الفقه
الإسلامي وأدلته للزحيلي الفَصْلُ السَّادس: الحقوق المتعلِّقة
بالتّركة: تعريف التركة: التركة لغة: ما
يتركه الشخص ويبقيه، واصطلاحاً عند الجمهور غير الحنفية: هي كل ما يخلفه
الميت من الأموال والحقوق الثابتة مطلقاً فتشمل الأشياء المادية من منقولات
وعقارات، والحقوق العينية كحقوق الارتفاق
_________
(1) الأحوال الشخصية ـ الجزء الثالث: المواريث للدكتور مصطفى السباعي: ص
49.
(10/7725)
من مسيل أوشِرب وغيرهما، والمنافع كحق
الانتفاع بالمأجور والمستعار، والحقوق الشخصية كحق الشفعة وحق الخيار كخيار
الشرط. وتشمل أيضاً ما تسبب فيه: من خمر صار خلاً بعد وفاته، وشبكة نصبها
فوقع فيها بعد موته صيد، وكذلك الدية المأخوذة في قتله، بناء على الأصح عند
الشافعية من دخولها في ملكه قبيل موته (1).
وهي عند الحنفية: الأموال والحقوق المالية التي كان يملكها الميت. فتشمل
الأموال المادية من عقارات ومنقولات وديون على الغير، والحقوق العينية التي
ليست مالاً، ولكنها تقوم بمال أو تتصل به، كحق الشرب والمسيل والمرور
والعلو، والرهن إذ يرث الورثة الدين موثقاً برهنه.
وخيارات الأعيان، كخيار العيب وخيار التعيين وخيار فوات الوصف المرغوب فيه.
ولا تشمل عندهم الخيارات الشخصية، كخيار الشرط وخيار الرؤية وحق الشفعة،
فإنها حقوق متعلقة بشخص المتوفى لا بماله.
ولاتشمل أيضاً المنافع كالإجارة والإعارة، لانتهاء العقد بالموت، ولأن
المنافع ليست مالاً عند متقدمي الحنفية.
ولا تشمل قبول الوصية، فتلزم الوصية بموت الموصى له، أي قبل أن يقبل أو
يرد، ويعتبر عدم الرد قبولاً.
والحنفية يحصرون التركة في المال أوالحق الذي له صلة بالمال فقط، فالذي
يورث عندهم هو الأعيان المالية، أما الحقوق فمنها ما يورث كحق حبس المبيع
وحبس الرهن، ومنها ما لا يورث كحق الشفعة وخيار الشرط وحد القذف وحق
_________
(1) رد المحتار: 538/ 5.
(10/7726)
التزويج. وكذا لا يورث خيار القبول
والإجارة والإجازة في بيع الفضولي والأجل. ولا تورث الولايات والعواري
والودائع والرجوع عن الهبة. أما خيار العيب وخيار التعيين والقصاص وخيار
الرؤية وخيار الوصف، فيورث.
وأما الحقوق المتعلقة بالتركة فهي قسمان
(1):
الأول ـ أن يتعلق بها حق الغير حال الحياة:
وهذا لا يسمى تركة، فيقدم على تجهيز الميت لتعلقه بالمال قبل صيرورته تركة،
وإنما يسمى بالحقوق العينية: وهي التي تتعلق بعين الأموال التي يتركها
المتوفى، كحق البائع في تسلم المبيع، وحق المرتهن في المرهون، ومثله عند
الحنفية: حق المستأجر الذي عجل الأجرة، فإنه أحق بالمأجور إلى انتهاء مدة
الإجارة، أو يرد إليه ما عجل من أجرة؛ لأنه إذا عجل المستأجر إعطاء الأجرة
ثم مات المؤجر، صارت الدار هنا بالأجرة.
والثاني ـ ألا يتعلق بها حق الغير: هذا
هو المسمى تركة ويتعلق به حقوق أربعة على الترتيب التالي:
تجهيز الميت وتكفينه، ثم قضاء ديونه، ثم تنفيذ وصاياه، ثم حق الورثة في
قسمة الباقي. وبيان كل حق فيما يلي:
1ً
- تجهيز الميت وتكفينه: يبدأ وجوباً
بتكفين الميت وتجهيزه بالمعروف بحسب يساره وإعساره عند المالكية والشافعية
والحنابلة، أوبلا تبذير ولا تقتير عند الحنفية؛ لأن ذلك من الأمور الضرورية
التي تتعلق بحق الميت ورعاية حرمته وكرامته الإنسانية بمواراته في قبره،
_________
(1) شرح السراجية: ص 3 - 7، الدر المختار ورد المحتار: 535/ 5 - 537، الشرح
الصغير: 616/ 4 - 618، القوانين الفقهية: ص 383 وما بعدها، مغني المحتاج:
3/ 3 - 4، كشاف القناع: 447/ 4.
(10/7727)
ولقوله تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم
يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً} [الفرقان:67/ 25] وذلك بحسب السنة
باعتبار العدد (ثلاثة أثواب للرجل وخمسة للمرأة)، وباعتبار القيمة بقدر ما
كان يلبسه في حياته، من أوسط ثيابه، لا الذي يتزين به في الجمع والأعياد.
ويراعى أيضاً حال الورثة وخاصة الصغار.
والتجهيز المطلوب: هو كل ما يحتاج إليه الميت من حين موته إلى أن يوارى في
قبره من نفقات غسله وكفنه وحمله ودفنه وحفر قبره، لقوله صلّى الله عليه
وسلم في الذي وقصته ناقته في الحج: «كفنوه في ثوبيه» (1) ولم يسأل: هل عليه
دين، أو لا، لاحتياجه إلى ذلك. ويكون التجهيز من التركة، فإذا لم يكن للميت
تركة، فكفنه على من وجبت عليه نفقته في حال حياته.
.ويقدم أيضاً تجهيز من مات قبله ولو بلحظة واحدة، ممن تلزمه نفقته كوالده
وولده وزوجته وخادمها. ويدخل عند الشافعية وأبي يوسف (ورأيه هو المفتى به
عند الحنفية) في الزوجة: المرأة البائن الحامل، والرجعية؛ لأن نفقة الزوجة
على زوجها، وتجهيزها من نفقتها، وقال محمد بن الحسن ومالك وأحمد: ليس على
الزوج تجهيز الزوجة مطلقاً ولو كانت معسرة؛ لأن الزوجية قد انقطعت بالموت،
فتجهز من مالها أو من أقاربها. وهذا في تقديري غير مقبول عشرة وأدباً
وعرفاً.
ولا يعد من نفقات التجهيز: ما استحدثه الناس في عصرنا من بدع ومظاهر من
إقامة المآتم وحفلات التشييع وولائم أيام الخميس والجمع والأربعين والذكرى
السنوية، وما يدفع لبعض المنشدين والمرتلين من أذكار وتلاوات، فهو كله من
البدع التي لا يجوز الإنفاق عليها من التركة.
_________
(1) رواه البخاري ومسلم.
(10/7728)
فمن أنفق شيئاً على هذه الأمور فهو الضامن
له، فإن كان وارثاً فهو من ماله الخاص، وإن كان أجنبياً فهو متبرع، ولا
تنفذ النفقة على الدائنين إذا كانت التركة مدينة إلا برضاهم.
وتقديم نفقات التجهيز على الديون هو مذهب الحنابلة، أما الحنفية والشافعية
فقدموا قضاء الديون على مؤن التجهيز، وقدم المالكية الدين الموثق برهن على
التجهيز. جاء في العذب الفائض 13/ 1: قدَّم الجمهور غير الإمام أحمد الحقوق
المتعلقة بعين التركة على التجهيز.
2ً
- قضاء ديونه: ثم بعد التجهيز تقضى ديون
(1) الميت من جميع ماله الباقي بعد التجهيز، والسبب في تأخيره عن الكفن
وتوابعه أنه لباسه بعد وفاته كلباسه في حياته؛ إذ لا يباع ماعلى المديون من
ثيابه مع قدرته على الكسب، ويقدم على الوصية، وإن قدم ذكرها عليه في الآية،
لقول علي رضي الله عنه: «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم بدأ بالدين
قبل الوصية» (2) وحكمة تقديمها: الاهتمام بها وعدم التفريط فيها، لكونها
تشبه الميراث في أخذها بلا عوض، فيشق على الورثة إخراجها، فقدمت حثاً على
أدائها مع الدين، وتنبيهاً على أنها مثله في وجوب الأداء، أما الدين فنفوس
الدائنين مطمئنة إلى أدائه.
والحاصل أن أسباب تقديم الوصية على الدين في
النظر القرآني هي ما يأتي:
أولاً ـ لأن الوصية أقل لزوماً من الدين، فقدمها اهتماماً بها، وأخر الدين
_________
(1) الدين: هو ما وجب في الذمة.
(2) رواه الترمذي، وروي عن علي أنه قال، «الدين قبل الوصية، وليس لوارث
وصية».
(10/7729)
لندرته، فإنه قد يكون وقد لا يكون، فبدأ
بالذي لا بد منه، وعطف الذي قد يقع أحياناً. ويؤكده العطف بأو، ولو كان
الدين راتباً لكان العطف بالواو.
ثانياً ـ إن الوصية حظ مساكين ضعفاء فقدمها، لأنه حظ غريم يطلبه بقوة، وله
فيه مقال.
ثالثاً ـ إن الوصية حظ مساكين ضعفاء فقدمها، والدين ثابت مُؤدى، سواء ذكره
أو لم يذكره.
رابعاً ـ تقديم الدين على الوصية ظاهر؛ لأن قضاء الدين فرض على المدين يجبر
على أدائه في حال حياته، والوصية تطوع، والفرض أقوى.
والدين الواجب الوفاء عند الحنفية: هو الذي له مطالب من جهة العباد، وأما
ديون الله كالزكاة والكفارات، فلا يجب على الورثة أداؤها إلا إذا كان
المتوفى قد أوصى بأدائها.
وعلى كلٍ ف الديون أربعة أنواع:
1 ً) ـ الديون المتعلقة بالأعيان كالدين
المتعلق بالمرهون إذا لم يكن للميت شيء سواه، وقد بينت أنها تقدم عند
الحنفية على التكفين والتجهيز، وأما في القانون فتؤخر عن التجهيز، أخذاً
بمذهب الحنابلة.
2 ً) ـ ديون الله تعالى: كالزكاة
والكفارة والنذور، تسقط بالموت عند الحنفية، ولا يجب على الورثة أداؤها عن
الميت إلا بإنابة منه بأن يوصي بها أن تؤدى عنه من تركته، فتؤدى من ثلث
المال فقط.
وقال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: هذه الديون واجبة الأداء
(10/7730)
ومتعلقة بالتركة، وتؤدى ولو لم يوص بها
الميت، وهذا الرأي أصح لما فيه من إبراء الذمة.
3 ً) ـ ديون العباد أوديون الميت التي
لزمته في ذمته حال الصحة: تقدم على دين المرض، وديون الصحة في منزلة واحدة
مهما اختلفت أسبابها كالقرض والمهر والأجرة ونحوها من كل ما وجب في الذمة
بدلاً عن شيءآخر.
ودين الصحة: هو ماكان ثابتاً بالبينة، أو بالإقرار في زمان صحته، أو
بالإقرار في زمان مرضه، وعلم ثبوته بطريق المعاينة بأن كان سببه معلوماً
للناس كثمن دواء أو غيره، أو بدل شيء استهلكه.
ودين المرض، أي مرض الموت: هو ما ثبت بإقرار المدين في مرض موته. وهو أضعف
من دين الصحة لضعف إقرار المريض.
وتقدم عند المالكية حقوق العباد على حقوق الله تعالى، وعند الشافعي بالعكس
كما سأوضح. وأما عند الحنفية فتسقط حقوق الله ولا تؤدى.
4 ً) ـ ديون المرض التي لزمت الميت عن
طريق الإقرار ولم يعلم الناس بها: تؤخر عن ديون الصحة؛ لأن الإقرار في مرض
الموت مظنّة التبرع أو المحاباة، فتكون في حكم الوصايا التي تنفذ من الثلث،
وهي مؤخرة عن الديون.
ولم يفرق الجمهور بين ديون الصحة وديون المرض، فهي في مرتبة سواء، لأنه إن
عرف سببها للناس فهي ملحقة بديون الصحة على رأي الحنفية، وإن لم يعرف سببها
يكفي الإقرار في إثباتها؛ لأن الإقرار حجة ملزمة لا تلغى إلا إذا ثبت ما
يبطلها أو يكذبها. وأخذ القانون المصري (م4) والسوري (م238) برأي الجمهور،
فلم يفرق بين الديون، وأطلق تقديمها بدون تفصيل. ويحسن بيان آراء المذاهب
الأخرى في الديون، كل رأي على حدة.
(10/7731)
قال المالكية (1): يبدأ من تركة الميت بحق
تعلق بذات كمرهون، ثم بمؤن التجهيز، ثم بقضاء الديون، فالوصايا، بأن يقدم
قضاء الدين من رأس المال على الوصايا، أي دينه الذي عليه لآدمي، سواء حل
أجله أم لا؛ لأن الدين يحل بموت المدين. ثم يقدم هدي التمتع، سواء أوصى به
أم لا، ثم زكاة فطر فرط فيها، وكفارات أشهد في صحته أنها بذمته أو أوصى
فقط. وتعد زكاة نقد حلَّت وأوصى بها مثلَ كفارات أشهد بها.
والحاصل: أن زكاة الفطر التي فرط فيها، والكفارة التي لزمته، مثل كفارة
اليمين والصوم والظهار والقتل، إذا أشهد في صحته أنهما بذمته، فإن كلاً
منهما يخرج من رأس المال، سواء أوصى بإخراجهما أو لم يوص. ومثلهما الزكاة
التي حل وقت أدائها.
وقال الشافعية (2): تقضى الديون بذمة الميت من رأس المال سواء أذن الميت في
قضائها، أم لا، لزمته لله تعالى أم لآدمي؛ لأنها حقوق واجبة عليه.
ويقدم دين الله تعالى كالزكاة والكفارة والحج على دين الآدمي في الأصح.
ويقدم على مؤنة التجهيز الدين المتعلق بعين التركة، كزكاة المال الذي وجبت
فيه؛ لأنه كالمرهون بها، والمرهون لتعلق حق المرتهن به، والمبيع بثمن في
الذمة، إذا مات المشتري مفلساً بثمنه، تقديماً لحق صاحب التعلق على حق
غيره، كما في حال الحياة. وهذا موافق لرأي الحنفية المتقدم.
وقال الحنابلة (3): ما بقي بعد مؤنة التجهيز بالمعروف يقضى من ديونه، سواء
_________
(1) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي: 617/ 4 وما بعدها.
(2) مغني المحتاج: 3/ 3 - 4.
(3) كشاف القناع: 447/ 4.
(10/7732)
وصى بها أم لا، ويبدأ منها بالمتعلق بعين
المال كدين برهن، وأرش جناية برقبة الجاني ونحوه، ثم الديون المرسلة في
الذمة، سواء أكانت الديون لله تعالى كزكاة المال وصدقة الفطر، والكفارات
والحج الواجب والنذر، أم كانت لآدمي كالديون من قرض وثمن وأجرة وجعالة
استقرت في الذمة ونحوها، والعقل (الدية) بعد الحول، وأرش الجنايات
(تعويضها) والغصوب وقيم المتلفات وغيرها، لما تقدم من أنه صلّى الله عليه
وسلم قضى بالدين قبل الوصية. فإن ضاق المال تحاصوا.
3ً
- تنفيذ وصاياه: تنفذ الوصايا من ثلث
المال الباقي لامن ثلث أصل المال بعد أداء الحقوق المتقدمة، لقوله تعالى:
{من بعد وصية يوصى بها أو دين} [النساء:11/ 4]؛ لأن ما تقدم قد صرف في
ضروراته التي لا بد منها، فالباقي هو مال الميت الذي أجاز له الشرع أن
يتصرف في ثلثه، ولا تنفذ وصاياه فيما زاد عليه إلا بإجازة الورثة، سواء
أكان الموصى له أجنبياً أم وارثاً؛ فإن أجازوا نفذت، وإن أجاز بعضهم دون
بعض، نفذت في مقدار حصة المجيز دون غيره. كما لاتنفذ الوصية لوارث مطلقاً
إلا بإجازة الورثة، سواء أكانت أقل من الثلث أم أكثر.
وتقدم الوصية على الإرث، سواء أكانت مطلقة كأن تكون بجزء شائع من التركة
كالثلث أو الربع، أم معينة وهي ما تكون بشيء من التركة كدار معلومة أو نقود
مقدرة.
هذا في الوصايا الاختيارية، أما الوصية الواجبة التي أخذ بها القانون
المصري (م76) لأولاد المتوفى في حياة والده، والقانون السوري (م 257)
لأولاد الابن المتوفى في حياة أبيه دون أولاد البنت، فتقدم بعد قضاء الدين
على الوصية الاختيارية.
(10/7733)
ترتيب الوصايا عند
الحنفية في حقوق الله وحقوق العباد:
يرى الحنفية: أن الوصية إن كانت بفرض من فروض الله تعالى، فيقدم عليها
الدين؛ لأن الدين أقوى منها، فإن كانت الوصية في الزكاة التي تساوي الدين
في الإجبار بالحبس على الأداء، فالدين أقوى؛ لأن القاضي إذا وجد من مال
المدين ما يجانس الدين، يأخذه بلا رضاه ويدفعه لصاحبه، وليس له الأخذ في
الزكاة، وإن ظفر بجنسها.
وإن كانت الوصية بما سوى الزكاة كحَجَّة الإسلام والنذر والكفارة، فدين
العباد مقدم عليها أيضاً، وإن استويا في الفريضة؛ لأنه يجبر على أداء الدين
بالحبس، ولا يجبر به على أداء شيء من تلك الفروض، فالدين أقوى.
وإن اجتمع حق الله تعالى وحق العباد في عين كالتركة، وضاقت عن الوفاء بهما،
يقدم حق العباد، لاحتياجهم مع استغناء الله تعالى وكرمه.
وإن كان الدين من حق الله تعالى: فإن أوصى به الميت، وجب تنفيذه من ثلث
ماله الباقي بعد الدين المستحق للعباد، وإن لم يوص لم يجب.
ومن فاتته صلوات وأوصى أن يطعم عنه، فعلى الورثة أن يطعموا عنه من الثلث،
لكل صلاة نصف صاع من بر، وكذا للوتر؛ لأنه واجب عند أبي حنيفة.
وإن فاته صوم رمضان لسفر أو مرض، وتمكن من قضائه ولم يقض حتى مات، وأوصى
بالإطعام، فعلى الورثة أن يطعموا من الثلث، لكل يوم نصف صاع من بر.
وإن أوصى بالحج يؤدى من الثلث أيضاً.
(10/7734)
4ً
- حق الورثة:
يقسم الباقي بعد أداء الحقوق المتقدمة على الورثة بحسب مراتبهم. والورثة:
هم الذين ثبت نسبهم أو صلتهم بالميت، واستحقوا الإرث الثابت نصيبهم بالكتاب
أو السنة أو الإجماع.
ترتيب الحقوق المتعلقة بالتركة في القانون:
نص القانون المصري (م 4) على أنه يؤدى من التركة بحسب الترتيب الآتي:
أولاً ـ ما يكفي لتجهيز الميت ومن تلزمه نفقته من الموت إلى الدفن.
ثانياً ـ ديون الميت.
ثالثاً ـ ما أوصى به في الحد الذي تنفذ فيه الوصية.
رابعاً ـ ما بقي بعد ذلك على الورثة. فإذا لم توجد ورثة قضي من التركة
بالترتيب الآتي:
أولاً ـ استحقاق من أقر له الميت بنسب على غيره.
ثانياً ـ ما أوصى به فيما زاد على الحد الذي تنفذ فيه الوصية.
فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء آلت التركة أو ما بقي منها، إلى الخزانة العامة.
ويلاحظ أن القانون - عملاً بمذهب الحنابلة خلافاً للجمهور- قدم تجهيز الميت
على كل الحقوق؛ لأن المدين حال حياته لا تؤدى ديونه إلا مما فضل عن حاجاته،
فلا يباع منزله ولا ثوبه، فكذلك الأمر بعد وفاته لا تؤدى ديونه إلا مما فضل
بعد التجهيز.
(10/7735)
وتظهر ثمرة الخلاف بين الرأيين في العين المرهونة إذا مات عنها صاحبها ولم
تكن كافية لقضاء ديونه، فالمالكية والحنفية، والشافعية يقدمون أداء الدين،
ويجعلون التجهيز على أقاربه أو من حضر من المسلمين أو على بيت المال،
والحنابلة يقدمون التجهيز، كما أن المالكية يقدمون التجهيز على الديون
العادية غير الموثقة برهن.
ونص القانون السوري (م 262) على ما يلي:
يؤدى من التركة بحسب الترتيب الآتي:
أـ ما يكفي لتجهيز الميت ومن تلزمه نفقته من الموت إلى الدفن بالقدر
المشروع.
ب ـ ديون الميت.
جـ ـ الوصية الواجبة.
هـ ـ المواريث بحسب ترتيبها في هذا القانون. |