المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب الضمان
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح ضمان الدين عن الميت، سواء خلَّف وفاءً لدينه أو
لم يخلف. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. لا يصح الضمان عن الميت إذا
لم يخلف وفاءً بمال أو بضمان ضامن.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال: أنا بمالك على فلان، أو
قال إلى دين فلان لم يكن ذلك صريحًا في الضمان في أحد الوجهين في
المسألتين، ويكون صريحًا في الوجه الثاني فيهما، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
(2/3)
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
إذا قال خل عن فلان، والدين الذي عليه لك عندي، لم يكن صريحًا في الضمان.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون صريحًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح ضمان المرأة إذا كانت جائزة التصرف
بغير إذن زوجها. وعند مالك لا تصلح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتبر رضا المضمون له في صحة الضمان
في أصح الوجهين، وبه قال أبو يوسف وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ويعتبر في الوجه
الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أن أبا حَنِيفَةَ لا يعتبره في الضمان
على المريض إذا ضمن فيه بعض الورثة وكان صاحب الحق غائبًا، وإن لم يسم الحق
استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح ضمان الدين اللازم وإن لم يستقر،
كالمهر قبل الدخول وثمن البيع قبل قبض المبيع، والأجرة قبل انقضاء الإجارة،
ودين السلم. وعند أَحْمَد لا يصح ضمان دين السلم في إحدى الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ
والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد لا يصح ضمان المجهول، وهو أن يقول: ضمنت مالك على
فلان من الدين وهو لا يعرف قدره، وكذلك لا يصح ضمان ما لم يجب، وهو أن
يقول: ضمنت لك ما تداينه فلانًا، وبه قال في مسألة ضمان ما لم يجب
النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يصح ضمان المجهول وضمان ما لم يجب، وهو قول قديم للشافعي، وبه
قال في مسألة ضمان ما لم يجب من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والقاسم ويَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة لا يصح ضمان نجوم
الكتابة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح من الحر ضمانها، ويصح من شريكه في
الكتابة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح تعليق الضمان على شرط، بأن يقول:
إذا جاء رأس الشهر فقد ضمنت لك دينك على فلان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا قال لغيره في البحر عند تموجه وخوف
الغرق: ألق متاعك فى البحر وعليَّ ضمانه، فألقاه وجب على المستدعى الضمان.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.
(2/4)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضمن
دينًا مؤجلاً، فمات قبل حلول الأجل حلَّ الدين عليه وقضى من تركته، وليس
لورثته أن يرجعوا على المضمون عنه حق بحل الأجل. وعند زفر لهم أن يرجعوا
عليه في الحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز شرط خيار الثلاث في
الضمان، فإذا شرط فيه أبطله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح الضمان ويبطل الشرط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
وعامة أهل العلم الضمان لا ينقل الحق من ذمة المضمون عنه، بل للمضمون له أن
يطالب أيهما شاء الضامن والمضمون عنه. وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ
وأَبِي ثَورٍ وداود يبرأ المضمون عنه بالضمان، ويتحول الحق إلى ذمة الضامن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
للمضمون له مطالبة من شاء من الضامن والمضمون عنه. وعند مالك في إحدى
الروايتين وأَبِي ثَورٍ لا يطالب الضامن إلا إذا تعددت مطالبة المضمون عنه.
وعند مُحَمَّد بن جرير الطبري أنه بمطالبة أيهما شاء، فإذا بدأ بمطالبة
أحدهما لم يكن له مطالبة الآخر، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو علي بن أبي
هريرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبرأ المضمون له الضامن برئ الضامن،
ولم يبرأ المضمون عنه. وإن قال المضمون له للضامن: وهبت الحق منك، أو تصدقت
به عليك كان ذلك إبراءٌ منه للضامن حتى لا يبرأ المضمون عنه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يكون كما لو استوفى منه الحق حتى يبرأ المضمون عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضمن عنه بإذنه وقضى بإذنه رجع عليه بما أدَّاه.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن قال: اضمن عني هذا الدين أو أنفذه عني
رجع عليه، وإن قال: اضمن عني هذا الدين أو أنفذه، ولم يقل عني لم يرجع
عليه، إلا أن يكون بينهما خلطة، مثل أن يودع أحدهما الآخر، أو يستقرض
أحدهما من الآخر، أو يكون ذا قرابة منه أو زوجته، فالاستحسان أن يرجع عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ضمن عنه بغير إذنه،
وقضى عنه بغير إذنه
(2/5)
لم يرجع عليه وعند مالك في إحدى الروايتين
أنه يرجع عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حال الضامن المضمون بالحق على رجل لا
دين عليه، وقلنا لا تصح الحوالة فقبض المضمون له الحق من المحال عليه ثم
وهبه، فهل يرجع المحال عليه على الضامن؟ وجهان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع
عليه، سواء وهبه له أو ورثه منه أو تصدق به عليه. ووافقنا في الإبراء أنه
لا يرجع. فعند الشَّافِعِيَّة هبته قبل القبض بمنزلة الإبراء. وعند الحنفية
لا تكون بمنزلة الإبراء، بل بمنزلة الإيفاء، فله الرجوع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ضمان العهدة صحيح، وهو أن يضمن الرجل
عهدة المبيع إذا خرج مستحقًّا فيضمن للمشتري الثمن، وهذا إنما يصح بعد قبض
الثمن. وعند أبي يوسف ضمان العهدة إنما هو كتاب الابتياع. وعند ابن سريج لا
يضمن العهدة إلا أحمق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ضمن له قيمة ما
يحدثه في المبيع من غراس وبناء لم يصح الضمان، ومن خالف في صحة ضمان ما لم
يجب وقال إنه يصح، نقول: إنه يصح هنا هذا الضمان!.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الأعيان المضمونة كالمغصوبة
والعواري والمقبوض على وجه السوم لا يصح ضمانها على أحد الوجهين، وبه قال
كافة الزَّيْدِيَّة، ويصح في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع الضامن إلى المضمون له بالحق
ثوبًا رجع على المضمون عنه بأقل الأمرين من الحق أو قيمة الثوب. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يرجع عليه بنفس الحق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تصح الكفالة بالبدن في غير الحدود
والقصاص قولاً واحدًا، وعلى قولين أصحهما أنها تصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ
وَمَالِك وشريح والشعبي
(2/6)
واللَّيْث وعبيد الله بن الحسن العنبري
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح الكفالة إلى أجل مجهول، وبه قال
من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيد منهم تصح، ويبطل الشرط المجهول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا تكفَّل ببدن رجل
عليه له دين، فمات المكفول به بطلت الكفالة، ولم يلزم الكفيل ما كان على
المكفول له من الدين. وعند مالك يلزم الكفيل ما كان على المكفول له من
الدين، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو العبَّاس بن سريج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تكفل ببدن رجل
إلى مدة فهرب عندها لم يلزمه ما على المكفول به. وعند أَحْمَد يلزمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد إذا تكفَّل ببدن رجل وشرط أنه
متى لم يحضره لزمه الحق عليه، أو قال عليَّ كذا وكذا لم تصح الكفالة ولم
يجب عليه المال المضمون به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن لم
يحضره وجب عليه المال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تكفَّل ببدن رجل بشرط
الخيار لم تصح الكفالة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يفسد الشرط، وتصح الكفالة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تصح الكفالة مؤجَّلاً، فإذا حلَّ الأجل
وكان المكفول به غائبًا فى موضع معلوم يمكنه إحضاره لزمه إحضاره، فإن امتنع
من إحضاره أمهله بقدر المسافة التي يمضي ويجيء به، فإن لم يفعل كان له أن
يحبسه. وعند ابن شُبْرُمَةَ له حبسه عند حلول الأجل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك تصح الكفالة ببدن
المكفول والغائب والمحبوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا تصح الكفالة ببدن من عليه حدين،
ولا حد قذف، أو قصاص على أحد الوجهن، وبه قال أحمد. والثاني تصح، وبه قال
أَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
(2/7)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي
يوِسف ومُحَمَّد إذا تكفَّل ببدن رجل وأطلق لم يجب تسلمه في موضع العقد.
وإن عيَّن موضعًا أو بلدًا، أو سلمه في غيره لم يلزم المكفول له القبول.
وعند أَحْمَد إذا كان في البلد الآخر سلطان فإنه يلزمه القبول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تكفَّل ببدن رجل، وقال: إن أتيتك به
وإلا فأنا كفيل برجل سمَّاه لم تصح الكفالة الأولى ولا الثانية. وكذا إن
قال: كفلت لك بزيد فإن جئت به وإلا فأنا ضامن كل ما على عمرو فلا يصح
الضمان. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يصح ذلك كله في الكفالة والضمان.
وعند مُحَمَّد بن الحسن الكفالة باطلة في المال فقط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضمن ذمي عن ذمي لذمي خمرًا، ثم أسلمه
من عليه الخمر برئ من الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطالب بالقيمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لرجل سلِّم فلانًا
ألف درهم ففعل ذلك وسلمها إليه كانت على الأمر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا
شيء عليه، إلا أن يكونا شريكين.
* * *
(2/8)
|