عمدة الفقه

كتاب الوصايا
مدخل
...
كتاب الوصايا
روي عن سعد قال قلت يا رسول الله قد بلغ بي الجهد ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي قال: "لا" قلت: فالشطر قال: "لا" قلت: فالثلث قال: "الثلث والثلث كثير إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" 1
ويستحب لمن ترك خيرا الوصية بخمس ماله.
وتصح الوصية والتدبير2 من كل من تصح هبته ومن الصبي العاقل والمحجور عليه لسفه ولكل من تصح الهبة له وللحمل إذا علم أنه كان موجودا حين الوصية له.
وتصح بكل ما فيه نفع مباح ككلب الصيد والغنم وبما فيه نفع من النجاسات وبالمعدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته.
وتصح بما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء والسمك في الماء وبما لا يملكه كمائة درهم لا يملكها وبغير معين كعبد من عبيده ويعطيه الورثة منهم ما شاءوا وبالمجهول كحظ من ماله أو جزء ويعطيه الورثة ما شاءوا.
وإن وصى له بمثل نصيب أحد ورثته فله مثل أقلهم نصيبا يراد على الفريضة فلو خلف ثلاثة بنين ووصى بمثل نصيب أحدهم فله الربع فإن كان معهم ذو فرض كأم صححت مسألة الورثة بدون الوصية من ثمانية عشر وزدت عليها بمثل نصيب ابن فصارت من ثلاثة وعشرين.
ولو وصى بمثل نصيب أحدهم ولآخر بسدس باقي المال جعلت صاحب سدس الباقي كذي فرض صححتها كالتي قبلها فان كانت وصية الثاني بسدس باقي الثلث صححتها كما قلنا سواء ثم زدت عليها مثلها فتصير تسعة وستين وتعطى صاحب
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "1295"، ومسلم "1628".
2 التدبير: لفظ خص به العتق بعد الموت. انظر:الزاهر ص561.

(1/73)


السدس سهما واحدا والباقي بين البنين والوصي الآخر أرباعا وإن زاد البنون على ثلاثة زدت صاحب سدس الباقي بقدر زيادتهم فإن كانوا أربعة أعطيته مما صححت منه المسألة سهمين وإن كانوا خمسة فله ثلاثة وإن كانت الوصية بثلث باقي الربع والبنون أربعة فله سهم واحد وإن زاد البنون على أربعة زدته بكل واحد سهما.
وإن وصى بضعف نصيب وارث أو ضعفيه فله مثلا نصيبه وثلاثة أضعاف ثلاثة أمثاله.
وإن وصى بجزء مشاع كثلث وربع أخذته من مخرجه وقسمت الباقي على الورثة.
وإن وصى بجزأين كثلث وربع أخذتهما من مخرجهما وهو اثنا عشر وقسمت الباقي على الورثة فإن ردوا جعلت سهام الوصية ثلث المال وللورثة ضعف ذلك.
وإن وصى بمعين من ماله فلم يخرج من الثلث فللموصى له قدر الثلث إلا أن يجيز الورثة.
وإن زادت الوصايا على المال كرجل وصى بثلث ماله لرجل ولآخر بجميعه ضممت الثلث إلى المال فصار أربعة أثلاث وقسمت التركة بينهما على أربعة إن أجيزت لهما والثلث على أربعة إن رد عليهما.
ولو وصى بمعين لرجل ثم وصى به لآخر أو أوصى إلى رجل ثم أوصى إلى آخر فهو بينهما وإن قال ما أوصيت به للأول فهو للثاني بطلت وصية الأول.

(1/74)


فصل [في بطلان الوصية]
إذا بطلت الوصية أو بعضها رجع إلى الورثة فلو وصى أن يشتري عبد زيد بمائة فيعتق فمات أو لم يبعه سيده فالمائة للورثة وإن وصى بمائة تنفق على فرس حبيس فمات الفرس فهي للورثة ولو وصى أن يحج عنه زيد بألف فلم يحج فهي للورثة وإن قال الموصى له أعطوني الزائد على نفقة الحج لم يعط شيئا ولو مات الموصى له قبل موت الموصي أو رد الوصية ردت إلى الورثة ولو وصى لحي وميت فللحي نصف الوصية ولو وصى لوارثه ولأجنبي بثلث ماله فللأجنبي السدس ويوقف سدس الوارث على الإجازة.

(1/74)


باب الموصى إليه
تجوز الوصية إلى كل مسلم عاقل عدل من الذكور والإناث بما يجوز للموصي فعله من قضاء ديونه وتفريق وصيته والنظر في أمر أطفاله.

(1/74)


فصل [في الحجر واختبار الرشد]
ولوليهم أن يأذن للمميز من الصبيان بالتصرف ليختبر رشده والرشد هنا الصلاح في المال فمن آنس رشده دفع إليه ماله اذا بلغ وأشهد عليه ذكرا كان أو أنثى فإن عاود السفه أعيد عليه الحجر ولا ينظر في ماله إلا الحاكم ولا ينفك عنه الحجر إلا بحكمه ولا يقبل إقراره في المال ويقبل في الحدود والقصاص والطلاق فإن طلق أو عتق نفذ طلاقه دون إعتاقه.

(1/75)


فصل [في الإذن للعبد في التصرف]
وإذا أذن السيد لعبده في التجارة صح بيعه وشراؤه وإقراره ولا ينفذ تصرفه إلا في قدر ما أذن له فيه وإن رآه سيده أو وليه يتصرف فلم ينهه لم يصر بهذا مأذونا له.

(1/75)