مختصر الخرقى

كتاب العتق
وإذا كان العبد بن ثلاثة فاعتقوه معا أو وكل نفسان الثالث أن يعتق حقوقهما مع حقه ففعل أو اعتق كل واحد منهم حقه وكان معسرا فقد صار العبد حرا وولاؤه بينهم أثلاثا ولو اعتقه أحدهم وهو موسر عتق كله وصار لصاحبيه عليه قيمة ثلثيه فإن اعتقاه بعد عتق الأول له وقبل أخذ القيمة لم يثبت لهما فيه عتق لأنه قد صار حرا بعتق الأول له وان اعتقه الأول وهو معسر واعتقه الثاني وهو موسر عتق عليه نصيبه ونصيب شريكه وكان عليه ثلث قيمته وكان ثلث ولائه للمعتق الثاني ولو كان المعتق الثاني معسرا عتق نصيبه منه وكان ثلثه رقيقا لمن لم يعتق فإن مات وفي يده مال كان ثلثه لمن لم يعتق وثلثاه للمعتق الأول والمعتق الثاني بالولاء إذا لم يكن له وارث أحق منهما.
وإذا كان العبد بين نفسين فادعى كل واحد منهما أن شريكه أعتق حقه منه فإن كانا معسرين لم يقبل قول كل واحد منهما على شريكه فإن كانا عدلين كان للعبد أن يحلف مع كل واحد منهما ويصير حرا أو يحلف

(1/161)


مع أحدهما ويصير نصفه حرا.
وإن كان الشريكان موسرين فقد صار حرا باعتراف كل واحد منهما بحريته وصار مدعيا على شريكه نصف قيمته فإن لم تكن بينة فيمين كل واحد منهما لشريكه.
وإذا مات رجل وخلف ابنين وعبدين لا يملك غيرهما وهما متساويان في القيمة فقال أحد الابنين أبي أعتق هذا وقال الآخر أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما أقرع بينهما فإن وقعت القرعة على الذين اعترف الابن بعتقه عتق منه ثلثاه إن لم يجز الابنان عتقه كاملا وكان الآخر عبدا وإن وقعت القرعة على الآخر عتق منه ثلثه وكان لمن أقرعنا بقوله فيه سدسه ونصف العبد الآخر ولأخيه نصفه وسدس العبد الذي اعترف أن أباه اعتقه فصار ثلث كل واحد من العبدين حرا وإذا كان لرجل نصف عبد ولآخر ثلثه ولآخر سدسه فأعتقه صاحب النصف وصاحب السدس معا وكان موسرين عتق عليهما وضمنا حق شريكهما فيه نصفين وكان ولاؤه بينهما أثلاثا لصاحب النصف ثلثاه ولصاحب السدس ثلثه وإذا كانت الأمة بين نفسين فأصابها أحدهما وأحبلها أدب ولم يبلغ به الحد وضمن نصف قيمتها لشريكه وصارت أم ولد له وولده حر فإن كان معسرا كان في ذمته نصف قيمتها وإن لم تحبل منه فعليه نصف مهر مثلها وهي على ملكهما وإذا ملك سهما من بعض من يعتق عليه بغير الميراث وهو موسر عتق عليه كله وكان لشريكه عليه قيمة حقه منه وإن كان معسرا لم يعتق عليه منه إلا ما ملك منه موسرا كان أو معسرا.
وإذا كان له ثلاثة أعبد فأعتقهم في مرض موته أو دبرهم أو دبر

(1/162)


أحدهم وأوصى بعتق الآخرين ولم يخرج من ثلثه إلا واحد لتساوي قيمتهم اقرع بينهم بسهم حرية وسهمي رق فمن وقع له سهم حرية عتق دون صاحبيه.
ولو قال لهم في مرض موته أحدكم حر أو كلكم حر ومات فكذلك وإذا ملك نصف عبد فدبره أو اعتقه في مرض موته فعتق بموته وكان ثلث ماله يفي بقيمة النصف الذي لشريكه أعطي وكان كله حرا في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله والرواية الأخرى لا يعتق إلا حصته وان كان ثلث ماله يفي بحصة شريكه وكذلك إذا دبر بعضه وهو مالك لكله ولو اعتقهم وثلثه يحتملهم فأعتقناهم ثم ظهر عليه دين يستغرقهم بعناهم في دينه ولو أعتقهم وهم ثلاثة فأعتقنا منهم واحدا لعجز ثلثه عن أكثر منه ثم ظهر له مال يخرجون من ثلثه عتق من أرق منهم.
ومن قال لعبده أنت حر في وقت سماه لم يعتق حتى يأتي الوقت وإذا أسلمت أم ولد النصراني منع من غشيانها والتلذذ بها وكانت نفقتها عليه فإن اسلم حلت له وإذا مات عتقت.
وإذا قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر فولدت اثنين أقرع بينهما فمن أصابته القرعة عتق إذا أشكل أولهما خروجا.
وإذا قال العبد لرجل أشترني من سيدي بهذا المال واعتقني ففعل فقد صار حرا وعلى المشتري أن يؤدي إلى البائع مثل الذي اشتراه به وولاؤه للذي اشتراه ألا أن يكون قال له يعني بهذا المال فيكون الشراء والعتق باطلين ويكون السيد قد أخذ ماله.

(1/163)


كتاب المدبر
وإذا قال لعبده أو أمته أنت مدبر أو قد دبرتك أو أنت حر بعد موتي صار مدبرا وله بيعه في الدين ولا تباع المدبرة إلا في الدين في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله والرواية الأخرى الأمة كالعبد فإن اشتراه بعد ذلك رجع في التدبير ولو دبره وقال قد رجعت في تدبيري أو قال قد أبطلته لم يبطل لأنه علق العتق بصفة في إحدى الروايتين والرواية الأخرى يبطل التدبير وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فولدها بمنزلتها وله إصابة مدبرته ومن أنكر التدبير لم يحكم عليه به إلا بشاهدين عدلين أو شاهد ويمين العبد.
وإذا دبر عبده ومات وله مال غائب أو دين في ذمة موسر أو معسر عتق من المدبر ثلثه وكلما انقضى من دينه شيء أو حضر من ماله الغائب شيء عتق من العبد مقدار ثلث ذلك حتى يعتق كله من الثلث وإذا دبر قبل البلوغ كان تدبيره جائزا إذا كان له عشر سنين فصاعدا وكان يعرف التدبير وما قلته في الرجل فالمرأة مثله إذا صار لها تسع سنين فصاعدا وإذا قتل المدبر سيده بطل [تدبيره] .

(1/164)


كتاب المكاتب
وإذا كاتب عبده أو أمته على أنجم فأديت الكتابة فقد صار حرا وولاؤه لمكاتبه ويعطي مما كوتب عليه الربع لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} وإن عجلت الكتابة قبل محلها لزم السيد الأخذ وعتق من وقته في إحدى الروايتين والرواية الأخرى إذا ملك ما يؤدي فقد صار حرا وإذا أدى بعض كتابته ومات

(1/164)


وفي يده وفاء أو فضل فهو لسيده في إحدى الروايتين والرواية الأخرى لسيده بقية كتابته والباقي لورثته وإذا مات السيد كان العبد على كتابته وما أدى فبين ورثة سيده مقسوما كالميراث وولاؤه لسيده فإن عجز فهو عبد لسائر الورثة ولا يمنع المكاتب من السفر وليس له أن يتزوج إلا بإذن سيده ولا يبيعه سيده درهما بدرهمين.
وليس للرجل أن يطأ مكاتبته إلا أن يشترط فإن وطئ ولم يشترط أدب ولم يبلغ به حد الزاني وكان لها عليه مهر مثلها فإن علقت منه فهي مخيرة بين العجز وأن تكون أم ولد وبين المضي على الكتابة فإن أدت عتقت وإن عجزت عتقت بموته وإن مات قبل عجزها عتقت لأنها من أمهات الأولاد وسقط عنها ما بقي من كتابتها وما في يديها لورثة سيدها.
وإذا كاتب نصف عبد فأدى ما كوتب عليه ومثله لسيده صار نصفه حرا بالكتابة إن كان الذي كاتبه معسرا وإن كان موسرا عتق عليه كله وكان نصف قيمته على الذي كاتبه لشريكه.
وإذا أعتق المكاتب استقبل بما في يده من المال حولا ثم زكاه إن كان منصبا وإذا لم يؤد نجما حتى حل آخر عجزه السيد إن أحب وعاد عبدا غير مكاتب وما قبض من نجوم مكاتبه استقبل بزكاته حولا وإذا جنى المكاتب بدء بجنايته قبل كتابته فإن عجز كان سيده مخيرا بين أن يفديه بقيمته إن كانت أقل من جنايته أو يسلمه وإذا كاتبه ثم دبره فإن أدى صار حرا وإن مات السيد قبل الأداء عتق بالتدبير إن احتمل الثلث ما بقي عليه من الكتابة وإلا عتق منه بقدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما عتق وكان على الكتابة فيما بقي وإذا ادعى المكاتب وفاء كتابته وأتى بشاهد حلف مع شاهده وصار حرا ولا يكفر المكاتب بغير الصوم وولد المكاتبة الذين ولدتهم في الكتابة يعتقون بعتقها.

(1/165)


ويجوز بيع المكاتب ومشتريه يقوم فيه مقام المكاتب فإذا أدى صار حرا وولاؤه لمشتريه وإن لم يبين البائع للمشتري بأنه مكاتب كان مخيرا بين أن يرجع بالثمن أو يأخذ ما بينه سليما أو مكاتبا وإذا ملك المكاتب أباه أو ذا رحم من المحرم عليه نكاحه لم يعتقوا حتى يؤدي وهم في ملكه فإن عجز فهم عبيد للسيد.
وإذا كان العبد بين ثلاثة فجاءهم بثلاثمائة درهم بيعوني نفسي بها فأجابوه فلما عاد إليهم ليكتبوا له كتابا أنكر أحدهم أن يكون أخذ شيئا وشهد الرجلان عليه بالأخذ فقد صار العبد حرا بشهادة الشريكين إذا كان عدلين ويشاركهما فيما أخذا من المال وليس على العبد شيء.
وإذا قال السيد كتابتك على ألفين وقال العبد على ألف فالقول قول السيد مع يمينه وإذا أعتق الأمة أو كاتبها وشرط ما في بطنها أو أعتق ما في بطنها دونها فله شرطه.
ولا بأس أن يعجل المكاتب لسيده ويضع عنه بعض كتابته.
وإذا كان العبد بين اثنين فكاتب أحدهما فلم يؤد كل كتابته حتى أعتق الآخر وهو موسر فقد صار العبد كله حرا ويرجع الشريك على المعتق بنصف قيمته وإذا عجز المكاتب ورد في الرق وقد كان تصدق عليه بشيء فهو لسيده وإذا اشترى المكاتبان كل واحد منهما الآخر صح شراء الأول وبطل شراء الآخر وإذا اشترك في كتابته أن يوالي من شاء فالولاء لمن أعتق والشرط باطل وإذا أسر العدو المكاتب فاشتراه رجل فأخرجه إلى سيده فإن أحب أخذه أخذه بما اشتراه وهو على كتابته وإن لم يحب أخذه فهو على ملك مشتريه مبقى على ما بقي من كتابته يعتق بالأداء وولاؤه لمن يؤدي إليه.

(1/166)


كتاب عتق أمهات الأولاد
وأحكام أمهات الأولاد أحكام الإماء في جميع أمورهن إلا أنهن لا يبعن وإذا أصاب الأمة وهي في ملك غيره بنكاح فحملت منه ثم ملكها حاملا عتق الجنين وله بيعها وإذا علقت منه "بحر" في ملكه فوضعت ما يتبين فيه بعض خلق الإنسان كانت له بذلك أم ولد فإذا مات فقد صارت حرة وإن لم يملك غيرها وإذا صارت الأمة أم ولد بما وصفنا ثم ولدت من غيره كان له حكمها في العتق بموت سيدها وإذا أسلمت أم ولد نصراني منع من وطئها والتلذذ بها وأجبر على نفقتها فإن أسلم حلت له وإن مات قبل ذلك عتقت.
وإذا أعتقت أم الولد بموت سيدها فما كان في يدها من شيء فهو لورثة سيدها ولو أوصى لها بما في يدها كان لها إذا احتملت الثلث.
فإذا مات عن أم ولده فعدتها حيضة وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها فإن عادت فجنت فداها كما وصفت.
ووصية الرجل لأم ولده وإليها جائزة وله تزويجها وان كرهت ولا حد على من قذفها.
وإن صلت أم الولد مكشوفة الرأس كره لها ذلك وأجزأها وإن قتلت أم الولد سيدها فعليها قيمة نفسها. والله اعلم.

(1/167)