الروض المربع شرح زاد المستقنع ط المؤيد

 [كتاب النفقات]
جمع نفقة، وهي كفاية من يمونه خبزا وإداما وكسوة ومسكنا وتوابعها. (يلزم الزوج نفقة زوجته قوتا) أي: خبزا وإداما (وكسوة وسكناها بما يصلح لمثلها) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» رواه مسلم وأبو داود. (ويعتبر الحاكم) تقدير (ذلك بحالهما) أي: بيسارهما أو إعسارهما أو بيسار أحدهما وإعسار الآخر (عند التنازع) بينهما (فيفرض) الحاكم (للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أرفع خبز البلد وأدمه، و) يفرض لها (لحما عادة الموسرين بمحلهما، و) يفرض للموسرة تحت الموسر من الكسوة (ما يلبس مثلها من حرير وغيره) كجيد كتان وقطن، وأقل ما يفرضه من الكسوة قميص وسراويل وطرحة ومقنعة ومداس ومضربة للشتاء (وللنوم فراش ولحاف وإزار) للنوم في محل جرت العادة به فيه، (ومخدة وللجلوس حصير جيد وزلي) أي: بساط، ولا بد من ماعون الدار، ويكتفي بخزف وخشب، والعدل ما يليق بهما، ولا يلزمه ملحفة وخف لخروجها (و) يفرض الحاكم (للفقيرة تحت الفقير من أدنى خبز البلد، و) من (أدم يلائمه) وتنقل متبرمة من أدم إلى آخر (و) يفرض للفقيرة من الكسوة (ما يلبس مثلها ويجلس) وينام (عليه، و) يفرض (للمتوسطة مع المتوسط، والغنية مع الفقير وعكسها) كفقيرة تحت غني (ما بين ذلك عرفا) لأن ذلك هو اللائق بحالهما (وعليه) أي: على الزوج (مؤنة نظافة زوجته) من دهن وسدر وثمن ماء ومشط وأجرة قيمة (دون) ما يعود بنظافة (خادمها) فلا يلزمه؛ لأن ذلك يراد للزينة وهي غير مطلوبة من الخادم (ولا) يلزم الزوج لزوجته (دواء وأجرة طبيب) إذا مرضت؛ لأن ذلك ليس من

(1/618)


حاجتها الضرورية المعتادة وكذا لا يلزمه ثمن طيب وحناء وخضاب ونحوه وإن أراد منها تزينا أو قطع رائحة كريهة وأتى به لزمها وعليه لمن يخدم مثلها خادم واحد وعليه أيضا مؤنسة لحاجة.

[فصل نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها]
فصل (ونفقه المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها كالزوجة) لأنها زوجة بدليل قَوْله تَعَالَى:
{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] (ولا قسم لها) أي: للرجعية وتقدم (والبائن بفسخ أو طلاق) ثلاثا أو على عوض (لها ذلك) أي: النفقة والكسوة والسكنى (إن كانت حاملا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] . ومن أنفق يظنها حاملا فبانت حائلا رجع، ومن تركه يظنها حائلا فبانت حاملا لزمه ما مضى، ومن ادعت حملا وجب إنفاق ثلاثة أشهر، فإن مضت ولم يبين رجع (والنفقة) للبائن الحامل (للحمل) نفسه (لا لها من أجله) لأنها تجب بوجوده وتسقط بعدمه، فتجب لحامل ناشز ولحامل من وطء بشبهة أو نكاح فاسد أو ملك يمين، ولو أعتقها، وتسقط بمضي الزمان. قال المنقح: ما لم تستدن بإذن حاكم أو تنفق بنية رجوع.

(ومن) أي: أي زوجة (حبست ولو ظلما أو نشزت أو تطوعت بلا إذنه

(1/619)


بصوم أو حج أو أحرمت بنذر حج أو) نذر (صوم أو صامت عن كفارة أو) عن (قضاء رمضان مع سعة وقته) بلا إذن زوج (أو سافرت لحاجتها ولو بإذنه سقطت) نفقتها؛ لأنها منعت نفسها عنه بسبب لا من جهته فسقطت نفقتها بخلاف من أحرمت بفريضة من صوم أو حج أو صلاة ولو في أول وقتها بسنتها أو صامت قضاء رمضان في آخر شعبان؛ لأنها فعلت ما أوجب الشرع عليها وقدرها في حجة فرض كحضر وإن اختلفا في نشوز أو أخذ نفقة فقولها (ولا نفقة ولا سكنى) من تركة (لمتوفى عنها) ولو حاملا؛ لأن المال انتقل عن الزوج إلى الورثة، ولا سبب لوجوب النفقة عليهم، فإن كانت حاملا فالنفقة من حصة الحمل من التركة إن كانت، وإلا فعلى وارثه الموسر.

(ولها) أي: لمن وجبت لها النفقة من زوجة ومطلقة رجعية وبائن حامل ونحوها (أخذ نفقة كل يوم من أوله) يعني من طلوع الشمس؛ لأنه أول وقت الحاجة إليه، فلا يجوز تأخيره عنه، والواجب دفع قوت من خبز وأدم لا حب، و (لا قيمتها) أي: قيمة النفقة. (ولا) يجب (عليها أخذها) أي: أخذ قيمة النفقة؛ لأن ذلك معاوضة، فلا يجبر عليه من امتنع منهما، ولا يملك الحاكم فرض غير الواجب كدارهم إلا بتراضيهما (فإن اتفقا عليه) أي: على أخذ القيمة (أو) اتفقا (على تأخيرها أو تعجيلها مدة طويلة أو قليلة جاز) لأن الحق لا يعدوهما (ولها الكسوة كل عام مرة في أوله) أي: أول العام من زمن الوجوب؛ لأنه أول وقت الحاجة إلى الكسوة، فيعطيها كسوة السنة؛ لأنه لا يمكن ترديد الكسوة عليها شيئا فشيئا، بل هو شيء واحد يستدام إلى أن يبلى، وكذا غطاء ووطاء وستارة يحتاج إليها. واختار ابن نصر الله
أنها كماعون الدار ومشط تجب بقدر الحاجة، ومتى انقضى العام والكسوة باقية فعليه كسوة للجديد

(1/620)


(وإذا غاب) الزوج أو كان حاضرا (ولم ينفق) على زوجته (لزمته نفقة ما مضى) وكسوته ولو لم يفرضها الحاكم ترك الإنفاق لعذر أو لا؛ لأنه حق يجب مع اليسار والإعسار، فلم يسقط بمضي الزمان كالأجرة (وإن أنفقت) الزوجة (في غيبته) أي: غيبة الزوج (من ماله فبان ميتا غرمها الوارث) للزوج (ما أنفقته بعد موته) لانقطاع وجوب النفقة عليه بموته، فما قبضته بعده لا حق لها فيه فيرجع عليها ببدله.

[ما تجب به نفقة الزوجة]
فصل (ومن تسلم زوجته) التي يوطأ مثلها وجبت عليه نفقتها (أو بذلت) تسليم (نفسها) أو بذله وليها (ومثلها يوطأ) بأن تم لها تسع سنين (وجبت نفقتها) وكسوتها (ولو مع صغر زوج ومرضه وجبه وعنته) ويجبر الولي مع صغر الزوج على بذل نفقتها وكسوتها من مال الصبي؛ لأن النفقه كأرش جناية. ومن بذلت التسليم وزوجها غائب لم يفرض لها حتى يراسله حاكم، ويمضي زمن يمكن قدومه في مثله.

(ولها) أي: للزوجة (منع نفسها) من الزوج (حتى تقبض صداقها الحال) لأنه لا يمكنها استدراك منفعة البضع لو عجزت عن أخذه بعد، ولها النفقة في مدة الامتناع لذلك؛ لأنه بحق (فإن سلمت نفسها طوعا) قبل قبض حال الصداق (ثم أرادت المنع لم تملكه) ولا نفقة لها مدة الامتناع، وكذا لو تساكنا بعد العقد فلم يطلبها ولم تبذل نفسها فلا نفقة (وإذا أعسر) الزوج (بنفقة القوت أو) أعسر (بالكسوة) أي: كسوة المعسر (أو) أعسر بـ (بعضها) أي: بعض نفقة المعسر أو كسوته (أو) أعسر بـ (المسكن) أي: مسكن

(1/621)


معسر أو صار لا يجد النفقة إلا يوما دون يوم (فلها فسخ النكاح) من زوجها المعسر؛ لحديث أبي هريرة مرفوعا، «في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، قال: " يفرق بينهما» [رواه الدارقطني. فيفسخ فورا أو متراخيا بإذن الحاكم ولها الصبر مع منع نفسها] وبدونه، ولا يمنعها تكسبا ولا يحبسها (فإن غاب) زوج (موسر ولم يدع لها نفقة وتعذر أخذها من ماله، و) تعذرت
(استدانتها عليه فلها الفسخ بإذن الحاكم) لأن الإنفاق عليها من ماله متعذر، فكان لها الخيار كحال الإعسار، وإن منع موسر نفقة أو كسوة أو بعضهما وقدرت على ماله أخذت كفايتها وكفاية ولدها وخادمها بالمعروف بلا إذنه، فإن لم تقدر أجبره الحاكم، فإن غيب ماله وصبر على الحبس فلها الفسخ لتعذر النفقة عليها من قبله.

[باب نفقة الأقارب والمماليك من الآدميين والبهائم]
(تجب) النفقة كاملة إذا كان المنفق عليه لا يملك شيئا، (أو تتمتها) إذا كان لا يملك البعض (لأبويه وإن علوا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83] ومن الإحسان الإنفاق عليهما. (و) تجب النفقة أو تتمتها (لولده وإن سفل) ذكرا كان أو أنثى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

(1/622)


{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] ، (حتى ذوي الأرحام منهم) أي: من آبائه وأمهاته، كأجداده المدلين بإناث وجداته الساقطات، ومن أولاده كولد البنت سواء (حجبه) أي الغني (معسر) فمن له أب وجد معسران وجبت عليه نفقتهما ولو كان محجوبا من الجد بأبيه المعسر (أو لا) بأن لم يحجبه أحد، كمن له جد معسر ولا أب له، فعليه نفقة جده؛ لأنه وارثه.

(و) تجب النفقة أو إكمالها لـ (كل من يرثه) المنفق (بفرض) كولد لأم، (أو تعصيب) كأخ وعم لغير أم (لا) لمن يرثه (برحم) كخال وخالة (سوى عمودي نسبه) كما سبق، (سواء ورثه الآخر كأخ) للمنفق (أو لا كعمة وعتيق) وتكون النفقة على من تجب عليه (بمعروف) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] ، ثم قال: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] فأوجب على الأب نفقة الرضاع، ثم أوجب مثل ذلك على الوارث. وروى أبو داود: «أن رجلا سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من أبر؟ قال: " أمك وأباك وأختك وأخاك» ، وفي لفظ: «ومولاك الذي هو أدناك حقا واجبا ورحما موصولا» .
ويشترط لوجوب نفقة القريب ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون المنفق وارثا لمن ينفق عليه، وتقدمت الإشارة إليه.
الثاني: فقر المنفق عليه، وقد أشار إليه بقوله: (مع فقر من تجب له) النفقة (وعجزه
عن تكسب) لأن النفقة إنما تجب على سبيل المواساة والغنى بملكه، أو قدرته على التكسب مستغن عن المواساة، ولا يعتبر نقصه، فتجب لصحيح مكلف لا حرفة له.
الثالث: غنى المنفق، وإليه الإشارة بقوله: (إذا فضل) ما ينفقه عليه (عن قوت نفسه وزوجته ورقيقه يومه وليلته، و) عن (كسوة وسكنى) لنفسه وزوجته ورقيقه (من حاصل) في يده (أو متحصل) من صناعة أو تجارة أو أجرة عقار أو ريع وقف ونحوه؛ لحديث جابر مرفوعا: «إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضل فعلى

(1/623)


عياله، وإن كان فضل فعلى قرابته» .
و (لا) تجب نفقة القريب (من رأس مال) التجارة (و) لا من (ثمن ملك، و) لا من (آلة صنعة) لحصول الضرر بوجوب الإنفاق من ذلك ومن قدر أن يكتسب أجبر لنفقة قريبه.

(ومن له وارث غير أب) واحتاج للنفقة (فنفقته عليهم) أي: على وارثه (على قدر إرثهم) منه؛ لأن الله تعالى رتب النفقة على الإرث بقوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] ، فوجب أن يترتب مقدار النفقة على مقدار الإرث، (فـ) من له أم وجد (على الأم) من النفقة (الثلث والثلثان على الجد) لأنه لو مات لورثاه كذلك، (و) من له جدة وأخ لغير أم (على الجدة السدس والباقي على الأخ) لأنهما يرثانه كذلك (والأب ينفرد بنفقة ولده) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» . (ومن له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما) أما ابنه فلفقره، وأما الأخ فلحجبه بالابن.

(ومن) احتاج لنفقة و (أمة فقيرة وجدته موسرة فنفقته على الجدة) ليسارها، ولا يمنع ذلك حجبها بالأم لعدم اشتراط الميراث في عمودي النسب كما تقدم (ومن عليه نفقة زيد) مثلا لكونه ابنه أو أباه أو أخاه ونحوه (فعليه نفقة زوجته)

(1/624)


لأن ذلك من حاجة الفقير لدعاء ضرورته إليه، (كـ) نفقة (ظئر) من تجب نفقته، فيجب الإنفاق عليهما (لحولين) كاملين؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] ،
إلى قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] ، والوارث إنما يكون بعد موت الأب.

(ولا نفقة) بقرابة (مع اختلاف دين) ولو من عمودي نسبه لعدم التوارث إذا (إلا بالولاء) فتلزم النفقة المسلم لعتيقه الكافر وعكسه لإرثه منه.

(و) يجب (على الأب أن يسترضع لولده) إذا عدمت أمه أو امتنعت؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] أي: فاسترضعوا له أخرى (ويؤدي الأجرة) لذلك؛ لأنها في الحقيقة نفقة لتولد اللبن من غذائها (ولا يمنع) الأب (أمه إرضاعه) أي: إرضاع ولدها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] ، وله منعها من خدمته؛ لأنه يفوت حق الاستمتاع في بعض الأحيان (ولا يلزمها) أي: لا يلزم الزوجة إرضاع ولدها، دنيئة كانت أو شريفة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] (إلا لضرورة كخوف تلفه) أي: تلف الرضيع بأن لم يقبل ثدي غيرها ونحوه؛ لأنه إنقاذ من هلكة. ويلزم أم ولد إرضاع ولدها مطلقا، فإن عتقت فكبائن (ولها) أي: للمرضعة (طلب أجرة المثل) لرضاع ولدها (ولو أرضعه غيرها مجانا) لأنها أشفق من غيرها ولبنها أمرأ (بائنا كانت) أم الرضيع في الأحوال المذكورة (أو تحته) أي: زوجة لأبيه؛ لعموم قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] (وإن تزوجت) المرضعة (آخر فله) أي: للثاني (منعها من إرضاع ولد الأول ما لم)

(1/625)


تكن اشترطته في العقد أو (يضطر إليها) بأن لم يقبل ثدي غيرها أو لم يوجد غيرها لتعينه عليها إذا لما تقدم.

[فصل في نفقة الرقيق]
(و) يجب (عليه) أي: على السيد (نفقة رقيقه) ولو آبقا أو ناشزا (طعاما) من غالب قوت البلد (وكسوة وسكنى) بالمعروف (وأن لا يكلفه مشقا كثيرا) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق» رواه الشافعي في " مسنده ". (وإن اتفقا على المخارجة) وهي جعله على الرقيق كل يوم أو كل شهر شيئا معلوما له (جاز)
إن كانت قدر كسبه فأقل بعد نفقته، روي: أن الزبير كان له ألف مملوك على كل واحد كل يوم درهم (ويريحه) سيده (وقت القائلة) وهي وسط النهار (و) وقت (النوم، و) وقت الصلاة (المفروضة) لأن عليهم في ترك ذلك ضررا، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار» ، (ويركبه) السيد (في السفر عقبه) لحاجة؛ لئلا يكلفه ما لا يطيق.

(وإن طلب) الرقيق (نكاحا زوجه) السيد (أو باعه) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] (وإن طلبته) أي: التزويج أمة (وطئها) السيد (أو زوجها أو باعها) إزالة لضرر الشهوة عنها ويزوج أمة صبي أو مجنون من يلي ماله إذا طلبته وإن غاب سيد عن أم ولده زوجت لحاجة نفقة أو وطء. وله تأديب رقيقه وزوجته وولده ولو مكلفا مزوجا بضرب غير مبرح، ويقيده إن خاف إباقه، ولا يشتم أبويه ولو كافرين، ولا يلزمه بيعه بطلبه مع القيام بحقه. وحرم أن تسترضع أمة لغير ولدها إلا بعد ريه ولا يتسرى عبد مطلقا.

(1/626)


[فصل في نفقة البهائم]
فصل
في نفقة البهائم (و) يجب (عليه علف بهائمه وسقيها وما يصلحها) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض» متفق عليه. (و) يجب عليه (أن لا يحملها ما تعجز عنه) لئلا يعذبها، ويجوز الانتفاع بها في غير ما خلقت له كبقر لحمل وركوب وإبل وحمر لحرث ونحوه، ويحرم لعنها وضرب وجه ووسم فيه (ولا يحلب من لبنها ما يضر ولدها) لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار» ، (فإن عجز) مالك البهيمة (عن نفقتها أجبر على بيعها أو إجارتها أو ذبحها إن أكلت) لأن بقاءها في يده مع ترك الإنفاق عليها ظلم، والظلم تجب إزالته، فإن أبى فعل حاكم الأصلح. ويكره جز معرفة وناصية وذنب وتعليق جرس أو وتر ونزو حمار على فرس، وتستحب نفقته على ماله غير الحيوان.