الفقه
على المذاهب الأربعة مباحث صلات الجنازة
حكمها
هي فرض كفاية على الأحياء، فإذا قام بها البعض ولو واحداً سقطت عن الباقين،
فلا يكلفون بها، ولكن ينفرد بثوابها من قام بها منهم.
صفة صلاة الجنازة
نريد أن نبين هنا كيفية صلاة الجنازة في كل مذهب من المذاهب بطريق الإجمال،
ثم نذكر ما هو ركن، وما هو شرط، وما هو سنة، أو مندوب، فانظر كيفيتها في كل
مذهب تحت الخط (1) .
__________
(1) الحنفية قالوا: صفتها أن يقوم المصلي بحذاء صدر الميت، ثم ينوي أداء
فريضة صلاة الجنازة عبادة لله تعالى، ثم يكبر للإحرام مع رفع يديه حين
التكبير، ثم يقرأ الثناء، ثم يكبر تكبيرة أخرى بدون أن يرفع يديه، ثم يصلي
على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبر ثالثة بدون رفع يديه أيضاً، ثم يدعو
للميت ولجميع المسلمين، والأحسن أن يكون بالدعاء السابق، ثم يكبر رابعة
بدون رفع يديه أيضاً، ثم يسلم تسليمتين: إحداهما عن يمينه، وينوي بها
السلام على من على يمينه، ثانيتهما: على يساره؛ وينوي بها السلام على من
على يساره؛ ولا ينوي السلام على الميت في التسليمتين، ويسر في الكل إلا في
التكبير.
المالكية قالوا: صفتها أن يقوم المصلي عند وسط الميت إن كان رجلاً، وعند
منكبيه إن كان امرأة، ثم ينوي الصلاة على من حضر من أموات المسلمين، ثم
يكبر تكبيرة الإحرام مع رفع يديه عندها، كما في الصلاة، ثم يدعو، كما تقدم.
ثم يكبر تكبيرة ثانية بدون رفع يديه، ثم يدعو أيضاً، ثم يكبر ثالثة بدون
رفع يديه، ثم يدعو، ثم يكبر رابعة بدون رفع، ثم يدعو، ثم يسلم تسليمة واحدة
على يمينه يقصد بها الخروج من الصلاة، كما تقدم في الصلاة، ولا يسلم غيرها،
ولو كان مأموماً؛ ويندب الإسرار بكل أقوالها إلا الإمام فيجهر بالتسليم
والتكبير ليسمع المأمومون، كما تقدم، ويلاحظ في كل دعاء أن يكون مبدوءاً
بحمد الله تعالى، وصلاة على نبيه عليه السلام.
الشافعية قالوا: كيفيتها أن يقف الإمام أو المنفرد عند رأسه إن كان ذكراً،
وعند عجزه إن كان أنثى أو خنثى، ثم ينوي بقلبه قائلاً بلسانه: نويت أن أصلي
أربع تكبيرات على من حضر من أموات
(1/470)
أركان صلاة الجنازة
لصلاة الجنازة أركان لا تتحقق إلا بها بحيث لو نقص منها ركن بطلت، ولزمت
إعادتها، وأول هذه الأركان النية، وهي ركن عند المالكية، والشافعية، أما
الحنفية، والحنابلة فقالوا: إنها شرط لا ركن، وعلى كل حال فلا بد منها في
صلاة الجنازة؛ كغيرها من الصلوات، أما صفة النية المذكورة ففيها تفصيل في
المذاهب ذكرناه تحت الخط (1) .
__________
المسلمين فرض كفاية لله تعالى، ثم يكبر تكبيرة الإحرام، وإن كان مقتدياً
ينوي الاقتداء، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بدون دعاء
الافتتاح، ثم يقرأ الفاتحة؛ ولا يقرأ سورة بعدها؛ ثم يكبر التكبيرة
الثانية؛ ثم يقول: اللهم صلي ع لى سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد؛ كما صليت
على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل
سيدنا محمد، كما رابكت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم؛ في
العالمين؛ إنك حميد مجيد؛ ثم يكبر التكبيرة الثالثة ويدعو بعدها للميت بأي
دعاء آخروي، والأفضل أن يكون بالدعاء المتقدم، ثم يكبر التكبيرة الرابعة،
ويقول بعدها: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، ثم يقرأ قوله تعالى:
{الذين يحملون العرش، ومن حوله، يسبحون بحمد ربهم} الآية، ثم يسلم التسليمة
الأولى ينوي بها من على يمينه، ثم يسلم الثانية ناوياً بها من على يساره،
ويرفع يديه عند كل تكبيرة، ويضعهما تحت صدره، كما في الصلاة.
الحنابلة قالوا: صفتها أن يقف المصلي عند صدر الذكر، ووسط الأنثى، ثم ينوي
الصلاة على من حضر من أموات المسلمين أو على هذا الميت، ونحو ذلك. ثم يكبر
للإحرام مع رفع يديه، كما في الصلاة ثم يتعوذ، ثم يبسمل، ثم يقرأ الفاتحة،
ولا يزيد عليها، ثم يكبر تكبيرة ثانية رافعاً يديه، ثم يصلي على النبي صلى
الله عليه وسلم، كما في التشهد الأخير، ثم يكبر تكبيرة ثالثة مع رفع يديه،
ثم يدعو للميت، كما تقدم، ثم يكبر رابعة مع رفع يديه أيضاً، ولا يقول بعدها
شيئاً، ويصبر قليلاً ساكتاً، ثم يسلم تسليمة واحدة، ولا بأس بتسليمة ثانية
(1) الحنفية قالوا: يكفي أن ينوي في نفسه صلاة الجنازة، وبعضهم يقول: لا بد
من أن ينوي الصلاة على رجل أو أنثى أو صبي أو صبية، ومن لم يعرف يقول: نويت
أن أصلي الصلاة على الميت الذي يصلي عليه الإمام، وذلك لأن الميت سبب
للصلاة، ولا بد من تعيين السبب، وهذا هو الظاهر الأحوط، وبعضهم يقول: إنه
لا بد مع هذا أن ينوي الدعاء على الميت أيضاً.
المالكية - قالوا: يكفي أن يقصد الصلاة على هذا الميت، ولا يضر عدم معرفة
كونه ذكراً أو أنثى لو اعتقد أنها ذكر فبانت أنثى وبالعكس، فإنه لا يضر،
ولا يلزمه أن ينوي الفرضية كما هو رأي الحنفية.
الشافعية - قالوا: لا بد فيها من أن يقصد صلاة الجنازة. ويقصد أداء فرض
صلاتها، وإن لم يصرح بفرض الكفاية، ولا يشترط تعيين الميت الحاضر، فإن عينه
وظهر غيره لم تصح.
(1/471)
ثانيها: التكبيرات، وهي أربع بتكبيرة
الإحرام، وكل تكبيرة منها بمنزلة ركعة، وهي ركن باتفاق؛ ثالثها: القيام
فيها إلى أن تتم، فلو صلاها قاعداً بغير عذر لم تصح، باتفاق؛ رابعها:
الدعاء للميت، وفي محله وصفته تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (1) ؛
خامسها:
__________
الحنفية - قالوا: صفة النية ههنا ذا، هي أن ينوي الصلاة على هذا الميت، أو
هؤلاء الموتى إن كانوا جماعة، سواء عرف عددهم أو لا.
(1) المالكية - قالوا: يجب الدعاء عقب كل تكبيرة حتى الرابعة على المعتمد
وأقله أن يقول: اللهم اغفر له، ونحو ذلك، وأحسنه أن يدعو بدعاء أبي هريرة
رضي الله عنه، وهو أن يقول بعد حمد الله تعالى، والصلاة على نبيه صلى الله
عليه وسلم: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، كان يشهد أن لا إله إلا
أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به؛ اللهم إن كان
محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته؛ اللهم لا تحرمنا
أجره، ولا تقتنا بعده، ويقول في المرأة: اللهم إنها أمتك، وبنت عبدك، وبنت
أمتك ويستمر في الدعاء المتقدم بصيغة التأنيث؛ ويقول في الطفل الذكر: اللهم
إنه عبدك، وابن عبدك أنت خلقته ورزقته، وأنت أمته وأنت تحييه؛ اللهم اجعله
لوالديه سلفاً وذخراً، وفرطاً وأجراً، وثقل به موازينهما، وأعظم به
أجورهما، ولا تفتنا وإياهما بعده، اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة
إبراهيم، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهله خيراً من أهله، وعافه من فتنة
القبر، وعذاب جهنم؛ فإن كان يصلي على ذكر وأنثى معاً يغلب الذكر على
الأنثى، فيقول: إنهما عبداك، وابنا عبديك، وابنا أمتيك، الخ. وكذا إذا كان
يصلي على جماعة من رجال ونساء، فإنه يغلب الذكور على الإناث؛ فيقول: اللهم
إنهم عبيدك وابناء عبيدك. الخ. فإن كن نسار يقول: اللهم إنهن إماؤك، وبنا
عبيدك، وبنا إمائك، كن يشهدْن، الخ؛ وزاد على الدعاء المذكور في الحنفية
قالوا: كل ميت بعد التكبيرة الرابعة: اللهم اغفر لأسلافنا وأفراطنا، ومن
سبقنا بالإيمان؛ اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان، ومن توفيته منا
فتوفه على الإسلام، واغفر للمسليمن والمسلمات، ثم يسلم.
الحنفية - قالوا: الدعاء يكون بعد التكبيرة الثالثة، ولا يجب الدعاء بصيغة
خاصة، بل المطلوب الدعاء بأمور الآخرة، والأحسن أن يدعو بالمأثور في حديث
عوف بن مالك، وهو: اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله،
ووسع مدخله، وغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا، كما ينقى الثوب
الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله،
وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، وعذاب النار.
هذا إذا كان الميت رجلاً، فإن كان أنثى يبدل ضمير المذكر بضمير الأنثى، ولا
يقول: وزوجاً خيراً من زوجها، وإن كان طفلاً يقول: اللهم اجعله لنا فرطاً؛
اللهم اجعله لنا ذخراً وأجراً؛ اللهم اجعله لنا شافعاً ومشفعاً، فإن كان لا
يحسن المصلي هذا الدعاء دعا بما شاء.
الشافعية قالوا: يشترط في الدعاء أن يكون بعد التكبيرة الثالثة طلب الخير
للميت الحاضر، فلو
(1/472)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
__________
دعا للمؤمنين بغير دعاء له بخصوصه لا يكفي إلا إذا كان صبياً، فإنه يكفي
كما يكفي الدعاء لوالديه، وأن يكون المطلوب به أمراً أخروياً. كطلب المغفرة
والرحمة، ولو كان الميت غير مكلف، كالصبي والمجنون الذي بلغ مجنوناً واستمر
كذلك إلى الموت، ولا يتقيد المصلي في الدعاء بصيغة خاصة، ولكن الأفضل أن
يدعو بالدعاء المشهور عند الأمن من تغير رائحة الميت. فإن خيف ذلك وجب
الاقتصار على الأقل، والدعاء المشهور هو: اللهم هذا عبدك وابن عبدك، خرج من
روح الدنيا وسعتها، ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان
يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه
وسلم عبدك ورسولك، وأنت أعلم به منا، اللهم إنه نزل بك، وأنت خير منزول به،
وأصبح فقيراً إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء
له، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه، ولقه
برحمتك رضاك، وقِهِ فتنة القبر وعذابه، وأفسح له في قبره؛ وجافي الأرض عن
جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه آمناً إلى جنتك برحمتك يا
ارحم الراحمين؛ ويستحب أن يقول قبله: اللهم اغغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا
وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا، فأحيه على
الإسلام، ومن توفيته منا، فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره.
ويندب أن يقول قبل الدعاءين المذكورين: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف
عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من
الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره،
وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأعذه من عذاب القبر وفتنته،
ومن عذاب النار، وينبغي أن يلاحظ قارئ الدعاء التذكير والتأنيث والتثنية
والجمع بما يناسب حال الميت الذي يصلي عليه، وله أن يذكر مطلقاً بقصد
الشخص، وأن يؤنث مطلقاً بقصد الجنازة، ويصح أن يقول في الدعاء على الصغير
بدل الدعاء المذكور: اللهم اجعله فرطاً لأبويه، وسلفاً وذخراً وعظة
واعتباراً وشفيعاً، وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا
تفتهما بعده، ولا تحرمهما أجره.
هذا، ويسن أن يرفع يديه عند كل تكبيرة.
الحنابلة قالوا: محل الدعاء بعد التكبيرة الثالثة، ويجوز عقب الرابعة، ولا
يصح عقب سواهما، وأقل الواجب بالنسبة للكبير: اللهم اغفر له ونحوه،
وبالنسبة للصغير: اللهم اغفر لوالديه بسببه، ونحو ذلك، والمسنون الدعاء بما
ورد، ومنه اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا،
وذكرنا وأنثانا إنك نعلم متقلبنا ومثوانا، وأنت على كل شيء قدير، اللهم من
أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منا، فتوفه عليهما، اللهم
اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء
والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس،
وأبدله داراً خيراً من داره، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من
عذاب القبر، ومن عذاب النار، وأفسح له قبره ونور له فيه، وهذا الدعاء للميت
الكبير ذكراً كان أو أنثى، إلا أنه يؤنث الضمائر في الأنثى، وإن كان الميت
صغيراً أو بلغ مجنوناً واستمر على جنونه حتى مات قال
(1/473)
السلام بعد التكبيرة الرابعة وهو ركن عند
ثلاثة، وقال الحنفية: إنه واجب، كالسلام في باقي الصلوات، فلا تبطل الصلاة
بتركه، ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية،
وهي ركن عند الشافعية، والحنابلة: أما الحنفيةن والمالكية، فانظر مذهبيهما
تحت الخط (1) ؛ وأما قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ففيها اختلاف في
المذاهب، فانظره تحت الخط (2)
شروط صلاة الجنازة
وأما شروطها: فمنها أن يكون الميت مسلماً، فتحرم الصلاة على الكافر لقوله
تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبداً} ، ومنها أن يكون الميت حاضراً،
فلا تجوز الصلاة على الغائب، أما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على
النجاشي فهي خصوصية له، باتفاق الحنفية، والمالكية، وخالف الشافعية،
والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (3) ، ومنها تطهير الميت، فلا تجوز
الصلاة عليه قبل الغسل أو التيمم، باتفاق المذاهب، ومنها أن يكون الميت
مقدّماً أمام القوم، فلا تصح الصلاة عليه إذا كان موضوعاً خلفهم، باتفاق،
وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (4) ، ومنها أن لا يكون الميت
محمولاً على دابة، أو على أيدي الناس، أو أعناقهم وقت
__________
في الدعاء: اللهم اجعله دخراً لوالديه، وفرطاً وأجراً وشفيعاً مجاباً،
اللهم ثقل به موزاينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين،
واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم، يقال ذلك في الذكر
والأنثى، إلا أنه يؤنث في المؤنث
(1) الحنفية قالوا: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة
الثانية مسنونة وليست ركناً.
المالكية قالوا: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مندوبة عقب كل تكبيرة
قبل الشروع في الدعاء
(2) الحنفية قالوا: قراءة الفاتحة بنية التلاوة في صلاة الجنازة مكروهة
تحريماً، أما بنية الدعاء فجائزة.
الشافعية قالوا: قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ركن من أركانها، والأفضل
قراءتها بعد التكبيرة الأولى، وله قراءتها بعد أي تكبيرة، ومتى شرع فيها
بعد أي تكبيرة وجب إتمامها، ولا يجوز قطعها ولا تأخيرها إلى ما بعدها، فإن
فعل ذلك بطلت صلاته، ولا فرق بين المسبوق وغيره.
الحنابلة قالوا: قراءة الفاتحة فيها ركن، ويجب أن تكون بعد التكبيرة
الأولى.
المالكية قالوا: قراءة الفاتحة فيها مكروهة تنزيهاً
(3) الحنابلة قالوا: تجوز الصلاة على الغائب إن كان بعد موته بشهر، فأقل.
الشافعية قالوا: تصح الصلاة على الغائب عن البلد من غير كراهة
(4) المالكية قالوا: الواجب حضور الميت، وأما وضعه أمام المصلي بحيث يكون
عند منكبي لمرأة ووسط الرجل فمندوب
(1/474)
الصلاة، عند الحنفية، والحنابلة؛ وخالف
الشافعية، والمالكية، فانظره تحت الخط (1) ومنها أن لا يكون شهيداً، وسيأتي
بيانه في مبحث خاص، فتحرم الصلاة عليه لحرمة غسله، باتفاق ثلاثة، وقال
الحنفية: إن الشهيد لا يغسل، ولكن تجب الصلاة عليه، ومنها أن يكون الحاضر
من بدن الميت الجزء الذي يلزم تغسيله، على ما تقدم في الغسل. وتجب الصلاة
على السقط إذا كان غسله واجباً، على ما تقدم تفصيله في المذاهب؛ وأما
شروطها المتعلقة بالمصلي، فهي شروط الصلاة من النية، والطهارة، واستقبال
القبلة، وستر العورة، ونحو ذلك.
سنن صلاة الجنازة: كيف يقف الإمام للصلاة على
الميت
لصلاة الجنائز سنن مفصلة في المذاهب مذكورة تحت الخط (2) .
__________
(1) الشافعية، والمالكية قالوا: تجوز الصلاة على الميت المحمول على دابة،
أو أيدي الناس، أو أعناقهم
(2) الحنفية قالوا: يسن الثناء بعد التكبيرة الأولى، وهو: سبحانك اللهم
وبحمدك، إلى آخر ما تقدم في "سنن الصلاة" والصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم بعد التكبيرة الثانية، والدعاء على القول بأنه ليس ركناً؛ ويندب أن
يقوم الإمام بحذاء صدر الميت، سواء كان ذكراً أو أنثى، كبيراً أو صغيراً.
ويندب أيضاً أن تكون صفوف المصلين عليه ثلاثة، لقوله صلى الله عليه وسلم:
"من صلى عليه ثلاثة صفوف غفر له" فلو كان عدد المصلين سبعة قدم واحد، ثم
ثلاثة؛ ثم اثنان، ثم واحد.
المالكية قالوا: ليس لصلاة الجنازة سنن، بل لها مستحبات، وهي الإسرار بها؛
ورفع اليدين عند التكبيرة الأولى فقط حتى يكونا حذو أذنيه، كما في الإحرام
لغيرها من الصلوات، وابتداء الدعاء بحمد الله تعالى، والصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم، كما تقدم؛ ووقوف الإمام والمنفرد على وسط الرجل، وعند
منكبي المرأة، ويكون رأس الميت عن يمينه، رجلاً كان أو امرأة، إلا في
الروضة الشريفة، فإنه يكون عن يساره ليكون جهة القبر الشريف؛ وأما المأموم
فيقف خلف الإمام كما يقف في غيرها من الصلاة، وقد تقدم في صلاة الجماعة؛
وجهر الإمام بالسلام والتكبير بحيث يسمع من خلفه، وأما غيره فيسر فيها.
الحنابلة قالوا: سننها فعلها في جماعة، وأن لا ينقص عدد كل صف عن ثلاثة إن
كثر المصلون، وإن كانوا ستة جعلهما الإمام صفين، وإن كانوا أربعة جعل كل
اثنين صفاً، ولا تصح صلاة من صلى خلف الصف كغيرها من الصلاة، وأن يقف
الإمام والمنفرد عند صدر الذكر، ووسط الأنثى، وأن يسر بالقراءة والدعاء
فيها.
(1/475)
مبحث الأحق بالصلاة
على الميت
في الأحق بالصلاة على الميت اختلاف في المذاهب؛ مذكورة تحت الخط (1) .
__________
الشافعية قالوا: سننها التعوذ قبل الفاتحة؛ والتأمين بها، والإسرار بكل
الأقوال التي فيها، ولو فعلت ليلاً، إلا إذا احتيج لجهر الإمام أو المبلغ
بالتكبير والسلام فيجهران بهما، وفعلها في جماعة؛ وأن يكون ثلاثة صفوف إذا
أمكن، وأقل الصف اثنان ولو بالإمام، ولا تكره مساواة المأموم للإمام في
الوقوف حينئذ، وأكمل الصلاة على النبي عليه السلام، وقد تقدم في سنن
الصلاة؛ والصلاة على الآل دون السلام عليهم وعلى النبي عليه السلام؛
والتحميد قبل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمؤمنين
والمؤمنات بعد الصلاة على النبي؛ والدعاء المأثور في صلاة الجنازة؛
والتسليمة الثانية؛ وأن يقول بعد التكبيرة الرابعة قبل السلام: اللهم لا
تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، ثم يقرأ الآية {الذين يحملون العرض، ومن
حوله، يسبحون بحمد ربهم، ويؤمنون به} الآية. وأن يقف الإمام أو المنفرد عند
رأس الذكر، وعند عجز الأنثى أو الخنثى؛ وأن يرفع يديه عند كل تكبيرة، ثم
يضعهما تحت صدره، وأن لا ترفع الجنازة حتى يتم المسبوق صلاته، وأن تكرر
الصلاة عليه من أشخاص متغايرين، أما إعادتها ممن أقاموها أولاً فمكروهة،
ومن السنن ترك دعاء الافتتاح وترك السورة، ويكره أن يصلي عليه قبل أن يكفن
(1) الحنفية قالوا: يقدم في الصلاة عليه السلطان إن حضر، ثم نائبه وهو أمير
المصر، ثم القاضي، ثم صاحب الشرطة، ثم إمامه الحي إذا كان أفضل من ولي
الميت، ثم ولي الميت على ترتيب العصبة في النكاح، فيقدم الابن، ثم ابن
الابن، وإن سفل، ثم الأب، ثم الجد، وإن علا، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ الأب،
ثم ابن الأخ الشقيق، وهكذا الأقرب فالأقرب، كما هو مفصل في "باب النكاح"
فإن لم يكن له ولي، قدم الزوج، ثم الجيران، وإذا أوصى لأحد بأن يصلي عليه
أو بأن يغسله فهي وصية باطلة لا تنفذ، ولمن له الحنفية قالوا: التقدم أن
يأذن غيره في الصلاة.
الحنابلة قالوا: الأولى بالصلاة عليه إماماً: الوصي العدل، فإذا أوصى بأن
يصلي عليه شخص عدل قدم على غيره، ثم السلطان، ثم نائبه، ثم أب الميت، وإن
علا، ثم ابنه، وإن نزل. ثم الأقرب فالأقرب على ترتيب الميراث، ثم ذوو
الأرحام، ثم الزوج، فإن تساوى الأولياء في القرب كإخوة أو أعمام، قدم
الأفضل منهم على ترتيب الإمامة، وقدم تقدم في صلاة الجماعة، فإن تساووا في
جميع جهات التقديم أقرع بينهم عند التنازع، وإذا أناب الولي عنه واحداً كان
بمنزلته، فيقدم على من يليه في الرتبة، بخلاف نائب الوصي، فلا يكون
بمنزلته.
الشافعية قالوا: الأولى بإمامتها أب الميت، وإن علا، ثم ابنه، وإن سفل، ثم
الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، وهكذا على
ترتيب الميراث. فإن لم يكن قريب
(1/476)
إذا زاد الإمام في
التكبير على أربع أو نقص
أولاً: إذا زاد الإمام في التكبير على أربع أو نقص عنها ففي متابعة
المأمومين إياه صحة الصلاة تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (1) .
__________
قدم معتق الميت، ثم عصبته الأقرب فالأقرب، ثم الإمام الأعظم، أو نائبه، ثم
ذوو الأرحام الأقرب فالأقرب، ويقدم الأسن في الإسلام العدل عند التساوي في
درجة، كابنين، ثم الأفقه، والأقرأ، والأورع؛ وإذا أوصى بالصلاة عليه لغير
من يستحق التقدم ممن ذكر فلا تنفذ وصيته.
المالكية قالوا: الأحق بالصلاة على الميت من أوصى الميت بأن يصلي عليه إذا
كان الإيصاء لرجاء بركة الموصى له، وإلا فلا، ثم الخليفة، وهو الإمام
الأعظم، وأما نئبه فلا الحنفية قالوا: له في التقدم، إلا إذا كان نائباً
عنه في الحكم والخطبة، ثم أقرب العصبة، فيقدم الابن، ثم ابنه، ثم الأخ ثم
ابن الأخ، ثم الجد، ثم العم، ثم ابن العم، وهكذا، فإن تعددت العصبة
المتساوون في القرب من الميت تقدم الأفضل منهم لزيادة فقه، أو حديث، ونحو
ذلك، ولا الحنفية قالوا: لخروج غير عصبة الميت، في التقدم بخلاف السيد فله
الحق، ويكون بعد العصبة، فإن لم يوجد عصبة ولا سيد، فالأجانب سواء إلا أنه
الأفضل منهم، كما في صلاة الجماعة، وقد تقدم
(1) الحنفية قالوا: إذا زاد الإمام عن أربع، فالمقتدي لا يتابعه في
الزيادة، بل ينتظر حتى يسلم معه، وصحت صلاة الجميع، أما إذا نقص عنها فتبطل
صلاة الجميع إن كان النقص عمداً، فإن كان سهواً فالحكم كحم نقص ركعة في
الصلاة، إلا أنه لا سجود للسهو في صلاة الجنازة. وقد تقدم حكم نقصان ركعة
في الصلاة.
الشافعية قالوا: لو زاد عن الأربع فلا يتابعه المأموم، بل ينوي المفارقة
بقلبه ويسلم قبله أو ينتظره ليسلم معه، والأفضل الانتظار، وتصح صلاة الكل،
إلا إذا والى الإمام رفع يديه في التكبيرات الزائدة ثلاث مرات، فإن الصلاة
تبطل عليه وعلى المأمومين إن انتظروه، وإن نقص عنها بطلت عليه وعلى
المأمومين إن كان النقص عمداً، فإن كان سهواً تداركه كالصلاة، ولا سجود
للسهو هنا.
المالكية قالوا: إذا زاد الإمام عن الأربع عمداً أو سهواً كره للمأمومين أن
ينتظروه، بل يسلمون دونه وصحت صلاته وصلاتهم، وإن نقص عنها عمداً وهو يرى
ذلك مذهباً له فلا يتبعه المأمومون في النقص، بل يكملون التكبير أربعاً،
وصحت صلاة الجميع، وأما إذا نقص عمداً وهو لا يرى ذلك مذهباً، فإن صلاته
تبطل، صلاة المأمومين تبعاً لبطلان صلاته، فإن نقص سهواً سبح له المأمومون،
فإن رجع عن قرب، وكمل التكبير كملوه معه وصحت صلاة الجميع، وإن لم يرجع ولم
يتنبه إلا بعد زمن طويل، كما تقدم في الصلاة كملواهم، وصحت صلاتهم، وبطلت
صلاته.
الحنابلة قالوا: إذا زاد الإمام عن أربع تكبيرات تابعه المأمومون في
الزيادة إلى سبع تكبيرات،
(1/477)
إذا فات المصلي
تكبيرة أو أكثر مع الإمام
إذا جاء المأموم إلى الصلاة الجنازة فوجد الإمام قد كبر قبله تكبيرة أو
أكثر من تكبيرة، ففي حكمه تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط (1) .
__________
فإن زاد عن السبع نبهوه، ولا يجوز لهم أن يسلموا قبله، وتصح صلاة الجميع،
وإن نقص عنها، فإن كان عمداً، بطلت صلاة الجميع، وإن كان سهواً، فلا يسلم
المأمومون، بل ينبهونه، فإن أتى بما تركه عن قرب صحت صلاة الجميع، وإن طال
الفصل أو وجد من الإمام مناف للصلاة بطلت صلاة الإمام، وتبطل صلاة
المأمومين إن لم ينووا المفارقة، وإلا صحت
(1) الحنفية قالوا: إذا جاء المأموم فوجد الإمام قد فرغ من التكبيرة
الأولى، واشتغل بالثناء، أو الثانية، واشتغل بالصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم؛ أو الثالثة، واشتغل بالدعاء فلا يكبر في الحال، بل ينتظر إمامه
ليكبر معه، فإن لم ينتظره وكبر فلا تفسد صلاته، ولكن لا تحتسب هذه
التكبيرة، ثم بعد سلام الإمام يأتي المسبوق بالتكبيرات التي فاتته إن لم
ترفع الجنازة فوراً فإن رفعت فوراً سلم ولا يقضي ما فاته من التكبيرات، فلو
جاء بعد أن كبر الإمام التكبيرة الرابعة، وقبل أن يسلم، فالصحيح أن يدخل
معه ثم يتمم بعد سلامه، على التفصيل السابق.
المالكية قالوا: إذا جاء المأموم فوجد الإمام مشتغلاً بالدعاء فإنه يجب
عليه أن لا يكبر، وينتظر حتى يكبر الإمام، فيكبر معه، فإن لم ينتظر وكبر
صحت صلاته، ولا تحتسب هذه التكبيرة في حالة الانتظار وعدمه، وإذا سلم
الإمام قام المأموم بقضاء ما فاته من التكبير، سواء رفعت الجنازة فوراً، أو
لئلا يكون مصلياً على غائب، والصلاة على الغائب ممنوعة، كما تقدم، أما إذا
جاء المأموم، وقد فرغ الإمام ومن معه من التكبيرة الرابعة، فلا يدخل معه
على الصحيح لأنه في حكم التشهد، فلو دخل معه يكون مكرراً للصلاة على الميت،
وتكرارها مكروه.
الحنابلة قالوا: إذا جاء المأموم فوجد الإمام قد كبر التكبيرة الأولى،
واشتغل بالقراءة أو الثانية، واشتغل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،
أو الثالثة، واشتغل بالدعاء؛ فإنه يكبر فوراً ولا ينتظر الإمام حتى يرجع
إلى التكبير، ثم يتبع الإمام فيما يفعله، ثم يقضي بعد سلام إمامه ما فاته
على صفته، بأن يقرأ الفاتحة بعد أول تكبيرة يأتي بها بعد سلام الإمام، ثم
يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية إن لم يخف رفع الجنازة فإن
خشي رفعها كبر تكبيراً متتابعاً بدون دعاء ونحوه، وسلم، ويجوز له أن يسلم
بدون أن يقضي ما فاته، كما يجوز له أن يدخل مع الإمام بعد التكبيرة
الرابعة، ثم يقضي الثلاثة استحباباً.
الشافعية قالوا: إذا جاء المأموم فوجد الإمام قد فرغ من التكبيرة الأولى أو
غيرها، واشتغل بما بعدها من قراءة أو غيرها فإنه يدخل معه، ولا ينتظر حتى
يكبر التكبيرة الثالثة؛ إلا أنه يسير في صلاته على نظم الصلاة لو كان
منفرداً، فبعد أن يكبر التكبيرة الأولى يقرأ من الفاتحة ما يمكنه قراءة قبل
تكبير
(1/478)
هل يجوز تكرار الصلاة على الميت
يكره تكرار الصلاة على الجنازة، فلا يصلي عليها إلا مرة واحدة حيث كانت
الصلاة الأولى جماعة، فإن صلى أولاً بدون جماعة أعيدت ندباً في جماعة ما لم
تدفن، عند الحنفية؛ والمالكية، وخالف الشافعية، والحنابلة، كما هو مذكور
تحت الخط (1) .
هل يجوز الصلاة على الميت في المساجد
تكره الصلاة على الميت في المساجد، وإن كان الميت خارج المسجد، كما يكره
إدخاله في المسجد من غير صلاة، عند الحنفية، والمالكية، أما الحنابلة؛
والشافعية؛ فانظر مذهبيهما تحت الخط (2) . |