اختلاف
الأئمة العلماء بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَبِه نستعين
الْحَمد لله الَّذِي رفع الْعلمَاء إِلَى أشرف المناصب وأعلا أسمائهم،
وَفتح عَلَيْهِم بِمَعْرِِفَة الخلاق عَن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وتحرير
كل مَذْهَب فضلا مِنْهُ وحلما، وَنشر فِي الْخَافِقين أعلامهم، وأجرى
بِالْأَحْكَامِ أقلامهم برقم (الطروس) رقما، فنعمان النِّعْمَة مَا خصهم
علما وفهما، وَفضل مالكهم بموطأ الحَدِيث المرسم فِيهِ الْأَحْكَام رسما،
وشافعي سائلهم، ودبر لَهُم من الْعلم نَصِيبا وقسما، وأحمدهم
(1/17)
لسيدهم مُسِنَّة إِلَيْهِ فَلَا يَخْشونَ
لَدَيْهِ هما.
أَحْمَده حمدا لأنال بِهِ من الْإِخْلَاص حظا وقسما، وَأشْهد أَن لَا إِلَه
إِلَّا اللَّهِ وَحده لَا شريك لَهُ، شَهَادَة أمحو بهَا ذَنبا وإثما،
وَأشْهد أَن سيدنَا وَنَبِينَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أذهب
بِشَرِيعَتِهِ عَن الْقُلُوب هما، ومنحهم بهَا نعما جما. وَبعد.
فَإِن علم الْفِقْه هُوَ أفضل عُلُوم الدّين، وَأَعْلَى منزلَة أهل
الْمعرفَة وَالْيَقِين لما جَاءَ فِيهِ عَن سيد الْمُرْسلين: " من يرد
اللَّهِ بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين ".
أما قَوْله: " من يرد بِهِ خيرا " فَإِن هَذَا شَرط وَجَوَابه يفقهه، وهما
مجزومان، وَقد أنجزم الفعلان بذلك وَكَانَ الأَصْل من يرد، وَكَذَلِكَ
كَانَ يفقهه مَرْفُوعا، فانجزما بِجَوَاب الشَّرْط، فَحصل بذلك أَن
الْمَعْنى: " من يرد اللَّهِ بِهِ خيرا يفقهه "، وَاقْتضى هَذَا أَن من لم
يفقهه فِي الدّين لم يكن مِمَّن يرد اللَّهِ بِهِ خيرا، وَلم يقل: من يرد
اللَّهِ بِهِ الْخَيْر، بِالْألف وَاللَّام، فَكَانَ يكون الْخَيْر
الْمَعْهُود الْمُعَرّف بِالْألف وَاللَّام، فَدلَّ على أَن هَذَا التنكير
للخير هَاهُنَا أوقع لِأَن من لم يفقهه فِي الدّين فَإِنَّهُ لَا يرد بِهِ
خيرا، فَأَما يفقهه فَهَذِهِ الْهَاء مبدلة من الْهمزَة لِأَن أصل فقه
الرجل: فقئ فالهاء
(1/18)
مبدلة من الْهمزَة، وَمعنى فقه الرجل: غاص
على اسْتِخْرَاج معنى القَوْل من قَوْلهم: فقأت عينه إِذا نخستها فَجعلت
بَاطِنهَا ظَاهرهَا، فَمَعْنَى الْفِقْه على هَذَا التَّأْوِيل هُوَ
اسْتِخْرَاج الغوامض والإطلاع على أسرار الْكَلَام، وَفِي هَذَا الحَدِيث
من الْفِقْه أَن اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: {إِن الدّين عِنْد
اللَّهِ الْإِسْلَام} ، وَيكون المُرَاد بِالدّينِ هَا هُنَا الْإِسْلَام
بِدَلِيل قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من يرد
اللَّهِ بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين "، بِالْألف وَاللَّام.
ثمَّ أَنه صلى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ بِالْهدى والنور، وَمن ذَلِك
مَا شرع اللَّهِ على لِسَانه من التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيم والوصايا
وَالْأَدب وسير الْأَوَّلين والأخرين، وَمَا قصّ من أحسن الْقَصَص،
فَأَيْنَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْجَانِب
الغربي إِذا قضى اللَّهِ إِلَى مُوسَى الْأَمر، قَالَ اللَّهِ عز وَجل:
{وَمَا كنت بِجَانِب الغربي إِذْ قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر} وَلما انقلبت
العصى حَيَّة وَولى مُوسَى هَارِبا، وَقَوله: {وَمَا كنت لديهم إِذْ يلقون
أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم} ، وَكَانَت الْأَخْبَار الْمَاضِيَة غيب لَا
يعلمهَا إِلَّا اللَّهِ عز وَجل ثمَّ من كَانَ فِيهَا فَأخْبر هُوَ
عَلَيْهِ السَّلَام بهَا، وَشهِدت الْعلمَاء مِنْهُم بذلك كَمَا قَالَ
تَعَالَى: {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} .
أَي أَنه لم يخْتَلف خَبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن خبر
التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل، فَكَانَ هَذَا أمرا وَاضحا جليا من إِعْلَام
اللَّهِ لَهُ بِمَا كَانَ من ذَلِك الْغَيْب، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ غيبا من
أهل وقته مِمَّا علم بِهِ كَقَوْلِه عز وَجل: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى
بعض أَزوَاجه حَدِيثا فَلَمَّا نبأت بِهِ وأظهره اللَّهِ عَلَيْهِ عرف بعضه
وَأعْرض عَن بعض فَلَمَّا نبأها بِهِ قَالَت من أَنْبَأَك هَذَا قَالَ
نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير} ، فأحاط بِالْغَيْبِ من الْوُجُوه
الثَّلَاثَة، الْمَاضِي كَقَوْلِه: {إِذْ قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر}
وَغَيره.
(1/19)
والمستقبل كَقَوْلِه: {سيغلبون} ، والحاضر
كَقَوْلِه: {نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير} ، فأحاط بِالْغَيْبِ من
جَمِيع جهاته، وَمن آيَاته ترْجم المنجوم لبعثه، قَالَ اللَّهِ عز وَجل:
{وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرسا شَدِيدا وشهبا} .
وَلَيْسَ لقَائِل أَن يَقُول: هَذِه كَانَت معهودة لِأَن اللَّهِ تَعَالَى
أكذبه بقوله: {وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الأن يجد
لَهُ شهابا رصدا} .
وَلَو كَانَ ذَلِك معهودا كَمَا قَالَ الْمُشْركُونَ، فَمَا هَذَا الَّذِي
تجدّد علينا هَكَذَا كُنَّا، فَأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- وَاضح.
وَلَو استقصينا دَلَائِل نبوته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لطال الْكَلَام، فَإِذا ثَبت بِالدَّلِيلِ أَنه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجب امْتِثَال أمره وَاجْتنَاب نَهْيه.
فَهَذَا الأَصْل الَّذِي هُوَ: " لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ " أُوحِي إقَام
الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة
(1/20)
وَصَوْم رَمَضَان وَحج الْبَيْت.
وَإِنَّمَا ذكر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
بِنَاء الْإِسْلَام على خمس لِأَنَّهَا سمات الْإِسْلَام على كل مُسلم،
وَهِي فرض عين لَا فرض كِفَايَة.
وَنحن نذْكر من فقه هَذَا الحَدِيث مَا نرجو أَن يَشْمَل الْوَاجِبَات
اللَّازِمَة دون التفرعات الَّذِي علمهَا.
فصل
ونبدأ قبل ذكرهَا بِذكر أَشْيَاء من أصُول الْفِقْه على طَرِيقه
الْمُتَقَدِّمين، فَنَقُول: حد الْعلم معرفَة الْمَعْلُوم على مَا هُوَ
عَلَيْهِ بِهِ، وَعلم الله قديم وَعلم المخلوقين يَنْقَسِم إِلَى ضَرُورِيّ
ومكتسب، وَالدَّلِيل هُوَ المرشد.
وينقسم الْفِقْه على وَاجِب ومندوب إِلَيْهِ، ومباح ومحظور ومكروه،
فَالْوَاجِب: مَا ينَال تَاركه الْوَعيد، وَالْمَنْدُوب إِلَيْهِ: مَا فعله
فضل وَلَا إِثْم من تَركه، والمباح: مَا أطلق للْعَبد إِلَّا أَن نِيَّته
فِيهِ يُثَاب عَلَيْهَا، والمحظور وَالْمحرم وَالْمَكْرُوه: مَا تَركه فضل
وَفعله بخس.
ويستدل بأوامر اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأومر رَسُوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - وَإِقْرَاره الْفَاعِل وَفِي الْكَلَام حَقِيقَة، وَفِيه الْمجَاز،
والأسماء تُؤْخَذ شرعا ولغة وَقِيَاسًا، وللأمر صِيغَة تَقْتَضِي الْوُجُوب
فَإِذا ورد الْأَمر بأَشْيَاء مَعَ التَّخْيِير، كَانَ الْوَاجِب وَاحِدًا
غير
(1/21)
معنى، فَإِذا أَدَّاهُ الْمَأْمُور بِهِ
أَجزَأَهُ، وَالْفَرْض هُوَ الْوَاجِب عِنْد الشَّافِعِي، وَعند أَحْمد
وَأبي حنيفَة الْوَاجِب لَازم، وَالْفَرْض ألزم، والنهى ضد الْأَمر،
والتعميم فِي أقل الْجمع اثْنَان فَصَاعِدا، فَإِذا عرف بِالْألف وَاللَّام
فَهُوَ تَعْمِيم نَحْو: الْمُسلمين، وَكَذَلِكَ إِن كَانَ بِصِيغَة
الْوَاحِد كَانَ للْجِنْس نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِن الْإِنْسَان لفي
خسر} ، وَلَا يعم شَيْء من أَفعَال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - إِلَّا بِدَلِيل التَّخْصِيص يَعْنِي الْبَعْض دون الْكل.
والنطق إِذا ورد على سَبَب تعلق بِهِ كَيفَ وَقع، ويخصص النُّطْق
بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالشّرط وَالتَّقْيِيد، وَمَفْهُوم الْخطاب يكون من
فحواه ولحنه، وَلَا دَلِيل خطابه. والمجمل من القَوْل الْمُبْهم والمبين
التَّعْيِين ولنسخ الرّفْع وَلَيْسَ بالبراء، وَلَا يجوز النّسخ إِلَّا على
مَا يتَنَاوَل تَكْلِيف الْخلق دون صِفَات الْخَالِق وتوحيده، وَيجوز نسخ
الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ، وَالسّنة بِالسنةِ فِيمَا تماثل طَرِيقه
وَالْفِعْل بِالْفِعْلِ، وَلَا ينْسَخ الْقُرْآن وَلَا السّنة
بِالْإِجْمَاع وَلَا بِالْقِيَاسِ، وَإِذا قَالَ الصَّحَابِيّ: هَذِه
الْآيَة مَنْسُوخَة وَلم يذكر مَا نسخهَا، لم يثبت نسخهَا.
(1/22)
وَشرع الْإِسْلَام مغنى عَن غَيره، وَفعل
رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شرع، وَكَذَلِكَ
إِقْرَاره.
وللخبر صِيغَة وَمِنْه التَّوَاتُر والآحاد، وَمِنْه الْمُتَّصِل والمرسل.
والمتصل مَا اتَّصل إِسْنَاده بالعنعنة، وأفضله أَن يَقُول الرَّاوِي:
سَمِعت أَو حَدثنِي، فَإِن قَالَ أَخْبرنِي أَو أنبأني نقص عَن تِلْكَ
الرُّتْبَة، لجَوَاز أَن يكون الْإِخْبَار إجَازَة فَأَما الْمُرْسل: فَمَا
يرويهِ التَّابِعِيّ عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -.
وَإِذا روى الصَّبِي الْمُمَيز قبل خَبره.
وَمن شَرط قبُول رِوَايَة الرَّاوِي أَن يكون عدلا، غير مُبْتَدع.
وَالصَّحَابَة كلهم عدُول، وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان.
وَيلْزم الْجَارِح للراوي تعْيين مَا جرحه بِهِ، وَتقدم بَينه الْجرْح على
التَّعْدِيل.
وَرِوَايَة حَدِيث رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
بِالْمَعْنَى غير جَائِزَة إِلَّا عِنْد بعض الْعلمَاء، للْعَالم دون
غَيره. وَإِذا روى الرَّاوِي الحَدِيث ثمَّ نَسيَه لم يسْقط الحَدِيث.
(1/23)
وَلَا يفك الْأَمر الثَّابِت بِكِتَاب أَو
سنة ثَابِتَة إو إِجْمَاع الْمُسلمين بِخَبَر الْوَاحِد، ويرجح الْخَبَر
على الْمخبر بِفضل رَاوِيه وموافقة مَتنه لِلْقُرْآنِ، وَإِجْمَاع
الْمُسلمين من الْمُجْتَهدين حجَّة فِي الشَّرْع.
وَقَول الصَّحَابَة مُتَقَدم على الْقيَاس وَالْقِيَاس مُتَقَدم على حمل
الْفَرْع على أصل فِي بعض أَحْكَامه بِمَعْنى يجمع بَينهمَا ويحتج بِهِ من
جَمِيع الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وَقد سَمَّاهُ الْفُقَهَاء قِيَاس عِلّة
وَقِيَاس دلَالَة وَقِيَاس شبه.
ويشتمل الْقيَاس على أَرْبَعَة أَشْيَاء: على الأَصْل وَالْعلَّة وَالْفرع
وَالْحكم، وَالِاسْتِحْسَان عِنْد أبي حنيفَة أصل. والتقليد قبُول قَول
النَّبِي من غير دَلِيل وَذَلِكَ ( ... ) الْمعَانِي وَلَا يجوز فِي أصُول
الدّين وَلَا فِيمَا نقل نقلا عَاما لفرض الصَّلَاة.
والعالم لَا يسوغ لَهُ التَّقْلِيد، وَقد حكى عَن أَحْمد أَنه يسوغ لَهُ
ذَلِك، وَالْمَعْرُوف من مذْهبه أَنه لَا يسيغ لمجتهد أَن يُقَلّد.
وَمن عرف طرق الْأَحْكَام من الْكتاب وَالسّنة وموارد الْكَلَام ومصادره
ومجازه وَحَقِيقَته وعامه وخاصة وناسخة ومنسوخة ومطلقه ومقيده ومفصله
ومجمله وَدَلِيله، وَعرف من أصُول الْعَرَبيَّة مَا يُوضح لَهُ الْمعَانِي
وَإِجْمَاع السّلف وخلافهم، وَعرف
(1/24)
الْقيَاس، وَمَا يجوز تَعْلِيله من
الْأُصُول مِمَّا لَا يجوز، وَمَا يُعلل بِهِ وَمَا لَا.
وترتيب الْأَدِلَّة وَتَقْدِيم أولاها، ووجوه التَّرْجِيح ثِقَة مَأْمُونا
قد عرف بِالِاحْتِيَاطِ للدّين، أفتى من استفتاه مفصحا عدل، ويختار
المستفتين لدينِهِ من الْمُفْتِينَ، وَيقدم فتيا المحتاط لدينِهِ.
وَالْحق فِي أصُول الدّين فِي جِهَة وَاحِدَة، فَأَما الْفُرُوع فَإِنَّهَا
كَذَلِك، إِلَّا أَن الْحَرج مَوْضُوع عَن الْمُجْتَهد المستخلص بل لَهُ
أجر وَاحِد فِي الْخَطَأ، وَله فِي الْإِصَابَة أَجْرَانِ. وَالْقَوْلَان
من الْفَقِيه فِي الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة إِشْعَار مِنْهُ لدين مَنعه أَن
يحتم حَتَّى يعلم، فَيكون لمن بعده الِاجْتِهَاد فِيهَا، فَأَما إِذا تقدم
تَارِيخ أحد الْقَوْلَيْنِ فَالْعَمَل على الْأَخير. فَهَذِهِ أصُول
الْفِقْه على طَرِيقه الِاخْتِصَار نشِير إِلَى مَا تفرع مِنْهَا.
وَلما انْتهى تدوين الْفِقْه إِلَى الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة، وكل مِنْهُم
عدل رَضِي اللَّهِ
(1/25)
عَنْهُم، ورضى عدالتهم الْأَئِمَّة،
وَأخذُوا عَنْهُم لأخذهم عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء
وأستقر ذَلِك، وَإِن كلا مِنْهُم مقتدى بِهِ، وَلكُل وَاحِد مِنْهُم لَهُ
من الْأمة أَتبَاع من شَاءَ مِنْهُم فِيمَا ذكره وهم: أَبُو حنيفَة،
وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد رَضِي اللَّهِ عَنْهُم.
رَأَيْت أَن أجعَل مَا أذكرهُ من إِجْمَاع مُشِيرا بِهِ إِلَى إِجْمَاع
هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة، وَمَا أذكرهُ من خلاف مُشِيرا بِهِ إِلَى الْخلاف
بَينهم، فَمن ذَلِك.
(1/26)
|