المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب الغصب
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ العقار يضمن بالغصب وبه قال
(2/35)
من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد
ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن بالغصب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
أبو عبد الله الداعي وأبو طالب عن الهادي. وعن أَحْمَد ما يدل عليه. واختلف
النقل عن مُحَمَّد بن الحسن فنقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ،
ونقل عنه الشاشي موافقة أَبِي حَنِيفَةَ، ونقل الشاشي عن أَبِي يُوسُفَ
موافقة الشَّافِعِيّ في أول أمره أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المنافع تضمن بالغصب. وعند
مالك وأبي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تضمن بالغصب، وبه قال
أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء
إذا ردّ العين ولم ينقص من عينها شيء، ونقصت قيمتها لكساد السوق لم يضمن ما
نقص من قيمتها. وعند أبي ثور من الشَّافِعِيَّة يضمن ما نقص من قيمتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عينًا وحملها إلى بلد آخر ولقيه
صاحبها هنالك وطالبه بردِّها إلى البلد التي غصب فيها كان له ذلك، وبه قال
من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند المؤيد لا يلزمه
ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر وكافة العلماء إذا غصب شيئًا لا مثل
له، كالثياب والحيوان وما أشبه ذلك مما لا تتساوى أجزاؤه ولا صفاته ضمنه
بالقيمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند عبيد الله بن الحسن
العنبري يضمنه بمثله من طريق الصورة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وسائر
الزَّيْدِيَّة إن كان المعدود مما لا يتفاوت أجزاؤه ويجوز استقراضه والسلم
فيه ضمنه بالمثل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خرق ثوبًا لشخص أو كسر له
طرفًا وجب عليه أرض ما نقص بذلك قليلاً كان أو كثيرًا. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إن كان الأرش قليلاً فكما قال
(2/36)
الشَّافِعِيّ، وإن كان كثيرًا فمالكه
بالخيار بين أن يسلمه إلى الجاني عليه، أو يطالبه بجميع قيمته، وبين أن
يمسكه ويطلبه بالأرش.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ثوبًا فقطعه قميصًا ردّه وما نقص
من قيمته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خاطه انقطع حق المالك عنه. وعند أَبِي
يُوسُفَ ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى صاحبه بالخيار بين أن يأخذه ولا شيء له،
وبين أن يتركه على الغاصب ويأخذ قيمته. وعند مُحَمَّد بن الحسن وزيد بن علي
ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر هو بالخيار بين أن يأخذ القميص وأرش النقص،
وبين أن يتركه عليه ويطالبه بقيمة الثوب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى على طرف العبد كاليد أو الرجل
وغير ذلك فإنه يضمنه بمقدَّر من قيمته، كما يضمن طرف الحرّ بمقدر من دينه.
وعند مالك يضمن أرش ما نقص من قيمته بذلك، إلا في الموضحة والمنقلة
والمأمومة والجائفة فإنها تضمن بمقدر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطع يديّ عبد لزمه قيمته،
ويرد العبد إلى سيّده، ولا يجب تسليم العبد إلى الجاني. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ السيّد بالخيار بين أن يسلم العبد إلى الجاني ويطالبه بجميع
قيمته، وبين أن يمسكه ولا شيء له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد أم
الولد تضمن بالغصب كغيرها من الجواري وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تضمن بالغصب،
فلا تجب قيمتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا أتلف عضو من
أعضاء البهيمة في يد الغاصب، أو أتلفه وجب عليه ردّ البهيمة وما نقص من
قيمتها، وبهذا قال مالك فيما
(2/37)
إذا لم يفوّت غرض صاحبها منها، إلا أنه
قال: إذا قطع ذنب حمار القاضي لزمه جميع قيمته، لأنه فوّت على القاضي غرضه،
وقال في سائر البهائم أيضًا: إذا فوّت غرض صاحبها منها، فإن المجني عليه
بالخيار إن شاء رجع بما نقص من قيمتها، وإن شاء سلمها وأخذ قيمتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد الجناية
على ذنب حمار القاضي كالجناية على ذنب حمار غيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن
كانت البهيمة مما لها ظهر بلا لحم كالبغل والحمار، أو مما له لحم بلا ظهر
كالغنم أن الحكم كما قال الشَّافِعِيّ، وإن كان لها ظهر ولحم كالخيل والإبل
والبقر، فإنه إذا قلع عينيها ردّها ونصف قيمتها، وإن قلع إحدى عينيها ردّها
وربع قيمتها. وعند أَحْمَد في عين الفرس ربع القيمة، وفي العينين ما نقص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عبدًا صانعًا فاستغله واستوفى
عليه رده، وعليه أجرة مثله، ولا يرد الغلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
الداعي. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يردّه، ولا يردّ الغلة. وعند
سائرهم لا يجب عليه ردّ الغلة، وعليه أجرة مثله، فإن فضل شيء عن الكراء
تصدق بالزائد عندهم. وعند الداعي منهم لا يتصدق به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب عبدًا فأبق من يده،
أو بهيمة فضاعت فضمن الغاصب قيمة المغصوب للمغصوب منه لم يملك ذلك، ولم يزل
ملك المغصوب منه عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا غرم قيمة ذلك
للمغصوب منه ملك ذلك، وزال ملك المغصوب عنه، ثم ينظر فيه فإن اتفقا على قدر
قيمة ذلك، أو قامت بينة بقدر قيمته استقرَّ ملك الغاصب عليه، وإن اختلفا في
قدر قيمته فالقول قول الغاصب مع يمينه في قدره، فإذا حلف ودفع القيمة
بيمينه ثم ظهرت العين المغصوبة، فإن كانت قيمتها مثل ما غرم أو أقل استقر
ملكه عليها، وإن كانت أكثر كان المغصوب منه بالخيار بين أن يقر حكم
المعاوضة ويمسك القيمة، وبين أن يفسخها ويتم رجع العين المغصوبة ويرد ما
أخذ من القيمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا أخذت الماشية من
مرعاها ليلاً أو نهارًا فتلفت ضمنها غاصبها. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة
إن حبسها ليلاً فتلفت في الليل لم يضمن، وإن حبسها بعد الليل ضمن.
(2/38)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ إذا غصب شيئًا فغيّره عن صفته، بأن كان حنطة فطحنها، أو دقيقًا
فخبزه، أو شاة فذبحها فإن ملك المغصوب منه لا يزول عنه، ويلزم الغاصب أن
يردّه ناقصًا وما نقص من قيمته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر
ويَحْيَى. وعند بعض الشَّافِعِيَّة للمغصوب منه أن يترك الدقيق للغاصب
ويطالب بمثل الحنطة. وعند أبي حَنِيفَةَ والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة
وَأَحْمَد في رِوَايَة اختارها أبو بكر من الحنابلة إذا تغيَّر اسم المغصوب
ومنفعته المقصودة بفعل الغاصب ملكه وضمن قيمته للمغصوب منه، وذلك كالحنطة
إذا طحنها، وكذا إذا كان دقيقًا فخبزه، أو شاة فذبحها وشواها، أو نقرة
فطبعها دراهم، فإنه يملك ذلك أكله، إلا أنه يكره له التصرف فيه قبل دفع
القيمة إلى مالكه. وحكى ابن جرير عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه قال: إذا دخل لص
دار رجل ولصاحب الدار فيه حنطة ورحا، فأخذ اللص من الحنطة وطحنه بالرحا
فإنه يملك الدقيق، فإن جاء صاحب الطعام وأراد أخذه منه كان له منعه ودفعه،
فإن لم يمتنع صاحب الدار عن اللص إلا بالقتل فقتله اللص فلا شيء عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب حنطة فوزعها، أو نواة فغرسها
فصارت نخلة، أو بيضة فحضنها فصارت فرخًا وجب ردّه إلى مالكه ولا ينقطع حقه
عنه، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤَيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
ينقطع حق المالك، ويجب على الغاصب لمالكه قيمة البذور والبيض والنوى، وما
حصل من جميع ذلك فهو ملك للغاصب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومن
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد إذا غصب من رجل ألف درهم ومن آخر ألفًا
أخرى وخلطهما، ولم يتميزا صارا شريكين في ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يملكهما الغاصب، ويجب عليه لكل واحد منهما دراهمه وبناه على أصله في تغيّر
المغصوب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.
(2/39)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ إذا غصب جارية مهزولة فسمنت في يده، أو تعلمت صنعة فزادت قيمتها
بذلك، ثم هزلت أو نسيت الصنعة فنقصت قيمتها وعادت إلى الحالة التي كانت
عليها ردّها، ولزمه أرش ما نقص. وعند مالك لا يجب عليه أرش نقصها. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه أرش نقصها إلا أن يكون طالبه بها في حال
السمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب جارية حاملاً ضمنها
وضمن ولدها، وكذا إن غصبها حائلاً فحملت في يده ثم تلف الولد في يده ضمنه،
وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه
وَمَالِك لا يضمن الحمل بالغصب، فإن ولدت وتلف الولد لم يضمن، إلا أن يطالب
به فيمنعه، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وزفر إذا نقصت بالولادة ضمن
الغاصب أرش النقص ولا يجبره الولد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر
ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن أرش النقص، ويجبر ذلك الولد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب دراهم واشترى بها سلعة في الذمة
ونفذ الدراهم فيها ففي الربح قَوْلَانِ: قال في القديم هو للمغصوب منه.
وقال في الجديد وهو الأصح هو للغاصب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند
يَحْيَى منهم يجب التصدق بالربح ويرد مثل الدراهم إلى صاحبها،
(2/40)
والأولى من مذهب النَّاصِر أنه إن اتجر مع
تعيين الأثمان كانت العقود كلها فاسدة، ويجب ردّ الأرباح إلى مالكها، وإن
اتجر من غير تعيين الأثمان كان الربح له، ويضمن الدراهم للمالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب من رجل عصيرًا فصار في يده خمرًا
لزمه ضمان الغصب بمثله، فإن انقلب الخمر بيده خلاً لزمه ردّ الخل على
المغصوب منه. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يلزمه رده، بل قد ملكه بالانقلاب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا غصب أرضًا
وزرع فيها لزمه قلع الزرع وأجرة الأرض وأرش نقص إن حصل بها، ولا يملك أخذه
إلا بإذن مالكه. وعند أحمد وإِسْحَاق ليس لصاحب الأرض قلع الزرع، بل هو
بالخيار بين أن يدفع البذر والنفقة ويملك الزرع، وبين أن يقره في الأرض إلى
أوان الحصاد ويطالب بأجرة أرضه.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا حفر بئرًا في ملك غيره فرضي المالك بذلك، ولم
يكن للغاصب غرض في طمِّها، بأن كان التراب قد جعله في أرض المالك فقال له:
أذنت لك في وضع التراب، فإنه لا يبرأ بذلك مما يقع فيها، وله طمّها. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ برأ بذلك وليس له طمّها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة،
واختاره المزني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب ثوبًا وصبغه بصبغ من
عنده جاز له قلع الصبغ وعليه أرش نقص الثوب وعند أَبِي حَنِيفَةَ لصاحب
الثوب منعه من ذلك، ويكون صاحب الثوب بالخيار، إن شاء أخذ الثوب وضمن
للغاصب ما زاد من الصبغ، وإن شاء أخذ قيمته أبيض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر والمؤيَّد. وعند يَحْيَى منهم لا شيء على صاحب الثوب من قيمة
الصبغ، وليس للغاصب أن يغسله عن الثوب.
(2/41)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بذل
المغصوب منه قيمة الصبغ ليتملكه مع الثوب، فإن رضي الغاصب بذلك جاز، وإن
امتنع الغاصب بل أراد القلع لم يجبر الغاصب على قبول القيمة. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ، صاحب الثوب بالخيار بين أن يعطيه قيمة الصبغ ويأخذه مع الثوب
ويجبر الغاصب على قبوله، وبين أن يسلم الثوب إلى الغاصب ويطالبه بقيمته،
وروى أيضًا عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه إن كان صبغه بسواد فلا شيء للغاصب، وكان
لصاحب الثوب أن يتركه عليه ويأخذ منه قيمته، وإن كان صَبَغهُ بلون آخر من
حمرة أو خضرة فعلى ما ذكرناه عنه. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر
ويَحْيَى، واختاره المؤيد أنه يأخذ الثوب وأرش النقص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ وداود إذا غصب ساجة أو خشبة وبنى عليها وعفنت لم يلزمه ردّها،
ويرد قيمتها، وإن لم تعفن لزمه قلعها بنقض
(2/42)
البناء وردّها على مالكها. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يلزمه نقض البناء، ولا يجب عليه ردّها إذا كانت مغيَّبة في
البناء ويلزمه قيمتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا استكره امرأة على الزنا وجب عليه المهر والحد. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ عليه الحد ولا مهر عليه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أخرى أنهما
يجتمعان في حق البكر دون الثيب، واختارها أبو بكر من أصحابه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى بصبية لا تشتهى مثلها، أو أزال
بكارتها بالأصبع وجب عليه أرش البكارة دون المهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب
المهر فيهما، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة فيما إذا زنى بها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب طَعَامًا وأطعمه إنسانًا، ولم
يعلم أنه مغصوب فضمنه المغصوب منه رجع على الغاصب في القديم بما غرمه، ولا
يرجع عليه في قوله الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أطعم الغاصب المغصوب منه
ولم يعلم المغصوب منه أنه طعامه لم يبرأ الغاصب من الضمان. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يبرأ، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ إذا غصب عينًا فرهنها
المالك عند الغاصب وأذن له في قبضها فقبضها صارت رهنًا، ولا يبرأ الغاصب من
ضمانها إلا بتسليمها إلى المالك أو وكيله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك
وَأَحْمَد والْمُزَنِي يزول عنه الضمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود إذا أراق خمرًا على ذمي
أو قتل خنزيرًا له لم يضمنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يضمنه بمثل الخمر أو قيمة
الخنزير إن أتلفها ذمي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلفها على مسلم لم يجب عليه ضمانها.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يضمنها بقيمتها.
(2/43)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي
حَنِيفَةَ إذا فتح قفصًا عن طائر ووقف الطائر زمانًا ثم طار، أو حلَّ
وثاقًا عن دابة فوقفت زمانًا ثم شردت لم يضمن الطائر والدابة. وعند مالك
يضمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فتح قفصًا عن طائر فطار عقيب الفتح
ضمنه في أحد القولين، وبه قال مالك ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد، ولا يضمنه في
القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب المغصوب من الغاصب غاصب ثان لم
يبرأ الثاني بتسليمه إلى الغاصب الأول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر
والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبرأ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد
الله الحسينى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولا يكون للغاصب الأول خصومة في انتزاعه
من الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له ذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مسأله: عند بعض الشَّافِعِيَّة وزفر لو قال رجل غصبنا من رجل ألف درهم، ثم
قال كنا عشرة قبل قوله مع يمينه. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا يصدَّق، ويلزمه
الكل.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أقر أنه غصب من رجل خاتم، ثم
ادّعى المقر أن فصَّه له، فوجهان: أحدهما يقبل قوله. والثاني لا يقبل، وبه
قال أبو حَنِيفَةَ.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قصد
التمثيل بعبده لم يعتق عليه. وعند مالك وَأَحْمَد يعتق عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف حليًا مباحًا قُوِّم بنقد
البلد، فإن كان من غير جنسه جاز، وكذا إن كان من جنسه دون وزنه، وإن كان
أكثر من قدره فوجهان: أحدهما لا يجوز التقويم به. والثاني وهو الصحيح
الجواز، وبه قال أحمد.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ما له مثل فأوجه: أحدهما،
وبه قال أكثر
(2/44)
العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة يضمنه بقيمة
المثل وقت المحاكمة في البادية، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة
المؤيد. والثاني يضمنه بقيمة المثل أكثر ما كانت من حين القبض إلى وقت
الحكم بالقيمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والثالث يضمنه بقيمة
المثل أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين تعذر المثل. وعند أَحْمَد يضمنه
بقيمة المثل يوم انقطاعه من أيدي الناس. وعند أَبِي يُوسُفَ ومن
الزَّيْدِيَّة يَحْيَى يضمنه بقيمته يوم الغصب، وبه قال أَحْمَد في
رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تلف المغصوب عن الغاصب ضمن قيمته
أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف، وهذا ما اختاره الخرقي من
الحنابلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَمَالِك يضمن قيمته خلا الغصب، وبه قال أَحْمَد في إحدى الروايتين وسائر
الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يضمن قيمته حال التلف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضمن أولاد الجارية المغصوبة، وبه قال
أَحْمَد في رِوَايَة، وعنه رِوَايَة ثانية يضمنه بمثله من الرقيق. وعنه
رِوَايَة ثالثة يتخير بين المثل والقيمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى جارية مغصوبة من الغاصب وهو لا
يعلم أنها مغصوبة، فوطئها المشتري واستخدمها، يضمَّن المغصوب منه المشتري
المهر وأجرة المنفعة ورجع بها على الغاصب في القول القديم، وبه قال أحمد،
ولا يرجع في الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب حنطة فعفنت في يده أو
أتلفها بالماء، فإن كان نقصانها انتهى استقر ردّها وأرش ما نقصت، وإن لم
ينته نقصانها فهي كالزيت إذا خلط بالماء، فيكون مستهلكًا، وفيه قول له أنه
يلزمه ضمان ما نقصت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المغصوب منه بالخيار، إن شاء
تركها وطالب بمثلها، وإن شاء أخذها ولا شيء عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كسر عودًا أو
مزمارًا أو طبلاً، فإن كان يصلح لمنفعة مباحة بعد زوال التأليف ضمنه، وإن
كان لا يصلح لمنفعة مباحة بعد زوال التأليف لم يضمن. وعند أَحْمَد وأَبِي
يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يضمن بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عبدًا أمردًا فنبتت لحيته عنده
ونقصت بذلك قيمته
(2/45)
ضمن أرش ما نقص من ذلك. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يضمن ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عبدًا ثم اختلف هو والمغصوب منه،
فقال الغاصب: رددته إليك حيًا ومات في يدك، وقال المغصوب منه: بل مات في
يدك، وأقام كل واحد منهما بيّنة على ما ادعاه تعارضت البينتان وسقطتا، وضمن
الغاصب العبد. وعند مُحَمَّد تقدَّم بينة الغاصب. وعند أَبِي يُوسُفَ تقدم
بينة الملك، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب خشبًا فجعله بابًا، أو غزلا
فجعله ثوبًا، فإنه لا يكون شريكًا للمغصوب منه. وعند أَحْمَد فيه
رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ثوبًا فوهبه لآخر فأحرقه
الموهوب له، كان للمالك أن يضمن أيهما شاء، فإن ضمن الغاصب لم يرجع، وإن
ضمن الموهوب له فوجهان: أحدهما يرجع، وبه قال أحمد. والثاني لا يرجع. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ أيهما ضمن لم يرجع على الآخر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا غصب أمة
فحملت عنده منه أو من غيره وماتت في النفاس ضمنها. وعند أَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد إذا ماتت بعد الرد فلا ضمان عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا غصب فضة فصاغها لم
يزل ملك صاحبها عنها. وعند مالك له مثلها.
* * *
(2/46)
|