المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب الوديعة
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أودع صبي وديعة فتلفت في يده لم يضمن، وإن أتلفها فوجهان: أحدهما يضمنها. والثاني لا يضمنها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.

(2/25)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أودع حر عبدًا وديعة فأهلكها ضمنها في الحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في المحجور عليه كذلك، والمأذون له يتأخر إلى بعد العتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا شرط مالك الوديعة على المودع عنده الضمان من غير تفريط لم يجب عليه الضمان بذلك. وعند عبيد الله بن الحسن العنبري أنه يجب عليه بذلك الضمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال صاحب الوديعة ضعها في هذا البيت ولا تضعها في ذلك البيت، فرضعها في البيت المنهي عنه لما رأى فيه من المصلحة والحفظ ضمن، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أودعه وديعة في صندوق وقال لا تقفل عليها فأقفل عليها، أو لا تقفل عليها فأقفل عليها قفلين، أو قال لا تطرح ثيابك فرق الصندوق فخالفه في ذلك، أو قال: لا ترقد عليها، فأصح الوجهين أنه لا ضمان عليه بذلك. والوجه الثاني يضمن بذلك، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للمودع أن يسافر بالوديعة إلا بإذن مالكها، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه له أن يسافر بها وإن لم يأذن مالكها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سلَّم الوديعة إلى خادمه أو إلى زوجته ضمنها. وعند ابن سريج من أصحابه إذا استعان بهم ولم يغب عن بصره لم يضمنها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد لا ضمان عليه بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سافر بالوديعة مع القدرة على صاحبها أو الحاكم أو أمينه ضمنها، سواءً كان السفر آمنًا أو لم ينهه عن السفر أو مخوفًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان السفر آمنًا لم يضمنها، وبه قال ابن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة.

(2/26)


مسألة: عند أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إذا سافر وأودع الوديعة عند أمين مع القدرة على الحاكم ضمن. وعند بعضهم لا يضمن، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا خلط المودع عنده الوديعة بدراهم أو بذوات الأمثال لزمه الضمان. وعند مالك لا يلزمه الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينقطع حق ضمانها عنها. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لهم أخذ العين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا تعدَّى في درهم من الوديعة وصرفه ثم أعاد عوضه إلى الدراهم، فإن كان هذا المردود متميزًا عن باقي الدراهم لم يضمن باقيها، وإن لم يتميز المردود عن باقي الدراهم ضمن، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك لا يلزمه الضمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أودعه بهيمة ولم يأمره بعلفها وسقيها، ولا نهاه فإنه يلزم المودع ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج الوديعة لينتفع بها ضمنها بنفس الإخراج وإن لم ينتفع بها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمنها ما لم ينتفع بها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أودع الوديعة من غير غدر فهلكت ضمنها، وكان لصاحبها تضمين أيهما شاء، فإن ضمَّن الثاني رجع الثاني على الأول بما ضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يضمن الثاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تعدَّى في الوديعة ضمنها، فإذا ترك التعدِّي فيها بأن ردها إلى حرزها لم يسقط عنه الضمان، واختاره الخرقي من الحنابلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى واختاره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يسقط عنه الضمان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي، قال أبو طالب منهم: وهو الصحيح، إلا أن أبا حَنِيفَةَ - رحمه الله - يقول: شرطه أن يرد ذلك بعينه، وَمَالِك يقول: إذا كان له مثل ردّه بعينه، أو ردّ مثله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال المودع للمالك أمرتني بدفع الوديعة إلى فلان فدفعتها إليه، فقال المالك أمرتك أن تدفعها إليه إلا أنك لم تدفعها إليه، فلا يقبل قول المودع في الدفع إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل قوله في الدفع إليه.

(2/27)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادعى اثنان عينًا في يد ثالث، فقال المدّعي عليه: هي لأحدهما ولا أعلم لأيهما، ولم يدعيا عليه العلم فلا يمين عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ عليه الْيَمِين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادّعيا عليه العلم وكذباه، وقالا أنت تعلم لأينا هي، حلف لهما يمينًا واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحلف لهما يمينين، كما إذا أنكرهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ: أحدهما تقر في يده حتى يتبين المستحق، والآخر تنزع من يده. وعند أَحْمَد يقرع بينهما، فتسلم إلى أحدهما بالقرعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسر ختم الوديعة أو حلَّ شدَّها ضمنها، وبه قال أحمد فى رِوَايَة والمنصوص عن أَحْمَد أنه لا يضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن كسر الختم ولا يضمن الوديعة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال له احفظها في هذا الموضع ولا تنقلها إلى غيره، فنقلها من غير عذر ضمنها سواء نقلها إلى حرز مثله أو أحرز منه. وعند بعض الشَّافِعِيَّة إذا استويا الموضعان في التحصّن والجودة فلا ضمان عليه بالمخالفة. وعند أبي

(2/28)


حَنِيفَةَ إذا نقلها من بيت إلى بيت آخر في الدار لم يضمنها، وإن نقلها من دار إلى دار ضمنها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى رجل مالاً ليودعه فأودعه، وأنكر المدفوع إليه فوجهان: أحدهما يجب عليه الضمان، وبه قال مالك. والثاني لا ضمان عليه صدّقه على الدفع أو كذَّبه، والقول قول المودع مع يمينه، فإذا حلف ضمن الوكيل. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القول قول الوكيل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أذن صاحب الوديعة لمن هي عنده أن يدفع إلى زيد، فقال من هي عنده دفعتها، وأنكر زيد لم يقبل قول المودع إلا ببينة. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يقبل قول المودع، وكذا الخلاف في الوصي إذا ادعى بعد البلوغ الدفع إلى الصبي بعد بلوغه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك في رِوَايَة إذا قال المودع: رددت الوديعة إليك قبل قوله في ذلك. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إن كان قد أودعه ببينة لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات وعنده وديعة معلومة الصفة ولم يوجد عينها أنه يجب ضمانها في تركته، فإن كان عليه دين فهي والدين سواء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي والمؤيَّد. وعند النَّخَعِيّ تقدَّم الوديعة على الدين. وعند الحارث العكلي يقدم الدين على الوديعة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. وعند ابن أبي ليلى إذا لم توجد الوديعة بعينها فلا يجب عليه الضمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد في حساب أبيه أن هذه الوديعة لفلان لم يجب دفعها إليه. وعند أَحْمَد يجب دفعها إليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تعدَّى المودع في الوديعة والمضارب في مال المضاربة ضمنا، فإذا اتجرا فيه وحصل لهما ربح كان الربح لهما كالغاصب، وفيه قول آخر أن الربح لرب المال، وبه قال ابن عمر ونافع وأبو قلابة وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الثَّوْرِيّ الأحب أن ينزعه عنه. وعند الشعبي ومجاهد الأحب أن يتصدق، ووافقهم النَّخَعِيّ وحماد في المضارب، ووافقهم أبو حَنِيفَةَ في المودع وقال: ولا ينبغي أن يأكله.

(2/29)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أشكل على المودع من أودعه، وادَّعاها رجلان، فإنه يحلف أنه لا يعلم من أودعه، ويوقف الشيء بينهما حتى يصطلحا أو تقدم البينة لمن هي منهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تنقسم بينهما نصفين ويضمن لهما مثل ذلك. وعند ابن أبي ليلى هي بينهما نصفان، ولا يضمن لهما شيئًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أودعتني ألف درهم وضاعت، وقال رب المال بل غصبتها أو أخذتها بغير أمري، فالقول قول المودع. وإن قال المودع أخذتها منك وديعة، وقال رب المال بل غصبتها وأخذتها بغير أمري، فالقول قول رب المال. وعند مالك القول قول رب المال في المسألة الأولى، وحكى عنه أن القول قول المودع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرقت الوديعة لم يكن للمودع مخاصمة السارق إلا بتوكيل من المودع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له المخاصمة في ذلك.
* * *

(2/30)