عمدة
الفقه كتاب الأطعمة
مدخل
...
كتاب الأطعمة
وهي نوعان: حيوان وغيره فأما غير الحيوان فكله
مباح إلا ما كان نجسا أو مضرا كالسموم
والأشربة كلها مباحة إلا ما أسكر فإنه يحرم
قليله وكثيره من أي شيء كان لقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام وما أسكر
منه الفرق1 فملء الكف منه حرام" 2.
وإذا تخللت الخمر طهرت وحلت وإن خللت لم تطهر.
ـــــــ
1 الفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلاً، أي ما
يعادل 10كغ. انظر: المصباح المنير "فرق"،
والفقه الإسلامي وأدلته "1/75".
2 أخرجه أبو داود "3687"، والترمذي "1866"، من
حديث عائشة.
قال الترمذي: حديث حسن.
(1/115)
فصل [في ما يحل ويحرم من الحيوان]
والحيوان قسمان بحري وبري فأما البحري فكله
حلال إلا الحية والضفدع والتمساح وأما البري
فيحرم منه كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من
الطير كالنسور والرخم وغراب البين الأبقع
والحمر الأهلية والبغال وما يأكل الجيف من
الطير وما يستخبث من الحشرات كالفأر ونحوها
إلا اليربوع والضب لأنه أكل مائدة رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو ينظر وقيل له أحرام
هو؟ قال: "لا" 1 وما عدا هذا مباح ويباح أكل
الخيل والضبع لأن النبي صلى الله عليه وسلم
أذن في لحوم الخيل2 وسمى الضبع صيدا3.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "5537"، ومسلم "1945"، من
حديث ابن عباس.
2 أخرجه البخاري "5524"، ومسلم "1941"، من
حديث جابر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر وأذن في لحوم
الخيل".
3 أخرجه أبو داود "3801"، والترمذي "1791"،
والنسائي "4320"، وابن ماجه "3236"، من حديث
جابر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن الضبع فقال: "هو صيد، ويجعل في كبش إذا
صاده المحرم" .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(1/115)
باب الذكاة
يباح كل ما في البحر بغير ذكاة لقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم في البحر: "الحل ميتته" 1
إلا ما يعيش في البر فلا يحل حتى يذكى إلا
السرطان ونحوه ولا يباح من البري شيء بغير
ذكاة إلا الجراد وشبهه.
والذكاة تنقسم ثلاثة أقسام نحر وذبح وعقر.
ويستحب نحر الإبل وذبح ما سواها فإن نحر ما
يذبح أو ذبح ما ينحر فجائز ويشترط للذكاة كلها
ثلاثة شروط:
أحدها: أهلية المذكي وهو أن يكون عاقلا قادرا
على الذبح مسلما أو كتابيا فأما الطفل
والمجنون والسكران والكافر الذي ليس بكتابي
فلا تحل ذبيحته.
والثاني: أن يذكر اسم الله تعالى عند الذبح
وإرسال الآلة في الصيد إن كان ناطقا وإن كان
أخرس أشار إلى السماء فإن ترك التسمية على
الذبيحة عامدا لم تحل وإن تركها ساهيا حلت وإن
تركها على الصيد لم يحل عمدا كان أو سهوا.
الثالث: أن يذكي بمحدد سواء كان من حديد أو
حجر أو قصب أو غيره إلا السن والظفر لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنهر الدم ذكر
اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر" 2.
ويعتبر في الصيد أن يصيد بمحدد أو يرسل جارحا
فيجرح الصيد فان قتل الصيد بحجر أو بندق أو
شبكة أو قتل الجارح الصيد بصدمته أو خنقه أو
روعته لم يحل وإن صاد بالمعراض أكل ما قتل
بحده دون ما قتل بعرضه وإن نصب المناجيل للصيد
وسمى فعقرت الصيد أو قتلته حل.
ـــــــ
1 تقدم تخريجه ص14.
2 أخرجه البخاري "5503"، ومسلم "1968"، من
حديث رافع بن خديج.
(1/116)
فصل [في شروط الذكاة]
ويشترط في الذبح والنحر خاصة شرطان:
أحدهما: أن يكون في الحلق واللبة فيقطع
الحلقوم والمريء وما لا تبقى الحياة مع قطعه.
(1/116)
الثاني: أن
يكون في المذبوح حياة يذهبها الذبح فإن لم يكن
فيه إلا كحياة المذبوح وما أبينت حشوته لم يحل
بالذبح ولا النحر وإن لم يكن كذلك حل لما روى
كعب قال كانت لنا غنم ترعى بسلع فأبصرت جارية
لنا شاة موتى فكسرت حجرا فذبحتها به فسئل رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمر بأكلها1.
وأما العقر فهو القتل بجرح في غير الحلق
واللبة ويشرع في كل حيوان معجوز عنه من الصيد
والأنعام لما روى أبو رافع أن بعيرا ند
فأعياهم فأهوى إليه رجل بسهم فحسبه فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إن لهذه البهائم
أوابد2 كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا
به هكذا"3 .
ولو تردى بعير في بئر فتعذر نحره فجرح في أي
موضع من جسده فمات به حل أكله.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "5505"، وسلع: موضع بالمدينة
المنورة. انظر: معجم البلدان 3/336.
2 المراد أن لها توحشاً، انظر: فتح الباري
9/628.
3 أخرجه البخاري (5509), ومسلم (1968), من
حديث رافع بن خديج.
(1/117)
|