الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية

 [الكتاب السادس والعشرون] : كتاب الحدود
[الباب الأول] : باب حد الزاني
إن كان بكرًا حرًّا جلد مائة جلدة1، وبعد الجلد يغرَّب عامًا2، وإن كان ثيبًا جلد كما يجلد البكر3، ثم يرجم حتى يموت4، ويكفي إقراره مرة، وما ورد من التكرار في وقائع الأعيان فلقصد الاستثبات5.
__________
1 لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] .
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 156 رقم 6833" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه".
3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1316 رقم 12/ 1690" وغيره عن عبادة بن الصامت. قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم".
والظاهر عند أنه يجوز للإمام أن يجمع بين الجلد والرجم، ويستحب له أن يقتصر على الرجم؛ لاقتصار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرجم، والحكمة في ذلك أن الرجم عقوبة تأتي على النفس فأصل الرجم المطلوب حاصل به، والجلد زيادة عقوبة رخص في تركها، فهذا وجه الاقتصار على الرجم عندي والله أعلم.
4 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 135 رقم 6824" ومسلم "3/ 1320 رقم 19/ 1693". عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لماعز بن مالك: "أحق ما بلغني عنك"؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: "بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان" قال: نعم. قال: فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم، ولحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المتقدم.
5 لأن أخذ المقر بإقرار هو الثابت في الشريعة؛ لحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المتقدم في هامش "ص180" وقد اكتفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإقرار من المرأة الزانية مرة واحدة. وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1323 رقم 23/ 1695" عن بريدة وقد اكتفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإقرار الغامدية مرة واحدة.
وللحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 631 رقم 3635" ومسلم "3/ 1326 رقم 26/ 1699" عن ابن عمر "وقد اكتفى صلى الله لعيه وسلم بإقرار اليهودي واليهودية مرة واحدة". وتحمل الأحاديث التي فيها التراضي عن إقامة الحد بعد صدور الإقرار مرة على من كان أمره ملتبسًا في ثبوت العقل وعدمه والصحو والسكر ونحو ذلك. وأما سكوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قضية ماعز حتى أقر أربعًا، كما في الهامش السابق "4": فليس فيها أن ذلك شرط. بل غاية ما فيها أن الإمام إذا تثبت في بعض الأموال حتى يقع الإقرار مرات كان له ذلك. وانظر الهامش "ص197".

(1/195)


وأما الشهادة فلا بد من أربعة1، ولا بد أن يتضمن الإقرار والشهادة التصريح بإيلاج الفرج في الفرج2، ويسقط بالشبهات المحتملة3، وبالرجوع عن الإقرار4
__________
1 دل على ذلك آيات:
منها: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] . فقد رتب وجوب الجلد على عدم الإتيان بأربعة شهداء، فدل على أن الزنا لا يثبت إلا بهم.
ومنها قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] .
ومنها قوله تعالى في حادث الإفك: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] .
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 135 رقم 6824" عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت"؟ قال: لا يا رسول الله، قال، "أنكتها"؟ -لا يكني- قال: فعند ذلك أمر برجمه.
3 حديث عائشة المرفوع: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" ضعيف.
4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 576 رقم 4420" وغيره بإسناد جيد عن محمد بن إسحاق، قال: ذكرت لعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعز بن مالك، فقال لي: حدثني حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني ذلك من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فهلا تركتموه" من شئتم من رجال أسلم ممن لا أتهم، قال: ولم أعرف هذا الحديث، قال: فجئت جابر بن عبد الله فقلت: إن رجالًا من أسلم يحدثون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم حين ذكروا له جزع ماعز من الحجارة حين أصابته: "ألا ترتكتموه" وما أعرف الحديث، قال: يا ابن أخي، أنا أعلم الناس بهذا الحديث، كنت فيمن رجم الرجل، إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجد من الحجارة صرح بنا: يا قوم ردوني إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإن قومي قتلوني، وغرُّوني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير قاتلي، فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وأخبرناه قال: "فهلا تركتموه وجئتوني به"؛ ليستثبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، فأما لترك حد فلا، قال: فعرفت وجه الحديث، وهو حديث حسن.
من شئتم: فاعل حدثني، والمعنى: أنه قد أخبر جماعة من رجال أسلم لا أتهمهم بأن: "فهلا تركتموه" من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(1/196)


وبكون المرأة عذارء أو رتقاء، وبكون الرجل مجبوبًا أو عنينًا1، وتحرم الشفاعة في الحدود2 ويحفر للمرجوم إلى الصدر3، ولا ترجم الحبلى حتى ترضع ولدها إن لم يوجد من يرضعه4، ويجوز الجلد حال المرض بعثكال ونحوه5 ومن لاط بذكر قتل ولو
__________
1 لكون المانع موجودًا فتبطل به الشهادة أو الإقرار؛ لأنه قد علم كذب ذلك قطعًا.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 87 رقم 6788" ومسلم "3/ 1315 رقم 1688". عن عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِبُّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أتشفع في حد من حدود الله"؟، ثم قام فخطب فقال: "يا أيها الناس إنما ضلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها".
3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1323 رقم 23/ 1695". عن بريدة؛ أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله: إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني. فرده، فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني قد رزنيت فرده الثانية. فأرسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قومه، فقال: "أتعلمون بعقله بأسًا تنكرون منه شيئًا"؟ فقالوا: ما نعلمه إلا وفيَّ العقل، من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضًا فسأل عنه فأخبروه: أنه لا بأس به ولا بعقله، فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرُجِم.
4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1321 رقم 22/ 1695" عن بريدة: قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد. فقالت: يا رسول الله، طهرني. فقال: "ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه". فقالت: أراك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك. قال: "وما ذاك" قالت: إنها حبلى من الزنى. فقالت: "آنت"؟ قالت: نعم. فقال لها: "حتى تضعي ما في بطنك"، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت قال: فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قد وضعت الغامدية. فقال: "إذًا لا ترجمها وندع لدها صغيرا ليس له من يرضعه" فقام رجل من الأنصار فقال: إليَّ رضاعه يا نبي الله. قال: فرجمها.
غامد: بطن من جهينة. إنها حبلى من الزنى: أرادت أني حبلى من الزنى -فعبرت عن نفسها بالغيبة. فكفلها رجل من الأنصار: أي قام بمؤنتها ومصالحها. إليَّ رضاعه: إنما قاله بعد الفطام. وأراد بالرضاعة كفايته وتربيته. وسماه رضاعًا مجازًا.
5 إن كان مأيوسًا من شفائه؛ للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 859 رقم 2574" وغيره. عن سعيد بن سعد بن عباد، قال: كان بين أبياتنا رجل مخدج ضعيف، فلم يرع إلا وهو على أمة من إماء الدار يخبث بها، فرفع شأنه سعد بن عبادة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "اجلدوه ضرب مائة سوط" قالوا: يا نبي الله، هو أضعف من ذلك، لو ضربناه مائة سوط مات. قال: "فخذوا له عثكالًا فيه مائة شمراخ، فاضربوه ضربة واحدة"، وهو حديث صحيح.

(1/197)


كان بكرًا، وكذلك المفعول به إذا كان مختارًا1، ويعزر من نكح بهيمة2، ويجلد المملوك نصف جلد الحر3، ويحده سيده أو الإمام4.
__________
= مخدج: ناقص الخلق والقوة. العثكال: العنقود من النخل الذي يكون فيه أغصان كثيرة وكل واحد من الأغصان يسمى شمراخًا.
أما إذا كان المريض مرجوًا شفاؤه أمهل؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1330 رقم 34/ 1705" عن أبي عبيد الرحمن. قال: خطب علي فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحد. من أحصن منهم ومن لم يحصن؛ فإن أمة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن جلدتها، أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أحسنت".
أقيموا على أرقائكم الحد: الأرقاء جمع رقيق: بمعنى المملوك، عبدًا كان أو أمة أي لا تتركوا إقامة الحدود على مماليككم، فإن نفعها يصل إليكم وإليهم.
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 607 رقم 4462" والترمذي "4/ 57 رقم 1456" وابن ماجه "2/ 856 رقم 2561"وغيرهم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" وهو حديث صحيح.
اللواط: هو إتيان الذكر في دبره، وكذلك إتيان الأنثى الأجنبية. اللواط من الكبائر. أورده الذهبي في كتابه "الكبائر"، الكبيرة السابعة عشرة ص 81-82 تحقيق وتخريج الشيخ: محيي الدين مستو.
2 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 57" وأبو داود "4/ 610 رقم 4465" عن ابن عباس، قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حد، وهو حديث صحيح. وإذا انتفى الحد فقد وجب التعزير؛ لارتكابه معصية لا حد فيها ولا كفارة.
3 لقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ، ولحديث علي كرم الله وجهه المتقدم في الهامش "ص197".
4 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 162 رقم 6837 و6838" ومسلم "3/ 1328 رقم 1703". عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت، فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها، فليبعها، ولو بحبل من شعر".
ولا يثرب عليها: التثريب: التوبيخ واللوم على الذنب.

(1/198)


[الباب الثاني] : باب [حد] السرقة
من سرق مكلَّفًا1، مختارها2، من حِرْز3، ربع دينار فصاعدًا4، قطعت كفه اليمنى5، ويكفي الإقرار مرة واحدة6، أو شهادة عدلين7، ويندب تلقين المسقط8 ويُحسَم موضع القطع9، وتعلق اليد في عنق السارق10
__________
1 وحد التكليف: الإسلام. والبلوغ. والعقل. انظر الهامش "ص58".
2 للحديث الذي أخرجه الحاكم "2/ 198" وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام "5/ 149" وابن حبان "ص360 رقم 1498- موارد" وغيرهم، عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله يتجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وهو حديث صحيح.
3 الحرز: هو المكان الذي يحفظ به المسروق ونحوه عادة، أو الحال الذي يمنع دخول يد غير مالكه عليه، ودل على اشتراط الحرز أحاديث:
منها: ما أخرجه الترمذي "3/ 584 رقم 1289" وقال: حديث حسن. والنسائي "8/ 85 رقم 4958". وأبو داود "4/ 550 رقم 4390" وغيرهم. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله ابن عمرو، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن الثمر المعلق فقال: "ما أصاب من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة" وهو حديث حسن.
خبنة: هي ما يحمله الرجل في ثوبه. الجرين: موضع التمر الذي يجفف فيه، مثل البيدر للحنطة. المجن: كل ما يتوقى به ويستر من ضربة السلاح. كالترس. وكانت قيمته تقدر بربع دينار. العقوبة: وهي التعزير هنا.
4 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 96 رقم 6789" ومسلم "3/ 1312 رقم 1684" عن عائشة، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا". ربع دينار= 1.0625 جرامًا.
5 لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] .
6 انظر هامش "ص195".
7 انظر هامش "ص192".
8 حديث أبي أمية المخزومي، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتي بلص قد اعترف اعترافًا، ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أخالك سرقت"؟ قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقُطِع وجيء به، فقال: "استغفر الله وتب إليه"، فقال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال: "اللهم تب عليه" ثلاثًا. ضعيف.
9 حديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتي بسارق سرق شملة، فقالوا: يا رسول الله إن هذا قد سرق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذهبوا به فأقطعوه ثم احسموه، ثم ائتوني به"، فقطع فأتي به، فقال: "تب إلى الله"، فقال: قد تبت إلى الله، "تاب الله عليك" ضعيف. واعلم أن الحديث الضعيف لاتثبت به الأحكام.
10 حديث عبد الرحمن بن محيرز، قال: سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في العنق للسارق أمن السنة هو؟ قال: أتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسارق قطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه" ضعيف.

(1/199)


ويسقط بعفو المسروق عليه قبل البلوغ إلى السلطان ولا بعده فقد وجب1، ولا قطع في ثمر ولا كَثَر2 ما لم تؤوه الجرينُ إذا أكل ولم يتخذ خبنة وإلا كان عليه ثمن ما حمله مرتين وضرْب نكالٍ3، وليس على الخائن والمنتهب والمختلس قطع4، وقد ثبت القطع في جحد العارية5.
__________
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 540 رقم 4376" والنسائي "8/ 70 رقم 4886" وغيرهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب"، وهو حديث صحيح.
2 الكثر: بفتحتين: جمار النخل أو طلعها.
3 لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتقدم في هامش "ص199".
4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 552 رقم 4393" والترمذي "4/ 52 رقم 1448" وابن ماجه "2/ 864 رقم 2591" والنسائي "8/ 88". عن جابر رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع"، وهو حديث صحيح.
5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1316 رقم 10/ 1688" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع، وتجحده، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تقطع يدها، فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه، فكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها.

(1/200)


[الباب الثالث] : باب حد القذف 1
من رمى غيره بالزنى وجب عليه حد القذف ثمانين جلدة2، ويثبت ذلك بإقراره مرة3، أو بشهادة عدلين4، وإذا لم يتب لم تقبل شهادته5، فإن جاء بعد القذف بأربعة شهود سقط عنه الحد6، وكذلك إذا أقر المقذوف بالزنى7.
__________
1 في المخطوط "باب حد القذف" يأتي بعد "باب حد الشرب" لا قبله.
2 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] .
3 لكون إقرار المرء لازمًا له.
4 كسائر ما يعتبر فيه الشهادة كما أطلقه الكتاب العزيز، انظر هامش "ص192".
5 لقوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] .
6 لأن القاذف لم يكن حينئذ قاذفًا بل قد تقرر صدور الزنا بشهادة الأربعة، فيقام الحد على الزنى.
7 فلا حد على من رماه بل يحد المقر بالزنا.

(1/200)


[الباب الرابع] : باب حد الشرب
من شرب مسكرًا مكلفًا1، مختارًا2 جلد على ما يراه الإمام، إما أربعين جلدة أو أقل أو أكثر ولو بالنعال3، ويكفي إقراره مرة4، أو شهادة عدلين5 ولو على القيء6 وقتله في الرابعة منسوخ7.
__________
1 انظر هامش "ص58".
2 انظر الهامش "ص199".
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 63 رقم 6773" ومسلم "3/ 1331 رقم 36/ 1706". عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين".
وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1330 رقم 35/ 1706" عن أنس بن مالك، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين، نحو أربعين. قال: وفعله أبو بكر. فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر.
4 انظر هامش "ص195".
5 انظر هامش "ص192، 6".
6 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1331 رقم 38/ 1707" عن حصين بن المنذر أبو ساسان، قال: شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد بن عقبة ابن أبي معيط قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان: أحدهما حمران، أنه شرب الخمر، وشهد آخر، أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال: الحسن: ولِّ حارَّها من تولَّى قارَّها "فكأنه وجد عليه"، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده، وعليٌّ يعدُّ حتى بلغ أربعين، فقال: أمسِكْ، ثم قال: جلد النبي أربعين، فجلد أبو بكر أربعين. وعمر ثمانين. وكلٌّ سُنَّة وهذا أحب إلي".
ولِّ حارَّها من تولَّى قارَّها: الحار الشديد المكروه. والقار البارد الهنيء الطيب، وهذا مثل من أمثال العرب، معناه: ولِّ شدتها وأوساخها من تولى هنيئها ولذاتها. والضمير عائد إلى الخلافة والولاية؛ أي ليتول هذا الجلد عثمان بنفسه أو بعض خاصة أقاربه الأدنين، وجد عليه: أي غضب عليه.
7 الحديث هذا الذي أخرجه الترمذي "4/ 49" والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف "2/ 273 رقم 3073" والبزار "2/ 221 رقم 1562- كشف الأستار" والحاكم في المستدرك "4/ 373" والبيهقي "8/ 314" وغيرهم واللفظ للبزار عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"، قال: فأتى بالنعيمان قد شرب الرابعة فجلده، ولم يقتله، وكان ذلك ناسخًا للقتل"، وهو حديث حسن.

(1/201)


فصل:
والتعزير في المعاصي التي لا توجب حدًا ثابت بحبس أو نحوه أو ضرب ولا يجاوز عشرة أسواط1.
__________
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 175 رقم 6848" ومسلم "3/ 1332 رقم 40/ 1708" عن أبي بردة الأنصاري أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله"، وللحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 46 رقم 3630" والنسائي "8/ 67" والترمذي "4/ 28 رقم 1417" وغيرهم عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبس رجلًا في تهمة"، وهو حديث حسن.

(1/202)


[الباب الخامس] : باب حد المحارب
هو أحد الأنواع المذكورة في القرآن، القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلال أو نفي من الأرض1، يفعل الإمام منها ما رأى فيه صلاحًا لكل من قطع طريقًا ولو في المصر، إذا كان قد سعى في الأرض فسادًا2، فإن تاب قبل القدرة عليه سقط عنه ذلك3.
__________
1 لقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] .
يحاربون الله ورسوله: يخالفون أمرهما بالاعتداء على خلق الله عز وجل. يسعون في الأرض فسادًا: يعملون في الأرض بما يفسد الحياة من قتْل للأنفس وسلب للأموال، وإثارة للذعر والقلق. ينفوا: يطردوا منها وينحوا عنها؛ بالتعذيب أو الحبس. خزي: ذل وفضيحة وتأديب.
2 لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل بالعرنيين أحد الأنواع المذكورة في الآية وهو القطع كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 335 رقم 233" ومسلم "3/ 1296 رقم 9/ 1671". عن أنس بن مالك أن ناسًا من عرينة قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة فاجتووها، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها"، ففعلوا، فصحُّوا، ثم مالوا على الرعاة، فقتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبلغ ذلك النبي، فبعث في إثرهم، فأُتِيَ بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم. وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا.
عرينة: حتى من قضاعة وحي من بجيلة من قحطان، والمراد هنا الثاني. فاجتووها: معناه استوخموها؛ أي: لم توافقهم وكرهوها؛ لسقم أصابهم. قالوا: وهو مشتق من الجوى، وهو داء في الجوف: وساقوا ذود رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي أخذوا إبله وقدموها أمامهم سائقين لها طاردين. سمل أعينهم: ومعنى سمل فقأها وأذهب ما فيها. وتركهم في الحرة: هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة وإنما ألقوا فيها؛ لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا.
3 لقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34".

(1/202)


[الباب السادس] : باب من يستحق القتل حدًّا
هو الحربي1 والمرتد2 والساحر3 والكاهن3
__________
1 لا خلاف في ذلك لأوامر الله عز وجل بقتل المشركين في موضع من كتابه العزيز؛ منها: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ، ومنها: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36] ، ولما ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثبوتًا متواترًا من قتالهم، وأنه كان يدعوهم إلى ثلاث ويأمر بذلك من يبعثه للقتال.
كما أخرج مسلم "3/ 1357 رقم 3/ 1731" وغيره، عن بريدة، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال: "اغزوا باسم الله، في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا. ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال "أو خلال" فأيتهن ما أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسَلْهُم الجِزْيَة، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أَبَوْا فاستعن بالله وقاتلهم".
ولا تغُلُّوا: من الغلول ومعناه: الخيانة في الغنم. فلا تخونوا في الغنيمة. ولا تمثلوا: أي تشوهوا القتلى بقطع الأنوف والآذان. وليدًا: أي صبيًّا؛ لأنه لا يقاتِل.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 149 رقم 3017" وغيره عن عكرمة أن عليًّا رضي الله عنه حرق قومًا، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي قال: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من بدل دينه فاقتلوه".
3 لكون عمل السحر نوعًا من الكفر. ففاعله مرتد يستحق ما يستحقه المرتد. قال تعالى عن هاروت وماروت: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} إلى أن قال: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: 102] . والسحر من الكبائر انظر "كتاب الكبائر" للذهبي تحقيق وتخريج الشيخ محيي الدين مستو، ص45-47، "الكبيرة الثالثة".
4 لكون الكهانة نوعًا من الكفر، فلا بد أن يعمل من كهانته ما يوجب الكفر. وقد ورد أن تصديق الكاهن كفر، فبالأولى الكاهن إذا كان معتقدًا بصحة الكهانة، ومن ذلك ما أخرجه مسلم "4/ 1751 رقم 125/ 2230" عن صفية، عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". ومن ذلك أيضًا ما أخرج أبو داود "4/ 225 رقم 3904" والترمذي "1/ 242 رقم 135" وابن ماجه "1/ 209 رقم 639". وغيرهم عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وهو حديث صحيح.

(1/203)


والساب لله أو لرسوله أو للإسلام أو للكتاب أو للسنة والطاعن في الدين1، والزنديق2 بعد استتابتهم3، والزاني المحصن4 واللوطي مطلقًا5 والمحارب6.
__________
1 هذه الأفعال موجبة للكفر الصريح، ففاعلها مرتد: وقد أخرج أبو داود "4/ 529 رقم 4362". عن علي برضي الله عنه "أن يهودية كانت تشتم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول الله دمها". وهو حديث حسن.
2 وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر ويعتقد بطلان الشرائع فهذا كافر بالله وبدينه مرتدٌّ عن الإسلام أقبح ردة إذا ظهر منه ذلك بقول أو فعل.
3 ولا يمهل؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 6525- البغا" ومسلم "3/ 1456 رقم 14/ 1733" في تولية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه: "ثم أتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال أنزل، وإذا رجل عنده موثق. قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًّا فأسلم ثم تهوَّد، قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يُقتَل، قضاء الله ورسوله. ثلاث مرات. فأمر به فقُتِل".
4 لحديث عبادة بن الصامت انظر هامش "ص195"، ولحديث ابن عباس انظر هامش "ص195".
5 لحديث ابن عباس المتقدم في هامش "ص198".
6 انظر هامش "ص202".

(1/204)