مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه

مسائل شتى

[3253-*] قال: قلت لأحمد رضي الله عنه: بلغك في شيء من الحديث أن السيئة تكتب بأكثر من واحدة؟
قال: لا ما سمعنا إلا بمكة، لتعظيم البلد.1
قال: لو أن رجلاً بعدن أَبْيَن2 همّ.3
__________
[3253-*] نقل هذه المسألة الخلاّل في أحكام النساء (59) ، وابن الجوزي في مثير العزم الساكن: 1/331 ولم ينسبها، وابن مفلح في الفروع: 3/493، وابن القيم في البدائع: 3/138، والجراعي في تحفة الراكع والساجد: 75، 107 ولم ينسباها أيضاً. والمرداوي في الإنصاف: 3/563، والفتوحي في معونة أولي النهى: 3/375.
1 قال في الفروع 3/493: وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان أو زمان فاضل. ا. هـ.
وذكر الآجري أن الحسنات تضاعف، ولم يذكر السيئات. ا. هـ
وانظر: الإنصاف: 3/563.
2 أَبْيَن: بفتح الهمزة وسكون الباء وفتح الياء - مخلاف من مخاليف اليمن، وتضاف إليه عدن تمييزاً لها عن عدن لاعة. وهي قرية صغيرة.
انظر: معجم البلدان: 4/89.
3 يشير الإمام أحمد إلى أثر ابن مسعود -رضي الله عنه- في هذه المسألة وقد ورد في المصادر التي نقلت هذه الرواية بأتم مما هنا ولفظه: "لو أن رجلاً بعدن أَبْيَنَ هم أن يقتل رجلاً عند البيت أذاقه الله من عذاب أليم. ثم قرأ - أي ابن مسعود - {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} .
وقد أخرجه: ابن أبي شيبة في القسم الأول من المجلد الرابع: 284، وأحمد في المسند: 7/155، وابن جرير في التفسير: 17/141، والطبراني في الكبير: 9/222 بمعناه، وأبو يعلى في مسنده: 5/170، والدارقطني في العلل: 5/269، والحاكم: 2/387 وغيرهم ممن ذكرهم السيوطي في الدر المنثور: 6/26.
وإسناده صحيح كما في تفسير ابن كثير: 5/407 وتعليق أحمد شاكر على المسند. انظر: المسند: 6/65، 66 بتحقيق أحمد شاكر.

(9/4599)


قال إسحاق: كما قال.
[3254-*] قلت: يحرق المصحف إذا كان فيه ذكر الله عز وجل؟
قال أحمد: الدفن عندي كأنه أحسن.1
__________
[3254-*] أشار إلى هذه المسألة عن أحمد: الزركشي في البرهان: 1/477 ولم ينسبها.
1 ذكر ذلك عنه الزركشي في البرهان: 1/477، كما تقدم.
واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: 12/599 ونصه فيه: وأما المصحف العتيق والذي تخرق وصار بحيث لا ينتفع به بالقراءة فيه، فإنه يدفن في مكان يصان فيه كما أن كرامة بدن المؤمن دفنه في موضع يصان فيه. ا.هـ. وانظر: تفسير القرطبي: 1/54، الفروع:1/193، 194، المبدع: 1/175، فتح الباري [] لابن حجر: 9/20-22.
وهناك قول ثالث في المسألة غير الإحراق والدفن وهو الغسل، ذكره الحافظ في الفتح: 9/21، وابن عابدين في حاشيته: 6/744 وإن كان لا جدوى منه الآن لأنه لا يتأتى في المصاحف المطبوعة، والله أعلم.

(9/4600)


قال إسحاق: كما قال. إلا أن يمحى الاسم،1 ثم يحرق إن شاء.
[3255-*] قلت: يحلَّف الرجل مع بَيِّنته أم لا؟
قال أحمد: لا أعرفه.2
قال إسحاق: بلى. كلما ادعى الخصم ذلك حلف. لأنها مثل
__________
1 أي لفظ الجلالة: الله.
[3255-*] تقدمت هذه المسألة في باب الشهادات برقم (2926) وبرقم (2932) مع بعض الاختلاف والزيادة. وكان جواب أحمد في المسألة (2932) صريحاً في نفي أن يحلف الرجل مع بينته. وقد نقل هذه المسألة عن أحمد، ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 143 ممثلاً بها بأن مقتضى قول أحمد لا أعرف، هو الوقف لا غير.
وذكر ابن القيم في الطرق الحكمية: 146، وابن رجب في جامع العلوم والحكم: 2/237: أن مهنا سأله عن هذه المسألة فقال: قد فعله علي. فقال له: أيستقيم هذا؟ فقال: قد فعله علي.
قال ابن رجب: فأثبت القاضي هذا رواية عن أحمد. ا.هـ
وجعل ابن القيم في الطرق الحكمية: 146 المسألة على وجهين حيث قال: ويخرج في مذهب أحمد وجهان، فإن أحمد سئل عنه. فقال: قد فعله علي والصحابة رضي الله عنهم أجمعين. وفيما إذا سئل عن مسألة فقال: قال فيها بعض الصحابة كذا. وجهان ذكرهما ابن حامد. ا. هـ
2 المذهب أنه لا يحلف مع البينة كما في المغني: 14/281، والفروع: 6/485، والإنصاف: 11/380، والمبدع: 10/91.

(9/4601)


رد اليمين.1
[3256-] قلت لأحمد: أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل الصدقة – [] [] لِغَنيِّ 2- إلا لخمسة: لعامل عليها، أو لغني اشتراها بماله، أو غاز3 في سبيل الله عز وجل، أو مسكين تُصُدِّق عليه منها فأهداها لغني، أو غارم".4
قال: نعم. هكذا حُدِّثْنا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
قال إسحاق: كما قال.
تفسيره: أن الغارم الذي أصابه السيل أو الحريق أو ما أشبهه
__________
1 ذكر ابن رجب في جامع العلوم والحكم: 2/237 ما يشير إلى قول إسحاق هذا حيث قال: قال إسحاق: إذا استراب الحاكم وجب ذلك ا. هـ.
أي وجب أن يحلف صاحب البيّنة.
2 في الأصل: "يعني".
والتصويب من: (ظ) ومصادر التخريج.
3 في الأصل: "أو غازي"، والصواب ما أثبت.
[4] أخرجه أبو داود: 3- كتاب الزكاة: 24- باب من يجوز له أخذ الزكاة وهو غني: حديث رقم (1636) . [] [] وابن ماجه: 8 -كتاب الزكاة: 27- باب من تحل له الصدقة: حديث رقم (1841) .وأحمد: 3/56، وابن الجارود في المنتقى: 133، والحاكم: 1/407، والبيهقي: 7/15. وهو حديث صحيح كما في الإرواء: 3/377.

(9/4602)


حتى ذهب ماله وبقي له بقدر خمسين1 ما يكون الفقير يمنع أن يعطى من الزكاة، أعطي هذا الغارم مثل ابن السبيل، فهو غني في أرضه محتاج في سفره [أعطي] 2 أيضاً، وكذلك الغازي يُعطى وهو غني.
[3257-] قلت: إن عمر رضي الله عنه كتب إليهم أن أعطوا من الصدقة من أبقت3 له السنة4 غنماً وراعياً، ولا تعطوا منها من تركت له السنة غنمين وراعيين.5
__________
1 درهماً. وهذا إشارة إلى حد الغِنَى المانع من أخذ الزكاة، وقد ورد فيه حديث مرفوع، أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن، والدارمي، وغيرهم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل وله ما يغنيه، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشاً أو خموشاً أو كدوجاً في وجهه، قيل: وما يغنيه يا رسول الله؟ قال: خمسون درهماً، أو قيمتها من الذهب".
وهو حديث ثابت كما في السلسلة الصحيحة: 1/274 رقم الحديث: (499) . وقد تقدم تخريجه بتوسع في باب الزكاة في المسألة رقم: (572) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 في الأصل "أنفقت" والتصويب من: (ظ) .
4 السَّنَة: بفتح السين والنون: الجدب. يقال: أخذتهم السنة إذا أجدبوا وأقحطوا.
النهاية: 2/413.
5 أخرجه عبد الرزاق: 4/110، وأبو عبيد في الأموال: 669، وابن زنجويه في الأموال: 3/1198، وليس فيهما: " وراعياً، وراعيين ". وسنده ضعيف لجهالة شيخ ابن أبي نجيح.

(9/4603)


قال أحمد: لا أدري ما هذا الحديث.
قال إسحاق: هذا تفسيره ما فسره الذي رواه.
قال: الغنم مائة،1 يقول: من كان له قدر مائة شاة أعطي من بيت المال ما يجبر به هو وعياله، ولا يلزمه أن يخرج ذاك من يده.
[3258-*] قلت: الرجل ينكح المرأة ثم تموت قبل أن يصيبها؟
قال أحمد: إذا ماتت قبل أن يصيبها فإنه لا يتزوج أمها2 ولا ابنتها،3 وإن طلقها تزوج
__________
1 هذا تفسير راويه، ابن أبي نجيح، فقد ذكر أبو عبيد في الأموال عنه أنه قال: يعني بالغنم: مائة شاة. وبالغنمين: مائتي شاة.
[3258-*] تقدمت هذه المسألة في باب النكاح برقم (918) وفيها توسع الإمام أحمد في الإجابة، واستدل بفتوى زيد بن ثابت. وأشار إلى هذه الفتوى الترمذي في جامعه: 3/417، وورد الشطر الأخير منها في مسائل ابن هانئ:1/208.
2 هذا هو المذهب باتفاق الأصحاب اتباعاً لإطلاق الرب سبحانه في قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} حيث لم يقيد التحريم بالدخول كما في الربيبة.
انظر: شرح الزركشي: 5/160، والإنصاف: 8/114.
3 تحريم بنت الزوجة إذا ماتت أمها قبل الدخول فيه روايتان: هذه إحداهما أنها تحرم عليه. وبه قال زيد بن ثابت، وهي اختيار أبي بكر من الحنابلة؛ لأن الموت أقيم مقام الدخول في تكميل العدة والصداق، فيقوم مقامه في تحريم الربيبة.
والرواية الثانية: لا تحرم. وهو قول علي رضي الله عنه، ومذهب عامة العلماء، بل حكاه ابن المنذر إجماعاً. وهي المذهب.
انظر: المغني: 9/517، والإنصاف: 8/115.

(9/4604)


ابنتها،1 لأنها إذا ماتت ورثها.
قال إسحاق: كما قال.2
[3259-] قلت: إذا وجد السرقة عند رجل.
قال أحمد: صاحبها أحق بها حيث وجدها، ولا يجب على الآخر شيء حتى يثبت عليه.
قال إسحاق: كما قال.
[3260-*] قلت: الخلع تطليقة، فإن ندم وندمت؟
__________
1 وهذا أمر مجمع عليه.
انظر: الإجماع: 93، 94 لابن المنذر، والمغني: 9/517.
2 قول إسحاق في الإشراف: 93، 94 لابن المنذر، والمغني: 9/517.
[3260-*] تقدمت هذه الرواية بنصها في النكاح برقم: (1288) وبمعناها برقم: (1193) ورقم: (1354) ، وأشار إليها القاضي أبو يعلى في الروايتين: 2/136 فقال: نقل ابن منصور وغيره: الخلع فراق وليس بطلاق. ا. هـ
واقتصر في مسائل ابن هاني: 1/232 على حكاية قول ابن عباس، وذكر في مسائل عبد الله: 3/1051، 1052 القولين عن الصحابة: قول ابن عباس أنه ليس بطلاق، وقول عثمان أنه طلاق، وضعف قول عثمان. وهكذا ضعفه في مسائل أبي داود: 302. أما في مسائل صالح: 3/178 فاكتفى بحكاية القولين دون أن ينسبهما إلى أحد.

(9/4605)


قال أحمد: الخلع فراق على قول ابن عباس - رضي الله عنهما -،1 فإن تراجعا كانا على ثلاث.2
قال إسحاق: كما قال. إلا أن يسمي في الخلع طلاقاً، فهو على ما سمى، والطلاق بعد الخلع ليس بشيء، لأن العدة وغير العدة سواءٌ إذا بانت [منه] 3
__________
[1] قول ابن عباس في هذا؛ أخرجه ابن أبي شيبة: 5/112، وعبد الرزاق في المصنف: 6/485-487 بعدة ألفاظ.
وكذا ابن حزم في المحلى: 11/588، 589 وأحد ألفاظه: الخلع تفريق وليس بطلاق. وأخرجه البيهقي: 7/316.
قال ابن حجر في الفتح 9/369: صح ذلك عن ابن عباس.
2 هذا هو المذهب أن الخلع فراق ولا يحسب من الطلاق. لكن بشرط أن يكون بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولم ينو به الطلاق.
انظر: المغني: 10/274، وشرح الزركشي على الخرقي: 5/360، والمبدع: 7/226، والإنصاف: 8/392.
3 الزيادة من: (ظ) .

(9/4606)


مرة.1
[3261-*] قلت: إن [ع-170/ب] عمر رضي الله عنه وقف بني عم منفوسٍ2 - بني عم كلالة - بالنفقة عليهم3 مثل العاقلة.4
__________
1 انظر قول إسحاق في أن الخلع فراق في: اختلاف العلماء: 159 للمروزي، والإشراف لابن المنذر: 218، والمحلى لابن حزم: 11/589، ومجموع الفتاوى: 33/153.
وانظر رأيه في أن الطلاق بعد الخلع لا يقع في: إبطال الحيل: 129، والإشراف: 219.
[3261-*] تقدم نحو هذه المسألة في الزكاة برقم: (546) ، وفي النكاح برقم: (988) . وأشار إليها صاحب المغني: 11/381 فإنه قال بعد أن ذكر أثر عمر السابق: احتج به أحمد. ا.هـ
وكذا نص أحمد على أن النفقة على العصبات في رواية بكر بن محمد عن أبيه.
انظر: المغني: الصفحة السابقة.
2 المنفوس: الطفل. من قولك: نُفِسَتِ المرأة ونَفِسَت إذا ولدت. ا.هـ
غريب الحديث: 2/15 لابن قتيبة.
3 هكذا في جميع النسخ: "عليهم". وفي كافة المصادر التي اطلعت عليها: "عليه". ولعله هو الصواب.
4 أثر عمر هذا أخرجه ابن أبي شيبة: 5/246، وعبد الرزاق: 7/59، وسعيد بن منصور: 2/113، والطبري: 2/500، والبيهقي: 7/478، وابن حزم في المحلى: 11/345 وغيرهم كما في الدر المنثور: 1/690.

(9/4607)


قال أحمد: يقول أوجب عليهم الرضاع، كما أنهم يعقلون.1
قال إسحاق: كما قال.2
[3262-*] قلت: المرتد، لمن ميراثه إذا قتل أو مات؟
قال: للمسلمين،3 الموت والقتل سواء.
__________
1 هذه إحدى الروايتين عن أحمد. والرواية الأخرى: أن النفقة على كل وارث. وهي المذهب.
انظر: المغني: 11/380، وشرح الزركشي: 6/13، والإنصاف: 9/393.
2 انظر: قول إسحاق في: الإشراف: 150، والمغني: 11/381.
[3262-*] تقدمت هذه المسألة في النكاح برقم: (1200) وفي الفرائض برقم (2974) بأوسع مما هنا واحتج فيها بحديث البراء في الذي تزوج امرأة أبيه حيث أمر بقتله وأخذ ماله. فهو بمنزلة المرتد. ووردت أيضاً ضمن مسألة مطولة في الزكاة برقم: (622) . ونقلها الخلال في أحكام أهل الملل: 453. وأشار إليها القاضي في الروايتين: 2/61، وأبو الخطاب في التهذيب: 303.
وهي تفيد أن مال المرتد فيء يوضع في بيت المال يستفيد منه المسلمون عموماً. وقد روى نحوها أيضاً: عبد الله في مسائله:3/1085، وصالح: 3/131، وابن هاني: 1/122، وأبو داود: 220، وغيرهم كثير كما في أحكام أهل [] الملل: 453-459، والروايتين: 2/61.
3 وهذه هي المذهب أن مال المرتد فيء للمسلمين.
انظر: أحكام أهل الملل: 454، والمغني: 9/162، والفروع: 6/174، 175، وشرح الزركشي: 4/535، والمبدع: 6/234، والإنصاف: 7/352.
وعن أحمد رواية: أنه لورثته المسلمين. اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وقال ابن القيم: وهذا القول هو الصحيح.
وعنه رواية ثالثة: أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره. وقيده الزركشي بأن لا يكونوا مرتدين.
انظر: المصادر السابقة، وأحكام أهل الذمة: 2/646، 647.

(9/4608)


قال إسحاق: هو لورثته من المسلمين.1
[3263-*] قلت: التطوع في البيت أفضل، أو في المسجد؟
قال أحمد: لم [يعزم لي] 2 على شيء. وقال: الذي يروى عن زيد، والذي يروى عن ابن عمر - رضي الله عنهما - كل هذا في المسجد إلا ما ذكر أنه صلى في بيته.3
__________
1 انظر قول إسحاق في: معالم السنن: 4/180، والمحلى: 9/305، والتمهيد: 9/163، وشرح السنة: 8/365، والمغني: 9/62.
[3263-*] تقدمت هذه المسألة في كتاب الصلاة: (303) بأخصر مما هنا.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 لعله يشير برواية زيد رضي الله عنه إلى ما خرجه البخاري ومسلم: [البخاري مع الفتح: 2/214 (731) ومسلم: 1/540 (781) ] عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ حجرة في المسجد من حصير فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها ليال ... الحديث. =

(9/4609)


...................................................................................................
__________
= ويشير برواية ابن عمر - رضي الله عنهما - إلى ما خرجه البخاري ومسلم أيضاً: [البخاري مع الفتح: 3/50 (729) ، ومسلم: 1/504 (729) ] عن ابن عمر - رضي الله عنهما، قال: "صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الظهر سجدتين، وبعدها سجدتين، وبعد المغرب سجدتين، وبعد العشاء سجدتين، وبعد الجمعة سجدتين، أما المغرب والعشاء والجمعة فصليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته".
وقد روى أبو داود في المسائل: 72، وكذا ابن هانيء: 1/106، والأثرم كما في التمهيد: 14/177، والفضل بن زياد كما في بدائع الفوائد: 4/113، 141 عن الإمام أحمد أنه كان لا يتطوع بعد المكتوبة في المسجد، وإنما في بيته إلا لعارض.
ونقل عنه محمد بن الحسن بن بدينا كما في الطبقات: 1/289 أنه كان يصلي ركعتي الفجر والمغرب في بيته. ومثله في بدائع الفوائد: 4/113، وزاد المعاد: 1/313 في صلاة المغرب فقط.
وفيهما عن حنبل: السنة أن يصلي الرجل الركعتين بعد المغرب في بيته.
ونقل عنه ابنه عبد الله: 2/324، وأبو داود: 50، أنه كان يصلي ركعتي الفجر في بيته.
والصحيح في المذهب أن فعل الرواتب في البيت أفضل.
وعنه رواية أخرى: الفجر والمغرب فقط.
وقال في المغني: الفجر والمغرب والعشاء.
وعنه رواية ثالثة: التسوية بين البيت والمسجد.
وعنه رواية رابعة: لا تسقط سنة المغرب بصلاتها في المسجد.
انظر: المغني: 2/543، والفروع:1/545، والمبدع: 2/15، والإنصاف: 2/177.

(9/4610)


قال إسحاق: في البيت أفضل. لأنه أسلم له من الحوادث التي تعرض لابن آدم، فأما إذا صلى في المسجد وهو ممن يقتدى به، فأحب إحياء السنة ليقتدى به، فهو أفضل من الصلاة في البيت.
[3264-*] قلت: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن"؟ 1
__________
[*3264-] نقل هذه المسألة عن الإمامين أحمد، وإسحاق: ابن عبد البر في التمهيد: 19/232 بسنده إلى إسحاق بن منصور قال: قلت لأحمد: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الخ. وقد اقتصر من كلام إسحاق إلى قوله: مائتي مرة. ونقلها عن أحمد فقط: ابن مفلح في الفروع: 1/415، 416.
1 أخرجه بهذا اللفظ: أبو عبيد في فضائل القرآن: 200 عن أبي بن كعب، ومحمد بن نصر المروزي في قيام الليل - كما في مختصره للمقريزي: 262 - عن أبي أيوب. وليس فيه: (كأنما) .وأصله في الصحيحين بألفاظ [] [] أخرى. فقد أخرجه البخاري: 16- كتاب فضائل القرآن: 2-باب فضل قل هو الله أحد. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له - وكأن الرجل يتقالّها - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده إنها تعدل ثلث القرآن". [البخاري مع الفتح: 9/58، 59] .
[] وأخرجه مسلم: 6-كتاب صلاة المسافرين: 45-باب فضل قراءة قل هو الله أحد. رقم الحديث: (811) عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن. قال: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن" ونحوه فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(9/4611)


فلم يقم لي على أمر بيّن [ظ-105/ب] .1
قال إسحاق: إنما معنى ذلك أن جعل الله عز وجل لكلامه فضلاً على سائر الكلام، ثم فضل بعض كلامه على بعض،2 فجعل لبعضه ثواباً أضعاف ما جعل لغيره من كلامه.
__________
1 لم يجب الإمام أحمد هنا لكونه - والله أعلم - لم يجد سنة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير هذا الحديث، فكره الكلام فيه بمحض الرأي تورعاً.
ولهذا قال ابن عبد البر في التمهيد: 19/232: من لم يجب في هذا أخلص ممن أجاب فيه. ا.هـ
وللعلماء في معنى هذا الحديث عدة أقوال، ذكرها ابن حجر في الفتح: 9/61.
2 مسألة المفاضلة بين كلام الله، وأن بعضه أفضل من بعض، مما اختلف فيه العلماء، فمنعه قوم كأبي الحسن الأشعري وابن حبان وابن جرير وغيرهم. وهو مروي عن مالك. وأجازه آخرون كإسحاق بن راهويه وابن العربي والغزالي وغيرهم. وهو القول المأثور عن السلف، وعليه أئمة الفقهاء.
وهذا هو الحق لورود النصوص بذلك.
انظر: تفسير القرطبي: 1/109، شرح صحيح مسلم: 6/93 للنووي، مجموع الفتاوى: 17/9، 46، 102 وما بعدها، فتح الباري:11/227 لابن حجر، شرح الكوكب المنير لابن النجار: 2/118، الإتقان للسيوطي: 4/117.

(9/4612)


فقل هو الله أحد إنما تعدل ثلث القرآن، أي: لتحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته على تعليمه وكثرة قراءته، وليس معناه أن لو قرأ القرآن من أوله إلى آخره أن قراءة ثلاث مرات قل هو الله أحد تعدل ذلك. لا ولو قرأ أكثر من مائتي مرة. وكذلك قراءة سائر السور فضّل بعضها على بعض، وجعل ثواب بعضها أكثر من ثواب بعض، ولكن فيما وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيان أن كل قراءة قدر هذه السور التي فضلت وبُيِّنَ ثوابها لا يعدلها شيء من القرآن إذا كان كقدره.
[3265-*] قلت: كان أبو بكر رضي الله عنه إذا أعطى الناس أعطياتهم سأل الرجل: هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟ فإن قال نعم. أخذ من عطائه زكاة ذلك المال، وإن قال لا. سلَّم إليه عطاءه.1
__________
[3265-*] معنى هذه المسألة أن المال المستفاد أثناء الحول كالعطاء ونحوه لا يزكى حتى يحول عليه الحول. فلا يضم إلى أصل المال. وقد تقدمت بمعناها في الزكاة برقم: (552) ورقم (594) ورقم (606، 607، 608) ورقم (634) .
[] وروى نحوها عبد الله في مسائله: 2/551، وصالح: 1/200- 2/319، وابن هاني: 1/113، والأثرم - كما في التمهيد: 20/156، وحرب وأبو طالب كما في الانتصار: 3/215.
1 أخرجه مالك في الموطأ: 1/245، وعبد الرزاق: 4/74، وابن أبي شيبة: 3/184، وأبو عبيد: 504، وابن زنجويه في الأموال: 3/914، والبيهقي: 4/109.
وعزاه ابن حجر في المطالب العالية: 1/233 لمسدد، وقال: إسناده صحيح إلا أنه منقطع بين القاسم وجده الصديق.

(9/4613)


قال أحمد: هذا يقول: إنه ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.1
قال إسحاق: كما قال.2
وفيه بيان خطأ هؤلاء،3 لأنهم يقولون إذا ملك مائتي درهم أول السنة، ثم استفاد قبل الحول بيوم مالاً عظيماً، فعليه أن يضمه إلى المائتين ويزكيه،4 فهذا رد لما قالوا.
__________
1 أي المال المستفاد لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول.
قال في المقنع 1/293: فإذا استفاد مالاً؛ فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول، إلا نتاج السائمة وربح التجارة، فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً، وإن لم يكن نصاباً؛ فحوله من حين كمل النصاب. ا.هـ
قال في الإنصاف 3/30: هذا هو المذهب، وعليه الأصحاب.
وانظر: المغني: 4/75، والفروع: 2/339، والمبدع: 2/302.
2 قول إسحاق في سنن الترمذي: 3/17، اختلاف العلماء للمروزي: 460.
3 أي أهل العراق: أبو حنيفة ومن معه.
4 انظر مذهب أبي حنيفة ومن وافقه في: الأصل لمحمد بن الحسن: 2/68، ومختصر الطحاوي: 49، ومختصر اختلاف العلماء للجصاص: 1/422، واللباب للمنبجي: 1/381، وفتح القدير: 2/195.

(9/4614)


[3266-] قلت: رجل كانت عنده عشرة دنانير فحال عليها الحول، ثم اشترى بها سلعة فربح فيها عشرة دنانير أخرى. يزكيها مكانها؟
قال أحمد: لا. حتى يحول عليها الحول من يوم صارت عنده عشرين.1
قال إسحاق: كما قال سواء.2
[3267-] قلت: إذا أصاب العدو شيئاً من المسلمين، فأصابه المسلمون فصاحبه أحق به ما لم يقسم؟
قال أحمد: هو هكذا.
__________
1 أي أن ربح التجارة لا يكون حوله حول أصله إذا كمل به النصاب. وإنما يعتبر الحول من حين كمل به النصاب. وهذا هو المذهب كما تقدم في المسألة: (3011) .
2 قول إسحاق في ربح التجارة خاصة لم أعثر عليه، ولعله يُعمم الحكم في عموم المال المستفاد.
[3263-] تقدمت هذه المسألة بنحوها في الجهاد برقم (2754) ونقل نحوها ابن هانئ: 2/124-126، وصالح: 2/471.
ونقل أبو داود: 243، وأبو طالب وأحمد بن القاسم وسندي كما في الروايتين: 2/361 أنه لا حق له فيه بعد القسمة بحال

(9/4615)


[3268-] قلت: فإذا قسم؟
قال أحمد: فقد ذهب.
[3269-] قلت: إلا بالثمن؟
قال: [إن] 1 شاء.2
واحتج في الذي لم يقسم بحديث [ناقة] 3 النبي - صلى الله عليه وسلم - العضباء4 التي جاءت بها العجوز.5
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 هذا هو المذهب - وهو أنه إذا أدركه بعد القسمة فهو أحق به بثمنه إذا أراده.
وهي من مفردات المذهب. وعن أحمد رواية أخرى: أنه لا حق له فيه بحال.
انظر: المحرر: 2/174، والمغني: 13/117، 118، والقواعد لابن رجب: 3/412، 413، والإنصاف: 4/157.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 في الأصل: "والعضباء"، والتصويب من: (ظ) ، والعضباء: الناقة المشقوقة الأذن، ومن آذان الخيل: التي جاوز القطع ربعها. ولقب ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم تكن عضباء. كذا في القاموس المحيط: 1/105.
قال في المصباح المنير: 2/414: وكانت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - تلقب بالعضباء لنجابتها لا لشق أذنها.
وانظر: تلقيح فهوم أهل الأثر: 39 لابن الجوزي.
[5] وهو حديث طويل أخرجه مسلم: 26-كتاب النذر: 3-باب لا وفاء لنذر في معصية الله رقم الحديث: (1641) وملخصه: أن الكفار أسروا امرأة من الأنصار وأصابوا العضباء وأحرزوها في بيوتهم، فانفلتت المرأة من القوم وركبت على العضباء، فلحقوا بها فنذرت إن نجاها الله لتنحرنها، فلما قدمت المدينة أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشأن المرأة، فقال: "سبحان الله بئسما جزتها. نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد".
ومحل الشاهد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا فيما لا يملك العبد" فهذا يدل على أن الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالاستيلاء عليها وإلا لما أبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - نذر المرأة وأخذ الناقة منها.
وانظر: الأم: 4/254، واختلاف العلماء للمروزي: 289، 290.

(9/4616)


قال إسحاق: كما قال.1
[3270-*] قلت: امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تطوف بالصفا والمروة؟
قال أحمد: تمضي
__________
1 انظر قول إسحاق في: المحلى: 7/485.
[3270-*] تقدمت هذه المسألة في المناسك برقم: (1718) .
وروى عنه أبو داود ما يوافقها كما في مسائله: 183.
وروى نحوها الأثرم كما في الروايتين: 1/284، والمناسك من شرح العمدة: 2/623.
وروى عنه أبو طالب والميموني وحرب ما يخالف ذلك كما في الروايتين: 1/284، والمناسك من شرح العمدة: 2/624.

(9/4617)


[3271-] قلت: ولا تطوف بالصفا والمروة؟
قال: لا. ثم عاودته، فقال: لا بد من أن تطوف بالصفا والمروة إذا كان الطواف الواجب.1
قال إسحاق: كما قال أخيراً.2
[3272-*] قلت الصلاة على الميت في المسجد؟
قال أحمد: لا بأس به.3
__________
1 في حكم السعي ثلاث روايات:
الأولى: أنه ركن، وهو الصحيح من المذهب.
والثانية: أنه سنة. اختاره كثير من الأصحاب.
والثالثة: أنه واجب.
انظر: المغني: 5/239، المناسك من شرح العمدة لابن تيمية: 600، 623، 640، الفروع: 3/525، المبدع: 2/263، الإنصاف: 4/58، كشف مشكل الصحيحين لابن الجوزي: 2/398.
2 انظر قول إسحاق في معالم السنن: 2/453، والاستذكار: 12/302.
[3272-*] تقدمت هذه المسألة في كتاب الصلاة: برقم (541) ، وروى ما يوافقها أبو داود في مسائله: 157، وعبد الله في مسائله: 2/480.
3 يعني أنها لا تكره فيه. وهذا هو المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل: الصلاة فيه أفضل ... وقيل: عدم الصلاة فيه أفضل.
وهذا كله إذا أمن تلويثه. أما إذا لم يؤمن تلويثه فلا تجوز الصلاة فيه.
انظر: المغني:3/421، الفروع:2/256، المبدع:2/263 الإنصاف: 2/538

(9/4618)


قال إسحاق: كما قال [ع-171/أ] .1
[3273-* [] قلت لأحمد] 2:" من اعتبط3 مؤمناً قتلاً فهو قود، إلا أن يرضى والي4 المقتول"5؟
__________
1 انظر قول إسحاق في: الأوسط: 5/416، والتمهيد:21/220، والمجموع: 5/170.
[3273-*] تقدمت هذه المسألة في الحدود والديات برقم: (2721) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 اعتبط: أي قتله بلا جناية. وكل من مات بغير علة فقد اعْتُبِط ومات عَبْطَةً. غريب الحديث: 2/63 لابن الجوزي.
4 في (ظ) : ولي.
5 هذا طرف من حديث عمرو بن حزم المشهور في الفرائض والسنن والديات.
[] أخرجه الدارمي: كتاب الديات.1- باب الدية في قتل العمد: 2/109 مقتصراً على اللفظ الذي ذكره إسحاق في السؤال.
[] وأخرجه النسائي: 45-كتاب القسامة. 46-ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين له: 8/428، 429 مع زيادة تفصيلات في أحكام الديات ومقاديرها.
وأخرجه مطولاً مشتملاً على اللفظ الذي ذكره إسحاق: ابن حبان في صحيحه: 14/506 وكذا الحاكم: 1/396، والبيهقي: 4/89.
ويشهد لهذا اللفظ ما أخرجه البخاري (صحيح البخاري مع الفتح: 1/205) ومسلم: (رقم الحديث:1355) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يُودي، وإما أن يُقاد".

(9/4619)


قال أحمد: اعتبط: أخذه جزماً.
قال إسحاق: كما قال.
[3274-*] قلت لأحمد: امرأة موسرة ليس لها محرم؟
قال أحمد: المحرم من السبيل.1
__________
[3274-*] هذه المسألة لا توجد في: (ظ) .
وقد تقدمت في المناسك برقم: (1368) وفيها زيادة في قول إسحاق بن راهويه، وهي قوله: وليس على المَحْرَم بواجب حملها، ولكن يستحب له حملها، فإن لم يفعل، فأعطته مالها فعليه حملها. ا.هـ
ونقلها عن أحمد، شيخ الإسلام في شرح العمدة: 1/179.
وروى نحوها: أبو داود في مسائله: 106، والأثرم كما في شرح العمدة: 1/176، والبغوي في مسائله:65.
1 أي أنه شرط لوجوب الحج على المرأة. وهذا هو المذهب.
انظر: شرح الزركشي: 3/34، والمبدع: 3/99، والإنصاف: 3/410.
وعن أحمد رواية أخرى: بأنه شرط للزوم السعي دون الوجوب. وبناء عليها يحج عنها لو ماتت أو مرضت مرضاً لا يرجى برؤه. ويلزمها أن توصي به.
وهناك رواية ثالثة وهي: جواز حج المرأة بدون محرم في الفريضة فقط، دون غيرها.
قال الزركشي: لا تفريع ولا عمل على هذه الرواية.
وانظر: المغني: 5/30، 31، والمبدع: 3/99.

(9/4620)


قال إسحاق: كما قال.1
[3275-*] قلت: رجل جامع امرأته، ثم أصاب صيداً، أو حلق رأسه، وأشباه ذلك؟
قال أحمد: لكل شيء كفارة، وذلك أن الإحرام عليه قائم.2
قال إسحاق: كما قال، ليس له أن يخرج من إحرامه إلا بالطواف بالبيت.3
__________
1 انظر قول إسحاق في: التمهيد: 21/50، والمغني: 5/30.
ونقل عنه المروزي في اختلاف العلماء: 100 خلاف هذا، وهو أنه إذا كان الحج فريضة، فإنها تحج بدون محرم. وهذا يوافق الرواية الثالثة عند أحمد.
[3275-*] تقدمت هذه المسألة في المناسك برقم: (1586) ولفظ إسحاق يختلف عما هنا فقد قال هناك: أعجب إليّ أن يكون لزمه ما يلزم الحرام. ا.هـ والمعنى واحد.
وروى مثلها عن أحمد: ابنه عبد الله في مسائله:2/810.
2 أي أن حكم الإحرام الفاسد، بالجماع حكم الإحرام الصحيح في تحريم المحظورات، ووجوب الجزاء بقتل الصيد، وغيره من المحظورات. فعليه أن يجتنب بعد الفساد كل ما يجتنبه قبله، وعليه الفدية في الجناية على الإحرام الفاسد، كالفدية في الجناية على الإحرام الصحيح.
انظر: المغني: 5/206، وشرح العمدة لابن تيمية - قسم المناسك -: 2/227، وشرح الزركشي: 3/174، والإنصاف: 3/495.
3 انظر قول إسحاق في: الاستذكار: 12/302.

(9/4621)


[3276-*] قلت: محرماً مس طيباً، ولبس ثوباً، وحلق رأسه، ولبس الخفين وأشباه ذلك؟
قال أحمد: هذا كفارة واحدة.1
فأعدت عليه، فقال: فيه بعض الشنعة، دعه.
[3277-] قلت: فإنك قلت فيه مرة: عليه كفارة واحدة. فقال: هاه، دعه.
قال إسحاق: عليه في كل واحدة كفارته الذي أمر به، فإن
__________
[3276-*] تقدمت هذه المسألة في المناسك برقم: (1558) مع اختلاف يسير، ونقل تلك التي في المناسك عن أحمد: شيخ الإسلام في شرح العمدة: 2/383، 391، وأشار إليها القاضي أبو يعلى في الروايتين: 1/275.
1 هذه إحدى الروايات في المذهب. وهي أنه إذا كرر محظورات من أجناس مثل أن يلبس ويتطيب ويحلق؛ فإن عليه فدية واحدة.
وعنه رواية أخرى: أن عليه لكل واحدة كفارة. وهي المذهب.
وقد نقلها الكوسج نفسه في باب المناسك برقم: (1678) قال: قلت: قال سفيان: في الطيب كفارة، وفي الثياب كفارة، وفي الشعر كفارة. قال أحمد: جيد في كل واحد كفارة.
وعنه رواية ثالثة وهي: أنه إن فعل المحظورات في وقت واحد؛ فكفارته واحدة، وإن فعلها في أوقات؛ فعليه لكل واحد كفارة.
انظر: الروايتين: 1/275، والمستوعب: 4/148، وشرح العمدة: 2/390، 391، والفروع: 3/359، والإنصاف: 3/527.

(9/4622)


فعله بمرة واحدة فاهراق دماً؛ فقد أتى على كله.
[3278-*] قلت: بيع الرجل بالدرهم الزيف1؟
قال أحمد: أما اليوم فلا يعجبني.2
__________
[3278-*] هذه المسألة تفيد على الأقل كراهة الإمام أحمد للمعاملة بالدراهم المزيفة.
وقد روى عنه أبو داود في مسائله: 188 قال: سمعت أحمد بن حنبل غير مرة يكره التجارة والمعاملة بالمزيّفة والمكحَّلة.
ونحوها روى الأثرم، وإبراهيم بن الحارث كما في الروايتين: 1/331.
بل روى عنه صالح ابنه: 1/266 عدم جواز إنفاقها، عندما سأله عن الرجل يدفع إليه أبواه الدراهم الزائفة ويأمرانه بإنفاقها.
ونحوها أيضاً روى حنبل كما في الروايتين: 1/331، والمغني: 6/110.
1 زافت الدراهم تزيف زيفاً من باب سار: رَدُؤَت. ثم وُصف الدرهم بالمصدر فقيل: درهم زَيْفٌ. وقال بعضهم الزيوف: هي المطلية بالزئبق المعقود بمزاوجة الكبريت. وكانت معروفة قبل زماننا. وقدرها مثل سنج الميزان. ا.هـ من المصباح المنير: 261 بتصرف.
2 تقدمت الإشارة إلى ذكر الروايات عن أحمد بالمنع من التعامل بالدراهم المزيفة والمغشوشة. وذكر ابن قدامة رواية عنه بالجواز فقال: نقل صالح عنه في دراهم يقال لها المسيّبيّة عامتها نحاس إلا شيئاً فيه فضة، فقال: إذا كان شيئاً اصطلحوا عليه مثل الفلوس، واصطلحوا عليها؛ فأرجوا ألا يكون بها بأس. ا.هـ
ولم أجد هذه المسألة في المطبوع من مسائل صالح.
وذكر أيضاً أبو يعلى في الأحكام السلطانية: 283 رواية عنه بالجواز من طريق مهنا.
وقد وجّه ابن قدامة هذه الروايات بما يدفع التعارض عنها مما يحسن الوقوف عليه.
انظر: المغني: 6/111. وكذا: كشاف القناع: 3/259.

(9/4623)


قال إسحاق: كلما بيَّن فلا بأس.1
[3279-*] قلت لأحمد: من قال الفيء الجماع،2 فإن كان [مريضاً] 3 يفئ بلسانه؟ 4
قال أحمد: من ذهب هذا المذهب، فنعم.5
__________
1 وروى عنه أبو داود في مسائله جواز انفاق المزيفة مطلقاً. فقد قال: سألت إسحاق ابن راهويه عن إنفاق المزيّفة؟ قال: لا بأس فيه. المسائل: 189.
فلعل هذا الإطلاق مقيد بما هنا، وهو التبيين.
[3279-*] تقدمت هذه المسألة في النكاح برقم (1276) .
2 هذا أمر مجمع عليه. حكاه ابن المنذر - كما في الإجماع: 105، والإشراف: 229
وابن حزم - كما في مراتب الإجماع: 71.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 هذا مروي عن ابن مسعود والنخعي والحسن ومسروق وأبي قلابة والزهري وغيرهم.
[] انظر: مصنف عبد الرزاق: 6/463، ومصنف ابن أبي شيبة: 5/127-129، والدر المنثور: 1/649، 650.
5 هذا هو المذهب. أن العاجز عن الجماع يفئ بلسانه فيقول متى قدرت جامعتك.
انظر: مختصر الخرقي: 159، وشرح الزركشي: 5/469، والإنصاف: 9/186.

(9/4624)


قال إسحاق: كلما منعه المرض فلم يستطع1 جاز له بلسانه.2
[3280-*] قال أحمد: إذا أطعم ستين مسكيناً، يطعم مداً مداً لكل مسكين.3
قال إسحاق: جائز.4
__________
1 في الأصل: "يستطيع" والتصويب من: (ظ) .
2 لفظ إسحاق في المسألة المتقدمة في النكاح: لا يكون فئ إلا بجماع، إلا أن يكون مريضاً لا يستطيع الجماع أصلاً. ا.هـ
وانظر قوله في الإشراف: 229.
[3280-*] تقدم في باب الكفارات رواية نحوها في كفارة اليمين برقم: (1740) و (1751) ، وكذا في مسائل صالح: 1/134، وابن هانئ: 2/72.
3 قال ابن قدامة في المغني: قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين، أو نصف صاع من تمر أو شعير. ا.هـ. وهذا هو المذهب، كما في الإنصاف: 9/323.
4 انظر قول إسحاق في: اختلاف العلماء: 214 للمروزي.

(9/4625)


[3281-*] قال أحمد: إذا ارتدا1 جميعاً أو أحدهما ثم تابا أو تاب فهو أحق بها ما لم تنقض2 العدة.3
قال إسحاق: كما قال.
[3282-*] قلت: إذا وجد القتيل صُلِّي عليه وعقل، فإذا [وجد] 4 رأس أو رجل لم يصلى عليه ولم يعقل؟
__________
[3281-*] نقل هذه الرواية بنصها ابن قدامة في المغني: 10/40. وقد تقدمت في النكاح برقم: (1199) . وبنحوها برقم: (1303) . وذكرها الخلال عن أحمد في أحكام أهل الملل: 433، 437.
1 في الأصل: "ارتد" والتصويب من: (ظ) .
2 في الأصل: "تنقضي" والتصويب من: (ظ) .
3 في (ظ) : عدتها وهذه الرواية هي المذهب كما في شرح الزركشي: 5/218، والإنصاف: 8/216.
واختارها ابن قدامة في المغني: 10/40. والرواية الأخرى: لا حق له فيها فتعجل الفرقة بينهما بمجرد الردة. وإلى هذا مال شيخ الإسلام ابن تيمية، قياساً على ما إذا أسلم أحدهما بعد الدخول. انظر: الإنصاف: 8/216.
[3282-*] نقل هذه الرواية أبو يعلى في الروايتين: 1/204، وابن قدامة في المغني: 3/480.
[] ونقل الكوسج نفسه في مسائل الطهارة والصلاة: برقم: (452) ، وعبد الله: 2/477-480، وأبو داود: 155، وصالح وأبو الحارث - كما في الروايتين: 1/ 204 جواز الصلاة على الجوارح.
4 الزيادة من: (ظ) .

(9/4626)


قال: العادي: القديم. وهذا من طريق المَوَتان.1 من أحيا أرضاً ميتة فهي له.2
قال إسحاق: كما قال.3
[3387-*] قلت: رجل أشرف على جاره، على مَنْ السترة؟
قال: على من4 يشرف.5
__________
1 المَوَتان - بفتح الميم والواو -: هي الأرض الدارسة. ويقال: الموات والميتة.
وقال الفراء: الموتان من الأرض: التي لم تحيَ بعد. المطلع: 280.
2 من أحيا أرضاً لم تملك فهي له. هذا هو المذهب المنصوص بغير خلاف.
انظر: المغني: 8/146، وشرح الزركشي: 4/256، والمبدع: 5/248، والإنصاف: 6/354.
3 انظر رأي إسحاق في كتاب المعاملات من هذه المسائل برقم: (2328) .
وفي سنن الترمذي: 3/654.
[3387-*] نقل هذه المسألة أبو يعلى في الأحكام السلطانية: 303. ونقل نحوها عن محمد ابن يحيى الكحال. وأشار إليها ابن مفلح في الفروع: 4/284، 285.
4 في (ظ) : الذي.
5 قال المرداوي: يلزم الأعلى، بناء سترة تمنع مشارفة الأسفل، على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. ونقله ابن منصور ... وقيل: يشاركه الأسفل. الإنصاف: 5/261.
وانظر: المغني: 7/53، والفروع: 4/284، والمبدع: 4/296.

(9/4627)


ومنهم من قال: لا يصلى على البدن.1
[3283-] قال أحمد: أما القتيل فيصلى عليه، إلا أن يدعي أولياؤه على قوم فتكون قسامة.2
قال إسحاق: يصلى [عليه] 3 على كل حال.
[3284-] قلت لأحمد: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألحقوا المال بالفرائض، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر"؟ 4
__________
1 المراد بالبدن هنا: الصدر فما دونه إلى البطن. وقد ذهب إلى هذا القول: الحسن بن حي وعبيد الله بن الحسن العنبري.
انظر: مختصر اختلاف العلماء للجصاص: 1/399.
2 القسامة لا تثبت إلا بشروط أربعة منها: دعوى القتل هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب.
انظر: الممتع شرح المقنع: 617، والفروع: 5/46، والمبدع: 9/32، والإنصاف: 10/139.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 أخرجه بهذا اللفظ: الدارقطني في سننه: 4/70، والحاكم في المستدرك: 4/338، والبيهقي في السنن الكبرى: 6/238. كلهم عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد؛ فإن علي بن عاصم - أحد رواة السند - صدوق، ولم يخرجاه.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه: 10/260، وسعيد بن منصور في سننه: 1/118، والبيهقي في السنن الكبرى 6/234.
كلهم عن ابن طاووس عن أبيه مرسلاً.
[] وأخرجه البخاري: 85- كتاب الفرائض: 9- باب ميراث الجد مع الأب والأخوة.
[] ومسلم: 23- كتاب الفرائض: 1- باب ألحقوا الفرائض بأهلها: 1/1233 بلفظ: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر".
[] وأخرجه مسلم: 23- كتاب الفرائض: 1- باب ألحقوا الفرائض بأهلها: 1/1334.
[] وأبو داود: 13- كتاب الفرائض: 7- باب في ميراث العصبة. حديث رقم (2898) .
[] وابن ماجه: 23- كتاب الفرائض: 10- باب ميراث العصبة. حديث رقم (2740) .
وأحمد: 1/313، بلفظ قريب جداً مما ذكره إسحاق، وهو: "اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر".

(9/4628)


قال أحمد: يعني كل من له فرض في كتاب الله [ظ- 106/أ] عز وجل.
وقوله: "فلأولى رجل ذكر". يعني - من العصبة.
قال إسحاق: كما قال

(9/4629)


[3285-] قلت [لأحمد] 1: أبو سلمة بن عبد الرحمن2 سمع من عبد الله ابن سلام رضي الله عنه في الساعة التي في الجمعة3؟
قال أحمد: أما هو فقد أدرك عثمان.4
قال إسحاق: سأله سؤالاً في حديث سالم أبي النضر.5
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. أحد الفقهاء السبعة، والأعلام بالمدينة. قيل اسمه: عبد الله، وقيل: إسماعيل. حدث عن أبيه وعبد الله بن سلام وعثمان رضي الله عنهم وغيرهم. ثقة مكثر. "ت94هـ".
سير أعلام النبلاء: 4/287، التقريب: 409.
3 أي في تحديدها. وكان رأي عبد الله بن سلام أنها آخر ساعة بعد العصر.
وقد صرح أبو سلمة في رواية ابن أبي خيثمة كما في الفتح: 2/420.
ورواية أحمد في المسند: 5/450، والطبراني في الكبير "قطعة منه": 146، والبزار –كما في كشف الأستار-: 1/297 أنه لقي عبد الله بن سلام فسأله عن تلك الساعة.
ومثله عند ابن خزيمة: 3/122، والحاكم: 1/279.
4 إذ أنه ولد سنة بضع وعشرين، وعثمان توفي سنة 35هـ.
5 انظر: الفتح: 2/420.
وسالم: هو سالم بن أمية أبو النضر، مولى عمر بن عبيد الله التيمي المدني. ثقة ثبت. "ت129هـ". التقريب: 114

(9/4630)


[3286-*] قال أحمد: أبو داود النخعي1 من أكذب الناس، وأبو مريم الأنصاري2 كان رافضياً.3
__________
[3286-*] روى هذه المسألة إلى قوله: أكذب الناس:
أبو زرعة الرازي في تاريخه:2/524، وقد روى عن أحمد، اتهام أبي داود النخعي بالكذب، غير إسحاق، عدة من أصحابه؛ كابنه عبد الله وأبي طالب والجوزقاني وحنبل وغيرهم.
انظر: الجرح والتعديل: 4/‍132، والكامل لابن عدي: 3/1096، وتاريخ بغداد: 9/17، 19، وأحوال الرجال للجوزقاني: 194.
ورماه بالوضع إسحاق بن راهويه كما في تاريخ بغداد:9/20، وشرح علل الترمذي: 74 لابن رجب.
1 هو: سليمان بن عمرو النخعي الكوفي. مشهور بالكذب ووضع الحديث. قال ابن عدي: أجمعوا على ضعفه.
التاريخ الصغير للبخاري:2/292، والكامل لابن عدي: 3/1100.
2 هو: عبد الغفار بن القاسم الأنصاري. رافضي ليس بثقة، كان يضع الحديث.
الجرح والتعديل: 6/53، وميزان الاعتدال: 2/640.
3 روى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: 6/53 عن محمد بن عوف الحمصي قال: ذكر لأحمد بن حنبل أبو مريم. فقال: ليس بثقة. كان يحدث ببلايا في عثمان رضي الله عنه. ا.هـ
ونحوه روى عنه، أبو داود كما في سؤالاته: 292، والأثرم كما في الضعفاء الكبير للعقيلي: 3/‍102

(9/4631)


[3287-*] قال أحمد: كان خالد بن القاسم1 يزيد في الإسناد.
[3288-*] قال أحمد: أبو البختري وهب بن وهب البغدادي كان من أكذب الناس.2
قال إسحاق: كما قال. كان كذاباً.3 يعني - أبا4 البختري-.
__________
[3287-*] روى هذه المسألة ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: 3/347 بسنده إلى إسحاق بن منصور قال: قال أحمد ... الخ. وزاد: قال إسحاق بن راهويه: كما قال، كان كذاباً.
1 خالد بن القاسم أبو الهيثم المدائني. أجمعوا على تركه قيل توفي سنة 211هـ.
الجرح والتعديل:3/347، والميزان: 1/637.
[* 3288-] روى هذه المسألة ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: 9/26 بسنده إلى إسحاق ابن منصور قال: قال أحمد ... الخ.
2 روى الخطيب البغدادي بسنده إلى إبراهيم الحربي أنه قال: ما سمعت أحمد بن حنبل يقول في رجل: كذاب. إلا في أبي البختري. وقد حكم عليه أحمد في رواية الحمصي بأنه مطروح الحديث. وفي رواية أبي طالب بأنه يضع الحديث.
انظر: تاريخ بغداد: 13/455، 456، والجرح والتعديل: 9/25، والكامل: 7/2526.
3 في الأصل: "كانا كذابين"، وفي ظ: "كانا كاذبين". والتصويب من الجرح والتعديل: 9/26.
4 في الأصل، وفي ظ: أبو. والصواب ما أثبت

(9/4632)


[3289-] قلت: قال: شيع عليٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، ولم يتلقه1؟
قال أحمد: إنما يشيع الرجل إذا خرج ولم يتلقوه. الناس اليوم على ذلك.2
__________
1 في الأصل: "يتلقاه" والمثبت من: ظ.
وهذا قاله مجاهد كما رواه ابن أبي شيبة: 12/535، وفي سنده مجهول.
وأخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -: 264 بسنده إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك خرج علي يشيعه". وسنده منقطع.
وأخرج الإمام أحمد في المسند: 1/‍170 بسند صحيح كما في الإرواء: 5/11، عن سعد أيضاُ أن علياً رضي الله عنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى جاء ثنية الوداع، وعلي رضي الله عنه يبكي يقول: تخلفني مع الخوالف. فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة".
والذي ذكره ابن إسحاق وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استخلف علياً رضي الله عنه على المدينة في غزوة تبوك، أرجف المنافقون بعلي وقالوا: ما خلفه إلا استثقالاً له وتخففاً منه. فأخذ سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجرف فقال: يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني إنك استثقلتني وتخففت مني! فقال: "كذبوا؛ ولكني إنما خلفتك لما ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك. أفلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي". فرجع علي إلى المدينة. ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سفره.
تاريخ الطبري: 3/103، 104.
2 ذكر ابن قدامة هذه الرواية ولم ينسبها. ثم ذكر خبر أبي بكر الصديق في تشييعه يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام. ثم قال: وشيع أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد - أبا الحارث الصائغ ونعلاه في يده، وذهب إلى فعل أبي بكر.
أراد أن تغبر قدماه في سبيل الله. المغني: 13/‍17.
وقال في الفروع: 6/192: ويستحب تشييع غاز، لا تلقيه، نص عليه. لأنه هنأه بالسلامة من الشهادة. ويتوجه مثله في حج وأنه يقصده للسلام.
ونقل عنه في حج: لا. إلا إن كان قَصَدَه، أوكان ذا علم، أو هاشمياً، أو من يخاف شره.
وشيع أحمد أُمَّه لحج. ا.هـ. وانظر: الإنصاف: 4/‍120

(9/4633)


قال إسحاق: كلاهما سنة.
[3290-*] قال أحمد: يقولون: كان ضاع كتاب حماد بن سلمة عن قيس ابن سعد.1
__________
[3290-*] هذا النص عن أحمد رواه عنه أيضاً: ابنه عبد الله - كما في العلل: 3/127.
ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن: 4/94 وفيه زيادة: فكان يحدثهم من حفظه، فهذه قصته.
1 قيس بن سعد المكي. أبو عبد الملك، روى عن عطاء وطاووس، وعنه حماد بن سلمة وحماد بن زيد. وثقه أحمد في رواية حرب، ووثقه يحيى بن معين في رواية إسحاق ابن منصور، ووثقه غيرهم. توفي سنة بضع عشر ومائة.
الجرح والتعديل: 7/99، والتقريب: 283.

(9/4634)


[3291-*] قلت: إذا اشترى قصيلاً1 فتركه حتى سنبل؟
قال: يكون للمشتري منه بقدر ما اشترى يوم اشترى، [ع-171/ب] فإن كان فيه فضل كان للبائع صاحب الأرض.
[3292-] قلت: والنخل إذا اشتراه ليقلعه فطلع.
قال: كذلك في النخل إن كان فيها من زيادة فهو لصاحب الأرض البائع.2
قال إسحاق: كما قال.
__________
[3291، 3292-*] نقل هذه الرواية: ابن أبي يعلى في كتاب التمام: 2/76، وابن رجب في القواعد: 170، والمرداوي في الإنصاف: 5/71، وأشار إليها في الفروع: 4/419 ولم ينسبها. ونقل نحوها أبو داود في مسائله: 200، وأبو طالب كما في الإنصاف: 5/96.
1 القصيل: بالقاف الشعير يُجَزُّ أخضر لعلف الدواب. من القصل وهو القطع.
المصباح المنير: 2/506.
2 قال في الإنصاف 5/69: قطع به أكثر الأصحاب. واختاره ابن أبي موسى والقاضي وغيرهما. ونقلها أبو طالب وغيره عن أحمد وقدمه في الفروع وغيره. ا.هـ
وهناك روايات أخرى وتعليقات فانظرها في: الفروع: 4/74، وشرح الزركشي: 3/500، 501، والقواعد لابن رجب: 169، 170، والإنصاف: 5/70، 71.

(9/4635)


[3293-*] قلت: مدبر قتل سيده؟
قال: تزول عنه الوصية، ويعود1 عبداً.2
قال إسحاق: كما قال، لما كانت عائشة سحرتها جاريتها.3
__________
[3293-*] نقل هذه الرواية: ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 185.
وروى عنه صالح ما يخالف هذا كما في الروايتين: 3/120. ولم أجدها في المطبوع من مسائله.
1 في تهذيب الأجوبة: ويصير.
2 قال في الإنصاف: 7/445: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. قال ابن قدامة: سواء كان القتل عمداً، أو خطأً. وقيل لا يبطل تدبيره فيعتق. ا.هـ
قال القاضي أبو يعلى في الروايتين: 3/120: وأصل الروايتين في الوصية للقاتل تصح؟ على روايتين. كذلك التدبير لأنه وصية.
وانظر: شرح الزركشي: 7/479، والمغني: 14/437، الفروع:5/107، المبدع:6/332.
3 يشير إلى ما رواه الشافعي في مسنده (البدائع:2/46) ، وعبد الرزاق في المصنف: 10/183، والبيهقي في السنن: 8/137 عن محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة أعتقت جارية لها عن دبر منها، ثم إنها سحرتها واعترفت بذلك، قالت: أحببت العتق. فأمرت بها عائشة ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكتها. قالت: وابتع بثمنها رقبة فأعتقها. ففعل. هكذا روى هؤلاء هذه القصة بهذا الاختصار. ورواها مالك مطولة جداً في الموطأ برواية محمد ابن الحسن: 299، 300 ورواية الزهري: 2/422، ورواية القعنبي - كما في نصب الراية: 3/286، ولا توجد هذه القصة في رواية يحيى الليثي وهو قد سمع الموطأ في العام الذي توفي فيه مالك.
وهو ما أشار إليه ابن عبد البر في الاستذكار: 25/237، 238 عندما قال: وعند مالك في هذا الباب - أي باب حكم الساحر، عن عائشة خلاف لحفصة إلا أنه رماه بأخرة من كتابه، فليس عند يحيى وطائفة معه من رواة الموطأ. ا.هـ
وأخرج أيضاً هذه القصة بين الاختصار والتطويل: عبد الرزاق: 9/141، وأحمد: 6/40، والدارقطني: 4/140، والبيهقي: 10/313، والحاكم: 4/220. وصححها في إرواء الغليل:6/178

(9/4636)


[3294-] حدثنا إسحاق بن منصور نا أحمد1 ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان2 عن الصلت الربعي3 عن سعيد بن جبير قال: إذا لم تسمع قراءة الأمام يوم الجمعة فاقرأ.4
__________
1 ابن حنبل.
2 هو: الثوري.
3 قال ابن أبي حاتم: صلت الربعي، روى عن سعيد بن جبير، روى عنه سفيان الثوري.. ثم نقل عن يحيى بن معين أنه قال: ليس به بأس.
الجرح والتعديل: 4/440.
4 أخرجه ابن أبي شيبة: 2/‍149 من طريق ابن مهدي به مثله، وأخرجه عبد الرزاق: 2/132 من طريق سفيان الثوري ولفظه: إذا لم يُسمعك الإمام فاقرأ.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة: " الصلت بن الربيع " وهو تصحيف، فإنه غير منسوب كما في ثقات ابن حبان: 6/472.
وأخرج ابن أبي شيبة: 1/374 من طريق ابن نمير عن عبد الملك عن سعيد مثله، وليس فيه: يوم الجمعة.

(9/4637)


[3295-] حدثنا أحمد ثنا عبد الرحمن1 عن قرة2 عن الحسن3 مثله.4
قال أحمد: كذاك أقول.5
قال إسحاق: كما قال.6
__________
1 هو: ابن مهدي.
2 قرة بن خالد السدوسي. ثقة ضابط. ت 155هـ.
التقريب: 210.
3 البصري.
4 لم أجده. لكن روى عنه القراءة مطلقاً خلف الإمام: عبد الرزاق: 2/134، وابن أبي شيبة: 1/374، والبيهقي في القراءة خلف الإمام: 105، وابن عبد البر في التمهيد: 11/41.
5 أي يقرأ إذا لم يسمع.
وقد نقل عنه روايات بهذا المعنى: عبد الله: 2/421، وصالح: 1/210 و 2/465، وأبو داود: 32، وابن هانئ: 1/55. والأثرم كما في المغني: 2/267.
قال المرداوي: يستحب أن يقرأ إذا لم يسمع الإمام لبعده، وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ... وقيل: لا يقرأ. وحكاه الزركشي وغيره رواية. ا.هـ الإنصاف: 2/231.
وانظر: شرح الزركشي: 1/559، والمغني: 2/267، والأوسط: 3/106.
6 لكن حكى عنه ابن المنذر في الأوسط: 3/106 أن المأموم لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به؛ سمع أو لم يسمع

(9/4638)


[3296-*] قلت: أم ولد1 قتلت سيدها؟
قال: فيه قولان:
منهم من يقول: تصير حرة؛ لأنها إن جنت وسيدها حي إذاً كانت جنايتها على سيدها2.
ومنهم3 من يقول: عليها قيمتها، فإن لم تكن عندها؛ تكون ديناً عليها. وهذا أعجب إلي.4
__________
[3296-*] تقدمت هذه الرواية في الحدود والديات: برقم (2722) ، ونقلها ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 185.
1 في الأصل: "الولد". والمثبت من: (ظ) .
2 أي: فلا يكون عليها شيء. وهذا قول أبي حنيفة وسفيان الثوري ومالك والشافعي.
انظر: الأصل لمحمد بن الحسن: 4/650، المدونة: 6/362، مصنف عبد الرزاق: 10/87، المغني: 14/608.
ولم أجد قول الشافعي في كتابه الأم ولا في كتب أصحابه، وإنما ذكره ابن قدامة في المغني.
3 كأبي يوسف.
انظر: المغني: 14/607، 608. ولم أجد قوله في كتب الحنفية.
4 قول أحمد: هذا أعجب إلي. اختلف فيه أصحابه على قولين:
الأول: أنه يحمل على الندب.
وهو الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب - كما في الإنصاف: 12/248.
وانظر: الفروع: 1/67، 68.
الثاني: أنه على الوجوب. واختاره ابن حامد. ومثل له بهذه المسألة - كما في تهذيب الأجوبة: 185، 186.
وعلى كلا القولين فالإمام أحمد يرى هنا في رواية الكوسج أن على أم الولد إذا قتلت سيدها قيمتها؛ وهذا الذي صححه ابن قدامة في المغني، وهو نص الخرقي في مختصره.
قال في الإنصاف: هذا إحدى الروايتين. وهو قول الخرقي والمصنف في كتبه والقاضي وجماعة من أصحابه.
والصحيح من المذهب أنه يلزمها الأقل من قيمتها أو ديته. نص عليه ... وقدمه في الفروع.
وقال الزركشي: ولعل إطلاق الأولين محمول على الغالب. إذ الغالب أن قيمة الأمة لا تزيد على دية الحر. اهـ.
انظر: مختصر الخرقي: 250، والمغني: 14/608، والفروع: 6/132، والقواعد لابن رجب: 100، وشرح الزركشي: 7/558، والإنصاف: 7/499، 500.

(9/4639)


قال إسحاق: كما قال إذا لم يكن عندها مال يكون ديناً عليها.1
__________
1 انظر قول إسحاق بنصه في الإشراف: 3/144.

(9/4640)


[3297-*] قلت: من كره1 البر بالشعير إلا مثلاً بمثل، وإن كان يداً بيد؟
قال أحمد: إذا اختلفت ألوانه فلا بأس به يداً بيد.2
__________
[3297-*] تقدمت هذه المسألة في البيوع برقم: (1900) وفيها صرح أحمد بمن كره هذا البيع فقال: أهل المدينة يكرهونه. قلت - أي الكوسج -: ما تقول أنت؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.
قال إسحاق: لا بأس.
ووردت هذه المسألة أيضاً في البيوع برقم: (1857) ونصها:
قلت: قفيز شعير بقفيزي برّ يداً بيد؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.
قال إسحاق كما قال.
وروى أبو داود في مسائله: 197: سمعت أحمد يقول: أهل المدينة يكرهون الشعير بالبر، اثنين بواحد. ولكنا لا نرى به بأساً.
وفي مسائل ابن هانئ: 2/17: وسئل أبو عبد الله عن الرغيف بالرغيفين. قال: إذا كان برٌّ ببرٍّ فلا. ولكن رغيفين شعير برغيف حنطة، فلا بأس يداً بيد.
1 ممن كره بيع البر بالشعير متفاضلاً أهل المدينة كما تقدم: كعبد الرحمن بن الأسود، وسليمان بن يسار، والإمام مالك وأصحابه، والليث بن سعد. وكرهه كذلك من أهل الشام: الأوزاعي.
ومن أهل العراق: الحكم، وحماد بن أبي سليمان. وقبل هؤلاء كلهم من الصحابة: سعد بن أبي وقاص. وقد روي عن عمر أيضاً.
وحجة هؤلاء أنهم يرونه صنفاً واحداً.
[] انظر: اختلاف العلماء للمروزي: 244، والتمهيد: 19/ 177، 178، والاستذكار: 20/31-34.
2 أي إذا اختلفت ألوان الطعام كبر بشعير فلا بأس به متفاضلاً يداً بيد. وهذا هو المذهب.
انظر: المغني: 6/79، وشرح الزركشي: 3/442، والإنصاف: 1/17.

(9/4641)


قال إسحاق: كما قال.1
[3298-*] قلت: إذا كانت المرأة تحيض في الأشهر مرة؟
قال أحمد: فعدتها بالحيض.2
قال إسحاق: كما قال.3
[3299-*] قال أحمد رضي الله عنه: الواقدي كان يقلب الأحاديث، يلقي حديث
__________
1 انظر قول إسحاق في: اختلاف العلماء: 245، والتمهيد: 19/179، والاستذكار: 20/35.
[3298-*] تقدمت هذه المسألة في النكاح برقم: (1147) .
2 قال في المغني: 11/218، 219: فإن كانت عادة المرأة أن يتباعد ما بين حيضتيها، لم تنقض عدتها حتى تحيض ثلاث حيضات، وإن طالت؛ لأن هذه لم يرتفع حيضها، ولم تتأخر عن عادتها، فهي من ذوات القُرُوْء باقية على عدتها، فأشبهت من لم يتباعد حيضها. ولا نعلم في هذا خلافاً. ا.هـ
3 انظر رأي إسحاق في: الإشراف: 285، والمغني: 11/220.
[3299-*] نقل هذه المسألة بنصها: ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: 8/21، والخطيب في تاريخ بغداد:3/16.
وروى عنه نحوها: ابنه عبد الله - كما في الضعفاء للعقيلي: 4/107، 108، والأثرم - كما في تاريخ بغداد: 3/17.

(9/4642)


ابن أخي ابن شهاب1 على معمر، ونحو هذا.
قال إسحاق: كما وصف وأشد، لأنه عندي ممن يضع الحديث.2
[3300-*] قلت: إذا لم يقرأ في الأخريين؟
قال: لا يجزئه، كل صلاة لا يقرأ [فيها] 3 بفاتحة الكتاب في كل ركعة؛ لا تجزئه إلا وراء الإمام.4
__________
1 محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري. صدوق له أوهام. ت 152هـ. التقريب: 306.
2 انظر قول إسحاق، في مصادر توثيق المسألة. وكذا في الميزان: 3/665.
[3300-*] تقدمت هذه المسألة في الصلاة رقم: (195) ، ونقل نحوها عن أحمد: عبد الله في مسائله: 1/250-254، وصالح: 1/363، وأبو داود: 32، وابن هانئ: 1/52، وحرب الكرماني، وإسماعيل بن سعيد الشالنجي - كما في النكت والفوائد على المحرر: 1/69، وحنبل وابن القاسم - كما في الانتصار: 2/202.
3 ما بين القوسين من: (ظ) .
4 هذا هو الصحيح من المذهب أن الفاتحة تجب قراءتها في كل ركعة على الإمام والمنفرد.
وعنه أنها لا تجب إلا في ركعتين من الصلاة. وذكر الخلال أنه رجع عنها.
انظر: الروايتين: 1/117، والانتصار: 2/203، والمغني: 2/156، وشرح الزركشي: 1/548، 549، والنكت والفوائد على المحرر: 1/69، والإنصاف: 2/112.

(9/4643)


قال إسحاق: كلما قرأ في ثلاث ركعات إماماً كان أو منفرداً؛ فصلاته جائزة، لما أجمع الخلق أن كل من أدرك الإمام راكعاً فركع معه [ركعة] 1 أدرك تلك الركعة وقراءتها.2
__________
1 ما بين القوسين من: (ظ) .
2 انظر قول إسحاق في: الأوسط: 3/! 14، والتمهيد: 20/198.
والإجماع الذي حكاه غير مسلّم فقد روي عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وعائشة - رضي الله عنهم - أنه لا يعتد بالركعة التي لم يقرأ فيها بأم القرآن. وبه قال: زيد بن وهب الجهني من التابعين.
وعبارة الإمام أحمد في مسائل عبد الله:1/252 أقرب إلى الحقيقة من عبارة إسحاق فإنه قال: فلم نعلم الناس اختلفوا أنه إذا ركع مع الإمام أنّ الركعة تجزئه وإن لم يقرأ. ا.هـ
وقد أنكر الإجماع في هذه المسألة البخاري، وابن حزم.
انظر: القراءة خلف الإمام البخاري: 9، والمحلى: 3/314، 315، والأوسط: 4/197، والتمهيد: 7/72، وطرح التثريب: 2/364، وفتح الباري: 2/ 242.

(9/4644)


[3301-*] حدثنا إسحاق ثنا أحمد ثنا يحيى1 عن سفيان2 عن حماد3 عن إبراهيم4 عن عبد الله5 رضي الله عنه في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} 6 قال: نزلت في المسلمين والمشركين، وقال علي عليه السلام: في المشركين.7
قال أحمد رضي الله عنه: نزلت في سبايا أوطاس.8
__________
[3301-*] تقدمت هذه المسألة بتفصيل أكثر في النكاح برقم (1291) .
ونقل نحوها ابن مفلح في الفروع: 6/239 ولم ينسبها.
1 هو: يحيى بن سعيد القطان.
2 هو: الثوري.
3 ابن أبي سليمان.
4 هو: النخعي.
5 هو: ابن مسعود.
6 آية: 24: النساء.
7 أخرجه ابن جرير في تفسيره: 5/5 بسنده إلى عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/265، 266 قول علي فقط.
ونسبه السيوطي في الدر المنثور: 2/479 إلى الفريابي وابن أبي شيبة والطبراني.
8 أي في المشركين، كما هو قول علي رضي الله عنه، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعث جيشاً إلى أوطاس فلقوا عدواً، فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا. فكان ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرجوا من غشيانهن من اجل أزواجهن من المشركين. فأنزل الله عز وجل في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن".
[] صحيح مسلم: 17-كتاب الرضاع. 9-باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء.
وأوطاس: موضع عند الطائف.
وانظر: لباب النقول: 66 للسيوطي.

(9/4645)


قال إسحاق: كما قال.
[3302-] قال أحمد: إذا حلف فحنث، فهو في الطعام والكسوة والعتق بالخيار؛ أيها شاء فعل، فإذا لم يجد فإذ ذاك يجوز أن يصوم.1
قال إسحاق: كما قال. ويصوم تباعاً؛ لا يجزئه غير ذلك.2
__________
1 قال في المغني: 13/528: وهذا لا خلاف فيه. إلا في اشتراط التتابع في الصوم، وظاهر المذهب اشتراطه. ا.هـ
وقال الزركشي في شرح الخرقي: 7/126: وهذا والحمد لله إجماع في انه إن شاء أطعم، وإن شاء كسا، وإن شاء أعتق ... ا. هـ
وقال في ص: 143: إذا لم يجد واحداً من الثلاثة السابقة ... فإنه ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام بالإجماع. ا.هـ
وانظر: الإنصاف: 11/39، 40.
2 انظر قول إسحاق في: المغني: 13/528.

(9/4646)


[3303-*] قال [أحمد] 1 رضي الله عنه: طلاق السكران لا يصح عندي، لأنه طلق وهو لا يعقل،2 وكذلك المجنون،3، [وذلك أن المجنون لا
__________
[3303-*] تقدم نحو هذه المسألة في النكاح: (1131) ، وكذا في الروايتين: 2/157 في السكران فقط. ومثله نقل الميموني كما في الروايتين: 2/157، وإعلام الموقعين: 4/49، وإغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان: 44، وحنبل كما في الروايتين: 2/157، وإسحاق بن إبراهيم: 1/230 برقم (1117) .
ونقل صالح: 1/128، 129، وابن بدينا - كما في الروايتين: 2/157: وقوع طلاق السكران.
ونقل أبو داود: 173، وابن إبراهيم: 1/‍230 (1115) ، والبرزاطي - كما في الروايتين: 1/158: التوقف. وقال في مسائل عبد الله: 3/1114 فيه اختلاف. وقال في مسائل عبد الله أيضاً: 3/1114، وصالح: 2/115، وأبي الحارث كما في إعلام الموقعين: 4/48، وإغاثة اللهفان: 44، 45: أرفع شيء فيه حديث الزهري عن أبان بن عثمان عن عثمان قال: "ليس لمجنون وسكران طلاق".
1 في الأصل بياض بعد هذه الكلمة، والمثبت من: (ظ) .
2 في طلاق السكران ثلاث روايات كما ذكر الخرقي في المختصر: 153: يلزمه، ولا يلزمه، والتوقف.
قال ابن قدامة في المغني: 10/346: أما التوقف عن الجواب، فليس بقول في المسألة؛ وإنما هو ترك للقول فيها وتوقف عنها لتعارض الأدلة فيها وإشكال دليلها، ويبقى في المسألة روايتان. ا. هـ
والمذهب وقوع طلاق السكران.
انظر: الفروع: 5/367، والمبدع: 7/253، والإنصاف: 8/433.
3 طلاق المجنون لا يقع بالإجماع.
الإجماع لابن المنذر: 100، والمغني: 10/346

(9/4647)


يجوز طلاقه، ولو أنه ارتد عن الإسلام لا أقول فيه شيئاً. والبيع والشراء والقذف لا أقول فيه شيئاً.
قال إسحاق: كل ذلك يحكم له، وعليه بحكم المجنون] 1 إذا كان قد سكر وذهب عقله2.
[3304-] سئل أحمد عن رجل حلف أن لا يدخل على أخته. تأمره أن يكفر يمينه ويدخل؟
قال: لا آمره، وإذا حلف فحنث فهو أهون، وأنا عليه أجرأ من أن آمره أن يكفر يمينه ثم يحنث.
قال إسحاق: بل نأمره بذلك ونحرضه عليها، لأن له في ذلك أجراً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير".3
__________
1 الزيادة من: ظ.
2 انظر قول إسحاق بعدم وقوع طلاق السكران كالمجنون في: اختلاف العلماء: 271 للمروزي، والإشراف لابن المنذر: 191، والمحلى: 10/210، والمغني: 10/347، وزاد المعاد: 5/210.
[3] أخرجه بهذا اللفظ مسلم: 27-كتاب الإيمان: 3-باب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها ... حديث (1651) عن عدي بن حاتم رضي الله عنه وأبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 11/517) ومسلم: 3/1274 عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه بلفظ الأمر له من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

(9/4648)


[3305-*] قال أحمد: الغني يجبر على الفقير إذا كان منه بسبيل.
قال إسحاق: كما قال. وهم ذوات الرحم المحرمة.1
[3306-*] قال أحمد: المرتد يستتاب ثلاثاً2 [والمرأة المرتدة تستتاب
__________
[3305-*] روى نحو هذه المسألة: أبو داود في مسائله: 293.
1تقدم رأي إسحاق في هذه المسألة في قسم المعاملات في المسألة رقم: (2350) بأوضح مما هنا. قال: يجبر كل ذي رحم محرمة على ذي رحمه المحرم إذا لم يكن له ما يكفيه.
[3306-*] تقدمت هذه المسألة في الحدود برقم: (2723) ونقلها بنصها، ابن عبد البر في التمهيد: 5/310، والخلال في أحكام أهل الملل مفرقة: 2/287، 289، 524. وذكر الخلال استتابة المرتد عن جمع من أصحاب الإمام أحمد، كابنيه: عبد الله: 3/1290، وصالح: 2/473، 3/131، وغيرهما. ونقل عدة روايات في استتابة المرتد: 2/495، 497. ونقل أيضاً عدة روايات متضادة في استتابة الزنديق: 2/524، 526. فنقل عن عبد الله: 3/1289، وابن هانئ: 2/93 وغيرهما استتابته. ونقل عن حنبل وأبي طالب وغيرهما أنه لا يستتاب.
وانظر: الروايتين: 2/305، والتمام للروايتين: 2/199.
2 هذا هو المذهب في المرتد أنه يستتاب ثلاثة أيام وجوباً ويضيق عليه، فإن لم يتب قتل. وعنه: لا تجب الاستتابة بل تستحب، ويجوز قتله في الحال.
المغني: 12/266، 267، والفروع: 6/169، والإنصاف: 10/328، 329

(9/4649)


ثلاثاً1] 2 والزنديق لا يستتاب.3
قال إسحاق: كما قال.4
[3307-*] قلت لإسحاق: الصبي إذا لم يكن له مال فاحتيج [ع-172/أ]
__________
1 المذهب أن المرأة المرتدة تقتل كالرجل بعد الاستتابة ثلاثاً.
الإنصاف: 10/328.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 الزنديق: هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر. وهو الذي كان يسمى منافقاً في الصدر الأول. ا.هـ من شرح الزركشي على الخرقي: 6/248.
وانظر: فتح الباري: 12/272.
وفي قبول توبة الزنديق روايتان:
إحداهما: لا تقبل. ويقتل بكل حال. وهي المذهب، ونصرها ابن القيم وقال: إنها أنص الروايات عنه.
والرواية الثانية: تقبل توبته كغيره. وهو ظاهر كلام الخرقي، واختيار الخلال وأخر قولي الإمام أحمد.
انظر: الروايتين: 2/305، والتمام للروايتين: 2/200، والمغني: 12/269، وإعلام الموقعين: 3/131، 132، والفروع: 6/170، والإنصاف: 10/332، 333.
4 انظر قول إسحاق في: الإشراف: 3/156، 157، 163، والتمهيد: 5/310، ومعالم السنن: 4/525.
[3307-*] تقدمت هذه المسألة بنحوها في النكاح: (988) . ومضى إشارة إليها في المسألة رقم: (3261) من هذا الجزء

(9/4650)


إلى النفقة عليه في رضاع أو غيره.
قال: فعلى الوارث ذلك، كل بقدر ميراثه،1 كذلك ذكر عن زيد [بن ثابت] 2، وقال هؤلاء: ليس على أهل الميراث والعصبات، إنما يلزم من كان من قبل الأم مثل: الخال والخالة وشبههما،3 وهذا خطأ بيّن لما هو خلاف القرآن والسنة، ولو قال قائل: هو على العصبات لكان مذهباً، لما وقف عمر
__________
1 انظر رأي إسحاق في: اختلاف العلماء للمروزي: 295، والإشراف لابن المنذر: 4/150، وتفسير القرطبي: 3/168.
وهذا هو الصحيح في مذهب الإمام أحمد. كما في المغني: 11/380، والإنصاف: 9/393.
وانظر المسألة رقم: (3261) .
2 زيادة من: (ظ) .
وأثر زيد بن ثابت رضي الله عنه أخرجه ابن أبي شيبة: 5/247، ومن طريقه ابن حزم في المحلى: 10/102، 103 قال: إذا كان عم وأم، فعلى الأم بقدر ميراثها، وعلى العم بقدر ميراثه.
3 أي: أن النفقة عند هؤلاء - وهم أبو حنيفة وأصحابه - تكون على ذي الرحم المحرم وهم أولوا الأرحام.
انظر: فتح القدير: 3/350، ومختصر اختلاف العلماء للجصاص: 3/405.

(9/4651)


ابن الخطاب عليه السلام بني عم منفوسٍ كلالة برضاعه.1
[3308-] قال إسحاق بن إبراهيم2: أخبرني المعتمر3 [قال] 4: قلت ليونس بن عبيد5: يتيم لا مال له، وله أم وعم؟ قال: قال الحسن: النفقة على العم.6
[3309-*] قلت لأحمد: من قال:" تذاكر العلم بعض ليلة أحب إليَّ من
__________
1 تقدم تخريج أثر عمر في المسألة رقم (3261) .
وفي تلك المسألة ذكر الكوسج عن إسحاق خلاف رأيه هنا، وهو أن النفقة على العصبات، وقد أشار إسحاق هنا إلى قوة هذا الرأي بقوله: ولو قال قائل هو على العصبات لكان مذهباً.
والذي يبدو أن رأي إسحاق المعتمد في المسألة هو رأيه هنا أن النفقة على الوارث، وأنه يقوي الرأي الآخر والله أعلم.
2 هو: ابن راهويه.
3 المعتمر بن سليمان التيمي.
4 الزيادة من: (ظ) .
5 يونس بن عبيد بن دينار العبدي.
6 أخرجه ابن أبي شيبة: 5/247. وانظر: المحلى: 10/103.
[3309، 3310، 3311-*] نقل هذه المسألة بنصوصها كلها: ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/34، 35، وفي الفروع: 1/523، 524، وابن عبد البر في جامع بيان العلم: 1/118، 52، وعنده زيادة: " أي علم أراد " بعد قوله: إحيائها.
وروى نحوها إبراهيم بن هانئ عن أحمد كما في الفقيه والمتفقه: 1/17 للخطيب، وفي مضمونها عدة روايات كما في مسائل ابن هانئ: 2/168، وطبقات الحنابلة: 1/199، 380، 381 والآداب الشرعية: 2/34، 35 والفروع: 1/527.

(9/4652)


إحيائها "1؟
قال: العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم.
[3310-] قلت: في الوضوء والصلاة والصوم والحج والطلاق، ونحو هذا؟
__________
1 هذا الأثر مشهور عن ابن عباس رضي الله عنه أخرجه معمر في جامعه الملحق بمصنف عبد الرزاق: 11/253، ومن طريقه البيهقي في المدخل: 305، وابن عبد البر في الجامع: 1/117 عن قتادة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
وقتادة لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أنس رضي الله عنه، كما قال الإمام أحمد. انظر المراسيل: 139 لابن أبي حاتم.
وأخرجه الدارمي في المقدمة: 1/120 بنحوه. وسنده ضعيف فيه من لم يسم. قاله الألباني في تعليقه على المشكاة: 1/85.
وأخرجه بلفظ الدارمي: البيهقي في المدخل: 305 من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن مطرف قال: سمعت ابن عباس يقول ... فذكره.
وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه: 1/16 لكن عن أبي الدرداء.
وقد وردت في هذا المعنى، آثار كثيرة عن السلف. فانظرها في المصادر السابقة وفي شرح حديث أبي الدرداء في طلب العلم: 36، 37 لابن رجب.

(9/4653)


قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال.
[3311-] قال إسحاق: " طلب العلم واجب2"3 لم يصح الخبر فيه، إلا أن معناه قائم، يلزمه علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إن كان له مال، وكذلك الحج وغيره، إنما يعني الواجب أنها إذا وقعت فلا طاعة للأبوين في ذلك، وأما من4 خرج يبتغي علماً فلا بد له من الخروج بإذن الأبوين
__________
1 انظر: الفروع: 1/525، فقد نقل عن أحمد كلاماً بهذا المعنى.
2 في (ظ) : فريضة.
3 حديث "طلب العلم فريضة على كل مسلم" روي عن جمع من الصحابة، من طرق كثيرة، أوصلها السيوطي، إلى خمسين طريقاً. في جزء له (مطبوع) .
وعلى الرغم من كثرة هذه الطرق فقد ضعفه بعض العلماء، كالإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، والبيهقي، وابن عبد البر وغيرهم. لكن حسنه بعضهم، كالمزي، والسيوطي. بل إن الألباني ذهب إلى تصحيحه والله أعلم.
انظر: العلل المتناهية لابن الجوزي: 2/66، والمقاصد الحسنة للسخاوي: 276، وشرح إحياء علوم الدين [] [] للزبيدي: 1/97، 98، وتخريج أحاديث مشكلة الفقر: 48-62 للألباني.
4 في الأصل "ما" والمثبت من: (ظ) .

(9/4654)


لأنه فضيلة ما لم تحل به البلية. والنوافل لا تبتغى إلا بإذن الآباء.1
[3312-*] قلت [لأحمد] 2: من كره كتابة العلم؟
قال: كرهه قوم كثير،3 ورخص فيه قوم.4
__________
1 أشار إلى كلام إسحاق هذا: ابن مفلح في الفروع: 1/525.
ونقل المرُّوذي في الورع: 52 عن أحمد أن من كان جاهلاً لا يدري كيف يطلق ولا يصلي فطلب العلم له أفضل من المقام عند والدته، وهو في الفروع أيضا: 1/524.
[3312، 3313-*] نقل هذه المسألة بتمامها، ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله: 1/329.
ونقلها الخطيب في تقييد العلم: 115 دون جواب ابن راهويه، وكذا ابن رجب في شرح علل الترمذي: 57، ونقلها السخاوي عنهما مختصرة في فتح المغيث: 2/144.
ونقل عن الإمام أحمد - ابنه صالح: 2/372، 373 و: 3/251 ما يؤيد كراهة الكتابة. ونقل عنه الميموني -كما في تقييد العلم-: 115، وشرح العلل: 57 ما يؤيد جواز الكتابة.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 ممن كره ذلك من الصحابة: أبو سعيد الخدري، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود - رضي الله عنهم -. ومن التابعين: ابن عون، والشعبي، والنخعي، وابن سيرين وغيرهم.
4 ممن أجاز ذلك من الصحابة: أبو بكر، وعمر، وعلي وابنه الحسن، وأنس، وعبد الله ابن عمرو. ومن التابعين: قتادة، وعمر بن عبد العزيز، وسعيد بن جبير، وغيرهم.
[] انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 9/49-55، وسنن الدارمي: 1/97-108، والناسخ والمنسوخ: 276 لابن [] [] شاهين، وتقييد العلم: 36-48، 87-117، وجامع ابن عبد البر: 1/268-335، والمدخل للبيهقي: 405-424.
وعلى كل فهذا خلاف قديم، ثم أجمع المسلمون على جواز الكتابة.
انظر: المصادر السابقة، والالماع: 147 للقاضي عياض، ومقدمة ابن الصلاح: 88، والباعث الحثيث: 111، وفتح المغيث: 2/145، ودراسات في الحديث النبوي وتدوينه للأعظمي: 1/92 إلى آخر الجزء.

(9/4655)


[3313-] قلت: فلو لم يكتب لذهب العلم.
قال: فلولا كتابته أي شيء كنا نحن.1
قال إسحاق: كما قال.
[3314-*] قلت: ما يكره من الشعر؟
__________
1 انظر محاورة بديعة حول كتابة المسائل، دارت بين الإمام أحمد، وتلميذه الميموني في الطبقات: 1/214.
[3314-*] نقل هذه المسألة الخلال، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:119، وابن الجوزي في كشف مشكل الصحيحين: 1/250 ولم ينسبها، وابن رجب في نزهة الأسماع: 66، وابن مفلح في الفروع: 6/525 ونقل ما يوافقها عن صالح- ولم أجدها في المطبوع من مسائله-. وكذا المرداوي في الإنصاف:29/353 لكنه اختصر ذلك

(9/4656)


قال: [الهجاء و] 1 الرقيق الذي يشبب بالنساء، وأما الكلام الجاهلي فما أنفعه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الشعر حكمة"2.3
قال إسحاق: كما قال.
[3315-*] قلت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً"4؟
__________
1 ما بين القوسين ليس في الأصل. والمسألة كلها ليست في (ظ) . واستكمل النقص من المصادر التي نقلت هذه المسألة
2 الحديث أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 10/537) عن أبيِّ بن كعب رضي الله عنه.
3 الشعر كالكلام حسنه حسن، وقبيحه قيبيح، فحد الشعر الجائز أنه الذي لم يكثر منه في المسجد، وخلا عن هجاء وعن الإغراق في المدح والكذب المحض. والتغزل بمعين لا يحل. وقد نقل ابن عبد البر، الإجماع على جوازه إذا كان كذلك.
وعليه فليس في إباحة الشعر على هذا النحو خلاف. وقد استنشده النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقاله الصحابة، والعلماء، والحاجة، تدعو له لمعرفة اللغة العربية، والاستشهاد به في التفسير، وتعرف معاني كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويستدل به أيضاً على النسب والتاريخ، وأيام العرب.
[] انظر: مناقب الشافعي للبيهقي: 2/60، والمغني: 14/162-165، وفتح الباري: 10/539.
[3315-*] نقل هذه المسألة الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 118.
4 الحديث أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح:10/548) عن ابن عمر - رضي الله عنهما -. ومسلم: 4/1769، حديث: (2258) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وأخرجاه أيضاً عن غيرهما من الصحابة.

(9/4657)


فتلكأ فذكرت له قول النضر بن شميل.1
فقال: ما أحسن ما قال.2
قال إسحاق: أجاد.
قال إسحاق بن منصور: قال النضر بن شميل: "لأن يمتلئ جوف أحدكم". قال: لم تمتلئ أجوافنا [شعراً] 3 لأن في أجوافنا القرآن وغيره،4 وهذا كان في الجاهلية،5 فأما اليوم فلا.6
__________
1 النضر بن شميل بن خرَشَة - بفتح الراء والشين - ابن يزيد المازني التميمي. أبو الحسن. كان فصيحاً أديباً عالماً بأيام العرب، لغوياً بارعاً. وهو أول من أظهر السنة بمرو وخراسان. صنف: غريب الحديث، وكتاب الصفات، وغيرهما. مات سنة 203هـ.
انظر: معجم الأدباء: 7/218، بغية الوعاة: 2/316، شذرات الذهب: 2/7.
2 وهذا تأييد من الإمام أحمد للنضر بن شميل في تفسيره لهذا الحديث.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 في: (ظ) : " العلم والذكر ". بدل: " غيره ".
5 في: (ظ) مكان هذه العبارة: هذا لأولئك الأعراب الذين لا يحسنون إلا الشعر.
6 وفسره أيضاً أبو عبيد فقال: معناه أن يغلب عليه الشعر حتى يشغله عن القرآن والفقه.
قال ابن قدامة: وقيل: المراد به ما كان هجاءً وفحشاً. قال: فما كان من الشعر يتضمن هجو المسلمين والقدح في أعراضهم، أو التشبيب بامرأة بعينها بالإفراط في وصفها؛ فذكر أصحابنا أنه محرم.
المغني: 14/165، وفتح الباري لابن حجر: 10/549.
وانظر: الكلام على مسألة السماع لابن القيم: 269، وكشف مشكل الصحيحين لابن الجوزي: 1/250، 251.

(9/4658)


[3316-*] قلت: يقبل الرجل ذات محرم منه؟
قال: إذا قدم من سفر و1 لم يخف على نفسه، فذكر حديث [خالد] 2 بن الوليد رضي الله عنه.3
قال إسحاق: كما قال. وقد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم
__________
[3316-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/266، وكذا في الفروع: 5/158، وعنه المرداوي في الإنصاف: 8/32، مختصرة.
ونقل ابن مفلح في الآداب أيضاً عن بكر بن محمد عن أبيه عن أحمد أنه سئل عن الرجل يقبل أخته. قال: قد قبل خالد بن الوليد أخته. الآداب الشرعية: 2/266.
1 في الأصل: "أو" والمثبت من: (ظ) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 حديث خالد بن الوليد الذي أشار إليه أحمد هو تقبيله أخته. كما وضحته رواية بكر بن محمد عن أبيه.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة: 4/408 بسنده إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام أن خالد بن الوليد استشار أخته في شيء، فأشارت فقبل رأسها

(9/4659)


[من] 1 الغزو، فقبل فاطمة عليها السلام،2 ولكن لا يفعله في الفم أبداً، الجبهة والرأس.
[3317-*] قلت: تكره موت الفجأة؟
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 حديث تقبيله - صلى الله عليه وسلم - ابنته فاطمة حين قدومه من الغزو: أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال: 1/390 من طريق يزيد بن أبي سعيد النحوي عن عكرمة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رجع من مغازيه قبل فاطمة".
وأخرجه أيضاً: 1/389 من وجه آخر عن يزيد عن عكرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم من سفر فقبل رأس فاطمة - رضى الله عنها -.
وهذان مرسلان.
وحديث تقبيل النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته فاطمة ثابتٌ دون ذكر الغزو والسفر كما أخرجه أبو داود في كتاب الأدب: 5/391، والترمذي في المناقب: 5/700، والنسائي في فضائل الصحابة/ 202، والبخاري في الأدب المفرد: 252، 253، وابن حبان: 15/ 403، والطبراني في الأوسط: 4/242، والحاكم: 4/272، والبيهقي: 7/101 عن عائشة - رضى الله عنها - قالت: "ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها، وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها رحبت به وقامت فأخذت بيده فقبلته ... " الحديث.
وقد صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد: 356.
[3317-*] لم أجد من نقل هذه الراوية بعينها. لكن نقل السامري في المستوعب: 3/

(9/4660)


...................................................................................................
__________
= 98 عن أبي طالب عن أحمد: لم يزل الناس يموتون فجأة. ويقال: إنها أخذة أسف. ا.هـ
وذكر ابن أبي يعلى في كتاب التمام: 1/257 أنه اختلفت الرواية في موت الفجأة، هل يكره؟ على روايتين:
إحداهما: الكراهة ... والثانية: لا يكره.
وقال في الفروع: 2/170: وفي كراهة موت الفجأة روايتان: والأخبار مختلفة..ا. هـ
قال في تصحيح الفروع: وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفائق، إحداهما: يكره. صححه القاضي أبو الحسين، وقدمه ابن تميم، والثانية: لا يكره.
قلت: - القائل هو المرداوي صاحب التصحيح -: الصواب أنه إن كان مقطوع العلائق من الناس، مستعداً للقاء ربه، لم يكره، بل ربما ارتقى إلى الاستحباب. وإلا كره. والذي يظهر أن معناه: أن صفة هذه الموتة هل (هي) مكروهة عند الله أم لا. لآن الميت لا صنع له في ذلك. فيقال: هذه الموتة مكروهة عند الله تعالى أو غير مكروهة؟ كما أن الموت في سبيل الله، محبوب عند الله، وموت السكران مثلاً مكروه عند الله. والله أعلم. ا. هـ
وقال الفتوحي في معونة أولي النهى: 2/547: قال بعض أهل العلم: يحتمل أن يقال أنه رفق ولطف بأهل الاستعداد للموت المتيقظين، وأما من له تعلق يحتاج معه إلى الإيصاء والتوبة والاستحلال ممن بينه وبينه معاملة، فالفجأة في حقه أخذة أسف. ا.هـ
وانظر: المجموع: 5/291.
وذكر ابن عقيل في الفنون: 1/61: قال سفيان بن عيينة: الناس كلهم جميعاً يحبون أن يموتوا فجأة ولا يدرون، ألا تراهم كلهم يعلم أنه يموت ولا يحب أن يمرض.
قال حنبلي: صدق، لأن الموت بغير مرض، هو الفجأة. ا.هـ
لطيفة: ذكر السخاوي في الضوء اللامع: 6/22، 23 في ترجمة أبي بكر بن أحمد، تقي الدين ابن قاضي شهبة المتوفى سنة 851هـ: أنه لما عاد من زيارته لبيت المقدس، مات فجأة، وهو جالس يصنف ويكلم ولده البدر ...
قال: ومن الغريب ما حكاه ولده أنه قبل موته أظنه بيوم: ذكر موت الفجأة، وأنه إنما هو أخذة أسف للكافر، وأما المؤمن، فهو له رحمة، وقرر ذلك تقريراً شافياً. ا.هـ
وانظر: فتح الباري: 3/354، 355.

(9/4661)


قال: من الناس من يتوفاه، ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه: تهوين على المؤمن وأسف على الكافر.1
__________
1 أخرجه ابن المبارك في الزهد - كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي: 2/354 ولم أقف عليه في الزهد- وعبد الرزاق: 3/596، 597، وابن أبي شيبة: 3/369، والبيهقي: 3، 379 موقوفاً على ابن مسعود.
وفي الباب عن ابن مسعود مرفوعاً، وعن عائشة موقوفاً ومرفوعاً.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وأبي أمامة، وأبي هريرة، وعبيد بن خالد السلمي كلها مرفوعة. وحديث عبيد روي موقوفاً أيضاً. ولا يصح منها شيء سوى حديث عبيد.
[] انظر: تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي: 2/353، 354، وموافقة الخبْر الخبر: 1/315-318، والتعليق على المشكاة/ 1/505، والتحديث للشيخ بكر أبو زيد: 182، 183.

(9/4662)


[قال إسحاق: بلى هو مكروه، لما لم يكن استعد أهبة الموت] .1
[3318-*] قلت: تكره مصافحة النساء؟
قال: أكرهه.2
قال إسحاق: [كما قال] 3. عجوزاً كانت أو غير عجوز،
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
[3318-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/257 إلى قوله: كما قال. وأشار إليها السفاريني في غذاء الألباب: 1/319.
ونقل ابن مفلح عن محمد بن عبد الله بن مهران أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يصافح المرأة؟ قال: لا. وشدد فيه جداً. قلت: فيصافحها بثوبه؟ قال: لا. قال رجل: فإن كان ذا محرم؟ قال: لا. قلت: فابنته؟ قال: إذا كانت ابنته فلا بأس.
2 قال ابن مفلح في الآداب: 2/257 تعليقاً على تلك الروايتين السابقتين:
فهاتان روايتان في تحريم المصافحة، وكراهتها للنساء. والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين، وعلل بأن الملامسة أبلغ من النظر، ويتوجه تفصيل بين المحرم وغيره. فأما الوالد فيجوز.
وقال في الفروع 5/158: وكره الإمام أحمد مصافحة النساء، وشدد أيضاً حتى المحرم، وجوزه لوالد، ويتوجه: ولمحرم. وجوز أخذ يد العجوز.
وانظر: الإنصاف: 8/32.
3 الزيادة من: (ظ) .

(9/4663)


إنما بايعهن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى يده 1 الثوب.2
[3319-] قلت: الحِيْنُ3؟
__________
1 في الأصل: "يديه"، والمثبت من: (ظ) .
2 هذا الحديث الذي أشار إليه إسحاق بن راهويه روي موصولاً ومرسلاً. فأما الموصول، فأخرجه الطبراني في الأوسط:3/179 والكبير: 20/201 عن معقل بن يسار: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصافح النساء من تحت الثوب" وسنده ضعيف جداً.
وأما المرسل: فأولاً مرسل قيس ابن أبي حازم. أخرجه: ابن سعد في الطبقات: 8/6، وسعيد بن منصور كما في الفتح: 13/636، والخلال في السنة: 104، 105، وابن عبد البر في التمهيد: 12/344 واللفظ له: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بايع لا يصافح النساء إلا وعلى يده ثوب". وسنده صحيح.
وثانياً: مرسل إبراهيم النخعي. أخرجه عبد الرزاق:6/9، وابن سعد في الطبقات: 8/6، وابن عبد البر في التمهيد: 12/243 ولفظه: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصافح النساء وعلى يده ثوب".
وثالثاً مرسل الشعبي. أخرجه ابن سعد في الطبقات: 8/5، وأبو داود في المراسيل: 274، بلفظ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال: لا أصافح النساء" وسنده صحيح.
انظر: الفتح: 13/636، 637، والسلسة الضعيفة: 4/337.
3 الحين - بكسر الحاء -: مفرد أحيان. وجمع الجمع أحايين. وإذا باعدوا بين الوقتين باعدوا بإذ فقالوا: حينئذٍ. اللسان: 13/134.
وأصل المسألة في الرجل يحلف على الشيء لا يفعله حيناً. والحين مدة من الزمان غير معلومة. فلذلك وقع الاختلاف في تفسيره.

(9/4664)


قال: فيه اختلاف.
ولا أقف على شيء. إلا أكثر ما سمعنا ستة أشهر.1 ما اختلفوا فوق ذلك.2
قال إسحاق: بل قال بعضهم: الحين يكون سنة،3 وقال بعضهم: غدوة وعشية،4 ولكن إذا لم تكن له نية فستة
__________
1 هذا القول مروي عن ابن عباس - كما في تفسير الطبري: 13/208 وبه قال عكرمة، وسعيد بن جبير، وقتادة، والحسن، والشعبي، وأبو حنيفة، وغيرهم.
انظر: مصنف عبد الرزاق: 6/389، ومصنف ابن أبي شيبة 4:1/47، وتفسير ابن جرير: 13/208، وأحكام القرآن للجصاص: 4/400، والمحلى: 8/429، وزاد المسير: 4/359، والدر المنثور: 5/24.
2 الحين عند الإطلاق يحمل على ستة أشهر. هذا هو المذهب، نص عليه أحمد والأصحاب.
انظر: المغني: 13/572، والفروع: 6/379، وشرح الزركشي: 7/176، والإنصاف: 11/84.
3 روي هذا القول عن ابن عباس أيضاً، وعلي رضي الله عنه. وبه قال مجاهد، والحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، ومالك وغيرهم.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة4/: 1/47، وتفسير الطبري: 13/209، 210، وزاد المسير: 4/359، والمحلى: 8/428، وتفسير القرطبي: 1/323.
4 روي هذا القول عن ابن عباس أيضاً. واختاره ابن جرير. وبه قال داود الظاهري.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 4: 1/47، وتفسير الطبري: 13/207، 210، والمحلى: 8/430، وزاد المسير: 4/359.

(9/4665)


أشهر.
[3320-] قلت: أم ولد ماذا لها من المتاع1؟
قال: لا شيء لها،2 إلا ما أوصى لها.3
[3321-] [حدثنا إسحاق قال أخبرنا أحمد قال] 4 حدثنا [ع- 172
__________
1 المتاع: والمتعة في الأصل: هي ما يعطيه المطلق لامرأته عند طلاقها يهبها إياه. والعرب تسمي المتعة: التحميم. ومنه حديث عبد الرحمن بن عوف أنه: "طلق امرأته ومتعها بخادم سوداء حَمَّمَها إياها " أي متعها بها بعد الطلاق.
انظر: النهاية لابن الأثير: 4/293، 1/445.
2 أي إذا مات عنها سيدها فلا شيء لها، وما في يدها من شيء، فهو لورثة سيدها. لأن أم الولد أمة، وكسبها لسيدها، وسائر ما في يدها له، فإذا مات سيدها وعتقت، انتقل ما في يدها إلى ورثته كسائر ماله.
انظر: المغني: 14/604، وشرح الزركشي: 7/551.
3 ومعنى هذا أن الوصية، جائزة لأم الولد.
قال في الإنصاف: 7/222: بلا نزاع.
وانظر: المغني: 8/519، وشرح الزركشي: 7/551، والمبدع: 6/34.
4 ما بين المعقوفين من: (ظ) .

(9/4666)


/ب] هشيم1 قال أخبرنا2 حميد3 عن الحسن4: أن عمر عليه السلام أوصى لأمهات أولاده بأربعة آلاف أربعة [آلاف] 5.6
قال إسحاق: كما قال.7
[3322-*] قلت: الأكار8 يريد أن يخرج من الأرض فيبيع الزرع؟
قال: لا يجوز، حتى يبدو صلاحه.9
__________
1 هشيم بن بشير بن القاسم السلمي.
2 في الأصل جاءت كلمة " أخبرنا " بعد حميد.
3 حميد بن أبي حميد الطويل. أبو عبيدة البصري. ثقة مدلس. ت142هـ. تقريب: 274.
4 هو البصري.
5 ما بين المعقوفين من: (ظ) .
6 أخرجه سعيد بن منصور في سننه: 1/128، والدارمي: 2/403.
7 انظر رأي إسحاق في: المغني: 8/520.
[3322-*] نقل هذه المسألة: القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية: 211، وابن مفلح في الفروع: 4/74، وابن رجب في القواعد: 1/501.
8 الأكّار: اسم فاعل من أَكَرْتُ الأرض بمعنى: حرثتها.
المصباح المنير: 17.
9 وهذا بالاتفاق. قال في الإنصاف: 12/170: ولا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ولا الزرع قبل اشتداد حبه، بلا نزاع في الجملة، إلا بشرط القطع في الحال. نص عليه.
وانظر: المغني: 6/151، والفروع: 4/72

(9/4667)


[3323-] قلت: فيبيع عمل يديه [و] ما عمل في الأرض وليس فيها زرع.
قال: لم يجب له بعد شيء، إنما يجب له بعد التمام.1
قال إسحاق: كما قال.
قال إسحاق2: يقول: يجب له بعد ما يبلغ الزرع لما اشترط عليه أن يعمل حتى يفرغ، فأما أن يكون يذهب عمل يده، وما أنفق في الأرض فلا؛ وذلك أنه إذا أخرجه صاحبه أو خرج بإذنه [فإذا خرج] 3 من ذات نفسه فليس له شيء.
__________
1 ومقتضى هذا أنه لا يجوز للمكتري أن يبيع ما أحدثه في الأرض التي اكتراها. وقياس المذهب: جواز ذلك، كما قاله القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية: 210. وانظر: الفروع: 4/74.
2 هو ابن منصور.
3 ما بين القوسين ساقط من الأصل، ومن: (ظ) . واستكمل من (ظ) ، والقواعد لابن رجب: 1/501

(9/4668)


[3324-] قلت: هل للصحبة حد تحدده؟
قال: لا، ومن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو ساعة فهو من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.1
قال إسحاق: كما قال [ظ-107/أ] .
__________
1 ورى ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/243، والخطيب في الكفاية: "بسنديهما إلى عبدوس بن مالك العطار، عن أحمد:
من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة، أو رآه مؤمناً به، فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه وسمع منه ونظر إليه. ا.هـ
قال القاضي أبو يعلى في العدة: 3/987: ظاهر كلام أحمد رحمه الله أن اسم الصحابي، يطلق على من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يختص به اختصاص المصحوب، ولا روى عنه الحديث، لأنه قال في رواية عبدوس بن مالك العطار ... فذكر الرواية.
وانظر: المسودة: 263.
وقال ابن مفلح في أصوله: 2/578: الصحابي من رآه عليه السلام مسلماً. عند أحمد وأصحابه، وقاله البخاري وغيره.
وانظر: الباعث الحثيث: 151، وفتح الباري: 7/3، والإصابة: 1/7.
وهناك أقوال أخرى في معنى الصحابي أوصلها الحافظ العلائي في كتابه: تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف [] الصحبة: 30-37 إلى ستة أقوال

(9/4669)


[3325-*] قلت: قوله:" ما يذهب عني مذمة1 الرضاع "2؟
قال أحمد: غرة عبد أو أمة.3
[قال إسحاق: يقول: يدفع عني ما لزمني من ذمام المرضعة، فقال: أن يفتدي بأن يعطي عبداً أو أمة] 4 وهذا لأهل
__________
[3325-*] روى نحوها عبد الله في مسائله: 3/1059.
1 مذمة: قال ابن الأثير: المَذَمَّة - بالفتح - مفعلة من الذم، وبالكسر من الذمة والذمام، وقيل: هي بالكسر والفتح: الحق والحرمة التي يذم مضيعها. والمراد بمذمة الرضاع: الحق اللازم بسبب الرضاع، فكأنه سأل ما يسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملاً؟ وكانوا يستحبون أن يعطوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئاً سوى أجرتها. النهاية: 2/169.
2 أصل هذه الجملة لفظ حديث، أخرجه أحمد في المسند: 3/450، وفي مسائل عبد الله: 3/1059، وأبو داود: 2/553، والترمذي: 3/450، والنسائي: 6/89، والدارمي: 2/80، والبيهقي: 7/464 عن حجاج بن حجاج الأسلمي، عن أبيه أنه قال: يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع. قال: "غرة عبد أو أمة".
3 قال الخرقي: ويستحب أن يعطي عند الفطام عبداً، أو أمة. كما جاء الخبر إذا كان المسترضِع موسراً.
وقال عبد الله في مسائله: سألت أبي عن ذلك؟ - أي عن حديث مذمة الرضاع - فقال: يعني أن يهب لمن ترضع ولده غرة عبد أو أمة، فيكون قد ذهبت مذمة الرضاع. مسائل عبد الله: 3/1059.
وانظر: المغني: 8/76، وشرح الزركشي: 4/238.
4 الزيادة من: (ظ) .

(9/4670)


اليسار.
[3326-*] قلت: سئل الأوزاعي عن الرجل يؤاجر نفسه لنظارة1 كرم النصارى2؟
فكره ذلك.3
قال أحمد: ما أحسن ما قال، لأن أصل ذلك يرجع إلى الخمر، إلا أن يعلم أنه يباع لغير الخمر فلا بأس.4
قال إسحاق: هو مكروه كله، لأنه لا ينبغي له أن يلي أمر
__________
[3327-*] نقل هذه المسألة الخلال في أحكام أهل الملل: 1/198، وعنه شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط: 2/529، 545، وابن مفلح في الآداب: 3/263، وابن القيم في أحكام أهل الذمة: 1/279.
وروى عنه الأثرم، الجواز في أي عمل فقال: إذا أجر نفسه في خدمته لم يجز، وإن كان في عمل شيء، جاز.
كتاب الروايتين: 1/430.
1 النظارة: من الناظر وهو: الحافظ، وناظور الزرع والنخل وغيرها: حافظه.
اللسان: 5/218.
2 في: (ظ) والمصادر التي نقلت هذه المسألة - غير أحكام أهل الملل -: النصراني.
3 انظر رأي الأوزاعي في: المدونة: 4/425 بنحو مما هنا، وفي الأوسط: 2/280.
4 ذكر المرداوي في الإنصاف:6/25: روايتين في جواز عمل المسلم للذمي، عملاً غير الخدمة: إحداهما: يجوز، وهو المذهب، والثانية: لا يجوز. قال: وأما إجارته لخدمته فلا تصح على الصحيح من المذهب. وانظر: الروايتين:1/430، المغني: 8/135.

(9/4671)


المسلمين، من كان على غير أهل الملة،1 ولا يؤاجر نفسه منه2 أصلاً، إلا أن يضطر إلى ذلك.
[3327-*] قلت: سئل - يعني الأوزاعي - عن شعر الخنزير يخاط به. قال: لا بأس به.3
قال أحمد: ما يعجبني. إن خرز بالليف أعجب إليّ.4
قال إسحاق: كما قال.5
__________
1 في: (ظ) جاء الكلام هكذا: لا ينبغي لمسلم أن يلي أمر من كان على غير الملة.
2 في (ظ) : " المشركين " بدلاً من: " منه ".
[3327-*] أشار إلى هذه الرواية، ابن المنذر في الأوسط: 2/280، وورد نحوها في مسائل عبد الله: 1/46، وأبي الحارث، والأثرم، وأبي طالب. كما في التمام لابن أبي يعلى: 1/112.
وروي عنه خلاف هذه الرواية - كما في التمام: 1/111، 112، والانتصار: 1/203.
3 انظر رأي الأوزاعي في: الأوسط: 2/280، والمغني: 1/109.
4 ذكر في الإنصاف: 1/90 في الخرز بشعر الخنزير ثلاث روايات: يكره. - قال في تصحيح الفروع: وهو أقرب إلى الصواب - ويجوز، ولا يجوز.
وانظر: المغني: 1/109، والفروع: 1/105، وإعلام الموقعين: 1/41.
5 انظر رأي إسحاق في الأوسط: 2/280، والمغني: 1/109.

(9/4672)


[3328-] قلت: سئل سفيان: يجعل في الكفن السعفة1؟ فكرهه.
قال أحمد: ما أدري ما هذا.2
قال إسحاق: لا أعلم أحداً من أهل العلم فعله، ولكن يجعل في القبر.
[3329-*] قلت: قال قيل له - يعني سفيان -: تؤكل الضفادع. قال: لا. قيل: يتداوى بها؟ قال: لا.3
__________
1 السعَفَة: مفرد السعَف. وهي أغصان النخيل ما دامت بالخوص، فإن زال الخوص عنها قيل جريد. المصباح: 277.
وقد وردت هذه الكلمة في: (ظ) بالتنكير: سعفة.
2 روى ابن هانئ في مسائله: 1/188 قال: سألت أبا عبد الله يكون مع الجنازة وعليها جريد. أيتبع الجنازة؟
قال: إذا رأى شيئاً مما يصنعه أهل الميت، تبع الجنازة فصلى عليها، ويأمرهم وينهاهم. ويقول: هذا مكروه.
[3329-*] قال عبد الله: سألت أبي عن الضفادع؟ فقال: لا تؤكل. ولا تقتل. نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع. حديث عبد الرحمن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مسائل عبد الله: 3/892.
وقال في رواية أبي طالب: الضفدع لا يحل في الدواء، نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك.
انظر: الآداب الشرعية: 2/463.
3 انظر قول سفيان في التمهيد: 16/223

(9/4673)


قال أحمد: جيد.1
قال إسحاق: كما قال.
[3330-] قيل2 له: السرطان يؤكل؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.3
قال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس.4
قال إسحاق: هو مكروه، لأنه ليس فيه سنة تبيحه.
[3331-*] قلت: [قال] 5 سمعت سفيان [يقول] 6: يكره أن يقول:
__________
1 قال في الإنصاف: 10/365: أما الضفدع فمحرمة بلا خلاف أعلمه. ونص عليه أحمد.
وانظر: المغني: 13/345، 346، والفروع: 6/300.
2 في الأصل: "قلت". والتصويب من: (ظ) .
3 انظر قول سفيان في التمهيد: 16/223.
4 وقال عبد الله في مسائله: 3/890، 891: سألت أبي عن السرطان؟ قال: لا بأس به. قلت: لا يذبح؟ قال: لا. وانظر: الروايتين: 3/20.
وقال في المغني: 13/344: كل ما يعيش في البر من دواب البحر، لا يحل بغير ذكاة، كطير الماء، والسلحفاة، وكلب الماء، إلا ما لا دم فيه، كالسرطان، فإنه يباح بغير ذكاة. ا.هـ وانظر: شرح الزركشي: 6/697.
[3331-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 1/391.
5 ما بين القوسين من: (ظ) .
6 ما بين القوسين من: (ظ) .

(9/4674)


أمتع الله تعالى بك.
قال أحمد: لا أدري ما هذا.1
قال إسحاق: كما قال. مكروه.
[3332-*] قلت لأحمد رضي الله عنه: "ينزل ربنا - تبارك وتعالى اسمه – كل
__________
1 وبمعنى: " أمتع الله بك " قولهم: أبقاك الله، وقد روى عبد الله في مسائله: 3/1349 قال: رأيت أبي إذا دعي له بالبقاء يكرهه، ويقول: هذا شيء قد فرغ منه.
وروى إسحاق بن إبراهيم في مسائله: 2/184 قال: جئت أبا عبد الله بكتاب من خراسان، فإذا عنوانه: لأبي عبد الله أبقاه الله، فأنكره وقال: إيش هذا؟
قال في الآداب الشرعية: 1/386: وذكر الشيخ تقي الدين: أنه يكره ذلك، وأنه نص عليه أحمد وغيره من الأئمة. واحتج الشيخ تقي الدين وغيره، في هذا بحديث أم حبيبة، لما سألت أن يمتعها الله بزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبأبيها أبي سفيان وبأخيها معاوية فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك سألت الله لآجال مضروبة، وآثار موطوءة، وأرزاق مقسومة، لا يعجل منها شيء قبل حله، ولا يؤخر منها شيء بعد حله، ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر، كان خيراً لك" رواه مسلم في كتاب القدر من حديث ابن مسعود.
وانظر: المجموع: 1/58. وقارن بما في السلسلة الصحيحة: 5/288.
[3332-*] نقل هذه المسألة: الآجري في الشريعة: 307، وابن عبد البر في التمهيد: 7/147، وابن القيم في تهذيب سنن أبي داود: 7/125.
ونقل نحوها عن أحمد: حنبل كما في إبطال التأويلات: 1/45، وبيان تلبيس الجهمية: 1/431.
والأحاديث الواردة فيها كلها مشهورة في الصحيحين وفي غيرهما، وفي بعضها مصنفات مفردة. ولذلك لم أخرجها اكتفاءً بشهرتها.

(9/4675)


ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير إلى سماء الدنيا" أليس تقول بهذه الأحاديث. و "يرى أهل الجنة ربهم عز وجل" "ولا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته" يعني صورة رب العالمين، و "اشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى يضع الله فيها قدمه" و "إن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عليه السلام"؟
قال الإمام أحمد: كل هذا صحيح.
قال إسحاق: كل هذا صحيح، ولا يدعه1 إلا مبتدع أو ضعيف الرأي.2
[3333-*] سئل أحمد عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -؟
__________
1 في: (ظ) : ينكره.
[2] انظر زيادة إيضاح لرأي إسحاق في النزول والصورة: العلو للذهبي: 2/1123-1127، وفتح الباري: 5/183.
[3333-*] نقل هذه المسألة: الخلال في السنة: 313، وفيه:" يبغضهما " بدل: " ينتقصهما ".

(9/4676)


فقال: ترحم عليهما، وتبرأ ممن ينتقصهما.1
قال إسحاق: كما قال.
[3334-*] [ع-173/أ] قلت: قال: "قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار وأشجع مواليَّ2 ليس لهم مولى دون الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم -".3
قال أحمد: أنعم الله عز وجل عليهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس لأحد عليهم نعمة.4
__________
1 بغض الصحابة وخاصة أبو بكر وعمر من مخازي مذهب الرافضة، فأبو بكر وعمر أبغضتهما الرافضة ولعنتهما دون غيرهم من الطوائف. ولما قال عبد الله لأبيه - كما في مسائله: 2/330 -: من الرافضي؟ قال: الذي يسب أبا بكر وعمر ... وأصل الرفض من المنافقين الزنادقة ... ولهذا قال بعض السلف: حب أبي بكر وعمر إيمان، وبغضهما نفاق ... وقال عبد الله بن مسعود: حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة.
[] انظر: السنة لعبد الله: 2/580، السنة لللالكائي: 7/1238-1240، مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/435، مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: 214.
[3334-*] نقل هذه المسألة: الخلال في السنة: 454، 455.
2 مواليَّ - بتشديد الياء - إضافة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى: أنصاري. الفتح: 6/544.
3 أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 6/542) . ومسلم: 4/1954.
4 قال ابن حجر: وهذه فضيلة ظاهرة لهؤلاء القبائل. والمراد من آمن منهم، والشرف يحصل للشيء إذا حصل لبعضه. الفتح: 6/544.
وقال أيضاً عن القبائل الخمس الأخيرة في الحديث: هذه خمس قبائل، كانت في الجاهلية في القوة والمكانة، دون بني عامر بن صعصعة، وبني تميم بن مرة، وغيرهما من القبائل. فلما جاء الإسلام كانوا أسرع دخولاً فيه من أولئك، فانقلب الشرف إليهم بسبب ذلك.
الفتح: 6/543.

(9/4677)


قال إسحاق: كما قال.
[3335-*] قلت: قال: "إن الذي يفتي الناس في كل1 ما يستفتونه لمجنون".2
__________
[3335-*] نقل في الفروع: 6/429 من هذه المسألة قول أحمد فقط. وكذا فعل يوسف المرداوي في كتابه الواضح الجلي: 131.
ونقل مثلها عن المرُّوذي: المرداوي في الإنصاف: 28/315.
ونقل عنه إسحاق بن هانئ: 2/166، والمروذي كما في الآداب الشرعية: 2/59 احتجاجه بأثر ابن مسعود هذا.
1 في الأصل: "فيما". وما أثبت من: (ظ) ومصادر التخريج.
2 هذا الأثر ورد عن ابن مسعود وابن عباس.
أما أثر ابن مسعود فأخرجه: أبو خيثمة في العلم:111، وسعيد بن منصور كما في أدب الفتيا: 53 للسيوطي، والدارمي: 1/56، وابن بطة في إبطال الحِيَل: 138، والبيهقي في المدخل: 432، وابن عبد البر في الجامع: 523، والخطيب في الفقيه والمتفقه: 2/198. وانظر: إعلام الموقعين 1/34، والآداب الشرعية 2/59.
وأما أثر ابن عباس فأخرجه: ابن سعد في الطبقات: 1/172 الطبقة الخامسة من طبقات الصحابة، وسعيد بن منصور - كما في أدب الفتيا: 41 للسيوطي، والدارمي: 1/53، والبيهقي في المدخل: 433، وابن عبد البر في الجامع: 522، والخطيب في الفقيه والمتفقه: 2/155.

(9/4678)


قال أحمد: لا ينبغي له أن يجيب في كل ما يستفتى.1
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون في كل ما يستفتونه السنن، وإنما يعني بهذا الجريَ على الفتيا بما لم يسند.
[3336-] قلت: إن أبا الدرداء رضي الله عنه قال: "يصدق الرجل في كل شيء إلا في بضاعته إذا باعها"؟ 2
قال أحمد: إنما هو رجل يدعي يجر إلى نفسه شيئاً.
قال إسحاق: كما قال. لأنه ليس بمأمون على تزيين سلعته لما يخشى أن يشبه عليه.
__________
1 وهذا كما نقل عنه المروذي: ليس كل شيء ينبغي أن يتكلم فيه، وذكر أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسئل فيقول: لا أدري حتى أسأل جبريل. ا.هـ
وقال المروذي أيضاً: قلت لأبي عبد الله: إنّ العالم يظنون عنده علم كل شيء. فقال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن الذي يفتي الناس، في كل ما يستفتونه لمجنون. وأنكر أبو عبد الله على من يتهجم في المسائل والجوابات.
انظر: الآداب الشرعية: 2/58، 59.
2 لم أجده.

(9/4679)


[3337-*] قلت: قول علي رضي الله عنه:" أربعة آلاف1 فما دونها نفقة، وما فوق ذلك كنز"2؟
قال أحمد: يعني - لا ينبغي له أن يمسك فوق أربعة آلاف.
قال إسحاق: معناه - أن الأربعة [آلاف] 3 يحتاج إليها إن غزا أنفق على أهله وخدمه، كأنه يقول: لا يسأل عن ذلك، فما فوق ذلك فهو كنز، والكنز إذا أدى زكاته زايله اسم الكنز.4
__________
[3337-*] نقل هذه المسألة: الخلال في كتاب الحث على التجارة: 119.
1 في الأصل وفي: (ظ) : ألف. والتصويب من المصادر.
2 أثر علي هذا أخرجه: عبد الرزاق في المصنف: 4/109، وفي التفسير: ا/ق/2/273، وابن جرير: 10/118، 119، والخلال في الحث على التجارة: 120، 121، وابن أبي حاتم في التفسير: 6/1788، وأبو الشيخ - كما في الدر المنثور: 4/179، وذكره ابن كثير في تفسيره: 4/81 وقال: هذا غريب.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 قول إسحاق هنا: والكنز إذا أدى زكاته زايله اسم الكنز. هو بمعنى الأثر المشهور المروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في تفسير الكنز في آية التوبة: 34 {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ... } الآية.
وقد روي مرفوعاً. ولا يصح ولفظه: "ما أُدِّيَ زكاته، فليس بكنز" أخرجه مالك والشافعي وغيرهما.
وهناك رأي ثالث في تفسير الكنز، وهو لأبي ذر رضي الله عنه حيث يرى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش؛ فهو كنز.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: 9/122: واختلف العلماء في الكنز المذكور في الآية ومعناه:
فجمهورهم على ما قاله ابن عمر، وعليه جماعة فقهاء الأمصار. ا.هـ
واستشهد على صحة ذلك، بما رواه أبو داود من حديث أم سلمة - رضى الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بلغ أن تؤدى زكاته، فزكي، فليس بكنز" وسنده جيد كما قاله العراقي.
انظر: طرح التثريب: 4/7، وفتح الباري: 3/272

(9/4680)


[3338-*] قلت: قال:" فلما فرغ [من] 1 جلد أبي بكرة رضي الله عنه قال: أشهد أنه زان، فذهب عمر رضي الله عنه يعيد عليه الجلد، فقال علي عليه السلام: "إن أبيت إلا أن تجلده فارجم صاحبك "2؟
__________
[3338-*] أشار إلى هذه المسألة ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 79، 202 في موضعين منه.
ونقلها أبو داود في مسائله: 404 من وجه آخر قال: سمعت أحمد ذكر حديث إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن فراس، عن الشعبي: إني لأنكر أن علياً قال لعمر: إن جلدته فارجم صاحبك؟ قال: لا أدري. هو من حديث سفيان أم لا، ما سمعناه إلا من إسحاق - يعني - قصة أبي بكرة والمغيرة.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 قصة عمر هذه مع أبي بكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد، وجلده لهم، لشهادتهم على المغيرة بن شعبة بالزنى بعد أن تخلى عنهم رابعهم زياد بن أبيه؛ من القصص المشهورة. وقد أخرجها باللفظ الذي ذكره إسحاق: البيهقي في السنن: 8/234، وابن أبي شيبة: 9/535 بنحوه. قال الألباني: إسناده صحيح. ا.هـ
ولها ألفاظ أخرى عند عبد الرزاق: 7/384، والطحاوي في شرح معاني الآثار: 4/152، والطبراني في المعجم الكبير 7/311، وابن جرير في التفسير: 18/70، 76، والحاكم في المستدرك: 3/448، 449. وغيرهم.
[] وانظر: الفتح: 5/256، والإرواء: 8/28-30

(9/4681)


قال أحمد: لا أدري ما هو، أعيانا أن نعلم ما هو.1
__________
1 لكنه صرح في رواية الأثرم - كما في المغني: 12/408 أنه عرف معناه.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: قول علي: " إن جلدته فارجم صاحبك "؟ قال: كأنه جعل شهادته شهادة رجلين. قال أبو عبد الله: وكنت أنا أفسره على هذا، حتى رأيته في الحديث فأعجبني. ثم قال: يقول: إذا جلدته ثانية فكأنك جعلته شاهداً آخر.
قال في المغني: 12/407: وإن قذفه فحد، ثم أعاد قذفه نظرت، فإن قذفه بذلك الزنى الذي حد من أجله؛ لم يعد عليه الحد في قول عامة أهل العلم، وحكي عن ابن القاسم أنه أوجب حداً ثانياً. وهذا يخالف إجماع الصحابة، فإن أبا بكرة لما حد، بقذف المغيرة، أعاد قذفه، فلم يروا عليه حداً ثانياً.
وانظر: المغني أيضاً: 11/184، والروايتين: 2/202،.
وقال في الإنصاف: 26/408: وإن حد للقذف فأعاده، لم يعد عليه الحد. هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ...
وعنه: يتعدد مطلقاً.
وقيل: يحد إن كان حداً أو لاعن. نقله حنبل واختاره أبو بكر

(9/4682)


قال إسحاق: قال عيسى بن يونس1 حين فرغ من هذا الحديث، قال: أراد علي عليه السلام بهذا أن يدرأ عنه الحد، يقول إن قبلت شهادته كأنك جعلته رابعاً.
وله معنى آخر أيضاً يقول: إذا رماه بذلك القذف الذي قذفه لم يكن له إلا الأمر الأول.2
[3339-*] قلت: إذا جلس قوم إلى رجل يستأذنهم إذا أراد أن يقوم؟
قال: قد فعل ذلك قوم،3 ما
__________
1 عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. ثقة مأمون. مات سنة 187هـ. تقريب: 773.
2 وهذا كما قال ابن قدامة في المغني: 11/184: وإن قذفه فحدّ له، ثم قذفه مرة أخرى بذلك الزنى؛ فلا حد عليه. لأنه قد تحقق كذبه فيه بالحد، فلا حاجة إلى إظهار كذبه فيه ثانياً.
[3339-*] نقل هذه المسألة، ابن مفلح في الآداب الشرعية: 1/417، ونقل عن أحمد من رواية المروذي: أن أحمد إذا أراد أن يقوم كان يضع يده على فخذه مرتين أو ثلاثاً. وقال أبو داود في مسائله: 280، 281: رأيت أحمد كنا نقعد إليه كثيراً، فيقوم ولا يستأذنا، وربما قام واستأذنا.
3 لعله يشير بذلك إلى ما رواه البخاري في الأدب المفرد: 301 عن أشعث، عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال:"جلست إلى عبد الله بن سلام فقال: إنك جلست إلينا وقد حان منا قيام، فقلت: إذا شئت. فقام، فاتبعته حتى بلغ الباب".
وضعفه الألباني في ضعيف الأدب المفرد: 102.
أو لعله يشير إلى ما رواه هو بسنده إلى مغيرة الضبَّيّ قال: كان لعمر بن عبد العزيز سُمَّارٌ، فكان إذا أراد أن يقوم قال: إذا شئتم. انظر: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: 1/311.
وفي المسألة حديث مرفوع، رواه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها: 2/205، 206، والديلمي في الفردوس: 1/304 عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا زار أحدكم أخاه، فجلس عنده، فلا يقومَنَّ حتى يستأذنه".
وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم: (182) .
لكن ذكر بعض المعاصرين في كتابه: الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات: 214، أن لفظة: "فلا يقومَنَّ" مصحفة عن: "لا يَقْرِنَنَّ" من الإقران بين التمر عند أكله. وذكر أدلة قوية على ذلك. وعلى هذا فالحديث لا علاقة له بالاستئذان.

(9/4683)


أحسنه.1
قال إسحاق: كما قال. وينبغي للعالم إذا جلسوا إليه، فأراد القيام أن يستأذنهم.
__________
1 تقدم عن أحمد أن أكثر أحواله عدم الاستئذان، أو يضع يده على فخذه ليفهم منه إرادة القيام. وقد بوب البخاري في صحيحه (الصحيح مع الفتح: 11/64) :" باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه أو تهيأ للقيام ليقوم الناس " وذكر حديث وليمة النبي - صلى الله عليه وسلم - على زينب، وجلوسهم يتحدثون وتهيأَه للقيام فلم يقوموا، فقام.

(9/4684)


[3340-] قلت: قول جابر:" دخلت على الحجاج فما سلمت عليه"1؟
قال: يعني بالإمرة.
قال إسحاق: كما قال.
[3341-] قلت: كيف نكتب إلى أهل الكتاب؟
قال: لا أدري كيف أقول الساعة.
عاودته بعد ذلك، فسكت.
[3342-] قلت: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كتب إلى قيصر2؟
قال: عمَّن هو؟
__________
1 أخرجه: أبو زرعة الدمشقي في تاريخه: 1/523، وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 11/234.
2 ولفظه كما أخرجه البخاري: (الصحيح مع الفتح: 11/47) بسنده عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش - وكانوا تجاراً بالشام - فأتوه فذكر الحديث - قال: ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرئ، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. السلام على من اتبع الهدى. أما بعد ... " الحديث.
وأخرجه مسلم: حديث رقم: (1773) : 3/1396.

(9/4685)


[3343-*] قلت: حديث الزهري.
قال: نعم. يكتب: السلام على من اتبع الهدى. قول ضعيف.
قال إسحاق: السنة في ذلك أن لا يبدأ به إذا كتب إليه،1 ولا يكون [ظ-107/ب] في الكتابة إليه إلا ما كان من أمر الدنيا،2 [و] 3 إذا سلّم في الكتاب إليه يقول: والسلام على من اتبع الهدى، ولا يزيد على ذلك.
[3344-] قلت لأحمد: سجدة الشكر؟
قال: لا بأس بها.4
__________
[3341، 3342، 3343-*] نقل هذه المسألة: الخلال في أحكام أهل الملل: 2/467، وعنه ابن القيم في أحكام أهل الذمة: 2/772. ونقل الخلال عن أبي طالب أنه سأل أبا عبد الله كيف أكتب إلى اليهودي، والنصراني، سلام عليك، أو سلام على من اتبع الهدى؟ قال: سلام على من اتبع الهدى. يذله.
1 انظر: أحكام أهل الذمة: 2/773، وفتح الباري: 11/48.
2 لكن ذكر الإمام أحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى المشركين بذكر الله عز وجل، وتلا عليهم في كتبه القرآن. وإنما كره أن يتناول المصحف. وهذا هو الصحيح.
[] انظر: أحكام أهل الملل: 2/466، وزاد المعاد: 3/688-691، والفروع 1/196.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 المذهب إن سجود الشكر مستحب، كما قال في الإنصاف: 2/200.
وانظر: المغني: 2/371، والفروع: 1/504، والمبدع: 2/33

(9/4686)


قال إسحاق: سنة.1
[3345-*] سئل أحمد عن الفقاع2؟
قال: لا أدري ما هو، يقال إنه لا يسكر، ويقال [إنه] 3 من الشعير الخمر.4
__________
1 وزاد في مسائل حرب لأحمد وإسحاق: (355 ق) : عند الفتوح وعند الغزو للبشارات، ولكل شيء من أمر الآخرة ا. هـ
وانظر: الأوسط: 5/287، والمجموع: 3/566.
وقف على أدلة مشروعية هذا السجود، والرد على المنكرين في إعلام الموقعين: 2/409.
[3345-*] أشار إلى هذه المسألة، ابن المنذر في الإشراف: 3/252.
وسأله ابن هانئ: 2/138 عنه فقال: لا أدري إيش هو. قال ابن هانئ: كأنه لا يعجبه شربه.
وقال أبو داود: إنه يفسد، سمعت أحمد غير مرة يقول نحو هذا. ورأيته يميل إلى الرخصة في شربه.
2 الفُقَّاع: على وزن رمَّان: شراب يتخذ من الشعير. سمي بذلك لما يطفو عليه من الزبد والفقاقيع. المطلع: 374.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 قال في المغني: 12/514: ولا بأس بالفقاع، وبه قال إسحاق وابن المنذر، ولا أعلم فيه خلافاً. وقال في الإنصاف: 26/443: هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه: يكره. وعنه: يحرم.

(9/4687)


قال إسحاق: كلما كان لا يسكر أصلاً وإن أكثر منه المكثر فقليله وكثيره لا بأس به.1
[3346-*] قلت لأحمد رضي الله عنه: النهد2 في السفر؟
قال: ما زال الناس يتناهدون.3
__________
1 قال ابن المنذر في الإشراف: والفقاع مباح من وجوه:
أحدها: أنا لا نعلم في تحريمه حجة.
والثاني: أن الاستكثار منه لا يسكر.
والثالث: أنه إن ترك فسد على ما قيل لي.
وقد كان أحمد وإسحاق يرخصان فيه. الإشراف: 3/252، وانظر: المغني: 12/514.
[3346-*] نقل نحوها أبو داود: 188، وابن هانئ: 2/135، 136.
2 النهد من التناهد. وهو: إخراج كل واحد من الرفقة نفقةً بقدر نفقة صاحبه.
المطلع: 354.
3 قال في المغني: 10/211: لا بأس أن يخلط المسافرون أزوادهم ويأكلون جميعاً، وإن أكل بعضهم أكثر من بعض؛ فلا بأس. وقد كان السلف يتناهدون في الغزو والحج. ا.هـ
وانظر: الإنصاف: 21/325، والمغني أيضاً: 13/37.
وقال في الآداب الشرعية: 3/193 بعد نقله عن أحمد جواز التناهد: ويفارق النثار فإنه يؤخذ بنهب، وسلب، وتجاذب، بخلاف هذا. فعلى هذا لو وجدت هذه الأمور في التناهد، كره في أشهر الروايتين، كالنثار. ا.هـ

(9/4688)


قال إسحاق: سنة مسنونة، وهو أحب إليّ من أن يدعو كل يوم واحدٌ أصحابه، لما لا يخلو ذلك من المباهاة والتباري، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه.1
[3347-] [ع-173/ب] سألت أحمد عن.....2؟
فقال: ما أعلم به بأساً.
قال إسحاق: كما قال. وحديث الزهري بيان رخصة، حيث
__________
1 أي نهى عن طعام المتباريين.
[] وهو ما أخرجه أبو داود: 21-كتاب الأطعمة: 7-باب في طعام المتباريين: (3754) عن عكرمة قال: كان ابن عباس يقول:" إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل ".
قال أبو داود: أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه ابن عباس. ا.هـ
فهو مرسل. وله شاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:
"المتباريان لا يجابان ولا يؤكل طعامهما" أخرجه البيهقي في الشعب: 5/129. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 2/202، 203.
2 كلمة لم أتبين معناها. ورسمها في النسختين: الفتل.
ولعلها: المثَلَ من التمثيل، وهو: تشبيه الشيء بالشيء.

(9/4689)


أخذت بهدبة1 ثوبها فقالت: ما معه - يعني - مثل هذه.2
[3348-*] سئل [أحمد] 3 عن دخول الحمام؟
فقال: إن قدرت على أن لا ترى عورة مسلم، ولا يرى عورتك فادخل.4
قال إسحاق: كما قال. قال: وإن دخل وهو مستتر مع غير
__________
1 هُدْبَةُ الثوب: طرفه وطرته - وهو بضم الهاء وسكون الدال على وزن غرفة -. شبهت ذكره في الاسترخاء وعدم الانتشار عند الإفضاء بهدبة الثوب.
المصباح المنير: 635.
2 الحديث أخرجه البخاري: (الصحيح مع الفتح: 9/361) .
ومسلم: حديث رقم: 1433 عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبت طلاقي، وإني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل هدبة الثوب ... " الحديث.
[3348-*] روى نحوها: حرب في مسائله لأحمد وإسحاق: (120ق) ، ابن هانئ: 1/149، لكن في دخول النساء.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 قال في المغني: 1/305: فأما دخوله - أي الحمام - فإن كان الداخل، رجلاً يسلم من النظر إلى العورات، ونظر الناس إلى عورته، فلا بأس بدخوله.
وانظر: المستوعب: 1/247، شرح العمدة "كتاب الطهارة": 404، مجموع الفتاوى: 21/334، 337، الإنصاف: 1/262.

(9/4690)


مستترين فهو مكروه، فإن ابتلي فدخل فليغمض حتى لا يرى عوراتهم.1
[3349-*] قلت: جر الإزار وإسبال الثوب في الصلاة؟
قال: إذا لم يرد به الخيلاء فلا بأس به.2 قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من جر ثوبه من الخيلاء".3
__________
1 قال ابن كثير في آداب وأحكام الحمام: 33: وقد حكى غير واحد الإجماع على جوازه بشرطه. ا.هـ
أي وهو عدم إبداء عورته، أو النظر إلى عورات الآخرين.
وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى: 1/244 وأما ما خرجه أبو داود في هذا من الحظر والإباحة، فلا يصح منه شيء لضعف الأسانيد. وكذلك ما خرجه الترمذي.
[3349-*] روى نحوها حنبل كما في شرح العمدة (كتاب الصلاة) : 2/361.
2 المذهب تحريم جر الثوب خيلاء، وكراهته لغيرها، وجواز ذلك للحاجة.
انظر: شرح العمدة (كتاب الصلاة) : 2/361، والمغني: 2/298، والفروع: 1/344، والإنصاف: 1/472.
3 الحديث أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 10/254) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة".
قال أبو بكر: يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لست ممن يصنعه خيلاء".
وأخرجه مسلم: حديث رقم: (2085) : 3/1652، وليس فيه: " قال أبو بكر ... الخ.

(9/4691)


قال إسحاق: كما قال.
[3350-*] [قال أحمد: ليس لليهودي ولا للنصراني1 أن يدخلوا الحرم.2
قال إسحاق: كما قال] 3.
__________
[3350-*] نقل هذه المسألة الخلال في أحكام أهل الملل: 1/127، والقاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية: 195، وابن القيم في أحكام أهل الذمة: 1/177، والجراعي في تحفة الراكع والساجد: 112، وأشار إليها أبو يعلى في الروايتين: 2/386.
1 في (ظ) (والنصراني) .
2 إذا أطلق الحرم فالمراد به مكة. وهذا - أي منعهم من دخول حرم مكة - رواية واحدة، كما قال القاضي أبو يعلى في الروايتين: 2/386.
وقال في الإنصاف: 10/466: هذا المذهب, نص عليه مطلقاً، وعليه الأصحاب ... وقيل: لهم دخوله ...
ووجّه في الفروع احتمالاً بالمنع في المسجد الحرام لا الحرم. ا.هـ
وانظر: المغني: 13/245، والفروع: 6/276.
3 هذه المسألة مستدركة من: (ظ)

(9/4692)


[3351-*] قلت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جائزته يوم وليلة"1 يعني الضيف؟
قال أحمد: كأنه أوكد من ذاك.2
قال إسحاق: يقول: إذا لم يستضف فأقام عنده وهو يريد المضي فله حبسه يوم وليلة، حبس تلك، جائزته، كأنه وصله بها.
__________
[3351-*] نقل نحوها حنبل، وصالح كما في الأحكام السلطانية: 157، وأحكام أهل الذمة: 2/783. ونقل الشالنجي: يضيفهم من مروا به ثلاثة أيام، فإن أبوا أخذوا منهم بقدر ذلك. انظر: الفروع: 6/308.
1 الحديث أخرجه البخاري: (الصحيح مع الفتح: 10/531) . ومسلم: 3/1352، 1353 عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه جائزته، يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يخرجه".
ومعنى جائزته يوم وليلة: أنه يكرمه ويتحفه ويخصه يوماً وليلة، وثلاثة أيام ضيافة. غريب الحديث للخطابي: 1/353.
2 أي اليوم الأول أوكد من اليومين الباقيين. لأن الضيافة كلها ثلاثة أيام، وما زاد عليها فهو صدقه بنص الحديث. والمذهب أنه يجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به يوماً وليلة. وقال في الفروع: ليلة، والأشهر: ويوماً. وقيل الواجب ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة.
انظر: المغني: 13/353، 354، والفروع: 6/307، وجامع العلوم والحكم: 1/357، والإنصاف: 27/264، 265، والمبدع: 9/311.

(9/4693)


[3352-*] سألت أحمد عن: "شهرا عيد لا ينقصان"1؟
قال: لا يكون كلاهما ناقصين، إن نقص رمضان تم ذو الحجة، وإن نقص ذو الحجة تم رمضان.2
__________
[3352-*] نقل هذه المسألة باختصار: الترمذي في سننه: 3/67، والبغوي في شرح السنة: 6/235، وابن حجر في الفتح: 4/125
ونقلها عن أحمد غير الكوسج: عبد الله في مسائله: 2/619، والأثرم كما في التمام: 1/253. ونقل صاحب التمام عن أبي داود - ولم أجدها في مسائله - أنه ذكر لأحمد هذا الحديث فقال: لا أدري ما هذا، قد رأيناهما ينقصان. قال فظاهر هذا من أحمد، التوقف عما قاله من أنه لا يجتمع نقصانهما. ثم قال: قال الوالد السعيد - هو القاضي أبو يعلى -: والأشبه ما قاله أحمد في الرواية الأولى - رواية الأثرم وعبد الله الموافقة لرواية الكوسج - لأن فيه دلالة على معجزة النبوة، لأنه أخبر بما يكون في الثاني. وما ذهبوا إليه فإنما هو إثبات حكم.
1 أخرجه البخاري: (الصحيح مع الفتح:4/124) . ومسلم: حديث رقم: (1089) .
2 هذا هو المشهور عن أحمد في تفسير هذا الحديث، كما رواه غير واحد من أصحابه، كما تقدم. وكما قال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود: 3/311 عند كلامه على هذا الحديث قال: وفي معناه أقوال: أحدها: لا يجتمع نقصهما معاً في سنة واحدة، وهذا منصوص الإمام أحمد. ثم ذكر أربعة أقوال أخرى منها قول إسحاق المذكور هنا.
قال في الفروع: 3/17: ويتوجه احتمال: لا ينقص ثوابهما وإن نقص العدد، وفاقاً لإسحاق وجماعة من العلماء. ا.هـ
وانظر: النكت على المحرر: 1/169.

(9/4694)


قال إسحاق: شهرا عيد لا ينقصان: يقول إنكم ترون العدد تسعاً وعشرين، فترونه نقصاناً، فليس ذلك نقصاناً إذا جعله الله عز وجل شهراً تاماً كما جعل الثلاثين تاماً، وإنما قَصَدَ قَصْدَ رمضان وذا الحجة؛ لأن الناس كلهم إنما يخوضون في شهور السنة في نقصان عدد أيامه وكماله في هذين الشهرين. فمضى من النبي - صلى الله عليه وسلم - القول فيهما. كذلك يقول وإن رأيتم العدد نقصاناً فهو تام، فلا تسموه ناقصاً.1
[3353-*] قلت: صلاة التسبيح ما ترى فيها؟
قال أحمد: ما أدري. ليس فيها حديث يثبت.2
__________
1 انظر رأي إسحاق مختصراً في: سنن الترمذي: 3/67، وشرح السنة: 6/235، والفتح: 4/125.
[3353-*] نقل هذه المسألة ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 157، ونقل نحوها عبد الله في مسائله: 2/259، وابن هانئ: 1/105، ومهنا، وأبو الحارث كما في بدائع الفوائد: 4/154، والأثرم كما في أجوبة الحافظ ابن حجر عن أحاديث المشكاة: 3/1779 ونسبها إلى ابن قدامة، وهي في المغني: 2/551 بدون ذكر الأثرم.
ونقل الخلال في العلل عن علي بن سعيد عن أحمد ما يشير إلى إثباتها، كما في أجوبة ابن حجر عن أحاديث المشكاة: 3/1779، وشرح الإحياء: 3/478، وفي بدائع الفوائد: 4/154 مختصراً.
2 وهذا يدل على عدم استحبابها. وهو المذهب. انظر: المغني: 2/551، والفروع: 1/568، والمبدع: 2/26، ومجموع الفتاوى: 11/579.

(9/4695)


قال [إسحاق] 1: لا أرى بأساً إن استعمل صلاة التسبيح على ما جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر العباس رضي الله عنه بذلك.2 لأنه يروى من أوجه مرسل، وإن بعضهم قد أسنده، ويشد بعضه بعضاً، وقد ذكر فيه من الفضل ما ذكر.3
[3354-] قلت: قال ابن سيرين: " إنما كان الفداء بعد عثمان رضي الله عنه "؟
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 فقال: "يا عباس: يا عماه: ألا أعطيك. ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال؟ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك ... " الحديث بطوله.
وقد أخرجه أبو داود: 2/29 (1297) ، وابن ماجه: (1287) ، والترمذي: 2/350، 351 (482، وابن خزيمة: 2/223 (1216) وغيرهم كثير.
وقد اختلف العلماء في صلاة التسبيح تبعاً لاختلافهم في الحكم على هذا الحديث ما بين مصحح ومضعف، وحاكم عليه بالوضع. واضطربت فيه كلمة بعض المحققين كالنووي وابن حجر، وصُنِّف فيها عدة مصنفات نفياً وإثباتاً.
انظر: عارضة الأحوذي: 2/266، وتهذيب الأسماء واللغات: 3/144، والمجموع: 3/546، والتلخيص: 2/7، وأجوبة ابن حجر على أحاديث المشكاة: 3/1782، ومنهاج السنة: 4/116، وشرح الإحياء:3/478، والآثار المرفوعة: 138.
3 انظر رأي إسحاق في صلاة التسبيح في الفتوحات الربانية: 4/320. نقلاً عن أمالي ابن حجر على الأذكار.

(9/4696)


قال أحمد: لا أعرفه.
[قال إسحاق: لا أعرفه] 1.
[3355-*] قلت: لبس الخز2؟
قال: قد ترخص [فيه] 3 من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - غير واحد،4
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
[3355-*] نقل نحو هذه المسألة: صالح: 2/203، وابن هانئ: 2/146، والأثرم كما في الروايتين:1/404 والمغني: 2/309.
2 الخز: قال في النهاية: 2/28: الخز المعروف أولاً: ثياب تنسج من صوف وإبريسم " حرير". وهي مباحة، وقد لبسها الصحابة والتابعون ... وإن أريد بالخز النوع الآخر، وهو المعروف الآن فهو حرام، لأن جميعه معمول من الإبريسم. ا.هـ.
قلت: وعلى المعنى الأول يحمل كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وانظر: المطلع: 352، وشرح العمدة "كتاب الصلاة": 299.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 روى عبد الرزاق: 11/77 عن وهب بن كيسان قال: "رأيت ستة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسون الخز، وهم: سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد وأبو هريرة وأنس".
وروى ابن أبي شيبة: 8/156 عن خيثمة:"أن ثلاثة عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يلبسون خزاً ".
وقال أبو داود في سننه: 3/319: " عشرون نفساً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أكثر لبسوا الخز، منهم أنس والبراء بن عازب ".
[] وروى ابن أبي شيبة: 8/151-157 أيضاً آثاراً كثيرة عن عدة من الصحابة في ذلك.
[] وانظر: شرح معاني الآثار: 4/255، 256، ونصب الراية: 4/227-231، وفتح الباري: 10/295.

(9/4697)


أرجو أن لا يكون به بأس،1 وأما هذا الملحم2 الذي قد لبسه بعض الناس، فلا أدري ما هو.3
قال إسحاق: كلاهما لا بأس به، والملحم أحسن حالاً لما ليس
__________
1 قال في الإنصاف: 1/476: والصحيح من المذهب إباحة الخز. نص عليه، وفرق الإمام أحمد - أي: بينه وبين الحرير - بأنه لبسه الصحابة، وبأنه لا سرف فيه ولا خيلاء.
وانظر: المغني: 2/309، وشرح العمدة "كتاب الصلاة": 299، والفروع: 1/349.
2 الملحم: جنس من الثياب. ولحمة الثوب: بضم اللام وفتحها: أعلاه. والسّدَى: أسفله. اللسان: 12/538.
3 روى عنه حنبل كما في تهذيب الأجوبة: 171: أكره لبس الملحم، وروى عنه ابن هانئ: 2/147 قال: سألته عن الملحم؟ فقال: أما للرجال فلا، ومثله روى المروذي في الورع: 169.
فلعله المراد بالخز بالمعنى الحادث وهو ما تكون لحمته من الحرير أي غالبه. وهذا لا يجوز لبسه في المذهب. كما في الإنصاف: 1/475.

(9/4698)


فيه ميتة وكره المصمت1 من الحرير.
[3356-*] قلت: ما ثوب الشهرة؟
قال: كل شيء شهر به ويستشرفه الناس. كل إنسان على قدره.2
قال إسحاق: كما قال.
[3357-*] قلت: قول عمر رضي الله عنه:" ما [على] 3 وجه الأرض مسلم إلاّ له
__________
1 المُصْمَت: - بضم الميم وسكون الصاد وفتح الميم لثانية - هو الذي جميعه إبريسم " حرير " لا يخالطه قطن ولا غيره. النهاية: 3/52.
[3356-*] روى ابن هاني: قال: دخلت على أحمد وعليّ قميص قصير أسفل من الركبة وفوق الساق. فقال: إيش هذا؟ لم تشهر نفسك؟ ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (كتاب الصلاة) :2/368.
2 وقال شيخ الإسلام في تفسير ثوب الشهرة: وهو ما قصد به الارتفاع وإظهار التواضع. ذكره عنه المرداوي في الإنصاف: 1/473 وفيه أيضاً: يكره لباس ما فيه شهرة أو خلاف زي بلده من الناس، على الصحيح من المذهب. وقيل يحرم. ونصه: لا. ا.هـ وانظر: الفروع: 1/345، وغذاء الألباب: 2/152.
[3357-*] تقدمت هذه المسألة في الجهاد: برقم: (2762) ونقل ابن قدامة عن أحمد، ولم يسم الراوي: ذكر أحمد الفيء فقال: فيه حق لكل المسلمين. وهو بين الغني والفقير. المغني: 9/298.
3 الزيادة من: (ظ) .

(9/4699)


في هذا الفيء حق، إلا ما ملكت أيمانكم"1؟
قال: يقول الفيء للغني والفقير إلا العبيد.2
قال إسحاق: كما قال. لأن الفيء هو فيما صولح عليه أو أخذ عنوة فوضع عليه الخراج، فحكمه حكم الصلح.
قال إسحاق3: الفيء حكمه حكم الصلح في القسمة للغني والفقير في العطية، لأنه رأي الإمام، والعنوة يزاد عليها وينقص على قدر مبلغ رأي الإمام، والصلح لا يزاد عليها أبداً، وإن احتملوا ذلك.
__________
1 أخرجه بهذا اللفظ والاختصار عبد الرزاق: 11/101، ويحيى بن آدم في الخراج: 20، وابن زنجويه في الأموال: 1/110.
وأخرجه مطولاً بنحوه: أبو عبيد في الأموال: 23، وأحمد في المسند برقم "292".
وانظر: الدر المنثور: 8/103.
2 قال في المغني: 9/298: لا نعلم خلافاً بين أهل العلم اليوم، أن العبيد لا حق لهم في الفيء. وظاهر كلام أحمد والخرقي: أن سائر الناس، لهم حق في الفيء، غنيهم وفقيرهم. ا. هـ
وعن أحمد أنه يقدم المحتاج. واختارها شيخ الإسلام، وقال: هي أصح الروايتين عن أحمد.
انظر: مجموع الفتاوى: 28/567، والفروع:6/290، والإنصاف: 10/326، 327.
3 هو الكوسج. راوي المسائل.

(9/4700)


[3358-*] قلت: قوله:" رخص في الكذب في ثلاث"1؟
قال: وما بأس به على ما قيل في الحديث.2
قال إسحاق: كما جاء. وليس يكذب إذا اتبع ما جاء.
[3359-*] قلت: ما يكره من الصور.
قال: ما يوطأ أرجو أن لا [ع-174/أ] يكون به بأساً.3
__________
[3358-*] نقل هذه المسألة: ابن مفلح في الآداب الشرعية: 1/19، وأشار إليها في الفروع: 6/563، ونقل نحوها في الآداب عن أبي طالب وحنبل.
1 أخرجه مسلم: حديث رقم: (2605) بإسنادين وهو في الأول: من كلام ابن شهاب الزهري. وفي الثاني: من كلام راوية الحديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط - رضى الله عنها -.
2 قال في الفروع 6/563: ويُباح - أي: الكذب - لإصلاح وحرب وزوجة للخبر ... وهو التورية في ظاهر نقل حنبل، وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مطلقاً.
[3359، 3360-*] أشار إلى هذه الرواية ابن رجب في فتح الباري: 2/212 فقال: وأما الصلاة على بساط فيه تصاوير، فرخص فيه أكثر العلماء. ونص عليه أحمد وإسحاق، لأنهم أجازوا استعمال ما يوطأ عليه من الصور. ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (كتاب الصلاة) : 2/388 رواية بهذا المعنى، ولم ينسبها.
3 وهذا هو المشهور في المذهب: جواز افتراش ما فيه صورة، وتحريم لبسه.
انظر: المغني: 2/308، وشرح العمدة (كتاب الصلاة) : 2/387، والفروع: 1/353، والإنصاف: 1/473، 474، وأحكام الخواتيم: 125، وكشاف القناع: 1/325.

(9/4701)


[3360-] قلت: ويصلى عليه إذا وطئ؟
قال: ويصلى عليه.1
قال إسحاق: كما قال.
[3361-*] قلت: يصلي أحد على أحد؟
قال: أليس قال علي عليه السلام2 لعمر
__________
1 قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: 2/388: وسئل - أي الإمام أحمد - عن الرجل يصلي على مصلى عليه تماثيل؟ فلم ير به بأساً.
وقال صاحب الفروع: 1/353: وكره الآجري وغيره الصلاة على ما فيه صورةٌ، وفي الفصول: يكره في الصلاة صورة ولو على ما يداس، لقوله عليه السلام: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة" وكلام الأصحاب هنا ظاهر، وبعضه صريح، إن الملائكة لا تمنع من دخوله تخصيصاً للنهي. ا.هـ
[3361-*] نقل مثلها أبو داود كما ذكر ذلك ابن القيم في جلاء الأفهام: 280، ولم أجدها في مسائله المطبوعة.
2 تخصيص الخليفة الراشد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بهذا الدعاء: "عليه السلام" يحتاج إلى دليل. فقد قال الحافظ ابن كثير في تفسيره عند الكلام على آية {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [56 من سورة الأحزاب] : وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب، أن يُفْرِد علي -رضي الله عنه- بأن يقال: "عليه السلام" من دون سائر الصحابة، أو "كرم الله وجهه" وهذا وإن كان معناه صحيحاً، لكن ينبغي أن يُسوى بين الصحابة في ذلك، فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه -رضي الله عنهم أجمعين-. انظر: تفسير ابن كثير: 6/468.

(9/4702)


رضي الله عنه؟ 1
قال إسحاق: كما قال [ظ-107/أ] .2
[3362-*] قلت: الجوز الذي يلعب به الصبيان؟
قال: ما يعجبني.3
قال إسحاق: هو مكروه، لأنه من القمار، والقمار أصله من الميسر.4
__________
1 أخرجه ابن سعد في الطبقات: 3/369، 370، والفسوي في المعرفة: 2/745، والحاكم: 3/94، وابن شبة في أخبار المدينة: 3/154، عن جابر رضي الله عنه أن علياً دخل على عمر وهو مسجى، فلما انتهى إليه قال: صلى الله عليك، ما أحد ألقى الله بصحيفته أحب إليّ من هذا المسجى بينكم.
2 انظر رأي إسحاق في جلاء الأفهام: 280، وغذاء الألباب: 1/30.
[3362-*] روى نحوها ابن هاني فقال: وسألته عن الجوز الذي يقامر به الصبيان؟ قال: لا يجوز. لأنه أخذ بغير حق. مسائل ابن هاني: 2/14.
3 قال في المغني: 13/352 ولا يجوز أن يشتري الجوز الذي يتقامر به الصبيان، ولا البيض الذي يتقامرون به يوم العيد. لأنهم يأخذونه بغير حق.
4 وقد روي النهي عن ذلك عن عدة من التابعين، كابن سيرين وعطاء وطاوس ومجاهد، وعللوا بما علل به إسحاق هنا. وأجازه بعضهم: كالحسن البصري وسعيد ابن المسيب.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 8/553، و 7/61، 62، تفسير عبد الرزاق 1/88، تفسير الطبري: 2/357، 358، مجموع الفتاوى: 32/220، 221.

(9/4703)


[3363-*] قلت: الرجل يمر على قوم يلعبون بالنرد أو بالشطرنج فيسلم عليهم؟
قال: ما هؤلاء بأهل أن يسلم عليهم.1
قال إسحاق: لا. بل إن كان يريد أن يبين لهم ما هم فيه سلم، ثم أمر ونهى، وإن لم يرد ذلك فلا ولا كرامة.2
__________
[3363-*] نقل هذه المسألة: الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 94، 95، والآجري في تحريم النرد والشطرنج: 73، وابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/373.
ونقل الخلال في المصدر السابق روايات بهذا المعنى عن الحسن بن ثواب، والميموني.
1 قال في الفروع: 6/573، 574 ولا يسلم على لاعب به - أي الشطرنج - نص عليه. ا.هـ
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى: 32/245 ولهذا قال أبو حنيفة وأحمد وغيرهما: إنه لا يسلم على لاعب الشطرنج لأنه مظهر للمعصية. ا.هـ
وهذا كله بناء على أن اللعب بهاتين اللعبتين محرم. وهو المذهب كما في المغني: 14/154، 155، والفروع: 6/573، والإنصاف: 12/52، 53.
2 انظر رأي إسحاق في: مصادر تخريج الرواية، وانظر رأيه في تحريم الشطرنج في: الأمر بالمعروف للخلال: 96، والنكت على المحرر: 2/267.

(9/4704)


[3364-*] قال إسحاق بن منصور المروزي: قلت لأحمد بن حنبل: أرض غصبها رجل من آخر يُرْعَى كلؤها؟
قال: نعم، إذا لم يحط عليها، لأنه ليس لأحد أن يمنع الكلأ، لا للغاصب، ولا لصاحبها الأول المغصوب.1
قال إسحاق: كما قال.
[3365-*] قلت: إذا أسلم الرجل يؤمر بالغسل؟
قال: شديداً.2
__________
[3364-*] أشار إلى هذه المسألة: ابن مفلح في الفروع: 4/41، وابن رجب في القواعد: 1/185 ولم ينسباها.
1 قال في المغني 7/380: قال أحمد: لا بأس برعي الكلأ في الأرض المغصوبة؛ وذلك لأن الكلأ لا يملك بملك الأرض.
وانظر: الفروع: 4/41، الإنصاف: 4/291.
[3365-*] نقل هذه المسألة: الخلال في أحكام أهل الملل: 114، ونقل روايات بهذا المعنى عن عبد الله - وهي في مسائله: 1/113 – وصالح -ولم أجدها في مسائله-، وحنبل وأبي الحارث، وغيرهم. أحكام أهل الملل: [1/111-114.
2] المذهب وجوب الغسل على الكافر إذا أسلم، سواء كان أصلياً أو مرتداً. وجد منه ما يوجب الغسل أم لا. اغتسل له قبل إسلامه أم لا. الإنصاف: 1/236.
وانظر المغني: 1/274، وشرح العمدة: 348، والفروع: 1/199، وشرح الزركشي: 1/285، والمبدع: 1/182.

(9/4705)


قال إسحاق كما قال.
[3366-*] قلت لأحمد: تكره للأمة أن تخرج متقنعة؟
قال: أما إذا كانت جميلة تنتقب.1
قال [إسحاق] 2: أحسن كما قال، لمعنى ما يخشى عليها من الفساد، وعلى غيرها، وليس بلازم.
[3367-*] قلت لأحمد: تكره كل شيء تصل المرأة بشعرها؟
__________
[3366-*] تقدم نحو هذه المسألة في النكاح برقم (1284) . ونقلها الخلال في أحكام النساء 60، ونقل بمعناها عن أبي حامد الخفاف. وأشار إليها ابن قدامة في المغني: 9/501 ولم ينسبها، وذكرها في الفروع: 5/155، والإنصاف: 8/27 مختصرة. وذكرا رواية عن أبي حامد الخفاف، ونقلا عن حنبل: إن لم تختمر الأمة فلا بأس. ونقلا عن المروذي: لا ينظر إلى المملوكة.
1 الصحيح من المذهب جواز النظر من الأمة إلى غير عورة الصلاة؛ وهي ما بين السرة والركبة. وقيل: الأمة كالحرة. قال المرداوي: الصواب أن الجميلة تنتقب، وأنه يحرم النظر إليها كما يحرم النظر إلى الحرة الأجنبية.
الإنصاف: 8/27، وانظر: المغني: 9/501، والفروع: 5/155.
2 الزيادة من: (ظ) .
[3367-] نقل هذه المسألة الخلال في الترجل: 185، 186، ونقل ما يوافقها أبو داود في سننه: 4/399، وحرب ومحمد بن يحيى الكحال ومثنى الأنباري. كما في الترجل: 185. ونقل ما يخالفها المروذي في الورع: 180.

(9/4706)


قال: غير الشعر إذا كان قرامل1 قليلاً بقدر ما تشد به شعرها، فليس به بأس إذا لم يكن كثيراً.2
قال إسحاق: لا بأس بكل شيء من القرامل من الصوف وما أشبهه ما لم يكن شعراً، إلا أن يكثر وتريد بذلك المباهاة.
[3368-*] قلت: كيف تصنع المرأة بالخضاب عند الصلاة؟
قال: ما دامت على وضوء تمكن يديها من الركوع والسجود، فإذا احتاجت إلى الوضوء سلتته.3
__________
1 القرامل: جمع قَرْمَل - بفتح القاف وسكون الراء -: نبات طويل الفروع ليِّن. والمراد به هنا: خيوط من حرير، أو صوف، يعمل ظفائر تصل به المرأة شعرها.
انظر: النهاية لابن الأثير: 4/51، وفتح الباري: 10/375.
2 قال المرداوي: ويحرم وصل الشعر، بشعر على الصحيح من المذهب. وقيل: يجوز مع الكراهة. ولا بأس بالقرامل وتركها أفضل. وعنه: هي كالوصل بالشعر إن أشبهه كصوف. وقيل: يكره. ولا بأس بما يحتاج إليه لشد الشعر. الإنصاف: 1/125، 126. وانظر: المغني: 1/130، والفروع: 1/134، 135، والآداب الشرعية: 3/339.
[3368-*] نقل صالح رواية بهذا المعنى فقال: وسألت أبي عن المرأة إذا توضأت وهي مختضبة. أتمسح على الخضاب؟ قال: لا يعجبني أن يمسح على الخضاب. وذكر الدارمي في سننه: 1/201 نصوصاً عن عائشة وابن عباس - رضى الله عنهما – بهذا المعنى.
3 يذكر الفقهاء أن من شروط صحة الوضوء والغسل: إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة.
انظر: الإنصاف: 1/310، والمبدع: 1/118، وشرح منتهى الإرادات: 1/53.

(9/4707)


قال إسحاق: كما قال.
[3369-*] قلت: العبد يرى شعر مولاته؟
قال: لا.1
قال إسحاق: كما قال.
[3370-*] قلت لأحمد: ما للإبن من مال أبيه؟
__________
[3369-*] نقل هذه المسألة الخلال في أحكام النساء: 42، ونقل مثلها، عن عدة من أصحاب أحمد كما في ص: 32، 41، 44، 46، 47، ومنهم: ابنه عبد الله - وهي في مسائله: 3/1040 -، وكذا نقل مثلها أبو يعلى في العدة: 4/1157 عن ثلاثة من أصحاب أحمد، ونقل مثلها المروذي في الورع: 60، وابن حامد في تهذيب الأجوبة: 76 عن الأثرم.
1 ذكر في الإنصاف:8/20 في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أنه ينظر إلى الوجه والكفين فقط.
الثاني: أن له النظر إلى ما ينظر إليه الرجل من ذوات محارمه غالباً كالرقبة واليدين والقدمين. قال: وهو الصحيح من المذهب.
الثالث: المنع من النظر مطلقاً.
وانظر: المغني: 9/494، 495، والفروع: 5/152.
[3370-*] نقل نحوها ابناه: صالح وعبد الله كما في الفروع: 5/599، وعنه المرداوي في الإنصاف:24/417، ولم أجدها في مظانها من مسائلهما، ونقل نحوها حرب أيضاً كما في المبدع: 10/99.

(9/4708)


قال: الكفاية.1 كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة2: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 قال المرداوي: إعلم أن الصحيح من المذهب، وجوب نفقة أبويه، وإن علوا، وأولاده وإن سفلوا بالمعروف، أو بعضها، إن كان المنفَقُ عليه قادراً على البعض. الإنصاف: 24/389.
وقال ابن قدامة: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز والأُدْم والكسوة، بقدر العادة على ما ذكرناه في الزوجة، لأنها وجبت للحاجة فتقدرت بما تندفع به الحاجة. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" فقدر نفقتها ونفقة ولدها بالكفاية.
المغني: 11/388. وانظر الورع للمروذي: 113، والفروع: 5/589.
2 هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية. والدة معاوية بن أبي سفيان، شهدت أُحُداً كافرة وفعلت ما فعلت بحمزة. ثم أسلمت يوم الفتح. ماتت في خلافة عثمان.
الإصابة: 8/155، 157.
3 أخرجه البخاري: (الصحيح مع الفتح: 9/514) .
ومسلم: حديث رقم: 1714.

(9/4709)


[3371-*] قلت تكره أن يقال: سورة كذا وكذا، لما سنّ ابن مسعود رضي الله عنه ذلك؟
قال: لا أدري ما هو.1
قال إسحاق: لا، بل السنة أن يقال: سورة كذا وكذا، لما سَنَّ ابن مسعود رضي الله عنه ذلك.2
__________
[3371-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الفروع:1/194، وأشار إليها في الآداب الشرعية: 2/285 فقال: توقف أحمد أن يقال: سورة كذا.
1 ذكر ابن مفلح في الفروع:1/194عن الخلال في معنى قول الإمام أحمد هنا: لا أدري ما هو؟ قال: يعني لا أدري كراهتهم لذلك ما هو؟ لا أن أبا عبد الله كره أن يُقال ذلك. وذكر ابن مفلح أيضاً في الآداب الشرعية: 2/285 عن الخلال أنه لا بأس به. قال: وهو الذي قدمه في الرعاية.
وقال القاضي: الأشبه أن يكره. بل يقال: السورة التي يذكر فيها كذا. ا.هـ
قلت: الصواب عدم الكراهة كما قال النووي في آداب حملة القرآن: 136 قال: والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.
وانظر: فتح الباري: 9/87، 88.
قال ابن كثير في تفسيره: ولا شك أن ذلك - أي الكراهة - أحوط. وقد استقر الإجماع على الجواز في المصاحف والتفاسير. والله أعلم.
2 الرواية عن ابن مسعود رضي الله عنه في جواز أن يقال: سورة كذا أخرجها البخاري: (الصحيح مع الفتح: 3/581) ، ومسلم: حديث: " 1296" عن عبد الرحمن بن يزيد أنه كان مع ابن مسعود رضي الله عنه حين رمى جمرة العقبة فاستبطن الوادي حتى إذا حاذى بالشجرة اعترضها فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة. ثم قال:"من ها هنا - والذي لا إله غيرهُ - قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة".

(9/4710)


[3372-*] قلت: من اضطر إلى الميتة، يأكله؟ وقدر ما يأكل منه؟
قال: يأكل بقدر ما يستغني، وإن خاف أن يحتاج إليه تزود منه.1
__________
[3372-*] نقل هذه المسألة: أبو يعلى في الروايتين: 3/32، ونقل الشطر الأول منها: ابن الجوزي في زاد المسير: 1/176، ونقل الشطر الأخير منها: ابن مفلح في الفروع: 6/303، والمرداوي في الإنصاف: 27/242.
وروى مثلها: الفضل بن زياد كما في الروايتين: 3/32، والفروع: 6/ 303، وروى ما يخالفها - وهو أن يأكل ما يسد رمقه، ولا يتزود - أبو طالب، وحنبل كما في الروايتين: 3/32، وزاد المسير: 1/176. وروى الأثرم وجوب الأكل من الميتة على المضطر، وأن من اضطر، فلم يأكل، ولم يشرب، فمات. دخل النار كما قال مسروق. انظر المغني: 13/331.
1 الصحيح من المذهب: وجوب الأكل من الميتة، حال الاضطرار، وأنه لا يجوز له الشبع، بل يأكل بقدر ما يسد رمقه. وله التزود منه مطلقاً، سواء احتاج إليه أم لا في أصح الروايتين.
انظر: الإنصاف: 27/239، 240، 242، والمغني: 13/330، 333.
وقال ابن قدامة: ويباح له أكل ما يسد رمقه، ويأمن معه الموت بالإجماع، ويحرم ما زاد على الشبع بالإجماع أيضاً.
وقال أيضاً: ويحتمل أن يفرق بين ما إذا كانت الضرورة مستمرة وبين ما إذا كانت مرجوة الزوال، فما كانت مستمرة ... جاز الشبع؛ لأنه إذا اقتصر على سد الرمق، عادت الضرورة إليه عن قرب ... بخلاف التي ليست مستمرة، فإنه يرجو الغنى عنها بما يحل له. والله أعلم. المغني: 13/330، 331.
وانظر: الفروع: 6/303، وشرح الزركشي: 6/678، 679.

(9/4711)


قال إسحاق: كما قال.
[3373-*] قلت: ما يكره من الرقى، وما يرخص منها؟
قال: التعليق كله يكره، 1 والرقى ما كان من القرآن فلا بأس
__________
[3373-*] تقدم الشطر الأول من هذه المسألة، وهو ما يختص بالتعليق في المسألة رقم: (386) ، ونقل هذا الشطر ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/459، وروى صالح وحرب ما يوافق هذا، كما في الآداب الشرعية: الصفحة السابقة. ونقل في الآداب أيضاً عن الميموني جواز ذلك بعد نزول البلاء. فقال: قال الميموني: سمعت من سأل أبا عبد الله عن التمائم تعلق بعد نزول البلاء؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.
ونقل أبو داود في مسائله: 349 قال: رأيت على ابن أحمد وهو صغير تميمة في رقبته في أديم.
وفعله الإمام أحمد بنفسه كما في مسائل عبد الله: 3/1345، ومناقب الإمام أحمد: 242 لابن الجوزي، وبدائع الفوائد: 165.
1 قال الخلال: قد كتب هو - أي الإمام أحمد - من الحمى بعد نزول البلاء، والكراهة من تعليق ذلك، قبل وقوع البلاء. وهو الذي عليه العمل. الآداب الشرعية: 2/460.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب - رحمه الله - في تيسير العزيز الحميد: 167: في التعليق قولان للعلماء:
الأول: يجوز، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره. وهو ظاهر ما روي عن عائشة ... وهو رواية عن أحمد.
والثاني: لا يجوز. وبه قال ابن مسعود وابن عباس ... وهو رواية عن أحمد، اختارها كثير من أصحابه. وجزم بها المتأخرون.

(9/4712)


به.1
قال إسحاق: كما قال.2
[3374-*] قلت: يكره الأكل متكئاً؟
__________
1 الرقى: هي التي تُسمى العزائم والتعاويذ. قال ابن حجر: قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته. وباللسان العربي وبما يُعرف معناه. وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى. فتح الباري: 10/195.
2 تقدم في المسألة رقم: (386) زيادة في قول إسحاق، عما هنا وهي قوله: " إلا أن يكون بعد وقوع البلاء ".
وهذا يوافق رواية الميموني المتقدمة عن أحمد.
[3374-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/183، وابن قدامة في المغني: 13/355 ولم ينسبها.

(9/4713)


قال: أليس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا آكل متكئاً1"؟.2
قال إسحاق: تركه فضيلة، فإن فعله ترفقاً فلا بأس [به] 3.
[3375-*] قلت: الشرب قائماً؟
قال: أرجو أن لا يكون به بأس.4
قال إسحاق: كما قال.5
__________
1 أخرجه البخاري: (الصحيح مع الفتح: 9/540) عن أبي جُحَيْفَة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا آكل متكئاً". وفي لفظ آخر قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده: "لا آكل وأنا متكئ".
2 يكره الأكل متكئاً. كذا ذكره في المغني: 10/215، وفي الفروع: 5/3001، والإنصاف: 21/366.
وانظر الآداب الشرعية: 3/183، وبدائع الفوائد: 4/8.
3 الزيادة من: (ظ) .
[3375-*] نقل أبو داود ما يوافق هذه الرواية، كما في مسائله: 260، وصالح كما في الفروع: 5/302 بل قال صاحب الفروع: نقله الجماعة. أي جواز الشرب قائماً.
4 لا يكره الشرب قائماً على الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف: 21/370.
وقال في الفروع: 5/302: ولا يكره شربه قائماً. نقله الجماعة، وعنه بلى. وجزم به في الإرشاد، واختاره شيخنا - أي ابن تيمية -.
وانظر: الآداب الشرعية: 3/174، وغذاء الألباب: 1/136.
5 انظر رأي إسحاق في الإشراف: 3/240.

(9/4714)


[3376-*] قلت: الشرب [من] 1 فم السقاء أو الإداوة2؟
قال: هذا مكروه.3
قال إسحاق: كما قال.
[3377-*] [ع-174/ب] قلت: تقتل الكلاب؟
__________
[3376-*] أشار إلى هذه المسألة ولم ينسبها ابن مفلح في الفروع: 5/302.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 السقاء: جلدة السخلة إذا أجدع، ولا يكون إلا للماء.
اللسان: 14/392.
والإداوة - بكسر الهمزة -: إناء صغير من جلد يتخذ للماء.
اللسان: 14/25.
3 قال في الفروع: 5/302: وكره الإمام أحمد الشرب من في السقاء. ومثله في الإنصاف: 21/371.
وانظر الآداب الشرعية: 3/179، 180.
[3377-*] نقل ما يوافق هذه الرواية، ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/332 عن موسى بن سعيد الدنداني قال: قال أبو عبد الله: في الكلب ست خصال: ثمنه، وسؤره، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلها، وتقطع الصلاة، ويقتل الكلب الأسود البهيم، وإن كان لصاحب ماشية فلا بأس بقتله.
وقد روى الإمام أحمد في مسائل صالح: 2/250 حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتل الكلب الأسود البهيم

(9/4715)


قال: يقتل الأسود البهيم1.2
__________
1 البهيم: الذي لا يخالط لونه لون آخر، ولا يختص بالأسود. وجمعه بُهْمٌ.
المطلع: 88، 386.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/349: والبهيم هو الذي لا يخالط سواده شيء، من البياض، في إحدى الروايتين، حتى لو كان بين عينيه بياض، فليس ببهيم، ولا تتعلق به هذه الأحكام. وهذا قول ثعلب.
والرواية الأخرى: أنه بهيم، وإن كان بين عينيه بياض، فتتعلق به هذه الأحكام. وهو صحيح، لما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه عنه عليه الصلاة والسلام: "عليكم بالأسود البهيم ذي الطفيتين فإنه شيطان" والطفيّة: خوص المقل. شبه الخطين الأبيضين منه بالخوصتين. فإن كان البياض منه في غير هذا الموضع؛ فليس ببهيم. رواية واحدة؛ لأنه مقتضى الاشتقاق اللغوي، ولم يرد فيه نص بخلافه.
2 قال ابن مفلح في الفروع: 6/327: ويحرم اقتناؤه - أي الكلب - وذكر جماعة: للأمر بقتله، فدل على وجوبه - أي القتل - وذكره الشيخ - أي ابن قدامة - هنا، وذكر الأكثر إباحته.
وقال في الآداب الشرعية: 3/348: ويباح قتل الكلب العقور، والأسود البهيم، والوزغ. كذا ذكر غير واحد، وليس مرادهم والله أعلم حقيقة الإباحة، والتعبير بالاستحباب أولى.
وقال في الآداب أيضاً: 3/349 قال الشيخ مجد الدين في شرح الهداية: الكلب الأسود البهيم، يتمير عن سائر الكلاب بثلاثة أحكام:
أحدها: قطع الصلاة بمروره. والثاني: تحريم صيده واقتنائه. والثالث: جواز قتله.
وقال السفاريني في غذاء الألباب: 2/71: واعلم أن الكلب إما أن يكون أسود بهيماً أو لا. الأول يستحب قتله.
وانظر الإنصاف: 10/429، والمغني: 6/355.

(9/4716)


[3522-*] قلت لإسحاق: للرجل إذا غربت الشمس أن يزيد على ركعتين إن أبطأ الإمام؟
قال: لا يزيد على ركعتين إذا غربت الشمس قبل أن يصلي المغرب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سن ذلك فقال: "بين كل أذانين صلاة، لمن شاء"،1 فعل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولم يزيدوا على الركعتين بعد الغروب2 قبل أن يصلوا3 المغرب،4 وإذا تركهما فلا حرج عليه؛ لأن ذلك ليس بسنة
__________
[3522-*] أشار إلى هذه المسألة ابن رجب في الفتح: 3/529. وتقدمت مختصرة عن الإمامين في كتاب الصلاة برقم " 123 ". ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة " كتاب الصلاة ": 134 عن إسحاق قوله: لا بد من القعدة - أي بين الأذان والإقامة - في الصلوات كلها حتى في المغرب.
1 أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 2/106) ومسلم: (838) .
وأخرج البخاري (الصحيح مع الفتح: 3/59) : "صلوا قبل صلاة المغرب - قال في الثالثة - لمن شاء" زاد أبو داود: 2/59 "ركعتين".
2 في الأصل: "المغرب". والمثبت من: (ظ) .
3 في الأصل: "يصلي". والمثبت من: (ظ) .
4 روى البخاري (الصحيح مع الفتح: 2/106) ومسلم: (837) - واللفظ للبخاري - عن أنس رضي الله عنه قال: "كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك، يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء".
زاد مسلم: "حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما".
وروى البخاري (الصحيح مع الفتح: 3/59) عن مرثد بن عبد الله اليزني قال: أتيت عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه فقلت: ألا أُعَجِّبُك من أبي تميم، يركع ركعتين قبل صلاة المغرب، فقال عقبة: إن كنّا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: فما يمنعك الآن؟ قال: الشغل.
[] وانظر: قيام الليل " مختصره " للمروزي: 103-109.

(9/4717)


قال إسحاق: كما قال [سواء] 1.
[3379-*] قلت:" إذا دعا أحدكم أخاه فليجب " يجيبه في كل ما دعاه؟
قال: إلا أن يكون شيئاً2 كرهه3 أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم - إذا كان من الصور، أو شيء من زي العجم؛ فلا بأس أن لا يجيب، وإذا كان مسكر، أمّا الذي ليس فيه شك أن يجيبه كما قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: عرس أو نحوه4.5
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
[3379-*] نقل مثنى بن جامع ما يوافق رواية ابن منصور كما في الفروع: 5/298. ونقل المروذي وغيره أنه وكَّد إجابة الدعوة وسهل في الختان.
2 في الأصل: "شيء". والمثبت من: (ظ) .
3 يشير الإمام أحمد إلى ما ورد عن أبي أيوب الأنصاري، وأبي مسعود البدري وعبد الله بن يزيد الخطمي - رضي الله عنهم - من رجوعهم وامتناعهم من الإجابة لما رأوه من المنكر. كما رواه البيهقي عنهم في السنن: 7/272.
وانظر: الاستذكار:16/358، والمغني: 10/203، 204، والفتح: 9/249.
4 حديث ابن عمر رضي الله عنه أخرجه مسلم: "1429": 2/1053 ولفظه: "إذا دعا أحدكم أخاه، فليجب. عرساً كان أو نحوه".
5 المذهب وجوب إجابة وليمة العرس فقط، كما ذكره المرداوي في الإنصاف: 21/317 قال: وأما الإجابة إلى سائر الدعوات، فالصحيح من المذهب، استحبابها. وقيل: تباح. ونص عليه. وهو قول القاضي وجماعة من أصحابه. قال الزركشي: وهو ظاهر كلام الخرقي ... قال في الفروع: وظاهر رواية ابن منصور ومثنى: تجب الإجابة. قال الزركشي: لو قيل بالوجوب لكان متجهاً.
انظر: الإنصاف: 21/324، والفروع: 5/298، وشرح الزركشي: 5/334.
وأما بالنسبة لوجود المنكر في الوليمة. فقال ابن قدامة: وإن علم أن في الدعوة منكراً كالزَّمْرِ والخمر، وأمكنه الإنكار حضر وأنكر، وإلا لم يحضر. - قال المرداوي: بلا نزاع - وإن حضر فشاهد المنكر، أزاله وجلس. فإن لم يقدر انصرف. قال المرداوي: بلا خلاف -.
المقنع مع الإنصاف: 21/331. وانظر المغني: 10/198.

(9/4718)


قال إسحاق: كما قال.
[3380-] قلت: البيض إذا غسل يطرح في القدر مع المرقة؟
قال: لا بأس أن يطرح في القدر.
[3381-[] قلت] 1: وإن كان فيها فرخ؟
قال: إذا لم ينكسر، فلا بأس.2
__________
1 الزيادة من (ظ) .
2 لأنه إذا انكسر يصبح ميتة، فينجس المرق.
والمذهب بلا نزاع، أن البيض إذا تصلب قشره فهو طاهر.
أما إذا لم يصلب فهو نجس على الصحيح المشهور من المذهب. وقيل: إنه طاهر. واختاره ابن عقيل.
انظر: المغني: 1/101، شرح العمدة "كتاب الطهارة": 130، الفروع مع تصحيحه: 1/110، الإنصاف: 1/94.

(9/4719)


قال إسحاق: كما قال.
[3382-*] قلت: للنصارى أن يظهروا الصليب1 أو يضربوا بالناقوس2؟
__________
[3382-*] نقل هذه المسألة: الخلال في أحكام أهل الملل: 424، وابن القيم في أحكام أهل الذمة: 2/717، وابن المنذر في الأوسط 11/20 ولم ينسبها.
ونقل الخلال وابن القيم، عن جمع من أصحابه، ما يوافق هذه الرواية، منهم: عبد الله كما في مسائله:2/855، وأبو طالب، وإبراهيم بن هاني، ويعقوب بن بختان. ورواية الثلاثة في الأحكام السلطانية:160 أيضاً. وروى عنه صالح في مسائله: 2/187 ما يختص بالناقوس.
1 الصليب: المصلوب: ما يتخذه النصارى على ذلك الشكل قبلة لهم. والجمع صُلْبَان وصُلُب. وهو من شعائر الكفر الظاهرة، فإنه معبود النصارى، ومن أجل ذلك يسمون عباد الصليب.
وأول من ابتدعه قسطنطين بمنام زعم أنه رآه. وأما المسيح والحواريون، فلم يأمروا بشيء من ذلك.
اللسان:1/529، ومجموع الفتاوى: 28/611، وأحكام أهل الذمة:2/719.
2 الناقوس: خشبة طويلة يضربها النصارى، إعلاماً للدخول في صلاتهم. المصباح المنير:621.

(9/4720)


قال: ليس لهم أن يظهروا شيئاً لم يكن في صلحهم.1
قال إسحاق: ليس لهم أن يظهروا الصليب أصلاً؛ لما نهى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عن ذلك،2 ويقولون: إن إظهارنا الصليب
__________
1 قال في المقنع: ويمنعون من إظهار المنكر، وضرب الناقوس، والجهر بكتابهم.
وقال في الشرح: يمنعون من إظهار المنكر، كالخمر، والخنزير، وضرب الناقوس، ورفع أصواتهم بكتابهم، وإظهار أعيادهم، وصُلُبهم.
وقال في الإنصاف: يجب المنع. ويمنعون أيضاً من إظهار عيد، وصليب، ورفع صوت على ميت. المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف: 10/464.
وانظر: المغني: 13/247، وأحكام أهل الذمة: 2/674، 693، 717، 719، والفروع:6/275.
2 نهي عمر رضي الله عنه عن إظهار الصليب، ورد ضمن الشروط التي شرطها على أهل الذمة، لما قدم الشام، بعد فتح بيت المقدس. ولفظه:" ولا يظهروا صليباً ".
وهذه الشروط مروية، من وجوه مختصرة، ومبسوطة. منها ما رواه سفيان الثوري، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غَنْم قال: كتب عمر رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام كتاباً، وشرط عليهم فيه: ... وذكر الشروط.
ومنها ما رواه الخلال في أحكام أهل الملل: 431 عن عبد الله بن الإمام أحمد قال: حدثني أبو شرحبيل الحمصي ... وذكر بقية السند، والشروط.
قال ابن القيم: وشهرة هذه الشروط، تغني عن إسنادها، فإن الأئمة، تلقوها بالقبول، وذكروها في كتبهم، واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم في كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها.
انظر: سنن البيهقي: 9/202، والمغني: 13/237، ومجموع الفتاوى: 28/651، 652، وأحكام أهل الذمة: [2/657-664.

(9/4721)


] إنما هو دعاء ندعوكم إلى ديننا، فيمنعون أشد المنع.
[3383-*] قلت: قول عمر رضي الله عنه: " لا تشتروا رقيق أهل الذمة "1؟
قال: لأنهم أهل خراج يؤدي بعضهم عن بعض، فإذا صار [إلى] 2 مسلم، انقطع عنه.3
__________
[3383-*] نقل هذه المسألة: الخلال في أحكام أهل الملل: 177، وأبو يعلى في الروايتين: 2/382، وابن القيم في أحكام أهل الذمة: 1/56، 131. ونقل الخلال وابن القيم مثلها عن مهنا والميموني وحنبل.
أحكام أهل الملل: 176، 177، وأحكام أهل الذمة: 1/131، 132.
1 أخرجه عبد الرزاق: 6/47، 10/330، وابن أبي شيبة: 6/211، وأبو عبيد في الأموال: 99، ومن طريقه ابن زنجويه في الأموال: 1/233، والبيهقي: 9/140، والخلال في أحكام أهل الملل: 176، 177، وابن المنذر في الأوسط: 11/40.
[] وأخرجه بنحوه: يحيى ابن آدم في كتاب الخراج: 56، وانظر: أحكام أهل الذمة: 1/130-132.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 أي انقطع الخراج المتعلق بالعبد عن المسلمين؛ لأن الذي يدفع عنه سيده، وسيده صار مسلماً ولا جزية على المسلم. فأراد عمر رضي الله عنه من المنع، أن يوفر الجزية للمسلمين؛ لأنه إذا اشتراه سقطت.
وهذا النهي من عمر رضي الله عنه، هو حجة إحدى الروايتين عن أحمد في مسألة حكم الجزية على عبيد أهل الذمة. وهي رواية الوجوب. وهي ظاهر كلام الخرقي. واختارها ابن القيم واحتج لها.
والرواية الثانية: لا تجب. وهي المذهب. بل حكاه ابن المنذر إجماعاً.
انظر: الروايتين: 2/382، والمغني: 13/220، والفروع: 6/265، والإنصاف:10/ 416، 417.

(9/4722)


قال إسحاق: كما قال.
[3384-*] قلت: حريم بئر العادية؟
قال: العادية: قديمة.1
وحريم بئر البديّ؟
قال: البديّ التي تبتدأ2.3
__________
[3384-*] أشار إلى هذه المسألة، ابن مفلح في الفروع: 4/555، فقال: ونقل ابن منصور: والعادي: القديمة. ا.هـ وكذا في الإنصاف: 16/114.
وروى نحوها عبد الله في مسائله: 3/1000، وروى حرب، كما في الفروع: 4/555: العادية: التي لم تَزُلْ. وكذا في الإنصاف: 16/114.
1 العادية: القديمة. هكذا فسرها الإمام أحمد هنا. وفي مسائل عبد الله أيضاً: 3/1000. وقال في المغني: 8/178: البئر العادية - بتشديد الياء -: القديمة. منسوبة إلى عاد. ولم يرد عاداً بعينها. وانظر: المصباح المنير: 436.
2 بدأ البئر: احتفرها، فهي بديّ: أي حادثة. وهي خلاف العادية القديمة. المصباح:40.
3 هنا فسرّ الإمام أحمد معنى البئرين العاديّة، والبديّ، ولم يبين حريمهما. وقد بين ذلك في مسائل عبد الله: 3/1000، ومسائل صالح:981، 1461، ومسائل حرب كما في الأحكام السلطانية:217 فنص على أن حريم العادية: خمسون ذراعاً. وحريم البديّ: خمسة وعشرون ذراعاّ. من جوانبهما.
وهذا هو المذهب كما في الإنصاف: 6/370.
وانظر: المغني: 8/179، والفروع:4/555، والمبدع:5/254.

(9/4723)


قال إسحاق: العادية: [ظ-108/ب] هي بئر الزرع، حريمها خمسمائة1 ذراع،2 وقد قيل: ثلاثمائة ذراع،3 وبئر البديّ: أربعون4 ذراعاً.5
__________
1 في الأصل: "خمسين ومائة". والمثبت من: (ظ) .
2 لم أجد من نقل هذا القول عن إسحاق. ولعل مستنده في هذا، قول الإمام الزهري: وسمعت الناس يقولون: " وحريم العين خمسمائة ذراع ".
أخرجه يحيى بن آدم في الخراج: 104، 105، وأبو عبيد في الأموال: 369، وابن زنجويه في الأموال: 2/655.
3 ممن قال بهذا: سعيد بن المسيب والأوزاعي.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة 6/375، والأموال لأبي عبيد: 370، وسنن البيهقي: 6/155، ومختصر اختلاف العلماء للجصاص: 3/415.
4 في الأصل: "أربعين". والتصويب من: (ظ) .
5 وبهذا قال الشعبي، والحسن بن حي، وأبو حنيفة.
انظر: الخراج ليحيى بن آدم: 106، والأموال لابن زنجويه: 2/654، ومختصر اختلاف العلماء للجصاص: 3/414.

(9/4724)


[3385-*] قلت: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أدِّ [الأمانة] 1 إلى من ائتمنك"2؟
__________
[3385-*] نقل نحوها صالح: 2/113، وقال في الإنصاف: 11/308: نقله الجماعة عن الإمام أحمد.
وقال ابن اللحام في القواعد والفوائد الأصولية: 308، 309: واحتج أحمد في مواضع بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" واستدلاله بالحديث يدل على ثبوته. ولهذا جعل القاضي أبو يعلى رواية عنه بثبوت الحديث.
وهو يخالف رواية مهنا عنه بإنكاره.
1 الزيادة من مصادر تخريج الحديث. وهي لا توجد في النسختين.
[2] أخرجه أبو داود: 17- كتاب البيوع والإجارات: 81 - باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده: 3/804، [805] من طريقين. والترمذي: 12- كتاب البيوع: 38- باب: 3/555 وقال: حديث حسن غريب. والدارمي: [18-] كتاب البيوع: 57- باب في أداء الأمانة واجتناب الخيانة: 2/178، وأحمد: 3/414، والبخاري في التاريخ الكبير: 4/360، والطحاوي في المشكل: 2/337، والدارقطني: 3/53، والطبراني في الصغير: 1/171، وفي الكبير: 1/261، والحاكم: 2/64 وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي: 10/270.
والحديث ضعفه الشافعي كما في التلخيص: 3/97، وابن حزم في المحلى: 8/182، وابن الجوزي في العلل المتناهية: 2/103، وقال: هذا الحديث من جميع طرقه لا يصح. وابن حجر في التلخيص: 3/97.
وصححه ابن السكن كما في التلخيص: 3/97، والألباني في السلسلة الصحيحة: برقم: "424" لشواهده

(9/4725)


قال: لا يأخذ إذا وقع له في يديه مالاً.
قال: إذا كان غصب منه مالاً.1
قال إسحاق: كما قال.
[3386-*] قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عادي الأرض لله عز وجل ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم لكم"2؟
__________
1 هذه المسألة تلقب " بمسألة الظفر ". والمشهور في المذهب أنه لا يجوز لمن ظفر بحق له، عند أحد، قد منعه منه أن يأخذ مقدار حقه، إذا كان السبب خفياً. استدلالاً بهذا الحديث. وفي وجه في المذهب يجوز ذلك، ذكره ابن عقيل وأبو الخطاب.
انظر: الهداية لأبي الخطاب: 2/139، والمحرر: 2/211، والمغني: 14/340، والفروع: 6/496، وشرح [] [] الزركشي: 7/422، والقواعد لابن رجب: 1/101، والإنصاف: 11/308-311، والمبدع: 10/ 97.
[3386-*] روى نحوها: أبو داود: 211، وعبد الله: 3/1000، 1001، وصالح: 3/341.
2 أخرجه أبو يوسف في الخراج: 65، ويحيى بن آدم في الخراج: 86، 88، وأبو عبيد في الأموال: 347، وابن زنجويه في الأموال: 2/613، والبيهقي: 6/143 كلهم عن طاووس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وهو مرسل.
وأخرج نحوه البيهقي: 6/143 من طريق أبي كريب، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان به. وقد تفرد به معاوية متصلاً، وهو مما أنكر عليه. كما قال ابن حجر في التلخيص: 3/62.
وأخرجه يحيى بن آدم: 85 موقوفاً على ابن عباس.
وانظر: إرواء الغليل: 6/3، والسلسلة الضعيفة: 2/29.

(9/4726)


قال إسحاق: كما قال.
[3388-*] قلت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" 1؟
قال أحمد رضي الله عنه: يقول لا يضار جاره بحفر بئر أو كنيف إلى جنب حائطه، وإن كان في حده؛ فلا يضاره بذلك.
[3389-] قلت: فقدر أن يمنعه؟
قال: نعم يمنعه.2
__________
[3388-*] نقل هذه المسألة أبو يعلى في الأحكام السلطانية: 302، ونقل نحوها عن عبد الله - وهي في مسائله: 3/1003 - وأبي طالب.
1 أخرجه ابن ماجه: " 2340 "، وعبد الله في زوائد المسند: 5/326، 327، والبيهقي: 10/133 من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -. وسنده ضعيف.
وهو مروي عن ثمانية من الصحابة، بطرق عشرة لا تخلو أسانيدها من مقال، لكن بضم بعضها إلى بعض، يتقوى الحديث، ويرتقي إلى درجة الصحة. وقد جعله أبو داود من الأحاديث التي يدور عليها الفقه.
[] انظر: إرواء الغليل: 3/408-413، وغاية المرام: 60، والسلسلة الصحيحة: 1/ق1: 498-503 رقم "250".
2 قال في الفروع: 4/285: ومن أحدث في ملكه ما يضر جاره – كحمام، وكنيف، ورحى، وتنور - فله منعه، كابتداء إحيائه بإجماعنا ... وقد احتج أحمد بالخبر "لا ضرر ولا ضرار" فيتوجه منه منعه.
وانظر: المغني: 7/52، والإنصاف: 5/260 وفيه قال: الصحيح من المذهب أن الجار يمنع من التصرف في ملكه، بما يضر بجاره؛ كحفر كنيف، إلى جنب حائط جاره. الخ..

(9/4728)


قال إسحاق: كما قال. وكذلك في كل حدث من القِنَى1 وغير ذلك.
[3390-] قلت: ما حريسة الجبل؟
قال: ما يأوي إلى الجبل من المواشي.2
قال إسحاق: كما قال.
[3391-*] قلت: سئل الأوزاعي عن
__________
1 القنى - بكسر القاف -: جمع قناة وهي: الآبار التي تحفر في الأرض متتابعة، ليستخرج ماؤها، ويسيل على وجه الأرض. المطلع: 253.
2 قال ابن الجوزي في غريب الحديث: 1/204: يقال للشاة المسروقة من المرعى: حريسة. ومنه: "لا قطع في حريسة الجبل" وذلك أنها إذا كانت في الجبل، فما وصلت إلى مراحها، فلا قطع على سارقها، فإذا آواها المراح، كانت في حرز، ولها حافظ. وانظر: الأوسط: 11/58.
[3391-*] أشار إلى جزء من هذه المسألة: ابن مفلح في الفروع: 4/419، ولم ينسبها. وروى نحوها المروذي، وحرب كما في الفروع أيضاً: 4/419.

(9/4729)


اللُّقَاط1 إذا حصدوا الزرع؟ قال: أكره لصاحبه أن يبيعه، الناس فيه سواء، إلا أن يريد صاحبه أن يعود فيه،2 وأما أن يمنعه الناس أو يبيعه فلا.
قال أحمد: ما أحسن ما قال. لا أرى لهم أن يدخلوا أرض الرجل إلا بإذنه، ولا أرى لصاحب الأرض أن يبيعه [ع-175/أ] .3
قال إسحاق كما قال الأوزاعي.
[3392-] سألت أحمد رضي الله عنه عن حديث أسماء بنت عميس4
__________
1 اللُّقَاط -بضم اللام-: السنبل الذي تخطئه المناجل تلتقطه الناس. اللسان: 7/393.
2 أي يسقيه مرة أخرى لينبت فله ذلك.
انظر مسائل عبد الله: 3/1212 رقم المسألة "1670"، ومسائل أبي داود: 201.
3 قال ابن قدامة في المغني: 7/567: ولا نعلم خلافاً في إباحة التقاط ما خلفه الحصَّادون من سنبل، وحب وغيرهما. فجرى ذلك مجرى نبذه، على سبيل الترك له.
وقال في الفروع: 4/419: واللقاط مباح. قال في الرعاية ويحرم منعه. نقل المروذي: إنما هو بمنزلة المباح.
4 أسماء بنت عميس بن معد الخثعمية. هاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجت بعد ذلك بأبي بكر، ثم بعده بعلي - رضى الله عنهم -. روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وروى عنها ابنها عبد الله بن جعفر، وحفيدها القاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق. الإصابة: 7/489، 490.

(9/4730)


- رضى الله عنها – [يعني: "تَسَلَّبِي1 ثلاثاً ثم اصنعي ما شئت"2؟] 3
__________
1 تَسَلَّبِي: أي البسي ثوب الحداد. وهو: السِّلاب. والجمع سُلُب. وتسلبت المرأة: إذا لبسته. النهاية: 3/387.
2 الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات: 8/282، وأحمد: 6/438، والطبري في التفسير: 2/514، والطحاوي في شرح معاني الآثار: 3/75، وابن حبان في صحيحه: 7/418، والطبراني في الكبير: 24/369، وأبو نعيم في أخبار أصبهان: 1/187، والبيهقي: 7/438 من عدة طرق عن أسماء بنت عميس - رضى الله عنها - قالت:" لما أصيب جعفر بن أبي طالب - رضى الله عنه -" أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: تسلبي ... الحديث.
وقد قوّى إسناده، الحافظ في الفتح: 9/487 ونقل عن شيخه العراقي، في شرح الترمذي: أن ظاهر الحديث، يدل على عدم وجوب الإحداد على المتوفى عنها، بعد اليوم الثالث. وأجاب عنه: بأن هذا الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وقد أجمعوا على خلافه.
ونقل الحافظ في الفتح أيضاً أن البيهقي، أعل الحديث بالانقطاع فقال: لم يثبت سماع عبد الله بن شداد من أسماء. قال: وهذا تعليل مدفوع. فقد صححه أحمد لكنه قال: إنه مخالف للأحاديث الصحيحة في الإحداد.
قلت - أي الحافظ،: وهذا مصير منه إلى أنه يعله بالشذوذ.
3 ما بين القوسين ساقط من الأصل "ع"، والمثبت من "ظ".

(9/4731)


قال: هذا الشاذ من الحديث الذي لا يؤخذ به،1 وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من كذا وجهاً خلاف هذا الشاذ.2
قال إسحاق: ما أحسن ما قال.
[3393-*] سألت أحمد عن حسن الخلق؟
قال: أن لا يغضب، ولا يحتد؟
قيل: المعاملة بين الناس في الشراء والبيع؟ فلم ير ذلك.
__________
1 الشاذ: هو أن يروي الثقة حديثاً، يخالف ما روى الناس، وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره. قاله الشافعي كما في الباعث الحثيث: 47.
وانظر: المناسك من شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية: 1/518، وشرح علل الترمذي: 236.
2 من ذلك على سبيل المثال، ما أخرجه البخاري (البخاري مع الفتح: 9/484) ، ومسلم: (1487) من حديث زينب ابنة جحش قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد فوق ثلاث ليال، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشراً".
[3393-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/203، وأشار إليها ابن رجب في جامع العلوم والحكم: 1/363.
ونقل ابن مفلح في الآداب عن مناقب الإمام أحمد للبيهقي، أن إسحاق بن منصور سأل أحمد عن حسن الخلق. فقال: هو أن يحتمل من الناس ما يكون إليه. فيكون البيهقي ذكرها بالمعنى. ونقل الروايتين: السفاريني في غذاء الألباب: 1/354 ولم ينسبهما.

(9/4732)


قال إسحاق: هو بسط الوجه، وأن لا يغضب، وما أشبه ذلك.
[3394-*] قلت لأحمد: أيبيع الأَكَّار1 ما عمل قبل أن يدرك؟
قال: لا.
قال إسحاق: كلما كان الأكار يبيع نصيبه برضاً من رب الأرض فلا شك في ذلك أنه جائز، فإن أراد رب الأرض أن يأخذه من الذي اشتراها فله ذلك، وذلك كله إذا لم يدرك الزرع.
[3395-*] قلت لأحمد: حديث عبد الرحمن بن القاسم،2 أليس هو
__________
[3394-*] تقدمت مسألة بمعناها، برقم (3322) .
1 الأكّار: اسم فاعل من أكَرْتُ الأرض، بمعنى: حرثتها. المصباح: 17.
[3395- *] تقدم في كتاب الرضاع في المسألة رقم (987) إلقاء مثل هذا السؤال إلى إسحاق بن راهويه. وقد أجاب عنه، بأن المخالفة في الظاهر. والله أعلم.
2 عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. ثقة جليل. كان أفضل أهل زمانه. توفي سنة 126هـ. تقريب: 595.
وحديثه لعله: ما رواه مالك في الموطأ: 2/604 عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه أخبره " أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم – "كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها وبنات أخيها، ولا يدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها ".

(9/4733)


مخالف لحديث أبي القعيس1؟
قال: نعم، كان القاسم2 ينكر حديث أبي القعيس.3
[3396-*] قلت لإسحاق: رجل فجر بامرأة. أرضعت تلك المرأة جارية.
__________
1 أبو قعيس - بالتصغير - قال ابن حجر: اسم أبي قعيس، لم أقف عليه، إلا في كلام الدارقطني، فقال: هو وائل بن أفلح الأشعري. وحكى هذا ابن عبد البر، ثم حكى أن اسمه الجعد. الفتح: 1/50.
وحديثه هو ما روته عائشة - رضى الله عنها - قالت: " إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليّ بعدما نزل الحجاب، فقلت: والله لا آذن حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فدخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني؛ ولكن أرضعتني امرأته. قال: "ائذني له فإنه عمك تربت يمينك".
أخرجه البخاري: (الصحيح مع الفتح: 10/550) ، ومسلم: (1445) وهو أصل في لبن الفحل. وسيأتي في المسألة (3463) إشارة إلى هذا.
2 القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
[3] انظر: التمهيد: 8/243-245.
[3396-*] تقدمت هذه المسألة في النكاح، برقم (1318) . ونقل نحوها عبد الله عن أبيه قال: حدثني أبي قال: قرئ على سفيان، عن عمرو: دفع إليّ أبو الشعثاء صحيفة، أَسْاَلُ عكرمة عن رجل، فجر بامرأة، فرآها ترضع جارية هل تحل له. قال: لا. قال أبي: وبهذا أقول أنا. مسائل عبد الله: 3/1087، 1088.
ومثل مسألة عبد الله نقل صالح سنداً ومتناً كما في المبدع: 8/163.
وانظر: الإنصاف: 8/114.

(9/4734)


أيتزوج الرجل الذي فجر بتلك المرأة تلك الجارية؟
قال: لا ينبغي له أن يتزوج تلك المرضَعة إن كان تناول أمها.
[3397-*] قلت لإسحاق: فسّر لي القلتين والمصتين،12 وكيف حالهما، وإلى ما يؤول كل واحد منهما.
قال: أما القلتان؛ [ع-175/ب] فهو الذي قال به أصحابنا كلهم أن مقدار ذلك خمس قرب. القلة: قربتان ونصف. ولكن ما اختار النضر ابن شميل حيث فسر القلة: الحُبّ23 العظيم، هو أحب إليّ، لما قال النضر: حِبَبَةٌ يجاء بها من مصر يقال إنها الخُلُج34لم نسمع بقلة أعظم منها لما يقال قلال هجر، وإذا فسرت القلة على الخابية العظيمة؛ كان نحواً من عشرين دلواً،
__________
[3397-] روى نحو هذا عن إسحاق –فيما يختص بتفسير القلتين-: حرب في مسائله لأحمد وإسحاق: (3ق) .
(1) 2 لم يفسر المصتين هنا. وسبق في كتاب الرضاع له تفسيرهما في المسألة: (984) .
(2) 3 الحُبُّ - بضم الحاء وتشديد الباء -: الجرة الضخمة. والحب الخابية. ويجمع على أحباب، وحِبَاب وحِبَبَة بوزن عِنَبَة. اللسان:1/395.
(3) 4 الخُلُج - جمع خليج -: وهي الجفنة. يقال جفنة خلوج: فقيرة كثيرة الأخذ من الماء. اللسان: 2/260.

(9/4735)


فيكون ذلك تصديقاً لما قال أبو هريرة رضي الله عنه: " إذا كان الماء الدائم أربعين غرباً لم يفسده شيء".1
[3398-*] قلت لإسحاق: هل للإيمان منتهى حتى يستطيع المرء أن يقول: مستكمل الإيمان؟
قال: لا. لأن جميع الطاعة من الإيمان، ولا يمكن أن يشهد باستكمال الإيمان لأحد إلا للأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أو من شهد له الأنبياء صلى الله عليهم وسلم بالجنة، لأن الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وإن كانوا أذنبوا فقد غفر
__________
1 أخرجه بهذا اللفظ: ابن جرير في تهذيب الآثار: (1091) . وابن المنذر في الأوسط: 1/265 وفيه: "ينجسه" بدل "يفسده". والدارقطني: 1/27 وقد رواه بلفظ: "قلة" بدل "غرباً" ومثله حرب في مسائله لأحمد وإسحاق: (7ق) ، ثم قال -أي الدارقطني-: وخالفه - أي رَاوِيْةِ عبد الرحمن بن أبي هريرة - غير واحد رووه عن أبي هريرة فقالوا: " أربعين غرباً " ومنهم من قال: " أربعين دلواً ".ا.?.
وأخرجه بلفظ: "دلواً": حرب في مسائله لأحمد وإسحاق: (3ق) .
وأخرجه أبو عبيد في كتاب الطهور: 231، 232 بلفظ: " لا يخبث أربعين دلواً شيء، وإن استحم فيه جنب".
ومثله في تهذيب الآثار: (1092) وسنن البيهقي: 1/263.
[3398-*] نقل هذه المسألة الخلال في السنة: 569.

(9/4736)


لهم ذلك الذنب قبل أن يخلقوا.1
[3399-] قلت لإسحاق: قوله - صلى الله عليه وسلم -2: "خذوا بحظكم من العزلة"3 ما يعني به؟
قال: يقول: تفرغوا للعبادة، لأن العزلة هو سبب التفرغ للعبادة، ألا ترى إلى قول أبي الدرداء رضي الله عنه: نعم صومعة المسلم
__________
1 مذهب أهل السنة والجماعة، كراهة أن يقول المرء: أنا مستكمل الإيمان.
كما روى ابن عبد البر في التمهيد: 9/253 بسنده إلى عبد الرزاق قال: كان معمر، وابن جريج، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، يكرهون أن يقولوا أنا مستكمل الإيمان كإيمان جبريل وميكائيل.
2 هكذا في الأصل: "صلى الله عليه وسلم". وفي: (ظ) لم يذكر لفظ الصلاة والسلام. ولعله هو الصواب. أي إبهام لفظ (قوله) .
3 لم أجده مرفوعاً. وإنما المشهور أنه من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وهذا ما تؤيده نسخة (ظ) . فليس فيها جملة "صلى الله عليه وسلم".
وقد أخرجه عنه: وكيع في الزهد: 2/517، وابن سعد في الطبقات: 4/161، ونعيم بن حماد في زوائد الزهد: 3، وابن أبي عاصم في الزهد: 37، وابن أبي الدنيا في العزلة والانفراد: 56، وابن حبان في روضة العقلاء: 81، والخطابي في العزلة: 11، 12، وابن عبد البر في التمهيد: 17/446، والبيهقي في الزهد: 124، وابن الجوزي في مناقب عمر ابن الخطاب المطبوع باسم تاريخ عمر بن الخطاب: 181 كلهم من طريق شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم قال: قال عمر ...

(9/4737)


بيته، يكف فيها سمعه وبصره.1
[3400-] قلت لإسحاق: ما تقول في أخذ الشوك والحشيش من المقابر؟
قال: ما أحسنه وأجمله بعد أن يأخذه بأرفق ما يمكنه، ولا يدخل [ع-176/أ] بحذاء ولا خف إلا أن يضطر إليه من شدة برد أو حر.
[3401-*] قال أحمد: الإزار للميت يكون تحت القميص. أليس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أشعرنها إياه"2 فهذا لا يكون إلا مما يلي الجلد، والقميص يكون قميصاً مخيطاً.
__________
1 أخرجه وكيع في الزهد: 2/516، وابن المبارك " زوائد نعيم بن حماد ": 4، وابن أبي شيبة: 13/309، وأحمد في الزهد:135، وابن أبي عاصم في الزهد: 36، وهناد بن السري في الزهد: 2/582، وابن أبي الدنيا في العزلة والانفراد: 63 والخطابي في العزلة: 70، 71، والبيهقي في الزهد: 95، وابن عبد البر في التمهيد: 17/442، وابن عساكر في تاريخ دمشق 47/177، 178 بإسنادين مختلفين، ونسبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى طاوس كما في الفتاوى 10/405.
[3401-*] تقدمت هذه المسألة في الجنائز برقم (852) وروى عنه أبو داود: 194 نحوها. ونقل في المغني: 3/386 ما يوافق هذه الرواية ولم ينسبها إلى أحد.
2 قطعة من حديث أم عطية - رضى الله عنها - في تكفين زينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح:3/125) ، ومسلم: برقم" 939".

(9/4738)


[3402-] قلت: مع الكمين؟
قال: نعم تُدْخَل يداه في الكمين.1
قال إسحاق: كما قال. وله أزرار، ولا يزرّ عليه [ظ-109/أ] .
[3403-] قلت لإسحاق: إذا وضع الميت في اللحد. كيف يصنع بيده؟
قال: تحت جنبه.
[3404-] قلت لإسحاق: قوم جماعة لكل واحد منهم عشرة أعنز فجعلوها قطيعة واحدة، ثم قسموا ما يخرج منها؟
قال: كلما اتفقت كلمتهم على الانتفاع بما يخرج من ألبانها وسمنها على أمر معلوم بينهم؛ جاز ذلك، ولا ينظر إن كان فيه ما لا ينتفع به، ولصاحبه ما ينتفع به بعد إذ خلطوا ما يخرج من جميعها، ثم جزأوه بينهم أجزاء كل على قدر ما يطمع أن يصيبه من أعنزه على الانفراد، لأن هذا صلح اصطلحوا عليه.
__________
1 الأفضل في الكفن أن يكون في ثلاث لفائف بيض ليس فيها قميص ولا عمامة. وإن كفن في قميص ومئزر فهو جائز غير مكروه. هذا هو المذهب.
انظر: المغني: 3/386، والفروع: 2/228، والإنصاف: 2/512.

(9/4739)


[3405-*] قلت لإسحاق: أطفال المشركين؟
قال: الذي يعتمد عليه أن لا ينزلوا جنة ولا ناراً؛ حتى يكون الله عز وجل هو الذي ينزلهم.1
وأما أولاد المسلمين فإنهم من أهل الجنة2 [ولكن] 3 لا يجوز لأحد أن يشهد لولد مسلم بعينه أن هذا من أهل الجنة، كنحو ما يقول: المؤمنون أهل الجنة، ولا ينصب أحداً بعينه.
__________
[3405-*] أشار إلى جزء من هذه المسألة: الخلال في أحكام أهل الملل: 1/67.
1 انظر رأي إسحاق في التمهيد: 18/111، 112.
وهذا هو مذهب الوقف في هذه المسألة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل: 8/435: وهذا - أي الوقف - هو الصواب الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة. وهو منصوص عن أحمد وغيره من الأئمة.
وانظر: مجموع الفتاوى 10/739، والفروع مع تصحيحه: 6/183، 184، وفتح الباري: 3/246، 247، [] [] والإنصاف مع الشرح: 27/171، وقد ذكر ابن القيم في أحكام أهل الذمة: 2/619-656 عشرة مذاهب في المسألة وفصلها بأدلتها.
2 انظر رأي إسحاق في أولاد المسلمين في أحكام أهل الملل: 1/67.
بل قد حكى ابن عبد البر الإجماع على أنهم في الجنة. التمهيد:6/348، وانظر: شرح مسلم للنووي: 16/207.
3 زيادة من: (ظ) .

(9/4740)


[3406-*] قلت لإسحاق: رجل كاتب جاريته وزوجها من رجل فولدت قبل أن تؤدي، ما حال ولدها؟
قال: ما كان بعد الكتابة فهو له، وإذا [كاتب] 1 على نفسه وولده وإن لم يعلم كم عدتهم وإن لم يسمهم فقد دخلوا في الكتابة أيضاً.2
[3407-*] قلت لإسحاق: عرق الحمار يصيب الثوب؟
قال: لا بأس به.4
[3408-*] قلت لإسحاق5: الخضاب بالسواد للمرأة؟
__________
[3406-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الفروع: 5/125 لكن عن أحمد.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 انظر رأي إسحاق في: الإشراف: 2/177، 178.
[3407-] روى مثلها عن إسحاق: حرب في مسائله لأحمد وإسحاق: (48ق) .
4 لم أجد رأي إسحاق هذا. وأما رأي أحمد، فالكراهة كما في مسائل عبد الله: 1/26، 27، ومسائل صالح: 1/353. ومسائل حرب لأحمد وإسحاق: (48ق) .
قال المرداوي: وأما ريق البغل والحمار وعرقهما على القول بنجاستهما - أي البغل والحمار - فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب. وعنه أنه يعفى عن ذلك. قال: وهو الصواب. الإنصاف: 1/331.
[3408-*] نقل هذه المسألة الخلال في كتاب الترجل: 141.
5 في الأصل: " قال إسحاق ". والتصويب من: (ظ) .

(9/4741)


قال: لا بأس بذلك للزوج تتزين به له.1
[3409-] قلت لإسحاق: تفسير: الحلال بيّن والحرام بيّن؟
قال: [أما] 2 ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الحلال بيّن والحرام بيّن"3 يقول: ما أحل الله عز وجل في كتابه وأحله الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فذلك بيّن لا يجوز إلا التمسك به. وكذلك الحرام بيّن في كتاب الله سبحانه وتعالى، وبيّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إرادة الله سبحانه وتعالى في ذلك كي ينتهي الناس عنه، وبين الحلال والحرام أمور مشتبهة تخفى على أهل العلم، ولا يدرون أيتقدمون عليها أم يتأخرون عنها؛ لما لا يجدون4 في القرآن أو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيان حلالها من حرامها، فالوقوف عند ذلك خير من التقحم عليها، وهي أمور مشكلة، من ها هنا ذكر في غير حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله
__________
1 انظر رأيه في: المجموع: 1/345، المغني: 1/128، الآداب الشرعية: 3/337، تهذيب سنن أبي داود: 6/104.
[3409-] تقدم لإسحاق كلام مختصر حول هذا الموضوع في المعاملات برقم (2314) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 أخرجه البخاري: الصحيح مع الفتح: 1/126، ومسلم: "1599".
4 في الأصل: " لا يجوز" ولا معنى لها. والتصويب من: (ظ) .

(9/4742)


عنهم: أن الرجل ينبغي له أن يكون بينه وبين الحرام ستراً من الحلال.1 حتى يكون قد استبرأ لدينه وعرضه، وأنه إذا
__________
1 أما ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا فهو ما أخرجه ابن حبان في صحيحه: 12/380 عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال ... " الحديث. وقد ذكر مسلم إسناد هذا الحديث ولم يسق لفظه. انظر: صحيح مسلم: 3/1220، 1221، وانظر: فتح الباري لابن حجر: 1/127.
[] ومما ورد في هذا المعنى ما أخرجه الترمذي: 38- كتاب صفة الجنة: 19- باب: 4/634 "2451 " وابن [] ماجة: 37- كتاب الزهد: 24- باب الورع والتقوى: 2/1409 "4251" وغيرهما عن عطية السعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس".
قال ابن رجب في فتح الباري: 1/16: وفي إسناده بعض مقال.
وضعفه الألباني في غاية المرام:130، وهو في ضعيف الجامع: 6/85، 86 وفي معناه أيضاً ما أخرجه مسلم: "2553": 4/1980 عن النواس بن سمعان رضي الله عنه.
وأحمد: 4/227 عن وابصة بن معبد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الإثم ما حاك في النفس" الحديث. وانظر فتح الباري لابن حجر: 1/48.
وأما ما جاء عن أصحابه فمن ذلك:
[1-] ما ورد عن ابن عمر - رضى الله عنهما - معلقاً في صحيح البخاري (البخاري مع الفتح:1/45) قال البخاري: وقال ابن عمر: " لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر ".
وما ورد عنه أيضاً أنه قال: " إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها ". أخرجه ابن حزم في المحلى: 8/477 بسنده إلى وكيع أخبرنا سفيان الثوري عن بعض أصحابه عن ابن عمر قال: ... فذكره.
وأخرجه أبو داود في الزهد: 296 عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر قال: ... فذكره، ومثله في المحلى لابن حزم: 1/201. وذكره الإمام أحمد في الورع: 50 برواية المروذي، وابن رجب في الجامع: 1/209.والأثر فيه انقطاع حيث لم يصرح بالراوي عن ابن عمر.
وقد ورد بهذا اللفظ وبمعناه عن بعض السلف كسفيان بن عيينة وميمون بن مهران ومحمد بن سيرين.
كما في: الورع لأحمد: 44، 50، 69، 135، وحلية الأولياء: 4/84 و 7/288، وتاريخ دمشق لابن عساكر 53/203، وجامع العلوم والحكم: 1/209. وانظر: فتح الباري لابن رجب: 1/244.
[2-] وما ورد عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: " تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك ما يرى أنه حلال؛ خشية أن يكون حراماً، حجاباً بينه وبين الحرام".
أخرجه ابن المبارك في الزهد: 19 زوائد نعيم، وأبو نعيم في الحلية 4/246، وذكره أحمد في الورع: 48، وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى كما في الفتح لابن حجر: 1/48.
وسنده منقطع كما في الفتح لابن رجب: 1/16.

(9/4743)


استوعب الحلال كله أفضى إلى الحرام.
وقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك مثلاً فقال: "المتقدم على الشبهة كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقع

(9/4744)


الحمى"1 وكذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "دعوا الربا والريبة"2 لما خاف إذا تناولت الريبة وقعت في الربا وأنت لا تعلم، وكذلك أخبرني عيسى بن يونس3 عن
__________
1 لم أجد الرواية بهذا اللفظ.
ولكن بمعناها رواية في حديث الصحيحين المتقدم تخريجه في بداية المسألة. ولفظها: "ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه".
[2] أخرجه الإمام أحمد: 1/36، 50، وابن ماجة: 12- كتاب التجارات: 58 - باب التغليظ في الربا: 2/764 " 2276 " وابن الضرّيس في فضائل القرآن: 77، وابن جرير في التفسير: 3/114، وابن المنذر كما في الدر المنثور: 2/104 عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال:
قال عمر: " إن آخر ما أنزل من القرآن آية الربا وإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبض ولم يفسرها. فدعوا الربا والريبة ".
وإسناده ضعيف لانقطاعه، سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر كما في تعليق أحمد شاكر على المسند: 1/262.
ومعنى " الريبة ": أي الكسب الذي يشك أحلال هو أم حرام. النهاية: 2/286.
وورد بمعناه عند ابن أبي شيبة: 6/563، وابن جرير: 3/114، وابن حزم في المحلى: 8/477 عن الشعبي عن عمر. وسنده منقطع أيضاً. فالشعبي لم يلق عمر رضي الله عنه.
3 عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. كوفي نزل الشام مرابطاً. ثقة مأمون مات سنة 187هـ. تقريب: 773.

(9/4745)


الأوزاعي1 عن يحيى بن أبي كثير2 قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا كان أمران [ع-176/ب] أخذ بأوثقهما، فإذا اختلفوا عليه سكت.3
فالاحتياط للمسلم الوقوف عند الشبهات نحو هذه العينات4 التي احتال الناس لها، أو الصرف حيث يدخلون بين الدنانير فضة، أو بين الدراهم ذهباً ليحلوا الحرام، والحيل لا تحل حراماً، ولا تحرم حلالاً. وكذلك كل ما أشبه ذلك من نحو المسكر والأشربة الخبيثة وما أشبهه مما تركنا فلم نصف فهو كما وصفنا، وأما الشبهات: نحو [هذه] 5 المسائل التي وصفنا يشتبهن على أهل العلم في الكتاب والسنة لمّا انقطع العلم فيها بأعيانها، ويحتاجون أن يشبهوا ذلك بالأصول الثابتة فلا يجدون
__________
1 إمام أهل الشام. ثقة جليل فقيه. مات سنة 157هـ. تقريب: 593.
2 يحيى بن أبي كثير الطائي. ثقة لكنه يدلس ويرسل. مات سنة 132هـ. تقريب 1065.
3 لم أجده عن ابن عمر. وهو مروي عن ابن سيرين كما في الحلية: 2/268، وتاريخ ابن عساكر: 53/203.
4 أي بيع العينة: وهو أن يبيع على الرجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به. النهاية: 3/333.
5 الزيادة من: (ظ) .

(9/4746)


إلى ذلك سبيلاً.1
[3410-*] قلت لإسحاق: الصبي بين أبويه فيموت، أَيُصَلَّى عليه قبل أن يقسم أو بعد ما قسم؟
قال: كلما كان بعد القسمة في سهم مسلم، فلا شك أنه مسلم، إن مات صلي عليه، وإن كان أبواه كافرين؛ لأن مصيره في سهام المسلمين صيره من المسلمين، وكذلك قبل القسمة؛ لأنه إذا صار في سهام المسلمين وقد ملكوه فهم أولى به من الأبوين.2
__________
1 فسر الإمام أحمد الشبهات بأنها "منزلة بين الحلال والحرام" في رواية صالح: 1/304، 305، والمروذي في الورع: 74، والفضل بن زياد القطان كما في بدائع الفوائد: 4/96. وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام.
انظر: جامع العلوم والحكم: 1/199.
[3410-*] تقدم نحو هذه المسألة في كتاب المعاملات برقم (2042) عن أحمد وإسحاق.
2 لم أجد رأي إسحاق فيما وقفت عليه.
وأما أحمد فيرى خلاف رأي إسحاق هنا فإنه عنده لا يصلي عليه إذا كان معه أبواه، لأنه تبع لهما. أما إذا لم يكن معه أبواه فهو مسلم.
انظر: أحكام أهل الذمة: 1/512، 513، والفروع: 6/182، والإنصاف: 4/135.

(9/4747)


[3411-*] سئل أحمد رضي الله عنه عن الإيمان؟
[فقال:] 1 يزيد وينقص] 2.
[3412-] قلت: ينقص؟
قال: ينقص.3
__________
[3411-*] روى عنه كثير من أصحابه مثل هذه المسألة كما في مسائل صالح: 3/140، وأبي داود: 364، وابن هانئ: 2/162، والسنة لعبد الله: 1/307، والسنة للخلال: 581، 582، والإبانة الكبرى لابن بطة: 2/851، وطبقات الحنابلة: 1/130، 131.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل. واستكمل من: (ظ) .
3 هذا هو مذهب السلف قاطبة أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية كما هو مسطور في كتب الاعتقاد والسنة.
قلت: لعل إسحاق الكوسج عندما أكد السؤال عن نقصان الإيمان أراد الإشارة إلى ما روي عن مالك من التوقف في إطلاق النقص. وهي رواية ابن القاسم عنه كما في التمهيد: 9/252.
وقد وجّه شيخ الإسلام ابن تيمية رأي الإمام مالك وتوقفه في مسألة النقصان فقال:" وكان بعض الفقهاء من أتباع التابعين لم يوافقوا في إطلاق النقصان عليه لأنهم وجدوا ذكر الزيادة في القرآن، ولم يجدوا ذكر النقص، وهذه إحدى الروايتين عن مالك، والرواية الأخرى عنه، وهو المشهور عند أصحابه كقول سائرهم أنه يزيد وينقص. الفتاوى: 7/506.
وانظر: السنة للخلال: 582/592، والبيان والتحصيل: 18/536، والمقدمات: 1/57، وشرح النووي على مسلم: 1/‍46.

(9/4748)


[3413-*] سئل: من تفضل؟
قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم في الخلفاء.1
__________
[3413-*] نقل عنه مثل هذه المسألة كثير من أصحابه كما في مسائل أبي داود: 370، ومسائل ابن هانئ: 2/169، 172، ومسائل عبد الله: 3/1319، ومسائل صالح: 1/424، والسنة للخلال: 372، 392، 411، 412، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي: 7/1371، وجامع ابن عبد البر: 2/1172، وطبقات الحنابلة: 1/215، ومناقب ابن الجوزي: 1/20.
1 هذا هو رأي الإمام أحمد في خلافة الراشدين بهذا الترتيب، على مقتضى حديث سفينة. ولم يختلف عنه في ذلك. بخلاف التفضيل بينهم فقد روي عنه الاقتصار على الثلاثة ثم السكوت عن علي رضي الله عنه على مقتضى حديث ابن عمر - رضى الله عنهما -. وروي عنه: التفضيل كالخلافة.
قال ابن عبد البر: قد روى عبد الله بن أحمد بن حنبل، وسلمة بن شبيب وطائفة، عن أحمد بن حنبل مثل رواية محمد بن مطهر: الفرق بين التفضيل والخلافة على حديث ابن عمر وحديث سفينة. وروت عنه طائفة تقديم الأربعة والإقرار لهم بالفضل والخلافة. وعلى ذلك جماعة أهل السنة. ولم يختلف قول أحمد في الخلافة والخلفاء، وإنما اختلف قوله في التفضيل. جامع ابن عبد البر: 2/ 1171.
[] وانظر: مجموع الفتاوى: 3/153، و 4/421-428.
وأما عن رأي إسحاق بن راهويه على وجه الخصوص فقد روى ابن عبد البر بسنده إلى سلمة بن شبيب قال: كتبت إلى إسحاق بن راهويه: من تُقَدِّمْ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فكتب إليّ: لم يكن بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأرض أفضل من أبي بكر، ولم يكن بعده أفضل من عمر، ولم يكن بعد عمر أفضل من عثمان، ولم يكن على الأرض بعد عثمان خير ولا أفضل من علي رضي الله عنهم. جامع ابن عبد البر: 2/1172.

(9/4749)


[3414-] سئل عن صبي صغير أباتته أمه معها على الفراش فوجدته ميتاً؟
قال: إن خافت أن تكون قتلته فلتعتق رقبة.1
قال [إسحاق] 2: ليس عليها شيء إلا أن تستيقن.
[3415-*] سئل أحمد عمن قرأ في أول ركعة سورة خفيفة، وقرأ في الثانية
__________
1 وهذا لأن انقلاب النائم على شخص وموته بذلك من قسم القتل خطأ، أو ما أجري مجرى الخطأ عند بعضهم. وفيه الكفارة من ماله.
انظر: المقنع مع المبدع: 8/252، والفروع: 5/635.
2 الزيادة من: (ظ) .
[3415-*] تقدمت هذه المسألة في كتاب الصلاة برقم (459) وأشار إليها المرداوي في الإنصاف: 2/240. [] وروى نحوها أحمد بن الحسين بن حسان كما في بدائع الفوائد: 3/114، والفروع: 1/66-67، وذكر ابن قدامة في المغني: 2/278 روايتين عن أحمد في هذا المعنى ولم ينسبهما

(9/4750)


سورة طويلة؟
قال: تجزئه صلاته، ولكن ينبغي له أن لا يفعل.1
[3416-*] سئل أحمد: يرفع يديه في قنوت الوتر؟
قال: إن شاء.2 وأما أنا فأختار في النصف الأواخر
__________
1 المذهب بلا ريب استحباب تطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية. نص عليه، وعليه الأصحاب في الجملة.
انظر: مسائل أبي داود: 57، والمغني: 2/277، وفتح الباري لابن رجب: 4/418، والإنصاف: 2/240.
[3416-*] تقدمت هذه المسألة في الصلاة بنصها برقم: (469) وبنحو شطرها الأول برقم: (297) ، وبنحو شطرها الثاني برقم: (438) .
وقد روى عنه رفع اليدين في القنوت كثير من أصحابه كما في مسائل ابنه عبد الله: 2/297، 300، 316، 329، وأبي داود: 96، ومختصر كتاب الوتر للمروزي: 140، وطبقات الحنابلة: 1/220، والمغني: 2/584، والفروع: 1/540، 541، وبدائع الفوائد:4/152.
2 قال في الفروع: 1/540: يرفع يديه في القنوت إلى صدره ويبسطهما: بطونهما إلى السماء. نص على ذلك.
وانظر: المغني: 2/584، والإنصاف: 2/172.

(9/4751)


من رمضان.1
[3417-*] سئل عمن تزوج في مرضه؟
قال: إذا لم يرد به إضراراً بالورثة، أو زاد في مهر مثلها واحتاج إلى المرأة فلا بأس، وإن زاد في مهرها فهو من الثلث [ظ-109/ب] .2
[3418-*] سئل عمن أوصى أن يخرج من ماله كذا وكذا في كذا وكذا
__________
1 روي عن أحمد رحمه الله عدة روايات في زمان القنوت؛ فروي عنه: كل ليلة. وروي عنه: نصف السنة. وروي عنه: السنة كلها. وروي عنه: في النصف الأخير من رمضان. وروي عنه: الشهر كله. كما في مسائل عبد الله: 2/297، 320، 329، ومسائل صالح: 1/332، 435، ومسائل أبي داود: 95، ومسائل ابن هاني: 1/99، 100، وكتاب الروايتين: 1/163، والمغني: 2/581، والفروع: 1/103.
والمذهب أنه يقنت في جميع السنة: انظر الفروع: 1/539، والمغني: 2/580. وقال: هذا المنصوص عند أصحابنا، والإنصاف: 2/170.
[3417-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها في كتاب الوصايا برقم (3088) .
وروى نحوها صالح في مسائله: 1/278، والمروذي كما في الروايتين: 2/20.
ونقل أبو الحارث أن الزيادة تسقط. انظر الروايتين الصفحة السابقة.
2 قال ابن قدامة: فأما بيع المريض بثمن المثل وتزوجه بمهر المثل، فلازم من جميع المال، لأنه ليس بوصية، إنما الوصية التبرع، وليس هذا تبرعاً، وإن حابى في ذلك اعتبرت المحاباة من الثلث لأنها تبرع. الكافي: 4/24، 25.
وانظر: المغني: 8/487، 488، والفروع: 4/669، والإنصاف: 7/176.
[3418-*] نقل هذه المسألة ابن رجب في القواعد: 2/280.

(9/4752)


سنة في مرضه؟
قال: لا يقسم المال حتى ينفذوا ما قال، إلا أن يضمنوا أن يخرجوه فلهم أن يقسموا البقية.1
قال إسحاق: كما قال سواء.
[3419-*] قلت لإسحاق: إذا جاء رجل من أهل الذمة فقال: اعرض عليّ الإسلام؟
قال: فإن السنة في ذلك أن يعرض عليه أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وأقررت بكل ما جاء من عند الله عز وجل، وبرئت من كل دين سوى دين الإسلام. فهذا العرض التام الذي اجتمع العلماء على قبول ذلك وصيروه دخولاً في الإسلام وبراءة من الشرك.
__________
1 هذه مسألة تعلق حق الموصى له بالمال، هل يمنع الانتقال إلى الورثة. قال ابن رجب: جزم القاضي في خلافه بعدم انتقاله إلى الورثة ... وأخذ ذلك مما رواه ابن منصور عن أحمد فيمن أوصى ... وذكر هذه الرواية وكان قد قال قبل ذلك: جعل طائفة من الأصحاب حكمه حكم الدين - الدين فيه روايتان - ومنهم أبو الخطاب في انتصاره، وأبو الحسين في فروعه. ويشهد لذلك قول طائفة من الأصحاب: أن الموصى به قبل القبول على ملك الورثة. القواعد لابن رجب: 2/279.
[3419-*] نقل هذه المسألة بنصها عن إسحاق: الخلال في أحكام أهل الملل: 378، 379 ونقل نحوها عن أحمد كما في ص: 376.

(9/4753)


فإن اقتصر العارض على المشرك الإسلام على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ودخوله في الإسلام إذا كان ذلك على معنى الدخول في الإسلام كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم - حيث دخل مدراس1 اليهود فعرض على اليهودي الإسلام - قدر هذا، فلما قاله2 [و] 3 مات اليهودي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا على أخيكم".4
__________
1 في الأصل وفي (ظ) : مدارس. وهو تصحيف. ومِدْرَاس اليهود: كنيستهم، والجمع مداريس. المصباح المنير: 192.
2 أي اليهودي قال كلمة الإسلام، وهي الشهادتان.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 الحديث بهذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد في المسند: 1/416 من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: "إن الله ابتعث نبيّه - صلى الله عليه وسلم - لإدخال رجال إلى الجنة، فدخل الكنيسة فإذا هو بيهود ... " الحديث.
وفيه: "لو أخاكم" بدل "صلوا على أخيكم" وإسناده ضعيف كما في تعليق احمد شاكر على المسند: 6/23، وإرواء الغليل: 8/134.
وأخرجه بمعناه: أحمد في المسند: 3/260، وفي مسائل مهنا كما في أحكام أهل الملل للخلال: 376، والنسائي في الكبرى: 4/356، وأبو يعلى في مسنده: 7/282، والحاكم: 4/363 عن أنس رضي الله عنه قال: "دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - غلاماً كان يخدمه يهودياً فقال له: "قل لا إله إلا الله ... " الحديث. فليس فيه ذكر دخول الكنسية.
وأصل حديث أنس في صحيح البخاري. (انظر: الصحيح مع الفتح: 3/259) .

(9/4754)


وإنما احتطنا أن يكون الذي يعرض على الذمي الإسلام يعرض عليه الخصال الأربع، لكي لا يكون عليه خلاف من العلماء.1
[3420-*] قال أحمد: إذا وهبت المرأة لزوجها بطيب نفس من غير مسألة، فليس لها أن ترجع.2
[3421-] سئل أحمد عن امرأة اجتمع لها خمسمائة درهم مما بيع من
__________
1 وردت الجملة الأخيرة في (ظ) هكذا: حتى لا يكون اختلافاً من العلماء.
[3420-*] تقدمت هذه المسألة بنصها في كتاب الوصايا برقم (3116) في آخر جواب إسحاق المطول عليها. وتقدمت بنحوها في الكتاب نفسه برقم (3051) . وذكرها ابن المنذر في الإشراف: 2/222 ولم ينسبها. وروى نحوها عبد الله: 3/1148، وصالح: 1/463، وابن هاني: 2/54، والمرّوذي في الورع: 110.
وروى الأثرم كما في المغني: /278، وأبو طالب وابن صدقة والفضل كما في الروايتين: 1/444 أن لها الرجوع.
2 المذهب موافق لهذه الرواية، فليس للزوجة الرجوع فيما وهبته لزوجها من غير سؤال منه. وقيل: لها الرجوع. وقيل: إن وهبته لدفع ضر فلم يندفع أو عوض أو شرط، فلم يحصل رجعت، وإلا فلا.
انظر: الفروع مع تصحيحه: 4/648، 649، والإنصاف: 17/84، 85، والمبدع: 5/376.

(9/4755)


الخُرْثِيِّ1 أوصت يحج [عنها] 2؟
قال: هذه لم يجب عليها حج. ثم قال: أما الثلث فيحج بها من حيث بلغ.
[3422-] قلت لأحمد: المرأة تكشف عن رأسها في بيتها؟
قال: نعم.
[3423-*] قلت: وإن كانت في صحن الدار؟
قال: نعم.
[3424-] قلت: متى يُترك حديث الرجل؟
قال: إذا كان الغالب عليه الخطأ.
[3425-*] قلت: الكذب من قليل أو كثير؟
__________
1 الخُرْثِيُّ - بضم الخاء -: أثاث البيت ومتاعه. النهاية: 2/19.
2 الزيادة من (ظ) .
[3422، 3423-*] نقل هذه المسألة الخلال في أحكام النساء: 34، ونقل نحوها عن جعفر ابن محمد النسائي.
[3424، 3425-*] نقل هذه المسألة القاضي أبو يعلى في الروايتين: 3/82، وفي العدة: 3/927، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 175، وأبو الخطاب في التمهيد: 3/110، وابن رجب في شرح العلل: 95 مقتصراً على المسألة الأولى.
وروى ما يوافق المسألة الثانية علي بن سعيد كما في المصادر السابقة إلا شرح العلل.
وعبيد الله بن أحمد الحلبيّ كما في الكفاية للخطيب: 190، والعدة: 3/928، والمسودة: 236، وروى معنى المسألتين: الحسين بن منصور السلمي كما في شرح العلل: 93.

(9/4756)


قال: نعم.1
[3426-*] [ع-177/أ] قلت: الرجل يكون له ساعة يقرأ فيها أحب
__________
1 قال القاضي أبو يعلى في العدة: 3/926: فأما من ثبت كذبه، فإنه يرد خبره وشهادته، وإن لم يتكرر ذلك منه. وهذا ظاهر كلام أحمد رحمه الله في رواية علي ابن سعيد - وذكر الرواية - ثم قال: وكذلك نقل ابن منصور - وذكر رواية إسحاق هنا.
وقال ولده القاضي أبو الحسين في التمام: 2/280: اختلفت الرواية عن أحمد هل يخرج من العدالة بكذبة واحدة؟ على روايتين: إحداهما: يخرج من العدالة، فترد شهادته وخبره. وفيه رواية ثانية: إن كثر كذبه يخرج من العدالة.
وقال ابن رجب في شرح العلل 85: والذي يتبين من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين والذين كثر خطأهم للغفلة وسوء الحفظ، ويحدث عمن دونهم في الضعف مثل من في حفظه شيء، ويختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه.
وانظر: تدريب الراوي" 1/329، 330.
[3426-*] نقل معناها عن المرُّوذي ابن مفلح في الفروع: 1/528، والمرداوي في الإنصاف: 2/163.

(9/4757)


إليك أو يعلّم ابنه القرآن أو يقرأ؟
قال: إذا علّمه يرسخ القرآن فيه. كأنه اختار التعليم على القراءة.
[3427-*] سئل أحمد عن الرجل إذا تزوج المرأة وبعث إليها بمتاع أو ما كان؟
قال: إذا لم يُخبرها أن ذلك من الصداق فلا يُحسب له.
[3428-*] سأله رجل قال: إن لي امرأة وبنات لا يطيعوني، لا المرأة ولا الولد، وأنا أريد ان أخرج من بغداد وأدعهم؟
__________
[3427-*] نقل نحوها مطولة: ابن القيم في بدائع الفوائد: 4/91، 92 عن الفضل بن زياد.
[3428-*] نقل ابن مفلح في الفروع: 1/522 عن أحمد من رواية ابن هاني أن أحمد قال لرجل أراد الثغر: أقم على أختك أحب إليّ. أرأيت إن حدث بها حدث من يليها؟.ونقل من رواية حرب أنه قال لرجل له مال كثير: أقم على ولدك وتعاهدهم أحب إليّ.
قال ابن مفلح: ولم يرخص له يعني في غزو غير محتاج إليه. ا. هـ.
قلت: هذا فيمن خرج إلى الجهاد. فكيف بمن خرج مغاضباً لأهله!!

(9/4758)


قال: لا أرى لك أن تدعهم وتذهب. تكون قريباً منهم تتعاهدهم أحبّ إليّ.
[3429-*] سئل أحمد عن رجل أسلم وهو أقلف1 يحج؟
قال: يختتن ثم يحج؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لا يقبل لأقلف صلاة ولا ولا"2.3
__________
[3429-*] نقل هذه المسألة: الخلال في الترجل: 170، ونقل عدة روايات بهذا المعنى عن حنبل وأبي [] [] الحارث وعبد الله كما في مسائله: 1/151، وغيرهم. الترجل: 164-174.
1 الأقلف: الذي لم يختتن. المطلع: 99.
2 أخرجه عبد الرزاق: 4/483 و 11/175، ومن طريقه البيهقي: 8/325 عن قتادة قال: كان ابن عباس يكره ذبيحة الأغرل ويقول: "لا تجوز شهادته ولا تقبل صلاته". وأخرجه ابن المنذر كما في الفتح: 9/637 بلفظ: "الأقلف لا تؤكل ذبيحته، ولا تقبل صلاته ولا شهادته".
وأخرجه وكيع في مصنفه والإمام أحمد بسنده إلى ابن عباس كما في تحفة المودود: 147.
3 ذكر المرداوي عدة روايات في الختان:
إحداها: يجب ما لم يخف على نفسه. فإن خاف، فلا بأس أن لا يختتن. وهذا هو المذهب.
وعنه: يجب مطلقاً. وعليه جماهير الأصحاب.
وعنه: لا يجب مطلقاً. أي هو سنة للذكور.
وعنه: يجب على الرجال دون النساء.
الإنصاف: 1/123، 124. وانظر: المغني: 1/115، وشرح العمدة: 243، والفروع: 1/133، وتحفة المودود: 143، 145.

(9/4759)


[3430-*] سئل عن الرجل يكون في بيته مريض ليس له من يخدمه؟
قال: يؤخر إلى آخر الوقت.
لم يرَ له أن يترك الجمعة.1
[3431-] سألته عن الإزار؟
فقال: أسفل من السرة.
__________
[3430-*] أشار إلى هذه المسألة: ابن مفلح في الفروع: 2/41، والمرداوي في الإنصاف: 2/301، وصاحب المبدع: 2/96.
وقد روى الكوسج في كتاب الصلاة مسألة برقم (508) تخالف ما هنا قال: قلت: فالخائف؟ قال: نعم. إذا خاف أن يَعْتَلَّ المريض قد رخص الله عز وجل له في ذلك، وابن عمر - رضى الله عنهما - ترك الجمعة للجنازة إذا كان لا بد من دفنه.
1 لا نزاع في المذهب في أن من خاف موت قريبه، ولم يكن عنده من يسد مسده، له أن يتخلف عن الجمعة، وإنه معذور في تركها. قال المرداوي: ويعذر أيضاً في تركها لتمريض قريبه. الإنصاف: 2/301.
وانظر: المغني: 2/380، والفروع: 2/41، وشرح الزركشي: 2/202، والمبدع: 2/96.
وعلى هذا فالمذهب على رواية الكوسج في كتاب الصلاة.

(9/4760)


[3432-] قلت: هكذا؟ فأريته.
قال: لا أدري.
[3433-*] قلت: أسفل من السرة؟
قال: نعم.1
[3434-*] قلت لأحمد: الرجل يشترط على الأكّار أن يعمل له؟
قال: في غير الحرث؟
__________
[3431، 3432، 3433-*] نقل هذه المسألة ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 157، ونقل نحوها ابن القيم في بدائع الفوائد: 4/89 عن الفضل بن زياد.
1 ذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/533 أنه يسن أن يأتزر فوق سرته. ثم قال: وعنه تحتها. ا.هـ
وهذا يشعر بأن المذهب الأول. ولم أجد من نقل عن أحمد أن الإزار فوق السرة. والله أعلم.
[3434-*] تقدمت هذه المسألة في المعاملات برقم (1877) وزاد فيها قول إسحاق. ونقلها ابن مفلح في الفروع: 4/418. وروى عبد الله في مسائله: 3/974 ما يشبهها لكن بدون شرط. قال: سألت أبي عن الخياط يكون عنده الغلام، أيبعثه في حوائج، ما ترى في ذلك؟ قال: إن كان من عمله فنعم، وأما غير ذلك فلا، حتى يستأذن أهله

(9/4761)


قلت: نعم.
قال: فلا.
[3435-*] قلت: أيبيع الأكّار ما عمل قبل أن يدرك؟
قال: لا.
[3436-] قلت: ما عمل فيه؟ فلم يعرفه.
[3437-*] قلت: فيدفع صاحب الأرض البذر؟
قال: لا.1
__________
[3435-*] تقدمت هذه المسألة في هذا الجزء برقم (3394) وبمعناها برقم (3322) .
[3437-*] ظاهر هذه المسألة منع صاحب الأرض في المزارعة من دفع البذر؛ وأنه يكون على العامل. وهذا مخالف لرواية الكوسج نفسه المتقدمة في أبواب المعاملات برقم: (2544) ولرواية الجماعة عنه، أن المزارعة إنما تصح إذا كان البذر من رب الأرض، والعمل من العامل. وقد روى مهنا ومثنى بن جامع ما يدل على أن البذر يجوز أن يكون من العامل.
انظر: مسائل عبد الله: 3/1210، ومسائل صالح: 1/209 و2/276 و3/39، ومسائل أبي داود: 200، ومسائل ابن هانئ: 2/24، والهداية لأبي الخطاب: 1/178، 179، والمغني: 7/562، 563.
1 المذهب في المزارعة هو اشتراط كون البذر على رب الأرض. هذا هو المنصوص عليه في رواية الجماعة، واختاره عامة الأصحاب حتى أن أكثرهم لم يذكروا خلافاُ.
وروي عن أحمد ما يدل على أن البذر يجوز أن يكون من العامل. واختاره ابن قدامة وصححه، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
انظر: الهداية لأبي الخطاب: 1/178، 179، والمغني: 7/562، 563، ومجموع الفتاوى: 29/118، والفروع: 4/411، وشرح الزركشي: 4/213، والإنصاف: 5/483.

(9/4762)


[3438-*] قلت: كيف يقترع؟
قال: بالخاتم، أو بالشيء.1
__________
[3438-*] نقل هذه المسألة ابن القيم في الطرق الحكمية: 291. ونقل نحوها عن عدة من أصحاب أحمد كمحمد بن الحكم وأبي داود وهي في مسائله: 217 والأثرم وغيرهم.
1 قال ابن قدامة: قال أحمد: قال سعيد بن جبير: يقرع بينهم بالخواتيم. أقرع بين اثنين في ثوب، فأخرج خاتم هذا وخاتم هذا ثم قال: يخرجون بالخواتيم، ثم تدفع إلى رجل، فيخرج منها واحداً. قال أحمد: بأي شيء خرجت مما يتفقان عليه وقع الحكم به سواء كان رقاعاً أو خواتيم؟

قال أصحابنا المتأخرون: الأولى أن يقطع رقاعاً صغاراً متساوية ثم تلقى في حجر رجل لم يحضر، أو يغطى عليها بثوب ثم يقال له: أدخل يدك وأخرج بندقة؛ فيفضها ويعلم ما فيها. المغني: 14/383.
وانظر: الفروع: 6/513، 514، والممتع شرح المقنع: 6/272، والإنصاف: 11/356، والمبدع: 6/321، 322.

(9/4763)


[3439-*] قلت: قول الخارجي حين قال: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنّ} 1 فأجابه عليّ رضي الله عنه2؟
قال: هو كما3 أنكره.
[3440-*] قلت: المرجئ إذا كان داعياً؟
[قال: إي والله، يُقصى ويجفى] 4.
__________
[3439-*] ورد ذكر حديث علي مع الخارجي في رواية مهنا كما في المغني: 2/457، 459. وأشار إليها في الفروع: 6/158.
1 سورة الزمر الآية رقم (65) .
2 وجواب علي رضي الله عنه هو أنه تلى قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ} سورة الروم:60.
وهذا الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة: 15/328، وابن جرير في تاريخه: 4/54، والحاكم: 3/146، والبيهقي/ 2/245. وصححه الألباني في الإرواء: 8/118.
3 في الأصل: "مما".
[3440-*] نقل هذه المسألة: الخلال في السنة: 4/53، وعنه ابن أبي يعلى في المسائل التي حلف عليها أحمد: 68، وعنه ابن القيم في الأعلام: 4/168، وروى نحوها أبو داود: 368، وابن هانئ: 2/153، وأبو الحارث، والفضل ابن زياد كما في السنة للخلال: 4/54.
4 ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. والمثبت من (ظ) .

(9/4764)


[3441-*] قلت: يؤجر الرجل على بغض أصحاب أبي حنيفة1؟
قال: إي والله.
[3442-] قلت: من يقول القرآن مخلوق؟
قال: ألحق به كل بلية.
[3443-] قلت: يُقال له: كفر2؟
__________
[3441-*] نقل هذه المسألة ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 205. ونقلها ابن القيم في إعلام الموقعين: 4/166 ولم ينسبها نقلاً عن كتاب الشريف أبي علي الهاشمي في المسائل التي حلف عليها أحمد، وفيه: " من خالف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " بدل:" أصحاب أبي حنيفة ".
ونقلها ابن أبي يعلى في جزئه في المسائل التي حلف عليها أحمد: 25 لكن ذكر المحقق أن محلها بياض في النسخة الخطية، وأنه استدركها من إعلام الموقعين.
ونقلها بنصها ابن حامد في تهذيب الأجوبة: 205 عن المرُّوذي.
1 من المؤكد هنا أنه ليس المراد بأصحاب أبي حنيفة تلاميذه الآخذين عنه، كأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهما ممن اشتهر بالعلم والفقه وسلامة المعتقد، فلعل المقصود - والله أعلم - من أغرق في الرأي من الحنفية، وتعمد مخالفة الحديث، كما تدل عليه صيغة الرواية في إعلام الموقعين. أو لعل المراد من ظهر منه ميل إلى التجهم والاعتزال. وهذا في الحنفية أكثر منه في غيرهم. والله أعلم.
2 في (ظ) : " ك ف ر " بتقطيع الحروف

(9/4765)


قال: إي [والله] 1، كل [شرّ] 2 وكلّ بلية [بهم] 3.
[3444-*] قلت: فتظهر العداوة [لهم] 4 أم تداريهم؟ [ع-177/ب]
قال: أهل خراسان لا يقوون بهم. يقول كأن المداراة.5
__________
1 زيادة لا توجد في النسختين ويقتضيها السياق.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 زيادة من: (ظ) .
[3442، 3443، 3444-*] نقل السؤالين الأول والثاني، ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/115، ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: 28/210 السؤال الأول والثالث. ونقلها ابن الجوزي في مناقب أحمد: 202 بلفظ: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يقول: القرآن مخلوق، ما هو عندك؟. فقال: ك ف ر، مُقَطَّع.
وقد نقل عن أحمد تكفير من يقول بخلق القرآن كثير من أصحابه؛ كابنه عبد الله في السنة: 1/102، وأبي داود في مسائله: 262، وابن هانئ في مسائله: 2/153، 154، والمرّوذي كما في تهذيب الأجوبة: 205، وطبقات الحنابلة:1/62، وحرب كما في الإبانة: 2/166، والحسن بن ثواب ومسدد بن مسرهد ويعقوب الدورقي كما في الطبقات: 1/132، 342، 414، والحسن بن أيوب كما في شرح السنة للالكائي: 2/262، وحنبل بن إسحاق كما في الشريعة للآجري: 80 وغيرهم.
4 زيادة من: (ظ) .
5 قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على هذا: فإن لم يكن في هجرانه - أي صاحب البدعة - انزجار أحد ولا انتهاء أحد بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرةً مأموراً بها، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك: إنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية، فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي. الفتاوى:28/212.

(9/4766)


[3445-] قلت لأحمد: [الرجل] 1 يأتي أهله وليس له شهوة في النساء، أيؤجر على ذلك؟
قال: أي والله، يحتسب الولد.
[3446-*] قلت: وإن لم يرد2 الولد، إلا أنه يقول هذه امرأة شابة؟
قال: لم لا يؤجر؟! 3
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
[3445، 3446-*] نقل هذه المسألة: ابن أبي يعلى في المسائل التي حلف عليها أحمد: 44، وفي الطبقات: 1/115، وابن القيم في الأعلام: 4/167، وابن قدامة في المغني: 10/241 ولم ينسبها.
2 في الأصل: "يريد"، والمثبت من: (ظ) .
3 قال ابن قدامة بعد أن أورد هذه المسألة عن الكوسج: وهذا صحيح فإن أبا ذر روى - وأورد حديث أبي ذر في أجره على إتيان شهوته - ثم قال: ولأنه - أي النكاح، وسيلة إلى الولد وإعفاف نفسه وامرأته وغض بصره، وسكون نفسه، أو إلى بعض ذلك. المغني: 10/241، 242.

(9/4767)


[3447-*] قلت: جاءه رجل غريب وأخذ بيده، وعانقه الرجل فقبل رأسه، فلم أره أنكره.1
[3448-] قلت لأحمد: أَوَ يَسَعُك أن لا تحدّث؟
قال: لم لا يسعني، أنا قد حدّثت.2
__________
[3447-*] نقل ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/258، 259 عدة روايات بهذا المعنى عن مهنا، وعبد الله -[] ولم أجدها في مسائله -، وابن هانئ - وهي في مسائله: 2/183-، وإسماعيل بن إسحاق الثقفي.
ونقل أيضاً عن إسماعيل بن إسحاق السراج أنه قال: قلت لأبي عبد الله أول ما رأيته: يا أبا عبد الله ائذن لي أن أقبل رأسك. قال: لم أبلغ أنا ذاك. وانظر الآداب أيضاً: 1/409، 410.
1 قال في الآداب: 2/258: وتباح المعانقة وتقبيل اليد والرأس تديناً وإكراماً واحتراماً مع أمن الشهوة. وظاهر هذا عدم إباحته لأمر الدنيا.
وقال السفاريني في غذاء الألباب: 1/331 لما سئل عن المعانقة والقيام: أما إذا قدم من سفر، فلا أعلم به بأساً، إذا كان على التدين يحبه الله، أرجو لحديث جعفر -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتنقه، وقبل بين عينيه، وقد قال الشعبي: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا التقوا صافحوا بعضهم، فإذا قدموا من سفر عانق بعضهم بعضاً، وتقدم في حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عانقه، وكذا في حديث زيد بن حارثة.
2 هذا السؤال فيه إشارة إلى امتناع أحمد عن التحديث حيث حلف وأخذ على نفسه العهد أن لا يحدث حديثاً تاماً. وكان هذا قبل موته بثماني سنين أو أقل أو أكثر كما قال ذلك ابن المنادي.
انظر: مناقب ابن الجوزي: 458، 459، وطبقات الحنابلة: 1/12 على أن ابن الجوزي نقل في المناقب: 428 عن محمد بن إبراهيم البوشنجي، ما يحدد تاريخ امتناع أحمد عن التحديث، وهو سنة سبع وعشرين ومائتين - وعند الذهبي في السير: 13/294 ثمان وعشرين ومائتين - وهي السنة التي مات فيها المعتصم. قال: ثم لم يحدث إلى أن مات. فتكون مدة انقطاعه عن التحديث إلى وفاته أربع عشرة سنة. وقد نقل ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/57 عن أحمد ما يدل على ارتياح أحمد، لهذا العهد الذي قطعه على نفسه، فقد روى عن المروذي قال: سمعت أحمد يقول: أما الحديث فقد استرحنا منه، وأما المسائل فقد عزمت إن سألني أحد عن شيء أن لا أجيبه.
[] وانظر: مسائل صالح: 2/429، والمحنة لصالح: 104-106، والمسائل التي حلف عليها أحمد: 80، والمحنة لعبد الغني المقدسي: 192، 193، ومنهاج السنة: 7/97، والآداب الشرعية: 2/152، وسير أعلام النبلاء 11/309.

(9/4768)


[3449-*] قلت: ما الذي لا تلبس المحرمة من الثياب؟
قال: المطيّب1 والقفازين، ولا تتبرقع، وتلبس السراويل والخفين.2
__________
[3449-*] تقدمت هذه المسألة بنحوها في المناسك برقم (1465) .
1 في الأصل: "الطيب"، والمثبت من: (ظ) .
2 هذه الأشياء المذكورة كلها مجمع عليها في المذهب، وفي بقية المذاهب إلا مسألة لبس القفازين فقد خالف فيها أبو حنيفة.
انظر: المغني: 5/154، 157، 158، والمجموع: 7/281، كتاب المناسك من شرح العمدة لابن تيمية: 2/267، 268، والمعونة للقاضي عبد الوهاب: 1/526، 527، والمبسوط: 4/128

(9/4769)


[3450-*] قلت لأحمد: امرأة حاضت بعد ما زالت الشمس في أول الوقت؟
قال: قال بعضهم1: لا تعيد الصلاة فإنها في الوقت. وأما أنا فيعجبني أن تعيد.2
__________
[3450-*] تقدمت هذه المسألة عن الإمامين برقم (763) .
ونقل نحوها: أبو طالب كما في الانتصار: 2/104.
1 لعل الإمام أحمد يقصد شخصاً بعينه، وإلاّ فكلمته هذه تصدق على الأئمة الثلاثة.
فعند أبي حنيفة لا تجب الصلاة حتى يخرج الوقت. وعند مالك: حتى يتضايق الوقت لفعلها. وعند الشافعي: حتى يمضي من الوقت ما يمكنه أداؤها فيه.
انظر: بدائع الصنائع: 1/291، والمنتقى للباجي: 1/26، وروضة الطالبين: 1/188.
وقد روى ابن أبي شيبة عن حماد قال: ليس عليها قضاؤها لأنها في وقت. المصنف: 2/339.
2 وهذا هو المذهب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة " كتاب الصلاة ": 228: وصورة ذلك أن تزول الشمس على امرأة طاهر، فتحيض أو على عاقل فيجن، فإن كان بعد التمكن من فعل الصلاة؛ وجب القضاء قولاً واحداً، وكذلك إن كان قبل التمكن من الأداء على المشهور. ا.هـ
وهذه المسألة مبينة على مسألة استقرار الوجوب في العبادة الموسعة، هل هو بأول الوقت؟ أو بالتمكن من الأداء على روايتين: أصحهما الأولى كما في المسودة:26 وهي المذهب كما في الإنصاف: 1/441.
وانظر: المغني: 2/12، والشرح الكبير: 3/130، والقواعد لابن اللحام: 71، والقواعد لابن رجب: 1/160

(9/4770)


 [3451-*] قلت: كيف الخلع؟
قال: إذا أخذ المال فهي فرقة.1 قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسهلة2:
__________
[3451-*] تقدمت هذه المسألة في النكاح برقم (1365) مختصرة إلى قوله: فهي فرقة.
ونقلها بهذا الاختصار، ابن قدامة في المغني: 10/276، وابن مفلح في المبدع: 7/228، وتقدمت بمعناها في هذه المسائل برقم " 3260 ".
1 تقدم الكلام على الخلع هل هو فسخ أو طلاق وأيهما المذهب في المسألة رقم (3260) .
2 هكذا في النسختين:" سهله " ولا وجود لهذا الاسم في أحاديث الخلع ولم يذكره ابن عبد البر عند ذكره الاختلاف في اسم المختلعة، وقد ذكر قولين:
أحدهما: أنها جميلة بنت أبيّ. والثاني: أنها حبيبة بنت سهل.
ولم يذكره ابن حجر، وقد ذكر ثلاثة أقوال:
القولين المتقدمين، والثالث: أن اسمها مريم المَغَالِيّة.
وانفرد بذلك ابن الجوزي حيث ذكر ثلاثة أقوال: الثالث منها أنها سهلة بنت حبيب. لكن تعقبه ابن حجر فقال: تنبيه: وقع لابن الجوزي في تنقيحه - هكذا قال ابن حجر. وإنما كتاب ابن الجوزي " التحقيق " والتنقيح مستدرك عليه وهو لابن عبد الهادي - أنها سهلة بنت حبيب فما أظنه إلا مقلوباً والصواب حبيبة بنت سهل. ا.هـ
انظر: الاستيعاب: 4/1082، وكشف مشكل الصحيحين لابن الجوزي: 2/428، والفتح: 9/398، 399

(9/4771)


"أتردين عليه حديقته؟ ".1
[3452-] قلت: فقعدت في بيت أهلها؟
قال: نعم [ظ-110/أ] .2
[3453-*] قلت: رجل اشترى من رجل ثوباً بربح درهم، وكان اشترى
__________
[1] أخرجه بهذا اللفظ من حديث حبيبة بنت سهل: ابن ماجة: 10- كتاب الطلاق: 22- باب المختلعة تأخذ ما أعطاها: 2/663، وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس.
وأخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 9/395) لكن اسمها فيه:" جميلة ".
2 قعودها في بيت أهلها ورد مصرحاُ به في آخر الحديث بلفظ:" وجلست في بيت أهلها ".
[] أخرج الحديث: مالك في الموطأ: 29، كتاب الطلاق: 11- باب ما جاء في الخلع: 2/564، وأبو داود: 13-[] كتاب الطلاق: 11- باب ما جاء في الخلع: 2/668، والنسائي: 27، كتاب الطلاق: 34- باب ما جاء في الخلع: 6/481.
[3453-*] تقدم نحو هذه المسألة بتفصيل أكثر في المعاملات برقم (2157) ونحوها أيضاً برقم (2309) .

(9/4772)


الثوب نسأ، وعلم المشتري ذلك؟
قال: هو حلال، وإذا باعه المشتري مرابحة فيُبيِّن.1
[3454-] [قلت:] 2 وإن اشترى الثوب وغيره، ولم ينقد الثمن إلى يومين أو ثلاثة؟
قال: إذا باعه مرابحة يُبيِّن.
[3455-*] قال أحمد: إذا أعطى السمسار الدراهم فأكره له أن يشتري له من السوق إلا أن يُبيِّن له؛ فإنما أعطاه الدراهم ليشتري له من الحائك ليكون أرخص له.3
__________
1 وإذا لم يبيّن ذلك، فعن أحمد أنه مخير بين أخذه بالثمن الذي وقع عليه العقد حالاً، وبين الفسخ. ذكره ابن قدامة في المغني: 6/273.
وعنه رواية أخرى نقلها الكوسج في المعاملات برقم (2157) : إذا كان المبيع قائماً، فإن شاء المشتري ردّه، وإن شاء كان له إلى ذلك الأجل، وإذا كان قد استهلك، حبس المشتري المال، بقدر ما كان للبائع فيه من الأجل.
وعنه رواية ثالثة: أنه يأخذه مؤجلاً ولا خيار له. قال في الإنصاف 4/439: وهذا المذهب.
2 الزيادة من: (ظ) .
[3455-*] نقل هذه المسألة: ابن المنذر في الإشراف: 2/127، ولم ينسبها.
3 لأن في عدم البيان نوعاً من الخيانة، وهي منهي عنها. قال في الإنصاف 4/445: قال الإمام أحمد: المساومة عندي أسهل من بيع المرابحة. قال في الحاوي الكبير: وذلك لضيق المرابحة على البائع؛ لأنه يحتاج أن يعلم المشتري بكل شيء من النقد والوزن وتأخير الثمن، وممن اشتراه ... إلخ.

(9/4773)


[3456-*] قال أحمد: إذا ترك الصلاة استتبته ثلاثة أيام على حديث [عمر] 1 رضي الله عنه.2
__________
[3456-*] نقل هذه المسألة: الخلال في أحكام أهل الملل: 540.
ونقل ما يوافقها عن جمع من أصحابه كابنه صالح - وهي في مسائله: 1/375، 376 - وعبد الله - وهي في [] [] مسائله: 1/191، 192 - والمروذي، وإبراهيم بن هانئ، وغيرهم كثير. أحكام أهل الملل: 537-543.
ونقلها المروزي في تعظيم قدر الصلاة: 2/927 عن إسماعيل بن سعيد الشالنجي.
1 في الأصل: "ابن عمر". والتصويب من: (ظ) ومن مصادر التخريج.
[] وحديث عمر: أخرجه مالك في الموطأ: 36- كتاب الأقضية: 18- باب القضاء فيمن ارتد عن الإسلام: 2/737 في خبر طويل في قصة رجل كفر بعد إسلامه، وفيه قال عمر: "أفلا حبستموه ثلاثاً".
وأخرجه أيضاً: عبد الرزاق: 10/165، وابن أبي شيبة: 10/137 و 12/273، وسعيد بن منصور: 2/226، وعبد الله بن أحمد في مسائله عن أبيه: 3/1291، والطحاوي في شرح معاني الآثار: 3/211، وابن عبد البر في التمهيد: 5/307 وغيرهم. وقد ضعفه الألباني في الإرواء: 8/130.
2 المذهب أن من ترك الصلاة ثم دُعي إلى فعلها فأبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله، ولا يقتل حتى يُستتاب ثلاثة أيام وجوباً، وقيل: تُستحب الاستتابة ولا تجب. انظر: شرح الزركشي: 2/272، الإنصاف: 1/401، 402، المبدع: 10/206

(9/4774)


[3457-*] قلت لأحمد: فسّر لي المرجئة؟
[قال] 1: الذي يقول الإيمان قول.2
__________
[3457-*] نقل هذه المسألة ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/114، ونقل مثلها الخلال في السنة: 565-570 عن جمع من أصحاب أحمد. ونقلها ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/31، 32 عن الاصطخري.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 المرجئة: فرقة من فرق الإسلام وهي مشتقة من الإرجاء، وهو التأخير، سُمّوا بذلك: لاعتقادهم أن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي، أي: أخره عنهم. وقد ضل هؤلاء في بيان حقيقة الإيمان، فجعلوه شيئاً واحداً لا يتفاضل، وأهله فيه سواء، وجعلوا الكفر هو التكذيب بالقلب. وقد ذكر ابو الحسن الأشعري أنهم اثنتا عشرة فرقة. وقسمهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: الذين يقولون الإيمان مجرد ما في القلب، ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب، وهم أكثر فرق المرجئة، ومنهم من لا يدخلها في الإيمان كجهم ومن اتبعه.
والصنف الثاني: من يقول: هو مجرد قول اللسان. وهذا لا يُعرف لأحد قبل الكرامية، وهم الذين عناهم الإمام أحمد هنا.
والصنف الثالث: من يقول: هو تصديق القلب، وقول اللسان، وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم.
وظاهرة الإرجاء من الظواهر الخطيرة، التي تفشت في مجتمعات المسلمين، وألقى بذورها المنحرفة بينهم من لا يريد خيراً بالمسلمين. ومن آثارها فتح باب التخلي عن الواجبات والوقوع في المحرمات، وتجسير كل فاسق، وقاطع طريق على الموبقات، مما يؤدي إلى الإنسلاخ من الدين، وهتك حرمات الإسلام. وقد اشتد نكير السلف، وتحذيرهم من هذه الفرقة عندما ظهرت. فقال إبراهيم النخعي: "لَفِتْنَتُهُم - يعني المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة"، وقال الزهري: "ما ابتدعت في الإسلام بدعة هي أضر على أهله من هذه - يعني: الإرجاء -"، وقال سفيان الثوري: "تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري".
وإنما عظمت أقوال السلف في الإرجاء لجرم آثاره ولوازمه الباطلة، وقد تتابع علماء السلف على كشف آثاره السيئة على الإسلام والمسلمين.
انظر فيما تقدم: مقالات الإسلاميين 1/197، النهاية لابن الأثير: 2/206، مجموع الفتاوى: 7/195، 394، أبو [] حنيفة لأبي زهرة 123، درء الفتنة عن أهل السنة: 37-41 للشيخ بكر أبو زيد.

(9/4775)


[3458-*] سئل أحمد عن رجل وهب لرجل سهماً في داره [ع-178/أ] ثم توفي فجأة؟
قال: نحن نقول: كل شيء [يجوز] 1 بيعه تجوز
__________
[3458-*] أشار إلى هذه المسألة ابن مفلح في الفروع: 4/639، والمرداوي في الإنصاف: 7/131، ونقل ما يوافقها: الحسن بن أيوب البغدادي، كما في الطبقات: 1/131.
وذكر الخلال في كتاب الوقوف: 1/453 روايتين عن حنبل، والأثرم، في وقف المشاع، وفيهما قول الإمام أحمد: هم يقولون: إن البيع - أي: بيع المشاع - جائز، والصدقة والهبة أيضاً مثله.
1 الزيادة من: (ظ) .

(9/4776)


هبته.1
[3459-*] قلت: إذا نوى الصوم بالنهار أن يصوم غداً من قضاء شهر رمضان ثم لم ينوه من الليل؟
قال: قد تقدم منه نية، لا بأس به، إلا أن يكون فسخ النية بعد ذلك.2
__________
1 هبة المشاع صحيحة. قال في الإنصاف: 7/131: هذا المذهب المقطوع به عند الأصحاب قاطبة.
وقال معلقاً على كلام الإمام أحمد: "كل شيء يجوز بيعه تجوز هبته": ومفهومه أن ما لا يجوز بيعه لا تجوز هبته. وهو المذهب، وقدمه في الفروع، واختاره القاضي ا. هـ. وانظر: المغني: 8/247، والمبدع: 5/366.
[3459-*] نقل هذه المسألة ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/114. وأشار إليها ابن أبي يعلى في التمام: 1/293، 294، ولم ينسبها، وابن مفلح في الفروع: 3/39، 40، ونسبها، وابن قدامة في المغني: 4/336، وشيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الصيام في شرح العمدة: 1/196، والمرداوي في الإنصاف: 3/294.
2 هذه الرواية خلاف المذهب. قال في الإنصاف: 3/294: لا تصح النية في نهار يوم لصوم غد على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب ... وعنه: يصح، نقلها ابن منصور. ا. هـ. وانظر: التمام لابن أبي يعلى: 1/293، 294، المغني: 4/336، الفروع: 3/39، 40، وقد نصر شيخ الإسلام ابن تيمية رواية ابن منصور هذه وردّ على القاضي وابن عقيل ما تأولاه من هذه الرواية. انظر: الصيام من شرح العمدة: 2/196، 197.

(9/4777)


[3460-*] سئل عن رجل وقف بعرفة فندّ1 بعيره فذهب، فلم يقدر على الرجوع، ولا وقف بالمزدلفة؟
قال: إذا كان مغلوباً ووطئ عرفة فقد تمّ حجه.2
[3461-] قلت3: إذا قدم معتمراً فطاف وصلى، ثم خرج إلى التنعيم فأهلّ بالحج منها؟
قال: كان ميقاته مكة.4
__________
[3460-*] روى نحوها عبد الله: 2/797، وأبو الحارث كما في المناسك من شرح العمدة: 2/579، وقريب [] منها روى أبو طالب وصالح وحنبل وحرب وغيرهم. انظر: المناسك من شرح العمدة: 2/605-608.
1 ندّ البعير يَنِدّ نَداً ونِداداً ونُدوداً: انفرد وذهب على وجهه شارداً. المطلع: 383.
2 هذه الرواية تضمنت مسألتين: الأولى: من دفع من عرفة قبل الغروب، ولم يرجع، فهذا حجه صحيح، وعليه دم على المذهب. أما إذا عاد إلى الموقف قبل الغروب، فلا دم عليه على الصحيح من المذهب. الإنصاف: 4/30، [31،] وانظر: المغني: 5/272-274، الفروع: 3/509، المبدع: 3/234.
أما المسألة الثانية فهي من فاته الوقوف في المزدلفة والمبيت بها، فهذا حجه صحيح، أيضاً. وقد ترك واجباً، فعليه دم بلا نزاع في المذهب.
انظر: المغني: 5/284، شرح العمدة "الحج": 2/609، 610، الفروع: 3/510، الإنصاف: 4/32.
3 في (ظ) : قيل لأحمد.
4 أي أنه مثل المكي إذا أراد الحج، ميقاته وإحرامه من مكة.
قال في الإنصاف: هذا المذهب سواء كان مكياً، أو غير مكي، إذا كان فيها.
وانظر: المغني: 5/60، الفروع: 3/277، المبدع: 3/109.

(9/4778)


[3462-] قيل1: فهل يجب عليه شيء إذا ترك ميقاته؟
قال: لا.2
[3463-*] قلت لأحمد: ما لبن الفحل3؟
__________
1 في (ظ) : قلت.
2 هذه إحدى الروايتين في مسألة إحرام المكي ومن في معناه بالحج من الحلّ، كالتنعيم مثلاً: أنه يجوز ولا شيء عليه، كما إذا أحرم من الحرم؛ لأن المقصود أن يجمعوا في الإحرام بين الحل والحرم، وهذا حاصل بعد التعريف - أي: الوقوف بعرفة -، وهذا هو المذهب، ونصره القاضي وأصحابه، وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه: إن أحرم من الحل فعليه دم لإحرامه دون الميقات.
[] انظر: المستوعب: 3/43، 44، المغني: 5/62، الحج من شرح العمدة: 1/324-326، الفروع: 3/277، الإنصاف: 3/426.
[3463-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها في الرضاع برقم (975) ونقل نحوها: عبد الله في مسائله: 3/1056، وصالح: 3/191.
3 الفحل: بفتح الفاء وسكون المهملة، أي الرجل، ونسبة اللبن إليه مجازية؛ لكونه السبب فيه. قاله ابن حجر في الفتح: 9/150.
ولبن الفحل: معناه كما قال ابن قدامة في المغني: 9/520: أن المرأة إذا أرضعت طفلاً بلبن ثاب من وطء رجل، حرم الطفل على الرجل وأقاربه، كما يحرم ولده من النسب؛ لأن اللبن من الرجل كما هو من المرأة، فيصير الطفل ولداً للرجل، والرجل أباه، وأولاد الرجل أخوته، سواء كانوا من تلك المرأة أو من غيرها، وأخوة الرجل وأخواته أعمام الطفل وعماته، وآباؤه وأمهاته أجداده وجداته. قال أحمد: لبن الفحل: أن يكون للرجل امرأتان، فترضع هذه صبية وهذه صبيّاً، لا يزوج هذا من هذا. المغني: 9/520.
وقال ابن الأثير: يريد بالفحل: الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولداً ولها لبن، فكل من أرضعته من الأطفال بهذا اللبن، فهو محرم على الزوج وأخوته وأولاده منها، ومن غيرها؛ لأن اللبن للزوج، حيث هو سببه. النهاية: 4/227.

(9/4779)


قال: حديث أبي قعيس1 هو أصل في هذا.2
[3464-*] وسألته عن حديث سليمان بن أبي عبد الله3 في
__________
1 تقدم تخريج حديث أبي قعيس في المسألة: (3395) .
2 المذهب أن لبن الفحل محرِّم، وليس فيه نزاع في المذهب. انظر: المغني: 9/522 و 11/317، الفروع: 5/568، الإنصاف: 9/329.
[3464-*] نقل هذه المسألة: شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الطهارة من شرح العمدة: 269 ولم ينسبها. ونقل مسألتين بمعناها ولم ينسبهما أيضاً.
ونقل يوسف بن عبد الهادي في كتابه دفع الملامة: 133، 134 روايتين بمعناها، عن مهنا والأثرم، فلعلهما ما في شرح العمدة.
3 سليمان بن أبي عبد الله. روى عن سعد بن أبي وقاص، وصهيب، وأبي هريرة. وأدرك المهاجرين والأنصار. روى عنه يعلى بن حكيم. روى له أبو داود حديثاً واحداً. قال أبو حاتم: ليس بالمشهور فيعتبر بحديثه.
وقال مهنا للإمام أحمد: من أين هو؟ مدني، أو كوفي، أو بصري. قال: لا أدري من أين هو. وقال ابن حجر مقبول.
الجرح والتعديل: 4/127، وتهذيب الكمال: 12/19، والتقريب: 409، ودفع الملامة: 133، 134.

(9/4780)


العمامة؟ 1
فأنف وقال: ما أدري ما هو.
[3465-*] قلت: تحت الذقن أحب إليك؟
__________
1 حديث سليمان بن أبي عبد الله في العمامة هو ما رواه الإمام أحمد عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن أبي عبد الله، قال: "أدركت أبناء المهاجرين والأنصار فكانوا يعتمون، ولا يجعلونها تحت الحنك".
وأخرجه ابن أبي شيبه: 8/241.
قال مهنا: قال إسحاق بن راهويه: قد افتتن الناس بهذا الحديث. وقال: قال أحمد: قد سمعته من وهب بن جرير، وهو معروف، ولكن الناس على غير هذا، أهل الشام خاصة لا يعتمون إلا من تحت الحنك.
انظر: شرح العمدة "الطهارة": 269، 270، ودفع الملامة: 110، 133.
[3465-*] نقل ما يوافق هذه الرواية أبو داود: 351، وعبد الله: (449) الطبعة القديمة.
ونقل ابن عبد الهادي في دفع الملامة: 109، 110 روايتين بمعناها عن الحسن بن محمد بن الحارث، وعن الميموني، ونقلهما شيخ الإسلام في شرح العمدة "كتاب الطهارة: 267، 268، ولم ينسب رواية الحسن. ونقل أيضاُ عن عبد الله نحوها، ولم أجدها في مسائله

(9/4781)


قال: نعم.1
__________
1 صفة لبس العمامة على عدة هيئات:
إما أن تكون محنكة - وهي التي يدار بعضها تحت الحنك - وهو الذقن - فهذه هي العمامة التي استحبها الإمام أحمد، ولبسها.
قال القاضي: وقطع أصحابنا باستحبابها وعدم كراهيتها مطلقاً، سواء كان لها ذؤابة، أو لا.
وإما أن لا تكون محنكة ولا ذات ذؤابة فتشبه الطاقية، وهي التي تسمى الصمَّاء. فهذه التي كرهها الإمام أحمد، كراهة شديدة. ورخص فيها إسحاق وغيره.
قال في الفروع: لم يصرح الأصحاب بإباحة لبسها بل ذكر بعضهم كراهة أحمد. وقال بعضهم: لا يباح مع النهي. ا.هـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والأقرب أنها كراهة لا ترتقي إلى حد التحريم، ورده ابن عبد الهادي في دفع الملامة.
وإما أن تكون ذات ذؤابة بلا حنك - والذؤابة عبارة عن إرخاء رأس العمامة وتدليته - فهذه اختلف الأصحاب هل تكره أم لا؟
فاختار جماعة عدم كراهتها، وأنها كالمحنَّكة في جواز اللبس. وممن قال به موفق الدين. واختار آخرون الكراهة، وهو ظاهر ما اختاره القاضي.
قال السفاريني: والحاصل أن المعتمد في المذهب استحباب التحنُّك، فإن لم يكن فالذؤابة، فإن فقدا، كانت العمامة مكروهة. هذا المذهب بلا ريب.
[] انظر: المغني: 1/381، وشرح العمدة - كتاب الطهارة -: 269-271، والفروع: 1/163، والآداب الشرعية: 3/529، والقواعد والفوائد الأصولية: 119، 120، ودفع الملامة: 123، 124، 133، 135، وغذاء الألباب: 2/241.

(9/4782)


[3466-] قلت: رجل قال لرجل: هذه جارية اشتريتها لك، وقد استبرأتها فخذها إليك؟
قال: لا، حتى يستبرئها هو.
[3467-] قلت: اشتراها له؟
قال: هي ملك للمشتري بعد، لا تكون له حتى يقبضها.
[3468-] راددته فيه، فقال ذلك.
[3469-] قيل: فاشتراها من مال الآخر، وقال: قد استبرأتها لك1؟
قال: إذا كان يصدقه فلا بأس.
[3470-*] قال أحمد: يطعم في كفارة اليمين عشرة مساكين لكل مسكين مدّ برّ، أو مدّين تمر.
__________
1 في الأصل: "اشتريتها ". والتصويب من: (ظ) .
[3470-*] تقدمت مختصرة في الكفارات برقم: (1740) و (1751) ونقل نحوها صالح: 1/134، 254، وابن هاني: 2/74، 77. ونقل الأثرم: أنه يجزئ مدّ من غير البر. كما في الفروع: 5/505

(9/4783)


[3471-] [قلت] 1: أو مدّين شعير؟
قال: ليس في الحديث شعير.2
قال: إذا كان طعامه.
قال: مدين سوى البرّ.3
[3472-* [] قلت: رجل أوصى لأناس سماهم، وأوصى للمساكين، أيُعطى هؤلاء المسمّين؟
قال: لا 4] .5
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 في (ظ) : ليس في الشعير حديث.
3 المذهب إنَّ مقدار الإطعام في الكفارات كلها مُدٌّ من بر، أو نصف صاع، من تمر، أو شعير. وقال في الإيضاح: يجزئ مدّ أيضاً من غير البر كالبر، وذكره المجد رواية، ونقله الأثرم. المغني: 11/94، والفروع: 5/505، والإنصاف: 9/233.
[3472-*] نقل مثلها ابن هانئ: 2/48، وعلي بن سعيد النسوي كما في قواعد ابن رجب: 2/543. ونحوها في مسائل عبد الله: 3/1164، 1165.
4 أي أن هؤلاء المُسَمَّيْن لا يستحقون مع المساكين من نصيبهم شيئاً، ولو كانوا مساكين مثلهم. هذا المذهب كما في الإنصاف: 7/245.
ونقل القاضي الاتفاق على ذلك كما في قواعد ابن رجب: 2/543. قال ابن رجب: مع أن ابن عقيل في فنونه حكى عنه: أنه خرج وجهاً آخر بمشاركتهم إذا كان مسكيناً. وانظر: المغني: 8/538.
5 هذه المسألة انفردت بها نسخة (ظ) .

(9/4784)


[3473-*] قال أحمد في النذر: يقضى عنه، ورمضان يُطعم عنه، إذا فرّط.1
[3474-] قال أحمد: المسافر والمريض بمنزلة واحدة.2
__________
[3473-*] تقدمت هذه المسألة في كتاب الصيام برقم (688) . وروى ما يوافقها كل من: عبد الله: 2/642، وصالح: 2/189، وأبي داود: 96، وابن هانئ: 2/79، وإسحاق بن بهلول الأنباري كما في الطبقات: 1/111، ومثنى بن جامع الأنباري: كما في الطبقات أيضاً: 1/337، وحرب والأثرم كما في شرح العمدة - الصيام -:1/361، 362، والأثرم في القضاء فقط، كما في شرح العمدة: 1/361.
1 ما ذكره الكوسج هنا عن أحمد، هو المذهب في المسألتين، فإنه إذا مات، وعليه صوم نذر، فعله عنه وليه على الصحيح من المذهب. نص عليه وعليه الأصحاب. قاله في الإنصاف: 3/336.
وانظر: المغني: 4/399، والفروع: 3/98.
وإذا مات وعليه قضاء من رمضان قد تمكن من قضائه ولم يقضه فإنه لا يصام عنه، ويطعم عنه لكل يوم مسكيناً هذا المذهب وعليه الأصحاب. كما في الإنصاف: 3/334.
وانظر: المغني: 4/398، والفروع: 3/93.
ورأي إسحاق بن راهويه، موافق لما ذهب إليه الإمام أحمد في هاتين المسألتين، كما في سنن الترمذي: 3/88.
2 لم يبين الإمام أحمد الحكم الذي يكون فيه المريض والمسافر بمنزلة واحدة، ولعله يقصد أنهما بمنزلة واحدة في إباحة الترخص بالفطر، وكراهة الصيام لهما في هذه الحالة.
[] انظر: المغني: 4/403، 406، وشرح العمدة - كتاب الصيام -: 1/207-210، والإنصاف: 3/285.
أو لعله يقصد أنه يلزمهما القضاء إذا أفطرا. وهذا هو منطوق الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} قال ابن قدامة: يلزم القضاء بغير خلاف. المغني: 4/389

(9/4785)


[3475-] قلت: إذا استقر به الدار [عشرة أيام؟
قال: يقدر ذلك.1
[3476-*] قال أحمد: إذا كان مريضاً] 2 أهلّ من الميقات، ثم أُغمي عليه فلم يفق بعرفات حتى أصبح، فلا حج له. وإن أفاق ولو ساعة
__________
1 لم يتبين لي المراد من السؤال ولا جواب الإمام أحمد عليه.
[3476-*] تقدمت هذه المسألة في المناسك برقم: (1702) ، ونقلها: شيخ الإسلام ابن تيمية في المناسك من شرح العمدة: 2/578. وروى نحوها ابن هانئ: 1/165، وصالح: 2/396، وقريباً منها روى عبد الله: 2/799، وحنبل كما في المناسك من شرح العمدة: 2/579.
2 الزيادة من: (ظ) .

(9/4786)


من ليل أو نهار فقد تمّ حجه. يُرمى عنه.1
[3477-*] سألت أحمد عن الرجل يعرض عليه الإسلام عند الموت يقرّ ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أيرثه وارثة الإسلام؟
قال: نعم،2 ومن يقول غير هذا؟!. هؤلاء3 في مذهبهم لا
__________
1 الصحيح من المذهب أنه لا يصح وقوف المغمى عليه، بعرفة لعدم شعوره بها؛ ولأنه ركن من أركان الحج، فلم يصح منه كسائر الأركان. ومن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج بلا نزاع. وقيل يصح - أي وقوف المغمي عليه -. وحكى ابن قدامة أن أحمد توقف في ذلك.
انظر: المغني: 5/275، والفروع: 3/508، 509، وشرح الخرقي للزركشي: 3/239، والإنصاف: 4/29/30.
[3477-*] نقل هذه المسألة الخلال في أحكام أهل الملل: 376، وابن أبي يعلى في الطبقات: 1/115.
ونقل الخلال نحوها عن مهنا، والمروذي ومحمد بن الحكم وفوران والعباس بن أحمد المستملي. انظر: أحكام أهل [] الملل: 374-378.
2 المذهب أن حصول الشهادتين كافٍ في إسلام كل كافر، وكذلك المرتد. ولا يشترط أن يقول مع ذلك وأنا بريء من الدين الذي كنت عليه.
انظر: المغني: 12/288، والفروع: 6/171، وشرح الخرقي للزركشي: 6/265، والإنصاف: 27/141، 146.
3 أي أبو حنيفة وأصحابه فمذهبهم في هذه المسألة: أن الكافر إذا أسلم، لا يكفي منه النطق بالشهادتين، بل لا بد مع ذلك من التبري من دينه السابق.
قال السرخسي في المبسوط: 10/99/ فإن استتيب فتاب خلي سبيله، ولكن توبته أن يأتي بكلمة الشهادة، ويتبرأ من الأديان كلها، سوى الإسلام، أو يتبرأ عما كان انتقل منه. فإن تمام الإسلام من اليهودي التبري من اليهودية، ومن النصراني التبري من النصرانية، ومن المرتد التبري من كل ملة سوى الإسلام.
وانظر: شرح معاني الآثار: 3/215، 216، واللباب للمنبجي: 2/777، وحاشية ابن عابدين: 3/287.
تنبيه: ذكر الموصلي أن أبا حنيفة رجع عن هذا القول. فقال في كتابه: الاختيار لتعليل المختار: ولو قال: أنا مسلم. كان أبو حنيفة يقول: لا يكون مسلماً حتى يتبرأ، ثم رجع وقال: ذلك إسلام منه. الاختيار:4/237.

(9/4787)


ينبغي أن يكون إلاّ هكذا، ولكن العجب. أي لا يوافقون1.
[3478-*] سئل [أحمد] 2 عن رجل لم يطف بالصفا والمروة؟
__________
1 في طبقات الحنابلة "طبعة المئوية": 1/307: "أن لا يوافقوا"، وأشار المحقق إلى أن في نسخة "ب": "يقولون".
[3478-*] تقدم نحو هذه المسألة في المناسك برقم (1718) وفي هذه المسائل برقم (3270، 3271) وليس فيهما أثر عائشة - رضى الله عنها -. وإنما فيهما، التأكيد على السعي، وأنه لا يسقط بالعذر. وتقدم أيضاً ذكر الروايات المخالفة.
2 الزيادة من: (ظ) .

(9/4788)


قال: قالت عائشة رضي الله عنها: "ما تمّ حج1 ولا عمرة إلا بالطواف بينهما".2
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يرخص فيه ويقرأ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ،3 هذا عبد الملك4 بن أبي سليمان، وأما ابن جريج فروى عن عطاء قال: في قراءة [ع-178/ب] ابن مسعود رضي الله عنه.5 وهذا أشبه.
ورأي أحمد على ما قالت عائشة - رضى الله عنها -.6
__________
1 في (ظ) : حجه ولا عمرته.
2 أثر عائشة هذا، جزء من حديث طويل. أخرجه: مسلم حديث رقم " 1277 ": 2/928، وأخرجه البخاري بمعناه: (الصحيح مع الفتح: 3/498، 499) .
3 أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن: 290، والإمام أحمد في الناسخ والمنسوخ كما في المناسك من شرح العمدة: 2/625، والطبري في تفسيره: 2/49، وابن أبي داود في المصاحف 1/388، وغيرهم. انظر: الدر المنثور: 1/386.
4 في الأصل: " عبد الله ". والتصويب من: (ظ) وتفسير الطبري.
5 أخرجه ابن جرير: 2/49، والإمام أحمد في الناسخ والمنسوخ كما في المناسك من شرح العمدة: 2/625، وغيرهم. انظر: الدر المنثور: 1/387.
وعلى كل فهذه قراءة شاذة ولا عبرة بالشواذ إذا خالفت المشهور.
انظر: تفسير الطبري: 2/51، والتمهيد: 2/98، وفتح الباري: 3/499.
6 أي أن السعي ركن في الحج، كما ذهبت إليه عائشة - رضى الله عنها -.

(9/4789)


[3479-] قيل له: يرجع من لم يطف بينهما كمن ترك الزيارة؟
قال: نعم.1
[3480-] سئل: إذا أقرّ بالسرقة مرتين ثم أنكر؟
قال: يترك.2
[3481-*] قال: وإذا أقر أربع مرات بالزنى ثم أنكر، يترك.3 وإذا شهدت الشهود ثم أنكر، لا يترك.4
__________
1 تقدم الكلام على حكم السعي في المسألة رقم (3271) وذكر الروايات في ذلك وبيان الصحيح من المذهب.
[3480-] تقدمت هذه المسألة في الحدود برقم: (2741) .
2 المذهب أن السرقة إذا ثبتت بالإقرار فإنه يشترط إقراره مرتين، وإذا رجع عن الإقرار قبل منه بلا نزاع كحد الزنى. الإنصاف: 10/284، 163.
وانظر: الهداية لأبي الخطاب: 2/105، والمغني: 12/466، والفروع: 6/60.
[3481-*] نقل نحوها: صالح: 3/145، وأبو داود: 304.
3 هذا هو المذهب في الزنى أنه متى رجع عن إقراره أو هرب كف عنه.
انظر: المغني: 12/361، 379، والفروع: 6/60، والإنصاف: 10/164.
4 هذا المذهب بلا نزاع، كما في الإنصاف: 10/163. وقال الزركشي في شرحه على الخرقي: 6/304: وهو كذلك بالإجماع فيما أظن.
وانظر: المغني: 12/372، والفروع: 6/60.

(9/4790)


[3482-] سئل: إذا شهد أربعة بالزنى ثم أقرّ؟
قال: زادهم. أي يُقام عليه الحدّ.1
[3483-*] قلت: إذا ارتد ودخل دار الحرب فقتل أو زنى أو سرق؟
قال: أما أنا فلا يعجبني. أي أن لا يقام عليه ما أصاب هنالك.2
__________
1 قال ابن قدامة: وإذا تمت الشهادة بالزنى فصدقهم المشهود عليه، لم يسقط الحد. المغني: 12/372.
[3483-*] تقدمت هذه المسألة بنحوها في الجهاد برقم: (2757) . ونقلها بنصها الخلال في أحكام أهل الملل: 2/514، وأبو يعلى في الأحكام السلطانية:52، وأبو الخطاب في الانتصار: 2/347، وابن مفلح في الفروع: 6/66، والمرداوي في الإنصاف: 26/231.
ونقل ما يوافقها مهنا كما في أحكام أهل الملل: 2/513، والمصادر الثلاثة الأولى السابقة، والمغني: 12/297.
2 المذهب مؤاخذة المرتد بما فعله حال ردته.
قال القاضي: ما أصاب في ردته من نفس أو مال، أو جرح؛ فعليه ضمانه، سواء كان في منعة وجماعة أو لم يكن، لأنه التزم حكم الإسلام وإقراره به فلم يسقط بجحده. قال: وهو ظاهر كلام أحمد.
المغني: 12/297، 298، 262، وانظر: الفروع: 6/175، والإنصاف: 10/342، والمبدع: 9/185.

(9/4791)


[3484-] قال أحمد: يبدأ بالكفن ثم بالدين ثم يقسم ما بقي.1
[3485-*] قيل: إذا كانت وصية وعتاقة؟
قال: يتحاصون.2
[3486-] قيل: فيبدأ بهؤلاء الذين أوصى لهم حتى3 يشتروا4 النسمة؟
قال: لا، لأنهم يتحاصون.5
__________
1 قال أبو الخطاب في التهذيب 51: أول ما يبدأ به إخراج كفنه ... ثم تقضى ديونه ... ثم تنفذ وصاياه ... ثم يقسم ما بقي. ا.هـ ومثله في الهداية له: 2/162.
وقال ابن قدامة: ويجب كفن الميت من ماله مقدماً على الدين وغيره. وقال في الشرح: من الوصية والميراث.
قال المرداوي هذا المذهب المقطوع به عند أكثر الأصحاب واختاروه. وقيل لا يقدم على دين الرهن وأرش الجناية ونحوهما. المقنع مع الإنصاف مع الشرح الكبير: 6/114. وانظر: الفروع: 2/222.
[3485-*] تقدمت هذه المسألة عن الإمامين في كتاب الوصايا رقم (3076) . ونقل ما يوافقها أبو داود: 290، وأبو طالب كما في الروايتين:2/23.
2 تحاص القوم يتحاصون إذا اقتسموا حصصاً. الصحاح للجوهري: 3/1033
3 في الأصل: "حين". والمثبت من: (ظ) .
4 في الأصل: "يشترون". والمثبت من: (ظ) .
5 المذهب أنه إذا كان في الوصايا عتق، وضاق الثلث على الجميع، فإنه يقسم بين جميع الوصايا. العتق وغيره، ويدخل النقص على كل واحد بقدر ماله من الوصية، وعنه يقدم العتق ولو استوعب الثلث.
انظر: الروايتين: 2/23، والمغني 8/577، والفروع: 4/673، وشرح الزركشي: 4/424، والإنصاف: 7/195.
[3487-*] نقل هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة "المناسك": 2/578

(9/4792)


[3487-*] قلت: إذا عقل1 عند الميقات فأهل ثم أفاق بعرفة ساعة إلى أن يطلع الفجر؟
قال: قد أجزأ عنه [ظ-110/ب] .2
[3488-*] سألت أحمد عن حلق القفا؟
__________
1 في الأصل: "غفل".
2 هذه الرواية تدل على أنه يجزئه الوقوف بعرفة في أية ساعة كان من يوم عرفة وليلتها إلى طلوع فجر يوم النحر. وهذا المذهب. وعنه لا يجزئه إلى بعد الزوال. وهو قول ابن بطة وأبي حفص العكبريين. واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
انظر: التمام لكتاب الروايتين: 1/317، 318، والمغني: 5/274، وشرح العمدة "المناسك": 2/578، 579، والفروع: 3/508، والإنصاف: 4/29.
[3488-*] نقل هذه المسألة الخلال في كتاب الترجل: 103، وعنه شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم: 1/179، 180. ونقل عنه نحوها: المرُّوذي في الورع: 178، وحنبل، ومثنى الأنباري كما في الترجل للخلال: 103، 104، وفي المغني: 1/125 ذكر رواية المرُّوذي فقط وفي اقتضاء الصراط: 1/178، 179 ذكر روايتي المرُّوذي ومثنى

(9/4793)


قال: لا أعلم فيه حديثاً، إلا ما يروى عن إبراهيم1 أنه كره قرد ابرقوش2.
[3489-*] قلت: امرأة أسلمت ولها أولاد؟
__________
1 هو النخعي.
2 في (ظ) : كرد ابركوش. " بالكاف " بدل " القاف " وهذه الكلمة فارسية بمعنى حلق القفا كما يفهم من السياق. وقد جاء في كتاب: " الألفاظ الفارسية المعربة " ص: 124 القرْد: العُنُق ... والكرد: لغة فيه.
وحلق القفا كرهه الإمام أحمد، إلا وقت الحجامة، فلا بأس به عنده، وكان يفعله، وقد روى عنه غير واحد من أصحابه أنه من فعل المجوس كما في الترجل: 103، 104.
قال ابن قدامة: ويكره حلق القفا لمن لم يحلق رأسه ولم يحتج إليه. المغني: 1/125. ومثله ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الطهارة من شرح العمدة: 213.
وانظر: الورع للمرّوذي: 178، والغنية لعبد القادر الجيلاني: 16، والفروع: 1/132، والإنصاف: 1/272.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: 6/79: روينا عن مالك أنه قال: أول من حلق قفاه دراقس النصراني. ا.هـ والله أعلم.
[3489-*] نقل هذه المسألة الخلال في أحكام أهل الملل: 107.
[] ونقل ما يوافقها في قضية الإجبار عدد من أصحابه. كما في أحكام أهل الملل: 101-105.
ونقل ما يوافقها في تحديد السن: مهنا وأبو طالب، كما في المصدر السابق: 106، 107.
ونقل ما يخالفها في تحديد السن وأنه سبع سنين: عبد الله: 1/188، وابن هانيء: 1/218، وصالح - وليست في [] المطبوع - والميموني، وأبو الحارث كما في أحكام أهل الملل: 108-110.

(9/4794)


قال: إذا كانوا صغاراً أجبروا على الإسلام، وإذا كانوا كباراً لم يجبروا.
[3490-] قلت: ما حد ذلك؟
قال: ابن عشر.1
__________
1 المذهب صحة إسلام الصبي إذا عقل الإسلام وفهم معناه وأنه إذا رجع وقال: لم أدر ما قلت. لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الإسلام. وروي عن أحمد أنه يقبل منه ولا يجبر على الإسلام.
وهل يحد ذلك بسن؟ فيه ثلاث روايات:
الأولى: عشر. وهو الذي اعتمده الخرقي. واختاره القاضي.
الثانية: سبع.
الثالثة: لا حد لذلك. حكاه ابن المنذر عن أحمد. ومال إليه ابن قدامة، وشهره ابن القيم.
[] انظر: الإشراف لابن المنذر: 3/158، والمغني: 12/178-281 و 13/112، وأحكام أهل الذمة 2/503، وشرح الزركشي: 6/250، 253، 255، والقواعد والفوائد الأصولية: 29، والمبدع: 9/175، 176، [] [] [] والإنصاف: 27/ 123-127.

(9/4795)


[3491-*] قال أحمد: قال عبد الرحمن بن مهدي: من قال إنّ الله عز وجل لم يكلم موسى عليه السلام يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.1
[3492-] قال أحمد: إذا [اشترى] 2 الرجل عبداً لرجل في أيدي العدو فمولاه يأخذه بالثمن الذي أعطاه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالعضباء3.4
__________
[3491-*] نقل هذه المسألة ابن بطة في الإبانة - الرد على الجهمية -: 2/319، 320.
ونقل مثلها أبو داود في مسائله: 353، وعبد الله كما في السنة: 1/119، والعلل: 3/181 له، وصالح كما في سيرة أبيه: 66.
1 أثر عبد الرحمن بن مهدي هذا. تخريجه في المصادر المتقدمة في توثيق الرواية.
وأخرجه أيضاً: البخاري في خلق أفعال العباد: 17، وأبو بكر النجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق: 31، والآجري في الشريعة: 300، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة: 2/316، 347، والبيهقي في الأسماء والصفات: 1/386.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 تقدم تخريج حديث العضباء في المسألة رقم: (3269) .
4 إذا اشترى رجل مال مسلم من العدو، فليس لصاحبه أخذه إلا بثمنه.
هذا هو المذهب المشهور. كما في المحرر: 2/174، والمغني: 13/120، والإنصاف: 4/157، 158.

(9/4796)


[3493-] قال أحمد: [و] 1 قال مالك [بن] 2 أنس: وإن كافأه بشيء، فيعطيه مولاه بقدر ما كافأه،3 وإذا قسم فقد ذهب.4
[3494-*] قال أحمد: يدع قوت يوم ثم يكفر - يعني في اليمين.5
[3495-*] سئل أحمد عن رجل وطئ أمته وأمها؟
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 انظر رأي مالك في المدونة: 2/16.
4 تقدم الكلام على مسألة مال المسلم الذي أصابه العدو، ثم غنمه المسلمون، قسم، أو لم يقسم في المسألة رقم (3267، 3268، 3269) .
[3494-*] روى نحوها ابنه صالح في مسائله: 3/216، 231، وعبد الله كما في الروايتين: 3/53، وابن هانيء: 2/74، 78.
5 أي يكفر بالمال إذا فضل عن قوته وقوت عياله يومه وليلته، قدراً يكفر به. وإن لم يفضل انتقل إلى التكفير بالصيام.
انظر: المغني: 13/533، 534، وشرح الزركشي: 7/148، والإنصاف: 11/41، والإشراف لابن المنذر: 2/258.
[3495-*] تقدمت هذه المسألة في كتاب النكاح برقم (1329) وفيها زيادة: قال إسحاق: ما أحسن ما قال في الجماع يحرم.
وروى نحوها عبد الله: 3/1061، 1079

(9/4797)


قال: حرمتا عليه جميعاً، وإن شاء استخدمهما.1
[3496-*] قال أحمد: يتزوج العبد الأمة على الحرة،2 ولا يتزوج الحر الأمة على الحرة،3 ومن الناس من يقول لا يتزوج الحر من
__________
1 أي يبقيهما على ملكه، ولا يطأهما. لأن وطء الأمة، يحرّم نكاح ابنتها وأمها.
أشار إلى ذلك ابن قدامة في المغني: 9/542.
[3496-*] تقدم الشق الأول من هذه المسألة في النكاح برقم: (893) .
وأشار إليه أبو يعلى في الروايتين: 2/101. وروى ما يخالفه: حرب، كما في الروايتين: 2/102.
وروى نحو الشق الثاني أبو داود: 227، وصالح: 1/404.
وروى حرب نحو الشق الثالث كما في الروايتين: 2/102، وشرح الزركشي: 5/193.
وذكر ابن قدامة في المغني: 9/559 رواية تخالف الشق الثالث وهي قوله: إذا خشي العنت تزوج أربعاً، إذا لم يصبر كيف يصنع؟
2 هذه إحدى الروايتين. قال المرداوي: وهو المذهب.
والرواية الثانية: لا يتزوجها.
انظر: المغني: 9/561، والفروع: 5/209، والإنصاف: 8/146.
3 إذا تزوج حرةً، فلم تُعِفُّه، ففي جواز نكاح أمة عليها: روايتان كما قال المرداوي:
إحداهما: يجوز له ذلك إذا كان الشرطان قائمين - وهما خوف العنت، وعدم وجود طول حرة - وهو الصحيح من المذهب.
والرواية الثانية: لا يصح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تحرر لأصحابنا في تزويج الأمة على الحرة ثلاث طرق:
أحدها: المنع. رواية واحدة. قال: وهذه الطريق هي عندي مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وعليها يدل كلامه.
الطريق الثاني: إذا لم تعفه. فيه روايتان، وهي طريقة أبي الخطاب ومن حذا حذوه.
الطريق الثالث: في الجمع روايتان. كما ذكر المجد.
انظر: المغني: 9/560، 561، والفروع: 5/209، والإنصاف: 8/143، 144.

(9/4798)


الإماء إلا واحدة. أراه [ع-179/أ] ابن عباس - رضي الله عنهما - يقوله.1
[3497-] قلت: [هو] 2 مثل المضطر؟
قال: نعم.3
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة: 4/147، والبيهقي: 7/175 باللفظ الذي ذكره الإمام أحمد. وذكره ابن المنذر في الاشراف: 121.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 إذا تزوج الحر أمة تعفه، فالصحيح من المذهب: جواز نكاح ثانية، ثم ثالثة، ثم رابعة. وعليه أكثر الأصحاب. وقطع به الخرقي. قال الزركشي: هذا أنص الروايتين عن الإمام أحمد. وعنه لا يجوز له ذلك. واختاره أبو بكر.
انظر: المغني: 9/559، 560، والفروع: 5/208، وشرح الزركشي: 5/193، والإنصاف: 8/144، 145.

(9/4799)


[3498-] قلت: القارن إذا لم يذبح ولم يصم؟
قال: لا بد، هو مثل المتمتع.1
[3499-] حدثنا إسحاق ثنا أحمد ثنا هشيم2 أنا أبو بشر3 عن سليمان اليشكري4 عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال: لو أهللت بالحج والعمرة جميعاً طفت لهما طوافاً واحداً، ولكنت مهدياً.5
[3500-] [قال أبو يعقوب6:لم يسمع أبو بشر من سليمان شيء7] 8.
__________
1 أي يجب على القارن دم، فإن لم يجد صام، كالمتمتع سواء. هذا هو المذهب.
انظر: المغني: 5/350، والفروع: 3/315، 325، وشرح الزركشي: 3/295، 296، والمقنع مع الشرح الكبير مع الإنصاف: 8/168، 180، 183، 389.
2 هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي الواسطي. أبو معاوية. ثقة ما ت سنة 183هـ. تقريب: 1023.
3 جعفر بن إياس. أبو بشر بن أبي وَحْشِيَّة. ثقة. مات سنة 125هـ. تقريب 198.
4 سليمان بن قيس اليشكري. ثقة. مات قديماً في فتنة ابن الزبير. تقريب 412.
5 لم أجده. وجابر رضي الله عنه أحد رواة حديث القِران وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف طوافاً واحداً لحجه وعمرته. انظر: صحيح مسلم:2/883، وسنن ابن ماجه: 2/990.
6 هو إسحاق الكوسج.
7 وقال ذلك البخاري أيضاً. نقله عنه الترمذي في جامعه: 3/595.
8 الزيادة من: (ظ) .

(9/4800)


[3501-*] قال أحمد: ويروى عن أبي معشر1 في حديث الصُّبَيّ2 أن عمر رضي الله عنه قال له: "اذبح تيساً3".4
ومن الناس من يقول: لا يكون قرانٌ إلا بسوق،5 مجراه مجرى
__________
[3501-*] أشار إلى هذا النص ابن مفلح في الفروع: 3/315، والمرداوي في الإنصاف: 8/169.
1 زياد بن كليب الحنظلي الكوفي. روى عن إبراهيم النخعي والشعبي، وروى عنه سعيد بن أبي عروبة وسعيد بن صالح الأسدي. ثقة. مات سنة 119هـ أو 120هـ.
[] تهذيب الكمال: 9/504-506، تقريب: 348.
2 الصُبَيّ - بالتصغير - ابن معبد التغلبي. ثقة مخضرم. نزل الكوفة. روى عن عمر رضي الله عنه في الجمع بين الحج والعمرة وفيه قصة.
انظر: تهذيب الكمال: 13/113، 114، وتقريب: 450.
3 هكذا في النسختين: "تيساً" وهو كذلك في الفروع والإنصاف. وفي مصدر التخريج: "كبشاً".
4 أخرجه ابن أبي شيبة بسنده إلى أبي معشر عن إبراهيم: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر الصبيّ بن معبد حيث - أو حين - قرن أن يذبح كبشاً". المصنف: 4:1/248.
قال في الفروع 3/315: وهو منقطع ضعيف.
5 يشير الإمام أحمد إلى رأي إسحاق بن راهويه في المسألة فقد روى عنه الكوسج في المناسك في المسألة رقم (1605) قوله: لا يجوز القران إلا بسوق.
وفي المسألة رقم (1578) قوله: كرهه - أي القران - إلا بسوق. فإذا لم يسق تمتع ولا يقرن. وفي المسألة رقم: (1639) قوله: لا يجزيه إلا الهدي يسوقه، فإن لم يفعل فهو متمتع، حكمه كحكم المتمتع.
وكذا حكى عنه هذا القول محمد بن نصر المروزي في اختلاف الفقهاء: 394.

(9/4801)


المتمتع.1
[3502-] سئل أحمد عن رجل قدم ومعه الهدي، فوقف بعرفة، فلما كان بالمزدلفة قام عليه فلم ينبعث؟ 2
قال: كل هدي دخل الحرم فقد أجزأ عن صاحبه.
[3503-] قلت: ما العاقلة؟
قال: العشيرة: [ابن العم] 3 وبنو العم، وما كان من قبل الأب.
[3504-*] قلت: من قبل الأم لا يكونون؟
__________
1 أي أن القارن مثل المتمتع يهدي ولو لم يسقه معه.
2 بعث البعير فانبعث: حل عقاله فأرسله، أو كان باركاً فهاجه.
انظر: اللسان: 2/117.
[3503-] تقدمت هذه المسألة بنحوها في الحدود والديات برقم (2408) .
3 الزيادة من: (ظ) .
[3504-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها في الحدود برقم (2408) ونقل ما يوافقها صالح: 1/331، وحرب كما في الروايتين والوجهين: 2/287، والفروع: 6/39.

(9/4802)


قال: لا،1 وإذا [لم] 2 يكن له عاقلة فليس عليه شيء.3
[3505-*] قال أحمد: إذا كان هدي المتمتع أو القارن يدخل الحرم فلا ينحره إلا يوم النحر4 إذا بقي بالمزدلفة أو بمكة، لأن مكة
__________
1 المذهب أنّ عاقلة الجاني هم: ذكور عصبته قريبهم وبعيدهم نسباً وولاءً حتى عمودي نسبه الآباء والأبناء. وعنه العاقلة: هم العصبة إلا عمودي النسب، وعنه الجميع عاقلته إلا أبناءه إذا كان امرأة. قال في المحرر: وهي أصح. وقال الزركشي: وعليها يقوم الدليل. ا. هـ وهناك روايات أخر.
انظر: الروايتين: 2/287، والمحرر 2/148، والمغني: 12/39، 40، والفروع: 5/39، وشرح الزركشي: 6/132، والإنصاف: 10/119، 120.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 من لا عاقلة له -وهو مسلم- فالدية من بيت المال، فإن لم يكن، فلا شيء عليه. هذا المذهب.
ويحتمل أن تجب في مال القاتل. واختاره ابن قدامة.
[] انظر: المقنع مع الإنصاف والشرح: 26/63-66، والفروع: 5/40، وشرح الزركشي: 6/137.
[3505-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها في المناسك برقم (1577) . وذكر تلك الرواية المتقدمة، شيخ الإسلام في شرح العمدة " المناسك ": 2/331.
وأشار إليها ابن مفلح في الفروع: 3/319.
4 هذا هو المذهب المعروف المنصوص.
انظر: شرح العمدة " المناسك ": 2/331، والفروع: 3/318، والإنصاف: 3/445.

(9/4803)


كلها منحر، وإذا كان نذراً أو جزاء صيد فدخل الحرم فلينحره إذا شاء.
[3506-*] سألت أحمد [عن] 1 الحر يتزوج الأمة على الحرة؟
قال: لا،2 وإن اجتمعتا عنده فيقسم للحرة يومين [وللأمة يوماً] 3؛4 كما قال علي عليه السلام.5
__________
[3506-*] تقدم مختصر لهذه المسألة ضمن المسألة رقم: (3496) . وتقدم الشق الثاني منها في باب النكاح ضمن المسألة: (893) ، ونقله بكر بن محمد وحرب وأبو طالب كما في الروايتين:2/103. ونقل ما يوافقها صالح: 1/404، 405.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 تقدم حكم هذه المسألة ضمن الكلام على المسألة: (3496) وأن الصحيح جواز ذلك.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 قال في الإنصاف 8/365: بلا نزاع.
وانظر: المغني: 10/246، والفروع: 5/230، وشرح الزركشي: 5/344، والمبدع: 7/216.
5 أخرجه عبد الرزاق: 7/265، وابن أبي شيبة: 4/150، وسعيد بن منصور: 1/195، 197، والدارقطني: 3/285، والبيهقي: 7/175.
ولفظ ابن أبي شيبة: "إذا تزوج الحرة على الأمة قسم لهذه يوماً ولهذه يومين ".
وذكره ابن حزم في المحلى: 11/282 وضعفه بابن أبي ليلى والمنهال.
وقال الألباني في الإرواء: 7/86: ضعيف.

(9/4804)


[3507-*] قلت: ويتزوج الموسر الأمة؟
قال: ابن عباس - رضي الله عنهما - يشدد فيه.1
__________
[3507-*] نقل نحوها أبو داود: 227، وصالح: 1/404، 405.
1 يشير الإمام أحمد إلى ما أخرجه البيهقي بسنده إلى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} يقول: " من لم يكن له سعة أن ينكح الحرائر، فلينكح من إماء المسلمين، وذلك لمن خشي العنت، وهو الفجور، فليس لأحد من الأحرار أن ينكح أمة، إلا أن لا يقدر على الحرة، وهو يخشى العنت ". سنن البيهقي: 7/173.
وأخرج ابن أبي شيبة: 4/146، وسعيد بن منصور: 4/1231 وابن جرير: 8/205 عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: " ما تزحَّف ناكح الإماء عن الزنا إلا قليلاً، وفيه رجل مجهول.
وأخرج عبد الرزاق: 7/264 عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: " إذا ملك الرجل ثلاثمائة درهم، وجب عليه الحج، وحرم عليه الإماء ".
والمذهب أنه لا يباح للحر المسلم، نكاح الأمة المسلمة، إلا بوجود شرطين:
الأول: أن لا يجد طول حرة.
والثاني: أن يخاف العنت.
انظر: المغني: 9/555، والفروع: 5/207، وشرح الزركشي: 5/189، والإنصاف: 8/139

(9/4805)


[3508-*] قلت: العبد يتزوج الأمة على الحرة؟
قال: نعم، هو مباح له، وليس هو مثل الحر في هذا.1
[3509-*] قال أحمد: يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده.2
__________
[3508-*] تقدمت هذه المسألة ضمن المسألة رقم: (3496) . وانظر توثيقها هناك.
1 تقدم حكم هذه المسألة وبيان المذهب فيها عند الكلام على المسألة رقم: (3496) .
[3509-*] نقل هذه المسألة ابن عبد البر في التمهيد: 7/83، و: 9/179، مستدلاً بها في غير موضعها.
وقد تعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: 22/588، 589 ونقل المسألة أيضاً أبو يعلى مختصرة كما في الروايتين: 1/191.ونقل ما يوافقها: صالح: 1/269. ونقل ما يخالفها كل من: عبد الله: 2/432، 433، وصالح: 3/55، وأبي داود: 61، والأثرم كما في الروايتين: 1/191، والمغني: 3/291.
2 أخرجه ابن المنذر في الأوسط: 4/305 بسنده إلى نافع مولى ابن عمر أن ابن عمر كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر.
وأخرجه الطبراني في الكبير: 12/268 وزاد: "دبر الصلاة"، وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 6/223 وفيه: "إذا لم يصل في الجماعة" بدل: "إذا صلى وحده".
وانظر: المغني: 3/291، وفتح الباري لابن رجب: 9/27.

(9/4806)


قال: وكان قتادة يكبر،1 وأحب إليّ2 أن يكبر، وأما التطوع فلا.3
قال أبو محمد4: التكبير أيام التشريق.5
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة: 2/186 قال حدثنا ابن مهدي عن همام قال: رأيت قتادة صلى وحده أيام التشريق فكبر. وذكره عنه ابن المنذر في الأوسط: 4/306.
2 في الأصل: "إليه". والتصويب من: (ظ) .
3 التكبير أيام التشريق محله عقب الصلوات المفروضات، في جماعة بالإجماع الثابت بنقل الخلف عن السلف، لا النوافل وإن صليت في جماعة. وأما إذا صلى الفريضة وحده فعن أحمد روايتان في التكبير عقبها:
الأولى: لا يكبر. وهذا هو المشهور. وعليه عامة الأصحاب.
والثانية: يكبر. وهي اختيار الخرقي. وإليه ذهب إسحاق بن راهويه.
انظر: المغني: 3/291، والفروع: 2/148، وشرح الزركشي: 2/238، والإنصاف: 2/436، واختلاف العلماء للمروزي: 174.
4 هو: عبد الله بن العباس الطيالسي. من تلاميذ إسحاق بن منصور ويروي مباشرة عن الإمام أحمد فهو من تلاميذه أيضاً. وثقه الخطيب، وقال الدارقطني: لا بأس به. توفي سنة 308هـ.
انظر: تاريخ بغداد: 10/36، وطبقات الحنابلة: 1/189.
والطيالسي هذا يرد له ذكر في مواضع متفرقة من هذه المسائل موضحاً ومعقباً.
5 أي أن الكلام الذي تقدم في المسألة هو عن التكبير أيام التشريق، لا التكبير داخل الصلاة.
وهذا تنبيه مهم خصوصاً إذا علمنا أن المسألتين متشابهتان وفي كلتيهما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان لا يكبر.
وقد اشتبه هذا على ابن عبد البر رحمه الله كما سبقت الإشارة إليه في توثيق المسألة السابقة وإلى تعقب شيخ الإسلام ابن تيمية له

(9/4807)


[3510-*] قال أحمد: الدقيق بالبر لا يستقيم وإن كان وزناً، لأن أصله كيل،1 فإذا كلته زاد الدقيق على البر.2
__________
[3510-*] نقل هذه المسألة أبو يعلى في الروايتين: 1/320. وأشار إليها ابن مفلح في الفروع: 4/157.
ونقل ما يوافقها ابن هانيء: 2/17، وأبو الحارث ويعقوب بن بختان كما في الروايتين: 1/320.
ونقل ما يخالفها الكوسج نفسه في البيوع برقم (2077) وبرقم (2178) وحنبل كما في الروايتين: 1/321.
1 هكذا في النسختين: " كيل " بالتنكير. وهي كذا في الفروع: 4/157. ووردت في الروايتين: 1/320، والإنصاف: 5/25: " الكيل " بالتعريف.
2 لا يجوز بيع حب، بدقيق كيلاً ولا وزناً في أصح الروايتين. قال المرداوي وهي المذهب. وعليه الأصحاب.
والرواية الثانية: يجوز وزناً، ولا يجوز كيلاً. اختارها في الفائق. قال ابن مفلح: وعلل أحمد المنع بأن أصله كيل.
انظر: الروايتين: 1/321، والفروع: 4/157، والإنصاف: 5/25

(9/4808)


[3511-*] سئل أحمد: يصلي الرجل متزراً؟
قال: في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء"1.
قال: لا يصلي.2
__________
[3511-*] روى نحوها حنبل، وحمدان بن علي، كما في فتح الباري لابن رجب: 2/367، 362.
1 أخرجه: البخاري (الصحيح مع الفتح: 1/471) ، ومسلم: حديث رقم (516) وغيرهما.
2 لا تختلف الرواية أن ستر المنكبين في الصلاة المفروضة واجب، واختلفت هل هو شرط؟ على روايتين:
الأولى: أنه شرط. فلا تصح الصلاة مع تجريد المنكبين. قال ابن قدامة وابن مفلح: هذا ظاهر المذهب. وقال المرداوي: هو الصحيح من المذهب.
والثانية: ليس بشرط.
قال الزركشي: وخرّج القاضي ومن وافقه: صحة الصلاة مع كشف المنكبين، وأبى ذلك الشيخان - يقصد ابن قدامة وشيخ الإسلام -.
انظر: التمام: 1/209، والمغني: 2/289، 290، وشرح العمدة " كتاب الصلاة ": 317، والفروع: 1/330، وشرح الزركشي: 1/614، والإنصاف: 1/454، 455

(9/4809)


[3512-*] سألت أحمد عن [أخذ] 1 الشوك والحشيش من المقابر؟
قال: لا أدري، إلا أن طاوساً كره أن يستقى من البئر التي في المقابر2.3
[3513-*] قلت: إذا قدم معتمراً في العشر ومعه الهدي؟
قال: يقيم على إحرامه، فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج، فإذا رجع يوم النحر طاف وسعى بين الصفا والمروة.4
__________
[3512-*] تقدم هذا السؤال نفسه لإسحاق بن راهويه برقم: (3400) .
ونقل نحو هذه المسألة عن أحمد: المرّوذي كما في الورع: 81، 82.
1 زيادة يقتضيها السياق. يؤيد ذلك ما تقدم في المسألة (3400) .
2 أخرجه ابن أبي شيبة: 3/396.
3 قال في الفروع 6/302: وكره ماء بئر بين القبور وسواكها وبقلها. قال ابن عقيل: كما سمد بنجس. ا.هـ
وانظر: المبدع: 9/204.
[3513-*] نقل نحوها كل من: أبي داود: 179، وصالح: 3/76، 85، وابن هانيء: 1/147، وحنبل كما في الروايتين: 1/306. ونقل ما يخالفها: كل من أبي طالب وحرب ويوسف بن موسى كما في الروايتين: 1/306.
4 إذا ساق المتمتع هدياً، ففيه ثلاث روايات في المذهب:
الأولى: أنه لا ينحر هديه، ولا يحل من إحرامه إلى يوم النحر، سواء قدم في العشر أو قبلها. وهذه هي الرواية المشهورة. وهي المذهب كما قال المرداوي.
الثانية: أنه يحل بالتقصير من شعر رأسه فقط، دون سائر المحظورات. كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثالثة: أنه إن قدم في العشر لم ينحر، ولم يحل، وإن قدم قبل العشر، نحر وحل إن شاء.
[] انظر: الروايتين: 1/305، 306، وشرح العمدة " المناسك ": 2/468-472، والفروع: 3/506، والإنصاف: 3/447، 448 و 4/23

(9/4810)


[3514-] قلت: يجزئه من طواف الزيارة؟
قال: لا يجزئه1 من طواف الزيارة.
[3515-] قال أحمد: قال عطاء: إذا قدم في العشر لم ينحر هديه إلى يوم النحر، وإذا قدم قبل العشر فلينحر هديه.2
وقال الحسن وإبراهيم: إن كان قبل العشر وبعد العشر ينحر هديه، ولم يحل إلى يوم النحر.3
__________
1 في (ظ) : "لا. يطوف ". بدل: " لا يجزئه من " والمعنى واحد.
2 لم أجده مسنداً، وذكره عنه ابن عبد البر في التمهيد: 8/352، وابن مفلح في الفروع: 3/319.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف القسم الأول من الجزء الرابع: 4/296 عنه أنه قال: كل هدي دخل الحرم، فقد وفى عن صاحبه، إلا هدي المتعة، فإنه لا بد له من نَسِيكةٍ يحل بها يوم النحر.
3 لم أجده. وإبراهيم هو النخعي

(9/4811)


[3516-] قال الإمام أحمد – رضي الله عنه -: ابتلي أهل خراسان بأبي حنيفة1.
فذكرت له قول علي عليه السلام: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع".2
[3517-] قال: الأعمش لم يسمعه من سعد.3
__________
1 إنما قال الإمام أحمد هذا الكلام؛ لأن أهل خراسان في ذلك الوقت، كانوا أهل سنة وأثر، وأبو حنيفة اشتهر عنه التوسع في الرأي وإعمال العقل، فصار الابتلاء من هذه الناحية. والله أعلم.
2 أخرجه عبد الرزاق: 3/167، 301 وقال: قال معمر: يعني بالتشريق يوم الفطر، والأضحى الخروج إلى الجبَّانة. قال ابن حجر في الدراية:1/214: إسناده صحيح! وأخرجه ابن أبي شيبة: 2/101، وزاد في وسطه: "ولا صلاة فطر، ولا أضحى"، وزاد في آخره: "أو مدينة عظيمة".
قال ابن حجر في الدراية: إسناده ضعيف.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط 4/294 كلهم من رواية الحارث عن علي. وأخرجه ابن المنذر في الأوسط: 4/27، والطحاوي في مشكل الآثار: 2/45، والبيهقي في السنن: 3/179 من رواية زبيد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي. وأخرجه ابن أبي شيبة: 2/101 من رواية الأعمش عن سعد به.
3 سعد بن عبيدة السلمي. أبو حمزة الكوفي. ثقة. التقريب: 370.
وكلام أحمد في عدم سماع الأعمش من سعد نقله ابن المنذر في الأوسط: 4/31 وقد سأله الكوسج في كتاب الصلاة المسألة رقم (514) قال: قلت: لا جمعة، ولا تشريق، إلا في مصر جامع. قال: هذا لا شيء، ونقله المروزي في اختلاف الفقهاء: 171.
وقال الدارقطني في العلل: 4/165، 166 عن أثر علي: يرويه الأعمش، وأختلف عنه، فرواه أصحاب الأعمش، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن عن علي. وخالفهم فضيل بن عياض، وأبو حمزة السكري، فروياه عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن سعد بن عبيدة. قال: ويشبه أن يكون القول قولهما لأنهما زادا وهما ثقتان

(9/4812)


[3518-] وقال: كتب عمر رضي الله عنه: "أن جمعوا حيث ما كنتم".1
وأول جمعة جمعت بالمدينة جمّع [ع-179/ب] بهم مصعب بن عمير رضي الله عنه فذبح لهم شاة فكفتهم، كانوا أربعين.2
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة: 2/101، وابن المنذر في الأوسط: 4/32 عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي رافع، أن أبا هريرة رضي الله عنه كتب إلى عمر بن الخطاب وهو بالبحرين يسأله عن الجمعة، فكتب إليه عمر: "أن جمعوا حيث ما كنتم".
قال في المغني 3/209: قال أحمد: إسناد جيد. وقال ابن حجر: وصححه ابن خزيمة. الفتح: 2/380. ولم أجده في مظانه من صحيح ابن خزيمة.
2 روى هذا الكلام أيضاً عن أحمد: الأثرم كما في شرح الزركشي: 2/194، وابن هانيء: 1/88، ولم يُسَمِّ مصعباً، وأبو داود: 83 ولم يذكر الأولية ولا الشاة، وأبو طالب كما في فتح الباري لابن رجب: 2/331، وروى عبد الله: 2/402 عن أحمد ما يخالف هذا وأن الذي جمع بهم أسعد بن زرارة.
وقد أخرج قصة تجميع مصعب: عبد الرزاق: 3/160، وأبو داود في المراسيل: 53، والطبراني في الأوائل: 56، والمعجم الكبير: 17/267، والبيهقي: 3/179.
وأما قصة تجميع أسعد بن زرارة فهي مشهورة أخرجها ابن سعد: 1/220، وعبد الرزاق: 3/159، وأبو داود: 1/645، والدارقطني: 2/5، وابن المنذر في الأوسط: 4/30، والحاكم: 1/381، والبيهقي: 3/176.
قال ابن رجب بعد سياقه لقصة تجميع أسعد بن زرارة من مصنف عبد الرزاق: "فوقع في كلام الإمام أحمد: أن هذه هي الجمعة التي جمَّعها مصعب بن عمير وهي التي ذكرها كعب بن مالك في حديثه: أنهم كانوا أربعين رجلاً. وفي هذا نظر". الفتح: 2/334. وانظر: شرح الزركشي: 2/194/195

(9/4813)


فليس ثم أحكام تجري لكن أهل الشام.1
[3519-] قال أحمد: يقال: أقل ما يكون سبعة نفر.2
__________
1 هكذا العبارة. ولعل هناك سقطاً.
2 حكي هذا القول عن عكرمة.
قال ابن المنذر: ورأيت في حكايات الميموني عن أحمد أنه قال: كان عكرمة يقول: إذا كانوا سبعة جمعوا. قال: ورأيته كأنه يعجبه. الأوسط: 4/29.
وهذا القول هو إحدى الروايات، عن الإمام أحمد في العدد المشترط لصحة الجمعة وانعقادها. وعنه: أنها تنعقد بثلاثة. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. وعنه: بثلاثة رابعهم الإمام. وعنه: بثلاثة من أهل القرى وبأربعين من أهل الأمصار. وعنه: بخمسة. وعنه: بأربعين. وهذا هو المشهور في المذهب. وعنه بخمسين.
[] انظر: الروايتين: 1/182، والمغني: 3/204، وشرح الزركشي: 2/193-195، والفروع: 2/99، [] [] [] والإنصاف: 2/378، والطريق الوسط في بيان عدد الجمعة المشترط: 314-326 للشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب.

(9/4814)


[3520-] قلت: أليس ترى في قرى مروٍ لو جمعوا؟
قال: نعم.1
[3521-] قلت لإسحاق: كيف يوقف الرجل ماله للمساكين؟ وهل يجوز له أن يستثني لنفسه؟
قال: كلما أحب أن يوقف أمواله من الأرضين والدور وقفاً في صحته وحياته؛ لكي لا يورث أبداً، ولا يكون لأحد سبيل،
__________
1 روى عنه جواز التجميع في القرى: أبو داود: 84، وعبد الله: 2/415، وابن القاسم كما في الأحكام السلطانية: 100.
قال القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية: ولا تجوز إقامتها إلا في وطن يجمع المنازل يسكنه من تنعقد بهم الجمعة لا يظعنون عنه شتاءَ ولا صيفاً؛ إلا ظعن حاجة. سواء كان مصراً أو قرية. وقال ابن قدامة: ولا يشترط للجمعة المصر. قال المرداوي: لا تجب على غير مستوطن، ولا على مستوطن بغير بناء؛ كبيوت الشعر، والخَرَاكِي، والخيام ونحوها. قال: وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدم الأزجي صحتها ووجوبها على المستوطنين بعمود أو خيام. واختاره الشيخ تقي الدين. قال في الفروع: وهو مستحب.
انظر: الأحكام السلطانية: 100، والمغني: 3/208، والفروع: 2/88، 89، وشرح الزركشي: 2/199، 200، والإنصاف: 2/365.

(9/4815)


فإن السنة مضت بأن يوقفها ويقول: تصدقت بأرضي التي في كورة1 كذا، في قرية كذا، ويحدها ويسميها ويقول: جعلت هذه الأرضين صدقة بَتّاً بَتّاً،2 لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، يُصَّدَّق3 بها على الفقراء والمساكين وابن السبيل، فإن أحب أن يجعلها على القرابة سماهم، وإن جعل لغير القرابة [ظ-111/أ] نصيباً سماهم [أيضاً] 4، وإن أحب أن تكون يده مع أيديهم ما عاش، اشترط ذلك في وقفه، وإن أحب أن يكتب إن بدا [له] 5 أن يرجع فيها رجع فليكتب ذلك ويشترط، إلا أنه [لا] 6 يجوز ثنياه إذا اشترط أن يبيعها ويتصدق بثمنها، فإذا فعل ذلك في صحته وأخرجها من ملكه كان من جميع المال.
__________
1 الكُورَة - بضم الكاف -: المدينة والصقع.
انظر: القاموس: 2/130.
2 بتّاً: أي منقطعة عن الإملاك. انظر: النهاية: 1/93.
3 في (ظ) : يتصدق.
4 الزيادة من: (ظ) .
5 الزيادة من: (ظ) .
6 الزيادة من: (ظ) .

(9/4816)


[3522-*] قلت لإسحاق: للرجل إذا غربت الشمس أن يزيد على ركعتين إن أبطأ الإمام؟
قال: لا يزيد على ركعتين إذا غربت الشمس قبل أن يصلي المغرب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سن ذلك فقال: "بين كل أذانين صلاة، لمن شاء"،1 فعل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولم يزيدوا على الركعتين بعد الغروب2 قبل أن يصلوا3 المغرب،4 وإذا تركهما فلا حرج عليه؛ لأن ذلك ليس بسنة
__________
[3522-*] أشار إلى هذه المسألة ابن رجب في الفتح: 3/529. وتقدمت مختصرة عن الإمامين في كتاب الصلاة برقم " 123 ". ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة " كتاب الصلاة ": 134 عن إسحاق قوله: لا بد من القعدة - أي بين الأذان والإقامة - في الصلوات كلها حتى في المغرب.
1 أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 2/106) ومسلم: (838) .
وأخرج البخاري (الصحيح مع الفتح: 3/59) : "صلوا قبل صلاة المغرب - قال في الثالثة - لمن شاء" زاد أبو داود: 2/59 "ركعتين".
2 في الأصل: "المغرب". والمثبت من: (ظ) .
3 في الأصل: "يصلي". والمثبت من: (ظ) .
4 روى البخاري (الصحيح مع الفتح: 2/106) ومسلم: (837) - واللفظ للبخاري - عن أنس رضي الله عنه قال: "كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك، يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء".
زاد مسلم: "حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما".
وروى البخاري (الصحيح مع الفتح: 3/59) عن مرثد بن عبد الله اليزني قال: أتيت عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه فقلت: ألا أُعَجِّبُك من أبي تميم، يركع ركعتين قبل صلاة المغرب، فقال عقبة: إن كنّا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: فما يمنعك الآن؟ قال: الشغل.
[] وانظر: قيام الليل " مختصره " للمروزي: 103-109.

(9/4817)


كالصلاة قبل الظهر وبعده، وبعد المغرب، وبعد العشاء؛ إنما هي رخصة، وإن عاب قوم1 ذلك فقد جهلوا وأخطأوا، لأن الرخصة مباحة من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم بعده في ذلك.
[3523-] قال إسحاق: وأما ما يحمل الناس بالقرب ونحوها من الأنهار المباحة فيبيعون؛ فذلك من أحل ما يكون من الكسب. كان مسروق2 تُسْتَقَى له الراوية من الفرات فيبيعه ويتصدق
__________
1 ممن عاب ذلك ورأى أنه بدعة: إبراهيم النخعي. كما في قيام الليل " مختصره ": 113، ومختصر اختلاف العلماء للجصاص: 4/389. وذكر ابن حجر في الفتح: 2/108 عن الخلفاء الأربعة وجماعة من الصحابة أنهم كانوا لا يصلونها. قال: وهو قول مالك والشافعي. والله أعلم.
[3523-] تقدم نحو هذه المسألة برقم: (1879) عن أحمد وإسحاق.
2 مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني. أبو عائشة. ثقة فقيه. مات سنة 62هـ.
التقريب: 935.

(9/4818)


بثمنه،1 لا يرى أن شيئاً أحل منه. وذلك أنه يبيع عمل غلامه أودابته وما أنصب نفسه من العناء في حمله.
[3524-*] سئل إسحاق عن المصَدِّق يأخذ سناً فوق سن، وسناً دون سن ماذا يردّ؟
قال: السنة في ذلك أنه يرد شاتين أو عشرين درهماً إذا انخفض في السن أو ارتفع،2 سنة مسنونة3 لا يختلف فيها عالم.
__________
1 لم أجده.
[3524-*] تقدمت هذه المسألة في الزكاة عن إسحاق بمعناها برقم (587) . وأشار إليها البغوي في شرح السنة: 6/12، والنووي في المجموع: 5/375.
وعنه رواية أخرى: أنه يرد شاتين أو عشرة دراهم. ذكرها النووي نقلاً عن ابن المنذر. وانظر: المغني: 4/26، وفتح الباري: 3/320.
2 انظر رأي إسحاق في: معالم السنن للخطابي: 2/217، وشرح السنة للبغوي: 6/12، والمجموع للنووي: 5/375.
3 يشير الإمام إسحاق إلى ما ورد في حديث أنس رضي الله عنه أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقه فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين -إن استيسرتا له- أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقه الحقة وليست عنده حقة، وعنده الجذعة فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين ... ".
أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 3/316) .

(9/4819)


فأحدث هؤلاء أنه يرد القيمة.1
[3525-*] قال إسحاق: وأما قارئ القرآن حفظاً أو نظراً فإنه يستحب له أن لا يجاوز أربعين يوماً حتى يكون خاتماً فيه مرة، لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن يقرأه في
__________
1 يقصد أهل العراق وأبا حنيفة وأصحابه، وذلك بناء على أصلهم في جواز أخذ القيمة في الزكاة. انظر: اللباب: 1/374، والهداية مع فتح القدير: 2/189، 190.
وممن روي عنه رد القيمة أيضاً: الأوزاعي كما روى عنه أبو عبيد في الأموال: 456 بسنده إلى محمد بن شعيب بن شابور قال: سمعت الأوزاعي يقول: إذا لم يجد السن التي تجب، أخذ قيمتها. ا. هـ وكذا رويت القيمة عن مكحول كما في المجموع للنووي: 5/375.
وروى ابن زنجويه: 2/815 بسنده عن سفيان الثوري قال: لولا الحديث رأيت القيمة، فإن لم تكن السن التي تليها وكانت السن التالية فوق التي تليها فإنه لا يحسب بذلك، ولكن يأخذ القيمة. ا. هـ وانظر المسألتين رقم (588) ، (590) . ومذهب أحمد موافق لرأي إسحاق في هذه المسألة.

انظر: المغني: 4/25، والإنصاف: 2/55.
[3525-*] تقدمت هذه المسألة مختصرة برقم: 383 عن أحمد وإسحاق معاً. ونقل أوّلها: الترمذي في السنن: 5/197.

(9/4820)


أربعين حين سأله: أني جمعت القرآن ففي كم أقرؤه؟ فبدأه: "اقرأه في أربعين".1
فالرخصة لمن جمع القرآن هذا الوقت أكثره، مع أن أكثر الرواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سأله، قال له: "اقرأه في شهر".2 ونرجو [في] 3 أربعين لما ذكر في الحديث.4
__________
[1] أخرجه الترمذي: 48 - كتاب تفسير القرآن: 13- بابٌ: 5/197 عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "اقرأ القرآن في أربعين".
وأخرجه عبد الرزاق: 3/356، والنسائي في فضائل القرآن: 68، ومحمد بن نصر في قيام الليل كما في [] [] [] مختصره: 253، وأبو داود: 2- كتاب الصلاة: 326- باب تحزيب القرآن: 2/116 عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في كم يقرأ القرآن؟ قال: "في أربعين يوماً. ثم قال: في شهر. ثم قال: في عشرين. ثم قال: في خمس عشرة. ثم قال: في عشر. ثم قال: في سبع". لم ينزل عن سبع. والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 4/17.
2 أخرجه: البخاري: (الصحيح مع الفتح: 9/95) ، ومسلم: 2/814 برقم: " 1159".
3 الزيادة من: (ظ) .
4 نقل رأي إسحاق هذا: الترمذي في سننه: 5/197، والبغوي في شرح السنة: 4/498، وأشار إليه الحافظ في الفتح: 9/95.
وقد تقدم في المسألة رقم (383) أن الكوسج سأل الإمام أحمد قال: قلت: في كم يقرأ الرجل القرآن؟ قال: أقل ما سمعنا أربعون. وأكره له دون الثلاث. ونحو ذلك روى أبو داود في مسائله: 103.
والمذهب استحباب الختم في سبعة أيام. وهل يكره في أقل أم لا؟ أم يكره دون الثلاث؟ فيه روايات. وعنه: هو على قدر نشاطه.
انظر: التمام: 1/168، المغني: 2/174، والفروع مع تصحيحه: 1/551، 552، وكشاف القناع:1/503، وغذاء الألباب:1/403.

(9/4821)


وأما الذي نستحب لمن حمل القرآن حتى حفظ [ع-180/أ] أن يقرأه في السبع أو الثمان، وإن كان في ثلاث فهو أفضل، ولا يقرؤه في دون ثلاث1 إلا أن يحب في الأحايين ختم القرآن ليدعو دعوة2 يطمع في الإجابة، كنحو دخوله الكعبة،3 أو ليلة القدر وما أشبه ذلك، فأما
__________
1 قال ابن كثير: وقد كره غير واحد من السلف، قراءة القرآن في أقل من ثلاث، كما هو مذهب أبي عبيد وإسحاق بن راهويه وغيرهما من الخلف أيضاً. فضائل القرآن لابن كثير: 254.
وانظر: فضائل القرآن لأبي عبيد: 183، والآداب الشرعية لابن مفلح: 2/296، وفتح الباري: 9/97، وكتاب الصلاة المسألة رقم: (383) .
2 في الأصل "دعوى"، والتصويب من: (ظ) .
3 روى أبو عبيد في فضائل القرآن: 181، 182 عن عثمان رضي الله عنه أنه قرأ القرآن كله في ليلة داخل الحِجْر. ورواه ابن أبي شيبة:2/502، 503 بلفظ:" خلف المقام".
وروى أبو عبيد أيضاً:182 عن سعيد بن جبير أنه قال: قرأت القرآن في ركعة في البيت. ومثله في مصنف ابن أبي شيبة:2/503، وزوائد الزهد لعبد الله بن الإمام أحمد: 370. قال ابن كثير في فضائل القرآن: 258: وهذه كلها أسانيد صحيحة. وقال الذهبي معقباً على أثر سعيد: هذا خلاف السنة. السير: 4/325.
وقال النووي في التبيان: 49: وقد كره جماعة من المتقدمين، الختم في يوم وليلة. ويدل عليه، الحديث الصحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. ا.هـ
ولا شك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أولى بالإتباع، فقد روى مسلم:1/514 عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة".
وروى ابن أبي شيبة:1/376 عنها رضي الله عنها قالت: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث". صححه الألباني في صحيح الجامع:4/248، وفي صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم:120.
فينبغي للمسلم أن لا يتجاوز الحد الأعلى - وهو الشهر - ولم يختم، ولا ينقص عن الحد الأدنى - وهو ثلاثة أيام- فيختم قبلها. ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه.

(9/4822)


الإدمان1 ففي ثلاث.
[3526-*] قال إسحاق: الذي يأتي امرأته وهي حائض؛ فإن كفارة ذلك
__________
1 في الأصل: "الامام". والتصويب من: (ظ) .
ومعنى ذلك أنه يلازم الختم فوق الثلاث. وإن ختم دونها أحياناً فلا بأس.
[3526-*] روى معنى هذه المسألة عن إسحاق: حرب الكرماني في مسائله لأحمد وإسحاق: (226ق) .
وقد تقدمت عن الإمامين برقم (745) وفيها زيادة قول إسحاق: عتق رقبة. ولم يذكر خمسي دينار.

(9/4823)


أن يتصدق بدينار إذا أتاها في فور حيضتها، وإذا صار ذلك إلى الرقة وانقطاعها تصدق بنصف دينار،1 وإن كان بعد ذلك عند الطهر أو نحوه تصدق بخمسي دينار على ما أُمِرَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه،2 وإن طهرت ولم تغتسل فأقل
__________
1 ثبت هذا المعنى من قول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما أخرجه أبو داود في سننه: 1/183 بسنده عن مقسم عن ابن عباس قال: "إذا أصابها في أول الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار" ومعناه في الترمذي: 1/245، والدارمي: 1/203 وغيرهما. وقد روي مرفوعاً ولا يصح.
وقد ورد الأمر بالتكفير تخييراً بين الدينار ونصف الدينار، دون هذا التفصيل في الحديث الذي أخرجه أبو داود: 1/181، والنسائي: 1/168، وابن ماجه: 1/210، والدارمي: 1/203، وأحمد: 3/473، وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الذي يأتي امرأته وهي حائض: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار". قال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة. قال: دينار أو نصف دينار. انظر: تعليق الشيخ أحمد شاكر على [] سنن الترمذي: 1/245-254، وإرواء الغليل: 1/217، 218.
2 قال أبو داود في سننه: 1/183 وروى الأوزاعي عن يزيد ابن أبي مالك عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "آمره أن يتصدق بخمسي دينار" وكذا نقله عن أبي داود، ابن حزم في المحلى: 2/255، وابن عبد البر في التمهيد: 3/177.
قال البيهقي في السنن: 1/316 بعد روايته لنص أبي داود: وهذا اختلاف ثالث في إسناده ومتنه، رواه إسحاق الحنظلي عن بقية بن الوليد عن الأوزاعي بهذا الإسناد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كانت له امرأة تكره الرجال فكان كلما أرادها اعتلت له بالحيضة فظن أنها كاذبة فأتاها فوجدها صادقة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتصدق بخمسي دينار. قال البيهقي: وهو منقطع بين عبد الحميد وعمر. ا.هـ
وأخرجه بلفظ البيهقي أيضاً: الدارمي في سننه: 1/203، وفيه: "بخمس" بالإفراد وهو تصحيف.
ورواية إسحاق التي أشار إليها البيهقي هي في مسائل حرب الكرماني عن أحمد وإسحاق: (227ق) لكن ليست بهذا الإسناد –كما زعم البيهقي- وإنما هي من طريق يزيد بن أبي مالك عن ابن زيد بن الخطاب عن عمر بن الخطاب ...

(9/4824)


ما وصفنا1 لأن حكم الدينار على فور الدم.
[3527-*] قال إسحاق: وأما الشاة يعدو عليها الذئب فيبقر بطنها حتى
__________
1 أي خُمُسَيْ دينار. والمشهور في مذهب أحمد التخيير في الكفارة بين دينار ونصف دينار.
وعنه: إن كان في إقبال الدم فدينار، وإن كان في إدباره فنصف دينار.
ولا شيء عليه إن وطء بعد انقطاع الدم، وقبل الغسل في الصحيح من المذهب. وعنه عليه الكفارة لبقاء التحريم.
انظر المغني: 1/417، 418، وشرح العمدة " كتاب الطهارة " 466، والفروع: 1/262، والإنصاف: 1/351، 352.
[3527-*] تقدمت هذه المسألة مختصرة جداً عن الإمامين في كتاب الذكاة برقم (2878) .
ونقلها بتمامها ابن عبد البر في التمهيد: 5/150، وفي الاستذكار: 15/246.

(9/4825)


يخرج المصارين، فيخاف عليها موت من ذلك؛ حتى يعلم أنه لا يعيش مثلها، فالسنة ما وصف ابن عباس1 - رضي الله عنهما -، لأنه وإن ألقى المصارين فإن الشاة حية بعد، فإنما يقع الذبح والذكاة على الحي، ولا ينظر أيعيش مثلها أم لا، [وكذلك لو عرض لها الموت حتى أشرفت فخشي أن لا يعيش مثلها] 2 فما دام الروح فيها فله أن يذكيها ويأكلها، فإن ذبحها وهي مريضة أو بها داء3 قد عرض لها الموت ولم يسل منها الدم، أو تحركت، أو لم تتحرك وسال منها الدم، فكلما بلغ المذبح وقطع الحلقوم والودجين جميعاً؛ فإن له أن يأكلها لأن ذلك مبلغ الذبح.
__________
1 أثر ابن عباس أخرجه عبد الرزاق: 4/494 عن ابن عيينة عن ركين بن ربيع عن أبي طلحة قال: عدا الذئب على شاة فأفرى بطنها، فسقط منه شيء على الأرض، وسألت ابن عباس فقال: انظر إلى ما سقط من الأرض فلا تأكله وأمره أن يذكيها فيأكلها. وأخرجه أيضاً: سعيد بن منصور في سننه ومن طريقه ابن حزم في المحلى: 8/194 عن جرير بن عبد الحميد عن ركين به.
وذكره ابن عبد البر في التمهيد: 5/140 أيضاً من رواية شريك عن ركين به.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 في (ظ) : " علة ". والمعنى واحد.

(9/4826)


وأما ما قال هؤلاء1 إذا خرج الأمعاء؛ فإنه لا يحل أكلها وإن ذكيتها، لما لا يعيش مثلها. فإن ذلك خطأ خلاف السنة، لما مضت السنة بما وصفنا. وإنما ينظر عند الذبح أحية هي أم ميتة، ولا يمنع الذكاة ما يخشى من العوارض بعد، وكذلك لو عرض لها الموت أو نزل بها ما يخاف أن لا يعيش مثلها فذكاها وهي حية فلا بأس بها.
[3528-*] قال إسحاق: وأما الذي نختار من الأذان والإقامة أن يؤذن مثنى
__________
1 ذكر ابن عبد البر عن محمد بن مسلمة من فقهاء المالكية قال: إذا قطع السبع حلقوم الشاة، أو قسم صلبها، أو شق بطنها فأخرج معاها، أو قطع عنقها لم تُزَكَّ. وفي سائر ذلك تذكى إذا كان فيها حياة.
وروى بإسناده عن أبي قرة قال: سألت مالكاً عن المتردية والمفروسة تدرك ذكاتها وهي تتحرك؟ قال: لا بأس، إذا لم يكن قطع رأسها، أو نثر بطنها. قال: وسمعت مالكاً يقول: إذا غير ما بين المنحر إلى المذبح لم تؤكل. ا.هـ
وضعّف ذلك عنه ابن العربي وقال: والذي في الموطأ عنه أنه: إن كان ذبحها ونفسُها يجري، وهي تطرف فليأكلها. وهذا هو الصحيح من قوله الذي كتبه بيده، وقرأه على الناس من كل بلد عُمْرَه. فهو أولى من الروايات النادرة. ا.هـ
انظر: التمهيد: 5/148، والاستذكار: 15/246، وأحكام القرآن لابن العربي: 2/514.
[3528-*] تقدمت هذه المسألة عن الإمامين في الصلاة برقم: (167) .
وروى حرب في مسائله لأحمد وإسحاق: (14ق) نحوها في الإقامة.
ونقل ابن رجب في الفتح: 3/423 عن حرب عن إسحاق أنه إن أذن وأقام فإنه يفرد الإقامة وإن صلى وحده، وإن اقتصر على الإقامة ثناها لتكون له تأذيناً.

(9/4827)


مثنى، ويقيم واحدة. إلاّ قوله: قد قامت الصلاة، مرتين، وكذلك الله أكبر الله أكبر في أوله وآخره.1
قال إسحاق2: الله أكبر [الله أكبر] 3 هو مرة.
[3529-*] قال إسحاق: والذي نختار أن يصلي صلاة الفجر بغلس،4 ولا يكون التغليس عند ابتداء طلوع الفجر، يؤخر قليلاً عن أوّل
__________
1 انظر رأي إسحاق في تثنية الأذان في: اختلاف الفقهاء للمروزي: 62، والتمهيد: 18/314، والمجموع: 3/102.
ورأيه في إفراد الإقامة في: سنن الترمذي: 1/370، والأوسط: 3/17، والتمهيد: 18/313، والمجموع: 3/103، وفتح الباري لابن رجب: 3/423.
2 هو: الكوسج.
3 الزيادة من: (ظ) .
[3529-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها عن الإمامين في كتاب الصلاة برقم (125) .
وروى معناها عن أحمد: صالح: 3/51، وعبد الله: 1/180، وأبو داود: 26، وروى ابن هانيء: 1/29 عن أحمد انتقاده لمحمد بن محرز عندما سمعاه يقيم بصلاة الفجر وقت خروجهما من المسجد بعد صلاة الفجر.
4 الغَلَس - بفتح الغين والسين -: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصبح. النهاية: 3/377.

(9/4828)


طلوعها،1 ولكن إذا ابتدأ حينئذٍ طول القراءة قليلاً. وإنما أخطأ هؤلاء2 حين سمعوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[ظ-111/ب] أنه قال: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"3 وذلك أن يؤخر عن أول [طلوع] 4 الفجر قليلاً، ليس يعني أن يؤخرها حتى تكون قرب طلوع الشمس ثم يصليها ويقرأ فيها بقصار
__________
1 هكذا في النسختين. ولعل الصواب: طلوعه.
2 يقصد أبا حنيفة وأصحابه.
انظر: مختصر اختلاف العلماء: 1/195، واللباب: 1/205، والهداية مع فتح القدير: 1/225.
وقد تأول الطحاوي حديث الإسفار بأنه الإسفار بالخروج منها. أي أطيلوا صلاة الفجر حتى تخرجوا مسفرين. شرح معاني الآثار: 1/184.
3 أخرجه بهذا اللفظ: ابن أبي شيبة: 1/321، وأبو نعيم في كتب الصلاة: 213، وأحمد: 4/142، والترمذي: 1/289 عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وله ألفاظ أخرى وفيه زيادات عند أبي داود: 1/294، والنسائي: 2/294، وابن ماجه: 1/221، وأحمد: 3/465 و 4/140، 143، والدارمي: 1/277 وغيرهم كثير.
وهو حديث صحيح، صححه الترمذي وابن حبان وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم. وحكى تصحيحه الحافظ ابن حجر عن جمع من العلماء.
انظر: مجموع الفتاوى: 22/97، وفتح الباري: 2/55، وإرواء الغليل: 1/281.
4 الزيادة من: (ظ) .

(9/4829)


المفصل.1
[3530-*] قال إسحاق: وأما المتسحر في البيت وهو يرى أن عليه ليلاً، فإذا هو قد أصبح، أيقضي يوماً مكانه أم لا؟ فإنه ليس عليه القضاء، وحكمه كمن أكل ناسياً نهاراً، لأنه أكل وهو عند نفسه في حد من يحل [له] 2 الأكل، لأن الأكل بالليل مباح، فهو كمن أكل نهاراً ناسياً وهو يرى أنه غير صائم،3 وإن أخذ
__________
1 انظر رأي إسحاق: في سنن الترمذي: 1/219، والأوسط: 2/377، ومعالم السنن: 1/294.
والصحيح في مذهب أحمد، أن تعجيل صلاة الفجر أفضل مطلقاً. وأن وقتها من طلوع الفجر الثاني إلى الإسفار؛ وقت فضيلة.
انظر: المغني: 2/44، وشرح الزركشي: 2/524، والإنصاف: 1/438.
[3530-*] أشار إلى هذه المسألة ابن نصر المروزي في اختلاف الفقهاء: 202. وتقدمت هذه المسألة عن الإمامين في كتاب الصيام برقم: (686) ، لكنها بوجوب القضاء. فيكون على هذا للإمام إسحاق قولان في هذه المسألة.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 انظر قول إسحاق في عدم وجوب القضاء في: اختلاف الفقهاء للمروزي: 202، والمغني: 4/389، والمجموع: 6/330.
وقد تقدم في توثيق هذه المسألة أن له قولاً آخر بوجوب القضاء. وهذا هو الصحيح في مذهب الإمام أحمد.
انظر: شرح العمدة " كتاب الصيام ": 1/490، والفروع: 3/73، والإنصاف: 3/310.

(9/4830)


بالاحتياط يقضي يوماً مكانه، لما [لم] 1 يجمع عليه أهل العلم،2 كما أجمعوا3 على الأكل ناسياً،4 فهو أحب إلينا.
[3531-*] قال إسحاق: وأما الذي يأتي امرأته في دبرها ثم يندم، ما كفارته؟ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صح عنه أنه قال: "لا ينظر الله عز وجل يوم القيامة إلى رجل أتى امرأته في دبرها" [ع-180/ب] .5
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 أكثر أهل العلم بل جمهور الأمة على وجوب القضاء. وحكي عن عروة بن الزبير ومجاهد وعطاء والحسن أن صومه صحيح، ولا قضاء عليه.
انظر: المغني، المجموع: الصفحتين السابقتين.
3 في ظ: كما لم يجمعوا.
4 روي عن ربيعة ومالك: القضاء على من أكل ناسياً.
انظر: المدونة: 1/208، والمغني: 4/367، واختلاف الفقهاء للمروزي: 200، 201، والتمهيد: 7/179.
[3531-*] أشار ابن رجب في الفتح: 1/139 إلى آخر هذه المسألة عن إسحاق وهو ما يتعلق بكفر المستحل لإتيان المرأة في دبرها. وذكر أن حرباً الكرماني نقله أيضاً عن إسحاق.
[5] أخرجه عبد الرزاق: 11/442، وابن أبي شيبة: 4/253، وابن ماجة: 9- كتاب النكاح: 29- باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن: 1/619، وأحمد: 13/111 و 14/214، والدارمي: 1/207، والطحاوي في شرح معاني الآثار: 3/44 وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
[] وأخرجه ابن أبي شيبة: 4/252، والترمذي: 10- كتاب الرضاع: 12- باب ما جاء في كراهية إتيان النساء في أدبارهن: 3/460، وابن الجارود في المنتقى: 243 وغيرهم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. والحديث حسَّنه الألباني في آداب الزفاف: 105.

(9/4831)


وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ملعون من أتى ذلك من الرجال والنساء".1
وقد ذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن من أتى حائضاً أو كاهناً فصدقه، أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -".2
__________
[1] أخرجه أبو داود: 6- كتاب النكاح: 46- باب في جامع النكاح: 2/618، وأحمد: 15/457 و 16/157، وابن عدي في الكامل: 6/2313 وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
وأخرجه ابن عدي في الكامل: 4/1466 من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وسنده حسن كما قال الألباني في آداب الزفاف: 105.
[2] أخرجه أبو داود: 22- كتاب الطب: 21- باب في الكاهن، والترمذي: كتاب الطهارة: 1/102 باب ما جاء [] في كراهة إتيان الحائض، وابن ماجة: كتاب الطهارة وسننها: 1/122- باب النهي عن إتيان الحائض، والنسائي في الكبرى: 5/323، وأحمد: 15/164 و 16/142، والدارمي: 1/207، وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
وأخرجه بلفظ: "فقد برئ": ابن الجارود في المنتقى: 45، وابن المنذر في الأوسط: 2/209 وغيرهما. والحديث صحيح بمجموع طرقه وشواهده.
[] انظر: الإرواء: 7/68، وآداب الزفاف: 105-107.

(9/4832)


فإذا ابتلي الرجل فارتكب ذلك من امرأته أو جاريته، فليخلص التوبة؛ فإني لا آمن أن يكون كفراً.1
وإن رأى قوم أن ذلك على الاستحلال يكون كفراً، فقد ذهبوا
__________
1 أخرج عبد الرزاق: 11/442، والنسائي في العشرة: 129، وابن بطة في الإبانة: 2/738 عن طاوس قال: سئل ابن عباس - رضي الله عنهما - عن الذي يأتي امرأته في دبرها؟ فقال: "هذا يسألني عن الكفر" وسنده صحيح كما في آداب الزفاف: 106، 304.
وأخرج عبد الرزاق: 11/443، وابن أبي شيبة: 4/252، وابن بطة في الإبانة: 2/739 واللفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه: "من أتى الرجال والنساء في أعجازهن فقد كفر" وفيه ضعف كما في آداب الزفاف: الصفحة السابقة.
وأخرج عبد الرزاق: 11/443، وابن أبي شيبة: 4/252، وابن بطة في الإبانة: 2/739 عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "لا يفعل ذلك إلا كافر".
وأخرج الدارمي في سننه: 1/208 عن طاوس، وسعيد، ومجاهد، وعطاء؛ أنهم كانوا ينكرون إتيان النساء في أدبارهن ويقولون: هو الكفر.

(9/4833)


مذهباً حسناً.1
فليتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بما استطاع من الصدقة وغير ذلك، فإنا وإن لم نجد سنة في الكفارة لفاعله، فقد وجدنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن أتى الحائض كفارة صحيحة، قال: "يتصدق بدينار إن كان الدم عبيطاً، وإن كان فيه صفرة فنصف دينار"،2 حتى ذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه أمر عمر رضي الله عنه بخمسي3 دينار.4 وذلك على قدر رقة الدم وغلظه، وقرب طهره من بعده. فرأى الصدقة على قدر عظم الذنب وصغره.5
__________
1 وهذا هو الصحيح في مثل هذه النصوص أن العمل من أعمال الكفر، وليس هو الكفر المخرج من الملة؛ إلا إذا استحله. وهناك معنى آخر ذكره الترمذي: 1/243 فقال: ومعنى هذا عند أهل العلم على التغليظ.
انظر: فتح الباري لابن رجب: 1/139.
2 تقدم تخريجه في المسألة رقم: (3526) .
3 في الأصل: "بخمسين دينار"، والتصويب من: (ظ) ، ومن مصادر التخريج المتقدمة في حاشية المسألة رقم (3525) .
4 تقدم تخريجه في المسألة رقم: (3526) .
5 انظر ما تقدم في المسألة رقم (3526) . وقد تقدمت مسألة كفارة إتيان الحائض عن الإمامين في المسألة رقم (745) .

(9/4834)


كذلك يعمل التائب من إتيانها على ما وصف.1 فكفارته2 أغلظ من كفارة الحيض، لأن ذلك الذنب أعظم من ذنب إتيان الحائض فيما نرى، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد بينا أن الكفارات إنما تجيء على قدر الذنوب.
وأخطأ هؤلاء3 في الحائض حيث لم يروا على صاحبه كفارة، وتأولوا قول إبراهيم4 وضربائه5: أنه ذنب، فليستغفر [الله] 6 منه. وصدقوا في ذلك، ولم يزيلوا [عنه] 7 الكفارة،
__________
1 في: (ظ) : ما وصفت.
2 في الأصل: "فكفارة". والتصويب من: (ظ) .
3 يقصد أهل العراق كأبي حنيفة، وشيخه حماد بن أبي سليمان، وأبي يوسف، وسفيان الثوري، وابن المبارك.
انظر قولهم هذا في: سنن الترمذي: 1/247، والأوسط: 2/211، ومختصر اختلاف العلماء للجصاص: 1/173، واللباب: 1/173، وفتح القدير: 1/166.
4 هو: النخعي.
5 كعطاء ومكحول وابن أبي مليكة والشعبي والزهري وسعيد بن جبير وغيرهم.
انظر الرواية عنهم في: الصّلاة لأبي نعيم: 66، 67، ومصنف عبد الرزاق: 1/329، 330، وابن أبي شيبة: 4:1/32، وسنن الترمذي: 1/254، والدارمي: 1/201، 202.
وانظر: الأوسط: 2/210، 211.
6 الزيادة من: (ظ) .
7 في الأصل: "ولم يزلوا عن" والتصويب من: (ظ) .

(9/4835)


وإن لم يأمروا بالكفارة، فهو مما لم يسمعوا، ولو سمعوا كانوا متبعين لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
فلا يستوي من سمع سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهجرها مع من لم يسمع بها. وإنما الحجة [على] 1 من [رد] 2 السنة بعينها، استخفافاً [ورغبة عنها إلى قول من لا يعلم علمها. وقد قال ابن عباس:] 3 كيف لا تخافون أن يخسف بكم أو تعذبوا،4 وأنتم تقولون، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال فلان؟ 5
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 الزيادة من: (ظ) .
4 في الأصل: "تعذبون". والتصويب من: (ظ) .
5 أخرجه الدارمي 1/95.
وبمعناه ما قاله ردّاً لقول عروة بن الزبير وهو يخاصمه في شأن متعة الحج قال: "أراهم سيهلكون أقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقولون: نهى أبو بكر وعمر".
أخرجه الإمام أحمد: 1/337، وعبد الرزاق -كما ذكره ابن عبد البر - ولم أجده في مظانه من المصنف -، وابن عبد البر في الجامع: 2/1209، 1210، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/145، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/145، وابن حزم في حجة الوداع: 352، 353، بعدة أسانيد.
وأحد ألفاظ ابن عبد البر وابن حزم وكذا لفظ عبد الرزاق: "والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله".

(9/4836)


[3532-] قال إسحاق: وأما الميزاب الذي كان مصبه في دار رجل، وأن الرجل بنى بناءً منع ذلك الميزاب من المصب، فإن كان يعلم [أن ذلك] 1 ملك2 لرب الميزاب من ذلك الموضع، فله أن يمنعه من البناء لموضع مصبه3، وإن لم يكن ذلك على قدر المعاينة فأراد الباني أن يحول مصبه على سطح آخر، ولا يكون على صاحب الميزاب ضرر، كان ذلك له، إنما عليه أن لا يمنعه يصب ماء ذلك الميزاب كالمجرى يكون في دار قوم أو أرضهم، فأراد صاحب الملك أن يحول مسيل مائه ناحية من أرضه أو داره، ولا ضرر على صاحب المسيل؛ فله ذلك. [وكذلك] 4 قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك،5 ولا ضرر في الإسلام.
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 في (ظ) : ملكاً. وهو خطأ.
3 في الأصل: "نصبه". والتصويب من (؟) .
4 الزيادة من: (ظ) .
5 يشير إلى ما أخرجه مالك في الموطأ: 2/746 عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه، أنه قال: "كان في حائط جده ربيعٌ لعبد الرحمن بن عوف، فأراد عبد الرحمن بن عوف أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط، فكلم عبد الرحمن بن عوف، عمر بن الخطاب في ذلك. فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله". والربيع: الجدول.
وكذلك قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة مشابهة، للضحاك بن خليفة أن يمر خليجاً له في أرض محمد بن مسلمة. كما في الموطأ: 2/746، والخراج ليحيى بن آدم: 111، 112، والسنن الكبرى للبيهقي: 6/‍157.

(9/4837)


وأخطأ هؤلاء حيث فرقوا بين المسيل والمجرى، فقالوا: إذا كان المسيل فلرب الأرض تحويله - لأن عليه مرور الماء - لأرضه، فإذا كان المجرى فليس له التحويل ولا التحريك من موضعه، لأن الذي له المجرى ملك الرقبة، إلا أنهم قالوا: إذا أقر الرجل أن له مجرى في أرضي أو داري فقد أقر بالرقبة، وإذا أقر أن له المسيل في داري لم يكن ذلك منه إقراراً بالرقبة، ففصلوا بين القولين بغير سنة ولا قياس عليها ولم يفكروا أن [قالوا] 1 صيروا هذين القولين بغير العربية، فكيف2 يتكلم عليها أنها كلمة واحدة مذهبها واحد رأوا [أن] 3 يحتمل الشيء أسامي كثيرة، فمن ذلك4 قلنا: لو تفكروا في غير العربية لعلموا أنه اسم واحد، وأن الفعلين مختلفان5.
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 في (ظ) : كيف.
3الزيادة من: (ظ) .
4 في (ظ) : فلذلك.
5 في الأصل: "مختلفين". والمثبت من: (ظ) .

(9/4838)


[3533-*] قال إسحاق في طلاق [ع-181/أ] السكران: إن كان ما تكلم به السكران من طلاق، أو عتاق، أو بيع، أو شراء وهو يذكر ذلك، فأن ذلك واقع عليه. وأما إذا كان ذاهب العقل كالمجنون يُذَكَّر فلا يذكر وسعه فيما بينه وبين الله عز وجل إن شاء الله تعالى.
وأما المرأة فإنها إن عقلت ما كان منه؛ أنه لم يعقل حين تكلم، رافعته إلى الحاكم حتى يحلفه بالله تبارك وتعالى ما طلقها، ثم حينئذٍ يسعها [ظ-112/أ] .
[3534-*] قال إسحاق: وأما قبض أرواح السباع والبهائم، وسائر الداوب، فإن بقية بن الوليد1 أخبرنا في حديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن أرواح البهائم من يقبضها.
__________
[3533-*] تقدمت هذه المسألة عن أحمد وإسحاق برقم: (957) .
وأشار إليها ابن رجب في جامع العلوم والحكم: 2/240. وقد تقدم الكلام على مسألة طلاق السكران، وتوثيق ذلك في المسألة رقم: (3303) .
[3534-*] نقل هذه المسألة عن إسحاق إلى قوله: " وكل قد جاء ": ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة: 1/115.
1 بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي. أبو يُحْمِد. صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. مات سنة 197. تقريب: 174.

(9/4839)


فقال: ملك الموت صلى الله عليه وسلم.1
وقد ذكر في حديث آخر أنها2 أنفاس تخرج.3 وكل قد جاء، وليس على المتعلم في مثل هذا أو شبهه مضرة، إلا أن4 يكون سقط عليه، بل يؤدي ما سمع كما سمع، فأما أن يحكم بأمر ليس بمجمع عليه، فليس ذلك له.
[3535-*] قال إسحاق: وأما المصلي وحده وهو ينظر في المصحف [أو يقلب الورق] 5 أو يقلب له، وكل ما كان ذلك منه
__________
1 لم أجده. وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور: 6/542 عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه وُكِّل ملك في الطير والوحش والسباع والحيتان والنمل.
2 في الأصل: " أنه ". والمثبت من: (ظ) .
3 روى الجوزقاني في الأباطيل: 2/46، 47 بسنده إلى ابن بريدة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأرواح في خمسة أجناس: في الإنس والجن والشياطين والملائكة والروح، وسائر الخلق لها أنفاس وليست لها أرواح". قال: هذا حديث باطل.
وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات: 1/151، وقال: هذا حديث لا يصح.
4 في (ظ) : أن يكون. بحذف: " إلاّ ".
[3535-*] تقدمت هذه المسألة عن إسحاق بنصها في كتاب الصلاة برقم: (495) . وأشار إليها ابن نصر المروزي في اختلاف الفقهاء: 125.
5 الزيادة من: (ظ) .

(9/4840)


إرادة1 أن يختم القرآن، أو يؤم قوماً ليسوا ممن يقرأون؛ فهو سنة، كان أهل العلم عليه. وقد فعلت ذلك عائشة - رضي الله عنها -.2
ومن بعدها من التابعين3 اقتدوا بفعلها - رضي الله عنها - ولم يجئ ضده من أهل العلم.4 وإن قلب له الورق كان
__________
1 في الأصل: أراه، والمثبت من: (ظ) .
2 روى عبد الرزاق: 2/420 بسنده أن عائشة - رضى الله عنها - كانت تقرأ في المصحف وهي تصلي.
وروى ابن أبي داود في المصاحف: 220 عن القاسم بن محمد أن عائشة - رضى الله عنها - كانت تقرأ في المصحف فتصلي في رمضان أو غيره.
وأخرج ابن أبي شيبة: 2/338، وابن أبي داود في المصاحف: 220، 221 بأسنايد متعددة أن عائشة - رضى الله عنها - كان يؤمها غلام لها في شهر رمضان في المصحف. وأخرجه البخاري معلقاً.
ينظر: الصحيح مع فتح الباري لابن حجر: 2/184، والصحيح مع فتح الباري لابن رجب: 4/165.
3 كعطاء، والحسن، وابن سيرين، وابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.
انظر الآثار عنهم في ذلك في: مصنف ابن أبي شيبة: 2/337، 338، ومصنف عبد الرزاق: 2/419، 420، ومختصر قيام رمضان للمروزي: 75، والمصاحف لابن أبي داود: 221، 222، ومسائل ابن هانئ: 1/97.
4 بلى قد جاء ضده من أهل العلم، فقد روي كراهة ذلك عن: إبراهيم النخعي، ومجاهد، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن حنظلة البكري وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد.
[] انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 2/338، 339، ومصنف عبد الرزاق: 2/419، والمصاحف: 217-220، واختلاف الفقهاء للمروزي: 125، والأصل لمحمد بن الحسن: 1/206، والمبسوط:1/201، وبدائع الصنائع: 2/611، وفتح القدير: 3681.

(9/4841)


أفضل، فإن لم يكن له من يقلب، قلب هو لنفسه.
[3536-*] قال إسحاق: وأما العالم يفتي1 بالشيء يكون مخالفاً لما جاء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو التابعين بإحسان، لما يكون قد عزب2 عنه معرفة العلم الذي قد جاء فيه. فإن على المتعلمين أن يهجروا ذلك القول بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته، ولا يدخل على الراد ذلك بعض ما رد3 على من هو أعلم منه
__________
[3536-*] روى ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث: 39 عن إسحاق من هذه المسألة ما يختص بمناظرة ابن المبارك لأبي حنيفة في رفع الأيدي. ورويت هذه المناظرة عن وكيع من عدة طرق، كما في السنة: 68 لعبد الله بن أحمد، والثقات: 4/17 لابن حبان، وسنن البيهقي: 2/82، وتاريخ بغداد: 13/406. وذكرها البخاري تعليقاً في جزئه في رفع اليدين: 143، وكذا ابن عبد البر في التمهيد: 9/229.
1 في (ظ) :" وأما المفتي يذكر.
2 عزب: غاب. القاموس: 1/104.
3 في الأصل: "ما أراد". والمثبت من: (ظ) .

(9/4842)


ليتبع [في] 1 ذلك ما أمر، لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مما أتخوف على أمتي اتباع زلة العالم"،2 ثم فسر النجاة من ذلك فقال: "أما العالم إذا زل فلا تتبعوا زلته"،3 فهذا تصديق ما وصفنا.
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 أخرجه: ابن عدي في الكامل: 6/2079، والطبراني في الكبير: 17/17 والبيهقي في المدخل: 442، والبزار كما في كشف الأستار: 1/103، وابن عبد البر في الجامع: 2/978. من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إني أخاف على أمتي من بعدي من الأعمال ثلاثاً، قالوا: يا رسول الله وما هي. قال: إني أخاف عليهم زلة العالم ... " الحديث.
وأخرجه البيهقي في المدخل: 443، وفي الشعب: 7/281، والخطيب في الفقيه والمتفقه: 2/13 عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أشد ما أتخوف على أمتي ثلاثة: زلة عالم ... " الحديث.
وأخرجه أبو داود بمعناه في المراسيل: 20 عن محمد بن كعب القرظي قال: حدثني من لا اتهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. والحديث بجميع أسانيده لا يخلو من ضعف. انظر: مجمع الزوائد: 1/187.
3 روى أبو داود في المراسيل: 20 نحو هذا، ولفظه: "انتظروا بالعالم فيئته، ولا تلقفوا عليه عثرته". وأخرج البيهقي في المدخل: 442، 443 من طريق كثير ... الخ الإسناد: "اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته". وانظر: السلسة الضعيفة رقم: "1700".

(9/4843)


ولقد قال ابن المبارك وجرى ذكر من بلي1 بالرأي في عصر سفيان2 قال: ما رأت عيناي قط أعلم من سفيان، ثم ذكر لابن المبارك مسائل كثيرة، قالها سفيان مخالفة، من ذلك: رفع الأيدي في المكتوبات إذا ركع، وإذا رفع رأسه.3
فقال4: ما يمنع هؤلاء الذين لا يرفعون إلا الكسل، حتى أنه قال: وما للشيخ5 - قال أبو محمد6: - يعني أبا7 حنيفة - وذكر أن من رفع يديه عند الركوع يريد أن يطير8 فقال ابن المبارك له: أيريد أن يطير9 إذا استفتح. إن كان إذا رفع عند
__________
1 في الأصل: "يسأل الرأي"، والمثبت من: (ظ) .
2 هو: الثوري.
3 مذهب سفيان عدم الرفع إلا عند تكبيرة الإحرام.
انظر: جزء رفع اليدين للبخاري: 164، واختلاف الفقهاء: 128، والتمهيد: 9/213، 229.
4 أي: ابن المبارك.
5 في الأصل: "يوماً يمسح"، والمثبت من: (ظ) .
6 هو: الطيالسي. راوي المسائل عن الكوسج. تقدمت ترجمته في المسألة (3509) .
7 في الأصل: "أبو".
8 في الأصل: "يكبر".
9 في الأصل: "يكب"ر.

(9/4844)


[الركوع] 1 يطير فإنه في الاستفتاح كذلك. أخبرني2 بذلك وكيع3 [عنه] 4 حتى أنه قال: ما رأيت جواباً أحضر من جواب ابن المبارك. فلم يمنع عبد الله ما قال في سفيان أنه من أعلم أهل الأرض أن يرد عليه خطأه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ويظن به الظن الحسن أنه قد فاته. وكذلك من اقتدى بابن المبارك يلزمه مثل ما لزمه.
[3537-*] قال إسحاق: أخبرني أبو
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 القائل: أخبرني هو: إسحاق بن راهويه.
3 وكيع بن الجراح الرؤاسي. ثقة حافظ.
4 الزيادة من: (ظ) .
[3537-*] ذكر هذه المناظرة الشاطبي في الموافقات: 5/137، 138، وشيخ الإسلام ابن تيمية في إبطال التحليل: 203، 204، وابن القيم في الإعلام: 3/283، 284.
وأخرجها البيهقي في سننه: 8/298 مختصرة.
وأخرج البيهقي أيضاً في سننه: 8/306 عن عبد الله بن المبارك مناظرة وقعت بين عبيد الله بن عمر العمري وبين أبي حنيفة في النبيذ.
وأخرج أيضاً: 8/306 من رواية إسحاق بن راهويه مناظرة وقعت بين عبد الله ابن إدريس الكوفي وبين أهل الكوفة في شأن النبيذ أيضاً.
وانظر: الأشربة: 53 لابن قتيبة.

(9/4845)


وهب1 أن ابن المبارك قال: حاجني أهل الكوفة في المسكر فقلت [ع-181/ب] لهم: إنه حرام، فأنكروا ذلك وسموا من التابعين رجالاً، مثل إبراهيم2 ونظرائه، فقالوا: لقوا الله عز وجل وهم يشربون الحرام؟ فقلت لهم رداً عليهم: لا تسموا الرجال عند الحِجَاج، فإن أبيتم فما قولكم في عطاء وطاوس
__________
1 محمد بن مزاحم العامري المروزي، صدوق، حدث عن عبد الله بن المبارك وغيره، وروى عنه إسحاق بن راهويه وغيره، مات سنة 209هـ. تهذيب الكمال: 26/395، والتقريب: 895.
2 هو: النخعي. ومن نظرائه الذين نسب إليهم شرب المسكر: الشعبي. كما في مصادر توثيق هذه المسألة، وابن أبي ليلى كما في سير أعلام النبلاء: 6/312 ومالك بن مغول، وسفيان الثوري، وهشيم وغيرهم كما في مسائل عبد الله: 3/1297.
على أنَّ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: 421 وابن حجر في الفتح: 10/43 ذكرا عن ابن المبارك قوله: لا يصح في حل النبيذ الذي يسكر كثيره، عن الصحابة شيء، ولا عن التابعين إلا عن إبراهيم النخعي.
وقد اعتذر ابن المنذر عن هؤلاء بقوله: فأما ما احتج به من روى عن بعض التابعين أنه شرب الشراب الذي يسكر كثيره فللقوم ذنوب يستغفرون الله منها، وليس يخلو ذلك من أحد معنيين: إما مخطئ أخطأ في تأويل حديث سمعه. أو رجل أتى ذنباً لعله أن يكثر الاستغفار منه. والنبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الله على الأولين والآخرين من هذه الأمة. الإشراف: 3/249.

(9/4846)


ونظرائهم من أهل الحجاز، فقالوا: خيار. فقلت: [فما] 1 تقولون [في] 2 الدرهم بالدرهمين؟ فقالوا: حرام. فقلت لهم: أيلقون الله عز وجل وهم يأكلون الحرام. دعوا عند الحجاج تسمية الرجال.
[3538-*] قال إسحاق: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء.3
قال إسحاق بن منصور: وأنا أقول بها.
[3539-*] سئل إسحاق عن الحج؟
__________
1 الزيادة من (ظ) .
2 الزيادة من: (ظ) .
[3538-*] نقل هذه المسألة عن إسحاق: الخلال في السنة: 582، 593.
3 انظر رأي إسحاق في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص في: التمهيد: 9/243، وشرح اعتقاد أهل السنة لللآلكائي: 5/964.
وقد نُقِلَ مثل هذا الكلام أيضاً عن سفيان كما في السنة للخلال: 583، والإبانة لابن بطة: 2/855، والشريعة للآجري: 117، وشرح اعتقاد أهل السنة لللالكائي: 5/960.
[3539-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها في المناسك برقم: (1578) وبرقم: (1402) ، وفيها كلام طويل لإسحاق في تفضيل التمتع مطلقاً إلا إذا ساق الهدي فالقران أفضل.

(9/4847)


قال: يتمتع.1
[3540-] [سئل إسحاق عن الرواح؟
فكرهه] .
[3541-*] سئل إسحاق عن الصوم في السفر؟
فقال: لا أراه. الإفطار أحب إلي.2
[3542-*] قال إسحاق: إن لم يسلم في ركعتي الوتر ففيه شيء،3 وأما
__________
1 هذا إذا لم يسق الهدي معه، فإن ساقه فالقران أفضل؛ كما تقدم في توثيق المسألة.
وانظر رأي إسحاق هذا في: اختلاف الفقهاء: 394.
[3541-*] تقدمت هذه المسألة عن الإمامين برقم: (683) . ونقلها إسماعيل بن إسحاق النيسابوري عن أحمد كما في الطبقات: 1/103.
2 أنظر رأي إسحاق في التمهيد: 2/171، والمغني: 4/408.
[3542-*] هذه المسألة مما انفردت بها نسخة: (ع) الأصل. وقد تقدمت بشطرها الأول في المسألة رقم: (297) وبشطرها الثاني في المسألة رقم: (390) ، وأشار إلى شطرها الثاني ابن نصر في كتاب الوتر " مختصره ": 150.
3 روى الكوسج عنه في الصلاة رقم: (297) قال إسحاق: ولا يوتر بواحدة إلا من عنده مرض أو سفر أو حادث أمر.
أي أن الأصل عند إسحاق أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يوتر بركعة.
وانظر: كتاب الوتر " مختصره ": 67 لابن نصر، واختلاف العلماء له: 110، وسنن الترمذي: 2/325، والأوسط: 5/186، والتمهيد: 13/250.

(9/4848)


الذي لا اختلاف فيه أن يدعو الإمام ويؤمن من خلفه.1
[3543-] سألت إسحاق عن الرجل يصلي ويشد وسطه بخيط؟
فكرهه إلا أن تكون عمامة.2
[3544-] سئل إسحاق: كم يقرأ في قيام شهر رمضان. فلم يرخص في دون عشر آيات.
فقيل له: إنهم لا يرضون؟ فقال: لا رضوا، فلا تؤمهم إذا لم يرضوا بعشر آيات من البقرة، ثم إذا صرت إلى الآيات الخفاف فبقدر عشر آيات من البقرة.3
__________
1 انظر رأي إسحاق هذا في: كتاب الوتر " مختصره ": 150، والأوسط: 5/216، والمغني: 2/584.
2 لم أجد رأي إسحاق فيما وقفت عليه. وأما رأي الإمام أحمد في هذه المسألة، فهو موافق لرأي إسحاق، وعلل ذلك لما فيه من مشابهة أهل الكتاب.
انظر: شرح العمدة " كتاب الصلاة ": 359، 360، والإنصاف: 1/471.
3 لم أجد رأي إسحاق فيما اطلعت عليه. وذكر ابن نصر مثل رأيه عن مالك، كما في قيام رمضان " مختصره ":53.
وقد روى ابن أبي شيبة: 2/392، وابن وهب كما في المدونة: 1/223 عن عمر ابن عبد العزيز أنه أمر القراء في رمضان أن يقوموا بست وثلاثين ركعة، ويوتروا بثلاث، ويقرأوا في كل ركعة عشر آيات.

(9/4849)


[3545-*] سئل إسحاق عن الرواح؟ فكرهه.1
قال أبو محمد الطيالسي2: الرواح - يعني في الصلاة.3
[3546-] وكان إسحاق يوتر بنا فربما قرأ في أول ركعة بالأعراف
__________
[3545-*] تقدمت هذه المسألة عن الإمامين في كتاب الصلاة برقم: (279) ونصها: قلت لأحمد: تكره التروح في الصلاة؟ قال: نعم. إلا أن يأتي الأمر الشديد أو الغم الشديد، كما لو أنه آذاه الحر أو البرد سجد على ثوبه.
قال إسحاق كما قال سواء.
1 انظر رأي إسحاق في: المغني: 2/297.
2 راوي المسائل عن الكوسج. تقدم له ترجمة في المسألة: (3509) .
3 الرواح في الصلاة من التروح، وهو أن يروح المصلي على نفسه بمروحة أو خرقة أو غير ذلك. المطلع: 86.
وهذا غير المراوحة وهي: الاعتماد على إحدى الرِّجْلين مرة وعلى الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما. كما في النهاية: 2/274.
وهذه أجازها كل من أحمد وإسحاق.
انظر: مسائل الكوسج "الطهارة والصلاة": (318) ، والأوسط: 2/276، والفروع: 1/464

(9/4850)


ويصادف وتره الصبح.
قال إسحاق بن منصور: هذا كله كتبته عن إسحاق بن إبراهيم بنيسابور.
[3547-*] وكان إسحاق يرى قضاء الوتر بعد الصبح ما لم يصل الفجر،1 ويرفع يديه في القنوت الشهر كله،2 ويقنت قبل الركوع،3 ويضع يديه على ثدييه أو تحت الثديين،4 ويقرأ
__________
[3547-*] تقدم بعض هذه المسألة عن إسحاق كقضاء الوتر في المسألة رقم: (300) ، ورفع اليدين في القنوت في المسألة رقم: (296) .
1 انظر رأيه هذا في: كتاب الوتر " مختصره ": 163، واختلاف العلماء:42، وسنن الترمذي:2/333، والأوسط:5/190، 194 والتمهيد: 13/255.
2 انظر رأيه هذا في: الأوسط: 5/213، 206، والمغني: 2/584.
3 انظر رأيه هذا في: سنن الترمذي: 2/329، والأوسط: 5/208.
4 معنى كلام الكوسج أن إسحاق بن راهويه يرفع يديه في حال القنوت بإزاء ثدييه أو بإزاء تحتهما، أي أنه يرفعهما إلى صدره، لا أنه يضعهما مباشرة على الثديين أو تحتهما. بدليل أن ابن قدامة في المغني: 2/584 ذكر رأي الإمام أحمد في هذه المسألة، وهو أنه يرفع يديه في القنوت إلى صدره، ثم قال: وبه قال إسحاق.
ولأن إسحاق –رحمه الله- لا يرى وضع اليدين على الصدر حتى ولا في حال القيام في الفريضة، بل يرى وضعهما تحت السرة، كما روى ذلك عنه الكوسج في المسألة رقم (214) قال: قال إسحاق: كما قال، تحت السّرّة أقوى في الحديث، وأقرب إلى التوضع.
وعلى هذا فقول الألباني –رحمه الله- في إرواء الغليل 2/71، 72: "والذي صح عنه صلى الله عليه وسلم في موضع وضع اليدين إنما هو الصدر، وفي ذلك أحاديث كثيرة ... وأسعد الناس بهذه السنة الصحيحة الإمام إسحاق بن راهويه، فقد ذكر المروزي في المسائل ص 222: كان إسحاق يوتر بنا ... ويرفع يديه في القنوت ويقنت قبل الركوع، ويضع يديه على ثدييه، أو تحت الثديين". فيه نظر ولا يساعد عليه السياق، والله أعلم.

(9/4851)


بالسورتين1 ويقرأ في كل واحدة بسم الله الرحمن الرحيم،2 ثم يدعو ويؤمن من خلفه.3 يدعو للمؤمنين والمسلمين، ويدعو على الكافرين، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدعو بدعاء الحسن بن علي - رضي الله عنهما -،4 ويقرأ بآخر البقرة ثم يسكت ساعة ثم يركع.
__________
1 في (ظ) : بالسورة.
2 تقدم في المسألة رقم: (201) أن إسحاق يرى قراءة البسملة في كل سورة، وأنه مخير بين الإسرار والجهر.
وانظر: سنن الترمذي: 2/14، والأوسط: 3/129.
3 تقدم توثيق هذا عن إسحاق من قوله في المسألة رقم: (3541) .
4 وهو ما رواه الحسن بن علي رضي الله عنه قال: "علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ... " الحديث. أخرجه أصحاب السنن الأربعة والإمام أحمد وغيرهم. وهو حديث صحيح.
[] انظر: الإرواء: 2/172-175.

(9/4852)


[3548-*] قال إسحاق في القرعة: يؤخذ في القرعة عود يشبه القداح،1 فيكتب عليه عبد وعلى الآخر حر.
[3549-*] كره إسحاق أن يعطي صدقة الفطر قبل يوم الفطر المساكين، فإن أعطى الذين يقبضون قبل الفطر فلا بأس به لأنهم يقسمونها بعد الفطر.2
ودعا إسحاق يوم الفطر ببر إلى المسجد، فربما أعطى الرجل ثلاثة آصع وربما [ظ-112/ب] أعطى صاعين وأعطى رجلاً3 ستة آصع، وكره أن يعطى مسكين أقل
__________
[3548-*] نقل هذه المسألة عن إسحاق: ابن القيم في الطرق الحكمية: 291. وتقدم ذكر كيفية القرعة عن أحمد برقم: (3438) .
1 في (ظ) : القدح. والقداح: جمع قِدْح. والقدح: السهم قبل أن ينصل ويراش. اللسان: 2/556.
[3549-*] تقدم الشق الأول من هذه المسألة بمعناه وبأخصر مما هنا وعن الإمامين في كتاب الزكاة برقم: (646) .
2 لم أجد رأي إسحاق في تحديد الوقت الذي تخرج فيه زكاة الفطر. ولعل مستنده ما أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 3/375) عن نافع أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. ا.هـ
3 في الأصل: "رجل" والمثبت من: (ظ) .

(9/4853)


من صاع.1
[3550-*] ورأيت2 إسحاق يشرب الفقاع،3 وكان لا يرى بشربه بأساً.4
[3551-*] قلت لإسحاق: رجل صلى الصلوات ولم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم مع الحمد؟
قال: يعيد الصلوات.5
__________
1 لم أجد رأي إسحاق، في مقدار ما يعطي كل مسكين، من صدقة الفطر.
[3550-*] تقدمت هذه المسألة عن الإمامين برقم: (3346) . وفيها قال إسحاق: كلما كان لا يسكر أصلاً، وإن أكثر منه المكثر؛ فقليله وكثيره لا بأس به.
2 في (ظ) : " كان" بدل: " رأيت ".
3 مضى تفسير الفُقَّاع في المسألة رقم: (3345) .
4 انظر رأي إسحاق في إباحة شرب الفقاع في: الإشراف لابن المنذر: 3/252، والمغني: 12/514.
[3551-*] تقدمت هذه المسألة بنصها عن إسحاق برقم: (504) .
ونقل عنه الذهبي في السير: 11/369 قوله - وقد سئل عن رجل ترك بسم الله الرحمن الرحيم -: من ترك "ب" أو "س" أو "م" منها فصلاته فاسدة، لأن الحمد سبع آيات.
5 وهذا يدل على أن إسحاق يرى أن البسملة آية من الفاتحة التي تجب قراءتها في الصلاة.
انظر: الأوسط: 3/123، ومعالم السنن: 1/513، والاستذكار:4/206، والمغني: 2/151، والمجموع: 3/290.

(9/4854)


[3552-*] قال إسحاق: لا بأس أن يكون بين يدي المصلي شيئاً موضوعاً1 بالأرض إلا أن يكون نعلاً2. ولا يكون معلقاً بالقبلة.3
[3553-*] سئل إسحاق عن ركعتي الفجر؟ فقال: إذا أقيمت الصلاة لا يصليهما في بيته أحب إليّ، وأما في المسجد [ع-182/أ] فلا.4
__________
[3552-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها برقم: (293) .
1 في الأصل: "شيء موضوع"، والمثبت من: (ظ) .
2 في الأصل: "نعل"، والمثبت من: (ظ) .
3 وهذا هو نفسه رأي الإمام أحمد. قال ابن مفلح: ويكره أن يعلق في قبلته شيئاً لا وضعه بالأرض. قال أحمد: كانوا يكرهون أن يجعلوا في القبلة شيئاً حتى المصحف.
الفروع:1/484 ونحوه في المغني: 3/88. وانظر: الآداب الشرعية:3/378.
[3553-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها عن الإمامين برقم: (303) بشقها الثاني وهو قضاء الركعتين بعد طلوع الشمس. وأشار إلى شقها الأول، ابن رجب في فتح الباري: 4/72، وذكر عن حرب أنه نقل عن إسحاق، أنه إذا دخل المسجد بعد الإقامة وقبل شروع الإمام في الصلاة، فلا بأس أن يصلي.
4 انظر: سنن الترمذي: 2/284، والمجموع للنووي: 3/550، وفتح الباري لابن رجب: 4/71

(9/4855)


وإن قضاهما بعد الصلاة بعد طلوع الشمس أحب إليّ، وإن شاء لم يصلهما.1
[3554-] سئل إسحاق عن رجل قال: زوجت ابنتي من ابنك، فقال أبو الغلام: قبلت، ولم يذكر المهر؟
قال: النكاح جائز ولها مهر مثلها.2
[3555-*] قيل: فزوجها الولي من آخر؟
قال: ليس له نكاح، ولا مهر لها عليه، إلا أن يكون دخل
__________
1 مذهب إسحاق أن قضاء ركعتي الفجر، إذا فاتتا يكون بعد طلوع الشمس.
انظر: سنن الترمذي: 2/288، ومعالم السنن: 2/51، والأوسط: 5/228.
2 ذكر ابن المنذر في الإشراف: 61 مسألة مشابهة لهذه المسألة فقال: اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة ولم يسم لها مهراً، ثم يموت أو تموت. فقالت طائفة: لا مهر لها ... وقال طائفة أخرى: لها مهر مثل نسائها ... ثم قال: وبه قال الثوري وأحمد وإسحاق.
وانظر: المغني: 10/137، ومجموع الفتاوى: 32/62، وبدائع الفوائد: 4/98.
[3554، 3555-*] هذه المسألة مما انفردت بها نسخة (ع) . الأصل. وقد تقدمت بنصها برقم (1337) .

(9/4856)


بها.1
[3556-] قال إسحاق: سنة الإبل والشاء واحدة في الصدقات إحدى وعشرين.2
[3557-] واعتكف [إسحاق] 3 في العشر الأواخر، وكان يستنجي في الطست4 في المسجد، وبات ليلة الفطر في المسجد ثم دخل سحراً الحمام، ثم صلى الغداة، وقعد في المسجد واجتمع إليه بعض أصحابه فأفطر بما حضر ثم تطيب، فلما طلعت الشمس حسناً5 خرج إلى المصلى فكان يكبر في الطريق.
__________
1 ذكر ابن المنذر في الإشراف أيضاً: 41 مسألة مشابهة لهذه المسألة: فقال:
أكثر أهل العلم يقولون: إذا زوج المرأة الوليان بأمرها، فالنكاح للأول. هكذا قال الحسن ... وإسحاق. فإن دخل بها أحدهما فقال قتادة ... وإسحاق: هي زوجة الأول.
2 لم يظهر لي المقصود من كلام إسحاق.
3 الزيادة من: (ظ) .
4 الطست: ويقال: الطشت: آنية من الصفر. وهي أعجمية تعريبها: طسٌّ. تاج العروس: 5/5.
5 هكذا في النسختين. ولعل المعنى: بعد ما حسنت واكتملت في أعين الناظرين.

(9/4857)


[3558-] سئل إسحاق عن رجل أراد سفتجة1 من رجل إلى2 سجستان، فقال المطلوب: أنا أكتري لصاحبك إلى سجستان ليقبض المال رجلاً بأربعة آلاف درهم؟
قال: بكم يوجد رجلاً إلى سجستان3؟
قلت أنا: بمائة درهم.
قال: ثلاثة آلاف وتسعمائة [درهم] 4 ربى.
[3559-*] قال إسحاق: وأما المكاري والجمال وملاح السفينة والرعاء،
__________
1 السفتجة - بضم السين وفتحها وسكون الفاء وفتح التاء -: كتاب يكتبه المستقرض للمقرض إلى نائبه ببلد آخر، ليعطيه ما أقرضه. وفائدتها: السلامة من خطر الطريق ومؤنة الحمل. وهي لفظة أعجمية معربة من سَفْتَه.
التعريفات للجرجاني: 120، وتهذيب الأسماء واللغات: 3/149، والمطلع: 260.
وقد اختلف العلماء في جوازها. فمنعها قوم، وأجازها آخرون.
وممن أجازها أحمد وإسحاق كما في المسألة رقم: (1883) من كتاب البيوع من هذه المسائل. والصحيح أنها جائزة.
انظر: مجموع الفتاوى: 29/530، وتهذيب السنن:5/152، 153، والاختيارات الجلية لابن بسام - بهامش نيل المآرب: 3/65.
2 في (ظ) : في.
3 في (ظ) : بكم يوجد إلى سجستان رجل.
4 الزيادة من: (ظ) .
[3559-*] تقدم معنى هذه المسألة مختصراً عن الإمامين في المناسك في المسألة رقم: (1715) .

(9/4858)


ومن يخرج إلى مجشره1 في ضيعة2 لا يؤم سفراً في غزو ولا حج ولا عمرة ولا غير ذلك. فإن الاختيار لهم أن يتموا الصلاة لما رأى3 عثمان4 وابن مسعود5 - رضي الله عنهما - وغيرهما6 من التقصير في الحج والعمرة والجهاد وغير ذلك مما
__________
1 في الأصل: "بياض موضع الكلمة". والمثبت من: (ظ) .
وهي من الجَشَر وهم القوم الذين يخرجون بدوابهم إلى المرعى. كذا فسره البيهقي في سننه: 3/137 عند تخريجه لأثر عثمان في قصر الصلاة في السفر.
وانظر: النهاية: 1/273.
2 الضيعة: ما يكون منه معاش الرجل كالصنعة والتجارة والزراعة. النهاية: 3/108.
3 في (ظ) : روى.
4 روى عبد الرزاق: 2/521، وابن أبي شيبة: 2/446، وابن المنذر في الأوسط: 4/345، والبيهقي: 3/137 أن عثمان رضي الله عنه كتب أنه بلغني أن رجالاً يخرجون إما لجباية وإما لتجارة وإما لحشر، ثم لا يتمون الصلاة، فلا تفعلوا ذلك، فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصاً أو يحضره عدو.
ومعنى شاخصاً: أي مسافراً كما في النهاية: 2/225.
5 روى عبد الرزاق: 2/521، وابن أبي شيبة: 2/446، وابن المنذر في الأوسط: 4/345، والطحاوي في شرح معاني الآثار: 1/427، والطبراني في الكبير: 9/333، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لا تقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد.
6 كعمران بن حصين. فقد ذكر ابن المنذر في الأوسط: 4/344 أنه قال: إنما يقصر الصلاة من كان شاخصاً أو يحضره عدو.
ومعاذ وعقبة بن عامر - رضي الله عنهما - فقد أخرج ابن أبي شيبة: 2/447 عنهما وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قولهم: لا تغرنكم مواشيكم، يطأ أحدكم بماشيته أحداب الجبال، أو بطون الأودية؛ وتزعمون أنكم سفر. لا ولا كرامة. إنما التقصير في السفر البات من الأفق إلى الأفق.

(9/4859)


يشبهه.
فقد خرج من معنى ما وصفنا من المكاري والرعاء والجمّال. لذلك قلنا الاختيار لهم إتمام الصلاة مع ما فسر عطاء1 ونظراؤه2 من التابعين ذلك، كما وصفنا وبينا.3
__________
1 تفسير عطاء المشار إليه هو قوله: أرى أن لا تقصر الصلاة إلا في سبيل من سبل الخير، من أجل أن إمام المتقين، لم يقصر الصلاة إلى في سبيل من سبل الخير؛ حج أو عمرة أو غزو، والأئمة بعده أيهم كان يضرب في الأرض يبتغي الدنيا؟.
أخرجه عبد الرزاق: 2/522، 523، وذكره ابن المنذر في الأوسط: 4/345.
2 كإبراهيم التيمي. فقد روى عنه ابن أبي شيبة: 2/446 أنه كان لا يرى القصر إلا في حج أو جهاد أو عمرة.
وابن سيرين فقد أخرج عنه: ابن أبي شيبة: 2/446 أنه قال: كانوا يقولون: السفر الذي تقصر فيه الصلاة الذي تحمل فيه الزاد والمزاد.
3 لم يجزم إسحاق برأي واضح في هذه المسألة، بل جعل المسألة اختيارية، لكنه نص في المسألة رقم: (1715) من المناسك على أن القصر في غير الجهاد دون الحج، والعمرة سنة أيضاً. ولذلك ذكره ابن المنذر، مع القائلين بجواز القصر في غير سفر الجهاد، أو الحج، والعمرة. الأوسط: 4/343.

(9/4860)


[3560-*] قلت1 لإسحاق: في موتان الأرض. الموات في كل موضع؟ ويحتاج إلى إقطاع السلطان أم لا؟ وكيف يكون إحياؤه؟ وإن مات قبل أن يحيى يكون لورثته منه شيء أم هي2 لمن استحياها؟
قال: كل موات يكون في أرض العرب، وكل أرض لم يوضع عليها الخراج، وإن كان حوالي القرية بعد أن تكون عامراً لا يعلوها الماء؛ فهي لمن أحياها، لا يحتاج فيها إلى السلطان.3
فأما الأرضون التي وضع على قريته الخراج، فإنه لا بد من أن يقطع السلطان، لأنه ما أخذ من هذا الذي أحيى، وليس لورثة آخذ الموات شيء إذا لم يكن أحياها بزراعة أو حائط يحوط، أو ما أشبه ذلك من المُسَنَّاة4 حواليها.
__________
[3560-*] تقدم لإسحاق كلام طويل في المسألتين: (2328) و (2329) من كتاب البيوع تضمن ما قاله هنا في هذه المسألة وزيادة.
1 في (ظ) : سئل إسحاق.
2 هكذا في الأصل: "هي"، وفي ظ: "يكون".
3 انظر رأي إسحاق في إحياء الموات، بدون إذن السلطان في: سنن الترمذي: 3/654.
4 المُسَنَّاة: ضفيرة تبنى للسيل لترد الماء. سميت بذلك لأن فيها مفاتح الماء بقدر ما تحتاج إليه مما لا يغلب. اللسان: 14/406.

(9/4861)


[3561-*] قلت لأحمد: يكتب في الخاتم ذكر الله عز وجل أو شيء من القرآن؟
قال: لا يكتب فيه ذكر الله عز وجل.1
قال إسحاق: كما قال لما يدخل فيه الخلاء.2
[3562-] قلت: يكره إتيان المعادن؟
قال: أليس يروى: أنه لا يأتيها إلا شرار الخلق؟ 3
__________
[3561-*] نقل هذه المسألة: ابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/531، 532، وفي الفروع: 2/473، وابن رجب في أحكام الخواتيم: 88.
1 المذهب كراهة كتابة ذكر الله على الخاتم قرآناً أو غيره. وعنه لا يكره دخول الخلاء بذلك. فلا كراهة هنا. قال في الفروع: ولم أجد في الكراهة دليلاً، إلا قوله: لدخول الخلاء به. والكراهة تفتقر إلى دليل. والأصل عدمه. قال المرداوي: وهو الصواب. وقال ابن رجب: وقد روي عن كثير من السلف أنهم نقشوا على خواتيمهم الأذكار ... وذكر طائفة منهم.
انظر: الفروع: 2/473، والإنصاف: 3/145، وأحكام الخواتيم: 88، 95، وغذاء الألباب: 2/296.
2 انظر رأي إسحاق في المصادر المتقدمة.
3 أخرج الإمام أحمد في مسنده: 5/430 عن رجل من بني سليم عن جده رضي الله عنه أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بفضة فقال: هذه من معدن لنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ستكون معادن يحضرها شرار الناس" ورجاله ثقات غير الرجل؛ فإنه لم يُسمّ.
وروى عبد الرزاق: 11/12 بسنده عن رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لتظهرن معادن في آخر الزمان يخرج إليه شرار الناس".
وعنه عند الطبراني في الأوسط: 2/141 أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تظهر معادن كثيرة لا يسكنها إلا أراذل الناس". قال الهيثمي في المجمع: 7/331: وفيه من لم أعرفه.

(9/4862)


وعنه عند أبي يعلى في مسنده: 11/305 أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يظهر معدن في أرض بني سليم يقال له: فرعون أو فرعان - وذلك بلسان أبي الجهم - قريب من السوا يخرج إليه شرار الناس، أو يحشر إليه شرار الناس". قال الهيثمي 3/78: رجاله ثقات. ا.هـ
وفي الباب عن عبد الله بن عمر مرفوعا أخرجه الطبراني في الصغير 1/153، وفي الأوسط: "3556"، والخطيب في التاريخ 8/246، 247 وعبد الله بن عمرو بن العاص موقوفا أخرجه نعيم بن حماد في الفتن 2/611، والحاكم في المستدرك 4/458. والحديث صحيح بشواهده.
[] انظر: إتحاف الجماعة: 2/182-184، والسلسلة الصحيحة: حديث رقم: "1885".
قال إسحاق في إتيان المعادن: إذا أتاها لطلب المعيشة وفيه استصلاح الرعية لما يكون لبيت المال؛ فحسن.
[3563-*] قلت: هدية المشرك؟
__________
[3563-*] نقل هذه المسألة عن أحمد: ابن مفلح في الفروع: 4/638.
ونقل ما يوافقها ابن هانيء: 2/119.

(9/4863)


قال: أليس يقال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد1 وقبل؟ 2
قال إسحاق: يقبل ويكافئ إذا لم يكن حاكماً.
__________
1 روى أبو داود: 3/442، والترمذي: 4/140 وغيرهما أن عياض بن حمار المجاشعي أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هدية له أو ناقة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أسلمت. قال: لا. قال: فإني نهيت عن زبد المشركين" وسنده حسن. وزبد المشركين هداياهم.
وأخرجه أحمد: 29/29، وأبو عبيد في الأموال: 630، وابن أبي شيبة: 12/469 وغيرهم مرسلاً عن الحسن البصري.
وروى عبد الرزاق: 5/382، وأبو عبيد: 631، وابن عبد البر في التمهيد: 2/12 أن ملاعب الأسنة - واسمه عامر بن مالك - جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرض عليه الإسلام، فأبى أن يسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أقبل هدية مشرك". قال ابن حجر في الفتح: 5/230: رجاله ثقات إلا أنه مرسل. وقد وصله بعضهم عن الزهري ولا يصح.
2 روى البخاري تعليقاً (الصحيح مع الفتح: 5/ 230) ومسلم: (127) وغيرهما عن أنس رضي الله عنه أن أُكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبّة سندس.
وروى البخاري أيضاً (الصحيح مع الفتح: 3/344) ومسلم: (1392) أن صاحب أَيْلَة أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء. فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهدى له برداً.
[] وانظر: زاد المعاد: 5/77-79.
[3564-] نقل نحوها: حرب، كما في الفروع: 4/559، قال: "القطائع جائزة"، ونقل ما يخالفها المروذي ويعقوب بن بختان ومحمد بن داود المصيصي، لكن بقيود تجعل أصل الرواية عندهم موافقة حرب فيما رواه، انظر: الفروع: 4/559.

(9/4864)


[3564-] قلت: القطيعة1 ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
قال: هو ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.2
قال إسحاق: شديداً.
[3565-*] قلت: قطع السدر؟
قال: إني أحب أن أتوقاه.3
__________
1 القطيعة، والإقطاع: ما اقتطع من الشيء. واستقطعه: سأله أن يقطعه. وأقطعته قطيعة: أي طائفة من أرض الخراج. وأقطعه نهراً: أباحه له. والإقطاع نوعان: إقطاع تمليك، وإقطاع إرفاق.
[] اللسان: 8/280، 281، والأحكام السلطانية: 228-236.
2 روى البخاري (الصحيح مع الفتح: 6/252) ومسلم (2182) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضى الله عنها – "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضاً". وفي رواية مرسلة للبخاري: "أرضاً من أموال بني النضير".
وتنظر روايات أخرى لهذا الحديث، وأحاديث أخرى في إقطاع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبعض الصحابة في:
[] الأموال لأبي عبيد: 347 وما بعدها، والأموال لابن زنجويه: 2/613 وما بعدها، والأحكام السلطانية: 227-236، والمغني: 8/162، 163.
[3565-*] نقل ما يوافق هذه الرواية ابن هانيء: 2/181، وأبو طالب كما في العدة لأبي يعلى: 4/1179، 1241، والمسودة: 478.
3 كره الإمام أحمد قطع السدر. وقال: قلّ إنسان فعله إلا رأى ما يكره في الدنيا. فتح الباري لابن رجب: 2/415.
وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/627: قال أحمد بن حنبل: ليس فيه حديث صحيح. وكان بعد هذا يكره قطعه

(9/4865)


[3566-] قلت: الحديث1 في الحرم أو الحرم وغير الحرم؟
قال: الحرم وغير الحرم.2
__________
1 أي حديث قطع السدر وهو ما أخرجه أبو داود: 5/404، والنسائي في الكبرى: 8/21، والفسوي في المعرفة والتاريخ:1/267، والطحاوي في مشكل الآثار: 4/119، 120، والطبراني في الأوسط: 3/50، والبيهقي: 6/139 من طرق عن عبد الله بن حُبْشِي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قطع سدرة صوَّب الله رأسه في النار". وعند الطبراني: "يعني من سدر الحرم".
والحديث له شواهد، عن عائشة رضى الله عنها، ومعاوية بن حيدة، وبهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، وغيرهم. وكل ذلك لم يصح منه شيء عند الإمام أحمد.
قال في رواية أبي طالب -كما في العدة-:4/1179:ليس في النبق حديث صحيح.
وتبعه على ذلك العقيلي في الضعفاء الكبير: 4/396، والموصلي في المغني عن الحفظ والكتاب: 437، وابن القيم في المنار المنيف: 127. إلا أن الألباني صحح الحديث بمجموع طرقه كما في السلسلة الصحيحة: حديث رقم: "614".
وانظر: مصنف عبد الرزاق: 11/11، ومختصر اختلاف العلماء: 4/391، والآداب الشرعية: 3/443، ورفع [] الخدر عن قطع السدر للسيوطي كما في الحاوي للفتاوى: 2/54-57، والتحديث: 174، 175 للشيخ بكر أبو زيد.
2 تقدم في تخريج الحديث عند الطبراني في الأوسط: 3/50 النص على أنه سدر الحرم.
وإلى ذلك أشار السيوطي في رفع الخدر: 2/57 حيث قال: والأولى عندي في تأويل الحديث أنه محمول على سدر الحرم كما وقع في رواية الطبراني. ا. هـ ونحوه في كشف الخفا للعجلوني: 2/357

(9/4866)


[3567-] قلت: الرجل يريد أن يبني في مكانه كيف يصنع؟
قال: إذا كان [في] 1 موضع الضرورة فهو أهون من [أن] 2 يقطعه في غير شيء.
قال إسحاق: كما قال [ع-182/ب] . ومعنى ذلك في الأصل في الحرم. إلا أن التوقي في غير الحرم حسن أيضاً.3
[3568-] قلت: السحر حق؟
قال: بلى.4 أليس النبي - صلى الله عليه وسلم – قد
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 ذكر ابن رجب في الفتح: 2/415 عن إسحاق وجماعة كراهة قطع الشجر الذي يثمر.
4 هذه الرواية تدل على أن للسحر حقيقة، وهو المذهب. انظر: المغني: 8/150، المبدع: 9/188، معونة أولي النهى: 8/573. والذي عليه عامة العلماء أن السحر له حقيقة. وهذا هو الصحيح الذي يدل عليه الكتاب والسنة. ولولا أن له حقيقة لما أمر بالاستعاذة منه. وخالف ذلك ابن حزم وبعض الفقهاء من أتباع المذاهب فقالوا: هو تخييل فقط، ولا حقيقة له.
انظر: الإفصاح لابن هبيرة:2/226، والمغني: 8/150، وشرح النووي لمسلم: 14/174، وزاد المعاد: 4/124، وبدائع الفوائد: 2/746، وفتح الباري: 10/222، وتيسير العزيز الحميد: 382

(9/4867)


سحر.1
قال إسحاق: كما قال.
[3569-*] قلت: يكره أن يجلس الرجل بين الظل والشمس؟
قال: هذا مكروه.2 أليس قد نهي عن ذا.3
__________
1 ثبت ذلك في الصحيحين كما روت عائشة - رضى الله عنها - قال: "سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهودي من بني زريق يقال له: لبيد بن الأعصم، قالت: حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله ... " الحديث.
انظر: صحيح البخاري مع الفتح: 10/221، وصحيح مسلم بشرح النووي: 14/174.
[3569-*] نقل هذه المسألة: ابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/159، وابن القيم في البدائع: 4/164.
2 انظر الكراهة في: الآداب الشرعية: 3/159، وغذاء الألباب: 2/360.
3 روى الإمام أحمد في المسند: 3/413 بسنده عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم – "نهى أن يُجْلَس بين الضحِّ والظل"، وقال: "مجلس الشيطان" ورواه الحاكم: 4/271 دون قوله: مجلس الشيطان. وفيه تسمية الصحابي أبي هريرة. وللحديث شاهد عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً دون قوله: مجلس الشيطان. أخرجه ابن أبي شيبة: 8/492، وابن ماجه: 2/1227. وللحديث لفظ آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه الظل، وصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل، فليقم". أخرجه أبو داود: 5/162، والحميدي في مسنده: 2/482، وأحمد: 2/383.
والحديث صحيح بمجموع طرقه كما في السلسلة الصحيحة: (837) (838) .

(9/4868)


قال إسحاق: قد صح النهي فيه1 عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولكن لو ابتدأ فجلس فيه2 أهون.
[3570-*] قلت: يكره التفل في الرقية؟
قال: أليس يقال: إذا رقى نفخ ولم يتفل؟ 3
قال [إسحاق] :4 كما قال.
__________
1 تقدمت الإشارة إلى تصحيح النهي في تخريج الحديث.
2 أي: في الظل.
[3570-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/457، وابن القيم في البدائع: 4/165.
3 قال في الفروع 2/172: وفي كراهة التفل والنفخ في الرقية روايات. الثالثة يكره التفل. وقال في الآداب 2/457: ويكره التفل بالريق، والنفخ بلا ريق.
وقال السامري في المستوعب: وكره النفث في الرقى ولا بأس بالنفخ. وذكر ابن القيم في الزاد: 4/179 كلاماً يدل على جواز الأمرين. وكذا رجح ابن عبد البر في التمهيد: 8/133 جواز النفث، وأجاب عن شبهة المانعين. والله أعلم.
4 الزيادة من: (ظ) .

(9/4869)


[3571-*] قلت: يكره للمرأة أن تستلقي على قفاها؟
فقال: إي والله.1 يروى عن عمر بن عبد العزيز أنه كرهه.2
قال إسحاق: كما قال.3
[3572-] قلت: يكره أن يقول الرجل: ما شئت؟
__________
[3571-*] نقل هذه المسألة ابن أبي يعلى في الطبقات: 1/115، وابن مفلح في الآداب: 3/416 و 2/389 ولم ينسبها في الموضع الثاني. وروى مهنا ما يوافقها كما في بدائع الفوائد: 4/164، والآداب الشرعية: 3/251، وهي في المسائل التي حلف عليها أحمد لابن أبي يعلى: 35، وفي إعلام الموقعين: 4/166 غير منسوبة.
1 علل الكراهة في غذاء الألباب: 2/356 بقوله: وكأن ذلك مع كونه مظنة انكشاف العورة أقرب إلى وصول الأمر الفظيع إليها، وهو وسيلة للطمع فيها. وقال في الآداب الشرعية: 2/389: ولعل المراد غير حال المجامعة، مع أن كراهته مطلقاً تفتقر إلى دليل، والأصل عدمه.
2 روى ابن أبي شيبة: 4/383 بسنده عن حميدة مولاة، لعمر بن عبد العزيز قالت: كان عمر يقول: لا تدعين بناتي ينمن مستلقيات على ظهورهن، فإن الشيطان يطمع ما دمن كذلك. وروى بسنده أيضاً عن ابن سيرين أنه كان يكره أن تكون المرأة مستلقية.
3 انظر رأي إسحاق في طبقات الحنابلة: 1/115

(9/4870)


قال: كان عثمان رضي الله عنه يكرهه،1 وإن قال: إن شئت، أحسن [ظ-113/أ] .2
قال إسحاق: نهيهما3 واحد. إلا أنه يبدأ ما شاء الله عز وجل ثم شئت.4
[3573-*] قلت: يكره أن يكنى المشرك؟
قال: أليس قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دخل على سعد ابن عبادة5 فقال له: "أما ترى ما يقول أبو
__________
1 لم أجده.
2 لم أقف على كلام أحمد في هذا الشأن.
3 في (ظ) : هما.
4 لم أجد قول إسحاق. وقوله هذا موافق للفظ الحديث الذي رواه النسائي في المجتبى: 7/10 وفيه: "فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة. وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت". والحديث صحيح كما في السلسلة الصحيحة: (136) .
[3573-*] نقل هذه المسألة الخلال في أحكام أهل الملل: 2/464، وعنه ابن القيم في أحكام أهل الذمة: 2/769. ونقلا في معناها عن عدد من أصحاب أحمد منهم ابن هانيء كما في مسائله: 2/180.
5 في النسختين: زرارة. وهو خطأ. والتصويب من مصادر التخريج.

(9/4871)


الحباب؟ 1".2
قال [إسحاق] 3: ليس في هذا بيان.
ولكن له أن يكنيه إذا كان يعرض عليه الإسلام، أو يكون سبب آخر، وإن كانت حاجة لدنيا إليه فكنيته فلا بأس.
[3574-*] قلت: [يكره] 4 أن يكنى بأبي القاسم أو بأبي عيسى؟
__________
1 أبو الحباب - بضم الحاء وفتح الباء المخففة -: هي كنية عبد الله بن أبيّ. وكان حينئذٍ لم يظهر الإسلام كما هو بيّن في سياق الحديث وآخره.
الفتح: 10/592.
2 أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 10/591) في حديث طويل.
والمذهب أن المشرك يمنع من التكني بكنى المسلمين، وما عدا ذلك فيجوز. قال في الفروع: ويتوجه احتمال وتخريج: يجوز للمصلحة ويحمل ما روي عليه.
انظر: المغني: 13/248، والفروع: 6/269، وأحكام أهل الذمة: 2/771، والإنصاف: 4/232.
3 الزيادة من: (ظ) .
[3574-*] نقل هذه المسألة عن أحمد فقط: أبو يعلى في الروايتين والوجهين: 3/136.
ونقل صالح: 3/210، وحنبل، وعلي بن سعيد كما في الروايتين كراهة التكني مطلقاً.
4 الزيادة من: (ظ) .

(9/4872)


قال: عمر - رضي الله عنه - كره أبا عيسى1،2 وأما إذا لم
__________
1 روى أبو داود: 5/247 عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه ضرب ابناً له تكنى أبا عيسى، وأن المغيرة بن شعبة تكنى بأبي عيسى فقال له عمر: أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنّاني، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنا في جَلْجَتِنَا، فلم يزل يكنى بأبي عبد الله حتى هلك.
وقوله: "جلجتنا" الجَلج: قال ابن قتيبة: معناه: وبقينا نحن في عدد من أمثالنا من المسلمين لا ندري ما يصنع بنا. النهاية: 1/283.
وروى ابن شَبَّة في أخبار المدينة: 2/321، 322 عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "كان عمر رضي الله عنه إذا بعثني إلى أحد من ولده قال لي: لا تخبره لم بعثتك إليه، فلعل الشيطان يعلمه كذبه. فجاءت أم ولد لعبد الرحمن، فقالت: إن أبا عيسى لا ينفق عليّ ولا يكسوني. قال: ويحك، من أبو عيسى؟ قالت: ابنك عبد الرحمن. فقال: وهل لعيسى من أب؟! قال: فأرسلني إليه ... إلى أن قال: ثم جاء عبد الرحمن فقال: هل لعيسى من أب! يكنى أبا عيسى هل لعيسى من أب". ونحوه في مصنف عبد الرزاق: 11/42.
2 قال في الفروع: 3/565: ويكره التكني بأبي عيسى. احتج أحمد بفعل عمر. ا.هـ
ونحوه في الآداب الشرعية: 3/146 وزاد: وذكره القاضي وابن عقيل، ولم يذكر له دليلاً. ثم ذكر رواية الكوسج هنا، وقال: قال الشيخ تقي الدين: فإنما كره أبا عيسى دون أبي يحيى. والفرق ظاهر.
وانظر: الغنية: 38 للشيخ عبد القادر الجيلاني.

(9/4873)


يكن اسمه محمد فهو أهون، وهو يقبل على معنى أن يكنى أبا القاسم.1
قال إسحاق: كما قال.
[3575-*] قلت: تكنى المرأة؟
قال: عائشة - رضى الله عنها - كناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم
__________
1 التكني بأبي القاسم فيه ثلاث روايات في المذهب:
الأولى: لا يكره.
قال المرداوي: وهو الصواب بعد موته صلى الله عليه وسلم، وقد وقع فعل ذلك من الأعيان، ورضاهم به يدل على الإباحة.
الثاني: يكره مطلقاً.
قال المرداوي: لظاهر الأحاديث.
الثالثة: يكره لمن اسمه محمد فقط. ا.هـ من تصحيح الفروع: 3/565.
ورجح ابن القيم في الزاد: 2/347 أن التكني بكنيته ممنوع منه، والمنع في حياته أشد، والجمع بينهما أشد.
[] وانظر: الغنية: 38 للشيخ عبد القادر الجيلاني، وتحفة المودود: 124-129، والسلسلة الصحيحة: (2946) .
[3575-*] نقل هذه المسألة عن الإمامين ابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/166. وابن القيم في البدائع: 4/163 لكن عن أحمد فقط. ومثله ابن مفلح في الفروع: 3/566 ولم ينسبها.

(9/4874)


عبد الله1.2
قال إسحاق: حسن كما قال.
[3576-*] قلت: يكره السير الشديد؟
قال: أما في الأمر الذي يحدث، فإنه لشديد على الدابة.3
قال إسحاق: هو واسع إذا احتمل أولم يثقله، وهذا فيه سنة: ابن عمر - رضي الله عنهما - سار مسيرة ثلاث في يوم
__________
1 روى أبو داود: 5/253، وأحمد في مسنده: 6/107، 260، وأبو يعلى الموصلي: (4500) ، والطبراني في الكبير: ق13/89 وغيرهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضى الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله، كل صواحبي لهن كنى، قال: "فاكتني بابنك عبد الله".
وأخرجه الإمام أحمد في المسند: 6/186، وفي مسائل صالح: 2/410 بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا تكتنين؟ قالت: بمن أكتني؟ قال: ... " الحديث. وإسناده صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة: (132) .
2 يجوز تكنية المرأة بأم فلان وأم فلانة. ذكره في الفروع: 3/566.
[3576-*] نقل هذه المسألة عن أحمد: ابن مفلح في الفروع: 6/206، وصاحب المبدع: 3/337. ونقل ما يوافقها ابن هانيء: 2/192.
3 لا يجوز السير الشديد، بل لا بد من الرفق، وهذا في حال السعة. أما إذا دعت الحاجة إلى الجد في السير جاز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جد في السير حين بلغه قول عبد الله بن أبيّ (ليخرجن الأعز منها الأذلّ) .
انظر: المغني:13/36، والفروع: 6/206، والمبدع: 3/336

(9/4875)


[حين] 1 حزبه أمر.2
[3577-*] قلت: يكره الخضاب بالسواد؟
قال: إي والله مكروه.3
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 روى الإمام أحمد:2/51 بسنده إلى نافع مولى ابن عمر: "أن ابن عمر استصرخ على صفية، فسار في تلك الليلة مسيرة ثلاث ليال ... " الحديث. ومثله في أبي داود:2/15.
وصفية هي زوجته بنت أبي عبيد، كما وقع مصرحاً به في بعض روايات الحديث، وهي أخت المختار ابن أبي عبيد الذي ادعى النبوة. وأصل قصة إسراع ابن عمر في الصحيحين بدون ذكر المسافة. البخاري (الصحيح مع الفتح: 6/139) ، ومسلم: (703) .
وانظر: البيان والتحصيل: 18/76، وفتح الباري: 2/572.
[3577-*] نقل هذه المسألة عن الإمامين ابن القيم في البدائع: 4/106، ونقلها الخلال في الترجل: 139، 141. والقاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية: 307 عن أحمد. ونقلها عنه ولم ينسبها كل من: ابن أبي يعلى في المسائل التي حلف عليها أحمد: 32، وابن قدامة في المغني: 1/127، وابن القيم في الإعلام: 4/166، وفي تهذيب السنن: 6/104، وابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/336. ونقل ما يوافقها الخلال في الترجل: 139، 140 عن صالح - ولم أجدها في مسائله - وحنبل والميموني.
3 الخضاب بغير السواد حمرة وصفرة سنة، ويكره بسواد. نص عليه. وقيل يكره بسواد في غير حرب. وقيل يمنع في حرب وغيره.
انظر: الأحكام السلطانية: 307، والغنية: 17، والمغني: 1/127، والفروع: 1/131، والإنصاف: 1/256، 257، وغذاء الألباب: 1/408.

(9/4876)


قال إسحاق: شديداً كما قال، إلا أن يريد [به] 1 تزيناً لأهله، ولا يغر به امرأة.2
[3578-*] قلت: يكره أن يقول الرجل للرجل: فداك أبي وأمي؟
قال: يكره أن يقول: جعلني الله تعالى فداك، ولا بأس أن يقول: فداك أبي وأمي.3
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 روى نحو ذلك حرب في مسائله لأحمد وإسحاق: (134ق) .
[3578-*] نقل هذه المسألة ابن القيم في بدائع الفوائد: 4/106، ونقلها عن أحمد فقط، ابن القيم في البدائع: 4/164، وابن مفلح في الآداب: 1/392، والسفاريني في غذاء الألباب: 1/291، وأشار إليها ابن مفلح في الفروع: 6/271 ولم ينسبها. ونقل ما يوافقها عن بشر بن موسى: السفاريني في غذاء الألباب: 1/391.
3 قال في الفروع 6/271: ولم يكره أحمد: فداك أبي وأمي لأنه - صلى الله عليه وسلم - قاله في الصحيحين وغيرهما. وكره: جعلني الله فداك. ثم ذكر دليلاً على جواز جعلني الله فداك. ونحو ذلك قال في الآداب الشرعية: 1/392 ثم ذكر أحاديث تدل على الجواز أيضاً. وقال السفاريني في غذاء الألباب: 1/291: والمعتمد لا كراهة -إن شاء الله- لصحة الأخبار.
وانظر للجواز: تهذيب الآثار للطبري (مسند علي": 111، وفتح الباري: 10/568، 569.

(9/4877)


قال إسحاق: كما قال.
[3579-*] قلت: يكره أن يزين المصحف بالذهب أو يُعَشّر؟
قال: أما يُعَشّر فليس به بأس، وأما النقط ما أنفعه،1 والتزيين بالذهب والفضة مكروه.2
__________
[3579-*] نقل ما يتعلق بالنقط والعشر من هذه المسألة أبو يعلى في الروايتين: 3/142.
ونقل ما يخالفها عن بكر بن محمد وصالح - ولم أجدها في المطبوع -. ونقل عن حرب ويعقوب بن بختان: تكره العشور ونحو ذلك. إلا النقط فإنه فيه منفعة. وأشار إلى مسألة التعشير: ابن مفلح في الآداب: 2/283، وفي الفروع: 1/194.
1 قال في الآداب الشرعية: ويكره التعشير فيه - أي في المصحف - وعنه لا بأس به. قال: وعنه: يستحب نقطه. الآداب الشرعية: 2/283. ونحوه في الفروع:1/194، ورجح المرداوي في تصحيحه للفروع عدم الكراهة في ذلك. قال: وهو الصواب. وعليه عمل الناس في هذه الأزمنة. ا. هـ وانظر: مجموع الفتاوى:12/576.
2 قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/333: وتكره تحليته - أي المصحف - بذهب أو فضة. قدمه ابن تميم وابن حمدان. وعنه لا يكره. وقيل: يحرم كبقية الكتب. وقيل: يباح علاقته للنساء دون الرجال. وليس بصحيح لأن هذا جميعه لم ترد به السنة، ولا نقل عن السلف فيه شيء مع ما فيه من إضاعة المال. ا.هـ ونحوه في الفروع:1/192، وانظر: كشاف القناع:1/155و2/273.

(9/4878)


قال إسحاق: كل ذلك مكروه. لأنه محدث.
[3580-*] قلت: يكره أن يجتمع القوم يدعون الله سبحانه وتعالى ويرفعون أيديهم؟
قال: ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا [على] 1 عمد، إلا أن يكثروا.
قال إسحاق: كما قال.
وإنما معنى أن [لا] 2 يكثروا: يقول: أن لا يتخذونها [ع-183/أ] عادة حتى يعرفوا به.3
__________
[3580-*] نقل هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: 2/360، وابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/102.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 الزيادة من: (ظ) .
3 ذكر شيخ الإسلام في الاقتضاء: 2/630، 631 رواية الكوسج هذه وذكر معها روايات بالجواز مطلقاً. ثم قال: فقيد أحمد الاجتماع على الدعاء بما إذا لم يتخذ عادة. وقال - أي شيخ الإسلام - قبل ذلك: فَفَرْقٌ بين ما يتخذ عادة، فإن ذلك يضاهي المشروع. وهذا الفرق هو المنصوص عن الإمام أحمد. وغيره من الأئمة.... ثم ذكر رواية الكوسج وغيرها.

(9/4879)


[3581-*] قلت: قال جابر:" استأذنت [على] النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، [قال: أنا أنا] 1 "؟ 2
قال: هو بمنزلة دق الباب حتى يقول: أنا فلان.3
قال إسحاق: إنما معنى كراهيته أن لم يسم4 حتى يعرف. يقول: حتى يقول: أنا فلان.
[3582-*] قلت: أتكره أن يمشي الرجل في نعل واحدة، أو خف واحدة؟
__________
[3581-*] نقل معنى هذه المسألة عن المرُّوذي وعبد الله: ابن مفلح في الآداب الشرعية: 1/399. وعنه السفاريني في غذاء الألباب: 1/309.
1 الزيادة من: (ظ) .
2 أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 11/35) ، ومسلم: (2155) .
3 قال ابن مفلح: ليزول اللبس بذكر ما يميزه من كنية أو غيرها كقول أم هاني: أم هاني، وقول أبي قتادة: أبو قتادة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال عبد الله: طرق أبي الباب فقيل: من هذا. قال: أبو عبد الله. الآداب الشرعية: 1/399.
وانظر: غذاء الألباب: 1/309.
4 في الأصل: "يسمي". والمثبت من: (ظ) .
[3582-*] نقل نحو هذه المسألة - أي مسألة المشي في نعل واحدة - ابن حمدان في تهذيب الأجوبة: 20 عن الأثرم. ونقلها ابن مفلح في الآداب الشرعية: 3/ 543 عن محمد ابن الحسن بن بدينا والأثرم، قال: وجماعة.
ونقل نحو مسألة الانتعال قائماً: ابن مفلح في الآداب: 3/543، والمرداوي في تصحيح الفروع: 1/358 عن الجماعة. قالا: زاد في رواية إبراهيم بن الحارث والأثرم: الأحاديث فيه على الكراهة

(9/4880)


قال: إِي لعمري،1 ولا ينتعل [الرجل] 2 قائماً.3
قال إسحاق: كما قال.
[3583-*] قلت4: أينتعل اليسرى قبل اليمنى، أو ينزع اليمنى
__________
1 يكره المشي في نعل واحدة بلا حاجة. ونصه: ولو يسيراً لإصلاح الأخرى، قال جماعة: والمراد لأنه من الشهرة. قاله في الفروع: 1/357، ونحوه في الآداب الشرعية: 3/543. وقال القاضي وابن عقيل والشيخ عبد القادر: يجوز من غير كراهة.
انظر: الفروع: 1/357، وغذاء الألباب: 2/300.
2 الزيادة من: (ظ) .
3 في الانتعال قائماً روايتان:
إحداهما: يكره، للأحاديث الدالة على الكراهة. وهو الصحيح. واختاره القاضي وغيره.
والرواية الثانية: لا يكره، نقلها أبو بكر الخلال عن الحسين بن علي بن الحسن أنه سأل الإمام أحمد عن الانتعال قائماً؟ قال: لا يثبت فيه شيء. قال القاضي: فظاهر هذا أنه ضعف الأحاديث في النهي، والصحيح عنه ما ذكرناه، يعني من الكراهة.
انظر: الآداب الشرعية: 3/543، وتصحيح الفروع: 1/358، 359.
[3583-*] نقل هذه المسألة: ابن مفلح في الآداب: 3/543.
4 في الأصل: "قال". والمثبت من: (ظ) .

(9/4881)


قبل اليسرى؟
قال: أكره1 هذا كله.2
قال إسحاق: كما قال.
[3584-] قلت: يقطع الرجل رجله من الأَكِلَة3؟
قال: عروة،4 أليس قد فعل؟ 5 إذا كان يخاف على أكثر من
__________
1 في (ظ) : يكره.
2 يسن أن يبدأ بخلع اليسرى ولبس اليمنى بيساره فيهما، والمسجد ونحوه فيهما سواء.
انظر: الآداب الشرعية: 3/543، وغذاء الألباب: 2/303.
3 الأَكِلَة على وزن فَرِحَة: داء في العضو يأتكل منه. من أَكِلَ العضو والعود كفَرِحَ وائتكل وتأَكَّل: أكل بعضه بعضاً. القاموس: 3/329.
4 عروة بن الزبير بن العوام: عالم المدينة وأحد الفقهاء السبعة. ولد سنة ثلاث وعشرين، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق. وهو الذي حفر بئر عروة في ناحية العقيق، وما بالمدينة أعذب من مائها. ابتلي بقطع رجله وموت ولده محمد أثناء قدومه على الوليد بن عبد الملك، فصبر على ذلك. وكان يتألف الناس على حديثه ولم يدخل في شيء من الفتن. مات سنة 93 وقيل غير ذلك.
[] انظر: طبقات ابن سعد: 5/178-182، وفيات الأعيان: 3/255، السير: 4/421.
5 روى ابن سعد في الطبقات: 5/181 عن سعد بن إبراهيم قال: كان برجل عروة أكلة فقطع رجله. وروى الإمام أحمد في الزهد: 444 عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان يقول: ما أحسن صنع الله عز وجل إليّ أخذ مني واحدة وترك لي ثلاثة، وكان قطع رجله من أكلة خرجت من الركبة قال: وكان يقول: وأيمك لئن كنت ابتليت لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت.
والقصة مخرجة في تاريخ أبي زرعة الدمشقي: 1/552، والمعرفة والتاريخ للبسوي: 1/553، والمرض والكفارات لابن

(9/4882)


[] أبي الدنيا: 113-119 و135-140 - وقد رواها بعدة أسانيد وبألفاظ مختلفة -، والحلية لأبي نعيم: 2/178، 179 وشعب الإيمان للبيهقي: 7/197، 198.
[] وانظر: تهذيب الكمال: 20/19-20، والسير: 4/429-431.
ذلك.
قال إسحاق: كما قال.
[3585-*] قلت: يكره التحريش بين الدواب؟
قال: سبحان الله، إي لعمري.1
قال إسحاق: كما قال.
__________
[3585-*] نقل هذه المسألة: ابن القيم في البدائع: 4/105، وابن مفلح في الآداب: 3/342.
1 قال في الآداب الشرعية: 3/342: ويكره التحريش بين الناس وكل حيوان بهيم؛ ككباش وديكة وغيرهما، ذكره في الرعاية الكبرى. وذكر في المستوعب أنه لا يجوز التحريش بين البهائم انتهى كلامه. فهذان وجهان في التحريش بين البهائم. ا.هـ

(9/4883)


[3586-*] قلت: الديباج1 في الحرب؟
قال: ما يعجبني في الحرب ولا في غيره.2
قال إسحاق: بل هو جائز في الحرب إذا كان ذلك أهيب للعدو.
[3587-] قلت: يقيد العبد أو يجعل في عنقه راية3؟
قال: أما الراية فمثلة،4 وأما القيد على ذاك5 إذا كان يحبسه.
__________
[3586-*] نقل أبو داود: 350 ما يوافق هذه الرواية. ونقل الأثرم كما في المغني: 2/307 ما يخالفها؛ وهو جواز لبس الحرير في الحرب، وأنه لا بأس به.
1 الديباج: هو الحرير.
2 في لبس الحرير في الحرب روايتان:
إحداهما: يباح. وهو المذهب، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.
والثانية: لا يباح. اختاره ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في المستوعب والمحرر.
انظر: المغني: 2/306، 307، وشرح العمدة " كتاب الصلاة ": 305، والفروع: 1/350، والآداب: 3/503، والإنصاف: 1/478، 479.
3 الراية: حديدة مستديرة على قدر العنق تجعل فيه. النهاية: 2/291.
4 لعل مستند الإمام أحمد ما ورد عن السلف من كراهة الراية، وإباحة القيد. كما روى ابن أبي شيبة في المصنف عن جابر رضي الله عنه وعن الحسن البصري: أنهما كرها أن يجعل الرجل في عنق غلامه الراية. وروى عن طاووس أنه كان يكره الضرب، ويقول: القيد. المصنف: 9/121، 122.
5 أي على الإباق.

(9/4884)


قال إسحاق: لا تجوز1 الراية إلا أن يكون آبقاً معروفاً [به] 2 فيجعل ذلك في عنقه لكي يعرف به فيرد. وأما القيد فأكرهه لحال الصلاة، إلا أن يحله في وقت الصلاة.
[3588-*] قلت: كيف يكتحل الرجل؟
قال: وتراً،3 وليس4 له إسناد.5
__________
1 في الأصل: "لا تجاوز". والتصويب من: (ظ) .
2 الزيادة من: (ظ) .
[3588-*] نقل هذه المسألة الخلال في الترجل: 80، وابن قدامة في المغني: 1/128 ولم ينسبها.
3 قال في المغني: 1/128: ويستحب أن يكتحل وتراً. ا.هـ ومثله في شرح العمدة " كتاب الطهارة ":225.
وكيفية الإيتار: أن يكتحل في كل عين مرة واحدة أو ثلاثاً أو خمساً. وقيل: أن يجعل في العينين ثلاثاً أو خمساً: في اليمنى ثنتين، وفي اليسرى واحدة. أو في اليمنى ثلاثاً وفي اليسرى ثنتين. والصفة الأولى أصح، وحديثها أشهر وأثبت، وفيها مساواة بين العينين في النفع والزينة.
انظر: المصدرين السابقين، والغنية 17، والفروع: 1/129، وفتح الباري: 10/158.
4 في الأصل: "أوليس" بصيغة الاستفهام. والمثبت من: (ظ) ، وهو الموافق لأسلوب الإمام أحمد كما سيأتي في التعليق التالي.
5 لعل الإمام أحمد يشير إلى الحديث المشهور: "استاكوا عرضاً، وادهنوا غباً، =

(9/4885)


..................................................................................................
__________
= واكتحلوا وتراً". فقد قال عنه النووي في المجموع 1/333: هذا الحديث ضعيف غير معروف.
قال الشيخ أبو عمر بن الصلاح رحمه الله: بحثت عنه، فلم أجد له أصلاً، ولا ذكراً في شيء من كتب الحديث. واعتنى جماعة بتخريج أحاديث المهذب فلم يذكروه أصلاً. ا.هـ وانظر: المقاصد الحسنة: 53، وكشف الخفا: 1/133.
تنبيه: ورد الأمر بالاكتحال وتراً أيضاً في سنن أبي داود - كتاب الطهارة -: 19 - باب الاستتار في الخلاء: 1/133، وفي مسند الإمام أحمد: 2/371، وفي تهذيب الآثار لابن جرير الطبري "مسند ابن عباس":1/482 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج".
ومداره كما قال الحافظ في التلخيص: 1/103 على أبي سعيد الخبراني الحمصي وفيه اختلاف، وقيل: إنه صحابي ولا يصح، والراوي عنه حصين الخبراني؛ وهو مجهول. ا.هـ وللحديث ألفاظ أخرى وطرق مختلفة عند الإمام أحمد:2/351، 356، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار:1/478، 481 وكلها لا تخلو من ضعف.
قلت: فإن كان الإمام أحمد يقصد هذا الحديث –وهو الذي أرجحه- فيكون معنى قوله: ليس له إسناد. إي إسناد ثابت. وهذا معروف من أسلوبه رحمه الله كما صرح به أبو داود في مسائله: 404، وانظر: فتح الباري لابن رجب: 2/289، وأحكام النساء للخلال: 47.
تنبيه آخر: هذا الكلام المتقدم في قضية الاكتحال وتراً من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمّا ورود ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم فقد روى أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: 182 عن أنس رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في اليمنى ثلاثاً وفي اليسرى اثنتين بالإثمد" وهو عند ابن سعد في الطبقات: 1/484، وابن أبي شيبة: 8/411 مرسلاً. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: "633".
وروى الإمام أحمد: 1/354، وابن ماجة: 2/1157، والترمذي: 4/234، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار "مسند ابن عباس":1/471 وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: 181، وغيرهم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكحلة يكتحل بها عند النوم ثلاثاً في كل عين". قال ابن تيمية في شرح العمدة: 226: وهذا أشهر وأثبت. وقال أحمد شاكر في تعليقه على المسند: 5/111: إسناده صحيح.
وضعفه الألباني في الإرواء: 1/119.

(9/4886)


قال إسحاق: السنة أن يكتحل وتراً ثلاثاً في الأولى، وثنتين في الآخرى، فإن اكتحل في كل عين ثلاثاً جاز.
[3589-] قلت: يسبح الرجل بالنوى؟
قال: قد فعل ذلك أبو هريرة1
__________
1 روى ابن سعد في الطبقات عنه رضي الله عنه "أنه كان يسبح بالنوى المجزع". وروى ابن أبي شيبة: 2/390، وأبو داود في سننه: 2/626، وأحمد في المسند: 2/540 عن أبي نضرة حدثني شيخ من طفاوة قال: تثويت أبا هريرة رضي الله عنه بالمدينة فلم أر رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد تشميراً ولا أقوم على ضيف منه، فبينما أنا عنده يوماً وهو على سرير له ومعه كيس فيه حصى أو نوى، وأسفل منه جارية له سوداء، وهو يسبح بها، حتى إذا أنفذ ما في الكيس ألقاه إليها، فجمعته فأعادته في الكيس، فدفعته إليه، فقال: ألا أحدثك عني وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: قلت: بلى. قال: ... وذكر حديثاً طويلاً. وفيه هذا الشيخ الذي لم يسم.

(9/4887)


وسعد1 - رضي الله عنهما -، وما بأس بذلك. النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عد.2
__________
1 هو ابن أبي وقاص.
روى ابن سعد في الطبقات: 3/143، وأحمد في الزهد: عن حكيم بن الديلمي أن سعداً كان يسبح بالحصى والنوى. ورواه ابن أبي شيبة: 2/390 بإسنادين عن حكيم بن الديلمي عن مولاة لسعد أن سعداً كان يسبح بالحصى والنوى.
2 إن كان مقصود الإمام أحمد بقوله: قد عدّ. أي بالحصى أو النوى؛ فلعله يشير إلى ما رواه السهمي في تاريخ جرجان: 108 عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسبح بالحصى". وفيه عبد الله بن محمد بن ربيعة القُدَامِي: أحد الضعفاء كما في ترجمته من الميزان: 2/448. وفيه أيضاً: صالح بن علي النوفلي. قال الألباني: لم أجد من ترجمه. والحديث حكم عليه الألباني بالوضع كما في السلسلة الضعيفة: " 1002".
وإن كان مقصوده بالعد مجرد حصول عد التسبيح من النبي - صلى الله عليه وسلم - بصرف النظر عن الوسيلة؛ فإنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المشهور الذي رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة وغيرهم كعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعقد التسبيح بيمينه" وفي لفظ "بيده". وفي لفظ عند عبد الرزاق: 2/234: "ولقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعدُّ هكذا، وعدَّ بأصابعه". وفي لفظ البخاري في الأدب المفرد: 417 "فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعدّهن بيده".
وانظر رسالة:" فتح المعين بتصحيح حديث عقد التسبيح باليمين " حيث توصل فيها مؤلفها إلى ترجيح كون التسبيح بأصابع اليد اليمنى فقط. وللشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد منازعة فيما توصل إليه الباحث قرر فيها أن [] [] التسبيح بكلتا اليدين، وأن رواية "بيمينه" شاذة. أودع ذلك في كتابه: " لا جديد في أحكام الصلاة ": 52-64.

(9/4888)


قال إسحاق: كما قال.
[3590-*] قلت: الخاتم من ذهب أو حديد يكره؟
قال: إي والله [يكره] 1 والحديد يكره.2
__________
[3590-*] نقل هذه المسألة ابن أبي يعلى في المسائل التي حلف عليها أحمد: 42، وابن القيم في الأعلام: 4/167، وابن رجب في أحكام الخواتيم: 72، وأشار إليها ابن مفلح في الآداب: 3/532. ونقل ما يوافقها فيما يخص الذهب: عبد الله: 3/1342. وفيما يخص الحديد كل من: ابن هانئ: 2/147، ومهنا وأبي طالب ويوسف بن موسى كما في الفروع: 2/481، وأحكام الخواتيم: 61، 62. واقتصر في رواية الأثرم على حكاية الخلاف فيه بين الصحابة كما في التمهيد: 17/113، وأحكام الخواتيم: 62.
1 الزيادة من أحكام الخواتيم: 72.
2 المذهب أن التختم بالذهب للرجال حرام. وهو مذهب الأئمة الثلاثة وأكثر العلماء. بل حكى النووي الإجماع على تحريمه. قال: إلا ما حكي عن أبي بكر بن محمد بن عمر بن محمد بن حزم أنه أباحه، وعن بعض أنه مكروه لا حرام.
انظر: الفروع: 2/467، وأحكام الخواتيم: 46، وشرح النووي على صحيح مسلم: 14/65.
وأما التختم بالحديد فالمذهب كراهته للرجال والنساء. وهي كراهة تنزيه على الصحيح من المذهب. وعنه ما يدل على التحريم. قال ابن رجب: وظاهر الأحاديث تدل على ذلك. والصحيح عدم التحريم، فإن الأحاديث فيه لا تخلو عن مقال، وقد عارضها ما هو أثبت منها كالحديث الذي في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لخاطب المرأة التي عرضت نفسها عليه: "التمس ولو خاتماً من حديد" ... ثم ذكر أدلة أخرى تؤيد ما قال.
انظر: الفروع: /481، والآداب الشرعية: 3/532، وأحكام الخواتيم: 61، 71، 71، والإنصاف: 3/146.

(9/4889)


قال إسحاق: كلاهما كما قال.1
[3591-*] قلت: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمار رضي الله عنه: "تقتلك2 الفئة
__________
1 نقل ابن رجب في أحكام الخواتيم: 47 عن إسحاق أنه ممن رخص في التختم بالذهب للرجال، وذكر عنه أنه قال: مات خمسة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خواتيمهم من ذهب. ا.هـ
فهل هذا رجوع منه عن القول بالتحريم، أو أن هذا رأيه أولاً ثم قال بالتحريم؟ الله أعلم بحقيقة الحال.
[3591-*] نقل هذه المسألة الخلال في السنة: 462، وابن رجب في فتح الباري: 2/495 ولم ينسبها.
2 في (ظ) : " تقتله " بضمير الغائب.
وهذا أحد ألفاظ الحديث كما سيأتي في التخريج قريباً.

(9/4890)


الباغية"1؟
قال: لا أتكلم فيه، تركه أسلم.2
__________
1 أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 6/30) بلفظ: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية"، ومسلم:"2916".
2 لكنه رحمه الله تكلم فيه، في رواية يعقوب بن شيبة صاحب المسند الكبير، فقد قال يعقوب بن شيبة في مسند عمار: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمار: "تقتلك الفئة الباغية" فقال أحمد: كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتلته الفئة الباغية.
وقال: في هذا غير حديث صحيح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكره أن يتكلم في هذا، بأكثر من هذا.
ذكر هذه الرواية شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: 4/414، وابن رجب في فتح الباري: 2/494، وعلقها بخطه ابن أبي يعلى الفراء، على حاشية السنة للخلال، فنقلها المحقق إلى المتن، وأقحمها في النص!!.
انظر السنة للخلال: 463.
على أنه قد روي عن أحمد ويحيى بن معين وأبي خيثمة والمعيطي الطعن في هذا الحديث، كما روى ذلك الخلال في السنة: 463 عن أبي أمية الطرسوسي قال: سمعت في حلقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبي خيثمة والمعيطي ذكروا: "تقتل عماراً الفئة الباغية" فقالوا: ما فيه حديث صحيح.
وروى الخلال أيضاً عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روي في: "تقتل عماراً الفئة الباغية" ثمانية وعشرون حديثاً =

(9/4891)


..................................................................................................
__________
= ليس فيها حديث صحيح.
قال ابن رجب في الفتح: 2/494: هذا الإسناد غير معروف، وقد روي عن أحمد خلاف هذا.
وقد أشار إلى هذا الطعن شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: 35/74 وأجاب عنه فقال: فهذا الحديث قد طعن فيه طائفة من أهل العلم؛ لكن رواه مسلم في صحيحه ... الخ
وقال في منهاج السنة 4/414: والحديث ثابت في الصحيحين، وقد صححه أحمد ابن حنبل وغيره من الأئمة، وإن كان قد روي عنه أنه ضعفه، فآخر الأمرين منه تصحيحه. ا.هـ
فأفاد هذا النقل عن شيخ الإسلام أن رأي الإمام أحمد الذي استقر عليه هو تصحيح هذا الحديث وإبقاؤه على ظاهره، وعدم الخوض فيما سوى ذلك.
ونقل ابن رجب في الفتح: 2/494 عن الحاكم في تاريخ نيسابور أنه روى بسنده إلى الحافظ صالح بن محمد - جَزَررة - قال: سمعت يحيى بن معين وعلي بن المديني يصححان حديث الحسن عن أم سلمة: "تقتل عماراً الفئة الباغية".
وقال ابن عبد البر: تواترت الأخبار بذلك. وهو من أصح الحديث.
وقال ابن دحية: لا مطعن في صحته، ولو كان غير صحيح، لرده معاوية وأنكره.
انظر: المسائل الأصولية من كتاب الروايتين: 82، والاستيعاب: 2/481 لابن عبد البر، والبداية لابن كثير: 3/216، وفتح الباري لابن حجر: 1/542، والتلخيص الحبير: 4/43، والسلسلة الصحيحة: "710"، "2008".

(9/4892)


[قال إسحاق: بل هو يقره وأصحابه1] . 2
[3592-] قلت: يكره لعمري ولعمرك3؟
قال: ما أعلم به بأساً.4
__________
1 أي النبي - صلى الله عليه وسلم - قرر ذلك وأكّده. وتلاه على ذلك صحابته من بعده. ويمكن أن يكون مراد إسحاق: أن الإمام أحمد وأصحابه يقرون هذا الحديث. وينبغي أن يعلم أن هذا الحديث لا يفهم منه الطعن في معاوية ومن معه من الصحابة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس في كون عمار تقتله الفئة الباغية ما ينافي ما ذكرناه - أي من الفضل والإيمان وحسن الإسلام لمعاوية ومن معه من الصحابة - فإنه قد قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} . فقد جعلهم مع وجود الاقتتال والبغي مؤمنين أخوة, بل مع أمره بقتال الفئة الباغية جعلهم مؤمنين، وليس كل ما كان بغياُ، وظلماً، أو عدواناً، يخرج عموم الناس من الإيمان، ولا يوجب لعنتهم، فكيف يخرج ذلك من كان من خير القرون.
وقال في موضع آخر: أما إذا كان الباغي مجتهداً، ومتأولاً، ولم يتبين له أنه باغ، بل اعتقد أنه على الحق، وإن كان مخطئاً في اعتقاده، لم تكن تسميته باغياُ موجبة لإثمه، فضلاً عن أن توجب فسقه ... الخ كلامه رحمه الله.
انظر: مجموع الفتاوى: 35/74، 76.
2 ما بين القوسين ساقط من الأصل. والمثبت من: ظ.
3 في الأصل: "ولعمري". والمثبت من: (ظ) .
4 تقدم قريباً في مسألة التحريش بين البهائم برقم: (3585) أن الإمام أحمد قال: سبحان الله، إي لعمري. وقبلها بمسألتين في مسألة المشي بنعل واحدة، برقم: (3582) أنه قال: إي لعمري؛ فهذا بيان بالفعل.
وانظر أمثلة أخرى لهذا البيان من هذه المسائل في الطهارة والصلاة برقم (85) و (366) ، والزكاة برقم: (560) ،

(9/4893)


والصيام برقم (705) ، والمعاملات برقم (2192) ، والفرائض برقم: (2968) ، والوصايا برقم: (3048) و (3078) ، وأمثلة أخرى لهذا البيان من غير هذه المسائل في: سؤالات الأثرم للإمام أحمد: 23، وتهذيب الأجوبة:179، والمغني: 14/398، والطرق الحكمية: 39، والآداب الشرعية: 2/82 و3/380، والإنصاف: 16/27.
وانظر زيادة إيضاح حول هذه الكلمة في معجم المناهي اللفظية: 470.
قال إسحاق: [تركه أسلم] 1 لما قال إبراهيم2: كانوا يكرهون ويقولون ليقل3: لعمرو الله [ظ-113/ب] .4
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
2 هو النخعي.
3 في (ظ) : " أن يقولوا ". بدل: " ويقولون ليقل ".
4 أخرج ابن أبي شيبة 4 ق:20 من طريق الأعمش عن إبراهيم أنه كره أن يقول: لعمري. وأخرج عبد الرزاق: 8/471 من طريق مغيرة عن إبراهيم أنه كان يكره: "لعمرك" ولا يرى بـ: "لعمري" بأساً. وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت: 196 من طريق مغيرة عن إبراهيم قال: كان يكره أن يقول: لعمر الله، لا بحمد الله.

(9/4894)


[3593-] قلت: يكره: زعموا أو زعم فلان؟
قال: أما زعموا فهو مكروه.1 قال:"بئس مطية الرجل زعموا".2
قال إسحاق: كما قال.
[3594-*] قلت: التسليم على النساء.
__________
1 قال البغوي في شرح السنة 3/413: إنما ذم هذه اللفظة؛ لأنها تستعمل غالباً في حديث لا سند له، ولا ثبت فيه، إنما هو شيء يحكى على الألسن.
وقال الشيخ بكر أبو زيد في معجم المناهي 290: لم تجئ لفظة زعم في القرآن إلاّ في الإخبار عن قوم مذمومين في أشياء مذمومة، فكره الناس المذمومين، في أخلاقهم، والكافرين في أديانهم، والكاذبين في أقوالهم. ا.هـ
وانظر: مشكل الآثار للطحاوي: 1/68، والآداب لابن مفلح: 1/33، وفتح الباري لابن حجر: 10/551.
2 هذا إشارة إلى الحديث الذي أخرجه أبو داود: 5/254، وأحمد: 5/401 والبخاري في الأدب المفرد: 199، والطحاوي في مشكل الآثار: 1/68 عن أبي قلابة قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله - حذيفة - أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود: ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في زعموا؟ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بئس مطية الرجل زعموا". والحديث صحيح كما في السلسلة الصحيحة:"866".
[3594-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 1/333. ونقل ما يوافقها عن حرب وصالح - ولم أجدها في مسائله المطبوعة -.

(9/4895)


قال: إذا كانت عجوزاً فلا بأس به.1
قال إسحاق: كما قال.
[3595-*] قلت: الذهب والحرير للنساء؟
قال: أرجو أن لا يكون به بأس،2 ولكن الذهب لا تظهره.
قال إسحاق: كما قال.
وقوله: لا تظهره - يعني - لا تباهي به تظهره للناس.
__________
1 قال في الغنية: 12، 13: وأما سلام الرجل على المرأة الشابة؛ فمكروه. وإن كانت برزة فلا حرج. وقال في الآداب الشرعية: 1/332: ويكره السلام على امرأة أجنبية غير عجوز وبرزة ... وجزم صاحب النظم في تسليمهن والتسليم عليهن ... وقيل لا تسلم المرأة على رجل ولا يسلم عليها، وقيل الشابة البرزة كعجوز، ويتوجه تخريج رواية من تشميتها. ا.هـ
[3595-*] نقل معنى هذه الرواية فيما يختص بالحرير: أبو داود: 350، وابن هانئ: 2/147.
2 قال ابن مفلح في الآداب الشرعية 3/497: فصل في إباحة الحرير والذهب للنساء عند الجمهور لا إجماعاً.
قال: ويباح كل ذلك للنساء عندنا، وعند عامة العلماء، منهم أبو حنيفة، ومالك والشافعي، والظاهرية، وغيرهم. وكذا إباحة الذهب لهن.
ثم ذكر بعد ذلك آثاراً عن بعض الصحابة، والتابعين في تحريم الحرير والذهب على النساء. وأجاب عنها. والله أعلم.

(9/4896)


[3596-*] قلت: تحف1 المرأة جبينها.
قال: أكره النتف، والحلق ليس به بأس.2
قال إسحاق: كما قال.
[3597-*] قلت: العزل؟
قال: أما الحرة فبأمرها، وأما الأمة فأرجو أن لا يكون به
__________
[3596-*] نقل هذه المسألة الخلال في الترجل: 193، والسامري في المستوعب: 1/263.
وأشار إليها ابن قدامة في المغني: 1/131، وابن مفلح في الآداب: 3/339. ونقل الخلال ما يوافقها عن مهنا، والمرّوذي، وأحمد بن القاسم. الترجل: 193، 194. ونقل الموافقة السامري وابن قدامة: /125 عن مهنا، ونقلها ابن مفلح في الآداب عن المرّوذي.
1 الحف: هو إزالة الشعر بالموس. والمرأة تحف وجهها حفا وحفافاً: تزيل عنه الشعر بالموس وتقشره. اللسان: 9/50.
2 ما ذكره الكوسج هنا هو المذهب، قال في الفروع 1/136: ولها حلقه وحفه. نص عليهما ... وكره النتف أو بمنقاش لها. ومثله في الإنصاف: 1/126. وقال في الآداب 3/339: وللمرأة حلقه وحفه والتخفيف. نص على الثلاثة.... ويكره نتفه. سواء كان لها زوج أو لم يكن.... وقطع غير واحد بالكراهة. والمنصوص عن أحمد التحريم. ا. هـ.
وانظر: المستوعب: 1/262، 263، والمغني: 1/131.
[3597-*] نقل نحو هذه المسألة أبو داود: "168".

(9/4897)


بأس.1
قال إسحاق: كما قال.
[3598-*] قلت: نثر السكر في العرس؟
قال: أعجب إلي أن يُعطى كل إنسان.2
__________
1 هذه الرواية تفيد عدم جواز العزل عن الحرة إلا بإذنها، وجوازه عن الأمة المملوكة بدون إذنها. وهذا هو المذهب.
قال المرداوي: وقال ابن عقيل: ويحتمل من مذهبنا أنه يعتبر إذنها - أي الأمة - قلت: وهو متجه لأن لها فيه حقاً. ا.هـ
وأما زوجته الأمة فقال ابن قدامة: يحتمل جواز العزل عنها بغير إذنها - قال المرداوي: وهو صحيح. وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب - ويحتمل أن لا يجوز إلا بإذنها - قال المرداوي: قلت: وهو الصواب -.
انظر: الاشراف لابن المنذر: 156، والمغني: 10/230، والإنصاف: 8/348، 349، والمبدع: 7/194، 195.
[3598-*] روى نحو هذه المسألة المرّوذي في الورع: 69، وأبو داود: 207، وابن هانئ: 2/133. وروى ما يخالفها بكر بن محمد كما في الروايتين: 2/135.
2 النثار والتقاطه مكروه. هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب. وعنه: إباحتهما. اختاره أبو بكر، كالمضحي يقول: من شاء اقتطع. وقيل: يكره في العرس دون غيره. وعنه: لا يعجبني؛ هذه نهبة، لا يؤكل. وعنه: أنه يحرم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقول الإمام أحمد: هذا نهبة. يقتضي التحريم، وهو قوي.
[] انظر: الروايتين: 2/135، والمغني: 10/208-210، والاختيارات الفقهية: 744، وشرح الزركشي: [5/335،] والفروع: 5/310، والإنصاف: 21/348-350.

(9/4898)


قال إسحاق: كما قال. وتكره النثرة لأنه شبه النهبة، وإن كان مأذوناً. لا يدري [كل واحد] 1 ما حقه الذي يأخذه.
[3599-*] قلت: يقبل الرجل يد الرجل؟
قال: على الإخاء.2
__________
1 الزيادة من: (ظ) .
[3599-*] نقل هذه المسألة ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/258، ونقل نحوها عن المرّوذي وعبد الله - ولم أجدها في مسائله - وإسماعيل بن إسحاق الثقفي.
2 قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/258: وتباح المعانقة وتقبيل اليد والرأس تديناً، وإكراماً، واحتراماً مع أمن الشهوة. وظاهر هذا عدم إباحته لأمر الدنيا ... والكراهة أولى.
وذكر عدة روايات عن أحمد في هذا المعنى ثم قال: وقال الشيخ تقي الدين: تقبيل اليد لم يكونوا يعتادونه إلا قليلاً. وذكر - أي شيخ الإسلام ابن تيمية - ما رواه أبو داود وغيره عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنهم قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - عام موته فقبلوا يده. ورخص فيه أكثر العلماء كأحمد وغيره على وجه التدين، وكرهه آخرون كمالك وغيره.
وقال سليمان بن حرب: هي السجدة الصغرى. وأما ابتداء الإنسان بمد يده للناس ليقبلوها وقصده لذلك، فهذا ينهى عنه بلا نزاع، كائناً من كان. بخلاف ما إذا كان المقبل هو المبتدى لذلك. ا.هـ

(9/4899)


قال إسحاق: نعم هو سنة إذا كان على وجه الحب [ع-183/ب] في الله عز وجل، وعلى غير ذلك بدعة.
[3600-*] قلت: بيع الرجل الدراهم الزيف؟
قال: أما اليوم فلا يعجبني.
قال إسحاق: له أن يبيع ويبتاع إذا بين ذلك، لما قال عمر عليه السلام: من زافت عليه دراهمه.1
[3601-*] قلت: إذا اشترى جارية عذراء؟
__________
[3600-*] انفردت نسخة الأصل بإيراد هذه المسألة.
وقد تقدمت هذه المسألة برقم: (3278) وتقدم هناك الكلام عليها توثيقاً وتعريفاً ومذهباً.
1 وتكملة الأثر: "فلا يحالف الناس، أنها طيبة، ولكن ليخرج إلى السوق فليقل: من يبيعني هذه الدراهم الزيوف بنحو ثوب أو حاجة من حاجته".
أخرجه ابن أبي شيبة - وهذا لفظه -: 7/216، وعبد الرزاق: 8/225، ونسبه السبكي في تكملة المجموع: 10/280 إلى عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند.
ولم أجده في المطبوعة المفردة في الزوائد، ولا في التي مع المسند.
[3601-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها في كتاب النكاح برقم: (1183) .

(9/4900)


قال: لا بد من استبراء.1
قال إسحاق: إن شاء لم يستبرئها.2
[3602-] قلت: الرجل يصرع من الجنون [فإذا] 3 أفاق اغتسل؟
قال: لا. أما الوضوء فلا بأس به.4
__________
1 من ملك أمة بسبب من أسباب الملك كالبيع، والهبة، والإرث، وغير ذلك. لم يحل له وطؤها حتى يستبرئها بكراً، كانت أو ثيباً، صغيرة، كانت أو كبيرة، ممن تحمل أو ممن لا تحمل. هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب. واختار الشيخ تقي الدين ابن تيمية جواز وطء البكر، ولو كانت كبيرة والآيسة، إذا أخبره صادق، أنه لم يطأها أو أنه استبرأها.
[] انظر: المغني: 11/274، وشرح الزركشي: 5/568-571، وزاد المعاد: 5/714، 717، والفروع: 5/561، والإنصاف: 9/316.
2 لكن نقل عنه ابن المنذر في الإشراف: 2/90 أنها تستبرأ كما هو رأي الإمام أحمد.
وعليه يكون له في المسألة قولان. والله أعلم.
3 في الأصل: "قال إذا"، والمثبت من: (ظ) .
4 لخص ابن قدامة مسألة الوضوء والغسل على من زال عقله بجنون أو إغماء فقال: زوال العقل على ضربين نوم وغيره، فأما غير النوم، وهو الجنون، والإغماء، والسكر وما أشبهه من الأدوية المزيلة للعقل، فينقض الوضوء يسيره، وكثيره إجماعاً.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب الوضوء على المغمى عليه ... ثم قال: - أي ابن قدامة -: ولا يجب الغسل على المجنون والمغمى عليه إذا أفاق من غير احتلام، ولا أعلم في هذا خلافاً.
قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اغتسل من الإغماء، وأجمعوا على أنه لا يجب. المغني: 1/234، 279.
وانظر: الإجماع لابن المنذر: 31، والأوسط له: 1/155، 156، ومراتب الإجماع لابن حزم: 20، والمجموع: 2/25، 26.

(9/4901)


قال إسحاق: الوضوء لازم،1 والغسل أحب إلينا. "لما أغمي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أفاق اغتسل"2 وبه أخذ الحسن.3
[3603-*] قلت: في الزيتون العشر؟
__________
1 انظر رأي إسحاق في إيجاب الوضوء على المغمى عليه في: الأوسط: 1/156.
2 أخرجه البخاري (الصحيح مع الفتح: 2/172) ، ومسلم: (418) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله. قال: فضعوا لي ماءً في المِخْضَب. ففعلنا. فاغتسل ثم ذهب لِيَنُوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا. وهم ينتظرونك يا رسول الله ... " الحديث بطوله.
3 روى عبد الرزاق: 1/132 بسنده عنه أنه قال: إذا أفاق المجنون اغتسل. وذكره ابن المنذر في الأوسط: 1/157.
[3603-*] نقل ما يوافق هذه المسألة عن أحمد: المرُّوذي كما في الأحكام السلطانية: 120، وصالح كما في الروايتين: 1/339، والمغني: 4/160، ولم أجدها في المطبوع من مسائله. ونقل ما يخالفها يعقوب بن بختان كما في الروايتين: 1/339.

(9/4902)


قال: نعم العشر.1
قال إسحاق: كما قال.
[3604-*] قلت: الصحف تجتمع عند الرجل فيها اسم الله عز وجل، أيحرقها؟
قال: يمحوها أعجب إليّ.
قال إسحاق: يمحو ذكر الله تعالى منها، ثم يحرق إن شاء أو يدفن.
[3605-*] قلت: إذا علم من الرجل الفجور أيخبر به2 الناس؟
__________
1 في إيجاب الزكاة في الزيتون روايتان:
إحداهما: لا تجب فيه الزكاة، وهي المذهب واختارها الخرقي، وأبو بكر، وابن قدامة. واعتمدها في كشاف القناع.
والثانية: تجب. وهي اختيار القاضي والمجد وغيرهما. قال المرداوي: وهو الصواب.
انظر: المغني: 4/160، 161، وشرح الزركشي: 2/473، والفروع مع تصحيحه: 2/407، والإنصاف: 3/88، 89، وكشاف القناع: 2/304.
[3604-*] تقدمت هذه المسألة بمعناها برقم: (3254) وقد تقدم الكلام عليها هناك.
[3605-*] نقل هذه المسألة: ابن القيم في البدائع: 4/106، وابن مفلح في الآداب: 1/233.
ونقل ما يوافقها حنبل كما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 180 للقاضي أبي يعلى، والمرّوذي كما في الآداب: 1/233، وعبد الله: 3/1317.
2 في الأصل: "بها". والمثبت من: (ظ) .

(9/4903)


قال: لا. بل يستر عليه، إلا أن يكون داعية.1
قال إسحاق: لا. بل عند الحاجة في تعديل [أو تجريح] 2 أو تزويج أو ما أشبهه فليخبر به، لأنه ليس بغيبة حينئذٍ.
[3606-*] قلت: سأل سعيد بن
__________
1 قال في الآداب الشرعية 1/233: قال الخلال في كتاب المجانبة: أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد - يهجر أهل المعاصي، ومن قارف الأعمال الردية، أو تعدى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معنى الإقامة عليه والإصرار، وأما من سكر، أو شرب، أو فعل فعلاً من هذه الأشياء المحظورة، ثم لم يكاشف بها، ولم يلق فيها جلباب الحياء، فالكف عن أعراضهم، وعن المسلمين، والإمساك عن أعراضهم، وعن المسلمين أسلم.... وذكر الشيخ تقي الدين أن المستتر بالمنكر، ينكر عليه سراً، ويستر عليه، فإن لم ينته فعل ما ينكف به إذا كان أنفع في الدين، وأن المظهر للمنكر يجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك، وينبغي لأهل الخير أن يهجروه ميتاً، إذا كان فيه كف لأمثاله فيتركون تشييع جنازته. ا.هـ
وانظر: الفتاوى: 28/217، 218 ثم انظر ص:229 وما بعدها.
2 الزيادة من بدائع الفوائد لابن القيم: 4/106.
[3606-*] هذه مسألة الشهادة بالجنة لمن شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك كما سيتضح ذلك من تتمة الحديث وتخريجه فيما بعد. وقد نقلها الخلال في السنة: 367، ونقل عدة روايات بهذا المعنى عن جمع من أصحاب أحمد منهم: ابناه صالح وعبد الله، والمرّوذي، وابن هانئ، والأثرم، والميموني، وأبو الحارث وغيرهم.
[] انظر: السنة: 355-369.

(9/4904)


زيد1 ابن مسعود رضي الله عنهما: قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - فأين هو؟ 2
قال: لا أدري ما هذا الحديث.3
__________
1 سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي. أبو الأعور، أحد العشرة المبشرين بالجنة. مات سنة خمسين. تقريب: 378.
2 وتكملة الحديث: "قال في الجنة هو. قال: توفي أبو بكر فأين هو؟ قال: ذاك الأواه عند كل خير يبتغى. قال: توفي عمر فأين هو؟ قال: إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر". أخرجه عبد الرزاق: 11/231 من طريق معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود أنّ سعيد بن زيد قال له: يا أبا عبد الرحمن ... فذكر الحديث. ومن طريقه الطبراني في الكبير: 9/163، 164. وأخرجه الخلال في السنة: 367 من طريق ابن المبارك به. وهو من رواية أبي عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه.
3 إنما أنكر الإمام أحمد حديث ابن مسعود هذا لأنه لم يرد فيه التصريح بأن أبا بكر وعمر في الجنة. بناءً على أن ابن مسعود لم يسمع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأنكر عدم الشهادة لهما بالجنة مع ثبوت ذلك لهما ولغيرهما في حديث سعيد بن زيد في العشرة الذي رواه في المسند: 1/188، ورواه أبو داود: 5/39، والترمذي: 5/651 وغيرهم.
وصححه الألباني كما في صحيح الجامع: 4/34، 35.
يوضح ذلك ما نقله الخلال في السنة: 367 عن صالح ابن الإمام أحمد أنه قال لأبيه: قول سعيد ابن زيد لابن مسعود: قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - فأين هو؟ والأحاديث عنه في العشرة ما قد علمت؟ قال: هذا يروى عن أبي عبيدة أن ابن مسعود قال هذا القول، والذي يُرْوَى عن سعيد بن زيد في العشرة أحب إليَّ. فأخذ أحمد بحديث سعيد بن زيد الذي فيه أنه هؤلاء في الجنة، وبنى عليه الشهادة لهم بالجنة وقال: إذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولاً فأنا أشهد عليه. وقصده بذلك الرد على من يفرق بين العلم والشهادة ويقول: هم في الجنة ولا أشهد. وقد غلّظ القول على هؤلاء، واحتج عليهم بالآيات والأحاديث وبأن أبا بكر رضي الله عنه قال لأهل الردة: "لا. حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار" قال: وما رضي - يعني أبو يكر - حتى شهدوا.
[] انظر إن شئت عدة مواقف للإمام أحمد مع بعض هؤلاء المنكرين للشهادة في: السنة للخلال: 356-369، وفي مجموع الفتاوى: 14/170 لابن تيمية، وفي الطرق الحكمية: 204 لابن القيم، وفي البدائع: 4/66 له أيضاً.

(9/4905)


قال إسحاق: هذا واضح بيّن، لأنه يدل على كراهية نصب الشهادة لمن لم يسمع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن سمعه لزمه أن يشهد.1
[3607-*] قلت: أخذ ابن عمر – رضي الله عنهما - لصاً في داره،
__________
1 رأي إسحاق بن راهويه في هذه المسألة هو رأي طائفة من العلماء ممن سبقه كابن الحنفية والأوزاعي وابن مهدي وممن عاصره كابن المديني ومحمد بن الهيثم المقرئ وأحمد بن إبراهيم الدورقي وغيرهم.
انظر: السنة للخلال: 358، 359، 360، 362.
[3607-*] تقدمت هذه المسألة في الحدود برقم: (2520) . ونقلها الخلال عن أحمد في السنة: 173، ونقل عدة [] روايات بهذا المعنى عن جمع من أصحابه. السنة: 169-178. وكذا نقل بعض هذه الروايات ابن مفلح في الفروع: 6/145.

(9/4906)


فأصلت1 عليه السيف؟ 2
قال: إذا كان مقبلاً، فأما مولياً فلا.3
__________
1 أَصْلَتَ السيف: إذا جرده من غمده. النهاية: 3/45.
2 أخرجه عبد الرزاق: 10/112، وابن أبي شيبة: 9/454 عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر أنه أخذ لصاً في داره فأصلت عليه السيف، فلولا أنّا نهيناه عنه لضربه به. وأخرجه ابن أبي شيبة: 9/456، والخلال في السنة: 177، وابن حزم في المحلى: 11/13 عن عبيد الله بن عمر عن نافع.. فذكره.
3 لخّص الخلال في السنة: 183، 184 مذهب الإمام أحمد في هذه المسألة فقال: استقرت الروايات عن أبي عبد الله إنما تقاتل اللص دون نفسك ومالك ... واتفقوا عنه بعد ذلك أنه يقاتل عن حرمته؛ وأشبع الحجة فيه، واحتج بعمر وابن عمر ... وأما قتله فقد أجمعوا عنه أنه إذا قاتله لا ينوي قتله، وإن قتله في مدافعته عن نفسه باعده الله ... وأما إتباعه إذا ولّى فقال: لا تتبعه إلا أن يكون المال معه، فإن طرح المال وولى فلا تتبعه أصلاً. وأما إذا دخل مكابرة فيقاتله ولا يدع ذلك واحتج بعمران بن حصين وابن عمر. ا.هـ
وقال ابن قدامة: ومن أريدت نفسه أو حرمته أو ماله فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يعلم دفعه به، فإن لم يحصل إلا بالقتل فله ذلك ولا شيء عليه ... وإذا دخل رجل منزله متلصصاَ أو صائلاً فحكمه حكم ما ذكرنا. ا. هـ
قال المرداوي: هذا أحد الوجهين. وقيل: له الدفع عنه بأسهل ما يغلب على ظنه أن يندفع به. وهذا المذهب.
المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف: 27/36، وشرح الزركشي: 6/409، والفروع: 6/145، والمبدع: 9/156. وانظر: الورع للمرّوذي: 146، والمغني 12/531.

(9/4907)


قال إسحاق: كما قال.1
[3608-*] قلت: تكره التعاليق.
قال: كل شيء معلق فهو مكروه. قال: من تعلق بشيئ وكل إليه.
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يفعله بعد نزول البلاء فهو حينئذِ مباح له. لما قالت عائشة - رضى الله عنها -.2
__________
1 انظر: الإشراف لابن المنذر: 325.
[3608-*] هذه المسألة جاءت بعدها في نسخة (ظ) المسألة رقم: (3599) وبها ختمت النسخة. وقد نقل هذه المسألة ابن عبد البر في التمهيد: 17/164، 165. ونقل جزءاً منها ابن مفلح في الآداب الشرعية: 2/459. وتقدمت بمعناها في المسألة رقم: (3373) وهناك تقدم الكلام عليها.
2 أثر عائشة - رضي الله عنها - أخرجه ابن عبد البر في التمهيد: 17/164 بسنده إلى القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "ما يعلق بعد نزول البلاء؛ فليس من التمائم".
وقال ابن مفلح في الآداب: 2/640: وذكر الإمام أحمد عن عائشة وغيرها أنهم سهلوا في ذلك، ولم يشدد فيه أحمد

(9/4908)


[3609-*] حدثنا إسحاق بن منصور المروزي الكوسج قال: قلت لإسحاق ابن إبراهيم: يتزوج العرب في الموالي؟ وموالي تميم في تميم؟ وغيرهم من الموالي فيمن يتوالون؟ وهل يجوز لغير مواليهم أن يتزوجوا فيهم؟
قال: السنة أن لا يتزوج العرب إلا بعضهم في بعض، وبعضهم لبعض أكفاء، وإن كنا لا نرى لقريش خاصة أن يزوجوا أو يتزوجوا إلا بعضهم في بعض؛ لما لهم [من] 1 فضل على سائر العرب، ولكن أن يزوجوا غير قريش بعد إذ هم عرب لم يجز التفريق بينهم. وقد ذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أكفاؤنا من العرب بنوا هلال".2
ومن رأى التفريق بين قريش وسائر العرب لم يعلم له حجة. فأما أن يتزوج الموالي إلى العربيات فإنا نكره ذلك، ونرى إن فُعِل ذلك أن يفرق بينهما إلا أن يكون مولى القوم خاصة، فإنا وإن كرهنا أن يتزوج عربية من مولياته جَبُنَّا عن التفريق بينهما لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ["مولى القوم من أنفسهم" وقد جاء عن
__________
[3609-*] هذه المسألة مما انفردت بها نسخة الأصل (ع) ، وقد تقدمت بنصها وتمامها في كتاب النكاح برقم (1308) .
1 الزيادة يقتضيها السياق.
2 لم أجده.

(9/4909)


النبي صلى الله عليه وسلم:] 1 "إن الصدقة لا تحل لبني هاشم". [و] 2 قال: "ومولى القوم من أنفسهم"،3 فحرم عليهم الصدقة أيضاً.
وقد قيل: " الولاء لحمة كلحمة النسب ".4 فكان هذا بيان لما
__________
1 الزيادة من سياق المسألة المتقدمة في النكاح برقم (1308) . وهي أتم مما هنا.
2 الزيادة من سياق المسألة المتقدمة في النكاح برقم (1308) . وهي أتم مما هنا.
[3] أخرجه أبو داود:3- كتاب الزكاة: 29- باب الصدقة على بني هاشم: 2/298، والترمذي: 5-كتاب الزكاة: [25-] باب ما جاء في كراهية الصدقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته ومواليه: 3/37، [] [] [] [] والنسائي:23-كتاب الزكاة: 97- باب مولى القوم منهم 5/112، وأحمد: 6/10 وغيرهم. من حديث أبي رافع رضي الله عنه مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع: اصحبني كيما تصيب منها، فقال: لا حتى آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسأله، فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فقال: "إن الصدقة لا تحل لنا، وإن موالي القوم من أنفسهم". قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: (1613) .
وللحديث بجملتيه شواهد كثيرة منها ما في البخاري برقم (1485) و (6761) وفي مسلم برقم: (1069) و (1971) وغيرهما.
4 هذا لفظ حديث أخرجه الإمام الشافعي في مسنده: (1232) وفي الأم: 4/125 ومن طريقه أخرجه الحاكم: 4/341، والبيهقي: 10/292، وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل: 2/53، وأبو يعلى في مسنده الكبير، وعنه ابن حبان في صحيحه: 11/325، 326، وابن عدي في الكامل: 6/2036 كلهم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وسنده ضعيف. وله شاهد من حديث علي رضي الله عنه أخرجه البيهقي: 10/294، ومن حديث الحسن مرسلاً: ذكره البيهقي أيضاً: 10/292 وهو صحيح بمجموع طرقه. كما في: الإرواء: 6/109. وانظر: نصب الراية: 4/151، والتلخيص الحبير: 4/214، وفتح الباري: 12/44.

(9/4910)


خفنا من التفريق. وكذلك فعل ابن سيرين: أنه يزوج وأراد - زعموا - بذلك تصحيح النسب لما دخل السبي في الأحرار في زمن الحجاج وبعده، فرأى أن العربية إذا سبيت لم تملك أبداً لما جاء أن يُفْدَوْا1 فلذلك رغب في تزويج العربيات لصحة
__________
1 في الأصل: "يفدون". والصواب ما أثبت.
والحديث المشار إليه هو ما رواه الشافعي في القديم بسنده إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين: "لو كان ثابتاً على أحد من العرب سباءٌ بعد اليوم لثبت على هؤلاء، ولكن إنما هو أسار وفداء" ذكره البيهقي في سننه: 9/74 وقال: هذا إسناد ضعيف لا يحتج بمثله. ا.هـ وذكر الشافعي في الأم: 4/186 هذا المعنى عن عمر رضي الله عنه قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لا يُسترق عربي"، ومثله في سنن البيهقي: 9/43.
وروى عبد الرزاق: 7/278، والبيهقي: 9/74 أيضاً عن عمر –رضي الله عنه-: "ليس على عربي ملك". وانظر: المسألة رقم: (1164) في النكاح وتعليق المحقق عليها.
قال البيهقي: وأما الرواية فيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهي رواية منقطعة. ثم قال: وجريان الرق على سبايا بني المصطلق وهوازن صحيح ثابت، والمن عليهم بإطلاق السبايا تفضل.
انظر: سنن البيهقي: 9/74، وفتح الباري: 5/170، ومرويات غزوة بني المصطلق: 323-329.

(9/4911)


النسب،1 وكذلك قال ابن عون.2
وأما العجم فإذا تزوجوا العربيات [ع-184/أ] فرق بينهم وإن كانوا ذا يسار وصلاح.3 كذلك رأى الأوزاعي4 وسفيان5
__________
1 انظر: الإشراف لابن المنذر: 28، وفتح الباري: 9/132.
2 هو: عبد الله بن عون بن أرطبان، أبو عون المزني مولاهم البصري. ثقة فقيه من كبراء فقهاء البصرة. كان ورعاً زاهداً عالماً بالحديث. ضربه بلال بن أبي بردة أمير البصرة بالسياط لكونه تزوج امرأة عربية. مات سنة 151 على الصحيح.
انظر: سير أعلام النبلاء: 6/364، وتهذيب الكمال: 4/279، 280، وتقريب التهذيب: 533.
وانظر رأيه هذا في الإشراف: 28، وفتح الباري: 9/132.
3 نقل هذا الرأي عن إسحاق: ابن حزم في المحلى: 10/24.
4 انظر رأيه في تفسير القرطبي: 3/75.
5 روى عبد الرزاق: 6/154 عنه أنه قال:" لو أن رجلاً أتى قوماً فقال إنه عربي. فتزوج إليهم، فوجدوه مولى كان لهم أن يردوا نكاحه، وإن قال: أنا مولى فوجدوه نبطياً رد النكاح".
قال عبد الرزاق: وكان يرى التفريق إذا نكح المولى عربية، ويشدد فيه.
وانظر: الإشراف لابن المنذر: 28، والمحلى: 10/24، وفتح الباري: 9/132.

(9/4912)


ومالك1 وابن أبي ليلى.2
تم الكتاب والحمد لله رب العالمين حمداُ كثيراً طيباً مباركاً كما يحب ربنا ويرضى، وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بكرة وأصيلاً. وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد خير البرية وأكرم العبيد صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً دائماً بدوام دار هو منقول إليها وعلى آله وصحبه وسلم. ونسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، والنجاة من النار، والنظر إلى وجهه الكريم بفضله ورحمته إنه على كل شيء قدير.
__________
1 المنقول عن مالك يخالف ما ذكره إسحاق عنه حيث قال محمد بن القاسم كما في المدونة: 2/163: سألت مالكاً عن نكاح الموالي في العرب فقال: لا بأس بذلك. ألا ترى إلى ما قال الله في كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .
وانظر: الإشراف لابن المنذر: 28، والتمهيد لابن عبد البر: 19/162، 163، وأحكام القرآن لابن العربي: 4/1726، والذخيرة: 4/214، وزاد المعاد: 5/160، وفتح الباري: 9/132.
2 نقله عنه ابن حزم في المحلى: 10/24. وقد روى ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن آدم قال: نا حسن، قال: سألت ابن أبي ليلى عن الكفو في النكاح؟ فقال: في الدين والمنصب. قال: قلت: في المال؟ قال: لا. المصنف: 4/419.

(9/4913)


وكتبه لنفسه أفقر عبيده إلى ربه عز وجل محمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة ابن محمد بن سعد الله بن نصر بن فتح بن حذيفة بن محمد بن القاسم [بن] 1 يعقوب ابن إسماعيل بن إبراهيم بن حسين بن محمد [بن] 2 سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه وعن صاحبه الصديق وعن المسلمين آمين. وكان الفراغ منه يوم السبت سلخ ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمحلة الصالحين بمنزله بصالحية دمشق المحروسة. وغفر الله تعالى له وللمسلمين أجمعين. آمين.3
__________
1 زيادة يقتضيها السياق.
2 زيادة يقتضيها السياق.
3 الناسخ من أحفاد الشيخ أبي عمر مؤسس الصالحية. له ترجمة في تاريخ الصالحية لابن طولون: 2/408، وفي شذرات الذهب لابن العماد: 6/336 وأرّخا وفاته سنة 794هـ والله أعلم.

(9/4914)