الأدلة
الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية [الكتاب الثالث عشر] : كتاب الأطعمة
[الباب الأول: المحرمات من الأطعمة]
الأصل في كل شيء الحل، ولا يحرم إلا ما حرمه الله تعالى ورسوله، وما سكت
عنه فهو عفو1، فيحرم ما في الكتاب العزيز2
__________
1 للحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك "2/ 375"، وصحح إسناده ووافقه
الذهبي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه "رفع الحديث" قال: "ما أحل الله في
كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله
العافية فإن الله لم يكن نسيًّا" ثم تلا هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ
نَسِيًّا} [مريم: 64] وهو حديث حسن.
وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 6858- البغا" ومسلم "2/ 975 رقم 1337" عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فقال: "أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" فقال رجل: أكل
عام؟ يا رسول الله فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو قلت: نعم، لوجبت، ولما استطعتم" ثم قال: "ذروني ما
تركتكم. فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا
أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
2 وهو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ
السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ
تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ
مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] .
وما أهل لغير الله به: أي ذكر اسم غير الله عند ذبحه. والموقوذة: هي
المقتولة بالعصا. والمتردية: هي التي تسقط من مكان عالٍ فتموت. والنطيحة:
هي التي تنطحها أخرى فتموت. وما أكل السبع: أي ما بقي مما أكل السبع. إلا
ما ذكيتم: أي ما أدركتم من هذه الأشياء وفيه حياة مستقرة فذبحتموه. وما
ذُبِح على النصب: أي ما ذبح للطاغوت. وأن تستقسموا بالأزلام: وتسمى القداح:
وهي: سهام كانت لدى العرب في الجاهلية مكتوب على أحدها: "أمرني ربي"، وعلى
الثاني "نهاني ربي"، والثالث: غفل من الكتابة"، فإذا أرادوا سفرًا أو
زواجًا أو نحو ذلك أتوا بيت الأصنام، وفيه الأزلام، فاستقسموها، أي طلبا
علم ما قسم علم ما قسم لهم من السفر والغزو ونحوه، فإن خرج السهم الآمر
أقدموا على الأمر، وإن خرج السهم الناهي أحجموا وأمسكوا عنه، وإن خرج الغفل
أجالوها مرة أو مرات أخرى، حتى يخرج الآمر أو الناهي.
(1/164)
وكل ذي ناب من السباع1، وكل ذي مخلب من
الطير2، والحمر الإنسية3، والجلَّالة قبل الاستحالة4، والكلاب5، والهر6،
وما كان مستخبثًا7، وما عدا ذلك فهو حلال8.
__________
1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1534 رقم 15/ 1993" وغيره، عن أبي هريرة رضي
الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كل ذي ناب من
السباع، فأكله حرام".
2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1534 رقم 16/ 1934" عن ابن عباس. قال: نهى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كل ذي ناب من السباع، وعن
كل ذي مخلب من الطير".
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 482 رقم 4226" ومسلم "3/ 1539 رقم 31/
1938" وغيرهما عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نلقي لحوم الحمر الأهلية نيئة ونضيجة، ثم لم يأمرنا
بأكله.
4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 148 رقم 3785"، وابن ماجه "2/ 1064 رقم
3189" والترمذي "4/ 270 رقم 1824" وقال: حديث حسن غريب، عن ابن عمر، قال:
"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل الجلالة
وألبانها"، وهو حديث صحيح.
الجلالة: هي التي تأكل العذرة من الحيوان، وأصله الجلة: البعر، فاستعير
لغيره.
5 لا خلاف في ذلك يعتد به، وهو من السباع، يأكل الجيف، وقد نهي عن أكل
ثمنه، كما في حديث أبي مسعود الأنصاري المتقدم، وكذلك أن الله إذا حرم
شيئًا حرم ثمنه كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 758 رقم 3488" عن
ابن عباس قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسًا
عند الركن، قال: فرفع بصره إلى السماء فضحك، فقال: "لعن الله اليهود
ثلاثًا؛ إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا
حرم على قوم أكْل شيء حرم عليهم ثمنه"، وهو حديث صحيح.
6 لأنه من السباع ويأكل الجيف، وقد نهي عن أكل ثمنه كما في حديث جابر، انظر
هامش "ص138" وتقدم أن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه كما في حديث ابن عباس،
انظر الهامش "5".
7 لقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] .
8 ما لم يرد فيه نص تحريم ولا تحليل، ولا أمر بقتله ولا نهي عن قتله،
فالمرجع فيه إلى العرب من سكان البلاد والقرى دون أجلاف البوادي، واعتبر
عرف العرب في هذا؛ لأنهم الذين خوطبوا بالشرع أولًا، وفيهم بعث النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزل القرآن.
وما أمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله فلا يكون حلالًا؛ للحديث
الذي أخرجه البخاري "6/ 355 رقم 3314" ومسلم "2/ 856 رقم 67/ 1198" وغيرهما
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
"خمس فواسق يقتلن في الحرم؛ الفأرة، والعقرب، والحديَّا، والغراب والكلب
العقور"، وللحديث الذي أخرجه أحمد "6/ 83" والنسائي "5/ 189" وغيرهما، من
حديث سائبة مولاة للفاكه بن المغيرة، قالت: دخلت على عائشة، فرأيت في بيتها
رمحًا موضوعًا، قلت: يا أم المؤمنين ما تصنعون بهذا الرمح؟ قالت: هذا لهذه
الأوزاغ نقتلهن به؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حدثنا: "أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حين ألقي في النار لم تكن في
الأرض دابة إلا تطفئ النار عنه غير الوزغ كان ينفخ عليه، فأمرنا رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله، وهو حديث صحيح.
وكذلك ما نهى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتله فلا يكون حلالًا؛
للحديث الذي أخرجه أبو داود "5/ 418 رقم 5267" وابن ماجه "2/ 1074 رقم
3224" وغيرهما عن ابن عباس رضي اله عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحل، والهدهد،
والصرد"، وهو حديث صحيح.
والصرد: طائر فوق العصفور، وقال الأزهري: يصيد العصافير، وقيل: الصرد طائر
أبقع ضخم الرأس يكون في الشجر، نصفه أبيض ونصفه أسود. ضخم المنقار.
(1/165)
[الباب الثاني] : باب الصيد
ما صيد بالسلاح الجارح والجوارح كان حلالًا إذا ذكر عليه اسم الله، وما صيد
بغير ذلك فلا بد من التذكية1.
وإذا شارك الكلب المعلم كلبٌ آخرُ لم يحل صيدهما2، وإذا أكل الكلب المعلم
ونحوه من الصيد لم يحل؛ فإنما أمسك على نفسه3، وإذا وجد الصيد بعد وقوع
الرمية فيه ميتًا ولو بعد أيام في غير ماء كان حلالًا، ما لم ينتن أو يُعلم
أن الذي قتله غير سهمه4
__________
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 604 رقم 5478" ومسلم "3/ 1532 رقم 8/
1930" وغيرهما عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلت: يا نبي الله، إنا بأرض قوم
أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ وبأرض صيد، أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم،
وبكلبي المعلم، فما يصلح لي؟ قال: "أما ذكرت من أهل الكتاب، فإن وجدتم
غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوها فيها، وما صدت بقوسك
فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل، وما صدت
بكلبك غير معلم فأدركت ذكاته فكل".
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 292 رقم 2054" ومسلم "3/ 1529 رقم 3/
1929" عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المعراض، فقال: "إذا أصاب بحده، فكل، وإذا أصاب
بعرضه فقتل، فلا تأكل؛ فإنه وقيذ". قلت: يا رسول الله أرسل كلبي وأُسَمي،
فأخذ معه على الصيد كلبًا آخر لم أسمِّ عليه، ولا أدري أيهما أخذ، قال: "لا
تأكل إنما سميت على كلبك ولم تسمِّ على الآخر".
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 609 رقم 5483" ومسلم "3/ 1529 رقم 2/
1929" عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قلت: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب. قال: "إذا أرسلت كلابك المعلمة
وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلب؛ فإنني
أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه، وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل".
4 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 610 رقم 5484" ومسلم "3/ 1531 رقم 6/
1929" عن عدي بن حاتم رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسكَ وقتل فكل وإن أكل فلا تأكل؛
فإنما أمسك على نفسه، وإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله علها فأمسكن فقتلن
فلا تأكل؛ فإنك لا تدري أيها قتل، وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين
ليس به إلا أثر سهمك فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكل".
(1/166)
[الباب الثالث] : باب الذبح
هو ما أنهَرَ الدم وفرر الأوداج1 وذكر اسم الله عليه، ولو بحجر أو نحوه ما
لم يكن سنًّا أو ظفرًا2، ويحرم تعذيب الذبيحة والمثلة بها3، وذبحها لغير
الله4، وإذا تعذر
__________
1 وهما عرقان بينهما الحلقوم. قال الشوكاني في "السيل الجرار" 3/ 218": "لم
يثبت في المرفوع ما يدل على اشتراط فري الأوداج إلا ما أخرجه أبو داود رقم
"2826" وهو حديث ضعيف، من حديث أبي هريرة وابن عباس قالا: نهى رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع
الجلد ولا تفري الأوداج" اهـ.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 672 رقم 5543" ومسلم "3/ 1558 رقم 20/
1968"، عن رافع بن خديج: يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدًا وليست معنا
مُدًى، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعجل أو أرْني ما أنهر
الدم، وذكر اسم الله فكل، وليس السن والظفر، وسأحدثك؛ أما السن فعظم، وأما
الظفر فمدى الحبشة" قال: وأصبنا نهب إبل وغنم، فندَّ منها بعير، فرماه رجل
بسهم فحبسه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن لهذه
الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا".
مدى: مفردها: مدية: الشفرة. أرْني: أي أدم الحز ولا تفتر، من قولك: رنوت
النظر إلى الشيء، إذا أدمته. أو يكون أراد أدِمْ النظر إليه وراعه ببصرك؛
لئلا تزلَّ عن المذبح، وتكون الكلمة ارْنِ بوزن ارْمِ. فندَّ منها بعير: أي
شرد وهب نافرًا. أوابد: جمع آبدة وهي النفرة والفرار والشرود. يقال منه:
أبدت تأبد وتأبدت، ومعناها نفرت من الإنس وتوحشت.
3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1548 رقم 57/ 1955" وغيره عن شداد بن أوس
قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال:
"إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم
فأحسنوا الذبحة، وليحِدَّ أحدكم شفرته فليرح ذبيحته".
القِتلة "بكسر القاف": وهي الهيئة والحالة. وليحدَّ: يقال: أحد السكين
وحددها واستحدها بمعنى شحذها. فليرح ذبيحته: بإحداد السكين وتعجيل إمرارها،
وغير ذلك، ويستحب أن لا يجد السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة
أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها.
4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1567 رقم 45 / 1978" عن أبي الطفيل، قال: سئل
علي: أخصَّكم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشئ؟ فقال: ما
خصنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء لم يعم به الناس
كافة، إلا ما كان في قراب سيفي هذا، قال: فأخرج صحيفة مكتوب فيها: "لعن
الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن
والده، ولعن الله من آوى مُحدِثًا.
قراب سيفي: هو وعاء من جلد، ألطف من الجراب، يدخل فيه السيف بغمده، وما خف
من الآلة.
(1/167)
الذبح بوجه جاز الطعن والرمي وكان ذلك
كالذبح1، وذكاة الجنين ذكاة أمه2، وما أبين من الحي فهو ميتة3، وتحل ميتتان
ودمان: السمك والجراد والكبد والطحال4، وتحل الميتة للمضطر5.
__________
1 لحديث رافع بن خديج، انظر هامش "ص167".
3 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1067 رقم 3199" وأبو داود "3/ 252 رقم
2827" والترمذي "4/ 72 رقم 1476" وقال: حديث حسن صحيح. عن أبي سعيد، قال:
سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجنين، فقال: "كلوه
إن شئتم" وقال مسدد: قلنا: يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة
فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال: "كلوه إن شئتم؛ فإن ذكاته
ذكاة أمه" وهو حديث صحيح.
3 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 74 رقم 1480" وقال: حديث حسن غريب وأبو
داود "3/ 277 رقم 2858" وغيرهما عن أبي واقد الليثي، قال: قال النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة" وهو
حديث حسن.
4 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1102 رقم 3314" والدارقطني "4/ 271 رقم
25" وأحمد "2/ 97" والبيهقي "9/ 257" و"1/ 254" وغيرهم، عن ابن عمر، أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أحلت لكم ميتتان،
ودمان؛ فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان، فالكبد والطحال" وهو
حديث صحيح.
5 لقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] .
(1/168)
[الباب الرابع] : باب الضيافة
يجب على من وجد ما يقري به من نزل عليه من الضيوف أن يفعل ذلك، وحد الضيافة
إلى ثلاثة أيام، وما كان وراء ذلك فصدقة، ولا يحل للضيف أن يثوي عنده حتى
يحرِجه1، وإذا لم يفعل القادر على الضيافة ما يجب عليه كان للضيف أن يأخذ
من ماله بقدر قراه2.
__________
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 531 رقم 6135" ومسلم "3/ 1352 رقم 14/
48" وغيرهما عن أبي شريح العدوي، أنه قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين
تكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "من كان يؤمن
بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه جائزته" قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟
قال: "يومه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه".
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "10532 رقم 6137" ومسلم "3/ 1353 رقم 1727"
وغيرهما. عن عقبة بن عامر، أنه قال: قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل
بقوم فلا يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا، فإن لم
يفعلوا، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم".
(1/168)
ويحرم أكل طعام الغير بغير إذنه1، ومن ذلك
حلب ماشيته وأخذ ثمرته وزرعه لا يجوز إلا بإذنه2، إلا أن يكون محتاجًا إلى
ذلك، فليناد صاحب الإبل أو الحائط فإن أجابه وإلا فليشرب وليأكل غير متخذ
خبنة3.
__________
1 لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}
[البقرة: 188] .
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 88 رقم 2435" ومسلم "3/ 1352 رقم 13/
1726" وغيرهما. عن ابن عمر، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى
مشربته، فتكسر خزانته فينتقل طعامه؟ إنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم،
فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه".
3 للحديث الذي أخرجه أحمد "3/ 7-8" و"3/ 85-86" وابن ماجه "2/ 771 رقم
2300" وأبو يعلى في المسند "2/ 439 رقم 230/ 1244" والحاكم "4/ 132" وصححه
ووافقه الذهبي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "إذا أتيت على راعٍ فناده ثلاث مرار، فإن أجابتك وإلا فاشرب
في غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط بستان، فناد صاحب البستان ثلاث مرات،
فإن أجابك وإلا فكل في أن لا تفسد" وهو حديث صحيح.
وللحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 583 رقم 1287" وقال: حديث غريب وابن ماجه
"2/ 772 رقم 2301" وغيرهما، عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "من دخل حائطًا فليأكل ولا يتخذ خبنة" وهو حديث صحيح.
الخبنة: معطف الإزار، وطرف الثوب: أي لا يأخذ منه في ثوبه، يقال: أخبن
الرجل إذا خبأ شيئًا في خبن ثوبه أو سراويله. "النهاية: 2/ 9".
(1/169)
[الباب الخامس] : باب آداب الأكل
تشرع للآكل التسمية1، والأكل باليمين2، ومن حافتي الطعام
__________
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 139 رقم 3767" والترمذي "4/ 288 رقم
1858" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "2/ 1086 رقم 3264" وغيرهم، عن عائشة
قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أكل أحدكم
طعامًا فليقل: بسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: بسم الله في أوله وآخره"
وهو حديث صحيح.
2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1598 رقم 105/ 2020" وغيره عن ابن عمر أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أكل أحدكم فليأكل
بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله".
(1/169)
لا من وسطه1، ومما يليه2، ويلعق أصابعه
والصحفة3، والحمد عند الفراغ والدعاء4، ولا يأكل متكئًا5.
__________
1 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1090 رقم 3777" والترمذي "4/ 260 رقم
1805" وقال: حديث حسن صحيح، عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: "البركة تنزل وسط الطعام، فكلوا من حافته، ولا تأكلوا من
وسطه". وهو حديث صحيح.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 521 رقم 5376" ومسلم "3/ 1599 رقم 2022"
وغيرهما. عن عمر بن أبي سلمة، قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما
يليك، فما زالت تلك طعمتي بعد".
3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1607 رقم 136/ 2034" وغيره عن أنس أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أكل طعامًا لعق أصابعه
الثلاث، قال: وقال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا
يدعها للشيطان"، وأمرنا أن نسلت القصعة؛ قال: "فإنكم لا تدرون في أي طعامكم
البركة". نسلت: معناه نمسحها ونتتبع ما بقي من الطعام.
4 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 580 رقم 5458" عن أبي أمامة أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان إذا رفع مائدته قال: "الحمد لله
كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربَّنا".
وللحديث الذي أخرجه الترمذي "5/ 508 رقم 3458" وقال: حديث حسن غريب، وأبو
داود "4/ 310 رقم 4023" وابن ماجه "2/ 1093 رقم 3285" وغيرهم، عن معاذ بن
أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أكل طعامًا
ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة
غفر له ما تقدم من ذنبه"، وهو حديث حسن.
5 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 540 رقم 5399": عن أبي جحيفة قال: كنت عند
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لرجل عنده: "لا آكل وأنا
متكئ".
قال ابن القيم في "زاد المعاد" "4/ 202": "وقد فسر الاتكاء بالتربع، وفسر
الاتكاء على الشيء، وهو الاعتماد عليه، وفسر بالاتكاء على الجنب، والأنواع
الثلاثة من الاتكاء: فنوع يضر بالأكل وهو الاتكاء على الجنب؛ فإنه يمنع
مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة، وأما
النوعان الآخران فمن جلوس الجبابرة المنافي للعبودية" اهـ.
(1/170)
|