المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب الطلاق
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وعلي وعائشة وجابر بن عبد الله وشريح وابن المسيب وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين وجابر بن زيد وعَطَاء وطاوس والحسن وعروة َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وغير واحد من فقهاء التابعين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم أنه لا تنعقد صفة الطلاق قبل النكاح، سواء عمَّ أو خص. والعموم أن يقول: كل امرأة تزوجتها فهي طالق، والخصوص أن يقول: إن تزوجت فأنت طالق، وإن تزوجت من القبيلة الفلانية فهي طالق، وكذا لا تنعقد صفة العتق قبل الملك بأن يقول: إن ملكت عبد فلان فهو حر، إلا أن أَحْمَد له في العتق رِوَايَتَانِ. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى ورَبِيعَة وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ إن خصص الصفة بأن عين المرأة أو القبيلة انعقدت الصفة، وإذا تزوجها وقع الطلاق، وإن عم لم تنعقد. وعند ابن مسعود والزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تنعقد الصفة قبل النكاح سواء عين أو عم، وكذلك تنعقد الصفة قبل الملك. وذكر ابن المنذر أنه لا يصح عن ابن مسعود ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ طلاق المريض صحيح. وعند الشعبي لا يقع طلاقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح طلاق الصبي والنائم والمجنون وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين وإِسْحَاق تنعقد صفة الطلاق من الصبي ويقع إذا وجدت الصفة؛ إلا أن إِسْحَاق يقول: إذا جاز اثنتي عشرة سنة يقع طلاقه. وعند سعيد بن المسيب إذا أحصى الصلاة وصام شهر رمضان صح طلاقه. وعند عَطَاء إذا بلغ أن يصيب النساء وقع طلاقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المنصوص وقوع طلاق السكران. وعند أصحابه طريقان يقع قولاً واحدًا. وقَوْلَانِ: يقع، وبه قال: رَبِيعَة واللَّيْث وداود وأبو ثور والْمُزَنِي وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن مُحَمَّد وطاوس ويَحْيَى الأنصاري والعنبري وأبو حَنِيفَةَ ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وعَطَاء في إحدى الروايتين وعثمان وَأَحْمَد في إحدى الروايتين، والثاني لا يقع، وبه قالت الْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وَأَحْمَد بن يَحْيَى

(2/244)


وأبو طالب والداعي عن يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب دواء ليزول عقله وطلَّق وقع طلاقه. وعند الحنفية لا يقع طلاقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وابن الزبير وابن عَبَّاسٍ وشريح والحسن وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ، وعمر بن عبد العزيز وَأَحْمَد، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المكره بغير حق إذا لم ينو إيقاع الطلاق لم يقع طلاقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ والشعبي والزُّهْرِيّ وقتادة وأبي قلابة وبعض الشَّافِعِيَّة يقع طلاقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة التوعد بالقتل والقطع لمن له قدرة وبالضرب والشتم والحبس وأخذ المال ليس بإكراه. وعند شريح هو إكراه، وبه قال أكثر الشَّافِعِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وَأَحْمَد عدد الطلاق معتبر بالرجال دون النساء، فيملك الحر ثلاث طلقات سواء كانت زوجته حرة أو أمة، والعبد يملك طلقتين سواء كانت زوجته حرة أو أمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وعلي بن أبي طالب والعلماء من الصحابة وغيرهم عدد الطلاق معتبر بالنساء، فإن كانت الزوجة حرة ملك زوجها عليها ثلاث طلقات سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا، وإن كانت أمة لم يملك عليها زوجها إلا طلقتين سواء كان حرا أو عبدًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي، وعند سائر الزَّيْدِيَّة حكم العبد حكم الحر في عدد الطلاق سواء كانت زوجته حرة أو أمة، وأنه يملك عليها ثلاثة طلقات كالحر. وادعى الترمذي أن الشَّافِعِيّ يقول: طلاق الأمة بطلقتان، وهذه الدعوى من الترمذي غير صحيحة، بل مذهب الشَّافِعِيّ كما ذكرنا. وادعى الترمذي أيضًا أن أَحْمَد يقول: إن طلاق الأمة تطليقتان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وسائر الزَّيْدِيَّة وزيد بن علي وكافة العلماء إذا طلق امرأته في حال الحيض أو الطهر الذي جامعها فيه وقع عليها الطلاق. وعند ابن علية وهشام بن الحكم وبعض أهل الظاهر والْإِمَامِيَّة من الشيعة أن الطلاق لا يقع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق حتى قالوا: لا يقع الطلاق إلا على وجه السنة وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، إلا إذا كان قبل الدخول فإن الطهر غير معتبر وكان ناويًا للطلاق ويشهد على ذلك شاهدين عدلين، حتى لو أخلَّ بواحد من هذه الشروط

(2/245)


بأن كان في غضب أو مزاح أو هزل لم يقع به الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة الإشهاد ليس شرطًا في صحة الطلاق، وكذا الطهر ليس شرطًا فيه بعد الدخول. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر والباقر والصادق الإشهاد والطهر بعد الدخول شرط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعبد الرحمن بن عوف والحسن بن علي وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد إذا طلق امرأته ثلاثًا في طهر واحد أو في كلمة واحدة وقع عليها الثلاث وكان مباحًا ولم يكن محرمًا إلا أنه يكره وعند أَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ جمع الثلاث في وقت واحد محرم ويقع، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا طلقها دفعة ثم راجعها في الحال ثم طلقها ثم راجعها لم يحرم، وعند بعض أهل الظاهر وابن عَبَّاسٍ وطاوس والْإِمَامِيَّة من الشيعة هو محرم. واختلفوا في وقوعه فمنهم من قال لا يقع، وبه قال داود ومنهم من قال يقع واحدة وهم الزَّيْدِيَّة. وعند الحجاج بن أرطأة الطلاق ثلاث ليس بشيء. وعند مُحَمَّد بن إِسْحَاق أن الطلاق الثلاث يرد إلى واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلقها في حال الحيض استحب له أن يراجعها ولا يجب ذلك. وعند مالك يلزمه أن يراجعها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق للسنة فانقطع حيضها طلقت للسنة وإن لم تغتسل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انقطع أكثر الحيض فكذلك، وإن انقطع لأقله لم يقع عليها طلاق حتى تغتسل أو يخرج عنها وقت صلاة أو تتيمم عند عدم الماء وتصلي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق ثلاثًا للسنة، فإن كان في طهر لم يجامعها فيه وقع الثلاث، وإن كان في طهر جامعها فيه أو حائضًا لم يقع عليها الطلاق حتى يأتي زمان السنة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع عليها في كل قرء طلقة، وإن كانت من ذوات الشهور وقع في كل شهر طلقة إلا أن ينوي في الحال فيقع في الحال، وبناه على أصله وهو أن جمع الثلاث بدعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا فوض الطلاق على زوجته فطلقت في المجلس قبل أن يخوض في حديث آخر طلقت. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وقتادة لها الخيار أبدًا. وعند أَحْمَد هو على التأبيد ما لم يمسها أو يفسخ.

(2/246)


مسألة: عند الشافعى وَأَحْمَد إذا فوض الطلاق إليها فقال لها طلقي نفسك وأمرك بيدك أو اختاري نفسك، ثم رجع عن ذلك قبل أن يطلق أو يختار بطل التفويض والتخيير. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يبطل، وبه قال ابن خيران من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال لها طلقي نفسك ثلاثًا فطلقت واحدة أو طلقتين وقع عليها ما أوقعت. وعند مالك في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا قال لها طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثًا وقع عليها واحدة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يقع شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال دمك أو ريقك طالق لم تطلق. وعند ابن أبي ليلى تطلق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق ثلاثًا إن أحببتهن، فقالت أحب واحدة وواحدة وواحدة وقع عليها ثلاث طلقات وعند أَبِي ثَورٍ لا يقع عليها شيء ويبطل ما جعل إليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أضاف الطلاق إلى جزء من زوجته معلوم أو مجهول، أو إلى عضو من أعضائها بأن قال: نصفك أو بعضك أو يدك أو رجلك أو شعرك أو ظفرك طالق فإنها تطلق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أضاف ذلك إلى جزء منها معلوم أو مجهول أو إلى خمسة أعضاء وهي الرأس والوجه والرقبة والظهر والفرج وقع عليها الطلاق، وإن أضافه إلى سائر أعضائها كاليد والرجل، أو إلى الظفر والشعر لم يقع عليها الطلاق. وعند أَحْمَد إذا أضاف إلى ما ينفصل عنها في حال الحياة كالشعر والسن والظفر لم يقع عليها، وإن أضافه إلى سائر أعضائها وقع عليها الطلاق. وعند الْإِمَامِيَّة أن تعليق الطلاق بجزء من أجزاء المرأة أي جزء كان لم يقع به طلاق لها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعمر وابن مسعود إذا قال لامرأته: أنا منك طالق، أو قال لها طلقي نفسك فقالت أنت طالق فهو كناية في الطلاق فإن نوى الطلاق في الأولى ونوته في الثانية وقع عليها الطلاق وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبي عبيد وابن عَبَّاسٍ لا يقع الطلاق.

(2/247)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل أمرها بيدها وطلقت الثلاث لم يقع حتى ينويه الزوج، وعند أَحْمَد إذا طلقت الثلاث وقع وإن لم ينوه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل أمرها بيدها إلى أجل ملكت ذلك الأجل وعند الحسن وقتادة يملك ذلك ما لم يصبها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل طلاق امرأته إلى رجل لم يملك إلا طلقة واحدة. وعند الحسن والزُّهْرِيّ له أن يوقع ما شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للوكيل أن يطلق في المجلس وبعد القيام من المجلس. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يطلق إلا في المجلس، فإن قام عن المجلس ولم يطلق لم يكن له أن يطلق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ردّ الوكيل ما جعل إليه لم يقع به شيء وعند الحسن يقع واحدة رجعية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فوض طلاق امرأته إلى اثنين وطلق أحدهما واحدة وطلق الآخر ثلاثًا وقعت واحدة وعند أَبِي ثَورٍ لا يقع شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل الطلاق إلى اثنين فطلق أحدهما ولم يطلق الآخر لم يقع الطلاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع.
* * *

(2/248)


باب ما يقع به الطلاق من الكلام وما لا يقع إلا بالكناية
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الطلاق بالفارسية صريح على الأصح، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وهو الظاهر من مذهب الزَّيْدِيَّة. والثاني أنه كناية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى وأبو طالب والداعي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع الطلاق بمجرد النية من غير لفظ. وعند الزُّهْرِيّ إذا عزم على ذلك طلقت لفظ به أو لم يلفظ وعند مالك في روايات أشهب عنه أنه يقع الطلاق وعند ابن سِيرِينَ أن الرجل إذا طلق امرأته في نفسه فالسر قد علمه الله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصريح الذي يقع به الطلاق من غير نية ثلاثة ألفاظ: الطلاق والفراق والسراح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى واختاره منهم المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ الصريح هو لفظ الطلاق لا غير، وأما الفراق والسراح فهما كنايتان، وإلى هذا أشار الشَّافِعِيّ أيضًا. وأصحاب مالك وافقوا في هذه التسمية، إلا أن عندهم أن الطلاق يقع بهذين اللفظين من غير نية؛ لأن الكنايات الظاهرة لا تفتقر إلى النية عندهم. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع الطلاق إلا بلفظ واحد وهو قوله: أنت طالق، ولا يقع بقوله فارقتك وسرحتك ولا سائر الكنايات. وعند الْإِمَامِيَّة أيضًا أن هذا اللفظ وهو قوله: أنت طالق لا يقع به الطلاق إلا بالنية، فإن لم ينو لم يقع. وعند داود لا يقع الطلاق بالصريح إلا بالنية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وكذا المؤيَّد عن الهادي. وعند الْإِمَامِيَّة من شرط وقوع الطلاق الإشهاد عليه فمتى فقد الإشهاد عليه لم يقع الطلاق وحاصل مذهب الزَّيْدِيَّة أن كل ما كان ملفوظًا بلفظ الطلاق فهو صريح، إلا أن النَّاصِر منهم يعتبر أن يقول لها طلقتك وأنت طالق أو أنت مطلقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الصريح في لفظ الطلاق ثلاثة: وهي قوله: طلقتك أو أنت طالق وقال أردت به طلاقًا من وثاق، أو قال فارقتك وقال أردت به إلى المسجد، أو قال سرحتك وقال أردت به إلى البيت أو إلى أهلك لم يقبل منه في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى. وعند مالك إن قال هذا في حال الرضى لم يقبل منه في الحكم ويقبل

(2/249)


فيما بينه وبين اللَّه تعالى، وإن قاله في حال الغضب لم يقبل في الحكم ولا فيما بينه وبين الله تعالى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لامرأته أنت طالق لولا أبوك أو لولا الله وقع الطلاق. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ لا يقع الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الكنايات لا يقع بها الطلاق من غير نية سواء كان ذلك في حال الرضى أو حال الغضب، وسواء سألت الطلاق أو لم تسأله. وعند أبي حَنِيفَةَ إن قال ذلك في حال مذاكرة الطلاق وقال لها أنت بائن وبتة وبتلة. وحرام وخلية وبرية والحقي بأهلك فلا يحتاج إلى نية، وإن قال لها حبلك على غاربك واعتدِّي واستبرئي رحمك وتقنعي فإنه يحتاج إلى النية، وإن قال ذلك في حال الغضب احتاج إلى النية إلا في ثلاثة ألفاظ فلا يحتاج إلى النية وهي اعتدِّي واختاري وأمرك بيدك. وعند مالك الكنايات الظاهرة لا تحتاج إلى نية كقوله أنت بائن وبتلة وبتة وحرام وخلية وبرية حتى إذا قال لم أنو بها الطلاق لم يصدق، والفراق والسراح عنده من الكنايات الظاهرة وأما الكنايات الباطنة فتفتقر إلى النية وهو قوله اعتدِّي واستبرئ رحمك وتقنعي واذهبي وحبلك على غاربك وما أشبه ذلك وعند أَحْمَد دلالة الحال في جميع الكنايات تقوم مقام النية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته أنت بتة فإن نوى به طلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وقع ما نواه، وإن لم ينو به الطلاق لم يقع شيء. وعند عمر - رضى الله عنه - أنه يقع طلقة نوى أو لم ينو. وعند علي - رضي الله عنه - أنه يقع بذلك الثلاث سواء نوى أو لم ينو وعند الثَّوْرِيّ وأهل الكوفة إن نوى بذلك واحدة فواحدة وإن نوى ثلاثًا فثلاث، وإن ثنتين لم يكن إلا واحدة، وعند مالك إن كان قد دخل بها وقع ثلاث طلقات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة أن قوله أمرك بيدك أو اعتدِّي أو اختاري أو أنت خلية أو برية أو ما شاكل كل ذلك كله من كنايات الطلاق، وعند النَّاصِر منهم أن الثلاثة الألفاظ الأول كناية وما عداها فلا يقع به الطلاق، وبه قال غير واحد من العلماء. وعند عثمان وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما - وَمَالِك وَأَحْمَد القضاء ما قضت وعند ابن عمر إذا جعل أمرها بيدها فطلقت نفسها ثلاثًا وأنكر الزوج وقال لم أجعل بيدها إلا في واحدة استحلف الزوج، وكان قوله مع يمينه.

(2/250)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قال لامرأته لست لي بامرأة ونوى به الطلاق كان طلاقًا، وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها اعتدِّي ولم ينو به الطلاق لا يقع بها شيء. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك تقع واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال كلي واشربي ونوى بها الطلاق وقع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقع به الطلاق، وبه قال أبو إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته أنت حرة ونوى به الطلاق كان طلاقًا وإن قال لأمته أنت طالق ونوى به العتق كان عتقًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يقع بذلك الطلاق ولا يقع به العتق.
مسألة: أصح الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ إذا قال لزوجته أنت بطالق أو أنت طلاق أنه كناية فلا يقع به الطلاق إلا بالنية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، والثاني أنه صريح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعائشة في إحدى الروايتين عن علي وزيد بن ثابت وبه قال أكثر الفقهاء أنه إذا قال لزوجته اختاري فاختارت زوجها لم يقع عليها طلاق. وعند أَحْمَد والحسن البصري ورَبِيعَة إذا اختارت زوجها وقع عليها طلقة رجعية، وهي الرِوَايَة الثانية عن علي وزيد بن ثابت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وعمر وابن مسعود وَأَحْمَد إذا قال لها اختاري فاختارت نفسها بأن قالت: اخترت نفسي فهو كناية، فإن نويا الطلاق وقع وإن نوى أحدهما دون الآخر لم يقع، وإن نوى الزوج دون الزوجة لم يقع، وإن نويا واتفقا على العدد وقع ما نوياه من العدد، وإن اختلفا فنوى أحدهما أقل وقع الأقل، وإن نويا واحدة كانت رجعية، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن عمر لا يفتقر إلى نية الزوجة، فإن نوى الزوج وقعت واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثًا لم يقع إلا واحدة. وعند مالك إن نويا الثلاث فهي ثلاث إن كانت مدخولًا بها، فإن لم يكن مدخولًا بها قبل منها أنها أرادت واحدة أو اثنتين. وعند الحسن واللَّيْث وزيد بن ثابت يكون ثلاثًا. وعند الزَّيْدِيَّة إذا قال لها اختاري. فقالت: اخترت نفسي صح ذلك. ولو قال طلقي نفسك فقالت أطلق نفسي لم يقع به الطلاق. وعند مالك أنه صريح فإذا اختارت نفسها وقع الطلاق سواء

(2/251)


نويا أو لم ينويا. ونقل الترمذي عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنها إذا اختارت نفسها فواحدة بائنة. وروى عنهما أنها واحدة رجعية، وبقولهما قال الثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم، وعند علي وَأَحْمَد إن اختارت نفسها فواحدة بائنة. وعند زيد بن ثابت إن اختارت نفسها فثلاث طلقات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته اختاري كان لها الخيار ما دامت في المجلس ولا خيار لها بعده وله الرجوع عن ذلك قبل خيارها ما دامت في المجلس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وآخرون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا رجوع له، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كرر لفظ الاختيار ثلاثًا فنوى به واحدة كانت واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والنَّخَعِيّ والشعبي إذا قبلت طلقت ثلاثًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قال لها اختاري من ثلاث طلقات ما شئت فلها أن تختار ما دون الثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لها أن تختار الثلاث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته أنت عليَّ حرام فإن نوى الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى الظهار كان ظهارًا، وإن نوى تحريم عينها أو تحريم وطئها أو فرجها كان عليه كفارة يمين وإن لم ينو يمينًا، وإن لم ينو شيئًا فقَوْلَانِ: أحدهما عليه كفارة يمين، والثاني لا يلزمه شيء، وبمذهب الشَّافِعِيّ قال القاسم من الزَّيْدِيَّة. وإن قال ذلك لأمته، فإن نوى عتقها وقع، وإن نوى الطلاق أو الظهار لم يلزمه شيء، وإن نوى تحريم عينها لزمه كفارة يمين، وإن أطلق ولم ينو شيئًا فعلى القولين. ومن أصحابنا من قال: يجب الكفارة في الأمة قولاً واحدًا، وروى ذلك في الزوجة عن ابن مسعود، وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس. وعند الْأَوْزَاعِيّ هي يمين في الزوجة ويجب فيها كفارة يمين، وروى ذلك عن أبي بكر وعائشة. وعند الزُّهْرِيّ هي طلقة رجعية، وروى ذلك عن عمر. وعن سعيد بن جبير وأبي قلابة وَأَحْمَد هو ظهار، وبه قال عثمان وابن عباس. وعند مالك وابن أبي ليلى وزيد بن علي هو طلاق ثلاثًا، وروى ذلك عن زيد بن ثابت وأبي هريرة. وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن ومَسْرُوق والشعبي لا يكون شيئًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند حماد هي طلقة بائنة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نوى به الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى به الظهار كان ظهارًا، وإن لم تكن له نية كان يمينًا ويكون مؤليًا. وإن قال ذلك لأمته كان حالفًا من أصابها فإن أصابها كفَّر، وإن لم يصبها فلا شيء عليه. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم يَحْيَى والسيد والمؤيَّد إن نوى به الطلاق كان

(2/252)


طلاقًا، وإن لم ينو فهو هزل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال مالي عليَّ حرام لم يحرم عليه ولا يجب عليه شيء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب عليه كفارة يمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا كتب الطلاق ولم يلفظ به ولم ينو لم يقع به الطلاق وعند أَحْمَد يقع الطلاق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب الطلاق ونواه ففي وقوع الطلاق قَوْلَانِ: أحدهما لا يقع، والثاني يقع، وهو الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وعند أَحْمَد يقع نوى أو لم ينو. وعند النَّخَعِيّ والشعبي والزُّهْرِيّ والحكم إذا كتب الطلاق بيده فقد وجب. وعند عَطَاء وقتاده وَمَالِك في رِوَايَة. والْأَوْزَاعِيّ والحسن إن نفذ الكتاب إليها نفذ طلاقه، وإن لم ينفذ إليها لم ينفذ الطلاق. وعند حماد وأبي عبيد إذا قال أتاك كتابي فإن لم يأتها فليس بطلاق، وإذا كتب أما بعد فأنت طالق فهي طالق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن للأخرس إشارة مفهومة ولا كتابة لم يصح طلاقه. وعند قتادة يطلق عنه الولي.
* * *

(2/253)


باب عدد الطلاق والاستثناء فيه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قال لامرأته أنت طالق وطلقتك فإن لم ينو عددًا وقع واحدة، وإن نوى اثثتين أو ثلاثًا وقع ما نواه، وعند الحسن وعمرو بن دينار والْأَوْزَاعِيّ لا يقع به إلا واحدة، وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع به إلا واحدة وإن نوى أكثر منها إلا أن يقول: أنت طالق للسنة، أو أنت طالق، أو طلقى نفسك ونوى به في الألفاظ الثلاث فإنه يقع الثلاث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاطبها بشيء من كنايات الطلاق وقع به ما نواه من واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا سواء في ذلك الكنايات الظاهرة والباطنة. وعند مالك الكنايات الظاهرة وهي قوله أنت خلية وبرية وبتة وبتلة وبائن وحرام وفارقتك وسرحتك يقع بها الثلاث إذا خاطب بها مدخولًا بها سواء نوى الطلاق أو لم ينوه، وإن خاطب بها غير مدخول بها كان في خلع، فإن لم ينو الطلاق وقع الثلاث، وإن نوى الطلاق وقع ما نواه. وأما الكنايات الباطنة وهي قوله اعتدِّي واستبرئي رحمك وتقنعي واذهبي وحبلك على غاربك وما أشبهها فإن لم ينو بها العدد كانت طلقة رجعية، وإن نوى أكثر وقع ما نواه كقول الشَّافِعِيّ. وعند أَحْمَد الكنايات الظاهرة إذا نوى بها الطلاق كانت ثلاثًا. وأما الخفية فيرجع العدد إلى ما نواه فإذا نوى بها عدد من الطلاق وقع ما نواه، وبه قال أكثرهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكناية الظاهرة إذا نوى بها طلقة وقعت بائنة، وإن نوى بها طلقتين لم يقع إلا واحدة، وإن نوى بها الثلاث وقعن. وأما الكنايات الباطنة فلا يقع بها إلا طلقة واحدة رجعية وإن نوى كثر منها. وعند الحسن في الخلية والبرية والبائن هى ثلاث، وعند ابن عمر الخلية والبرية والبتة هي ثلاث. وعند الزُّهْرِيّ البائن والبرية والبتة ثلاث. وعند زيد بن ثابت البرية ثلاث. وعند عمر بن عبد العزيز البتة ثلاث، وعند ابن أبي ليلى وابن عبيد ورَبِيعَة: الخلية والبرية والبائن في المدخول بها ثلاث. وعند الْإِمَامِيَّة أن الطلاق بعد الطلاق وإن كان في طهرين أو طهر واحد لا يقع إلا بعد تحلل المراجعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع زوجته لم تطلق. وعند مالك تطلق عليه واحدة وهي أملك بنفسها.

(2/254)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته اختاري فقالت اخترت نفسي فإن نويا عددًا من الطلاق واتفقا في عدد ما نوياه وقع ما نويا، وإن اختلفا فنوى أحدهما أكثر مما نواه الآخر وقع العدد الأقل رجعيًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفتقر إلى نية الزوجة، فإن نوى الزوج واحدة وقعت بائنة، وإن نوى ثلاثًا فلم يقع إلا واحدة بائنة. وعند مالك إذا نويا الطلاق وقع عليها الثلاث إن كانت مدخولًا بها، وإن لم يكن مدخولًا بها قبل منها أراده واحدة أو اثنتين. وعند زيد بن ثابت إن اختارت نفسها فهي ثلاث، وإن اختارت زوجها فهي واحدة رجعية ومعظم هذه المسألة قد مضى في الباب قبله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وَأَحْمَد إذا قال لها أنت طالق كمائة أو كألف وقع عليها الثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ وأَبِي حَنِيفَةَ إن لم تكن لها نية لم يقع عليها إلا واحدة، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق واحدة في اثنتين وهو ممن يعرف الحساب ونوى موجبه في الحساب وقع طلقتان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع طلقة بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق واحدة في اثنتين وقصد بذلك موجبه في الحساب وقع طلقتان إن كان عالمًا بالحساب وطلقة إن لم يكن عالم به في أحد الوجهين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع طلقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال أنت طالق اثنتين في اثنتين وهو من أهل الحساب ونوى موجبه في الحساب لزمه ثلاث طلقات، وإن لم ينو شيئًا لم يلزمه إلا طلقتان. وعند بعض أصحابه يلزمه ثلاث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه طلقتان بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجميع الفقهاء إذا قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثًا وقع عليها الثلاث، وبه قال المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء وسعيد بن جبير وطاوس وجابر ابن زيد وعمرو بن دينار يقع عليها طلقة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال لغير المدخول بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق لم يقع عليها إلا واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة. المؤيَّد. وعند اللَّيْث بن سعد، والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك ورَبِيعَة وابن أبي ليلى يقع عليها ثلاث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لغير المدخول بها أنت طالق وطالق وطالق وقعت طلقة

(2/255)


واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى والقاسم منهم أن التطليقات الثلاث بلفظ الواحدة واحدة، ثم قال القاسم إذا قال لها بعد الدخول أنت طالق وطالق وطالق يقع الثلاث وإن لم تتحلل الرجعة، وإن قال لها أنت طالق ثلاثًا لم يقع إلا واحدة، وعند أَحْمَد يقع ثلاث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق ثم طالق إذا دخلت الدار فإذا دخلت الدار طلقت طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع في الحال طلقة، وعند أَبِي يُوسُفَ. ومحمد يقع بدخول الدار طلقتان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق طلقة قبلها طلقة تطلق واحدة، وإن قال لها أنت طالق طلقة بعدها طلقة طُلِّقت طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تطلق بقوله قبلها طلقة طلقتين، وبقوله بعدها طلقة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق طلقة بعد طلقة أو طلقة قبل طلقة يقع طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع قوله بعد طلقة طلقتان، وبقوله قبل طلقة طلقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها قد وهبتك لأهلك فإن نوى الطلاق فهو طلاق، وإن نوى شيئًا فليس بشيء قبلوها أو لم يقبلوها. وعند النَّخَعِيّ وعلي بن أبي طالب إن قبلوها فهي واحدة بائنة، وإن لم يقبلوها فهي واحدة رجعية. وعن الزُّهْرِيّ ومَكْحُول ومَسْرُوق وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن مسعود إن قبلوها فواحدة رجعية. وعند رَبِيعَة ويَحْيَى ابن سعيد وأبي الزناد وَمَالِك هي ثلاث قبلوها أو لم يقبلوها. وعند الْأَوْزَاعِيّ هي طلقة قبلوها أو لم يقبلوها. وعند اللَّيْث بن سعد إن وهبها لهم وهو ينتظر رأيهم فالقضاء ما قضوا، وإن لم ينتظر رأيهم فهو طلاق ألبتة. وعند قوم لا يقع به الطلاق بكل حال. وعند أبي عبيد إن قبلوها فهي واحدة رجعية، وإن راد ثلاثًا وقبلوها كانت ثلاثًا، وإن لم يقبلوها فليس بشيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الكنايات لا تقطع الرجعة ولا بالشرط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكنايات كلها تقطع الرجعة إلا قوله اعتدِّي واستبرئي رحمك وأنت واحدة وبالصريح مع الشرط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق واعتدِّي أو فاعتدِّي وقع واحدة، ويرجع إلى نيته في قوله اعتدِّي أو فاعتدِّي، فإن لم ينو شيئًا لم يكن شيئًا. وعند الحسن إذا

(2/256)


قال لامرأته أنت طالق بعض طلقة وقعت عليها طلقة. وعند داود لا يقع عليها شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال للمدخول بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق ولم يكن له نية فقَوْلَانِ: أحدهما يقع عليها طلقة واحدة، وبه قال أحمد. والثاني ثلاث طلقات، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وهو الأصح، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لامرأته أنت طالق ملء الدنيا أو ملء ملكه أو ملء المدينة وقع عليها طلقة رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ طلقة بائنة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها أنت طالق ملء الكون كانت رجعية، وإن قال تملأ الكون كانت بائنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق أشد الطلاق أو أغلظه أو أطوله أو أعرضه أو أقصره وقع عليها طلقة رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ بائنةٌ، إلا في قوله أقصر الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق أكبر الطلاق - بالباء الوحدة من تحت - وقع عليها طلقة رجعية وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقع بائنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق مثل الجبل، أو مثل عظم الجبل وقع طلقة رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقع عليها بائنة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها أنت طالق مثل عظيم الجبل كانت بائنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا قال أنت طالق واحدة أو لا شيء لم يقع بذلك شيء. وعند مُحَمَّد بن الحسن يقع واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق مثل عدد الماء والتراب ونحوهما فهو ثلاث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بائنة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة واحدة رجعية.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث فثلاثة أوجه: أحدها يقع طلقة، وبه قال زفر. والثاني طلقتان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثالث ثلاث طلقات، وبه قال أبو يوسف ومحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز استثناء أقل العدد من الأكثر وأكثر العدد من الأقل. وعند أَحْمَد وبعض أهل اللغة لا يجوز استثناء أكثر العدد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لها أنت طالق ثلاثًا إلا اثنتين وواحدة، أو أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة وواحدة وواحدة وقعت ثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تقع

(2/257)


واحدة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة،
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا قال أنت طالق ثلاثًا وثلاثًا إلا أربعًا طلقت ثلاثًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال أنت طالق اثنثين واثنتين إلا اثنتين طلقت اثنثين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق اثنتين واثنتين إلا اثنتين وقع عليها ثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد طلقتان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وطاوس والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك ومجاهد والنَّخَعِيّ والحكم وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، أو لعبده أنت حر إن شاء الله، أو عليَّ لِلَّهِ كذا، أو والله لا فعلت كذا، أو عليَّ لفلان كذا إن شاء الله لم يلزمه شيء من ذلك. وعند الحسن ومَكْحُول وقتادة وابن أبي ليلى والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك واللَّيْث بن سعد أن المشيئة ترفع الأيمان ولا ترفع الطلاق والعتاق. وعند الْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى أيضًا المشيئة ترفع الْيَمِين والطلاق دون غيره. وعند طاوس إذا كان الطلاق في عين الطلاق لم يصح الاستثناء وعند أحمد المشيئة ترفع الطلاق خاصة وعنده أيضًا أنها ترفع العتق خاصة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها أنت طالق ثلاثًا إن شاء الله لم يقع الطلاق وكذا إذا قال أنت طالق ثلاثًا واحدة إن شاء الله لم يقع الطلاق وعند أبي حَنِيفَةَ يقع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق يا طالق إن شاء الله وقع بقوله يا طالق طلقة ولا يرجع إليه الاستثناء، وإنَّما يرجع إلى الأول. وعند مُحَمَّد بن الحسن يرجع الاستثناء إلى الكل فلا تطلَّق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار فالصفة تعود إلى الطلاق دون القذف، وكذا إذا قال لها أنت طالق يا زانية إن شاء الله، فإن الاستثناء يرجع إلى الطلاق دون القذف. وعند مُحَمَّد يقع الطلاق فيهما منجزًا وترجع الصفة والاستثناء إلى القذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له زوجتان فقالت واحدة منهن طلقني فقال كل امرأة لي طالق، أو كل نسائي طوالق، فإن لم يعزل السائلة بمشيئة طلق جميع نسائه. وعند مالك تطلق جميع نسائه إلا السائلة.
* * *

(2/258)


باب الشرط في الطلاق
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا علَّق الطلاق بصفة لم يقع الطلاق قبل وجودها، سواء كانت الصفة توجد لا محالة كطلوع الشمس أو مجيء الليل، أو توجد وقد لا توجد كقدوم الحاج وقدوم زيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند سعيد بن المسيب والحسن البصري والزُّهْرِيّ وَمَالِك إذا كانت الصفة مما توجد لا محالة كطلوع الشمس والقمر ومجيء الليل والنهار وما أشبه ذلك وقع الطلاق في الحال لا محالة. وعند الْإِمَامِيَّة أن الطلاق لا يقع بالشرط وإن وجد شرطه. وعند داود لا يصح تعليق الطلاق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال أنت طالق طلقة حسنة أو عدلة أو سيئة كان ذلك طلاق السنة. وعن مُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ لا يكون ذلك طلاق السنَّة ويقع فى الحال، إلا أن أبا يوسف وافق في قوله سيئة خاصة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق طلاق الحرج وقع عليها طلاق البدعة طلقة واحدة. وعند علي بن أبي طالب وابن المنذر يقع عليها الثلاث في الحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لحائض إن حضت فأنت طالق طلقت بما يتجدد من حيضها. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تطلق حتى تحيض حيضة أخرى، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو إِسْحَاق الشيرازي وأبو القاسم الضيمري.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال للمريضة إن مرضت فأنت طالق فاستدام بها المرض طلقت. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تطلق حتى تبرأ ثم تمرض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الآيسة والصغيرة المدخول بهما له أن يطلقهما متى شاء. وعند زفر إذا دخل بهما فليس له أن يطلقهما حتى يفصل بين الجماع بشهر. وعند جعفر بن مُحَمَّد الصادق والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة خمس يطلقهن أزواجهن متى شاءوا: الحامل المستبين حملها، والآيسة، والتي لم تحض أصلاً، والغائب عنها زوجها، والتي لم يدخل بها زوجها ولم يخل بها خلوة صحيحة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أراد أن يطلق الحامل أو الصغيرة أو الآيسة فلا

(2/259)


يستحب له أن يكف عن وطئها شهرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند القاسم منهم يستحب له ذلك. وعند زفر يجب الكف عن وطئها شهرًا لإصابة السنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز طلاق الحامل متى شاء ولا يكره. وعند الحسن يكره. وعند الْأَوْزَاعِيّ يكره طلاقها في ابتدائه ولا يكره إذا استبان الحمل. وعند مُحَمَّد وزفر وَمَالِك لا يقع على الحامل إلا طلقة واحدة للسنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تطلق ثلاثًا بالأشهر على وجه السنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها إن ولدت فأنت طالق وإن وضعت حملك فأنت طالق فقالت وضعت حملي، أو قد قالت ولدت لم يقبل قولها إلا ببينة. وعند أَحْمَد يقبل قولها ويقع الطلاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يقبل قولها إذا صدقها على الحبل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وإن لم يصدقها على الحبل لم يقبل قولها وإن شهدت لها امرأة بالولادة تثبت الولادة ولا يقع الطلاق. وعند أحمد يثبت النسب ويقع الطلاق بهذه الشروط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله أو يقطع يديك ورجليك فأنت طالق، فقالت أحب ذلك لم يقع عليها شيء. وعند أَبِي يُوسُفَ يقع عليها الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق ثم طالق إن دخلت الدار، فإذا دخلت الدار وقع عليها طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع عليها واحدة في الحال وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يقع عليها إذا دخلت الدار طلقتان وعند أَحْمَد يقع واحدة في الحال ويسقط ما بعدها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال لها إذا قدم الحاج أو طلعت الشمس فأنت طالق لم يكن ذلك يمينًا ولا يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد هو يمين ويلزمه الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق إن فعلت كذا وكذا، وإن لم أفعل كذا وكذا لم يلزمه الطلاق في الحال. وعند شريح يلزمه الطلاق في الحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له أربع نسوة وعبيد فقال كلما طلقت امرأة فعبد حر،

(2/260)


وكلما طلقت امرأتين فعبدان حران، وكلما طلقت ثلاثًا فثلاثة أعبد أحرار، وكلما طلقت أربعًا فأربعة أعبد أحرار، ثم طلقهن دفعة واحدة أو فرقهن عتق خمسة عشر عبدًا. وعند بعض أصحابه يعتق سبعة عشر. وعند بعض أصحابه أيضًا يعتق عشرة. وعند بعض أصحابة أيضًا يعتق عشرون، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها إذا لم أطلقك فأنت طالق ومضى زمان يمكنه أن يطلقها فيه فلم يطلقها طلقت، وفيه قول إنها على التراخي، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال إن لم أقضك دينك في رجب فامرأتي طالق، فماطله حتى خرج من رجب ولم يقضه وقع عليها الطلاق في آخر يوم من رجب ولا يقع الطلاق قبل ذلك، ولا يحرم عليه الوطء في رجب. وعند مالك يحرم، وكذا عنده كل يمين علقها على فعل يفعله فإنه يحرم عليه الوطء حتى يفعله.
مسألة: عند أكثر الشَّافِعِيَّة إذا قال لزوجته متى وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثًا، ثم طلقها لم يقع عليها الطلاق. وعند بعضهم عليها المباشر دون المعلق. وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند بعضهم يقع عليها الثلاث وهي المباشرة وطلقتان من المعلق، وبه قال أَحْمَد والحَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لامرأته أنت طالق إلى شهر ولا نية له لم يقع عليها الطلاق إلا بعد مضي شهر من حيث عقد الصفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسعيد بن المسيب والحسن وقتادة والزُّهْرِيّ ويَحْيَى الأنصاري ورَبِيعَة وَمَالِك يقع الطلاق في الحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق في شهر رمضان وقع الطلاق في أول جزء من الليلة الأولى من شهر رمضان. وعند أَبِي ثَورٍ لا تطلق إلا في آخر جزء من رمضان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال أنت طالق في غدِ وقع بطلوع الفجر، فإن قال: أردت آخره قبل منه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق إن لبست ثم قال نويت ثوبًا دون ثوب لم يقبل في الحكم. وعند أَبِي يُوسُفَ يقبل في الحكم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة قال: أنت طالق أمس طلقت في الحال. وعند أَحْمَد لا تطلق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

(2/261)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته إذا رأيت هلال رمضان فأنت طالق فرآه غيره طلقت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تطلق إلا أن يراه هو.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا قال لزوجته أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم زيد بعد هذا الشهر وزيادة لحظه تبينا أن الطلاق وقع في لحظة قبل شهر من قدومه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يقع الطلاق بقدوم زيد. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال أنت طالق قبل موت فلان بشهر ثم مات فلان لتمام شهر وقع الطلاق عقب الْيَمِين. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ بل بعد موت فلان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته إذا لم أتزوج عليك فأنت طالق، فمضى بعد يمينه زمان يمكنه أن يعقد فيه النكاح فلم يعقد طلقت، وإن تزوج عليها برَّ في يمينه، وعند مالك وَأَحْمَد لا يبر حتى يتزوج عليها من يشبهها في الحال ويدخل بها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال إن خرجت بغير إذني فأنت طالق، فإن خرجت بغير إذنه طلقت، وإن أذن لها فخرجت أو لم تخرج انحلت الْيَمِين، فإن خرجت بعد ذلك لم تطلق، وكذا إذا قال إن خرجت إلا بإذني، وقال إن أخرجت إلا أن آذن لك، أو حتى آذن لك، أو إلى أن آذن لك فالحكم واحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قال إلا بإذني، وقال إن خرجت بغير إذني فإذا خرجت بإذنه لم ينحل الْيَمِين، ومتى خرجت بعد ذلك بغير إذنه حنث ووافق أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ في الثلاثة الألفاظ. وأما أَحْمَد فخالف في الألفاظ كلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن لها ولم يعلم ثم خرجت لم تطلق، وبه قال أبو يوسف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك ومُحَمَّد يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا قال أنت طالق كيف شئت لم يقع حتى تشاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع في الحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق لو دخلت الدار وقع الطلاق في الحال. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تطلق إلا بدخول الدار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال إن دخلت الدار أنت طالق بحذف ألفًا لم تطلق حتى تدخل الدار. وعند مُحَمَّد بن الحسن يقع الطلاق في الحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها إن ولدت فأنت طالق لم يقع عليها طلاق حتى

(2/262)


تلد. وعند مالك إن كانت حاملاً وقع عليها الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا علَّق طلاق امرأته بصفه ثم طلقها واحدة قبل وجود الصفة وانقضت عدتها، أو خالعها عقب الْيَمِين ثم وجدت الصفة ثم تزوجها لم تعد بتلك الصفة قولاً واحدًا. وعند مالك وَأَحْمَد تعود الصفة ويحنث بوجودها، إلا أن مالكًا يقول: إذا أبانها بما دون الثلاثة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا علق طلاق امرأته على صفة ثم أبانها قبل وجود الصفة، ثم تزوجها لم تعد الصفة في أحد الأقوال بكل حال، وسواء كانت الصفة مما يمكنه وجودها أو لا يمكنه وجودها بأن يحلف أن لا يطئها فإنه لا يمكنه وطؤها وطئًا مباحًا بعد البينونة، وتعود الصفة في القول الثاني بكل حال، وبه قال أَحْمَد وصححه جماعة من الشَّافِعِيَّة، وتعود في القول الثالث إذا أبانها بما دون الثلاث، ولا تعود إذا أبانها بالثلاث، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا قال إن دخلت هاتين الدارين أو كلمت هذين الرجلين فأنت طالق، فدخلت إحدى الدارين أو كلمت أحد الرجلين لم تطلق. وعند أَحْمَد تطلق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع الطلاق في النكاح الفاسد. وعند مالك وَأَحْمَد يقع في النكاح المختلف فيه، وبه قال إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة.
* * *

(2/263)


باب الشك في الطلاق واختلاف الزوجين فيه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شك هل طلق أم لا؟ لم يلزمه الطلاق. وادعى الشَّافِعِيَّة الإجماع عليه والأحوط أن يحنث نفسه، فإن كان عادته أن يطلق طلقة أو اثنتين راجعها، وإن كان عادته أنه يطلق ثلاثًا طلقها ثلاثًا لتحل لغيره بيقين. وعند شريك بن عبد الله إذا شك هل طلق أم لا طلق واحدة ثم يراجعها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تيقن أنه طلق امرأته، أو شك هل طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا؟ لم يلزمه إلا الأقل، والورع أن يلتزم الأكثر. وعند مالك وأَبِي يُوسُفَ يلزمه الأكثر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلق إحدى نسائه بعينها، ثم أشكل عليه فإنه يلزمه أن يعينها بالقول ويمتنع منها حتى يعينها، فإن وطئ إحداهما لم يكن تعيينًا للطلاق، وإن عين في الموطؤة فقد وطئ وطئًا حرامًا وعليه المهر ويعيد من حين الوطء، وبهذا قالت الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يقرع بينهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وعثمان البتي واللَّيْث وأكثر العلماء إذا طلق واحدة من نسائه لا يعينها بأن قال: إحداكن طالق ولم يعين فعليه واحدة بعينها منهن وقع الطلاق على واحدة منهن لا يعينها، وله أن يعين فيمن شاء منهن، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم لا يصح طلاقه. وعند مالك وقتادة يقع عليهن جميعًا. وعند الحسن وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يقرع بينهن. وعند داود لا يقع على واحدة منهما طلاق. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع الطلاق بهذا الكلام وهو لغو، ولا يقع الطلاق عندهم إلا بالتعيين والتمييز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه ابتداء العدة من حين التعيين وعند بعض الشَّافِعِيّ من حين الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق إحدى نسائه لا يعينها ثم وطئ واحدة منهن لم يكن تعيينًا للطلاق في الباقيات في أحد الوجهين، ويكون تعيينًا في الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد لا يتعين في واحدة منهن لا بالوطء ولا بالقول، وإنَّما يتعين الطلاق في واحدة منهن بالقرعة.

(2/264)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طلق إحدى امرأتيه ثلاثًا وجهلها أو نسيها، أو طلق إحداهما لا يعينها وماتت إحداهما قبل أن يعين المطلقة لم يتعين الطلاق في الأخرى، بل له أن يعين في إحداهما بعد الموت وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتعين الطلاق في الباقية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الزوج قبل التعيين لم يكن للورثة تعيين الطلاق في إحداهما في أحد القولين أو الوجهين، ولهم ذلك في القول الثاني، وبه قال أحمد، إلا أنه يقول: يميز الورثة بينهما بالقرعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا مدخل للقرعة في تعيين الطلاق المبهمة، ولها مدخل في عتق المبهم من الرقيق. وعند أَبِي ثَورٍ لها مدخل في تعيين المطلقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان له أربع زوجات فقال زوجتي طالق وقع الطلاق على واحدة منهن وكان له أن يعين منهن من شاء منهن. وعند أَحْمَد وابن عبَّاس يطلق الأربع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج خامسة ومات قبل أن يعين المطلقة دفع إلى المتزوجة ربع الثمن إذا كان له ولد، أو ربع الربع إن لم يكن له ولد، ويوقف الباقي حتى يصطلحن. وعند الشعبي وعَطَاء الخراساني يقسم بينهن ما بقي من وقف. وعند أحمد يقرع بين الأربع فمن وقعت عليها القرعة خرجت من الميراث وقسم الميراث بين الزوجة والثلاث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نهى أحد نسائه عن الخروج فخرجت التي لم ينهها، فقالت فلانة خرجت فقال أنت طالق وقع الطلاق على التي خاطبها وعلى التي أرادها. وعند الزُّهْرِيّ والحسن وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ يقع على التي أرادها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف بطلاق امرأته أنه من أهل الجنة أنها لا تطلق. وعند مالك تطلق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن إذا قال إن كنت تحبين النار وتكرهين الجنَّة فأنت طالق، قالت أنا كذلك لم يقع عليها طلاق. وعند أَحْمَد وأبي يوسف يقع عليها الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف اثنان في طائر، وقال أحدهما: إن لم يكن غرابًا فامرأتي طالق، وقال الآخر: إن لم يكن حمامًا فامرأتي طالق، فطار ولم يعلم هل هو

(2/265)


غراب أو حمام لم يقع الطلاق على واحد منهما. والورع أن يوقع كل واحد منهما على زوجته. وعند مَكْحُول وأبي عبيد يقع الطلاق عليهما جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق طلقة رجعية فله أن يلحقها بثانية وثالثة. وعند أحمد ومُحَمَّد إذا جعل الطلاق الرجعي ثلاثًا أو ثانية لم يكن إلا رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون كما جعلها. وعند أَبِي يُوسُفَ في الثلاث كقول أَحْمَد ومحمد، وفي الثاني كقول أَبِي حَنِيفَةَ.
* * *

(2/266)


باب الرجعة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر الفقهاء يحرم وطء الرجعية والاستمتاع بها والنظر إليها بشهوة وغير شهوة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز له وطؤها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي قلابة وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا تصح الرجعة بالوطء، سواء نوى به الرجعة أو لم ينو. وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن وسعيد بن المسيب وعَطَاء وابن شُبْرُمَةَ والزُّهْرِيّ وطاوس وَأَحْمَد تصح الرجعة بالوطء، سواء نوى به الرجعة أو لم ينو. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ أيضًا إذا قبلها بشهوة أو مسها بشهوة وقعت به الرجعة. وزاد أبو حَنِيفَةَ النظر إلى فرجها بشهوة، وإن ذلك تحصل به الرجعة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد بن يَحْيَى. وعند النَّاصِر منهم لا يكون ذلك رجعة. وعند مالك وإِسْحَاق إن نوى بالوطء الرجعة صحت وإن لم ينو به الرجعة لم تصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ الرجعية ولم يراجعها حتى انقضت عدتها لزمه المهر، وكذا إن راجعها قبل انقضاء العدة. وعند أَحْمَد لا يلزمه المهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق امرأته طلاقًا رجعيا فارتدت المرأة ثم راجعها الزوج في حال ردتها لم تصح الرجعة، فإن انقضت عدتها قبل أن ترجع إلى الْإِسْلَام بانت باختلاف الدين، وإن رجعت إلى الْإِسْلَام قبل انقضاء عدتها افتقر إلى استئناف الرجعة. وعند الْمُزَنِي تكون الرجعة موقوفة على انقضاء العدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال الزوج راجعتك وأنكرت المرأة، فإن كان قبل انقضاء العدة فالقول قول الزوج، وإن انقضت عدتها فقال الزوج كنت راجعتك قبل انقضائها وقالت الزوجة انقضت عدتي قبل أن تراجعني ولا بينة للزوج فالقول قول الزوجة. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة القول قولها بيمينها في تسعة وثلاثين يومًا، وبه قال أبو يوسف ومحمد. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا كانت المدة محتملة فلا تصدق الزوجة إلا بمضى المدة المحتملة وهي ثلاثة أشهر، ولا يكلف البينة ولا الْيَمِين، ولها في الأشهر عليه النفقة والسكنى وله عليها الرجعة، فإن ماتت قبل ثلاثة أشهر ورثها الزوج وإن مات فلا

(2/267)


ترثه هي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الزوجة أمة وادعت انقضاء العدة، وادعى الزوج أنه راجعها قبل انقضاء العدة وصدق المولى فهل القول قول الزوج أو قولها؟ فيه ثلاثة طرق: الأول قَوْلَانِ: أحدهما القول قول الزوج، والثاني القول قولها. والطريق الثاني إن أظهر الزوج أولًا الرجعة أو الْإِسْلَام فالقول قوله، وإن أظهرت الزوجة انقضاء العدة، ثم قال الزوج: كنت راجعتك أو أسلمت قبل انقضائها فالقول قولها. والطريق الثالث أن قول كل واحد منهما مقبول فيما اتفقا عليه، فإذا قلنا القول قول الزوجة كان القول قول السيّد، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد القول قول الأمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي بن أبي طالب وأكثر الفقهاء إذا انقضت عدتها ثم تزوجت بآخر وادعى الزوج أنه راجعها قبل انقضاء عدتها منه، وقال الزوج الثاني: بل انقضت عدتها قبل أن تراجعها، فإن كان مع الأول بينة حكم بها واستحق الزوجة وبطل نكاح الثاني، سواء دخل بها أو لم يدخل، وعند مالك إن دخل الثاني فهو أحق بها، وإن لم يدخل بها ففيه رِوَايَتَانِ: إحداهما أنه أحق بها، والثانية الأول أحق بها. وروى ذلك عن عمر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الإشهاد على الرجعة على القول الجديد الصحيح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة، ويجب في القول القديم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ الحر إذا طلق ثلاثًا أو العبد طلقتين لم تحل للزوج الأول حتى يطئها الزوج الثاني في القبل في نكاح صحيح ثم يطلقها وتعتد منه. وعند سعيد بن المسيب وداود إذا طلقها الثاني قبل الوطء حلَّت للأول، وهو قول بعض الْإِمَامِيَّة والخوارج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئها الزوج في نكاح فاسد ففي حصول التحليل بهذا الوطء قَوْلَانِ: أصحهما لا يحصل، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثاني يحصل بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وطء الزوج المراهق يحل

(2/268)


المطلقة ثلاثًا لزوجها. وعند مالك والحسن وأبي عبيد لا يحلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أصابها الزوج الثاني وهي محرمة لحج أو عمرة أو صائمة أو حائضة أحلها للأول. وعند مالك وَأَحْمَد لا يحلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الذمية تحل لزوجها المسلم بوطء الزوج الذمي. وعند مالك لا تحل بوطئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعلي وأبي هريرة وابن عمر وزيد ومعاذ وعمران بن الحصين وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وَأَحْمَد ومحمد وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا بانت منه زوجته بما دون الثلاث فتزوجت بآخر ثم دخل بها الزوج ثم طلقها ثم تزوجها الأول عادت إليه بما بقي من الثلاث. وعند عَطَاء وشريح وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وابن عَبَّاسٍ وكذا ابن عمر في رِوَايَة، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يهدم الزوج الثاني الطلاق وتعود إليه بالثلاث.
* * *

(2/269)