عمدة الفقه

كتاب الحدود
مدخل
...
كتاب الحدود
ولا يجب الحد إلا على مكلف عالم بالتحريم ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه إلا السيد فإن له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه القن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها" 1 وليس له قطعة في السرقة ولا قتله في الردة ولا جلد مكاتبه ولا أمته المزوجة وحد الرقيق في الجلد نصف حد الحر ومن أقر بحد ثم رجع عنه سقط.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "2135"، ومسلم "1703"، من حديث أبي هريرة.

(1/135)


فصل [في وسائل إقامة الحد وكيفيته]
ويضرب في الجلد بسوط لا جديد ولا خلق ولا يمد ولا يربط ولا يجرد ويتقي وجهه ورأسه وفرجه.
ويضرب الرجل قائما والمرأة جالسة وتشد عليها ثيابها وتمسك يداها.
ومن كان مريضا يرجى برؤه أخر حتى يبرأ لما روي عن علي رضي الله عنه أن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن اقتلها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أحسنت" 1 فإن لم يرج برؤه وخشي عليه من السوط جلد بضغث فيه عيدان بعدد ما يجب عليه مرة واحدة.
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "1705".

(1/135)


فصل [في اجتماع الحدود]
وإن اجتمعت حدود لله تعالى فيها قتل قتل وسقط سائرها ولو زنى أو سرق مرارا ولم يحد فحد واحد.
وإن اجتمعت حدود من أجناس لا قتل فيها استوفيت كلها ويبدأ بالأخف منها.

(1/135)


فصل [في استيفاء الحدود في الحرم والغزو]
ومن أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم أو لجأ إليه من عليه قصاص لم يستوف منه حتى يخرج لكن لا يبايع ولا يشارى وإن فعل ذلك في الحرم استوفي منه فيه وإن أتى حدا في الغزو لم يستوف حتى يخرج من دار الحرب.

(1/136)


باب حد الزنا
...
No pages

(1/)


باب حد القذف
ومن رمى محصنا بالزنا أو شهد عليه به فلم تكمل الشهادة عليه جلد ثمانين جلدة إذا طالب المقذوف والمحصن هو الحر البالغ المسلم العاقل العفيف.
ويحد من قذف الملاعنة أو ولدها.
ومن قذف جماعة بكلمة واحدة فحد واحد إذا طالبوا أو واحد منهم فإن عفا بعضهم لم يسقط حق غيره.

(1/136)


باب حد المسكر
ومن شرب مسكرا قل أو كثر مختارا عالما أن كثيره يسكر جلد لحد أربعين جلدة لأن عليا رضي الله عنه جلد الوليد بن عقبة في الخمر أربعين وقال جلد النبي أربعين وأبو بكر وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي1 وسواء كان عصير العنب أو غيره.
ومن أتى من المحرمات ما لا حد فيه لم يزد على عشر جلدات لما روى أبو بردة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجلد أحد أكثر من عشر جلدات إلا في حد من حدود الله" إلا أن يطأ جارية امرأته بإذنها فإنه يجلد مائة.
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "1707"
2أخرجه البخاري "6848" , ومسلم "1708" .

(1/137)


باب حد السرقة
ومن سرق ربع دينار من العين أو ثلاثة دراهم من الورق أو ما يساوي أحدهما من سائر المال فأخرجه من الحرز قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت فإن عاد حبس ولا يقطع غير يد ورجل.
ولا تثبت السرقة إلا بشهادة عدلين أو اعتراف مرتين.
ولا يقطع حتى يطالب المسروق منه بماله وإن وهبها للسارق أو باعه إياها قبل ذلك سقط القطع وإن كان بعده لم يسقط.
وإن نقصت عن النصاب بعد الإخراج لم يسقط القطع وإن كان قبله لم يجب وإذا قطع فعليه رد المسروق إن كان باقيا أو قيمته إن كان تالفا.

(1/137)


باب حد المحاربين
وهم الذين يعرضون للناس في الصحراء جهرة ليأخذوا أموالهم فمن قتل منهم وأخذ المال قتل وصلب حتى يشتهر ودفع إلى أهله ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمتا ولا يقطع إلا من أخذ ما يقطع السارق به ومن أخاف السبيل

(1/137)


فصل [في دفع الصائل]
ومن عرض له من يريد نفسه أو ماله أو حريمه أو حمل عليه سلاحا أو دخل منزله بغير إذنه فعليه دفعة بأسهل ما يكون أنه يندفع به فإن لم يندفع إلا بقتله فله قتله ولا ضمان عليه وإن قتل الدافع فهو شهيد وعلى قاتله ضمانه.
ومن صالت عليه بهيمة فله دفعها بمثل ذلك ولا ضمان في ذلك.
ومن اطلع في دار إنسان أو بيته من خصاص1 الباب أو نحوه فخذفه بحصاة ففقأ عينه فلا ضمان عليه.
وإن عض إنسان يده فانتزعها منه فسقطت ثناياه فلا ضمان.
ـــــــ
1 الخصاص: كل خلل وخرف في باب ومنخل وبرقع ونحوه، أو الثقب الصغير. انظر: القاموس المحيط: "خصص".

(1/138)


باب قتال أهل البغي
وهم الخارجون على الإمام يريدون إزالته عن منصبه فعلى المسلمين معونة إمامهم في دفعهم بأسهل ما يندفعون به فإن آل إلى قتالهم أو تلف مالهم لا شيء على الدافع وإن قتل الدافع كان شهيدا.
ولا يتبع لهم مدبر ولا يجهز على جريح ولا يغنم لهم مال ولا تسبى لهم ذرية ومن قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه.
ولا ضمان على أحد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفس أو مال.
وما أخذ البغاة حال امتناعهم من زكاة أو جزية أو خراج لم يعد عليهم ولا على الدافع إليهم.
ولا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره.

(1/138)


باب حكم المرتد
ومن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء وجب قتله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" 1 ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل بالسيف.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "6922"، من حديث ابن عباس.

(1/138)