الموسوعة
الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة صلاة الاستخارة
يسنُّ لكلِّ من همَّ بأمرٍ ذي بال إِن لم يدرِ، إِنْ كان الخير في فِعله أو
ترْكه؛
أن يستخير الله تعالى فيه، فيصلّي ركعتين من غير الفريضة؛ ثمَّ يدعو بعد
السلام بالدعاء المبيَّن في حديث جابر -رضي الله عنه- قال: "كان النّبيّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلّمنا الاستخارة (3) في الأمور
كلّها؛ كالسورة من القرآن: إِذا همّ أحدكم
__________
(1) أخرجه البخاري: 1176، ومسلم: 336
(2) أخرجه الطبراني في الكبير ورواته ثقات وحسّنه شيخنا في "صحيح الترغيب
والترهيب" (671).
(3) الخير: ضد الشرّ، تقول: من خِرْت يا رجل فأنت خائر وخَيِّر، وخارَ الله
لك: أي أعطاك ما هو خيرٌ لك، والخِيره بسكون الياء: الاسم منه، فأمّا
بالفتح: (الخِيَرة) فهي =
(2/168)
بالأمر فليركع ركعتين، من غير الفريضة،
ثمَّ ليقل: "اللهمّ إِنِّي أستخيرك بعلمك واستقدرك (1) بقدرتك، وأسألك من
فضلك العظيم، فإِنَّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب،
اللهمّ إِنْ كنت تعلم أنَّ هذا الأمر -وتسمّيه باسمه- خير لي في ديني
ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاقدُره لي ويسِّرْه لي ثمَّ بارِك لي
فيه، وإِن كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري
وعاجله وآجله، فاصرِفه عني واصرِفني عنه، واقدُر لي (2) الخير حيث كان ثمَّ
رضِّني به وفي بعض الروايات: قال: ويسمِّي حاجته" (3).
والدليل على أنَّ الدعاء بعد الصلاة لا قبلها قوله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فليركع ركعتين من غير الفريضة ثمَّ ليقل" فإنّ
"ثمَّ" تفيد الترتيب مع التراخي، فأفاد ذلك أنها بعد الصلاة.
* وينبغي أن يفعل بعد الاستخاره ما ينشرح له، فلا ينبغي أن يعتمد على
انشراحٍ كان فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبعي للمستخير ترْك اختياره رأساً،
وإِلاَّ فلا يكون مستخيراً لله، بل يكون غير صادقٍ في طلب الخير، وفي
التبرِّي
__________
= الاسم، من قولك: اختاره الله ... والاستخارة طلب الخِيَرة في الشيء، وهو
استفعال منه "النهاية" بحذف.
(1) أي: أطلب منك أن تجعل لي عليه قدره، قاله بعض العلماء.
(2) أي: اقضِ لي به وهيِّئه. "النهاية".
(3) أخرجه البخاري بنحوه: 6382، وهو من "صحيح الكَلِم" (115)، وخرّجه أبو
داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وانظر "صحيح الترغيب والترهيب" (679).
(2/169)
من العلم والقدرة وإِثباتهما لله تعالى، فإِذا صدق في ذلك؛ تبرّأ من الحول
والقوّة ومن اختياره لنفسه. * (1) |