الروض المربع شرح زاد المستقنع ط المؤيد

 [كتاب العتق]
هو لغة: الخلوص، وشرعا: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق.
(وهو من أفضل القرب) ، لأن الله تعالى جعله كفارة للقتل والوطء في نهار رمضان والأيمان، وجعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكاكا لمعتقه من النار. وأفضل الرقاب أنفسها عند أهلها وذكر وتعدد أفضل. (ويستحب عتق من له كسب) لانتفاعه به (وعكسه بعكسه) ، فيكره عتق من لا كسب له، وكذا من يخاف منه زنا أو فسادا. وإن علم ذلك منه أو ظن حرم. وصريحه نحو: أنت حر أو محرر أو عتيق أو معتق أو حررتك أو أعتقك، وكناياته نحو: خليتك والحق بأهلك، ولا سبيل أو لا سلطان لي عليك، وأنت لله أو مولاي وملكتك نفسك، ومن أعتق جزءا من رقيقه سرى إلى باقيه، ومن أعتق نصيبه من مشترك سرى إلى الباقي إن كان موسرا مضمونا بقيمته، ومن ملك ذا رحم محرم عتق عليه بالملك، ويصح معلقا بشرط فيعتق إذا وجد.
(ويصح تعليق العتق بموت، وهو التدبير) سمي بذلك لأن الموت دبر الحياة، ولا يبطل بإبطال ولا رجوع، ويصح وقف المدبر وهبته وبيعه ورهنه، وإن مات السيد قبل بيعه عتق إن خرج من ثلثه وإلا فبقدره.

(1/504)


[باب الكتابة]
(وهي) مشتقة من الكتب، وهو الجمع، لأنها تجمع نجوما. وشرعا: (بيع) سيد (عبده نفسه بمال) معلوم يصح السلم فيه (مؤجل في ذمته) بأجلين فأكثر. (وتسن) الكتابة (مع أمانة العبد وكسبه) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] . (وتكره) الكتابة (مع عدمه) أي عدم الكسب لئلا يصير كلا على الناس. ولا يصح عتق وكتابة إلا من جائز
تصرفه، وتنعقد بكاتبتك على كذا مع قبول العبد، وإن لم يقل: فإذا أديت فأنت حر، ومتى أدى ما عليه أو أبرأه منه سيده عتق، ويملك كسبه ونفعه وكل تصرف يصلح ماله كبيع وإجارة.
(ويجوز بيع المكاتب) لقصة بريرة، ولأنه قن ما بقي عليه درهم، (ومشتريه يقوم مقام مكاتبه) بكسر التاء، (فإن أدى) المكاتب (له) أي للمشتري ما بقي من مال الكتابة (عتق وولاؤه له) أي للمشتري، (وإن عجز) المكاتب عن أداء [جميع] مال الكتابة أو بعضه لمن كاتبه أو اشتراه (عاد قنا) ، فإذا حل نجم ولم يؤده المكاتب فلسيده الفسخ، كما لو أعسر المشتري ببعض الثمن؛ ويلزم انتظاره ثلاثا لنحو بيع غرض، ويجب على السيد أن يؤدي إلى من وفى كتابته ربعها، لما روى أبو بكر بإسناده عن علي «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قال: ربع الكتابة» ، وروي مرفوعا عن علي.

(1/505)


[باب أحكام أمهات الأولاد]
أصل أم أمهة، ولذلك جمعت على أمهات باعتبار الأصل. (إذا أولد حر أمته) ولو مدبرة أو مكاتبة (أو) أولد (أمة له ولغيره) ، ولو كان له جزء يسير منها، (أو أمة لولده) كلها أو بعضها ولم يكن الابن وطئها قد (خلق ولده حرا) بأن حملت به في ملكه (حيا ولد أو ميتا قد تبين فيه خلق الإنسان) ولو خفيا، (لا) بإلقاء (مضغة أو جسم بلا تخطيط صارت أم ولد له تعتق بموته من كل ماله) ، ولو لم يملك غيرها لحديث ابن عباس يرفعه: «من وطئ أمته فولدت فهي معتقة عن دبر منه» رواه أحمد وابن ماجه، وإن أصابها في ملك غيره بنكاح أو شبهة ثم ملكها حاملا عتق الحمل ولم تصر أم ولد، ومن ملك أمة حاملا فوطئها حرم عليه بيع الولد ويعتقه.
(وأحكام أم الولد) كـ (أحكام الأمة) القن (من وطء وخدمة وإجارة ونحوه) ، كإعارة وإيداع، لأنها مملوكة له ما دام حيا، (لا في نقل الملك في رقبتها ولا بما يراد له) أي لنقل الملك. فالأول، (كوقف وبيع) وهبة وجعلها صداقا ونحوه. (و) الثاني كـ (رهن و) كذا (نحوها) أي نحو المذكورات كالوصية بها لحديث ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أنه «نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن، يستمتع منها السيد ما
دام حيا، فإذا مات فهي حرة» رواه الدارقطني. وتصح كتابتها، فإن أدت في حياته عتقت، وما بقي بيدها لها، وإن مات وعليها شيء عتقت وما بيدها للورثة ويتبعها ولدها من غير سيدها بعد إيلادها فيعتق بموت سيدها، وإذا جنت فديت بالأقل من قيمتها يوم الفداء أو أرش الجناية، وإن قتلت سيدها

(1/506)


عمدا أو خطأ عتقت، وللورثة القصاص في العمد أو الدية، فيلزمها الأقل منها أو من قيمتها كالخطأ، وإن أسلمت أم ولد كافر منع من غشيانها وحيل بينه وبينها حتى يسلم، وأجبر على نفقتها إن عدم كسبها.

(1/507)