الدراري
المضية شرح الدرر البهية كتاب الأطعمة
مدخل
...
كتاب الأطعمة
الأصل في كل شيء الحل ولا يحرم إلا ما حرم
الله تعالى ورسوله وما سكتا عنه فهو عفو فيحرم
ما في الكتاب العزيز وكل ذى ناب من السباع وكل
ذى مخلب من الطير والحمر الإنسية والجلالة قبل
الإستحالة والكلاب والهر وما كان مستخبثا وما
عدا ذلك فهوحلال.
أقول: أما كون الأصل الحل فلمثل قوله تعالى:
{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ
مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآية
فإن النكرة في سياق النفي تدل على العموم
ولمثل حديث سلمان الفارسي قال: سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفرا
فقال: "الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام
ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى
لكم" أخرجه ابن ماجه والترمذي وفي إسناد ابن
ماجه سيف بن هرون البرجمى وهو ضعيف وفي
الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أعظم
المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم
يحرم على الناس فحرم من أجل مسألته" وفيهما من
حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم
بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا
نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر
فأتوا منه ما استطعتم" وأخرج البزار وقال:
سنده صالح والحاكم وصححه من حديث أبي الدرداء
رفعه بلفظ "ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما
حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من
الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا وتلا
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم:64] "
وأخرج الدار قطنى من حديث أبي ثعلبة رفعه: "إن
الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا
تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة لكم,
(2/316)
لا عن نسيان
فلا تبحثوا عنها" وفي الكتاب والسنة مما يتقرر
به هذا الأصل الكثير الطيب فيتوجه الاقتصار في
رفع الحل على ما ورد فيه دليل يخصه ومن
التخصيص قوله تعالى: في آخر تلك الآية {إِلَّا
أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً
أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام:145] وكذا
قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة:3] إلى آخر
الآية.
ومن ذلك كل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من
الطير لحديث ابن عباس عند مسلم رحمه الله
وغيره قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن كل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطير"
ولحديث أبي ثعلبة الخشنى عند مسلم رحمه الله
أيضا وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " كل ذى ناب من السباع فأكله حرام" وفي
الباب أحاديث في الصحيحين وغيرهما والمراد
بالناب السن الذى خلف الرباعية جمعه أنياب
وذلك كالأسد والنمر والذئب وكل ذى ناب يتقوى
به ويصاد وقال: في النهاية وهو ما يفترس
الحيوان به ويأكل قسرا كالأسد والذئب والنمر
ونحوها قال: في القاموس والسبع بضم الباء
المفترس من الحيوان انتهى والمخلب بكسر الميم
وفتح اللام قال: أهل اللغة والمراد به ما هو
في الطير بمنزلة الظفر للإنسان.
ومن ذلك الحمر الأنسية لحديث البراء ابن عازب
في الصحيحين وغيرهما "أنه صلى الله عليه وسلم
نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأنسية" وفيهما
من حديث ابن عمر نحوه وفيهما أيضا من حديث أبي
ثعلبة الخشنى نحوه وفي الباب غير ذلك وقد ذهب
إلى ذلك جمهور العلماء.
ومن ذلك الجلالة قبل الإستحالة وألبانها لحديث
ابن عمر عند أحمد وأبي داود وابن ماجه
والترمذي وحسنه قال: نهى رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها" وأخرج
أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن حبان
والحاكم والبيهقى وصححه الترمذى وابن دقيق
العيد من حديث ابن عباس "النهى عن أكل الجلالة
وشرب ألبانها" وأخرج أحمد والنسائي والحاكم
والدارقطنى والبيهقى من حديث عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده نحو ذلك.
(2/317)
وفي الباب غير
ذلك وقد ذهب إلى ذلك أحمد بن حنبل والثورى
والشافعية وذهب بعض أهل العلم إلى الكراهة فقط
وظاهر النهي التحريم والعلة تغير لحمها ولبنها
فإذا زالت العلة بمنعها عن ذلك حتى يزول الأثر
فلا وجه للتحريم لأنها حلال بيقين إنما حرمت
لمانع وقد زال.
ومن ذلك الكلاب ولا خلاف في ذلك يعتد به وهو
مستخبث وقد وقع الأمر بقتله عموما وخصوصا وقد
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل ثمنه كما
تقدم وسيأتي وتقدم إن الله إذا حرم شيئا حرم
ثمنه وقد جعله بعضهم داخلا في ذوات الناب من
السباع.
ومن ذلك الهر لحديث جابر عن أبي داود وابن
ماجه والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها" وفي إسناده عمر
بن يزيد الصنعاني وهو ضعيف لكن يشد من عضده ما
ثبت من النهي عن أكل ثمن الكلب والسنور وهو في
الصحيح وقد تقدم ولا فرق بين الوحشى والأهلى
وللشافعية وجه في حل الوحشي.
ومن ذلك ما كان مستخبثا لقوله تعالى:
{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}
[لأعراف:157] فما استخبثه الناس من الحيوانات
لا لعلة ولا لعدم اعتياد بل لمجرد الاستخباث
فهو حرام وإن استخبثه البعض دون البعض كان
الاعتبار بالأكثر كحشرات الأرض وكثير من
الحيوانات التي ترك الناس أكلها ولم ينهض على
تحريمها دليل يخصها فإن تركها لا يكون في
الغالب إلا لكونها مستخبثة فتندرج تحت قوله:
{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وقد
أخرج أبو داود عن ملقام بن تلب قال: "صحبت
النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرات
الأرض تحريما" وقد قال: البيهقى إن إسناده غير
قوي وقال: النسائي ينبغى أن يكون ملقام بن تلب
ليس بالمشهور وهذا الحديث ليس فيه ما يخالف
الآية وغايته عدم سماعه لشيء من النبي صلى
الله عليه وسلم وهو لا يدل على العدم وقد أخرج
ابن عدى و البيهقى من حديث ابن عباس "أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الرخمة" وفي
(2/318)
إسناده خارجة
بن مصعب وهو ضعيف جدا فلا ينتهض الاحتجاج به
وأخرج أحمد وأبو داود من حديث عيسى بن نملية
الفزارى عن أبيه قال: "كنت عند ابن عمر رضي
الله عنه فسئل عن أكل القنفذ فتلا هذة الآية
{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ
مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}
[الأنعام:145] الآية فقال: شيخ عنده سمعت أبا
هريرة يقول ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: "خبيث من الخبائث" فقال: ابن عمر إن كان
قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما
قال" وعيسى بن نملية ضعيف فلا يصح الحديث
لتخصيص القنفذ من أدلة الحل العامة وقد قيل إن
من أسباب التحريم الأمر بقتل شيء كالخمس
الفواسق والوزغ ونحو ذلك والنهى عن قتله
كالنملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع ونحو
ذلك ولم يأت عن الشارع ما يفيد تحريم أكل ما
أمر بقتله أو نهي عن قتله حتى يكون الأمر
والنهى دليلين على ذلك ولا لازمة عقلية ولا
عرفية فلا وجه لجعل ذلك أصلا من أصول التحريم
بل إن كان المأمور بقتله أو المنهي عن قتله
مما يدخل في الخبائث كان تحريمه بالآية
الكريمة وإن لم يكن من ذلك كان حلالا عملا بما
أسلفنا من أصالة الحل وقيام الأدلة الكافية
على ذلك ولهذا قلنا وما عدا ذلك فهو حلالا.
(2/319)
باب ما جاء في الصيد
ما صيد بالسلاح الجارح والجوارح كان حلالا إذا
ذكر اسم الله عليه وما صيد بغير ذلك فلا بد من
التذكية وذا شارك الكلب المعلم كلب آخر لم يحل
صيدهما وإذا أكل الكلب المعلم ونحوه من الصيد
لم يحل فإنما أمسك على نفسه وإذا وجد الصيد
بعد وقوع الرمية ميتا ولو بعد أيام في غير ماء
كان حلالا ما لم ينتن أو يعلم أن الذى قتله
غير سهمه.
أقول: أما صيد بالسلاح الجارح والجوارح فلحديث
أبي ثعلبة الخشنى في الصحيحين قال: قلت يا
رسول الله أنا بأرض صيد أصيد بقوسى وبكلبي
المعلم وبكلبي الذى ليس بمعلم فما يصلح لي
فقال: ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل وما
صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل وما
صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل" وفي
الصحيحين من حديث عدى بن حاتم قال: "قلت يا
رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي
وأذكر اسم الله قال: "إذا أرسلت كلبك المعلم
وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك قال: وإن
قتلن؟ قال: وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس
معها قال: قلت فإني أرمى بالمعراض الصيد فأصيد
قال: "إذا رميت بالمعراض فخزق1 فكل وإن أصابه
بعرضه فلا تأكل" وفي رواية "إذا أرسلت كلبك
فاذكر اسم الله فإن أمسك عليك فأدركته حيا
فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله
فإن أخذ الكلب ذكاة" وفي لفظ من حديثه عند
أحمد وأبي داود "قلت وإن
ـــــــ
1 قال النووي في شرح مسلم: وأما خزق فهو
بالخاء المعجمة والزاي ومعناه نفذ !هـ.
(2/320)
قتل؟ قال: وإن
قتل ولم يأكل منه شيئا فإنما أمسكه عليك" وفي
الصحيحين من حديثه "فكل مما أمسكن عليك إلا أن
يأكل الكلب فلا تأكل فإنى أخاف أن يكون إنما
أمسكه على نفسه" وفي حديث ابن عباس عند أحمد
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا
أرسلت الكلب فأكل من الصيد فلا تأكل إنما
أمسكه على نفسه فإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل
فإنما أمسكه على صاحبه" وقد أخرج أحمد وأبو
داود من حديث عبد الله ابن عمرو أن أبا ثعلبة
الخشنى قال: يا رسول الله إن لي كلابا مكلبة
فأفتنى في صيدها قال: إن كان لك كلاب مكلبة
فكل مما أمسكت عليك فقال: يا رسول الله ذكي
وغير ذكي؟ قال: ذكي وغير ذكي قال: وإن أكل منه
قال: "وإن أكل منه" قال: يا رسول الله افتنى
في قوسي قال: كل ما أمسك عليك قوسك قال: ذكي
وغير ذكي؟ قال: "ذكي وغير ذكي" قال: وإن تغيب
عني؟ قال: "وإن تغيب عنك ما لم يصل يعني يتغير
أو تجد فيه أثر غير سهمك" وقد قال: ابن حجر
أنه لا بأس بإسناده وفيه نظر لأن في إسناده
داود بن عمرو الأودي الدمشقى وفيه مقال: وخلاف
وقد أخرج نحو هذا الحديث أبو داود من حديث أبي
ثعلبة نفسه ولا ينتهض هذا لمعارضة ما في
الصحيحين من النهى عن أكل ما أكل منه الكلب و
أخرج أحمد وأبو داود من حديث عدى بن حاتم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما علمت
من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه
فكل ما أمسك عليك" وقد أكل صلى الله عليه وسلم
من حمار الوحش الذى صاده أبو قتادة طعنا برمحه
وهو في الصحيح وقد تقدم في الحج وقد ذكر الله
تعالى في كتابه ا لعزيز تحليل ما صيد بالجوارح
فقال: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}
[المائدة:4] الآية وأباح الأكل فقال:
{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } وقد
دل ما ذكرناه من هذه الأدلة على ما اشتمل عليه
المختصر من أن ما صيد بالجارح والجوارح كان
حلالا إذا ذكر اسم الله عليه وما صيد بغير ذلك
فلا بد من التذكية وقد نزل صلى الله عليه وسلم
المعراض إذا أصاب فخزق منزله الجارح واعتبر
مجرد الخزق كما في حديث عدي المذكور وفي لفظ
لأحمد من حديث عدي قال: قلت يا رسول الله إنا
قوم نرمى فما يحل لنا قال: يحل لكم ما ذكيتم
وما ذكرتم اسم الله عليه فخزقتم فكلوا" فدل
على
(2/321)
أن المعتبر
مجرد الخزق وإن كان القتل بمثقل فيحل ما صاد
من يرمي بهذه البنادق الجديدة التى يرمى بها
بالبارود والرصاص لأن الرصاص تخزق خزقا زائدا
على خزق السلاح فلها حكمة وإن لم يدرك الصائد
بها ذكاة الصيد إذا ذكر اسم الله على ذلك.
وأما كونه لا يحل صيد الكلب المعلم إذا شاركه
غيره فلما تقدم في حديث عدى من قوله: صلى الله
عليه وسلم "ما لم يشركها كلب ليس معها" وفي
لفظ له في الصحيحين قال: قلت يا رسول الله إني
أرسل كلبي وأسمى قال: " إن أرسلت كلبك وسميت
فأخذ فقتل فكل وإن أكل منه فلا تأكل فإنما
أمسك على نفسه" قلت إني أرسل كلبي أجد معه
كلبا لا أدرى أيهما أخذه قال: "فلا تأكل فإنما
سميت على كلبك ولم تسم على غيره" وفي لفظ له
"فإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل فلا تأكل
فإنك لا تدري أيهما قتله" .
وأما كونه لا يحل الصيد إذا أكل منه الكلب
المعلم فلما تقدم من الأدلة على ذلك وتقدم
أيضا ترجيحها على حديث عبد الله بن عمرو.
وأما كونه إذا وجد الصيد بعد وقوع الرمية فيه
إلخ فلحديث أبي ثعلبة الخشنى عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "إذا رميت بسهمك فغاب
ثلاثة أيام وأدركته فكله ما لم ينتن" أخرجه
مسلم رحمه الله تعالى وغيره وفي الصحيحين من
حديث عدي بن حاتم قال: "سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن الصيد قال: إذا رميت بسهمك
فاذكر الله فإن وجدته قد قتل فكل إلا أن تجده
قد وقع في ماء فإنك لا تدري الماء قتله أو
سهمك" وفي لفظ من حديث لأحمد والبخارى عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رميت
الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر
سهمك فكل وإن وقع في الماء فلا تأكل" وفي لفظ
لمسلم نحوه وفي لفظ للبخارى من حديثه "إنا
نرمي الصيد فنقتفى أثره اليومين والثلاثة ثم
نجده ميتا وفيه سهمه قال: يأكل إن شاء" وفي
لفظ للترمذى وصححه قال: قلت يا رسول الله أرمى
الصيد فأجد فيه سهمي من الغد قال: " إذا علمت
أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل"
(2/322)
باب الذبح
هو ما أنهر الدم وفرى الأدواج وذكر اسم الله
عليه ولو بحجر أو نحوه ما لم يكن سنا أو ظفرا
ويحرم تعذيب الذبيحة والمثل بها وذبحها لغير
الله وإذا تعذر الذبح بوجه جاز الطعن والرمي
وكان ذلك كالذبح وذكاة الجنين ذكاة أمه وما
أبين من الحي فهو ميتة ويحل ميتتان ودمان
السمك والجراد والكبد والطحال وتحل الميتة
للمضطر.
أقول: أما كون الذبح ما أنهر الدم إلخ فلحديث
رافع بن خديج في الصحيحين وغيرهما قال: قلت يا
رسول الله إنا نلقى العدو غدا وليس معنا مدى
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أنهر الدم
وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو
ظفرا وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما
الظفر فمدى الحبشة" وأخرج أبو داود من حديث
ابن عباس وأبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان وهي التي
تذبح فيقطع الجلد ولا تفري الآوداج" وفي
إسناده عمر بن عبد الله الصنعاني وهو ضعيف
وأخرج أحمد والبخارى من حديث كعب بن مالك أنها
كانت لهم غنم ترعى بسلع فبصرت جارية لنا بشاة
من غنمنا موتا فكسرت حجرا فذبحتها فقال: لهم
لا تأكلوا حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه
وسلم أو أرسل إليه من يسأله عن ذلك وأنه سأل
رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أرسل إليه
فأمره بأكلها" وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجه
من حديث زيد بن ثابت أن ذئبا نيب شاة فذبحوها
بمروره فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
في أكلها" و أخرج أحمد وأبو داود والنسائي
وابن ماجه والحاكم وابن حبان من حديث عدي بن
حاتم قال: قلت يا رسول الله إنا نصيد الصيد
فلا نجد سكينا إلا الظرار وشقة العصا فقال:
صلى الله عليه وسلم أمر الدم بما شئت واذكر
اسم الله"
(2/323)
والظرار الحجر
أو المدر وأخرج البخارى وغيره من حديث عائشة
أن قوما قالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا
باللحم لا ندرى أذكر اسم الله عليه أم لا
فقال: "سموا عليه أنتم وكلوا" قالت: وكانوا
حديثي عهد بكفر" وهذا لا ينافى وجوب التسمية
على الذابح بل فيه الترخيص لغير الذابح إذا شك
في اللحم هل ذكر اسم الله عليه عند الذبح أم
لا؟ فإنه يجوز له أن يسمي ويأكل.
وأما كونه يحرم تعذيب الذبيحة فلحديث شداد بن
أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله
كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا
القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم
شفرته وليرح ذبيحته" أخرجه أحمد ومسلم
والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار
وأن توار ى عن البهائم وقال: إذا ذبح أحدكم
فليجهز" وفي إسناده بن لهيعة وفيه مقال:
معروف.
وأما تحريم المثلة فلما ورد في تحريمها من
الأحاديث الثابتة في الصحيح وغيره وهى عامة.
وأما تحريم ذبحها لغير الله فلما ثبت عنه صلى
الله عليه وسلم من "لعن من ذبح لغير الله" كما
في حديث مسلم رحمه الله تعالى وغيره ولقوله
تعالى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}
[البقرة:173] وكان أهل الجاهلية يتقربون إلى
الأصنام والنجوم بالذبح لأجلهم إما بالإهلال
عند الذبح بأسمائهم وأما بالذبح على الأنصاب
المخصوصة لهم فنهوا عن ذلك وهذا أحد مظان
الشرك.
وأما جواز الطعن والرمي إذا تعذر الذبح فلحديث
أبي العشراء عن أبيه قال: "قلت يا رسول الله
أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة قال: "لو
طعنت في فخذها لأجزاك" أخرجه أحمد وأهل السنن
وفي إسناده مجهولون وأبو العشراء لا يعرف من
أبوه ولم يروعنه غير حماد بن سلمة فهو مجهول
لا تقوم الحجة بروايته والذى يصلح للاستدلال
به حديث رافع بن خديج في الصجيجين وغيرهما
قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
سفر فند بعير من إبل القوم ولم
(2/324)
يكن معهم خيل
فرماه رجل بسهم فحبسه فقال: رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن لهذه البهائم أوابد كأوابد
الوحش فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا.
وأما كون ذكاة الجنين ذكاة أمه فلحديث أبي
سعيد عند أحمد وابن ماجه وأبي داود والترمذي
والدارقطنى وابن حبان وصححه عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: "في الجنين ذكاته ذكاة
امه" وللحديث طرق يقوى بعضها بعضا وفي الباب
أحاديث عن جماعة من الصحابة تشهد له.
وأما كون ما أبين من الحي فهو ميتة فلحديث ابن
عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما قطع
من بهيمة وهي حية فما قطع منها فهو ميتة"
أخرجه ابن ماجه والبزار والطبراني وقد قيل أنه
مرسل وأخرج أحمد والترمذي وأبو داود والدارمي
والحاكم من حديث أبي واقد الليثي عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال :"ما قطع من البهيمة وهي
حية فهو ميتة" وأخرج ابن ماجه والطبراني وابن
عدي نحوه من حديث تميم الدارى. وأما كونه يحل
ميتتان ودمان فلحديث ابن عمر عن أحمد وابن
ماجه والدارقطني والشافعي والبيهقى قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحل لنا
ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد
وأما الدمان فالكبد والطحال" وفي إسناده عبد
الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف وفي الصحيحين
وغيرهما من حديث ابن أبي أوفى قال: "غزونا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل
الجراد" وفيهما ايضا من حديث جابر "أن البحر
ألقى حوتا ميتا فأكل منه الجيش فلما قدموا
قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كلوا
رزقا أخرج الله لكم أطعمونا منه إن كان معكم
فأتاه بعضهم بشيء" وفي البخارى عن عمر قوله
تعالى : {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}
[المائدة:96] قال: "صيده ما أصطيد وطعامه ما
رمي به" وفيه عن ابن عباس "كل من صيد البحر
صيد يهودي أو نصراني أو مجوسي انتهى" وإلى هذا
ذهب الجمهور فقالوا: ميتة البحر حلال سواء
ماتت بنفسها أو
(2/325)
بالصطياد وذهب
الحنفية والهدوية إلى أنه لا يحل إلا ما مات
بسبب آدمى أو بإلقاء الماء له أو جزره عنه و
فكلوه وأما ما مات فيه فطفا فلا تاكلوه" وفي
إسناده يحيى بن سليم وهو ضعيف الحفظ وقد روى
من غير هذا الوجه وفيه ضعف.
وأما كونها تحل الميتة للمضطر فلقوله تعالى:
{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ} [الأنعام:119] وقد
ثبت تحليل الميتة عند الجوع من حديث أبي واقد
الليثي عن أحمد والطبراني برجال ثقات ومن حديث
جابر ابن سمرة عند أحمد وأبي داود بإسناد لا
مطعن فيه ومن حديث الفجيع العامري عن أبي داود
وقد اختلف في المقدار الذى يحل تناوله وظاهر
الآية أنه يحل ما يدفع الضرر لأن من اندفعت
ضرورته فليس بمضطر.
(2/326)
باب ما جاء في الضيافة.
يجب على من وجد ما يقرى به من نزل من الضيوف
أن يفعل ذلك وحد الضيافة إلى ثلاثة أيام وما
كان وراء ذلك فصدقة ولا يحل للضيف أن يثوي
عنده حتى يخرجه وإذا لم يفعل القادر على
الضيافة ما يجب عليه كان للضيف أن يأخذ من
ماله بقدر قراه ويحرم أكل طعام الغير بغير
إذنه ومن ذلك حلب ماشيته وأخذ ثمرته وزرعه لا
يجوز إلا بإذنه إلا أن يكون محتاجا إلى ذلك
فليناد صاحب الإبل أو الحائط فإن أجابه وإلا
فليشرب وليأكل غير متخذ خبنة.
أقول: أما وجوب الضيافة على من وجد القرى إلخ
فلحديث عقبة ابن عامر في الصحيحين قال: قلت يا
رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا
فما ترى فقال : "إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما
ينبغي للضيف فأقبلوا وإن لم يفعلوا فخذوا منهم
حق الضيف الذى ينبغي لهم" وفيهما من حديث أبي
شريح الخزاعى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
جائزته قالوا: وما جائزته يا رسول الله قال:
يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء
ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوى عنده حتى
يحرجه" وأخرج أحمد وأبو داود من حديث المقدام
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليلة
الضيف واجبة على كل مسلم فإن أصبح بفنائه
محروما كان دينا له عليه إن شاء اقتضاه وإن
شاء تركه" وإسناده صحيح وأخرج أحمد وأبو داود
والحاكم من حديث أبي هريرة نحوه وإسناده صحيح
أيضا وفي الباب أحاديث وقد ذهب الجمهور إلى ان
الضيافة مندوبة لا واجبة واستدلوا بقوله:
"فليكرم
(2/327)
ضيفه جائزته"
قالوا: والجائزة هي العطية والصلة وأصلها
الندب ولا يخفى أن هذا اللفظ لا ينافي الوجوب
وأدلة الباب مقتضيه لذلك لأن التغريم لا يكون
للإخلال بأمر مندوب وكذلك قوله: واجبة فإنه نص
في محل النزاع وكذلك قوله: "فما كان وراء ذلك
فهو صدقة" .
وأما كونه يحرم طعام الغير بغير إذنه فلقوله
تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:188] وكل ما
دل على تحريم مال الغير دل على ذلك لأنه مال
وإنما خص منه ما ورد فيه دليل يخصه كالضيف إذا
حرمه من تجب عليه ضيافته كما مر.
ومن ذلك حلب ماشيته وأخذ ثمرته وزرعه للآدلة
العامة والخاصة أما العامة فظاهر كالآية
الكريمة وحديث خطبة الوداع ونحو ذلك وأما
الأدلة الخاصة فمثل حديث ابن عمرفي الصحيحين
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا
يجلبن أحدكم ماشية أحد إلا بإذنه أيحب أحدكم
أن تؤتى مشربته فينثل طعامه وإنما تخزن لهم
ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحد ما شية
أحد إلا بإذنه" وأخرج أحمد من حديث عمير مولى
أبي اللحم قال: أقبلت مع سادتي نريد الهجرة
حتى إذا دنونا من المدينة قال: فدخلوا وخلفوني
في أظهرهم فأصابتني مجاعة شديد وقال: فمر بي
بعض من يخرج من المدينة فقالوا: لو دخلت
المدينة فأصبت من ثمر حوائطها قال: فدخلت
حائطا فقطعت منه قنوين فاتى صاحب الحائط وأتى
بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبري
وعلي ثوبان فقال لي: "أيهما أفضل فأشرت إلى
أحدهما فقال: خذه وأعط صاحب الحائط الآخر،
فخلى سبيلي" وفي إسناده ابن لهيعة وله طريق
أخرى عند أحمد وفي إسناده أيضا أبو بكر بن
يزيد بن المهاجر غير معروف الحال وقد أعل هذا
الحديث بأن في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق عن
محمد بن يزيد وهو ضعيف وأخرج أحمد والترمذي
وابن ما جه من حديث ابن عمر قال: "سئل رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يدخل الحائط
فقال: "يأكل غير متخذ خبنة" .
(2/328)
وأخرج أبو داود
والترمذي من حديث سمرة أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: "إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان
فيها صاحبها فليستأذنه فإن أذن له فليحتلب
وليشرب وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثا فإن
أجابه أحد فليستأذن وإن لم يجبه أحد فليحتلب
وليشرب ولا يحمل" وهو من سماع الحسن عن سمرة
وفيه مقال معروف.
وأخرج أحمد وابن ماجه وأبو يعلى وابن حبان
والحاكم من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحدكم حائطا
فأراد أن يأكل فليناد صاحب الحائط ثلاثا فإن
أجابه وإلا فليأكل وإذا مر أحدكم بإبل فأراد
أن يشرب من ألبانها فليناد يا صاحب الإبل أو
ياراعى الغنم فإن أجابه وإلا فليشرب". وأخرج
الترمذي وأبو داود من حديث رافع قال: كنت أرمي
نخل الأنصار فأخذوني فذهبوا بي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رافع لم ترم
نخلهم" ؟ قال: قلت يا رسول الله الجوع قال:
"لا ترم وكل ما وقع أشبعك الله وأرواك" .
وأخرج أبو داود والنسائي من حديث شرحبيل بن
عباد في قصة مثل قصة رافع وفيها فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لصاحب الحائط: "ما
علمت إذا كان جاهلا ولا أطعمت إذا كان جائعا"
والمراد بالخبنة ما يحمله الإنسان في حضنه وهو
بضم الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة وبعدها
نون ويمكن الجمع بين الأحاديث بأن تغريم النبي
صلى الله عليه وسلم لأبي اللحم لعدم المناداة
منه ولو فرضنا عدم صحة الجمع بهذا كانت أحاديث
الإذن عند الحاجة مع المناداة أرجح.
(2/329)
باب آداب الأكل
يشرع للآكل التسمية والأكل باليمين ومن حافتى
الطعام لا من وسطه ومما يليه ويلعق أصابعه
والصفحة والحمد عند الفراغ والدعاء ولا يأكل
متكئا.
أقول: أما مشروعية التسمية فلحديث عائشة عند
أحمد وأبي داود وابن ماجه والنسائي والترمذي
وصححه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إذا أكل أحدكم طعاما فليقل بسم الله
فإن نسي فى أوله فليقل بسم الله على أوله
وآخره" وأخرجه مسلم وغيره من حديث جابر رضي
الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله
وعند طعامه قال: الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء
وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان
أدركتم المبيت فإذا لم يذكر الله عند طعامه
قال: أدركتم المبيت والعشاء" وأخرج مسلم وغيره
من حديث حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان ليستحل
الطعام الذى لم يذكر اسم الله عليه" الحديث
وأخرج الترمذي عن عائشة قالت: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأكل طعاما في ستة من
أصحابه فجاء أعرابي فأكل بلقمتين فقال: رسول
الله صلى الله عليه وسلم "أما إنه لو سمى لكفى
لكم" وقال: حسن صحيح وفي الباب أحاديث وأما
مشروعية الأكل باليمين فلحديث ابن عمر عند
مسلم رحمه الله وغيره أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب
بشماله فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب
بشماله".
(2/330)
وأما مشروعية
الأكل من حافتي الطعام فلحديث ابن عباس عند
أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "البركة تنزل في وسط
الطعام فكلوا من حافتيه ولا تاكلوا من وسطه"
وأخرجه أبو داود بلفظ "إذا أكل أحدكم طعاما
فلا يأكل من أعلى الصفحة ولكن ليأكل من أسفلها
فإن البركة تنزل من أعلاها" .
وأما مشروعية الأكل مما يليه فلحديث عمر بن
أبي سلمة في الصحيحين وغيرهما قال: كنت غلاما
في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدى
تطيش في الصفحة فقال لي: "يا غلام سم الله وكل
بيمينك وكل مما يليك" .
وأما مشروعية لعق الأصابع والصفحة فلحديث أنس
رحمه الله تعالى وغيره أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان إذا طعم طعاما لعق أصابعه الثلاث
وقال: "إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى
وليأكلها ولا يدعها للشيطان وأمرنا أن نسلت
القصعة وقال: إنكم لا تدرون فى أي طعامكم
البركة" وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكل أحدكم
طعاما فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها"
وأخرج مسلم رحمه الله تعالى من حديث جابر أن
النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع
والصفحة وقال: "فإنكم لا تدرون في أي طعامكم
البركة" .
وأما مشروعية الحمد عند الفراغ والدعاء فلحديث
أبي أمامة عند البخارى وغيره أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال:
"الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي
ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا" وأخرج أحمد
وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي
والبخارى في التاريخ من حديث أبي سعد قال:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب
قال: "الحمد لله الذى أطعمنا وسقانا وجعلنا
مسلمين" وأ خرج أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه
من حديث معاذ بن أنس قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "من أكل طعاما فقال: الحمد
لله الذى أطعمنى هذا ورزقتيه من غير حول منى
ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه".
(2/331)
وأخرج أبو داود
من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك
لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا سقى لبنا فليقل
اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء
يجزى من الطعام والشراب إلا اللبن" وأخرجه
الترمذي بنحوه وحسنه ولكن في إسناده علي بن
زيد بن جدعان وفيه ضعف وقد رواه عن محمد ابن
حرملة قال: أبو حاتم بصري لا أعرفه.
وأما كونه لا يأكل متكئا فلحديث أبي جحيفة عند
البخارى وغيره قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "أما أنا فلا آكل متكئا" .
(2/332)
|