الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية

 [الكتاب السادس عشر] : كتاب الأضحية
[الباب الأول: أحكام الأضحية]
تشرع لأهل كل بيت، وأقلها شاة1، ووقتها بعد صلاة عند النحر2، إلى آخر أيام التشريق3، وأفضلها أسمنها، ولا يجزئ منا دون الجذع من الضأن4، ولا الثني من المعز5 والأعور والمريض والأعرج
__________
1 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 91 رقم 1505" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "2/ 1051 رقم 3147" عن عطاء بن يسار، قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى" وهو حديث صحيح.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 6/ 5549" ومسلم "3/ 1554 رقم 10/ 1962" وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم النحر: "من كان ذبح قبل الصلاة فليعد" وانظر الهامش القادم "5".
3 للحديث الذي أخرجه أحمد "4/ 82" وابن حبان في صحيحه "6/ 62 رقم 3843" والبيهقي "9/ 295" وغيرهم، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل عرفات موقف وارفعوا عن عرنة، وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر، فكل فجاج مني منحر وفي كل أيام التشريق ذبح" وهو حديث صحيح.
4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1555 رقم 13/ 1963" عن جابر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن".
المسنة: التي لها سنون، والمراد: الكبيرة التي ليست من الصغار. جذعة: الجذع من الشاء: ما دخل في السنة الثانية، ومن البقر. وذوات الحافر: ما دخل في الثالثة، ومن الإبل ما دخل في الخامسة، والأنثى في الجميع جذعة، والجمع: جذعات وجذاع وجذعات.
5 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 12 رقم 5556" ومسلم "3/ 1552 رقم 4/ 1961" وغيرهما: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ضحى خال لي يقال له: أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شاتك شاة لحم"، فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنًا جذعة من المعز، قال: "اذبحها ولا تصلح لغيرك"، ثم قال: "من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين". الداجن: الشاة التي تألف البيت وتستأنس بأهله".

(1/175)


والأعجف1، وأعضب القرن والأذن2، ويتصدق منها ويأكل ويدخر3، والذبح في المصلى أفضل4، ولا يأخذ من له أضحية من شعره وظفره بعد دخول عشر ذي الحجة حتى يضحي5.
__________
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 235 رقم 2802" والترمذي "4/ 85 رقم 1497" وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي "7/ 214 رقم 4369" وابن ماجه "2/ 1050 رقم 3144" وغيرهم. عن البراء بن عازب رفعه قال: "لا يضحي بالعرجاء بيِّن ظَلَعُها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالمريضة بين مرضها ولا بالعجفاء التي لا تنقي" وهو حديث صحيح.
ظلعها: الظلع: العرج. والظالع: الغامز في مشيته. العجفاء: العجف -بالتحريك- الهزال والضعف. لا تنقى: من أنقى: إذا صار ذا نقي. فالمعنى: التي ما بقي لها مخ من غاية العجف.
2 حديث علي: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يضحي بأعضب القرن والأذن" ضعيف.
3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1561 رقم 28/ 1971" عن عبد الله بن واقد قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، قال عبد الله بن أبي بكر، فذكرت ذلك لعمرة، فقال: صدق، سمعت عائشة تقول: دف أهل أبيات من أهل البادية خضرة الأضحى، زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادخروا ثلاثًا، ثم تصدقوا ما بقي"، فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول اله إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويجملون منها الودك، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وما ذاك"؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. فقال: "إنما نهيتكم من أجل الدافَّة التي دفَّت فكلوا وادخروا وتصدقوا". دفَّ: أصل الدفيف من دف الطائر إذا ضرب بجناحيه دفيه "أي صفحتي جنبه" في طيرانه على الأرض. ثم قيل: دفت الإبل إذا سارت سيرًا لينًا. ويجملون منها الودك: أي يذيبون منها دسم اللحم. من أجل الدافة التي دفت: قال أهل اللغة: الدافة قوم يسيرون جميعًا سيرًا خفيفًا. ودافة الأعراب من يرد منهم المصر. والمراد هنا، من ورد من ضعفاء الأعراب للموساة.
4 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 9 رقم 5552". عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذبح وينحر بالمصلى".
5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1565 رقم 41/ 1977" عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره".

(1/176)


[الباب الثاني] : باب الوليمة
[الفصل الأول: أحكام وليمة العرس]
هي مشروعة1
__________
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 204 رقم 5148" ومسلم "2/ 1042 رقم 79/ 1427" عن أنس بن مالك، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، فقال: "ما هذا"؟ قال: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال: "فبارك الله، أَوْلِمْ ولو بشاة".
أثر صفرة: الصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العروس، ولم يقصده ولا تعمد التزعفر. نواة: تساوي خمسة دراهم من ذهب= 14.675 جرامًا.

(1/176)


وتجب الإجابة إليها1، ويقدم السابق ثم الأقرب بابًا2، ولا يجوز حضورها إذا اشتملت على معصية3.
__________
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 244 رقم 5177" ومسلم "2/ 1054 رقم 107/ 1432" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء، ويترك المساكين، فمن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 447 رقم 6020" عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي قال: "إلى أقربهما منك بابًا".
3 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1114 رقم 3359" عن علي، صنعت طعامًا، فدعوت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء فرأى في البيت تصاوير، فرجع، وهو حديث صحيح.

(1/177)


[الـ] فصل [الثاني: أحكام العقيقة]
والعقيقة مستحبة1، وهي شاتان عن الذكر وشاة عن الأنثى2، يوم سابع المولود، وفيه يسمى ويُحلق رأسُه3، ويتصدق بوزنه ذهبًا أو فضة4.
__________
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 590 رقم 5472" وغيره عن سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى".
2 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 96 رقم 1513" وقال: حديث حسن صحيح عن يوسف بن ماهك، أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن، فسألوها عن العقيقة، فأخبرتهم أن عائشة أخبرتها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة، وهو حديث صحيح. مكافئتان: أي مستويتان أو متقاربتان.
3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 260 رقم 2838" والترمذي "4/ 101 رقم 1522" والنسائي "7/ 166 رقم 4220" وابن ماجه "2/ 1056 رقم 3165" وغيرهم، عن سمرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الغلام مرتهن بعقيقته، يذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه" وهو حديث صحيح.
4 للحديث الذي أخرجه أحمد في المسند "6/ 390" والبيهقي في السنن الكبرى "9/ 304" عن أبي رافع قال: لما ولدت فاطمة حسنًا رضي الله عنه قالت: يا رسول الله ألا أعق عن ابني بدم؟ قال: "لا ولكن احلقي شعره وتصدقي بوزنه من الورق على الأوقاص أو على المساكين"، وهو حديث حسن. الأوقاص: هم أهل الصُّفَّة.

(1/177)