد.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة وذكره.
قال في القواعد وهذا أحسن.
وقد يكون لحظ هذا جده.
قوله: "وإن حلف ليقضينه حقه غدا فقضاه قبله لم يحنث إذا قضاه قبل الغد لم يحنث إذا قصد أن لا يجاوزه قولا واحد".
وكذا لا يحنث أيضا إذا كان السبب يقتضيه وإلا حنث على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعند القاضي وأصحابه لا يحنث ولو كان السبب لا يقتضيه أيضا.
وتقدم كلام الزركشي ونقله.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو حلف لآكلن شيئا غدا أو لابيعنه أو لافعلنه.
فأما إن حلف لأقضينه حقه غدا وقصد مطله فقضاه قبله حنث.
قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا ونوى اليوم لم يحنث بالدخول في غيره".
ويقبل قوله في الحكم على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وعنه لا يقبل في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى.

(11/42)


قوله: "وإن دعى إلى غداء فحلف لا يتغدى اختصت يمينه به إذا قصده".
وهذا المذهب.
قال في الفروع لم يحنث بغيره على الأصح.
وجزم به في المغنى والمجد والشرح والوجيز وشرح ابن منجا وغيرهم.
وجزم به القاضي في الكفاية.
وعنه يحنث.
قوله: "وإن حلف لا يشرب له الماء من العطش يقصد قطع المنة أو كان السبب قطع المنة".
حنث بأكل خبزه واستعاره دابته وكل ما فيه المنة.
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وذكر ابن عقيل لا أقل كقعوده في ضوء ناره.
تنبيه: قوله: "وإن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوبا حنث".
وكذا إن انتفع بثمنه.
ومفهومه أنه لو انتفع بشيء من مالها غير الغزل وثمنه أنه لا يحنث وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في المغنى والشرح.
وقدمه في الفروع.
وقيل يحنث بقدر منته فأزيد.
جزم به في الترغيب.
وفي التعليق والمفردات وغيرهما يحنث بشئ منها لأنه لا يمحو منتها إلا بالامتناع مما يصدر عنها مما يتضمن منة ليخرج مجرى الوضع العرفى.
وكذا سوى الآدمي البغدادي في منتخبه بينها وبين التي قبلها وإنه يحنث بكل ما فيه منة.
وقال في الروضة إن حلف لا يأكل له خبزا والسبب المنة حنث بأكل غيره كائنا ما كان وأنه إن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس عمامة أو عكسه إن كانت امتنت بغزلها حنث بكل ما يلبسه منه انتهى.

(11/43)


وكذا منع ابن عقيل الحالف على خبز غيره من لحمه ومائه.
قوله: "وإن حلف لا يأوي معها في دار يريد جفاءها ولم يكن للدار سبب هيج يمينه فأوى معها في غيرها حنث".
وكذا لو حلف فقال لا عدت رأيتك تدخلينها ينوي منعها حنث ولو لم يرها.
ونقل بن هانئ أقل الأيواء ساعة.
وجزم به في الترغيب.
قوله: "وإن حلف لعامل لا يخرج إلا بإذنه فعزل أو على زوجته فطلقها أو على عبده فاعتقه ونحوه يريد ما دام كذلك".
انحلت يمينه وإن لم تكن له نيه انحلت يمينه أيضا ذكره القاضي لأن الحال تصرف اليمين إليه.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
قال المصنف هنا هذا أولى لأن السبب يدل على النيه فصار كالمنوى سواء.
وذكر القاضي أيضا في موضع آخر أن السبب إذا كان يقتضى التعميم عممناها به وإن اقتضى الخصوص مثل من نذر لا يدخل بلدا لظلم راه فيه فزال الظلم فقال الإمام أحمد رحمه الله النذر يوفى به.
قال في الفروع ومع السبب فيه روايتان.
ونصه يحنث.
وتقدم كلام الزركشى وصاحب القواعد.
وقال في المغنى والشرح وإن لم يكن له فيه نيه فكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضى روايتين وذكراه.
قوله: "وإن حلف لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى فلان القاضي فعزل انحلت يمينه إن نوى ما دام قاضيا".
قال بن نصر الله في حواشيه على الفروع قوله انحلت يمينه فيه نظر لأن المذهب عود الصفه فيحمل على أنه نوى تلك الولاية وذلك النكاح ونحوه انتهى.
قوله: "وإن لم ينو احتمل وجهين".
وهما روايتان وهما كالوجهين المتقدمين في المسألة التي قبلها.
أحدهما: تنحل يمينه.
صححه في التصحيح.

(11/44)


وهو ظاهر كلامه في الوجيز وظاهر ما اختاره المصنف اولاً.
والوجه الثاني: لا تنحل يمينه.
قال في الفروع ونصه يحنث.
قال القاضي قياس المذهب لا تنحل يمينه.
وتقدم كلام الزركشي وصاحب القواعد لأن هذه المسائل من جملة القاعدة.
وقال في الترغيب إن كان السبب أو القرائن تقتضي حالة الولاية اختص بها وإن كانت تقتضي الرفع إليه بعينه مثل أن يكون مرتكب المنكر قرابة الوالي مثلا وقصد إعلامه بذلك لأجل قرابته تناول اليمين حال الولاية والعزل وإلا فوجهان.
فعلى الوجه الأول لو رأى المنكر في ولايته فأمكنه رفعه فلم يرفعه إليه حتى عزل لم يبر برفعه إليه في حال عزله.
وهل يحنث بعزله فيه وجهان.
واطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
أحدهما: يحنث بعزله.
قلت وهو أولى.
والوجه الثاني: لا يحنث بعزله.
وإن مات قبل إمكان رفعه إليه حنث أيضا على الصحيح.
قدمه في المغنى والشرح.
وقيل لا يحنث.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
قلت وهو أولى.
وأطلقهما في الفروع.
وأما على الوجه الثاني وهو كون يمينه لا تنحل في أصل المساله لو رفعه إليه بعد عزله بر بذلك.
فائدة: إذا لم يعين الوالي إذن ففي تعيينه وجهان في الترغيب للتردد بين تعيين العهد والجنس وتابعه في الفروع.
وقال في الترغيب أيضا لو علم به بعد علمه فقيل فات البر كما لو رآه معه.
وقيل لا لإمكان صورة الرفع.
فعلى الأول هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان.

(11/45)


وكذا قوله جوابا لقولها تزوجت علي كل امرأة لي طالق تطلق على نصه.
وقطع به جماعه أخذا بالأعم من لفظ وسبب.
قوله: "فإن عدم ذلك يعني النيه وسبب اليمين وما هيجها رجع إلى التعيين هذا المذهب".
جزم به هنا في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي.
وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم وصححه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يقدم الإسم شرعا أو عرفا أو لغه على التعيين.
وقال في الهدايه والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة فإن عدم النيه والسبب رجعنا إلى ما يتناوله الإسم.
فإن اجتمع الإسم والتعيين أو الصفه والتعيين غلبنا التعيين.
فإن اجتمع الإسم والعرف فقال في المذهب والخلاصة فأيهما يغلب فيه وجهان.
قال في الهداية فقد اختلف أصحابنا فتارة غلبوا الاسم وتاره غلبوا العرف.
قال في الفروع وذكر يوسف بن الجوزى النيه ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغه انتهى.
وقال في المذهب الأحمد النيه ثم السبب ثم التعيين ثم إلى ما يتناوله الاسم وإن كان للفظ عرف غالب حمل كلام الحالف عليه.
قوله: "فإذا حلف لا يدخل دار فلان هذه فدخلها وقد صارت فضاء أو حماما أو مسجدا أو باعها أو لا لبست هذا القميص فجعله سراويل أو رداء أو عمامة ولبسه أو لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا أو امراة فلان أو صديقه فلانا أو غلامه سعدا فطلقت الزوجة وزالت الصداقه وعتق العبد وكلمهم أو لا أكلت لحم هذا الحمل فصار كبشا أو لا أكلت هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا نص عليه أو خلا أو لا اكلت هذا اللبن فتغير أو عمل منه شيء فأكله حنث في ذلك كله".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب منهم ابن عقيل في التذكرة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو اصح.

(11/46)


قال في الفروع بعد ان ذكر ذلك كله وغيره إذا فعل ذلك ولا نية ولا سبب حنث.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى وغيرهم.
ويحتمل أن لا يحنث.
واختاره ابن عقيل.
واختار القاضي والمصنف والشارح أنه لو حلف لا أكلت هذه البيضة فصارت فرخا أو لا أكلت هذه الحنطة فصارت زرعا فأكله أنه لا يحنث.
قالا وعلى قياسه لو حلف لا شربت هذا الخمر فصار خلا.
فاستثنوا هذه المسائل من أصل هذه القاعدة.
قال الزركشي وعن ابن عقيل أنه طرد القول حتى في البيضة والزرع.
قال الزركشي ولعله أظهر.
قلت وهو المذهب كما تقدم.
فائدة: "لو حلف لا يدخل دار فلان ولم يقل هذه أو لا أكلت التمر الحديث فعتق أو الرجل الصحيح فمرض أو لا دخلت هذه السفينة فنقضت ثم أعيدت ففعل حنث بلا نزاع في ذلك إلا أن في السفينة احتمالا بعدم الحنث".
قوله: "فان عدم ذلك يعني النية وسبب اليمين وما هيجها والتعيين رجعنا إلى ما يتناوله الاسم".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وصححه في المحرر والنظم والحاوى وغيرهم.
وقيل يقدم ما يتناوله الاسم على التعيين وتقدم ذلك.
وتقدم كلام يوسف بن الجوزي فإنه يقدم النية ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغة.
فائدة: "الاسم يتناول العرفى والشرعى واللغوي فيقدم اللفظ الشرعي والعرفي على اللغوي على الصحيح من المذهب".
جزم به في المحرر والنظم.
وقدمه في الرعايتين والحاوى الصغير.

(11/47)


وقيل عكسه.
وقال ابن عبدوس في تذكرته يقدم الاسم عرفا ثم شرعا ثم لغة.
فأفادنا تقديم العرفي على الشرعي.
وقدم ولد بن الجوزي العرف ثم اللغة كما تقدم.
قوله: "واليمين المطلقة تنصرف إلى الموضوع الشرعي وتتناول الصحيح منه ف إذا حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا أو لا ينكح فنكح نكاحا فاسدا لم يحنث".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به الخرقي وفي الوجيز وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار من الأوجه.
وعنه يحنث في البيع وحده.
وقيل يحنث في بيع ونكاح مختلف فيه.
واختاره بن أبي موسى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أنه يحنث إذا باع بيعا صحيحا بشرط الخيار وهو كذلك وهو المذهب مطلقا.
وقال القاضي في الخلاف لو باع بشرط الخيار هل يحنث ينبني على نقل الملك وعدمه.
وأنكر ذلك المجد عليه.
ذكره في القاعدة السابعة والخمسين.
فائدة: لو حلف لا يحج فحج حجا فاسدا حنث.
قاله في الفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قوله: "إلا أن يضيف اليمين إلى شيء لا يتصور فيه الصحة مثل أن يحلف لا يبيع الخمر أو الحر فيحنث بصورة البيع".
هذا المذهب.
قال المصنف والشارح وابن منجا في شرحه هذا أولى.

(11/48)


قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في المحرر والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يحنث مطلقا.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
وذكر القاضي فيمن قال لامرأته إن سرقت مني شيئا وبعتينيه فأنت طالق ففعلت لم تطلق.
وقال القاضي أيضا لو قال إن طلقت فلانة الأجنبية فانت طالق فوجد لم تطلق.
فائدتان:
أحداهما: الشراء مثل البيع في ذلك على الصحيح من المذهب.
وخالف في عيون المسائل في سرقت مني شيئا وبعتينيه كما لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا.
الثانية: لو حلف لا تسريت فوطئ جاريته حنث.
ذكره أبو الخطاب كحلفه لا يطأ.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقال القاضي لا يحنث حتى ينزل فحلا كان أو خصيا.
ونقل بن منصور إن حلف وليست في ملكه حنث بالوطء وإن حلف وقد ملكها حنث بالوطء بشرط أن لا يعزل.
قاله في الفروع وغيره.
وعنه إن عزل لم يحنث.
وعنه في مملوكة وقت حلفه انتهى.
قوله: "وإن حلف لا يصوم لم يحنث حتى يصوم يوما".
هذا أحد الوجوه.
وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب والشرح وشرح ابن منجا.

(11/49)


وقدمه في الرعايتين.
واختاره المجد في محرره.
وجزم به في الهداية والخلاصة.
وقيل يحنث بالشروع الصحيح وهو المذهب.
اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والفروع وقال قاله الأصحاب.
وقيل يحنث بالشروع الصحيح إن قلنا يحنث بفعل بعض المحلوف.
فائدتان:
إحداهما: لو حلف لا يصوم صوما لم يحنث حتى يصوم يوما بلا نزاع.
الثانية لو حلف لا يحج حنث بإحرامه على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يحنث إلا بفراغه من أركانه.
قوله: "وإن حلف لا يصلى لم يحنث حتى يصلى ركعة".
يعني بسجدتيها هذا أحد الوجوه.
اختاره أبو الخطاب.
قال ابن منجا في شرحه هذا أصح.
وقال القاضي إن حلف لا صليت صلاة لم يحنث حتى يفرغ مما يقع عليه اسم الصلاة وإن حلف لا يصلي حنث بالتكبير.
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع والنظم.
وقيل يحنث إن قلنا حنث بفعل بعض المحلوف.
وهو احتمال للمصنف.
وقيل لا يحنث حتى تفرغ الصلاة كقوله صلاة أو صوما وكحلفه ليفعلنه اختاره في المحرر.
وقيل يحنث بصلاة ركعتين.
وهو رواية في الشرح لأنه أقل ما يقع عليه اسم الصلاة على رواية.
وقال في الترغيب على الأول والثاني يخرج إذا أفسده.

(11/50)


فوائد:
الأولى: لو كان حال حلفه صائما أو حاجا ففي حنثه وجهان.
وأطلقهما في الرعاية.
قال في الفروع وفي حنثه باستدامة الثلاثة وجهان.
يعني الصلاة والصوم والحج.
الثانية: شمل قوله لا يصلى صلاة الجنازة ذكره أبو الخطاب وغيره واقتصر عليه في الفروع.
قال المجد وغيره والطواف ليس بصلاة مطلقة ولا مضافة فلا يقال صلاة الطواف.
وفي كلام الإمام أحمد رحمه الله الطواف صلاة.
وقال أبو الحسين وغيره عن قوله عليه أفضل الصلاة والسلام الطواف بالبيت صلاة يوجب أن يكون الطواف بمنزلة الصلاة في جميع الأحكام إلا فيما استثناه وهو النطق.
وقال القاضي وغيره الطواف ليس بصلاة في الحقيقة لأنه أبيح فيه الكلام والأكل وهو مبني على المشي فهو كالسعي.
الثالثة: قوله: "وإن حلف لا يهب زيدا شيئا ولا يوصي له ولا يتصدق عليه ففعل ولم يقبل زيد حنث".
بلا نزاع أعلمه.
لكن قال في الموجز والتبصرة والمستوعب مثله في البيع قاله في الفروع.
والذي رأيته في المستوعب فإن حلف لا يبيع فباع ولم يقبل المشتري لم يحنث.
وقال القاضي مثل قول صاحب الموجز والتبصرة في إن بعتك فأنت حر.
وقال في الترغيب إن قال لآخر إن اشتريته فهو حر فاشتراه عتق من بائعه سابقا للقبول.
وجزم في النظم وغيره أنه إذا حلف لا يبيع ولا يؤجر ولا يزوج فأوجب ولم يقبل الآخر أنه لا يحنث.
قوله: "وإن حلف لا يتصدق عليه فوهبه لم يحنث".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والبلغة والمحرر والنظم والمغنى والشرح وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث.

(11/51)


قوله: "وإن حلف لا يهبه فتصدق عليه حنث".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي والمصنف والشارح وقدماه.
وصححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز.
قال في تصحيح المحرر هذا المذهب.
وقيل لا يحنث.
اختاره أبو الخطاب في الهداية.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
واطلقهما في المذهب والفروع والحاوى الصغير والرعايتين.
تنبيه محل الخلاف في صدقه التطوع.
أما الصدقة الواجبة والنذر والكفارة والضيافة الواجبة فلا يحنث قولا واحدا.
قوله: "وان أعاره لم يحنث".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الكافي وغيره.
وصححه في المغنى وغيره.
وقيل يحنث.
قدمه في الهداية.
وهو ظاهر ما قدمه في المحرر.
وصححه في الخلاصة.
وأطلقهما في الفروع والمذهب والحاوي والرعايتين والنظم.

(11/52)


قوله: "وان وقف عليه حنث".
وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع.
وقيل لا يحنث كصدقة واجبة ونذر وكفارة وتضييفه وإبرائه.
قوله: "وإن أوصى له لم يحنث".
بلا نزاع أعلمه.
قوله: "وإن باعه وحاباه حنث".
وهو المذهب صححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الهداية.
ويحتمل أن لا يحنث.
وهو لابي الخطاب في الهداية.
واختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور.
وأطلقهما في المذهب والشرح والمحرر والفروع والحاوي الصغير والرعايتين والنظم.
فائدة: لو أهدى إليه حنث على الصحيح من المذهب.
وقال أبو الخطاب لا يحنث.
قوله: "و إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم أو المخ أو الكبد أو الطحال أو القلب أو الكرش أو المصران أو الآلية أو الدماغ أو القانصة لم يحنث".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال القاضي يحنث بأكل الشحم الذي على الظهر والجنب وفي تضاعيف اللحم وهو لحم.

(11/53)


ولا يحنث بأكله من حلف لا يأكل شحما على ما يأتي.
وكذلك الحكم في أنه لا يحنث بأكله الكلية والكارع فلا يحنث في ذلك كله إلا أن ينوي اجتناب الدسم فإذا نوي ذلك حنث.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لو أكل لحم الراس أو لحما لا يؤكل أنه يحنث.
وهو أحد الوجهين.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والنظم.
قال أبو الخطاب يحنث بأكل لحم الخد.
قال الزركشي وهو مناقض لاختياره في الهداية فيما إذا حلف لا يأكل رأسا لم يحنث إلا بأكل رأس جرت العادة بأكله منفردا فغلب العرف.
قال في الخلاصة يحنث بأكل لحم الراس في الأصح.
وأطلقهما في المحرر والحاوي في أكل لحم لا يؤكل.
قال الزركشي ظاهر كلام الخرقى أنه يحنث بأكل كل لحم فتدخل اللحوم المحرمة كلحم الخنزير ونحوه.
وهو أشهر الوجهين وبه قطع أبو محمد انتهى.
وجزم ابن عبدوس في تذكرته أنه يحنث بلحم الراس وبلحم غير مأكول.
قال في المذهب حنث بأكل الرأس في ظاهر المذهب.
والوجه الثاني: لا يحنث حتى ينويه.
قال الزركشي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله واختيار القاضي أنه لا يحنث بأكل خد الرأس.
وحكى عن بن أبي موسى في ذلك كله.
ذكره المصنف والشارح وقالا لو أكل اللسان احتمل وجهين.
وأطلقهما في النظم والرعايتين والفروع.
قال الزركشي لا يحنث بأكل اللسان على أظهر الاحتمالين.
وقال في الكافي لو حلف لا يأكل لحما تناولت يمينه أكل اللحم المحرم.
وقال أبو الخطاب لا يحنث بأكل رأس لم تجر العادة بأكله منفردا.
وقال في المغنى إن أكل رأسا أو كارعا فقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا يحنث
وقدمه في الشرح.

(11/54)


قال القاضي لأن اسم اللحم لا يتناول الرءوس والكوارع.
وياتي في كلام المصنف في الفصل الآتي إذا حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا.
قوله: "وإن أكل المرق لم يحنث".
هذا الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لم يحنث في الأصح.
وصححه ابن منجا في شرحه ونصره المصنف والشارح.
قال الزركشي وهو الصواب.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قال في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح لا يعجبني لأن طعم اللحم قد يوجد في المرق.
قال أبو الخطاب هذا على سبيل الورع.
قال والأقوى لا يحنث انتهى.
وقال بن أبي موسى والقاضي يحنث.
قال الزركشي فناقض القاضي.
وأطلقهما في الرعايتين والنظم.
قوله: "وإن حلف لا يأكل الشحم فأكل شحم الظهر حنث".
وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقى وأبي الخطاب.
ومال إليه المصنف والشارح.
قال الزركشي هو اختيار أكثر الأصحاب والقاضي والشريف وأبى الخطاب والشيرازي وابن عقيل.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا يحنث اختاره بن حامد والقاضي وقال الشحم هو الذي يكون في الجوف من شحم الكلى أو غيره.

(11/55)


قال الزركشي وهو الصواب.
وقال القاضي أيضا وإن أكل من كل شيء من الشاة من لحمها الأحمر والأبيض والآلية والكبد والطحال والقلب فقال شيخنا يعني به بن حامد لا يحنث لأن اسم الشحم لا يقع عليه.
قال في الفروع وهل بياض اللحم كسمين ظهر وجنب وسنام لحم أو شحم فيه وجهان.
واطلق الوجهين في أصل المسألة في النظم.
فائدة: لو حلف لا يأكل شحما حنث بأكل الآلية لا اللحم الأحمر على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال القاضي ومن وافقه ليست الآلية شحما ولا لحما.
وقال الخرقي يحنث بأكل اللحم الأحمر.
وقال غيره من الأصحاب لا يحنث وهو المذهب كما تقدم.
وتأتي مسألة الخرقى في كلام المصنف.
قوله: "وإن حلف لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو سمنا أو كشكا أو مصلا أو جبنا لم يحنث".
وكذا لو أكل أقطا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في أكل الزبد.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والنظم.
والحاوي الصغير والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين.
وقال القاضي يحتمل أن يقال في الزبد إن ظهر فيه لبن حنث بأكله.
وإلا فلا كما لو حلف لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
وهو ظاهر ما جزم به المصنف وغيره في قوله إذا حلف لا يأكل فأكله مستهلكا في غيره.
وقال في الرعايتين وعنه إن أكل الجبن أو الأقط أو الزبد حنث.
قوله: "وإن حلف على الزبد والسمن فأكل لبنا لم يحنث" وهو المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز

(11/56)


والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في شرح ابن منجا.
وقال المصنف والشارح إن أكل لبنا لم يظهر فيه الزبد لم يحنث وإن كان الزبد فيه ظاهرا حنث.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى فأكل حليبا أو مخيضا أو جامدا لم يظهر زبده لم يحنث.
فائدة: لو حلف لا يأكل زبدا فأكل سمنا لم يحنث وفي عكسه وجهان قاله في الرعايتين.
وجزم في الكافي أنه لا يحنث أيضا.
قوله: "وإن حلف على الفاكهة فأكل من ثمر الشجر كالجوز واللوز والرمان حنث" إن أكل من ثمر الشجر رطبا حنث بلا نزاع.
وإن أكل منه يابسا كحب الصنوبر والعناب والزبيب والتمر والتين والمشمش اليابس والاجاص ونحوه حنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع هذا الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والحاوي والرعايتين والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح.
وقيل لا يحنث بأكل ذلك.
وهو احتمال في المغنى والشرح كالحبوب.
فائدتان:
إحداهما: الزيتون ليس من الفاكهة وكذلك البلوط وسائر ثمر الشجر البرى الذي يستطاب كالزعرور الأحمر وثمر القيقب والعفص وحب الآس ونحوه قاله المصنف والشارح وغيرهما.

(11/57)


ووجه في الفروع وجها في الزيتون والبلوط والزعرور أنه فاكهة.
قلت وحب الآس والقيقب كذلك.
والبطم ليس بفاكهة على الصحيح من المذهب.
ويحتمل أنه منها ذكره المصنف والشارح.
الثانية: الثمرة تطلق على الرطبه واليابسه شرعا ولغه قاله في الفروع.
قال وهذا معنى قولهم في السرقه منها وغيره.
وفي طريقه لبعض الأصحاب في السلم اسم الثمرة إذا أطلق للرطبة ولهذا لو أمر وكيله بشراء ثمرة فاشترى ثمرة يابسه لم تلزمه.
وكذا في عيون المسائل وغيرها الثمر اسم للرطب.
قوله: "وإن أكل البطيخ حنث".
هذا المذهب اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
ويحتمل أن لا يحنث.
وهما وجهان مطلقان في المغنى والمحرر والشرح والرعايتين والنظم والحاوى الصغير وغيرهم.
فائدة: قوله: ولا يحنث بأكل القثاء والخيار بلا نزاع.
وكذا لا يحنث بأكل القرع والباذنجان لأنهما من الخضر.
وكذا لا يحنث بأكل ما يكون في الأرض كالجزر واللفت والفجل والقلقاس والسوطل ونحوه.
قوله: وإن حلف لا يأكل رطبا فأكل مذنبا.
وهو الذي بدأ فيه الإرطاب من ذنبه وباقيه بسر حنث وهو المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يحنث اختاره ابن عقيل.

(11/58)


قوله: "وان أكل تمرا أو بسرا أو حلف لا يأكل تمرا" فأكل رطبا أو دبسا أو ناطفا لم يحنث".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر في المبهج رواية بأنه يحنث فيما إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل تمرا.
قوله: "وإن حلف لا يأكل أدما حنث بأكل البيض والشواء والجبن والملح والزيتون واللبن وسائر ما يصطبغ به فإنه يحنث به".
وكذا إذا اكل الملح على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأشهر وملح.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز.
وقيل الملح ليس بادم وما هو ببعيد.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير.
قوله: "وفي التمر وجهان".
وأطلقهما في الهدايه والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والكافي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: هو من الأدم.
وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وهو الصواب.
والوجه الثانى: ليس من الأدم فلا يحنث بأكله.
جزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وهو ظاهر كلام الآدمي في منتخبه.
وقال في الفروع ويتوجه على هذين الوجهين الزبيب ونحوه.
قال وهو ظاهر كلام جماعة.
قلت وهو الصواب وأن ذلك مما يؤتدم به.
وجزم في المغنى والكافى والشرح وغيرهما أنه لا يحنث بأكل الزبيب.
قالوا لأنه من الفاكهة.

(11/59)


فوائد:
الأولى: لو حلف لا يأكل طعاما حنث بأكل كل ما يسمى طعاما من قوت وأدم وحلواء وجامد ومائع.
وفي ماء ودواء وورق شجر وتراب ونحوها وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قال في الرعاية وفي الماء والدواء وجهان.
قلت الصواب أنه لا يحنث بأكل شيء من ذلك ولا يسمى شيء من ذلك طعاما في العرف.
قال في تجريد العناية لا يسمى ذلك طعاما في الأظهر.
وصححه الناظم.
الثانية: لو حلف لا يأكل قوتا حنث بأكل خبز وتمر وتين ولحم ولبن ونحوه على الصحيح من المذهب مطلقا.
قدمه في المغنى والشرح والفروع.
قال في الرعاية الكبرى والقوت ما تبقى معه البنية كخبز وتمر وزبيب ولبن ونحو ذلك.
وكذا قال في النظم.
قال في تجريد العناية لا يختص بقوت بلده في الأظهر انتهى.
ويحتمل أن لا يحنث إلا بما يقتاته أهل بلده.
وإن أكل سويقا أو استف دقيقا أو حبا يقتات بخبزه حنث على الصحيح من المذهب.
ويحتمل أن لا يحنث بأكل الحب.
وإن أكل عنبا أو حصرما أو خلا لم يحنث.
الثالثة: قال في الفروع والعيش يتوجه فيه عرفا الخبز وفي اللغة العيش للحياة فيتوجه ما يعيش به فيكون كالطعام انتهى.
الرابعة: قوله: وإن حلف لا يلبس شيئا فلبس ثوبا أو درعا.أو جوشنا أو خفا أو نعلا حنث بلا نزاع.
وإن حلف لا يلبس ثوبا حنث كيفما لبسه ولو تعمم به ولو ارتدى بسراويل أو ائتزر بقميص لإبطيه وتركه على رأسه ولا بنومه عليه.
وإن تدثر به فوجهان وأطلقهما في الفروع.
جزم ابن عبدوس في تذكرته بعدم الحنث.

(11/60)


وإن قال قميصا فائتزر لم يحنث وإن ارتدى فوجهان.
واطلقهما في الفروع.
جزم في المغنى إنه يحنث وهو ظاهر الرعاية.
وإن حلف لا يلبس قلنسوة فلبسها في رجله لم يحنث لأنه عبث وسفه.
الخامسة: قوله: "وإن حلف لا يلبس حليا فلبس حلية ذهب أو فضة أو جوهر حنث بلا نزاع".
ويحنث أيضا بلبس خاتم في غير الخنصر وجها واحدا.
ووجه في الفروع عدم الحنث.
قلت وهو الصواب في لبس الوسطى والسبابة والإبهام فأما في الخنصر فلا نزاع فيه.
السادسة: قوله: "وإن لبس عقيقا أو سبجا لم يحنث بلا نزاع".
قلت لو قيل بحنثه بلبسه العقيق لما كان بعيدا.
ولا يحنث أيضا بلبس الحرير مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقال في الوسيلة تحنث المرأة بلبس الحرير.
قوله: "وان لبس الدراهم والدنانير في مرسلة فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
والهادى والمغنى والبلغة والمحرر وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما: لا يحنث بلبسه.
وهو ظاهر ما جزم به في الكافى فإنه ذكر ما يحنث به من ذلك ولم يذكرهما وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والثاني: يحنث بلبسه وهو من الحلى.
اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور.
قلت وهو الصواب.
قال في الإرشاد لو لبس ذهبا أو لؤلؤا وحده حنث.
وقال بعض الأصحاب محل الخلاف إذا كانا مفردين.

(11/61)


فوائد:
الأولى: في لبسه منطقه محلاة وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: هي من الحلى.
اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
قلت وهو الصواب.
والوجه الثاني: ليست من الحلى فلا يحنث بلبسها.
قلت ويحتمل أن يرجع في ذلك إلى العرف وعادة من يلبسها هي والدراهم والدنانير.
الثانية: قوله: "وإن حلف لا يركب دابة فلان ولا يلبس ثوبه ولا يدخل داره فركب دابة عبده ولبس ثوبه ودخل داره أو فعل ذلك فيما استأجره فلان حنث بلا نزاع".
لكن لو دخل دارا استعارها السيد لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يحنث بدخول الدار المستعارة.
ولو ركب دابة استعارها لم يحنث قولا واحدا كما قاله المصنف.
الثالثة: لو حلف لا يدخل مسكنه حنث بدخول ما استأجره أو استعاره للسكنى وفي حنثه بدخول مغصوب أو في دار له لكنها لغير السكنى وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه لا يحنث بدخول الدار المغصوبة.
وقال في الترغيب والبلغة والأقوى إن كانت سكنه مرة حنث.
وظاهر المغنى أنه يحنث بدخول الدار المغصوبة.
وجزم به الناظم.
وقال في الرعاية الكبرى وإن قال لا أسكن مسكنه ففيما لا يسكنه من ملك أو يسكنه بغصب فيه وجهان ويحنث بسكنى ما سكنه منه بغصب.
الرابعة: لو حلف لا يدخل ملك فلان فدخل ما استأجره فهل يحنث فيه وجهان في الانتصار.
قلت الصواب أنه لا يحنث وهو المتعارف بين الناس وإن كان مالك المنافع.

(11/62)


قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها حنث".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل إن رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان.
قوله: "وإن دخل طاق الباب احتمل وجهين".
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم.
وهي من جملة مسائل من حلف على فعل شيء ففعل بعضه على ما تقدم في آخر تعليق الطلاق بالشروط.
وقد صرح المصنف بهذه المسألة هناك.
أحدهما: يحنث بذلك مطلقا وهو ظاهر ما اختاره الأكثر على ما تقدم هناك.
والوجه الثاني: لا يحنث به مطلقا وهو ظاهر كلامه في منتخب الآدمي.
وهذا المذهب على ما تقدم.
وقدمه بن رزين في شرحه.
وقال القاضي لا يحنث إذا كان بحيث إذا أغلق الباب كان خارجا وهو الصواب.
صححه ابن منجا في شرحه.
وجزم به في الوجيز.
وقال في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى وإن دخل طاق الباب بحيث إذا أغلق كان خارجا منها فوجهان.
اختار القاضي الحنث ذكره عنه في المستوعب.
فائدة: لو وقف على الحائط فعلى وجهين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والنظم.
قلت الصواب عدم الحنث.
وقدم بن رزين في شرحه الحنث.
قوله: "وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان".
بلا نزاع أعلمه.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
ولو صلى به إماما ثم سلم من الصلاة لم يحنث نص عليه.
وإن ارتج عليه في الصلاه ففتح عليه الحالف لم يحنث بذلك.
فائدة: لو كاتبه أو أرسل إليه رسولا حنث إلا أن يكون أراد أن لا يشافهه.

(11/63)


وروى الأثرم عنه ما يدل على أنه لا يحنث بالمكاتبة إلا أن تكون نيته أو سبب يمينه يقتضى هجرانه وترك صلته.
واختاره المصنف والشارح.
والأول عليه الأصحاب.
وإن أشار إليه ففيه وجهان.
أحدهما: يحنث اختاره القاضي.
والثاني: لا يحنث اختاره أبو الخطاب.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وصححه في النظم.
فإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع لتشاغله وغفلته حنث نص عليه.
وإن سلم على المحلوف عليه حنث.
وتقدم الكلام على هذا والذي قبله في كلام المصنف في تعليق الطلاق بالكلام فليعاود.
قوله: "وان زجره فقال تنح أو اسكت حنث".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا.
وقدمه في المغنى والشرح.
وقال المصنف قياس المذهب انه لا يحنث لأن قرينه صلته هذا الكلام بيمينه تدل على إرادة كلام يستأنفه بعد انقضاء هذا الكلام المتصل كما لو وجدت النيه حقيقة.
فائدة: لو حلف لا يسلم عليه فسلم على جماعة هو فيهم وهو لا يعلم به ولم يرده بالسلام فحكى الأصحاب في حنثه روايتان.
والمنصوص في رواية مهنا الحنث.
قال في القواعد ويشبه تخريج الروايتين على مسأله من حلف لا يفعل شيئا ففعله جاهلا بأنه المحلوف عليه.
قوله: "وإن حلف لا يبتدئه بكلام فتكلما جميعا معا حنث".
هذا أحد الوجهين والمذهب منهما.
وجزم به في الشرح وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي.
وقيل لا يحنث.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوى الصغير والمنور والرعايتين.

(11/64)


وصححه الناظم.
وأطلقهما في الفروع.
فائدة: "لو حلف لا كلمته حتى يكلمنى أو يبدأنى بالكلام فتكلما معا".
حنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز والحاوى الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين.
وقيل لا يحنث واختاره في الرعايتين.
قوله: "وإن حلف لا يكلمه حينا فذلك ستة أشهر نص عليه".
وهو المذهب مطلقا نص عليه.
جزم به الخرقى وصاحب الإرشاد والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايه الصغرى والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
قال الزركشى نص عليه الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وقدمه في الرعايه الكبرى والفروع.
وقيل إن عرفه فللأبد كالدهر والعمر.
وقال في الفروع ويتوجه أقل زمن.
تنبيه: محل الخلاف إذا أطلق ولم ينو شيئا.
قوله: "وإن قال زمنا أو دهرا أو بعيدا أو مبليا رجع إلى أقل ما يتناوله اللفظ".
وكذا طويلا وهذا الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب وغيره.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم والفروع.
وقدمه في الرعاية الكبرى في بعيد وملى وطويل.
وقال القاضي هذه الألفاظ كلها مثل الحين إلا بعيدا أو مليا فانه على أكثر من شهر.

(11/65)


وقدمه في الرعايتين في زمن ودهر.
وجزم به في المنور.
وعند بن أبى موسى إذا حلف لا يكلمه زمانا لم يكلمه ثلاثة أشهر.
قوله: "وإن قال عمرا احتمل ذلك".
يعني أنه كزمن ودهر وبعيد ومليء وهو الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وجزم به في الرعايتين والحاوي.
واحتمل أن يكون أربعين عاما.
قال المصنف والشارح هذا قول حسن.
وقال القاضي هو مثل حين كما تقدم.
وجزم به في الوجيز.
قوله: "وإن قال الأبد والدهر".
يعني معرفا بالألف واللام فذلك على الزمان كله.
وكذا العمر على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغنى والمحرر والشرح والنظم.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وقيل إن العمر كالحين.
وقيل أربعون سنة.
فائدة: "الزمان كالحين على الصحيح من المذهب".
اختاره القاضي وأبو الخطاب.
وقدمه في النظم والفروع والرعايتين.
واختار جماعة إنه على الزمان كله منهم المصنف والشارح والمجد في محرره.
وحكى عن بن أبى موسى أنه ثلاثة أشهر.
وأما الذي قاله في الإرشاد فإنما هو فيما إذا حلف لا يكلمه زمانا فإنه لا يكلمه ثلاثة أشهر.
قوله: "والحقب ثمانون سنة".
وجزم به في الخلاصة والوجيز وشرح ابن منجا.

(11/66)


وصححه في تجريد العناية.
قال في الهداية والمذهب وأما الحقب فقيل ثمانون سنة واقتصر عليه.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه.
وقدمه في الرعايتين.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
وقال القاضي هو أدنى زمان.
وقدم في الفروع أن حقبا أقل زمان.
وقيل الحقب أربعون سنة.
قال في الرعايتين قلت ويحتمل أنه كالعمر.
وقيل الحقب للأبد.
فائدة: لو قال إلى الحول فحول كامل لا تتمته.
أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله ذكره في الانتصار.
قوله: "والشهور اثنا عشر شهرا عند القاضي".
قال الشارح عند القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في تجريد العناية.
وعند أبى الخطاب ثلاثة أشهر كالأشهر والأيام وهو المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والحاوي الصغير والرعايتين.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
قوله: "والأيام ثلاثة".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع.
وقيل للقاضي في مسألة أكثر الحيض اسم الأيام يلزم الثلاثة إلى العشرة لأنك تقول أحد عشر يوما ولا تقول أياما فلو تناول اسم الأيام ما زاد على العشرة حقيقة لما جاز نفيه.

(11/67)


فقال قد بينا أن اسم الأيام يقع على ذلك والأصل الحقيقة.
يعني قوله تعالى : {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] ، {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:24] ، {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184].
وقال زفر بن الحارث:
وكنا حسبنا كل سوداء تمرة ... ليالي لاقينا جذاما وحميرا
قال القاضي فدل أن "الأيام والليالي" لا تختص بالعشرة.
قوله: "وإن حلف لا يدخل باب هذه الدار فحول ودخله حنث".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل إن رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان كما تقدم.
فائدة: لو حلف لا يدخل هذه الدار من بابها فدخلها من غير الباب لم يحنث.
ويتخرج أن يحنث إذا أراد بيمينه اجتناب الدار ولم يكن للباب سبب هيج يمينه قاله المصنف والشارح وهو قوى.
قوله: "وإن حلف لا يكلمه إلى حين الحصاد انتهت يمينه بأوله".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
قال ابن منجا وغيره هذا المذهب.
جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يتناول جميع مدته.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وتقدم ما يشابه ذلك في الخيار في البيع.
وياتي نظيره في الإقرار.
وهذه قاعدة كليه ذكرها الأصحاب.
قوله: "وإن حلف لا مال له وله مال غير زكوى أو دين على الناس حنث".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوى الصغير والنظم.

(11/68)


وقدمه في الشرح والفروع.
قال في القاعدة الحاديه والعشرين بعد المائه قال الأصحاب يحنث.
وعنه لا يحنث إلا بالنقد.
وعنه إذا نذر الصدقه بجميع ماله انما يتناول نذره الصامت من ماله.
ذكرها بن أبي موسى.
قال في الواضح المال ما تناوله الناس عادة بعقد شرعى لطلب الربح مأخوذ من الميل من يد إلى يد ومن جانب إلى جانب.
قال والملك يختص الأعيان من الأموال ولا يعم الدين.
فعلى المذهب لا يحنث باستئجاره عقارا أو غيره وفي مغصوب عاجز عنه وضائع أيس منه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال المصنف والشارح فإن كان له مال مغصوب حنث وإن كان له مال ضائع ففيه وجهان الحنث عدمه.
فإن ضاع على وجه قد أيس من عوده كالذي سقط في بحر لم يحنث.
ويحتمل أن لا يحنث في كل موضع لا يقدر على أخذ ماله كالمجحود والمغصوب والدين الذي على غير مليء انتهيا.
فائدة: لو تزوج لم يحنث لأن ما تملكه ليس بمال.
وكذلك إن وجب له حق شفعه.
قوله: "وإن حلف لا يفعل شيئا فوكل من يفعله حنث إلا أن ينوي".
هذا المذهب مطلقا.
وعليه جماهير الأصحاب.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به أكثرهم منهم الخرقى والمصنف والشارح والناظم وابن منجا وصاحب الوجيز والمنتخب والزركشى وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
قال في الانتصار وغيره اقام الشرع أقوال الوكيل وأفعاله مقام الموكل في العقود وغيرها.
قال في الترغيب فلو حلف لا يكلم من اشتراه أو تزوجه زيد حنث بفعل وكيله.

(11/69)


نقل بن الحكم أن حلف لا يبيعه شيئا فباع ممن يعلم أنه يشتريه للذي حلف عليه حنث.
وقال في الإرشاد وإن حلف لا يفعل شيئا فأمر غيره بفعله حنث إلا أن تكون عادته جارية بمباشرة ذلك الفعل بنفسه ويقصد بيمينه أن لا يتولى هو فعله بنفسه فأمر غيرة بفعله لم يحنث.
قال في المفردات إن حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث وإلا فلا.
فائدة: لو توكل الحالف فيما حلف أن لا يفعله وكان عقدا فإن أضافه إلى موكله لم يحنث.
ولا بد في النكاح من الإضافه كما تقدم في الوكالة والنكاح وإن أطلق في ذلك كله فوجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوى الصغير.
وإن حلف لا يكفل مالا فكفل بدنا وشرط البراءة وعند المصنف أولا لم يحنث قاله في الفروع.
قوله: "وإن حلف على وطء امراته تعلقت يمينه بجماعها وإن".
حلف على وطء دار تعلقت يمينه بدخولها راكبا أو ماشيا أو حافيا أو منتعلا.
لا أعلم فيه خلافا.
قوله: "وإن حلف لا يشم الريحان فشم الورد والبنفسج والياسمين أو لا يشم الورد والبنفسج فشم دهنهما أو ماء الورد فالقياس أنه لا يحنث".
ولا يحنث إلا بشم الريحان الفارسي.
واختاره القاضي والمصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز.
وقال بعض أصحابنا يحنث وهو المذهب.
قال في الفروع حنث في الأصح.
واختاره أبو الخطاب.
وقدمه في الهدايه والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى.

(11/70)


قوله: "وإن حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا حنث عند الخرقي".
وهو المذهب تقديما للشرع واللغه.
قال في المذهب حنث في ظاهر المذهب.
قال المصنف هذا ظاهر المذهب.
قال في الخلاصة حنث في الأصح.
قال الزركشي هذا المشهور.
وهو اختيار الخرقى والقاضي وعامة أصحابه.
وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغنى والكافي والشرح ونصراه.
وقدمه في الفروع.
ولم يحنث عند بن أبي موسى إلا أن ينوي.
قال الزركشى ولعله الظاهر.
قال في القواعد ولعله ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والقواعد الفقهيه.
قوله: "وإن حلف لا يأكل رأسا ولا بيضا حنث بأكل رؤوس الطيور والسمك وبيض السمك والجراد عند القاضي.
وهو المذهب جزم به في الوجيز".
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
قال في الخلاصة حنث بأكل السمك والطير في الأصح.
وعند أبي الخطاب لا يحنث إلا بأكل رأس جرت العادة بأكله منفردا أو بيض يزايل بائضه حال الحياة.
وكذا ذكر القاضي في موضع من خلافه ان يمينه تختص بما يسمى رأسا عرفا.
واختاره المصنف والشارح في البيض.
وقال في الواضح والإقناع في الرءوس هل يحنث بأكل كل رأس اختاره الخرقى أم برءوس بهيمه الأنعام فيه روايتان.
وقال في الترغيب إن كان بمكان العادة إفراده بالبيع فيه حنث فيه أو في غير مكانه وجهان نظرا إلى أصل العادة أو عادة الحالف.

(11/71)


قوله: "وإن حلف لا يدخل بيتا فدخل مسجدا أو حماما أو بيت شعر أو أدم أو لا يركب فركب سفينة حنث عند أصحابنا".
وهو المذهب نص عليه تقديما للشرع واللغة.
قال الشارح هذا المذهب فيما إذا دخل مسجدا أو حماما.
قال في القواعد الفقهية فالمنصوص في رواية مهنا أنه يحنث وأنه لا يرجع في ذلك إلى نيته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وحنثه بدخول المسجد والحمام والكعبة من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا يحنث.
وقال الشارح والأولى أنه لا يحنث إذا دخل ما لا يسمى بيتا في العرف كالخيمة.
قوله: "وإن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح أو ذكر الله لم يحنث".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في القواعد المشهور أنه لا يحنث.
وتوقف في رواية.
قوله: "وإن دق عليه إنسان فقال {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر:46] يقصد تنبيهه".
يعني يقصد بذلك القرآن لم يحنث.
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.
وذكر بن الجوزي في المذهب وجهين في حنثه.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه إذا لم يقصد تنبيهه أعني إن لم يقصد بذلك القرآن يحنث وهو صحيح لأنه من كلام الناس.
وقد صرح به جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشارح.
فائدة: حقيقة الذكر ما نطق به فتحمل يمينه عليه.
ذكره في الإنتصار.
واقتصر عليه في الفروع.

(11/72)


قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الكلام يتضمن فعلا كالحركة ويتضمن ما يقترن بالفعل من الحروف والمعاني.
فلهذا يجعل القول قسيما للفعل تارة وقسما منه تارة أخرى.
وينبنى عليه من حلف لا يعمل عملا فقال قولا كالقراءة ونحوها هل يحنث فيه وجهان في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
قال بن أبي المجد في مصنفه لو حلف لا يعمل عملا فتكلم حنث.
وقيل لا.
وقال القاضي في الخلاف في المشي في صلاته في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام أفعل ذلك يرجع إلى القول والفعل لأن القراءة فعل في الحقيقة.وليس إذا كان لها اسم أخص به من الفعل يمتنع أن تسمى فعلا.
قال أبو الوفاء وإن حلف لا يسمع كلام الله فقرأ القرآن حنث إجماعا.
قوله: "وإن حلف ليضربنه مائة سوط فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر في يمينه".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال بن الجوزي في التبصرة اختاره أصحابنا.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وجزم به في الهداية والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه والفروع والرعايتين والحاوى.
وعنه يبر اختاره بن حامد كحلفه ليضربنه بمائة سوط.
قوله: "وإن حلف لا يأكل شيئا فأكله مستهلكا في غيره مثل أن حلف لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه أو لا يأكل بيضا فأكل ناطفا أو لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر أو لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث".
يشتمل كلام المصنف هنا على مسائل:
منها: لو حلف لا يأكل لبنا فإنه يحنث بأكل كل لبن ولو من صيد وآدمية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه فيهما ما تقدم في مسألة الخبز والماء وإن أكل زبدا لم يحنث على الصحيح من المذهب كما قطع به المصنف هنا إذا لم يظهر فيه طعمه ونص عليه

(11/73)


وجزم به في منتخب الآدمي وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم المصنف قبل ذلك بأنه لا يحنث مطلقا وذكر الذي ذكره هنا احتمالا للقاضي.
ولعل كلام الأصحاب في تلك المسألة محمول على ما إذا لم يظهر فيه طعمه كما صرحوا به هنا.
أو يقال الزبد ليس فيه شيء من اللبن مستهلكا.
ولذلك لم يذكر هذه الصورة في الوجيز هنا ولا جماعة غيره.
وقال في الترغيب وعن الإمام أحمد رحمه الله في حنثه بزبد وأقط وجبن روايتان.
وأما إذا ظهر طعمه فيه فإنه يحنث.
ومنها: لو حلف لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه لم يحنث وإن ظهر فيه طعمه حنث بلا خلاف أعلمه.
ومنها: لو حلف لا يأكل بيضا فأكل ناطفا لم يحنث قولا واحدا.
وقال في القاعدة الثانية والعشرين لو حلف لا يأكل شيئا فاستهلك في غيره ثم أكله قال الأصحاب لا يحنث ولم يخرجوا فيه خلافا.
وقد يخرج فيه وجه بالحنث.
وقد أشار إليه ابو الخطاب.
ومنها: لو حلف لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع لا يحنث بأكل اللحم الأحمر على الأصح.
قال المصنف وهو الصحيح.
قال الشارح وهو قول غير الخرقى من أصحابنا.
قال الزركشي وقال عامة الأصحاب لا يحنث.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير وغيرهم.
"وقال الخرقى يحنث بأكل اللحم الأحمر وحده".
وهو ظاهر كلام أبى الخطاب وأطلقهما في المذهب.

(11/74)


وتقدم إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم أو غيره أو لا يأكل الشحم فأكل شحم الظهر ونحو ذلك.
ومنها: لو حلف لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في الفروع لم يحنث على الأصح.
قال الشارح والأولى أنه لا يحنث.
وجزم به فى الوجيز ومنتخب الآدمي والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وهو تخريج فى الهداية.
وقال غير الخرقي يحنث بأكل حنطة فيها حبات شعير.
قال في الخلاصة والترغيب حنث فى الأصح.
وقدمه فى الهداية والمذهب.
وأطلق وجهين في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع وذكر أبو الخطاب وغيره في حنثه وجهين.
وقال في الترغيب يحنث بلا خلاف إن كان غير مطحون.
وغلط من نقل وجهين مطلقين.
وإن كان مطحونا لم يحنث نقله في القواعد الفقهية.
وقال في الفروع وفي الترغيب إن طحنه لم يحنث وإلا حنث في الأصح انتهى.
قلت قطع ابن عبدوس في تذكرته أنه لا يحنث إذا أكل ذلك غير مطحون ويحنث إذا أكله دقيقا أو سويقا.
فقال لو حلف لا آكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث بل بدقيقه وسويقه وشربهما أو بالعكس.
قوله: "وإن حلف لا يأكل سويقا فشربه أو لا يشربه فأكله فقال الخرقى يحنث".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الخلاصة حنث في الأصح.
وقدمه بن رزين في شرحه.

(11/75)


وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا فيمن حلف لا يشرب نبيذا فثرد فيه فأكله لا يحنث.
قال فى المحرر وغيره روى مهنا لا يحنث.
وصححه في النظم.
واطلق الروايتين في الشرح والرعايتين والفروع.
قال أبو الخطاب والمصنف هنا فيخرج في كل ما حلف لا يأكله فشربه أولا يشربه فأكله وجهان.
وأطلقهما في المذهب.
وقال القاضي إن عين المحلوف عليه يحنث وإن لم يعينه لم يحنث.
قاله في المجرد.
وجزم به فى الوجيز.
وأطلقهن الزركشى والمحرر والحاوى.
وقال القاضي فى كتاب الروايتين محل الخلاف مع التعيين إما مع عدمه فلا يحنث قولا واحدا.
وقال في الترغيب محل الخلاف مع ذكر المأكول والمشروب وإلا حنث.
فائدة: لو حلف لا يشرب فمص قصب السكر أو الرمان لم يحنث نص عليه.
وكذا لو حلف لا يأكل فمصه.
وهذا المذهب اختاره بن أبي موسى وغيره.
وقدمه في المغنى والكافى والشرح وغيرهم.
وجزم به في النظم وغيره.
واقتصر عليه بن رزين في شرحه.
ويجيء على قول الخرقى أنه يحنث.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوى الصغير والفروع وغيرهم.
وكذا الحكم لو حلف لا يأكل سكرا فتركه في فيه حتى ذاب وابتلعه.قاله المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
قوله: "وإن حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه وإن ذاقه ولم يبلعه لم يحنث".
بلا نزاع.

(11/76)


وإن حلف لا ذاقه حنث بأكله وشربه.
قال في الرعايه وفيمن لا ذوق له نظر.
وإن حلف لا يأكل مائعا فأكله بالخبز حنث بلا نزاع في ذلك.
قوله: "وإن حلف لا يتزوج ولا يتطهر ولا يتطيب فاستدام ذلك لم يحنث".
وقطع به الأصحاب.
قال المصنف والشارح لأنه لا يطلق اسم الفعل على مستديم هذه الثلاثه فلا يقال تزوجت شهرا ولا تطهرت شهرا ولا تطيبت شهرا وإنما يقال منذ شهر ولم ينزل الشارع استدامه التزوج والتطيب منزله ابتدائهما في تحريمه في الإحرام.
قوله: "وإن حلف لا يركب ولا يلبس فاستدام ذلك حنث".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقدمه في الفروع.
قال أبو محمد الجوزى في اللبس إن استدامه حنث إن قدر على نزعه.
قال القاضي وابن شهاب وغيرهما الإخراج والنزع لا يسمى سكنا ولا لبسا ولا فيه معناه.
وتقدم إذا حلف لا يصوم وكان صائما أو لا يحج في حال حجه أو حلف على غيره لا يصلى وهو في الصلاة.
فائدة: وكذا الحكم لو حلف لا يلبس من غزلها وعليه منه شيء نص عليه.
وكذا لو حلف لا يقوم وهو قائم ولا يقعد وهو قاعد ولا يسافر وهو مسافر.
وكذا لو حلف لا يطأ ذكره في الانتصار.
ولا يمسك ذكره القاضي في الخلاف.
أو حلف أن لا يضاجعها على فراش فضاجعته ودام نص عليه.
أو حلف أن لا يشاركه فدام ذكره في الروضة.
قال في الفروع عن القاضي وابن شهاب وغيرهما والنزع جماع لاشتماله على إيلاج وإخراج فهو شطره.
وجزم المجد في منتهى الغاية لا يحنث المجامع إن نزع في الحال.
وجعله محل وفاق في مسألة الصوم لأن اليمين أوجبت الكف في المستقبل فتعلق الحكم بأول أسباب الإمكان بعدها

(11/77)


وجزم به القاضي لأن مفهوم يمينه لا استدمت الجماع انتهى.
وتقدم في باب تعليق الطلاق مسائل كثيرة قريبة من هذا.
قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا وهو داخلها فأقام فيها حنث عند القاضي".
وهو المذهب نص عليه.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعايتين والحاوى.
ولم يحنث عند أبي الخطاب.
وأطلقهما في المغنى والمحرر والشرح وشرح ابن منجا.
قوله: "وإن حلف لا يدخل على فلان بيتا فدخل فلان عليه فأقام معه فعلى وجهين".
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم.
أحدهما: يحنث.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في تصحيح النظم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى.
والوجه الثانى لا يحنث.
تنبيه: محل الخلاف في المسألتين إذا لم يكن له نية قاله في الوجيز وغيره.
قوله: "وإن حلف لا يسكن دارا أو لا يساكن فلانا وهو مساكنه ولم يخرج في الحال حنث إلا أن يقيم لنقل متاعه أو يخشى على نفسه الخروج فيقيم إلى أن يمكنه وإن خرج دون متاعه وأهله حنث إلا أن يودع متاعه أو يعيره أو يزول ملكه عنه وتأبى امرأته الخروج معه ولا يمكنه اكراهها فيخرج وحده فلا يحنث".

(11/78)


هذا المذهب في ذلك كله.
قال في الفروع فإن أقام الساكن أو المساكن حتى يمكنه الخروج بحسب العادة لا ليلا ذكره في التبصره والشيخ يعنى به المصنف بنفسه وبأهله ومتاعه المقصود لم يحنث.
وجزم به في الوجيز والهدايه والمذهب والمحرر والنظم والخلاصة.
وقدمه في الشرح وغيره.
وعليه جماهير الأصحاب.
وقال المصنف يحنث إن لم ينو النقلة.
وظاهر نقل بن هانئ وغيره وهو ظاهر الواضح وغيره لو ترك له بها شيئا حنث.
وقيل إن خرج بأهله فقط فسكن بموضع آخر لم يحنث.
قال الشارح والأولى إن شاء الله تعالى أنه إذا انتقل بأهله فسكن في موضع آخر أنه لا يحنث وإن بقي متاعه في الدار الأولى لأن مسكنه حيث حل أهله به ونوى الإقامة انتهى.
واختاره المصنف.
وقيل أو خرج وحده بما يتاثث به فلا يحنث اختاره القاضي.
قوله: "وإن حلف لا يساكن فلانا فبنيا بينهما حائطا وهما متساكنان حنث".
هذا المذهب صححه فى النظم.
وقدمه فى المحرر والفروع.
وجزم به فى الشرح وقال لا نعلم فيه خلافا.
وقيل لا يحنث.
قال فى المحرر وإن تشاغل هو وفلان ببناء الحاجز بينهما وهما متساكنان حنث.
وقيل لا يحنث.
وأطلقهما فى الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى.
فائدة: لو حلف لا أساكنه فى هذه الدار وهما غير متساكنين فبنيا بينهما حائطا وفتح كل واحد منهما بابا لنفسه وسكناها لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغنى الشرح وصححاه.
وقدمه فى الفروع.
وقيل يحنث.

(11/79)


قال الشارح ويحتمله قياس المذهب لكونه عين الدار.
قوله: "وإن كان فى الدار حجرتان كل حجرة تختص ببابها ومرافقها فسكن كل واحد حجرة لم يحنث.
وهو المذهب جزم به في المغنى والشرح والوجيز والفروع
وقال إذا لم يكن نية ولا سبب.
قال في الفنون فيمن قال انت طالق ان دخلت على البيت ولا كنت لي زوجه إن لم تكتبي لي نصف مالك فكتبته له بعد ستة عشر يوما يقع الثلاث وإن كتبت له لأنه يقع باستدامه المقام فكذا استدامة الزوجية
قوله: "وإن حلف ليخرجن من هذه البلدة فخرج وحده دون أهله بر".
وهو المذهب المشهور.
قال في الفروع والأشهر يبر بخروجه وحده.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز.
قال في الرعايه يبر بخروجه بمتاعه المقصود.
وقيل لا يبر بخروجه وحده.
وقال في الفروع ويتوجه أنها كحلفه لا يسكن الدار.
قوله: "وإن حلف ليخرجن من هذه الدار فخرج دون أهله لم يبر".
هذا المذهب جزم به في الشرح وشرح ابن منجا والوجيز.
قال في الفروع فهو كحلفه لا يسكن الدار على ما تقدم.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو حلف لا ينزل في هذه الدار ولا يأوي إليها نص عليهما وكذا لو حلف ليرحلن من البلد".
قوله: "وإن حلف ليخرجن من هذه البلده أو ليرحلن عن هذه الدار ففعل فهل له العود؟ على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمغني والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم.
إحداهما له العود ولم يحنث إذا لم تكن نية ولا سبب وهو المذهب.
قال في الفروع لم يحنث بالعود إذا لم تكن نية ولا سبب على الأصح.
قال في المذهب لم يحنث على الصحيح من المذهب.

(11/80)


قال في الخلاصة إذا رحل انحلت اليمين على الأصح.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يحنث بالعود.
قوله: "وإن حلف لا يدخل دارا فحمل فأدخلها وأمكنه الامتناع فلم يمتنع أو حلف لا يستخدم رجلا فخدمه وهو ساكت فقال القاضي يحنث".
وهو المذهب نص عليه.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وجزم به الآدمي في منتخبه والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
ويحتمل أن لا يحنث.
وهما وجهان مطلقان في المذهب.
وأطلقهما في الأولى في الهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدم في المحرر أنه لا يحنث في الثانية.
وقال الشارح إن كان الخادم عبده حنث وإن كان عبد غيره لم يحنث.
وجزم به الناظم.
تنبيه: مفهوم كلامه أنه إذا لم يمكنه الامتناع أنه لا يحنث وهو صحيح.
وهو المكره وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنه يحنث.
وهو وجه في الرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى المذهب يحنث بالاستدامة على الصحيح.
وقيل لا يحنث.
وتقدم بعض أحكام المكره في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط.
فعلى الوجه الثاني في المسألة الأولى وهو احتمال المصنف لو استدام ففي حنثه وجهان.
وأطلقهما في المذهب والخلاصة والمحرر والنظم والزركشي.

(11/81)


إحداهما: يحنث.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وهو الصواب.
والثاني لا يحنث.
قوله: "وإن حلف ليشربن الماء أو ليضربن غلامه غدا فتلف المحلوف عليه قبل الغد حنث عند الخرقي".
وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي والمحرر.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع والزركشي.
وقال هذا المذهب المنصوص.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يحنث.
وهو تخريج في المغني والشرح.
وقال في الترغيب لا يحنث على قول أبي الخطاب.
فعلى المذهب يحنث حال تلفه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يحنث في آخر الغد.
وهو أيضا تخريج في المغني والشرح.
وقيل يحنث إذا جاء الغد ذكره الزركشي وغيره.
تنبيهان:
أحدهما: محل الخلاف في أصل المسألة إذا تلف بغير اختيار الحالف.
فأما إن تلف باختياره كما إذا قتله ونحوه فإنه يحنث قولا واحدا.
وفي وقت حنثه الخلاف المتقدم.
الثاني: مفهوم كلامه أنه لو تلف في الغد ولم يضربه أنه يحنث وشمل صورتين.
إحداهما: أن لا يتمكن من ضربه في الغد فهو كما لو مات من يومه على ما تقدم.
قاله المصنف والشارح.
الثانية: أن يتمكن من ضربه ولم يضربه فهذا يحنث قولا واحدا

(11/82)


فوائد:
منها: لو ضربه قبل الغد لم يبر على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقال القاضي يبر لأن يمينه للحنث على ضربه ف إذا ضربه اليوم فقد فعل المحلوف عليه وزيادة.
قلت قريب من ذلك إذا حلف ليقضينه غدا فقضاه قبله على ما تقدم في أول الباب.
ومنها: لو ضربه بعد موته لم يبر.
ومنها: لو ضربه ضربا لا يؤلمه لم يبر أيضا.
ومنها: لو جن الغلام وضربه بر.
قوله: "وإن مات الحالف لم يحنث".
إذا مات الحالف فلا يخلو إما أن يكون موته قبل الغد أو في الغد.
فإن مات قبل الغد لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لم يحنث في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والخرقي والزركشي وغيرهم من الأصحاب.
وقيل يحنث.
وكذا الحكم لو جن الحالف فلم يفق إلا بعد خروج الغد.
وإن مات في الغد فالصحيح من المذهب أنه يحنث نص عليه.
قال الزركشي المذهب أنه يحنث.
قدمه في الفروع.
وقيل لا يحنث مطلقا.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقيل إن تمكن من ضربه حنث وإلا فلا.
قال الزركشي ولم أر هذه الأقوال مصرحا بها في هذه المسألة بعينها لكنها تؤخذ من مجموع كلام أبي البركات انتهى.
قال في المغني والشرح وإن مات الحالف في الغد بعد التمكن من ضربه حنث وجها واحدا.

(11/83)


فائدتان:
إحداهما: لو حلف ليضربن هذا الغلام اليوم أو ليأكلن هذا الرغيف اليوم فمات الغلام أو تلف الرغيف فيه حنث عقب تلفهما على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث في آخره.
وأما إذا لم يمت الغلام ولا تلف الرغيف لكن مات الحالف فإنه يحنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويحنث بموته على الأصح بآخر حياته.
وجزم به في الوجيز.
وقيل لا يحنث بموته.
فعلى المذهب وقت حنثه آخر حياته.
الثانية: لو حلف ليفعلن شيئا وعين وقتا أو أطلق فمات الحالف أو تلف المحلوف عليه قبل أن يمضي وقت يمكن فعله فيه حنث نص عليه كإمكانه.
وهذه المسألة أعم من المسألة الأولى.
قوله: "وإن حلف ليقضينه حقه فأبرأه فهل يحنث وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: لا يحنث.
صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم.
والوجه الثاني: يحنث.
قال في الهداية بناء على ما إذا أكره ومنع من القضاء في الغد هل يحنث على الروايتين.
قال الشارح وهذان الوجهان مبنيان على ما إذا حلف على فعل شيء فتلف قبل فعله قاله في الفروع.
وإن حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل مطلقا فقيل كمسألة التلف.

(11/84)


وقيل لا يحنث في الأصح.
وقال في الترغيب أصلهما إذا منع من الإيفاء في الغد كرها لا يحنث على الأصح.
وأطلق في التبصرة فيهما الخلاف.
قوله: "وإن مات المستحق فقضى ورثته لم يحنث".
اختاره أبو الخطاب.
وقدمه في الهداية والمحرر والنظم والمستوعب والشرح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقال القاضي يحنث لأنه تعذر قضاؤه فأشبه ما لو حلف ليضربنه غدا فمات اليوم.
وأطلقهما في المذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع بعد مسألة البراءة وكذا إن مات ربه فقضى لورثته.
وكذا قال في الرعايتين والحاوي.
قوله: "وإن باعه بحقه عرضا لم يحنث عند بن حامد".
وهو المذهب.
قال في الفروع وإن أخذ عنه عرضا لم يحنث في الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم.
وحنث عند القاضي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي.
فائدة: لو حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم أو قبل مضيه أو مات ربه فقضاه لورثته لم يحنث على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وقيل يحنث.
وقيل لا يحنث إلا مع البراءة أو الموت قبل الغد.
قال في الفروع لو حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل مطلقا فقيل كمسألة التلف.
وقيل لا يحنث في الأصح انتهى.

(11/85)


قوله: "وإن حلف ليقضينه حقه عند رأس الهلال فقضاه عند غروب الشمس في أول الشهر بر" بلا نزاع.
وكذا الحكم لو قال مع رأس الهلال أو إلى رأس الهلال أو إلى استهلاله أو عند رأس الشهر أو مع رأسه قاله الشارح.
قال المصنف والشارح لو شرع في عده أو كيله أو وزنه فتأخر القضاء لم يحنث لأنه لم يترك القضاء.
قالا وكذلك لو حلف ليأكلن هذا الطعام في هذا الوقت فشرع في أكله فيه وتأخر الفراغ لكثرته لم يحنث.
قوله: "فقضاه عند غروب الشمس في أول الشهر".
هكذا قال الشارح وغيره.
وجمهور الأصحاب قالوا فقضاه عند غروب الشمس من آخر الشهر.
وقال في الرعاية الكبرى فقضاه قبل الغروب في آخره بر.
وقيل بل في أوله.
فجعلهما قولين.
والذي يظهر أنه لا تنافي بينهما وأنه قول واحد لكن العبارة مختلفة.
فائدة: لو أخر ذلك مع إمكانه حنث على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تعتبر المقارنة فتكفي حالة الغروب وإن قضاه بعده حنث.
قوله: "وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي فهرب منه حنث نص عليه".
في رواية جعفر بن محمد وهو المذهب.
قال بن الجوزي في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال الخرقي لا يحنث.
قال في الرعايتين وهو أصح.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.

(11/86)


وقدمه في المستوعب.
وأطلقهما في الخلاصة.
وجزم في الكافي بأنه إذا فارقه الغريم بإذنه أو قدر على منعه من الهرب فلم يفعل حنث.
ومعناه في المستوعب.
واختاره في المحرر والمغني.
وجعله مفهوم كلام الخرقي يعني في الإذن له.
قال في الوجيز وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك فهرب منه وأمكنه متابعته وإمساكه فلم يفعل حنث.
قوله: "وإن فلسه الحاكم وحكم عليه بفراقه خرج على الروايتين في الإكراه".
قال في المغني والشرح والفروع والزركشي وغيرهم فهو كالمكره.
وجزم في الوجيز بأنه لا يحنث.
تنبيه: مفهوم كلامه أنه إذا فلسه ولم يحكم عليه بفراقه وفارقه لعلمه بوجوب مفارقته أنه يحنث وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
وقيل هو كالمكره وما هو ببعيد.
فائدة: قال الشارح وغيره إذا حلف لأفارقنك حتى أستوفي حقي ففيه عشر مسائل.
إحداها" أن يفارقه مختارا فيحنث سواء أبرأه من الحق أو بقي عليه.
الثانية" أن يفارقه مكرها فإن فارقه بكونه حمل مكرها لم يحنث وإن أكره بالضرب والتهديد لم يحنث.
وفي قول أبي بكر يحنث.
وفي الناسي تفصيل ذكر فيما مضى.
الثالثة: أن يهرب منه بغير اختياره فلا يحنث على الصحيح من المذهب.
وعنه يحنث.
الرابعة: أذن له الحالف في المفارقة فمفهوم كلام الخرقي أنه يحنث.
وقيل لا يحنث.
قال القاضي وهو قول الخرقي.

(11/87)


ورده المصنف والشارح.
الخامسة: فارقه من غير إذن ولا هرب على وجه يمكنه ملازمته والمشي معه أو إمساكه فهي كالتي قبلها.
السادسة: قضاه قدر حقه ففارقه ظنا أنه قد وفاه فخرج رديئا فيخرج في حنثه روايتا الناسي.
وكذا إن وجدها مستحقة فأخذها ربها.
وإن علم بالحال حنث.
السابعة: تفليس الحاكم له على ما تقدم مفصلا.
الثامنة: أحاله الغريم بحقه ففارقه حنث.
فإن ظن أنه قد يريد بذلك مفارقته ففارقه خرج على الروايتين ذكره أبو الخطاب.
قال المصنف والصحيح أنه يحنث هنا.
فأما إن كانت يمينه لا فارقتك ولي قبلك حق فأحاله به ففارقه لم يحنث.
وإن أخذ به ضمينا أو كفيلا أو رهنا ففارقه حنث بلا إشكال.
التاسعة: قضاه عن حقه عرضا ثم فارقه فقال بن حامد لا يحنث.
قال المصنف والشارح وهو أولى.
وقال القاضي يحنث.
فلو كانت يمينه لا فارقتك حتى تبرأ من حقي أو ولي قبلك حق لم يحنث وجها واحدا.
العاشرة: وكل في استيفاء حقه فإن فارقه قبل استيفاء الوكيل حنث.
فائدتان:
إحداهما: لو قال "لا فارقتني حتى أستوفي حقي منك ففارقه المحلوف عليه مختارا حنث".
وإن أكره على فراقه لم يحنث.
وإن فارقه الحالف مختارا حنث إلا على ما ذكره القاضي في تأويل كلام الخرقي.
الثانية: لو حلف لا فارقتك حتى أوفيك حقك" فأبرأه الغريم منه فهل يحنث على وجهين بناء على المكره.
وإن كان الحق عينا فوهبها له الغريم فقبلها حنث.
وإن قبضها منه ثم وهبها إياه لم يحنث.

(11/88)


وإن كانت يمينه لا أفارقك ولك في قبلي حق لم يحنث إذا أبرأه أو وهب العين له.

(11/89)


باب النذر:
فائدتان:
إحداهما: لا نزاع في صحة النذر ولزوم الوفاء به في الجملة.
وهو عبارة عما قال المصنف وهو أن يلزم نفسه لله تعالى شيئا.
يعني إذا كان مكلفا مختارا.
الثانية: النذر مكروه على الصحيح من المذهب لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام "النذر لا يأتي بخير".
قال بن حامد لا يرد قضاء ولا يملك به شيئا محدثا.
وجزم به في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
قال الناظم وليس بسنة ولا محرم.
وتوقف الشيخ تقي الدين رحمه الله في تحريمه.
ونقل عبد الله نهى عنه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
وقال بن حامد المذهب أنه مباح.
وحرمه طائفة من أهل الحديث.
قوله: "ولا يصح إلا من مكلف مسلما كان أو كافرا".
يصح النذر من المسلم مطلقا بلا نزاع.
ويصح من الكافر مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي والنظم والحاوي الصغير وغيرهم ونص عليه في العبادة.
وقال في الفروع ولا يصح إلا من مكلف ولو كافرا بعبادة نص عليه.
وقيل منه بغيرها.
مأخذه أن نذره لها كالعبادة لا اليمين.
قال في الرعايتين ويصح من كل كافر.
وقيل بغير عبادة.

(11/89)


فعلى هذا القول يصح منه بعبادة.
قال في القواعد الأصولية يحسن بناؤه على أنهم مخاطبون بفروع الإسلام.
وعلى القول الآخر إن نذره للعبادة عبادة وليس من أهل العبادة.
تنبيه: قوله: ولا يصح إلا بالقول فإن نواه من غير قول لم يصح بلا نزاع.
قال في الفروع وظاهره لا تعتبر له صيغة خاصة.
يؤيده ما يأتي في رواية بن منصور فيمن قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين.
قال وظاهر كلام جماعة أو الأكثر يعتبر قوله لله علي كذا أو علي كذا.
ويأتي كلام ابن عقيل إلا مع دلالة الحال.
وقال في المذهب بشرط إضافته فيقول لله علي.
وقد قال في الرعاية الصغرى وغيره وهو قول يلتزم به المكلف المختار لله حقا بعلي لله أو نذرت لله.
قوله: "ولا يصح في محال ولا واجب فلو قال لله علي صوم أمس أو صوم رمضان لم ينعقد".
لا يصح النذر في محال ولا واجب على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قاله المصنف وغيره.
وحكى في المغني احتمالا.
وجعل في الكافي قياس المذهب ينعقد النذر في الواجب وتجب الكفارة إن لم يفعله.
وقال في المغني في موضع قياس قول الخرقي الانعقاد وقول القاضي عدمه انتهى.
وذكر في الكافي احتمالا بوجوب الكفارة في نذر المحال كيمين الغموس.
ويأتي إذا نذر صوم نصف يوم.
قوله: "والنذر المنعقد على خمسة أقسام".
أحدها النذر المطلق وهو أن يقول لله علي نذر فيجب فيه كفارة يمين.
وكذا قوله لله علي نذر إن فعلت كذا ولا نية له.
قوله: "الثاني نذر اللجاج والغضب وهو ما يقصد به المنع من شيء غيره أو الحمل عليه كقوله إن كلمتك فلله علي الحج أو صوم سنة أو عتق عبدي أو الصدقة بمالي فهذا يمين يتخير بين فعله والتكفير".

(11/90)


يعني إذا وجد الشرط.
وهذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب.
نقل صالح إذا فعل المحلوف عليه فلا كفارة بلا خلاف.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الشرح والرعايتين.
وعنه يتعين كفارة يمين.
وقال في الواضح إذا وجد الشرط لزمه.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
فائدتان:
إحداهما: لا يضر قوله على مذهب من يلزم بذلك أو لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأن الشرع لا يتغير بتوكيد.
قال في الفروع ويتوجه فيه كأنت طالق بتة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فإن قصد لزوم الجزاء عند حصول الشرط لزمه مطلقا عند الإمام أحمد رحمه الله.
نقل الجماعة فيمن حلف بحجة أو بالمشي إلى بيت الله إن أراد يمينا كفر يمينه وإن أراد نذرا فعلى حديث عقبة.
ونقل بن منصور من قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين.
وقال في امرأة حلفت إن لبست قميصي هذا فهو مهدى تكفر بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد.
ونقل مهنا إن قال غنمي صدقة وله غنم شركة إن نوى يمينا فكفارة يمين.
الثانية: لو علق الصدقة به ببيعه والمشتري علق الصدقة به بشرائه فاشتراه كفر كل منهما كفارة نص عليه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا حلف بمباح أو معصية لا شيء عليه كنذرهما فإن ما لم يلزم بنذره لا يلزم به شيء إذا حلف به فمن يقول لا يلزم الناذر شيء لا يلزم الحالف بالأولى فإن إيجاب النذر أقوى من إيجاب اليمين.

(11/91)


قوله: "الثالث نذر المباح كقوله لله علي أن ألبس ثوبي أو أركب دابتي فهذا كاليمين يتخير بين فعله وبين كفارة يمين".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا ينعقد نذر المباح ولا المعصية على ما يأتي.
ولا تجب به كفارة وهو رواية مخرجة.
وجزم به في العمدة.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته في نذر المباح.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله
بقوله: "فإن نذر مكروها كالطلاق استحب له أن يكفر ولا يفعله".
أنه إذا لم يفعله عليه الكفارة وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا كفارة عليه.
وهو داخل في احتمال المصنف لأنه إذا لم ينعقد نذر المباح فنذر المكروه أولى.
والمذهب انعقاده وعليه الأصحاب.
وتقدم في كتاب الطلاق أنه ينقسم إلى خمسة أقسام.
قوله: "الرابع نذر المعصية كشرب الخمر أو صوم يوم الحيض ويوم النحر فلا يجوز الوفاء به بلا نزاع ويكفر".
إذا نذر شرب الخمر أو صوم يوم الحيض فالصحيح من المذهب أنه ينعقد ويكفر نص عليه.
قال في الفروع والمذهب يكفر.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.

(11/92)


وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وصححه في الرعايتين.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف عند الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا ينعقد نذر المباح ولا المعصية ولا تجب به كفارة كما تقدم وهو رواية مخرجة.
قال الزركشي في نذر المعصية روايتان.
إحداهما: هو لاغ لا شيء فيه.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيمن نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة لا كفارة عليه.
وجزم به في العمدة.
"ولهذا قال أصحابنا لو نذر الصلاة أو الاعتكاف في مكان معين فله فعله في غيره ولا كفارة عليه".
وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا حلف بمباح أو معصية.
وذكر الآدمي البغدادي أن نذر شرب الخمر لغو ونذر ذبح ولده يكفر.
وقدم بن رزين أن نذر المعصية لغو وفي نذر صوم يوم الحيض وجه أنه كنذر صوم يوم العيد على ما يأتي.
وجزم به في الترغيب.
وهو من مفردات المذهب.
فعلى المذهب إن فعل ما نذره أثم ولا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
ويحتمل وجوب الكفارة مطلقا وهو للمصنف.
وأما إذا نذر صوم يوم النحر فالصحيح من المذهب أنه لا يصح صومه ويقضيه.
نصره القاضي وأصحابه.
قاله في الفروع.
وقدمه هو وصاحب الرعايتين والحاوي.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وعنه لا يقضي نقلها حنبل.
قال في الشرح وهي الصحيحة.
قاله القاضي وصححه الناظم.

(11/93)


وعلى كلا الروايتين يكفر على الصحيح من المذهب كما قال المصنف هنا.
قال في الفروع والمذهب يكفر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يكفر.
وأطلقهما في المحرر.
وعنه لا ينعقد نذره فلا قضاء ولا كفارة.
وعنه يصح صومه ويأثم.
وقال بن شهاب ينعقد بنذر صوم يوم العيد ولا يصومه ويقضي فتصح منه القربة ويلغو تعيينه لكونه معصية كنذر مريض صوم يوم يخاف عليه فيه فينعقد نذره ويحرم صومه.
وكذا الصلاة في ثوب حرير.
والطلاق زمن الحيض صادف التحريم ينعقد على قولهم ورواية لنا كذا هنا.
ونذر صوم ليلة لا ينعقد ولا كفارة لأنه ليس بزمن صوم.
وعلى قياس ذلك إذا نذرت صوم يوم الحيض وصوم يوم يقدم فلان وقد أكل انتهى.
قال في الفروع كذا قال.
قال والظاهر أنه والصلاة زمن الحيض قال في الفروع ونذر صوم الليل منعقد في النوادر.
وفي عيون المسائل والانتصار لا لأنه ليس بزمن الصوم.
وفي الخلاف ومفردات ابن عقيل منع وتسليم.
فائدة: نذر صوم أيام التشريق كنذر صوم يوم العيد إذا لم يجز صومها عن الفرض وإن أجزنا صومها عن الفرض فهو كنذر سائر الأيام على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر ويتخرج أن يكون كنذر العيد أيضا.
قوله: "إلا أن ينذر ذبح ولده وكذا نذر ذبح نفسه ففيه روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والخرقي.
إحداهما: هو كذلك.
يعني أن عليه الكفارة لا غير وهو المذهب.

(11/94)


قال الشارح هذا قياس المذهب ونصره.
ومال إليه المصنف.
قال أبو الخطاب في خلافه وهو الأقوى.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في التصحيح والنظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والرواية الثانية: يلزمه ذبح كبش نص عليه.
قال الزركشي هي أنصهما.
وجزم به في الوجيز.
واختاره القاضي.
ونصرها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
وعنه إن قال إن فعلته فعلي كذا أو نحوه وقصد اليمين فيمين وإلا فنذر معصية فيذبح في مسألة الذبح كبشا.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال عليه أكثر نصوصه.
قال وهو مبني على الفرق بين النذر واليمين.
قال ولو نذر طاعة حالفا بها أجزأ كفارة يمين بلا خلاف عن الإمام أحمد رحمه الله فكيف لا يجزئه إذا نذر معصية حالفا بها.
قال في الفروع فعلى هذا على رواية حنبل الآتية يلزمان الناذر والحالف يجزئه كفارة يمين.
تنبيه: قال المصنف والخرقي وجماعة ذبح كبشا.
وقال جماعة ذبح شاة.
قال الإمام أحمد رحمه الله وتارة هذا وتارة قال هذا.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك لو نذر ذبح أبيه وكل معصوم.
ذكره القاضي وغيره.
وقدمه في الفروع.
قال الشارح فإن نذر ذبح نفسه أو أجنبي ففيه أيضا عن الإمام أحمد رحمه الله روايتان.

(11/95)


واقتصر ابن عقيل وغيره على الولد.
واختاره في الانتصار وقال ما لم تقس.
وقال في عيون المسائل وعلى قياسه العم والأخ في ظاهر المذهب لأن بينهم ولاية.
الثانية: لو كان له أكثر من ولد ولم يعين واحدا منهم لزمه بعددهم كفارات أو كباش.
ذكره المصنف ومن تبعه وعزاه إلى نص الإمام أحمد رحمه الله.
وهو مخالف لما اختاره في الطلاق والعتق على ما تقدم.
تنبيه: على القول بلزوم ذبح كبش قيل يذبحه مكان نذره.
قال في الرعاية الكبرى وعنه بل يذبح كبشا حيث هو ويفرقه على المساكين فقطع بذلك.
وقيل هو كالهدى.
وأطلقهما في الفروع.
ونقل حنبل يلزمانه.
قوله: "ولو نذر الصدقة بكل ماله فله الصدقة بثلثه ولا كفارة".
قال في الفروع وإن نذر من تستحب له الصدقة الصدقة بماله بقصد القربة نص عليه.
وقوله من تستحب له الصدقة يحترز به عن نذر اللجاج والغضب.
قال في الروضة ليس لنا في نذر الطاعة ما يفي ببعضه إلا هذا الموضع.
قلت فيعايى بها.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب إجزاء الصدقة بثلث ماله ولا كفارة نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والقواعد وغيرهما.
قال في القواعد يتصدق بثلث ماله عند الأصحاب.
ويعايى بها أيضا.
وعنه تلزمه الصدقة بماله كله.
وقال الزركشي ويحكى رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن الواجب في ذلك كفارة يمين.
وعنه يشمل النقد فقط.

(11/96)


وقال في الرعايتين والحاوي وهل يختص ذلك بالصامت أو يعم غيره بلا نية على روايتين.
قال الزركشي ظاهر كلام الأكثر أنه يعم كل مال إن لم يكن له نية.
قال في الفروع ويتوجه على اختيار شيخنا كل أحد بحسب عزمه ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
فنقل الأثرم فيمن نذر ماله في المساكين أيكون الثلث من الصامت أو من جميع ما يملك.
قال إنما يكون هذا على قدر ما نوى أو على قدر مخرج يمينه والأموال تختلف عند الناس.
ونقل عبد الله إن نذر الصدقة بماله أو ببعضه وعليه دين أكثر مما يملكه أجزأه الثلث لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام أمر أبا لبابة بالثلث.
فإن نفد هذا المال وأنشأ غيره وقضى دينه فإنما يجب إخراج ثلث ماله يوم حنثه.
قال في الهدى يريد بيوم حنثه يوم نذره وهذا صحيح.
قال فينظر قدر الثلث ذلك اليوم فيخرجه بعد قضاء دينه.
قال في الفروع كذا قال وإنما نصه أنه يخرج قدر الثلث يوم نذره ولا يسقط عنه قدر دينه.
وهذا على أصل الإمام أحمد رحمه الله صحيح في صحة تصرف المدين.
وعلى قول سبق أنه لا يصح بكون قدر الدين مستثنى بالشرع من النذر انتهى.
قوله: "وإن نذر الصدقة بألف لزمه جميعه".
هذا المذهب.
قال الشارح والمصنف هذا الصحيح من المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع والهداية والخلاصة.
وعنه يجزئه ثلثه.
قطع به القاضي في الجامع.
وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في المذهب.
وعنه إن زاد المنذور على ثلث المال أجزأه قدر الثلث وإلا لزمه كل المسمى.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.

(11/97)


وصححه بن رزين في شرحه.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
فوائد:
الأولى: لو نذر الصدقة بقدر من المال فأبرأ غريمه من قدره يقصد به وفاء النذر لم يجزئه وإن كان من أهل الصدقة.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لا يجزئه حتى يقبضه.
الثانية: قوله: الخامس نذر التبرر كنذر الصلاة والصيام والصدقة والاعتكاف والحج والعمرة ونحوها من القرب على وجه التقرب سواء نذره مطلقا أو معلقا بشرط يرجوه فقال إن شفى الله مريضي أو إن سلم الله مالي فلله علي كذا.
قال في المغني والشرح والفروع وغيرهم من الأصحاب بشرط تجدد نعمة أو دفع نقمة.
قال في المستوعب وغيره كطلوع الشمس.
الثالثة: لو نذر صيام نصف يوم لزمه يوم كامل.
ذكره المجد في المسودة قياس المذهب.
قال في القواعد الأصولية وفيه نظر.
وجزم بالأول في الفروع وقال ويتوجه وجه.
الرابعة: مثل ذلك في الحكم لو حلف بقصد التقرب مثل ما لو قال والله لئن سلم مالي لأتصدقن بكذا على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع بعد تعدد نذر التبرر والمنصوص أو حلف بقصد التبرر.
وقيل ليس هذا بنذر.
الخامسة: ما قاله المصنف "متى وجد شرطه انعقد نذره ولزمه فعله" بلا نزاع.
ويجوز فعله قبله ذكره في التبصرة والفنون لوجود أحد سببيه والنذر كاليمين.
واقتصر عليه في القواعد.
وقدمه في الفروع.
ومنعه أبو الخطاب لأن تعليقه منع كونه سببا.

(11/98)


وقال القاضي في الخلاف لأنه لم يلزمه فلا يجزئه عن الواجب.
ذكراه في جواز صوم المتمتع السبعة الأيام قبل رجوعه إلى أهله.
وقال القاضي في الخلاف أيضا فيمن نذر صوم يوم يقدم فلان لم يجب لأن سبب الوجوب القدوم وما وجد.
وتقدم في أواخر كتاب الأيمان وجوب كفارة اليمين والنذر على الفور.
السادسة: لو نذر عتق عبد معين فمات قبل عتقه لم يلزمه عتق غيره ولزمه.كفارة يمين نص عليه لعجزه عن المنذور.
وإن قتله السيد فهل يلزمه ضمانه على وجهين.
أحدهما: لا يلزمه قاله القاضي وأبو الخطاب.
والثاني: يلزمه قاله ابن عقيل.
فيجب صرف قيمته في الرقاب.
ولو أتلفه أجنبي فقال أبو الخطاب لسيده القيمة ولا يلزمه صرفها في العتق.
وخرج بعض الأصحاب وجها بوجوبه وهو قياس قول ابن عقيل لأن البدل قائم مقام المبدل ولهذا لو وصى له بعبد فقتل قبل قبوله كان له قيمته.
قال ذلك في القاعدة الثامنة والثلاثين بعد المائة.
قوله: "وإن نذر صوم سنة لم يدخل في نذره رمضان ويوما العيدين وفي أيام التشريق روايتان".
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا.
إذا نذر صوم سنة فلا يخلو إما أن يطلق السنة أو يعينها.
فإن عينها لم يدخل في نذره رمضان على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وصححه في الرعايتين والحاوي.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وعنه يدخل في نذره فيقضي ويكفر أيضا على الصحيح.
وفيه وجه أنه لا يكفر.
وأطلقهما في المحرر.
ولا يدخل في نذره أيضا يوما العيدين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.

(11/99)


وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه ما يدل على أنه يقضي يومي العيدين فيدخلان في نذره.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
والحكم في القضاء والكفارة كرمضان على ما تقدم.
ولا يدخل في نذره أيضا أيام التشريق على الصحيح من المذهب إذا قلنا لا يجزئ عن صوم الفرض.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه يدخلن في نذره.
قال المصنف هنا وعنه ما يدل على أنه يقضي يوما العيدين وأيام التشريق.
قال في المحرر وغيره وعنه يتناول النذر أيام النهى دون أيام رمضان.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى الرواية الثانية القضاء لا بد منه ويلزمه التكفير على الصحيح كما تقدم.
وفيه وجه آخر أنه لا يلزمه التكفير.
وأما إذا نذر صوم سنة وأطلق ففي لزوم التتابع فيها ما في نذر صوم شهر مطلق على ما يأتي.
إذا علمت ذلك فيلزمه صيام اثني عشر شهرا سوى رمضان وأيام النهى وإن شرط التتابع على الصحيح من المذهب.
قال في الترغيب يصوم مع التفريق ثلاثمائة وستين يوما ذكره القاضي.
وعند ابن عقيل أن صيامها متتابعة وهي على ما بها من نقصان أو تمام.
وقال في التبصرة لا يعم العيد ورمضان وفي التشريق روايتان.
وعنه يقضي العيد والتشريق إن أفطرها.
وقال في الكافي إن لزم التتابع فكمعينة.
قال في المحرر وقال صاحب المغني متى شرط التتابع فهو كنذره المعينة.
فائدتان:
إحداهما: لو نذر صوم سنة من الآن أو من وقت كذا فهي كالمعينة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل كمطلقة في لزوم اثني عشر شهرا للنذر.

(11/100)


واختاره في المحرر.
الثانية: لو نذر صوم الدهر لزمه صومه على الصحيح من المذهب.
وقال في الفروع ويتوجه لزومه إن استصحب صومه.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله من نذر صوم الدهر كان له صيام يوم وإفطار يوم انتهى.
وحكمه في دخول رمضان والعيدين والتشريق حكم السنة المعينة على ما تقدم.
فعلى المذهب إن أفطر كفر فقط.
فإن كفر لتركه صيام يوم أو أكثر بصيام فاحتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قلت فعلى الصحة يعايى بها.
وقال في الرعاية وهل يدخل تحت نذر صوم الدهر من قادر ومن قضى ما يجب فطره كيوم عيد ونحوه وقضاء ما أفطره من رمضان لعذر وصوم كفارة الظهار ونحو ذلك لعذر على وجهين.
فإن دخل ففي الكفارة لكل يوم فقير وجهان أظهرهما عدمها مع القضاء لأن النذر سقط لقضاء ما أوجبه الشارع ابتداء ووجوبها مع صوم الظهار لأنه سببه انتهى.
وقال في الفروع وغيره ولا يدخل رمضان.
وقيل بل قضاء فطره منه لعذر ويوم نهى وصوم ظهار ونحوه ففي الكفارة وجهان أظهرهما وجوبها مع صوم ظهار لأنه سببه انتهى.
قوله: "وإن نذر صوم يوم الخميس فوافق يوم عيد أو حيض أفطر وقضى وكفر".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه يكفر من غير قضاء.
ونقل عنه ما يدل على أنه إن صام يوم العيد صح صومه.
وعنه لا كفارة عليه مع القضاء.
وقيل عكسه.

(11/101)


وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ومن ابتدأ بنذر صوم كل اثنين أو خميس أو علقة بشرط يمكن فوجد لزمه فإن صادف مرضا أو حيضا غير معتاد قضى.
وقيل وكفر كما لو صادف عيدا.
وعنه تكفي الكفارة فيهما.
وقيل لا قضاء ولا كفارة مع حيض وعيد.
وقيل إن صام العيد صح.
زاد في الرعاية الكبرى وقيل يقضي العيد وفي الكفارة روايتان انتهى.
ذكرهما في الرعاية الكبرى في باب صوم النذر والتطوع.
وفي الرعاية الصغرى والحاوي الصغير في باب النذر.
فائدة: لو نذر أن يصوم يوما معينا أبدا ثم جهله فأفتى بعض العلماء بصيام الأسبوع كصلاة من خمس.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله بل يصوم يوما من الأيام مطلقا أي يوم كان.
وهل عليه كفارة لفوات التعيين يخرج على روايتين.
بخلاف الصلوات الخمس فإنها لا تجزئ إلا بتعيين النية على المشهور والتعيين يسقط بالعذر.
قوله: "وإن وافق أيام التشريق فهل يصومه على روايتين".
وهما مبنيتان على جواز صومها فرضا وعدمه على ما تقدم في باب صوم التطوع.
وقد تقدم المذهب فيهما هناك.
فالمذهب هنا مثله.
قوله: "وإن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا فلا شيء عليه بلا نزاع".
لكن قال في منتخب ولد الشيرازي يستحب صوم يوم صبيحته.
وجزم به في الوجيز.
قوله: "وإن قدم نهارا فعنه ما يدل على أنه لا ينعقد نذره ولا يلزمه إلا إتمام صيام ذلك اليوم إن لم يكن أفطر وعنه أنه يقضي ويكفر سواء قدم وهو مفطر أو صائم".
إذا نذر صوم يوم يقدم فلان وقدم نهارا فلا يخلو إما أن يقدم وهو صائم أو يقدم وهو مفطر.

(11/102)


فإن قدم وهو مفطر فالصحيح من المذهب أنه يقضي ويكفر.
قدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
وقال عن التكفير اختاره الأكثر.
وهو من مفردات المذهب.
قال المصنف والشارح لو قدم يوم فطر أو أضحى فعنه لا يصح ويقضي ويكفر وهو قول أكثر أصحابنا.
وأطلقا فيما إذا كان مفطرا في غيرهما الروايتين.
وعنه لا يلزمه مع القضاء كفارة.
وأطلق في المحرر والنظم في وجوب الكفارة مع القضاء الروايتين وقدما وجوب القضاء.
وعنه لا يلزم القضاء أصلا ولا كفارة.
قال في الوجيز فلا شيء عليه.
وإن قدم وهو صائم تطوعا فإن كان قد بيت النية للصوم لخبر سمعه صح صومه وأجزأه.
وإن نوى حين قدم أجزأه أيضا على إحدى الروايتين.
اختاره القاضي.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم.
وعنه لا يجزئه الصوم والحالة هذه وعليه القضاء وهو المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ومحل الروايتين إذا قدم قبل الزوال أو بعده وقلنا بصحته على ما تقدم في كتاب الصوم.
وإن قلنا لم يصح بعد الزوال وقدمه بعده فلغو.
قال في الرعايتين مبني على الروايتين على أن موجب النذر الصوم من قدومه أو كل اليوم.
فعلى المذهب وهو وجوب القضاء يلزمه كفارة أيضا على الصحيح من المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.

(11/103)


وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وصححه في النظم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يلزمه مع القضاء كفارة.
وأطلقهما في المحرر.
وعلى المذهب أيضا لو نذر صوم يوم أكل فيه قضاه في أحد الوجهين.
قاله في الفروع.
قلت الصواب في هذا أنه لغو أشبه ما لو نذر صوم أمس.
وقال في الانتصار يقضي ويكفر.
وفي الانتصار أيضا لا يصح كحيض وأن في إمساكه أوجها.
الثالث: يلزم في الثانية.
قوله: "وإن وافق قدومه يوما من رمضان فقال الخرقي يجزئه صيامه لرمضان ونذره".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها المروذي.
وجزم به ابن عقيل في تذكرته.
قال في الوجيز وإن وافق قدومه في رمضان لم يقض ولم يكفر.
قال في القواعد حمل هذه الرواية المتأخرون على أن نذره لم ينعقد لمصادفته رمضان.
قال ولا يخفى فساد هذا التأويل.
وقال غيره عليه القضاء وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هي أنصهما.
واختاره أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
قال في القاعدة الثامنة عشر هذا الأشهر عند الأصحاب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقال في الفصول لا يلزمه صوم آخر لا لأن صومه أغنى عنهما بل لتعذره فيه نص عليه.
وقال فيه أيضا إذا نوى صومه عنهما فقيل لغو.
وقيل يجزئه عن رمضان انتهى.

(11/104)


وعنه لا ينعقد نذره إذا قدم في نهار يوم من رمضان والمذهب انعقاده وعليه الأصحاب.
فعلى المذهب وهو وجوب القضاء في وجوب الكفارة معه روايتان.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع.
إحداهما: عليه الكفارة أيضا.
قدمه في الرعايتين والحاوي.
وصححه في تصحيح المحرر.
واختاره أبو بكر قاله المصنف.
والرواية الثانية: لا كفارة عليه.
اختاره المجد في شرح الهداية قاله في تصحيح المحرر.
وعلى قول الخرقي في نية نذره أيضا وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: لا بد أن ينويه عن فرضه ونذره.
قاله المصنف في المغني والشارح وغيرهما.
وقدمه في القواعد.
وقال المجد لا يحتاج إلى نية النذر قال وهو ظاهر كلام الخرقي والإمام أحمد رحمه الله.
قال في القواعد وفي تعليله بعد.
وتقدم كلام صاحب الفصول.
فائدتان:
إحداهما: لو وافق قدومه وهو صائم عن نذر معين فالصحيح أنه يتمه
ولا يلزمه قضاؤه بل يقضي نذر القدوم كصوم في قضاء رمضان أو كفارة أو نذر مطلق قاله في الفروع وعنه يكفيه لهما.
الثانية: مثل ذلك في الحكم لو نذر صيام شهر من يوم يقدم فلان فقدم في أول شهر رمضان.

(11/105)


قوله: "وإن وافق يوم نذره وهو مجنون فلا قضاء عليه ولا كفارة".
قال في الفروع عمن نذر صوم شهر بعينه وجن كل الشهر لم يقض على الأصح.
وكذا قال في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والزركشي وغيرهم.
والرعاية الكبرى في موضع.
وعنه يقضي.
قوله: "وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه لغير عذر فعليه القضاء وكفارة يمين بلا نزاع".
وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء بلا نزاع.
وفي الكفارة روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما: عليه الكفارة أيضا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وصححه المصنف والناظم وغيرهما.
والرواية الثانية لا كفارة عليه.
وعنه في المعذور يفدى فقط ذكره الحلواني.
فوائد:
الأولى: صومه في كفارة الظهار في الشهر المنذور كفطره على الصحيح من المذهب.
وعنه لا يلزمه كفارة هنا.
الثانية: لو جن في الشهر كله لم يقضه على الصحيح من المذهب.
وعنه يقضيه.
الثالثة: إذا لم يصمه لعذر أو غيره وقضاه فالصحيح من المذهب أنه يلزمه القضاء متتابعا مواصلا لتتمته.
وعنه له تفريقه.
وعنه وترك مواصلته أيضا.
الرابعة: يبني من لا يقطع عذره تتابع صوم الكفارة.

(11/106)


الخامسة: قوله: "وإن صام قبله لم يجزه".
بلا نزاع كالصلاة.
لكن لو كان نذره بصدقة مال جاز إخراجها قبل الوقت الذي عينه للدفع كالزكاة قاله الأصحاب.
قال الناظم:
ويجزئه فيما فيه نفع سواه ... كالزكاة لنفع الخلق لا المتعبد
قوله: "وإن أفطر في بعضه لغير عذر لزمه استئنافه ويكفر.وهو المذهب".
جزم به الخرقي وصاحب المنور ومنتخب الآدمي.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
قال الزركشي هذه هي المشهورة واختيار الخرقي وأبي الخطاب في الهداية وابن البنا.
فعلى هذا يلزمه الاستئناف عقب الأيام التي أفطر فيها ولا يجوز تأخيره.
"ويحتمل أن يتم باقيه ويقضي ويكفر".
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح وهذه الرواية أقيس وأصح.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما الحاوي.
تنبيه: قال الزركشي أصل الخلاف أن التتابع في الشهر المعين هل وجب لضرورة الزمن وإليه ميل أبي محمد.
أو لإطلاق النذر وإليه ميل الخرقي والجماعة.
ولهذا لو شرط التتابع بلفظه أو نواه لزمه الاستئناف قولا واحدا.
ومما ينبني على ذلك أيضا إذا ترك صوم الشهر كله فهل يلزمه شهر متتابع أو يجزئه متفرقا على الروايتين.
ولهاتين الروايتين أيضا التفات إلى ما إذا نوى صوم شهر وأطلق هل يلزمه متتابعا أم لا.
وقد تقدم أن كلام الخرقي يشعر بعدم التتابع.
وقضية البناء هنا تقتضي اشتراط التتابع كما هو المشهور عند الأصحاب ثم انتهى.

(11/107)


فائدتان:
إحداهما: لو قيد الشهر المعين بالتتابع فأفطر يوما بلا عذر ابتداء وكفر.
الثانية: لو أفطر في بعضه لعذر بنى على ما مضى من صيامه وكفر على الصحيح من المذهب.
قال الشارح هذا قياس المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
ونصره المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه لا يكفر.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
قوله: "و إذا نذر صوم شهر لزمه التتابع".
وهو المذهب.
جزم به في المنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات.
وقدمه في المحرر والفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وصححه الناظم والرعاية الكبرى.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يلزمه التتابع إلا بشرط أو نية وفاقا للأئمة الثلاثة.
وفي إجزاء صوم رمضان عنهما روايتان قاله في الواضح.
فائدة: لو قطع تتابعه بلا عذر استأنفه ومع عذر يخير بينه بلا كفارة أو يبني.
قال في الفروع فهل يتم ثلاثين أو الأيام الفائتة فيه وجهان.
قلت يقرب من ذلك إذا ابتدأ صوم شهري الكفارة في أثناء شهر على ما تقدم في باب الإجارة.
وتقدم إذا فاته رمضان هل يقضي شهرا أو ثلاثين يوما ويكفر على كلا الوجهين.
وفيهما رواية كشهري الكفارة ذكره غير واحد.
وتقدم كلامه في الروضة.
وقال في الترغيب إن أفطره بلا عذر كفر وهل ينقطع فيستأنفه أم لا فيقضي ما تركه فيه روايتان.
وكذا قال في التبصرة.
وهل يتمه أو يستأنفه فيه روايتان.

(11/108)


واختار أبو محمد الجوزي يكفر ويستأنفه.
قوله: "وإن نذر صيام أيام معدودة لم يلزمه التتابع إلا أن يشترطه".
يعني أو ينويه وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه يلزمه التتابع مطلقا اختاره القاضي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: دخل في قوله وإن نذر صيام أيام معدودة لو كانت ثلاثين يوما وهو كذلك فلا يلزمه التتابع فيها إلا بشرط أو نية كما لو قال عشرين ونحوها وهو إحدى الروايتين.
جزم به في المحرر والمنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وهو وجه في الرعايتين.
والرواية الثانية: لا يلزمه التتابع فيها وإن لزمه في غيرها وهو المذهب نص عليه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
لأنه لو أراد التتابع لقال شهرا.
قوله: "وإن نذر صياما متتابعا" يعني غير معين.
"فأفطر لمرض" يعني يجب معه الفطر أو حيض قضى لا غير.
هذا إحدى الروايتين قدمه ابن منجا.
وعنه يخير بين أن يستأنف ولا شيء عليه وبين أن يبني على صيامه ويكفر وهو المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والمحرر والرعايتين والحاوي والخرقي.
وقدمه في الشرح والفروع.
قوله: "وإن أفطر لغير عذر لزمه الاستئناف بلا نزاع بلا كفارة".
وإن أفطر لسفر أو ما يبيح الفطر فعلى وجهين.
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا والزركشي.

(11/109)


أحدهما: لا ينقطع التتابع وهو الصحيح من المذهب.
صححه في التصحيح.
وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
والثاني: ينقطع التتابع بذلك.
قال ابن منجا ويجيء على قول الخرقي يخير بين الاستئناف وبين البناء والقضاء والكفارة كما تقدم.
قلت وهو ظاهر كلام الخرقي وأكثر الأصحاب لعدم تفريقهم في ذلك.
قال الزركشي ولنا وجه ثالث يفرق بين المرض والسفر ففي المرض يخير وفي السفر يتعين الاستئناف انتهى.
تنبيه دخل في قوله ما يبيح الفطر المرض أيضا لكن مراده بالمرض.
هنا المرض غير المخوف ومراده بالمرض في المسألة الأولى المرض المخوف الموجب للفطر ذكره ابن منجا في شرحه.
قوله: "وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم عنه لكل يوم مسكين".
يعني يطعم ولا يكفر.
وهذا إحدى الروايات.
ويحتمل أن يكفر ولا شيء عليه.
ذكره ابن عقيل رواية كغير الصوم.
قال في الحاوي وهو أصح عندي.
ومال إليه المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في المحرر.
وعنه أنه يطعم لكل يوم مسكين ويكفر كفارة يمين وهو المذهب نص عليه.
قال القاضي وهو أصح.
قال في المحرر والمنصوص عنه وجوبه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يجزئ عن كله فقير واحد.
ويتخرج أن لا يلزمه كفارة.

(11/110)


وفي النوادر احتمال يصام عنه.
وسبق في فعل الولي عنه أنه ذكره القاضي في الخلاف.
فائدتان:
إحداهما: مثل ذلك في الحكم لو نذره في حال عجزه عنه قاله الأصحاب.
وقيل لا يصح نذره.
نقل أبو طالب ما كان نذر معصية أو لا يقدر عليه ففيه كفارة يمين.
وتقدمت رواية الشالنجي.
قال في الفروع ومرادهم غير الحج عنه.
قال والمراد ولا يطيقه ولا شيئا منه وإلا أتى بما يطيقه منه وكفر للباقي.
قال وكذا أطلق شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال القادر على فعل المنذور يلزمه وإلا فله أن يكفر انتهى.
فأما إن نذر من لا يجد زادا وراحلة الحج فإن وجدهما بعد ذلك لزمه بالنذر السابق وإلا لم يلزمه كالحج الواجب بأصل الشرع.
ذكره القاضي في الخلاف في فعل الولي عنه.
وقال في عيون المسائل في ضمان المجهول أكثر ما فيه أن يظهر من الدين ما يعجز عن أدائه وذلك لا يمنع صحة الضمان كما لو نذر ألف حجة والصدقة بمائة ألف دينار ولا يملك قيراطا فإنه يصح لأنه ورط نفسه في ذلك برضاه انتهى.
وقيل لا ينعقد نذر العاجز.
الثانية: لو نذر غير الصيام كالصلاة ونحوها وعجز عنه فليس عليه إلا الكفارة.
قوله: وإن نذر المشي إلى بيت الله تعالى أو موضع من الحرم أو مكة وأطلق لم يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة.
لأنه مشى إلى عبادة والمشي إلى العبادة أفضل.
ومراده ومراد غيره يلزمه المشي ما لم ينو إتيانه لا حقيقة المشي.
صرح به المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
فائدة: حيث لزمه المشي أو غيره فيكون ابتداؤه من مكانه إلا أن ينوي موضعا بعينه نص عليه.

(11/111)


وقطع به في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكره القاضي إجماعا محتجا به وبما لو نذره من محله لم يحز من ميقاته على قضاء الحج الفاسد من الأبعد من إحرامه أو ميقاته.
وقيل هنا أو من إحرامه إلى أمنه فساده بوطئه.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا رمى الجمرة فقد فرغ.
وقال أيضا يركب في الحج إذا رمى وفي العمرة إذا سعى.
قال في الترغيب لا يركب حتى يأتي بالتحليلين على الأصح.
تنبيه: مفهوم قوله أو موضع من الحرم لو نذر المشي إلى غير الحرم كعرفة ومواقيت الإحرام وغير ذلك لم يلزمه ذلك ويكون كنذر المباح وهو كذلك.
قاله المصنف والشارح.
فائدة: لو نذر الإتيان إلى بيت الله غير حاج ولا معتمر لغا قوله غير حاج ولا معتمر ولزمه إتيانه حاجا أو معتمرا ذكره القاضي أبو الحسين.
قوله: فإن ترك المشي لعجز أو غيره فعليه كفارة يمين.
وهو المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وعنه: عليه دم.
ووجوب كفارة اليمين أو الدم من مفردات المذهب.
وعنه لا كفارة عليه ذكرها بن رزين.
وقال في المغني قياس المذهب يستأنفه ماشيا لتركه صفة المنذور كتفريقه صوما متتابعا.
قوله: "وإن نذر الركوب فمشى ففيه الروايتان".
يعني المتقدمتان.
وهما هل عليه كفارة يمين أو دم وقد علمت المذهب منهما لأن الركوب في نفسه غير طاعة.

(11/112)


فائدتان:
إحداهما: لو أفسد الحج المنذور ماشيا وجب القضاء ماشيا وكذا إن فاته الحج سقط توابع الوقوف والمبيت بمزدلفة ومنى والرمي وتحلل بعمرة ويمضي في الحج الفاسد ماشيا حتى يحل منه.
الثانية: لو نذر المشي إلى مسجد المدينة أو الأقصى لزمه ذلك والصلاة فيه قاله الأصحاب.
قال في الفروع ويتوجه أن مرادهم لغير المرأة لأفضلية بيتها.
وإن عين مسجدا غير حرم لزمه عند وصوله ركعتين ذكره في الواضح واقتصر عليه في الفروع.
قال المصنف والشارح لو نذر إتيان مسجد سوى المساجد الثلاثة لم يلزمه إتيانه وإن نذر الصلاة فيه لزمته الصلاة دون المشي ففي أي موضع صلى أجزأه.
قالا ولا نعلم فيه خلافا.
قوله: "فإن نذر رقبة فهي التي تجزئ عن الواجب".
على ما تقدم تبيينه في كتاب الظهار.
إلا أن ينوي رقبة بعينها.
فيجزئه ما عينه بلا نزاع.
لكن لو مات المنذور قبل أن يعتقه لزمه كفارة يمين ولا يلزمه عتق عبد نص على ذلك وقاله.
وقال الأصحاب ولو أتلف العبد المنذور عتقه لزمه كفارة يمين على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقيل يلزمه قيمتها يصرفها إلى الرقاب.
قوله: "وإن نذر الطواف على أربع طاف طوافين نص عليه".
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي والنظم وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.

(11/113)


قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا بدل واجب.
وعنه يجزئه طواف واحد على رجليه.
قال المصنف والشارح والقياس أن يلزمه طواف واحد على رجليه ولا يلزمه على يديه.
وفي الكفارة على هذه الرواية وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعاية الكبرى والنظم والحاوي الصغير والقواعد الأصولية والفروع.
قال المصنف والشارح بناء على ما تقدم.
وقالا قياس المذهب لزوم الكفارة لإخلاله بصفة نذره وإن كان غير مشروع.
فوائد:
الأولى: مثل المسألة في الحكم لو نذر السعي على الأربع.
ذكره في المبهج والمستوعب.
واقتصر عليه في الفروع.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
قال في الفروع وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو الحج حافيا حاسرا أو نذرت المرأة الحج حاسرة وفاء بالطاعة.
قال في القواعد الأصولية قياس المذهب الوفاء بالطاعة على الوجه المشروع وفي الكفارة لتركه المنهي وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وهما كالوجهين المتقدمين قبل ذلك.
قال في الرعاية الكبرى فإن قال حافيا حاسرا كفر ولم يفعل الصفة.
وقيل يمشي منذ أحرم انتهى.
الثانية: لو نذر الطواف فأقله أسبوع ولو نذر صوما فأقله يوم ولو نذر صلاة لم يجزئه أقل من ركعتين على الصحيح من المذهب.
وقيل يجزئه ركعة.
وأطلقهما في الشرح.
الثالثة: قال في الفروع لو نذر الحج العام فلم يحج ثم نذر أخرى في العام.
الثاني فيتوجه أنه يصح ويبدأ بالثانية لقوتها ويكفر لتأخير الأولى وفي المنذور الخلاف انتهى.
الرابعة: لا يلزم الوفاء بالوعد على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.

(11/114)


لأنه لا يحرم بلا استثناء لقوله تعالى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24] ولأنه في معنى الهبة قبل القبض ذكره في الفروع.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها أنه يلزمه واختاره.
قال في الفروع ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل.
ولما قيل للإمام أحمد رحمه الله بم يعرف الكذابون قال بخلف المواعيد.قال في الفروع وهذا متجه.
وتقدم الخلف بالعهد في أول كتاب الأيمان.
الخامسة لم يزل العلماء يستدلون بهذه الآية على الاستثناء وفي الدلالة بها غموض فلهذا قال القرافي في قواعده اتفق الفقهاء على الاستدلال بقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24]
ووجه الدليل منه في غاية الإشكال فإن إلا ليست للتعليق وأن المفتوحة ليست للتعليق فما بقي في الآية شيء يدل على التعليق مطابقة ولا التزاما فكيف يصح الاستدلال بشيء لا يدل على ذلك وطول الأيام يحاولون الاستدلال بهذه الآية ولا يكاد يتفطن لوجه الدليل منها وليس فيها إلا الاستثناء وأن الناصبة لا الشرطية ولا يفطنون لهذا الاستثناء من أي شيء هو وما هو المستثنى منه فتأمله فهو في غاية الإشكال وهو أصل في اشتراط المشيئة عند النطق بالأفعال.
والجواب أنا نقول هذا استثناء من الأحوال والمستثنى حالة من الأحوال وهي محذوفة قبل أن الناصبة وعاملة فيها أعني الحال عاملة في أن الناصبة.
وتقريره: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً} في حالة من الأحوال إلا معلقا بأن يشاء الله ثم حذفت معلقا والباء من أن فيكون النهي المتقدم مع إلا المتأخرة قد حصرت القول في هذه الحال دون سائر الأحوال فتختص هذه الحال بالإباحة وغيرها بالتحريم وترك المحرم واجب وليس شيء هناك يترك به الحرام إلا هذه فتكون واجبة فهذا مدرك الوجوب.
وأما مدرك التعليق فهو قولنا معلقا فإنه يدل على أنه تعليق في تلك الحالة كما إذا قال لا تخرج إلا ضاحكا فإنه يفيد الأمر بالضحك للخروج وانتظم معلقا مع أن بالباء المحذوفة واتجه الأمر بالتعليق على المشيئة من هذه الصيغة عند الوعد بالأفعال انتهى.

(11/115)