العدة شرح العمدة

باب نفقة الأقارب والمماليك وعلى الإنسان نفقة والديه وإن علوا
(22) وأولاده وإن سفلوا
(23) ومن يرثه بفرض أو تعصيب
(24) وإذا كانوا فقراء وله مال ينفق عليهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[باب نفقة الأقارب والمماليك]
(وعلى الإنسان نفقة والديه وإن علوا) لقوله سبحانه: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83] ومن الإحسان الإنفاق عليهما. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه» رواه أبو داود.

مسألة 22: (وتجب نفقة الأولاد) بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» وتجب نفقة الأجداد وأولاد الأولاد لأنهم آباء وأولاد، وقال سبحانه: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] وقال: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] .

مسألة 23: (وتجب نفقة من يرثه بفرض أو تعصيب) سواء ورثه الآخر أو لا كعمته وعتيقه سوى الزوج، لقول الله سبحانه: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] إلى قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] فأوجب على الوارث أجرة رضاع الصبي فيجب أن تلزمه نفقته، وروى أبو داود «أن رجلًا سأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من أبر؟ قال: أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الذي يلي ذلك حقًا واجبًا ورحمًا موصولًا» " وقضى عمر على بني عم منفوس بنفقته، ولأنها قرابة تقتضي التوريث فتوجب الإنفاق كقرابة الولد.

مسألة 24: ويشترط لوجوب الإنفاق على القريب ثلاثة شروط: أحدها: (فقر من تجب نفقته) فإن كان غنيًا بمال أو كسب لم تجب لأنها وجبت على سبيل المواساة فلا

(1/481)


(25) وإن كان للفقير وارثان فأكثر فنفقته عليهم على قدر ميراثهم منه، إلا الابن فإن نفقته على أبيه خاصة
(26) وعلى ملاك المملوكين الإنفاق عليهم وما يحتاجون إليه من مؤنة وكسوة
(27) فإن لم يفعلوا أجبروا على بيعهم إذا طلبوا ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
تستحق مع الغنى كالزكاة. والثاني: أن يكون (للمنفق مال ينفق عليهم) فاضلًا عن نفقة نفسه وزوجته، لما روى جابر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» قال الترمذي: حديث صحيح، ولأنها مواساة فيجب أن تكون في الفاضل عن الحاجة الأصلية. الثالث: أن يكون المنفق عليه وارثًا، فأما من لا يرث كذوي الأرحام فقال القاضي: لا تجب نفقتهم، رواية واحدة، إذا كانوا من غير عمودي النسب، وأما إن كانوا من عمودي النسب فلهم النفقة لوجود الإيلاد والمحرمية. وقال أبو الخطاب: يخرج في وجوبها عليهم روايتان: إحداهما تجب لأنهم أقارب أشبهوا الوارث، والثانية: لا نفقة لهم لأنهم لا يرثون أشبهوا الأجانب.

مسألة 25: (فإن كان للفقير وارثان فأكثر فنفقته عليهم على قدر ميراثهم منه، إلا من له أب فإن نفقته على أبيه خاصة) كما قلنا في أجرة الرضاع وقد سبق.

مسألة 26: (وعلى ملاك المملوكين الإنفاق عليهم وما يحتاجون إليه من مؤنة وكسوة) بالمعروف، لما روى أبو ذر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان له أخوة تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه» متفق عليه. وروى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «المملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق» رواه الشافعي، وأجمع العلماء على وجوب نفقة المملوك على سيده.

مسألة 27: (فإن لم يفعلوا أجبروا على بيعهم إذا طلبوا ذلك) لأن بقاء ملكه عليه مع الإخلال بالواجب عليه من نفقة وكسوة بالمعروف إضرار به. وإزالة الضرر واجبة، ولذلك أبحنا للمرأة فسخ النكاح عند عجز زوجها عن الإنفاق عليها.

(1/482)