الهداية
على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني كِتَابُ السَّبْقِ والنِّضَالِ
المُسَابَقَةُ بِعِوَضٍ جُعَالة في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ يَجُوزُ فَسْخُهَا
والامْتِنَاعُ منْهَا والزِّيَادَةُ فِيْهَا ولاَ يَأْخُذُ مِنْها رَهْناً
عَيْناً وفي الوَجْهِ الآخَرِ: هِيَ كَالإِجَارَةِ لا يَجُوزُ فَسْخُهَا
ولا الامْتِنَاعُ مِنْ تَمَامِهَا ولا الزِّيَادَةُ يَدْخُلُهَا الرَّهْنُ
والضَّمَانُ (6)، ولاَ يَجُوزُ إلاَّ عَلَى الخَيْلِ والإِبِلِ
__________
(1) وَالصَّحِيح من المذهب المنصوص عن الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ -: أنه
يستحق أجرة مثله في ذلك. الإنصاف 6/ 393.
(2) في الأصل: ((باثنا عشر)).
(3) هَذَا المذهب. قَالَ في الرعاية، وشرح الحارثي، وغيرهما: وسواء كَانَ
يساويهما أو لا، وسواء كَانَ زوجاً أو ذا رحم في عيال المالك أو لا، قَالَه
الحارثي. وجزم بِهِ في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع وغيرهم. الإنصاف 6/ 394.
(4) انظر: الإنصاف 6/ 394 - 395.
(5) روي هَذَا عن عُمَر وعلي وابن مسعود، وبه قَالَ شريح وعمر بن عبد
العزيز ومالك وأصحاب الرأي، وَقَدْ روي عن أحمد أنه لَمْ يَكُنْ يوجب
ذَلِكَ. قَالَ ابن منصور: سئل أحمد بن حَنْبَل عن جُعَلِ الآبق فَقَالَ: لا
أدري قَدْ تكلم الناس فيه لَمْ يَكُنْ عنده فِيهِ حَدِيث صَحِيْح، فظاهر
هَذَا أَنَّهُ لا جُعْلَ لَهُ فِيهِ وَهُوَ ظاهر قَوْل الخرقي فإنه قَالَ:
وإذا أبق العبد فلمن جاء بِهِ إلى سيده مَا أنفق عليه وَلَمْ يذكر جعلاً،
وهذا قَوْل النخعي والشافعي وابن المنذر؛ لأَنَّهُ عمل لغيره عملاً من
غَيْر أن يشرط لَهُ عوضاً، فلم يستحق شيئاً كَمَا لَوْ رد جمله الشارد.
المغني 6/ 355.
(6) في المخطوطة: ((الضمين))، صححت من كِتَاب الهادي: 124.
(1/302)
والسِّلاَحِ ذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ. وأمَّا
المُسَابَقَةُ بِالأَقْدَامِ والبِغَالِ والحَمِيْرِ والفِيَلَةِ
والطُّيُورِ والرِّمَاحِ والمَزَارِيْقِ (1) والسِّمَّارِيَّاتِ
والمُصَارَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ (2)، ولاَ يَجُوزُ بِعِوَضٍ، ولا تَجُوزُ
المُسَابَقَةُ بَيْنَ جِنْسَيْنِ (3)، كَالإِبِلِ والخَيْلِ، ولاَ عَلَى
نَوْعَيْنِ عَرَبِيٍّ وهَجِيْنٍ (4) (5)، ويُتَخَرَّجُ الجَوَازُ بِنَاءً
عَلَى تَسَاوِيْهِمَا فِي السَّهْمِ (6)، ولا بُدَّ مِنْ تَعْيِيْنِ
الفَرَسَيْنِ وتَحْدِيْدِ المَسَافَةِ (7) وَالسَّلَمِ بِالعِوَضِ، فَإِنْ
كَانَ العِوَضُ مِنَ الإِمَامِ أو مِنْ أَحَدِ المُتَسَابِقَيْنِ أو مِنْ
آحَادِ الرَّعِيَّةِ عَلَى أنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا أَخَذَهُ جَازَ (8)،
فَإِنْ جَاءا مَعاً فَلاَ شَيءَ لَهُمَا (9)، فَإِنْ كَانَ مِنَ
المُتَسَابِقَيْنِ عَلَى مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا أَحْرَزَ الْجَمِيْعَ لَمْ
يَجُزْ حَتَّى يُدْخِلاَ مَعَهُمَا مُحَلَّلاً يُكَافِئُ فَرَسَهُ
فَرَسَيْهِمَا ورَمْيَهُ رَمْيَهُما، فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَحْرَزَ
سَبْقَيْهِمَا، وإِنْ سَبَقَاهُ لَمْ يَأْخُذَا
__________
(1) المزاريق: جمع مزراق وهو الرمح القصير. انظر: الروض المربع 2/ 332،
والمبدع 5/ 120.
(2) قَالَ المرداوي: وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب وقطع بِهِ كثير منهم.
وقال الآمدي: يجوز في ذلك كله إلا بالحمام، وَقِيلَ: لا بالحمام والطير.
وَقَالَ في الرعاية الكبرى: ويصح السبق بلا عوض عَلَى أقدام وبغال وحمير.
وقيل: وبقر وغنم وطيور ورماح وحراب ومزاريق وشخوت ومناجيق ورمي أحجار وسفن
ومقاليع. انظر: الإنصاف 6/ 89.
(3) لأن تفاضل الجنسين معلوم. الكافي 2/ 337.
(4) فِي الأصل: ((والهجين)).
(5) وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. وجزم بِهِ في المحرر والوجيز
والمنور وغيرهم. وقدمه في المهذب، والمستوعب والخلاصة والفروع والنظم
والزركشي وغيرهم. ويحتمل الجواز، وَهُوَ وجه اختاره القاضي. ذكره في الفائق
وأطلقهما في المغني والشرح والفائق.
قَالَ في الترغيب: وتساويهما في النجابة والبطالة وتكافئهما. انظر: الإنصاف
6/ 91 - 92.
(6) يشترط في المسابقة بالحيوان تحديد المسافة، وأن يكون لابتداء عدوهما
وآخره غاية لا يختلفان فيها؛ لأن الغرض معرفة أسبقهما ولا يعلم ذلك إلا
بتساويهما في الغاية؛ لأن أحدهما قَدْ يَكُون مقصراً فِي أول عدوه سريعاً
فِي انتهائه وبالعكس فيحتاج إِلَى غاية تجمع حالتيه ومن الخيل مَا هُوَ
أصبر والقارح أصبر من غيره. الشرح الكبير 11/ 133.
(7) ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي. انظر: الشرح الكبير 11/ 132.
(8) وجملة ذلك: أن المسابقة إذا كانت بين اثنين أو حزبين لَمْ يخل إمّا أن
تكون منهما أو من غيرهما فإن كَانَ من غيرهما وكان من الإمام جاز سَوَاء
كَانَ من ماله أو من بيت المال؛ لأن فِي ذَلِكَ مصلحةً وحثاً عَلَى تعلم
الْجِهَاد ونفعاً للمسلمين، وإن كَانَ غَيْر الإمام فله بذل العوض من ماله،
وبه قَالَ أبو حَنِيْفَة والشافعي وَقَالَ مَالِك: لا يجوز؛ لأن هَذَا
مِمَّا يحتاج إليه في الجهاد فاختص بِهِ الإمام كتولية الولايات وتأمير
الأمراء.
الشرح الكبير 11/ 134.
(9) لأنه لَمْ يوجد الشرط الَّذِي يستحق بِهِ الجعل في واحد منهم.
(1/303)
مِنْهُ شَيْئاً (1)، وأَخَذَ كُلُّ واحِدٍ
مِنْهُمَا سَبْقَ صَاحِبِهِ، وإِنْ سَبَقَ أحَدُهُمَا أَحْرَزَ
السَّبْقَيْنِ، فَإِنْ سَبَقَ مَعَ المُحَلِّلِ أَحْرَزَ سَبْقَ نَفْسِهِ
ويَكُونُ السَّبْقُ المُتَأَخِّرِ بَيْنَهُ وبَيْنَ المُحَلِّلِ
نِصْفَيْنِ، فَإِنْ قَالَ الإِمَامُ: مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَشرَةٌ، ومَنْ
صَلاَ فَلَهُ كَذلِكَ لَمْ تَصِحَّ المُسَابَقَةُ، فَإِنْ قَالَ: مَنْ
صَلاَ فَلَهُ خَمْسَةٌ صَحَّتِ المُسَابَقَةُ، وإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ
سَبَقَ مِنْهُمَا أَطْعَمَ السَّبْقُ أَصْحَابَهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ،
وهَلْ تَبْطُلُ المُسَابَقَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ،
والآخَرُ: تَصِحُّ، ويُمَلَّكُ السَّبْقُ فَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَهُ، وإِنْ
شَاءَ أَحْرَزَهُ.
والسَّبْقُ في الخَيْلِ أَنْ تَسْبَقَ أَحَدُهُمَا (2) بالرَّأْسِ إِذَا
تَمَايلَتْ الهَوَادي - وَهِيَ الأَعْنَاقُ -، فَإِنِ اخْتَلَفَا في طُوْلِ
العُنُقِ أو كَانَ ذَلِكَ في /191 و/ الإِبِلِ اعْتُبِرُ السَّبْقُ
بِالكَامِلِ - وَهُوَ الكَتِفُ -.
وإِذَا هَلَكَ أَحَدُ المَرْكُوبَيْنِ قَبْلَ الغَايَةِ بَطَلَ العَقْدُ،
فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ قَامَ وَارِثُهُ مُقَامَهُ، فَإِنْ
عُدِمَ الوَارِثُ اسْتَأْجَرَ الحَاكِمُ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ وَلَيْسَ
لأَحَدِ المُتَسَابِقَيْنِ أَنْ يُجَنِّبَ مَعَ فَرَسِهِ فَرَساً
يُحَرِّضُهُ عَلَى العَدْوِ ولاَ يَرْكُضُ، ولاَ يَصِحُّ بِهِ (3).
بَابُ المُنَاضَلَةِ (4)
يُشْتَرَطُ في المُنَاضَلَةِ إِخْرَاجُ العِوَضِ (5) عَلَى مَا ذَكَرْنَا
في الخَيْلِ، ولاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِتَعْيِيْنِ الرُّمَاةِ (6) سَوَاءٌ
كَانَا اثْنَيْنِ أَو جَمَاعَةً. ولاَ يَصِحُّ إِلاَّ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ
الرَّعْيَ، فَإِنْ كَانَ في
__________
(1) وبهذا قَالَ سعيد بن المسيب والزهري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي،
وحكى أشهب عن مَالِك أنه قَالَ في المحلل: لا أحبه. الشرح الكبير 11/ 136.
(2) الكلمة في المخطوطة غَيْر واضحة.
(3) المحرر في الفقه 1/ 359. قَالَ المرداوي في الإنصاف 6/ 96: هَذَا
المذهب - أعني: فعل ذَلِكَ محرم - وعليه جماهير الأصحاب. وقطع بِهِ أكثرهم.
وَقَالَ ابن رزين في مختصره: يكرهان. وفسر القاضي الجنب: بأن يجنب فرساً
آخر معه، فإِذا قصر الركوب ركب المجنوب.
(4) وَهِيَ المسابقة في الرمي بالسهام، والمناضلة مَصْدَر ناضلته نضالاً
ومناضلة، وسمي الرمي نضالاً؛ لأن السهم التام يُسَمَّى نضلاً، فالرمي بِهِ
عمل بالنضل فسمي نضالاً ومناضلة مِثْل قاتلته قتالاً ومقاتلةً، وجادلته
جدالاً ومجادلةً. المغني 11/ 139.
(5) قَالَ الزركشي في شرحه 4/ 321: لا نزاع في جعل العوض في المسابقة من
الإمام لما في ذَلِكَ من الحث عَلَى تعلم الجهاد والنفع للمسلمين، وكذلك
يجوز عندنا جعله من غَيْر المتسابقين نظراً لما فيه من المصلحة، فأشبه شراء
السلاح والخيل لِذلِكَ، ويجوز أيضاً عندنا جعله من أحد المتسابقين، وما
يجدر التنبيه عليه إن شرط العوض أن يَكُون معلوماً بالمشاهدة، أو بالقدر
والصفة.
(6) فظاهره عدم بطلان العقد؛ لقوله: ((ولهم الفسخ)) وهو الصَّحِيح من
المذهب، وَعَلَيْهِ أكثر الأصحاب، وصححه في النظم وغيره. الإنصاف 6/ 97.
(1/304)
الحِزْبَيْنِ مَنْ لاَ يُحْسِنُ الرَّمْيَ
بَطَلَ العَقْدُ فِيهِ وأُسْقِطَ مِنَ الحِزْبِ الآخَرِ بِإِزَائِهِ إِنِ
اخْتَارَ البَاقُونَ، وإِنِ اخْتَارُوا الفَسْخَ فَسَخُوا (1)، ولاَ
يَصِحُّ إلاَّ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الرَّشْقِ مَعْلُوماً وإصابةً معلومةً،
وإِنْ يَصِفَا الإِصَابَةَ فَيَقُولا حَوَابِي: وَهُوَ مَا وَقَعَ بَيْن
يَدَي الغَرَضِ وحَبا إِلَيْهِ فَأَصَابَهُ، أَو خَوَاصِرَ: وَهُوَ مَا
كَانَ في جَانِبَي الغَرَضِ (2)، أو خوَاسِقَ: وَهُوَ مَا فَتَحَ الغَرَضَ
وثَبَتَ فِيهِ (3)، أو خَوارِقَ: وَهُوَ مَا خَرَقَ الغَرَضَ وَلَمْ
يَثْبُتْ فِيهِ، أو حَوَاصِلَ: وَهُوَ اسْمٌ للإِصَابَةِ عَلَى أَيِّ
صِفَةٍ كَانَتْ.
ومِنْ صِفَاتِ الإِصَابَةِ:
مَوَارِقُ: وَهِيَ الَّتِي تُنْفِذُ الغَرَضَ، وخَوَارِمُ: وَهِيَ الَّتِي
تَخْرُمُ الغَرَضَ، وَلَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ المُنَاضَلَةِ، وأَنْ
يَكُونَ الَّذِي بَيْنَ الغَرَضَيْنِ مَعْلُوماً مُقَدَّراً بما جَرَتْ
بِهِ العَادَةُ مِنْ مِئَتَي ذِرَاعٍ (4) إِلَى ثلاثِ مئة ذراع، فَإِنْ
قَالاَ السَّبْقَ لأَبْعَدِنَا رَمْياً مِنْ غَيْرِ تَقْدِيْرٍ لَمْ
يَصِحَّ (5)، ولاَ بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ طُوْلِ الغَرَضِ وعَرْضِهِ
وسُمْكِهِ وارْتِفَاعِهِ مِنَ الأَرْضِ ومَعْرِفَةِ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ
مُنَاضَلَةٌ أو مُحَاطَّةٌ أو مُبَادَرَةٌ.
فَالمُنَاضَلَةُ: اشْتِرَاطُ إِصَابَةِ عَدَدٍ مِنْ عدَدِ فَوْقِهِ
كإِصَابَةِ عَشرَةٍ مِنْ عِشْرِيْنَ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا (6)
مِنْهُمَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا في الإِصَابَةِ أَحْرَزَا سَبْقَهُمَا،
فَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا تِسْعَةً والآخَرُ عَشرَةً أو أَكْثَرَ فَقَدْ
نَضَلَهُ.
والمُحَاطَّةُ: أَنْ يَشْتَرِطَا حَطَّ مَا يَتَسَاوَيَانِ فِيهِ مِنَ
الإِصَابَةِ في رَشْقٍ مَعْلُومٍ، وإِذَا فَصَلَ أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةٍ
مَعْلُومَةٍ فَقَدْ سَبَقَ صَاحِبَهُ، بَيَانُهُ أَنْ يَجْعَلَ الرِّشْقَ
عِشْرِيْنَ ثُمَّ يُسْقِطَا (7) مَا يَتَسَاوَيَانِ فِيهِ مِنَ
الإِصَابَةِ، ويُفَضِّلُ لأَحَدِهِمَا خَمْسَةً أو ثَلاَثَةً أو مَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا ينْقصَانِ عَلَيْهِ.
__________
(1) هكذا قَالَ أكثر الأصحاب. وقدمه في الرعاية الكبرى. الإنصاف 6/ 98.
(2) فَلا يصح مَعَ الإبهام؛ لأن الغرض مَعْرِفَة حذق الرامي بعينه لا
مَعْرِفَة حذق رامٍ في الجملة. المغني 11/ 141.
(3) ومنه قِيلَ: الخاصرة؛ لأنها في جانب الإنسان.
(4) لأن الإصابة تَخْتَلِف بقربها وبعدها ومهما اتفقا عَلَيْهِ جاز لا أن
يجعلا مسافة بعيدة تتعذر الإصابة في مثلها وَهُوَ مَا زاد عَلَى ثلاث مئة
ذراع فَلا يصح؛ لأن الغرض يفوت بِذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ: إنه مَا رمى إلى
أربع مئة ذراع إلا عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه -. المغني 11/ 140.
(5) لأن الغرض من الرمي الإصابة لاَ بُعد المسافة، فإن المقصود من الرمي
إما قتل العدو أو جرحه أو الصيد أو نحو ذَلِكَ وكل هَذَا إنما يحصل من
الإصابة لا من الأبعاد. المغني 11/ 141.
(6) في المخطوطة: ((يستوفيان)).
(7) في المخطوط: ((يسقطان)).
(1/305)
فَأَمَّا المُبَادَرَةُ: فَأَنْ يَشْتَرِطَا (1) إِصَابَةً مَعْلُومَةً
مِنَ الرَّشْقِ فَأَيُّهُمَا بَدَرَ إِلَيْهَا مَعَ تَسَاوِيْهِمَا في
الرَّمْيِ /192 ظ/ فَقَدْ سَبَقَ ولاَ يَلْزَمُ إِتْمَامَ الرَّشْقِ بيانُه
إِنْ يَشْتَرِطَا أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلى خَمْسِ إِصَابَاتٍ مِنْ عِشْرِيْنَ
رَمْيَةً، فَيَرْمِي كُلُّ وَاحِدٍ عَشرَةً فَيُصِيْبُ أَحَدُهُمَا
خَمْسَةً، والآخَرُ أَرْبَعَةً؛ فيَكُونُ الأَوَّلُ سَابِقاً، ولاَ
يَفْتَقر في النِّضَالِ إلى تَعْيِيْنِ القَوْسِ والسِّهَامِ إِذَا كَانَا
مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَأَمَّا إِنْ تَنَاضَلاَ عَلَى أَنْ يَرْمِيَ
أَحَدُهُمَا عَنْ قَوْسٍ عَرَبِيٍّ، والآخَرُ عَنْ قَوْسٍ فَارِسِيٍّ لَمْ
يَصِحَّ العَقْدُ، ولاَ بُدَّ مِنْ تَعْيِيْنِ المُبْتَدِئِ بالرَّمْيِ،
فَإِنْ أَطْلَقَا ثُمَّ تَرَاضَيا بَعْدَ العَقْدِ جَازَ، وإِنْ تَشَاحَّا
أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وقَالَ شَيْخُنا: يُقَدَّمُ مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ
بِإِخْرَاجِ السَّبْقِ.
والسُّنَّةُ في النِّضَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا غَرَضَانِ، فَإِذَا بَدَأَ
أَحَدُهُمَا بِغَرَضٍ بَدَأَ الآخَرُ بِالثَّانِي، وإِذَا عَرَضَ
لأَحَدِهِمَا عَارِضٌ مِنْ قَطْعِ وَتَرٍ أو كَسْرِ قَوْسٍ أو هُبُوبِ
رِيْحٍ شَدِيْدَةٍ تَرُدُّ السَّهْمَ عَرْضاً لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ
بذَلِكَ السَّهْمُ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ النِّضَالُ، وإِنْ
عَرَضَ ظُلْمَةٌ أو مَطَرٌ جَازَ تَأْخَيْرُ الرَّمْيِ، وإِنْ أَطَارَتِ
الرِّيْحُ الغَرَضَ فَوَقَعَ السَّهْمُ في مَوْضِعِهِ، فَإِنْ كَانَ
شَرْطُهُمُ الإِصَابَةُ احْتُسِبَتْ لَهُ، وإِنْ [كَانَ] (2) شَرَطُهُمْ
خَوَاسِقَ أو خَوَارِقَ لَمْ يُحْتَسَبْ، ويُكْرَهُ للأَجِيْرِ والشُّهُودِ
مَدْحُ أَحَدِ المُتَنَاضِلَيْنِ وَزَهْزَهَتُهُ؛ لأَنَّ فِيهِ كَسْرَ
قَلْبِ صَاحِبِهِ. |