الهداية
على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني كِتَابُ النِّكَاحِ
بَابٌ في مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ
النِّكَاحُ وَاجِبٌ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الزِّنَا، فإنْ لَمْ
يَخَفْ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، إحداهمَا: يَجِبُ أيضاً وَهِيَ اخْتِيارُ
أبي بَكْرٍ (1)، والأُخْرَى: يُسْتَحَبُّ (2) فَعَلى هذهِ الرِّوَايَةِ
التَّشَاغُلُ بهِ أفْضَلُ مِنَ التَّشَاغُلِ بِنَفْلِ العِبَادَةِ،
ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ التَّشَاغُلُ بِنَفْلِ العِبَادَةِ أفْضَلُ مِنْهُ
(3)، ويُسْتَحَبُّ لهُ تَخَيُّرُ الحَسِيْبَةِ الأجْنَبِيَّةِ البِكْرِ،
وأنْ تَكُونَ مِنْ نِسَاءٍ يُعْرَفْنَ بِكَثْرَةِ الوِلادَةِ، والأَوْلَى:
أنْ لا يَزِيْدَ عَلَى امْرَأَةٍ واحِدَةٍ (4)، ويَجُوزُ لِمَنْ أرَادَ أنْ
يَتَزَوَّجَ بامْرَأةٍ أنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجهِهَا، وعنهُ (5): أنَّهُ
يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى ما يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِباً: كالوَجْهِ
والرَّقَبَةِ واليَدَيْنِ والقَدَمَينِ إِذَا أمِنَ مِنْ ثَوَرَانِ
الشَّهْوَةِ، ويَجُوزُ لهُ النَّظَرُ إِلَى مِثْلِ ذلكَ مِنَ الأمَةِ
المُسْتَامَةِ (6)، ويَزِيدُ عَلَيْهِ النَّظَرُ / 254 ظ / إلَى رَأْسِهَا
وسَاقَيْهَا وَكَذَلِكَ النَّظَرُ إِلَى ذَوَاتِ المَحَارِمِ (7) وعنهُ (8)
لا يَجُوزُ أنْ يَنْظُرَ مِنْ ذَوَاتِ المَحَارِمِ إلاَّ إِلَى الوَجهِ،
وفي الكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ (9).
__________
(1) وحَكَاهُ عن الإمام أحمد.
انظر: المغني 7/ 334، وشرح الزركشي 3/ 111.
(2) اختارها الْقَاضِي.
انظر: شرح الزركشي 3/ 111.
(3) قَالَ المرداوي في الإنصاف 8/ 15: ((قَالَ أبو يعلى الصغير: لا يَكُوْن
التشاغل أفضل من التخلي إلا إِذَا قصد بِهِ المصالح المعلومة أما إِذَا
لَمْ يقصدها فَلاَ يَكُوْن أفضل. وَعَنْهُ: التخلي لنوافل العبادة أفضل،
كَمَا لَوْ كَانَ معدوم الشهوة. حكاها أبو الْحُسَيْن في التمام، وابن
الزاغوني واختارها ابن عقيل في المفردات. وَهِيَ احتمال في الهداية ومن
تابعه)).
(4) قَالَ المرداوي في الإنصاف 8/ 16: ((قال ابن خطيب السلامية: جمهور
الأصحاب استحبوا أن لا يزيد عَلَى واحدة، قَالَ ابن الجوزي: إلا أن لا تعفه
واحدة، وَقِيْلَ المستحب اثنان كَمَا لَوْ لَمْ تعفه وَهُوَ ظاهر كلام أحمد
- رَحِمَهُ اللهُ -)).
(5) انظر: المغني 7/ 454، الإنصاف 8/ 18.
(6) انظر: المغني 7/ 461، الإنصاف 8/ 19.
(7) انظر: الإنصاف 8/ 20.
(8) انظر: الإنصاف 8/ 20.
(9) نقل صالح: أن ينظر إِلَى الوجه ولا يَكُوْن عَلَى طريق التلذذ؛ لأن
القصد من النظر ليتأمل المحاسن والوجه مجمع المحاسن فيجب أن يكتفي
بِذَلِكَ، وصححه الْقَاضِي.
ونقل حنبل أنَّهُ يجوز النظر إِلَى الوجه واليد والقدمين والجسم وظاهر
هَذَا أن ينظر إِلَيْهَا والى ما يدعوه إِلَى نكاحهما وَهُوَ اختيار
الخِرَقِيّ، وظاهر رِوَايَة حرب ومحمد بن أبي حرب الجرجاني أن الكفين ليستا
بعورة. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 110/أ-ب، والمغني 7/ 453 - 454،
الإنصاف 8/ 17 - 19.
(1/381)
ولا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ النَّظَرُ إلاَّ
أنْ يَكُوْنَ شَاهِداً فَيَنْظُرَ إِلَى وَجْهِ المَشْهُودِ عَلَيْهَا، أو
مُبْتاعاً فَيَنْظُرَ إِلَى وَجْهِ البائِعَةِ، أو طَبِيباً فيَنْظُرَ
إِلَى ما تَدْعُو الحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ مِنْ بَدَنِهَا أو صَبِيّاً
مُمَيِّزاً لا شَهْوَةَ لهُ فَيَنْظُرَ [إِلَى ما عَدا مَا بَيْنَ
السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ] (1)، فإنْ كانَ لهُ شَهْوَةٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ
ذِي المحرمِ في النَّظَرِ، وعنهُ: إنَّهُ كالأجْنَبِيِّ (2)، أو يَكُوْنُ
عَبْداً فَيَنْظُر من مَولاتِهِ إِلَى الوجْهِ والكَفَيْنِ لِلْحَاجَةِ،
وسَوَاءٌ في ذلكَ الفَحْلُ والمَجْبُوبُ (3) والشَّيْخُ والعِنِّينُ (4)
والمُخَنَّثُ، فأمَّا المَمْسُوخُ الخَصِيُّ فَظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ -
رَحِمَهُ اللهُ - أنَّهُ كَذَلِكَ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُبَاحَ لهُ مِنَ
النَّظَرِ ما يُبَاحُ لِذَوِي مَحَارِمِهَا (5).
فأمَّا المَرأةُ الكَافِرَةُ فهِيَ في حَقِّ المُسْلِمَةِ كالأجْنَبِيِّ
نَصَّ عَلَيْهِ (6)، وعنهُ (7) أنَّها كالمُسْلِمَةِ وحُكْمُ المُسْلِمَةِ
معَ المُسْلِمَةِ والرَّجُلَ معَ الرَّجُلِ جَوَازُ النَّظَرِ إِلَى ما
عَدَا ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ، ويحرمُ النَّظَرُ إِلَى الأمْرَدِ
معَ الشَّهْوَةِ (8) ويُبَاحُ مَعَ عَدَمِهَا (9). فإنْ خَافَ ثَوَرَانَ
الشَّهْوَةِ احْتَمَلَ وَجْهَينِ (10).
ويحرمُ عَلَى المَرْأةِ أنْ تَنْظُرَ من الرَّجُلِ ما يحرمُ عَلَيْهِ أنْ
يَنْظُرَ مِنها، وعنهُ أنَّهُ يَجُوزُ لَها أنْ تَنْظُرَ منهُ ما لَيسَ
بِعَوْرَةٍ (11)، ويَجُوزُ لِكُلِّ وَاحدٍ مِنَ الزَّوْجَينِ أنْ يَنْظُرَ
إِلَى جَمِيعِ جَسَدِ الآخَرِ ويلمسه، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَ
سُرِّيَّتِهِ (12).
ولا يَجُوزُ لأحَدٍ أنْ يعرضَ بخِطْبَةِ الرَّجْعِيَّةِ، ويَجُوزُ ذلكَ في
عِدَّةِ الوَفَاةِ، وهلْ يَجُوزُ
__________
(1) في الأصل: ((إِلَى ما بَيْنَ السرة والركبة)) وما أثبتناه من الهادي:
156، وانظر: المغني: 7/ 458، والمقنع: 206، والإنصاف 8/ 23.
(2) انظر: الهادي: 156، الإنصاف 8/ 23.
(3) المجبوب: المقطوع الخصية والمذاكير. انظر: معجم مَتْن اللغة 1/ 465
(جبب).
(4) العنّة: عجز يصيب الرَّجُل فَلاَ يقدر عَلَى الجماع. جمع عنن وعنان.
انظر: المعجم الوسيط 633.
(5) انظر: الهادي: 156.
(6) انظر: الهادي: 156.
(7) انظر: الإنصاف 8/ 24.
(8) انظر: المغني 7/ 463، الإنصاف 8/ 25.
(9) قَالَ ابن قدامة: ((فإنْ نظرت المرأة إِلَى فرج رَجُل لشهوة فحكمه في
التحريم حكم نظره إِلَيْهَا نَصَّ عَلَيْهِ أحمد؛ لأنَّهُ معنى يوجب
التحريم فاستوى فِيْهِ الرجل والمرأة كالجماع وَكَذَلِكَ ينبغي أن يَكُوْن
حكم لمسها لَهُ وقبلتها إياه لشهوة)). المغني 7/ 488.
(10) انظر: الإنصاف: 8/ 29.
(11) انظر: المغني 7/ 465، الإنصاف 8/ 25.
(12) وَهِيَ الجارية المملوكة. انظر: المعجم الوسيط: 427.
(1/382)
في عِدَّةِ البَائِنِ؟ عَلَى وَجهَينِ (1).
والتَّعْرِيضُ أنْ يَقُولَ: إنِّي في مِثْلِكِ لَرَاغِبٌ وَإِذَا انْقَضَتْ
عِدَّتُكِ فأعْلِمِينِي، وتُجِيبَهُ: ما يرغبُ عنكَ وإنْ قُضِيَ شَيءٌ
كانَ. وما أشْبَهَ ذلكَ، وَإِذَا جَرَتِ الإجَابَةُ مِنهَا حُرِّمَ عَلَى
غَيْرِهِ خِطْبَتَهَا، وإنْ حَصَلَ الرَّدُّ أُبيحَ لِغَيْرِهِ خِطْبَتهَا،
وإنْ لمْ يعلمْ هلْ أجَابَتْ أمْ لا فَهَلْ تُبَاحُ الخِطْبَةُ عَلَى
وَجْهَينِ (2).
والتَّعْوِيلُ في الإجَابَةِ والرَّدِّ عَلَى المَرأةِ إنْ لمْ تَكُنْ
مُجْبَرةً، وعلى الوَلِيِّ إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً. ويُسْتَحَبُّ عَقْدُ
النِّكَاحِ في يَومِ الجُمعَةِ، والمَسَاءُ بِهِ أوْلَى، ويُسَنُّ أن
يَخْطِبَ ثُمَّ يَقَعَ التَّوَاجبُ عقيبَ الخِطْبَةِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ
بينَ أنْ يَعْقِدَ لِنَفْسِهِ أو يوكلَ مَنْ يَعقدُ لهُ. ولا يوكلُ إلاَّ
مَنْ يَصِحُّ أنْ يقبلَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ، فإنْ وَكَّلَ عَبْداً جَازَ
وإنْ وَكَّلَ صَبِيّاً مُمَيِّزاً فَهَلْ يَصِحُّ أم لا؟ عَلَى وجهينِ (3).
وَإِذَا وقع العَقْدُ اسْتُحِبَّ أنْ يُقَالَ لهُ: ((بارَكَ اللهُ لَكَ /
255 و / وبَارَكَ عليكَ، وجَمَعَ بَيْنَكُمَا في خَيْرٍ وعَافِيَةٍ)) (4).
وإذا زُفَّتْ إِلَيْهِ قَالَ: ((اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ خَيْرَهَا،
وخَيْرَ ما جَبِلْتَهَا عَلَيْهِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ ما
جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ)) (5).
__________
(1) انظر: المقنع: 207، الهادي: 157، الإنصاف: 8/ 35.
(2) الأول: يجوز وَهُوَ ظاهر ما نقله الميموني، والثاني: لا يجوز.
انظر: الإنصاف 8/ 37.
(3) قَالَ ابن مَنْصُوْر: لا ولاية لصغير ولا لمعتوه لأنَّهُ غَيْر بالغ
فأشبه الطفل الَّذِي لَيْسَ بمميز، ونقل صالح إِذَا بلغ عشر سنين يزوج
ويتزوج ويطلق ويوكل في الطلاق وذكر هَذَا أبو بكر في زاد المسافر لأنَّهُ
في هَذِهِ الحالة تصح وصيته وإسلامه.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 114/أ-ب.
(4) أخرجه: سعيد بن مَنْصُوْر (522)، وأحمد 2/ 381، والدارمي (2180)، وأبو
داود (2130)، وابن ماجه (1905)، والترمذي (1091)، والنسائي في عمل اليوم
والليلة (259)، وابن حبان (4055) وط الرسالة (4052)، وابن السني في عمل
اليوم والليلة (604)، والخطابي في غريب الْحَدِيْث 1/ 259، والحاكم في
المستدرك 2/ 183، والبيهقي 7/ 148. من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هُرَيْرَةَ. بِهِ بلفظ ((بارك الله لَكَ، وبارك عليك، وجمع بينكما في
خير)).
وأخرجه النسائي في الكبرى (10089) بلفظ: ((بارك الله فيك، وبارك عليك وجمع
بينكما في خير))
وَلَمْ نجد لفظة (عافية) في الروايات.
(5) أخرجَهُ: البُخَارِيّ في خلق أفعال العباد: 59، وأبو داود (2160)، وابن
ماجه (1918)
و (2252)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (240) و (263)، والحاكم في
المستدرك 2/ 185 - 186، والبيهقي 7/ 148. من طرق عن مُحَمَّد بن عجلان عن
عَمْرو بن شعيب عن أبيه عن جده بِهِ.
(1/383)
بَابُ شَرَائِطِ النِّكَاحِ وأرْكَانِهِ
ومِنْ شَرْائطِ عَقْدِ النِّكَاحِ: الوَلِيُّ والشُّهُودُ والكَفَاءةُ
والخُلُوُّ مِنَ المَوَانِعِ.
وأَرْكَانُهُ: الإِيْجَابُ والقَبُولُ.
فَأَمَّا الوِلاَيَةُ فَتُسْتَفَادُ بالأُبُوَّةِ والتَّعَصّيبِ والمِلْكِ
والوَلاَءِ والسَّلْطَنَةِ والوَصِيَّةِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (1)،
وفي الأُخْرَى: لاَ تُسْتَفَادُ وِلاَيَةُ النِّكَاحِ بالوَصِيَّةِ (2).
وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ لَهَا عُصْبَةٌ لَمْ تَصِحَّ الوَصِيَّةُ
بِنِكاحِهَا، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَها عَصَبَةٌ صَحّتِ الوَصيّةُ بِهِ (3).
فأمّا الأبُ فَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ أوْلادِهِ الصِّغَارِ والمَجَانِينَ
وبَنَاتِهِ الأبْكَارِ البُلَّغِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ. ونَقَلَ عَنْهُ
ابنُهُ عَبْدُ اللهِ: إنَّ بِنْتَ تِسْعِ سِنينَ لا يُزَوِّجُها الأبُ ولا
غَيرُهُ إلا بإذنها، ولا يَجُوزُ لَهُ تَزْويج الثَّيِّبِ المُكَلَّفَةِ
إلاّ بإذنِهَا (4). فأمّا الصَّغِيرَةُ الثَّيِّبُ فَعَلى وَجهَينِ (5).
ولا فَرْقَ بينَ حُصُولِ الثُّيُوْبَةِ بِوَطءٍ مُبَاحٍ أو مُحَرّمٍ (6)،
فأمّا زَوَالُ البِكَارِةِ بِوَثْبَةٍ أو إصبعٍ فَلاَ تَتَغَيَّرُ صِفَةُ
الإذْنِ. وإذْنُ البِكْرِ الصٌّماتُ، وإذْنُ الثَّيِّبِ النُّطْقُ.
وأمّا العَصَباتُ - كالجَدِّ والأُخْوَةِ والأعْمَامِ وبَنُوهمْ - فَلاَ
يَملِكُونَ تَزْوِيجَ البُلَّغِ إلاَّ بإذنِهِنَّ، ولا يَمْلِكُونَ
تَزْوِيجَ الصِّغَارِ بِحَالٍ. ونَقَلَ عَنْهُ عبدُ اللهُ: إِذَا زُوِّجَتِ
اليَتِيْمَةُ فَلَها الخَيارُ إِذَا بَلَغَتْ (7). وهذه الرِّوَايَةُ
تدُلُّ عَلَى صِحَّةِ تَزْوِيجِ العَصَبَاتِ لَها.
وأمّا الابنُ فَلَهُ تَزْوِيجُ أُمِّهِ بإذْنِهَا، فإنْ كَانَتْ مجْنُونَةً
فلهُ تَزْوِيجُهَا إِذَا ظَهَرَ مِنْهَا شَهْوَةُ الرِّجَالِ. وَكَذَلِكَ
بَقِيّةُ العَصَباتِ في حَقِّ المَجْنُونَةِ.
فأمّا المالِكُ فلهُ تَزْويجُ إمَائِهِ الأبْكَارِ والثُّيَّبِ بِغَيْرِ
إذْنِهِنَّ، إلاّ المُكاتبةِ والمُعْتَقُ
بَعْضُهَا (8). ولهُ تَزْوِيجُ عَبِيدِهِ الصِّغَارِ نَصَّ عَلَيْهِ (9)،
وليسَ لَهُ إجْبَارُ عَبِيدِهِ الكِبَارِ عَلَى النِّكَاحِ. ويُحْتَمَلُ
أنْ لا يَمْلِكَ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ أَيْضاً. فأمّا الأولى: فَحُكْمُهَا
حُكْمُ العَصَباتِ.
__________
(1) نقلها عَنْهُ إسماعيل بن إبراهيم والمروذي. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ
والوجهين 110/ب.
(2) نقلها عَنْهُ ابن مَنْصُوْر وأبو الحارث واختارها أبو بكر. انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 110/ب.
(3) انظر: الهادي: 157.
(4) انظر: مسائل عَبْد الله 3/ 1023.
(5) قَالَ أبو بكر في كتاب الخلاف: إنَّهُ يملك إجبارها وَقَالَ شَيْخُنَا
أبو عَبْد الله وأبو عَبْد الله بن بطة
وأبو حفص بن المسلم لا يملك إجبارها. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين
111/أ.
(6) أما الوطء المباح فَلاَ خلاف في أنها ثيب بِهِ، وأما الوطء بالزنا
وذهاب البكارة بِهِ فالصحيح من المذهب أنَّهُ كالوطء المباح في اعتبار
الكلام في إذنها. انظر: الإنصاف 8/ 64.
(7) مسائل عَبْد الله 3/ 1013.
(8) انظر: الإنصاف 8/ 59.
(9) انظر: الهادي: 208.
(1/384)
وأمّا السُّلْطَانُ فلهُ ولايةُ النِّكَاحِ
عِنْدَ عَدَمِ الأوْلِياءِ مِمَّنْ ذَكَرْنا (1) وعندَ عَضْلِهِمْ
وغَيْبَتِهِمْ المُنْقَطِعَةِ.
وأمَّا الوَصِيُّ فَيَقُومُ مَقامَ مَنْ وَصَّى إِلَيْهِ، إِذَا قُلْنَا
بِصِحَّةِ الوَصِيَّةِ، وكلُّ وَاحِدِ مِمّنْ ذَكَرْنَا يَصِحُّ أنْ يوكلَ
مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ في عَقْدِ النِّكَاحِ.
ولا عِبَارَةَ لِلْمَرْأةِ في تَزْوِيجِ نَفْسِهَا ولا تَزْوِيجِ غَيْرِهَا
في المَشْهُورِ مِنَ المَذْهَبِ (2) /256 ظ / فَعَلى هَذَا يُزَوِّجُ
أمَتَهَا ومَوْلاتَهَا مَنْ يَتولّى تَزْوِيجَها. وَعَنْهُ: إنَّهُ يَصِحُّ
أنْ تُزَوِّجَ أمَتَهَا ومُعْتَقَها (3)، وهذا يدُلُّ عَلَى صِحَّةِ
عِبَارَتِهَا في النِّكَاحِ، فَيَتخَرَجُ مِنْهُ تَزْوِيجَها لِنَفْسِهَا
بإذْنِ وَلِيِّهَا وتَزْوِيجَ غَيْرِهَا بالوكالةِ، فأمَّا إقْرَارُهَا
عَلَى نَفْسِهَا بالنِّكَاحِ فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (4).
وأمّا إقرارُ الوَلِيِّ عَلَيها فإنْ كانَ مِمَّنْ يَمْلِكُ إجْبَارَها
صَحَّ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا وإلاَّ فَلاَ يُشْتَرَطُ في الوَلِيِّ أنْ
يَكُونَ عَاقِلاً حُرّاً، وهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ (5) وعَدَالَتُهُ أم
لا عَلَى رِوَايَتَيْنِ (6). والأبُ مُقَدَّمٌ عَلَى جَمِيعِ الأوْلِياءِ
ثُمَّ الابْنُ ثُمَّ الجَدُّ ثُمَّ الأخُ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الجَدُّ عَلَى
الابْنِ (7) وَعَنْهُ الجَدُّ والأخُ سَواءٌ (8)، وَكَذَلِكَ الأخُ مِنَ
الأبَوَينِ والأخُ مِنَ الأبِ سَوَاءٌ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ: الأخُ مِنَ
الأبَوَينِ أوْلَى ثُمَّ ابنُ الأخِ ثُمَّ العَمُّ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ
المَوْلَى المُعْتَقُ وعَصَبَاتُهُ الأقْرَبُ فالأقْرَبُ (9) ثُمَّ
السُّلْطانُ (10).
فإنْ زَوَّجَ الأبْعَدُ معَ حُضُورِ الأقْرَبِ لَمْ يَصِحَّ، وعنهُ أنَّهُ
يَصِحُّ ويَقِفُ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ الأقرَبِ (11). وَكَذَلِكَ إِذَا
زَوَّجَ الأجْنَبِيُّ فَهَلْ يَنْعَقِدُ ويَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الوَلِيِّ
أم لا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (12). فإنْ عَضَلَ الأجْنَبِيَّ قُرْبٌ أو
جُنَّ انتَقَلَتِ الوِلايَةُ إِلَى الأبْعَدِ، وعنهُ فِي
__________
(1) انظر: المغني 7/ 380.
(2) انظر: الشرح الكبير 7/ 436.
(3) انظر: الإنصاف 8/ 66.
(4) انظر: الهادي: 158.
(5) قَالَ أحمد: لا يزوج الغلام حَتَّى يحتلم وَهُوَ اختيار أبي بكر وعن
أحمد رِوَايَة أخرى أنَّهُ إِذَا بلغ عشراً زوج وتزوج وطلق وأجيزت وكالته
في الطلاق وهذا يحتمله كلام الخِرَقِيّ. المغني 7/ 356.
(6) الأولى: لا يشترط فِيْهِ العدالة وَهِيَ ظاهر كلام الخِرَقِيّ،
والثانية يشترط العدالة وَهِيَ اختيار ابن أبي موسى وابن حامد والقاضي.
الزركشي 3/ 125.
(7) اختارها الخِرَقِيّ وأبو بكر والقاضي. انظر: الزركشي 3/ 120.
(8) انظر: المقنع: 208، والإنصاف 8/ 69.
(9) انظر: الزركشي 3/ 122، الإنصاف 8/ 70.
(10) انظر: المغني 7/ 350.
(11) انظر: المغني 7/ 365.
(12) أحدهما: لا يصح، والثاني: يصح، ويقف عَلَى إجازة الولي. الشرح الكبير:
7/ 435.
(1/385)
العَضْلِ: أنَّ الولايَةَ تَنْتَقِلُ إِلَى
الحَاكِمِ فَيَتَخَرَّجُ فِي الغَيْبَةِ مِثْلُ ذَلِكَ (1) وَكَذَلِكَ إنْ
غابَ الأقْرَبُ غَيْبةً مُنْقَطِعةً وَقَدْ زَوَّجَ الأبْعَد. وَقَدْ حدَّ
الخِرَقِيُّ فِي الغَيْبَةِ بِمَوضِعٍ لاَ يَصِلُ إِلَيْهِ الكِتَابُ أو
يصِلُ إِلَيْهِ فَلاَ يُجِيبُ (2). وحَدَّهَا أبو بَكْرٍ بِما لاَ يَبْلُغُ
إلا بِكُلْفَةٍ ومَشَقّةٍ (3). وحَدَّها شَيخُنا بِمَسَافَةٍ لاَ
تَقْطَعُهَا القَافِلَةُ فِي السنَّةِ إلاّ كَرّةً (4). ونَقَلَ عَنْهُ أبو
الحَارِثِ: إِذَا كَانَ الأبُ بعيدَ السَّفَرِ يُزَوِّجُ الأخُ فَظَاهِرُ
هَذَا أنَّ حَدَّهَا بِما جَعلَهُ الشَّرْعُ بَعِيداً وعَلّقَ عَلَيْهِ رخص
السَّفَرِ (5).
وَإِذَا اسْتَوَى الأولياءُ في الدَّرَجَةِ فالأولى أن يُقَدِّمَ
أعْلَمَهُمْ، فإن استَوَوْا فأسَنُّهُمْ فإن تَشَاحُّوا أُقْرِعَ
بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ بالقُرْعَةِ فهُوَ أوْلَى. فإنْ سَبَقَ غَيْرَهُ
فَزَوَّجَ صَحَّ النِّكَاحُ في أقْوَى الوجْهَينِ (6). فإنْ زَوَّجَ كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ ولمْ يَعْلَمِ السَّابِقُ أو عَلِمَ ونَسِيَ فُسِخَ
نِكاحُ الجَمِيعِ وزُوِّجَتْ مِمَّنْ تَخْتَارُهُ في إحْدَى
الرِّوَايَتَيْنِ (7)، والأُخْرى: يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَمنْ خَرَجَتْ
قُرْعَتُهُ فَهُوَ الزَّوْجُ ويأمُرُ الحَاكِمُ البَاقِينَ بالطَّلاقِ، فإن
امْتَنَعُوا طَلّقَ عَلَيْهِمْ، فإنْ تَصَوّرَ وُقُوعَ الأنْكِحَةِ حَالةً
وَاحِدَةً فَجَمِيْعُهَا لا تَصِحُّ.
ويَلِي الذِّمِّيُّ نِكَاحَ ابْنَتِهِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ ذِمِّيٍّ
ومُسْلِمٍ وَقَالَ شَيْخُنَا: لا يلي نِكَاحَهَا مِنْ مُسْلِمٍ. وهلْ يلي
سيدُ أمِّ الوَلَدِ الذِّمِّي نِكَاحَهَا إِذَا اسْلَمَتْ؟ عَلَى وَجْهَينِ
(8).
/257 و/ ولا يَلِي المُسْلِمُ نِكَاحَ ذِمِّيَّةٍ إلاّ أنْ يَكُوْنَ
حَاكِماً أو سيِّدَ أمَةٍ أو يَكُوْنَ لِوَلِيَّتِهِ ذِمية فَيُزَوِّجَها
بإذنِها.
ولا يَجُوزُ لأحدٍ أنْ يَتَوَلّى طَرَفَي النِّكَاحِ إلاّ السَّيِّدُ
يُزَوِّجُ أمَتَهُ من ابْنِهِ الصَّغِيرِ. فأمَّا ابنُ العَمِّ
والسُّلْطَانُ والوَكِيلُ والمَوْلَى إِذَا أرادَ واحِدُهُمْ أن
يَتَزَوَّجَها وَهُوَ وَلِيُّهَا فأذِنَتْ لَهُ أنْ يَعْقِدَ لِنَفْسِهِ
عَلَيْهَا فَهلْ يَصِحُّ أن يَتَوَلّى طَرَفَي العَقْدِ أم لا؟ عَلَى
رِوَايَتَيْنِ. إحداهُما: تَصِحُّ (9)، والثَّانِيَةُ: لا تَصِحُّ (10)
حتّى يوكلَ مَنْ يُوجِب لَهُ ويَقْبَلَ هُوَ، وَكَذَلِكَ السيدُ إِذَا
__________
(1) انظر: المغني 7/ 368.
(2) انظر: المغني 7/ 370.
(3) انظر: المغني 7/ 370.
(4) انظر: المحرر 2/ 17.
(5) انظر: شرح الزركشي: 3/ 121.
(6) انظر: المقنع: 209، الإنصاف: 8/ 87.
(7) نقل أبو الحارث يُفْسَخُ النكاحان جميعاً وَهُوَ اختيار الخِرَقِيّ
ونقل ابن مَنْصُوْر يقرع بَيْنَهُمَا وَهُوَ اختيار
أبي بكر. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 115/ب-أ.
(8) أحدهما يليه لأنَّها مملوكة، والثاني لا يليه. انظر: المغني 7/ 363.
(9) وَهُوَ اختيار الْقَاضِي. انظر: الإنصاف 8/ 96.
(10) وَهُوَ اختيار الخِرَقِيّ. انظر: الإنصاف 8/ 96.
(1/386)
قَالَ لأمَتِهِ: أعْتَقْتُكِ وجَعَلْتُ
عِتْقَكِ صَدَاقَكِ يَحْضُرُهُ شَاهِدَينِ فإنّهُ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ
النِّكَاح، وَعَنْهُ: لا يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ ويُسْتأْنَفُ العَقْدُ
بإذْنِها وَهُوَ الصَّحِيحُ (1).
فَصْلٌ
ولا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إلا بِحُضُورِ شَاهِدَينِ (2) ذَكَرَينِ
عَدْلَينِ، وَعَنْهُ أنَّهُ يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ فَاسِقَينِ وبِرَجُلٍ
وامرأتَينِ (3) وإنْ تَوَاصَوا بِكِتْمَانِهِ، وسَواء في ذَلِكَ الأحْرارُ
والعَبيدُ، وَعَنْهُ: أنّ التَّوَاصي بِكِتْمَانِهِ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ
اختارها أبو بَكرٍ (4)، ولا ينعَقِدُ بِحُضُورِ الصِّبْيَانِ وَعَنْهُ
أنَّهُ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ مُرَاهِقَينِ عَاقِلَينِ (5)، ولا يَنْعَقِدُ
نِكاحُ المُسْلمِيْنَ بِشَهَادَةِ أهلِ الذِّمَّةِ ويَتَخَرَّجُ أنْ
يَنْعَقِدَ بِنِكَاحِ ذِمِّيّةٍ بِمُسْلِمٍ بِحُضُورُ ذِمِّيَّيْنِ
ويَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحُضُورِ ضَرِيْرَيْنِ ولا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ
أصَمَّيْنِ ولا أخْرَسَينِ، وهلْ يَنْعَقِدُ بِشَهَادَة عدوينِ وابنَي
الزَّوْجَينِ أو أحَدِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَينِ (6)، ونقلَ عَنْهُ: أن
الشَّهَادَةَ ليسَتْ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ (7).
فَصْلٌ
فأمَّا كَونُ الرَّجُلِ كَفُوءاً فَهُوَ شَرْطٌ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
(8) حَتَّى لَو رَضوا الأوْلِياءُ والزَّوْجَةُ بِغَيرِ الكَفُوءِ لَمْ
يَنْعَقِدِ النِّكَاحُ. وفي الأُخْرَى ليسَتْ بِشَرْطٍ (9)، فإذا رَضِيَ
الزَّوْجَةُ والوَلِيُّ بِغَيرِ الكَفوءِ صَحَّ النِّكَاحُ فإنْ رَضِيَ
أحَدُهُمْ دُوْنَ بَعْضٍ كَانَ لِمَنْ يَرْضَى الفَسْخَ فإنْ زَوّجَ الأبُ
بِغَيرِ الكَفُوءِ فَرَضِيَتِ البِنْتُ كَانَ للإِخوةِ الفَسْخُ نَصَّ
عَلَيْهِ في رِوَايَةِ مُهَنّا (10) والكَفَاءةُ في الدِّينِ والمَنْصِبِ
والحُرِّيَّةِ والصِّنَاعَةِ واليَسارِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (11).
وفي الأُخْرَى هِيَ في الدينِ والمَنْصِبِ وَهِيَ اختيارُ الخِرَقِيِّ
(12).
__________
(1) انظر: الإنصاف 8/ 98.
(2) ذَكَرَ أبو بَكْرٍ عن الإمام أحمد أن الشهادة ليست من شروط النكاح.
انظر: الإنصاف 8/ 102.
(3) انظر: الإنصاف 8/ 102، الهادي: 158.
(4) انظر: الإنصاف 8/ 102، المحرر 2/ 18.
(5) انظر: المغني 7/ 342، الإنصاف 8/ 102.
(6) أحدهما ينعقد اختاره أَبُو عَبْد الله بن بطة، والثاني لا ينعقد
بشهادتهما؛ لأن العدو لا تقبل شهادته عَلَى عدوه والابن لا تقبل شهادته
لوالده. المغني 7/ 342.
(7) انظر: المقنع: 210، الهادي: 158.
(8) انظر: المغني 7/ 373، الإنصاف 8/ 105.
(9) انظر: المغني 7/ 373، الإنصاف 8/ 106.
(10) انظر: الزركشي 3/ 145.
(11) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 114/ب.
(12) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 114/ب.
(1/387)
ولا يُزَوِّجُ عَفِيفَةً بِفَاجِرٍ، ولا
عَرَبِيَّةً بِعَجَمِيٍّ، ولا قُرَشِيَّةً بِغَيرِ قُرَشِيٍّ، ولا
هَاشِمِيَّةً بغَيرِ هَاشِمِيٍّ، وَعَنْهُ: أنَّ العَرَبَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ (1)، وَكَذَلِكَ العَجَمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
أَكْفَاءٌ، ولاَ يُزَوِّجُ حُرَّةً بِعَبْدٍ، ولاَ بِنْتَ بَزَّازٍ
بِحَجَّامٍ، ولاَ بِنْتَ تَانِئ (2) بِحَائِكٍ، ولاَ مُوسِرَةً بِمُعْسِرٍ
عَلَى الرِوَايَةِ الأُوْلَة خَاصَّةً.
وأمَّا الخُلُوُّ مِنَ المَوَانِعِ فَإِنْ لاَ يَكُوْنَ بَيْنَهُمَا سَبَبٌ
ولا نَسَبٌ ولا اخْتِلاَفُ دِيْنٍ يحرُمَ، وسَنَذْكُرُ / 258 ظ /
المُحَرَّمَاتِ بالأَنْسَابِ والأَسْبَابِ والدِّيْنِ، وأَنْ لاَ يَكُوْنَا
في جِنْسِ عِدَّةٍ أَو لِحَرَامٍ، وأَنْ يَكُوْنَ الزَّوْجَانِ
مُعَيَّنَيْنِ في حَالِ العَقْدِ، فَأَمَّا إِنْ قَالَ: زَوْجَتُكَ إِحْدَى
بَنَاتِي أَو أَنْكَحْتُكَ ابْنَتِي، ولَهُ بَنَاتٌ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى
يُشِيْرَ إِلَيْهَا أَوْ يُسَمِّيَهَا أو يَصِفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ
بِهِ، وإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتُ وَاحِدَةٌ صَحَّ، فَإِنْ قَالَ: إِنْ
وَضَعَتْ زَوْجَتِي أَو أَمَتِي بِنْتاً فَقَدْ زَوَّجْتُكَ، فَقَبِلَ:
فَوَضَعَتْ بِنْتاً لَمْ يَنْعَقِدِ النِّكَاحُ.
فَصْلٌ
فَأَمَّا الإِيْجَابُ فَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِلَفْظِ التَّزْوِيْجِ
والإِنْكَاحِ لِمَنْ يُحْسِنُهَما أَو بِمَعْنَاهُمَا الخَاصِّ بِكُلِّ
لِسَانٍ لِمَنْ لاَ يُحْسِنُهُمَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَعَلُّمِهِمَا
لَزِمَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لاَ يَلْزَمُهُ (3).
وأَمَّا القَبُولُ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ يَقُوْلُ: قَبِلْتُ هَذَا
النِّكَاحَ أَو التَّزْوِيْجَ أو مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ في حَقِّ مَنْ
لاَ يُحْسِنُ فَإن اقْتَصَرَ عَلَى قَبِلْتُ أَو قَالَ الخَاطِبُ
للوَلِيِّ: أَزَوَّجْتَ، وللمُتَزَوِّجِ: أَقَبِلْتَ، فَقَالاَ: نَعَمْ،
فَقَالَ الخِرَقِيُّ (4): يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ ويَحْتَمِلُ أَنْ لاَ
يَنْعَقِدَ، فَإِنْ تَقَدَّمَ القْبُولُ عَلَى الإِيْجَابِ لَمْ
يَنْعَقِدْ، وإِنْ تَرَاخَى القَبُولُ عَن الإِيْجَابِ صَحَّ مَا دَامَا في
المَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلاَ بِمَا يَقْطَعُهُ، فَإِنْ تَرَاخَى
القَبُولُ إِلَى بَعْدِ التَّصَرُّفِ عَنِ المَجْلِسِ لَمْ يَصِحَّ،
ونَقَلَ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ (5): أنَّهُ يَصِحُّ، وإِذَا تَمَّ العَقْدُ
وَجَبَ تَسْلِيْمُ المَرْأَةِ في بَيْتِ الزَّوْجِ إِذَا كَانَتْ حُرَّةً
مِمَّنْ يُمْكِنُ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَلَمْ يَشْرُطْ دَارَهَا، فَإِنْ
سألَتِ الإِنْظَارَ أُنْظِرَتْ مُدَّةً جَرَتِ العَادَةُ (6) أَنْ تَصْلُحَ
أمرها في مِثْلَهَا، وإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ يَجِبْ تَسْلِيْمُهَا
إِلاَّ باللَّيْلِ، ولَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا في غَيْرِ أَوْقَاتِ
الفَرَائِضِ منْ غَيْرِ إِصْرَارٍ، ولَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا
__________
(1) انظر: المغني 7/ 375، الإنصاف 8/ 109.
(2) التأني: المقيم الأصلي نقيض الطاريء وَهُمْ تناء البلد ومن تأنته أي
مقيمون فِيْهِ لاَ يغزون مَعَ الغزاة والغني الكثير المال جمع ثناء
والجماعة تانئة. انظر: معجم مَتْن اللغة 1/ 410.
(3) انظر: الهادي: 159.
(4) انظر: الإنصاف 8/ 49.
(5) انظر: الإنصاف 8/ 51.
(6) كررت في الأصل.
(1/388)
إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لاَ تُنْقَلَ
عَنْ بَلَدِهَا، ولاَ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا في الحَيْضِ، ولاَ في
الدُّبُرِ، ولاَ يَجُوزُ أَنْ يَعْزِلَ عَنْهَا إِلاَّ بإِذْنِهَا، وإِنْ
كَانَتْ أَمَةً فَلاَ يَعْزِلْ عَنْهَا إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، ولَهُ
أَنْ يُجبِّرَهَا عَلَى الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ والحَيْضِ والنَّجَاسَةِ
وتَرْكِ المُسّكْرِ وأَخْذِ الشَّعرِ الَّذِي تَعَافُهُ النَّفْسُ، ومَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى ذَلِكَ (1)،
وإِذَا كَانَتْ ذِمِّيَّةً قَالَ في رِوَايَةِ صَالِحٍ (2): يَجِبُ
عَلَيْهَا الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ والحَيْضِ، فَإِنْ لَمْ تَغتسِلْ
فَلاَ شَيءَ عَلَيْهَا الشركُ أعظمُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَهُ إِجْبَارُهَا
عَلَى الغُسْلِ مِنَ الحَيْضِ فَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَشْيَاءِ فَعَلَى
رِوَايَتَيْنِ (3)، ويَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ إِمَائِهِ وزَوْجَاتِهِ
بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، ويُسْتَحَبُّ الوُضُوءُ عِنْدَ مُعَاوَدَةِ / 259 و /
الوَطْءِ، وتُكْرَهُ المُجَامَعَةُ، وهُنَاكَ مَنْ يَرَاهُمَا أو
مُتَجَرِّدَيْنِ ولاَ سُتْرَةَ عَلَيْهِمَا.
بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنَ النِّكَاحِ
المُحَرَّمَاتُ نِكَاحُهُنَّ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُحَرَّمَاتٌ عَلَى
الأَبَدِ، ومُحَرَّمَاتٌ إِلَى أَمَدٍ.
فالمُحَرَّمَاتُ عَلَى الأَبَدِ: الأُمُّ والجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ أَبيْهِ
وأُمِّهِ وإِنْ عَلَوْنَ، وبَنَاتُهُ مِنْ مِلْكٍ أو شِبْهِ مِلْكٍ أو
زِناً، وبَنَاتُ أَوْلاَدِهِ وإِنْ سَفَلْنَ وأَخَوَاتُهُ وبنات أخواته،
وبَنَاتُ إِخْوَتِهِ، وبَنَاتُ أَوْلاَدِ إِخْوَتِهِ وأَخَوَاتِهِ وإِنْ
سَفَلْنَ، وعَمَّاتُهُ وخَالاَتُهُ وإِنْ عَلَوْنَ، ولاَ تُحْرُمُ
بَنَاتُهُنَّ وزَوْجَةُ ابْنِهِ وأَجْدَادُهُ وإِنْ عَلَونَ، وزَوْجَةُ
ابْنِهِ وبَنِي ابْنِهِ وإِنْ سَفَلْنَ، ولاَ تُحْرُمُ بَنَاتُ زَوْجَاتِ
الآبَاءِ والأَبْنَاءِ ولاَ أُمَّهَاتُهُنَّ، وتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ
زَوْجَتِهِ وَجَدَّاتُهَا بِنَفْسِ عَقْدِ النِّكَاحِ، ولاَ يَحْرُمُ
عَلَيْهِ بَنَاتُهَا وهُنَّ الرَّبائبُ بالعَقْدِ فَلَوْ طَلَّقَ الأُمَّ
قَبْلَ الدُّخُولِ أُبِيْحَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بالرَّبَائِبِ، فَإِنْ
مَاتَتْ الأُمُّ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يحرمن الرَّبَائِبِ أَمْ لاَ؟
عَلَى رِوَايَتَيْنِ (4). فَإِنْ وَطِئَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ
يَتَزَوَّجَ بِأُمَّهَاتِهَا وبَنَاتِهَا وبَنَاتِ أَوْلاَدِهَا وإِنْ
سَفَلْنَ سَواءٌ كَانَ الوَطْءُ حلاَلاً أو حَرَاماً، فَإِنْ كَانَتْ
المَوْطُوءةُ مَيِّتَةً أو صَغِيْرَةً لاَ يُوطَأُ مِثْلُهَا، فَعَلَى
وَجْهَيْنِ (5)، فَإِنْ بَاشَرَهَا أو نَظَرَ إِلى فَرْجِهَا أَو خَلا
بِهَا لِشَهْوَةٍ، فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمْ لا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ
(6).
__________
(1) انظر: الهادي: 170.
(2) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 117/ أ.
(3) أحدهما نقلها حنيل: أنَّهُ يملك إجبارها، والثانية نقلها صالح: أنَّهُ
لا يملك إجبارها.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين: 117/ أ.
(4) نقل أحمد بن أحرم والمزني: أنها لا تحل لَهُ، ونقل ابن مَنْصُوْر
لفظين: أحدهما مِثْل الأول، والثاني: أنها حلال. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ
والوجهين 116/ ب.
(5) أحدهما: لا يثبت التحريم بِذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي في خلافة.
والثاني: يثبت بِهِ التحريم قَالَه الْقَاضِي في الجامع. انظر: الإنصاف 8/
118.
(6) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 116/ أ.
(1/389)
فَإِنْ تَلَوَّطَ بِغُلاَمٍ فَحُكْمُهُ في
تَحْرِيْمِ المُصَاهَرَةِ حُكْمُ المَرْأَةِ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ
يَتَزَوَّجَ بِأُمَّهَاتِهِ وبَنَاتِهِ وتَحْرُمُ عَلَى الغُلاَمِ
أُمَّهَاتُ الوَاطِئ وبَنَاتُهُ عِنْدَ أًصْحَابِنَا، وعِنْدِي: أًنَّ
حُكْمَهُ حُكْمُ المُبَاشَرَةِ فِيْمَا دُوْنَ الفَرْجِ فَيَتَخَرَّجُ
عَلَى رِوَايَتَيْنِ (1)، ومَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا بالنَّسَبِ
حَرُمَ بالرَّضَاعِ، ويَحْرُمُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ اليَمِيْنِ أَيْضاً.
فَأَمَّا المُحَرَّمَاتُ إِلَى الأَمَدِ: فَإِذَا تَزَوَّجَ بامْرَأَةٍ أو
كَانَتْ في عِدَّةٍ مِنْهُ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا
وعَمَّتِهَا وخَالَتِهَا مِنْ نَسَبٍ أَو رِضَاعٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا
وانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أُبيحَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِنَّ، فَإِنِ
اشْتَرَى أُخْتَ زَوْجَتِهِ وَخَالَتِهَا وعَمَّتِهَا صَحَّ الشِّرَاءُ
ولاَ يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ إِحْدَاهُنَّ حَتَّى يُطَلِّقَ الزَّوْجَةَ،
فَإِنْ تَزَوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، فَإِنِ
اشْتَرَاهُنَّ في عَقْدٍ صَحَّ الشِّرَاءُ، ولاَ يَحِلُّ وَطْءُ
إِحْدَاهُنَّ حَتَّى تَحْرُمَ الأُخْرَى بإخراج عَنْ مِلْكِهِ، أو
تَزْوِيْجٌ، وَعَنْهُ: إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مَعَ الكَرَاهَةِ (2). فَإِنِ
اسْتَفْرَشَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا لَمْ يَصِحَّ
النِّكَاحُ. ذَكَرَهُ أَبو بَكْرٍ (3)، وظَاهِرُ كَلاَمِهِ في /260 ظ/
رِوَايَةِ أَحْمَدَ وحَرْبٍ (4): يَصِحُّ النِّكَاحُ ولاَ يَحِلُّ
وَطْؤُهَا حَتَّى تَحْرُمَ المَوْطُوءةُ عَلَى نَفْسِهِ؛ لأنَّهُ قَالَ:
إِذَا كَانَ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا فَزَوَّجَهَا فَلاَ بَأْسَ أَنْ
يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا، فَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ أُخْتَهَا فَرَجَعَتْ
إِلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَحْرُمَ إِحْدَاهُمَا بالإِخْرَاجِ عَنْ
مِلْكِهِ فَصَحِيْحٌ اجْتِمَاعُ النِّكَاحِ مَعَ مِلْكِ اليَّمِيْنِ
ومُنِعَ مِنَ الوَطْءِ حَتَّى تَحْرُمَ الأُخْرَى، ويَحْرُمُ عَلَيْهِ
نِكَاحُ مَنْ طَلَّقَها ثَلاَثاً حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ
ويَدْخُلَ بِهَا ويُطَلِّقَهَا ويَقْضِيَ العِدَّةَ، وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ
عَلَيْهِ كُلُّ امرَأَةٍ في عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى تَقْضِيَ
العِدَّةَ، ويَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ المَزْنِيِّ بِهَا حَتَّى تَتُوبَ
وتَقْضِيَ عِدَّتَهَا. والإِحْرَامُ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ،
وهَلْ يَمْنَعُ مِنَ الرَّجْعَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (5).
ويَحْرُمُ عَلَى المُسْلِمِ نِكَاحُ المَجُوسِيَّةِ والمُرْتَدَّةِ
والوَثَنِيَّةِ، ومَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهَا مَجُوسِيٌّ أو وَثَنِيٌّ أو
مُرْتَدٌّ إِلَى أَنْ يُسْلِمْنَ فَيَحِلَّ نِكَاحِهِنَّ ويَحِلُّ نِكَاحُ
حَرَائِرِ أَهْلِ الكِتَابِ، وهَلْ يَحْرُمُ نِكَاحُ إِمَائِهِنْ؟ عَلَى
رِوَايَتَيْنِ (6). ويَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهُنَّ بِمِلْكِ اليَمِيْنِ، ولاَ
يَجُوزُ وَطْءُ
__________
(1) نقل إسماعيل بن سعيد وابن مَنْصُوْر والمروذي: لا ينشر الحرمة إلا
الوطء، ونقل الحسن بن ثواب
وعبد الله والمروذي: أنها تنشر الحرمة. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين
116/ أ - ب.
(2) انظر: الإنصاف 8/ 123.
(3) وَهُوَ المذهب، وَقَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ ظاهر كَلاَمَ الإمام أَحْمَد
رَحِمَهُ اللهُ. انظر: الإنصاف: 8/ 129.
(4) انظر: الإنصاف 8/ 129.
(5) نقل مهنّا إذا رجع يشهد عَلَى الرجعة، ونقل ابن مَنْصُوْر إذا رجع
وَلَمْ يشهد حَتَّى انقضت العدة فهي رجعة. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين
137/ ب.
(6) نقل صالح وأبو طَالِب: لا يجوز، وَهُوَ اختيار الخِرَقِيّ وغيره،
وَقَالَ في رِوَايَة ابن القاسم: الكراهية في إماء أهل الكِتَاب. انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 118/ أ.
(1/390)
المَجُوسِيَّاتِ بِملْكِ اليَمِيْنِ،
ويَحْرُمُ عَلَى الحُرِّ نِكَاحُ الأَمَةِ إِلاَّ أَنْ يَخَافَا العَنَتَ
ولاَ يَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ ولاَ ثَمَنَ أَمَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَعِفُّهُ
أَمَةُ جَازُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً وثَالِثَةً ورَابِعَةً،
وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لاَ تَعِفُّهُ وَلَمْ يَجِدْ
طَوْلاً لِحُرَّةٍ أُخْرَى جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً، وَعَنْهُ: لاَ
يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ أَمَةٍ (1)، ولاَ يَتَزَوَّجُ
أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ، فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَتَزَوَّجَ
بِحُرَّةٍ، فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُ الأَمَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (2).
وَكَذَلِكَ إِذَا وَجَدَ طَوْلَ حُرَّةٍ فَهَلْ تَبْطُلُ نكاح الأَمَةُ؟
عَلَى وَجْهَيْنِ (3). فَإِنْ كَانَ تَحْتَ عَبْدٍ حُرَّةٌ فَهَلْ يَجُوزُ
أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (4). فَإِنْ تَزَوَّجَ
الحُرُّ بِحُرَّةٍ وأَمَةٍ في عَقْدٍ وَاحِدٍ بَطَلَ نِكَاحُ الأَمَةِ،
وهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُ الحُرَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (5) فَإِنْ
تَزَوَّجَهَا العَبْدُ في عَقْدٍ صَحَّ نِكَاحُهَا، وَهَذَا التَّفْرِيْعُ
عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: ((إِنَّ فَقْدَ الكَفَاءةَ لاَ
يُبْطِلُ النِّكَاحَ، وإِنَّ الحُرِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ
الكَفَاءةِ، ويَحْرُمُ عَلَى الحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بأَمَةِ وَلَدِهِ،
ولاَ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى العَبْدِ، ولاَ يَحْرُمُ عَلَى الابنِ أَنْ
يَتَزَوَّجَ بأَمَةِ أَبِيْهِ، ويَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ
يَتَزَوَّجَ بأَمَتِهِ، وعَلَى العَبْدِ أنْ يَتَزَوَّجَ بِسَيِّدَتِهِ،
وإِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الأَمَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، فَإِنِ
اشْتَرَاهَا لابْنِهِ، فَهَلْ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ؟ يَحْتَمِلُ
وَجْهَيْنِ (6).
وتَحْرُمُ (7) / 261 و /المُلاَعَنَةُ عَلَى المُلاَعِنِ، فَإِنْ أَكْذَبَ
نَفْسَهُ، فَهَلْ تَحِلُّ لَهُ؟ عَلَى
__________
(1) انظر: المغني 7/ 514.
(2) نقل بكر بن مُحَمَّد وحرب وأبو طَالِب: لا ينفسخ ويقيم للحرة ليلتين
وللأمة ليلة. ونقل ابن مَنْصُوْر قَدْ تنفسخ ويكون طلاقاً للأمة.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 117/ أ - ب.
(3) نقل حرب عَنْهُ: لا يتزوج إلا واحدة ونقل أبو طَالِب عَنْهُ: إن خشي
العنت تزوج أربعاً، وَهُوَ اختيار الخِرَقِيّ. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ
والوجهين 117/ أ - ب.
(4) نقل ابن مَنْصُوْر جواز ذَلِكَ، وَهُوَ اختيار أبي بكر، ونقل حرب
أنَّهُ لا يجوز لَهُ ذَلِكَ.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 11/ أ.
(5) نقل ابن مَنْصُوْر: يثبت نكاح الحرة ويفارق الأمة. ونقل مُحَمَّد بن
حبيب لفظين: أحدهما مِثْل هَذَا، والثاني: يبطل العقد فيهما جميعاً،
وَقَالَ أبو بكر: ويتخرج وجه آخر إن كَانَ يخاف العنت بنكاح الحرة منفردة
أن يصح النكاحان جميعاً.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 117/ ب.
(6) أحدهما: ينفسخ، اختارها ابن عبدوس، وَقَالَ المروذي: وَهُوَ الصَّحِيْح
من المذهب. والثانية: لا ينفسخ. انظر: الإنصاف 8/ 150.
(7) تكررت فِي الأصل.
(1/391)
رِوَايَتَيْنِ (1). ويَحْرُمُ عَلَى
الحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَر مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وعَلَى
العَبْدِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَر مِنْ زَوْجَتَيْنِ.
بَابُ الشَّرْطِ في النِّكَاحِ
الشُّرُوطُ في النِّكَاحِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
شَرْطٌ صَحِيْحٌ لاَزِمٌ: وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى
مَهْرِ مِثْلِهَا مَعْلُومَةً أو نَقْداً مُعَيَّناً، أَو أَنْ لاَ
يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، ولاَ يَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، وأَنْ لاَ يُسَافِرَ
بِهَا، ولاَ يَنْقُلَهَا عَنْ دَارِهَا أو عَلَى طَلاَقِ ضَرَّتِهَا،
فَهَذَا شَرْطٌ ثَابِتٌ إِنْ وَفَّى بِهِ وإلاَّ فَلَهَا الخِيَارُ في
فَسْخِ النِّكَاحِ.
والضَّرْبُ الثَّانِي: شَرْطٌ فَاسِدٌ يَنْقَسِمُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ:
القِسْمُ الأَوَّلُ: يُبْطِلُ النِّكَاحَ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ نِكَاحَ
الشِّغَارِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ وَلِيَّتَهُ لِرَجُلٍ
بِشَرْطِ أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ولَيَّتَهُ، ولاَ مَهْرَ بَيْنَهُمَا،
وسَوَاءٌ قَالَ: وَتَضَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (2) مَهْرَ الأُخْرَى
أو لَمْ يَقُلْ. فَإِنْ سَمُّوا مَعَ ذَلِكَ مَهْراً صَحَّ النِّكَاحِ،
نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الخِرَقِيُّ (3): لا يَصِحُّ أَيْضاً.
ونِكَاحُ المُحلِّلِ: وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أنَّهُ إِذا
أَحَلَّهَا للأَوَّلِ فَلاَ نِكَاحَ بَيْنَهُمَا أو إِذَا أَحَلَّهَا لَهُ
طَلَّقَهَا، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ وَلَمْ يَشْرُطْ، فَنَقَلَ حنبل أنَّهُ لا
يَصِحُّ نِكَاحُهُ (4) أَيْضاً. ونَقَلَ حَربٌ أنَّهُ كَرَّهَهُ (5)،
وظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ مَعَ الكَرَاهِيَةِ.
ونِكَاحُ المُتْعَةِ: وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَى مُدَّةٍ، فَهُوَ
حَرَامٌ بَاطِلٌ. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ (6) فِيْهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى:
أنَّهُ مَكْرُوهٌ ويَصِحُّ، نَقَلَهَا ابنُ مَنْصُوْرٍ، وَعَنْهُ (7):
أنَّهُ سَأَلَ هَلْ للعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ يُفْتي بِمُتْعَةِ
النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: يَجْتَنِبُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ، ومَعْنَاهُ الأَوَّلُ
أَنْ لاَ يُقَلِّدَهُ؛ لأَنَّ المُتْعَةَ تَجُوزُ عِنْدَهُ أو تُحْمَلُ
عَلَى أنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَطَلَ التَّأْقِيْتُ وصَحَّ النِّكَاحُ
ويَجْتَنِبُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ.
__________
(1) نقل حنبل والميموني: أنَّهُ تحريم عَلَى التأبيد، ولا يزول ذَلِكَ
التحريم. ونقل حنبل في موضع آخر متى أكذب نفسه زال تحريم الفراش. انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 146/ أ - ب.
(2) تكررت في الأصل.
(3) انظر: المغني 7/ 569.
(4) انظر: الإنصاف 8/ 161.
(5) ينظر: المقنع: 213، الإنصاف: 8/ 161.
(6) انظر: المغني 7/ 569.
(7) نقل صالح وعبد الله وحنبل: نكاح المتعة حرام. ونقل ابن منصور: أنَّهُ
سأله عن متعة النساء، تقول: إنها حرام، قَالَ: يجتنبها أحب إليّ. انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 119/ أ - ب.
(1/392)
ونِكَاحٌ عُلِّقَ انْعِقَادُهُ إلَى وَقْتٍ
مِثْل أنْ يَقُوْلَ: زَوَّجْتُكَ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، وإِذَا
رَضِيَتْ أُمُّهَا، ونَحْو ذَلِكَ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ: أنَّ ذَلِكَ
يَصِحُّ وَهُوَ بَعِيْدٌ (1).
والقِسْمُ الثَّانِي: يَبْطُلُ الشَّرْطُ ويَصِحُّ العَقْدُ، مِثْل أَنْ
يَشْرُطَ أَنْ لا مَهْرَ لها، أو إِنْ أُصْدقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا
بالصَّدَاقِ أو أَنْ لاَ يُنْفِقَ عَلَيْهَا أو يَشْرُطَ عَلَيْهِ أنْ لاَ
يَطَأَهَا أو أَنْ يَعْزِلَ عَنْهَا، أو يَشْرُطَ أَنْ يُقْسِمَ لَهَا
لَيْلَةً ولِزَوْجَتِهِ الأخرى ثَلاَثُ لَيَالٍ، ونَحْو ذَلِكَ، والشَّرْطُ
بَاطِلٌ والنِّكَاحُ صَحِيْحٌ.
والقِسْمٌ الثَّالِثُ: بُطْلاَنُ الشَّرْطِ / 262 ظ / وفي صِحَّةِ
النِّكَاحِ رِوَايَتَانِ (2) قُبَيْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ
الخِيَارِ وإِنْ جَاءهَا بالمَهْرِ وَقْتَ كَذَا وإِلاَّ فَلاَ نِكَاحَ
بَيْنَهُمَا، فالنِّكَاحُ جَائِزٌ، والشَّرْطُ بَاطِلٌ، نَصَّ عَلَيْهِ في
رِوَايَةِ الأَثْرَمِ، وعلى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يتخَرَّجُ: أنْ يَصِحَّ
نِكَاحُ المُحَلِّلِ ونِكَاحُ الشِّغَارِ ويَبْطُلُ الشَرْطُ، ونَقَلَ
عَنْهُ (3) ابْنَاهُ وحَنْبَلٌ نِكَاح المُتْعَةِ حَرَامٌ، وكُلُّ نِكَاحٍ
فِيْهِ وَقْتٌ أو شَرْطٌ فَاسِدٌ، وهذا يَدُلُّ عَلَى أنَّهُ إِذَا شَرطَ
الخِيَارَ أو غَيْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ الفَاسِدَةِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ.
بَابُ الرَّدِّ بالعَيْبِ في النِّكَاحِ وخِيَارِ الفَسْخِ
العُيُوبُ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا خِيَارُ الفَسْخِ إِذَا قَارَنَتِ
النِّكَاحَ تَنْقَسِمُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يَخْتَصُّ بالرِّجَالِ، وَهُوَ ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُوْنَ الرَّجُلُ مَجْبُوباً قَدْ قُطِعَ جَمِيْعُ
ذَكَرِهِ أَو بَقَى مِنْهُ مَا لاَ يُمْكِنُ الجِمَاعُ بِهِ، فَإِنْ بَقَى
مِنْهُ مَا يُمْكِنُ الجِمَاعُ بِهِ فَادَّعَى أنَّهُ يُجَامِعُ بِهِ،
فَإِنْ صَدَّقَتْهُ المَرْأَةُ فَلاَ خِيَارَ لها، وإِنْ كَذَّبَتْهُ
فالقَوْلُ قَوْلُهَا. وَكَذَلِكَ إنِ اخْتَلَفَا في الثَّانِي هَلْ
يُمْكِنُ الاجْتِمَاعُ بِهِ ويَحْتَمِلُ أَنْ يَكُوْنَ القَوْلُ قَوْلَهُ
(4) كَمَا قُلْنَا: لَوْ ادَّعَى الجِمَاعَ في العِنَّةِ، والثَّانِي: أَنْ
يَكُوْنَ عِنِّيْناً لاَ يُمْكِنُهُ الإِيْلاَءُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ
الزَّوْجُ أو قَامَتِ البَيِّنَةُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِهِ أجَّلَ سَنَةً
مِنْ يَوْمِ المُحَاكَمَةِ وإِنْ جَحَدَ ولاَ بَيِّنَةَ، فَالقَوْلُ
قَوْلُهُ وهَلْ تَحْلِفُ أو لاَ؟ عَلَى
وَجْهَيْنِ (5). فإِنْ جَامَعَهَا وَلَوْ بإِيْلاَجِ الحَشَفَةِ فِي
الفَرْجِ سَقَطَتِ العِنَّةُ، وإِنِ ادَّعَى أنَّهُ وَطِئَهَا وقَالَتْ:
إِنِّي
__________
(1) انظر: الإنصاف 8/ 164.
(2) إحداهما: يصح، اختارها ابن عبدوس، وَقَالَ المروذي: هُوَ الصحيح من
المذهب. والثَّانية: لا يصح. انظر: الإنصاف 8/ 166.
(3) نقل صالح وعبد الله وحنبل نكاح المتعة حرام. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ
والوجهين 119/ أ.
(4) انظر: الإنصاف 8/ 186.
(5) أحدهما: تستحلف لإزالة هَذَا الاحتمال. والثاني: لا تستحلف.
انظر: المغني 7/ 615.
(1/393)
عَذْرَاء، أو شَهِدَ بِمَا قَالَتِ
امْرَأَةٌ عَدْلَةٌ: أجل سَنَةً، فَإِنْ قَالَ: أَزَلْتُ بِكَارَتَهَا
بالوَطءِ وعَادَتْ فَالقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِيْنِهَا، وإِنْ كَانَتْ
ثَيِّباً فالقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِيْنِهِ، وَعَنْهُ: القَوْلُ
قَوْلُهَا (1)، وَقَالَ الخِرَقِيُّ: يُخْلَى مَعَهَا (2) ويُكَلَّفُ
إِخْرَاج مائِهِ عَلَى شَيءٍ، فَإِنِ ادَّعَتْ أنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ
جُعِلَ عَلَى النَّارِ فَإِنْ ذَابَ فَهُوَ مَنِيٌّ وَسَقَطَ قَوْلُهَا،
فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا رَضِيَتْ بِعِنَّتِهِ فِي وَقْتٍ فَلاَ خِيَارَ
لَهَا بِحَالٍ، وإِنْ ثَبَتَ أنَّهُ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ أو وَطِئَ
غَيْرَهَا لَمْ يَزَلْ حُكْمُ العِنَّةِ. [ويخرج عَلَى قَوْل الخِرَقِيّ
أنَّهُ يزول حكم العنَّة و] (3) الثَّالِثُ: أَنْ يَكُوْنَ خَصْيّاً:
وَهُوَ مَنْ قُطِعَتْ خِصْيَتُهُ، أو كَانَ مَسْلولاً: وَهُوَ مَنْ سُلَّتْ
بَيْضَتَاهُ، أو مَوْجُوءً: وَهُوَ مَنْ رُضَّتْ بَيْضَتَاهُ، فَهَلْ
يَثْبُتُ لَهَا الخِيَارُ بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (4).
والقِسْمُ الثَّانِي: يَخْتَصُّ بالنِّسَاءِ، وَهُوَ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: الرَّتْقُ: وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ الفَرْجُ مَسْدُوداً / 263 و
/ يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الذَّكَرِ فِيْهِ. وفي مَعْنَاهُ القرنُ
والعَفَلُ؛ لأنَّهُ لَحْمٌ يَحْدُثُ في الفَرْجِ فَيَسُدَّهُ، وَقِيْلَ:
إنَّ القرنَ عَظْمٌ في الفَرْجِ يَمْنَعُ. وَقَالَ أبو حَفْصٍ: العَفَلُ
هُوَ كَالرِّغْوَةِ في الفَرْجِ تَمْنَعُ لَذَّةَ الوَطْءِ (5).
والثَّانِي: الفتقُ، وَهُوَ إنخرَاقُ مَا بَيْنَ القُبُلِ والدُّبُرِ،
وَقِيْلَ: بَلْ إِنخرَاقُ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ البَوْلِ ومَخْرَجِ
المَنِيِّ، وأَيُّهُمَا كان أَوْجَبَ الخِيَارِ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا
(6).
والقِسْمُ الثَّالِثُ: يَشْتَرِكُ فِيْهِ الرِّجَالُ والنِّسَاءُ وَهُوَ
سِتَّةُ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: الجُنُونُ ولاَ فَرْقَ بَيْنَ المُطبقِ وبَيْنَ أَنْ يَحِسَّ في
بَعْضِ الأَوْقَاتِ.
والثَّانِي: الجُذَامُ، وَهُوَ أَنْ يَتَنَاثَرَ بِهِ اللَّحْمُ.
والثَّالِثُ: البَرَصُ، وَهُوَ بَيَاضٌ يَظْهَرُ عَلَى الجِلْدِ، فَهَذِهِ
الثَّلاَثَةُ تُثْبِتُ خِيَارَ الفَسْخِ، رِوَايَةٌ واحِدَةٌ (7).
والرَّابِعُ (8): البَخَرُ، واخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيْهِ، فَقَالَ أبو
بَكْرٍ وابنُ حَامِدٍ: هُوَ عَيْبٌ يُثْبِتُ
__________
(1) انظر: المقنع: 214، والإنصاف 8/ 191.
(2) انظر: المقنع: 214، والإنصاف 8/ 191.
(3) زيادة منا ليستقيم الكلام.
(4) نقل أبو طَالِب في المرأة تتزوج بالخصي تستحل بِهِ، قَالَ: لا حَتَّى
تذوق العسيلة. وَقَالَ أبو بكر: الَّذِي أقول بِهِ ما نقله مهنّا؛ لأنَّهُ
يجامع جماع الفحل وأشد إلا أنَّهُ ينزل فيضعف ولا يفتر.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 138/ أ.
(5) انظر: المغني 7/ 580، والإنصاف 8/ 193.
(6) انظر: الإنصاف: 8/ 194.
(7) انظر: المقنع: 285.
(8) وردت فِي المخطوط ((والرابح)).
(1/394)
الخِيَار، واخْتَلَفَا في صِفَتِهِ،
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ نَتَنٌ في الفَمِ (1)، وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ:
هُوَ نَتَنٌ في الفَرْجِ يَثُورُ عِنْدَ الوَطْءِ (2)، وظَاهِرُ كَلاَمِ
الخِرَقِيِّ وأَبِي حَفْصٍ العُكْبُرِيِّ: أنَّهُ عَيْبٌ لاَ يَثْبُتُ
الخِيَارُ بِهِ (3).
والخَامِسُ: اسْتطَلاَقُ البَوْلِ والنَّجْوِ (4)، قَالَ أَبو بَكْرٍ (5):
هُوَ مُثْبِتٌ للخِيَارِ. ويُتَخَرَّجُ عَلَيْهِ النَّاصُورُ (6)
والبَاسُورُ (7) والقَرْحُ السَّيَّالَةُ في الفَرْجِ، وتُسَمَّى مَنْ لاَ
يَنْحَبِسُ بَوْلُهَا المَاشُوكَةُ، ومَنْ لا يَنْحَبِسُ نَجْوُهَا (8)
الشَّرِيْمُ، ومَنِ انْخَرَقَ مَسْلَكَاهَا المُفْضَاةُ، ويُحْتَمَلُ (9)
أَنْ يَثْبُتَ الفَسْخُ في جَمِيْعِ ذَلِكَ؛ لأنَّهُ لاَ يَمْنَعُ
الاسْتِمْتَاعَ ولاَ يَخْشَى مِنْ تَعَدِّيْهِ.
والسَّادِسُ: أَنْ يَجِدَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ خُنْثَى مُشْكلاً، فَذَكَرَ
أَبو بَكْرٍ (10) عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّهُ لاَ يَصِحُّ
نِكَاحُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ. وذَكَرَ الخِرَقِيُّ (11): أنَّهُ
إِذَا قَالَ: أنا رَجُلٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ نِكَاحِ النِّسَاءِ، وإِذَا
قَالَ: أنَا امْرَأَةٌ لَمْ تُمْنَعْ مِنْ نِكَاحِ الرِّجَالِ.
فَعَلَى هَذَا إنْ عَادَ بَعْدَ أَنْ زُوِّجَ وادَّعَى أنَّهُ بِضِدِّ مَا
أَخْبَرَنَا في الأَوَّلِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وإِذَا وَجَدَهُ الآخَرُ
خُنْثَى وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ فَلَهُ خِيَارُ الفَسْخِ في أَظْهَرِ
الوَجْهَيْنِ (12)، وعَلَى الوَجْهِ الآخَرِ: لاَ يَمْلِكُ الفَسْخ، فَإِنْ
وَجَدَ أَحَدُهُمَا بالآخَرِ عَيْباً بِهِ مِثلهُ أو حَدَثَ العَيْبُ
بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَهَلْ يَثْبُتُ خِيَارُ الفَسْخِ
أَمْ لاَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (13) وإنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بالعَيْبِ بَعْدَ
العَقْدِ فَسَكَتْ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ
الرِّضَا، أو مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ
__________
(1) انظر: الإنصاف 8/ 197.
(2) انظر: المغني 7/ 582.
(3) انظر: الإنصاف 8/ 198.
(4) النجو: ما يخرج من البطن من ريح وغائط. انظر: المعجم الوسيط: 905.
(5) انظر: المغني 7/ 582.
(6) الناصور: قرحة تمتد فِي أنسجة الجسم عَلَى شكل انبوبة ضيقة الفتحة
وكثيراً مَا تَكُوْن حول المقعدة وَهُوَ قرحة لاَ تزال تنتقض وَقَدْ يستعصي
شفاؤها فكلما بريء جزء مِنْهَا عاوده الفساد وجمعها نواصير.
انظر: المعجم الوسيط: 925، 917.
(7) الباسور: مرض يُحَدِّثُ مِنْهُ تمدد وريدي دوالي فِي الشرج تَحْتَ
الغشاء المخاطي غالباً.
انظر: المعجم الوسيط: 36.
(8) في الأصل: ((بولها))، وما أثبتناه من المغني 7/ 582.
(9) انظر: المغني 7/ 583.
(10) انظر: المغني 7/ 621.
(11) انظر: المغني 7/ 620.
(12) انظر: المغني 7/ 621.
(13) قَالَ أبو بكر وابن حامد: لا خيار لَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: له
الخيار. انظر: المحرر 2/ 25.
(1/395)
مِنَ التَّمَكُّنِ مِنَ الوَطْءِ
ونَحْوِهِ، ولاَ يَجُوزُ الفَسْخُ إِلاَّ بِحُكْمِ الحَاكِمِ، فَإِذَا
وَقَعَ الفَسْخُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ والخَلْوَةِ يَسْقُطُ
المَهْرُ، وإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ والخَلْوَةِ وَجَبَ المَهْرُ،
وهَلْ يَجِبُ المُسَمَّى أو يَسْقُطُ / 264 ظ / ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ؟
عَلَى رِوَايَتَيْنِ (1). وهَلْ يَجِبُ أَنْ تَرْجِعَ بِهِ عَلَى مَنْ
غَرَّهُ مِنَ الوَلِيِّ أو المرأَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (2). وَلَيْسَ
لِوَلِيِّ الحُرَّةِ والصَّغِيْرَةِ ولاَ لسَّيِّدِ الأَمَةِ
تَزْوِيْجُهُنَّ مِمَّنْ بِهِ شَيءٌ مِنَ العُيُوبِ، فَإِنْ أَرَادَتِ
المَرْأَةُ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِمَجْنُونٍ أو مَجْذُومٍ، فَهَلْ للوَلِيِّ
مَنْعُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (3)، أَصَحُّهَا أَنْ لَهُ مَنْعَهَا، وإِنْ
أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعِنِّيْنٍ أَو مَجْبُوبٍ لَمْ يَكُنْ له
مَنْعُهَا، وإِنْ حَدَثَ العَيْبُ بالزَّوْجِ فَرَضِيَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ
لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا إِجْبَارُهَا عَلَى الفَسْخِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ
امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَخَرَجَتْ كِتَابِيَّةً فَلَهُ
الخِيَارُ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا كِتَابِيَّةٌ فَخَرَجَتْ
مُسْلِمَةً فَلاَ خِيَارَ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ (4): لَهُ الخِيَارُ، فإِنْ
تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَخَرَجَتْ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ
يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الإِمَاءِ فَهُوَ بالخِيَارِ، وإِنْ تَزَوَّجَهَا
عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ فَخَرَجَتْ حُرَّةً فلاَ خِيَارَ. فَإِنْ
تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أنَّهُ حُرٌّ فَخَرَجَ عَبْداً، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ
في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (5)، وفي الأُخْرَى: تَصِحُّ ولَهَا
الخِيَارُ، فَإِنْ فُسِخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أو الخَلْوَةِ فَلاَ مَهْرَ
لَهَا، وإنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ أو الخَلْوَةِ فَلَهَا المَهْرُ عَلَى
كِلْتا الرِّوَايَتَيْنِ (6).
وإِذَا أُعْتِقَتِ الأَمَةُ وزَوْجهَا حُرٌّ فَلاَ خِيَارَ لَهَا في
الفَسْخِ، ونَقَلَ الكَوْسَجُ إِذَا زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ
السَّيِّدُ فَقَدْ عُتِقَتْ وتُخيَّرُ وَلَمْ يُفَرّقْ بَيْنَ أَنْ
يَكُوْنَ الزَّوْجُ حُرّاً أو عَبْداً، وإِنْ عُتِقَتْ وزَوْجُهَا عَبْدٌ
فَلَهَا الخِيَارُ الفَسْخ، روايَةٌ وَاحِدَةٌ (7)، وتَكُونُ عَلَى
التَّرَاخِي إِلاَّ أَنْ
__________
(1) نقل إسحاق بن إبراهيم لها مهر نسائها مِثْل أمها وأختها وعمتها ...
الخ. ونقل أبو الحارث: ينظر في ذَلِكَ إِلَى عصبتها.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 123/ أ - ب.
(2) قَالَ أبو بكر: أحدهما يرجع بِهِ، والأخرى لا يرجع.
انظر: المغني 7/ 587.
(3) أحدهما: لا يملك منعها، والثانية: لَهُ منعها لا عَلَيْهِ ضرراً.
انظر: المغني 7/ 590.
(4) انظر: المغني 7/ 590.
(5) انظر: الإنصاف 8/ 176.
(6) نقل أبو الحارث لها المهر ونقل يعقوب بن بختان لها نصفه. انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 125/ أ.
(7) نقل الأثرم وإبراهيم بن الحارث لها الخيار، ونقل مُحَمَّد بن حبيب: لا
خيار لها وَهُوَ اختيار أبي بكر. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 119/ أ -
ب.
(1/396)
يَكُوْنَ قَدْ وَجَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى
الرِّضَا بالمَقَامِ مَعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى عَتَقَ الزَّوْجُ
أَو مَكَّنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا بَطَلَ خِيَارُهَا. فإِنِ ادَّعَتِ
الجَهْلَ بالعِتْقِ وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَحِقَّا عَلَيْهَا
فالخِيَارُ بِحالِه، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ: لَمْ أَعْلَمْ أنَّهُ لَمْ
يَثْبُتْ لي الخِيَار بالعِتْقِ، وَقَالَ الخِرَقِيُّ (1): إِذَا
مَكَّنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا بَطَلَ خِيَارُهَا سَوَاءٌ عَلِمْتَ أَنَّ
الخِيَارَ لَهَا أو لَمْ تَعْلَمْ، وَيَجُوزُ أَنْ تفسَخ بالعِتْقِ مِنْ
غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، فَإِنْ فُسِخَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ أو الخَلْوَةِ
فَلَهَا المهر، وإِنْ فُسِخَتْ قَبْلَهَا فَلاَ مَهْرَ لَهَا عَلَى إِحْدَى
الرِّوَايَتَيْنِ (2)، وَهِيَ اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ، فَإِنْ عُتِقَتْ
وَهِيَ في عِدَّةٍ مِنْ طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ فَلَهَا الفَسْخُ، فَإِنْ لَمْ
تَفْسَخْ واخْتَارَتِ المقَامَ فَهَلْ يَسْقُطُ خِيَارُهَا أَمْ لاَ؟ عَلَى
وَجْهَيْنِ (3). فَإِنْ أُعْتِقَتْ وَهِيَ صَغِيْرَةٌ أو مَجْنُونَةٌ
ثَبَتَ لَهَا الخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ وعَقِلَتْ ولاَ يَخْتَارُ
وَلِيُّهَا عَنْهَا، فإنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أنْ تَخْتَارَ الفَسْخَ وَقَعَ
الطَّلاَقُ، وَقِيْلَ: يَقِفُ الحُكْمُ، فإِنْ فسختْ تَبَيَّنَّا / 265 و/
أنَّهُ لَمْ يَقَعْ، وإنْ [لَمْ تَفْسَخْ] (4) تَبَيَّنَّا أنَّهُ وَقَعَ.
وإِذَا كَانَتِ الأَمَةُ لاثْنَيْنِ فَعَتَقَ أَحَدهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ،
فَقَالَ الخِرَقِيُّ (5): لا خِيَارَ لَهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ (6):
يَثْبُتُ لَهَا الخِيَارُ، وحَكَاهُ نَصّاً عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ
[اللهُ] (7) -، فَإِنْ وَجَدَ عَتَقَ العَبْدَ والأَمَةَ في حَالَةٍ
وَاحِدَةٍ لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ وَلَمْ يَثْبُتِ الخِيَارُ إلاَّ
عَلَى رِوَايَةِ الكَوْسَجِ (8). ونَقَلَ يَعْقُوبُ بنُ بختان أنَّهُ
يَنْفَسِخُ نِكَاحُهمَا بالعِتْقِ في الحَالِ (9).
__________
(1) انظر: الإنصاف 8/ 178.
(2) إحداهما: لا مهر لها، والثانية: لها المهر؛ لأن المهر يجب بالعقد
ويستقر بالدخول. انظر: المغني 7/ 585.
(3) أحدهما: لها الخيار في العدة؛ لأن نكاحها باقٍ، وإن اختارت المقام بطل
خيارها.
انظر:: المغني 7/ 599.
(4) في الأصل: ((فسخت))، وما أثبتناه من كتب المذهب، انظر: المحرر 2/ 26.
(5) انظر: المغني 7/ 596.
(6) انظر: المغني 7/ 596.
(7) زيادة يقتضيها النص.
(8) نقل الأثرم وإبراهيم بن الحارث: لها الخيار. ونقل مُحَمَّد بن حبيب: لا
خيار لها وَهُوَ اختيار أبي بكر. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 119/ أ -
ب.
(9) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين: 119/ب.
(1/397)
بَابُ نِكَاحِ الكُفَّارِ
أنْكِحَةُ الكُفَّارِ صَحِيْحَةٌ (1) تَتَعَلَّقُ بِهَا أحْكَامُ
الصِّحَّةِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلاقِ والظِّهَارِ والإيْلاءِ وَوُجُوبِ
النَّفَقَةِ والمَهْرِ والقَسْمِ والإبَاحَةِ لِلزَّوْجِ الأوَّلِ
والإحْصَانِ وغيرِ ذلكَ. ويُحَرَّمُ فيها ما يُحَرَّمُ في أنْكِحَةِ
المُسْلِمِينَ مِنْ نِكَاحِ ذَوَاتِ المَحَارِمِ والمَجُوسِيَّاتِ
[والنِّكَاح في العَدُوِّ بِلا وَلِيٍّ ولا شُهُودٍ وغيرِ ذلكَ.
إلاَّ أنَّهُمْ يُقِرُّونَ على الأنْكِحَةِ المُحَرَّمَةِ] (2)
بِشَرْطَينِ، أحَدُهُمَا: أنْ يَعْتَقِدُوا إبَاحَتَهَا في شَرْعِهِمْ،
والثَّانِي: أنْ لا يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا نَصَّ عليهِ في رِوَايَةِ أبي
طَالِبٍ ومُهَنَّا، ونَقَلَ مُهَنَّا في مَوْضِعٍ آخَرَ في مَجُوسِيٍّ
تَزَوَّجَ كِتابِيَّةً أو اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً قالَ: يُحَالُ بَيْنَها
وبَيْنَهُ (3)، قيلَ مَنْ يَحُولُ؟ قالَ: الإمَامُ يَخْرُجُ عَلَى هَذا أنْ
يُحَالَ بَيْنَهُ وبينَ ذَوَاتِ المَحَارِمِ وبينَ كُلِّ عَقْدٍ لاَ
مَسَاغَ لهُ فِي الإسْلامِ، فإنْ قُلْنَا: إنَّهُمْ يُقِرُّونَ إذا لمْ
يَرْتَفِعُوا فَمَتَى ارْتَفَعُوا إلَيْنَا فَظَاهِرُ كَلامِ أحْمَدَ -
رَحِمَهُ اللهِ - (4) أنَّ الحَاكِمَ مُخَيَّرٌ بَينَ أنْ يَحْكُمَ
بَينهُمْ أوْ يترك الحكمُ وسَوَاءٌ كَانُوا أهْلَ مِلَّةٍ أو مِلَّتَينِ
فإنِ اخْتَارَ الحكمُ نَظَرْنَا فإنْ تَحَاكَمُوا في ابْتِدَاءِ العَقْدِ
فَلاَ يَجُوزُ العَقْدِ إلاَّ على الوَجْهِ الذي يُعْقَدُ عليهِ نِكَاحُ
المُسْلِمِينَ، وأنْ تَحَاكَمُوا في اسْتِدَامَةِ العَقْدِ، لم نَتَعَرَّضْ
لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ لكنْ نَنْظُرُ في الحَالِ فإنْ كانَتْ المَرْأةُ
مِمَّنْ يَجُوزُ له أنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا ابْتِداءاً أقَرَّ على
نِكَاحِهَا، وإنْ كَانتْ مِمَّنْ لا يَجُوزُ لهُ العَقْدُ عَلَيْهَا
ابْتَداءاً كَذَاتِ مَحْرَمَةٍ ومَنْ هِيَ في عِدَّةٍ لم يُقِرَّهُ على
نِكَاحِهَا.
فأمَّا المَهْرُ فإنْ كانَ مُسَمّىً صَحِيحاً اسْتَقَرَّ، وإنْ كانَ
فَاسِداً ولمْ يَقْبِضْهُ فَرَضَ لَها مَهْرَ المِثْلِ، وإنْ كَانَتْ قَدْ
قَبَضَتْهُ لمْ يَوجِبْ لَها مَهْراً غَيْرَهُ، وإذا أسْلَمَتْ زَوْجَةُ
الكِتَابِيِّ أو أسْلَمَ أحَدُ الزَّوْجَيْنِ الوَثَنِيَّيْنِ أو
المَجُوسِيَّيْنِ، فإنْ كانَ ذلكَ [قَبْلَ] (5) الدُّخُولُ تعجلت (6)
الفُرْقَةُ ولا مَهْرَ لَها، إنْ (7) كَانَتْ هيَ المُسْلِمَةُ وإنْ كَانَ
/ 266 ظ / هو المُسْلِمُ، فَنَقَلَ
__________
(1) انظر: المغني 7/ 531.
(2) مَا بَيْنَ المعكوفتين وردت مكررة فِي الأصل.
(3) انظر: المغني 7/ 563، الإنصاف 8/ 206.
(4) انظر: المغني 7/ 564.
(5) زيادة منا ليستقيم الكلام.
(6) فِي الأصل ((تنجزت)) وما أثبتناه هُوَ الصواب، انظر: الهادي: 163.
(7) فِي الأصل ((فإن)).
(1/398)
أحْمَدُ وحَرْبٌ: أنَّهُ لا مِهْرَ لَها
(1) أيْضاً، ونَقَلَ مُهَنَّا أيضاً وابنُ مَنْصُورٍ: لَهَا نِصْفُ
المَهْرِ وهِيَ اخْتِيارُ عَامَّةِ أصْحَابِنَا (2) فَعَلَى هَذِهِ إن
اخْتَلَفَا في السَّابِقِ فَقَالَ الزَّوْجُ: أسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ
فَسَقَطَ وقالتْ الزَّوْجَةُ: بلْ أسْلَمَ الزَّوْجُ أولاً فَلِي نِصْفُ
المَهْرِ، فالْقَوْلُ قَولُهَا، وكذلكَ إنْ قَالا: أحَدُنَا أسْلَمَ أوّلاً
ولا نَعْلَمُ عَيْنَهُ فَلَهَا نِصْفُ المَهْرِ. فإنْ قالَ الزَّوجُ:
أسْلَمْنَا مَعاً فَنَحْنُ على النِّكَاحِ، وقالَتِ الزَّوْجَةُ: بلْ
سَبَقَ أحَدُنَا بالإسْلاَمِ فانْفَسَخَ النَّكَاحُ، قُدِّمَ قَولُ
الزَّوْجَةِ لأنَّ الظَّاهِرَ مَعَها، اختَارَهُ شَيْخُنَا (3) ويُحْتَمَلُ
أنْ يَكُونَا على النِّكَاحِ لأنَّ الأصْلَ بَقَاؤُهُ، وإنْ كانَ الإسْلامُ
بِغَيْرِ الدُّخُولِ تَعَجَّلَتِ الفُرْقَةُ أيضاً في إحْدَى الرِّوَايتينِ
(4)، وفي الأخْرَى: تَقِفُ الفُرْقَةُ على انْقِضَاءِ العِدَّةِ (5)، فإنْ
أسْلَمَ الآخَرُ قَبْلَ أنْ تنْقَضِيَ العِدَّةُ فَهُمَا على نِكاحِهِما.
وإن انْقَضَتْ ولَمْ تُسْلِمْ وَقَعَتْ الفُرْقَةُ مِنْ حِينِ الإسْلاَمِ
الأَوَّلِ، فَعَلَى هذهِ الرِّوَايَةِ إنْ كَانَتْ المَرأةُ هيَ
المُسْلِمَة فَلَهَا نَفَقَةُ العِدَّةِ وإنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ
المُسْلِمُ سَقَطَتْ عنهُ نَفَقَةُ العِدَّةِ، فإن اخْتَلَفَا وقَدْ
أسْلَمَ أحدُهُمَا بَعْدَ الآخَرِ فادَّعَى الزَّوْجُ أنَّهُ أسْلَمَ
أوَّلاً، وأنَّ الزَّوْجَةَ أقَامَتْ على الشِّرْكِ فَلا نَفَقَةَ لَها فإن
ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ عَكْسَ ذلكَ كانَ القَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ
يَمِيْنِهَا في إحْدَى الوَجِهَيْنِ (6). وفي الآخَرِ نُقَدِّمُ قَوْلَ
الزَّوْجِ فإنْ وَطِئَهَا في العِدَّةِ ولمْ يُسْلِم الثَّانِي منهما
فَلَهَا مَهْرُ المِثْلِ لِلْوَطءِ. وإنْ أسْلَمَ في العِدَّةِ فلا مَهْرَ
لَهَا.
فإنْ أسْلَمَ الزَّوْجَانِ وبينَهُمَا نِكَاحُ مُتْعَةٍ أوْ نِكَاحُ شَرْطٍ
فيهِ خَيَارُ الفَسْخِ مَتَى شَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُما، لَمْ يُقَرَّا
عليهِ، وإنْ أسْلَمَا وقد تَزَوَجَهَا فَلا وَلِيّ ولا شُهُود أقُرَّا
عليهِ فإنْ تَزَوَّجَهَا في عِدَّةٍ فأسْلَمَا قَبلَ انْقِضَائِهِمَا لمْ
يُقَرَّا عليهِ، وكذلكَ إنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ خَيَارِ مُدَّةٍ
__________
(1) انظر: الهادي: 216.
(2) انظر: الإنصاف 8/ 211.
(3) انظر: الإنصاف: 8/ 212.
(4) انظر: الإنصاف: 8/ 213.
(5) نقل أبو طالب والميموني ينفسخ في الحال ونقل حنبل على انقضاء العدة.
انظر: الروايتين والوجهين 118/ أ - ب.
(6) لأن الأصل وجوب النفقة وهو يدعي سقوطها، والثاني أن القول قوله؛ لأن
النفقة إنما تجب بالتمكين من الاستمتاع والأصل عدمه.
الشرح الكبير 7/ 599.
(1/399)
مَعْلُومَةٍ فأسْلَمَا قبلَ انْقِضَائِهَا
فأما إنْ أسْلَمَا بعدَ انْقَضَاءِ العِدَّةِ ومُدَّةِ الخَيَارِ أقُرَّا
عليه.
فإنْ قَهرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فَوَطِئَهَا أو طَاوَعَتْهُ ثمَّ
أسْلَمَا لَمْ يُقَرَّا على ذلكَ، فإن اعْتَقَدَا أنَّ ذلكَ نِكَاحٌ
أُقِرَّا عليهِ، فإنْ لَمْ يَعْتِقِدَاهُ نِكَاحاً لمْ يُقَرَّا عليهِ.
فإنْ طَلَّقَهَا في حَالِ الكُفْرِ ثَلاثاً ثُمَّ اسْتَدامَ نِكَاحَهَا
وأسْلَمَا لمْ يُقَرَّا عليهِ، فإنِ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ أو أَحَدُهُمَا
قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ نِكاحهُمَا، وعَلَيْهُ نِصْفُ المَهْرِ إنْ
كَانَ هوَ المُرْتَدُّ أوَّلاً، وإنْ كَانَتْ هِيَ / 267 و / المُرْتَدَّةُ
فَلا مَهْرَ لَها فإنْ كَانَت الرِّدَّةُ بعدَ الدُّخُولِ فَعَلَى
رِوَايَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا: تَقَعُ الفُرْقَةُ في الحَالِ أيضاً
والثَّانِيَةُ على انْقِضَاءِ العِدَّةِ (1). فإنْ أسْلَمَا قَبلَ
انْقِضَائِهَا فَهُمَا على نِكَاحِهِمَا والمَهْرُ يَجِبُ على كِلْتَا
الرِّوَايَتَينِ (2). فإن انْتَقَلَ أحَدُهُمَا إلى دِيْنٍ لا يقر عليهِ
أهْلهُ كَعِبَادَةِ الأوْثَانِ والزَّنْدَقَةِ لم يُقَرَّ عليهِ.
والذي يُقْبَلُ مِنهُ على ثَلاثِ رِوَايَاتٍ إحداهَا: الإسْلامُ (3)،
والثَّانِيَةُ: الإسْلامُ أو الدِّينُ الذي كانَ عليهِ، والثَّالِثَةُ:
الإسْلامُ أو الدِّينُ الذي كانَ عليهِ أو دِينٌ يقر أهله عليهِ. فإن
انْتَقَلَ إلى دِينٍ يقر أهلهُ عليهِ فَعَلَى ثَلاثِ رِوَايَاتٍ، إحداهَا:
يقرُّ، وهي اخْتِيارُ الخَلاّلِ (4) فَيَكُونَا على النِّكَاحِ إلاّ أنْ
يَنْتَقِلَ إلى دَيْنِ المَجُوسِيَّةِ فَيُفَرَّقُ بينَهُما. والثَّانِيَةُ
(5): لا يقر ولا يُقْبَلُ منهُ إلا الإسْلامُ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ
المُرْتَدِّ. والثَّالِثَةُ: إنِ انْتَقَلَ إلَى دِيْنٍ أَكْمَلُ مِنْ
دِينِهِ أُقِرَّ وإلاَّ فَلا يُقَرُّ عليهِ.
وإذا أسْلَمَ الحُرُّ وتَحْتَهُ أكْثَرُ من أرْبَعِ نِسْوَةٍ فأسْلَمْنَ
مَعَهُ أو كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أرْبَعاً، وإنْ لمْ
يخْتَرْ أُجْبِرَ عليهِ وأُلْزِمَ نَفَقَتَهُنَّ إلى أنْ يَخْتَارَ، فإنْ
طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ أو وَطِئَهَا كانَ ذَلِكَ اخْتِياراً لَهَا. فإنْ
طَلَّقَ الجَمِيعَ ثَلاثاً أقْرَعْنَا بينَهُنَّ فإذا وَقَعَتِ القُرْعَةُ
على أرْبَعٍ مِنْهُنَّ كُنَّ المُخْتَاراتِ وكانَ لهُ أنْ يَعْقِدَ
النِّكَاحَ على البَوَاقِي، وإنْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ أو آلَى فَهَلْ يَكُونُ
اخْتِياراً؟ يَحتَمِلُ وَجْهَينِ (6). فإنْ مَات ولم يخْتَرِ فَعَلى
الجَمِيعِ عِدَّةُ الوَفاةِ اختارَهَا
__________
(1) الأولى نقلها أبو طالب والميموني، والثانية نقلها حنبل وهو اختيار
الخرقي.
انظر: الروايتين والوجهين 118/أ-ب.
(2) انظر ما سبق.
(3) اختارها الخرقي والخلال. انظر: الشرح الكبير 7/ 605.
(4) انظر: الشرح الكبير 7/ 605.
(5) فِي الأصل ((والثالثة)).
(6) أحدهما: لا يكون اختياراً؛ لأنه يصح في غير الزوجة، والثاني يكون
اختياراً؛ لأن حكمه لا يثبت في غير الزوجة. الشرح الكبير 7/ 609.
(1/400)
شَيْخُنا (1). ويُحْتَمَلُ أنْ تَجِبَ
عِدَّةُ الوَفاةِ في حَقِّ أرْبَعٍ مِنْهُنَّ وفي حَقِّ البَوَاقِي تِجِبُ
عِدَّةُ الوَطءِ، فَيَجِبُ على جَمِيْعِهِنَّ الاعْتِدَادُ بأطْوَلِ
الأمَدَيْنِ مِنْ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ أو ثَلاثَةِ أَقْراء ليَحْصُلَ
قَضَاءُ عِدَّتِهِنَّ. فأمَّا المِيْراثُ فَيسْتَحِقُّهُ أرْبَعٌ مِنْهُنَّ
بالقُرْعَةِ.
فإنْ أسْلَمَ وتَحْتَهُ أمٌّ وبِنْتٌ لمْ يَدْخُلْ بِهَا انْفَسَخَ نِكَاحُ
الأمِّ، وإنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، وإنْ دَخَلَ
بالبِنْتِ وَحْدَها انْفَسَخَ نِكَاحُهُما وحُرِّمَتَا عَليهِ على
التَّأْبِيْدِ.
فإنْ أسْلَمَ وتَحْتَهُ امرَأَةٌ وأُخْتُهَا أو عَمَّتُهَا أو خَالَتُهَا،
فَلهُ أنْ يَخْتَارَ أيَّهُمَا شَاءَ، ويَنْفَسِخُ نِكَاحُ الأخْرَى سَواءٌ
كانَ ذلكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهِما أَوْ بعده.
فإنْ أسْلَمَ وتَحْتَهُ أرْبعُ إمَاءٍ فأسْلَمْنَ معهُ فإنْ كانَ في حَالِ
اجْتِمَاعِهِمْ في الإسلامِ مِمَّنْ لا يَحِلُّ لهُ نِكَاحُ الإمَاءِ
انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ، وإنْ كانَ مِمَّنْ يَحِلُّ لهُ نِكَاحُ الإمَاءِ
اخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، فإنْ لمْ تَعْفُهُ إلاَّ الأرْبَعُ
والشَّرْطانِ فيهِ جَازَ / 268 ظ / لهُ إمْسَاكُهُنَّ في إحْدَى
الرِّوَايَتَيْنِ (2)، وفي الأُخْرَى لا يَجُوزُ لهُ أنْ يَمْسِكَ إلاَّ
وَاحِدةً.
فإنْ أسْلَمَ وتَحْتَهُ إمَاءٌ قَدْ دَخَلَ بِهِنَّ وهُوَ مُوسِرٌ فَلَمْ
يُسْلِمْنَ حَتّى أعْسَرَ، فإنْ على الرِّوَايَةِ التِي تَقُولُ: تَقِفُ
الفُرْقَةُ على انْقِضَاءِ العِدَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أسْلَمَ وهُوَ
مِمَّنْ يَحِلُّ لهُ الإمَاءُ، فإنْ أسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ مِنَ الإمَاءِ
بعدَ إسْلاَمِهِ ثمَّ أعْتِقَتْ ثمَّ أسْلَمَ البَوَاقِي كانَ لهُ
الاخْتِيارُ مِن الكُلِّ، وبِمِثْلِهِ لَوْ أعْتِقَتْ ثمَّ أسْلَمَتْ
وأسْلَمْنَ لَمْ يَكُنْ لهُ التَّخَيُّرُ في الإمَاءِ؛ لأنَّهَا في حَالَةِ
الاجْتِمَاعِ مَعَهُ في الإسْلاَمِ كَانَتْ حُرَّةً، وفي التي كانِتْ
قَبْلَهَا كانَتْ حَالَ الاجْتِمَاعِ أمَةً، وعلى هذا إذا أسْلَمَ
وتَحْتَهُ إمَاءٌ وحُرَّةٌ، فإنْ أسْلًمَتِ الحُرَّةُ مَعَهُ انْقَطَعَ
نِكَاحُ الإمَاءِ، فإنْ أسْلَمن الإمَاءُ ولم تُسْلِم الحُرَّةُ فإنْ
قُلْنَا: الفُرْقَةُ تَقَعُ باخْتِلافِ الدِّينِ فَقَدْ انفسخ نكاح الحرة
ويَخْتارُ مِنَ الإمَاءِ، وإنْ قُلْنَا: تَقِفُ الفُرْقَةُ على انْقِضَاءِ
العِدَّةِ وَقْفٌ أم لا على إسْلامِ الحُرَّةِ، فإنْ أسْلَمَتْ في
العِدَّةِ لزم نكاحها وانفسخ نكاحهن وإن لَمْ يسلم حَتَّى انقضت العدة كانَ
حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لا حُرَّةَ تَحْتَهُ.
فإنْ أسْلَمَ عَبْدٌ وتَحْتَهُ أرْبَعُ نِسْوَةٍ فأسْلَمْنَ مَعَهُ
اخْتَارَ مِنْهُنَّ اثْنَتَيْنِ، فإنْ أسْلَمَ وأعْتَقَ ثمَّ أسْلَمْنَ
وكُنَّ حَرَائِراً وإمَاءً فأعْتِقْنَ فَلَهُ إمْسَاكُ الجَمِيْعِ.
فإنْ سُبِيَ الزَّوْجَانِ فَهُمَا على نِكَاحِهِمَا فإنْ سُبِيَ
أَحَدُهُمَا، فقالَ شَيْخُنَا (3): يَنْفَسِخُ ويُحْتَمَلُ أنْ لا
يَنْفَسِخَ.
__________
(1) انظر: الشرح الكبير 7/ 609، الإنصاف 8/ 222.
(2) انظر: المغني 7/ 553.
(3) انظر: الإنصاف 8/ 226.
(1/401)
|