المحرر
في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل كتاب العدد
مدخل
...
كتاب العدد
كل امرأة فارقها زوجها فعليها العدة إلا
المفارقة في الحياة قبل المسيس والخلوة أو
بعدهما والزوج ممن لا يولد لمثله فلا عدة
عليها ويعتبر للخلوة مطاوعتها وعلمه بها ولا
يعتبر الخلو من مانع الصوم والإحرام والمرض
والجب والعنة ونحوه وهل تجب العدة بتحمل ماء
الرجل أو بالقبلة أو باللمس من غير خلوة على
وجهين.
والنكاح الفاسد المختلف فيه كالصحيح فيما
ذكرناه نص عليه.
وقال ابن حامد لا عدة فيه بموت ولا خلوة حتى
يطأ فتجب عدة وطء الشبهة.
والمعتدات ست إحداهن الحامل فعدتها من الموت
وغيره بوضع حملها كله حرة كانت أو أمة والحمل
الذي تنقضي به عدتها ما تصير به الأمة أم ولد
ولو كان حملها لا يلحق الزوج كزوجة الطفل
والمطلقة عقيب العقد ونحوه لم تنقض
(2/103)
به عدتها وعنه
تنقضي به وفيه بعد وعنه تنقضي به من غير الطفل
لأنه يلحقه باستلحاقه.
وأقل مدة الحمل ستة أشهر وغالبها تسعة أشهر
وأكثرها أربع سنين وعنه سنتان وأقل ما يتبين
فيه الولد أحد وثمانون يوما.
الثانية المتوفى عنها زوجها وليست حاملا منه
فعدتها مع الحرية بأربعة أشهر وعشرا والأمة
شهرين وخمسة أيام والمعتق بعضها بحسابه.
وإذا مات زوج الرجعية في عدة الطلاق سقطت
واستأنفت عدة الوفاة عقيب موته وعنه تعتد
بأطولهما وإذا مات بعد عدة الطلاق لم يلزمها
عدة وفاة وعنه يلزمها إن كان الطلاق في المرض
وورثناها منه وكذلك من أبانها في المرض قبل
الدخول أو بعده فاعتدت ثم مات ولو مات في
العدة فعنه عليها عدة الوفاة فقط وعنه أطولهما
وهو الصحيح إلا التي لا نورثها كالأمة والذمية
ومن جاءت البينونة منها فلا يلزمها سوى عدة
الطلاق رواية واحدة وأما البائن في الصحة فلا
تنتقل بموته عن عدتها وإذا ارتابت المتوفى
عنها لظهور أمارة الحمل من حركات أو انتفاخ
بطن أو رفع حيض ونحوه قبل زوالها لم يصح وقيل
يصح إذا ظهرت الريبة بعد شهور العدة.
ولو ظهرت الريبة بعد تزوجها لم يفسد بذلك إلا
أن تأتي بعده بولد لدون ستة أشهر فيتبين
فساده.
الثالثة ذات الأقراء المفارقة في الحياة
فعدتها ثلاثة قروء مع حريتها أو حرية بعضها
وقرءان مع رقها والأقراء هي الحيض.
ولا تعتد بحيضة طلقت فيها وهل تباح للأزواج
وتمتنع الرجعة قبل غسلها من الحيضة الثالثة عل
روايتين وبقية الأحكام من قطع الإرث والطلاق
واللعان والنفقة وغيرها تحصل بانقطاع الدم
رواية واحدة وعنه الأقراء الأطهار فتعتد
(2/104)
ببقية الطهر
المطلق فيه قرءا فإذا طعنت في الحيضة الثالثة
أو في الثانية مع الرق حلت.
وأقل ما تنقضي به العدة بالأقراء إن قلنا هي
الحيض تسعة وعشرون يوما ولحظة للحرة وللأمة
خمسة عشر يوما ولحظة إن قلنا الطهر ثلاثة عشر
يوما وإن قلنا أقله خمسة عشر فثلاثة وثلاثون
يوما ولحظة للحرة وسبعة وعشرون يوما ولحظتان
للحرة وأربعة عشر ولحظتان للأمة إن قلنا أقل
الطهر ثلاثة عشر يوما وإن قلنا خمسة عشر يوما
فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان للحرة وستة عشر
ولحظتان للأمة.
ولو ولدت ثم طلقت فأقل ما تنقضي به العدة ما
ذكرناه مع زيادة أربعين يوما مدة النفاس.
وإذا ادعت المعتدة انقضاء عدتها بالأقراء أو
الولادة قبل قولها إذا كان ممكنا إلا أن تدعيه
بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة نص عليه
وقبله الخرقي مطلقا.
ولو اتفقا على وقت الحيض أو الولادة واختلفا
هل كان الطلاق قبله أم لا فالقول قوله كما في
العدة بالأشهر.
الرابعة من فارقها حيا ولا تحيض لإياس أو صغر
فعدتها ثلاثة أشهر حرة كانت أو أمة وعنه شهران
للأمة وعنه شهر ونصف والمعتق بعضها بحسابه.
وإذا حاضت الصغيرة في عدة الأشهر ابتدأت عدة
الأقراء وإذا قلنا هي الأطهار فهل يعد ما قبل
الحيض قراء على وجهين ومن أيست في عدة الأقراء
ابتدأت عدة آيسة فإذا أعتقت الأمة المعتدة بنت
على عدة أمة إلا الرجعية فإنها تنتقل إلى عدة
حرة.
الخامسة من ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه
فعدتها سنة تسعة أشهر
(2/105)
للحمل وثلاثة
لعدة الآيسة لكن تنقص الأمة منها شهرا أو سهرا
ونصفا على خلاف سبق وقيل تقعد للحمل أكثر مدته
ثم تعتد للأياس ولا تنتقض عدتها بعود الحيض
بعدها وقيل تنتقض ما لم تتزوج.
وعدة البالغة التي لم تر دم حيض ولا نفاس
والمستحاضة الناسية لوقتها ثلاثة أشهر وعنه
سنة فأما إن علمت أن لها حيضة في كل شهر أو
شهرين أو أربعين يوما ونحوه ونسيت وقتها
فعدتها ثلاثة أمثال ذلك نص عليه وذات التمييز
أو العادة تبنى عليهما.
ومن عرفت ما رفع حيضها من مرض أو رضاع ونحوه
فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به أو
تصير إلى الإياس فتعتد عدته.
السادسة امرأة المفقود تتربص أربع سنين من يوم
فقد إن فقد بغيبة ظاهرها الهلاك وإلا فتتمة
تسعين سنة من يوم ولد ثم تعتد فيهما للوفاة
وهل يفتقر ضرب المدة وعدة الوفاة إلى حاكم على
روايتين وعنه التوقف في أمره حتى يعلم موته
ويرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم فإذا حكم بالفرقة
نفذت ظاهرا لا باطنا بحيث لا تمنع طلاق
المفقود ويتخرج أن تنفذ باطنا فيمتنع طلاقه
وإذا تزوجت ثم قدم فالمنصوص ردها إليه إن لم
يدخل بها الثاني وإن كان دخل بها خير القادم
بين أخذها زوجة وبين تركها مع الثاني وأخذ
مهرها منه وهل قدره بما أمهرها الأول أو
الثاني على روايتين وفي رجوع الثاني به عليها
روايتان والأقيس أن تكون زوجة القادم بلا خيار
إلا أن نقول تنفذ الفرقة باطنا فتكون زوجة
الثاني بكل حال.
ومن مات أو طلق وهو غائب من زوجته فعدتها من
يوم مات أو طلق بالإحداد وعنه إن ثبت ذلك
ببينة أو كانت عدتها لوضع الحمل فكذلك وإلا
فعدتها من يوم بلغها الخبر.
(2/106)
وعدة الموطوءة
بشبهة أو زنا عدة المطلقة إلا الأمة غير
المزوجة فإنها تستبرأ بحيضة وعنه يكفي للزنا
استبرأ بحيضه.
وإن كان لهذه الموطوءة زوج أو سيد حرم وطؤها
عليه في هذه المدة وفي استمتاعه بها دون الفرج
وجهان.
وإذا وطئت المعتدة لنكاح فاسد أو شبهة سواء
تمت عدة الأولى ثم ابتدأت عدة الوطء فهل تنقطع
العدة بذلك حيث لا يحتسب منها مقامها عند
الثاني أم لا على وجهين وإن أتت بولد علم أنه
من أحدهما بعينه انقضت به عدتها منه ثم اعتدت
للآخر وكذلك إن لم يعلم وألحقته القافة
بأحدهما وإن ألحقته بهما انقضت به عدتها منهما
وللثاني أن ينكحها بشرط انقضاء العدتين وعنه
تحرم عليه في النكاح الفاسد أبدا.
ومن وطئت زوجته بشبهة ثم طلقها اعتدت منه ثم
أتمت للشبهة ويحتمل أن تتم للشبهة ثم تستأنف
له.
وإذا وطئ اثنان امرأة بشبهة لزمها عدتان ومن
وطئ معتدته البائن بشبهة استأنفت العدة لوطئه
ودخل فيها بقية الأولى ولو وطئها زنا أتمت
الأولى ثم ابتدأت للزنا.
وإذا طلقت الرجعية في عدتها أو فسخ نكاحها
فيها لخيار عتق أو غيره بنت على ما مضى منها
وإن زوجت ثم طلقت استأنفت العدة كما لو فسخت
بعد الرجعة لعتق أو غيره وعنه تبنى إذا لم
يطأها بعد الرجعة.
ولو نكح البائن منه في عدتها ثم طلقها فيها
قبل الدخول بنت وعنه يستأنف.
ويلزم المتوفي عنها الإحداد في العدة وإن كانت
ذمية أو صغيرة ولا يلزم الرجعية ولا الموطوءة
بشبعه أو نكاح فاسد أو ملك يمين وفي البائن
روايتين.
والإحداد تجنب الزينة والطيب والتحسين بالحناء
والخضاب والكحل
(2/107)
الأسود والحفاف
واسفيداج العرائس وتحمير الوجه ولبس الملون من
الثياب للتحسين كالأحمر ولاأصفر والأخضر
الصافي والأزرق الصافي ولا تحرم الثياب البيض
ولا الملون لرفع الوسخ كالكحلي والأسود وذكر
الخرقي أنها تجتنب النقاب.
وتجنب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه إلا
أن تدعو ضرورة إلى تحولها منه بأن يحولها
مالكه أو تخشى على نفسها فتنتقل إلى أقرب ما
يمكن ولها الخروج في حوائجها نهارا لا ليلا.
ومن أذن لها زوجها في السفر معه أو بدونه
للنقلة إلى بلد فمات قبل أن تفارق البيوت
لزمها العود إلى منزلها للعدة وإن مات بعد ذلك
خيرت بين البلدين ولو كان لغير النقلة لتجارة
وزيارة فمات بعد مسافة القصر خيرت بين البلدين
وإن مات بالقرب لزمها العود للعدة في منزلها
وإن كان السفر لحج وقد أحرمت به قبل موته أو
بعده فإن أمكنها العود إلى العدة في منزلها ثم
إدراك الحج لزمها العود كذلك مع موته بالقرب
مع البعد الحج فان رجعت منه وقد بقي شيء من
عدتها أتمته في منزلها وأما مع القرب فهل تقدم
العدة أو أسبقهما لزوما على روايتين وحيث تقدم
العدة تتحلل لفوات الحج بعمرة.
والمطلقة الرجعية في وجوب ملازمة منزلها يوم
الفرقة كالمتوفى عنها نص عليه وقيل هي كالزوجة
فأي وقت خرجت أو تحولت بإذنه جاز.
وأما المبتوتة فعنه أنها كالمتوفي عنها
والأشهر عنه أنه لا يلزمها العدة في منزل
طلاقها بل لها النقلة إلى غيره وإن تكررت لكن
هل لها البيتونة في غير المنزل الذي تكون فيه
من غير نقلة عنه أو السفر عن البلد أم لا على
روايتين هذا كله إذا لم يمنعها المطلق منه
فأما إن أراد إسكاتها في منزله ولا محذور فيه
أو في غيره مما يصلح لها تحصينا لفراشه لزمها
سواء وجبت لها السكنى أو لم تجب كما في
المستبرأة لعتق والمعتدة بشبهة أو نكاح فاسد.
(2/108)
باب الاستبراء
من ملك أمة توطأ عن صغير أو كبير أو رجل أو
لامرأة لم يحل له وطؤها ولا مقدماته حتى
يستبرئها وعنه تباح مقدماته في المسبية خاصة
وفي استبراء من لا يوطأ مثلها لصغرها روايتان.
ويجعل استبراء الحامل بوضع الحمل ومن تحيض
بحيضة كاملة والآيسة الصغيرة بمضي شهر وعنه
بمضي ثلاثة أشهر وعنه بشهرين وعنه بشهر ونصف
وإن ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه فبذلك بعد
تسعة أشهر وإن ارتفع لعارض انتظر عوده
المستبرئ به أو الإياس فتستبرئ بالمدة.
ومن رجعت إليه بالعجز فكاتبته أو ذات رحم محرم
منها ملكتها في الكتابة أو فك أمته من رهن أو
أسلم هو أو هي بعد ردة أو اشترى عبده التاجر
أمة ثم أخذها منه وقد حضن قبل ذلك لم يلزمه
لذلك استبراء وإن استبرأ من مكاتبة أمه أو
رجعت إليه لعجزه فوجهان أصحهما وجوب
الاستبراء.
وإن أسلمت أمته المجوسية أو الوثنية فوجهان
أصحهما الاستبراء لذلك ومن زوج أمته فطلقت قبل
الدخول لم يلزمه استبراء لذلك وكذلك بعد
الدخول بل تعتد فقط.
وإن اشترى أمة مزوجة فطلقت قبل الدخول لزمه
الاستبراء وأما بعده فقيل يلزمه بعد العدة
وقيل يدخل فيها.
ومن اشترى زوجة له أو معتدة منه بدون الثلاث
فله وطؤها في عدتها فإن باعها فمتى تحل
للمشتري فيه الوجهان.
ويجزئ استبراء من ملكها بشراء أو وصية أو
غنيمة أو غيرها قبل القبض وعنه لا يجزئ إلا في
الموروث وقيل لا يجزئ في الجميع ويكفي قبض
الوكيل على الأصح.
(2/109)
ومن اشتريت
بشرط الخيار فهل يجزئ استبراؤها إذا قلنا بنقل
الملك على وجهين.
ومن باع أمة ثم رجعت إليه بإقالة أو فسخ حيث
انتقل الملك لزمه استبراؤها وعنه لا يلزمه إذا
لم تقبض منه أو اشتراها منه امرأة ولو فسخ
لخيار شرط وقلنا يمنع نقل الملك لم يلزمه
استبراء وإن قبضت منه.
ومن وطئ أمته ثم أراد بيعها لم يلزمه
استبراؤها وعنه يلزمه لكن يصح البيع بدونه
وعنه يلزمه ويفسد البيع بدونه.
ومن أراد تزويج سريته لزمه استبراؤها ولم يصح
العقد بدونه وعنه يصح ولكن لا يطأ الزوج قبله.
ومن اشترى أمه فأراد قبل الاستبراء أن يزوجها
مع الرق أو بعد العتق أو يتزوجهما بعد عتقها
لم يجز ذلك بحال لكن هل يؤثر ذلك في فساد
العقد أو تختص بمنع الوطء على روايتين وعنه له
تزويجها من غيره إذا كان بائعها قد استبرأها
أو لم يكن يطؤها وهو الأصح.
ومن أعتق أم ولده أو سريته أو مات عنها لزمها
استبراء نفسها إلا أن تكون معتدة أو مزوجة ولا
يلزمها استبراء فان مات زوجها وسيدها وجهل
أسبقهما لزمها بعد موت آخرهما عدة حرة للوفاة
فقط بلا استبراء إلا أن يعلم أن ما بين موتهما
فوق شهرين وخمسة أيام أو يجهل المدة فيلزمها
الأطول منهما وعنه لا يلزمها سوى عدة حرة
للوفاة مطلقا.
وإذا اشترك رجلان في وطء أمة لزمها استبراءان.
ومن باع أمة بعد إقراره بوطئها ولم يستبرئها
فأتت بولد لدون ستة أشهر من حين البيع لحقه
نسبه والبيع باطل وكذلك إن أتت به لأكثر من
ستة أشهر إلا أن يدعي المشتري أنه منه فيعرض
على القافة أو يدعي استبراء وتأتي به لستة
أشهر من بعده فيكون عبدا له إن لم يعترف به.
(2/110)
وإن استبرأ ثم
باع فولدته لدون ستة أشهر من حين الاستبراء
لحقه ولو ولدت بعد ستة أشهر من الاستبراء لم
يلحقه إلا أن يدعيه ويصدقه المشتري ولو لم يكن
أقر بوطئها حتى باع لم يلحقه الولد بحال إلا
أن يدعيه ويصدقه المشتري وقيل يلحقه نسبه
بدعواه في المسألتين إذا لم يدعه المشتري وكذا
امتنع كونه عبدا.
(2/111)
|