شرح زاد
المستقنع للخليل باب في الإحرام
والتلبية وما يتعلق بهما.
- قال - رحمه الله -:
باب في الإحرام والتلبية وما يتعلق بهما.
أي باب لبيان أحكام الإحرام من الواجبات والسنن وغير ذلك مم يتعلق بتفاصيل
أحكام الإحرام.
- قال - رحمه الله -:
الإحرام: نية النسك.
تقدم معنا مراراً أن المؤلف - رحمه الله - ممن لا يعتنون ببيان معاني
المفردات في لغة العرب لكونه من المختصرات.
o ففي لغة العرب:
الإحرام هو: نية الدخول في التحريم.
ومعنى التحريم: أن يحرم الإنسان على نفسه ما كان حلالاً أياً كان نوع هذا
التحريم، فإذا قال الإنسان: عزمت على أن أتكلم، فقد أحرم الآن يعني: دخل في
التحريم أي التحريم على نفسه جنس الكلام، ومعنى الإحرام يعني: الدخول في
التحريم كما تقول: أمسى يعني دخل في المساء، وأصبح يعني دخل في الصباح،
فأحرام يعني دخل في التحريم، إذاً الآن تبين لنا معنى هذه اللفظة في لغة
العرب.
o أما في الاصطلاح:
فالإحرام هو: نية الدخول في النسك.
وأصبحت هذه اللفظة (الإحرام) في الشرع علم
على إحرام مخصوص وهو نية الدخول في أعمال الحج والعمرة فقط، فالمعنى الشرعي
ضيق وحدد المعنى اللغوي، إذاً عرفنا الآن معنى الحرام في لغة العرب وفي
الشرع.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
سن لمريده: غسل.
كل الأشياء التي سيذكرها المؤلف سنن وليست بواجبات.
1 - فالسنة الأولى الغسل.
ومراد الفقهاء بهذا الاغتسال يعني اغتسال خاص للإحرام، ولذلك يسن للرجل
وللمرأة وللمرأة الحائض والطاهر وللمرأة النفساء وغير النفساء.
بدليل:
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بنت عميس أن تغتسل وتحرم مع
أنها نفساء.
- وأمر عائشة أن تغتسل مع أنها حائض.
فدلت هذه النصوص على أن الاغتسال سنة من سنن الإحرام.
ودل عليه أيضاً:
- حديث زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل.
وهذا الحديث: حديث ضعيف ولا تقويه كثرة الطرق بل هو حديث ضعيف لا يثبت عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اغتسل.
ومع ذلك ذهب الجماهير إلى أن الاغتسال سنة اعتماداً على حديث أسماء وعلى
حديث عائشة ولا أظن أن في هذه المسألة خلاف - فلم أطلع على خلاف في استحباب
الاغتسال للإحرام.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
أو تيمم لعدم.
فيسن لمن أراد الإحرام أن يغتسل فإن لم يستطع فإنه يسن له أن يتيمم.
والدليل على ذلك:
- أن الشارع الحكيم أقام التيمم بدلاً عن الاغتسال، فإذا لم يتمكن من
الاغتسال تيمم.
= القول الثاني: أنه لا يشرع التيمم في غسل الإحرام بل لا يشرع في جميع
الأغسال المستحبة بل الواجبة فقط.
واستدلوا على هذا:
- - بأن المقصود في التيمم في الأغسال الواجبة استباحة ما يمنع بلا
الاغتسال من صلاة وغيرها. بينما المقصود بالاغتسال المستحب النظافة
والتطهر، والتيمم يناقض النظافة لأن فيه ضربا على التراب.
وهذا القول وهو عدم مشروعية التيمم في جميع أنواع الاغتسال المستحب اختيار
شيخ الإسلام وهو قول قوي راجح كما ترون، بناء عل ذلك: إذا أراد الإنسان أن
يحرم فإما أن يغتسل فإن لم يستطع فإنه يتيمم.
-
ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وتنظف.
إذا جمع الفقهاء بين الاغتسال والتنظف صار
معنى التنظف ينحصر في تقليم الأظافر وحلق العانة والإبط باعتبار أن
الاغتسال يتناول مسألة تعميم الجسم بالماء.
ليس في النصوص الشرعية ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أن
أحداً من أصحابه كان يتقصد التنظف بهذا المعنى عند الإحرام لكن الجمهور
استدلوا بدليلين:
- الدليل الأول: وهو الأقوى - أن إبراهيم النخعي - رضي الله عنه - قال:
كانوا يفعلون ذلك.
وأنا قلت لكم: أن مثل هذه العبارة عن مثل هذا التابعي عبارة مهمة جداً
وللإنسان أن يعتمد عليها في تقرير الحكم أو على أقل تقدير يستأنس بها، لأن
معنى قوله - رضي الله عنه -: (كانوا) إما أن ينصرف إلى الصحابة أو على أقل
تقدير إلى كبار التابعين، وإذا كان هذا المعنى معروفاً في تلك الطبقة التي
هي خير القرون صار هذا أمراً يمكن للإنسان أن يتمسك به في إثبات استحباب
التنظف.
- الدليل الثاني: قالوا: أنه يستحب أن يفعل ذلك لأن لا يحتاج إلى أخذ هذه
الشعور أثناء الإحرام ولن يتمكن من ذلك بسبب الإحرام فإن الأخذ من الشعر من
محظورات الإحرام.
تبين معنى الآن أن الاغتسال والتنظف نقول: أنه مستحب ولا نقول سنة، فهو
مستحب وليس بسنة.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وتطيب.
يعني ويستحب لمن أراد أن يحرم أن يتطيب.
ومقصود الحنابلة هنا بقولهم يتطيب: يعني في جسده دون ثياب الإحرام فالسنة
أن يضع الطيب على الجسد لا على ثياب الإحرام.
واستدلوا على ذلك:
- بقول عائشة - رضي الله عنها - كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف.
واستدلوا على أن التطيب يكون في البدن دون الثياب:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى في الحديث الصحيح عن لبس ثوب زعفر
أو مسه ورس، والورس والزعفران من أنواع الطيب.
فدل مجموع الحديثين على أن الطيب يكون في البدن دون الثوب.
* * مسألة: حكم وضع الطيب على ثياب الحرام:
= عند الحنابلة: مكروه مع الجواز. لكن قالوا: إذا وضع الطيب على الثياب ثم
أحرم ثم خلع هذه الثياب لأي غرض من الأغراض فإنه حينئذ لا يجوز له أن يرجع
فيلبس هذا الإحرام.
= والقول الثاني: أن وضع الطيب في لباس
الإحرام لا يجوز من الأصل.
(((الأذان))) ....
والراجح من القولين: مع الجمهور الذين يرون عدم جواز وضع الطيب في ثياب
الحرام من الأصل.
وسبب الترجيح: أن القاعدة الفقهية تقول: ((أنه متى أمكن إعمال الأحاديث
جميعاً فهو أولى من إعمال بعضها وتعطيل بعضها الآخر))
وإذا أخذنا بمذهب الحنابلة فقط عطلنا الحديث الذي ينهى عن لبس المزعفر
والذي مسه ورس.
ولهذا نقول: أن القول الصواب هو أنه لا يجوز وضع الطيب إلا في البدن دون
الثياب.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وتجرد عن مخيط.
التجرد عن المخيط:
= سنة عند الحنابلة وليس بواجب.
فيجوز للإنسان أن يحرم بثيابه، لكن قالوا: إذا أحرم بثيابه فإنه لا يجوز له
أن يستديم لبس الثياب ولو للحظة واحدة بعد الزمن الذي يمكن له أن يخلع
الثياب.
إذاً يجوز للإنسان أن يحرم بثيابه عند الحنابلة والتجرد عندهم سنة لكن لا
يجوز له أن يستديم هذا اللبس إلى أكثر من مدة خلع الثياب فإن استدامه
بزيادة ولو لحظه واحدة فإنه يأثم وعليه الفدية.
= والقول الثاني: أن التجرد للإحرام واجب وهو مذهب المالكية وغيرهم.
وهذا هو الصواب وعليه عمل المسلمين من قديم وحديث.
ويدل على ترجيح هذا القول أن: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ويمكن
للإنسان أن يكون متجرداً من المخيط طيلة وقت الإحرام إلا إذا خلع الألبسة
المخيطة قبل الوقت - قبل دخوله في الإحرام. ولذلك نقول: هذا القول الثاني
هو الراجح ...
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،،،
شرح كتاب المناسك الدرس رقم (4)
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
توقفنا في الشرح عند قوله - رحمه الله -: (وتجرد عن مخيط) وذكرنا أن التجرد
سنة وما يتعلق بهذا من الأحكام.
وبقينا في مسألة: ما هو المخيط الذي يجب على المحرم أن يتجرد عنه؟
المخيط الذي يجب على لمحرم أن يتجرد عنه: هو كل لباس مفصل عل قدر الجسم أو
على قدر عضو منه.
وليس المراد بالمخيط كل ما دخلته الخياطة. بل المراد: كل ما فصل على قدر
الجسم كله كالثوب أو على قدر جزء منه كالفانيلة والجوارب وأشياء أخرى
كثيرة.
إذاً هذا هو الذي يجب أن يتجرد عنه المحرم وسيأتينا تفصيل لمسألة لبس
المخيط ما يترتب عليه في باب الفدية إن شاء الله.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
في إزار ورداء.
يعني: يسن للإنسان أن يحرم في إزار ورداء.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين).
- ولأن السنة استفاضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه هو وأصحابه
أحرموا بهذه الألبسة.
وعلم من قول المؤلف - رحمه الله -: (في إزار ورداء) أنه سواء كان هذا
الإزار أو الرداء من قطن أو من خيوط أو من صوف أو من أي مادة كانت، فما دام
أنه إزار ورداء فيجوز: لأنه يقول: (إزار ورداء) ولم يعين نوع المادة التي
خيط منها هذا الإزار والرداء.
-
ثم قال - رحمه الله تعالى -:
أبيضين.
يسن أن يحرم الإنسان بالأبيض.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (خير ثيابكم البياض).
- ولأن المعروف في السنة أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم برداء أبيض.
وأيضاً علم من كلام المؤلف - رحمه الله - أنه يسن أن يكون الرداء والإزار
أبيضين: جواز الإحرام بالأحمر والأصفر والأخضر وبأي لون، إلا أن الأحمر
تقدم معنا الخلاف في حكم لبس اللباس الأحمر الخالص وأن الصواب أن لبس
الأحمر الخالص لا يجوز وأن لبس الأحمر المشوب في السنة ما يدل على جوازه.
المهم: أنه أي لون من الألوان عدا الألوان التي نهى عنها الشارع وهو الأحمر
يجوز أن يحرم به الإنسان ولا حرج عليه.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وإحرام عقب ركعتين.
أي ويسن لمن أراد النسك أن يحرم عقب ركعتين.
= واتفق الأئمة الأربعة على أن للإحرام سنة خاصة به.
وأنه يسن للإنسان قبل أن يحرم أن يصلي ركعتين إذا لم يصادف فريضة.
واستدلوا على هذا الحكم:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت
عنه في الحديث الصحيح أنه أحرم بعد أن صلى الظهر وكأن الأئمة الأربعة يرون
أن ذلك كان مقصوداً من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يحرم إلا بعد
هذه الصلاة.
- وبقوله في الحديث القدسي أنه قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (صل في
هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة).
فقوله: (صل ثم قل) دليل على أن النسك يستحب الشروع فيه بعد صلاة: سواء كانت
فريضة بأن صادف الوقت فريضة أو بعد نافلة.
= والقول الثاني: أنه ليس للإحرام سنة خاصة به.
فإن صادف الإنسان فريضة صلاها ثم أحرم فإن لم يصادف فليس للإحرام سنة خاصة،
وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام بن تيمية وتابعه عدد من أهل العلم.
واستدلوا:
- بأنه ليس في السنة الصحيحة ما يدل على أنه من مقصود الشارع أن يقع
الإحرام بعد صلاة فريضة أو نفل.
ولكل من القولين حظ من النظر وما ذكره الأئمة الأربعة فيه قوة ويؤيده هذا
اللفظ (صل في هذا الوادي المبارك وقل) فكأن الحديث رتب الإحرام على الصلاة،
ففي الحقيقة ينبغي للإنسان أن لا يحرم إلا بعد صلاة، والأمر في هذه المسألة
سهل ولكنه يرجع إلى الاعتقاد، فهل يعتقد الإنسان أنه يستحب ويسن له أن لا
يحرم إلا بعد صلاة أو لا؟
أنا أرى أنه يسن أن يعتقد وأن يرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما
صنع ذلك قصداً كما فهم الأئمة الأربعة وكما قلت لكم النصوص التي ذكرت تؤيد
هذا الفهم.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
ونيته شرط.
نية الإحرام شرط لصحة وانعقاد الإحرام.
أي: فلا يكتفي الإنسان بمجرد التجرد من المخيط أو التلبية بل لابد مع ذلك
من أن ينوي الدخول في النسك.
واختلف الفقهاء: هل يدخل الإنسان في النسك بمجرد النية؟ أو يشترط مع النية
شيء آخر.
=فالجمهور: على أن النية فقط هي التي تشترط ولا يشرط لدخول الإحرام شيء
آخر.
واستدلوا على ذلك:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات).
= والقول الثاني: وهو قول لبعض الفقهاء: أن
الإنسان لا يدخل في النسك إلا إذا انضاف إلى النية أحد أمرين: 1) إما أن
يسوق الهدي، 2) أو أن يلبي. فإن لم يسق الهدي ولم يلبي فإنه لا يدخل في
الإحرام بمجرد النية بل لابد أن يضاف إليه أحد هذين الأمرين، وكأن شيخ
الإسلام - رحمه الله - يميل إلى هذا القول.
والراجح والله أعلم: أنه لا يشترط للدخول في الإحرام: أن يسوق الهدي ولا أن
يلبي بل بمجرد أن ينوي أنه دخل في النسك: لزمته أحكام النسك ولو لم يلبي أو
يسق الهدي.
وما ذكره شيخ الإسلام من وجهة في هذه المسألة ضعيف وسبب الضعف أنه ليس في
السنة دليل واضح يدل على اشتراط هذا الأمر وهذا أمر تمس الحاجة إليه
والمسلمون ما زالوا يعتمرون ويحجون فلو كان هذا الشرط اعتبره الشارع لبينته
السنة بشكل واضح على أن الخطب في هذه المسألة سهل لأنه ليس أحد من المسلمين
اليوم يحرم إلا مع التلبية بل إن بعض الناس يظن أن الإحرام هو التلبية فلا
إشكال من حيث الواقع في هذه المسألة.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
ويستحب قوله: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيْدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لِي
وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي).
هذه العبارة اشتملت على مسألتين:
- المسألة الأولى: أنه:
=يستحب عند الحنابلة: النطق بالنية عند إرادة الإحرام سواء أراد الإحرام
بالحج أو بالعمرة.
وتقدم معنا أن الحنابلة لا يرون مشروعية النطق بالنية عند إرادة الإحرام
بالصلاة، وفرقوا بينهما: لأن نية النسك تطول على الإنسان وتكثر فيها
الأعمال فناسب لذلك أن يصرح أو أن ينطق بالنية ليتصور العمل بخلاف الصلاة
فإن وقتها وجيز ولا يدخل الإشكال على المصلي في ضبط نيته.
= والقول الثاني: أن النطق بالنية لا يشرع ولا يستحب وليس له أصل في السنة
وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عمراً وحجوا ولم ينقل عنهم أنهم
نطقوا بالنية.
فالأقرب والله أعلم: أن النطق بالنية لا يشرع إن لم نقل إنه بدعة.
والنطق بالنية شيء والتلبية التي ستأتينا شيء آخر.
- المسألة الثانية: - التي اشتملت عليها
عبارة المؤلف - رحمه الله -: أنه يستحب للمحرم أن يشترط فيقول: (اللهم محلي
حيث حبستني).
= ومذهب الحنابلة: أن الاشتراط سنة مطلقاً.
واستدلوا على هذا:
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على ضباعة بنت الزبير وهي على وشك
الإحرام وقد كانت تشتكي مرضاً فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: (حجي
واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني).
فقالوا: هذا دليل يدل على أنه يستحب للإنسان إذا أراد أن يحرم أن يشترط
خشية أن يقع في مانع من إتمام النسك.
= القول الثاني: أن الاشتراط لا يشرع مطلقاً.
واستدلوا على هذا:
- بأن الصحابي الجليل والفقيه الكبير ابن عمر - رضي الله عنه - سأل عن
الاشتراط: فقال: حسبكم سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -. وقد كان ابن عمر
ينهى عنه، فهو - رضي الله عنه - يرى أن الاشتراط لا يشرع لأن النبي - صلى
الله عليه وسلم - لم يشترط هو ولا أصحابه وأن حادثة ضباعة حادثة عين.
=القول الثالث: أن الاشتراط يشرع فقط لم خشي على نفسه من عدم إتمام النسك.
فإذا خشي الإنسان أن لا يستطيع أن يتم النسك لمرض أو لحيض بالنسبة للنساء
أو لأي سبب من الأسباب فإنه والحالة هذه يشرع له أن يشترط.
وصاحب هذا القول رأى أنه بذلك جمع بين الأقوال. فالنبي - صلى الله عليه
وسلم - لم يشترط هو ولا أصحابه وأمر ضباعة أن تشترط فجمع بين الأدلة: بأنه
يشرع لمن كانت حاله تشبه حالة ضباعة - رضي الله عنها - من حيث خشية عدم
التمكن من إتمام النسك.
= والقول الرابع: أن الاشتراط واجب فإن لم يشترط فهو آثم. وإلى هذا ذهب
الشيخ الفقيه ابن حزم - رحمه الله -. وهو لاشك أنه قول ضعيف وفيه شذوذ.
والراجح والله أعلم الذي تجتمع به الأدلة القول الثالث لكونه أخذ بجميع
النصوص. وأما مذهب ابن حزم فضعفه واضح إن شاء الله.
ثم بدأ المؤلف - رحمه الله - بالأنساك:
- فقال - رحمه الله -:
وأفضل الأنساك (1) التمتع.
الأنساك في الحج ثلاثة:
1 - التمتع.
2 - والقران.
3 - والإفراد.
وقول المؤلف - رحمه الله -: (وأفضل الأنساك
التمتع) دليل على أنه يجوز للإنسان إذا أراد أن يحرم أن يحرم بأي من
الأنساك الثلاثة فإن أراد أن يتمتع يتمتع وإن أراد القران أو الإفراد فعل.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم:
= فالقول الأول: هو ما ذهب إليه المؤلف - رحمه الله - وهو مذهب الأئمة
الأربعة وجمهور الفقهاء وعامة التابعين والفقهاء كلهم طبقة عن طبقة: أنه
يجوز للإنسان أن يتخير ما شاء من الأنساك.
واستدلوا على هذا:
- بحديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بعمرة وحج وأهل رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بحج.
- وذكر جابر - رضي الله عنه - في الصحيح كما ذكرت عائشة - رضي الله عنها -
تماماً.
- وذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - أيضاً في الصحيح كما ذكرت عائشة
تماماً.
فدلت هذه الأحاديث الثلاثة على أن من أراد الحج فهو مخير بين هذه الأنساك
الثلاثة.
= والقول الثاني: وإليه ذهب ثلاثة على رأسهم الصحابي الجليل الفقيه الكبير
- رضي الله عنه -: ابن عباس ثم تابعه ابن حزم ثم تابعهم ابن القيم.
فهؤلاء يرون أنه يجب على من أراد الحج أن يحرم متمتعاً.
واستدلوا - رحمهم الله -:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ساق الهدي ووصل إلى مكة أمر جميع
الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلوا الحج وأن يقلبوه إلى عمرة
ويتمتعوا.
- كما أنه - صلى الله عليه وسلم - تحسر وتمنى أنه لم يسق الهدي لكي يحرم
متمتعاً.
فقالوا هذا أمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يحرم الإنسان بالعمرة
متمتعاً والأمر يدل على الوجوب بل أن هذا الأمر أكد بالغضب وتعنيف الصحابة
من قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا القول - الثاني - قول فيما يظهر لي ضعيف جداً وهو قول كما قال الشيخ
الشنقيطي - رحمه الله -: (قول مهجور) لم يعمل به ربما من عهد الصحابة إلى
اليوم إلا من قبل قائليه.
كيف نقول أنه يجب على الإنسان أن يحرم بالتمتع وعروة بن الزبير - رضي الله
عنه - يقول: إن الخلفاء الثلاثة والمهاجرين والأنصار كانوا يحجون مفردين؟
كيف للإنسان أن يقول: يجب على الحاج أن
يحرم متمتعاً ونحن نرى أفضل خلق الله - الخلفاء الثلاثة والمهاجرون
والأنصار يحرمون مفردين؟
ولهذا أقول إن هذا القول على جلالة قائليه وعظم شأنهم أنه قول ضعيف جداً
وهو قول مهجور.
إذاً الراجح إن شاء الله أنه يجوز للإنسان أن يتخير من الأنساك ما شاء.
- قال - رحمه الله -:
وأفضل الأنساك: التمتع.
= ذهب الحنابلة وهو من المفردات إلى أن أفضل الأنساك التمتع.
= وفي رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - وهي أيضاً من المفردات: أن أفضل
الأنساك التمتع لكن لمن لم يسق الهدي، وذهب إلى هذا القول عدد من أهل العلم
من المحققين أن أفضل الأنساك التمتع.
واستدلوا:
- بالحديث السابق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بالتمتع وأقل
درجات الأمر أنه هو المسنون والمقدم.
= القول الثاني: أن أفضل الأنساك الإفراد وربما نقول أن هذا قول الجمهور.
واستدل هؤلاء بعدة أدلة:
- الدليل الأول: ما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين - كما تقدم
معنا - أنها قالت: وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج.
- والدليل الثاني: أنه ثبت عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - أهل بالحج. بل ذكر ابن القيم - رحمه الله - أن ستة عشر صحابياً
رووا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج مفرداً.
- واستدلوا بما ذكرته سابقاً عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - أن
الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - والمهاجرين والأنصار كانوا يحجون
مفردين، والظن بهؤلاء أنهم يختارون أفضل الأنساك.
= القول الثالث: أن أفضل الأنساك القران.
واستدل هؤلاء بأحاديث أيضاً صحيحة:
- الحديث الأول: عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
حج قارناً وجمع في نسكه بين الحج والعمرة.
- وأيضاً أنه روي عن عدد كبير - وذكرت لكم أن ابن القيم أن ستة عشر صحابياً
رووا القران وليس الإفراد ولذلك يقول الإمام أحمد - رحمه الله -: (لا أشك
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً).
إذاً العدد الكبير من الصحابة الذين رووا نسك النبي - صلى الله عليه وسلم -
إنما رووا القران لا الإفراد - فصح هذه المسألة.
قالوا: والله سبحانه وتعالى إنما يختار
لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أفضل الأنساك لا سيما وهو سبحانه وتعالى يعلم
أنه - صلى الله عليه وسلم - لن يحج إلا في سنة واحدة.
= القول الرابع: أن التمتع هو أفضل الأنساك إذا كان الإنسان سيأتي بالعمرة
والحج في سفر واحد، أما إذا كان سيأتي بالعمرة في سفر وبالحج في سفر آخر
فالأفضل له الإفراد.
وصاحب هذا القول لم يفرق بين أن تكون سفرة العمرة في أشهر الحج أو في غيرها
من الأشهر ما دام السفران في سنة واحدة.
وهذا القول هو القول الذي نصره شيخ الإسلام وأيده بالآثار وذكر أن به تجتمع
النصوص. وقال: لذلك كان أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - يحجون مفردين،
ويقوي هذا القول: صنع الصحابة حيث كان الصحابة يحرمون مفردين، ومع ذلك
نقول: الأولى والأحسن أن يحرم الإنسان متمتعاً ليكون أتى بأفضل الأنساك على
كل حال.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وصفته: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من عامه.
صفة التمتع: أن يحرم بالعمرة في عامه ثم يفرغ منها ثم يحرم بحج.
وهذه الأشياء الثلاثة التي ذكرها المصنف - رحمه الله - هي شروط التمتع:
- أن يحرم بالعمرة في أشهر. هذا هوالشرط الأول.
- الشرط الثاني: أن يفرغ منها.
- الشرط الثالث: أن يحرم بالحج في عامه.
- قوله - رحمه الله -:
أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج.
هذا الشرط الأول من شروط التمتع: أنه لو لم يحرم بالعمرة في أشهر الحج لم
يكن جمع بين نسكين في عام واحد.
فيشترط لصحة التمتع: أن تقع العمرة والحج كلاهما في أشهر الحج. فإن اعتمر
في رمضان وحج في أشهر الحج فهو مفرد فلابد أن تكون العمرة في أشهر الحج.
الشرط الثاني:
- قوله - رحمه الله -:
ويفرغ منها.
معنى قوله: يفرغ منها: يعني يتحلل.
(معنى الفراغ في عبارة المؤلف - رحمه الله - أي أن يتحلل التحلل الشرعي
بأداء جميع مناسك العمرة).
والدليل على ذلك:
- أنه لو أحرم بالحج قبل أن يفرغ من العمرة لصار قارناً وليس متمتعاً لأنه
أدخل الحج على العمرة حيث أحرم بالحج وهو ما زال في إحرام العمرة وهذه صورة
من صور القران.
إذاً هذا هو الدليل على اشتراط أن يفرغ من
العمرة كما أنني لا أعلم خلافاً في اشتراط هذا الشرط فيمكن أن نقول: إجماع.
الإجماع على اشتراط هذا الشرط، إذاً يشترط أن يفرغ من العمرة قبل أن يحرم
بالحج للمعنى الذي ذكرت وللإجماع.
الشرط الثالث:
- قال - رحمه الله -:
ثم يحرم بالحج في عامه.
يجب أن يحرم بالحج في نفس العام الذي أخذ فيه العمرة، وهذا صرحوا فيه
بالاتفاق، أي أنه شرط متفق عليه.
- ويدل عليه قوله سبحانه وتعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} [البقرة/196].
فإنه يدل على أنه يجب أن يتوالى النسكان فيأتي نسك الحج متوالياً مع نسك
العمرة فلابد فيهما من الموالاة وأن يكونا في سنة واحدة.
وهذا كما قلت لكم - الشرط الثالث - محل اتفاق.
ثم لما فرغ الشيخ - رحمه الله - من شروط التمتع وهي ثلاثة انتقل إلى شروط
وجوب الدم في التمتع، وكثير من إخواننا يخلط بين شروط التمتع وشروط وجوب
الدم في التمتع وهما موضوعان منفصلان، لذلك يتصور أن يكون الإنسان من
المتمتعين ولا يجب عليه دم لأن شروط التمتع انطبقت عليه وشروط الدم لم
تنطبق عليه، فنقول: أنت متمتع ولا يجب عليك دم، لكن مع ذلك ينبغي أن يلاحظ
الإنسان أن شروط التمتع وشروط وجوب الدم في المتعة متقاربة وأحياناً تكون
متطابقة لكن يجب أن يعلم الإنسان أن بينهما فرق في الفقه وفي الثمرة بحيث
ربما يكون الإنسان متمتعاً ولا يجب عليه دم.
بدأ بشروط الدم.
- فقال - رحمه الله تعالى -:
وعلى الأفقي دم.
ذكر المؤلف - رحمه الله - شرط واحد من شروط وجوب الدم وهو: أن يكون المتمتع
من غير حاضري المسجد الحرام وهو معنى قوله: (وعلى الأفقي) فالأفقي من لم
يكن من حاضري المسجد الحرام.
واشتراط أن يكون الإنسان ليس من حاضري المسجد الحرام ليجب عليه الدم في
المتعة هذا شرط متفق عليه.
لكن اختلفوا في من هو الذي ليس من حاضري المسجد الحرام؟ أما أنه شرط فهذا
متفق عليه. إذاً اتفقوا على اشتراط هذا الشرط واختلفوا في حد الأفقي أو في
حد من ليس من حاضري المسجد الحرام.
= فمذهب الحنابلة وهو القول الأول: أن حاضر المسجد الحرام هم أهل الحرم ومن
كان منه دون مسافة قصر.
واستدلوا على هذا:
- بأن الله تعالى قال: - (ذَلِكَ لِمَنْ
لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) -[البقرة/196] ومن
قرب من الشيء أخذ حكمه. والذين هم على مسافة دون مسافة القصر هم قريبون من
أهل الحرم فيأخذون حكم أهل الحرم. بدليل أن من كان دون مسافة قصر يأخذ
أحكام أهل مكة في السفر فدل على أن لهم نفس الأحكام بسبب القرب.
= القول الثاني: أنهم أهل مكة فقط وهو مذهب المالكية.
فإذا كان الإنسان يسكن في الحرم ولكنه خارج مكة إذا تصورنا وقوع هذا فإنه
يجب عليه الدم عند المالكية.
واستدلوا على هذا:
- بأن المقصود بقوله - (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) -[البقرة/196] أن المقصود بالمسجد الحرام في الآية
مسجد الكعبة فقط. ومن كان حول مسجد الكعبة هم فقط أهل مكة. فكل من كن خارج
مدينة مكة ولو كان في الحرم فإنه يجب عليه الدم.
= القول الثالث: أنهم أهل الحرم فقط وهو مذهب ابن حزم ومال إليه ابن القيم.
ما هو الفرق بين هذا القول ومذهب الحنابلة؟
الفرق بينهما هو: أن من كان على مسافة قصر من أهل الحرم لا يدخل على هذا
القول ضمن حاضري المسجد الحرام فيجب عليه دم، إذاً هذا هو الفرق فابن حزم
يضيق ويجعله الحرم فقط دون من كان على مسافة قصر.
واستدل على هذا:
- بأن الله سبحانه وتعالى نص على أن المقصود بالأفقي هو من كان حاضر المسجد
الحرام فقط. من كان في الحرم هو المقصود ومن كان خارج الحرم فليس بالمقصود
بالآية بنص الآية.
= والقول الرابع والأخير: أن المقصود بحاضري المسجد الحرام هم أهل مكة
والحرم:
o فإن كان من أهل مكة خارج
الحرم دخل في الآية.
o وإن كان من أهل الحرم
خارج مكة أيضاً دخل في الآية.
وإلى هذا القول ذهب شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - وهو قول إذا تأمله
الإنسان وجده متين جداً في الحقيقة وفيه جمع بين أقوال أهل العلم.
ولكن ينظر فيمن سبق الشيخ - رحمه الله - في هذا القول فإني لم أجد مع العلم
أن البحث غير موسع لكني لم أجد من سبقه - رحمه الله - بهذا التفصيل.
لكنه في الحقيقة قول جيد جداً وقوي. وهو أن
المقصود أهل مكة وأهل الحرم لأن الآن يوجد من أهل مكة من هو خارج الحرم
ويوجد من أهل الحرم م هو خارج مكة، فهذا القول قول وجيه.
وإذا تأملت وجدت أن هذا القول يكاد يتوافق مع قول الحنابلة. لأن الحنابلة
عندهم: أن الأمر يشمل كل الذين على مسافة قصر من مكة فسيشمل أهل الحرم
الذين هم خارج مكة لأنهم وإن كانوا خارج مكة لأن ليس بينهم وبين مكة مسافة
قصر، فهو قول يقرب من قول الحنابلة لكن بهذا التفصيل وهو أن يشمل الأمر أهل
مكة وأهل الحرم، وهو تفصيل قوي وسديد.
إذاً أخذنا الشرط الأول من شروط وجوب الدم في التمتع.
الشرط الثاني: أن لا يسافر بين النسكين - وهو شرط لم يذكره المؤلف.
وهذا الشرط اتفق عليه المذاهب الأربعة.
لكن اختلفوا في حد السفر المسقط للدم، وسيأتينا الخلاف في هذه المسألة.
= القول الثاني: أن المتمتع يبقى متمتعاً ولو سافر. وإلى هذا ذهب الفقيه
الحافظ ابن المنذر فرأى - رحمه الله - أن الإنسان ولو سافر ورجع إلى بلده
فإن دم المتعة لا يسقط عنه ويبقى متمتعاً.
واستدل:
- بالعمومات. فإن من سافر يصدق عليه أنه أخذ العمرة والحج في سنة واحدة فهو
متمتع ويصدق عليه أنه تمتع بين الإحرامين.
واستدل الجماهير: وهم الأئمة الأربعة وغيرهم كفقهاء التابعين وغيرهم من
فقهاء المسلمين:
- بأثر عمر بن الخطاب أنه قال: (من تمتع بالعمرة إلى الحج إن بقي في مكة
فهو من المتمتعين وإن سافر أو رجع فليس من المتمتعين) , فاستدل الجمهور
بهذا الأثر عن عمر - رضي الله عنه - على أن السفر يقطع أحكام التمتع.
واستدلوا على ذلك:
- بتعليل: وهو أن المتعة إنما سميت بذلك لأنه يترفه بترك أحد السفرين في
أداء النسك أي أنه يأتي بالنسكين في سفر واحد، وهذا لا يصدق على من سافر
بين النسكين فاستدلوا بالعلة التي من أجلها وجب هذا الدم وهو دم شكران.
الراجح: من حيث الأصل مع الجمهور لاستدلالهم بهذا الأثر الصحيح عن أمير
المؤمنين عمر - رضي الله عنه -.
نأتي إلى المسألة الثانية: الاختلاف في حد السفر المسقط لدم المتعة.
فاختلف الأئمة الأربعة في هذه المسألة على أقوال:
= القول الأول: أنه إذا خرج مسافة قصر سقط
عنه الدم مباشرة.
= القول الثاني: أنه إذا خرج ورجع إلى مصره أو إلى أبعد منه سقط عنه الدم
وإلا فلا.
= القول الثالث: أنه إذا رجع إلى مصره سقط الدم وإلا فلا.
الفرق بين القول الثاني والثالث: الفرق بينهما يتصور في شخص سافر إلى مدينة
أبعد من مدينته فعلى القول الثاني سقط عنه الدم وعلى القول الثالث لم يسقط
عنه الدم لأن أصحاب القول الثالث يشترطون في سقوط الدم أن يرجع فقط إلى
((مصره)) فإن رجع إلى غير مصره سواء كان هذا المصر أبعد أو أقرب من مصره
فإن الدم لا يسقط.
والأقرب والله أعلم - على أن هذه المسألة ليس فيها نصوص ولذلك كثر فيها
الأقوال وتشعبت لأنه ليس في الباب نص يرجع إليه - لكن الأقرب هو أنه إذا
رجع إلى بلده سقط عنه الدم وإن رجع إلى غير بلده لم يسقط عنه الدم.
ووجه الترجيح:
• أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: فإن رجع. والرجوع المطلق إنما هو
في رجوع الإنسان إلى بلده لا في رجوعه إلى بلد آخر، يوضحه ما يحصل الآن من
كثير من الحجاج فهو في الحقيقة يوضح أثر أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه
-.
فإذا جاء أهل المغرب مثلاً إلى مكة وأخذوا العمرة ثم ذهبوا إلى المدينة قبل
أن يحرموا بالحج هل يصدق عليهم أنهم رجعوا أو سافروا؟ هل يمكن أن نقول أنهم
رجعوا؟ وإذا سافروا إلى المغرب هل نقول رجعوا؟ إذاً لعل أمير المؤمنين عمر
- رضي الله عنه - يشير بكلمة رجع إلى هذا المعنى فيكون سبب الترجيح هو ورود
لفظة رجع في أثر أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -.
• كما أن هذا القول فيه توسعة على الناس لأن الحجاج إذا قيل لهم ذهبت
العمرة أو سقطت العمرة شق عليهم هذا الأمر جداً وكثير منهم يرغب بأن يرجع
بنسك التمتع لأنه أفضل الأنساك.
ويشترط لوجوب الدم أن ينوي التمتع عند الإحرام بالعمرة:
- لأنه أراد أيجمع بين نسكين فوجب أن ينوي قبل أن يشرع في الأول منهما.
- وقياساً على الجمع بين الصلاتين.
= والقول الثاني: أنه لا يشترط أن ينوي التمتع عند إحرامه بالعمرة. بل لو
أحرم بالعمرة بلا نية تمتع ثم أحرم بالحج في عامه فهو متمتع نوى أو لم
ينوي.
المثال الذي يبين الخلاف: لو أن رجلاً جاء
إلى مكة في أشهر الحج واعتمر ولم ينو الحج أصلاً ولا التمتع ولم يخطر بباله
بل كان ناوياً الرجوع إلى أهله ثم يسر له أن بقي في مكة إلى الحج ثم أحرم
بالحج.
فـ:
o على القول الأول لا يعتبر
متمتعاً.
o وعلى القول الثاني يعتبر
من المتمتعين. وهو القول الراجح إن شاء الله.
الشرط الرابع:
= عند الحنابلة -:
أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده لأنه بذلك يحصل له الترفه بترك أحد السفرين
بينما إذا أحرم بالعمرة من مكة أشبه حاضري المسجد الحرام.
=والقول الثاني: أنه لا يشترط للإنسان أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده بل لو
أحرم من أدنى الحل ثم أحرم بالحج بعد ذلك فهو متمتع ويجب عليه الدم وله أجر
المتعة إن شاء الله.
والفرق بينهما يتصور في رجل سافر إلى مكة لا يريد العمرة ولا الحج في أشهره
فلما وصل إلى مكة حضرته النية وأراد أن يحرم بالعمرة والحج.
o فعلى القول الأول: يشرط
أن يرجع إلى ميقات بلده فإن أحرم من الحل فليس من المتمتعين.
o وعلى القول الثاني: وإن
أحرم من الحل فهو متمتع له أحكام المتعة.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،،،
شرح كتاب المناسك الدرس رقم (5)
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
انتهينا بالأمس من بيان صفة التمتع والشروط الخاصة بالتمتع والشروط الخاصة
بدم المتعة وبيان أنه لا يلزم من توفر شروط أحدهما توفر شروط الآخر، أي: أن
شروط دم المتعة تختلف عن شروط التمتع، بمعنى أنه قد تصدق على شخص شروط الدم
دون شروط التمتع وقد يقع العكس.
والمؤلف - رحمه الله - ذكر التمتع لكونه أفضل الأنساك ولكنه لم يذكر - رحمه
الله - ما يتعلق بصفة الإفراد والقران.
o فالإفراد:
هو: أن يحرم الإنسان بالحج وحده ويمضي في الأنساك إلى أن يتحلل ويتم نسكه.
والإفراد ليس له عند أهل العلم إلا صورة واحدة فقط كما في التمتع فالإفراد
والتمتع لكل منهما صورة واحدة فقط.
نأتي إلى القران.
o القران:
وله عند أهل العلم ثلاث صور:
- الصورة الأولى المعروفة والمتبادرة إلى الذهن: أن يحرم بالحج والعمرة في
وقت واحد من الميقات ويتم الأنساك إلى أن يفرغ من حجه. ويقول عند إرادة
الإحرام: لبيك حجاً وعمرة، أو يقول: لبيك عمرة وحجا. والأفضل أن يقول: لبيك
عمرة وحجة ليتوافق لفظه مع لفظ الحديث. وهذه الصفة مشروعة باتفاق أهل العلم
بل تقدم معنا أن عدداً كبيراً من أهل العلم يرون أنها أفضل الأنساك.
- الصورة الثانية: أن يحرم الإنسان بالعمرة أولاً ثم يدخل عليها الحج.
والدليل على جواز هذه الصفة:
- حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها أحرمت بالعمرة ثم لما حاضت وخشيت فوات
الحج أدخلت الحج على العمرة.
- والدليل الثاني: الإجماع وقد حكاه شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم -
رحمهما الله -.
* * مسألة/ وظاهر عبارات أهل العلم - رحمهم الله - أنه لا يشترط لهذه الصفة
أن تكون بعذر بل يجوز للإنسان أن يدخل الحج على العمرة ولو بلا عذر.
والإجماع الذي حكاه الشيخان أيضاً مطلق لم يشترط أن يكون هناك عذر.
وهذا هو الصحيح: أنه يجوز مطلقاً.
ويشترط:
= عند لحنابلة للصورة الثانية وهي أن يدخل الحج على العمرة - أن يكون إدخال
الحج على العمرة قبل بداية طواف العمرة.
- لأنه إذا بدأ بالطواف فقد بدأ بالتحلل.
= والقول الثاني: أنه يجوز للإنسان أن يدخل الحج على العمرة ولو بعد الشروع
في الطواف.
- لأن صورة القران تصدق عليه حينئذ ولو كان شرع في طواف العمرة.
والأقرب والله أعلم: القول الثاني وهو أنه يجوز إدخال الحج على العمرة ولو
بعد الشروع في طواف العمرة.
وفهم مما تقدم أنه لا يجوز لإنسان أن يدخل نسك الحج على العمرة بعد الشروع
في السعي، إنما الخلاف فيما إذا أدخل الحج على العمرة بعد الشروع بطواف
العمرة فقط.
- الصورة الثالثة: أن يحرم الإنسان بالحج مفرداً ثم يدخل عليه العمرة.
وهذه الصورة ممنوعة:
= عند الحنابلة. فإن فعل فإن إحرامه بالعمرة ملغي لا قيمة له وهو ما زال
مفرداً.
واستدلوا على هذا بأمرين:
- الأول: أنه روي عن علي - رضي الله عنه - النهي عن هذه الصورة. وبهذا
الأثر استدل الإمام أحمد - رحمه الله -.
- والثاني: أنه لا ينتفع بعمله هذا زيادة
إذ عمل المفرد والقارن واحد.
وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام - رحمه الله -.
= القول الثاني: جواز إدخال العمرة على الحج.
واستدلوا بدليلين:
- الدليل الأول: قياساً على العكس: فإذا جاز إدخال الحج على العمرة فيجوز
إدخال العمرة على الحج.
- الدليل الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم أولاً بالحج ثم
أدخل عليه العمرة.
وهذا الحديث يستدل به بعض الفقهاء وتتبعت أحاديث الحج تتبعاً لا بأس به فلم
أجد في الأحاديث التصريح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالحج
أولاً ثم أحرم بالعمرة إنما فيه قوله في الحديث القدسي: (صل في هذا الوادي
وقل عمرة في حجة).
فالفقهاء وشراح الأحاديث قالوا: لا يوجد - وهذا هو الأمر المهم - لا يمكن
التوفيق بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض إلا أن نفترض أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - أحرم بالحج ثم أدخل عليه، وما دام لا يمكن التوفيق بين
النصوص إلا بهذا القول صاروا يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم
بالحج ثم أدخل عليه العمرة وإلا لا أعلم أنه يوجد حديث صحيح أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - هكذا صنع، ومن أدلة عدم الوجود أن الحفاظ المتأخرين من
الشراح صرحوا أن اعتمادهم في إثبات هذه الطريقة للنبي - صلى الله عليه وسلم
- هو أنه لا يمكن الجمع بين النصوص إلا إذا حملنا عمل النبي - صلى الله
عليه وسلم - على هذا المحمل.
* * مسألة: أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أحرم بالعمرة ثم أحرم بالحج. - هكذا هذا لفظه في البخاري.
وظاهر هذا اللفظ عكس ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني. وهو أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - بدأ بالعمرة أولاً ثم أدخل عليه الحج.
ولكن مع ذلك الشراح ذكروا أنه لا يمكن أن
نحمل هذا الحديث على ظاهره بل نقول: أراد ابن عمر - رضي الله عنه - بهذا
الكلام أن يبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قارناً بغض النظر عن
الصورة التفصيلية لكيفية نسكه فحملوه على هذا المحمل وإن كان الفظ صريحاً
لكنهم لم يرتضوا أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالعمرة أولاً
وحملوا هذا اللفظ على أنه أراد الصورة العامة لا الصورة التفصيلية والذي
دعاهم إلى هذا الحمل هو أنه لا يمكن التوفيق بين الأحاديث إلا إذا قلنا
بهذا القول.
والراجح - والله أعلم - الجواز:
- لأنه وإن استدل الإمام أحمد - رحمه الله - بأثر علي إلا أن أصحاب القول
الثاني معهم ظاهر السنة - وليس صريحها - فهذا يجعل الإنسان يركن إلى هذا
القول، ثم إذا أحرم الإنسان بالحج ثم أدخل عليه العمرة استفاد سقوط نسك
العمرة عنه وتقرب إلى الله بالهدي لأن القارن يجب عليه الهدي، فبين أن لهذا
العمل فائدة كبيرة.
-
ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وإذا حاضت المرأة فخشيت فوات الحج: أحرمت به وصارت قارنة.
هذه إحدى صور القران وهي الصورة الثانية.
ودليلها:
- حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي تقدم معنا أنها أحرمت بالعمرة ثم خشيت
فوات الحج لأنها حاضت فأدخلت الحج على العمرة.
إذاً من خشي فوات الحج وهومحرم بالعمرة تمتعاً فإنه يدخل الحج على العمرة
سواء كانت خشية الفوات بسبب الحيض بالنسبة للنساء أو بأي سبب بالنسبة
للرجال، فما دام خشي أن يفوت الحج فالحل أن دخل الحج على العمرة.
= والقول الثاني: أن من أحر بالعمرة ثم خشي فوات الحج ولن يتمكن م إتمام
العمرة كالحائض فحكمه أن يرفض العمرة وهو معذور بهذ الرفض لأنه لا يستطيع
إتمام النسك.
وهذا مذهب الأحناف.
وهو غاية في السقوط والضعف: - لأنه مخالف لنص السنة الصريحة فإن هذه
المسألة أفتى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمرها أن تحرم بالحج فكيف
نقول بأن الحل أن ترفض العمرة ويكون رفضها مقبولاً في هذه الصورة لأنها
معذورة.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وإذا استوى على راحلته قال: ((لَبَّيْكَ
اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ
الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ)).
يريد المؤلف - رحمه الله - أن يبين الوقت الذي يشرع فيه التلبية، فهنا يريد
المؤلف - رحمه الله - أن يتكلم عن التلبية وسبق أنه تكلم عن نية الإحرام
وذكرت لك أن الحنابلة يفرقون بين نية الإحرام وبين التلبية فيجعلون وقت
استحباب نية الإحرام بعد الصلاة وقت استحباب التلبية إذا استوت به راحلته،
إذاً يفرقون بين وقت النية ووقت التلبية.
= والقول الثاني: أن وقت النية وقت التلبية واحد.
واستدلوا:
- - بأن هذا هو ظاهر السنة أنه - صلى الله عليه وسلم - نوى ولبى في قت
واحد.
وهذا القول الثاني ظاهر القوة وهو الصواب إن شاء الله.
نأتي الآن إلى مسألة: متى يشرع للإنسان أن يلبي؟
= عند الحنابلة إذا استوى على راحلته. والمؤلف - رحمه الله - خالف في هذه
المسألة المشهور من مذهب الحنابلة، فالحنابلة في المشهور عندهم يرون أن وقت
التلبية بعد الإحرام أي بعد الصلاة.
إذاً ما مشى عليه المؤلف - رحمه الله - هنا هو أنه يحرم إذا ستوت به راحلته
واستدل الحنابلة على هذا الحكم - يعني ما ذكره المؤلف - رحمه الله - هنا:
- - بحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استوى على راحلته
أهل ولبى - صلى الله عليه وسلم -.
= القول الثاني: أن التلبية تكون بعد الصلاة فإذا صلى نوى ولبي.
واستدلوا على هذا:
- - بحديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل
بعد الصلاة.
وهذا الحديث على شهرته وكثرة الاستدلال به إلا أنه لا يثبت عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - أنه نُقِلَ عنه نَقْلٌ صحيح أنه لبى بعد الصلاة.
= والقول الثالث: أنه إذا استوى على البيداء - يعني إذا على هذا المرتفع.
والبيداء مكان معروف قريب من ميقات أهل المدينة.
واستدلوا على ذلك:
- - بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استوى على البيداء أهل بالتلبية.
- وكان ابن عمر - رضي الله عنه - ينكر هذا القول إنكاراً شديداً ويقول: ما
أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لما استوى على راحلته.
والأقرب والله أعلم من هذه الأقوال أنه بعد الصلاة وإن كان حديث ابن عباس
ضعيف لمن هذا ظاهر السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نوى ولبى في وقت
واحد وذلك يكون بعد الصلاة.
ويؤيد ذلك أن ضعف حديث ابن عباس ليس ضعفاً شديداً وإنما ضعف بالإمكان أن
يستأنس به.
الإضافة إلى أن عدداً من المعاصرين صح هذا الحديث.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
يصوت بها الرجل.
يعني: أن المشروع في حق الرجل أن يرفع صوته قدر ما يستطيع.
وهذا معنى قوله: يصوت.
والدليل على ذلك:
- ما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أمرني
جبريل أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال.
- والدليل الثاني: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يرفعون
أصواتهم حتى تبح من شدة رفع الصوت.
ولما بين ما يتعلق بالرجل انتقل إلى المرأة:
- فقال - رحمه الله -:
وتخفيها المرأة.
أي أن السنة في حق المرأة أن تلبي بصوت منخفض.
والراجح أن المراد بالانخفاض هنا: أي بحيث تسمع من بجوارها من النساء لا أن
تلبي بصوت لا يسمعه من بجوارها - يعني لا تلبي ي نفسها وإنما تلبي بصوت
منخفض يسمعه من بجوارها من النساء.
هذه هي السنة لأن التلبية نوع من الشعائر وإنما أمرنا المرأة بخفض الصوت
خشية الافتتان ولأن صوت المرأة غالباً يؤدي إلى انشغال أذهان الرجال فلذلك
أمرت بخفض الصوت وإلا فإن الأصل أن هذه شعيرة تحتاج إلى إعلاء.
فإذاً لا تتجاوز المرأة إسماع من بجوارها ولو كانت في مكان منعزل خاص
بالنساء فإنها لا تعدى هذا الحد وهو أن تسمع من بجوارها. |